الجمعة، 13 أبريل 2012

إنهاء عقد إيجار - طرد للغصب - استئناف - شركات القطاع العام - قانون قطاع الأعمال - التحكيم الإجباري، شروطه وحالاته - اعتماد العقود من الجهات الإدارية المختصة - قاعدة الغش يبطل التصرفات - الأجرة والريع



عدالة محكمة استئناف عالي القاهرة
الدائرة 57 إيجارات

مُـذكـــرة

بدفاع/ هيئة الأوقاف المصرية                        (مستأنف ضدها)

ضــــــــد

السيد/ محافظ القاهرة بصفته                           (مستأنف)



في الاستئناف رقم 14080 لسنة 128 قضائية "استئناف القاهرة"
والمحدد لنظرها جلسة يوم الخميس الموافق 12/4/2012م للمرافعة.

أولاً- الوقائع
تخلص وقائع النزاع الماثل في أن هيئة الأوقاف المصرية قد عقدت الخصومة (المستأنف حكمها) بموجب صحيفة، موقعة من محام، أودعت قلم كتاب محكمة أول درجة بتاريخ 14/4/2011، وقيدت بجدولها العمومي تحت رقم 1409 لسنة 2011 مدني كلي وحكومة القاهرة، وأعلنت قانوناً للمدعى عليه، طلبت في ختامها الحكم لها:
"بصفة أصلية: بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ في 22/10/2006 عن قطعة الأرض الفضاء البالغ مساحتها ــ/16.800م2 (ستة عشر ألف وثمانمائة متر مربع) والكائنة بناحية الزيتون، نمرة/ 25، بالقاهرة، والتابعة لجهة/ قوله الخيري، وتسليمها لهيئة الأوقاف المصرية خالية من أية شواغل، مع إلزام المدعى عليه (محافظ القاهرة بصفته) بأن يؤدي للهيئة المدعية مبلغاً وقدره ــ/285.600جم (مائتان وخمسة وثمانون ألف وستمائة جنيه مصري) القيمة الايجارية (لأرض التداعي) مع ما يستجد منها باعتبار القيمة الايجارية من تاريخ الإنهاء كمقابل انتفاع، وإلزام المدعى عليه (محافظ القاهرة بصفته) بأدائه حتى تاريخ التسليم (الفعلي)، مع إلزامه بالمصروفات وأتعاب المحاماة
وبصفة احتياطية: بفسخ عقد الإيجار المؤرخ في 22/10/2006 عن قطعة الأرض الفضاء البالغ مساحتها ــ/16.800م2 (ستة عشر ألف وثمانمائة متر مربع) والكائنة بناحية الزيتون، نمرة/ 25، بالقاهرة، والتابعة لجهة/ قوله الخيري، وتسليمها لهيئة الأوقاف المصرية خالية من أية شواغل، مع إلزام المدعى عليه (محافظ القاهرة بصفته) بأن يؤدي للهيئة المدعية مبلغاً وقدره ــ/285.600جم (مائتان وخمسة وثمانون ألف وستمائة جنيه مصري) القيمة الايجارية (لأرض التداعي) مع ما يستجد منها باعتبار القيمة الايجارية من تاريخ الإنهاء كمقابل انتفاع، وإلزام المدعى عليه (محافظ القاهرة بصفته) بأدائه حتى تاريخ التسليم (الفعلي)، مع إلزامه بالمصروفات وأتعاب المحاماة".
وذكرت هيئة الأوقاف المصرية شرحاً لدعواها (المستأنف حكمها) إنه بموجب عقد إيجار أرض فضاء (محرر في 22/10/2006) يستأجر محافظ القاهرة بصفته من هيئة الأوقاف المصرية ما هو أرض التداعي (وهي قطعة الأرض الفضاء البالغ مساحتها ــ/16.800م2 (ستة عشر ألف وثمانمائة متر مربع) والكائنة بناحية الزيتون، نمرة/ 25، بالقاهرة، والتابعة لجهة/ قوله الخيري)، بغرض استعمالها "كمركز شباب وملاعب مفتوحة" (طبقاً للبند الثاني من عقد الإيجار سالف الذكر). ولمدة ثلاث سنوات تبدأ من 1/11/2006 وتنتهي في 31/10/2009، ويجوز – بموافقة كتابية صريحة من هيئة الأوقاف المؤجرة – تجديده لمدة أو مدد مماثلة مقابل زيادة القيمة الايجارية بنسبة 10% من آخر قيمة إيجارية مستحقة (في حال الحصول على موافقة كتابية صريحة من هيئة الأوقاف على التجديد). (طبقاً للبند الثالث من عقد الإيجار سالف الذكر).
        وفضلاً عن أن عقد إيجار أرض التداعي محدد المدة، ولا يتجدد إلا برضاء وموافقة كتابية صريحة من هيئة الأوقاف المصرية المؤجرة، فقد نص البند السادس عشر من عقد الإيجار على أنه: "إذا رغب أحد طرفي العقد في عدم تجديده بعد انتهاء مدته فعليه أن يخطر الطرف الآخر بذلك قبل نهاية مدة العقد بشهرين على الأقل، وذلك بموجب إعلان رسمي على يد محضر، وفي هذه الحالة يجب على المستأجر أن يسلم العين المؤجرة ومشتملاتها في نهاية مدة العقد بمقاسها وحدودها المعلومة حسب كشف التحديد المرفق بالعقد. فإذا لم يقم المستأجر بذلك فلا يعتبر في هذه الحالة مستأجراً وإنما يكون غاصباً للمساحة موضوع العقد، مهما طالت مدة إقامته عليها بعد نهاية العقد طالما لم يتم تجديد التعاقد معه، ويكون المستأجر ملزماً في هذه الحالة بأن يسدد للمؤجر مقابل انتفاعه بالمساحة موضوع العقد طوال مدة وضع يده عليها، بالإضافة إلى مبلغ 100جم (مائة جنيه) يومياً كغرامة لعدم قيامه بإخلاء المساحة المؤجرة رضائياً أو قضائياً".
وتم إبرام ذلك العقد المتقدم ذكره نظير أجرة شهرية قدرها ــ/8.400جم (ثمانية آلاف وأربعمائة جنيه مصري). (طبقاً للبند الرابع من عقد الإيجار سالف الذكر).   
        كما نص البند الرابع كذلك في فقرته الثانية على أنه في حالة تأخر المستأجر عن سداد الأجرة في مواعيد استحقاقها ... يحق للمؤجر فسخ عقد الإيجار دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو إعذار أو حكم قضائي.
        وإذ تخلف المستأجر (محافظ القاهرة بصفته) عن سداد أجرة أرض التداعي في مواعيد استحقاقها، ومن ثم يكون قد تحقق الشرط الفاسخ الصريح المنصوص عليه في عقد الإيجار، فضلاً عن انتهاء مدة العقد وعدم رغبة هيئة الأوقاف المصرية في تجديده، مما حدا بالهيئة إلى إنذار المستأجر بضرورة سداد الأجرة المستحقة عليه وإلا اعتبر عقد الإيجار مفسوخاً من تلقاء نفسه، وبعدم رغبتها في تجديد العقد بعد انتهاء مدته، إلا أن المستأجر (محافظ القاهرة بصفته) لم يحرك ساكناً، مما أضطر هيئة الأوقاف المصرية إلى التقدم بطلب إلى لجان التوفيق في المنازعات، إلا أن محافظ القاهرة بصفته (المستأجر) لم يحرك ساكناً أيضاً، مما حدا بهيئة الأوقاف المصرية إلى إقامة الدعوى (المستأنف حكمها) بغية القضاء لها بطلباتها سالفة الذكر.
        وتداولت الدعوى بالجلسات، أمام محكمة أول درجة، على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 20/7/2011 قضت عدالة المحكمة الابتدائية في تلك الدعوى (رقم 1409 لسنة 2011 مدني كلي جنوب القاهرة) بحكمها الذي جرى منطوقه على النحو التالي: "بطرد المدعى عليه بصفته من عين التداعي المبينة وصفاً بصحيفة الدعوى وعقد الإيجار المؤرخ 22/10/2006  المحرر بين طرفي التداعي، وتسليمها للمدعي بصفته خالية مما يشغلها، وألزمت المدعى عليه بصفته بأن يؤدي للمدعي بصفته مبلغ مقداره ــ/285.600جم (مائتان وخمسة وثمانون ألف وستمائة جنيه) وما يستجد مع اعتبار القيمة الايجارية من تاريخ انتهاء العقد الحاصل في 31/10/2009 كمقابل انتفاع، وحتى تمام التسليم، وألزمته المصروفات وخمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة".
        وقد أسست عدالة محكمة أول درجة قضائها على سند من أن المدعي بصفته (هيئة الأوقاف) قد أقام دعواه طالباً إنهاء العلاقة الايجارية بينه وبين المدعي عليه بصفته لانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 22/10/2006 تأسيساً على انتهاء مدته وإنه أنذره رسمياً – بتاريخ 7/3/2010 – بانتهاء العلاقة الايجارية وعدم رغبته في التجديد مما يعد وضع يده على عين التداعي وضع يد غاصب، والمحكمة – بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وإنزال وصفها الحق عليها وتكييفها القانوني الصحيح – ترى إن الدعوى في حقيقتها هي دعوى "طرد من العين المؤجرة للغصب" وتقضي فيها على هذا الأساس. وحيث إنه ثبت للمحكمة – من مطالعة سائر أوراقها وكافة مستنداتها وعقد الإيجار سند الدعوى – أن المدعى عليه بصفته كان مستأجراً لقطعة أرض فضاء بموجب العقد المؤرخ 22/10/2006 من المدعي بصفته وانتهى هذا العقد بتاريخ 31/10/2009 لكونه محدد المدة بثلاث سنوات، ومن ثم فإن وجود المدعى عليه بصفته بالعين المؤجرة بعدُ وجوداً غير قانوني وليست له حماية ولا سيما وأن المدعي بصفته قد أنذره بتاريخ 7/3/2010 بعدم رغبته في تجديد العقد ومن ثم يعد غاصباً للعين ويكون المدعي بصفته قد أقام دعواه على سند صحيح من القانون متعيناً والحال كذلك إجابته إلى طلبه بطرد المدعى عليه بصفته منها وتسليمها للمدعي بصفته. وحيث إنه عن طلب إلزام المدعى عليه بسداد القيمة الايجارية المتأخرة عليه بداية من شهر ديسمبر من عام 2006 بإجمالي مبلغ وقدره ــ/285.600جم (مائتان وخمسة وثمانون ألف وستمائة جنيه مصري)، وكان المدعى عليه بصفته قد مثل ولم يدفع الدعوى بثمة دفع أو دفاع ينال من الدعوى، فإن ما ذكره المدعي بصفته يكون حجة عليه، ومن ثم تكون ذمته مشغولة بها وتقضي المحكمة للمدعي بصفته بها.
        وإذ لم يرتض محافظ القاهرة بصفته (المستأجر/المدعى عليه بصفته) بهذا القضاء، لذا فقد طعن عليه بطريق الاستئناف بالاستئناف الماثل (رقم 14080 لسنة 128 قضائية "استئناف القاهرة")، بموجب صحيفة، أودعت قلم كتاب محكمة الاستئناف بتاريخ 24/8/2011، طالباً الحكم له: "أولاً- بقبول الاستئناف شكلاً. ثانياً- وفي الموضوع: بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به مخالفاً لأسباب هذا الاستئناف، والقضاء مُجدداً: أصلياً- بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى المستأنفة واختصاص هيئات التحكيم الإجباري بنظرها. واحتياطياً- برفض الدعوى المستأنف حكمها. مع إلزام المستأنف ضده بصفته بالمصروفات عن درجتي التقاضي". وقال المستأنف بصفته شرحاً لأسباب استئنافه الماثل ناعياً على الحكم المستأنف بمخالفته للقانون وخطئه في تطبيقه وفي تأويله. ومن ثم، تم تداول الاستئناف الماثل بالجلسات، على النحو الثابت بمحاضره، وتم تأجيل نظره لجلسة اليوم للمذكرات.  

ثانياً- الدفاع
        في مستهل دفاعنا نتمسك بجميع أوجه الدفاع والدفوع والطلبات المبداه منا بصحيفة افتتاح الدعوى أمام محكمة أول درجة، وبكافة مذكرات دفاعنا وحوافظ مستنداتنا المقدمة أمام محكمة أول درجة، ونعتبرهم جميعاً جزءً لا يتجزأ من دفاعنا الراهن. ونركز في هذا المقام – فقط – على الرد على أسباب الطعن بالاستئناف الماثل:

الرد على الدفع بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى المستأنف حكمها ولائياً وطلب إحالتها للتحكيم الإجباري:
        نعى المستأنف بصفته على الحكم المستأنف مخالفته للقانون وخطئه في تطبيقه وفي تأويله، لكونه قضى في الدعوى المستأنف حكمها على الرغم – من زعم المستأنف بصفته – من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر النزاع واختصاص هيئات التحكيم الإجباري بنظره.
        وهذا النعي غير سديد، ومردود عليه بأن النص في المادة 56 من القانون رقم 97 لسنة 1983 بإصدار قانون في شأن هيئات القطاع العام وشركاته – وهو القانون الخاص بشركات القطاع العام – على أن: "يفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض، أو بين شركة قطاع عام من ناحية، وبين جهة حكومية (مركزية أو محلية) أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى، عن طريق التحكيم دون غيره على الوجه المبين في هذا القانون".
        حيث إن هذا القانون المذكور بأجمله وتلك المادة خاصة إنما تطبق على "شركات القطاع العام"، سواء فيما بينها، أو فيما بينها وبين شخص من أشخاص القانون العام. ولكنه لا يطبق على أشخاص القانون العام فيما بينهم.
        لما كان ذلك، وكان هيئة الأوقاف المصرية ليست من بين "شركات القطاع العام"، ولا حتى من بين أشخاص القانون العام، حيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا إن وزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية عند إدارة واستثمار والتصرف في أموال الأوقاف إنما يعدان من أشخاص القانون الخاص.
حيث تنص المادة 5 من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن: "تتولى الهيئة، نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية، إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية بقصد تنمية أموال الأوقاف باعتبارها أموالاً خاصة".
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا أن: "المشرع ناط بوزارة الأوقاف القيام على شئون الأوقاف الخيرية، وخلفتها في ذلك هيئة الأوقاف المصرية التي أنشئت بالقانون رقم 80 لسنة 1971، فتختص بإدارة واستثمار والتصرف في أموال الأوقاف الخيرية نائبة عن وزير الأوقاف بوصفة ناظر الوقف. الوقف من أشخاص القانون الخاص وتقوم هيئة الأوقاف نيابة عن وزير الأوقاف بهذه الأعمال بوصفها شخص من أشخاص القانون الخاص ولا تعتبر قراراتها في هذا الشأن قرارات إدارية. وما يثور بشأنها لا يدخل في عموم المنازعات الإدارية ـ مؤدى ذلك: عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في هذه الدعاوى والمنازعات".
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4021 لسنة 41 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 20/6/2001 مجموعة المكتب الفني – السنة 46 – صـ 2227 القاعدة رقم 262).
كما قضت دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس  الدولة (والمنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة) بأن: "التصرفات التي تجريها هيئة الأوقاف، نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية، في شأن إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها، تعد من التصرفات الصادرة من  أحد أشخاص القانون الخاص، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في المنازعات التي تتفرع عنها".
(حكم المحكمة الإدارية العليا "دائرة توحيد المبادئ" في الطعن رقم 3096 لسنة 35 قضائية "إدارية عليا" – بجلسة 6/5/1999).
        وقد كانت تلك الأسانيد والحقائق القانونية سالفة الذكر نفسها سنداً للمحكمة الدستورية العليا في قضائها "بعدم دستورية البند "ح" من المادة "1" من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري المُعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 فيما تضمنه من النص على جواز إتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بما يكون مُستحقاً لوزارة الأوقاف بصفتها ناظراً من إيجارات للأعيان التي تديرها الوزارة.
وقد أوردت المحكمة الدستورية العليا في حكمها ذلك ما نصه أن: "أموال الأوقاف تعتبر بصريح نص المادة 5 من القانون رقم 80 لسنة 1971 أموالاً خاصة مملوكة للوقف باعتباره – عملاً بنص المادة 52/3 من القانون المدني – شخصاً اعتبارياً، وهو يدخل بحسب طبيعته في عِداد أشخاص القانون الخاص، ولو كان يباشر النظر عليه شخصاً من أشخاص القانون العام، إذ يظل النظر – في جميع الأحوال – على وصفه القانوني مُجرد نيابة عن شخص من أشخاص القانون الخاص".
(حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 104 لسنة 23 قضائية "دستورية" – بجلسة 9/1/2005).
* هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن قانون قطاع الأعمال رقم 203 لسنة 1991 قد حل محل القانون رقم 97 لسنة 1983، ونص قانون قطاع الأعمال رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام (والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 24 مكرر بتاريخ 19/6/1991) في مادته الـ 40 على أنه: "يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تقع فيما بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون، أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأشخاص الاعتبارية من القطاع الخاص أو الأفراد وطنيين كانوا أو أجانب، وتطبق في هذا الشأن أحكام الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية".
        ومن المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن: "المادة 56 من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983، والمواد 1 و 13 و 40 من القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال، مؤدى هذه النصوص المتقدمة أن أحكام شركات قطاع الأعمال العام، واجبة التطبيق على الشركات القابضة التي تحل محل هيئات القطاع العام الخاضعة للقانون رقم 97 لسنة 1983 وكذا الشركات التابعة التي تحل محل الشركات التي كانت تشرف عليها هذه الهيئات - أحل القانون التحكيم الاتفاقي محل التحكيم الإجباري الذي نص عليه في قانون هيئات القطاع العام المشار إليه - ينحسر الاختصاص الإجباري لهيئات التحكيم عن منازعات شركات قطاع الأعمال العام التي حلت محل هيئات القطاع العام وشركاته وتقتصر ولاية تلك الهيئات على المنازعات التي أقيمت لديها أو أحيلت عليها قبل العمل بقانون شركات قطاع الأعمال العام".
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 2725 و 2869 لسنة 45 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 29/8/2001 مجموعة المكتب الفني – السنة 46 – الجزء الثالث – صـ 2701 – القاعدة رقم 317).
        كما قضت المحكمة الإدارية العليا بأن: "مؤدى نص المادة الرابعة من قانون التحكيم  فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 أن اللجوء  للتحكيم  كوسيلة لفض ما يثور بين أطراف الخصومة من نزاع  مرده وجود اتفاق صريح بينهما لما يرتبه هذا الاتفاق من أثر يحول دون اختصاص المحاكم بالفصل فى المسائل التى يتناولها التحكيم، الأصل فى التحكيم أنه عرض نزاع معين بين طرفيه على مُحكم من الأغيار يعين باختيارهما أو بتفويض منهما أو على ضوء شروط  يحددانها ليفصل فى هذا النزاع بقرار مجرد من التحامل وقاطع لدابر الخصومة فى جوانبها، لا يجوز أن يكون التحكيم إجبارياً يُذعن إليه أحد الطرفين  إنفاذاً لقاعدة قانونية آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها، وذلك سواء كان موضوع التحكيم نزاعاً قائماً أو محتملاً، فالتحكيم مصدره الاتفاق وإليه ترتد السلطة الكاملة التى يباشرها المحكمون والالتزام بالنزول على القرار الصادر فيه وتنفيذه".
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1369 لسن 40 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 24/1/1999 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 297 – القاعدة رقم 27).
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الثابت بالأوراق أن قيام هيئة الأوقاف المصرية بتأجير عين التداعي للمستأنف إنما كانت تقوم بذلك بوصفها شخص من أشخاص القانون الخاص، لا سيما وأن هيئة الأوقاف لا تدير مرفق عام وأن عقد إيجار عين التداعي لم يحو أية شروط استثنائية وبالتالي فلا يمكن إدراجه ضمن العقود الإدارية. وطالما كانت الهيئة عند إدارتها لمال الوقف إنما تعد من أشخاص القانون الخاص، وكان عقد إيجار عين التداعي خاضع لأحكام القانون المدني، ولا ينطبق على النزاع الماثل لا قانون شركات القطاع العام ولا قانون القطاع العام – على النحو المتقدم ذكره – وعليه يكون النعي المبدى من المستأنف بصفته بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر النزاع الماثل، يكون قد جاء على غير سند صحيح من القانون خليقاً بالرفض.

الرد على السبب الثاني من أسباب الطعن بالاستئناف:
        حاول دفاع المستأنف بصفته التنصل من عقد الإيجار سند الدعوى المستأنف حكمها، بزعم أن عقد الإيجار لم يتم اعتماده ولا التصديق عليه.
        ولما كان هذا الزعم غير سديد، ومردود عليه بأن عقد الإيجار سند الدعوى المستأنف حكمها موقع عليه من السيد/ محافظ القاهرة مفوضاً عنه السيد اللواء/ السكرتير العام للمحافظة (السيد/ أحمد كامل السيد)، وقد قامت المحافظة بالفعل باستلام العين المؤجرة والانتفاع بها وسداد أجرتها عن شهر نوفمبر 2006 وقام بإزالة التعديات التي كانت موجودة عليها وبتسليم عدد 300 شقة لشاغلي التعديات وتنظيف المنطقة من العشش ووضعتها تحت الحراسة المشددة، كما قامت محافظة القاهرة (بالاشتراك مع التخطيط العمراني وجهاز المرور) بدراسة إمكانية فتح محور مروري بالمنطقة، واستهدفت المحافظة من هذا التأجير إنشاء مركز شباب وملاعب مفتوحة (تقوم بتنفيذها القوات المسلحة على نفقة المحافظة) ولحين استبدالها "أي قيام المحافظة بشرائها" من هيئة الأوقاف المصرية، وكل ذلك مثبت وموقع عليه من طرفي التعاقد في نهاية عقد الإيجار (تحت عنوان ملحق عقد اتفاق) سند الدعوى المستأنف حكمها.
        ولم تثر المحافظة (المستأجرة/المستأنفة) طوال مدة العقد وطوال مدة وضع يدها على عين التداعي وانتفاعها بها واستغلالها، لم تثر مسألة عدم تصديق المحافظة على عقد الإيجار، كما لم تثرها أمام محكمة أول درجة، فلم تظهر هذه المزاعم إلا بعد صدور حكم بإلزام المحافظة بأجرة عين التداعي، مما يقطع بعدم جدية تلك المزاعم، وإلا لما كانت المحافظة المستأنفة قد استلمت العين المؤجرة ودفعت أجرتها عن شهر نوفمبر 2006 وأخلت الشاغلين منها وأزالت العشش التي كانوا يقيمون فيها وأبدلتهم بعدد 300 شقة سكنية وسلمتها للقوات المسلحة لإقامة مركز رياضي وملاعب مفتوحة على نفقة المحافظة (فهل يعقل أن تقوم المحافظة المستأنفة بكل ذلك إلا إذا كانت قد اعتمدت عقد إيجار عين التداعي بالفعل).  
        وفضلاً عما تقدم، فإن قاعدة الأمانة وشرف التعامل وعدم الغش في المعاملات تقضي بأنه كان على المحافظة المستأنفة – لو صح إنها لم تعتمد عقد إيجار عين التداعي – أن ترد تلك العين لهيئة الأوقاف المؤجرة في حينه، ولا تضع يدها عليها طوال مدة نفاذ عقد الإيجار (وتظل واضعة اليد عليها حتى بعد نهاية العقد) وتمتنع عن سداد أجرتها، وحين تقام الدعوى ضدها لإلزامها بقيمة إيجار عين التداعي التي تسلمتها ووضعت اليد عليها وانتفعت بها واستغلتها طوال مدة العقد وبعد مدة العقد، فتتذكر فجأة إن عقد إيجار عين التداعي لم يتم اعتماده؟؟!! وفي هذا ما يجافي الأمانة وشرف التعامل وعدم الغش في المعاملات.
لا سيما وإنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أنه: "من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن قاعدة "الغش يبطل التصرفات" هي قاعدة سليمة ولو لم يجر بها نص خاص فى القانون وتقوم على اعتبارات خلقية واجتماعية فى محاربة الغش والخديعة والاحتيال وعدم الانحراف عن جادة حسن النية الواجب توافره فى التصرفات والإجراءات عموماً، صيانة لمصلحة الأفراد والمجتمع وإذ كان استخلاص عناصر الغش من وقائع الدعوى وتقدير ما يثبت به هذا الغش وما لا يثبت به يدخل فى السلطة التقديرية لقاضى الموضوع بعيداً عن رقابة محكمة النقض فى ذلك ما دامت الوقائع تسمح به".
(نقض مدني في الطعن رقم 1073 لسنة 48 قضائية – جلسة 21/5/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 399 – فقرة 3).
كما إن مسألة اعتماد عقد إيجار عين التداعي من المحافظة من عدمه – وأياً كان وجه الرأي فيها – غير منتجة في النزاع الماثل، حيث إن المحافظة المستأنفة بالمبلغ المقضي به سواء كيفته على إنه أجرة أو سواء تم تكييفه على إنه ريع عين التداعي الذي استلمتها المحافظة وانتفعت بها واستغلتها طوال فترة التعاقد وحتى بعده. ومن ثم فإن إثارة مسألة اعتماد عقد الإيجار من عدمه ليست بذات أثر على الحكم المستأنف، لأنه في جميع الأحوال فالمحافظة ملتزمة بأداء المبلغ المقضي به، سواء بوصفه "إيجاراً" أو بوصفه "ريع" و "مقابل انتفاع" بعين التداعي، عن فترة وضع يدها عليها وما يستجد منها حتى تاريخ تسليمها فعلياً للهيئة المالكة. ولا سيما وأن عدالة محكمة أول درجة كيفت الدعوى المستأنف حكمها على إنها دعوى "طرد للغصب" وليست دعوى "إنهاء عقد إيجار".
ومن ثم، يكون النعي بالوجه الثاني على الحكم المستأنف، والمبدى من المستأنف بصفته، قد جاء على غير سند صحيح من القانون خليقاً بالرفض وبتأييد الحكم المستأنف.
لكل ما تقدم، ولما تمسكت به هيئة الأوقاف المصرية في صحيفة افتتاح الدعوى المستأنف حكمها، ومذكرات دفاعها وحوافظ مستنداتها أمام محكمة أول درجة، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية الحكم لها في الاستئناف الماثل بما يلي:

ثالثاً- الطلبات
تلتمس هيئة الأوقاف المصرية الحكم لها في الاستئناف الماثل: "برفضه، وبتأييد الحكم المستأنف، مع إلزام المستأنف بصفته بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي".
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،

الأربعاء، 4 أبريل 2012

الإشكال العكسي أو الإشكال المعكوس - بطلب الاستمرار في تنفيذ الحكم


الإشكال العكسي

تنص الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 312 من قانون المرافعات تنصان على أنه:
"يجب اختصام الطرف الملتزم في السند التنفيذي في الإشكال إذا كان مرفوعاً من غيره، سواء بإبدائه أمام المحضر على النحو المبين في الفقرة الأولى أو بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، فإذا لم يختصم في الإشكال وجب على المحكمة أن تكلف المستشكل باختصامه في ميعاد تحدده له ... ولا يترتب على تقديم أي إشكال آخر وقف التنفيذ ...".
ومن المقرر قانوناً، وفقاً لشروح الفقهاء أنه:
"رفع إشكالات التنفيذ ليست قاصرة على المدينين، بل يجوز للدائنين أيضاً رفعها أمام المحضر بطلب الاستمرار في التنفيذ إذا امتنع المحضر عن القيام به دون سند، كذلك يجوز رفعها بدعوى مبتدأه.
فيجوز لطالب التنفيذ (الدائن الصادر لصالحه الحكم المراد تنفيذه) أن يرفع إشكالاً سواء أمام المحضر بطلب الاستمرار في التنفيذ في حالة امتناع المحضر عن التنفيذ لوجهة نظر قانونية أدعى أنها تؤيده في رأيه. كما يجوز له رفع الإشكال بطلب الاستمرار في التنفيذ بدعوى مبتدأه تقدم لقلم الكتاب وفقاً لنص المادة 63 مرافعات".
(لطفاً، المصدر: "القضاء المُستعجل وقضاء التنفيذ في ضوء الفقه والقضاء" – للمستشار/ عز الدين الدناصوري وحامد عكاز – الطبعة السادسة 1998 القاهرة – صـ 687 و صـ 918 و صـ 981).
ومن المقرر قانوناً أيضاً أنه:
"إذا كان الغالب للإشكال الوقتي أن يبدى من الملتزم بالسند التنفيذي، إلا أنه يجوز للدائن أيضاً – وهو طالب التنفيذ – أن يقيم إشكالاً يطلب فيه الاستمرار في تنفيذ الحكم، سواء أمام المحضر إذا رأى الأخير وقف التنفيذ لأي سبب من الأسباب، أو بصحيفة مبتدأة يرفعها أمام قاضي التنفيذ بوصفة قاضياً للأمور المستعجلة يطلب فيها الاستمرار في تنفيذ الحكم، كما يجوز أن يبدى ذلك الإشكال أمام قاضي التنفيذ كطلب عارض (دعوى فرعية)، وفي جميع هذه الحالات جرى العمل على تسمية ذلك الإشكال بالإشكال "المعكوس"، وفي ذلك الإشكال يدعو طالب التنفيذ خصمه لإبداء ما يعن له من كافة الاعتراضات التي قد يبديها عند الشروع في تنفيذ الحكم، ويفحص قاضي التنفيذ – بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة حجج الطرفين وأسانيد كل منهما ليستظهر من ذلك مدى جدية الصعوبات التي تقام في سبيل تنفيذ الحكم وسندها القانوني لا ليفصل فيها بشكل قطعي وإنما توصلاً إلى تحديد أي من الطرفين أجدر بالحماية الوقتية، فإن استبان له أن تلك الصعوبات لا تستند إلى ثمة سند جدي من القانون أجاب طالب التنفيذ المستشكل إلى طلبه الاستمرار في التنفيذ، وإن استبان له العكس قضى برفض الإشكال".
(لطفاً، المرجع: "أحكام وأراء في القضاء المستعجل في منازعات التنفيذ الوقتية" – للمستشار/ مصطفى هرجة – طبعة نادي القضاة 1991/1992 – بند 180 – صـ 726).
        وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الغرض من رفع هذا الإشكال العكسي هو الاحتياط لدفع ضرر يخشى وقوعه عند بدء التنفيذ، وذلك عن طريق قيام المدين الصادر ضده الحكم المراد تنفيذه بالإشكال فيه لوقفه وعرقلة تنفيذه مما يلحق أبلغ الضرر بطالب التنفيذ الدائن الصادر لصالحه الحكم المراد تنفيذه. ولما كان الطالب قد قام بإعلان السند التنفيذي لكافة الخصوم، ويخشى من محاولات اللدد أو افتعال المعوقات غير المستساغة قانوناً، وحرصاً على سيادة القانون التي لا تكتمل إلا بتنفيذ الأحكام القضائية واجبة النفاذ. ولما كان المعلن إليهم ليست لديهم أية أسباب لاحقة على صدور الحكم يمكن أن تعطله أو توقف تنفيذه، فإن الطالب يقيم هذا الإشكال بغية القضاء له – في مادة تنفيذ وقتية – بالاستمرار في تنفيذ الحكم المستشكل فيه.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

الثلاثاء، 3 أبريل 2012

تحديد النطاق الزمني لسريان وتطبيق قواني قواني إيجار الأماكن الاستثنائية المتعاقبة



"البيان"
في
"تحديد النطاق الزمني لسريان وتطبيق قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية المتعاقبة"

قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة:
        نظم القانون المدني عقد الإيجار في الباب الثاني من الكتاب الثاني منه، ويُعتبر القانون المدني هو الشريعة العامة التي تطبق على في جميع الأحوال، ما لم تطرأ ظروف خاصة يرى المشرع معها ضرورة تعطيل بعض أحكامه أو استبدال غيرها بها وذلك بتشريع خاص يصدره لهذا الغرض.
        وقد لجأ المشرع إلى ذلك مراراً، لا سيما في أثناء وبُعيد الحرب العالمية الثانية حيث وقفت في مصر حركة البناء وبخاصة تشييد المساكن بسبب انقطاع ورود المواد الأولية، في حين وفدت على المدن المصرية جموع كبيرة من بينها جيوش الحلفاء ومن يتبعها من موظفين مدنيين، ومن بينها كذلك المهاجرون من بلاد أجنبية اجتاحتها الجيوش المتصارعة، ومن بينها أعداد كبيرة من أهالي الريف المصري جذبهم إلى المدن ما نشأ فيها عن وجود هذه الجيوش من زيادة هائلة في فرص العمل وتشغيل الأيدي العاملة (حيث تحتاج تلك الجيوش الكبيرة إلى أيدي عاملة وخدمات ومرافق ...الخ)، ونتيجة لكل ذلك ووفقاً لقانون العرض والطلب ارتفعت قيمة أجرة المساكن إلى درجات غير مسبوقة، وأخذ ذوو الأملاك في التنبيه على المستأجرين بإخلاء الأماكن المؤجرة عند انتهاء مدد عقودهم، أو مضاعفة أجرة الأماكن القائمة، أو المغالاة في أجرة الأماكن التي تستحدث، وخشي المشرع أن يشتط الملاك في ذلك فيزيدوا أزمة المساكن تفاقماً، فأصدر العديد من الأوامر العسكرية (في ظل الأحكام العرفية في أثناء الحرب) غل بها أيدي الملاك عن زيادة إيجار المساكن إلا في حدود ضيقة، وقرر امتداد العقود السارية بعد انتهاء مدتها (الاتفاقية) امتداداً تلقائياً (بقوة القانون).
        وعند إلغاء الأحكام العرفية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أصدر المشرع قانوناً بتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين، وهو القانون رقم 121 لسنة 1947 (بتاريخ 14يوليو 1947) مُتضمناً الأحكام التي أريد بها أن تكون دستوراً "مؤقتاً" ينظم العلاقة بين مؤجري الأماكن ومستأجريها "في الظروف الاقتصادية الشاذة" التي ما زالت تقتضي تعطيل بعض أحكام القانون المدني إلى أن تزول هذه الظروف ويصدر قانون جديد بإلغاء هذا التشريع الاستثنائي والعودة إلى تطبيق الأحكام العامة المنصوص عليها في القانون المدني.([1]) 
        وقد أدخل المشرع العديد من التعديلات على القانون رقم 121 لسنة 1947، إلى أن استبدله كله بالقانون رقم 52 لسنة 1969.
        وكذلك أدخل المشرع العديد من التعديلات على القانون رقم 52 لسنة 1969، إلى أن استبدله كله بالقانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وقد نشر في الجريدة الرسمية، بالعدد 36 بتاريخ 8/9/1977، وصار نافذاً اعتباراً من 9/9/1977.
        ثم أصدر المشرع القانون رقم 136 لسنة 1981 ببعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وقد نشر في الجريدة الرسمية، بالعدد 31 تابع "ج" بتاريخ 30/7/1981 وصار نافذاً اعتباراً من 31/7/1981، أستكمل بها المشرع حلقات هذا التنظيم وعالج فيها بعض ثغراته. (لطفاً، راجع في تفصيل كل ذلك: "شرح قانون إيجار الأماكن" – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الأول – الطبعة التاسعة 1990 القاهرة – بند 1 – صـ 1 وما بعدها).
        ثم أصدر المشرع القانون رقم 4 لسنة 1996 في شأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها والأماكن التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها.
        ثم أصدر المشرع القانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وبعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية. ومن بعده القانون رقم 14 لسنة 2001 بتعديل القانون رقم 6 لسنة 1997 الخاص بتعديل الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وبعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية.

قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة، قوانين خاصة استثنائية:
        ويبين مما تقدم، أن هذه التشريعات إن هي إلا تشريعات خاصة واستثنائية، خرج بها المُشرع على الأحكام العامة لعقد الإيجار المنصوص عليها في القانون المدني (الشريعة العامة لعقد الإيجار – وكافة العقود)، ووضع بتلك التشريعات الخاصة أحكاماً قصد بها إلى تقييد حرية المؤجر في تحديد الأجرة وفي طلب الإخلاء، وكذلك إلى فرض التزامات خاصة على عاتق كل من المؤجر والمستأجر، وهذه الأحكام الخاصة هي التي تسري – من دون أحكام القانون المدني التي تتعارض معها – ما دامت العين المؤجرة كائنة ببلدة من البلدان التي نصت تلك التشريعات الخاصة على سريانها عليها[2])). وفيما عدا الأحكام المذكورة تسري على العلاقات الايجارية الأحكام العامة لعقد الإيجار المنصوص عليها في القانون المدني.([3])
        وطالما أن قوانين إيجار الأماكن([4]) هي قوانين خاصة، فإن تطبيقها يكون تحت مظلة القانون العام، وهو القانون المدني، فيرجع إلى القانون المدني – حتى بالنسبة إلى العلاقات والأماكن التي يسري عليها قانون إيجار الأماكن – في كل ما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون الخاص. أي أنه في حالة ما إذا خلا التشريع الخاص من تنظيم وضع معين، فإنه يتعين الرجوع بشأنه إلى أحكام القانون المدني باعتبارها القواعد الأساسية والشريعة العامة، حتى ولو كانت المدة المتعاقد عليها في عقد الإيجار قد انتهت وأصبح عقد الإيجار مُمتداً بقوة القانون الخاص.[5])[6]))  

تعلق قوانين إيجار الأماكن بالنظام العام، باعتباره قواعد قانونية آمرة:
        قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة، والتي أصدرها المشرع لمواجهة أزمة المساكن، هي قوانين متعلقة بالنظام العام، ومن ثم فإن أحكامها أحكام آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها، وفي حالة الاتفاق على مخالفتها يقع الاتفاق باطلاً ولا ينتج أثره، كما أن الاتفاق على مخالفتها يعتبر تحايلاً على القانون، وبالتالي يجوز إثباته بكافة الطرق، بما فيها البينة والقرائن، ولو كان الاتفاق مكتوباً أو تزيد قيمته على 5000 جنيه أو كان غير مقدر القيمة.([7])  
فمن المُقرر في قضاء النقض  نه: "إذا كان اشتداد أزمة المساكن وتفاقمها قد يضطر المستأجر – نظرا لحاجته  إلى السكن – إلى الموافقة على التعاقد وفقاً لشروط مجحفة يفرضها المؤجر بقصد الاستغلال فمن ثم تدخل المشرع بإصدار قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية المتعاقبة لتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وضمنها بعض النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام لإعادة التوازن بين مصلحة المؤجر ومصلحة المستأجر ومن أهم تلك الأحكام خضوع عقود إيجار الأماكن للأجرة القانونية التي تنص تلك التشريعات على عناصر تقديرها وامتداد تلك العقود تلقائياً وبحكم القانون لمدة غير محددة وتحديد أسباب الإخلاء على سبيل الحصر إلا أن المؤجر قد يتحايل على تلك الأحكام بطريقة أو بأخرى، كأن يعهد من قِبله لآخر في إبرام عقد إيجار لمستأجر عن عين يمتلكها حتى يتمكن من إخلاء المستأجر عندما يرغب في ذلك بأن يصطنع عقداً آخر مع المؤجر أو مع غيره، ثم يقيم دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار لكي يتمكن من طرد المستأجر من العين المؤجرة، والمقرر في قضاء هذا المحكمة أن الاتفاق على مخالفة أحكام القانون الآمرة المتعلقة بالنظام العام يقع باطلا ويجوز إثبات هذا التحايل على تلك الأحكام بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة والقرائن".([8]) 
        ويترتب على اعتبار قوانين إيجار الأماكن متعلقة بالنظام العام، أن كل واحد من تلك التشريعات يسري بأثر فوري من التاريخ المُعين لبدء العمل به على جميع العلاقات الايجارية ولو كانت ناشئة عن عقود أبرمت قبل صدور تلك التشريعات.([9]) 
        فالأصل في تطبيق أحكام أي قانون جديد، هو عدم سريانها على المراكز القانونية السابقة عليها، ما لم ينص القانون الجديد على خلاف ذلك. وأن الاستثناء هو سريان الأحكام الجديدة – باعتبارها قواعد آمرة متعلقة بالنظام العام – على الآثار المترتبة من وقت نفاذها ولو كانت ناشئة عن مراكز قانونية سابقة عليها. (نقض مدني في الطعن رقم 1313 لسنة 47 قضائية – جلسة 8/5/1980).

العبرة في تحديد أي قانون واجب التطبيق:
والعبرة في تحديد أي قانون من قوانين إيجار الأماكن المُتعاقبة هو الذي يحكم مسألة امتداد عقد الإيجار من عدمه، تكون بالنظر إلى تاريخ الواقعة سند وسبب هذا الامتداد، أي تاريخ الوفاة أو التخلي أو الترك.
أي أن العبرة في هذا الصدد هي بوقت حصول الواقعة المُنشئة للمركز القانوني (الوفاة أو التخلي أو الترك)، وليس بوقت المطالبة به.
وذلك تطبيقاً لمبدأ "عدم رجعية القوانين"([10]). فالمراكز القانونية التي نشأت واكتملت وأصبحت حقاً مُكتسباً في ظل قانون قديم، تخضع من حيث آثارها وانقضاؤها وفقاً لأحكام هذا القانون، وأن ما يرد في قانون لاحق من أحكام، إنما يُطبق بأثر فوري ومباشر في هذا الشأن على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز، والعبرة دائماً في هذا الخصوص هي بوقت حصول الواقعة المنشئة أو التي اكتمل بها المركز القانوني وليس بوقت المطالبة به، طالما لم يحدد القانون ميعاداً لذلك.[11]))
        ولما كانت الواقعة المُنشئة للحق في الاستفادة من الامتداد القانوني لعقد الإيجار هي وفاة المُستأجر الأصلي (أو المُستفيد السابق من الامتداد القانوني لعقد الإيجار) أو تركه للعين المؤجرة أو التخلي عنها، فإذا حصلت مثل هذه الوفاة أو الترك أو التخلي (وبها ينشأ ويكتمل المركز القانوني للمستفيد من الامتداد القانوني) في ظل القانون ما، وقبل سريان ونفاذ قانون آخر تالي عليه، فإن القانون الأول يكون هو القانون الواجب التطبيق ولو حدثت المطالبة بالحق في الامتداد القانوني (أو بالتصرف الناتج عنه) في ظل القانون التالي له. (لطفاً، سليمان مرقس – المرجع السابق – بند 171 – صـ 856 وما بعدها، وهوامشها).

أهم أحكام محكمة النقض المصرية في شأن تحديد النطاق الزمني لسريان قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية المتعاقبة:
        * "مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 46 لسنة 1962 أن مجال سريانه هو (أولاً) الأماكن التى تم إنشاؤها منذ 5 نوفمبر سنة 1961 تاريخ العمل بالقانون رقم 168 لسنة 1961 و (ثانياً) الأماكن التى تم إنشاؤها قبل 5 نوفمبر سنة 1961 ولكنها بقيت خالية ولم تؤجر أو لم تشغل لأول مرة حتى هذا التاريخ. وإذ كان الثابت فى الدعوى أنه لا خلاف بين الطرفين حول عدم تأجير الأعيان المتنازع عليها وعدم شغلها قبل أن يستأجرها المطعون ضدهم ويشغلونها فعلاً ابتداء من 1962/9/1 بالنسبة للمطعون ضده الأول و 1962/3/1 بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث، وإنما انحصر الخلاف بينهما على حقيقة الأجرة المتفق عليها والتي تتخذ أساساً للتخفيض الذى قضى به القانون رقم 7 لسنة 1965، وكان مقتضى ما تقدم أن الأعيان لم تؤجر ولم تشغل قبل 5 نوفمبر سنة 1961، فإن القانون رقم 46 لسنة 1962 يكون وحده الذى يحكم العلاقة بين الطرفين و يرسم حدودها".
(نقض مدني في الطعن رقم 10 لسنة 38 قضائية – جلسة 17/2/1973 مجموعة المكتب الفني – السنة 24 – صـ 274 – فقرة 3).

* وأن: "مفاد نص المادة 5 مكررا "1" من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 المضافة بالمرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 والمادة 5 مكرراً "2" والمادة 5 مكررا "3" - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأماكن التى تسرى عليها هذه النصوص هي تلك التى كان البدء فى إنشائها سابقاً على 1952/9/18 تاريخ العمل بها دون اعتداد بتمام إنشائها وإعدادها للانتفاع وسواء كان ذلك بعد هذا التاريخ أو قبله  بمعنى إن العبرة هنا بتاريخ البدء فى الانتهاء لا بتاريخ تمامه. وإذ كان الواقع فى الدعوى باتفاق الأطراف المتداعين أن الشقة المؤجرة موضوع النزاع قد بدئ فى إنشائها قبل التاريخ المشار إليه، فإن تحديد أجرتها يخضع للقواعد المنصوص عليها فى المرسوم بقانون آنف الذكر، باتخاذ أجرة المثل فى شهر سبتمبر سنة 1952 أساساً مع تخفيضها بمعدل 15%، طالما كان الثابت أن هذه العين أوجرت ولأول مرة فى تاريخ لاحق للعمل بالمرسوم بقانون السالف".
(نقض مدني في الطعن رقم 733 لسنة 40 قضائية – جلسة 24/3/1976 مجموعة المكتب الفني – السنة 27 – صـ 764 – فقرة 1).

* وأن: "مؤدى نص المادة مكررا "4" من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 المضافة بموجب القانون رقم 55 لسنة 1958 أن يشمل نطاق تطبيقها - اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون فى 1958/6/12 - تلك الفئة من المباني التى بدئ فى إنشائها قبل 1952/9/18 ولم تتم إلا بعد هذا التاريخ، ومن ثم فإنها تدخل فى مجال تطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 وكذلك القانون رقم 55 لسنة 1958. وإذ كانت المذكرة الإيضاحية للقانون الأخير واضحة الدلالة على أن المقصود به تنظيم أجور الأماكن التى لم يشملها المرسوم بقانون السابق عليه بسبب إنشائها بعد تاريخ العمل به، ولا تفيد إرادة المشرع الجمع بين كلا التخفيضين المقررين بالقانونين فإن هذه الأمكنة تخضع لأحكام المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 فتخفض أجرتها بنسبة 15% حتى آخر يونيو 1958 ثم تصير نسبة التخفيض بمعدل 20% ابتداء من أول يونيو إعمالاً للقانون رقم 55 لسنة 1958".
(نقض مدني في الطعن رقم 733 لسنة 40 قضائية – جلسة 24/3/1976 مجموعة المكتب الفني – السنة 27 – صـ 764 – فقرة 2).

* وأنه: "إذ كان الحكم المطعون فيه قد أخضع أجرة العين المؤجرة للقانون رقم 55 لسنة 1958 دون مراعاة لانطباق المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 فى الفترة السابقة عليه، وقد ترتب على هذا الخطأ أن حجب الحكم نفسه عن مناقشة ما ساقه الطاعنان من دفاع قوامه أنهما راعيا عند التعاقد أحكام المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 وأن الأجرة المثبتة فى العقد مخفضة فعلا بمعدل 15% عن أجرة المثل فى شهر سبتمبر 1952، وهو دفاع جوهري قد يكون من شأن تمحيصه تغيير  وجه الرأي فى الدعوى، وكان لا يشفع لتبرير قضاء الحكم قوله أنه ثبت لديه أن هذا المرسوم بقانون الأخير لم يطبق فعلا لأن هذه العبارة المرسلة لا يبين منها كيفية وصوله إلى هذه النتيجة ولا توضح أسانيد الترجيح لأدلة نفى حصول التخفيض واقعاً فعلاً، قاصر البيان، علاوة على الخطأ فى تطبيق القانون".
(نقض مدني في الطعن رقم 733 لسنة 40 قضائية – جلسة 24/3/1976 مجموعة المكتب الفني – السنة 27 – صـ 764 – فقرة 3).

        ** وأن: "حكم نص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لا يسري إلا على الوفاة أو الترك التي تقع بعد بدء العمل به، أما ما حدث من ذلك قبل هذا التاريخ وبعد بدء العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1969 فتسري عليه المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969".
(نقض مدني في الطعن رقم 702 لسنة 50 قضائية – جلسة 7/2/1981.
ونقض مدني في الطعن رقم 629 لسنة 52 قضائية – جلسة 30/12/1982).

** وأن: "الأصل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن القانون يسرى - بأثر فوري على المراكز القانونية التى تتكون بعد نفاذه، سواء فى نشأتها أو فى إنتاجها آثارها أو انقضائها، وهو لا يسرى على الماضي فالمراكز القانونية التى نشأت واكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد، تخضع للقانون القديم الذى حصلت فى ظله، أما المراكز القانونية التى تنشأ وتكتمل خلال فترة من الزمان فإن القانون القديم يحكم العناصر والآثار التي تحققت فى ظله، فى حين يحكم القانون الجديد العناصر والآثار التى تتم بعد نفاذه، ولئن كانت المراكز القانونية الاتفاقية تظل خاضعة للقانون القديم الذى أنشأت فى ظله - باعتبار أنه تعبير عن إرادة ذوى الشأن - فى نشوئها أو فى آثارها أو فى انقضائها إلا أن هذا مشروط بألا يكون القانون الجديد قد أخضع المراكز القانونية سالفة البيان لقواعد آمرة، فحينئذ يطبق القانون الجديد على ما لم يكن قد اكتمل نشوءه من  عناصرها، وعلى آثار هذا المراكز الحاضرة  والمستقبلة كما يحكم انقضائها".
(نقض مدني في الطعن رقم 1367 لسنة 48 قضائية – جلسة 16/1/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 203 – فقرة 2).

* وأنه: "لما كان البين من الأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أن واقعة إخلاء المطعون ضده من الشقة استئجاره وهدم العقار تمت قبل 9/9/1977 – تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1979 – نفاذاً لقرار هندسي صدر بالهدم لأيلولته للسقوط صدر في 26/6/1975 وأن المطعون ضده كان يشغل وحدة بالدور الأرضي منه للسكنى وبالتالي فقد نشأ وأكتمل له – بواقعة الإخلاء والهدم – مركز قانوني أضحى حقاً مكتسباً قبل هذا التاريخ يخول له إعمالاً للمادة 39/3 من القانون رقم 52 لسنة 1969 الحق في شغل وحدة بالعقار الجديد وفق القواعد والإجراءات التي حددها قرار وزير الإسكان رقم 418 لسنة 1970 المنفذ له، وكان القانون رقم 49 لسنة 1977 قد صدر وأصبح نافذاً منذ 9/9/1977 ومن ثم فلا يسري على واقعة النزاع ولا يُطبق في مجالها ما يكون قد ورد به من قواعد موضوعية لا تخول مثل هذا الحق الذي نشأ وأكتمل قبل صدوره، فإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعمل القانون رقم 52 لسنة 1969 فإنه يكون قد أعمل القانون على وجهه الصحيح، وبالتالي يكون النعي على غير أساس".
(نقض مدني في الطعن رقم 2003 لسنة 50 قضائية – جلسة 19/2/1986).

** وأن: "المقرر فى قوانين إيجار الأماكن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الأحكام الخاصة بتحديد الأجرة والامتداد القانوني وتعيين أسباب الإخلاء هي قواعد آمره متعلقة بالنظام العام وتسرى بأثر فوري على جميع المراكز والقواعد القائمة والتي لم تستقر نهائياً ونفاذها ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها، ومؤدى ذلك أنه إذا صدر قانون لاحق يتضمن تعديلاً فى تشريعات إيجار الأماكن، كان من شأنه استحداث حكم جديد يتعلق بذاتية تلك القواعد الآمرة، سواء بالإلغاء أو بالتغيير إضافة أو حذفاً، فإن هذا التعديل يأخذ بدوره حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فوري مباشر على المراكز والوقائع القائمة وقت نفاذه".
(نقض مدني في الطعن رقم 1382 لسنة 52 قضائية – جلسة 1/1/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 41 – فقرة 4).

** و : "إن من المستقر عليه - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 17 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن "تنتهي بقوة القانون عقود التأجير لغير المصريين بانتهاء المدة المحددة قانونا لإقامتهم بالبلاد ... ومع ذلك يستمر عقد الإيجار بقوة القانون في جميع الأحوال لصالح الزوجة المصرية ولأولادها منه الذين كانوا يقيمون بالعين المؤجرة ما لم يثبت مغادرتهم البلاد نهائياً"، يدل على أن المشرع قد اتجه في القانون رقم 136 لسنة 1981 إلى وضع تنظيم قانوني في شأن انتهاء عقود التأجير المبرمة لصالح غير المصريين بحيث لا يبيح للمستأجر الأجنبي الاستفادة من أحكام الامتداد المقررة وفقاً لتشريعات إيجار الأماكن إلا للمدة المحددة قانوناً لإقامته بالبلاد - أياً كان سبب إنهائها ويقصر استمرار العقد على زوجته المصرية وأولادها منه الذين كانوا يقيمون بالعين المؤجرة ولم يغادروا البلاد نهائياً، ومن ثم فإنه اعتباراً من 31-7-1981 - تاريخ العمل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 – وإعمالاً للأثر الفوري لنص المادة 17 منه باعتباره نصاً آمرا ومتعلقاً بالنظام العام يسري بأثر فوري على المراكز والوقائع القانونية القائمة والتي لم تستقر نهائياً وقت العمل به بصدور حكم نهائي، مما يتعين معه قصر الانتفاع بميزة الاستمرار القانوني لعقد إيجار المسكن المبرم لصالح المستأجر الأجنبي - عند انتهاء المدة المحددة قانوناً لإقامته بالبلاد على من ذكروا صراحة بالنص وبالشروط المحددة به دون غيرهم، وبالتالي لا يستفيد غير هؤلاء الأقارب من استمرار العقد، كما أن من المقرر أن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً ببعض أوراق الدعوى أو أبتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفاً لما هو ثابت ببعض هذه الأوراق من وقائع لم تكن محل مناضلة بين الخصوم".
(نقض مدني في الطعن رقم 5734 لسنة 64 قضائية – جلسة 14/11/2001).

** وأنه: "إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/10/1977 بالتأسيس على أن الطاعنين قد توقفا عن ممارسة ذات النشاط الذى كانت تمارسه مورثتهما بالعين محل النزاع معتداً فى ذلك بتاريخ غلقها فى 1/1/1988 فى حين أن البين من أوراق الدعوى ومن تقرير الخبير المقدم فيها إن مورثة الطاعنين قد توفيت بتاريخ 9/2/1980 وهو التاريخ الذى يعتد به فى امتداد عقد إيجار العين للطاعنين وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 والمستبدلة بالقانون رقم 6 لسنة 1997 على ما سلف بيانه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث دفاع الطاعنين من أنهما قد استعملا العين فى ذات النشاط الذى كانت تمارسه مورثتهما منذ وفاتها فى عام 1980 وحتى تاريخ توقفهما العارض بسبب المرض فى عام 1988 بعد أن امتد العقد إليهما رغم انه دفاع جوهري من شأنه لو صح إن يتغير به وجه الرأي فى الدعوى مما يعيبه أيضا بالقصور فى التسبيب".
(نقض مدني في الطعن رقم 2180 لسنة 72 قضائية – جلسة 26/5/2004 المستحدث في قضاء النقض – صـ 50).

هذا، والله أعلى وأعلم،،،


([1]) ويُلاحظ أن التشريع الاستثنائي قد تضمن أيضاً نصوصاً خرج بها على قانون المرافعات فيما يتعلق باختصاص المحاكم وبالإجراءات وبجواز الطعن في الأحكام. وهذه النصوص أيضاً تعتبر مُعطلة لأحكام قانون المرافعات فيما خرجت فيه عليها بالنسبة إلى العلاقات التي يسري عليها هذا التشريع الاستثنائي إلى حين إلغائه والعودة مرة أخرى إلى الأحكام العامة في قانون المرافعات.
([2]) نقض مدني في الطعن رقم 839 لسنة 43 قضائية – جلسة 7/6/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – القاعدة رقم 275 – صـ 1428.
([3]) نقض مدني في الطعن رقم 1132 لسنة 47 قضائية – جلسة 3/3/1982.
([4])  المقصود بالأماكن هو كل "حيز مغلق بحيث يكون حرزاً" فيخرج عن مدلول هذه الكلمة وبالتالي يخرج عن أحكام تطبيق قوانين إيجار الأماكن كل من الأراضي الفضاء والأراضي الزراعية والأراضي البور وأسطح العقارات المؤجرة لتركيب يافطات إعلانية وكذلك المساحات على حائط سواء أجرت لتركيب إعلانات عليها أو لتركيب فتارين عليها. فمن المُقرر في قضاء النقض بأن: "المكان هو كل حيز مغلق بحيث يكون حرزاً، وهذا الوصف لا يتوافر بالنسبة للواجهة الخارجية للحائط الجانبي في عقار مؤجر بذاته لاستعماله في أعمال الدعاية والإعلان باعتبار أنه على هذا النحو غير مغلق ومبسوط للكافة وعلى عين من كل عابر فلا يخضع لطابع الخصوصية، ومن ثم لا يخضع لأحكام التشريع الاستثنائي بشأن إيجار الأماكن لانعدام العلة التي توخاها المشرع وقررها بتلك النصوص، هذا فضلاً عن أن طبيعة الحائط الذي يؤجر لمثل ذلك الغرض تتأبى مع الكثير من القواعد الاستثنائية التي تضمنتها هذه القوانين ولا تتسق مع ما أوردته من أحكام". نقض مدني في الطعن رقم 2035 لسنة 54 قضائية – جلسة 5/2/1992. ونقض مدني في الطعن رقم 52 لسنة 58 قضائية – جلسة 28/2/1993.
            وكذلك الأماكن المشغولة بسبب العمل تخرج من نطاق تطبيق أحكام قوانين إيجار الأماكن، حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "المساكن التي تشغل بسبب العمل. عدم سريان أحكام الباب الأول من القانون رقم 49 لسنة 1977 عليها. المادة 2 منه المقابلة للمادة 2 من القانون رقم 52 لسنة 1969. مناطه. أن يكون شغلها مرده علاقة العمل. انقضاء رابطة العمل. أثره. حق جهة العمل في إخلاء العامل. مخالفة ذلك. خطأ". نقض مدني في الطعن رقم 595 لسنة 61 قضائية – جلسة 21/1/2001. ونقض مدني في الطعن رقم 3024 لسنة 59 قضائية – جلسة 27/3/1994.
([5]) نقض مدني في الطعن رقم 1532 لسنة 52 قضائية – جلسة 25/8/1988.
([6]) أنظر: سليمان مرقس – المرجع السابق – بند 2 – صـ 12 وما بعدها.
([7]) حيث أن الأصل أنه في غير المواد التجارية، إذا كانت قيمة التصرف القانوني تزيد على خمسة آلاف جنيه، أو كان غير محدد القيمة، فلا يجوز إثباته بغير الكتابة (م 60 إثبات). كما أنه لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود، ولو لم تزد القيمة على خمسة آلاف جنيه، فيما يخالف أو يجاوز ما أشتمل عليه دليل كتابي (م 61/1 إثبات). ولكن في حالة الاحتيال على القانون يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بدليل كتابي، لأن الاحتيال ليس إلا واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات حتى ولو أتخذ شكل تصرف قانوني كالعقد أو الاتفاق. 
            والمُقرر في قضاء محكمة النقض أن: "تحديد أجرة الأماكن طبقاً للقوانين المحددة للإيجارات ــ من النظام العام ــ إذ تتحدد به، متى صار نهائياً ــ القيمة الايجارية إزاء الكافة فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، وإن التحايل على زيادتها أو إخفاء حقيقة قدرها للتهرب من حكم القانون يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات بما في ذلك البينة والقرائن". نقض مدني في الطعن رقم 3967 لسنة 63 قضائية – جلسة 24/4/1997 مجموعة المكتب الفني – السنة 48 – صـ 686 – فقرة 1. ونقض مدني في الطعن رقم 1937 لسنة 55 قضائية – جلسة 27/2/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 43 – صـ 392 – فقرة 2. ونقض مدني في الطعن رقم 703 لسنة 54 قضائية – جلسة 15/12/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 1859 – فقرة 2.
([8]) نقض مدني في الطعن رقم 1937 لسنة 55 قضائية – جلسة 27/2/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 43 – صـ 392 – فقرة 2.
([9]) ويترتب على كون أحكام قوانين إيجار الأماكن متعلقة بالنظام العام، أن محكمة الموضوع تقضي بها من تلقاء نفسها، كما يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض شريطة أن تكون وقائعها معروضة على محكمة الموضوع. 
([10]) المنصوص عليه في المادة 187 من الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية الصادر في عام 1971.
([11]) سليمان مرقس – المرجع السابق – صـ 27 وما بعدها.