الاثنين، 4 يونيو 2012

صحيفة استئناف حكم إلزام بالتعويض – الحائز حسن النية لا يلتزم برد الثمار أو الريع – لا مسئولية على الموظف عند قيامه بتنفيذ أوامر رؤسائه



 
"وأعلنتهما بصحيفة الاستئناف التالية"
        بموجب هذه الصحيفة يستأنف الطالب بصفته الحكم الصادر في الدعوى رقم ***** لسنة ***** تعويضات كلي جنوب القاهرة، من الدائرة *** تعويضات، بجلسة *********م، والقاضي في منطوقه: "بإلزام المدعى عليهما – على سبيل التضامن فيما بينهما – بأن يؤديا للمدعي مبلغ وقدره سبعون ألف جنيه كتعويض عن الأضرار التي أصابته، وألزمتهما بالمصاريف وخمسة وسبعون جنيه أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات".
الموضوع
        تخلص وقائع الدعوى رقم ***** لسنة ***** تعويضات كلي جنوب القاهرة، في أن المدعي فيها - المعلن إليه الأول - عقدوا الخصومة فيها ضد الطالب بصفته وضد المعلن إليه الثاني بصفته، بموجب صحيفة، أودعت قلم كتاب محكمة أول درجة بتاريخ 2/9/2009، طلب في ختامها الحكم له: "بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما بأن يؤديا له مبلغ "مليون" جنيه مع الفوائد القانونية والمصاريف والأتعاب والنفاذ". على سند من الزعم بأنه يمتلك عقار التداعي وأن الأوقاف قد وضعت اليد عليه وحرمته من ريعه طوال فترة وضع يدها عليه، مما حدا به إلى إقامة الدعوى المستأنف حكمها، بغية القضاء لهم بطلباته سالفة الذكر.
        وتداولت الدعوى المستأنف حكمها بالجلسات أمام محكمة أول درجة، على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة ****** قضت محكمة أول درجة بقضائها المتقدم ذكره.
        ولما كان هذا الحكم قد جاء مجحفاً بحقوق الطالب بصفته، فضلاً عما شابه من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله، لذا فالطاعن بصفته يطعن عليه بالاستئناف الماثلة لتلك الأسباب، وللأسباب التالية:
"أسباب الطعن"
الوجه الأول: لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله لا
فالحائز حسن النية لا يلتزم برد الثمار "الريع"
        لما كانت المادة 965 من القانون المدني تنص على أنه: "1- يُعد حسن النية من يحوز الحق وهو يجهل أنه يعتدي على حق الغير، إلا إذا كان الجهل ناشئاً عن خطأ جسيم. 2- فإذا كان الحائز شخصاً معنوياً، فالعبرة بنية من يمثله. 3- وحسن النية يُفترض دائماً، ما لم يقم الدليل على العكس".
وتنص المادة 966/1 مدني على أنه: "لا تزول صفة حسن النية لدى الحائز إلا من الوقت الذي يصبح فيه عالماً أن حيازته اعتداء على حق الغير".
كما تنص المادة 978/1 مدني على أنه: "يكسب الحائز ما يقبضه من ثمار مادام حسن النية".
ومن المقرر قانوناً وفقهاً أن: "النص في الفقرة الأولى من المادة 965 مدني تنص على أنه: "يُعد حسن النية من يحوز الحق وهو يجهل أنه يعتدي على حق الغير". ويؤخذ من هذا النص أن الحائز لحق يعتبر حسن النية إذا كان يعتقد أن حيازته لهذا الحق لا تنطوي على اعتداء على حق للغير. وأقرب تطبيق لذلك هو أن يكون الحائز لحق الملكية يعتقد أنه هو المالك فيكون حسن النية في حيازته لحق الملكية سواء كان هو المالك فعلاً أو لم يكن". (لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" - للدكتور/ عبد الرازق أحمد السنهوري - الجزء التاسع: "أسباب كسب الملكية" - المجلد الثاني: "الحيازة المكسبة للملكية" - الطبعة الثانية 1993 القاهرة - بند 288 وما بعده - صـ 1177 وما بعدها).

حسن النية يُفترض دائماً:
ولا يُطلب من الحائز أن يثبت حسن نيته. فالمفروض أصلاً أنه حسن النية، إلي أن يُثبت خصمه العكس. وقد "نصت الفقرة الثالثة من المادة 965 مدني على أن: "حسن النية يفترض دائماً، ما لم يقم الدليل على العكس. وإثبات سوء النية أمر عسير جداً إذ هو يتعلق بالنوايا الخفية". (نقض مدني في 15 فبراير سنة 1968 مجموعة أحكام النقض السنة 19 رقم 47 صفحة 304).
        والسبب في افتراض حسن النية في الحائز أن المُشاهد في أغلب الأحيان أن الشخص الذي يحوز شيئاً يكون هو المالك له، فافترض القانون حسن النية في الحائز، أخذاً بالغالب الراجح. وذلك إلي أن يثبت من يدعي أن الحائز سيئ النية سوء نيته، فيتحمل هذا المدعي عبء إثبات سوء النية. مثل ذلك أن يرفع المالك الحقيقي على الحائز دعوى الاستحقاق مطالباً إياه برد العين وبالثمار التي قبضها، فيتمسك الحائز بأنه تملك الثمار بقبضها لأنه كان حسن النية وقت حيازته. ففي هذه الحالة لا يكلف الحائز بإثبات حسن نيته لأن حسن النية مفترض في جانبه كما قدمنا، وعلى المالك أن يثبت أن الحائز كان سيئ  النية. (لطفاً، المرجع: وسيط السنهوري - المرجع السابق - بند 291 - صـ 1185 وما بعدها).
فإذا أُعلِنَ الحائز في صحيفة الدعوى بأن الحق الذي يحوزه ليس له وطولب برده إلي صاحبه، فمن وقت إعلان صحيفة الدعوى إلي الحائز متضمنة هذا المعنى يصبح سيئ النية، حتى لو كان يعتقد بالرغم من هذا الإعلان أن الحق الذي يحوزه هو له وأن المدعي مبطل في دعواه. فعندئذ يعامل الحائز كما لو كان سيئ النية من وقت أن وصل إليه إعلان المدعي، ويلاحظ أن الحائز لا يطالب برد الثمرات (الريع) إلا من وقت إعلان صحيفة الدعوى إليه. (لطفاً، راجع: وسيط السنهوري - المرجع السابق - بند 294 - صـ 1189 وما بعدها).
فإذا كان "الريع" يعتبر بمثابة تعويض لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار. (نقض مدني في الطعن رقم 1107 لسنة 50 قضائية - جلسة 20/3/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 صـ 758).
        وقد تواتر قضاء محكمة النقض على أن: "تطبيق المادتين 978 و 979 من القانون المدني يقتضي حتماً التفريق بين الحائز حسن النية والحائز سيئ النية عند بحث تملك ثمار العين التي يضع يده عليها فإن لكل حكماً، فالثمرة وهى الريع تكون واجبة الرد إذا كان آخذها حائزاً سيئ النية والحق في المطالبة بها لا يسقط إلا بالتقادم الطويل عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 375 من القانون المدني، أما إذا كان آخذها حائزاً للعين واقترنت حيازته بحسن نية فلا رد للثمرة". (نقض مدني في الطعن رقم 277 لسنة 49 قضائية – جلسة 20/1/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 271 – فقرة 1. وفي الطعن رقم 1813 لسنة 57 قضائية – جلسة 21/1/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 273 – فقرة 7).
        لما كان ما تقدم، وكان وضع يد هيئة الأوقاف المصرية، كان تنفيذاً لقرار وزارة الأوقاف (جهة رئاستها)، وقامت باستلام عقار التداعي ووضع اليد عليه بحسبانها مالكة له طبقاً لقرار لجنة استرداد الأوقاف المغتصبة الصادرة من وزارة الأوقاف والتي لم يتم الطعن عليه بثمة مطعن من المعلن إليه الأول، فإنه يفترض في هيئة الأوقاف أنها حسنة النية، وحسن النية مفترض، ولم يقم المعلن إليه الأول بزعم وإثبات عكس المفترض أصلاً، وعليه فلا تلتزم هيئة الأوقاف باعتبارها حسنة النية برد الثمار التي قبضتها في فترة وضع يدها على عين التداعي وقبل إعلانها بالدعوى الماثلة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأخذ بتقرير الخبير الذي قام بحساب ريع عقار التداعي منذ عام 2004 وقبل إعلان صحيفة دعوى التعويض في عام 2009 فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب إلغاؤه والقضاء مجدداً برفض الدعوى.

الوجه الثاني: لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله
على مسئولية على الموظف الذي يقوم بتنفيذ أوامر رؤسائه

أركان المسئولية التقصيرية:
        لما كانت المادة 163 مدني تنص على أن: "كل خطأ سبب ضرر للغير يلزم من أرتكبه بالتعويض". ويتبين من هذا النص أن المسئولية التقصيرية لها أركان ثلاثة: 1- الخطأ  2- الضرر  3- علاقة سببية ما بين الخطأ والضرر.

انتفاء الخطأ: وهو الركن الأول من أركان المسئولية التقصيرية
1- السيد وزير الأوقاف بصفته، هو الناظر على الأوقاف الخيرية:
        لما كان السيد وزير الأوقاف بصفته هو الناظر على الأوقاف الخيرية. حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "مؤدى الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953، والمُعدلة بالقانونين رقمي 547 لسنة 1953 و296 لسنة 1954، والمادة الثالثة من ذات القانون، والمادتين 1 و 17 من القانون رقم 272 لسنة 1959، وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض أن المشرع أقام وزارة الأوقاف في النظر على الوقف الخيري ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه وجعلها أحق بالنظر ممن شرط له الواقف ولو كان من ذريته أو أقاربه باعتبارها صاحبة الولاية العامة وأولى من غيرها برعاية جهات الخير وحمايتها وتوجيه الريع إلى المصارف ذات النفع العام وتحقيق غرض الواقف من التقرب إلى الله بالصدقة الجارية، فنص على أحقيتها في النظر في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953". (نقض مدني في الطعن رقم 875 لسنة 46 قضائية - جلسة 28/5/1980 مجموعة المكتب الفني - السنة 31 - الجزء الثاني - صـ 1560 - قاعدة 292).

2- الناظر على الأوقاف الخيرية، هو صاحب الولاية العامة عليها:
        ولما كان ناظر الوقف الخيري هو صاحب الولاية العامة عليه، حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "من المُقرر قانوناً أن الوقف هو حبس العين على حُكم مِلك الله تعالى فلا يملُكها أحد من العباد، وناظر الوقف هو صاحب الولاية عليه المُفوض في القيام بمصالحه واستغلاله على أصلح وجه، وأنه وحده - في نطاق هذه الولاية وعدم وجود مالك للوقف - الذي يمثل جهة الوقف ومصلحة كل من أعيانه". (نقض مدني في الطعن رقم 431 لسنة 45 قضائية - جلسة 13/12/1978 مجموعة المكتب الفني - السنة 29 - الجزء الثاني - صـ 1904 - قاعدة 368).

3- السيد وزير الأوقاف بصفته الناظر على الأوقاف الخيرية وصاحب الولاية العامة عليها، هو الرئيس الأعلى لهيئة الأوقاف المصرية:
        تنص المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1971 الخاص بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن: "تُنشأ هيئة عامة تُسمى هيئة الأوقاف المصرية تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع وزير الأوقاف".
كما تنص المادة الخامسة من ذات القانون على أن: "تتولى الهيئة نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية".
        كما تنص المادة السادسة من ذات القانون على أن: "على الهيئة أن تؤدي إلى وزارة الأوقاف صافي ريع الأوقاف الخيرية".
        كما تنص المادة 5/3 من القانون رقم 1141 لسنة 1972 الخاص بتنظيم العمل بهيئة الأوقاف المصرية على أنه: "لوزير الأوقاف حق حضور جلسات مجلس إدارة هيئة الأوقاف، ودعوته إلى الاجتماع، وفي هذه الحالة تكون له الرئاسة".
        كما تنص المادة السابعة من ذات القانون الأخير على أنه: "تُبلغ قرارات مجلس الإدارة إلى وزير الأوقاف لاعتمادها".
كما أن تعيين رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية في هذا المنصب، يكون بقرار يصدره السيد وزير الأوقاف بصفته، ورئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية الحالي قد صدر قرار بندبه لهذا المنصب من السيد وزير الأوقاف بصفته، وهذا القرار الصادر من وزير الأوقاف يحمل رقم 218 لسنة 2007 بتاريخ 11/11/2007 وكل هذا ثابت من التوكيل الرسمي الذي يحضر به محام الهيئة أمام عدالتكم، وهو التوكيل رقم 1993 "ج" لسنة 2007 توثيق الأهرام.

4- تنفيذ أوامر الرئيس الأعلى "المشروعة" تجعل الفعل الذي أضر بالغير عملاً مشروعاً:
        لما كان ما تقدم، وكان السيد وزير الأوقاف بصفته الناظر على الأوقاف الخيرية وصاحب الولاية العامة عليها وطبقاً لنصوص القوانين سالفة الذكر فهو الرئيس الأعلى لهيئة الأوقاف المصرية (وموظفيها) الذين يأتمرون بأمره وتلزمهم طاعته..
ولما كان السيد الدكتور وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية قد أصدر أوامره إلى هيئة الأوقاف المصرية - التابعة له - (وإلى موظفيها) لاستلام عين التداعي. وهذا ما قام به موظفي هيئة الأوقاف المصرية تنفيذاً لأوامر السيد الدكتور وزير الأوقاف الذي تلزمهم طاعته وتنفيذ أوامره.
        لما كان ما تقدم، وكانت المادة 167 مدني تنص على أنه: "لا يكون الموظف العام مسئولاً عن عمله الذي أضر بالغير إذا قام به تنفيذاً لأمر صدر إليه من رئيس، متى كانت إطاعة هذا الأمر واجبة عليه، أو كان يعتقد أنها واجبة، وأثبت أنه كان يعتقد مشروعية العمل الذي وقع منه، وكان اعتقاده مبنياً على أسباب معقولة، أو أنه راعى في عمله جانب الحيطة".
        هذا، وقد جاء في المُذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : "وترتفع المسئولية إذا كان العمل الضار قد وقع تنفيذاً لأمر صادر من رئيس إداري لانتفاء الخطأ في هذه الصورة. ويُشترط لإعمال هذا الحكم شرطان: فيجب أولاً أن يكون مُحدِث الضرر موظفاً عاماً. ويجب ثانياً أن يكون العمل الضار قد وقع تنفيذاً لأمر صادر من رئيس إداري ولو لم يكن الرئيس المُباشر". (مجموعة الأعمال التحضيرية جـ 2 صـ 379).
        وهذه القاعدة، سالفة الذكر، لا تُطبق فقط في مجال القانون المدني بل تُطبق أيضاً في مجال قانون العقوبات، حيث تنص المادة 63 من قانون العقوبات على أنه: "لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أميري في الأحوال الآتية: أولاً- إذا ارتكب الفعل تنفيذاً لأمر صادر إليه من رئيس وجبت عليه إطاعته أو أعتقد أنها واجبة عليه. ثانياً- إذا حسُنت نيته وأرتكب فعلاً تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو ما أعتقد أن إجراءه من اختصاصه".  
        وعلة الإباحة هنا هي تمكين الدولة من مباشرة اختصاصها عن طريق موظفيها مع توفير الطمأنينة والاستقلال للموظف كي يؤدي واجبه وهو لا يخشى مسئولية طالما كان حسن النية.
        فإطاعة أمر صادر من الرئيس يجعل التعدي عملاً مشروعاً بشروط ثلاثة:
        (أولاً) أن يكون من صدر من العمل موظفاً عاماً.
(ثانياً) أن يكون قد صدر له أمر بتنفيذ هذا العمل من رئيس، ولو كان غير مُباشر، طاعته واجبة، وأن يعتقد أن طاعة الأمر ذاته -الذي صدر له من رئيسه - واجبة.
(ثالثاً) أن يثبت الموظف أمرين: أولهما أنه كان يعتقد مشروعية الأمر الذي نفذه. وثانيهما أنه راعى في عمله جانب الحيطة.
        وبهذه الشروط وفي هذه الحدود يكون تنفيذ الموظف لأمر غير مشروع عملاً مشروعاً لا يوجب مسئوليته. ولما كانت علة الإباحة هنا، وكما سلف القول، هي تمكين الدولة من مباشرة اختصاصها عن طريق موظفيها مع توفير الطمأنينة والاستقلال للموظف كي يؤدي واجبه وهو لا يخشى مسئولية طالما كان حسن النية. ومدلول الموظف العام - في هذا السياق - يمتد إلى كل شخص يباشر طبقاً للقانون جزءاً من اختصاصات الدولة.  
        وقد قضت محكمة القضاء الإداري بأنه: "لا محل للتفرقة بين المرافق العامة الإدارية والمرافق العامة التجارية والصناعية، إذ يتفق النوعان في أن الدولة تباشر عن طريقهما بعض اختصاصاتها، ولا محل - بالنسبة لموظفي المرافق العامة التجارية والصناعية - للتفرقة بينهم حسب مراتبهم". (محكمة القضاء الإداري في 8 مارس سنة 1953 مجموعة مجلس الدولة لأحكام القضاء الإداري س 7 رقم 364 صـ 611).
        كما عرفت محكمة النقض الموظف العام بأنه: "من يولى قدراً من السلطة العامة بصفة دائمة أو مُؤقتة أو تُمنح له هذه الصفة بمُقتضى القوانين واللوائح سواء أكان يتقاضى مُرتباً من الخزانة العامة كالمُوظفين والمُستخدمين المُلحقين بالوزارات والمصالح والمجالس البلدية ودار الكُتب أم كان مُكلفاً بخدمة دون أجر كالعُمد والمشايخ ومن إليهم". (نقض 25 ديسمبر سنة 1956 مجموعة أحكام محكمة النقض س 7 رقم 365 صـ 1331).
        وحُسن النية - هُنا - هو أن: "يستهدف الموظف العام باستعمال سلطته تحقيق الغاية الذي من أجلها خوله القانون هذه السُلطة".
        فضلاً عن أن حُسن النية يفترض، وعلى من يدعي العكس إثبات ادعائه. حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن: "حُسن النية مفترض، وعلى من يدعى العكس إثبات ما يدعيه". (نقض مدني في الطعن رقم 55 لسنة 34 قضائية جلسة 22/6/1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 صـ 1324 فقرة 3).
        لما كان ما تقدم، وكانت هيئة الأوقاف المصرية قد قامت باستلام عقار التداعي بناء على تعليمات وأوامر وزارة الأوقاف ومن ثم فإن قيامها بتنفيذ أوامر وزير الأوقاف – الذي تتبعه هيئة الأوقاف – إنما يكون تنفيذاً لأوامر الرؤساء ومن ثم يكون عمله مشروعاً ولا يستوجب مسئوليتها، إذ صدر قرار لجنة استرداد الأوقاف المغتصبة بوزارة الأوقاف في جلسة 6/6/2004، قاضياً باستلام عقار التداعي ووضع اليد عليه وأبلغت هيئة الأوقاف المصرية بذلك لتنفيذ ذلك القرار، فقامت هيئة الأوقاف بتنفيذ قرار رئيسها الأعلى باستلام عقار التداعي، فإنها لا تكون قد خالفت القانون وبالتالي فلا موجب لمسؤوليتها عن تعويض من تضرر من قرار لجنة استرداد الأوقاف المغتصبة بوزارة الأوقاف، لا سيما إنه لم يطعن عليه، وتحصن هذا القرار وأصبح نهائياً بفوات مواعيد الطعن عليه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بمسئولية هيئة الأوقاف عن تنفيذها لقرار وزارة الأوقاف، فإنه يكون قد خالف صحيح القانون خليقاً بالإلغاء والقضاء مجدداً برفض دعوى التعويض بالنسبة لهيئة الأوقاف المصرية.

التضامن لا يفترض:
لا سيما وأن: "التضامن بين الدائنين أو المدينين لا يُفترض وإنما يكون بناء اتفاق أو نص في القانون طبقاً لـنص المادة 279 مدني.
كما أن الفقرة الثانية من المادة 184 مرافعات تنص على أن: "وإذا تعدد المحكوم عليهم جاز الحكم بقسمة المصاريف بينهم بالتساوي، أو بنسبة مصلحة كل منهم في الدعوى على حسب ما تقدره المحكمة، ولا يلزمون بالتضامن في المصاريف إلا إذا كانوا متضامنين في أصل التزامهم المقضي فيه".
        وعليه يكون الحكم بإلزام جميع المدعى عليهما بصفتيهما بالتضامن بأداء التعويض للمدعي – المعلن إليه الأول – تكون قد جاءت على غير سند من القانون وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب إلغاؤه.
        فضلاً عن مبالغة الحكم المستأنف في تقدير قيمة التعويض المقضي به، سواء التعويض المادي حيث قدر الأجرة الشهرية بمبلغ 800 جنيه بدون دليل من الأوراق، لا سيما وأن تقرير الخبرة الثانية قد أقر بعجزه عن تقدير قيمة أجرة عقار التداعي، وكذلك باحتساب سنوات الريع من عام 2004 رغم أن وضع يد الأوقاف على عقار التداعي قد تم تنفيذاً لقرار إداري نهائي لم يتم الطعن عليه وباعتباره يتبع جهة الوقف الخيري (استرداد الأوقاف المغتصبة) وبالتالي فلا تلتزم جهة الوقف برد الثمار التي قبضتها – على فرض قبضها لتلك الثمار. كما أن قيام هيئة الأوقاف باستلام عقار التداعي إنما تم بناء على أمر صادر لها من جهة رئاستها – وهي وزارة الأوقاف – بضرورة استلامه ووضع اليد عليه، وبالتالي فإنها لا تكون مسئولة قانوناً عن ذلك، وفقاً لما سبق بيانه لكونه قد تم تنفيذاً لجهة رئاستها، وبالتالي يعد عملها عملاً  مشروعاً لا يستوجب المسئولية. وإذ خالف الحكم المطعون فيه كل ما تقدم، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه والقضاء مجدداً برفض الدعوى.

قبول الاستئناف شكلاً:
        لما كان ما تقدم، وكان هذا الطعن قد أقيم في الميعاد المقرر قانوناً، وممن يملك إقامته، وعن حكم قابل للطعن فيه، وتم إيداعه من محام مقبول أمام محكمة الاستئناف، وقد استوفى الطعن كافة شروطه وأوضاعه الشكلية المقرر قانوناً، ومن ثم يكون هذا الطعن مقبولاً شكلاً.
لكل ما تقدم، مع تمسك الطالب بصفته بجميع أوجه الدفاع والدفوع المبداه منه أمام محكمة أول درجة والتي يعتبرها جزءاً لا يتجزأ من طعنه الماثل تطبيقاً للأثر الناقل للاستئناف. ولما سيبديه الطالب بصفته من أسباب وأوجه دفاع ودفوع أخرى، أثناء نظر الاستئناف الماثل بالجلسات، في مرافعاته الشفوية ومذكراته المكتوبة، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية من عدالة محكمة الاستئناف الحكم لها في الاستئناف الماثل بما يلي:

"وبناء عليه"
        أنا المحضر سالف الذكر، قد انتقلت في التاريخ أعلاه، إلى حيث مقر إقامة وتواجد المعلن إليهم، وأعلنتهم وسلمت لكل واحد منهم صورة من صحيفة هذا الاستئناف، وكلفتهم بالحضور أمام محكمة استئناف عالي القاهرة، والكائن مقرها بدار القضاء العالي، بوسط مدينة القاهرة، بميدان الإسعاف، وذلك أمام الدائرة (............) تعويضات، والتي ستعقد جلساتها علناً بسرايا المحكمة، في تمام الساعة التاسعة وما بعدها من صباح يوم ....................... الموافق ........../ ........../2012م، ليسمع المعلن إليه الأول الحكم ضده، في مواجهة المعلن إليه الثاني بصفته، بما يلي:
"إلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجدداً: برفض الدعوى بالنسبة لهيئة الأوقاف المصرية، مع إلزام المعلن إليه الأول بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي".
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،
ولأجل العلم ...........................



صحيفة دعوى تملك مباني بالالتصاق، لبنائها على أرض مملوكة للأوقاف




أنه في يوم ........................... المُوافق ............/............/2012م ، في تمام الساعة: ...................
بناء على طلب السيد الأستاذ/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته. وموطنه القانوني: "مركز إدارة الهيئة الرئيسي" الكائن بالعقار رقم 109 بشارع التحرير بميدان الدقي – تابع قسم الدقي – محافظة الجيزة. ومحله المختار: "إدارة قضايا الهيئة" الكائن مقرها بالعقار رقم 7 "أ" بشارع يوسف نجيب بميدان العتبة – تابع قسم الموسكي – بالقاهرة.
أنا .................................. مُحضر محكمة ......................... الجزئية قد انتقلت وأعلنت:
1-  السيد/ محافظ الجيزة بصفته.                                        مُخاطباً مع: ...................................
2-    السيد/ رئيس المجلس المحلي لمدينة العياط بصفته. مُخاطباً مع: .............................
3-   السيد/ مدير صندوق الإسكان الاقتصادي بمحافظة الجيزة بصفته. مُخاطباً مع: ....
4-  السيد/ وزير الأوقاف بصفته.                                     مُخاطباً مع: ...................................
ويعلنوا جميعاً بـ"هيئة قضايا الدولة" – فرع الجيزة – والكائن مقرها بشارع أحمد عرابي – بميدان سفنكس – قسم العجوزة – محافظة الجيزة.

"وأعلنتهم بالآتي"
        تمتلك جهة وقف/ سكينة محمد سالم – فيما تمتلك – قطعة أرض زراعية كائنة بحوض أبو عديبة الغربي نمرة/4 بناحية طهطا مركز العياط بمحافظة الجيزة، وملكية الوقف ثابتة لتلك الأرض بموجب حجة الوقف الصادرة من محكمة مصر الشرعية بتاريخ 16/4/1922م والمسجلة برقم 4687/47 مصر. وحجة الوقف الصادرة من محكمة مصر الشرعية بتاريخ 24/5/1924م والمسجلة برقم 5325/49 مصر. وحجة الوقف الصادرة من محكمة مصر الشرعية بتاريخ 12/6/1938م والمسجلة برقم 11516/70 مصر. وقرار الفرز الصادر من محكمة مصر الشرعية بتاريخ 25/6/1956م والمسجل برقم 20149/87 مصر.
        وقد قامت هيئة الأوقاف المصرية (رئاسة الطالب بصفته) باستلام حصة الخيرات في وقف/ سكينة محمد سالم، بموجب محضر استلام مؤرخ في 14/11/1988، ومن حصة الخيرات تلك توجد مساحة قدرها 1س 21ط 3ف (ثلاثة أفدنة وواحد وعشرون قيراط وسهم واحد) كائنة بحوض أو عديبة الغربي نمرة/4 بالقطع أرقام 183 من 130 و 241 من 8 و 242 من 8 و 29 – بخلاف مساحة قدرها 3س 4ط (أربعة قراريط وثلاثة أسهم) مشروع نزعة ملكية بالمشروع رقم 18 طرق.
        وإذ فوجئت الأوقاف بقيام مجلس مدينة العياط (رئاسة المعلن إليه الثاني بصفته، والمرءوس للمعلن إليه الأول بصفته) بالاستيلاء – بدون وجه حق – على مساحة أرض مملوكة لجهة وقف/ سكينة محمد سالم سالفة الذكر، وقدرها 10س 3ط (ثلاثة قراريط وعشرة أسهم) ، تعادل 600م2 (ستمائة متر مربع)، كائنة بحوض أبو عديبة الغربي نمرة/4 ضمن القطعة رقم 242 من 8 بناحية طهطا، مركز العياط، محافظة الجيزة، وأقام عليها "بلوك شعبي" عمارة سكنية مكونة من عدة طوابق (بتمويل من المعلن إليه الثالث بصفته)، وقام بتأجيرها للغير وتحصيل ريعها دون علم أو موافقة الأوقاف المالكة القانونية لتلك الأرض المقام عليها المباني المشيدة بمعرفة المعلن إليهم من الأول حتى الثالث بصفاتهم.

أموال الأوقاف أموال خاصة:
        لما كان ما تقدم، وكانت أموال الأوقاف الخيرية هي أموال خاصة، وكان من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا بأن:
"أموال الأوقاف تعتبر بصريح نص المادة الخامسة من القانون رقم 80 لسنة 1971 (بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية) أموالاً خاصة مملوكة للوقف باعتباره – عملاً بنص المادة 52/3 من القانون المدني – شخصاً اعتبارياً، وهو يدخل بحسب طبيعته في عِداد أشخاص القانون الخاص، ولو كان يباشر النظر عليه شخصاً من أشخاص القانون العام، إذ يظل النظر – في جميع الأحوال – على وصفه القانوني مُجرد نيابة عن شخص من أشخاص القانون الخاص".
(حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 104 لسنة 23 قضائية "دستورية" – بجلسة 9/1/2005).

الملكية الخاصة مصونة، ولا يجوز مصادرتها أو نزع ملكيتها إلا وفقاً للقانون:
        ولما كانت الملكية الخاصة مصونة، طبقاً لكافة الدساتير المتعاقبة في القطر المصري، وطبقاً لنص المادة 34 من الدستور المصري (لسنة 1971)، ووفقاً للإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فإن:
"الملكية الخاصة مصونة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المُبينة في القانون وبحكم قضائي، ولا تُنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومُقابل تعويض وفقاً للقانون".
كما تنص المادة 805 من القانون المدني على أنه:
"لا يجوز أن يُحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يُقررها القانون، وبالطريقة التي يرسمها، ويكون ذلك في مُقابل تعويض عادل".

استيلاء الدولة على الملكية الخاصة بدون اتخاذ إجراءات نزع الملكية هو غصب وعملاً مخالفاً للقانون:
ولما كان المُشرع قد نظم إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة، بقوانين متعاقبة لنزع الملكية للمنفعة العامة، وحدد لذلك ضوابط وإجراءات مُعينة لابُد من إتباعها - كما رسمها - وإلا شاب تلك الإجراءات البُطلان وعُدَ عمل الإدارة تعدياً وغصباً للملكية الخاصة. حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أنه:
"إذا أضافت الحكومة عيناً إلى المنفعة العامة دون أن تتخذ الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية، فهذه الإضافة هي بمثابة غصب يستوجب مسئوليتها عن التعويض الذى يستحقه مالك العين وفوائده التعويضية".
(نقض مدني في الطعن رقم 43 لسنة 3 قضائية – جلسة 21/12/1933 مجموعة عمر 1ع – صـ 290. وفي الطعن رقم 9 لسنة 3 قضائية – جلسة 8/6/1933 مجموعة عمر 1ع – صـ 234).
كما تواتر قضاء محكمة النقض على أن:
"المقرر ـ فى قضاء هذه المحكمة - أن استيلاء الحكومة على العقار جبراً عن صاحبه دون اتخاذ الإجراءات القانونية التي يوجبها القانون نزع القانون يُعد بمثابة غصب ليس من شأنه أن ينقل الملكية للغاصب إلا إذا اختار صاحب العقار أن يطالب بالتعويض متنازلاً عن حقه فى استرداد ملكه أو استحال رده إليه أو كان فى رده إرهاق للمدين أو أن يلحق بالدائن ضرراً جسمياً عملاً بنص المادة 203 من القانون المدني".
(نقض مدني في الطعن رقم 6304 لسنة 64 قضائية – جلسة 27/12/2004).
كما إن عدم اتخاذ جهة الإدارة لإجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة أو عدم صحة هذه الإجراءات أو سقوطها يجعل تصرف الإدارة تعدياً على الملكية.  
حيث جرى قضاء محكمة النقض على أن:
"عدم إتباع الدولة لإجراءات نزع الملكية في شأن ضم ملكية عقار خاص وتخصيصه للمنفعة العامة يُعد عملاً مُخالفاً للقانون ويرتب لصاحب العقار اقتضاء التعويض بدعوى مُبتدأة أمام القضاء، سواء في ذلك عدم صدور قرار جمهوري أصلاً بتقرير المنفعة العامة أو إلى صدور قرار جمهوري نشأ صحيحاً ولكن لم تلحقه الإجراءات القانونية خلال المُدة القانونية المُقررة بحيث يسقط مفعوله طبقاً للمادة العاشرة من قانون نزع الملكية رقم 577 لسنة 1954، إذ أن الضم في هذه الأحوال يُعد في الواقع مُستنداً إلى واقعة مادية ويختص القضاء بنظرها".
(نقض مدني في الطعن رقم 1274 لسنة 48 قضائية – جلسة 16/1/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – الجزء الأول – القاعدة 52 – صـ 215. وفي الطعن رقم 257 لسنة 58 قضائية – جلسة 25/2/1990 – السنة 41 – صـ 591).

أحقية الوقف في تملك المباني المقامة من المعلن إليهما "بالالتصاق":
لما كان ما تقدم، حيث تنص المادة 924/1 مدني تنص على أنه:
"إذا أقام شخص بمواد من عنده منشآت على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحب الأرض، كان لهذا أن يطلب إزالة المنشآت على نفقة من أقامها مع التعويض إن كان له وجه، وذلك في ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت، أو أن يطلب استبقاء المنشآت مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة، أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت".
ومن المقرر قانوناً أن:
مُؤدى هذا النص أنه إذا أقام شخص بمواد من عنده مُنشآت على أرض مملوكة للغير فإن هذه المُنشآت تُصبح بحكم الالتصاق ملكاً لصاحب الأرض، فإذا تملك صاحب الأرض هذه المُنشآت وجب عليه أن يدفع لمن أقامها تعويضاً..
ويُفرق القانون، فيما يتعلق بالتعويض الذي يجب على صاحب الأرض أن يدفعه، بين حالتين: حالة من يُقيم المُنشآت بسوء نية وحالة من يُقيمها بحُسن نية.
ويُعتبر من أقام المُنشآت سيئ النية إذا أقامها وهو يعلم أن الأرض مملوكة لغيره ودون رضا صاحب الأرض؛ ويُعتبر حسن النية إذا كان يعتقد أنه مالك للأرض أو أن له الحق في إقامة المُنشآت.
فالقانون يُعامل من قام بإنشاء مبنى بمواد من عنده على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره ودون رضا صاحب الأرض بأنه سيئ النية، وهنا يُجيز لصاحب الأرض في هذه الحالة أن يطلب استبقاء المُنشآت، فإذا طلب ذلك، فإنه يتملك المُنشآت بالالتصاق ولكن مع أنه يلزم بأن يدفع لحساب من أقام المُنشآت قيمة المُنشآت مُستحقة الإزالة (أي قيمتها أنقاضاً) أو قيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المُنشآت (أيهما أقل).
ومن المقرر قانوناً – وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض – أنه:
"مفاد نص المادة 924 مدني أنه إذا كان صاحب الأدوات هو الباني في أرض غيره وكان سيئ النية أي يعلم أن الأرض ليست مملوكة له وبنى دون رضاء صاحب الأرض كان لهذا أن يطلب الإزالة على نفقة الباني وإعادة الشيء إلى أصله مع التعويض إن كان له محل وذلك في ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت فإذا مضت سنة أو إذا لم تجر الإزالة تملك صاحب الأرض المنشآت بالالتصاق ودفع أقل القيمتين: قيمة البناء مستحقاً الإزالة، أو قيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب البناء".
(نقض مدني في الطعن رقم 374 لسنة 34 قضائية – جلسة 11/6/1968 مجموعة المكتب الفني - السنة 19 - صـ 1155.
مُشار إليه في: "قضاء النقض في المواد المدنية، 1931 : 1992" – للمستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الأول – المجلد الأول – تحت كلمة "التصاق" - القاعدة رقم 1385 – صـ 532 و 533).
كما قضت محكمة النقض بأن:
"مالك الشيء الأصلي هو الذي يملك الشيء التابع، فملكية الأرض يستتبعها ملكية ما يُقام على هذه الأرض من مبان بحكم الالتصاق، وبالتالي فإن ملكية البناء تطبيقاً لقواعد الالتصاق لا تؤول إلا لمن يملك الأرض المُقام عليها، وهذا الأمر هو ما أفصحت عنه المواد 923 ، 924 ، 925 من القانون المدني من النص بلفظ صريح على أن ما يقوم من بناء يكون لصاحب الأرض حتى لو تم ذلك برضائه وموافقته أو كان ترخيص البناء باسم من أقامه، وأن حُسن نية الباني في أرض لا يملكها ليس له من أثر في تملك البناء أو الأرض التي أُقيم عليها، وإنما ينحصر أثره في منع صاحب الأرض من طلب الإزالة تطبيقاً للمادة 924 من القانون المدني".
(نقض مدني في الطعن رقم 2066 لسنة 53 قضائية – جلسة 20/5/1987.
مُشار إليه في: "قضاء النقض في المواد المدنية" – المرجع السابق – نفس الموضع – القاعدة رقم 1422 – صـ 546).
        وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الثابت قيام المعلن إليه الثاني بصفته، والمرءوس للمعلن إليه الأول بصفته، قد قام – بتمويل من المعلن إليه الثالث بصفته – بالبناء على الأرض المملوكة لجهة الوقف الخيري، وهو يعلم يقيناً أنها ليست مملوكة للمعلن إليهم من الأول حتى الثالث بصفاتهم، أي إنهم كانوا سيئ النية، مما يحق معه – والحال كذلك – للطالب بصفته أن يعتصم بعدالة القضاء لإنصافه والحكم له بتملك المباني التي أقامها المعلن إليهم من الأول حتى الثالث على قطعة الأرض المملوكة لجهة الوقف التي يمثلها الطالب بصفته، مما يعني أن الدعوى الماثلة قد جاءت على سند صحيح من الواقع والقانون جديرة بالقبول وإجابة الطالب بصفته إلى طلباته فيها.

المُطالبة بريع أرض التداعي:
حيث إنه من المُقرر في قضاء النقض أن:
"المُشرع جعل لذوي الشأن من الملاك وأصحاب الحقوق، الحق في تعويض عادل مقابل عدم الانتفاع بها من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليها إلى حين دفع التعويض المستحق، تلتزم به الجهة طالبة نزع الملكية بحسبانها الجهة المستفيدة، ومن ثم تلتزم بهذا التعويض لهم دون الجهة التي تتولى اتخاذ إجراءات نزع الملكية".
(نقض مدني في الطعن رقم 10091 لسنة 64 قضائية – جلسة 8/5/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – الجزء الأول – صـ 741).
        ومن ثم، يلتزم المعلن إليهم من الأول حتى الثالث بصفاتهم بدفع تعويض عادل لهيئة الأوقاف المصرية مقابل عدم انتفاع الأوقاف بأرض التداعي من تاريخ وضع يدهم فعلياً عليها وحتى تاريخ ردها وتسليمها للأوقاف.

تقدير الريع المستحق:
        لما كان من المقرر في قضاء محكمة النقض أن:
"الريع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يعتبر بمثابة تعويض لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار، ويُلزم بالريع من أرتكب العمل غير المشروع وهو الغصب".
(نقض مدني في الطعن رقم 277 لسنة 49 قضائية – جلسة 20/1/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 271 – فقرة 4).
        كما تواتر قضاء محكمة النقض على أن:
"الريع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يعتبر بمثابة تعويض لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار،  وتقدير هذا التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن فى القانون نص يلزم بإتباع معايير معينة فى خصوصه هو من سلطة قاضى الموضوع".
(نقض مدني في الطعن رقم 1191 لسنة 47 قضائية – جلسة 21/3/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 777 – فقرة 2).
        كما قضت محكمة النقض بأنه:
"من المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن الريع بمثابة تعويض لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار، وتقدير هذا التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في القانون نص يلزم بإتباع معايير معينة في خصوصه هو من سلطة قاضي الموضوع ولا تثريب عليه إن هو استرشد في تقديره بالقيمة الإيجارية للعقار المُغتصب".
(نقض مدني في الطعن رقم 1704 لسنة 51 قضائية - جلسة 31/1/195. مشار إليه في: "موسوعة قضاء النقض في المواد المدنية في ستين عاماً" - للمستشار/ عبد المنعم دسوقي - الجزء الأول - المجلد الثاني - القاعدة رقم 5194 – صـ 1977).
        ومن ثم، فهيئة الأوقاف المصرية تطالب بريع أرض التداعي، من تاريخ وضع يد المعلن إليهم عليها - وما يستجد منه - حتى تاريخ ردها وإعادة تسليمها للأوقاف، على أن تتولى عدالة المحكمة الموقرة (بالاستعانة بأهل الخبرة، لو اقتضي الأمر) تقدير ذلك الريع، كما لها أن تقدره مسترشدة بإجمالي القيمة الإيجارية لجميع وحدات العقار الذي أقامة المعلن إليهم على أرض الوقف الخيري.

المنازعات فيما بين الهيئات الحكومية بعضها مع بعض، لا يشترط عرضها على لجان التوفيق في المنازعات:
حيث إن نص المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في بعض المنازعات قد حددت اختصاص تلك اللجان بالتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية العامة وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية الخاصة، وبالتالي يخرج من اختصاص تلك اللجان (بالنظر إلى أشخاص المنازعات) كل منازعة تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية العامة وبين أشخاص القانون الدولي وكذلك كل منازعة تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها البعض.
        وإذا كان من الطبيعي أن تخرج منازعات القانون الدولي العام من اختصاص اللجان نظراً لطبيعتها الدولية ولأن معظمها يتم تسويته عن طريق التحكيم الدولي، إلا أن القانون قد أغفل النص على اختصاص اللجان بالمنازعات التي تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها البعض، حال أن فلسفة القانون هو التوفيق في منازعات الدولة وتقليل عدد القضايا التي ترفع أمام المحاكم والحد منها ولذا كان يتعين على واضعي التشريع مراعاة ذلك بالنص على اختصاص اللجان بالتوفيق في المنازعات التي تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها البعض، ولذلك نرى أن نص المادة الأولى من القانون جاء معيباً بإغفاله النص على اختصاص اللجان بالتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها البعض.
(لطفاً، المرجع: "قانون لجان التوفيق في بعض منازعات الدولة" – للمُستشار/ عبد الرحيم علي محمد – الطبعة الأولى 2000 القاهرة – البندين 13 و 15 – صـ 19 و 20 وما بعدها).
        ولا يجوز في هذا الخصوص تأويل نص المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في المنازعات، للقول بأنه يشمل المنازعات التي تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها مع بعض، لأن تفسير النصوص القانونية يشترط ثلاثة شروط هي:
أولاً- تفسير النصوص القانونية لا يكون إلا عند وجود غموض أو لبس فيها.
وثانياً- وهذا التفسير يقوم به المُشرع نفسه (في حالة التفسير التشريعي) أو القضاء (سواء المحكمة الدستورية العليا أو قاضي الموضوع).
وثالثاً- ويُشترط في التفسير أن يُبين الغموض وأن يزيل اللبس فقط لا أن يستحدث حكم جديد مُغاير لم يأت به النص.
حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه:
"متى كان النص واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة من المُراد منه، فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته، لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه مما يكون معه القاضي مُضطراً في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه، ذلك أن الأحكام القانونية تدور مع علتها لا مع حكمتها، ومن ثم لا يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة عند وجود نص واضح سليم".
(نقض مدني في الطعن رقم 188 لسنة 31 قضائية – جلسة 2/12/1965 مجموعة المكتب الفني – السنة 16 – صـ 1191.
وفي الطعن رقم 1392 لسنة 47 قضائية – جلسة 29/5/1980 مجموعة المكتب الفني – السنة 31 – صـ 1958.
وراجع العديد من أحكام أخرى في: "قضاء النقض في المواد المدنية" – للمُستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الثاني – المُجلد الأول – القاعدة رقم 1696 صـ 585 و 586).
        وعلى هدي جميع تلك النصوص والقواعد القانونية سالفة الذكر، يتضح بجلاء أن المنازعات التي تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها مع بعض تخرج عن اختصاص لجان التوفيق في بعض المنازعات المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000 سالف الذكر. ولما كانت الهيئة المُدعية (هيئة الأوقاف المصرية) هي هيئة عامة وشخص من أشخاص القانون العام، وكان جميع أشخاص المعلن إليهم (بلا استثناء) هم من أشخاص القانون العام، ومن ثم فإنه لا مجال لتطبيق أحكام القانون رقم 7 لسنة 2000، لذا لزم التنويه والتذكير.
        فضلاً عن إن الدعوى الماثلة دعوى عينية عقارية مستثناة في الأصل من العرض على لجان التوفيق في المنازعات.
وعليه، تكون الدعوى الماثلة قد جاءت مطابقة لحقيقة الواقع وعلى سند صحيح من القانون خليقة بالقبول وإجابة الطالب بصفته إلى طلباته فيها.
هذا، والغرض من اختصام المُعلن إليه الرابع (الأخير، وهو: وزير الأوقاف بصفته) هو الدفاع عن ملكية جهة الوقف الخيري والذي يتنظر عليه سيادته طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية والمُعدلة بالقانون رقم 28 لسنة 1970، ولتقديم ما تحت يده من مستندات قاطعة في الدعوى الماثلة.
فلكل هذه الأسباب، وللأسباب الأخرى التي سيبديها الطالب بصفته أثناء نظر الدعوى بالجلسات في مرافعاته الشفوية ومذكراته المكتوبة، وللأسباب التي تراها عدالة المحكمة الموقرة أصوب وأرشد..

"وبناء عليه"
أنا المُحضر سالف الذكر، قد انتقلت في التاريخ أعلاه، إلى حيث مقر إقامة وتواجد المعلن إليهم، وأعلنتهم، وسلمت لكل واحد منهم صورة من هذه الصحيفة، وكلفتهم بالحضور أمام محكمة الجيزة الابتدائية، والكائن مقرها بمجمع المحاكم بشارع صلاح سالم (ربيع الجيزي سابقاً) بجوار مجمع المصالح الحكومية، بميدان الجيزة، وذلك أمام الدائرة ( ............ ) مدني؛ والتي ستعقد جلساتها علناً بسرايا المحكمة في تمام الساعة التاسعة وما بعدها من صباح يوم ....................... الموافق ........../............./2012م ليسمع المعلن إليهم من الأول حتى الثالث بصفاتهم - في مواجهة المعلن إليه الرابع بصفته - الحكم ضدهم بما يلي:
        أولاً: بتملك جهة وقف/ سكينة محمد سالم – بالالتصاق - للبناء المُقام على الأرض المملوكة لهذا الوقف، وقدرها 10س 3ط (ثلاثة قراريط وعشرة أسهم) ، تعادل 600م2 (ستمائة متر مربع)، كائنة بحوض أبو عديبة الغربي نمرة/4 ضمن القطعة رقم 242 من 8 بناحية طهطا، مركز العياط، محافظة الجيزة، والتي أقام المعلن إليهم عليها "بلوك شعبي" عمارة سكنية مكونة من عدة طوابق، والمبينة الحدود والمعالم بصدر هذه الصحيفة، وذلك حسب قيمته مُستحقاً الإزالة (أي كأنقاض فقط) أو مُقابل دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المُنشآت، أيهما أقل.
        ثانياً: بعدم نفاذ عقود الإيجار الواردة على وحدات بناء التداعي والمُحررة بين المُعلن إليهم مع الغير، في مواجهة جهة الوقف الخيري المالكة الحقيقية لهذا البناء بالالتصاق.
        ثالثاً: إلزام المُعلن إليهم من الأول حتى الثالث بتسليم بناء التداعي وكامل وحداته إلى الطالب بصفته خالياً من الأشياء والأشخاص ومُطهراً من أية حقوق للغير عليه أياً كان نوعها أو طبيعتها.
رابعاً: إلزام المعلن إليهم من الأول حتى الثالث بأن يؤدوا ريع أرض  التداعي – الذي تقدره عدالة المحكمة الموقرة أو الخبرة الفنية – للطالب بصفته، وذلك عن الفترة من تاريخ وضع يدهم على أرض التداعي وحتى تاريخ تسليمها فعلياً إلى الطالب بصفته. 
        خامساً: إلزام المُعلن إليهم من الأول حتى الثالث بالمصروفات ومُقابل أتعاب المُحاماة، بحكم مشمول بالنفاذ المُعجل بلا كفالة".
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،
ولأجل العلم .......................................................






سجل رقم: 29 لسنة 2009 تحت الرفع.