الجمعة، 6 يناير 2012

قرار إزالة التعدي على أملاك الدولة - الطعن عليه وإلغائه أو تأييده - إنه إذا كان وجود عقد إيجار ينفي الغصب، إلا أن ذلك مرهون بالالتزام بالمركز القانوني الذي يخوله ذلك العقد، البناء على الأرض محل عقد الإيجار، رغم استئجارها كان كأرض فضاء، ودون موافقة الجهة المالكة والمؤجرة، يُعد تعدياً - التقدم بطلب شراء وتسجيل الاسم في الضرائب العقارية وسداد رسم مقابل الانتفاع وإقامة دعوى أمام القضاء المدني، لا يعد سنداً لوضع اليد - سكوت المدعى عليه عن النفي لا يصلح بذاته للحكم المدعى بطلباته متى كان الأخير لم يثبت ما يدعيه - وضع يد المستأجر بعد إنتهاء مدة إجارته على العين التى كانت مؤجرة له يعد غصباً - وقف التنفيذ



قرار إزالة  التعدي على أملاك الدولة - الطعن عليه وإلغائه أو تأييده - إنه إذا كان وجود عقد إيجار ينفي الغصب، إلا أن ذلك مرهون بالالتزام بالمركز القانوني الذي يخوله ذلك العقد، البناء على الأرض محل عقد الإيجار، رغم استئجارها كان كأرض فضاء، ودون موافقة الجهة المالكة والمؤجرة، يُعد تعدياً - التقدم بطلب شراء وتسجيل الاسم في الضرائب العقارية وسداد رسم مقابل الانتفاع وإقامة دعوى أمام القضاء المدني، لا يعد سنداً لوضع اليد - سكوت المدعى عليه عن النفي لا يصلح بذاته للحكم المدعى بطلباته متى كان الأخير لم يثبت ما يدعيه - وضع يد المستأجر بعد إنتهاء مدة إجارته على العين التى كانت مؤجرة له يعد غصباً  - وقف التنفيذ


مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا

تقرير طعن
أنه في يوم ....................... الموافق ........../ ........../2012م
حضر أمامنا أنا/ ............................................... مراقب شئون المحكمة الإدارية العليا لمجلس الدولة الأستاذ/ .................................................................... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته، بموجب التوكيل رقم 1993 "ح" لسنة 2007 مكتب توثيق الأهرام النموذجية، ومواطنه القانوني: "المركز الرئيسي لهيئة الأوقاف المصرية" والكائن مقرها بالعقار رقم 109 بشارع التحرير – بميدان الدقي – بالجيزة.
"قــــرر"
إنه يطعن في حكم محكمة القضاء الإداري الدائرة (الرابعة) أفراد والصادر بجلستها المنعقدة في 22/11/2011 وذلك في الدعوى رقم 20076 لسنة 56 قضائية "قضاء إداري" والذي قضي منطوقه بما يلي: "بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات".
ضـــــــــد
1-   السيدة/ سعاد *****             (المطعون ضده أولاً)
2-   الأستاذ/ عبد الوهاب *****     (المطعون ضده ثانياً)

"الـوقـائـــع"
تخلص وقائع الطعن الماثل في أن المطعون ضدهما كانا قد عقدا الخصومة فيها بموجب صحيفة مودعه قلم كتاب محكمة القضاء الإداري طلبا في ختامها بقبول الطعن شكلاً والقضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 406 لسنة 2002 المؤرخ 8/7/2002 والصادر من رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية وفى الموضوع بإلغائه مع إلزام هيئة الأوقاف المصروفات والأتعاب.
وقال المدعيان شرحاً لدعواهما المستأنف حكمها إنه صدر القرار المطعون فيه رقم 406 لسنة 2002 متضمناً إزالة التعدي على أملاك هيئة الأوقاف ونعيا على القرار مخالفته للقانون لأن العين التداعي مؤجرة وليست مغتصبة وصادر لها ترخيص رقم 209 لسنة 1976 لتشغيل الأخشاب بالإضافة لسداد الإيجار لهيئة الأوقاف واختتما صحيفة الدعوى بالطلبات المشار إليها آنفاً.
وبجلسة 28/11/2004 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت جهة الإدارة المصروفات وأمرت بإحالة الدعوى لهيئة المفوضين لأعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء. 
وتداولت الدعوى بعد ورودها من المفوضين علي النحو المبين بمحاضر جلستها لنظر الشق (الموضوعي( طلب الإلغاء إلى أن قررت المحكمة بجلسة 18/10/2011 حجز الدعوى للحكم لجلسة 22/11/2011 وبتلك الجلسة أصدرت المحكمة حكمها القاضي  منطوقه: "بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من أثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات".
وحيث أن الطاعن بصفته لم يرتض هذا الحكم فإنه يطعن عليه وذلك لم تضمنه الحكم المطعون فيه من مخالفة للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله. وإنه يقيم طعنه على الواقعات والأسباب الآتية:

"أسباب الطعن"
السبب الأول: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله، من عدة أوجه:
الوجه الأول: عدم قبول الدعوي المطعون في حكمها  لرفعها من غير ذي صفة:
حيث إن الثابت إن قرار الإزالة محل الدعوي صادراً ضد  كلاً من/ عبد الكريم وزكريا التاجوري ولم يكن صادراً في مواجهة المطعون ضدهما. وبالتالي فإن المطعون ضدهما ليسوا أصحاب صفة  في اختصام هيئة الأوقاف المصرية بشأن قرار الإزالة محل الطعن مما يحق معه لهيئة الأوقاف المصرية – والحال كذلك – الدفع بعدم قبول الدعوي المطعون في حكمها لرفعها من غير ذي صفة وهو دفع متعلق بالنظام العام وتقضي به عدالة المحكمة الموقرة من تلقاء نفسها.

الوجه الثاني: إنه إذا كان وجود عقد إيجار ينفي الغصب – إلا أن ذلك مرهون بالالتزام بالمركز القانوني الذي يخوله ذلك العقد – البناء على الأرض محل عقد الإيجار – رغم استئجارها كان كأرض فضاء – ودون موافقة الجهة المالكة والمؤجرة – يُعد تعدياً:
حيث أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه: "ومن حيث أن لهذه المحكمة قضاء سابق أنه يتعين تحديد مفهوم التعدي على الأموال المشار إليها في نطاق سلطة إزالته إدارياً المقررة بالنص المشار إليه – فإذا كان لواضع اليد سند من القانون لوضع يده على هذه الأموال المشار إليها – فإنه يتعين عليه التزام أحكام هذا السند وما يخوله إياه من حقوق وعليه التزام مركزه القانوني المستمد من هذا السند دون أن يتجاوز حدود ذلك إلى ارتكاب فعل يتجاوز هذا النطاق، ويُعد من قبيل التعدي – خاصة إذا كان هذا السند القانوني المقرر لوضع اليد لم يتناول حكماً لمعالجة هذا التعدي والجزاء المترتب عليه. ولما كان البائع للمطعون ضده وهو عبد اللطيف .... إنما يستند في وضع يده على أرض هيئة الأوقاف ومن ضمنها المساحة محل النزاع إلى وجود علاقة ايجارية بينه وبين هيئة الأوقاف تبرر وضع يده – فإن وضع اليد استناداً إلى تلك العلاقة إنما يقتصر فقط على إيجار أرض فضاء تتيح للمستأجر استغلالها دون البناء عليها بغير اتفاق مع الهيئة أو تصريح منها – فالبناء على أرض ليست مملوكة له وبغير تصريح وموافقة المالك يغير من طبيعة العلاقة الإيجارية ويخرج عن أحكام السند القانوني وهو التأجير إلى وضع قانوني آخر فيه دوام واستقرار – على نحو لا يمكن الجهة الإدارية مالكة الأرض من استرجاع أرضها وإنهاء العلاقة الإيجارية وحتى لو تم استرجاعها فإنها تتحمل تكاليف المباني والمنشآت لتسامحها في إقامتها إن هي تسامحت في ذلك – ولا يمكن القول في هذا النطاق بأنه كان على هيئة الأوقاف أن تلجأ إلى القضاء المختص وفقاً للعلاقة الإيجارية لحسم مسألة التعدي المشار إليها – فالأمر في هذه الحالة مآله إلى رفض الدعوى إن لم يتضمن عقد الإيجار حكماً يعالج هذه المسألة وهو الأمر الغالب لتغايره مع طبيعة العلاقة الإيجارية – وهي نتيجة لا يتصور أن تكون من أهداف المشرع في سبيل المحافظة على أموال هيئة الأوقاف – فضلاً عن أن الأمر في هذه الحالة لا يعني كونه تشجيع المتعدي بالبناء وتجاوز حدود العلاقة مع الجهة المالكة بتملك الأرض رغماً عن الجهة مالكة الأرض". (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4069 لسنة 45 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 5/6/2002. المصدر: "قرارات الإزالة والإخلاء" – للمستشار/ سمير يوسف البهي – طبعة 2003 القاهرة – صـ 44 : 46).
        وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كانت أرض التداعي مؤجرة كأرض فضاء، وقد نص عقد إيجارها على الحظر على المستأجر إشادة أي مباني على تلك الأرض، وقد قام المستأجر وورثته من بعده بمخالفة ذلك الحظر الوارد في عقد الإيجار وأقاموا بتشييد مبان على الأرض المؤجرة بما يعد تعدياً عليها ومن ثم يجوز لهيئة الأوقاف المصرية إصدار قرار إداري بإزالة ذلك التعدي الواقع بالمخالفة لأحكام القانون، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر صحيحاً منتجاً لكافة آثاره، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه.

الوجه الثالث: التقدم بطلب شراء وتسجيل الاسم في الضرائب العقارية وسداد رسم مقابل الانتفاع وإقامة دعوى أمام القضاء المدني – لا يعد سنداً لوضع اليد:
        حيث أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه: "ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يتعين لمباشرة جهة الإدارة سلطتها في إزالة التعدي على أملاكها بالطريق الإداري أن يتحقق مناط مشروعية هذه السلطة وهو ثبوت وقوع اعتداء ظاهر على ملك الدولة أو محاولة غصبه ولا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد وضع اليد من أي سند قانوني يبرر وضع يده – أما إذا استند واضع اليد حسب الظاهر من الأوراق والمستندات التي تفيد وجود حق له على هذه الأملاك فإنه تنتفي حالة التعدي على تلك الأموال ولا يجوز بالتالي للجهة الإدارية إزالته بالطريق الإداري ولا يكفي لقيام هذا السند القانوني لوضع اليد قيامه بسداد مقابل الانتفاع أو تقديمه طلباً لشراء الأرض محل التعدي – إذ أن هذا أو ذاك لا ينشئ لواضع اليد مركزاً قانونياً حيال العقار ولا ينفي عنه صفة التعدي طالما لم تتم الموافقة على الشراء، ولا يغل يد الجهة الإدارية عن إزالة التعدي ، وبالتالي فإن القرار المطعون فيه يكون قائماً على أسبابه المبررة له قانوناً، الأمر الذي ينتفي معه ركن الجدية دون حاجة لبحث ركن الاستعجال". (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4030 لسنة 43 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 19/6/2002. المصدر: "قرارات الإزالة والإخلاء" – للمستشار/ سمير يوسف البهي – طبعة 2003 القاهرة – صـ 121 و 122).
        كما أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه: "وبتطبيق ما تقدم على الحالة الراهنة، وإذا لم يقدم المطعون ضدهم سنداً لملكيتهم للأرض محل القرار المطعون فيه، وما ساقوه في هذا الشأن بوضع اليد لمدة سبعين عاماً لا يصلح سنداً لذلك – فإن أملاك الدولة أياً ما كانت الجهة الإدارية لا تتملك بالتقادم، وإذا كان اكتمال المدة قبل العمل بالقانون المدني فإنه كان يتعين على المطعون ضدهم إثبات وضع اليد بضوابطه وشروطه وهو ما لم يحدث، ومن ثم يتعين طرح الأدلة بتملكهم للأرض محل النزاع كذلك فإن قيامهم بسداد رسوم انتفاع أو إثبات أسمائهم في الضرائب العقارية لا يكفي سنداً لوضع اليد بطريق قانوني ذلك أن مقابل الانتفاع لكفالة حصول الدولة على ريع من استغلال أملاكها ولا يكفي سنداً لوضع اليد بطريق قانوني". (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 686 لسنة 47 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 28/8/2002. المصدر: "قرارات الإزالة والإخلاء" – للمستشار/ سمير يوسف البهي – طبعة 2003 القاهرة – صـ 122 و 123).
        ومن ثم، فإن زعم المطعون ضدهم بأنهم يسددون مقابل انتفاع بعين التداعي وتقديم صور ضوئية لإيصالات سدادها – تجحدها هيئة الأوقاف المصرية – لا يكفي سنداً لوضع يدهم على أرض التداعي ولا ينفي عنهم صفة الغصب، وعليه يكون صدور قرار إداري بإزالة تعديهم على أرض التداعي قد صدراً صحيحاً وله ما يبرره قانوناً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه.

الوجه الرابع: سكوت المدعى عليه عن النفي لا يصلح بذاته للحكم المدعى بطلباته متى كان الأخير لم يثبت ما يدعيه:
        لما كان من المقرر في قضاء محكمة النقض أن: "من أصول الإثبات أن سكوت المدعى عليه عن النفي لا يصلح بذاته للحكم المدعى بطلباته متى كان الأخير لم يثبت ما يدعيه، و كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر - إذ أعتد فى قضائه كذلك على سكوت الشركة الطاعنة عن نفى مسئوليتها المدعى بها دون أن يكون المدعون قد أثبتوا توافر عناصر هذه المسئولية - فإنه يكون قد خالف القانون وشابه فساد فى الاستدلال". (نقض مدني في الطعن رقم 2029 لسنة 56 قضائية – جلسة 28/2/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 673 – فقرة 2).
        لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد ساير تقرير هيئة مفوضي الدولة الذي عول على ما أورده في حيثياته من أنه: "وحيث إنه في ضوء نكول الجهة الإدارية ولم تبد ثمة دفع أو دفاع تدحض به ما جاء بعريضة الدعوى رغم إعلانها قانوناً بذلك وهو ما يعد قرينة لصالح المدعين ودليلاً على سلامة ادعاءاتهم. مما يضحى القرار الطعين لم يوافق صحيح حكم القانون وجديراً بالإلغاء"؟!! فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله فضلاً عما شابه من الفساد في الاستدلال لا سيما وإن الجهة الإدارية لم يصلها أصلاً أية إعلانات أو إخطارات لحضور الجلسات في الدعوى المستأنف حكمها وبالتالي لم تتمكن من المثول أمام هيئة مفوضي الدولة أو المحكمة حتى صدور الحكم المطعون فيه.

الوجه الخامس: العلاقة التعاقدية انتهت بتوجيه إنذارات رسمية على يد قلم المحضرين بإنهاء عقد الإيجار الخاضع لأحكام القانون المدني، واستمرار وضع يد المطعون ضدهم على أرض التداعي بعد إعلانهم بهذه الإنذارات تعد وضع يد غاصب يتعين رفعها:
        لما كان عقد إيجار أرض التداعي، هو عقد إيجار أرض فضاء، خاضع لأحكام القانون المدني، وقد انتهت المدة المحددة لسريان ذلك العقد، واستمر الطرفان في تنفيذه، بما يعني إنه قد تجدد ضمنياً لمدد غير محددة، ومن ثم يكون لأي من طرفي العقد إذا هو نبه على الآخر في المواعيد المنصوص عليها في ذلك العقد طبقاً لاتفاق الطرفين وطبقاً لأحكام المادة 563 من القانون المدني، وعليه، فبعد إعلان المطعون ضدهم بإنذار رسمي على يد محضر برغبة الهيئة في إنهاء عقد الإيجار وعدم الرغبة في تجديده، فإن استمرار وضع يد المطعون ضدهم على أرض التداعي بعد إعلانهم بهذا الإنذار إنما يكون وضع يد غاصب يتعين رفعها.
حيث إنه من المقرر قانوناً أنه: "ويعتبر التنبيه عملاً قانونياً لأنه إرادة تتجه إلى إنهاء عقد الإيجار وهو عمل قانوني يصدر من جانب واحد لأنه تكفي فيه إرادة واحدة أي لا يحتاج فيه إلى قبول الطرف الأخر فهو يتم بمجرد إعلان أحد الأطراف لإنهاء العقد إن لم يقبله ويترتب عليه بمجرد تمامه أي بمجرد إعلانه إلى الطرف الأخر إنهاء العقد دون توقف على إرادة من وجه إليه التنبيه". (لطفاً، المرجع: "الوافي في شرح القانون المدني" للدكتور/ سليمان مرقس - الجزء الثالث في العقود المسماة - المجلد الثاني "عقد الإيجار" - الطبعة الرابعة 1993 القاهرة - بند رقم 262 و 263 – صـ 682 : 685).
كما إنه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن: "انتهاء مدة الالتزام باستغلال السوق وتغيير تخصيصه كسوق عمومي - أثره: انتهاء الحقوق التي تلقاها بعض الأفراد عن الملتزم في شغل بعض أماكن بالسوق - استمرار وضع يدهم على هذه الأماكن رغم التنبيه عليهم بإخلائها يعتبر من قبيل التعدي على أملاك الدولة - يجوز إزالة هذا التعدي بالطريق الإداري طبقاً للقانون". (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2241 لسنة 29 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 1/11/1986 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 142 – فقرة 1. المصدر: "برنامج أحكام المحاكم العليا" – إصدار: "المجموعة الدولية للمُحاماة والاستشارات القانونية" – تحت عنوان: أملاك دولة، إزالة التعدي على أموال الدولة).
ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أنه: "إذا كان الحكم حين قضى بأن وضع يد المستأجر بعد إنتهاء مدة إجارته على العين التى كانت مؤجرة له يعد غصباً، قد إستند فى ذلك إلى أن العقد منصوص فيه على إلتزام المستأجر بتسليم الأرض فى  نهاية مدة الإجارة وأن المؤجر نبه عليه بالتسليم بمقتضى خطاب مسجل مع أن هذا التنبيه لم يكن واجباً طبقاً لنص المادة 385 مدنى إذ أن مدة الإجارة معينة، فإنه يكون قد بنى قضاءه على أسباب مؤدية إلى ما إنتهى إليه. ولا يعيبه إستخلاصه حصول التنبيه من إيصال الخطاب الموصى عليه الموجه من المؤجر إلى المستأجر، فإن فى عدم تقديم المستأجر هذا الخطاب الذى لم ينكر تسلمه ما يسوغ هذا الإستخلاص". (نقض مدني في الطعن رقم 47 لسنة 18 قضائية – جلسة 15/12/1949 مجموعة المكتب الفني – السنة 1 – صـ 98 – فقرة 1).
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الثابت بالأوراق والمستندات المقدمة من هيئة الأوقاف المصرية عند قيد الطعن الماثل إن عقد إيجار مورث الطاعنين هو عقد إيجار أرض فضاء خاضع لأحكام القانون المدني وإن مدته انتهته واستمر الطرفان في تنفيذه ومن ثم يعد العقد غير محدد المدة ينتهي إذا نبه أحد الطرفين على الآخر بعدم الرغبة في تجديده واستمراره في المواعيد المنصوص عليها في المادة 563 مدني وفي الموعد المتفق عليه في عقد الإيجار، وإذ نبهت هيئة الأوقاف على ورثة المستأجر بعدم رغبتها في تجديد واستمرار العقد فإن ذلك العقد يكون قد انتهى، وإذ استمر ورثة المستأجر في وضع يدهم على أرض التداعي بعد انتهاء عقد إيجارها فإن وضع يدهم يعد وضع يد غاصب يجيز لهيئة الأوقاف المصرية إزالته بالطريق الإداري، ومن ثم يكون قرار إزالة التعدي المطعون فيه قد صدر موافقاً لصحيح القانون ومنتجاً لكافة آثاره القانونية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه.

طلب وقف التنفيذ
حيث تنص المادة 50 من القانون 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة علي أنه: "لا يترتب علي الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بغير ذلك".
ومن المُقرر قانوناً أن دور المحكمة الإدارية العليا عند النظر في طلب وقف التنفيذ يقتصر على بحث الضرر الذي يترتب على تنفيذ الحكم وما إذا كان جسيماً ويتعذر تداركه، وهو قضاء وقتي لا يحوز أي حجية. ويُشترط لإجابة طلب وقف التنفيذ جسامة الضرر الذي يترتب على التنفيذ، وليس لجسامة الضرر معيار خاص ومرده إلى تقدير المحكمة الإدارية، أما تعذر تدارك الضرر فلا يُقصد بذلك استحالة إعادة الحال إلى ما كانت عليه وإنما يكفي أن تكون صعبة ومُرهقة بأن تقتضي وقتاً طويلاً أو مصاريف باهظة كالحال في تنفيذ حكم بمبلغ نقدي لصالح شخص مُعدم أو مُعسر، وهو ما يخضع في تقديره للمحكمة الإدارية العليا وتملك المحكمة وقف التنفيذ بالنسبة إلى شق من الحكم المطعون فيه دون شق آخر أو بالنسبة إلى بعض خصوم الطعن دون البعض الآخر.
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذا كان الطاعن قد بنى طلبه وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه على أن المطعون عليهم معدمون لا جدوى من الرجوع عليهم إذا ما نُفِذَ الحكم ثم نُقِضَ، مُستدلاً بذلك بعجزهم عن دفع باقي الرسوم المُستحقة عليهم لقلم الكُتاب، وكان المطعون ضدهم لم يثبتوا ملاءتهم، فتلك ظروف فيها ما يبرر وقف تنفيذ الحكم". (نقض مدني جلسة 29/1/1951 مجموعة القواعد القانونية – الجزء الثاني – صـ 1180 قاعدة 755).
لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه مُرجح إلغائه لما انطوى عليه من مُخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله، وكان يترتب على وقف تنفيذه نتائج يتعذر تداركها، لذا فإن الطاعن بصفته يلتمس من عدالة المحكمة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً حتى يُفصل في الطعن الماثل حِفاظاً على أموال وحقوق أعيان الوقف الخيري الذي هو على مِلك الله تعالى.
        ولما كان هذا الطعن قد أقيم في الميعاد القانوني، ومستوفياً لكافة أوضاعه القانونية، ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
لكل ما تقدم، ولما سيبديه الطاعن بصفته من أسباب أخرى وأوجه دفاع ودفوع، مع حفظ حقه في إبداء كافة الدفوع الشكلية منها والموضوعية، عند نظر الطعن الماثل بالجلسات، في مرافعاته الشفوية ومذكراته المكتوبة.
وكذا لما تراه عدالة المحكمة الموقرة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية (رئاسة الطاعن بصفته) القضاء لها في الطعن الماثل بما يلي:

"بناء عليه"
        يلتمس الطاعن بصفته – بعد اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة – تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن الماثل أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ومن ثم إحالة الطعن الماثل إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده الأول بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،

الأحد، 1 يناير 2012

قاعدة عدم جواز إثبات ما يخالف الكتابة أو يجاوزها إلا بالكتابة



قاعدة
عدم جواز إثبات ما يخالف الكتابة أو يجاوزها إلا بالكتابة

النص القانوني:
        تنص المادة 61 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، على إنه:
"لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود، ولو لم تزد القيمة على خمسمائة جنيه:
1-   فيما يخالف أو يجاوز ما أشتمل عليه دليل كتابي.
2-   إذا كان المطلوب هو الباقي  أو هو جزء من حق لا يجوز إثباته إلا بالكتابة.
3- إذا طالب احد الخصوم فى الدعوى بما تزيد قيمته على خمسمائة جنيه ثم عدل عن طلبه إلى  ما لا يزيد على هذه القيمة".

المذكرة الإيضاحية لمشروع التمهيدي للقانون المدني:
        قواعد إثبات الالتزام كانت واردة أصلاً في النظرية العامة للالتزامات الواردة في القانون المدني، ثم ألغيت وصدر للإثبات قانون خاص هو القانون رقم 25 لسنة 1986. وكان قد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني – بشأن نص المادة 401 مدني الملغي المقابلة لنص المادة 61 من قانون الإثبات – إنه: "يقصد بالدليل الكتابي: المحررات الرسمية، والعرفية، والرسائل، فهذه المحررات وحدها هي التي لا يقبل الإثبات بالبينة لنقض الثابت فيها أو الإضافة عليها. وقد يكون قوام الإضافة الإدعاء بصدور تعديلات شفوية قبل انعقاد الالتزام، أو بعده، أو في وقت معاصر له. ومهما يكن من أمر هذه الإضافة، فلا يجوز إثباتها بالبينة أياً كانت صورتها. فمن ذلك الإدعاء بإضافة وصف من الأوصاف المعدلة لحكم الالتزام، كشرط أو أجل، أو اشتراط خاص بأداء فوائد أو بالتجديد (الاستبدال). ولا يجوز كذلك نقض الثابت بالكتابة عن طريق البينة، فلا يجوز الإدعاء مثلاً بعدم مطابقة شرط من شروط المحرر للحقيقة وإقامة الدليل على ذلك بالبينة، كما لو أريد إثبات أن حقيقة المبلغ المقترض ليس مائة جنيه على ما هو ثابت بالكتابة بل أكثر". (مجموعة الأعمال التحضيرية – الجزء الثالث – صـ 402 وما بعدها).

تعليق الفقه:
إذا أريد إثبات ما يخالف ورقة رسمية، فيما يقرر الموظف العام أنه وقع تحت بصره أو سمعه، فإنه لا بد في ذلك من الطعن بالتزوير.
أما إذا أريد إثبات ما يخالف الورقة الرسمية في  غير ذلك، أو إثبات ما يخالف مشتملات ورقة عرفية أياً كانت، فهذا جائز، على أن يكون الدليل على ما يخالف الكتابة هو أيضاً دليل كتابي، فلا يجوز للخصم أن يثبت ما يخالف الكتابة أو يجاوزها إلا بالكتابة.
(لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الأول – طبعة 2006 القاهرة – بند 202 – صـ 365).

شروط تطبيق القاعدة:
أولاً- وجود كتابة أعدت للإثبات:
والمقصود بالكتابة هو الدليل الكتابي الكامل, أي الكتابة المعدة للإثبات, والكتابة التي أعدت هي الكتابة التي وقع عليها المدين، سواء أكانت رسمية أو عرفية.
أما الأوراق التي لم تعد للإثبات، كالدفاتر التجارية أو الأوراق المنزلية أو المذكرات الشخصية أو مراسلات غير موقع عليها, فمن الجائز إثبات ما يخالفها أو يجاوزها بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة وقرائن الأحوال. أما المراسلات الموقع عليها فإنها تعتبر في حكم الكتابة المعدة للإثبات ومن ثم فلا يجوز إثبات ما يخالفها أو يجاوزها إلا بالكتابة.
وكذلك يجوز إثبات ما يخالف أو يجاوز مبدأ الثبوت بالكتابة بالبينة وبقرائن الأحوال، لأن مبدأ الثبوت بالكتابة لا يكون عادة موقعاً عليه وإلا كان دليلاً كتابياً كاملاً، والدليل الكتابي الكامل لا يجوز هدمه بالبينة أو بالقرائن.
        ثم يجب أخيراً أن يكون الثابت بالكتابة التزاماً غير تجاري. حيث إن الالتزامات التجارية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات أياً كانت قيمتها وحتى لو خالفت أو جاوزت الثابت بالكتابة.
        وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه: "يجوز الإثبات بجميع طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن في التصرفات القانونية التجارية أياً كانت قيمتها، كما يجوز فيها الإثبات بالبينة والقرائن فيما يخالف أو يجاوز الكتابة". (نقض مدني في الطعن رقم 70 لسنة 36 قضائية – جلسة 23/4/1970 مجموعة المكتب الفني – السنة 21 – صـ 693).
كما قضت محكمة النقض بأن: "الشرط الوارد في عقد الشركة المكتوب بعدم انفراد مديرها بالعمل لا يجوز تعديله إلا بالكتابة ولا يعول على ادعاء هذا المدير بأنه قد انفرد بالعمل بإذن شفوي من أحد شركائه المتضامنين". (نقض مدني في الطعن رقم 295 لسنة 22 قضائية - جلسة 5/4/1956).

ثانياً- أن يراد إثبات ما يخالف  الكتابة المعدة للإثبات أو ما يجاوزها:
أي أن يراد إثبات ما يخالف هذه الكتابة أو ما يجاوزها. وهذا يشمل:
-       ما يخالف الكتابة: أي ما يهدم ما جاء فيها أو ينتقصه أو يعدله.
-   ما يجاوز الكتابة: أي ما يضيف إليها وصفاً كشرط أو أجل أو تعديلاً يوسع نطاقها.
فلو كانت هناك ورقة ثابت بها دين مقداره ألف جنيه، فلا يجوز للمدين أن يثبت (بشهادة الشهود) أن حقيقة الدين هي سبعمائة جنيه فقط. وكذلك لا يجوز للدائن أن يثبت (بالبينة) أن الدين ينتج فوائد أو أنه قد حصل تجديداً للالتزام أو تعديلاً لبعض شروط العقد بعد تحريره. فهذا مما لا يجوز إثباته بشهادة الشهود – لكلا الطرفين – ما دام التصرف ثابتاً بالكتابة.

ثالثاً- أن يكون معارض الكتابة أحد المتعاقدين:
وكل ما قدمناه من وجوب الإثبات بالكتابة فيما يخالف أو يجاوز الكتابة إنما يكون في العلاقة بين المتعاقدين، إذ هما اللذان كانا يستطيعان الحصول على الكتابة منذ البداية، وكالمتعاقدين الخلف العام لهما.
فإذا كان الذي يريد أن يثبت عكس ما هو ثابت بالكتابة أو ما يجاوز المكتوب، هو شخصاً من الغير, فيحوز له إثبات ما يدعيه بشهادة الشهود لأنه لم يكن طرفاً في العقد المثبت بالكتابة، طبقاً لمبدأ "نسبية أثر العقود"، كما إن التصرف بالنسبة للغير يعد مجرد واقعة مادية يجوز له إثباتها بكافة طرق الإثبات.
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأن: "الأعمال والتصرفات القانونية بالنسبة لغير عاقديها تعد وقائع مادية، يجوز للغير إثباتها بالبينة، فيجوز إثبات واقعة التأجير من الباطن بالبينة". (نقض مدني في الطعن رقم 704 لسنة 42 قضائية – جلسة 30/12/1982 مجموعة المكتب الفني – السنة 33 – صـ 1264).
        فعلى سبيل المثال: فللشفيع أن يثبت بكافة طرق الإثبات أن العقار المشفوع فيه قد تم الاتفاق على بيعه بسعر أقل من السعر الصوري المثبت في عقد البيع (لمحاولة منعه من الأخذ بالشفعة فيه).
        وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه: "للشفيع أن يطعن في الثمن الذي حصل الاتفاق عليه بين البائع والمشتري وانعقد به البيع بالصورية، وبأنه يزيد على الثمن الحقيقي وعندئذ يقع عليه عبء إثبات هذه الصورية، وله أن يثبتها بطرق الإثبات القانونية كافة". (نقض مدني في الطعن رقم 27 لسنة 29 قضائية – جلسة 5/12/1963 مجموعة المكتب الفني – السنة 14 – صـ 1131).
وبصفة عامة: يجوز عند إثبات صورية تصرف ما، لغير أطراف التصرف الصوري، أن يثبتوها بكافة طرق الإثبات. أما الصورية فيما بين المتعاقدين فلا يجوز إثباتها إلا بالكتابة أي ما يسمى بـ : "ورقة الضد".
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأن: "إثبات صورية التصرف فيما بين المتعاقدين وورثتهم لا يكون إلا طبقاً للقواعد العامة، فلا يجوز لهم إثبات صورية العقد الثابت بالكتابة بغير الكتابة". (نقض مدني في الطعن رقم 443 لسنة 36 قضائية - جلسة 16/3/1972).

رابعاً- يشترط ألا يكون هناك غش ضد القانون:
والغش نحو القانون Fraude a la loi ويقصد به ستر تصرف غير قانوني في صورة تصرف قانوني، كأن يذكر في سند الدين أن سبب العقد هو توريد بضاعة بينما هو في الحقيقة دين قمار. أو أن يذكر في العقد أن مبلغ الدين 1000 جنيه والحقيقة أن المبلغ 700 سبعمائة جنيه فقط وذلك لإخفاء ربا فاحش.
فإذا ما وجد "الغش نحو القانون" فيجوز إثبات ما يخالف الثابت بالسند أو يجاوزوه بكافة طرق الإثبات حتى فيما بين المتعاقدين. والسبب في ذلك يرجع إلى إنه متى وجد احتيال على القانون، فيجب تيسير كشفه وإباحة إثباته بجميع الطرق.
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأن: "الاحتيال على القانون والغش، لا يعدو أن يكون واقعة مادية يجوز إثباتها بالبينة وبالقرائن". (نقض مدني في الطعن 648 لسنة 52 قضائية – جلسة 26/12/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 1209).
فضلاً عن إن الاحتيال على القانون ليس إلا تواطؤاً ما بين المتعاقدين على مخالفة قاعدة قانونية تعتبر من النظام العام وإخفاء هذه المخالفة تحت ستار تصرف مشروع، فقد وضح من ذلك أن من الطبيعي أن يتخذ هذا الاحتيال مظهر الصورية، ومن ثم أجاز القانون للمتعاقد أن يثبت الاحتيال على القانون بكافة طرق الإثبات في هذه الحالة.
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأن: "يجوز إثبات العقد المستتر فيما بين عاقديه في حال الاحتيال على القانون". (نقض مدني جلسة 13/12/1976 مجموعة المكتب الفني – السنة 27 – صـ 1738).  
        كما قضت محكمة النقض بأنه: "إذا كان المراد إثباته اتفاقاً يخالف النظام العام أو الآداب، جاز الإثبات بالبينة، فيجوز إثبات عدم مشروعية المحل أو السبب بالبينة". (نقض مدني جلسة 21/12/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 1736).
وعليه، فيجوز للوارث الذي يطعن على تصرف صادر من مورثه في صورة عقد بيع منجز بأن حقيقته وصية، وإنه قصد به الاحتيال على قواعد الإرث المقررة شرعاً إضراراً بحقه فيه، يجوز له إثباته بكافة طرق الإثبات. (نقض مدني في الطعن رقم 1027 لسنة 50 قضائية – جلسة 16/5/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 1330).
كذلك يجوز إثبات ما يخالف الكتابة بالبينة وبالقرائن إذا كان السبب الحقيقي الذي تخفيه الكتابة هو صدور العقد أثناء الحجر على المدين، أو قيام علاقة غير مشروعة بين المدين والدائن، أو تخفيض ثمن المبيع هرباً من بعض رسوم التسجيل، أو التحايل على إخفاء الرهن في صورة البيع هرباً من قانون الخمسة أفدنة، أو هرباً من ضرورة اتخاذ إجراءات التنفيذ، أو تمييز بعض الورثة على البعض الآخر، أو إخفاء معاملة تجارية في صورة وديعة لإمكان اتخاذ الإجراءات الجنائية، أو غير ذلك من الأسباب غير المشروعة المخالفة للنظام العام.
        على إنه يجب أن يعزز الإدعاء بوجود تحايل على القانون قيام قرائن قوية تجعل وقوعه محتملاً، حتى يمكن الترخيص بعد ذلك في إثبات هذا التحايل بالبينة وبالقرائن.

مجال تطبيق هذه القاعدة:
وهذه القاعدة, تنطبق على "التصرفات القانونية" لا على "الوقائع المادية".
وتنطبق على جميع التصرفات القانونية بصرف النظر عما إذا كانت قيمتها تزيد أو تقل عن "خمسمائة جنيه" ما دامت ثابتة بالكتابة.
 وتنطبق تلك المادة على "التصرفات المدنية" دون "التصرفات التجارية". وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأن: "ذكر سبب الالتزام فى العقد لا يمنع المدين من إثبات أن هذا السبب غير حقيقي وأن الالتزام فى الواقع معدوم السبب ولئن كان هذا الإدعاء لا يجوز إثباته بغير الكتابة إذا كان الالتزام مدنياً لأنه  ادعاء بما يخالف ما اشتملت عليه دليل كتابي إلا أن إثباته يكون جائزا بطرق الإثبات كافة إذا كان الالتزام تجارياً على ما جرى عليه قضاء محكمة النقض من جواز إثبات ما يخالف ما أشتمل عليه دليل كتابي بغير الكتابة فى المواد التجارية". (نقض مدني في الطعن رقم 243 لسنة 32 قضائية – جلسة 27/10/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – جزء رقم 3 – صـ 1592).
** مع مراعاة أن المشرع يتطلب الكتابة في بعض المواد التجارية. وذلك كالأوراق التجارية, إذ لا يتصور وجودها بدون كتابة.كما يتطلب المشرع الكتابة أيضاً في عقود الشركات.  حيث تنص المادة 507/1 مدني على أنه: "يجب أن يكون عقد الشركة مكتوباً، وإلا كان باطلاً. وكذلك يكون باطلاً ما يدخل على العقد من تعديلات دون أن تستوفي الشكل الذي أفرغ فيه ذلك العقد".
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه: "عقد الشركة أصبح عقداً شكلياً لا يُقبل في إثباته، فيما بين طرفيه، غير الكتابة، ولا يجوز لهما الاتفاق على إثباته بغير هذا الطريق". (نقض مدني جلسة 27/1/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – صـ 182).
- كما أنه يمكن الاتفاق على اشتراط الإثبات بالكتابة في المواد التجارية, وفي هذه الحالة لا يجوز الإثبات بالبينة فيما اشترط فيه الإثبات بالكتابة. ومثال ذلك: أن يتفق طرفا العقد على إنه لا يجوز إثبات الوفاء بالدين إلا بمخالصة كتابية من الدائن، ففي هذه الحالة لا يجوز إثبات ذلك الوفاء بغير الكتابة (المخالصة من الدائن).
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه: "من المقرر في قضاء هذه المحكمة إنه ولئن كان الأصل في إثبات وجود الديون التجارية وانقضائها في علاقة المدين بالدائن الأصلي طليق من القيود التي وضعها الشارع لما عداها من الديون في قانون الإثبات فيجوز الإثبات في المواد التجارية بكافة طرق الإثبات القانونية حتى ولو انصرف الإثبات إلى ما يخالف ما هو ثابت بالكتابة، إلا إذا اشترط إنه لا يصح إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة فحينئذ لا يجوز الإثبات بالبينة". (نقض مدني في الطعن رقم 1325 لسنة 58 قضائية – جلسة 10/4/1995).
** ويراعى كذلك إن التصرف إذا كان حاصلاً بين شخصين وكان بالنسبة لأحدهما مدنياً وبالنسبة للآخر تجارياً فإن قواعد الإثبات هي التي تتبع على من كان التصرف مدنياً بالنسبة له (فلا يجوز له إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة)، وقواعد قانون التجارة هي التي تتبع على من كان التصرف تجارياً بالنسبة له (فيجوز له إثبات التصرف وما يخالفه أو يجاوزه بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة "شهادة الشهود").
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه: "من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان التصرف حاصلاً بين شخصين، وكان بالنسبة لأحدهما مدنياً وبالنسبة للآخر تجارياً، فإن قواعد الإثبات في المواد المدنية هي التي تتبع على من كان التصرف مدنياً بالنسبة له، فلا تجوز محاجة الدائن إلا طبقاً لقواعد الإثبات المدنية إذا كان التصرف بالنسبة له تصرفاً مدنياً ولو كان بالنسبة للمدين تصرفاً تجارياً". (نقض مدني في الطعن رقم 354 لسنة 49 قضائية – جلسة 23/12/1982).
        كما قضت محكمة النقض بأنه: "لما كانت الكتابة ليست شرطاً لانعقاد عقد النقل البري ولا لإثباته ولا تعتبر ركناً من أركانه ومن ثم يخضع إثبات عقد النقل البري للقواعد العامة فيجوز إثباته بالبينة والقرائن مهما كانت قيمته وذلك في مواجهة الناقل الذي يعد عمله تجارياً دائماً طالما كان محترفاً لعمليات النقل". (نقض مدني في الطعن رقم 1568 لسنة 51 قضائية – جلسة 29/4/1985)

استثناءات لا يعمل فيها بهذه القاعدة:
من المقرر أن هناك عدة استثناءات لا يعمل فيها بهذه القاعدة وهي:
1- الوفاء:
فإذا كان محل الإثبات هو وفاء الالتزام أو تنفيذه فلا يعتبر ذلك إثباتاً لما يخالف الكتابة أو يجاوزها لأن تنفيذ الالتزام أو وفاءه يعتبر مسألة مستقلة عن واقعة الالتزام ذاتها, فيكون إثباتها طبقاً للقواعد العامة أي بالكتابة أن كانت تزيد عن خمسمائة جنيه في حالة ما إذا كان الالتزام عبارة عن عمل قانوني. أما إذا كانت لا تزيد عن خمسمائة جنية, أو كانت عبارة عن عمل مادي كبناء منزل أو إصلاحه مثلاً, فيجوز إثباتها بالبينة والقرائن, بل وبالمعاينة عندما يتصور ذلك.

2- تفسير العقد:
يجوز الالتجاء إلى البينة وقرائن الأحوال لتفسير العقد وجلاء غوامضه، بتفسير عباراته الغامضة، أو بالتوفيق بين عباراته  المتعارضة، أو تحديد ما ورد مطلقاً في المحرر المكتوب، وكذلك إثبات الظروف والملابسات المادية التي أحاطت بكتابة العقد.
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه: "لا تثريب على المحكمة أن هي أحالت الدعوى على التحقيق لاستجلاء ما أبهم من مدلول هذا البند واستجلاء قصد المتعاقدين منه، متى كان تفسير هذا الذي جاء به مثار نزاع بين الطرفين". (نقض مدني في الطعن رقم 193 لسنة 18 قضائية – جلسة 29/3/1951).

3- إثبات عيوب الإرادة التي صاحبت التعاقد:
يجوز إثبات أي عيب من عيوب الإرادة، كالغلط والتدليس والإكراه، في سند مكتوب، بالبينة وبالقرائن، فليس في ذلك إثبات ما يخالف الكتابة، لأن الكتابة ليست دليلاً على صحة التصرف حتى يعتبر الطعن في صحته مخالفاً لها، كما إن عيوب الإرادة إنما هي وقائع مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات.

4- التاريخ:
إذا لم يذكر في الورقة المكتوبة تاريخ كتابتها فيجوز إثبات هذا التاريخ بالبينة لأنه واقعة مادية.
أما إذا كان تاريخ التصرف مكتوباً في المحرر, فلا يجوز إثبات أن التاريخ الحقيقي للمحرر هو تاريخ آخر خلاف المدون به، إلا بالكتابة فيما بين المتعاقدين لأنه ادعاء بصورية التاريخ، أما الغير فيمكنه إثبات عكس التاريخ المكتوب بكافة طرق الإثبات.
        ** وهناك نوعان من الاستثناءات يجوز فيها الإثبات بالبينة وبالقرائن، حتى لو زادت قيمة الالتزام عن خمسمائة جنيه، وحتى لو كان المراد إثبات ما يخالف الكتابة أو يجاوزها، وهما استثناء من قاعدة وجوب الدليل الكتابي بشقيها، وهما: "مبدأ الثبوت بالكتابة" و "وجود المانع الأدبي من الحصول على دليل كتابي" و "فقد الدليل الكتابي بسبب أجنبي". ولكن يخصص لكل منهم بحث خاص مستقل. ولمن أراد التوسع فيهم يرجى مراجعة: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثاني – طبعة 2006 القاهرة – بند 205 وما بعدها – صـ 376 وما بعدها.

بعض من أهم أحكام محكمة النقض في خصوص تطبيق هذه القاعدة:
        * من المقرر في قضاء محكمة النقض – في خصوص تطبيق هذه القاعدة – أن: "الأصل في الأوراق الموقعة على بياض أن تغيير الحقيقة فيها ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة، ومن ثم فإنه يرجع في إثباته إلى القواعد العامة ومن مقتضاها أنه لا يجوز إثبات عكس ما هو ثابت في الورقة الموقعة على بياض إلا أن تكون كتابة أو مبدأ ثبوت بالكتابة ولا يخرج عن هذا الأصل إلا حالة ما إذا  كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة أو نتيجة الغش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري فعندئذ يعد تغيير الحقيقة فيها تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق". (نقض مدني في الطعن رقم 36 لسنة 26 قضائية -  جلسة 9/3/1961 مجموعة المكتب الفني - السنة 12 - صـ 212 - فقرة 1).
        * كما قضت محكمة النقض بأن: "ذكر سبب الالتزام فى العقد لا يمنع المدين من إثبات أن هذا السبب غير حقيقي وأن الالتزام فى الواقع معدوم السبب ولئن كان هذا الإدعاء لا يجوز إثباته بغير الكتابة إذا كان الالتزام مدنياً لأنه ادعاء بما يخالف ما اشتملت عليه دليل كتابي إلا أن إثباته يكون جائزاً بطرق الإثبات كافة إذا كان الالتزام تجارياً على ما جرى عليه قضاء محكمة النقض من جواز إثبات ما يخالف ما أشتمل عليه دليل كتابي بغير الكتابة فى المواد التجارية، ومن ثم فإذا صح ما تمسك به الطاعن "المدين" من أن  التزامه تجارى فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه برفض طلب الطاعن من تمكينه من إثبات انعدام سبب التزامه بغير الكتابة على أن سبب الدين قد ذكر صراحة فى السند وإن هذا يعتبر إقرار من المدين بوجود ذلك السبب وبصحته، يكون قد خالف القانون لما ينطوي عليه من مصادرة لحق الطاعن فى نقض ما هو مذكور فى السند بطرق الإثبات كافة كما أن إغفاله بحث دفاع الطاعن المتضمن أن الالتزام تجارى قد أعجز محكمة النقض عن التحقق من صحة تطبيقه للقانون". (نقض مدني في الطعن رقم 243 لسنة 32 قضائية – جلسة 27/10/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – جزء رقم 3 – صـ 1592).
        * كما قضت محكمة النقض بأن: "طلب الخصم إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يخالف ما أشتمل عليه دليل كتابي يكون غير جائز لمخالفته لحكم المادة 61 من قانون الإثبات. وإذا كان بين الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهم تمسكوا بعدم جواز الإثبات بالبينة، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض طلب الطاعنين إحالة الدعوى إلى التحقيق لا يكون قد خالف القانون". (نقض مدني في جلسة 14/1/1978 مجموعة المكتب الفني - السنة 29 - صـ 279).

قواعد الإثبات ليست من النظام العام:
        ويراعى أن قواعد الإثبات ليست من النظام العام فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بها من تلقاء نفسها بل لا بد من أن يتمسك بها الخصم أمامها، كما إنه يجوز للخصوم الاتفاق على مخالفتها سواء صراحة أو ضمناً.
        وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه: "لما كانت قواعد الإثبات ليست من النظام العام ويجوز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً. وكان الثابت أن البنك الطاعن لم يعترض على حكم التحقيق الذى أصدرته محكمة الاستئناف بتاريخ 1973/12/13 والذي كلفته فيه بأن يثبت بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود أن الموقعين على سراكى تسليم البريد الخاصة بمبلغ لهم صفة فى استلام اشعارات الخصم الخاصة بهذا المبلغ نيابة عن المطعون ضده كما أنه لم يشهد أحداً، فلا على المحكمة إن هي لم تأخذ بكشوف الحساب التى لم يقم الدليل على إرسالها للمطعون ضدهم كدليل فى إثبات الدعوى ولا تكون قد خالفت القانون أو خالفت قواعد الإثبات". (نقض مدني في الطعن رقم 610 لسنة 45 قضائية – جلسة 28/3/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 806 – فقرة 2).
        كما قضت محكمة النقض بأنه: "من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء  هذه المحكمة - أن قاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة فى الأحوال التى يجب فيها الإثبات بالكتابة ليست من النظام العام فعلى من يريد التمسك بالدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة أن يتقدم بذلك إلى محكمة الموضوع قبل سماع شهادة الشهود فإذا سكت عن ذلك عد سكوته تنازلاً عن حقه فى الإثبات بالطريق الذى رسمه القانون، ومن ثم فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام هذه المحكمة". (نقض مدني في الطعون أرقام 597 و 876 و 884 لسنة 52 قضائية – جلسة 28/11/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 1731 – فقرة 9)

هذا، والله أعلى وأعلم،،،