الأربعاء، 21 مارس 2018

مذكرة دفاع في - ضمان أذى النفس


الدفاع 
 
لما كان من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة التمييز، أنه:
" من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القانون المدني جعل الفعل الضار أحد مصادر الالتزام وقسمه إلى قسمين: أولهما- العمل غير المشروع، وقوامه تقرير مسئولية كاملة وشاملة ترجع في أساسها إلى فكرة الخطأ بوجه عام، وثانيهما- أذى النفس للضمان، وفقاً لأحكام الدية في الشريعة الاسلامية وقوامه أذى النفس - دون المال - وذلك عندما يستغلق على المصاب أو ذويه من بعده الطريق إلى جبر الضرر جبراً كاملاً شاملاً على أساس المسئولية التقصيرية لانتفاء خطأ مباشر الضرر، أو لكون المباشر مجهولاً، ... وحيث ان المادة 248 من القانون المدني تنص على انه "اذا كان الضرر واقعاً على النفس فان التعويض عن الاصابة ذاتها يتحدد طبقاً لقواعد الدية الشرعية من غير تمييز بين شخص وآخر وذلك دون اخلال بالتعويض عن العناصر الأخرى للضرر . . ."، كما نصت المادة 251 من ذات القانون  على  أنه " ا - تقدر الدية الكاملة بعشرة آلاف دينار ويجوز تعديل مقدارها بمرسوم . . . 2- ويصدر بمرسوم جدول للديات وفق أحكام الشريعة الاسلامية تحدد بمقتضاه حالات استحقاق الدية الشرعية كلياً أو جزئياً. . ."، واذ صدر ذلك الجدول بمرسوم، ... فإن مفاد ذلك وعلى نحو ما جاء بالمذكرة الايضاحية للقانون المدني أن المشروع رأى أن التعويض يتحدد بمبلغ جزافي يقدر سلفاً وهو ما يتمثل في الدية الشرعية أو جزئها وفق أحكام الفقه الاسلامي ".
( الطعن بالتمييز رقم 397 لسنة 1997 تجاري – جلسة 9/3/1998م )
كما تواتر قضاء محكمة التمييز، على أنه:
" وحيث إنه عن النعي في شقة الثاني المتعلق بطلب الدية الشرعية المؤسس على مسئولية المباشر فهو في محله، ذلك أن القانون المدني استهدف بالأحكام التي أوردها في باب ضمان أذى النفس الحفاظ على الدم المسفوك من أن يضيع هدراً، بحيث يضمن للمصاب دمه في الأحوال التي تقعد فيها أحكام المسئولية عن العمل غير المشروع عن التعويض عنه، وهو بهذه الغاية يروم التجاوب مع أحكام الشريعة الغراء فيما تضمنته من مبدأ أساسي هام تركز في القول المأثور "لا يطل دم في الإسلام"، فنص في المادة 255 منه على أنه "إذا وقع ضرر على النفس مما يستوجب الدية وفقاً لأحكام الشرع الإسلامي وما يتضمنه جدول الديات المنصوص عليه في المادة 251، وكان وقوع هذا الضرر بطريق المباشرة، وباستعمال شيء مما ذكر في المادة 243، فإن المباشر يلتزم بضمانه، ما لم يكن في إتيانه ملتزماً حدود الدفاع الشرعي، وكان المباشر عند فقهاء الشريعة الإسلامية– وهي مصدر النص على ما سلف البيان، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو من يكون فعله الذي باشره بنفسه قد جلب بذاته الضرر وكان له سبباً بدون واسطة، أي بدون أن يتدخل أمر بين هذا الفعل وبين الضرر الذي نجم عنه مباشرة، وتختلف "المباشرة" بطبيعتها عن "التسبب" وهو ما كان علة للأمر ولكنه لم يحصله بذاته، وإذ كانت حركة السيارة هي من فعل قائدها لكونها من جراء نشاطه فإنه يعد مباشراً لكل ضرر ينجم من تدخل تلك الحركة في إحداثه تدخلاً مباشراً. لما كان ذلك وكان تصوير الواقعة على نحو ما أورده الحكم المطعون فيه من أن مورث الطاعنين كان يسير مستقلا دراجته النارية بالحارة الوسطى للطريق وانحرف ناحية اليمين مصطدما بالسيارة المؤمن عليها لدى الشركة المطعون ضدها التي كانت تلتزم الحارة اليسرى ثم عاد للحارة الوسطى ثم انحرف ناحية السيارة مرة أخرى مما أدى لتعلق الدراجة بالجانب الأيمن للسيارة إلى أن استقرت أسفلها مما أدى إلى دهس قائدها ووفاته وهذا التصوير يعني أن قائد السيارة هو الذي أحدث الضرر مباشرة دون أن يتوسط أمر أخر بين هذا الفعل وبين وقوع الضرر ومن ثم يكون قائد السيارة المؤمن عليها هو المباشر للضرر ولا يغير من ذلك انتفاء خطئه، إذ أن تقرير المسئولية عن الدية من أذى النفس ليس أساسه وقوع خطأ من المباشر وإنما وقوع الضرر ولا تؤدي مشاركة المضرور في إحداث الضرر إلى نفي مسئولية المباشر، وإنما تدفع هذه المسئولية إذا تعمد المضرور إصابة نفسه أو كانت الإصابة قد لحقت به نتيجة سوء سلوك فاحش ومقصود من جانبه وهو ما لم يقل به الحكم المطعون فيه وخلت منه الأوراق وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يوجب تمييزه جزئيا فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة للدية الشرعية. وحيث إنه عن موضوع الاستئنافين رقمي ....... ، ..... لسنة 2012 تجاري/4 وفي حدود ما تم تمييزه وكان الحكم المستأنف قد انتهى صحيحا في قضائه إلى الإلزام بالدية الشرعية ورفض الدعوى بالنسبة إلى حراسة الأشياء وهو ما يتفق مع ما أوردته هذه المحكمة أنفاً فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون وحرياً بتأييده ".
( الطعن بالتمييز رقم 704 لسنة 2012 تجاري/1 – جلسة 20/3/2013م )
( الطعن بالتمييز رقم 401 لسنة 1996 تجاري – جلسة 12/1/1997م )
كما تواتر قضاء محكمة التمييز، على أنه:
" وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن القانون المدني استهدف بالأحكام التي أوردها في باب ضمان أذى النفس الحفاظ على الدم المسفوك من أن يضيع هدراً، بحيث يضمن للمصاب دمه في الأحوال التي تقعد فيها أحكام المسئولية عن العمل غير المشروع عن التعويض، وهو بهذه الغاية يروم التجاوب مع أحكام الشريعة الغراء فيما تضمنته من مبدأ أساسي هام تركز في القول المأثور "لا يطل دم في الإسلام"، فنص في المادة 255 منه على أنه "إذا وقع ضرر على النفس مما يستوجب الدية وفقاً لأحكام الشرع الإسلامي وما يتضمنه جدول الديات المنصوص عليه في المادة 251 وكان وقوع هذا الضرر بطريق المباشرة، وباستعمال شيء مما ذكر في المادة 243، فإن المباشر يلتزم بضمانه ..."، وكان "المباشر" عند فقهاء الشريعة الإسلامية - وهى مصدر النص على ما سلف البيان، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وهو من يكون فعله الذي باشره بنفسه قد جلب بذاته الضرر وكان له سبباً بدون واسطة، أي بدون أن يتدخل أمر بين هذا الفعل وبين الضرر الذي نجم عنه مباشرة، وتختلف "المباشرة" عن "التسبب" وهو ما كان علة للأمر ولكنه لم يحصله بذاته وإنما بواسطة ".
( الطعن بالتمييز رقم 35 لسنة 2010 مدني/2 – جلسة 28/11/2011م )
كما تواتر قضاء محكمة التمييز، على أنه:
" وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للمؤمن الرجوع على ضامن أذى النفس بما أوفاه من تعويض للمضرور عن الفعل الضار بمقتضى من حوالة الحق التي تصدر له من المضرور، ولما كان تقرير المسئولية يرجع في أساسه إلى وقوع الضرر ولا يدفعها نفي الخطأ مما لازمه أن الحكم الجزائي ببراءة المباشر لعدم توافر الخطأ لا يحول دون الرجوع عليه بدعوى ضمان أذى النفس لعدم وجود ثمة أساس مشترك بين الدعويين الجزائية والمدنية ".
( الطعن بالتمييز رقم 814 ، 839 لسنة 2008 تجاري/3 – جلسة 2/11/2010م )
هذا، وقد أقرت محكمة التمييز المبادئ القانونية التالية:
·      ليس للحكم الجزائي أن يعرض لمدى خطأ المصاب في مدارج الأخطاء المدنية،  وما إذا كان يبلغ سوء السلوك الفاحش المقصود أم لا. ولذا لا حجية له في هذا الأمر.
( الطعن بالتمييز رقم 5 لسنة 1993 تجاري – جلسة 23/5/1993م )
·      عبور الطريق بدراجة هوائية مع تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء، ليس سوء سلوك فاحش ومقصود من جانب المصاب.
( الطعن بالتمييز رقم 127 لسنة 1996 تجاري – جلسة 5/1/1998م )
·      عبور الطريق دون التأكد من خلوه من السيارات ومن غير المكان المخصص لذلك، ليس سوء سلوك فاحش مقصود.
( الطعن بالتمييز رقم 273 لسنة 1995 تجاري – جلسة 1/12/1996م )

وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان تقرير المسئولية يرجع في أساسه إلى وقوع الضرر، ولا يدفعها نفي الخطأ، مما لازمه أن الحكم الجزائي ببراءة المباشر - لعدم توافر الخطأ - لا يحول دون الرجوع عليه بدعوى ضمان أذى النفس، لعدم وجود ثمة أساس مشترك بين الدعويين الجزائية والمدنية.
ولما كان قائد السيارة -المدعى عليه -هو الذي أحدث الضرر مباشرة، دون أن يتوسط أمر أخر بين هذا الفعل وبين وقوع الضرر، ومن ثم يكون قائد السيارة هو المباشر للضرر، ولا يغير من ذلك انتفاء خطئه، إذ إن تقرير المسئولية عن الدية من أذى النفس ليس أساسه وقوع خطأ من المباشر، وإنما وقوع الضرر، ولا تؤدي مشاركة المضرور في إحداث الضرر – على فرض ثبوتها -إلى نفي مسئولية المباشر.
ولما كان الثابت بالأوراق، وبتقرير الطب الشرعي المودع بملف الدعوى الماثلة، أن وفاة مورث المدعيين ناتجة عن الحادث المروري محل الجنحة رقم 473/2013 مرور حولي، وما أسفر عنه من إصابات شديدة بالجسم – على النحو المفصل بالتقرير – وما اقتضاه علاج تلك الإصابات من إجراءات علاجية حتمية لإنقاذ حياته في حينه، وما ضاعف كل ذلك من ضيق شديد بالمسلك التنفسي، تم محاولة علاجه بتثبيت أنبوب للتنفس بفتحة رغامية بالقصبة الهوائية، وتضاعفت فيما بعد بانسداد ذلك الأنبوب، وحدوث ذلك هو من الأمور الواردة في مثل حالة المذكور (مورث المدعيان).
لما كان ذلك، وكان من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة التمييز، فإنه من:
" المقرر -في قضاء هذه المحكمة -أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتعرف حقيقتها من الوقائع والأدلة المعروضة عليها وبحث كل ما يقدم فيها من الدلائل والمستندات وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداها واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ولها أصلها الثابت بالأوراق. كما أن لها الأخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى متى أطمأنت إليه واقتنعت بأسبابه وهي غير ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهت إلى هذا التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في هذه المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير ولا سلطان لمحكمة التمييز عليها في هذا التقدير متى أقامته على اعتبارات معقولة ".
( الطعن بالتمييز رقم 4 لسنة 1997 تجاري/2 – جلسة 10/5/1988م )
كما تواتر قضاء محكمة التمييز على أنه:
" من المقرر أن لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير المقدم في الدعوى متى أطمأنت إليه واقتنعت بالأسباب التي بنى عليها النتيجة التي انتهى إليها وهي لا تكون ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهت إلى هذا التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير وهي متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها فيما انتهت إليه فإنها لا تكون بحاجة من بعد إلى اتخاذ مزيد من إجراءات الإثبات بخبير تندبه ولا تلتزم بإجابة طلب الخصوم في هذا الشأن".
( الطعن بالتمييز رقم 214 لسنة 1999 مدني – جلسة 5/6/2000م )
الأمر الذي تضحى معه الدعوى الماثلة قد جاءت موافقة لحقيقة الواقع، وعلى سند صحيح من القانون خليقة بالقبول وإجابة المدعيين إلى طلباتهما فيها. 

مسئولية الطبيب



مسئولية الطبيب

تنص الفقرة الأولى من المادة (13) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1981 بشأن مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان والمهن المعاونة لهما، على أنه:
"لا يكون الطبيب مسئولاً عن الحالة التي يصل إليها المريض إذا تبين أنه بذل العناية اللازمة، ولجأ إلى جميع الوسائل التي يستطيعها من كان في مثل ظروفه لتشخيص المرض والعلاج".
ومفاد هذا النص أن:
التزام الطبيب في علاج مرضاه ليس التزاماً بتحقيق غاية، وإنما هو التزام ببذل عناية، وأن المناط في مسئولية الطبيب عن خطئه المهني أو تقصيره أن يثبت بصورة أكيدة أنه خالف في سلوكه – عن جهل أو تهاون – أصول الفن الطبي الثابتة وقواعده العلمية الأساسية التي لا مجال فيها للجدل أو الخلاف.
وهذا ما أكدته محكمة التمييز، وذلك بتواتر قضائها على أنه:
"من المقرر أن التزام الطبيب في علاج مرضاه ليس التزاما بتحقيق غاية، وإنما هو التزام ببذل العناية الصادقة في سبيل شفائهم، وأنه مع ذلك يسأل عن خطئه الفني مهما كان يسيرا، إذا لحق المريض بسببه ضرر، ذلك أنه يتعين إقامة التوازن بين حاجة الأطباء إلى الطمأنينة والثقة والحرية في مزاولة أعمالهم، وبين حاجة المريض إلى الحماية من أخطائهم وحقه في التعويض عن الأضرار التي تسببها، إلا أن مناط مسئولية الطبيب عن خطئه المهني أن يثبت بصفة أكيدة واضحة أنه خالف في سلوكه - عن جهل أو تهاون - أصول الفن الطبي الثابتة وقواعده العملية الأساسية التي لا مجال فيها للجدال أو الخلاف، فالعبرة ليست بوصف الخطأ بأنه يسير أو جسيم ولكن بثبوته من وقائع واضحة تتنافى في ذاتها مع الأصول الطبية المستقرة".
( الطعن بالتمييز رقم 441 لسنة 2001 مدني – جلسة 30/9/2002م )
ووفقاً لقواعد المسئولية:
فيُشترط أن تكون ثمة رابطة سببية بين الخطأ (المنسوب للطبيب) وبين الضرر الذي يحدث للمريض. وتقدير توافر أو نفي الخطأ الموجب للمسئولية وقيام علاقة السببية بينه وبين الضرر، هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع، ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى ما هو ثابت في الأوراق.
حيث جرى قضاء محكمة التمييز على أنه:
"من المقرر أن المناط في مسئولية الطبيب عن خطئه المهني أن يثبت بصورة أكيدة أنه خالف في سلوكه - عن جهل أو تهاون - أصول الفن الطبي الثابتة وقواعده العلمية الاساسية التي لا مجال للجدل فيها او الخلاف، وأن تكون ثمة رابطة سببية بين هذا الخطأ والأضرار التي تحدث للمريض، وأن تقدير توافر أو نفي الخطأ الموجب للمسئولية ورابطة السببية بينه وبين الضرر هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقب مادام استخلاصه سائغا ومستندا إلى ما هو ثابت بالأوراق. ومن المقرر أن ركن السببية في المسئولية التقصيرية لا يقوم إلا على السبب المنتج الفعال المحدث للضرر دون السبب العارض الذي ليس له شأن بطبيعته في إحداث مثل هذا الضرر مهما كان قد أسهم مصادفة في إحداثه بأن كان مقترناً بالسبب المنتج".
( الطعن بالتمييز رقم 86 لسنة 1999 مدني – جلسة 18/10/1999م )
كما أن لمحكمة الموضوع – وهي بصدد تقدير توافر أو نفي الخطأ الموجب للمسئولية ورابطة السببية بينه وبين الضرر، باعتباره من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقب عليه – أن تأخذ في ذلك بتقرير الخبير متى اطمأنت إليه واقتنعت بالأسباب التي بني عليها دون التزام بالرد استقلالاً على المطاعن التي توجه إليه، لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير.
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز، أن:
"المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتعرف حقيقتها من الوقائع والأدلة المعروضة عليها وبحث كل ما يقدم فيها من الدلائل والمستندات وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداها واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ولها أصلها الثابت بالأوراق. كما أن لها الأخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى متى أطمأنت إليه واقتنعت بأسبابه وهي غير ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهت إلى هذا التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في هذه المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير ولا سلطان لمحكمة التمييز عليها في هذا التقدير متى أقامته على اعتبارات معقولة".
( الطعن بالتمييز رقم 4 لسنة 1997 تجاري/2 – جلسة 10/5/1988م )
هذا، ومن والمقرر أيضاَ أن مسئولية المتبوع عن فعل تابعه – طبقاً لنص المادة 240 من القانون المدني – قوامها وقوع خطأ (فعل غير مشروع) من التابع مستوجب لمسئوليته هو، بحيث إذا انتفت مسئولية التابع، فإن مسئولية المتبوع لا يكون لها من أساس تقوم عليه.
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن:
"النص في المادة 240 من القانون المدني على أن "يكون المتبوع مسؤولاً في مواجهة المضرور عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه في أداء وظيفته أو بسببها"، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن مناط مسئولية المتبوع عن الضرر الناجم عن فعل التابع هو علاقة التبعية وأن يكون العمل غير المشروع قد وقع من التابع في أداء وظيفته أو بسببها".
( الطعن بالتمييز رقم 494 لسنة 2001 مدني/2 – جلسة 21/10/2002م )
وبمفهوم المخالفة: إذا كان العمل الذي وقع من التابع مشروعاً، وينتفي عنه وصف "الخطأ"، فإنه لا مسئولية لا على التابع، ولا على المتبوع.
لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير لجنة أطباء الطب الشرعي التي أوقعت الكشف الطبي على المستأنفة الأولى، وأحاطت بملفها وتقاريرها الطبية، أنه:
لم يتبين لها (للجنة الطب الشرعي) في الإجراءات الطبية التي اتخذت حيالها (المريضة/المستأنفة الأولى) في عملية توليدها ما يخالف الأصول الطبية ... وولدت ولادة مهبلية عادية، ولم يكن بها من العلامات ما تصنفه توصيات الزمالة الملكية البريطانية علامات لحالات حملية ذات خطورة عاليه لنقل هذا الميكروب للطفل، وعليه لم تعط المضاد الحيوي الوريدي الوقائي أثناء الولادة.
كما لم يتبين في الإجراءات الطبية التي اتخذت حيالها في متابعة حالتها الحملية ما يمكن نسب إليه "خطأ طبي" ... وهي إجراءات طبية صحيحة، والمذكورة (المستأنفة الأولى) لم يكن بها حالة مرضية مشتبهة ظاهرة أثناء الحمل. وعدم أخذ الطبيبة مسحة مهبلية من المذكورة في حينه لا يمكن اعتباره خطأ طبي نظراً لاختلاف البروتوكولات الطبية في هذا المجال (كما أوضحنا بالحقائق العلمية).
وعليه، فاستناداً لما تبيناه من الأوراق الطبية الخاصة بالمذكورة (المستأنفة الأولى)، وطفلتها، والحقائق الطبية المختصة بهذا المجال، فلم يتبين ما يمكن معه نسب خطأ طبي في إجراءات متابعة حمل المذكورة وتوليدها، لاختلاف البروتوكولات الطبية في هذا المجال.
وكان مؤدى هذا الذي أوضحه وانتهى إليه التقرير الذي اطمأنت إليه محكمة أول درجة – بما لها من سلطة تقديرية – عدم ثبوت خطأ من قِبل المستشفى المستأنف ضدها الأولى أو تابعها (طبيبة التوليد)، يدل على مخالفة شيئاً من أصول الفن الطبي الثابتة حتى تنعقد مسئوليتهما عن التعويض، فإن الحكم إذ رفض إلزامها بالتعويض لعدم ثبوت خطأ قبلها استناداً لهذا التقرير الذي تضمن اسقاطاً لكل حجة مخالفة، ورتب على ذلك رفضه لدعوى الضمان الفرعية، لا يكون قد جانب الصواب، ويكون النعي عليه على غير أساس خليقاً بالرفض.


عبء الإثبات في المنازعات الإدارية أو المنازعات مع جهة الإدارة



 عبء الإثبات في المنازعات الإدارية 

أن جهة الإدارة ملزمة قانوناً بتقديم ما تحت يدها من مستندات قاطعة وجوهرية وفاصلة في موضوع الدعوى،
فإن هي نكلت أو تقاعست عن ذلك، أو تسببت في تلفها أو فقدانها (أو دشتها)، فإن ذلك يُعد قرينة لصالح الطاعن، ويلقي على جهة الإدارة عبء إثبات عكس تلك القرينة القانونية.
فإن هي لم تثبت عكس تلك القرينة القانونية (المقررة لصالحه)، فإن هذا يثبت عدم صحة القرار الصادر منها، ويستوجب إلغاؤه (إن كان النزاع أمام محكمة القضاء الإداري) أو القضاء لصالحكم ضدها (برفض دعواها، أو قبول دعواكم – إن كان النزاع أمام المحاكم المدنية).

حيث  إنه من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا:
"إنه وإن يكن الأصل أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعى إلا إن الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه في مجال المنازعات الادارية لا يستقيم مع واقع الحال، بالنظر إلى احتفاظ الإدارة في غالب الأمر بالوثائق والملفات ذات الاثر الحاسم في المنازعات، مما يتعذر معه على الأفراد تحديداً دقيقاً، لذا فإن من المبادئ المستقرة في المجال الإداري أن الادارة تلتزم بتقديم سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والمنتجة في اثباته إيجاباً أو نفياً متى طلب منها ذلك، سواء من هيئة مفوضي الدولة أو من المحاكم وقد رددت قوانين مجلس الدولة المتعاقبة هذا المبدأ "المادتان 30 ، 33 من القانون الراهن رقم 55 لسنة1959". ومتى كان ذلك، وكان ثابتاً أن الحكومة نكلت عن تقديم الأوراق المتعلقة بموضوع النزاع أو تسببت في فقدها، فأن ذلك يقيم قرينه لصالح المدعى تلقي عبء الإثبات على عاتق الحكومة".
(الطعن رقم 108 لسنة 12 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 11/11/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – صـ 45)
(الطعن رقم 1490 لسنة 14 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 30/12/1973 مجموعة المكتب الفني – السنة 19 – صـ 81)
(الطعن رقم 1059 لسنة 30 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 2/12/1986 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 362)

وأن:
"الأصل في الإنسان براءة الذمة بحيث لا يمكن أن يُحمِل في ذمته بالتزام مالي دون سبب قانوني صحيح يبنى عليه الالتزام - طعن الموظف على قرار تحميله بمبلغ نقدى في ذمته يعني منازعته في صحة الأساس الواقعي والقانوني الذى بنى عليه هذا التحميل، مما يستوجب إلزام جهة الإدارة أن تثبت أمام القضاء قيام السند القانوني المبرر للقرار الذى أصدرته في هذا الشأن، فإذا تقاعست عن تقديم أسانيد هذا القرار تكون قد فشلت في إثبات صحته، مما يستوجب إلغاءه".
(الطعن رقم 1571 لسنة 30 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 27/2/1988 مجموعة المكتب الفني – السنة 33 – صـ 967)

وأنه:
"تلتزم الإدارة بإيداع مستندات الموضوع التي تحت يدها، تمكيناً للعدالة من أن تأخذ مجراها الطبيعي - نكول جهة الإدارة وتقاعسها بغير مبرر عن إيداع تلك المستندات، ينشئ قرينة لصالح خصمها بصحة ما يدعيه - أساس ذلك: أن الإدارة هى التي تحتفظ بالمستندات الرسمية ولا يجوز تعطيل الفصل في الدعاوى بسبب امتناع الإدارة عن إيداع المستندات المطلوبة - ظهور تلك المستندات في مرحلة الطعن يؤدى إلى إسقاط قرينة الصحة، وذلك بغض النظر عن المسئولية الناشئة عن عدم إيداع الأوراق - مؤدى ذلك: اعتبار هذه القرينة مجرد قرينة مؤقتة تزول بتقديم المستندات".
(الطعن رقم 1299 لسنة 32 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 26/11/1988 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 167)
(والطعن رقم 608 لسنة 30 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 30/12/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 583)

مع ملاحظة أنه:
        من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض، أنه:
"لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع".
(نقض مدني في الطعن رقم 407 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/12/1982.
وفي الطعنين رقمي 598 و 55 لسنة 50 قضائية - جلسة 28/2/1984).

وأنه:
"... وإذ كان الطاعنون لم يقدموا للتدليل على أن وفاة المرحوم/ ...... قد حدثت في تاريخ سابق على قفل باب المرافعة في الاستئناف سوى صورة ضوئية من شهادة وفاة وإشهاد وراثة، بينما تمسك المطعون ضده الأول في مذكرته بانتفاء أي حجية للصور الضوئية، مما يتعين معه عدم التعويل عليها في الإثبات، ويكون النعي بهذا السبب عارياً عن الدليل ومن ثم غير مقبول".
( نقض مدني في الطعن رقم 308 لسنة 51 قضائية – جلسة 5/12/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 1087 – فقرة 2.
وفي  الطعن رقم 1314 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/5/1980).

وأن:
"استناد الخصم إلى الصورة الشمسية للمستند. التفات الحكم عن الورقة. لا قصور".
(نقض مدني في الطعن رقم 1196 لسنة 53 قضائية جلسة 1/2/1990 مجموعة المكتب الفني السنة 41 صـ 410 فقرة 4.
وفي الطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية - جلسة 24/1/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 279).

هذا، والله أعلى وأعلم،،،