الجمعة، 23 أكتوبر 2009

مذكرة في التسليم الحكمي والتفاسخ الضمني وغيرها من الدفوع والدفاع

محكمة شمال الجيزة الابتدائية

الدائرة ( 35 ) مدني

مذكرة ختامية

بدفاع/ هيئة الأوقاف المصرية (مدعية ومدعى عليها)

ضد

السيد/ محمد حسان مغربي (مدعى عليه ومدع)

في الدعويين رقمي 1238 لسنة 2001 و 126 لسنة 2002 مدني كلي شمال الجيزة، والمحدد لنظرهما جلسة يوم الأربعاء الموافق 28/11/2007م للمرافعة.

أولاً- الوقائع

أولاً- في الدعوى رقم 126 لسنة 2002 مدني كلي شمال الجيزة:

تخلص وقائع الدعوى المذكورة الماثلة في أن المدعي فيها قد أقامها بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة طلب في ختامها الحكم له بإلزام الهيئة المدعى عليها بتسليمه عين التداعي المُبينة بصدر صحيفة الدعوى وعقد الاستبدال خالية من الأشخاص والأشياء، مع أحقية المدعي في حبس باقي الثمن وعدم سداد الأقساط اعتباراً من عام 1999 حتى تمام تنفيذ تسليم عين التداعي إليه، مع إلزام الهيئة المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة.

وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه أشترى (هو وآخرين شركاء له) عين التداعي المبينة بصدر صحيفة الدعوى بطريق المزاد العلني في تاريخ 9/6/1997، ودفعوا قيمة 20% من إجمالي ثمن الصفقة على أن يسدد باقي الثمن مقسطاً علي خمسة أقساط سنوية بريع 9% ويستحق القسط الأول في 19/6/1998، وإذ زعم المدعي أن هيئة الأوقاف المصرية (البائعة) المدعى عليها لم تقم بالوفاء بالتزامها بتسليمه العين المبيعة كاملة مما حدا به إلى إقامة دعواه الماثلة بغية الحكم له بطلباته سالفة الذكر.

وتداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، ومن ثم قام المدعي بتعديل طلباتها الختامية فيها، بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة، وأعلنت قانوناً للمدعى عليه بصفته، طلب في ختامها الحكم له بطلباته الختامية المُعدلة وهي:

أولاً- إلزام الهيئة المدعى عليها برد مبلغ أصل رأس المال المسلم والمدفوع لها من المدعي وقدره 41000000جم (واحد وأربعون مليون جنيه) والذي يمثل 20% (عشرون بالمائة) كمعجل الثمن عن كامل أرض وبناء العقار المحرر عنه عقد الاستبدال (البيع) المؤرخ في 29/12/1998، ويمثل أيضاً نسبة الـ 9.5% من إجمالي الثمن على النحو الوارد بعقد الاستبدال المذكور، ويمثل كذلك قيمة القسط الأول المدفوع من المدعي.

ثانياً- إلزام الهيئة المدعى عليها بأداء مبلغ وقدره 28700000جم (ثمانية وعشرون مليوناً وسبعمائة ألف جنيه) للمدعي كمجموع الفوائد التأخيرية والتعويضية عن مبلغ أصل رأس المال وقدره 41000000جم (واحد وأربعون مليون جنيه)، بخلاف ما يستجد من فوائد تأخيرية وتعويضية حتى تاريخ الحكم في الدعوى.

ثالثاً- إلزام الهيئة المدعى عليها بأداء تعويض تكميلي عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابت المدعي – إعمالاً للمادة 231 مدني – والذي قدره المدعي بمبلغ 50000000جم (خمسون مليون جنيه) عن الأضرار المادية، وكذلك إلزام الهيئة المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي 20300000جم (عشرون مليون وثلاثمائة ألف جنيه) عن الأضرار الأدبية. مع إلزام الهيئة المدعى عليها بالمصاريف والأتعاب.

ثانياً- في الدعوى رقم 1238 لسنة 2001 مدني كلي شمال الجيزة:

تخلص وقائع هذه الدعوى في أن الهيئة المدعية قد عقدت الخصومة فيها بموجب صحيفة موقعة من محام، أودعت قلم كتاب المحكمة، وأعلنت قانوناً للمدعى عليهم، طلبت في ختامها الحكم لها: "بفسخ عقد الاستبدال (البيع) المؤرخ 29/12/1998 المتضمن بيع العقار البالغ مساحته 4581م2 (أربعة آلاف وخمسمائة وواحد وثمانون متراً مربعاً) والكائن بميدان 26 يوليو (ميدان سفنكس) بالمهندسين – محافظة الجيزة، والمملوك لجهة الوقف الخيري، مع التسليم، واعتبار جميع المبالغ السابق سدادها من المدعى عليهم حقاً خالصاً لهيئة الأوقاف المصرية.

وقالت الهيئة شرحاً لدعواها أنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 29/12/1998 اشترى المدعى عليهم من الهيئة المدعية ما هو عقار التداعي المقام على جزء منه مبنى سينما سفنكس والجزء الباقي أرض فضاء مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وعقد البيع (الاستبدال) بسعر المتر المربع الواحد 22000جم (اثنان وعشرون ألف جنيه) أي بثمن إجمالي قدره 100782000جم (مائة مليون وسبعمائة واثنان وثمانون ألف جنيه)، وقام المشترون (المدعى عليهم) بسداد مقدم الثمن ويمثل 20% من الثمن الإجمالي والباقي يقسط على خمسة أقساط سنوية متساوية بريع 9% سنوياً، وإذ قام المدعى عليهم بسداد القسط الأول وقدره 12000000جم (اثنا عشر مليون جنيه)، إلا أنهم تقاعسوا عن سداد باقي الأقساط في مواعيد استحقاقها.

وحيث نص البند الخامس من عقد بيع عقار التداعي على أنه في حالة تأخر المدعى عليهم عن سداد أي قسط من الأقساط في ميعاد استحقاقه فيكون لهيئة الأوقاف الخيار إما في ... وإما في اعتبار عقد الاستبدال مفسوخاً من تلقاء نفسه بدون تنبيه أو إنذار أو إعذار أو حكم من القضاء وتعتبر جميع المبالغ السابق سدادها حقاً خالصاً لهيئة الأوقاف المصرية ويلتزم المدعى عليهم برد وتسليم عقار التداعي إلى الهيئة، وإلا يُعتبر وضع يدهم عليها وضع يد غاصب.

وبناء عليه، تم إنذار المدعى عليهم بضرورة سداد الأقساط المتأخرة عليهم وإلا اعتبر عقد البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه بدون تنبيه أو إنذار أو إعذار أو حكم من القضاء وتعتبر جميع المبالغ السابق سدادها حقاً خالصاً للهيئة مع التزامهم برد وتسليم العقار المبيع إلى الهيئة. إلا أنهم لم يحركوا ساكناً مما حدا بالهيئة المدعية إلى إقامة دعواها المذكورة بغية القضاء لها بطلباتها سالفة الذكر.

وإذ تم ضم الدعويين سالفتي الذكر لنظرهما معاً للارتباط وليصدر فيهما حكماً واحداً.

ثانياً- الدفاع

أولاً- في الدعوى رقم 126 لسنة 2002 مدني كلي شمال الجيزة:

في مستهل دفاعنا نتمسك بجميع أوجه الدفاع والدفوع المبداه منا بصحيفة افتتاح دعوانا المذكورة ومذكرات دفاعنا في كلا الدعويين وحوافظ مستنداتنا المقدمة لعدالة المحكمة ولمصلحة الخبراء في كلا الدعويين، ونعتبرهم جزء لا يتجزأ من دفاعنا الراهن، ونضيف إلى ما سبق ما يلي:

أولاً- ندفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون:

تنص المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المُنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها على أن: "تُنشأ في كل وزارة ومُحافظة وهيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة".

كما تنص المادة 11 من ذات القانون على أنه: "عدا المسائل التي يختص بها القضاء المُستعجل ومُنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض والطلبات الخاصة بأوامر الأداء وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المُقترنة بطلبات وقف التنفيذ لا تُقبل الدعوى التي تُرفع إبتداءاً إلى المحاكم بشأن المُنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول وفقاً لحكم المادة السابقة".

كما تنص المادة 14 من ذات القانون على أن: "يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويُعمل به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000".

وكذلك تنص المادة الثانية من قرار وزير العدل رقم 4213 لسنة 2000 بتنظيم العمل في لجان التوفيق في المُنازعات وأماناتها الفنية على أن: "تختص اللجان المُشار إليها بالمادة السابقة بالتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الجهة المُنشأة فيها اللجنة وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة وذلك فيما عدا المُنازعات الآتية:

1- المُنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتها طرفاً فيها.

2- المُنازعات المُتعلقة بالحقوق العينية العقارية.

3- المُنازعات التي يُوجب القانون فضها أو تسويتها أو نظر التظلُمات المُتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية.

4- المُنازعات التي يتفق الأطراف على فضها عن طريق هيئات التحكيم.

5- المُنازعات التي تُقرر لها القوانين أنظمة خاصة بها تنفرد بالاختصاص بنظرها".

وحيث أن مفاد ما تقدم، أن المُشرع رغبةً منه في تيسير إجراءات التقاضي وعدم إطالة أمد التقاضي في المحاكم قد قام بإنشاء لجان في كل وزارة أو مُحافظة أو هيئة عامة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لتختص بالتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الجهة المُنشأ فيها اللجنة وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة، وأوجب المشرع بالنسبة للمُنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون عدم رفع الدعوى إبتداءاً إلى المحاكم إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول، ورتب المشرع على رفع الدعوى إبتداءاً إلى المحاكم دون اتخاذ الإجراءات سالفة الذكر، عدم قبول الدعوى.

لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الدعوى الماثلة (وكذلك الدعوى الفرعية المقامة في الدعوى رقم 1238 لسنة 2001 المنضمة) هما من الدعاوى التي تخضع لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 حيث أنها رُفِعَت في تاريخ لاحق لتاريخ العمل بالقانون سالف الذكر والساري اعتباراً من 1/10/2000، كما أن الدعوى الماثلة ليست من المُنازعات المُستثناة من الخضوع لأحكامه، كما أن الثابت أن الدعوى الماثلة قد رُفِعَت إبتداءاً أمام عدالة المحكمة دون إتباع الإجراءات المُحددة في المادة 11 من القانون رقم 7 لسنة 2000 وهي تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول، فمن ثم باتت هذه الدعوى غير مقبولة.

ومن جماع ما تقدم، يتضح لعدالة المحكمة أن الدفع بعدم قبول الدعوى الماثلة (وكذلك الدعوى الفرعية المقامة في الدعوى رقم 1238 لسنة 2001 المنضمة) لرفعهما بغير الطريق الذي رسمه القانون في المادة 11 من القانون رقم 7 لسنة 2000 قد صادف حقيقة الواقع وصحيح القانون جديراً بالقبول والقضاء به.

علماً بأن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون مُتعلق بالنظام العام، ذلك أن هذا الدفع يتعلق بإجراءات التقاضي وهي من النظام العام، ويترتب على ذلك أنه إذا ما رُفِعَت الدعوى إبتداءً أمام المحكمة المُختصة وكانت من المُنازعات الخاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 أو رُفِعَت دون مُراعاة المواعيد والإجراءات المنصوص عليها بالمادتين العاشرة والحادية عشرة كان على المحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع أو طلب من الخصوم. كما يجوز للخصوم ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بالدفع، كما يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، كما أنه لا يجوز الاتفاق بين الخصوم على رفع المُنازعة الخاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 أمام المحكمة المُختصة مُباشرة دون اللجوء إلى لجان التوفيق وكل اتفاق من هذا القبيل يُعد باطلاً لمُخالفته لقواعد القانون الآمرة التي لا يجوز الاتفاق على مًُخالفتها. (المرجع: "قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة" – للمُستشار/ عبد الرحيم على محمد – الطبعة الأولى عام 2000 القاهرة - بند 330 – صـ 240 : 241).

ومما هو جدير بالذكر أن محكمة النقض قضت في الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 79 لسنة 1975 الخاص بالتأمين الاجتماعي بأن: "الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم مُراعاة الإجراءات والمواعيد المنصوص عليها في قانون التأمين الاجتماعي يُعد مطروحاً على محكمة الموضوع ولو لم يُدفع به أمامها، وعلة ذلك هي تعلقه بالنظام العام فلا يسقط الحق في التمسك به ويتعين على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها". (نقض مدني في الطعن رقم 5024 لسنة 61 قضائية – جلسة 1/3/1998. والطعن رقم 2247 لسنة 51 قضائية – جلسة 3/3/1985. ومُشار إليهما في مرجع: "قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة" – المرجع السابق – نفس الموضع).

ضرورة التقيد أمام المحكمة بذات الطلبات المعروضة على لجان التوفيق:

هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإنه بعد تعديل الطلبات في الدعوى الماثلة من طلب التسليم إلى طلب رد الثمن مع التعويض، (والعبرة دائماً هي بالطلبات الختامية)، وهذه الطلبات الختامية لم يسبق لها بأي حال من الأحوال العرض على لجان التوفيق، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.

حيث أنه من المُقرر أنه إذا تقدم صاحب الشأن إلى لجنة التوفيق بطلب يتعلق بموضوع مُعين ثم لجأ إلى المحكمة بعد ذلك – في الحالات المُقررة قانوناً – فعليه أن يُبقي على موضوع هذا الطلب أمام المحكمة وإن كان له أن يُغير في سببه أو أن يُضيف له أسباباً جديدة إلا أنه لا يجوز تغيير موضوع هذا الطلب لأنه في هذه الحالة يكون قد لجأ إلى المحكمة بموضوع لم يسبق عرضه على لجنة التوفيق في منازعة من المُنازعات الخاضعة لأحكام القانون، ويتعين على المحكمة في هذه الحالة أن تقضي بعدم قبول هذا الطلب الجديد لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون لعدم سابقة عرضه على لجنة التوفيق. (المرجع: "قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة" – للمُستشار/ عبد الرحيم علي محمد – الطبعة الأولى 2000 القاهرة – بند 323 – صـ 237).

ضرورة عرض الدعوى الفرعية على لجان التوفيق قبل قيدها بالمحكمة:

والأصل في المنازعات التي تكون الهيئات العامة طرفاً فيها، أن تعرض على لجان التوفيق قبل إقامة الدعوى أمام المحاكم، والاستثناءات الواردة على هذا الأصل واردة على سبيل الحصر في المادتين 4 و 11 من القانون المذكور، ولم يرد في تلك الاستثناءات: "الدعاوى الفرعية" – وعليه يجب قبل إقامة الدعوى الفرعية ضد الهيئات العامة أن يسبقها عرض موضوعها على لجان التوفيق المختصة وذلك سواء أكانت الدعوى الأصلية قد سبق عرضها على تلك اللجان أم لا.

وذلك لكون الدعاوى الفرعية غير مستثناة من وجوب العرض على تلك اللجان، فضلاً عن أن عبارة النص جاءت عامة مطلقة بنصها على أنه: "لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداءً إلى المحكمة" فذكرت لفظ "الدعوى" الذي جاء مطلق، أما ذكر لفظ "ابتداءً" فيقصد منه (على ما يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون) الخصومة عند عرضها على محكمة أول درجة وليس خصومة الطعن. أما لفظ "الدعوى" فقد جاء عاماً مطلقاً، فيكون قصر معناه على "الدعوى الأصلية" فقط، تخصيصاً لعموم النص بغير مخصص وهو ما لا يصح قانوناً حيث أنه من القواعد الكلية والأصول المرعية في القانون وقضاء محكمة النقض أنه: "متى كان النص عاماً مطلقاً فلا محل لتخصيصه أو تقييده استهداء بقصد المشرع منه، لما في ذلك من استحداث لحكم مغاير لم يأت به النص عن طريق التأويل، ولما ينطوي عليه ذلك من تقييد لمطلق النص وتخصيص لعمومه بغير مخصص وهو ما لا يجوز". (الطعون أرقام 1697 و 1723 و 1760 و 1762 و 1775 لسنة 55 قضائية – جلسة 23/2/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – الجزء الأول – من يناير إلى مارس 1989 – القاعدة رقم 106 – صـ 593 : 612).

فمن المُقرر قانوناً أنه: "لا يجوز للمُدعي – بعد رفع دعواه أمام المحكمة بذات الطلب الذي كان معروضاً على اللجنة – أن يُضيف طلباً جديداً، ولا يجوز أن يوجه المُدعى عليه طلباً عارضاً (دعوى فرعية) ولم يكن هذا الطلب أو ذاك معروضاً على لجنة التوفيق في المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون (رقم 7 لسنة 2000)، إذ أننا في هذا الفرض نكون بصدد طلب لم يسبق عرضه على لجنة التوفيق وبالتالي يكون هذا الطلب مرفوع بغير الطريق الذي رسمه القانون وعلى المحكمة أن تقضي بعدم القبول من تلقاء نفسها لأن ذلك من إجراءات التقاضي المُتعلقة بالنظام العام. (المرجع: "قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة" – للمُستشار/ عبد الرحيم على محمد – الطبعة الأولى عام 2000 القاهرة - بند 326 – صـ 237 ، 238).

ومن جماع ما تقدم، يتضح لعدالة المحكمة أن الدفع بعدم قبول الدعوى رقم 126 لسنة 2002 والدعوى الفرعية المقامة في الدعوى رقم 1238 لسنة 2001 المنضمة لرفعهما بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 قد صادف حقيقة الواقع وصحيح القانون جديراً بالقبول والقضاء به، وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية المدعى عليها على سبيل الجزم واليقين.

ثانياً- ندفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة:

تنص المادة 3 مُرافعات على أنه: "لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استناداً لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومُباشرة وقائمة يُقرها القانون".

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "الصفة في الدعوى – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – شرط لازم وضروري لقبولها والاستمرار في موضوعها، فإذا انعدمت فإنها تكون غير مقبولة ويمتنع على المحاكم الاستمرار في نظرها والتصدي لها وفحص موضوعها وإصدار حكم فيها بالقبول أو الرفض، بما لازمة أن تُرفع الدعوى ممن وعلى من له صفة فيها". (نقض مدني في الطعن رقم 6832 لسنة 63 قضائية – جلسة 8/3/1995. المرجع: "الموسوعة القضائية في المُرافعات المدنية والتجارية في ضوء الفقه والقضاء" - للمُستشار/ مجدي مُصطفى هرجه – صـ 1268).

لما كان ذلك، وكان من المُقرر قانوناً (فقهاً وقضاءاً) أن استخلاص الصفة في الدعوى هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: "استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها، وهو ما يستقل به قاضي الموضوع، وبحسبه أن يبين الحقيقة التي أقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله". (نقض مدني في الطعن رقم 1069 لسنة 56 قضائية – جلسة 25/6/1987).

كما قضي بأن: "شرط قبول الدعوى أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع الدعوى حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلباته، فتكون له مصلحة شخصية ومباشرة مما وصفته المادة الثالثة من قانون المرافعات بأنه المصلحة القائمة التي يقرها القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 921 لسنة 51 قضائية – جلسة 22/1/1985).

وكذلك تواترت أحكام محكمة النقض على أن: "المصلحة في الدعوى تعني أن يكون رافع الدعوى هو صاحب الحق أو المركز القانوني محل النزاع أو نائبه، وكذلك المدعى عليه بأن يكون هو صاحب المركز القانوني المعتدي على الحق المدعى به، فيجب أن ترفع الدعوى من ذي صفة على ذي صفة، ويحدد الصفة في الدعوى القانون الموضوعي الذي يحكم الحق أو المركز القانوني موضوع الدعوى، إذ يجب التطابق بين صاحب الحق ورافع الدعوى كما يجب التطابق بين المعتدي على الحق وبين المدعى عليه. ولا تتوافر الصفة في حالة التعدد الإجباري إلا بإختصام جميع أفراد الطرف المتعدد سواء في جانب الطرف المدعي فيكون التعدد إيجابياً أو في جانب الطرف المدعى عليه فيكون التعدد سلبياً، وفي هذه الحالة تكون الصفة في الدعوى سواء إيجابية أو سلبية لعدة أشخاص معاً وليست لشخص واحد، فإذا رفعت الدعوى دون اختصام من يجب اختصامه كانت غير مقبولة لرفعها من أو على غير ذي كامل صفة". (نقض مدني في الطعن رقم 176 لسنة 38 قضائية – جلسة 29/11/1973 مجموعة المكتب الفني – السنة 24 – العدد الثالث "من أكتوبر إلى نوفمبر سنة 1973" – الحكم رقم 206 – صـ 1189 : 1193).

لما كان ما تقدم، وكان المدعي في الدعوى الماثلة – وبإقراره أكثر من مرة في صحيفة دعواه الماثلة – ليس هو المشتري الوحيد لعين التداعي بل معها شركاء آخرين، ولكنه أقام الدعوى الماثلة بمفرده طالباً تسليم عين التداعي له هو وحده، ثم عدل طلباته إلى إلزام الهيئة برد ثمن الصفقة بالكامل له وحده (مع عدم اختصامه لباقي الشركاء له)، ومن ثم – وبتطبيق القواعد القانونية المتقدم ذكرها – تكون الدعوى الماثلة غير مقبولة لرفعها من غير ذي كامل صفة، وهو ما تتمسك هيئة الأوقاف المصرية بالدفع به على سبيل الجزم واليقين.

لما كان ما تقدم، وكانت المادة 115/1 مُرافعات تنص على أن: "الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى". ولابد من إثبات الصفة في الحكم وإلا كان مشوباً بعيب جوهري موجب لبطلانه (المادتان 3 ، 178 مرافعات).

وكان من المقرر في قضاء النقض أن: "المادة 115/1 مرافعات تنص على أن الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى، والمقصود بهذا الدفع هو الدفع بعدم القبول الموضوعي فلا ينطبق حكم هذه المادة على الدفع [الشكلي] الذي يتخذ اسم عدم القبول [أي الدفع بعدم القبول الإجرائي] لأن العبرة هي بحقيقة الدفع ومرماه وليس التسمية التي تطلق عليه". (نقض مدني في الطعن رقم 1863 لسنة 50 قضائية - جلسة 15/5/1984. المرجع: "التعليق على قانون المرافعات" - للمستشار/ عز الدين الدناصوري - الطبعة الثامنة 1996 القاهرة - التعليق على المادة 115 مرافعات – صـ 650 وما بعدها).

حيث أن الدفع بعدم القبول الموضوعي يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى لكفالة حق الدفاع وتمكيناً للخصوم من إثارة كل ما يتعلق بوجود الحق في الدعوى في أية حالة كانت عليها الخصومة، ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. وهذا الدفع يتعلق بالنظام العام وعلى القاضي أثارته من تلقاء نفسه مادامت أوراق القضية تدل عليه. (المرجع: "الوسيط في شرح قانون القضاء المدني" - للدكتور فتحي والى - الطبعة الثالثة 1981 القاهرة - بند 282 – صـ 559 وما بعدها).

ثالثاً- نجحد كافة الصور الضوئية المُقدمة من المدعي في الدعوى الماثلة:

قدم المدعي صوراً ضوئية لمستنداته بحوافظ مستنداته المُقدمة في الدعوى الماثلة (أمام عدالة المحكمة وفي الخبراء)، وهيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها) تتمسك بجحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المدعي في الدعوى الماثلة.

ولما كان من المقرر في قضاء النقض أنه: "لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع". (الطعن رقم 407 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/12/1982. والطعنان رقما 598 و 55 لسنة 50 قضائية - جلسة 28/2/1984. والطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية - جلسة 24/1/1978 السنة 29 صـ 279).

وهدياً بما تقدم، ولما كان المُدعي قد جاءت مُستندات دعواه الماثلة خالية من أصولها وكانت هيئة الأوقاف المصرية (المُدعى عليها) قد جحدت تلك الصور الضوئية المُقدمة منها، الأمر الذي يُفقدها حُجيتها في الإثبات بما يكون معه المُدعي قد أخفق في إثبات دعواه في هذه الحالة. مما يتعين معه الالتفات عن تلك المُستندات المجحود صورها الضوئية والقضاء في الدعوى الماثلة برفضها لعجز المُدعي عن إثبات دعواه، أو بالأقل رفض الدعوى بحالتها. علماً بأن عدالة المحكمة غير مُلزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع.

رابعاً- نطلب رفض الدعوى:

تنص المادة 435/1 مدني على أن: "يكون التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المُشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يستول عليه استيلاءً مادياً ما دام البائع قد أعلمه بذلك".

وتنص المادة 449/1 مدني على أنه: "إذا تسلم المُشتري المبيع، وجب عليه التحقق من حالته بمُجرد أن يتمكن من ذلك، وفقاً للمألوف في التعامُل، فإذا كشف عيباً يضمنه البائع وجب عليه أن يُخطره به خلال مُدة معقولة، فإن لم يفعل اعتُبِرَ قابلاً للمبيع بما فيه من عيب".

وتنص المادة 452/1 مدني على أنه: "تسقُط بالتقادم دعوى الضمان إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع ولو لم يكشف المُشتري العيب إلا بعد ذلك".

فالقانون قد عرف التسليم بأنه وضع المبيع تحت تصرف المُشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يستول هذا عليه استيلاءً مادياً. وظاهر أن هذا التعريف للتسليم بمعناه القانوني، وأن هذا التسليم لا يحتاج إلى التسليم الفعلي أي إلى استيلاء المُشتري استيلاءً مادياً على المبيع. فبمُجرد وضع البائع المال المبيع تحت تصرف المُشتري وإعلامه بذلك يُعتبر أنه قد وفى بالتزامه بتسليم المبيع ولا يجوز للمُشتري أن يُطالبه بتنفيذ هذا الالتزام استناداً إلى أنه هو لم يتسلم المبيع، ولا أن يرتب على ذلك اعتبار البائع مُخلاً بالتزامه إخلالاً يبرر طلب فسخ العقد أو الدفع بعدم التنفيذ. وإذا لم يكن للتسليم أجل كان مُستحقاً فور العقد واعتبر المُشتري بموجب هذا الاتفاق مُعذوراً لتسلم المبيع من وقت العقد، أي أنه في هذه الحالة يُعتبر التزام البائع بالتسليم قد تم تنفيذه بمُجرد نشوئه أي بمُجرد انعقاد العقد. (المرجع: "الوافي في شرح القانون المدني" للدكتور/ سليمان مُرقس الجزء الثالث "في العقود المُسماة" المُجلد الأول "عقد البيع" الطبعة الخامسة 1990 القاهرة بند 185 صـ 481 : 485).

ويجب على المُشتري متى تسلم المبيع (قانوناً أو حُكماً) أن يُبادر إلى التحقق من حالته بمُجرد أن يتمكن من ذلك وفقاً للمألوف في التعامُل، فإن ظهر له عيب موجب للضمان، أي عيب قديم ومؤثر، وجب أن يُبادر إلى إخطار البائع به خلال مُدة معقولة. ويُقدر القاضي ما إذا كان المُشتري قد بادر إلى فحص المبيع لكشف عيبه بمُجرد تمكُنه من ذلك وفقاً للمألوف في التعامل أو أنه أبطأ وتهاون في ذلك، وما إذا كان الإخطار بالعيب قد تم خلال مُدة معقولة أو تم بعد فوات المُدة المعقولة. فإن أهمل المُشتري في فحص الشيء أو في الإخطار بالعيب بعد كشفه، عُدَ قابلاً المبيع بحاله وسقط حقه في الرجوع على البائع بالضمان ولو لم تنقض المُدة اللازمة لتقادم دعوى الضمان وهي سنة من تاريخ التسليم. (المرجع السابق نفس الموضع بند 221 صـ 570 : 572).

ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "يُشترط في وضع المبيع تحت تصرف المُشتري ليتحقق به التسليم المنصوص عليه في المادة 435 من القانون المدني أن يكون بحيث يتمكن المُشتري من حيازة المبيع والانتفاع به. التسليم المعنوي أو الحُكمي يقوم مقام التسليم الفعلي". (نقض مدني في الطعن رقم 632 لسنة 51 قضائية جلسة 21/2/1985).

ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك، أن: "مؤدى نص المادة 435 من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تسليم المبيع بوضعه تحت تصرف المُشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به بغير حائل مع إعلام المُشتري أن المبيع قد وُضِعَ تحت تصرفه، ولم يشترط المُشرع التسليم الفعلي، بل افترض تمام التسليم متى توافر عنصراه ولو لم يستول المُشتري على المبيع استيلاءً مادياً، فإذا تم التسليم على هذا الوجه انقضى التزام البائع به وبرِئت ذمته منه". (نقض مدني في الطعن رقم 1425 لسنة 56 قضائية جلسة 29/11/1988. والطعن رقم 3539 لسنة 58 قضائية جلسة 19/6/1990).

ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك، أن: "مفاد نص المادة 435 من القانون المدني أن تسليم المبيع يتم بوضعه تحت تصرف المُشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به بغير حائل مع إعلام المُشتري أن البيع قد وُضِعَ تحت تصرفه ولم يشترط المُشرع التسليم الفعلي بل افترض تمام التسليم متى توافر عُنصراه، ولو لم يستول المُشتري على المبيع استيلاء مادياً. فيكفي لتمام التسليم مُجرد تغيير النية سواء باتفاق أو بتصرف قانوني مُجرد كأن يظل البائع حائزاً المبيع باعتباره مُستأجراً ويُعتبر التسليم في هذه الحالة حُكمياً أو معنوياً". (نقض مدني في الطعن رقم 1747 لسنة 58 قضائية جلسة 20/1/1991).

ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك، أن: "تختص محكمة الموضوع بتقدير ما إذا كان المُشتري قد بادر إلى فحص المبيع لكشف عيبه بمُجرد تمكُنه من ذلك وفقاً للمألوف في التعامل أو أنه أبطأ وتهاون في ذلك، وما إذا كان الإخطار بالعيب قد تم خلال مُدة معقولة أو تم بعد فوات المُدة المعقولة". (الطعنان رقما 1869 ، 1870 لسنة 55 قضائية جلسة 15/6/1988).

ومن المُقرر في قضاء النقض أيضاً، أن: "مفاد نص المادة 452 من القانون المدني أن الالتزام بضمان العيوب الخفية يسقط بمُضي سنة من وقت تسلم المُشتري للمبيع، غير أنه إذا تعمد البائع إخفاء العيب عن غش منه فلا تسقُط دعوى الضمان في هذه الحالة إلا بمُضي خمس عشرة سنة من وقت البيع". (نقض مدني في الطعن رقم 608 لسنة 40 قضائية جلسة 28/10/1975 مجموعة المكتب الفني - السنة 26 - صـ 1345).

وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية المُتقدم ذكرها على وقائع الدعوى الماثلة تتضح بجلاء النِقاط التالية:

أ‌- أن جلسة المُمارسة لاستبدال (بيع) عين التداعي، عُقِدت في تاريخ 9/6/1997

ب‌- أنه تم اعتماد المُمارسة لاستبدال (بيع) عين التداعي من مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية، في تاريخ 19/6/1997.

ت‌- أنه في تاريخ 25/6/1997 تم عمل محضر تسليم سمي خطأً بأنه مؤقت، ولكنه تسليم فعلي على أية حال لكامل أرض النزاع – وأسموه مؤقت خطأ وهم يقصدون أن العبرة في المساحات المسلمة ستكون بما يسفر عنه كشف التحديد المساحي الذي سيصدر عن مصلحة الشهر العقاري، راجع الصفحة الثانية من محضر التسليم المذكور. ولا أدل على أن هذا التسليم تسليم نهائي من أن المدعي قد طالب القائمين على تشغيل السينما المقامة على الأرض المبيعة بسداد إيجارها له هو). وعلى أقل تقدير يُعتبر محضر التسليم هذا بمثابة إخطار وإعلام للمُشترين (ومنهم المُدعي) بأن الأرض المُستبدلة (المبيعة) تحت تصرفه.

ث‌- ولما لم يكن للتسليم أجل مُتفق عليه في عقد الاستبدال (البيع)، فإن التسليم يكون مُستحقاً فور اعتماد العقد، ويُعتبر المُشتري (المُدعي) بموجب هذا العقد مُعذوراً لتسلم المبيع من وقت اعتماده، أي أنه في هذه الحالة يُعتبر التزام البائع (الهيئة المُدعى عليها) بالتسليم قد تم تنفيذه بمُجرد نشوئه أي بمُجرد اعتماد العقد.

ج‌- ولما كان وجوباً على المُشتري (المُدعي) متى تسلم الأرض المُستبدلة (المبيعة، قانوناً أو حُكماً) أن يُبادر إلى التحقق من حالتها بمُجرد أن يتمكن من ذلك وفقاً للمألوف في التعامُل، فإن ظهر له عيب موجب للضمان، أي عيب قديم ومؤثر، وجب أن يُبادر إلى إخطار البائع (المُدعى عليه بصفته) به خلال مُدة معقولة. أما إذا أهمل وتباطأ وتهاون المُشتري (المُدعي) في فحص الأرض المبيعة أو في إخطار البائع (المُدعى عليه بصفته)، خلال المدة المعقولة، بالعيب بعد كشفه، عُدَ قابلاً للأرض المبيعة بحالتها وسقط حقه في الرجوع على البائع بالضمان ولو لم تنقض المُدة اللازمة لتقادم دعوى الضمان وهي سنة من تاريخ التسليم. هذا، فضلاً عن سقوط هذا الحق بالفعل بمرور مدة التقادم المذكورة. مع الأخذ في الاعتبار أن البيع تم في سبتمبر 1997 وأن الدعوى الماثلة لم ترفع إلا في أوائل عام 2002.

خامساً- نطلب رفض الدعوى:

تنص المادة 431 مدني على أن: "يلتزم البائع بتسليم المبيع للمُشتري بالحالة التي كان عليها وقت البيع".

وتنص المادة 1 من "قائمة شروط دخول المزاد"، التي وقع عليها المُدعي، وهي شريعة المُتعاقدين التي تنظم العلاقة التعاقدية بينه وبين الهيئة المُستبدلة (البائعة)، على أن: "أقر بأنني عاينت الأراضي والمحلات والعقارات المعروضة للبيع المعاينة التامة النافية للجهالة طبقاً لكراسة الشروط وأوافق على شرائها بحالتها وأوصافها الراهنة ويعتبر دخولي المزايدة إقراراً مني بذلك".

وتنص المادة 147/1 مدني على أنه: "العقد شريعة المُتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين".

وتنص المادة 447/2 مدني على أنه: "ومع ذلك، لا يضمن البائع العيوب التي كان المُشتري يعرفها وقت البيع، أو كان يستطيع أن يتبينها بنفسه لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادي، إلا إذا أثبت المُشتري أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب، أو أثبت أن البائع قد تعمد إخفاء العيب غِشاً منه".

لما كان ما تقدم، وكان المُشترون (المُدعي وآخرون) قد عاينوا العين المُستبدلة (المبيعة) وعلموا ما بها وما عليها من استحقاقات في وقت البيع أو كان في استطاعتهم أن يعلموا بها، كما أقروا بذلك كتابةً.

ولما كان العقد شريعة المُتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين؛ لأن العقد وليد ارادتين، وما تُبرمه إرادتان لا تحله إرادة واحدة. (نقض مدني في 24 يناير سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 11 صـ 98).

وعليه، تكون مُطالبة المُدعي بإخلاء عين التداعي من الأشخاص والأشياء ومن ثم تسليمها له خالية، قد جاءت مُخالفة لصحيح القانون جديرة برفضها وهو ما تُطالب به هيئة الأوقاف المصرية (المُدعى عليها) على سبيل الجزم واليقين.

هذا فضلاً عن أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "مؤدى نص المادة 435 من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تسليم المبيع يتم بوضعه تحت تصرف المُشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به بغير حائل مع إعلام المُشتري أن المبيع قد وُضِعَ تحت تصرفه، ولم يشترط المُشرع التسليم الفعلي، بل افترض تمام التسليم متى توافر عنصراه ولو لم يستول المُشتري على المبيع استيلاءً مادياً، فإذا تم التسليم على الوجه هذا الوجه انقضى التزام البائع به وبرئت ذمته منه. لما كان ذلك وكانت الجهتان الطاعنتان قد تمسكتا بسبق تنفيذهما التزامهما بتسليم الأطيان المبيعة إلى المطعون ضده وأخطرتا المُستأجرين بالوفاء بالأُجرة إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم المُستأنف على قوله: "أن الجهة المُستأنفة قد أوفت بالتزامها بتسليم المبيع إلى المُستأنف عليه المطعون ضده بموجب محضر تسليم مؤرخ 31/7/1963 إلا أنه لم يطلب التسليم بغير الحالة التي تم الاتفاق عليها عند التعاقد"، وكان مؤدى ذلك أن الحكم المطعون فيه جعل للمُشتري الحق في مُطالبة البائع بتسليم المبيع بالرغم من انقضاء هذا الالتزام وبراءة ذمة البائع منه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه". (نقض مدني في الطعن رقم 1425 لسنة 56 قضائية جلسة 29/11/1988).

سادساً- نطلب رفض الدعوى بحالتها:

تنص المادة 65 مرافعات على أن: "على المدعى عند تقديم صحيفة دعواه أن يؤدي الرسم كاملاً وأن يُقدم لقلم كُتاب المحكمة صوراً من هذه الصحيفة بقدر عدد المُدعى عليهم وعليه أن يرفق بصحيفة الدعوى جميع المستندات المؤيدة لدعواه ومذكرة شارحة".

وتنص المادة الأولى من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أن: "على الدائن إثبات الالتزام".

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "المدعى هو المكلف قانوناً بإثبات دعواه وتقديم الأدلة إلى تؤيد ما يدعيه فيها"،

"حيث أن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر"،

و"أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه و لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع"،

و"محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصم الذي لم يقدم دليلاً على دفاعه بتقديم هذا الدليل أو لفت نظره إلي مقتضيات هذا الدفاع، وحسبها أن تقيم قضاءها وفقاً للمستندات والأدلة المطروحة عليها بما يكفي لحمله".

و"المُقرر في قضاء هذه المحكمة التزام المُدعي بإقامة الدليل على ما يدعيه سواء أكان هو المُدعي أصلاً في الدعوى أو المُدعى عليه فيها".

(الطعون أرقام: 229 لسنة 38 قضائية - جلسة 19/6/1973 السنة 24 صـ 940. والطعن رقم 98 لسنة 53 - جلسة 7/12/1986. ونقض 6/1/1973 صـ 40. والطعن رقم 1784 لسنة 51 قضائية - جلسة 15/4/1986. الطعن رقم 291 لسنة 31 قضائية - جلسة 25/5/1966 ع1 صـ 1236. الطعن رقم 407 لسنة 51 قضائية - جلسة 12/6/1984. الطعن رقم 5469 لسنة 52 قضائية - جلسة 17/6/1986).

لما كان ما تقدم، وكان المُدعي لم يُقدم أصول المستندات التي جحدتها الهيئة أمام عدالة المحكمة وفي الخبراء، ومن ثم تكون دعواها الماثلة خالية من المستندات ويعتبر المدعي قد عجز عن إثبات دعواه. وعليه، يحق لـهيئة الأوقاف المصرية المطالبة برفض الدعوى الماثلة لعجز المدعى عن إثبات دعواه ولعدم تقديم المستندات المؤيدة لدعواه ولعدم إقامته الدليل على دعواه الماثلة. مما يعنى أن هذا الطلب قد جاء مطابقاً لحقيقة الواقع ومصادفاً لصحيح القانون جديراً بالقبول والقضاء به وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

ثانياً- في الدعوى رقم 1238 لسنة 2001 مدني كلي شمال الجيزة:

أولاً- حصول التفاسخ بشأن عقد البيع موضوع الدعوى الماثلة:

لما كان من المُقرر قانوناً أن محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح عليها دون التقيد في ذلك بتكييف الخصوم لها.

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "قاضي الدعوى مُلزم في كل حال بإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح عليها دون تقيد بتكييف الخصوم لها، في حدود سبب الدعوى". (نقض مدني في الطعن رقم 29 لسنة 63 قضائية – جلسة 25/11/1996 مجموعة المكتب الفني - السنة 47 – صـ 1387).

ومن المُقرر كذلك في قضاء النقض أنه: "من المُقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع تكييف الدعوى بما تتبينه من وقائعها وأن تُنزل عليها وصفها الصحيح في القانون غير مُقيدة في ذلك إلا بالوقائع وبالطلبات المطروحة عليها". (نقض مدني الطعن رقم 2754 لسنة 60 قضائية – جلسة 30/10/1994 مجموعة المكتب الفني - السنة 45 – صـ 1297 - فقرة 2).

وعليه، فعلى عدالة المحكمة الموقرة أن تُعطي الدعوى الماثلة وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح عليها دون أن تتقيد في ذلك بتكييف أطرافها لها، مُسترشدة في ذلك بوقائع الدعوى وبالطلبات المطروحة فيها.

لما كان ذلك، وكانت طلبات المدعى عليه في دعواه سالفة الذكر رقم 126 لسنة 2002 مدني كلي شمال الجيزة، وفقاً لطلباته الختامية المُعدلة، هي بصفة أساسية: "أولاً- إلزام الهيئة المدعى عليها برد مبلغ أصل رأس المال المسلم والمدفوع لها من المدعي وقدره 41000000جم (واحد وأربعون مليون جنيه) والذي يمثل 20% (عشرون بالمائة) كمعجل الثمن عن كامل أرض وبناء العقار المحرر عنه عقد الاستبدال (البيع) المؤرخ في 29/12/1998، ويمثل أيضاً نسبة الـ 9.5% من إجمالي الثمن على النحو الوارد بعقد الاستبدال المذكور، ويمثل كذلك قيمة القسط الأول المدفوع من المدعي (من ثمن الأرض المبيعة)".

وكانت المطالبة برد الثمن تنطوي ضمناً على طلب فسخ عقد البيع. حيث أنه من المُقرر في قضاء محكمة النقض أنه: "المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة ثاني درجة في حدود طلبات المُستأنف، والعبرة في بيان هذه الطلبات بحقيقة المقصود منها دون اعتداد بالعبارات التي صيغت بها، وإذ كان البين من صحيفة الاستئناف أن المطعون ضده الأول "المُستأنف" قد طلب في ختامها الحكم بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بأن يدفعا له مبلغ 19125 جنيه مقدار الثمن بموجب عقد البيع فإن حقيقة المقصود بهذا الطلب هو: طلب بفسخ عقد البيع ورد الثمن". (نقض مدني في الطعن رقم 4497 لسنة 62 قضائية – جلسة 27/1/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – صـ 278 – فقرة 1).

فقد تواتر قضاء محكمة النقض على أن: "الفسخ يعتبر واقعاً في العقد الملزم للجانبين باستحالة تنفيذه ويكون التنفيذ مستحيلاً على البائع بخروج المبيع من ملكه، كما يعتبر الفسخ مطلوباً ضمناً في حالة طلب المشترى رد الثمن تأسيساً على إخلال البائع بالتزامه بنقل ملكية المبيع إليه، وذلك للتلازم بين طلب رد الثمن والفسخ". (نقض مدني في الطعن رقم 1005 لسنة 46 قضائية – جلسة 11/12/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 224 – فقرة 3).

ولما كانت المطالبة برد الثمن تنطوي ضمناً على طلب فسخ عقد البيع، وكانت طلبات هيئة الأوقاف في دعواه الماثلة هي المُطالبة بفسخ ذلك العقد، ومن ثم تكون إرادة الطرفين قد التقتا على طلب فسخ عقد البيع، فيقع الفسخ حتماً.

حيث أنه من المُقرر قانوناً أن "الفسخ" يفترض وجود عقد ملزم للجانبين يتخلف فيه أحد العاقدين عن الوفاء بالتزامه فيطلب الآخر فسخه، ليُقال بذلك من تنفيذ ما التزم به. ويقع الفسخ بناء على حكم يقضي به أو بتراضي العاقدين أو بحكم القانون. وبذلك يكون الفسخ قضائياً أو اتفاقياً أو قانونياً حسب الأحوال. والفسخ الاتفاقي (أو التفاسخ أو التقايل) كما يكون بإيجاب وقبول صريحين، يكون بإيجاب وقبول ضمنيين.

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "التفاسخ (التقايل) كما يكون بإيجاب وقبول صريحين يكون أيضاً بإيجاب وقبول ضمنيين، وبحسب محكمة الموضوع إذا هى قالت بالتفاسخ الضمني أن تورد من الوقائع والظروف ما اعتبرته كاشفاً عن إرادتي طرفي التعاقد وأن تبين كيف تلاقت هاتان الارادتان على حل العقد". (نقض مدني في الطعن رقم 61 لسنة 33 قضائية – جلسة 16/2/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 394 – فقرة 1).

وتقدير حصول التفاسخ بين طرفي العقد مسألة موضوعية تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض.

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "إن حصول التفاسخ من المسائل الموضوعية التي يستقل قاضى الموضوع بتقديرها. فإذا كانت المحكمة قد استخلصت حصول التفاسخ من عبارات واردة في أوراق الدعوى مؤدية إليه فلا سبيل عليها لمحكمة النقض". (نقض مدني في الطعن رقم 36 لسنة 17 قضائية – جلسة 15/4/1948 مجموعة عمر 5ع – صـ 601 – فقرة 1).

لما كان ما تقدم، وكان كلا من طرفي الدعوى الماثلة قد طلبا فسخ عقد البيع موضوع الدعوى الماثلة، فيكون بذلك قد حدث تلاقي الارادتان على فسخ العقد المذكور، ويكون هذا الفسخ فسخاً اتفاقياً لا قضائياً، حتى ولو كان كلا من طرفي العقد قد بنى طلب الفسخ على سبب مغاير للسبب الذي أستند إليه الطرف الآخر.

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "متى كان المطعون عليه قد رفع دعواه طالباً فسخ عقد البيع المبرم بينه وبين الطاعنين وطلب هؤلاء الآخرون فسخ هذا العقد، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالفسخ تأسيساً على تلاقى إرادة المشترى والبائعين لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ولا ينال من ذلك أن كلا من البائعين والمشترى بنى طلب الفسخ على سبب مغاير للسبب الذي بناه الآخر". (نقض مدني في الطعن رقم 82 لسنة 39 قضائية – جلسة 21/11/1974 مجموعة المكتب الفني – السنة 25 – صـ 1254 – فقرة 1).

وطالما كان طرفا الدعوى الماثلة قد طلبا فسخ العقد، ووقع الفسخ هنا اتفاقياً، فالعقد سند الدعوى الماثلة يكون قد فُسِخَ حتماً دون أن يكون للقاضي خيار بين الفسخ والتنفيذ.

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذ كان الحكم المطعون فيه قد أجاب طرفي التعاقد إلى ما طلباه من فسخ العقد فإنه لا يكون ثمة محل بعد ذلك للتحدث عن شروط انطباق أحكام المادة 157 من القانون المدني لأن مجال إعمالها هو حالة الشرط الفاسخ الضمني أما في حالة الفسخ الإتفاقي فالعقد يُفسخ حتماً دون أن يكون للقاضي خيار بين الفسخ و التنفيذ". (نقض مدني في الطعن رقم 82 لسنة 39 قضائية – جلسة 21/11/1974 مجموعة المكتب الفني – السنة 25 – صـ 1254 – فقرة 2).

ثانياً- الأثر المُترتب على الفسخ:

تنص المادة 160 من القانون المدني على أنه: "إذا فُسِخَ العقد أُعيدَ المُتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ...".

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة 160 من القانون المدني يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه يترتب على فسخ عقد البيع انحلال العقد بأثر رجعى منذ نشوئه بحيث تعود العين المبيعة إلى البائع - بالحالة التي كانت عليها وقت التعاقد". (نقض مدني في الطعن رقم 1458 لسنة 49 قضائية – جلسة 8/3/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 652).

ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "في حالة القضاء بالفسخ تترتب الآثار التي نصت عليها المادة 160 من القانون المدني وهى أن يعود المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد فيرد كل منهما ما تسلمه بمقتضى العقد بعد أن تم فسخه". (نقض مدني في الطعن رقم 193 لسنة 34 قضائية – جلسة 15/8/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 1500).

لما كان ما تقدم، وكان الإخلاء من مقتضيات الحكم بالفسخ، ومن ثم يتعين مع القضاء بالتفاسخ والإخلاء إلزام المدعى عليهم برد وتسليم العين المبيعة إلى هيئة الأوقاف بالحالة التي كانت عليها عند التعاقد.

ثالثاً- اعتبار المبالغ المسددة حقاً خالصاً للهيئة:

لما كان من المُقرر قانوناً أن "الشرط الجزائي" (في جوهره) ليس إلا مُجرد تقدير اتفاقي للتعويض الواجب أداؤه.

وكانت المادة 223 مدني تنص على أنه: "يجوز للمُتعاقدين أن يُحددا مُقدماً قيمة التعويض بالنص عليه في العقد، أو في اتفاق لاحق، ويُراعى في هذه الحالة أحكام المواد من 215 إلى 220".

ومن صور الشرط الجزائي أو التعويض الإتفاقي – فيما بين المتعاقدين – اشتراط البائع على المشتري، في عقد البيع، أنه في حالة فسخ العقد بسبب يرجع إلى المشتري، فيعتبر مقدم الثمن أو أقساطه التي تم سدادها بالفعل حقاً خالصاً للبائع. وهذه الصورة من صور الشرط الجزائي مقبولة في الشريعة الإسلامية وفقاً للمذهب الحنبلي الذي يقرر أن من أشترى شيئا ودفع بعض ثمنه وأستأجل (أي طلب أجلاً) لدفع الباقي، لأجل معين، فاشترط البائع عليه أنه إن لم يدفع الباقي عند حلول الأجل، يكون المعجل ملكاً للبائع، فقبل ذلك، صح الشرط وترتب عليه أثره، ويصير مُعجل الثمن ملكاً للبائع إن لم يقم المشترى بدفع الباقي في أجله المحدد.

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني في هذا الصدد: "ليس الشرط الجزائي في جوهره إلا مُجرد تقدير اتفاقي للتعويض الواجب أداؤه فلا يُعتبر بذاته مصدراً لوجوب هذا التعويض، بل للوجوب مصدر آخر قد يكون التعاقد في بعض الصور، وقد يكون العمل غير المشروع في صور أخرى، فلابد لاستحقاق الجزاء المشروط إذن من اجتماع الشروط الواجب توافرها للحكم بالتعويض، وهي الخطأ والضرر والإعذار".

إذا كان "الشرط الجزائي" قد سمي بهذا الاسم لكونه يشترط عادة في نصوص العقد الأصلي الذي يستحق التعويض على أساسه، إلا أنه لا شيء يمنع من أن يكون في اتفاق لاحق لهذا العقد الأصلي، ولكن قبل وقوع الضرر الذي يقدر الشرط الجزائي التعويض عنه، وذلك حتى لا يلتبس بالصلح أو بالتجديد. بل لا شيء يمنع من أن يكون في اتفاق على تقدير التعويض المستحق من مصدر غير العقد كالعمل غير المشروع وإن كان هذا يقع نادراً، ومن صوره: أن يتفق عليه في حالة الإخلال بعقد الزواج، إذ الإخلال بهذا الوعد تترتب عليه مسئولية تقصيرية لا عقدية. وكذلك الحال في حالة إبطال بيع ملك الغير، وأيضاً إذا حدد المتعاقدان مبلغ التعويض في حالة فسخ العقد، فالمسئولية التي تتخلف عن فسخ العقد إنما هي مسئولية تقصيرية حدد المتعاقدان بشرط جزائي مبلغ التعويض عنها. (المرجع: وسيط السنهوري – المرجع السابق – جـ 1 – مجلد 2 – بند 477 – صـ 766 و 767 وهامش 1 بالصفحة الأخيرة).

فإذا حدد المتعاقدان مبلغ التعويض في حالة فسخ العقد أو بطلانه، فالمسئولية التي تتخلف عن فسخ العقد أو بطلانه إنما هي مسئولية تقصيرية حدد المتعاقدان بشرط جزائي مبلغ التعويض عنها. ومثال ذلك: حالة ما إذا اشترط البائع على المشتري، عند الاتفاق على تسديد ثمن المبيع على أقساط، أنه في حالة إبطال عقد البيع أو فسخه، فإن جميع الأقساط المُسددة سابقاً تُعتبر حقاً خالصاً للبائع. أو حالة الاتفاق في عقد البيع على أنه في حالة فسخ العقد فيُعتبر مقدم الثمن الذي دفعه للبائع حقاً خالصاً للبائع.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "ولئن كان المُقرر أن الشرط الجزائي – باعتباره تعويضاً اتفاقياً – هو التزام تابع لا التزام أصلي في العقد والقضاء بفسخه يرتب سقوط الالتزامات الأصلية فيسقط الالتزام التابع بسقوطها ويزول أثره ولا يصح الاستناد إلى المسئولية العقدية بعد فسخ العقد وزواله، ويكون الاستناد إن كان لذلك محل إلى أحكام المسئولية التقصيرية طبقاً للقواعد العامة، بيد أن ذلك محله أن يكون الشرط الجزائي مُتعلقاً بالالتزامات التي ينشئها العقد قِبل عاقديه باعتباره جزاء الإخلال بها مع بقاء العقد قائماً، فإذا كان هذا الشرط مُستقلاً بذاته غير مُتعلق بأي من الالتزامات فلا يكون ثمة تأثير على وجوده من زوال العقد ما دام الأمر فيه يتضمن اتفاقاً مُستقلاً بين العاقدين، ولو أثبت بذات العقد، لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن عقد البيع العرفي المؤرخ 19/6/1955 قد نص في بنده التاسع على أنه إذا تخلف المشتري عن سداد أي قسط من الأقساط يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار فضلاً عن ضياع ما يكون قد دفعه وصيرورته حقاً مُكتسباً للشركة، وما تضمنه هذا النص هو اتفاق الطرفين على الجزاء في حالة حصول الفسخ، ومن ثم تتحقق لهذا الشرط ذاتيته واستقلاله عما تضمنه العقد الذي فُسِخَ من التزامات مما لا يُعتبر معه هذا الاتفاق التزاماً تابعاً لالتزام أصلي في العقد يسقط بسقوطه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون مُجانباً لصحيح القانون ويستوجب نقضه". (نقض مدني في الطعن رقم 1857 لسنة 51 قضائية – جلسة 17/5/1987. ونقض مدني في الطعن رقم 533 لسنة 53 قضائية – جلسة 4/4/1988. مُشار إليهما في: وسيط السنهوري – المرجع السابق – جـ 1 – مجلد 2 – بند 479 – صـ 769).

وهدياً بما تقدم، ولما كان عقد البيع العرفي الابتدائي سند الدعوى الماثلة قد نص في بنده الخامس على أنه في حالة تأخر المدعى عليهم عن سداد أي قسط من الأقساط في ميعاد استحقاقه فيكون لهيئة الأوقاف الخيار إما في ... وإما في اعتبار عقد الاستبدال مفسوخاً من تلقاء نفسه بدون تنبيه أو إنذار أو إعذار أو حكم من القضاء وتعتبر جميع المبالغ السابق سدادها حقاً خالصاً لهيئة الأوقاف المصرية ويلتزم المدعى عليهم برد وتسليم عقار التداعي إلى الهيئة ..."، وكان ما تضمنه هذا النص هو اتفاق الطرفين على الجزاء في حالة حصول الفسخ، ومن ثم تتحقق لهذا الشرط ذاتيته واستقلاله عما تضمنه العقد - الذي فُسِخَ - من التزامات، مما لا يُعتبر معه هذا الاتفاق التزاماً تابعاً لالتزام أصلي في العقد يسقط بسقوطه، ولكن يكون له استقلاليته ويظل قائماً ونافذاً بعد فسخ العقد، بل هو التزام معلق على شرط واقف هو فسخ العقد الأصلي طبقاً لبنود عقد البيع. ولما كانت المشترين (المُدعى عليهم) قد تخلفوا عن الوفاء بباقي ثمن العين المبيعة (عين التداعي) في مواعيد استحقاقها ومن ثم يحق لهيئة الأوقاف إعمال الشرط الجزائي المنصوص عليه في البند الخامس من عقد البيع سالف الذكر واعتبار جميع الأقساط السابق سدادها حقاً خالصاً للهيئة.

ومن ثم تكون جميع طلبات الطالب بصفته قد جاءت على سند صحيح من القانون خليقة بالقبول والقضاء للطالب بصفته بطلباته فيها.

رابعاً- الرد على طلب التعويض في الدعوى رقم 126 لسنة 2002 مدني كلي شمال الجيزة:

والتعويض، بعد فسخ العقد، ينبني على المسئولية التقصيرية لا المسئولية العقدية، فإن العقد بعد أن فُسِخَ لا يصلح أن يكون أساساً للتعويض، وإنما أساس التعويض هنا هو خطأ المدين، ويعتبر العقد هنا واقعة مادية لا عملاً قانونياً كما في البطلان. (المرجع: وسيط السنهوري – المرجع السابق – الجزء الأول – بند 478 – صـ 978 و 979).

أركان المسئولية التقصيرية:

تنص المادة 163 من القانون المدني المصري على أركان المسئولية التقصيرية بنصها على أن: "كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من أرتكبه بالتعويض".

ويتبين من هذا النص أن المسئولية التقصيرية، لها أركان ثلاثة:

1- الخطأ:

والرأي الذي أستقر عليه الفقه والقضاء يُعرف الخطأ في المسئولية التقصيرية بأنه إخلال بالتزام قانوني، (كما أن الخطأ في المسئولية العقدية هو إخلال بالتزام عقدي). إلا أن الالتزام العقدي الذي يعد الإخلال به خطأ في المسئولية العقدية إما أن يكون التزام بتحقيق نتيجة وإما أن يكون التزام ببذل عناية. أما الالتزام القانوني الذي يعتبر الإخلال به خطأ في المسئولية التقصيرية فهو دائماً التزام ببذل عناية.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قاضي الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض". (نقض مدني في الطعن رقم 1083 لسنة 57 قضائية – جلسة 20/6/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 640).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "يجب على المحكمة عند القضاء بتعويض يدعى ترتبه على إجراءات كيدية ضارة أن تثبت في حكمها أركان الخطأ المستوجب للتعويض وإلا كان حكمها باطلاً لقصور أسبابه". (نقض مدني في الطعن رقم 85 لسنة 5 قضائية – جلسة 21/5/1936 مجموعة عمر 1ع صـ 1119).

2- الضرر:

والضرر قد يكون مادياً يصيب المضرور في جسمه أو في ماله، وقد يكون أدبياً يصيب المضرور في شعوره أو عاطفته أو كرامته أو شرفه أو أي معنى آخر من المعاني التي يحرص الناس عليها.

3- علاقة السببية:

وعلاقة السببية ما بين الخطأ والضرر معناها أن توجد علاقة مباشرة ما بين الخطأ الذي أرتكبه المسئول والضرر الذي أصاب المضرور. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرازق أحمد السنهوري – الجزء الأول: "مصادر الالتزامات" – المُجلد الثاني: "العمل الضار والإثراء بلا سبب والقانون" – الطبعة الثالثة 1981 القاهرة – بند 524 – صـ 1078 وما بعدها).

والمُدعي المُطالب بالتعويض هو الذي يقع عليه عبء إثبات الخطأ والضرر وعلاقة السببية ولما كان المدعي المطالب بالتعويض في دعوانا الماثلة لم يثبت شيئاً من ذلك بل جاءت مزاعمه كلها مجرد أقوال مرسلة لا سند لها من حقيقة الواقع أو صحيح القانون ومن ثم يتعين الالتفات عنها بالكلية والقضاء برفض مطالبته بالتعويض.

خامساً- ندفع بعدم قبول الدعوى التعويض لعدم سبقها بالإعذار المتطلب قانوناً:

تنص المادة 157 مدني على أنه: "في العقود المُلزمة للجانبين، إذ لم يوف أحد المُتعاقدين بالتزامه جاز للمُتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يُطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه، مع التعويض في الحالتين إن كان له مُقتض".

وتنص المادة 218 مدني على أنه: "لا يُستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين، ما لم يُنص على غير ذلك".

وتنص المادة 219 مدني على أنه: "يكون إعذار المدين بإنذاره أو بما يقوم مقام الإنذار، ويجوز أن يتم الإعذار عن طريق البريد على الوجه المُبين في قانون المُرافعات، كما يجوز أن يكون مُترتباً على اتفاق يقضي بأن يكون المدين معذوراً بمُجرد حلول الأجل دون حاجة إلى أي إجراء آخر".

ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "يُشترط في التنبيه بالوفاء أن يكون بتكليف رسمي على يد مُحضر فلا يصح بمُجرد خطاب ولو كان موصى عليه". (نقض مدني في الطعن رقم 138 لسنة 20 قضائية جلسة 1/5/1952).

ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك، أنه: "لا يكفي لترتيب الأثر القانوني للإنذار أن يكون المُشتري قد قال في دعوى أخرى إن البائع قد أنذره ما دام ذلك القول قد صدر في وقت لم يكن النزاع على العقد المُتنازع فيه مطروحاً، بل يجب تقديم الإنذار حتى يُمكن للمحكمة أن تتبين إن كان يترتب عليه الفسخ أو لا، وذلك بالرجوع إلى تاريخه وما تضمنه لأنه قد يكون حاصلاً قبل الميعاد المُعين للوفاء أو قبل قيام البائع بتعهداته التي توقفت عليها تعهدات المُشتري". نقض مدني في الطعن رقم 80 لسنة 13 قضائية جلسة 16/3/1944

ومن المُقرر في قضاء النقض أيضاً، أن: "الأصل في التشريع المصري أن مُجرد حلول أجل الالتزام لا يكفي لاعتبار المدين مُتأخراً في تنفيذه، إذ يجب للتنفيذ العيني للالتزام كما يجب للتنفيذ بطريق التعويض إعذار المدين حتى لا يُحمل سكوت الدائن محل التسامح والرضاء الضمني بتأخر المدين في هذا التنفيذ، فإذا أراد الدائن أن يستأدي حقه في التنفيذ الذي حل أجله وجب عليه أن يُعذر المدين بذلك حتى يضعه من تاريخ هذا الإعلان موضع المُتأخر قانوناً في تنفيذ التزامه وتترتب على هذا التأخير نتائجه القانونية، والأصل أن يكون الإعذار بإنذار على يد مُحضر يُكلِف فيه الدائن مدينه بالوفاء بالتزامه، وإذ خلا الإعذار من التكليف المُشار إليه لم يكن إعذاراً بالمعني الذي يتطلبه القانون، فلا يُعد إعذاراً إعلان المدين بصحيفة دعوى الفسخ لإخلاله بتنفيذ أحد التزاماته". (نقض مدني في الطعن رقم 1110 لسنة 49 قضائية جلسة 6/2/1984 مجموعة المكتب الفني - السنة 35 - صـ 398).

وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية سالف الذكر على وقائع الدعوى الماثلة نجد أنها قد خلت تماماً من هذا الإعذار أو الإنذار المُتطلب قانوناً وهو شرط رفع الدعوى سواء للمُطالبة بالتنفيذ العيني أو بالتنفيذ عن طريق التعويض (التنفيذ بمُقابل)، وليست ثمة أية تكاليف بالوفاء مُعتبرة قانوناً، ومن ثم تكون دعوى التعويض الماثلة قد جاء بالمُخالفة لصحيح القانون خليقة بعدم قبولها وهو ما تُطالب به هيئة الأوقاف المصرية (المُدعى عليها) بطريق الجزم واليقين.

سادساً- التعليق على تقرير الخبير:

لما كان من المُقرر في قضاء النقض أن: "عمل الخبير وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى تخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ بتقرير الخبير كله، إذا رأت فيه ما يقنعها ويتفق وما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى مادام قائماً على أسباب لها أصلها في الأوراق وتؤدي إلى ما انتهى إليه، كما لها أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح بعضه، إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه". (نقض مدني في الطعن رقم 424 لسنة 53 قضائية جلسة 15/5/1986).

لما كان ما تقدم، وكان تقرير الخبير المودع بملف الدعوى الماثلة قد شابه القصور من عدة أوجه، فمن ناحية قرر سيادته أن هيئة الأوقاف لم تقم بتسليم العين المبيعة رغم أن الهيئة قد سلمتها فعلاً على النحو المُتطلب قانوناً كما سلف بيانه في هذه المُذكرة (علماً بأن تلك مسألة قانونية يرجع الفصل والبت فيها لعدالة المحكمة).

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "تقتصر مهمة الخبير على تحقيق الواقع في الدعوى وإبداء رأيه في المسائل الفنية التي يصعب على القاضي استقصاء كنهها بنفسه دون المسائل القانونية التي يتعين على الحكم أن يقول كلمته فيها". (نقض مدني في الطعن رقم 59 لسنة 41 قضائية - جلسة 23/12/1975 مجموعة المكتب الفني - السنة 26 - صـ 1653).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "يجوز للقاضي أن يستعين بالخبراء في المسائل التي يستلزم الفصل فيها استيعاب النقاط الفنية التي لا تشملها معارفه، والوقائع المادية التي يشق عليه الوصول إليها، دون المسائل القانونية التي يفترض فيه العلم بها". (نقض 24/3/1976 السنة 27 صـ 752).

وكذلك جرى قضاء النقض على أن: "ندب خبير في الدعوى هو مجرد وسيلة إثبات يقصد بها التحقق من واقع معين يحتاج للكشف عنه معلومات فنية خاصة لا شأن له بالفصل في نزاع قانوني أو الموازنة بين الآراء الفقهية لاختيار أحدها فهذا من صميم واجب القاضي لا يجوز له التخلي عنه لغيره". (نقض مدني في الطعن رقم 1396 لسنة 52 قضائية - جلسة 12/5/1983).

وأيضاً قضت محكمة النقض بأن: "لقاضي الموضوع أن يستعين بالخبراء في المسائل التي يستلزم الفصل فيها استيعاب النقاط الفنية التي لا تشملها معارفه والوقائع المادية التي يشق عليه الوصول إليها دون المسائل القانونية التي يفترض فيه العلم بها". (نقض مدني في الطعن رقم 243 لسنة 51 قضائية - جلسة 28/2/1985. وفي الطعن رقم 2418 لسنة 52 قضائية - جلسة 6/5/1986).

ثالثاً- الطلبات

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية الحكم لها بما يلي:

أولاً- في الدعوى 126 لسنة 2002 مدني كلي شمال الجيزة:

أولاً- بصفة أصلية: بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.

ثانياً- وبصفة احتياطية: بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة.

ثالثاً- وعلى سبيل الاحتياط الكلي: (وعلى الترتيب التالي):

1- بعدم قبول الدعوى.

2- برفض الدعوى.

3- برفض الدعوى بحالتها.

وفي جميع الأحوال: بإلزام المُدعي بالمصروفات ومُقابل أتعاب المُحاماة.

ثانياً- في الدعوى 1238 لسنة 2001 مدني كلي شمال الجيزة:

أولاً- في الدعوى الأصلية: "بفسخ عقد الاستبدال (البيع) المؤرخ في 29/12/1998 لعقار التداعي البالغ جمله مساحته 4581م2 (أربعة آلاف وخمسمائة وواحد وثمانون متراً مربعاً) والكائن بميدان 26 يوليو (ميدان سفنكس) بالمهندسين - محافظة الجيزة، والمملوك لجهة الوقف الخيري، مع إلزام المدعى عليهم برده وتسليمه للهيئة بالحالة التي كان عليها عند التعاقد، مع اعتبار جميع المبالغ السابق سدادها من المدعى عليهم حقاً خالصاً للهيئة، مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل بلا كفالة".

ثانياً- في الدعوى الفرعية:

أولاً- بصفة أصلية: بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.

ثانياً- وبصفة احتياطية: بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة.

ثالثاً- وعلى سبيل الاحتياط الكلي: (وعلى الترتيب التالي):

1- بعدم قبول الدعوى.

2- برفض الدعوى.

3- برفض الدعوى بحالتها.

وفي جميع الأحوال: بإلزام المُدعين فرعياً بالمصروفات ومُقابل أتعاب المُحاماة.

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً كانت،،،

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

عدم إلزام الهيئة بتقديم أية مستندات

مصلحة الخبراء بوزارة العدل

مكتب خبراء الإسكندرية

مذكرة

بأقوال ودفاع/ هيئة الأوقاف المصرية (مستأنف ضدها الثالثة)

ضد

السيد/ أحمد محمد محمود الخولي عن نفسه وبصفته حارس قضائي على وقف وتركة المرحوم: محمد أحمد النجار (مستأنف)

في الاستئناف رقم 2904 لسنة 59 قضائية "استئناف الإسكندرية"، والمحدد لنظره جلسة يوم .................... الموافق ............../ ............../2009م للمناقشة.

أولاً- الوقائع

نحيل فيما يخص وقائع الاستئنافين الماثلين إلى ما جاء بسائر أوراقهما منعاً من التكرار.

وبجلسة 9/3/2008 طلب الحاضر عن المستأنف التصريح له باستخراج شهادة بإلزام هيئة الأوقاف بتقديم أصل الخرائط الخاصة بأرض النزاع، وذلك بناء على قرار هيئة المساحة بوجود الخرائط لدى هيئة الأوقاف في الحجة 554/1136 من سجل 123 والحج الفرعية.

وبجلسة 11/6/2008 قضت عدالة المحكمة الموقرة: "قبل الفصل في الموضوع، إعادة الأوراق إلى مكتب خبراء وزارة العدل بالإسكندرية، ليعهد إلى لجنة الخبراء السابقة أو غيرها عند الاقتضاء لمباشرة المأمورية المبينة بأسباب ومنطوق الحكم الصادر من هذه المحكمة بهيئة مغايرة بجلسة 11/5/2004 على ضوء المستندات المقدمة من الخصوم بجلسة 13/1/2008 في حدود الطلبات في هذا الاستئناف فقط، وذلك بذات الأمانة والصلاحيات ...".

ثانياً- الدفاع

في مستهل دفاعنا نتمسك بجميع أوجه الدفوع والدفاع والطلبات المبداه منا بمذكرات دفاعنا أمام محكمة أول وثان درجة، وأمام الخبراء، ونعتبرها جميعاً جزء لا يتجزأ من دفاعنا الماثل، ونضيف إلى ما سبق ما يلي:

هيئة الأوقاف لم تكن مطلقاً ناظرة أو مديرة أو حارسة لوقف التداعي؟!!

الثابت بالأوراق، وبمطالعة الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الشرعية في تاريخ 21 فبراير من سنة 1925 (رقم 5 سنة 24/220) أنه صادر في دعوى مرفوعة من السيد/ محمد حسين الصياد بصفته ناظراً على وقف جده (الحاج/ محمد الوزيري) بطلب قبول تنازله عن النظر على الوقف المذكور وإقامة أبنه "حسن"، لأن أصبح مسناً وضعفت قواه ولأن في أبنه المذكور الكفاءة ...الخ. وأخطرت وزارة الأوقاف، ولم يرد ردها، ومضى على ذلك المدة القانونية. فصدر حكم المحكمة في المادة المذكورة بتعيين ناظرين على الوقف المتقدم ذكره، وهما: السيد/ إسحاق محمد قيودان و السيد/ حسن محمد الصياد.

وعلى ضوء ما تقدم، فإن الوقف المذكور، حتى تاريخ صدور الحكم المنوه عنه في عام 1925، وكذلك بعد صدوره، كان هذا الوقف في نظر وإدارة مستحقي الوقف، ولم يدخل في إدارة وزارة الأوقاف ولم تتنظر عليه، كما أن هيئة الأوقاف لم تكن قد أنشئت في ذلك التاريخ، فكيف يطلب منهما تسليم أعيان هذا الوقف وهما لم يتسلماه مطلقاً؟!!!

هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، فثابت من الحكم الصادر بجلسة 26/4/1954 في الدعوى رقم 17 لسنة 1953 المرفوعة من السيد/ حسن محمد الصياد بصفته الناظر على الوقف المذكور يطلب فيها فرز حقه من أعيان ذلك الوقف يفي ريعها بالخيرات المشروطة.

أي أنه حتى سنة 1954 كان الوقف المذكور في نظارة وإدارة وحراسة ورثة الواقف، وكذلك فعند صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 بحل الأوقاف الأهلية كان الوقف المذكور وما زال في إدارة ناظر الوقف المعين من قِبل المحكمة الشرعية في سنة 1925. ومن ثم فإن الإدعاء بوجود الوقف في إدارة وزارة الأوقاف أو هيئة الأوقاف المصرية (التي لم تنشأ إلا في عام 1971) هو إدعاء عار عن الصحة وعلى غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون.

ولما كانت هيئة الأوقاف المصرية لم تنشأ إلا بالقانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية، ومن ثم فإن أية تعاملات على الوقف المذكور قبل تاريخ إنشاء الهيئة لا يمكن أن ينسب إلى هيئة الأوقاف، فضلاً عن أن ما زعمته "هيئة المساحة" من أن: "الحدود الواردة بالحجة رقم 554 سنة 1136 هجرية (سجل 123 والحجج الفرعية) بمسميات قديمة لأشخاص مجاورين، ومن ثم يتعذر تطبيقها مساحياً إلا بالرجوع إلى مستندات هيئة الأوقاف وخرائطها القديمة بصفتها الجهة المشرفة على الوقف حتى عام 1952"، هذا القول عاراً تماماً عن الصحة، فهيئة الأوقاف لم تنشأ إلا في عام 1971 كما أن الثابت بالأوراق أن النظارة على الوقف المذكور وإدارته كانت لناظر الوقف (السيد/ حسن محمد الصياد) المعين من قِبل المحكمة الشرعية في سنة 1925 وأن هذا الناظر كان يباشر النظارة علي الوقف المذكور ويتقاضى بصفته هذه حتى بعد عام 1954 على ما سلف بيانه. وعليه، تكون مطالبة الهيئة بتقديم الخرائط والمحاضر وتقارير الخبراء ...الخ قد جاءت على غير سند من القانون ومخالفة لحقيقة الواقع حيث أن هيئة الأوقاف ليست – ولم تكن في يوماً من الأيام – ناظرة على الوقف المذكور (وقف/ محمد النجار الوزيري) ولم تديره مطلقاً وبالتالي ليس لديها أية خرائط أو تقارير خبراء تخص هذا الوقف وليس لديها ما تقدمه لعدالة المحكمة الموقرة في خصوص هذا الوقف.

ولا يقل زيفاً عما سبق زعم هيئة المساحة أن: "هيئة الأوقاف المصرية هي الجهة صاحبة الاختصاص بإرسال ملفات وخرائط ومستندات هذا الوقف والمختصة بتسليمه لمستحقيه وفقاً للقانون رقم 180 لسنة 1952". فقد بينا أن هيئة الأوقاف المصرية لم تدير وقف التداعي مطلقاً وليس لديها أية ملفات أو خرائط أو مستندات تخصه، كما أنها ليست مختصة بتسليمه لمستحقيه وفقاً للقانون رقم 180 لسنة 1952 (بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات)، حيث أن الاختصاص بتسليم الأوقاف الأهلية لمستحقيها هي "لناظر الوقف" طبقاً لنص المادة الخامسة من القانون المذكور، والتي تنص على أنه: "... وإلى أن يتم تسلم هذه الأعيان، تبقى تحت يد الناظر لحفظها ولإدارتها وتكن له صفة الحارس ...".

عدم توافر شروط إلزام الخصم بتقديم مستند تحت يده:

لما كانت المادة 20 من قانون الإثبات تنص على أنه: "يجوز للخصم في الحالات الآتية أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أي محرر منتج في الدعوى يكون تحت يده..

أ - إذا كان القانون يجيز مطالبته بتقديمه وتسليمه.

ب- إذا كان مشتركاً بينه وبين خصمه، ويعتبر المحرر مشتركاً على الأخص. إذا كان المحرر لمصلحة الخصمين أو كان مثبتاً لالتزاماتهما وحقوقهما المتبادلة.

ج- إذا أستند إليه خصمه في أية مرحلة من مراحل الدعوى".

ولما كانت المادة 21 من قانون الإثبات تنص على أنه: "يجب أن يبين في هذا الطلب:

أ - أوصاف المحرر الذي يعنيه.

ب- فحوى المحرر بقدر ما يمكن من التفصيل.

ج - الواقعة التي يستدل به عليها.

د - الدلائل والظروف التي تؤيد أنه تحت يد الخصم.

هـ وجه إلزام الخصم بتقديمه".

ولما كانت المادة 22 من قانون الإثبات تنص على أنه: "لا يقبل الطلب إذا لم تُراع أحكام المادتين السابقتين".

لما كان ذلك، وكان من المُقرر في قضاء النقض أنه: "... بينت المادة 253 مرافعات على سبيل الحصر الحالات التي يجوز فيها للخصم أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أية ورقة منتجة في الدعوى تكون تحت يده وهذه الحالات هي: أ- إذا كان القانون يجيز مطالبته بتقديمها أو تسليمها. ب- إذا كانت مشتركة بينه وبين خصمه وتعتبر الورقة مشتركة على الأخص إذا كانت محررة لمصلحة الخصمين أو كانت مثبتة لالتزاماتها وحقوقهما المتبادلة. جـ- إذا أستند إليها خصمه في أية مرحلة من مراحل الدعوى. وإذن فمتى كانت المذكرة أو المكاتبات التي طلب الطاعن إلزام المطعون عليها بتقديمها لا تندرج تحت أية حالة من هذه الحالات فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض إجابة طلب الطاعن لا يكون قد خالف القانون أو عاره قصور". (نقض مدني في الطعن رقم 551 لسنة 25 قضائية – جلسة 27/4/1961 مجموعة المكتب الفني – السنة 12 – صـ 404).

ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك أنه: "وأن كانت المادة 253 من قانون المرافعات تجيز للخصم أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أية ورقة منتجة في الدعوى تكون تحت يده إذا توافرت إحدى الأحوال الواردة فيها، إلا أن الفصل في هذا الطلب باعتباره متعلقا بأوجه الإثبات متروك لقاضى الموضوع، و لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة التقدير أن تطرح طلب تقديم الدفاتر التجارية أو الإحالة على التحقيق متى كانت قد كونت عقيدتها في الدعوى من الأدلة التي اطمأنت إليها". (نقض مدني في الطعن رقم 36 لسنة 26 قضائية – جلسة 9/3/1961 مجموعة المكتب الفني – السنة 12 – صـ 212. ونقض مدني في الطعن رقم 285 لسنة 36 قضائية – جلسة 17/12/1970 مجموعة المكتب الفني – السنة 21 – صـ 1263).

وكذلك تواترت أحكام محكمة النقض على أن: "مؤدى نص المادة 20 من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1968 أنها تجيز للخصم أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أي محرر منتج في الدعوى يكون تحت يده إذا توافرت إحدى الحالات الواردة فيها، كما أوجبت المادة 21 من ذات القانون أن يبين في الطلب الدلائل والظروف التي تؤيد وجود المحرر تحت يد الخصم، والمقرر في قضاء هذه المحكمة أن الفصل في الطلب باعتباره متعلقاً بأوجه الإثبات متروك لقاضى الموضوع فله أن يرفضه إذا تبين له عدم جديته كما أن تقدير الدلائل والمبررات التي تجيز للخصم أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أية ورقة منتجه في الدعوى تكون تحت يده هو أمر موضوعي يتعلق بتقدير الأدلة مما يستقل به قاضى الموضوع". (نقض مدني في الطعن رقم 1579 لسنة 54 قضائية – جلسة 22/11/1987 مجموعة المكتب الفني – السنة 38 – صـ 990).

وأخيراً استقر قضاء النقض على أنه: "لا يجبر خصم على أن يقدم دليلاً يرى أنه ليس في مصلحته، فإن من حق كل خصم أن يحتفظ بأوراقه الخاصة به، وليس لخصمه أن يلزمه بتقديم مستند يملكه ولا يريد تقديمه". (نقض مدني في الطعن رقم 90 لسنة 9 قضائية – جلسة 11/4/1940 مجموعة عمر – 3ع – صـ 160).

لما كان ما تقدم، وكان المستأنف يطلب إلزام هيئة الأوقاف المصرية بتقديم ملفات أو خرائط أو مستندات يدعي أنها تخص وقف التداعي ويزعم أنها في حيازة هيئة الأوقاف المصرية وتحت يدها، إلا أنه لا يتوافر في طلب تقديمه الشروط المتطلبة قانوناً حيث أن القانون لا يجيز مطالبة هيئة الأوقاف المصرية بتقديمه، ولأن هذا المستند المطلوب ليس مشتركاً بين الهيئة المدعية والمستأنف، كما أن الهيئة لم تستند إليه في أية مرحلة من مراحل الدعوى. فضلاً عن أنه لا يجوز إجبار خصم على أن يقدم دليلاً يرى أنه ليس في مصلحته، لأن من حق كل خصم أن يحتفظ بأوراقه الخاصة به، وليس لخصمه أن يلزمه بتقديم مستند يملكه ولا يريد تقديمه على النحو ما سلف بيانه، ومن ثم طلب إلزام الهيئة بتقديم مستند يزعم أنه تحت يدها قد جاءت على غير سند من القانون جديرة بعدم قبوله، وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

ثالثاً- الطلبات

لكل ما تقدم، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية من السيد الخبير مُباشرة المأمورية التي أناطها به الحكم التمهيدي الصادر في الدعوى الماثلة، ومن ثم إيداع تقريره فيها على ضوء ما ورد بهذه المُذكرة.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

مذكرة لتنفيذ حكم قضائي نهائي

مذكرة لتنفيذ حكم قضائي نهائي

البحث القانوني

حجية الأحكام النهائية:

يقصد بحجية الأمر المقضي أن القرار القضائي (الحكم) إذ يطبق إرادة القانون في الحالة المعينة فإنه يحوز الاحترام، سواء أمام المحكمة التي أصدرته أو أمام المحاكم الأخرى، بحيث إذا رفع أحد الخصوم نفس الدعوى التي فصل فيها مرة أخرى تعين عدم قبولها، وإذا أثير ما قضى به أمام القضاء وجب التسليم به دون بحث مجدد.

فحجية الأمر المقضي تبدو في أثرين: أحدهما سلبي والآخر إيجابي، هما:

أ‌- الأثر السلبي – عدم جواز إعادة النظر في الدعوى: فلا يجوز رفع نفس الدعوى مرة أخرى بعد الفصل فيها، ولو قدمت في الخصومة الجديدة أدلة واقعية أو أسانيد قانونية لم يسبق إثارتها في الخصومة الأولى. وعدم جواز إعادة النظر في الدعوى يقيد القاضي الذي تطرح عليه الدعوى من جديد، كما يقيد الخصوم فيها. ويستوي أن يكون الخصم قد كسب الدعوى أم خسرها.

ب‌- الأثر الإيجابي – احترام ما قضي به: وهذا الأثر يسري أيضاً في مواجهة الخصوم والقاضي. فللخصم الذي أكد القضاء حقه أن يتمتع بحقه وبمزاياه، وإذا رفع دعوى استناداً إليه، فعلى القاضي احترام التأكيد الذي قضي به. ولهذا إذا قضي بعزل وكيل، ورفع الموكل دعوى لمطالبته بالمستندات التي تحت يده، فيجب على المحكمة التي تنظر الدعوى أن تسلم بما قضى به من عزل الوكيل فلا تناقشه من جديد. (المصدر: "الوسيط في شرح قانون القضاء المدني" – للدكتور/ فتحي والي – الطبعة الثانية 1981 القاهرة – بند 87 – صـ 161).

السند التنفيذي:

تنص المادة 280 مرافعات على أنه: "لا يجوز التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي اقتضاء لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء. والسندات التنفيذية هي: الأحكام والمحررات الموثقة ومحاضر الصلح التي تصدق عليها المحاكم أو مجالس الصلح والأوراق الأخرى التي يعطيها القانون هذه الصفة. ولا يجوز التنفيذ في غير الأحوال المستثناة بنص القانون إلا بموجب صورة من السند التنفيذي عليها صيغة التنفيذ التالية: "على الجهة التي يناط بها التنفيذ أن تبادر إليه متى طلب منها وعلى السلطات المختصة أن تعين على إجرائه ولو باستعمال القوة متى طلب إليها ذلك".

والأحكام (النهائية الحائزة لقوة وحجية الأمر المقضي به)، كسند تنفيذي، تصدر بعد تحقيق كامل وتتضمن تأكيداً قضائياً لوجود حق "الدائن"، فالحكم هو: "عنوان الحقيقة".

والأحكام الحائزة لقوة الشيء المحكوم فيه تقبل التنفيذ ولا يمنع من تنفيذها قابليتها للطعن فيها بالتماس إعادة النظر أو النقض ولا الطعن فيها بأحد هذين الطريقين بالفعل، والأحكام الحائزة لقوة الشيء المحكوم به هي الأحكام التي لا تقبل الطعن فيها بالاستئناف سواء أكانت صادرة من محاكم الدرجة الثانية أم من محاكم الدرجة الأولى وذلك في حالة صدورها في حدود نصابها الانتهائي أو في حالة سقوط الحق في استئنافها بانقضاء الميعاد أو في حالة سقوط الخصومة في الاستئناف (بعد رفعه، أو بطلان صحيفته، أو اعتباره كأن لم يكن، أو بشطبه). (المصدر: "التعليق على قانون المرافعات" – للمستشار/ عز الدين الدناصوري وحامد عكاز – الجزء الثاني – الطبعة الثامنة 1996 القاهرة – شرح المادة 280 – صـ 592 وما بعدها).

ويكون للحكم قوة لتنفيذ ما أمر به في منطوقه. فإذا حدث ولم يعين المنطوق ما ينصب عليه التنفيذ، فيكون إجراء التنفيذ على أساس ما يبين من الحكم بالرجوع إلى ما تنازع فيه الطرفان أمام المحكمة وما جاء في أسباب الحكم، أي أن يكون الأساس هو: "تفهم مقتضى الحكم وتقصي مراميه" وتطبيقاً لهذا حكم بأنه عند تنفيذ الحكم بتسليم عقار فإنه يمكن الرجوع إلى أسباب الحكم لمعرفة أوصاف العقار الذي يراد تسلمه.

ومن المُتفق عليه فقهً وقضاءً أن الأحكام التي تنفذ تنفيذاً جبرياً هي فقط أحكام "الإلزام"، وذلك دون الأحكام "المُقررة" أو "المُنشئة"، وعله هذا أن حكم "الإلزام" هو وحده الذي يقبل مضمونه التنفيذ الجبري. (المصدر: "التنفيذ الجبري" – للدكتور/ فتحي والي – طبعة 1986 القاهرة – بند 19 وما بعده – صـ 37 وما بعدها).

محل التنفيذ:

محل التنفيذ في التنفيذ المباشر هو نفس محل حق الدائن الموضوعي الذي لم يف به المدين، وبعبارة أخرى هو نفس الشيء الذي كان يجب على المدين الوفاء به بمقتضى علاقة المديونية. فإذا كان على المدين أن يسلم حيواناً معيناً للدائن، ولم يقم بواجبه، حصل الدائن جبراً عنه على نفس هذا الحيوان.

أما محل التنفيذ بنزع الملكية فهو غير الشيء الواجب. فإذا كان على المدين أن يفي بمبلغ مائة جنيه للدائن، كان للدائن الحق في الحصول على مائة جنيه من المدين بضمان ذمته المالية. فإذا لم يف المدين، كان أي مال من أمواله محلاً للتنفيذ. وبهذا يمتد محل التنفيذ خارج الشيء الواجب، فبينما الشيء الواجب هو مائة جنيه، يصبح محل التنفيذ أي مال من أموال المدين، ومعنى هذا أن محل التنفيذ لا يحدده محل الحق الموضوعي. (المصدر: د. فتحي والي – المرجع السابق – بند 92 – صـ 177).

مُقدمات التنفيذ:

قبل إجراء التنفيذ الجبري، يوجب القانون القيام ببعض الأعمال الإجرائية التي لا تعتبر جزءاً من خصومة التنفيذ، من قبيل: إعلان السند التنفيذي قبل إجراء التنفيذ بميعاد معين:

حيث تنص المادة 281 مرافعات على أنه: "يجب أن يسبق التنفيذ إعلان السند التنفيذي لشخص المدين أو في موطنه الأصلي وإلا كان باطلاً. ويجب أن يشتمل هذا الإعلان على تكليف المدين الوفاء وبيان المطلوب وتعيين موطن مختار لطالب التنفيذ في البلدة التي بها مقر محكمة التنفيذ المختصة ... ولا يجوز إجراء التنفيذ إلا بعد مضي يوم على الأقل من إعلان السند التنفيذي".

فيجب على الدائن قبل اتخاذ إجراءات التنفيذ الجبري أن يعلن المدين بالسند التنفيذي وأن يشتمل الإعلان على تكليفه بالوفاء وإنذاره بأنه إذا لم يف فإن الحق سيستوفي جبراً عنه. وفائدة هذا الإعلان هو إخبار المدين بحق الدائن في التنفيذ الجبري ومداه، وتمكينه من مراقبة استعمال الدائن له. فيستطيع أن يعترض على التنفيذ إذا كان لديه وجه للاعتراض، أو أن يقوم بالوفاء اختياراً فيتجنب تحمل إجراءات التنفيذ الجبري. أما التكليف بالوفاء مع الإنذار، فإنه يرمي إلى تأكيد امتناع المدين عن الوفاء باعتباره اعتداء على حق الدائن يبرر الحماية القانونية بطريق التنفيذ الجبري. (المصدر: د. فتحي والي – المرجع السابق – بند 115 – صـ 231).

وتكليف المدين بالوفاء بالمطلوب، وتحذيره بأنه إذا لم يقم بالوفاء أجرى التنفيذ جبراً عنه، وتعيين موطن مختار لطالب التنفيذ في البلدة التي بها مقر محكمة التنفيذ المختصة، وقبض المحضر للدين. (المرجع السابق – نفس الموضع وما بعده).

مُنازعة التنفيذ الوقتية، وأثر رفع الإشكال الأول:

بينما لا يؤدي رفع "مُنازعة التنفيذ الموضوعية" – كقاعدة عامة – إلى وقف التنفيذ إلا ما استثناه القانون بنص خاص، فإن مُجرد رفع "مُنازعة التنفيذ الوقتية"( 1 ) يؤدي إلى وقف التنفيذ. ويستوي أن تقدم المُنازعة أمام المحضر عند التنفيذ أو أن ترفع مباشرة إلى قاضي التنفيذ. ويكون الأمر كذلك ولو رفعت المنازعة إلى محكمة غير مختصة.( 2 ) (المصدر: د. فتحي والي – المرجع السابق – بند 388 – صـ 689 وما بعدها).

فرق القانون بين الإشكال الأول والإشكال الثاني. فوفقاً للمادة 312/4 لا يترتب على تقديم أي إشكال آخر وقف التنفيذ ما لم يحكم قاضي التنفيذ بالوقف. ومعنى هذا أن الإشكال الثاني (أو الآخر) – على خلاف الإشكال الأول – لا يترتب على تقديمه وقف التنفيذ( 3 ). ذلك أن المشرع قد افترض في رافعه سوء النية والرغبة في عرقلة التنفيذ. ولهذا فإن الإشكال الثاني لا يوقف التنفيذ إلا إذا حكم القاضي بوقفه بعد نظر الإشكال. (المصدر: د. فتحي والي – المرجع السابق – بند 389 – صـ 691).

جريمة الامتناع عن تنفيذ حكم القضاء:

تكون الأحكام الصادرة ضد الجهات الحكومية واجبة التنفيذ إذا توافرت فيها شروط الصلاحية للتنفيذ، وهي بالنسبة إلى الأحكام الصادرة في المواد المدنية: أن تكون نهائية أو مشمولة بالنفاذ المُعجل – كما يُشترط أن تكون مذيلة بالصيغة التنفيذية ومعلنة إلى الجهات الحكومية – ولا يوجد إشكال في تنفيذها لم يُفصل فيه بعد.

ولكن قد يتأخر تنفيذ الأحكام بمبرر قانوني: مثل عدم توافر الاعتمادات المالية إلى أن تتوافر هذه الاعتمادات في ميزانية السنة المالية التالية.

بل قد تمتنع جهة الإدارة عمداً عن تنفيذ الأحكام ويكون امتناعها له مبرر قانوني، وذلك إذا كان يترتب على تنفيذها جبراً حدوث قلاقل أو اضطرابات أو فتن تمس الأمن والنظام.

كما قد يكون الامتناع عن التنفيذ بدون مبرر قانوني وتعنتاً من الموظف المختص بالتنفيذ والذي يعد تدخله ضرورة حتمية لإجراء التنفيذ لأن الأحكام الصادرة ضد الجهات الحكومية لا يجوز تنفيذها بالطريق الجبري لأنه لا يجوز الحجز على أموال الدولة العامة والخاصة على السواء.

وهذا التعنت من الموظف المختص بالتنفيذ يعتبر جريمة خطيرة لأنه كما تقرر محكمة القضاء الإداري: "ينطوي على مخالفة لقوة الشيء المقضي به، وهي مخالفة قانونية لمبدأ أساسي، وأصل من الأصول القانونية تمليه الطمأنينة العامة وتقضي به ضرورة استقرار الحقوق والروابط الاجتماعية استقراراً ثابتاً، ولذلك تعتبر المخالفة القانونية في هذه الحالة خطيرة وجسيمة، لما تنطوي عليه من خروج سافر على القوانين فهي عمل غير مشروع ومعاقب عليه بالمادة 123 من قانون العقوبات". (الطعن رقم 88 لسنة 3 قضائية – جلسة 29/6/1950).

وقد عالج المشرع جريمة تعطيل تنفيذ الأحكام والأوامر والامتناع عن تنفيذها في المادة 123 من قانون العقوبات التي تنص على أن: "يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي استعمل وظيفته في وقف تنفيذ الأوامر الصادر من الحكومة أو أحكام القوانين واللوائح أو تأخير تحصيل الأموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو من أية جهة مختصة. كذلك يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي امتنع عمداً عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضي ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلاً في اختصاص الموظف".

كما أن الدستور رأي أن في تعطيل تنفيذ الأحكام أو الامتناع عن تنفيذها مساس بمبدأ سيادة القانون، فنص عليها في صلب الدستور وأباح للمتضرر رفع دعوى الجنحة المباشرة ضد الموظف المختص المسئول وذلك استثناء من نص المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية التي تحظر رفع الدعوى الجنائية ضد الموظف العام لجريمة وقعت منه أثناء أو بسبب وظيفته إلا بإذن من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة، فنصت المادة 72 من الدستور الدائم لسنة 1971 على أنه: "تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون. وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة". (المصدر: بحث بعنوان "جريمة الامتناع عن تنفيذ الأحكام عمداً" – للمستشار/ ذكريا مصيلحي عبد اللطيف – منشور بمجلة "إدارة قضايا الحكومة" – العدد 3 – السنة الحادية والعشرون – يوليو/سبتمبر 1977 – صـ 5 وما بعدها).

وحيث أنه لا يوجد سبب قانوني جد بعد صدور الحكم يجيز لهيئة الأوقاف المصرية الاستشكال في تنفيذ الحكم، كما أن إقامة الإشكال بدون سند قانوني صحيح مصيره الرفض، فضلاً عن أن هيئة قضايا الدولة قد رأت عدم الطعن على الحكم الاستئنافي بطريق النقض، كما أن الصادر لصالحه الحكم قد أعلن هيئة الأوقاف بالصيغة التنفيذية لذلك الحكم، وخشية من إقامة جنحة مباشرة بتهمة عدم تنفيذ الأحكام ضد السيد المهندس/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية، لذلك..

ثالثاً- الرأي:

ولكل ما تقدم، أرى – لدى الموافقة – أن يتم تنفيذ الحكم رقم .......... لسنة .......... إيجارات كلي شمال القاهرة، والمؤيد استئنافياً بالاستئناف رقم .......... لسنة ........ قضائية "استئناف عالي القاهرة – مأمورية شمال"، والقاضي في منطوقه: بفسخ عقد الإيجار المؤرخين في 1/5/1990 والمبرم بين السيد/ .......... وهيئة الأوقاف المصرية، واعتبارهما عديمي الأثر. مع إلزام هيئة الأوقاف المصرية برد ما تسلمته من قيمة ايجارية عملاً لعقدي الإيجار المؤرخين في 1/5/1990 من السيد/ .................؛ وذلك بالشروط التالية:

1- تنفيذ الحكم طبقاً لمنطوقه.

2- التأكد من عدم سابقة الصرف أو التنفيذ.

3- التحقق من عدم وجود مانع من موانع الصرف أو التنفيذ.

4- التحقق من عدم وجود أية استحقاقات للخزانة العامة (كالضرائب والرسوم).

5- أخذ المُخالصة اللازمة على الصورة التنفيذية وسحبها من المحكوم لصالحه وحفظها لدى الهيئة ضمن مُستندات الصرف.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،



( 1 ) ويُشترط في مُنازعة التنفيذ الوقتية: 1- أن يكون المطلوب إجراء وقتياً.. 2- شرط الاستعجال.. 3- أن تكون المنازعة من اختصاص جهة المحاكم.. 4- وجوب رفعها قبل تمام التنفيذ.

( 2 ) نقض مدني في 8 يناير 1979 في الطعن رقم 597 لسنة 44 قضائية. ويظل الأثر الواقف ولو حكم بعدم الاختصاص والإحالة. إذ هذا الحكم ينقل الدعوى بحالتها إلى المحكمة المحال إليها. ويعتبر صحيحاً أمامها ما تم من إجراءات قبل الإحالة بما في ذلك صحيفة الإِشكال وأثرها الواقف للتنفيذ. د. فتحي والي – المرجع السابق – بند 388 – صـ 689 – هامش 2 بذات الصفحة.

( 3 ) ويُلاحظ أن الإشكال لا يعتبر إشكالاً ثانياً إلا إذا سبقه إشكال أول. ولا تعتبر منازعة التنفيذ الموضوعية – ولو ترتب على رفعها وقف التنفيذ، كدعوى الاسترداد – إشكالاً، ولهذا فإنه إذا رفع إشكال بعد دعوى الاسترداد، فإن هذا الإشكال لا يعتبر لمجرد سبقه بدعوى استرداد إشكالاً ثانياً بل هو إشكال أول. د. فتحي والي – المرجع السابق – بند 389 – صـ 691 – هامش 1 بذات الصفحة.

لا تنتهي جميع الأحكار في عام 2009

لا تنتهي جميع الأحكار في عام 2009

الوقائع

لوقف الحرمين الشريفين بدمياط أرض محكرة مساحتها 45.35م2 (خمسة وأربعون متراً مربعاً وخمسة وثلاثون سنتيمتر مربع) كائنة 10 تنظيم حارة الخنساء ببندر دمياط بدمياط، مقام عليها منزل باسم ورثة/ ……………. ، وقد صدر القرار رقم 10 لسنة 1989 بإنهاء هذا الحكر، ونشر عنه بالجريدة الرسمية في سبتمبر 1989 وبجريدة الجمهورية في 15/9/1989، وقد عرض موضوع استبدال حق الحكر على اللجنة القضائية لإنهاء الأحكار المشكلة بالقانون رقم 43 لسنة 1982 بشأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة، وتداول أمامها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 29/9/2009 صدر قرار اللجنة والذي جرى منطوقه على النحو التالي:

"أولاً- بيع مسطح العقار البالغ 45.35م2 (خمسة وأربعون متراً مربعاً وخمسة وثلاثون سنتيمتر مربع) الملك رقم 10 تنظيم حارة الخنساء ببندر دمياط بدمياط، والتابع لحكر وقف/ الحرمين الشريفين، وذلك وفقاً لنص المادة التاسعة من القانون رقم 43 لسنة 1982 لإنهاء الأحكار، بالمزاد العلني.

ثانياً- إخطار ذوي الشأن وهيئة الأوقاف المصرية بالقرار لاتخاذ شئونها".

وقد رأت لجنة مراجعة قرارات اللجان القضائية لإنهاء الأحكار بمذكرتها المؤرخة في 13/10/2009 الطعن على ذلك القرار استناداً إلى أن العقار محل التداعي، ولئن قد صدر قرار بإنهاء حق الحكر المترتب عليه ونشر طبقاً للقانون، إلا أن الثابت أنه لم يتم عرضه على اللجنة القضائية إلا بجلسة 26/3/2009.

وحيث أنه لما كان القانون المدني قد نص في المادة 999 منه على حد أقصى لمدة الحكر وهي ستون عاماً تنتهي بالنسبة للأحكار التي يسري عليها أحكامه في عام 2008 تعود بعدها العين المحكرة خالصة لجهة الوقف دون أي تعويض من ثمن الأرض، وفقط تعويضه عن البناء أو الغراس المقام عليها بأقل قيمتيه مستحقة الإزالة أو البقاء (المادة 1010 من القانون المدني).

وحيث أنه لما كان السيد الأستاذ/ المستشار نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس إدارة الفتوى لوزارات الصحة والأوقاف والتضامن الاجتماعي وشئون الأزهر، قد انتهى في مذكرة سيادته المؤرخة 11/9/2008 في الملف رقم 41/29/37 إلى:

"أولاً- انتهاء الأحكار التي مر عليها ستون عاماً دون حاجة إلى اتخاذ أي من الإجراءات المنصوص عليها بالقانون رقم 43 لسنة 1982 مع مراعاة ما تقضي به المادة 1010 من القانون المدني من أحكام. ؟!!!!

ثانياً- استمرار اللجنة القضائية المشكلة وفقاً لأحكام المادة الخامسة من القانون رقم 43 لسنة 1982 في نظر المنازعات المتعلقة بتطبيق أحكام المادتين 999 و 1010 من القانون المدني، وذلك كله على النحو المبين بالأسباب".

وحيث أنه لما كانت اللجنة القانونية المنبثقة عن مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية قد أبدت رأياً أيضاً في هذا الشأن مفاده:

1- إنه بحلول عام 2008 تعتبر جميع الأحكار منتهية بقوة القانون، وكل ما للمحتكر أو واضع اليد من حقوق: هو إزالة البناء أو الغراس أو تقاضي الأقل من قيمتها مستحقة الإزالة أو البقاء.؟!!!!

2- صدور قرار وزاري بإنهاء هذه الأحكار ونشره في الوقائع المصرية وجريدتين يوميتين وإعلان المحتكر أو واضع اليد الظاهر به.

3- تظل اللجان القضائية قائمة بتشكيلاتها التي يصدرها الأستاذ الدكتور/ وزير الأوقاف لمباشرة الاختصاص في تحديد المحتكر أو واضع اليد الظاهر أو ثمن ما على الأرض من بناء أو غراس عند المنازعة في أيا منها وكذلك بما هو معروض عليها من أحكار قبل عام 2008 إذ أن هذه الولاية أنيطت بها بحكم القانون لا تغل سلطتها إلا بأداة تشريعية موازية.

وحيث أنه لما كان البين مما سبق أن اللجنة القضائية لإنهاء الأحكار تختص حالياً بتحديد من هو المحتكر أو المنتفع الظاهر أو ثمن ما على الأرض من بناء أو غراس عند المنازعة في أيا منها وكذلك الاختصاص بالأحكار التي كانت معروضة عليها قبل عام 2008

وحيث أن الثابت أن الحالة المعروضة لم تعرض على اللجنة القضائية لإنهاء الأحكار قبل عام 2008، وأن أول عرض لها كان في 26/3/2009، وبالتالي ما كان المفروض عرض هذا الملف على اللجنة القضائية أو إصدار قرار من اللجنة على النحو سالف الذكر، ومن ثم يكون قرار اللجنة قد جاء مخالفاً لأحكام القانون متعيناً الطعن عليه.

ولا ينال من ذلك أن القرار صدر بالبيع بالمزاد العلني، ذلك لأن من شأن تنفيذ هذا القرار هو أحقية المستحكر في الحصول على 25% من ثمن الأرض بالإضافة لثمن المباني طبقاً لما يسفر عنه المزاد العلني، بينما لو طبق القانون واعتبار حكر العقار محل البحث منتهياً بقوة القانون على النحو الوارد تفصيلاً آنفاً، لكان حق المستحكر سينحصر في الحصول على قيمة البناء مستحقة الهدم فقط أي قيمة الأنقاض فقط وعدم أحقيته في الحصول على نسبة 25% من ثمن الأرض.

ومن ثم، فقد انتهى رأي لجنة مراجعة قرارات اللجان القضائية لإنهاء الأحكار إلى الطعن على ذلك القرار للأسباب سالفة الذكر. وقد قامت إدارة القضايا بالفعل بتحرير صحيفة الطعن وإعداد حافظة المستندات تمهيداً لإرسالهما لمنطقة الأوقاف بدمياط لقيدها ومباشرتها للاختصاص. إلا أنه يعن لي مناقشة أسانيد اللجنة الموقرة فيما استندت إليه في رأيها المتقدم ذكره، على نحو ما سيلي:

البحث القانوني:

تنص المادة الثانية من مواد إصدار القانون المدني الجديد رقم 131 لسنة 1948 والصادر في تاريخ 29/7/1948، على أن: "... يُعمل به ابتداءً من 15 أكتوبر سنة 1949".

ومن وقت العمل بالقانون المدني الجديد، في 15/10/1949، لا يجوز ترتيب حق الحكر على أرض غير موقوفة. طبقاً لنص المادة 1012 من القانون المدني الجديد، والتي تنص على أنه: "من وقت العمل بهذا القانون لا يجوز ترتيب حق حكر على أرض غير موقوفة ...".

وتنص المادة 999 من القانون المدني الجديد على أنه: "لا يجوز التحكير لمدة تزيد على ستين سنة. فإذا عينت مدة أطول أو أغفل تعيين المدة، اعتبر الحكر معقوداً لمدة ستين سنة".

وتنص المادة 187 من الدستور المصري الدائم على أنه: "لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها ...".

ومن ثم فإن أحكام القانون المدني الجديد لا تسري إلا على عقود التحكير المبرمة في ظله، أي اعتباراً من 15/10/1949، ولا تسري على عقود التحكير المبرمة في ظل القانون المدني القديم الذي كان معمولاً به أمام المحاكم الوطنية والصادر في 28 أكتوبر سنة 1883.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "الأصل المُقرر دستورياً هو عدم سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها فلا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، وإن السلطة التشريعية تتخذ قراراتها بالأغلبية المطلقة للحاضرين من أعضائها، وإنه استثناء من هاتين القاعدتين أجاز الدستور في غير المواد الجنائية - النص في القانون على رجعية الآثار التي يرتبها، على أن يكون ذلك بموافقة أغلبية أعضاء السلطة التشريعية في مجموعهم، وهي أغلبية خاصة فرضها الدستور كضمانة أساسية للحد من الآثار التي تحدثها الرجعية في محيط العلاقات القانونية وتوكيداً لخطورتها في الأعم الأغلب من الأحوال، باعتبار ما قد تؤول إليه من مساس بالحقوق و إخلال بالاستقرار". (نقض مدني في الطعن رقم 27 لسنة 8 قضائية).

ولذلك فقد جرى قضاء محكمة النقض على أنه: "المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأحتكار من وضع فقهاء الشريعة الإسلامية، وهو عندهم عقد لإيجار يعطى للمحتكر حق البقاء والقرار على الأرض المحكورة ما دام يدفع أجرة المثل، ونصوا على أنه لو خرب بناء المحتكر أو جف شجرة ولم يبق لهما أثر في أرض الوقف ومضت مدة الأحتكار عادت الأرض إلى جهة الوقف ولم يكن للمحتكر ولا لورثته حق البقاء وإعادة البناء، ونصوا أيضاً على أنه إذا لم يمكن الانتفاع بالعين المؤجرة بفسخ العقد وتسقط الأجرة عن المحتكر عن المدة الباقية - لما كان ذلك - وكان البين من الأعمال التحضيرية للقانون المدني الحالي أن النصف المادة 999 منه على توقيت الحكر وتحديد مدته إنما يسرى على الأحكار الجديدة التي تنشأ فى ظل العمل به اعتبارا من 15/10/1949 أما الأحكار السابقة على هذا التاريخ فلم ينص على كيفية انتهائها وتركها إلى أن يصدر فى شأنها تشريع خاص بعد أن تعارضت مصالح وحقوق المحكرين والمحتكرين تعارضاً استعصى على التوفيق، وبذلك تبقى هذه الأحكار خاضعة لقواعد الشريعة الإسلامية التي كانت تحكمها وقت إنشائها". (نقض مدني في الطعن رقم 645 لسنة 54 قضائية – جلسة 25/5/1988 مجموعة المكتب الفني – السنة 39 – صـ 977 – فقرة 2).

مع الأخذ في الاعتبار أن أغلب - إن لم يكن جميع - عقود الحكر التي أبرمتها الأوقاف، هي عقود سابقة على تاريخ العمل بالقانون المدني الجديد في أواخر عام 1949. ومن ثم يطبق عليها أحكام الشريعة الإسلامية التي كانت تحكمها وقت إنشائها ولا تسري عليها أحكام القانون المدني الصادر في عام 1948.

والقانون المدني الجديد قد حصر حالات إنهاء حق الحكر فيما يلي:

1- حلول الأجل المعين للحكر.

2- وفاة المستحكر قبل أن يبني أو يغرس.

3- زوال صفة الوقف عن الأرض المحكرة.

4- عدم استعمال حق الحكر لمدة 15 سنة، وإذا كان حق الحكر موقوفاً فينتهي بعدم استعماله مدة 33 سنة.

5- ويجوز فسخ عقد الحكر إذا لم يدفع المستحكر أجرة الحكر لمدة 3 سنوات متوالية.

(وذلك كله طبقاً لنص المواد 1008 و 1011 و 1009 من القانون المدني الجديد).

كما نظمت المادة 1010 من القانون المدني الجديد ما يترتب على إنهاء حق الحكر، بنصها على أنه عند إنهاء حق الحكر: "... يكون للمحكر أن يطلب إما إزالة البناء والغراس أو استبقاءهما مقابل دفع أقل قيمتيهما مستحقي الإزالة أو البقاء، هذا كله ما لم يوجد اتفاق يقضي بغيره".

ولكن قوانين إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة، الصادرة بعدة قوانين متعاقبة: أولها القانون رقم 649 لسنة 1953 (أي بعد أربع سنوات فقط من تاريخ سريان القانون المدني الجديد)، ثم القانون رقم 295 لسنة 1954، ثم القانون رقم 92 لسنة 1960، ثم القانون رقم 38 لسنة 1966، ثم أخيراً القانون الحالي رقم 43 لسنة 1982 الصادر في 24 يونيو سنة 1982. نظمت إنهاء حق الحكر بطريقة مختلفة عما تضمنه القانون المدني. حيث فرق القانون رقم 43 لسنة 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة بين طائفتين من الأحكار على نحو ما يلي:-

الطائفة الأولى: وقد نظمتها المادة الأولى من القانون المذكور بنصها على أن: "يُعتبر حق الحكر منتهياً دون تعويض في الأعيان الموقوفة الخالية من أي بناء أو غراس عند العمل بهذا القانون، وتعتبر الأرض ملكاً خالصاً لجهة الوقف ولا يعتد بأي بناء أو غراس تقام في الأرض الفضاء المحكرة بعد العمل بهذا القانون".

والطائفة الثانية: وقد نظمتها المادة الثانية من القانون المذكور بنصها على أن: "ينتهي حق الحكر على الأعيان الموقوفة المشغولة ببناء أو غراس بقرار يصدره وزير الأوقاف ويختص الوقف مالك الرقبة بثلاثة أرباع ثمن الأرض والمحتكر بباقي ثمنها وذلك بالإضافة إلى الأقل من ثمن البناء أو الغراس مستحقي الإزالة أو البقاء".

وقد نصت صراحة المادة الخامسة عشر من القانون المذكور على أن: "يلغى القانون رقم 92 لسنة 1960 بإعادة تنظيم الحكر على الأعيان الموقوفة، كما يلغى كل نص يخالف أحكام هذا القانون ...".

ولما كان من القواعد الأصولية والأساسية المسلم بها قانوناً أن: القانون الخاص يقيد العام، وأن القانون اللاحق يجب السابق. كما تنص المادة الثانية من القانون المدني الجديد على أنه: "لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم، أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرره قواعده ذلك التشريع".

هذا، ومن المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه: "من الأمور المسلمة أن النسخ الضمني للقاعدة القانونية لا يكون إلا حيث يصدر تشريع لاحق على ذات المستوى فى مجال المدارج التشريعية، وأن يكون التشريع اللاحق الذى توافر له الشروط المتقدم حاسماً فى إسقاطه للحكم السابق وذلك لتعارضه معه بصورة تجعل من غير الممكن التوفيق بينهما وإعمالهما معاً أما حيث يكون لكل من التشريعين مجال لإعماله يختلف عن الآخر فلا يكون هناك نسخ، وإذا أورد المشرع تنظيماً خاصاً بمسألة قانونية محددة وردت الإشارة إليها بصفة عامة فى قانون آخر فإنه يتعين إطراح الإشارة العامة وتطبيق التنظيم الخاص وذلك تطبيقاً لقاعدة أن الخاص يقيد العام". (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1283 لسنة 14 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 12/6/1971 مجموعة المكتب الفني – السنة 16 – صـ 323).

ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذا كان المقصود بإلغاء التشريع نسخه مع رفع حكم قانوني بحكم قانوني آخر متأخر عنه بما يترتب عليه بطلان العمل بالتشريع الأول وتجريده من قوته الملزمة، وكان المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن يتم ذلك بتشريع لاحق ينص على الإلغاء صراحة أو يدل عليه ضمناً، بأن يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده، وكان من الجائز أن يتم إلغاء التشريع إما عن طريق استبدال نصوص أخرى بنصوصه أو الاقتصار على إبطال مفعوله دون سن تشريع جديد، بمعنى أنه لا يلزم أن يشتمل النص الناسخ على بديل للحكم المنسوخ". (نقض مدني في الطعن رقم 17 لسنة 43 قضائية – جلسة 5/11/1975 مجموعة المكتب الفني – السنة 26 – صـ 1376).

ومن ثم يكون القانون رقم 43 لسنة 1982 بإنهاء الأحكار قد نسخ جميع القوانين السابقة عليه والتي نص صراحة على إلغائها، ويكون كذلك قد نسخ كل حكم يخالف القواعد التي قررها في القوانين السابقة عليه (ومن ضمنها القانون المدني الحالي)، حيث نظم قانون إنهاء الأحكار مسألة إنهاء الأحكار وحالاتها وطرقها بطريقة مختلفة عما نظمها به القانون المدني، وعليه يكون قانون إنهاء الأحكار هو الواجب التطبيق (قانوناً) باعتباره قانوناً خاصاً ولاحقاً، وليس أحكام القانون المدني باعتباره قانوناً عاماً وسابقاً قد نسخه وجبه قانون إنهاء الحكر كقانون خاص ولاحق عليه، طبقاً لنص المادة 15 من القانون رقم 43 لسنة 1982 والمادة 2 من القانون المدني الحالي.

ويؤيد هذا النظر (بأن قانون إنهاء الحكر يطبق على جميع الأحكار بصرف النظر عن مدة حق الحكر)، أن النص في المادة الأولى من قانون إنهاء الحكر رقم 43 لسنة 1982 قد نصت على أن: يُعتبر حق الحكر منتهياً دون تعويض (وبقوة هذا القانون) في الأعيان الموقوفة الخالية من أي بناء أو غراس عند العمل بهذا القانون، وتعتبر الأرض ملكاً خالصاً لجهة الوقف. وهذا النص يُطبق على جميع الأعيان الموقوفة الخالية من أي بناء أو غراس عند العمل بالقانون المذكور، بصرف النظر عن مدة حق الحكر المُقرر على تلك الأعيان أو وفاة المستحكر من عدمه أو استعمال حق الحكر من عدمه أو أي سبب آخر من أسباب إنهاء حق الحكر المنصوص عليها في القانون المدني. فالإنهاء في هذا النص من هذا القانون يرد على جميع الأحكار أياً ما كانت وأياً ما كانت مدتها وسواء كانت أقل أم أكثر من ستين عاماً وأياً ما كان القانون "العام" الخاضعة له سواء كانت الشريعة الإسلامية أم القانون المدني الحالي.

أما الأعيان الموقوفة المشغولة ببناء أو غراس (في جميع الأحكار) (وهو الوجه المقابل للحالة الأولى سالفة الذكر) فينتهي حق الحكر فيها بقرار يصدره وزير الأوقاف وفقاً للأوضاع والشروط التي نظمها قانون إنهاء الحكر رقم 43 لسنة 1982 بصرف النظر عن مدة حق الحكر المُقرر على تلك الأعيان أو وفاة المستحكر من عدمه أو استعمال حق الحكر من عدمه أو أي سبب آخر من أسباب إنهاء حق الحكر المنصوص عليها في القانون المدني. فالإنهاء في هذا النص من هذا القانون يرد على جميع الأحكار أياً ما كانت وأياً ما كانت مدتها وسواء كانت أقل أم أكثر من ستين عاماً وأياً ما كان القانون "العام" الخاضعة له سواء كانت الشريعة الإسلامية أم القانون المدني الحالي. لا سيما وأن المادة الأولى من القانون رقم 92 لسنة 1960 كانت تنص على أن: "ينتهي الحكر بقرار من وزير الأوقاف على أن يتم إنهاء جميع الأحكار في مدة لا تجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بالقانون". مما مفاده أن قانون الأحكار السابق كان يطبق على جميع الأحكار (كما هو الحال في جميع قوانين إنهاء الحكر باعتبارها قوانين خاصة ولاحقة على القانون المدني باعتباره الشريعة العامة)، ومن ثم فقوانين إنهاء الحكر هي الواجبة الاتباع عند إنهاء الحكر وليس نصوص القانون المدني التي تتعارض مع أحكام قوانين إنهاء الحكر.

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن:

1- النص في المادة الأولى من القانون رقم 92 لسنة 1960 على أن ينتهي الحكر بقرار من وزير الأوقاف على أن يتم إنهاء جميع الأحكار في مدة لا تجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بالقانون مفاده أن المشرع استلزم لإنهاء الحكر من جانب المطعون ضدها الثانية صدور قرار بذلك من وزير الأوقاف وإتباعاً للإجراءات المنصوص عليها في ذلك القانون، فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذا هو رتب على عدم اتخاذ الإجراءات المشار إليها بقاء حق الحكر قائماً.

2- النص في المادة الأولى من القانون رقم 43 لسنة 1982 على أن يعتبر حق الحكر منتهياً دون تعويض في الأعيان الموقوفة الخالية من أي بناء أو غراس عند العمل بهذا القانون وتعتبر الأرض ملكاً خالصاً لجهة الوقف ولا يعتد بأي بناء أو غراس تقام في الأرض الفضاء المحكرة بعد العمل بهذا القانون، والنص في المادة الثانية من ذات القانون على أن ينتهي حق الحكر على الأعيان الموقوفة المشغولة ببناء أو غراس بقرار يصدره وزير الأوقاف، يدل على أن حق الحكر ينتهي بقوة القانون دون اتخاذ أي إجراء متى كانت أعيان الوقف المرتب عليها حق الحكر فضاء غير مشغولة ببناء أو غراس عند بدء العمل بالقانون أما تلك المقام عليها بناء أو بها غراس فلا ينتهي حق الحكر في شأنها إلا بقرار يصدره وزير الأوقاف. (نقض مدني في الطعن رقم 186 لسنة 53 قضائية – جلسة 13/11/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – الجزء الثاني – القاعدة رقم 311 – صـ 1589).

مع مراعاة أن القوانين الخاصة لا تلغيها إلا قوانين خاصة مثلها، ولا تنسخ بقوانين عامة ما لم يكن التشريع العام الجديد (اللاحق على القوانين الخاصة) قد أشار بعبارة صريحة إلى الحالة التي كان يحكمها القانون الخاص وجاءت عباراته قاطعة في سريان حكمه في جميع الأحوال. (نقض مدني في الطعن رقم 839 لسنة 43 قضائية – جلسة 7/6/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 1428) ولما كان إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة وقفاً خيرياً ينظمها ويحكمها قانون إنهاء الحكر (رقم 43 لسنة 1982) وهو قانون خاص ولم يلغه قانون خاص مثله (ولا حتى قانون عام لاحق عليه)، ومن ثم فيكون قانون إنهاء الحكر هو القانون الواجب التطبيق في خصوص إنهاء الأحكار بما تضمنه من إجراءات وشروط وأوضاع لا سيما صدور قرار الإنهاء من وزير الأوقاف واختصاص اللجان القضائية للأحكار بكافة المنازعات المتعلقة به.

ومن ثم فيتعين إتباع الإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 43 لسنة 1982 بشأن إنهاء الأحكار، في جميع الموضوعات الخاصة بإنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة وقفاً خيرياً، (وهو ذات الرأي الذي انتهت إليه الشئون القانونية بوزارة الأوقاف كما أفادت بذلك الإدارة العامة للأوقاف والمحاسبة بكتابها الرقيم 500 والمؤرخ في 17/4/2008 والموجهة لإدارة الأحكار بالإدارة العامة للملكية العقارية بديوان عام هيئة الأوقاف المصرية)، وذلك بصرف النظر عن المدة المنصوص عليها في عقد الحكر وبصرف النظر عما إذا كانت تلك المدة أطول أو أقل من ستين عاماً وبصرف النظر عما إذا كان عقد الحكر مبرم في ظل القانون المدني الحالي أو في ظل القانون المدني القديم. كما أنه لا يرجع إلى الأحكام الواردة في القانون المدني المنظمة لحق الحكر إلا فيما لا يتعارض منها مع أحكام قانون إنهاء الحكر رقم 43 لسنة 1982 (والقوانين السابقة عليه في حالة انطباقها). وفي خصوص طلب "فسخ" عقد الحكر فينظمها القانون المدني وحده، حيث لم تتناولها بالتنظيم قوانين إنهاء الأحكار المشار إليها آنفاً.

مدارج التشريع:

وإذ أناط المشرع باللجان القضائية وحدها دون غير النظر والفصل في المنازعات المتعلقة بإنهاء الأحكار، وهذا الاختصاص الذي أنيط بتلك اللجان بموجب "قانون" لا ينحسر عنها إلا بأداة تشريعية موازية، وهي "القانون"، ذلك أن مؤدى مبدأ المشروعية هو خضوع الكافة حكاماً ومحكومين للقانون، ويجب على الجميع الانصياع لحكم القانون وعدم الخروج عليه.

فالقاعدة في تدرج التشريعات هي أن: التشريع الدستوري هو الأعلى، ويليه التشريع العادي "القانون"، ثم يليه التشريع الفرعي "اللوائح".

ويترتب على تدرج التشريعات نتيجة هامة وهي أن التشريع الأدنى يجب ألا يخالف التشريع الأعلى منه، فاللوائح يجب ألا تخالف القانون ولا الدستور، والقانون – بدوره – يجب ألا يخالف الدستور، فإذا تعارض تشريعان من درجتين مختلفتين، وجب تغليب الأعلى.

وفي هذا الشأن جرى قضاء محكمة النقض على أنه: "من المُقرر أنه عند تعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر في لائحة تنفيذية، فإن النص الأول يكون هو واجب التطبيق باعتباره أصلاً للائحة التي هي أداة تشريعية أدنى من القانون". (نقض مدني في الطعون أرقام 2 و 3 و 4 لسنة 35 قضائية "صحافة" – جلسة 31/5/1966).

وتتجلى إحدى نتائج التدرج في القواعد التشريعية في مجال "إلغاء التشريع"، والمقصود بإلغاء القاعدة القانونية هو رفع القوة الملزمة لها أو إنهاء العمل بها ابتداء من وقت الإلغاء. فالتشريع الدستوري لا يلغى إلا بتشريع دستوري، والتشريع العادي يلغيه تشريع عادي أو تشريع دستوري، والتشريع اللائحي يلغيه تشريع لائحي أو عادي أو دستوري. ولكن لا يجوز لقرار تنفيذي أن يلغي أو ينهي أو يعدل قاعدة قانونية واردة في نص قانون عادي، بأي حال من الأحوال.

حيث أنه من المقرر قانوناً أن إلغاء التشريع أو تعديله لا يكون إلا بتشريع مثله، أي يصدر عن مجلس الشعب طبقاً للإجراءات المُعتادة لسن القوانين، ولا يجوز إلغاء التشريع أو تعديله بلائحة تصدر بقرار وزاري من الوزير المُختص. حيث تنص المادة الثانية من القانون المدني على أنه: "لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم، أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع".

كما أن المادة 144 من الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية لعام 1971 تنص على أنه: "يُصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها. ويجوز أن يعين القانون من يُصدر القرارات اللازمة لتنفيذه".

فاللائحة التنفيذية إذن تفصل حيث أجمل القانون، وتفسر حيث عمم القانون، وتضع الإجراءات حيث لم يضع القانون إلا القواعد الموضوعية، واللائحة بصفة عامة تسهل على السلطات العامة مهمة تنفيذ القوانين في الدولة. واللائحة إذ تفعل ذلك كله لا يمتد نطاقها – وفقاً للدستور ذاته – إلى حيث تتعارض مع القانون الصادرة هي لتنفيذه، ولا تصل إلى حد تعديل مضمون القانون، ولا يجوز للائحة أن تعفي أحداً من أحكام فرضها القانون، لأن اللائحة في هذه الأحوال جميعها لا تؤدي إلى تنفيذ القانون بل على العكس تؤدي إلى عدم تنفيذه أو تنفيذه على نحو غير النحو الذي قصد إليه المُشرع. ولا يجوز للائحة عن طريق تفسير بعض الأحكام المُجملة في القانون أن تعمد إلى تحوير مضمونه وإضافة أحكام موضوعية جديدة، ذلك أن إضافة أحكام موضوعية جديدة إلى القانون لا يكون إلا بقانون مثله، فإذا عمدت السلطة التنفيذية وهي تضع اللائحة إلى مثل ذلك فإنها تكون قد تعدت النطاق المرسوم لها وتجاوزت اختصاصها واعتدت على اختصاص سلطة التشريع. (المصدر: "النظام الدستوري في جمهورية مصر العربية" – للدكتور/ يحي الجمل – طبعة 1974 القاهرة – صـ 210 و 211).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغي أو تعدل قاعدة تنظيمية وضعتها سلطة أعلى أو أن تضيف إليها أحكاماً جديدة". (نقض مدني في الطعن رقم 476 لسنة 26 قضائية – جلسة 31/5/1962 مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – صـ 734).

وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن: "الأصل أن اللائحة لا تعدل تشريعاً إذ هي في مرتبة أدنى منه". (نقض مدني في الطعن رقم 25 لسنة 27 قضائية – جلسة 29/11/1962 مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – صـ 1078).

ومن المقرر في قضاء النقض: "إنه وإن كانت المحاكم لا تملك إلغاء أو تعديل القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية إلا أن القرارات التي تصدرها السلطة التنفيذية بتفويض من السلطة التشريعية وإن كان لها فى موضوعها قوة القانون، إلا أنها تعتبر قرارات إدارية لا تبلغ مرتبة القوانين فى حجية التشريع، فيكون القضاء الإداري بما له من ولاية الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية أن يحكم بإلغائها إذا جاوزت الموضوعات المحددة بقانون التفويض أو الأسس التي يقوم عليها، ولا تحوز هذه القرارات حجية التشريع إلا إذا أقرها المجلس النيابي شأنها فى ذلك شأن أي قانون آخر". (نقض مدني في الطعن رقم 26 لسنة 41 قضائية – جلسة 21/12/1972 مجموعة المكتب الفني – السنة 23 – صـ 11919).

ومن ثم، فإن "مذكرة" السيد الأستاذ/ المستشار نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس إدارة الفتوى لوزارات الصحة والأوقاف والتضامن الاجتماعي وشئون الأزهر، المؤرخة 11/9/2008 في الملف رقم 41/29/37 والمنتهية إلى: "أولاً- انتهاء الأحكار التي مر عليها ستون عاماً دون حاجة إلى اتخاذ أي من الإجراءات المنصوص عليها بالقانون رقم 43 لسنة 1982 مع مراعاة ما تقضي به المادة 1010 من القانون المدني من أحكام. ثانياً- استمرار اللجنة القضائية المشكلة وفقاً لأحكام المادة الخامسة من القانون رقم 43 لسنة 1982 في نظر المنازعات المتعلقة بتطبيق أحكام المادتين 999 و 1010 من القانون المدني، وذلك كله على النحو المبين بالأسباب".. هذه المذكرة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تلغي قانون أصدره المجلس النيابي ولا يجوز لها أن تعدله أو تنهي العمل به أو تغير من أحكام وحالاته وشروطه، إذ لا يجوز ذلك إلا بسن تشريع آخر يصدر عن ذات المجلس النيابي وليس مجرد مذكرة حررها أحد نواب مجلس الدولة، والتي كانت أساساً وسنداً للجنة مراجعة قرارات اللجان القضائية لإنهاء الأحكار بديوان عام هيئة الأوقاف المصرية.

ثالثاً- الرأي:

* لكل ما تقدم، نرى – لدى الموافقة – توصية لجنة .................. بإعادة مرة أخرى على ضوء ما ورد بهذه المذكرة، وفي حالة ما إذا عدلت رأيها فتوصي بمراعاة ذلك مستقبلاً في الملفات المشابهة.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،