الخميس، 12 يناير 2012

قرار إزالة - صادر من هيئة الأوقاف المصرية - بإزالة التعدي الواقع من الغير على أملاكها - قضاء إداري - طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار الإداري - رفض طلب وقف التنفيذ ، حالاته و شروطه


هيئة الأوقاف المصرية
الإدارة المركزية للشئون القانونية
الإدارة العامة للقضايا وتنفيذ الأحكام
إدارة القضايا
7 "أ" شارع يوسف نجيب، بالعتبة، القاهرة.
 


مجلس الدولة
محكمة "القضاء الإداري"
الدائرة/ الرابعة "منازعات أفراد - ج"

مذكرة

بدفاع/ هيئة الأوقاف المصرية                 (المطعون ضدها الأولى)

ضــــــــــــــد

السيد/ سيد إبراهيم أحمد حامد                         (الطاعن)


في الطعن رقم 43218 لسنة 64 قضائية "قضاء إداري"
والمحجوزة للحكم لجلسة 18/10/2011م للمرافعة.

أولاً- والوقائع
تخلص وقائع الدعوى الماثلة في أن المدعي فيها عقد الخصومة فيها بموجب صحيفة، أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 1/8/2010 طلب في ختامها الحكم له: "أولاً- بقبول الطعن شكلاً. ثانياً- وبصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 523 لسنة 2010، لحين الفصل في موضوع الطعن بحكم نهائي وبات. ثالثاً- وفي الموضوع: بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 523 لسنة 2010، وعدم الاعتداد به في مواجهة المدعي، مع إلغاء ما يترتب على ذلك من آثار. مع إلزام الجهة الإدارية بالمصاريف والأتعاب، مع الحكم بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان، وذلك بحكم مشمول بالنفاذ المعجل بلا كفالة".
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه يمتلك – على حد زعمه – عقار التداعي بموجب عقد بيع ابتدائي ممن يدعى/ عطية محي الدين بسيوني، وإذ أصدرت هيئة الأوقاف المصرية قرارها المطعون فيه بإزالة التعدي الواقع منه على عقار التداعي، وإذ يعني المدعى على ذلك القرار بمخالفته للدستور وعدم المشروعية وانعدام ركن السبب فيه (على حد زعمه)، مما حدا به إلى إقامة دعواه الماثلة بغية القضاء له بطلباته سالفة الذكر.

ثانياً- الدفاع
مقدمة لازمة:
        لما كان الثابت بالأوراق، وبالمستندات المقدمة من هيئة الأوقاف المصرية، أن قطعة الأرض محل النزاع الماثل مملوكة لجهة الوقف الخيري الذي تديره (وتتصرف فيه وتستثمره) هيئة الأوقاف المصرية نيابة عن وزارة الأوقاف (طبقاً لقانون إنشاء هيئة الأوقاف المصرية رقم 80 لسنة 1971).
        وبموجب قائمة شروط استبدال (بيع) أعيان الأوقاف الخيرية المؤرخة في 29/7/1978م، صادرة من هيئة الأوقاف المصرية (كبائعة)، وموقع عليها من السيد/ عطية محي الدين بسيوني (كمشتري)، اشترى المذكور بموجبه قطعة أرض زراعية مساحتها 7س 2ط 1ف (فدان واحد وقيراطان وسبعة أسهم) تعادل 4005م2 (أربعة آلاف وخمسة أمتار مربعة)، كائنة بحوض اليازجي نمرة 5 – قطعة رقم 7 – بناحية منية السرج – بالشرابية – القاهرة، لقاء ثمن إجمالي قدره ــ/180.050جم (مائة وثمانون ألف وخمسون جنيهاً). 
وإذ تقاعس المشتري (السيد/ عطية محي الدين بسيوني) عن سداد قيمة أقساط ثمن الأرض المبيعة، مما حدا بهيئة الأوقاف المصرية إلى إقامة الدعوى رقم 15669 لسنة 1996 إيجارات كلي جنوب القاهرة، ضد المشتري منها (سالف الذكر) بغية القضاء لها: "أولاً: بفسخ قائمة شروط استبدال أعيان الأوقاف الخيرية المؤرخة 29/7/1978 عن مساحة الأرض الزراعية البالغ مساحتها 7س 2ط 1ف (فدان واحد وقيراطان وسبعة أسهم) الكائنة بحوض اليازجي نمرة 5 – قطعة رقم 7 – بناحية منية السرج – بالشرابية – القاهرة. ثانياً: بإخراج هذا القدر من الحراسة المفروضة على المشتري بواسطة المدعى عليه الثاني بصفته (السيد المستشار/ المدعي العام الاشتراكي بصفته) وتسليم هذه المساحة لهيئة الأوقاف المصرية بالحالة التي كانت عليها عند التعاقد. مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة".
وتداولت الدعوى رقم 15669 لسنة 1996 إيجارات كلي جنوب القاهرة بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 27/12/1997 أصدرت الدائرة 23 إيجارات بمحكمة جنوب القاهرة الكلية حكمها الذي جرى منطوقه على النحو التالي: "أولاً: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الثاني بصفته (السيد المستشار/ المدعي العام الاشتراكي بصفته). ثانياً: بفسخ قائمة شروط استبدال أعيان الأوقاف الخيرية المؤرخة 29/7/1978 الصادر لصالح المدعى عليه الأول (السيد/ عطية محي الدين بسيوني) عن مساحة الأرض الزراعية المبينة بصحيفة الدعوى، وألزمت المدعى عليه الأول بالمصاريف وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات". وقد أصبح هذا الحكم نهائي بفوات مواعيد الطعن وعدم الطعن عليه بطريق الاستئناف، وبالتالي فقد حاز قوة وحجية الأمر المقضي به.

حجية الحكم النهائي القاضي بفسخ قائمة شروط الاستبدال (البيع) لعين النزاع في مواجهة المدعي في الدعوى الماثلة:
لما كان ما تقدم، وكان المدعي في الدعوى الماثلة هو خلف خاص للبائع له (المدعو/ عطية محي الدين بسيوني -  المشتري بدوره من هيئة الأوقاف المصرية "المطعون ضدها الأولى")، حيث إن المدعي في الدعوى الماثلة اشترى من سلفه جزء من الأرض المبيعة لهذا الأخير من هيئة الأوقاف المصرية، وحيث إن المدعي في الدعوى الماثلة لم يسجل عقد شرائه من سلفه، ومن ثم فالمدعي يُعد خلفاً خاصاً للبائع له، وبالتالي يكون الحكم الصادر ضد البائع (المدعو/ عطية محي الدين بسيوني) بفسخ عقد شرائه من هيئة الأوقاف المصرية نافذاً ويحوز حجية وقوة الأمر المقضي بالنسبة إلى المدعي في الدعوى الماثلة.
حيث إنه من المقرر قانوناً أن:
"المشتري الذي لم يسجل عقد شرائه، يعتبر دائناً عادياً للبائع، ومن ثم يحاج المشتري بالأحكام التي تصدر ضد البائع متعلقة بالعقار المبيع. إذ أن الأحكام ليست حجة على الخصوم فيها فحسب، وإنما هي حجة كذلك على خلفهم العام. كما إنها حجة على الخلف الخاص بشرط أن يكون الحكم متعلقاً بالعين التي انتقلت إلى الخلف الخاص وأن تكون الدعوى التي صدر فيها الحكم قد رفعت قبل انتقال العين إلى الخلف الخاص (بتسجيل عقد البيع)".
(لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الأول – المجلد الثاني – طبعة 2006 – بند 366 – صـ 618).
ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
"الحكم الذي يصدر ضد البائع فيما يقوم بشأن العقار المبيع من نزاع يُعتبر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – حجة على المُشتري الذي لم يكن قد سجل عقد شرائه عند صدوره على أساس أن المُشتري يُعتبر مُمثلاً في شخص البائع له في تلك الدعوى المُقامة ضده وأنه خلف خاص له".
(الطعن رقم 2555 لسنة 52 قضائية – جلسة 7/3/1984. مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – الجزء الأول – صـ 630).
ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك، أن:
"الأحكام الصادرة في مواجهة السلف تكون حجة على الخلف بشأن الحق الذي تلقاه منه إذا صدرت قبل انتقال الحق إلى الخلف واكتسابه الحق عليه، أما إذا صدر الحكم فيها بعد ذلك فإنه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يتعدى أثره ولا تمتد حجيته إلى الخلف الخاص فيُعتبر من الغير بالنسبة له".
(نقض مدني في الطعن رقم 2049 لسنة 53 قضائية – جلسة 12/2/1987 مجموعة المكتب الفني – السنة 38 – الجزء الأول – صـ 228.
ونقض مدني في الطعنين رقمي 2508 و 2526 لسنة 52 قضائية – جلسة 8/5/1986).

الأثر المترتب على الفسخ:
لما كانت المادة 160 من القانون المدني تنص على أنه:
"إذا فُسِخَ العقد أُعيدَ المُتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، فإذا استحال ذلك جاز الحكم بالتعويض".
وكان من المُقرر في قضاء النقض أن:
"النص في المادة 160 من القانون المدني يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه يترتب على فسخ عقد البيع انحلال العقد بأثر رجعى منذ نشوئه بحيث تعود العين المبيعة إلى البائع - بالحالة التي كانت عليها وقت التعاقد".
(نقض مدني في الطعن رقم 1458 لسنة 49 قضائية – جلسة 8/3/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 652).
        وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، فإنه يترتب على صدور الحكم النهائي ضد المشتري الأصلي (البائع للمدعي في الدعوى الماثلة) بفسخ عقد شرائه من الأوقاف، وكان هذا الحكم حجة على المدعي في الدعوى الماثلة حيث إنه لم يسجل عقد شرائه قبل صدور حكم الفسخ (على نحو ما سلف بيانه)، فإنه يترتب على ذلك الفسخ الذي هو حجة على المدعي أن يعاد جميع الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد، ومن ثم تكون ملكية أرض التداعي ما زالت قانوناً لهيئة الأوقاف المصرية دون المدعي، حيث إن ملكية تلك الأرض لم تنتقل لا إلى المشتري من هيئة الأوقاف ولا إلى المدعي في الدعوى الماثلة (المشتري من المشتري من هيئة الأوقاف) لأنهما كلاهما لم يسجل عقد شرائه، ومن المعلوم أن الملكية في العقارات لا تنتقل لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى الغير إلا بالتسجيل وفقاً لقانون الشهر العقاري والتوثيق، ومن ثم يظل ملك تلك الأرض لهيئة الأوقاف المصرية المالكة الأصلية والدائمة والحالية.

حظر التعدي أو وضع اليد على الأوقاف الخيرية، وحظر اكتساب أي حق عليها بالتقادم، وإجازة التعدي الواقع عليها بالطريق الإداري:
        لما كان ما تقدم، وكان المشرع قد حظر التعدي أو وضع اليد على أملاك الأوقاف الخيرية، كما منع اكتساب أي حق عيني على الأوقاف الخيرية بالتقادم، بل ومنح المشرع للأوقاف الخيرية سلطة إزالة التعدي أو وضع اليد على أملاكها بالطريق الإداري، طبقاً لصريح نص المادة 970 من القانون المدني.
حيث تنص المادة 970/2 و 3 من القانون المدني على أنه:
"لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم.
ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة وفى حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إدارياً".
ومن المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه:
"وحيث أن المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقوانين أرقام 147 لسنة 1957، و 309 لسنة 1959 و 55 لسنة 1970 تنص على أنه "... لا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص إزالته إدارياً"، ومؤدى هذا النص، في ضوء المذكرات الإيضاحية لتعديلاته، أنه مراعاة لكثرة وقوع حالات الإدعاء بالملكية وحوادث التعدي على أملاك الحكومة أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو الوحدات الاقتصادية التابعة لأي من هذه الأشخاص العامة وكذلك شركات القطاع العام وجهات الوقف الخيري، فقد اقتضى الأمر إضفاء حماية خاصة على تلك الأموال في مواجهة كل من التقادم المكسب للغير والتعدي، وذلك نأياً بها عن مجال تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم عن طريق وضع اليد عليها، وتأميناً لها من خطر التعدي عليها بحيث إذا وقع مثل هذا التعدي كان من حق الجهة الإدارية المختصة إزالته بالطريق الإداري. ومن حيث أنه يؤخذ مما تقدم أن المشرع لم يشأ أن يقصر حمايته للأموال الخاصة المملوكة للدولة ولجهات الوقف الخيري وغيرها من الجهات التي حددها في النص المشار إليه، على مجرد حظر تملك هذه الأموال أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، وإنما بسط هذه الحماية لتشمل منع أي تعد عليها، وأعطى في ذات الوقت الجهات المذكورة حق دفع هذا التعدي ورده بإزالته إدارياً وذلك تفادياً لدخولها مع واضعي اليد من المعتدين في دعاوى ومنازعات إذا ما ترك أمر تقدير الإزالة لجهات القضاء، وغير خاف ما يستغرقه الفصل في هذه الإشكالات من وقت وجهد يعوق تلك الأموال عن أداء الدور السياسي المنوط بها في خدمة الاقتصاد القومي ويغل يد الإدارة عن استغلالها وتنفيذ مشروعاتها".
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 234 و 240 لسنة 25 قضائية "إدارية عليا" - جلسة 21/6/1980، مجموعة العشر سنوات - جـ1 - صـ 625.
وفي الطعن رقم 682 لسنة 31 قضائية "إدارية عليا" - جلسة 14/1/1989 - السنة 34 - صـ 432.
وفي الطعن رقم 864 لسنة 28 قضائية "إدارية عليا" - جلسة 28/12/1985 - السنة 30 - صـ 45.
وفي الطعن رقم 1246 لسنة 29 قضائية "إدارية عليا" - جلسة 17/1/1987 - السنة 32 - صـ 654).
هذا، وقد تواتر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه:
"ومن حيث أنه باستقراء المادة 970 من القانون المدني، المعدلة بالقوانين أرقام 147 لسنة 1957، و 309 لسنة 1959، و 55 لسنة 1970، على هدى من المذكرات الإيضاحية، يبين أن المشرع بسط الحماية على الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، سواء بحظره تملكها أو كسب حق عيني عليها بالتقادم، أو بتجريمه التعدي عليها، أو بتخويله الجهة الإدارية المعنية سلطة إزالة هذا التعدي إدارياً، دون حاجة إلى استصراخ القضاء من جانبها أو انتظار كلمته في دعاوى غيرها. فلا يعوق سلطتها في إزالة التعدي مجرد منازعة واضع اليد أو محض ادعائه حقاً لنفسه أو إقامته دعوى بذلك أمام القضاء المدني، طالما أن لدى الجهة الإدارية مستندات أو أدلة جدية بحقها، وهو ما يخضع لرقابة القضاء الإداري عند بحثه مشروعية القرار الصادر بإزالة التعدي، فهو لا يفصل في موضوع الملكية أو الحق المتنازع عليه حتى يفحص المستندات ويفحص الأوراق المقدمة من الطرفين، وإنما يقف اختصاصه عند التحقق من صحة هذا القرار وخاصة قيامه على سببه المبرر له قانوناً المستمد من شواهد ودلائل جدية".
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1336 لسنة 30 قضائية "إدارية عليا" - جلسة 7/11/1987 - السنة 33 - صـ 154).

اختصاص هيئة الأوقاف المصرية بإصدار قرارات الإزالة:
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
"المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنه 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية - المشرع أنشأ هيئة الأوقاف المصرية بمقتضى هذا القانون وخولها وحدها الاختصاص بإدارة واستثمار أموال الأوقاف الخيرية والتصرف فيها - أساس ذلك - اعتبارها نائبا عن وزير الأوقاف بصفته ناظر وقف. إزالة التعدي على الأوقاف الخيرية - شروطها - توافر أسباب ودواعي استعمالها كوجود اعتداء ظاهر على تلك الأموال أو محاولة غصبها بدون مبرر قانوني - هيئة الأوقاف المصرية هي صاحبة الاختصاص في إزالة هذا التعدي - أساس ذلك - أنها الملكة والمسئولة عن إدارة هذه الأراضي ومن ثم مختصة بالمحافظة عليها".
(نقض مدني في الطعن رقم 3927 لسنة 73 قضائية – جلسة 30/1/2001 مجموعة المكتب الفني – السنة 46 – صـ 693).
        وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية سالفة الذكر على وقائع الدعوى الماثلة يتضح جلياً لعدالة المحكمة الموقرة أن عين مملوكة لهيئة الأوقاف المصرية، وأن عقد بيعها لسلف المدعي في الدعوى الماثلة قد تم فسخه لإخلاله ببنود العقد، وأن حكم الفسخ يحوز الحجية ضد المدعي في الدعوى الماثلة بوصفه خلف خاص للبائع له لعدم تسجيله عقد شرائه منه قبل (أو حتى بعد) صدور حكم الفسخ، وإنه يترتب على الفسخ إعادة المتعاقدين (وخلفهم العام والخاص) إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد، ومن ثم تظل ملكية عين التداعي ثابتة لهيئة الأوقاف المصرية دون منازع، وأن المشرع قد حظر التعدي أو وضع اليد على أعيان الأوقاف الخيرية كما منع اكتساب أي حق عيني عليها بالتقادم، وأجاز لهيئة الأوقاف المصرية سلطة إزالة ذلك التعدي (أو وضع اليد الذي لا يستند إلى سبب قانوني يبرره في مواجهة الأوقاف) بالطريق الإداري، دون حاجة إلى استصراخ القضاء من جانبها أو انتظار كلمته في دعاوى غيرها. وكان من المُقرر قانوناً – على نحو ما سلف بيانه – أنه لا يعوق سلطة الجهة الإدارية في إزالة التعدي مجرد منازعة واضع اليد أو محض ادعائه حقاً لنفسه أو إقامته دعوى بذلك أمام القضاء المدني، طالما أن لدى الجهة الإدارية مستندات أو أدلة جدية بحقها، وهو ما يخضع لرقابة القضاء الإداري عند بحثه مشروعية القرار الصادر بإزالة التعدي، فهو لا يفصل في موضوع الملكية أو الحق المتنازع عليه حين يفحص المستندات ويمحص الأوراق المقدمة من الطرفين، وإنما يقف اختصاصه عند التحقق من صحة هذا القرار وخاصة قيامه على سببه المبرر له قانوناً المستمد من شواهد ودلائل جدية. ولما كان كل ذلك متوافر ومتحقق في حالة دعوانا الماثلة بما مفاده أن الدعوى الماثلة قد جاء على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون جديرة بالرفض، وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

الطلبات
لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة الموقرة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية الحكم لها: "برفض الدعوى الماثلة – بشقيها المستعجل والموضوعي – مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الخيرية أياً ما كانت،،،
عن هيئة الأوقاف المصرية
...........................
المحامي


..........................................................................................
وبجلسة 22/11/2011 صدر الحكم التالي في الدعوى المتقدم ذكرها:


بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الشعب

مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الرابعة – منازعات أفراد

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم الثلاثاء الموافق 22/11/2011م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ************  نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ ********** نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ ********** نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ **********   مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ **********                   أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى رقم 43218 لسنة 64 قضائية
المقامة من/ سيد إبراهيم أحمد حامد
ضـــــد
1-   السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته.
2-   السيد/ محافظ القاهرة بصفته.
3-   السيد/ كبير محضري الشرابية بصفته.
4-   السيد/ مأمور قسم الشرابية بصفته.
5-   السيد/ مدير منطقة الإسكان بمحافظة القاهرة – حي الشرابية بصفته.

الوقائع
        تخلص وقائع الدعوى في أن المدعي أقام دعواه الماثلة بصحيفة، أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 1/8/2010 طالباً في ختامها الحكم: "بوقف تنفيذ، ثم إلغاء القرار المطعون فيه رقم 253 لسنة 2010 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان".
        وذكر المدعي شرحاً لدعواه إنه يمتلك قطعة أرض وبناء العقار رقم 36 بشارع عبد الرحمن عبد الغني بالشرابية بمساحة 124م2 (مائة وأربعة وعشرون متراً مربعاً) بموجب عقد الشراء من/ عطية محي الدين بسيوني، وإذ فوجئ بصدور القرار رقم 253 لسنة 2010 متضمناً إزالة التعدي الواقع منه على العقار، وذلك بالمخالفة للقانون لأن تلك الأرض امتلكها عن طريق الشراء بموجب العقد المؤرخ 18/3/1979 من/ عطية محي الدين بسيوني وقد قام بالبناء على نفقته الخاصة وحيازته لها مستقرة، وكان يتعين أن يكون هذا القرار مستنداً لسبب من الواقع، وإذ هو خالف ذلك، ومن ثم يكون باطلاً، مما يتعين وقف تنفيذه ثم إلغائه. وفي ختام عريضة دعواه طلب المدعي الحكم بطلباته سالفة البيان. 
        وتداول نظر الدعوى بجلسات المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حيث قدم الحاضر عن المدعي 3 حوافظ مستندات ومذكرة، وقدم الحاضر عن الهيئة المدعى عليها حافظة مستندات ومذكرة دفاع، وبجلسة 18/10/2011 قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
        بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
        ومن حيث أن المدعي يطلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
        ومن حيث أن الدعوى قد استوفت سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانوناً، ومن ثم يتعين الحكم بقبولها شكلاً.
        ومن حيث أن الشق العاجل من الدعوى بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فإنه يتعين لقبول هذا الطلب ركنان: أولهما- ركن "الجدية"، بقيام أدلة الطالب، بحسب الظاهر، على أسباب يرجح معها إلغاء القرار المطعون فيه؛ وثانيهما- ركن "الاستعجال"، بأن يترتب على القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه.
        ومن حيث أنه عن ركن "الجدية"، فإن المادة 87 من القانون المدني الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948 المعدلة بالقانون رقم 331 لسنة 1954 تنص على أنه: "
1-  تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص.
2-   وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم". 
ومن حيث أن المادة 970 من ذات القانون، والمعدلة بالقرارين الجمهوريين رقمي 147 لسنة 1957 و 309 لسنة 1959، والقانون رقم 55 لسنة 1970، تنص على أنه: "
1-    ...
2- ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم.
3- ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفى حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إدارياً".
ومن حيث أن مؤدى ما سبق: "أن المشرع أضفى حماية خاصة على الأموال المملوكة للدولة ملكية عامة أو خاصة، و ذلك في مواجهة كل من التقادم المكسب وفي مواجهة التعدي، حتى ينأى بهذه الأموال عن مجال تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم أو وضع اليد، وتأميناً لها من خطر التعدي والغصب، فإذا وقع شيء من ذلك، فللإدارة – بقرار منها – إزالته إدارياً دون اللجوء للقضاء، إلا أنه يتعين عليها عند استعمالها لهذا الحق أن تثبت أولاً ملكيتها للمال محل الإزالة، وأن يكون سند ادعائها له أصل ثابت بالأوراق، والقضاء الإداري يبسط رقابته على هذا جميعه دون أن يتولى البحث في الملكية التي يختص بنظرها القضاء المدني، فإذا ما استند واضع اليد على مال مملوك للدولة إلى ادعاء بحق له ما يبرره من مستندات تؤيده في ظاهرها ادعائه، أو كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما ينسبه لنفسه، فلا يسوغ للإدارة أن تتدخل بسلطتها العامة لإزالة وضع اليد، على اعتبار أنها في هذا الصدد لا تكون في مناسبة دفع اعتداء أو إزالة غصب، وإنما تكون في معرض انتزاع ما تدعيه حقاً لها، وهو أمر غير جائز بحسبان أن الأصل إحالة هذا النزاع للسلطة القضائية للفصل فيه بحكم ولايتها الدستورية أو القانونية".
(يراجع في هذا المعنى: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3747 لسنة 31 قضائية "إدارية عليا" الصادر بجلسة 27/5/1989؛ مشار إليه في: "الموسوعة الإدارية الحديثة"، الجزء رقم 27 ، صـ 380.  وفي ذات المعنى: حكمها في الطعن رقم 2519 لسنة 43 قضائية "إدارية عليا" الصادر بجلسة 16/7/2000).
ومن حيث أن المقصود بالتعدي – التي أجازت المادة 970 مدني إزالته بالطريق الإداري – هو: أن يقع عدوان مادي على مال من الأموال المملوكة ملكية خاصة للدولة أو للأشخاص المشار إليها في تلك المادة، وأن يتجرد هذا العدوان من أي أساس قانوني يستند إليه.
(يراجع في هذا المعنى: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2156 لسنة 34 قضائية "إدارية عليا" الصادر بجلسة 7/12/1997؛ مشار إليه في: "الموسوعة الإدارية الحديثة"، الجزء رقم 41 ، صـ 1366).
ومن حيث أن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد أستقر على أن: "سلطة الجهة الإدارية في إزالة التعدي على أملاكها الخاصة بالطريق الإداري المخولة لها بمقتضى النصوص السابقة – منوطه بتوافر أسبابها: من اعتداء ظاهر على تلك الأملاك أو محاولة غصبها؛ أما إذا كان واضع اليد يستند في وضع يده إلى ادعاء بحق على هذا الملك له ما يبرره من مستندات تؤيد ما يدعيه من حق أو كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما ينسبه إلى نفسه من مركز قانوني بالنسبة للعقار، فلا يكون ثمة غصب أو اعتداء وقع على ملك الدولة، وبالتالي لا يسوغ في هذه الحالة أن تتدخل الجهة الإدارية بسلطتها العامة لإزالة وضع اليد لأنها لا تكون عندئذ في مناسبة إزالة اعتداء على ملكيتها، وإنما تكون في معرض انتزاع ما تدعيه من حق وهو أمر غير جائز قانوناً بحسب الأصول العامة التي تجعل الفصل في حقوق الطرفين وحسم النزاع فيها لسلطة القضاء المختصة بحكم ولايتها الدستورية والقانونية".
(يراجع في هذا المعنى: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1389 لسنة 44 قضائية "إدارية عليا" الصادر بجلسة 5/5/2004. وفي ذات المعنى: حكمها في الطعن رقم 1326 لسنة 46 قضائية "إدارية عليا" الصادر بجلسة 25/1/2006).
ومن حيث أنه متى كان ما تقدم، وكان البادي من ظاهر الأوراق بالقدر اللازم للفصل في الشق العاجل من الدعوى أن: الهيئة المدعى عليها لها وقف خيري على قطعة أرض زراعية مساحتها 7س 2ط 1ف (فدان واحد وقيراطان وسبعة أسهم) تعادل 4005م2 (أربعة آلاف وخمسة أمتار مربعة)، كائنة بحوض اليازجي نمرة 5 – قطعة رقم 7 – بناحية منية السرج – بالشرابية – بالقاهرة، وقد قامت باستبدالها بأكملها للمدعو/ عطية محي الدين بسيوني إلا أنه لم يقم بسداد باقي مستحقات الهيئة ولم يلتزم بشروط الاستبدال وصدر ضده حكم محكمة شمال القاهرة الابتدائية في الدعوى رقم 15669 لسنة 1996 بفسخ قائمة شروط الاستبدال لتلك الأرض. إلا أن المدعي وآخرين وقد سبق لهم شراء قطع أراضي مقسمة من تلك المساحة، منها الأرض محل القرار المطعون فيه، وأقام عليها المباني من نفقته الخاصة. لما كان ذلك، وكانت علاقة البائع بالهيئة المدعى عليها قد انفصمت بمقتضى الحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة بفسخ قائمة شروط الاستبدال ومن ثم لا تربطه أية علاقات مع تلك الهيئة، مما ينعكس على علاقة المدعي بالهيئة ذاتها، وإذ رفض المدعي وآخرون أداء قيمة إيجارية أو مقابل انتفاع لتلك الأراضي، ومن ثم يكون وضع يد المدعي على تلك الأرض يد غاصب دون سند من القانون، ويكون لقرار الهيئة المدعى عليها سبب ظاهر من الأوراق، قد صدر قائماً على سبب صحيح ومتفقاً وأحكام القانون وغير مرجح الإلغاء، فينتفي بذلك ركن "الجدية" في طلب وقف التنفيذ، مما يتعين معه القضاء برفضه، دون حاجة لبحث ركن "الاستعجال" لعدم جدواه.
ومن حيث أن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
        حكمت المحكمة: "بقبول الدعوى شكلاً؛ وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعي مصروفات هذا الطلب؛ وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء".
  أمين السر                                                       رئيس المحكمة
...................                                                                  ........................



الأربعاء، 11 يناير 2012

حكم محكمة القضاء الإداري – في خصوص وقف السادة البكرية – وأحكام وإجراءات ومواعيد إجراء التعديلات في السجل العيني


حكم محكمة القضاء الإداري – في خصوص وقف السادة البكرية – وأحكام وإجراءات ومواعيد إجراء التعديلات في السجل العيني




بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار
الدائرة السابعة

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 22/10/2011م
برئاسة السيد الأستاذ/ حسونة توفيق حسونة محجوب    نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عبد الفتاح السيد أحمد عبد العال
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ حسني بشير عباس إمام
نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ فادي كمال شوقي     مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ أحمد محمد عبد النبي                 أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى رقم 19567 لسنة 64 قضائية
المقامة من/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته.
ضــــد
أولاً- ورثة المرحوم/ ضياء الدين *****، وهم:
1-   السيدة/ هناء ***** (أرملته).
2-   السيد/ هشام *****.
3-   السيدة/ نيفين *****.
ثانياً-
4- السيد/ وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري التوثيق والسجل العيني "ببنها".
5- السيد/ رئيس مكتب الشهر العقاري والتوثيق والسجل العيني "ببنها – بمحافظة القليوبية" بصفته.
ثالثاً-
6-   السيد/ عادل *****.
7-   السيدة/ حياة *****.
رابعاً-
8-   السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للمساحة بصفته.
9-   السيد/ مدير مديرية المساحة بالقليوبية بصفته.
10-                  السيد/ رئيس مكتب المساحة بشبرا الخيمة بصفته.
11-                  السيد/ أمين مكتب السجل العيني بالقليوبية بصفته.
12-                  السيد/ رئيس مأمورية الشهر العقاري بشبرا الخيمة بصفته.
13-                  السيد/ وزير الأوقاف بصفته.
*******
الإجراءات
*******
أقام المدعي بصفته الدعوى الماثلة بموجب عريضة، أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 23/2/2010، وطلب في ختامها الحكم: بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الإداري السلبي بالامتناع عن إعادة بيانات السجل العيني المعدلة للقطع أرقام 33 و 35 و 36 و 37 و 38 و 39 و 40 و 81 و 83 الواقعة بناحية بهتيم بشبرا الخيمة إلى ما كانت عليه قبل التعديل، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها إعادة بيانات تلك القطع إلى ما كانت عليه قبل التعديل، مع إلزام المدعى عليهم، عدا الثالث عشر بصفته، المصروفات.
وذكر المدعي بصفته، شرحاً لدعواه إنه بموجب العقد المسجل رقم 9011 بتاريخ 16/12/1963، واستناداً إلى الحكم الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية في مادة التصرفات رقم 120 لسنة 1956 بجلسة 16/6/1962، والذي حدد نصيب الخيرات في وقف المرحوم السيد محمد البكري بمساحة 11س 18ط 110ف (مائة وعشرة أفدنه وثمانية عشر قيراط وأحد عشر سهم)، وهذه الأطيان تقع بناحية بهتيم، استلمت هيئة الأوقاف المصرية (والتي تدير أعيان الوقف الخيري نيابة عن وزير الأوقاف بصفته) تلك المساحة، ووضعت يدها عليها، ومنذ الاستلام، ووضع اليد هادئ وظاهر ومستقر، باعتبارها حصة خيرية منوط بالهيئة إدارتها واستثمارها وفقاً لأحكام القانون، وتم التصرف في بعض المساحات من هذه الحصة، ومن ضمنها مساحة استبدلت لجمعية الإسكان بالهيئة، وجمعية الإسكان بوزارة الأوقاف، ومساحة استبدلت لهيئة الأبنية التعليمية، كما تم نزع ملكية مساحة أخرى لطريق 15 مايو، و 531 ري، وهذه الاستبدالات تم شهرها بموجب عقود مسجلة، وبمناسبة تطبيق نظام السجل العيني بناحية بهتيم، تم قيد ملكية الوقف بدفتر المساحة والسجل العيني وبالصحائف العقارية باسم وقف السادة البكرية بموجب العقد المسجل برقم 9011 لسنة 1963، وذلك طبقاً للمستندات والواقع على الطبيعة، وما هو ثابت بدفاتر المساحة والشهر العقاري من قبل، وما جرى عليه من تصرفات مسجلة، وكان ذلك ثابتاً في مرحلة القيد الأول لسريان السجل العيني على ناحية بهتيم، وفي ظله تم شهر الاستبدال الخاص بهيئة الأبنية التعليمية أثناء القيد الأول، وفي 30/10/2006 حل تاريخ السريان الذي تكتسب فيه بيانات القيد في السجل العيني قوة الثبوت المطلق الذي قرره القانون، والتي لا يجوز تغييرها إلا بموجب حكم قضائي وفقاً للمادة 39 من قانون السجل العيني، كما تم بعد هذا التاريخ تسجيل استبدال آخر لصالح جمعية العاملين بوزارة الأوقاف أثناء القيد الثاني.
وقد أقام من يدعون استحقاقهم في وقف السادة البكرية الدعوى رقم 9555 لسنة 2004 مدني كلي وقف جنوب القاهرة، وطلبوا في ختام الصحيفة الحكم باستحقاقهم في وقف السادة البكرية، وهم المرحوم الشيخ/ أحمد البكري والمرحوم الشيخ/ محمد البكري والمرحوم الشيخ/ علي البكري، وحال تداول الدعوى بالجلسات تدخل فيها هجومياً بعض من يزعمون الاستحقاق في وقف السادة البكرية، وبجلسة 17/12/2006 طلب الحاضر عن السيدة/ حياة ***** التصريح بتطبيق العقد المسجل رقم 866 لسنة 1899 بمعرفة مكتب مساحة القليوبية وعمل كشف تحديد للتقسيط الديواني المؤرخ 5 جمادي الأولى 1271هـ باسم وقف محمد أفندي البكري، والتصريح باستخراج صورة رسمية من دفتر الترابيع (التقاريع) الموجود بدار الوثائق المصرية، وقد قررت المحكمة التأجيل لجلسة 11/2/2007 للإطلاع والمستندات وصرحت للمتدخلة بما طلبته.
كذلك كان من ضمن الخصوم المتدخلين هجومياً في تلك الدعوى السيد/ عادل *****، والذي حضر بوكيل عنه بجلسة 27/1/2008، وقرر بأن أصل العقد الرقيم 866 لسنة 1899 بحافظة سبق تقديمها بجلسات المرافعة السابقة، وبخصوص أصل التقرير المقدم والمعدل على السيد/ وزير الأوقاف، وقدم الأصل للإطلاع، وقدم حافظة مستندات، وطلب التصريح بتنفيذ العقد المسجل، وتصحيح ما ورد من أخطاء في دفتر المساحة ببنها والسجل العيني والضرائب العقارية، كما طلب توجيه دعوى فرعية وسداد الرسم، وقد قررت المحكمة التأجيل لجلسة 16/3/2008 لتوجيه الدعوى الفرعية، وصرحت بسداد الرسم وللإعلان والمستندات والمذكرات، وبجلسة 27/7/2008 حكمت المحكمة أولاً- في موضوع الدعوى الأصلية والتدخلات الهجومية والانضمامية، بعدم قبول الدعوى، لعدم تقديم حجة الوقف المشهرة، وألزمت المدعين فيها بالمصاريف وخمسة وسبعون جنيهاً أتعاب محاماة، ثانياً- بقبول الدعوى الفرعية شكلاً، وفي موضوعها: بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى، وأبقت الفصل في مصاريفها، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات.
وقد أورد الحكم في أسبابه إنه يقتصر في قضائه بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى الفرعية عند حد ذلك القضاء دون إحالة، ورغم صدور ذلك الحكم، إلا أن هيئة الأوقاف المصرية فوجئت بقيام مسئولي السجل العيني ومكاتب المساحة بإجراء تعديلات في البيانات الخاصة بالقطع أرقام 33 و 35 و 36 و 37 و 38 و 39 و 40 و 81 و 83 الواقعة بحوض الدفري ناحية بهتيم شبرا الخيمة، حيث تم شطب سند ملكية الأوقاف لتلك القطع وهو العقد المسجل رقم 9011 لسنة 1963 وأحل محله العقد رقم 866 لسنة 1899، كما قام بشطب بيان أوقاف السادة البكرية، وأحل محلها اسم/ محمد *****، وأستند السجل العيني والمساحة في إجراء هذا التعديل بزعم إنه تم تنفيذاً لتصريح محكمة جنوب القاهرة الابتدائية في  الدعوى رقم 9555 لسنة 2004 وفقاً للثابت بالتأشيرة المدرجة في بيانات السجل والموقع عليها بتاريخ 6/9/2008.
ونعى المدعي بصفته على تصرف السجل العيني والمساحة سالف البيان مخالفته لأحكام القانون، وقد قامت الهيئة المدعية بمخاطبة المسئولين بالشهر العقاري والسجل العيني والمساحة، وطالبتهم بتصحيح ما وقعوا فيه من أخطاء، إلا إنهم لم يحركوا ساكناً، الأمر الذي يشكل قراراً سلبياً بالامتناع، يقتضي اللجوء إلى القضاء الإداري لوقف تنفيذه، ثم إلغائه. وخلص المدعي بصفته في ختام صحيفة دعواه إلى طلباته سالفة البيان.
        ونظرت المحكمة الشق العاجل من الدعوى بجلساتها، على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وفيها قدم الحاضر عن المدعي بصفته 6 حوافظ مستندات، وقدم نائب الدولة حافظة مستندات، وقدم الحاضر عن المدعى عليه السادس 3 حوافظ مستندات، وبجلسة 23/10/2010 قررت المحكمة التأجيل لجلسة 18/12/2010، وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في شقيها، ومن ثم أودعت الهيئة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الدعوى، ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع: بإلغاء القرار المطعون عليه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب، وإلزام المدعى عليهم من الأول حتى الثاني عشر المصروفات.
        ونظرت المحكمة الدعوى بجلسات المرافعة، على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وفيها قدم الحاضر عن المدعى عليه السادس 6 حوافظ مستندات، ومذكرة بدفاعه، وقدم الحاضر عن الهيئة المدعية مذكرة دفاع، وبجلسة 1/10/2011 قررت المحكمة حجز الدعوى لإصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه.
*******
المحكمة
*******
        بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
        ومن حيث إن حقيقة طلبات المدعي بصفته – حسب التكييف القانوني الصحيح – إنها تتمثل في الحكم: بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ، ثم إلغاء قرار مكتب السجل العيني ببنها المتضمن شطب أوقاف السادة البكرية على القطع أرقام 33 و 35 و 36 و 37 و 38 و 39 و 40 و 81 و 83 الواقعة بحوض الدفري بناحية بهتيم بشبرا الخيمة، ونقل التكليف باسم/ محمد توفيق البكري، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها: إعادة الحال إلى ما كانت عليه، وإعادة تسجيل القطع باسم/ الأوقاف الخيرية، مع إلزام المدعى عليهم من الأول حتى الثاني عشر المصروفات.
        ومن حيث إن الفصل في موضوع الدعوى يغني بحسب الأصل عن نظر الشق العاجل منها.
        ومن حيث إنه عن شكل الدعوى يرجأ بحثه لحين بحث الموضوع وفحص مشروعية القرار المطعون فيه.
        ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى، فإن المادة الأولى من مواد إصدار قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 تنص على إنه: "يسري نظام الشهر على أساس إثبات المحررات في السجل العيني وفقاً للشروط والأوضاع المنصوص عليها في القانون المرافق".
        وتنص المادة الثانية من مواد إصدار القانون المشار إليه على إنه: "
1-  يصدر قرار من وزير العدل بتعيين الأقسام المساحية التي يسري عليها نظام الشهر على أساس إثبات المحررات في السجل العيني، ويحدد القرار التاريخ الذي يبدأ منه هذا السريان، على أن يكون هذا التاريخ لاحقاً لصدور القرار بمدة ستة أشهر على الأقل.
2-  ويستمر العمل بقوانين الشهر المعمول بها في المناطق التي لم يطبق نظام السجل العيني فيها طبقاً لأحكام الفقرة السابقة".
وتنص المادة الثالثة من مواد إصدار القانون المشار إليه على إنه: "في الفترة المشار إليها في المادة السابقة تستكمل المصلحة إعداد السجل العيني للقسم المساحي على الوجه المبين بالقانون المرافق".
        وتنص المادة 10 من قانون نظام السجل العيني الوارد في الفصل الأول من الباب الثاني تحت عنوان "القيد الأول" على إنه: "تحصر جميع الوحدات العقارية الكائنة بالقسم المساحي وتفرد لكل منها صحيفة وتثبت بها الحقوق".
        وتنص المادة 11 من ذات القانون على إنه: "لا تثبت الحقوق في صحائف السجل إلا إذا كانت قد نشأت أو تقررت بسبب من أسباب اكتساب الحقوق العينية، وإذا كان هذا السبب تصرفاً أو حكماً وجب أن يكون قد سبق شهره".
        وتنص المادة 12 من ذات القانون على إنه: "تستخلص بيانات الصحائف من دفتر المساحة وسجل الأطيان ومن التصرفات التي سبق شهرها ومن استمارة التسوية المشار إليها في المادة 19".
        وتنص المادة 14 من ذات القانون على إنه: "في حالة قيام التناقض بين المحررات المشهرة عن قطعة مساحية واحدة، تتولى المصلحة إثبات الحقوق في صحيفة الوحدة باسم من تعتبره صاحب الحق بعد فحص المحررات المتناقضة ودراستها، ويرفق بصحيفة الوحدة تقرير عن نتيجة هذه الدراسة".
        وتنص المادة 20 من ذات القانون على إنه: "بعد صدور القرار الوزاري المشار إليه في المادة الثانية من قانون الإصدار بنشره في الجريدة الرسمية وفقاً للإجراءات والمواعيد التي تحددها اللائحة التنفيذية بإعلان يتضمن تنبيه أصحاب الشأن من ملاك وأصحاب حقوق عينية إلى ميعاد سريان القانون في القسم المساحي ودعوتهم إلى الإطلاع على بيانات الوحدة العقارية الخاصة بهم كما يتضمن تنبيهاً إلى ميعاد الطعن المذكور في المادة 21. وعند حلول ميعاد السريان المشار إليه في المادة الثانية من قانون الإصدار ينشر عن البيانات الخاصة بالوحدات العقارية الكائنة بالقسم المساحي لإطلاع أصحاب الشأن عليه. ويرسل إخطار بالطريقة التي تبينها اللائحة إلى أصحاب الشأن الوارد أسماؤهم في كل صحيفة من صحائف الوحدات العقارية ببيان ما أثبت باسمهم في هذه الصحائف من حقوق وما يثبت على هذه الوحدات العقارية من تكاليف وحقوق عينية تبعية".
        وتنص المادة 21 من ذات القانون الواردة في الفصل الثاني من الباب الثاني تحت عنوان "في اللجنة التي تنظر في المنازعات" على إنه: "تشكل في كل قسم مساحي لجنة قضائية برئاسة رئيس محكمة ابتدائية وعضوية اثنين من موظفي المصلحة أحدهما قانوني والثاني هندسي. وتختص هذه اللجنة دون غيرها في النظر في جميع الدعاوى والطلبات التي ترفع خلال السنة الأولى بعد العمل بهذا القانون لإجراء تغيير في بيانات السجل العيني. ويصدر بتعيين أعضائها ولائحة إجرائها قرار من وزير العدل".
        وتنص المادة 37 من ذات القانون الواردة في الفصل الثاني من الباب الثالث تحت عنوان "في التغيير والتصحيح في بيانات السجل" على أن: "يكون للسجل العيني قوة إثبات لصحة البيانات الواردة فيه. ولا يجوز التملك بالتقادم على خلاف ما هو ثابت بالسجل".
        وتنص المادة 39 من ذات القانون على أنه: "لا يجوز إجراء تغيير في البيانات الواردة في السجل العيني إلا بمقتضى محررات موثقة صادرة ممن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل أو بمقتضى حكم أو قرار صادر من المحكمة التي يقع القسم المساحي في دائرتها أو من اللجنة القضائية المشار إليها في المادة 21. وللأمين أن يصحح الأخطاء المادية البحتة في السجل العيني من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أصحاب الشأن طالما لم يتم القيد. وفي حالة إتمام القيد وجب عليه عدم إجراء التصحيح إلا بعد إخطار ذوي الشأن بكتاب موصى عليه بعلم الوصول، ويحرر الأمين محضراً يوضح فيه أسباب الخطأ وكيفية كشفه".
        ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن المشرع قرر الأخذ بنظام السجل العيني وإحلاله تدريجياً محل نظام الشهر العقاري. وإنفاذاً لذلك فإن وزير العدل يصدر تباعاً قرارات بتعيين الأقسام المساحية التي يسري عليها نظام الشهر على أساس إثبات المحررات في السجل العيني ويحدد القرار التاريخ الذي يبدأ منه هذا السريان، على أن يكون هذا التاريخ لاحقاً لصدور القرار بمدة ستة أشهر على الأقل. والعمل بنظام السجل العيني يمر بمرحلتين:
        المرحلة الأولى: وتعرف بالقيد الأول (قيد العقارات) وفيها يتم حصر العقارات بالحالة التي هي عليها من حيث حدودها وأوصافها وما تعلق بها من حقوق عينية ثابتة وإدراجها في السجل العيني لأول مرة، وذلك القيد تجريه مصلحة الشهر العقاري من تلقاء نفسها بمعاونة جهات المساحة على الأقسام التي يقرر وزير العدل سريان نظام السجل العيني عليها بحيث تكون البيانات التي يجري قيدها مطابقة للواقع على الطبيعة ولما هو ثابت بالشهر العقاري من حقوق على العقار. وتنتهي إجراءات القيد الأول بتحرير صحائف الوحدات العقارية وتدوين كافة الحقوق بها وذلك قبل بدء تاريخ السريان المحدد بقرار وزير العدل، وعلى ذلك فإن فترة القيد الأول تمتد طوال الفترة ما بين صدور قرار وزير العدل المشار إليه وبدء سريان نظام السجل العيني وطوال تلك الفترة يستمر العمل في القسم المساحي بقانون الشهر العقاري، ولما كان القيد الأول بهذا الشكل هو نقطة البداية والأساس الذي يجري عليه كل التعديلات والتصرفات مستقبلاً، فإن المشرع أجاز لكل ذي شأن أن يعترض على ما أثبت أو أغفل من حقوق خلال مرحلة القيد الأول وذلك أمام اللجنة القضائية المنصوص عليها في المادة 21 من القانون سالف البيان، وعلى ذلك فإن إي معترض يطلب تغيير البيانات التي أدرجت بالسجل خلال مرحلة القيد الأول عليه أن يلجأ لتلك اللجنة دون غيرها، والاعتراض أمام تلك اللجنة ليس مفتوحاً في أي وقت وإنما هو مقيد بفترة سنة من تاريخ بدء سريان نظام السجل العيني، وتلك يمكن – كأصل عام – استئناف أحكامها أمام محكمة الاستئناف الواقع في دائرتها العقار طبقاً للمادتين 23 و 24 من القانون.
        أما المرحلة الثانية: فهي مرحلة القيود اللاحقة، وهي التي تستمر في المستقبل ويتم فيها قيد كافة الحقوق العينية والتصرفات والتعديلات الوصفية التي ترد على العقار وإثباتها في الصحيفة العقارية للعقار المعني. والقيد اللاحق يتم بإتباع إجراءات الشهر المنصوص عليها بقانون السجل العيني ولائحته التنفيذية. وقد أورد المشرع بالمادتين 37 و 39 قواعد عامة تحكم تغيير وتعديل البيانات المثبتة بالسجل العيني، فنصت المادة 37 على مبدأ ثبوت وحجية البيانات المدرجة بالسجل العيني وهو ما يعرف بمبدأ الثبوت المطلق لبيانات السجل العيني وهو مبدأ من المبادئ الأساسية التي يقتضيها استقرار الملكية العقارية وتعزيز الثقة في التعاملات العقارية، أما المادة 39 فقد أوردت حكماً يؤكد ويدعم القوة الثبوتية لبيانات السجل العيني حيث حظرت تلك المادة إجراء أي تغيير في البيانات الواردة في السجل العيني إلا بأحد طريقين منصوص عليهما حصراً وهما:
        أولاً- بمقتضى محررات موثقة صادرة ممن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل.
        ثانياً- بمقتضى حكم أو قرار صادر من المحكمة التي يقع القسم المساحي في دائرتها أو من اللجنة القضائية المشار إليها في المادة 21.
        أما الأخطاء المادية البحتة فيملك أمين السجل تصحيحها بنفسه.
        ومن حيث إن المقرر أن حجية الأمر المقضي به أو قوة الشيء المحكوم فيه للحكم القضائي الذي صار نهائياً لأي سبب هي من النظام العام، ومؤداها أن الحكم النهائي صار عنواناً للحقيقة وله حرمة يمتنع المساس بها أو التعرض لها بمعاودة الخوض في ذات الخصومة أو المنازعة التي فصل فيها على أي وجه. (المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2021 لسنة 45 قضائية – جلسة 26/3/2005. وفي الطعن رقم 3964 لسنة 42 قضائية – جلسة 22/10/2005).
        ومن حيث إن من المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا إن العمل الإداري يفقد صفته الإدارية إذا كان مشوباً بمخالفة جسيمة كصدوره من جهة غير منوط بها قانوناً إصداره أو الافتئات على سلطة جهة أخرى، والقرار المعدوم هو مجرد واقعة مادية لا تكتسب حصانة مهما طال عليه الزمن. (المحكمة الإدارية العليا جلسة 29/11/1969 مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا – السنة 15 – صـ 38. مشار إليه في: "موسوعة القرار الإداري" – للمستشار/ حمدي ياسين عكاشة – الجزء الأول – طبعة 2001 – صـ 465).
        وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من عيون الأوراق أن هيئة الأوقاف المصرية تضع يدها وتدير قطع الأراضي محل النزاع، والتي تمثل حصة الوقف الخيري بوقف السادة البكرية بحوض الدفري بناحية بهتيم بشبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، وذلك بموجب الحكم الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية في مادة التصرفات رقم 120 لسنة 1956 بجلسة 16/6/1962 وموضوعها فرز وتجنيب وقسمة أعيان وقف المرحوم/ محمد البكري بناحية بهتيم وحدد ذلك الحكم نصيب الخيرات في الوقف بمساحة 11س 18ط 110ف (مائة وعشرة أفدنه وثمانية عشر قيراطاً وأحد عشر سهماً) وتم فرزها بالحدود والأوصاف المذكورة بالحكم، ولا خلاف بين الأطراف على إنها تنطبق على إنها تنطبق على القطع أرقام 33 و 35 و 36 و 37 و 38 و 39 و 40 و 81 و 83 بحوض الدفري، وكان الثابت من حافظة المستندات المقدمة من المدعي بصفته إن ذلك الحكم كان محل المشهر رقم 4182 في 27/5/1963 القاهرة، كما إن كلاً من أعيان الخيرات وأنصبة الورثة في الوقف والتي قررها الحكم المذكور تم إيرادها وشهرها جميعاً بالمشهر رقم 9011 بتاريخ 16/12/1963 بمأمورية الشهر العقاري بشبرا على النحو الثابت بصورة ذلك المشهر المرفق بحافظة المستندات المقدمة من المدعي بصفته، فمن ثم فإن هذه البيانات هي محل القيد الأول بدفاتر السجل العيني بناحية بهتيم ويجب تسجيل الأرض في الصحف العقارية لتلك الأراضي باعتبارها أوقافاً خيرية.
        ومن حيث إن وزير العدل قد حدد تاريخ 31/10/2006 لبدء سريان العمل بقانون السجل العيني على شبرا الخيمة، فإن أي اعتراض على أي من تلك البيانات، كان يتعين تقديمه خلال سنة من هذا التاريخ في موعد أقصاه 31/10/2007، وإذ خلت الأوراق من ثمة دليل يثبت إن أحداً قد قدم اعتراضاً على ذلك القيد خلال تلك الفترة، فمن ثم تتمتع هذه البيانات بالحجية وبالقوة الثبوتية التي نصت عليها المادة 37 من قانون السجل العيني سالفة البيان، ولذا يمتنع تغيير تلك البيانات أو تعديلها طبقاً للمادة 39 المشار إليها، إلا بموجب محررات موثقة صادرة ممن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل أو حكم أو قرار صادر من المحكمة التي يقع القسم المساحي في دائرتها أو من اللجنة القضائية المنصوص عليها في المادة 21 من القانون المشار إليه.
        وبناء على ما تقدم، ومن حيث إن مكتب السجل العيني ببنها قد أصدر القرار المطعون عليه في أغسطس 2008 بناءً على شكوى تقدم بها المدعى عليه السادس وتضمن القرار تعديل بيانات التكليف عن قطع الأراضي محل النزاع ونقلها من الأوقاف إلى اسم/ محمد ***** (مورث المدعى عليهما السادس والسابعة) وأورد محرر التعديل إن ذلك كان بناءً على تصريح المحكمة في الدعوى رقم 9555 لسنة 2004 وبناءً على كتاب الأمين العام للشهر العقاري بالقاهرة إلى أمين مكتب السجل العيني ببنها رقم 825 المؤرخ في 2/7/2008، ومن ثم يكون ذلك القرار قد خالف القانون من عدة أوجه على النحو التالي:
        أولاً- خالف القرار المطعون فيه صريح نص المادة 39 سالفة البيان، حيث أهدر حجية بيانات القيد الأول للأراضي محل المنازعة، وأدخل عليها تعديلاً بتغيير اسم واضع اليد عليها، دون وجود محررات موثقة صادرة ممن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل، وهي هيئة الأوقاف المصرية في هذه الحالة، ودون وجود حكم أو قرار صادر من المحكمة التي يقع القسم المساحي في دائرتها باعتبار أن الدعوى رقم 9555 لسنة 2004 المقامة أمام محكمة جنوب القاهرة، وأعيان النزاع تقع بدائرة محافظة القليوبية، ومن ثم يكون تدخل الجهة الإدارية على هذا النحو يمثل غصباً لسلطة اللجنة القضائية المنصوص عليها في المادة 21 سالفة البيان ولسلطة القاضي المختص بالفصل في منازعات الحيازة والملكية ولا يمكن التسليم بما أوردته الجهة الإدارية من أن نطاق تطبيق المادة 39 سالفة البيان قاصر على بيانات القيد اللاحق دون القيد الأول فذلك تخصيص لعبارات النص بغير مخصص، بل إن علة النص أظهر وأوضح في خصوص القيد الأول عنها في خصوص القيود اللاحقة، باعتبار أن القيد الأول يمثل الأساس الذي تبنى عليه من بعد كافة الحقوق، ولا يصح أن يكون هذا الأساس مهدداً بالسحب في أي وقت بمجرد قرار إداري، لما في ذلك من اختلال لكافة المراكز القانونية التي ترتبت عليه، والصواب هو إنه بعد بدء سريان قانون السجل العيني على القسم المساحي وانتهاء أعمال القيد الأول، فإنه لا يجوز للإدارة تعديل البيانات المثبتة بالصحف العقارية بموجب قرار إداري على أي نحو.
        ثانياً- أهدر القرار حقوق هيئة الأوقاف المصرية الثابتة بالحكم القضائي الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية في مادة التصرفات رقم 120 لسنة 1956 الصادر بجلسة 16/6/1962 والذي اختص الخيرات بالأراضي موضوع المنازعة، كما أهدر حجية المشهرين رقم 4182 في 27/5/1963 و 9011 بتاريخ 16/12/1963 شبرا، المسجل بهما حق هيئة الأوقاف المصرية على أعيان النزاع، كما أن مخالفة ما أثبته الحكم المشار إليه لا تتأتى إلا من خلال الطعن عليه بطرق الطعن المقررة قانوناً وهو ما لم يثبت من وقائع الدعوى الماثلة، بل لم يثبت صدور أي حكم قضائي لصالح المدعى عليهما السادس والسابعة أو أي من ورثة السادة البكرية باستحقاق أي نصيب في أعيان الوقف المتنازع عليها، ولما كان تعديل بيانات الملكية لدى جهات التوثيق الرسمية هو أمر على درجة عالية من الخطورة فإنه لا يقبل تعديله بمجرد تأشيرة صادرة من أمين عام مصلحة الشهر العقاري والتوثيق على نحو ما أبانت عنه أوراق الدعوى.
        ثالثاً- إن الثابت من الإطلاع على تصريحي محكمة جنوب القاهرة بجلستي 17/12/2006 و 27/1/2008 الذين استندت إليهما الإدارة في إجراء التعديل أنهما لم يتضمنا على أي وجه ولا يفهم منهما الأمر بإدخال أي تعديلات على بيانات السجل العيني، فالأول هو تصريح بتطبيق عقد على الطبيعة بمعرفة مكتب المساحة واستخراج وثائق، أي هو تصريح بإجراءات إثبات في الدعوى. والثاني تصريح بسداد رسوم دعوى فرعية، وعلى أي حال فالتصريحان لم يبينا أوصافاً أو مضموناً لأي تعديل في بيانات الملكية، وذلك فضلاً عن صدورهما عن محكمة غير مختصة أساساً بتعديل بيانات السجل العيني بناحية شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، كما وإن المحكمة حكمت في تلك الدعوى بجلسة 27/7/2008 (أولاً) في موضوع الدعوى الأصلية والتدخلات الهجومية والانضمامية بعدم قبول الدعوى لعدم تقديم حجة الوقف المشهرة وألزمت المدعين فيها بالمصاريف وخمسة وسبعون جنيهاً أتعاب محاماة، ثانياً- بقبول الدعوى الفرعية شكلاً، وفي موضوعها: بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى، وأبقت الفصل في مصاريفها، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. وقد أورد الحكم في أسبابه إنه يقتصر في قضائه بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى الفرعية عند حد ذلك القضاء دون إحالة.
        رابعاً- إن البين من نص المادة 14 من قانون السجل العيني سالفة البيان وإيرادها في الفصل الأول من الباب الثاني المتعلق بأحكام القيد الأول يدل على إن سلطة الإدارة في إجراء مفاضلة بين المحررات المشهرة المتناقضة عن ذات القطعة المساحية وتغليب أحدها هو أمر قاصر على مرحلة القيد الأول للبيانات، فإذا ما تم هذا القيد وتم إثبات الحق لأحد الأطراف فإن ذلك يعد قراراً نهائياً تستنفد به جهة الإدارة ولايتها في هذا الشأن فلا يصح لها معاودة التدخل بتغيير قرارها بل عليها أن تبقي الأمر على ما هو عليه إلا أن يصدر حكم قضائي بات بتغيير تلك البيانات، وفي خصوص النزاع الماثل، فإنه لم يكن هناك ثمة محررات متناقضة وقت إعمال القيد الأول والذي انتهى ببدء سريان قانون السجل العيني في 31/10/2006 ولم يكن لدى جهة الإدارة سوى مستندات ملكية هيئة الأوقاف المصرية حيث إن العقد المسجل برقم 866 لسنة 1899 لم يحتج به من قِبل المدعى عليه السادس إلا في عام 2008.
        وبالبناء على ما تقدم، وعن شكل الدعوى وموضوعها، وحيث إن العيوب المشار إليها آنفاً والتي شابت صدور القرار الطعين هي مخالفات جسيمة للقانون من بينها غصب السلطة وانعدام ركن السبب فهي تهوي بالقرار الطعين إلى حد الانعدام فينحدر إلى مرتبة الأعمال المادية التي لا ترتب أي أثر قانوني، ولا يكتسب القرار من ثم أي حصانة تعصمه من السحب والإلغاء، ومن ثم لا يتقيد الطعن عليه بميعاد.
        وحيث استوفت الدعوى سائر أوضاعها القانونية المقررة سيما وإنها مستثناة من العرض على لجان فض المنازعات بحسبانها متعلقة بحق عيني عقاري، وكان القرار المطعون فيه منعدماً على النحو السالف بيانه، فإنه يتعين القضاء بقبول الدعوى شكلاً، وإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل إجراء التعديل المطعون عليه الذي أجراه مكتب السجل العيني ببنها، وإعادة تسجيل القطع محل النزاع أرقام 33 و 35 و 36 و 37 و 38 و 39 و 40 و 81 و 83 الواقعة بحوض الدفري بناحية بهتيم شبرا الخيمة باسم/ الأوقاف الخيرية طبقاً للمشهرين رقمي 4182 في 27/5/1963 شهر عقاري القاهرة ورقم 9011 بتاريخ 16/12/1963 شهر عقاري شبرا الخيمة.
        وحيث إنه عن المصروفات، فإن المحكمة تلزم بها خاسر الدعوى عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
"فلهذه الأسباب"
*******
        حكمت المحكمة: "بقبول الدعوى شكلاً؛ وفي الموضوع: بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب، وألزمت المدعى عليهم من الأول حتى الثاني عشر المصروفات".
سكرتير المحكمة                                        رئيس المحكمة
.........................                                 ........................


(وقد أعطيت الصورة التنفيذية لذلك الحكم برقم 6474 لسنة 66 ق بتاريخ 4/12/2011م).