الأربعاء، 8 يوليو 2009

ضم وزارة الأوقاف للمساجد الأهلية

وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا ([1])

متى يصير المبنى مسجداً (شروط المسجدية):

المعول عليه – في مذهب أبي حنيفة – أنه قبل تمام المسجدية لا يصير المبنى مسجداً إلا إذا انقطع تعلق حق كل عبد بما أريد أن يجعل مسجداً، فلو أن شخصاً بنى مسجداً وتحته حوانيت ليست للمسجد أو بنى عليه بيتاً لسكناه أو استغلاله لنفسه لا يصير هذا البناء مسجداً لعدم انقطاع حق العبد بما أراد أن يجعله مسجداً. أما إذا جعل السفل سرداباً أو بيتاً لمصالح المسجد أو بنى فوقه بيتاً لمصالح المسجد فن هذا المبنى يصير مسجداً، ويخرج عن ملكه (بعد توافر باقي الشروط التي ذكرها الفقهاء). وهذا التفصيل السابق فيما إذا لم تتم المسجدية، أما إذا تمت المسجدية فلا يجوز البناء على المسجد ولو لمصالحه، فالتفصيل بين البناء لمصالح المسجد وبين البناء لغير مصالحه إنما هو قبل تمام المسجدية، أما بعد تمامها فلا يجوز البناء مطلقاً، حتى صرحوا بأنه لا يوضع الجذع على جدار المسجد وإن كان من أوقافه. (الفتاوى الإسلامية الصادرة من دار الإفتاء المصرية – المجلد الحادي عشر – سنة 1984 – صـ 3964. مشار إليها في: "قواني الوقف ومنازعاته – أحكام ملكية الأعيان الموقوفة في ضوء الفقه والقضاء" – للمستشار/ عبد الرحيم علي علي محمد – الطبعة الأولى 1999 القاهرة – بند 27 – صـ 30).

هذا، ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض أنه: "يُشترط في المسجد – على أرجح الأقوال في مذهب أبي حنيفة – خلوصه لله تعالى وانقطاع حق العبد عنه، فإذا كان علواً تحته سفل مملوك أو كان سفلاً فوقه علو مملوك فلا يصير مسجداً لأنه لم يخلص لله لتعلق حقوق العباد به بغير الصلاة فيه ولأن في وجود المسكن أو مستغل فوقه أو تحته ما ينافي تعظيمه، وعلى هذا لا يخرج عن ملك صاحبه ولو جعل بابه إلى الطريق العام وعزله عن مسكنه فله أن يبيعه وإذا مات يورث عنه، وليست العبرة في ثبوت المسجدية للمكان بقول وزارة الأوقاف وإنما بانطباق شروط المسجد عليه بحسب أرجح الأقوال في مذهب أبي حنيفة". (نقض مدني في الطعن رقم 345 لسنة 32 قضائية – جلسة 29/12/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – الجزء الثالث – صـ 2039).

وكذلك من المُقرر في قضاء النقض أنه: "يُشترط في المسجد – على أرجح الأقوال في مذهب أبي حنيفة – خلوصه لله تعالى وانقطاع حق العباد عنه، بحيث إذا كان علواً تحته سفل مملوك أو كان سفلاً فوقه علواً مملوك لا يصير مسجداً لأنه لم يخلص لله لتعلق حقوق العباد به بغير الصلاة فيه ولأن في وجود المسكن أو مستغل فوقه أو تحته ما ينافي تعظيمه، كما أن شرط اعتبار الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان من أملاك الدولة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو أن تكون في رعاية الحكومة تدير شئونها وتقوم بالصرف عليها من أموال الدولة، وكان قيام حق الشفيع في طلب الأخذ بالشفعة إنما ينشأ بالبيع مع قيام المسوغ، إلا أن العين المشفوعة لا تصير في ملك الشفيع – في غير حال التراضي – إلا بالحكم النهائي القاضي بالشفعة، بما لازمة أنه إذا ما صارت العين المشفوعة مسجداً تسلمته وزارة الأوقاف لإدارة شئونه قبل صدور الحكم النهائي المثبت للشفعة امتنع على الشفيع أخذها بالشفعة بعد أن خرجت من ملك العباد عموماً إلى ملك الله تعالى، فإذا ما ادعى الشفيع عدم صحة الغرض الذي تمسك به المشتري من أنه قصد من شرائه العقار المبيع جعله محلاً للعبادة (مسجداً) لمخالفته الحقيقة والواقع فإن عليه إثبات ذلك". (نقض مدني في الطعن رقم 6908 لسنة 66 قضائية – جلسة 30/11/1997).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذ خلصت المحكمة إلى أن المستأنف عليه الأول قد أقام البناء على الأرض المملوكة للمستأنف عليهم أولاً وثانياً بدون رضاهم، وأقيمت الدعوى منهم خلال ميعاد السنة من تاريخ علمهم بإقامة البناء فإن طلبهم إزالة البناء على نفقة المستأنف الأول يضحى سديداً ويمتنع بالتالي التمسك في مواجهتهم بقاعدة التعسف في استعمال حق الملكية لتخلف شروط إعمال أحكامها. ومتى كان الحكم المستأنف قد انتهى صحيحاً إلى إجابة المستأنف عليهم أولاً وثانياً إلى طلبهم إزالة البناء على نفقة المستأنف الأول فإنه يتعين تأييده ولا ينال من هذا القضاء إنشاء المستأنف الأول مسجداً أسفل البناء لعدم ثبوت المسجدية له وفقاً لأرجح الأقوال في مذهب أبى حنيفة لعدم خلوصه لله تعالى وانقطاع حق العباد عنه". (نقض مدني في الطعن رقم 4338 لسنة 61 قضائية – جلسة 12/7/1997 مجموعة المكتب الفني – السنة 48 – جزء 2 – صـ 1114 – فقرة 6).

وقف المسجد يتم بالقول أو بالفعل (بالصلاة فيه):

اختلف فقهاء الحنفية فيما يتم به وقف المسجد، وهل يشترط في تمامه واعتباره وقفاً أن يسلمه الواقف لجهة الوقف أو لا يشترط ذلك:

فذهب الإمام محمد بن الحسن – وهو رأي الإمام أبي حنيفة – إلى أن الوقف لا يتم إلا بالتسليم، والتسليم في كل شيء بحبسه، ويكون في المسجد بأن يأذن الواقف للناس بالصلاة في المسجد ويصلي الناس فيه بالفعل.

وذهب الإمام أبو يوسف إلى أن الوقف يتم بمجرد القول وصدور الهبة من الواقف متى كان أهلاً للتصرف وتوافرت سائر الشروط الواردة فقهاً دون حاجة إلى التسليم، فلو قال جعلت هذه الأرض مسجداً أو أقام مسجداً للصلاة صارت الأرض والبناء مسجداً ولو لم يصل فيه بالفعل.

ورأي أبو يوسف هو الذي يجري عليه العمل في القضاء الشرعي وهو ما يوافق آراء الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد في وقف المسجد. (الفتاوى الإسلامية الصادرة من دار الإفتاء المصرية – المجلد الثالث عشر – سنة 1985 – صـ 4722 وما بعدها. مشار إليها في: "قواني الوقف ومنازعاته – أحكام ملكية الأعيان الموقوفة في ضوء الفقه والقضاء" – للمستشار/ عبد الرحيم علي علي محمد – الطبعة الأولى 1999 القاهرة – بند 30 – صـ 32 و 33).

أبدية المسجدية:

طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية فإن للمسجد حكماً خاصاً مُقتضاه أنه بمجرد بنائه والآذان بالصلاة وإقامتها فيه يصير وقفاً أرضاً بناءاً بصفة مؤبدة ولا يجوز الرجوع أو التغيير فيه، وحتى إذا تهدم المسجد فتظل صفة الوقف عالقة بالأرض التي كان مُقام عليها وبما يحصل من ثمن أنقاضه؛ حيث نصت المادة الخامسة من القانون رقم 48 لسنة 1946 بشأن أحكام الوقف على أن: "وقف المسجد لا يكون إلا مؤبداً، ويجوز أن يكون الوقف على ما عداه من الخيرات مؤقتاً أو مُؤبداً"؛ كما نصت الفقرة الأخيرة من المادة 11 من هذا القانون على أنه: "لا يجوز الرجوع ولا التغيير في وقف المسجد ابتداءً ولا فيما وقف عليه ابتداءً". ومن حيث أنه ترتيباً على ما تقدم فإن المبالغ المتحصلة من بيع أنقاض المسجد المتهدمة بوصف أنها وقف تضاف إلى المبالغ المرصودة للإنفاق منها في بناء وتعمير المساجد، ولا تضاف إلى الإيرادات طبقاً لما تنص عليه المادة 337 من لائحة المخازن والمشتريات. لهذا انتهى رأي الجمعية العمومية (لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة) إلى أن المبالغ المحصلة من بيع أنقاض المساجد تضاف إلى المبالغ المرصودة للإنفاق منها على بناء وتعمير المساجد ولا يسري في شأنها نص المادة 337 من لائحة المخازن والمشتريات. (فتوى رقم 510 بتاريخ 19/5/1968. مشار إليه في: "الموسوعة الإدارية الحديثة – مبادئ المحكمة الإدارية العليا وفتاوى الجمعية العمومية منذ عام 1946 وحتى عام 1985" – للدكتور/ نعيم عطية والأستاذ/ حسن الفكهاني – الجزء الرابع والعشرون – الطبعة الأولى 86/1987 – القاعدة رقم 519 – صـ 1118 و 1119).

كما أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه: "لما كان الإسلام هو دين الدولة وفقاً للدستور، وكان من المُقرر في الفقه الإسلامي أنه لا يجوز نقل المسجد ولا هدمه ولا تحويله إلى غرض آخر غير المسجدية، وأن أرض المسجد بعد بنائه باقية إلى قيام الساعة، وأنه يعتبر مسجداً بمجرد البناء والصلاة فيه ويصبح وقفاً لا يجوز بيعه ولا هدمه ولو كان واقعاً على أرض مر بها الطريق العام أو الترع والمصارف العامة إلا بعد إقامة مسجد بديل بذات المنطقة التي مر بها الطريق العامة أو الترع والمصارف العامة، لما للمسجد من حرمة تعلو فوق الصالح العام الذي يراه البشر والتزاماً بالتوجيه القرآني: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها أسمه)([2])". (الطعن رقم 1773 لسنة 45 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 27/3/2002 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 151. ومشار لموجزه في: مجلة المحاماة – العدد الثالث 2003 – القاعدة رقم 368 – صـ 402).

مشروعية ضم وزارة الأوقاف للمساجد الأهلية:

من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا بأن: "صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1956 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها وينص في المادة "1" منه على أن يضاف إلى المادة "أ" من القانون رقم 272 لسنة 1958 المشار إليه فقرة أخيرة مؤداها "كما تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهار أم لم يصدر، على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون، ويكون للوزارة الإشراف على إدارة هذه المساجد إلى أن يتم تسليمها، وتتولى أيضاً الإشراف على إدارة الزوايا التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الأوقاف وتوجيه القائمين عليها لتؤدي رسالتها الدينية على الوجه الصحيح". وحيث ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أنه لكي يتم التوجه الديني في البلاد على وجه محكم فإن الأمر يقتضي وضع سياسة عامة لجميع المساجد والزوايا في المدن والقرى تستهدف نقاء المادة العلمية وسلامة الوجهة التي يعمل لها الخطباء والمدرسون، وقد لوحظ أن عدداً كبيراً من المساجد لا يخضع لإشراف وزارة الأوقاف وهذه المساجد يسيطر عليها الارتجال ويترك شأنها للظروف، ولا يوجد بها من يحمل مسئولية التعليم والإرشاد، ولما كان بقاء هذه الحال قد ينتقص من قيمة التوجيه الديني ويضعف الثقة برسالة المساجد ويفسح الطريق لتبني البدع والخرافات خصوصاً وأن من يقال فوق منابر المساجد إنما يقال باسم الله، لذلك فإن الأمر يقتضي وضع نظام للإشراف على هذه المساجد بحيث يكفل تحقيق الأغراض العليا من التعليم الديني العام وتوجيه النشء وحمايتهم من كل تفكير دخيل. وقد رؤى أن تتولى وزارة الأوقاف إدارة جميع المساجد سواء صدر بوقفها إشهار أم لا، حتى تنتظم مع مساجد الوزارة في أداء واجبها الديني على نحو سليم. وحيث أن الدولة إدراكاً لرسالتها في دعم التوجيه الديني في البلاد على وجه محكم وتأكيداً لمسئوليتها في التعليم والإرشاد وما يتطلبه ذلك من وضع سياسة عامة لجميع المساجد والزوايا في كافة أرجاء الدولة. وإذ كان مقتضى تنفيذ وزارة الأوقاف للمهمة الملقاة على عاتقها بموجب القانون المشار إليه أن تبادر الوزارة باستلام جميع المساجد القائمة آنذاك وكان تنفيذ هذه المهمة يقتضي توافر المال اللازم لذلك وأن الصرف على تلك المساجد سيكون مما يمنح لوزارة الأوقاف ومن ثم فقد راعى القانون النص على أن يتم تسليم المساجد خلال عشر سنوات وهذا الميعاد هو ميعاد تنظيمي قصد به إفساح المجال حتى تتمكن الوزارة من توفير المال اللازم الذي يتطلبه تنفيذ القانون، وبناء على ذلك، فلا تثريب على وزارة الأوقاف في القيام في أي وقت بتسلم أي عدد من المساجد سواء ما كان منها قائماً وقت العمل بالقانون أو ما يقام منها بعد ذلك طبقاً لما يتوفر لديها من اعتمادات مالية لإدارتها حسبما يمليه عليها القانون ودون أن تتقيد في هذا الشأن بمدة العشر سنوات سالفة الذكر، ويكون تصرف الوزارة في هذا الشأن مشروعاً ومتفقاً مع أحكام القانون". (الطعن رقم 1946 لسنة 35 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 27/11/1994. مشار إليه في: مجلة المحاماة – عدد أغسطس 1995 – الجزء الثاني – القاعدة رقم 14 – صـ 64).

كما أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن: "المادة الأولى من القانون قم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1956 بتنظيم وزارة الأوقاف. أناط القانون بوزارة الأوقاف إدارة المساجد الأهلية سواء صدر بوقفها إشهاد (توثيق) أو لم يصدر، أساس ذلك أن وقف المسجد صحيح ولازم دون اشتراط الإشهاد، فالمساجد ليست محلا للتملك والتمليك وتوقف شرعا بمجرد القول أو الفعل بأداء الصلاة فيها. وإشراف وزارة الأوقاف على المساجد ليس فيه مساس بالملكية الخاصة للأفراد لأن المساجد على حكم ملك الله تعالى وليست ملكاً لأحد فإذا خصصت الأرض لتكون مسجدا خرجت من ملك صاحبها ولم تدخل في ملك أحد. وتتسلم وزارة الأوقاف المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بالقانون رقم 157 لسنة 1960 وليس معنى ذلك أنه لا يجوز للوزارة ضم المساجد بعد المدة المشار إليها وإنما ضم المساجد يتوقف على تدبير الاعتمادات المالية اللازمة لهذا الضم". (الطعن رقم 906 لسنة 32 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 17/6/1995 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 - صـ 1943).

قرار الضم يقتصر على الأماكن المخصصة للعبادة دون غيرها من الملحقات الأخرى:

من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن: "مفاد المادتان 32 و 34 من الدستور والقانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف أنه يجوز للمشرع أن يضع قيوداً على حق الملكية الخاصة لصالح المجتمع - والأصل الدستوري هو حماية الملكية الخاصة البعيدة عن الغصب أو التعدي أو الاستيلاء على أموال أو ممتلكات الدولة أو الغير - يخرج عن هذا الأصل العام ما يتصل بإنشاء المساجد باعتبارها دور للعبادة وهى بيوت الله في الأرض - نتيجة ذلك: تخرج المساجد بصفتها هذه من الملكية العامة أو الخاصة وتضحى على ملك الله التي لا يجوز المساس بها أو تغيير طبيعتها أو صفتها لتبقى دوراً للعبادة وإقامة الشعائر على النحو المتطلب لأدائها وفق أحكام الشريعة وأصولها - تحقيقاً لأداء المساجد لرسالتها - وأورد المشرع في القانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف فنص على أن تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهار أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون - تنفصل المساجد وتستقل بوصفها المشار إليه عن أية ملحقات أخرى تخرج عن نطاق العقار بالتخصيص بأن يكون جزءاً لا ينفصل عن المسجد ورصد لخدمة أغراضه في إقامة الشعائر وغيرها كالحمامات ودورات المياه - يخرج ما عدا ذلك من ملحقات عن نطاق إشراف وزارة الأوقاف على المساجد". (الطعن رقم 4127 لسنة 37 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 27/6/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 38 – صـ 1524 – فقرة 1).

وكذلك من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن: "إشراف وزارة الأوقاف على المساجد وإدارتها وفقا للقانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها رهن بثبوت المسجدية للمكان بحيث يكون مخصصا لأداء الصلاة أو الملحقات المرصودة لخدمة أداء الشعائر الدينية، ويُشترط فيه على أرجح الأقوال في مذهب أبى حنيفة خلوصه لله تعالى وانقطاع حق العبد عنه - مؤدى ذلك: المباني الملحقة بالمساجد التي تقيمها الجمعيات الأهلية وتخصصها لأداء بعض الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية تخرج عن المفهوم السابق وتنأى بالتالي عن إشراف وزارة الأوقاف. لما كان ذلك، وكان مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة منها هو وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار الإداري غير مشروع ويلحق بصاحب الشأن ضررا وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر، وكان قرار وزارة الأوقاف بضم مسجد النور إلى الوزارة ووضع يدها على ملحقاته - القرار المطعون فيه بضم ملحقات المسجد - شابه عيب انحدر به إلى درك عدم المشروعية ويحق للجمعية التي أقامت هذه الملحقات أن تعوض عن الأضرار التي أصابتها من جراء عدم الانتفاع بملحقات المسجد طيلة عشرين عاما وحرمانها طوال هذه المدة من حصيلة تعيد استخدامها في أوجه البر والخير التي تسعى إليها - قضاء المحكمة بتعويض الجمعية بمبلغ عشرين ألف جنية مراعية في ذلك أن الجمعية الطاعنة من الجمعيات الأهلية التي تقدم خدماتها غير مستهدفة الربح أو الكسب". (الطعن رقم 2941 لسنة 40 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 3/2/2001 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 335).

وعلى ذلك تواترت أحكام المحكمة الإدارية العليا، حيث جرى قضائها على أن: "إشراف وزارة الأوقاف على المساجد وإدارتها وفقا للقانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها رهن بثبوت المسجدية للمكان بحيث يكون مخصصا لأداء الصلاة أو الملحقات المرصودة لخدمة أداء الشعائر الدينية ويُشترط فيه على أرجح الأقوال في مذهب أبى حنيفة خلوصه لله تعالى وانقطاع حق العبد عنه، مؤدى ذلك أن المباني الملحقة بالمساجد التي تقيمها الجمعيات الأهلية وتخصصها لأداء بعض الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية تخرج عن المفهوم السابق وتنأى بالتالي عن إشراف وزارة الأوقاف". (الطعن رقم 600 لسنة 44 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 3/2/2001 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 330).

مواعيد الطعن في قرار الضم:

تنص الفقرة الأولى من المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على أن: "ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة – فيما يتعلق بطلبات الإلغاء – ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به".

فمواعيد الطعن على القرارات الإدارية التنظيمية يكون من تاريخ نشرها بالجريدة الرسمية، ومواعيد الطعن على القرارات الإدارية الفردية يكون من تاريخ إعلان ذوي الشأن بها، ما لم يثبت علم ذوي الشأن بالقرار علماً يقينياً وعبء إثبات ذلك يقع على عاتق جهة الإدارة وليس ذوي الشأن، وما لم يتم النشر أو الإعلان أو ثبوت العلم اليقيني تظل مواعيد الطعن مفتوحة لذوي الشأن.

هذا، ومن المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن: "المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - ميعاد رفع الدعوى فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به - مناط بدء سريان ميعاد رفع الدعوى هو واقعة نشر القرار المطعون فيه وإعلان صاحب الشأن به - رغم النص على أن النشر كالإعلان وسيلة لإثبات العلم بالقرار المطعون فيه إلا أن هذه المساواة بين الوسيلتين ليست كاملة إذ يبقى الإعلان بالقرار هو الأصل أما النشر فهو الاستثناء بحيث لا يكفى النشر عندما يكون الإعلان ممكناً - يتعين التفرقة بين قرارات الإدارة التنظيمية وقراراتها الفردية - القرارات التنظيمية وبحكم عموميتها وتجريدها لا يتصور حصر الأشخاص الذين تحكمهم مما لا يكون معه محل لالتزام وسيلة الإعلان بالنسبة إليها - القرارات الفردية إذ تتجه إلى أشخاص معينين بذواتهم معلومين سلفاً فلا محل للاكتفاء بوسيلة النشر فيكون الإعلان إجراء محتماً - الإعلان والنشر وأن كانا قرينتين لتحقق العلم بالقرار إلا أنه يشترط فيهما تمامهما بالشكل الكافي للتعريف بالقرار ومحتوياته الجوهرية - ليس ثمة ما يمنع من ثبوت العلم بالقرار عن غير طريقهما مما يؤدى منطقيا إلى القول ببدء سريان ميعاد إقامة الدعوى إذا ما قام الدليل على تحقق العلم اليقيني به - يقع عبء إثبات النشر والإعلان على عاتق جهة الإدارة". (الطعن رقم 4096 لسنة 45 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 17/2/2001 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 397 – فقرة 1).

كما أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن: "ومن حيث أنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد فان قضاء هذه المحكمة قد استقر في تفسير المادة 22 من القانون رقم 55 لسنه 1959 بتنظيم مجلس الدولة بالجمهورية العربية المتحدة (المُقابلة لنص المادة 24 من قانون مجلس الدولة الحالي) والتي تنص على أن: "ميعاد رفع الدعوى إلي المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح أو إعلان صاحب الشان به" والتي تسرى على النزاع الماثل على عدة مبادئ قانونية هي:

أولاً- أن الشارع قد جعل مناط بدء سريان ميعاد رفع الدعوى هو واقعة نشر القرار المطعون فيه أو إعلان صاحب الشان به، وبذلك كان النشر معادلاً للإعلان من حيث قوة كليهما في إثبات وصول القرار المطعون فيه إلي علم صاحب الشان وفى بدء الميعاد المقرر قانونا للطعن فيه.

ثانياً- أنه رغم النص على أن يكون النشر كالإعلان وسيلة لإثبات العلم بالقرار المطعون فيه إلا انه لا يزال من الثابت مع ذلك أن هذه المساواة بين الوسيلتين ليست كاملة إذ لا زال الإعلان بالقرار هو الأصل وأما النشر فهو الاستثناء بحيث لا يكفى النشر حيث يكون الإعلان ممكناً ومن أجل هذا أجتهد القضاء لكي يحدد الحالات التي يصح الالتجاء فيها إلي وسيلة النشر والحالات التي يتعين الالتجاء فيها إلي وسيلة الإعلان وكان مما قرره القضاء في هذا الشان، التمييز بين قرارات الإدارة التنظيمية وقراراتها الفردية بحيث متى كانت الأولى بحكم عموميتها وتجريدها لا يتصور حصر الأشخاص الذين تحكمهم مما لا يكون معه محل لالتزام وسيلة الإعلان بالنسبة إليها، فإن الثانية إذ تتجه بالعكس إلى أشخاص معينين بذواتهم ومعلومين سلفاً لدى الإدارة فإنه لا يكون ثمة محل بالنسبة إليها للاكتفاء بوسيلة النشر بل يكون الإعلان إجراء محتماً.

ثالثاً- أنه إذا كانت نصوص القانون قد حددت واقعة النشر والإعلان لبدء الميعاد المقرر لرفع دعوى الإلغاء فإن القضاء الإداري لم يلتزم حدود النص في ذلك فهو لا يرى الإعلان والنشر إلا قرينتين على وصول القرار المطعون فيه إلي علم صاحب الشان ومن ثم يجب أن يتم النشر والإعلان بالشكل الكافي للتعريف بالقرار ومحتوياته الجوهرية حتى يكفى كلاهما في تحقيق العلم بالقرار.

رابعاً- على أنه إذا كانت قرينة العلم المستفادة من النشر أو الإعلان ليس مما يقبل إثبات العكس فليس ما يمنع ثبوت العلم بدونها فإذا قام الدليل القاطع وفقا لمقتضيات ظروف النزاع وطبيعته على علم صاحب الشان بالقرار علما يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً بحيث يكون شاملا لجميع محتويات هذا القرار ومؤداه حتى يتيسر له بمقتضى هذا العلم أن يحدد مركزه القانوني من القرار متى قام الدليل على ذلك، بداء ميعاد الطعن من تاريخ ثبوت هذا العلم دون حاجة إلي نشر القرار أو إعلانه إذ من شأن القرائن أن تثبت ما يراد بها ثبوتاً يقينياً قاطعاً وهذا يفيد استقرار قضاء هذه المحكمة على تأييد نظرية العلم اليقيني.

خامساً- أن عبء إثبات النشر أو الإعلان الذي تبدأ به المدة يقع على عاتق جهة الإدارة". (الطعن رقم 201 لسنة 18 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 24/4/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 22 – صـ 58 – فقرة 1).

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

ashraf.rashwan@gmail.com



([1]) سورة الجن – الآية 18.

([2]) سورة البقرة – الآية 114 .

الثلاثاء، 7 يوليو 2009

شروط ضمان المؤجر لتعرض الغير للمستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة

رفض طلب ضمان المؤجر لعدم تعرض الغير للمستأجر، لعدم توافر شروطه:

نصت المادة 571/2 مدني على أن ضمان المؤجر يمتد إلى كل تعرض أو إضرار مبني على سبب قانوني يصدر من أي مستأجر آخر أو من أي شخص تلقى الحق عن المؤجر.

ومن المسلم به أن المؤجر لا يضمن التعرض المادي الصادر من الغير، وإنما يقتصر ضمانه على التعرض القانوني، أي التعرض الذي يستند فيه ذلك الغير إلى حق يدعيه على العين المؤجرة، ويكون من شأنه إذا ثبت الإخلال بانتفاع المستأجر بهذه العين.

ويشترط قانوناً لتحقق التعرض القانوني الصادر من الغير الذي يرتب ضمان المؤجر توافر الشروط الأربعة الآتية:

1- صدور تعرض من الغير: والمقصود بالغير هو كل أجنبي عن التعاقد.

2- ادعاء الغير حقاً يتعارض بالعين المؤجرة ويتعارض مع حق المستأجر:

فيجب أن يدعي الغير حقاً يتعلق بالعين المؤجرة، ويجب أن يكون الحق المدعى به متعارضاً مع حق المستأجر. كأن يدعي الغير شراء العين المؤجرة من مؤجرها وأن عقد الإيجار لا يسري في مواجهته ويطلب إخلاء المستأجر من العين؛ أو يدعي الغير أن له على العين المؤجرة حق انتفاع أو رهن حيازي أو حق ارتفاق أو حكر أو إذا أنكر وجود ارتفاق له على عقاره لصالح العين المؤجرة إذا كان عقد الإيجار قد منح المستأجر الحق في الإفادة منه.

أما إذا لم يكن حق الغير متعارضاً مع انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، فلا يكون ثمة تعرض. كما لو أدعى الغير أن له حق رهن رسمي أو حق اختصاص على العين المؤجرة.

3- وقوع التعرض بالفعل: فيجب حصول تعرض من الغير بالفعل: يكون من شأنه الإخلال بانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة. والتعرض لا يكون كذلك إلا إذا ترتب عليه حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، أما إذا كان العمل الذي قام به الغير لا يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة فلا يعد تعرضاً يستوجب الضمان.

واعتبار فعل ما مخلاً بالانتفاع أم لا مسألة نسبية تختلف باختلاف الظروف، ويتوقف على الغرض المقصود من الإيجار وعرف الجهة. وقاضي الموضوع هو الذي يقدر ما إذا كان يترتب على عمل معين إخلال بانتفاع المستأجر أم لا، دون أن يخضع في ذلك التقدير لرقابة محكمة النقض ما دام تقديره قائماً على أسباب سائغة تؤدي إلى ما ذهب إليه.

4- وقوع التعرض أثناء مدة الإيجار: فيجب أن يحدث التعرض في وقت يكون فيه الإيجار قائماً.

ومن المسلم به أن للمستأجر أن يدفع التعرض بنفسه في جميع الأحوال التي يصلح فيها أن يكون خصماً حقيقياً للمتعرض. والمستأجر يصلح لأن يكون خصماً حقيقياً للمتعرض في حالتين، هما:

أ. الحالة الأولى – جميع دعاوى الحيازة.

ب. الحالة الثانية – إذا كان الحق الذي يدعيه المتعرض موجهاً مباشرة ضد المستأجر. فهنا المتعرض لا يدعي حقاً على ذات العين المؤجرة، ولكنه يدعي حقاً شخصياً ضد المستأجر شخصياً، وسواء كان المستأجر شخص طبيعي أم شخص اعتباري (كمنشأة تجارية مثلاً)، وسواء كان السند القانوني للمتعرض صحيحاً أم لا.

(المصدر: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع – عقد الإيجار في القانون المدني" – للمستشار/ محمد عزمي البكري – الطبعة الخامسة 2001 القاهرة – بند 248 – 536 وما بعدها).

وهدياً ما تقدم، وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية سالفة الذكر على وقائع الدعوى الماثلة، يتضح جلياً أن مطالبة الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية للشركة المدعية بمبالغ مستحقة على "المنشأة التجارية"، هو ادعاء لا يتعلق "بالمكان المؤجر" ولا يتعارض مع حق المستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة، ولا يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، كما يحق للمستأجر دفع هذا التعرض بنفسه لكونه خصماً حقيقياً للهيئة القومية للتأمينات التي تطالبه بحق شخصي ولا تدعي حقاً على المكان المؤجر. ومن ثم يكون هذا الطلب بإلزام الهيئة بمنع تعرض (أي ضمان تعرض) الغير للشركة المدعية والمستأجرة، يكون هذا الطلب قد جاء على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون خليقاً بالرفض، وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

Ashraf.rashwan@gmail.com

تأجير ملك الغير

تأجير ملك الغير

لما كان من المُسلم به فقهاً وقضاءاً أنه: "إيجار ملك الغير، ترك المُشرع أمره إلى القواعد العامة، وهي تقضي باعتبار الإيجار صحيحاً، وتجعله منطوياً في غالب الأحوال على تعهد عن الغير، فيجوز للغير أن يُقر هذا التعهد (صراحة أو ضمناً) فيُخلي بذلك طرف المُتعهد ويُصبح هو طرفاً في العقد". (المرجع: "الوافي في شرح القانون المدني" – الجزء الثالث: "في العقود المُسماة" – المُجلد الثاني: "عقد الإيجار" – للدكتور/ سليمان مرقس – الطبعة الرابعة 1993 القاهرة – بند 65/ب – صـ 110).

"ويجوز أن يكون إقرار المالك للإيجار صراحة أو ضمناً. ويتوقف أثر الإقرار من حيث الزمن على ما قصد منه. والغالب أن يقصد المالك إقرار الإجارة منذ عقدها، فيُعتبر كأنه أعتمد المُؤجر وكيلاً عنه في التأجير، ومعنى ذلك أنه يحل محله طرفاً في العقد ويُحاسبه على ما قبضه من أجرة ويكون له مُطالبة المُستأجر بالأجرة المُستقبلة ويلتزم هو بجميع التزامات المُؤجر". (المرجع السابق – نفس الموضع – صـ 111).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "إيجار ملك الغير صحيح بين طرفيه، ونافذ قِبل المالك متى أجازه، وإذ أقر المطعون ضده الأول – المالك – هذا العقد الصادر لصالح مورث المطعون ضدها الثانية فإنه يكون نافذاً في حقه". (الطعن رقم 1100 لسنة 48 قضائية – جلسة 11/5/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – الجزء الثاني [من مايو حتى ديسمبر 1983] – القاعدة رقم 231 – صـ 1150 وما بعدها – فقرة 3).

لما كان ذلك، وكان المُدعي يُعد بمثابة المالك الظاهر لأطيان التداعي (في وقت تأجيرها للمُدعى عليه) وتلك الأطيان في حقيقتها مملوكة للأوقاف، وكان المُدعي قد أبرم عقد إيجار أطيان التداعي مع المُدعى عليه قبل استلام هيئة الأوقاف المصرية لتلك الأطيان، فتكون حقيقة هذا التصرف من جانب المُدعي ووفق التكييف القانوني الصحيح لها هو: "تأجير لملك الغير"، وإذ قامت هيئة الأوقاف المصرية باستلام أطيان التداعي المملوكة لها وإقرارها بقاء المُستأجر فيها (المُدعى عليه) مع دفع أجرتها إلى الهيئة، هذا التصرف من جانب هيئة الأوقاف (الخصم المُدخل) هو بمثابة إقرار (ولو حتى ضمنياً) لعقد الإيجار الذي أبرمه المُدعي مع المُدعى عليه بخصوص أطيان التداعي، ووفقا للقواعد القانونية سالفة الذكر: تحل هيئة الأوقاف المصرية محل المُدعي (المُؤجر) وتصبح هي طرفاً في عقد الإيجار أطيان التداعي بدلاً من المُدعي، وتلتزم هي بجميع التزامات المُؤجر على النحو السالف بيانه। ومفاد ذلك أن رفع الدعوى الماثلة من قِبل المُدعي بعد استلام هيئة الأوقاف المصرية لأطيان التداعي وإقرار تأجيرها للمُدعى عليه فإن دعواه الماثلة تكون – والحال كذلك – مُقامة من غير ذي صفة، مما يحق معه لهيئة الأوقاف المصرية (الخصم المُدخل) الدفع بعدم قبول الدعوى الماثلة لرفعها من غير ذي صفة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن وضع يد المُدعى عليه على أطيان التداعي يكون لها بحق – والحال كذلك – سند من حقيقة الواقع وصحيح القانون أي أنه مُستأجر لها من مالكها الحقيقي وليس غاصباً لها مما تكون معه الدعوى الماثلة بطردها وإخلائه من تلك الأطيان قد جاءت على غير سند من القانون خليقة بالرفض وهو تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

Ashraf.rashwan@gmail.com

تأجير المال الشائع

تأجير المال الشائع

تنص المادة 825 من القانون المدني على أنه: "إذا ملك اثنان أو أكثر شيئاً غير مفرز حصة كل منهم فيه، فهم شركاء على الشيوع، وتحسب الحصص متساوية إذا لم يقم دليل على غير ذلك".

وتنص المادة 827 من القانون المدني على أن: "تكون إدارة المال الشائع من حق الشركاء مجتمعين ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك".

وتنص المادة 828 من القانون المدني على أنه: "

1- ما يستقر عليه رأي أغلبية الشركاء في أعمال الإدارة المعتادة يكون ملزماً للجميع، وتحسب الأغلبية على أساس قيمة الأنصباء فإن لم تكن ثمة أغلبية فللمحكمة بناء على طلب أحد الشركاء أن تتخذ من التدابير ما تقتضيه الضرورة، ولها أن تعين عند الحاجة من يدير المال الشائع.

2- وللأغلبية أيضاً أن تختار مديراً، كما أن لها أن تضع للإدارة ولحسن الانتفاع بالمال الشائع نظاماً يسري حتى على خلفاء الشركاء جميعاً سواء أكان الخلف عاماً أم كان خاصاً.

3- وإذا تولى أحد الشركاء الإدارة دون اعتراض من الباقين عُدَ وكيلاً عنهم".

هذا، وتنص المادة 558 من القانون المدني على أن: "الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يُمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم".

وتنص المادة 559 من القانون المدني على أنه: "لا يجوز لمن لا يملك إلا حق الإدارة أن يعقد إيجاراً تزيد مدته على ثلاث سنوات إلا بترخيص من السلطة المختصة. فإذا عُقِدَ الإيجار لمدة أطول من ذلك، أنقصت المدة إلى ثلاث سنوات، كل هذا ما لم يوجد نص يقضي بغيره".

كما تنص المادة 564 من القانون المدني على أن: "يلتزم المؤجر أن يسلم المستأجر العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من المنفعة، وفقاً لما تم عليه الاتفاق أو لطبيعة العين".

وأخيراً، تنص الفقرة الأولى من المادة 565 من القانون المدني على أنه: "إذا سلمت العين المؤجرة في حالة لا تكون فيها صالحة للانتفاع الذي أجرت من أجله أو إذا نقص هذا الانتفاع نقصاً كبيراً، جاز للمستأجر أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع مع التعويض في الحالتين إذا كان لذلك مقتضى".

فمن المُستقر عليه قانوناً أنه: "في المال المملوك شيوعاً يكون لكل شريك حصة شائعة في كل ذرة من ذرات هذا المال، فلا ينفرد أحدهم بملكية أي ذرة من هذه الذرات، ولا يستطيع أيهم إخراج الآخرين من العين المملوكة شيوعاً أو نزع حيازتهم، ولكن كل منهم يملك حصته الشائعة ملكاً تاماً. وهذه الملكية الشائعة تخوله عناصر الملكية الثلاثة: الاستعمال والاستغلال والتصرف. أما حقه في التصرف في حصته الشائعة فهو تام كحقه في التصرف في ملكيته المفرزة، فيجوز له بيع هذه الحصة الشائعة في العين كلها دون توقف على رضا أحد من الشركاء وتنتقل حينئذ ملكيتها بحالتها إلى المشتري كما تنتقل إليه ملكية العين المفرزة بحالتها. أما الاستعمال والاستغلال فلأنهما يقتضيان سيطرة مادية على العين التي يراد استعمالها أو استغلالها، ولأن لكل واحد من الشركاء في الشيوع أن يستعمل أو يستغل كل ذرة من ذرات العين المملوكة شيوعاً بقدر حصته، كان لا مناص لكل منهم من أن يتقيد في استعمال ملكيته الشائعة واستغلالها بحق شركائه في ذلك أيضاً، وبالتالي فإنه لا يستطيع استعمال ملكيته الشائعة أو استغلالها إلا بالاتفاق على ذلك مع جميع شركائه. فإذا أراد أن يؤجر من العين بقدر حصته الشائعة فيها وجب أن يُشرك معه في عقد الإجارة سائر الشركاء( 1 )، أو أن يحصل على موافقتهم على عقدها( 2 )". (المصدر: "الوافي في شرح القانون المدني" – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الثالث: "في العقود المُسماة" – المُجلد الثاني: "عقد الإيجار" – الطبعة الرابعة 1993 القاهرة – بند 72/ب – صـ 123 : 125 وهوامشها).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "لما كانت إدارة المال الشائع [كله] طبقاً لصريح نص المادتين 827 و 828 من القانون المدني لا تكون إلا للشركاء مُجتمعين أو في القليل للأغلبية المُطلقة [51%] للشركاء محسوبة على أساس الأنصباء، ولا تثبت لسواهم، فيحق لباقي الشركاء اعتبار الإيجار الصادر من أحدهم غير قائم بالنسبة لهم في حصصهم بل وفي حصة الشريك المُؤجر وباعتبار المستأجر مُتعرضاً لهم فيما يملكون إذا كان قد وضع يده بالفعل على العين، فإذا ما انتقلت ملكية الشريك المؤجر إلى باقي الشركاء انتقلت غير مُحملة بذلك العقد، إلا إذا ارتضوه صراحة أو ضمناً. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن عقد الإيجار المؤرخ في ....... محل النزاع – صادر لصالح المطعون ضده من أحد الورثة لشريك كان يملك نصف الأنصبة شيوعاً في العقار الكائن به شقة النزاع، فإن هذا العقد حتى لو اقترن بموافقة باقي الورثة [الذين يملكون النصف الآخر]، لا يكون صادر من أصحاب أغلبية الأنصباء، ولا يسري في حق الطاعن باعتباره مالكاً على الشيوع للنصف الآخر سواء في حصته أو حصة شريكه والتي يملك الطاعن في كل ذرة من ذراتها، وتكون ملكية حصة الشريك هذه قد انتقلت إلى الطاعن بعد الشراء غير محملة بعقد الإيجار المُشار إليه حتى ولو كان له تاريخ سابق على انتقال الملكية ما لم يكن الطاعن قد ارتضاه صراحة أو ضمناً". (نقض مدني في الطعن رقم 90 لسنة 48 قضائية – جلسة 23/12/1982 مجموعة المكتب الفني – السنة 33 – صـ 1235. المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار" – للمستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 121 – صـ 116).

ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك أن: "قيام المسئولية العقدية يفترض أن هناك عقداً صحيحاً واجب التنفيذ يربط بين المسئول والمضرور ولم يقم المدين بتنفيذ الالتزام الناشيء عنه بحيث ترتب على ذلك ضرر للمتعاقد الآخر، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن مجرد عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي يعتبر في ذاته خطأ يرتب مسئوليته، إذ هو قد التزم بالعقد، فيجب عليه تنفيذه، وإذا كان الالتزام بتحقيق غاية، كما في التزام المؤجر بتسليم العين المؤجرة، يكفي المستأجر لإثبات الخطأ العقدي في جانب المؤجر أن يثبت عقد الإيجار وأن التسليم لم يتم، وليس لهذا الأخير لدرء المسئولية عنه إلا أن يثبت السبب الأجنبي لنفي علاقة السببية، والذي لا يكون إلا قوة قاهرة أو حادثاً فجائياً أو فعل الدائن المضرور أو فعل الغير ويُشترط فيه أن يكون مستحيل التوقع وقت التعاقد، ولا يكون الأمر سبباً أجنبياً إذا كان المدين قد تسبب فيه بفعله. لما كان ذلك، وكان من المُقرر أنه إذا أجر أحد الشركاء عيناً مملوكة على الشيوع فاعترض عليه باقي الشركاء أو أغلبيتهم فإن الإيجار يكون صحيحاً بين المؤجر والمستأجر، بحيث لا يصح لأحدهما أن يتنصل من التزاماته الناشئة عن العقد ولا طلب إبطاله، وإن كان العقد لا ينفذ حتى في حق الشريك المؤجر، إذ هو لا يستطيع تسليم هذه الحصة مفرزة ما دامت العين لم تقسم ولو قسمة مهايأة، إلا أن اعتراض الشركاء في هذه الحالة – لا يُعتبر سبباً أجنبياً لأنه كان أمراً متوقع الحدوث، ويكون للمستأجر الرجوع على هذا الأخير بالتعويض لإخلاله بالالتزام بالتسليم الناشيء عن العقد، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذا النظر، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 1395 لسنة 52 قضائية – جلسة 10/6/1987. المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار" – للمستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 138 – صـ 128).

وأخيراً، فمن المُقرر في قضاء النقض أن: "التسليم الصحيح للعين المؤجرة لا يكون إلا بتسليم هذه العين جميعها هي وملحقاتها تسليماً يتمكن به المستأجر من الانتفاع بالعين انتفاعاً كاملاً دون حائل، ويكون ذلك في الزمان والمكان الواجبين أو المتفق عليهما، فتسليم جزء من العين أو العين دون ملحقاتها أو تسليم العين في حالة غير حسنة أو عدم قيام المؤجر بما تعهد به من تصليحات أو تجهيزات أو بناء يُقيمه في العين المؤجرة قبل التسليم أو مجرد التأخر في التسليم عن وقته، كل هذا لا يُعد تسليماً صحيحاً، ولا يمكن للمؤجر أن يجبر المستأجر على أن يجتزئ به عن التسليم الصحيح – وللمستأجر في جميع الأحوال أن يطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة مع التعويضات اللازمة وفقاً لحكم المادة 565 من القانون المدني، فإذا كان الظاهر من وقائع الدعوى ومستنداتها أن المؤجر لم يقم بما تعهد به في عقد الإيجار واشترط فيه على نفسه ألا يستحق شيئاً من الأجرة المتفق عليها إلا بعد التسليم الوافي الكامل للجراج المؤجر وكان الحكم قد قال أن الأشياء الناقصة بهذا الجراج تافهة دون أن يبين كيف تكون تافهة وهي تؤثر على الانتفاع ومنها عدم وجود أبواب ولا نوافذ ولا أدوات صحية ولا أدوات لإطفاء الحريق ولا رخصة الإدارة فإن الحكم يكون قاصر البيان قصوراً يشوبه ويبطله". (نقض مدني في الطعن رقم 229 لسنة 23 قضائية – جلسة 21/3/1957 مجموعة المكتب الفني – السنة 8 – صـ 265. المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار" – للمستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 286 – صـ 221).

لما كان ما تقدم، وكان الثابت بأوراق الملف محل البحث الراهن أن عقد الإيجار المحرر مع الراسي عليها مزاد التأجير مُحله وموضوعه هو حصة خيرات شائعة في كامل مسطح العقار المذكور عاليه، وطالما لم يتم قسمة العقار كله وإنهاء حالة الشيوع وتجنيب حصة الخيرات فيه في حصة مفرزة فإنه يُستحيل عملياً تسليم المستأجرة العين المؤجرة لكونها شائعة في كل ذرة من ذرات العقار المملوك على الشيوع.

وحتى في حالة قيام الهيئة المؤجرة بتسليم المستأجر منها فعلياً مساحة مفرزة تساوي مساحة حصة الخيرات في ذلك العقار المملوك على الشيوع فإن هذا التسليم الفعلي يعد قانوناً تعرضاً لملكية باقي الملاك على الشيوع في العقار المذكور، فضلاً عن أنه من المُقرر قانوناً أنه إذا أجر أحد الشركاء جزءاً مفرزاً من المال المشترك يعادل حصته الشائعة، فإنه لا يستطيع تسليم هذا الجزء المفرز إلى المستأجر لأن ذلك يصطدم بحقوق الشركاء الآخرين. فتعتبر الإجارة إذن معلقة – وفقاً للقواعد العامة – على شرط حصول القسمة بين جميع الشركاء ووقوع ذلك الجزء المفرز في حصة المؤجر، فإذا تحقق هذا الشرط أنتجت الإجارة آثارها من وقت القسمة أو من وقت بدء الانتفاع، وإلا أمتنع على الإجارة أن تنتج أي أثر.

كما أن عدم التسليم الناتج عن عدم استطاعة المؤجر تسليم حصة شائعة في عقار مملوك على الشيوع يضع المؤجر في موضع المسئولية العقدية بما يلزمه بالتعويض، لذا نرى للخروج من هذه المعضلة عدم اعتماد عقود الإيجار والعدول عن مزاد تأجير الحصة الشائعة وإعادة الحال بالمتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، وعدم تأجير أية مساحات شائعة في المستقبل.

فضلاً عن أنه لا يوجد سند قانوني لما أوصى به تقرير إدارة التفتيش العام من صياغة بنود قانونية إضافية بالعقد تضمن عدم رجوع المستأجرة على الهيئة بالدعاوى، لكون حق التقاضي مكفول للجميع بموجب نصوص الدستور وهو متعلق بالنظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفته. كما أنه لا يجوز قانوناً إلزام المستأجرة بالاستلام النهائي بالمشاع في كامل قطعة الأرض الفضاء وهي وشأنها مع ملاك الحصة الأهلية (حيث أفاد المختص بالمنطقة بأن حصة الخيرات مفرزة في هذه القطعة بالمشاع وغير مُجنبة). مع أخذ إقرار عليها بدفع الأجرة من تاريخ اعتماد محضر المزاد من السلطة المختصة. لمخالفة كل ذلك للقواعد القانونية سالفة الذكر.

لكل ما تقدم، أرى – لدى الموافقة – عدم اعتماد عقود إيجار حصة الخيرات الشائعة في العقار رقم ................ بالقاهرة والتابعة لجهة وقف/ ................. والعدول عن مزاد تأجير تلك الحصة الشائعة مع إعادة الحال بالمتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد. ومُراعاة عدم تأجير أية حصص شائعة في المستقبل.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

ashraf.rashwan@gmail.com



( 1 ) وليس من الضروري أن يشترك جميع الشركاء في عقد إجارة واحد، بل يكفي أن يؤجر كل منهم نصيبه إلى المُستأجر ذاته، ولا مانع من اختلاف شروط الإجارة بالنسبة إلى كل منهم، وبوجه خاص لا مانع من تفاوت الأجرة التي يشترطها كل من المؤجرين ولو تساووا في أنصبة الملكية. (استئناف مختلط 20 مارس 1928. المصدر: "الوافي في شرح القانون المدني" – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الثالث: "في العقود المسماة" – المجلد الثاني: "عقد الإيجار" – الطبعة الرابعة 1993 القاهرة – بند 72/ب – صـ 125 وهامش 157 بذات الصفحة).

( 2 ) ويجوز أن يؤجر فريق من الشركاء نصيبه إلى الفريق الآخر، فيخلص الانتفاع العين كلها للفريق المستأجر، بصفته مالكاً فيما يتعلق بحصته وبصفته مستأجراً فيما يتعلق بالباقي. ويكفي في صحة هذا الإيجار ونفاذه أن يكون للفريقين المؤجر والمستأجر أغلبية حصص العين الشائعة. (المصدر: "الوافي في شرح القانون المدني" – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الثالث: "في العقود المسماة" – المجلد الثاني: "عقد الإيجار" – الطبعة الرابعة 1993 القاهرة – بند 72/ب – صـ 125 وهامش 158 بذات الصفحة – وبند 73 صـ 136).

حكم التأجير من الباطن في عقود الإيجار الخاضعة لأحكام القانون المدني

حكم التأجير من الباطن في عقود الإيجار الخاضعة لأحكام القانون المدني

خضوع العقد للقانون المدني:

اعتباراً من 31 يناير 1996 تخضع عقود إيجار الأماكن الخالية - أو التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها - لأحكام القانون المدني وليس لأحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية طبقاً للقانون رقم 4 لسنة 1996.

العلاقة الايجارية الثابتة بموجب قائمة شروط دخول مزاد التأجير الموقع عليها من المستأجر، والمؤرخة في .......... ، وبالتالي تخضع لأحكام القانون المدني دون سواه، قد خلت من أي شرط يحظر على المستأجر تأجير العين المؤجرة له من الباطن.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "يجب على المتزايدين أن يوقعوا على قائمة شروط البيع بالمزاد قبل دخولهم فيه، وكان التقدم بالعطاء ليس إلا إيجاباً من صاحب هذا العطاء وفق شروط المزاد الذي قبل دخوله على أساسها، وكان الحكم المطعون فيه قد أنتهي في حدود سلطته التقديرية وبأسباب سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها إلى أن الطاعن تقدم بعطائه في المزاد وهو عالم وموافق على شروطه دون اعتراض منه عليها وأنه لا يقبل منه بعد ذلك القول بانعقاد العقد وفق شروط أخرى". (نقض مدني في الطعن رقم 1699 لسنة 48 قضائية – جلسة 9/11/1982 مجموعة المكتب الفني – السنة 33 – الجزء الثاني – صـ 883).

وهذا المعني ذات ثابت في حيثيات الحكم الاستئنافي رقم .......... إذ ورد فيه ما يلي: ..........

حكم التأجير من الباطن في القانون المدني:

تنص المادة 593 من القانون المدني على أن: "للمستأجر حق التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن، وذلك عن كل ما أستأجره أو بعضه، ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك".

ويخلص من النص المتقدم الذكر أن كل مستأجر له الحق في التنازل عن الإيجار للغير وفي الإيجار من الباطن، ما لم يوجد شرط في العقد يمنعه من ذلك. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء السادس – بند 454 – صـ 620).

هذا وقد جرى قضاء محكمة النقض على أنه: "جرى التقنين المدني على أن حق المستأجر المتولد من عقد الإيجار في الانتفاع بالشيء المؤجر، بوصفه من الحقوق المالية، يقبل التعامل فيه سواء بالنزول عن إلى الغير كلاً أو جزءاً، مدة الإيجار كلها أو بعضها، بمقابل أو بدونه، أو بتأجيره إلى الغير (من الباطن) لقاء أجرة على ذات النحو المتقدم، وذلك ما نصت عليه صراحة المادة 593 من القانون المدني بقولها "للمستأجر حق التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن، وذلك عن كل ما أستأجره أو بعضه، ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك، دلالة على أن المنع من هذه التصرفات هو استثناء من الأصل لا يقوم إلا بالاتفاق عليه بين المؤجر والمستأجر". (نقض مدني في الطعن رقم 225 لسنة 47 قضائية – جلسة 20/1/1979).

كما قضت محكمة النقض بأن: "التأجير من الباطن عقد يؤجر المستأجر بموجبه منفعة الشيء المؤجر المخولة له بوصفه مستأجراً إلى آخر مقابل أجرة يحصل عليها منه فإن الإيجار من الباطن يعتبر صورة من صور انتفاع المستأجر الأصلي بالشيء المؤجر". (نقض مدني في الطعن رقم 305 لسنة 49 قضائية – جلسة 1/12/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – الجزء 3 – صـ 132 – فقرة 2).

ولكن لا يتحتم أن يكون الشرط المانع مذكوراً صراحة في عقد الإيجار، بل يجوز استخلاصه ضمناً من الظروف الملابسة. وقد كان المشروع التمهيدي لنص المادة 593 من القانون المدني يتضمن عبارة في هذا المعنى تجري على الوجه الآتي: "وقد يستفاد هذا الاتفاق من الظروف"، فحذفت هذه العبارة في لجنة مجلس الشيوخ "اكتفاء بالقواعد العامة".(مجموعة الأعمال التحضيرية – الجزء الرابع – صـ 558 : 560).

فمثلاً: إذا أجر المؤجر العين لمستأجر لاعتبارات شخصية فيه، فلا يجوز للمستأجر هنا أن يؤجر من الباطن أو يتنازل عن الإيجار، حتى ولو لم يكن منصوصاً صراحة في عقد الإيجار على منعه من ذلك، لأن عقد إيجاره مبني على اعتبارات شخصية في المستأجر.

وكذلك في "المزارعة" لا يجوز للمستأجر التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن إلا برضاء المؤجر (المادة 625 مدني) لأن المزارعة قد نظر فيها إلى شخص المزارع. (وسيط السنهوري – المرجع السابق – بند 455 – صـ 621 وما بعدها).

علماً بأن هذا الاستثناء غير متحقق في حالتنا الماثلة لكون التأجير لم يراع فيه شخص المستأجر حيث تمت التأجير عن طريق المزاد العلني.

فروض في حالة وجود الشرط المانع في العقد:

وسواء كان الشرط المانع صريحاً أو ضمنياً (مستفاد من الظروف الملابسة)، فالقاعدة أن هذا المنع استثنائي فلا يجوز التوسع في تفسيره، ولا تقيد حرية المستأجر في التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن إلا بالقدر المنصوص عليه في العقد. ويترتب على ذلك ما يلي:

1- أنه يجوز للمستأجر – بالرغم من وجود الشرط المانع – أن يدخل معه شركاء في استغلال العين المؤجرة (تكوين شركة في العين المؤجرة) ما داموا غير مستأجرين من الباطن.

2- ولا يجوز للمؤجر أن يتعسف في التمسك بالشرط المانع، فإذا تعذر على المستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة بنفسه، واضطر إلى إيجارها من الباطن أو التنازل عن إيجارها للغير، فلا يجوز للمؤجر أن يتمسك بالشرط المانع إذا لم يكن له أية مصلحة في تنفيذه، وإلا كان هذا تعسفاً منه في استعماله حقه.

3- ويجوز للمؤجر أن يتنازل عن الشرط المانع، صراحة أو ضمناً، ويعد من قبيل التنازل الضمني عن التمسك بالشرط المانع: قيام المؤجر الأصلي بقبول الأجرة مباشرة من المستأجر من الباطن وبدون أي تحفظ، أو أن يقوم المؤجر الأصلي بمطالبة المستأجر من الباطن بالأجرة مباشرة (ولو من أجل استيفاء دين أجرة مستحقة على المستأجر الأصلي)، أو حتى سكوته مدة طويلة دون اعتراض مع علمه اليقيني بقيام المستأجر الأصلي بتأجير العين المؤجرة للغير من الباطن. فإذا ما حصل التنازل من المؤجر عن الشرط المانع، صراحة أو ضمناً، لم يعد له حق بعد ذلك في أن يطلب فسخ الإجارة لهذا السبب. (وسيط السنهوري – المرجع السابق – بند 456 – صـ 622 وما بعدها).

هذا، وقد قضت محكمة النقض بأنه: "المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد المادتين 596 و 597 من القانون المدني أنه في الإيجار من الباطن تبقى العلاقة بين المؤجر والمستأجر الأصلي خاضعة لأحكام عقد الإيجار الأصلي، فيطالب كل منهما الآخر بحقوقه بمقتضى هذا العقد، ويسرى على العلاقة بين المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن أحكام عقد الإيجار من الباطن ولا ينشئ هذا العقد الأخير علاقة مباشرة بين المستأجر من الباطن والمؤجر الأصلي إلا في شيء واحد هو الأجرة، فيكون المستأجر من الباطن ملزماً بأن يؤدى للمؤجر مباشرة ما يكون ثابتاً في ذمته للمستأجر الأصلي من الأجرة وقت إنذار المؤجر له عن المدة التي تلحق الإنذار على نحو ما فصلته المادة 597 من ذلك القانون، ولا ينشئ عقد الإيجار من الباطن علاقة مباشرة بين المؤجر الأصلي وبين المستأجر من الباطن إلا إذا قبل المؤجر الأصلي الإيجار من الباطن دون تحفظ أيضاً". (نقض مدني في الطعن رقم 851 لسنة 43 قضائية – جلسة 15/6/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 28 – الجزء 1 – صـ 1446 – فقرة 2).

كما قضت محكمة النقض بأن: "قبض المالك للأجرة من المستأجر من الباطن لا يعد بمثابة إقرار منه يقوم مقام الإذن الكتابي الصريح إلا إذا كان مباشراً وغير مقترن بأي تحفظ فإن لم يكن كذلك فإنه على العكس يتضمن جحداً لعقد الإيجار من الباطن". (نقض مدني في الطعن رقم 108 لسنة 52 قضائية – جلسة 28/4/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – الجزء 1 – صـ 1073 – فقرة 6).

علماً بأن الهيئة قد قامت بمطالبة المستأجرين من الباطن بأجرة العين المؤجرة، وطلبت منهم التعامل معها وحدها من دون المستأجر الأصلي، وحصلت الأجرة بالفعل من بعض المستأجرين من الباطن. وهذا المسلك من جانبها قد يفسر على أنه قبول ضمني منها بالتأجير من الباطن كما قد يعد بمثابة تنازل عن التمسك بالشرط المانع، في حالة وجود هذا الشرط أصلاً.

حالات فسخ أو إنهاء العقد:

وهدياً بما تقدم، سيكون من الصعوبة بمكان توجيه دعوى فرعية بفسخ عقد الإيجار استناداً إلى قيام المستأجر بتأجير العين المؤجرة للغير من الباطن، وفي حالة توجيه مثل هذه الدعوى فلن تكون محتملة الكسب.

ولكن إذا كانت الهيئة ترغب في فسخ العلاقة التعاقدية مع المستأجر، وفي حالة ما إذا كان المستأجر قد تأخر عن سداد أجرة العين المؤجرة، فيمكن للهيئة في هذه الحالة إنذاره بالسداد وفي حالة عدم السداد تعرض الأمر على لجان التوفيق في المنازعات طبقاً للقانون رقم 7 لسنة 2000، ومن ثم تقيم دعوى ضد المستأجر الأصلي في مواجهة المستأجر من الباطن بطلب فسخ عقد الإيجار الأصلي لعدم سداد الأجرة طبقاً للمبادئ العامة في القانون المدني.

وإذا رغبت الهيئة في إنهاء العقد، وفي حالة ما إذا كان العقد أو قائمة شروط دخول المزاد قد حددا مدة العقد، فينتهي العقد بانتهاء مدته دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار طبقاً لنص المادة 598 من القانون المدني.

أما إذا كان العقد، أو قائمة شروط دخول مزاد التأجير، لم يحدد مدة معينة لعقد الإيجار، فتعتبر مدة العقد هي المدة المحددة لدفع الأجرة، فيحق للمؤجر إنذار المستأجر بانتهاء العقد مع مراعاة المواعيد المنصوص عليها في المادة 563 من القانون المدني، ثم تعرض الأمر على لجان التوفيق ثم تقيد الدعوى بالمحكمة المختصة.

ويفضل في حالة إقامة الدعوى – خصوصاً دعوى الإنهاء – أن تقام مستقلة (ولها ملف تحت الرفع بالفعل)، وليس توجيه دعوى فرعية في الدعوى الأصلية المقامة من المستأجر الأصلي ضد المستأجر من الباطن لعدم سداده الأجرة، لوجود شبهة عدم الارتباط بينهما.

مع ملاحظة أن إقامة الدعوى ستكون ضد المستأجر الأصلي وفي مواجهة المستأجر من الباطن، فالخصومة ستكون ضد الاثنين وليست لصالح أحدهما ضد الآخر. حيث أنه من المُقرر قانوناً أنه بانقضاء عقد الإيجار الأصلي ينقضي بقوة القانون عقد الإيجار من الباطن، وفي حالة صدور حكم للصالح وتنفيذه فالهيئة وشأنها في إعادة تأجير من جديد طبقاً للقواعد المتبعة في هيئة الأوقاف.

فمن المقرر في قضاء النقض أن: "عقد الإيجار من الباطن يرد على حق المستأجر الأصلي في الانتفاع بالعين المؤجرة، مما مفاده انقضاء هذا العقد حتما بانقضاء عقد الإيجار الأصلي ولو كان قائماً بحسب الشروط التي اشتمل عليها، لا يغير من ذلك علم المستأجر من الباطن أو عدم علمه بسبب انقضاء عقد الإيجار الأصلي". (نقض مدني في الطعن رقم 538 لسنة 47 قضائية – جلسة 30/11/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – الجزء 2 – صـ 2179 – فقرة 3).

ويجب ألا يتوقع المستأجر من الباطن أي مساندة له من هيئة الأوقاف المؤجرة الأصلية، وليس له أن يطالب الهيئة بالتعاقد معه مباشرة وتجاهل المستأجر الأصلي، حيث أن عقد المستأجر الأصلي ما زال سارياً لم ينته ولم يفسخ بعد، ولا يجدي المستأجر من الباطن التذرع بأن المستأجر الأصلي محظور عليه التأجير من الباطن، حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذ كان الإيجار من الباطن هو إيجار جديد يعقد بين المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن، ويرد على حق الأول في الانتفاع بالعين، وهو الذي يحكم العلاقة بين طرفيه حتى ولو تم هذا العقد خلافاً لنص مانع متفق عليه في الإجارة الأصلية المبرمة بين المؤجر والمستأجر الأصلي وحتى و لو كانت شروطه مغايرة لشروطها، ويتعين على المستأجر من الباطن تبعاً لذلك أن يوفي بالتزاماته قبل المستأجر الأصلي ما دام هذا الأخير من جانبه قد نفذ التزاماته، ولا يحق للأول أن يتمسك قبله بأنه ممنوع من التأجير من الباطن، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يدع أن المطعون عليه قد أخل بالتزاماته تجاهه ومنها تمكينه من الانتفاع بالمكان المؤجر، فيكون غير منتج إدعاء الطاعن أن عقد الإيجار الأصلي يتضمن منعاً من التأجير من الباطن بفرض صحة هذا الإدعاء، ولا يسوغ له التحلل من التزاماته الناشئة عن الاتفاق المبرم بينه وبين المطعون عليه". (نقض مدني في الطعن رقم 851 لسنة 43 قضائية – جلسة 15/6/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 28 – الجزء الأول – صـ 1446 – فقرة 1).

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

ashraf.rashwan@gmail.com