الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

مواعيد السقوط و قانون الأحكار

مواعيد السقوط
ميعاد السقوط هو الميعاد الذي يجب أن يتم فيه حتماً عمل مُعين، وبخاصة لتحديد الوقت الذي يجب استعمال رخصة قررها القانون.
فميعاد السقوط ميعاد حتمي لابد أن يتم العمل المُعين في خلاله، وإلا كان باطلاً.
وميعاد السقوط لا يقف سريانه ولا ينقطع ويجوز للقاضي إثارته من تلقاء نفسه دون حاجة إلى أن يتمسك الخصم به، ولا يتخلف عنه التزام طبيعي، بخلاف التقادم المُسقط.
وميعاد السقوط يغلب أن يكون قصيراً، على خلاف مواعيد التقادم، ويغلب أيضاً أن يتولى النص التشريعي نفسه بيان ما إذا كان الميعاد ميعاد تقادم أو ميعاد سقوط. إلا أن معيار التفرقة بينهما هو تبين الغرض الذي قصد إليه القانون من تقرير هذا الميعاد. فإن كان لحماية الأوضاع المستقرة أو لغير ذلك من أغراض التقادم، فهو ميعاد تقادم. وإن كان لتحديد الوقت الذي يجب في خلاله استعمال حق أو رخصة، فهو ميعاد سقوط. ومن ثم يكون ميعاد السقوط عنصراً من عناصر الحق يدخل في تكوينه ولا يتم الحق بدونه.
        ومن مواعيد السقوط ما يُعتبر من النظام العام، فلا يجوز الاتفاق على إطالته أو تقصيره أو النزول عنه بعد سريانه ويجوز للقاضي إثارته من تلقاء نفسه. ومنها ما لا يُعتبر من النظام العام، فيجوز الاتفاق على إطالته أو تقصيره أو النزول عنه بعد سريانه ولا يجوز للقاضي إثارته من تلقاء نفسه..  ومواعيد السقوط تكون من النظام العام أو لا تكون، تبعاً لما إذا كانت تحقق مصلحة عليا للمجتمع بأسره أو كانت مقصورة على حماية لمصالح الأفراد. فميعاد دعوى الاستغلال مثلاً يمكن اعتباره من النظام العام، أما ميعاد دعوى نقض القسمة للغبن فيبدو أنه لا يعتبر من النظام العام. ومن أمثلة المواعيد التي لا تعتبر من النظام العام كذلك: ما نصت عليه المادة 455 من القانون المدني، وهي تحدد ميعاد الشهر لإخطار البائع بالخلل الذي في المبيع وميعاد ستة أشهر لرفع الدعوى، وتقول بعد ذلك "كل هذا ما لم يتفق على غيره"، فليست هذه المواعيد من النظام العام بل يجوز الاتفاق (صراحة أو ضمناً) على إطالتها أو تقصيرها أو النزول عنها بعد سريانها.
(المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثالث: "نظرية الالتزامات بوجه عام" – المُجلد الثاني: "انقضاء الالتزام" – الطبعة الثانية 1984 القاهرة – بند 594 – صـ 1168 : 1174 وهوامشها – مع بعض التصرف).

النصوص القانونية ذات العلاقة:
        لما كان ما تقدم، وكانت الفقرة الأولى من المادة السابعة من القانون رقم 43 لسنة 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة تنص على أن: "يجوز للمحتكر أن يطلب استبدال ثلاثة أرباع الأرض التي أختص بها الوقف بما يقابلها من الثمن الذي قدرته اللجنة المنصوص عليها في المادة الخامسة، وذلك بشرط أن يبدي رغبته في الاستبدال خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور قرار اللجنة إذا صدر في حضوره، أو من تاريخ إعلانه به إذا صدر في غيبته". (مع ملاحظة أن هذا النص بهذه الصياغة يتحدث فقط عن إبداء الرغبة وليس عن دفع الثمن).
        كما تنص المادة الثانية عشر من القرار الوزاري رقم 17 لسنة 1983 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 43 لسنة 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة على أنه: "إذا طلب المُحتكر استبدال ثلاثة أرباع الأرض التي أختص بها الوقف بما يقابلها من الثمن الذي تقدره اللجنة القضائية المختصة وفقاً لحكم المادة السابعة من القانون رقم 43 لسنة 1982 المُشار إليه (إي بإبداء الرغبة في الاستبدال في خلال الـ 30 يوم)، فعليه أن يودع قيمتها خزانة منطقة الهيئة المختصة، وإذا كان الاستبدال بالتقسيط فيودع المُحتكر 20% من الثمن المُقدر بمعرفة اللجنة القضائية والباقي بما فيه من زيادة يُقسط وفقاً للقواعد التي يضعها مجلس إدارة الهيئة". (مع ملاحظة أن هذا النص بهذه الصياغة لم يُحدد ميعاداً معيناً لإيداع الثمن أو مُعجله الخزانة المختصة).
        كما تنص المادة الثامنة من القانون رقم 43 لسنة 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة تنص على أنه: "لهيئة الأوقاف المصرية الحق في الاحتفاظ بالعقار كله إذا رأت المصلحة في ذلك مع صرف ريع ثمن الأرض وقيمة البناء أو الغراس للمحتكر، وذلك وفقاً للقيمة التي قدرتها اللجنة المُشار إليها في المادة الخامسة، على أن تبدي الهيئة رغبتها في ذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صيرورة قرار اللجنة نهائياً". (مع ملاحظة أن هذا النص بهذه الصياغة يتحدث فقط عن إبداء الرغبة وليس عن إيداع الثمن).
        كما تنص المادة الثانية عشر من القانون رقم 43 لسنة 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة تنص على أنه: "يُتبع في شأن الأحكام التي صدرت قرارات بإنهائها قبل العمل بهذا القانون الإجراءات المنصوص عليها في المواد السابقة، وذلك فيما عدا الأحكار التي تمت إجراءاتها نهائياً وقام المحتكر بسداد الثمن أو معجله، ويتم في هذه الحالة الاستبدال بعقد يوقعه وزير الأوقاف أو من ينيبه في ذلك".

التطبيق السليم:
        ويتضح مما سلف، أن ميعاد الـ 30 يوماً المنصوص عليه في المادتين السابعة والثامنة من قانون إنهاء الأحكار رقم 43 لسنة 1982 هو ميعاد سقوط، لكونه الميعاد الذي يجب أن يتم فيه حتماً عمل مُعين، فهو تحديد للوقت الذي يجب فيه استعمال رخصة قررها القانون. علماً بأن هذه الرخصة هي فقط مجرد "إبداء الرغبة" وليس "سداد الثمن أو معجله" سواء بالنسبة للمحتكر في المادة السابعة أو بالنسبة لهيئة الأوقاف في المادة الثامنة.
        ويتضح كذلك أن مدة الـ 30 يوماً سالفة الذكر – باعتبارها ميعاد سقوط – ليست مُتعلقة بالنظام العام، لكونها لا تهدف إلى تحقق مصلحة عليا للمجتمع بأسره، وإنما تهدف فقط إلى حماية مصالح أشخاص القانون الخاص. حيث أن أموال الوقف هي أموال خاصة، وهيئة الأوقاف عند قيامها بإدارة واستثمار والتصرف في هذه الأموال (بصفتها نائبة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف) تعد من أشخاص القانون الخاص..  مما يعني أنه يمكن الاتفاق (صراحة أو ضمناً) على مُخالفتها سواء بإطالة مدة ميعاد السقوط أو تقصيرها أو النزول والتنازل عنها بعد سريانها كما لا يجوز للقاضي إثارتها من تلقاء نفسه..   
        مع الأخذ في الاعتبار أن الاتفاق (سواء صراحةً أو ضمناً) يقتضي تراضي الطرفين، فإذا عرض المُستبدل الثمن أو مُعجله بعد فوات ميعاد السقوط لإبداء الرغبة وقبلته الهيئة منه، عُد هذا تنازلاً من الهيئة (ولو ضمنياً) عن التمسك بميعاد السقوط المذكور والتزمت الهيئة باستكمال إجراءات الاستبدال، بعكس ما إذا رفضت الهيئة قبول ذلك منه وتمسكت بسقوط حق المُستبدل في ذلك. والعكس صحيح فإذا عرضت الهيئة الثمن على المستبدل بعد فوات ميعاد السقوط لإبداء رغبتها في استبدال العقار كله وقبل المُستبدل منها ذلك، عُد ذلك تنازلاً من المُستبدل (ولو ضمنياً) عن التمسك بميعاد السقوط المذكور والتزم المُستبدل باستكمال إجراءات الأستبدال، بعكس ما إذا رفض المُستبدل قبول ذلك من الهيئة وتمسك بسقوط حق الهيئة في ذلك.

قواعد التفسير القانون واللائحة:
        وكما سلف القول، فإن ميعاد الـ 30 يوماً المنصوص عليه في المادتين السابعة والثامنة من قانون إنهاء الأحكار رقم 43 لسنة 1982 هو ميعاد سقوط، لكونه الميعاد الذي يجب أن يتم فيه حتماً عمل مُعين، فهو تحديد للوقت الذي يجب فيه استعمال رخصة قررها القانون. علماً بأن هذه الرخصة هي فقط مجرد "إبداء الرغبة" وليس "سداد الثمن أو معجله" سواء بالنسبة للمحتكر في المادة السابعة أو بالنسبة لهيئة الأوقاف في المادة الثامنة.
        علماً بأنه لا يوجد نص قانوني يلزم المستبدل أو الهيئة بسداد الثمن أو معجله في خلال الـ 30 يوماً المذكورة، لا في قانون إنهاء الأحكار ولا في لائحته التنفيذية ولا في مذكرته الإيضاحية. ولا مجال للقول بأن اشتراط سداد الثمن أو معجله في خلال الـ 30 يوماً المذكورة مُستفاد من "تفسير" نصوص قانون إنهاء الأحكار وتفسير نصوص لائحته التنفيذية، وذلك للأسباب التالية: 
أولاً- لأن تفسير النصوص القانونية لا يكون إلا عند وجود غموض أو لبس فيها.
وثانياً- لأن هذا التفسير يقوم به المُشرع نفسه (في حالة التفسير التشريعي) أو القضاء (سواء المحكمة الدستورية العليا أو قاضي الموضوع).
وثالثاً- لأنه يُشترط في التفسير أن يُبين الغموض وأن يزيل اللبس فقط لا أن يستحدث حكم جديد مُغاير لم يأت به النص.
حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "متى كان النص واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة من المُراد منه، فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته، لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه مما يكون معه القاضي مُضطراً في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه، ذلك أن الأحكام القانونية تدور مع علتها لا مع حكمتها، ومن ثم لا يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة عند وجود نص واضح سليم". (الطعن رقم 188 لسنة 31 قضائية – جلسة 2/12/1965 مجموعة المكتب الفني – السنة 16 – صـ 1191. والطعن رقم 1392 لسنة 47 قضائية – جلسة 29/5/1980 مجموعة المكتب الفني – السنة 31 – صـ 1958. وراجع أحكام أخرى في: "قضاء النقض في المواد المدنية" – للمُستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الثاني – المُجلد الأول – القاعدة رقم 1696 صـ 585 و 586).
        ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك أنه: "متى كان النص القانون واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المُراد منه، فلا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى تفسيره استهداء بالمراحل التشريعية التي سبقته أو بالحكمة التي أملته وقصد المُشرع منه أو ما تضمنته المُذكرة الإيضاحية من بيانات لا تتفق وصريح عبارة النص، ذلك أن محل هذا البحث إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه". (الطعن رقم 738 لسنة 53 قضائية – جلسة 15/11/1989. المصدر: المرجع السابق – القاعدة رقم 1710 مكرر جـ - صـ 596).
        ومن المُقرر في قضاء النقض أيضاً أنه: "متى كان النص عاماً مُطلقاً فلا محل لتخصيصه أو تقييده باستهداء الحكمة منه، إذ في ذلك استحداث لحكم مغاير لم يأت به النص عن طريق التأويل". ( الطعن رقم 1245 لسنة 50 قضائية – جلسة 26/4/1984. المصدر: المرجع السابق – القاعدة 1708 – صـ 592).
        وجميع تلك الشروط المُتطلبة في تفسير النصوص القانونية غير متوافرة في حالتنا الماثلة حيث أن نصوص قانون إنهاء الأحكار ولائحته التنفيذية واضحة جلية المعنى قاطعة الدلالة على المقصود منها وهو "إبداء الرغبة"، كما لم يتول المُشرع أو القضاء تفسير تلك النصوص (وهما الجهتان المخولتان تفسير القوانين)، وعليه لا يجوز استحداث حكم جديد مُغاير لم تأت به تلك النصوص "باشتراط سداد الثمن أو مُعجله" بزعم أن ذلك مُستفاد من طريق التأويل أو التفسير.

عدم تعديل اللائحة للقانون:
        هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فلا يجوز القول (قانوناً) بأن المادة الثانية عشر من القرار الوزاري رقم 17 لسنة 1983 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 43 لسنة 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة والتي تنص على أنه: "إذا طلب المُحتكر استبدال ثلاثة أرباع الأرض التي أختص بها الوقف بما يقابلها من الثمن الذي تقدره اللجنة القضائية المختصة وفقاً لحكم المادة السابعة من القانون رقم 43 لسنة 1982 المُشار إليه (إي بإبداء الرغبة في الاستبدال في خلال الـ 30 يوم)، فعليه أن يودع قيمتها خزانة منطقة الهيئة المختصة، وإذا كان الاستبدال بالتقسيط فيودع المُحتكر 20% من الثمن المُقدر بمعرفة اللجنة القضائية والباقي بما فيه من زيادة يُقسط وفقاً للقواعد التي يضعها مجلس إدارة الهيئة". لا يجوز (قانوناً) القول بأن تلك المادة تشترط سداد الثمن أو مُعجله خلال مُدة الـ 30 يوماً سالفة الذكر (والمُشار إليها في المادة السابعة من قانون إنهاء الأحكار)، لأن ذلك القول يعني أن نص اللائحة عدل نص القانون وأضاف إليه شرط لم يرد فيه وهذا غير جائز قانوناً، وذلك للأسباب التالية:
        أولاً- أن إلغاء التشريع أو تعديله لا يكون إلا بتشريع مثله، أي يصدر عن مجلس الشعب طبقاً للإجراءات المُعتادة لسن القوانين، ولا يجوز إلغاء التشريع أو تعديله بلائحة تصدر بقرار وزاري من الوزير المُختص. حيث تنص المادة الثانية من القانون المدني على أنه: "لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم، أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع".
        ثانياً- أن المادة 144 من الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية لعام 1971 تنص على أنه: "يُصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها. ويجوز أن يعين القانون من يُصدر القرارات اللازمة لتنفيذه".. 
فاللائحة التنفيذية إذن تفصل حيث أجمل القانون، وتفسر حيث عمم القانون، وتضع الإجراءات حيث لم يضع القانون إلا القواعد الموضوعية، واللائحة بصفة عامة تسهل على السلطات العامة مهمة تنفيذ القوانين في الدولة. واللائحة إذ تفعل ذلك كله لا يمتد نطاقها – وفقاً للدستور ذاته – إلى حيث تتعارض مع القانون الصادرة هي لتنفيذه، ولا تصل إلى حد تعديل مضمون القانون، ولا يجوز للائحة أن تعفي أحداً من أحكام فرضها القانون، لأن اللائحة في هذه الأحوال جميعها لا تؤدي إلى تنفيذ القانون بل على العكس تؤدي إلى عدم تنفيذه أو تنفيذه على نحو غير النحو الذي قصد إليه المُشرع. ولا يجوز للائحة عن طريق تفسير بعض الأحكام المُجملة في القانون أن تعمد إلى تحوير مضمونه وإضافة أحكام موضوعية جديدة، ذلك أن إضافة أحكام موضوعية جديدة إلى القانون لا يكون إلا بقانون مثله، فإذا عمدت السلطة التنفيذية وهي تضع اللائحة إلى مثل ذلك فإنها تكون قد تعدت النطاق المرسوم لها وتجاوزت اختصاصها واعتدت على اختصاص سلطة التشريع. (المصدر: "النظام الدستوري في جمهورية مصر العربية" – للدكتور/ يحي الجمل – طبعة 1974 القاهرة – صـ 210 و 211).
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغي أو تعدل قاعدة تنظيمية وضعتها سلطة أعلى أو أن تضيف إليها أحكاماً جديدة إلا بتفويض خاص من هذه السلطة العليا أو من القانون". (الطعن رقم 476 لسنة 26 قضائية – جلسة 31/5/1962 مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – صـ 734. المصدر: "قضاء النفض في المواد المدنية" – للمُستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الثاني – المُجلد الأول - القاعدة رقم 1749 – صـ 624).
ومن المُقرر في قضاء النقض أيضاً أن: "الأصل أن اللائحة لا تعدل تشريعاً إذ هي في مرتبة أدنى منه". (الطعن رقم 25 لسنة 27 قضائية – جلسة 29/11/1962 مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – صـ 1078. المصدر: المرجع السابق – نفس الموضع – القاعدة رقم 1750 – صـ 624).
        لما كان ذلك، وكانت المادة 12 من اللائحة التنفيذية لقانون إنهاء الأحكار لم تشترط التزام المُستبدل بسداد الثمن أو مُعجله خلال مُدة الـ 30 يوماً المنصوص عليها في المادة السابعة من قانون إنهاء الأحكار، فضلاً عن أنه لا يجوز للائحة التنفيذية أصلاً تعديل نص القانون أو إضافة شرط جديد لم يأت به نص القانون، وإن هي فعلت ذلك (وهي لم تفعل على أي حال) فإنها ستكون معيبة بعيب مُخالفة الدستور ومشوبة بعدم الدستورية لمُخالفتها لصريح نص المادة 144 من الدستور سالفة الذكر.
        وإذا كانت اللائحة التنفيذية للقانون لا تملك تعديل نص القانون أو إضافة شرط جديد لم يأت به النص القانوني، فمن باب أولى إن أية قرارات إدارية أخرى - تنظيمية كانت أو فردية - يصدرها مجلس إدارة الهيئة لا تملك ذلك أيضاً (في حالة فرض وجود مثل هذه القرارات من أصله – حيث أنه لم يرد في لائحة استبدال واستثمار أعيان وأموال الوقف الصادرة بالقرار رقم 11 لسنة 2003 والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 55 في 13/3/2004 أي تنظيم أو إشارة لتحديد المُدة الواجب فيها سداد الثمن أو مُعجله لصفقات الاسبتدال المبرمة طبقاً لنص المادة السابعة من قانون إنهاء الأحكار).
        مع الأخذ في الاعتبار أن نص المادة 12 من اللائحة سالفة الذكر يقتصر فقط على تنظيم أحكام (حالة) قيام المُستبدل بإبداء الرغبة في الاستبدال طبقاً لنص المادة السابعة من قانون إنهاء الأحكار (بصريح نص المادة 12 من اللائحة)، ولكن هذا النص المذكور لم يُشر من قريب أو بعيد إلى (حالة) قيام الهيئة بإبداء الرغبة في الاستبدال طبقاً لنص المادة الثامنة من قانون إنهاء الأحكار. بمعنى أنه حتى لو تم الزعم بأن نص المادة 12 من اللائحة سالفة الذكر يشترط التزام المُستبدل بسداد الثمن أو مُعجلة في خلال مُدة الـ 30 يوماً المنصوص عليها في المادة السابعة، فإن هذا الزعم لا يسري (وهذا الشرط المُفترض لا ينطبق) بأي حال على حالة قيام الهيئة بإبداء الرغبة في استبدال العقار كله طبقاً لنص المادة الثامنة من قانون إنهاء الأحكار، أي أنه إذا أبدت الهيئة رغبتها في استبدال العقار كله خلال مُدة الثلاثين يوماً المنصوص عليها في المادة الثامنة من قانون إنهاء الأحكار فإنها تستطيع القيام بسداد ثمن الصفقة في الوقت المناسب وفقاً لأحكام القانون المدني، ولا يشترط سدادها الثمن في خلال مُدة الـ 30 يوماً المذكورة. (ملحوظة: الفقرة الأولى من المادة 457 من القانون المدني تنص على أنه: "يكون الثمن مُستحق الوفاء في الوقت الذي يُسلم فيه المبيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك". وفي حالة تخلف المُشتري [الهيئة المستبدلة] عن الوفاء بالثمن في الموعد المُحدد [أياً كان]، فيجوز للبائع [المُحتكر] اللجوء للقضاء للمُطالبة بفسخ عقد البيع [الاستبدال] لعدم الوفاء بالثمن، ويجوز للمُشتري [الهيئة المُستبدلة] في هذه الحالة توقي الفسخ بعرض الثمن على البائع [المُحتكر] قبل قفل باب المُرافعة في دعوى الفسخ مع سداد الفوائد القانونية من تاريخ المُطالبة القضائية).

ملحوظة أخيرة:
·        في حالة قيام المُستبدل بإبداء الرغبة في الاستبدال خلال مُدة الثلاثين يوماً المنصوص عليها في المادة السابعة من قانون إنهاء الأحكار، وقيام موظفي الهيئة بتحصيل الثمن أو مُعجله أو الباقي منهما من المُستبدل بعد فوات مُدة الـ 30 يوماً المذكورة، فلا وجه لإحالتهم إلى التحقيق لأنه لا يوجد نص قانوني يلزم المُستبدل بسداد الثمن أو مُعجله أو الباقي منهما في خلال تلك المُدة وبالتالي لا وجه لتوجيه أي اتهام لهؤلاء الموظفين.
·        نرى توجيه منشور لموظفي الهيئة المُختصين بالتحصيل مفاده أنه: في حالة عدم قيام المُستبدل بإبداء رغبته في الاستبدال خلال مُدة الثلاثين يوماً المنصوص عليها في المادة السابعة من قانون إنهاء الأحكار، فلا يقبلوا تحصيل أي مبالغ منه لحساب صفقة الاستبدال إلا بإذن كتابي من السلطة المُختصة مُمثلة في السيد الأستاذ/ رئيس مجلس إدارة الهيئة بعد أخذ رأي الإدارات المعنية وبعد التأكد مما إذا كانت الهيئة قد أبدت رغبتها في استبدال العقار كله خلال مُدة الثلاثين يوماً المنصوص عليها في المادة الثامنة من قانون إنهاء الأحكار من عدمه.
والله أعلى وأعلم،،،


الأحد، 11 سبتمبر 2011

مذكرة دفاع أمام محكمة القضاء الإداري – الصفة والمصلحة في الدعوى – مبدأ الفصل بين السلطات – طبيعة القرار الإداري – هيئة الأوقاف للأقباط الأرثوذكس – استلام الأزهر الشريف لأوقافه – إخراج من الدعوى بلا مصاريف – رفض الشق المستعجل لعدم توافر ركني الجدية والاستعجال

مذكرة دفاع أمام محكمة القضاء الإداري – الصفة والمصلحة في الدعوى – مبدأ الفصل بين السلطات – طبيعة القرار الإداري – هيئة الأوقاف للأقباط الأرثوذكس – استلام الأزهر الشريف لأوقافه – إخراج من الدعوى بلا مصاريف – رفض الشق المستعجل لعدم توافر ركني الجدية والاستعجال

مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة/       منازعات الأفراد والهيئات

مذكـــــرة
بدفاع/ وزارة الأوقاف (مطعون ضدها الرابعة)

ضـــــد

السيد/ محمد ******* (الطاعن)

في الدعوى رقم 35411 لسنة 65 قضائية "قضاء إداري"
والمحدد لنظرها جلسة     /     /2011م للمرافعة.

أولاً- الوقائع
        تخلص وقائع الدعوى في أن المدعي عقد الخصومة فيها بموجب صحيفة، أودعت قلم كتاب المحكمة، طلب في ختامها الحكم له:
        أولاً- في الشق المستعجل:
بوقف تنفيذ قرار السيد المطعون ضده بصفته بالإعلان عن إصدار قانون موحد لبناء دور العبادة، وما يترتب على ذلك من آثار، وأخصها الأمر بتكوين لجنة قانونية ودينية لإعداد قانون مشروع جديد موحد للمؤسسات الدينية جميعها متضمناً ما سبق شرحه بصدر صحيفة افتتاح الدعوى، مع الأمر بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان.
        ثانياً- وفي الموضوع:
بإلغاء هذا القرار، مع ما يترتب عليه ذلك من آثار، وبإلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
        وقال المدعي شرحاً لدعواه أن السيد رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته القائم بأعمال رئيس الجمهورية بصفته قد أعلن عن عزمه إصدار قانون موحد لبناء دور العبادة، وإذ لم يرتضى المدعي بذلك الإعلان وكان من رأيه إنه يتعين إصدار قانون موحد للمؤسسات الدينية جميعها، لذا فقد أقام دعواه الماثلة بغية القضاء له بطلباته سالفة الذكر.

ثانياً- الدفاع
ندفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة لدى رافعها، ولرفعها من غير ذي صفة، وعلى غير ذي صفة بالنسبة لوزير الأوقاف:
حيث تنص المادة 3 مُرافعات على أنه:
"لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استناداً لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومُباشرة وقائمة يُقرها القانون". 
        ولما كان من المسلم به، أن هناك شروطاً يجب توافرها لقبول الدعوى، بحيث تمتنع المحكمة عن سماعها إذا لم تتوافر، وتتدرج إلى النظر في موضوعها إذا توافرت، وغالبية الشُراح على أن شروط قبول الدعوى هي: الحق والمصلحة والصفة والأهلية.
و"المصلحة والصفة" شرطان وإن تميزا فإنهما مظهران لشرط واحد، فالصفة ليست إلا تعبيراً عن أحد شروط المصلحة وهو كونها "شخصية ومباشرة"، فمن يرفع الدعوى يجب أن يكون ذا صفة، أي ذا مصلحة شخصية ومباشرة، ومن ثم فالشرط الوحيد لقبول الدعوى [بعد تفنيد شرطي الحق والأهلية، واندماج شرط الصفة في المصلحة]، هو توافر المصلحة (القانونية وليست الاقتصادية أو الأدبية) لدى رافعها، ولذا قيل بأنه: "لا دعوى بلا مصلحة"، وأن "المصلحة هي معيار الدعوى".
(لطفاً، راجع: للدكتور عبد المنعم أحمد الشرقاوي "نظرية المصلحة في الدعوى" - رسالة دكتوراه مقدمة لكلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول في نوفمبر سنة 1944 - بند 38 - صـ 40 و 41).
        هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
"شرط قبول الدعوى أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع الدعوى حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلباته، فتكون له مصلحة شخصية ومباشرة مما وصفته المادة الثالثة من قانون المرافعات بأنه المصلحة القائمة التي يقرها القانون".
(نقض مدني في الطعن رقم 921 لسنة 51 قضائية – جلسة 22/1/1985).
        وكذلك من المُقرر في قضاء النقض أن:
"استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها، وهو ما يستقل به قاضي الموضوع، وبحسبه أن يبين الحقيقة التي أقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله ".
(نقض مدني في الطعن رقم 1069 لسنة 56 قضائية – جلسة 25/6/1987).
        وكذلك من المُقرر في قضاء النقض أن:
"المصلحة في الدعوى تعني أن يكون رافع الدعوى هو صاحب الحق أو المركز القانوني محل النزاع أو نائبه، وكذلك المدعى عليه بأن يكون هو صاحب المركز القانوني المعتدي على الحق المدعي به، فيجب أن ترفع الدعوى من ذي صفة على ذي صفة، ويحدد الصفة في الدعوى القانون الموضوعي الذي يحكم الحق أو المركز القانوني موضوع الدعوى، إذ يجب التطابق بين صاحب الحق ورافع الدعوى كما يجب التطابق بين المعتدي على الحق وبين المدعى عليه. ولا تتوافر الصفة في حالة التعدد الإجباري إلا باختصام جميع أفراد الطرف المتعدد سواء في جانب الطرف المدعي فيكون التعدد إيجابياً أو في جانب الطرف المدعى عليه فيكون التعدد سلبياً، وفي هذه الحالة تكون الصفة في الدعوى سواء إيجابية أو سلبية لعدة أشخاص معاً وليست لشخص واحد، فإذا رفعت الدعوى دون اختصام من يجب اختصامه كانت غير مقبولة لرفعها من أو على غير ذي كامل صفة".
(نقض مدني في الطعن رقم 176 لسنة 38 قضائية – جلسة 29/11/1973 مجموعة المكتب الفني – السنة 24 – العدد الثالث "من أكتوبر إلى نوفمبر سنة 1973" – الحكم رقم 206 – صـ 1189 : 1193).
وكذلك من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن:
"مفاد نص المادة 12 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 أن شرط المصلحة في الدعوى يتعين توافره ابتداء عند إقامة الدعوى كما يتعين استمراره حتى يقضى فيها نهائياً؛ وأن مرحلة الطعن هي استمرار لإجراءات الخصومة في الدعوى من شأنها أن تطرح النزاع برمته شكلاً وموضوعاً أمام المحكمة الإدارية العليا لتنزل فيه حكم القانون، ومن ثم يتعين استمرار هذه المصلحة حتى يُفصل فيها نهائياً. لما كان ذلك، وكانت دعوى الإلغاء تستهدف إعادة الأوضاع إلى ما قبل صدور القرار المطلوب إلغاؤه، فإذا ما حال دون ذلك مانع قانوني أو طرأت أمور أثناء نظر الدعوى أو أثناء نظر الطعن تجعل إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور القرار غير ذات جدوى فإن مصلحة الطاعن في الاستمرار في الطعن تضحى منتفيه ولا يكون هناك وجه للاستمرار فيه ويتعين الحكم بعدم قبوله".
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2808 لسنة 40 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 25/12/2001. المصدر: "مجلة المحاماة" – العدد الثالث 2003 – القاعدة رقم 164 – صـ 330).
كما تواتر قضاء النقض على أنه:
"يدل النص في المادة الثالثة من قانون المرافعات على أن المصلحة التي تجيز رفع الدعوى أو المطالبة بالحق هي تلك المصلحة القانونية التي يحميها القانون دون النظر إلى المصلحة الاقتصادية".
(نقض مدني في الطعن رقم 8240 لسنة 65 قضائية – جلسة 23/6/1997 مجموعة المكتب الفني – السنة 48 – الجزء الثاني – صـ 952).
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان المدعي في الدعوى الماثلة لا صفة له ولا مصلحة لديه في إقامة الدعوى الماثلة بشقيها المستعجل والموضوعي (بطلب إصدار حكم قضائي يلزم الجهة القائمة بالتشريع حالياً بإصدار قانون معيناً يتضمن نصوصاً وأحكاماً بعينها، يقيمها أحد الأشخاص عن نفسه وبصفته رئيس حزب تحت التأسيس ضد المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة القائمة بالتشريع في المرحلة الانتقالية الحالية)، فإنه لا يقبل رفع الدعوى الماثلة لانتفاء المصلحة الشخصية والقانونية (وليست الاقتصادية أو الأدبية) لدى رافعها، ولرفعها من غير ذي صفة، وعلى غير ذي صفة بالنسبة لوزير الأوقاف (المطعون ضده الرابع بصفته).
لا سيما وإنه من المقرر وفقاً لنص المادة 115/1 مُرافعات أن: "الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى".. وإنه لابد من إثبات الصفة في الحكم وإلا كان مشوباً بعيب جوهري موجب لبطلانه (المادتان 3 ، 178 مرافعات).
حيث أن الدفع بعدم القبول الموضوعي يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى لكفالة حق الدفاع وتمكيناً للخصوم من إثارة كل ما يتعلق بوجود الحق في الدعوى في أية حالة كانت عليها الخصومة، ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. وهذا الدفع يتعلق بالنظام العام وعلى القاضي أثارته من تلقاء نفسه مادامت أوراق القضية تدل عليه.
(لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح قانون القضاء المدني" - للدكتور فتحي والى - الطبعة الثالثة 1981 القاهرة - بند 282 - صـ 559 وما بعدها).
ندفع بعدم قبول الدعوى الماثلة، لكون طلب إصدار حكم قضائي بإلزام المشرع بإصدار قانون معين يتضمن نصوصاً معينة، يعد إخلالاً بمبدأ الفصل بين السلطات:
        من المسلم به في فقه القانون الدستوري – لا سيما في النظم الديمقراطية – ضرورة وجود ثلاث سلطات أساسية في النظام السياسي، وهي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية، وكل سلطة من تلك السلطات تتمتع بصلاحيات واختصاصات أصيلة ومحددة في القانون الأساسي "الدستور"، كما تتمتع كل سلطة من تلك السلطات باستقلال نسبي عن الأخريات في عملها وفي آليات اتخاذ القرارات وبما يسند إليها من صلاحيات، بما يعرف بمبدأ " الفصل بين السلطات – The principle of Separation of powers ". وهذا الفصل يقصد به في النظام الديمقراطي هو الفصل المتوازن في توزيع الصلاحيات والمسؤوليات مع قيام قدر من التعاون فيما بينها لتنفيذ وظائفها في توافق وانسجام ويحد من هيمنة أي منها على الشأن العام.
وإذا كانت تلك الفكرة هي جوهر مبدأ الفصل بين السلطات، فإن هذا المبدأ ليس معناه إقامة سياج مادي يفصل فصلاً تاماً بين سلطات الحكم، ويحول دون مباشرة كل منها لوظيفتها بحجة المساس بالأخرى، ومن ثم فإن مقتضى مبدأ الفصل بين السلطات أن يكون بين السلطات الثلاث تعاون، وأن يكون لكل منها رقابة على الأخرى في نطاق اختصاصها بحيث يكون نظام الحكم قائماً على أساس أن " السلطة تَحُدّ أو توقف السلطة -" Power should be a check to power ، وهو ما يعبر عنه بالفرنسية بـ" Le pouvoir arrête le pouvoir " ، فيؤدي ذلك إلى تحقيق حريات الأفراد، وضمان حقوقهم، واحترام القوانين، وحسن تطبيقها تطبيقاً عادلاً وسليماً، فهذا ما يتفق وحكمة الأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات التي هي تحقيق التوازن والتعاون بين السلطات، وتوفير الحيدة لكل منها في مجال اختصاصها .
        هذا، ومن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن:
"ما تضمنه الطلب الاحتياطي من دعوة المحكمة الدستورية العليا لتعديل النصين المطعون عليهما على الوجه المبين بصحيفة الدعوى، إنما يخرج بالضرورة عن اختصاص هذه المحكمة والتي تستمد ولايتها من المادة 175 من الدستور، ذلك أن الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح للتحقق من توافقها أو مخالفتها لأحكام الدستور، لا تخولها التدخل فى مجال عمل السلطة التشريعية بتعديل قوانين أقرتها، وإلا كان ذلك افتئاتاً على ولايتها الدستورية".
(حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 37 لسنة 7 قضائية "دستورية" – جلسة 7/3/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 5 – صـ 204 – صـ 6).
        كما تواتر قضاء المحكمة الدستورية العليا على:
"إن الدستور قد حدد لكل سلطة عامة وظائفها الأصلية وما تباشره من أعمال أخرى لا تدخل فى نطاقها، بل تعد استثناء يرد على أصل انحصار نشاطها فى المجال الذى يتفق مع طبيعة وظائفها. إذ كان ذلك، وكان الدستور قد حصر هذه الأعمال الاستثنائية وبين بصورة تفصيلية قواعد ممارستها، ومن ثم تعين على كل سلطة فى مباشرتها لها أن تلتزم حدودها الضيقة وأن تردها إلى ضوابطها الدقيقة التي عينها الدستور، وإلا وقع عملها مخالفاً لأحكامه.
وإن سن القوانين هو مما تختص به السلطة التشريعية تباشره وفقاً للدستور فى إطار وظيفتها الأصلية، ولئن كان الأصل أن تتولى السلطة التشريعية بنفسها مباشرة هذه الوظيفة التي أسندها الدستور لها، وأقامها عليها إلا أن الدساتير المصرية جميعها، كان عليها أن توازن ما يقتضيه الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من تولى كل منهما لوظائفها فى المجال المحدد لها أصلا، بضرورة المحافظة على كيان الدولة وإقرار النظام فى ربوعها إزاء ما قد تواجهه - فيما بين أدوار انعقاد السلطة التشريعية أو حال غيابها - من مخاطر تلوح نذرها أو تشخص الأضرار التي تواكبها، يستوي فى ذلك أن تكون هذه المخاطر من طبيعة مادية أو أن يكون قيامها مستنداً إلى ضرورة تدخل الدولة بتنظيم تشريعي يكون لازماً لمواجهة التزاماتها الدولية الحالة، و لقد كان النهج الذى ألتزمته هذه الدساتير على اختلافها - وعلى ضوء موجبات هذه الموازنة - هو تخويلها السلطة التنفيذية الاختصاص باتخاذ التدابير العاجلة اللازمة لمواجهة أوضاع استثنائية سواء بالنظر إلى طبيعتها أو مداها. وتلك هي حالة الضرورة التي أعتبر الدستور قيامها من الشرائط التي تطلبها لمزاولة هذا الاختصاص الاستثنائي، ذلك أن الاختصاص المخول للسلطة التنفيذية فى هذا النطاق لا يعدو أن يكون استثناء من أصل قيام السلطة التشريعية على مهمتها الأصلية فى المجال التشريعي".
(حكم  المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 13 لسنة 11 قضائية "دستورية" – جلسة 18/4/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 5 – صـ 285 فقرة 6 و 7.
وفي الطعن رقم 25 لسنة 8 قضائية "دستورية" جلسة 16/5/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 5 – صـ 324 – فقرة 4).
        * هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه – فضلاً عن مبدأ الفصل بين السلطات – فإن للسلطة التشريعية مطلق تقدير ملائمة إصدار التشريع والباعث على  والباعث على إصداره. حيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن:
        "مجالات التشريع الذى تمارسه سلطة التشريع إنما تمتد إلى جميع الموضوعات، كما أن ملائمات التشريع هي من أخص مظاهر السلطة التقديرية للمشرع العادي ما لم يقيده الدستور بحدود و ضوابط يتعين على التشريع التزامها وإلا عد مخالفاً للدستور، ومن ثم يكون من حق التشريع العادي أن يستقل بوضع القواعد القانونية التي يراها محققة للمصلحة العامة متى كان فى ذلك ملتزماً بأحكام الدستور وقواعده".
(حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 93 لسنة 4 قضائية "دستورية" – جلسة 18/2/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 3 – صـ 29).
        كما جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن:
        "للمشرع سلطة تقديرية فى تنظيم الحقوق بلا معقب عليه فى تقديره ما دام أن الحكم التشريعي الذى قرره لتلك الحالات قد صدرت به قاعدة عامة مجردة لا تنطوي على التمييز بين من تساوت مراكزهم القانونية ولا تهدر نصاً فى الدستور".
(حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 26 لسنة 1 قضائية "دستورية" – جلسة 1/1/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 2 – صـ 67 – فقرة 4).
        وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كانت الدعوى الماثلة تهدف إلى إلزام الجهة القائمة بالتشريع في هذه المرحلة بإصدار تشريع موحد للمؤسسات الدينية يتضمن النصوص والقواعد التي فصلها المدعي في صحيفة دعواه الماثلة، ولما كان هذا الطلب يتضمن اعتداء على اختصاصات السلطة التشريعية لا تملك السلطة القضائية القيام به لكون ذلك يمثل إخلالاً بمبدأ الفصل بين السلطات ويعد تجاوزاً على مبدأ السلطة الكاملة للمشرع في تقدير ملائمة إصدار التشريع من عدمه، ومن ثم تكون الدعوى الماثلة قد جاءت على سند غير صحيح من القانون جديرة بعدم القبول.

نطلب رفض الدعوى:
لعدم وجود قرار إداري، إذ أن إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة على عزمه إصدار قانون موحد في المستقبل بشأن قواعد بناء دور العبادة، هذا الإعلان لا يعد قراراً إدارياً يحدث أثراً قانونياً بحيث يجوز الطعن عليه أمام محكمة القضاء الإداري.
حيث استقر القضاء الإداري وقضاء محكمة النقض على تعريف القرار الإداري بأنه إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة، بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح، وذلك بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة.
(نقض مدني في الطعن رقم 2062 لسنة 51 قضائية - جلسة 5/12/1982. مشار إليه في : "مجموعة قواعد محكمة النقض خلال ثلاثة وستين عاماً (1931 : 1994) وقضاء الدستورية والإدارية العليا وفتاوى الجمعية العمومية لمجلس الدولة" - للمستشار/ محمد خيري أبو الليل - الجزء الثالث - طبعة 1995 القاهرة - القاعدة رقم 428 - صـ 289).
ومن ثم، فإن القرار الإداري يُحدِث – بذاته – أثراً قانونياً، وذلك على العكس من العمل المادي، لأن العمل المادي للإدارة لا يحدث – بذاته – أثراً قانونياً، إذ لا تتجه الإرادة الذاتية للإدارة إلى إحداث آثار قانونية من جراء عملها المادي.
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 240 لسنة 13 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 11/1/1969 مجموعة المكتب الفني – السنة 14 – صـ 250.
وفي الطعن رقم 879 لسنة 12 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 10/4/1971 مجموعة المكتب الفني – السنة 16 – صـ 329).
        وعليه، فإن مجرد إعلان القائمين بالوظيفة التشريعية في المرحلة الحالية بعزمهم على إصدار قانون في المستقبل ينظم مسألة بناء دور العبادة في مصر، لا يعد قراراً إدارياً لأنه لا يحدث – بذاته – أثراً قانونياً، وبالتالي فلا يجوز الطعن على هذا الإعلان أمام محكمة القضاء الإداري، لا سيما وأن مقتضى نص المادة العاشرة من قانون تنظيم مجلس الدولة، والتي تنص على أنه "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية: ... خامساً- الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية ..."، ومقتضى ذلك أن مناط اختصاص محاكم القضاء الإداري بنظر دعاوى إلغاء القرارات الإدارية أن تكون تلك الدعاوى موجهة ضد القرارات الإدارية النهائية (التي تحدث – بذاتها – أثراً قانونياً) وهو ما لا يتوافر في حالة دعوانا الماثلة إذ إن ما صدر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة القائم بأعمال السلطة التشريعية في المرحلة الانتقالية الراهنة ما هو إلا إعلان عن عزمه إصدار قانون في المستقبل ينظم مسألة بناء دور العبادة في مصر وهذا الإعلان عن العزم عن إصدار قانون في المستقبل لا يعد قراراً إدارياً لكونه لا يحدث بذاته أثراً قانونياً وبالتالي فلا يجوز الطعن على هذا الإعلان أمام محكمة القضاء الإداري، وبذلك تكون الدعوى الماثلة قد جاءت على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون خليقة بالرفض، لا سيما وإنه من الواضح أن الدعوى الماثلة لم تقام إلا لغرض الدعاية والشهرة في موسم الانتخابات المقبلة ليس إلا.
        * هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن طلب المدعي في صحيفة دعواه (في البند الرابع من عنوانه: أهم ملامح هذا القانون): بإنشاء هيئة لإدارة الأوقاف المسيحية أسوة بهيئة أوقاف المسلمين ... أو إلغاء هيئة الأوقاف الإسلامية وإعادة الأوقاف للأزهر أسوة بالكنيسة؟؟!! 
فهذا الطلب بالذات ينم عن جهل مطبق بواقع الأوقاف في مصر، فمن ناحية أولى فإنه يوجد بالفعل هيئة للأوقاف القبطية في مصر منذ أكثر من خمسين عاماً، والصادر بإنشائها القرار الجمهوري بقانون رقم 1433 لسنة 1960 بإدارة أوقاف الأقباط الأرثوذكس.. ومن ناحية ثانية فإن الأعيان والأموال الموقوفة على الأزهر الشريف قد تم تسليمها للأزهر الشريف تنفيذاً للقانون رقم 14 لسنة 2007 الخاص بتخويل شيخ الأزهر النظر على الأوقاف الخيرية الموقوفة على الأزهر الشريف، أما باقي الأوقاف (غير الأوقاف القبطية والأزهر الشريف) فتقوم هيئة الأوقاف المصرية بإدارتها نيابة عن وزير الأوقاف بصفته الناظر القانوني على أوقاف المسلمين في القطر المصري. ومن ثم فلا محل للطلب المبدى من المدعي في دعواه الماثلة بخصوص طلب إنشاء هيئة للأوقاف القبطية أو إعادة الأعيان والأموال الموقوفة على الأزهر الشريف إلى الأزهر الشريف.  


نطلب إخراج وزارة الأوقاف من الدعوى بلا مصاريف:
من المُقرر في قضاء النقض أن:
"العبرة في تحديد الخصوم هو بتوجيه طلبات جدية إليهم، فإذا رفعت الدعوى لمجرد صدور الحكم في مواجهة أحد الخصوم، فإن ذلك لا يؤدي إلي اعتبار الخصم الصادر الحكم في مواجهته خصماً حقيقياً في النزاع".
(نقض مدني في الطعن رقم 347 لسنة 32 قضائية - جلسة 1/3/1969 مجموعة المكتب الفني - السنة 17).
وأن: "الاختصام في المواجهة لا يجعل الخصم المختصم خصماً حقيقياً في الدعوى، وأن الأحكام نسبية فلا يضار ولا يفيد منها إلا الخصوم الحقيقيين".
(نقض مدني في الطعن رقم 12 لسنة 38 قضائية - جلسة 1/4/1973 مجموعة المكتب الفني - السنة 23 - قاعدة 115 - ص 731).
وحيث أن النزاع الماثل إذا كان يمثل خصومة حقيقية بين أطرافه الأصليين (وهم المُدعي والمدعى عليه الأول بصفته فقط)، فإنه لا يمتد ليشمل المدعى عليه الرابع بصفته الذي لا علاقة ولا صلة له بطلبات المدعي في دعواه الماثلة، ومن ثم يحق لوزير الأوقاف المطالبة بإخراجه من الدعوى الماثلة بلا مصاريف.

ندفع بعدم قبول الدعوى في شقها العاجل لعدم توافر ركنيها "الجدية والاستعجال":
حيث تنص المادة 49 من قانون مجلس الدولة على أنه:
"لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاءه - على انه لا يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك في صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها".
ومن المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن:
"الحكم بوقف تنفيذ القرارات الإدارية طبقاً لنص المادة 49 من قانون مجلس الدولة يقوم على توافر ركنين مجتمعين أولهما: ركن الجدية بأن يقوم طلب وقف التنفيذ حسب الظاهر من الأوراق على أسباب جدية يرجح معها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه عند الفصل في موضوع النزاع والثاني: ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار الإداري آثار يتعذر تداركها في حالة القضاء بإلغائه موضوعاً".
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1274 لسنة 39 قضائية "إدارية عليا" - المصدر: مجلة المحاماة - العدد الثالث - صـ 304).
كما تواتر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن:
"القضاء الإداري لا يوقف قراراً إدارياً إلا إذا توافر شرطان هما الجدية والاستعجال فإذا انتفى إحداهما أو كلاهما فلا يقض بوقف التنفيذ للقرار المطعون فيه، حيث أن قيام ركن الاستعجال وحده لا يكفي للحكم بوقف تنفيذ القرار وإنما لابد من توافر ركن ثان وهو ركن الجدية".
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1322 لسنة 8 قضائية "إدارية عليا" - جلسة 15/12/1962.
وفي الطعن رقم 880 لسنة 9 قضائية "إدارية عليا" - جلسة 13/5/1967.
وفي الطعن رقم 1048 لسنة 10 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 13/5/1967
مشار إليها بمؤلف الدكتور/ محمد كمال الدين منير "قضاء الأمور المستعجلة" - طبعة 1990 - صـ 167).
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان إعلان الجهة القائمة بالتشريع حالياً عن عزمها إصدار تشريع ما في المستقبل، وكان هذا الإعلان لا يعد قراراً إدارياً، حيث إنه لا يحدث – بذاته – أثراً قانونياً على نحو ما سلف بيانه، وبالتالي ينتفي – والحال كذلك – ركني الجدية (حيث إنه ليس من المرجح إلغاء هذا الإعلان بوصفه ليس قراراً إدارياً) كما ينتفي ركن الاستعجال حيث تنعدم أي آثار لا يمكن تداركها لكون هذا الإعلان – بذاته – لا يرتب أية أثار قانونية من أي نوع، وعليه يلتمس المطعون ضده الرابع بصفته القضاء برفض الشق المستعجل في الدعوى الماثلة ومن ثم رفضها موضوعاً.

ثالثاً- الطلبات
        لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس وزارة الأوقاف (المطعون ضدها الرابعة)، الحكم لها بما يلي:
1-   برفض الشق المستعجل بطلب وقف التنفيذ.
2-   وفي الموضوع:
        أولاً- بصفة أصلية: بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، وعلى غير ذي صفة بالنسبة لوزير الأوقاف (المطعون ضده الرابع بصفته).
        ثانياً- وبصفة احتياطية: بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة لدى رفعها.
        ثالثاً- وعلى سبيل الاحتياط الكلي: (وعلى الترتيب التالي)..
1-   بعدم قبول الدعوى لإخلالها بمبدأ الفصل بين السلطات.
2-   برفض الدعوى.
3-   بإخراج المطعون ضده الرابع بصفته من الدعوي بلا مصروفات.
        وفي جميع الأحوال: بإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،

حيثيات حكم محكمة النقض في عدم إخضاع هيئة الأوقاف المصرية لضريبة الأرباح التجارية والصناعية

حيثيات حكم محكمة النقض في عدم إخضاع هيئة الأوقاف المصرية لضريبة الأرباح التجارية والصناعية

        * "... وحيث إنه مما تنعاه الطاعنة (هيئة الأوقاف المصرية) على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بخضوع ما تحصل عليه نظير إدارة وصيانة أموال الأوقاف الخيرية نيابة عن وزارة الأوقاف لضريبة الأرباح التجارية والصناعية في حين أن هذا المقابل هو أجر نظير إدارة تلك الأموال وصيانتها المخصص ريعها للصرف على أوجه الخير وليس الغرض منها تحقيق ربح مادي فهو لا يعد نشاطاً خاضعاً للضريبة طبقاً للقانون رقم 157 لسنة 1981 بشأن الضريبة على الدخل وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
        وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر أن ضريبة الأرباح التجارية والصناعية لا تُربط إلا على أساس الأرباح الحقيقية التي جناها الممول في سنة الضريبة بعد خصم التكاليف المقررة، كما إنه من المقرر أن مفاد نص المادة 111/4 من قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981 يدل على أن مناط فرض ضريبة على الهيئات العامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة هي أن تزاول نشاطاً خاضعاً للضريبة أي الغرض منه تحقيق ربح مادي، وكان النص في المادة الخامسة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن تتولى الهيئة نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية بقصد تنمية أموال الأوقاف، والنص في المادة السادسة من ذات القانون على أنه "على الهيئة أن تؤدي إلى وزارة الأوقاف صافي ريع الأوقاف الخيرية لصرفه وفقاً لشروط الواقفين، وتتقاضى الهيئة نظير إدارة وصيانة الأوقاف الخيرية 15% من إجمالي الإيرادات المحصلة بالنسبة إلى هذه الأعيان"، يدل على أن هيئة الأوقاف المصرية تتولى نيابة عن وزارة الأوقاف الناظرة الشرعية على الأوقاف الخيرية إدارة هذه الأوقاف واستثمارها على أسس اقتصادية بقصد تنمية تلك الأموال وتؤدي الهيئة ناتج ريع هذه الأعيان إلى وزارة الأوقاف للصرف منها وفقاً لشروط الواقفين على أوجه الخير والبر وتتحصل الهيئة على نسبة 15% من إجمالي الإيرادات المحصلة بالنسبة لهذه الأعيان نظير إدارتها وصيانتها لها ومن ثم فإن ما تتقاضاه الهيئة هو أجر مقابل إدارة تلك الأموال وليس نشاطاً خاضعاً لضريبة الأرباح التجارية والصناعية بمفهوم قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981 لأنها لا تستهدف تحقيق ربح مادي فهي ليست ممولاً، كما أن مقابل الإدارة والصيانة لا يعد أرباحاً تجارية أو صناعية وهو بهذه المثابة يكون بمنأى عن نطاق فرض الضريبة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بخضوع ما تحصل عليه الهيئة الطاعنة مقابل إدارتها لأموال الأوقاف الخيرية لضريبة الأرباح التجارية والصناعية فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
        وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف في الاستئناف رقم 2036 لسنة 123 قضائية وقرارات لجنة الطعن وتقديرات مأمورية الضرائب عن سنوات النزاع".
(نقض مدني في الطعن رقم 14344 لسنة 79 قضائية – جلسة 7/7/2011م في الطعن المقام من هيئة الأوقاف المصرية ضد وزير المالية بصفته وآخرين).