الثلاثاء، 26 مايو 2009

جناية استيراد نفايات خطرة

تنص المادة 29 من القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة على أنه:

"يُحظر تداول المواد والنفايات الخطرة بغير ترخيص من الجهة الإدارية المُختصة. وتبين اللائحة التنفيذية لهذا القانون إجراءات وشروط منح الترخيص والجهة المُختصة بإصداره.

ويصدر الوزراء – كل في نطاق اختصاصه – بالتنسيق مع وزير الصحة وجهاز شئون البيئة جدولاً بالمواد والنفايات الخطرة المُشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة".

علماً بأن الفقرتين 18 و 19 من المادة الأولى من قانون البيئة تنصان على أنه:

"يُقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بالألفاظ والعبارات الآتية المعاني المُبينة قرين كل منها:

18 - المواد الخطرة: المواد ذات الخواص الخطرة التي تضر بصحة الإنسان أو تؤثر تأثيراً ضاراً على البيئة، مثل: المواد المُعدية أو السامة أو القابلة للانفجار أو الاشتعال أو ذات الإشعاعات المؤينة.

19 - النفايات الخطرة: مُخلفات الأنشطة والعمليات المُختلفة أو رمادها المُحتفظة بخواص المواد الخطرة التي ليس لها استخدامات تالية أصلية أو بديلة مثل النفايات الإكلينيكية من الأنشطة العلاجية والنفايات الناتجة عن تصنيع أي من المُستحضرات الصيدلية والأدوية أو المُذيبات العضوية أو الأحبار والأصباغ والدهانات".

وحسبما أثبت تقرير الخبرة المودع بملف الدعوى أن مادة اللندين ليست نفايات خطرة وفقاً للتعريف الوارد للنفايات الخطرة بالفقرة 19 من المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة التي حددت النفايات الخطرة على سبيل الحصر هي: "مُخلفات الأنشطة والعمليات المُختلفة أو رمادها المُحتفظة بخواص المواد الخطرة التي ليس لها استخدامات تالية أصيلة أو بديلة مثل النفايات الإكلينيكية من الأنشطة العلاجية والنفايات الناتجة عن تصنيع أي من المستحضرات الصيدلية والأدوية أو المُذيبات العضوية أو الأحبار والأصباغ والدهانات". وعليه انتهى تقرير الخبرة المودع بملف الدعوى الماثلة (في البند الثاني من نتيجته النهائية – صـ 29) إلى نتيجة سليمة مُطابقة لحقيقة الواقع وصحيح القانون جاء فيها بالحرف الواحد أن: "... الرسالة محل الاتهام ليست من النفايات الخطرة، ولا ينطبق عليها الحظر الوارد بالمادة 32 من القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة".

المنطقة الحرة – هي – أرض أجنبية:

هذا، فضلاً عن أنه من المُقرر قانوناً أن البضائع التي تدخل "المنطقة الحرة" لا تخضع لأي قيد من حيث مدة بقائها فيها، كما لا تخضع الواردات إلى المناطق الحرة والصادرات منها لأي قيد من قيود الاستيراد والتصدير، فيما عدا القيود المُتعلقة بالرقابة على النقد. وفقاً لنص المادة 91 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963.

وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون الجمارك ما يلي: "... وتمشياً مع اعتبار المنطقة الحرة "أرضاً أجنبية" فقد نُصَ على تحصيل ضريبة الصادر وغيرها من الضرائب والرسوم على البضائع والمواد المحلية لدى دخولها المنطقة الحرة وذلك بعد استيفاء كافة الإجراءات الخاصة بالتصدير". (المصدر: "الجرائم الاقتصادية – جرائم الجمارك" – للمستشار/ منير محمد رزق – صـ 156).

وعليه، فلا تخضع البضائع العابرة (ترانزيت) للتقييد والمنع إلا إذا نُصَ على خلاف ذلك في القرارات الصادرة في هذا الصدد. (وفقاً لنص المادة 65 من قانون الجمارك المذكور).

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه:

أ) إنه وإن كانت القوانين المصرية التي تحدثت عن البضاعة العابرة "ترانزيت" وقرارات مجلس الوزراء التي صدرت بشأنها لا تتضمن تعريفاً مُنضبطاً لها يتناول جميع صورها المعروفة في التجارة الدولية، بل يؤخذ من مُقارنة ما ورد عنها في شتى النصوص أن معناها كان يتسع حيناً ويضيق حيناً تبعاً لمقتضيات حاجة البلاد، إلا أنه مع ذلك يمكن أن يستخلص من صورها المختلفة وصف جامع مميز لها، هو أن بضاعة ترد من الخارج إلى الدولة في رحلة تبدأ وتنتهي خارج حدودها دون أن تتداول داخل بلادها ويحصل مرورها بأراضيها سواء بنقلها من سفينة إلي أخرى في نفس الميناء أو من ميناء إلى أخرى أو بإيداعها المخازن المعدة لذلك بالدائرة الجمركية حتى تصدر إلى الخارج، ومتى تحقق هذا الوصف في أية بضاعة صح اعتبارها عابرة ما لم يوجد نص خاص في قوانين الدولة يحول دون هذا الاعتبار، ومن ثم تعتبر بضاعة عابرة البضاعة التي ترد من الخارج ولو كانت أصلاً بضاعة واردة بقصد الاستهلاك داخل البلاد، ثم عنَّ لصاحبها تغيير اتجاهها بتصديرها إلى دولة أخرى أو اضطر إلى ذلك نتيجة لمنع دخولها البلاد على أي سبب كان.

ب) عبارة "والتي يصير تفريغها بقصد إعادة شحنها في نفس الميناء على سفينة أخرى لتصديرها إلى الخارج" الموصوفة بها الجلود برسم المرور "ترانزيت" غير المصحوبة بشهادة أو المصحوبة بشهادة غير قانونية في الرقم "2" من الحرف "ج" من البند العاشر من الجدول الملحق بالقانون رقم 76 لسنة 1943 بشأن الرسوم الصحية ورسوم الحجر الصحي هي عبارة عامة لا يقتصر مدلولها على الجلود التي ترد من مبدأ الأمر بوصف أنها بضاعة عابرة وإنما تشمل كذلك الجلود التي ترد أصلاً بوصف إنها بضاعة واردة بقصد الاستهلاك داخل البلاد ولكنها لا تدخلها لأي سبب كان فيعاد تصديرها إلى جهة أخرى ذلك أنها في الحالتين ينطبق عليها وصف البضاعة العابرة وفقاً لم سبق ذكره.

جـ) القول بأن البضاعة العابرة تعتبر بضاعة واردة إذا مضى على بقائها في الدائرة الجمركية أكثر من ستة شهور وأنه من باب أولى ينتفي اعتبار البضاعة الواردة بضاعة عابرة بعد مضى هذا الميعاد استنادا إلى أن المادة 24 من لائحة الجمارك حددت لنقل البضائع "الترانزيت" التي تجتاز البلاد المصرية من جمرك إلى آخر في ميعاد عشرة أيام على الأقل وستة شهور على الأكثر، وان المادة 25 نصت على أن هذه البضائع تعتبر "كأنها أدخلت برسم الاستهلاك" إذا انقضت ستة شهور دون أن يقدم فيها إلى جمرك الإرسال علم الخبر الخاص بها مؤشراً عليه من جمرك الخروج". هذا القول على غير أساس ذلك أنه يتضح من المادتين المذكورتين أن حكمهما لا ينطبق إلا على صورة واحدة من صور البضاعة العابرة هي الصورة التي تجتاز فيها البضاعة البلاد المصرية من جمرك إلى آخر أي من ميناء إلى أخرى لتصديرها منها إلى الخارج وهى غير الصورة التي ترد فيها إلى ميناء لتفرغ فيها ويعاد شحنها منها مباشرة إلى الخارج.

وإذن فمتى كان الواقع في الدعوى هو أن المطعون عليه وإن كان استورد الجلود المطالب برسوم الأرضية عنها من الخارج "كابوتزو بليبيا" على اعتبار أنها بضاعة واردة بقصد الاستهلاك في مصر إلا أنه أودعها مخازن شركة الشرق الأدنى بالدائرة الجمركية بجمرك الإسكندرية قام في النهاية بتصديرها إلى الخارج "بيروت" فإنها تكون بضاعة عابرة أي "جلود برسم المرور - ترانزيت" يجرى عليها حكم الفقرة "ج" من البند العاشر من الجدول الملحق بالقانون رقم 76 لسنة 1943، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون إذ قرر أن الجلود المذكورة هي بضاعة واردة". (الطعن رقم 67 لسنة 18 قضائية – جلسة 14/6/1951 مجموعة المكتب الفني – السنة 2 – صـ 1000 – فقرة 1).

هذا، وقد جرى قضاء النقض – في تفسير المادة 121 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك – على أن المُراد بالتهريب الجمركي هو إدخال البضاعة في إقليم الجمهورية أو إخراجها منه على خلاف القانون وهو لا يقع فعلاً أو حكماً إلا عند اجتياز البضاعة للدائرة الجمركية، وعلى ذلك فإن حيازة السلعة فيما وراء هذه الدائرة – من غير المُهرب لها فاعلاً كان أو شريكاً – لا يُعد في القانون تهريباً، كما لا يُعد إخفاء لأشياء مُتحصلة من جريمة في حكم المادة 44 مكرراً من قانون العقوبات، لأن البين من نص المادة المذكورة ومن مذكرتها التفسيرية وأصلها التشريعي أنها تفترض وقوع جريمة سابقة على مال تنتزع حيازته من صاحبه، فيكون المال المنتزع حصيلة للجريمة، ولا كذلك جريمة التهريب. ومن ثم فإن حيازة البضاعة مُجردة وراء الدائرة الجمركية لا تأثيم فيه ولا عقاب عليه". (الطعن رقم 1286 لسنة 37 قضائية – جلسة 30/10/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 1044. المصدر: "الجرائم الاقتصادية – جرائم الجمارك" – للمستشار/ منير محمد رزق – صـ 121 و 122 وهامش 1 بصفحة 122).

لما كان ذلك، وكان تقرير الخبرة المودع بملف الدعوى الماثلة قد أثبت أنه: "وفقاً لما جاء بكتاب الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة .. وذلك في حالة استيراد هذه المادة بقصد تداولها داخل أراضي جمهورية مصر العربية – أما في حالة الرسالة محل الاتهام الماثل، ولما كانت هذه الرسالة قد وردت بنظام الترانزيت إعادة التصدير وتم تخزينها داخل المنطقة الحرة بالحاويات وتم وضع السيل الجمركي عليها وتخريمها بالسلك والرصاص الجمركي لحين إعادة التصدير، فإن واردات المنطقة الحرة لا تخضع لإجراءات الاستيراد المعمول بها داخل البلاد، وبالتالي لا تخضع للحظر الوارد بالمادة 29 من القانون رقم 4 لسنة 1994 ولا يتطلب ذلك الحصول على موافقة من الجهة الإدارية "وزارة الزراعة"، وذلك وفقاً لما قرره السيد الأستاذ/ رئيس الإدارة المركزية بالمنطقة الحرة بالسويس بتحقيقات النيابة العامة صـ 43 والموضحة تفصيلاً بالتقرير الماثل صـ 8 و 9". (راجع: تقرير الخبرة المودع بملف الدعوى الماثلة صـ 10).

ومن ثم، يتضح بجلاء عدم انطباق نص المادة 29 من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 على وقائع الدعوى الماثلة، مما يتعين معه استبعاد تلك المادة الواردة بقرار الإحالة من التطبيق على الدعوى الماثلة.

وتنص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 على أنه:

"يُحظر استيراد النفايات الخطرة، أو السماح بدخولها، أو مرورها في أراضي جمهورية مصر العربية".

الركن المادي: ويتبين من مطالعة هذا النص أن الركن المادي للجناية الواردة به هو سلوك إيجابي يتمثل في القيام باستيراد أو السماح بمرور أو دخول النفايات الخطرة بغير ترخيص من الجهة الإدارية المختصة.

الركن المعنوي: ويقوم الركن المعنوي للجناية الواردة في هذه المادة على انصراف إرادة الفاعل إلى استيراد أو القيام بالسماح بمرور أو دخول النفايات الخطرة بغير ترخيص. (المرجع: "شرح تشريعات البيئة" – للمستشار الدكتور/ عبد الفتاح مراد – صـ 291 و 292).

البضاعة ليست نفايات خطرة:

كما سلف القول فإنه طبقاً لنص الفقرة 19 من المادة الأولى من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 والتي تنص على أنه: "يُقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بالألفاظ والعبارات الآتية المعاني المُبينة قرين كل منها: ... النفايات الخطرة: مُخلفات الأنشطة والعمليات المُختلفة أو رمادها المُحتفظة بخواص المواد الخطرة التي ليس لها استخدامات تالية أصلية أو بديلة مثل النفايات الإكلينيكية من الأنشطة العلاجية والنفايات الناتجة عن تصنيع أي من المُستحضرات الصيدلية والأدوية أو المُذيبات العضوية أو الأحبار والأصباغ والدهانات".

وحسبما أثبت تقرير الخبرة المودع بملف الدعوى أن مادة اللندين ليست نفايات خطرة وفقاً للتعريف الوارد للنفايات الخطرة بالفقرة 19 من المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة التي حددت النفايات الخطرة على سبيل الحصر هي: "مُخلفات الأنشطة والعمليات المُختلفة أو رمادها المُحتفظة بخواص المواد الخطرة التي ليس لها استخدامات تالية أصيلة أو بديلة مثل النفايات الإكلينيكية من الأنشطة العلاجية والنفايات الناتجة عن تصنيع أي من المستحضرات الصيدلية والأدوية أو المُذيبات العضوية أو الأحبار والأصباغ والدهانات". وعليه انتهى تقرير الخبرة المودع بملف الدعوى الماثلة (في البند الثاني من نتيجته النهائية – صـ 29) إلى نتيجة سليمة مُطابقة لحقيقة الواقع وصحيح القانون جاء فيها بالحرف الواحد أن: "... الرسالة محل الاتهام ليست من النفايات الخطرة، ولا ينطبق عليها الحظر الوارد بالمادة 32 من القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة".

البضاعة محل الإتهام "ترانزيت" ولم تدخل أو تمر بأراضي الجمهورية:

ومن ناحية ثالثة، فإن تلك المواد لم تدخل أصلاً أراضي الجمهورية، حيث أنها بضاعة عابرة "ترانزيت" على النحو السالف بيانه. حيث أثبت تقرير الخبرة المودع بملف الدعوى الماثلة في أكثر من موضع (راجع على سبيل المثال النتيجة النهائية في البندين رقمي 2 و 3) والذي أثبت فيها أن: "... الرسالة محل الإتهام وردت بنظام ترانزيت واردات منطقة حرة بقصد إعادة تصديرها خارج البلاد". وأنها: "... وردت الرسالة بنظام ترانزيت واردات منطقة حرة تخزين مُؤقت لحين إعادة تصديرها خارج البلاد".

لما كان ذلك، وكانت المنطقة الحرة – على النحو السالف بيانه – هي "أرض أجنبية" والبضائع التي تدخل "المنطقة الحرة" لا تخضع لأي قيد من حيث مدة بقائها فيها، كما لا تخضع الواردات إلى المناطق الحرة والصادرات منها لأي قيد من قيود الاستيراد والتصدير، فيما عدا القيود المُتعلقة بالرقابة على النقد، وفقاً لنص المادة 91 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963. وأن كل بضاعة ترد من الخارج إلى الدولة في رحلة تبدأ وتنتهي خارج حدودها دون أن تتداول داخل بلادها ويحصل مرورها بأراضيها سواء بنقلها من سفينة إلي أخرى في نفس الميناء أو من ميناء إلى آخر أو بإيداعها المخازن المعدة لذلك بالدائرة الجمركية حتى تصدر إلى الخارج، ومتى تحقق هذا الوصف في أية بضاعة صح اعتبارها عابرة، ومن ثم يكون من الخطأ قانوناً اعتبارها "بضاعة واردة". (الطعن رقم 67 لسنة 18 قضائية – جلسة 14/6/1951 مجموعة المكتب الفني – السنة 2 – صـ 1000 – فقرة 1).

ويتضح من ذلك أن البضاعة الترانزيت الموجودة بالمنطقة الحرة – باعتبارها أرض أجنبية – فهي من ثم لم تدخل أو تمر بأراضي الجمهورية. وعليه تكون جميع اشتراطات تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 غير متوافرة ولا متحققة في حالة دعوانا الماثلة، مما يتعين معه – والحال كذلك - استبعاد تلك المادة الواردة بقرار الإحالة من التطبيق على الدعوى الماثلة.

وتنص المادة 33 من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 على أنه:

"على القائمين على إنتاج وتداول المواد الخطرة سواء كانت في حالتها الغازية أو السائلة أو الصلبة أن يتخذوا جميع الاحتياطيات بما يضمن عدم حدوث أي أضرار بالبيئة.

وعلى صاحب المُنشأة التي ينتج عن نشاطها مُخلفات خطرة طبقاً لأحكام هذا القانون الاحتفاظ بسجل هذه المخلفات وكيفية التخلص منها وكذلك الجهات المتعاقد معها لتسلم هذه المخلفات. وتبين اللائحة التنفيذية البيانات التي تسجل في هذا السجل ويختص جهاز شئون البيئة بمُتابعة السجل للتأكد من مُطابقة البيانات للواقع".

وهذا النص يخاطب القائمين على "إنتاج" أو "تداول" المواد الخطرة، والمُتهم الثاني لا هو مُنتج ولا هو مُتداول لتلك المواد، إنما هو متولي تخزينها فقط بمخازنه (بالمنطقة الحرة بالسويس) لمدة محدودة لحين إعادة تصديرها خارج البلاد، وهو بصفته تلك قد قام باتخاذ كافة الإجراءات واجبة الإتباع، طبقاً لما انتهى إليه تقرير الخبرة المودع بملف الدعوى الماثلة. (راجع البند الرابع من النتيجة النهائية – صـ 29).

ومن ثم يكون المُتهم الثاني من غير المُخاطبين بأحكام المادة 33 المذكورة عاليه، مما يتعين معه استبعاد تلك المادة الواردة بقرار الإحالة من التطبيق على الدعوى الماثلة.

وتنص المادة 88 من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 على أنه:

"يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على أربعين ألف جنيه كل من خالف أحكام المواد 29 و 32 و 47 من هذا القانون كما يلزم كل من خالف أحكام المادة 32 بإعادة تصدير النفايات الخطرة محل الجريمة على نفقته الخاصة".

لما كانت تلك المادة تحدد العقوبات الموقعة على المُخالفين لأحكام المواد المذكورة بها، وكان المتهم الثاني – على النحو المُتقدم ذكره – غير خاضع ولا مُخاطب بجميع المواد الواردة في قرار الإحالة، حيث أن شروط تطبيقها عليه وعلى وقائع الدعوى الماثلة غير متوافرة ولا متحققة، ومن ثم فلا مجال للحديث عن عقوبات إذ لم توجد جرائم (في حقه) أصلاً.

وبالنسبة لقرار وزير التموين رقم 55 لسنة 1996:

بتاريخ 15/2/1996 أصدر وزير التجارة والتموين قراراً وزارياً رقم 55 لسنة 1996 يقضي بـ:

1- وقف استيراد السلع المُدرجة بالقائمة المُرفقة بهذا القرار سواء للاتجار أو الإنتاج أو الاستخدام الخاص أو الاستعمال الشخصي بقصد تداولها بمصر أو استخدامها كمبيدات للآفات الزراعية.

2- يُنشر هذا القرار في الوقائع المصرية، ويُعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره.

وقد تم نشر هذا القرار بالوقائع المصرية بالعدد 48 في تاريخ 29/2/1996 ومن ثم يُعمل به اعتباراً من أول مارس 1996.

وبمُطالعة هذا القرار يتبين الآتي:

1- أنه يقضي بـ "وقف" استيراد السلع وليس "حظر أو منع" استيرادها، ومُجرد الوقف لا يعني بالضرورة حظر التداول لكونه لم يُحدد الضرر أو وجه الخطورة فيها، وقد يكون الوقف بقصد ترشيد الاستيراد أو تشجيع الإنتاج المحلي لتلك المادة أو لغير ذلك من الأسباب.

2- وأن هذا الوقف للسلع مشروط بـ "قصد تداولها بمصر"، وكما سلف القول فإن تلك البضاعة محل الإتهام ما هي إلا بضاعة ترانزيت واردات منطقة حرة بقصد إعادة تصديرها خارج البلاد، فهي إذن ليست بقصد تداولها داخل الجمهورية؛ آخذاً في الاعتبار ما سلف بيانه من أن المنطقة الحرة هي بمثابة أرض أجنبية وأن البضائع الموجودة بها لا تأخذ حكم "الواردات".

3- فضلاً عن أن هذا القرار لم يصدر تنفيذاً لحكم قانون البيئة رقم 4 لسنة 1996 بل صدر تنفيذاً للقانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير وبناءاً على القرار الوزاري رقم 275 لسنة 1991 بإصدار لائحة القواعد المنفذة لأحكام القانون رقم 118 لسنة 1975 المشار إليه، وكلاهما (القانون واللائحة) صدرا في تاريخ سابق (بسنوات) على تاريخ صدور قانون البيئة رقم 4 لسنة 1996.

ومن ثم لا يكون هذا القرار قد صدر تنفيذاً لقانون البيئة بل لقانون آخر مختلف هو قانون الاستيراد والتصدير. في حين أن الفقرة الثانية من المادة 29 من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 تنص على أن: "يصدر الوزراء – كل في نطاق اختصاصه – بالتنسيق مع وزير الصحة وجهاز شئون البيئة جدولاً بالمواد والنفايات الخطرة المُشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة". علماً بأن الوزير المختص في حالتنا الماثلة هو "وزير الزراعة" وليس "وزير التجارة والتموين". وعليه يكون شرط إعمال قانون البيئة على وقائع الدعوى الماثلة غير متوافر لعدم صدور قرار من الوزير المختص يبين المواد الضارة المحظور استيرادها.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

ashraf.rashwan@gmail.com

ملكية فكرية و علامات تجارية

ماهية العلامة التجارية:

من المُقرر في قضاء النقض أن: "المادة الأولى من القانون رقم 57 لسنة 1939 (والمُقابلة والمُماثلة لنص المادة 63 من القانون رقم 82 لسنة 2002 بشأن حماية حقوق الملكية الفكرية) تنص على أنه "فيما يتعلق بتطبيق هذا القانون تعتبر علامات تجارية الأسماء المتخذة شكلا مميزا والإمضاءات والكلمات ..." ومفهوم هذا النص أن الشارع أباح للتاجر أو الصانع أن يتخذ من اسمه الخاص علامة لتمييز منتجاته وفى هذه الحالة يشترط أن يتخذ هذا الاسم في كتابته شكلا مميزاً، كما أباح له أيضا إذا لم يرد اتخاذ اسمه علامة أن يتخذ من أية كلمة من الكلمات علامة، ولأن الكلمة شيء غير الاسم الشخصي، اقتضى الحال أن تكون الكلمة المطلقة كعلامة تجارية متضمنة تسمية مميزة أو مبتكرة، ويتضح من ذلك أن الشارع في تعداده لما يصح اعتباره علامة تجارية ذكر الأسماء والكلمات مما يفيد أن اسم التاجر المتخذ علامة تجارية ليس في مفهوم النص مجرد كلمة من الكلمات بحيث يستغني عن شرط اتخاذه في كتابته شكلا مميزاً، وإذن لا يكون بالحكم المطعون فيه قصورا ولا خطأ في القانون إذا لم يعتد بما أثاره الطاعن أمام محكمة الموضوع من أن لفظ (الشبراويشي) هو محض كلمة ويصح لذلك أن تكون بمجردها ودون أن تتخذ في كتابتها شكلا مميزا علامة تجارية". (نقض مدني في الطعن رقم 121 لسنة 25 قضائية – جلسة 10/12/1959 مجموعة المكتب الفني – السنة 10 – صـ 763 – فقرة 2).

الحقوق المُترتبة على ملكية العلامة التجارية:

ويترتب على اكتساب ملكية العلامة التجارية أن يصبح لمالكها حق احتكار استعمالها في تمييز المنتجات المقرر وضعها عليها. ويعتبر حقه على هذه العلامة حقاً دائماً إذا ما قام بتجديد تسجيل العلامة كل عشر سنوات وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في قانون العلامات التجارية. هذا ويترتب على هذا الحق على العلامة التجارية، حق صاحبها في التنازل عن استعمال العلامة بعقد ترخيص باستعمالها وذلك في حدود نصوص القانون.

وإذا كان حق مالك العلامة التجارية حقاً دائماً على هذا النحو فهو من جهة أخرى حق نسبي سواء من حيث نوع المنتجات المخصص وضع العلامة عليها لتميزها أو من حيث العناصر التي تتكون منها العلامة أو من حيث مكان استعمال هذه العلامة.

فحق احتكار مالك العلامة التجارية لاستعمالها ينحصر فقط داخل إقليم مصر وبالتالي لا تمتد الحماية القانونية المقررة له (بموجب القانون المصري) خارج الإقليم. وينتج عن ذلك أن العلامات التجارية المصرية التي توضع على بضائع لتصديرها خارج إقليم مصر لا تتمتع بالحماية القانونية (بموجب القانون المصري) خارج إقليم مصر إلا إذا كانت مسجلة وفقاً للقوانين الأجنبية.

ويستثنى من مبدأ إقليمية القوانين حالتان، الأولى: حالة العلامة التجارية المتمتعة بالحماية الدولية، والثانية: إذا كانت لها شهرة خاصة.

الحالة الأولى: إذا ما تم تسجيل العلامة التجارية دولياً (وفقاً لما تقضي به اتفاقية باريس الدولية)، امتدت الحماية القانونية وحق احتكار صاحبها في استعمالها لتمييز المنتجات داخل جميع أقاليم الدول الأعضاء في الاتحاد الدولي.

الحالة الثانية: إذا فرض وكان للعلامة التجارية الأجنبية شهرة خاصة في تمييز منتجات شخص من رعايا دول الاتحاد فإنه لا يجوز استعمال ذات العلامة داخل الإقليم حتى ولو لم تكن العلامة التجارية مسجلة دولياً وفقاً للحالة الأولى. ومن الأمثلة على ذلك العلامة التجارية "كوداك" لتمييز منتجات التصوير نظراً لما لها من شهرة خاصة تتمتع بحماية قانونية خارج إقليمها دون حاجة إلى إجراء تسجيل دولي. (المرجع: "الملكية الصناعية" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الطبعة الثانية 1998 القاهرة – بند 249 – صـ 326 : 328 وهوامشها).

أثر اكتساب ملكية العلامة التجارية:

تنص الفقرة الأولى من المادة 68 من القانون رقم 82 لسنة 2002 بشأن حماية حقوق الملكية الفكرية على أن: "يكون لصاحب العلامة التجارية المشهورة عالمياً وفي جمهورية مصر العربية حق التمتع بالحماية المُقررة في هذا القانون ولو لم تسجل في جمهورية مصر العربية".

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "وإن كان مؤدى المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1939 أنه يترتب على كسب ملكية العلامة التجارية حق خاص لصاحبها يخوله وحده استعمال العلامة ومنع الغير من استعمالها. والاعتداء على هذا الحق يتحقق بتزوير العلامة أو تقليدها من المزاحمين لصاحبها في صناعته أو تجارته". (نقض مدني في الطعن رقم 435 لسنة 34 قضائية – جلسة 26/12/1968 مجموعة المكتب الفني – السنة 19 – صـ 1577 – فقرة 1).

التشابه في العلامات التجارية:

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "الغرض من العلامة التجارية - على ما يستفاد من المادة الأولى من القانون رقم 57 سنة 1939 - هو أن تكون وسيلة لتمييز المنتجات والسلع ويتحقق هذا الغرض بالمغايرة بين العلامات التي تستخدم في تمييز سلعة معينة بحيث يرتفع اللبس بينها ولا يقع جمهور المستهلكين في الخلط والتضليل، ومن أجل ذلك وجب لتقدير ما إذا كانت للعلامة ذاتية خاصة متميزة عن غيرها النظر إليها في مجموعها لا إلى العناصر التي تتركب منها - فالعبرة ليست باحتواء العلامة على حروف أو رموز أو صور مما تحتويه علامة أخرى - وإنما العبرة هي بالصورة العامة التي تنطبع في الذهن نتيجة لترتيب هذه الصورة أو الرموز أو الصور مع بعضها وللشكل الذي تبرز به في علامة أو أخرى بصرف النظر عن العناصر التي تركبت منها وعما إذا كانت الواحدة منها تشترك في جزء أو أكثر مما تحتويه الأخرى". (نقض مدني في الطعن رقم 430 لسنة 25 قضائية – جلسة 28/1/1960 مجموعة المكتب الفني – السنة 11 – صـ 100 – فقرة 1. والطعن رقم 45 لسنة 33 قضائية – جلسة 26/1/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 256 – فقرة 3). ومن ثم فإضافة حرف أو حرفين أو اسم بلد لا يعفى الشخص الذي قلد العلامة الأصلية من المسئولية.

ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك أنه: "ليس الفيصل في التمييز بين علامتين باحتواء العلامة على حروف أو رموز أو صور مما تحتويه العلامة الأخرى بل العبرة بالصورة العامة التي تنطبع في الذهن نتيجة لتركيب هذه الصور أو الرموز وبالشكل الذي تبرز به في علامة أخرى بصرف النظر عن العناصر التي ركبت فيها وعما إذا كانت الواحدة فيها تشترك في جزء أو أكثر مما تحتويه الأخرى ومن ثم فالحكم المطعون فيه إذ أنزل حكم هذه الضوابط مقررا ـ في نطاق سلطته الموضوعية ـ وجود تشابه خادع بين علامتي الطاعن والمطعون عليه فإنه لا يكون قد خالف القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 390 لسنة 27 قضائية – جلسة 24/1/1963 مجموعة المكتب الفني – السنة 14 – صـ 180 – فقرة 5).

درجة التشابه في التقليد:

ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "لا يلزم في التقليد أن يكون هناك ثمة تطابق بين العلامتين بل يكفى لتوافره وجود تشابه بينهما من شأنه تضليل جمهور المستهلكين وإحداث اللبس والخلط بين المنتجات". (نقض مدني في الطعن رقم 2274 لسنة 55 قضائية – جلسة 22/12/1986 مجموعة المكتب الفني – السنة 37 – صـ 1016 – فقرة 5).

معيار التشابه:

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "معيار التشابه الخادع بين علامتين تجاريتين هو بما ينخدع به المستهلك العادي المتوسط الحرص والانتباه". (نقض مدني في الطعن رقم 495 لسنة 34 قضائية – جلسة 20/6/1968 مجموعة المكتب الفني – السنة 19 – صـ 1212 – فقرة 3).

وأن: "العبرة في أوجه التشابه التي تعتبر تقليدا محرما قانونا هي بما يخدع به المستهلك المتوسط الحرص والانتباه لا الرجل الفني وحده". (نقض مدني في الطعن رقم 331 لسنة 21 قضائية – جلسة 4/2/1954 مجموعة المكتب الفني – السنة 5 – صـ 486 – فقرة 3).

تحقق التقليد بتوافر اللبس:

ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك أنه: "لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بنفي تقليد المطعون ضده للعلامة المسجلة التي تستعملها الطاعنة على سند من أن التشابه بين العلامتين قد اقتصر على السعر والوزن بما لا يؤدي إلى وقوع المستهلك في خلط بينهما دون أن يعتد بباقي العناصر التي تتكون منها كل من العلامتين، وإلى خلو الأوراق مما يفيد أن المطعون ضده قد قلد العلامة التجارية الخاصة بالطاعنة دون أن يعنى ببحث ما تمسكت به الأخيرة من دلالة ما جاء بالقرار الذي أصدرته الإدارة العامة للعلامات التجارية في المعارضة رقم 4644 التي أقامتها اعتراضاً على تسجيل علامة المطعون ضده محل النزاع. والذي انتهى إلى استبعاد الرسم من تسجيل هذه العلامة تفادياً من الالتباس بينهما والمرفق صورة منه بحافظة مستندات الطاعنة بجلسة 27/3/1993 أمام محكمة أول درجة فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 5693 لسنة 65 قضائية – جلسة 14/5/2002. المصدر: "حماية حقوق الملكية الفكرية" – للمستشار/ أنور طلبة – صـ 119 و 120).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن المُراد بالتقليد: "المحاكاة التي تدعو إلى تضليل الجمهور. والعبرة في استظهارها هي بأوجه الشبه بين العلامتين الصحيحة والمُقلدة دون أوجه الخلاف". (نقض مدني في الطعن رقم 13696 لسنة 59 قضائية - جلسة 17/2/1991. والطعن رقم 887 لسنة 36 قضائية - جلسة 23/5/1966. والطعن رقم 1865 لسنة 35 قضائية - جلسة 7/3/1966).

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

إدارة قضايا هيئة الأوقاف المصرية

ashraf.rashwan@gmail.com

الأحد، 24 مايو 2009

التطليق للضرر أو لعقم أحد الزوجين والنفقة

أولاً- في التطليق للضرر

التفريق للضرر:

تنص المادة 9 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أن: "للزوجة أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها إذا وجدت به عيباً مستحكماً لا يمكن البرء منه، أو يمكن بعد زمن طويل، ولا يمكنها المقام معه إلا بضرر كالجنون والجذام والبرص، سواء كان ذلك العيب بالزوج قبل العقد ولم تعلم به، أم حدث بعد العقد ولم ترض به، فإن تزوجته عالمة بالعيب، أو حدث بعد العقد ورضيت به صراحة أو دلالة بعد علمها، فلا يجوز التفريق".

كما تنص المادة 10 من ذات القانون على أن: "الفرقة بالعيب، طلاق بائن".

كما تنص المادة 11 من ذات القانون على أن: "يستعان بأهل الخبرة في العيوب التي يطلب فسخ الزواج من أجلها".

فشروط التفريق للضرر أربعة هي:

1- أن تجد الزوجة بزوجها عيباً مستحكماً، جسماني (كمرض الجذام أو البرص أو الإيدز)، أو خلقي كمرض نفسي مستعصي (كالجنون)، أو جنسي (كالعنة أو الجب أو الخصاء)، فإذا لم يكن العيب مستحكماً فلا طلاق.

2- ألا يكون من الممكن البرء والشفاء من هذا العيب، أو يمكن ذلك ولكن بعد مرور زمن طويل، فإذا كان من الممكن البرء والشفاء منه بعد زمن يسير فلا طلاق. ويقدر استحكام العيب أهل الخبرة.

3- أن تتضرر الزوجة من العيب على نحو لا يمكنها المقام مع الزوج مع قيام العيب به، ويستوي في الضرر أن يكون مادياً أو معنوياً، ويقدر توافره قاضي الموضوع مستعيناً في ذلك بأهل الخبرة.

4- ألا تعلم الزوجة بالسبب قبل العقد أو ترضى به بعده. فإذا كانت تعلم أو رضيت به فلا طلاق.

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1920 بشأن النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية وفى المادة الحادية عشرة يدل ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ على أن المشرع جعل الزوجة حق طلب التفريق من الزوج إن ثبت به عيب مستحكم لا يمكن البرء منه أصلاً، أو يمكن البرء منه بعد زمن طويل بحيث لا يتسنى لها الإقامة معه إلا بضرر شديد، وإنه توسع في العيوب المبيحة للفرقة فلم يذكرها على سبيل الحصر مخولا الاستعانة بأهل الخبرة لبيان استحكام المرض، ومدى الضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده، على ألا تكون الزوجة قد رضت بالزوج مع علمها بعيبه صراحة أو دلالة، شريطة أن يكون هذا العلم وذلك الرضا مستندين إلى معرفة حقيقة بالعيب وإرادة صحيحة من الزوجة بالعيش مع الزوج رغم علمها بالعيب، وكان مؤدى هذا وفقاً لمذهب الحنفية: أنه إذا تأكد للزوجة أن هناك عيباً مستحكماً ولم ترض به رضاء صحيحا نابعاً عن علم يقيني به، أو استمرت في المقام معه زمناً للتجربة أو إعطاء الفرصة لاحتمال زوال هذا العيب طبياً ولم يتم ذلك، فإن حقها في طلب التفريق يظل قائماً، ولا يسقط حتى لو تراخت في رفع أمرها إلى القضاء، وإن هذا الحق يتجدد بتجدد عقد الزواج، بما مؤداه إن العلم بقيام العيب الذي يستوجب الفرقة الزوجية لا يتحقق إلا بعد استظهاره بمعرفة أهل الخبرة من الأطباء، ولو تجدد عقد الزواج أكثر من مرة قبل ثبوت ذلك. (نقض مدني في الطعن رقم 673 لسنة 67 قضائية – جلسة 7/1/2002 المستحدث في قضاء النقض المدني – صـ 32).

الطلاق لعقم أحد الزوجين:

يثور الجدل والخلاف بشأن مسألة أحقية الزوجة في طلب الطلاق لعقم الزوج:

ويذهب فريق من الفقهاء إلى القول بأن عقم الرجل يعد من العيوب المستحكمة في مفهوم المادة التاسعة سالفة الذكر، ومن ثم يعطي الحق للزوجة في طلب التطليق. ويستند هذا الفريق في رأيه إلى اتحاد العلة مع تلك العيوب، وهي الإضرار بالزوجة الصالحة للإنجاب والقادرة عليه، وكذلك إلى تفويت أهم مقاصد الزواج بالنسبة للزوجة وهو التناسل، وهذه الرأي منسوب إلى فتوى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، كما أن فيه ضرر نفسي بليغ بالنسبة للزوجة لحرمانها من إشباع غريزة الأمومة لديها.

إلا أن محكمة النقض لم تأخذ بهذا الرأي، سواء في قضائها في مسائل الأحوال الشخصية للمسلمين أو لغير المسلمين، مستندة في قضائها إلى أن القانون – في شأن التفريق بين الزوجين – نص على "العيوب" التي بالزوج وتحول دون الاتصال الجنسي، باعتبار أن تلك العيوب تعد "أمراضاً" مستحكمة لا يمكن البرء منها، بينما عدم القدرة على الإنجاب ليست "مرضاً"، وبالتالي فالعقم بذاته ليس مبرراً للتطليق، إذ لا دخل للإنسان فيه {وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} (سورة الشورى – الآية 50)، فطالما إن الزوج قادر على مباشرة زوجته بطريقة طبيعية، فعقمه لا يكون سبباً للتطليق إلا إذا أقترن به عيباً آخر، ويكون التطليق هنا للعيب الآخر وليس للعقم.

فمن المُقرر في قضاء النقض (في قضايا الأحوال الشخصية لغير المسلمين) أن: "العقم طالما كان مستقلاً بذاته لا يعتبر سبباً للتطليق في شريعة الأقباط الأرثوذكس لأن قواعدها لم تنص عليه من بين أسبابه، واكتفت بذكر الموانع التي تحول دون الاتصال الجنسي مما مفاده أنه لا يمكن الربط بين التطليق وبين عدم تحقيق الغاية من الزواج، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى التطليق، لا يكون قد خالف القانون لأنه حصل بما له من سلطة فهم الواقع في الدعوى وفى حدود سلطته التقديرية أن أساس طلب التطليق يرجع إلى عقم المطعون عليه وأن الفرقة بينه وبين زوجته المطعون ضدها نجمت عن هذا السبب الذي لا يد له فيه وأنه ليس من خطأ مرده إليه". (نقض مدني في الطعن رقم 31 لسنة 45 قضائية – جلسة 10/11/1976 مجموعة المكتب الفني – السنة 27 – الجزء الثاني – صـ 1574).

وفي ذات المعني بالنسبة لقضايا الأحوال الشخصية للمسلمين، نقض مدني في الطعن رقم 287 لسنة 62 قضائية – جلسة 23/9/1996، ونقض مدني في الطعن رقم 357 لسنة 63 قضائية – جلسة 29/12/1997. وراجع في هذا الشأن: "موسوعة قوانين الأحوال الشخصية" - للمستشار/ أشرف مصطفى كمال - الجزء الأول - صـ 106 و 107.

وقريباً من هذا المعنى - راجع بالتفصيل حكم النقض التالي والذي جاء فيه أن: مؤدى نص المادتين التاسعة والحادية عشرة من القانون رقم 25 لسنة 1920 بأحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية أن المشرع جعل للزوجة حق طلب التفريق من الرجل أن ثبت به عيب "مستحكم" لا يمكن البرء منه أصلاً أو بعد زمن طويل بحيث لا يتسنى للزوجة الإقامة مع زوجها المعيب إلا بضرر شديد. وتوسع القانون في العيوب المبيحة للفرقة فلم يذكرها على سبيل الحصر مخولاً الاستعانة بأهل الخبرة لبيان مدى استحكام المرض ومدى الضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده كل ذلك على شريطة ألا تكون الزوجة قد رضيت بالزوج مع علمها بعيبه صراحة أو دلالة.

إذ كانت المذكرة الإيضاحية للقانون - رقم 25 لسنة 1920 - قد أوضحت أن التفريق للعيب في الرجل قسمان: قسم كان معمولاً به بمقتضى مذهب أبى حنيفة وهو التفريق للعيوب التي تتصل بقربان الرجل لأهله وهي عيوب العنه والجب والخصاء وباق الحكم فيه؛ وقسم جاء به القانون وزاده على ما كان معمولاً به وهو التفريق لكل عيب مستحكم لا تعيش الزوجة معه إلا بضرر، وكان المقرر في مذهب الحنفية أن من شرائط إباحة حق التطليق للزوجة بسبب العنه ألا يكون زوجها قد وصل إليها في النكاح، فإن كان قد وصل إليها ولو مرة واحدة لم يثبت لها هذا الحق، لأن حقها إنما هو في أن يباشرها مرة واحدة وقد استوفته، وما زاد عن ذلك لا يؤمر به قضاء بل ديانة فإن ما قرره الأحناف من أن القول للزوج بيمينه إذا وجدت الزوجة ثيباً أو كانت ثيباً من الأصل، قاصر عندهم على العيب الذي يتبين بالزوج قبل الدخول وقبل الوصول إلى زوجته، دون العيب الحادث بعد الدخول لأن هذا النوع الأخير لا يثبت به خيار العيب عندهم، وعلى خلاف هذا المذهب أجازت المادة التاسعة من القانون رقم 25 لسنة 1920 التطليق للعيب الحادث بعد الدخول دون أن توجب يميناً على الزوج، وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها قررت أن الطاعن دخل بها وفض بكارتها وأن الضعف الجنسي طرأ بعد الدخول، فإن تحليفه اليمين يكون في غير موضعه.

وتقدير وجود العيب المستحكم بالزوج الذي لا يرجى زواله أو لا يمكن البرء منه إلا بعد زمن طويل ويحول دون مباشرة العلاقة الزوجية، بما تتضرر منه الزوجة هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض متى كان قضاؤها يقوم على أسباباً سائغة.

فالإضرار الذي تعنيه المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية يشترط فيه أن يكون الزوج قد قصده وتعمده، سواء كان ضرراً إيجابياً من قبيل الإيذاء بالقول أو الفعل، أو ضرراً سلبياً يتمثل في هجر الزوج لزوجته ومنعها مما تدعو إليه الحاجة الجنسية، على أن يكون ذلك باختياره لا قهراً عنه، يؤيد ذلك أن المشرع استعمل لفظ "الإضرار" لا الضرر، كما يؤيده أن مذهب المالكية مأخذ هذا النص يبيح للزوجة طلب التفريق إذا ما ضارها الزوج بأي نوع الإيذاء التي تتمخض كلها في أن للزوج مدخلاً فيها، وإرادة متحكمة في اتخاذها. والعنة النفسية (ومن باب أولى العقم) لا يمكن عدها بهذه المثابة من قبيل الإضرار في معنى المادة السادسة سالفة الإشارة لأن الحيلولة دون ممارسة الحياة الزوجية بسببها لا يد للزوج فيها بل هي تحصل رغماً عنه و بغير إرادته.

(نقض مدني في الطعن رقم 8 لسنة 43 قضائية – جلسة 19/11/1975 مجموعة المكتب الفني – السنة 26 – الجزء الثاني – صـ 1426 وما بعدها).

ثانياً- في النفقة

وجوب النفقة:

نفقة الزوجة مناطها احتباسها لحق زوجها عليها ــ ولو كانت موسرة أو مختلفة معه في الدين ــ ليملك زوجها عليها تلك المنافع التي ينفرد بالاستمتاع بها بحكم قصرها عليه بإذن من الله تعالى، ومن خلال تسليمها نفسها لزوجها تسليماً فعلياً أو حكمياً. والنفقة بذلك حق ثابت لها على زوجها في نكاح صحيح. ومن ثم كان احتباسها أو استعدادها لتمكين زوجها منها، سبباً لوجوبها، وكان قدرها مرتبطاً بكفايتها، وبشرط ألا تقل عما يكون لازماً لاستيفاء احتياجاتها الضرورية، امتثالا لقوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} (سورة الطلاق – الآية 7) ولقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} (سورة الطلاق – الآية 6) بما مؤداه أن عصيانها زوجها فيما يباشره عليها من الحقوق التي يوجبها النكاح، يدل على نشوزها، ويعتبر مسقطاً لنفقتها بالنظر إلى ترفعها وإبائها أن تطاوع زوجها، وتجاهلها أن حقوق الزوجين وواجباتهما تتقابل فيما بينها، فلا يتقيد زوجها بالإنفاق عليها مع ارتفاعها عن أوامره. فإذا ظلمها زوجها بعد توبتها، كان معتدياً وباغياً عليها بالمخالفة لأمر الله "فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا" في قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} (سورة النساء – الآية 34). (من حكم المحكمة الدستورية في الطعن رقم 18 لسنة 14 قضائية "دستورية عليا" – جلسة 3/5/1997 مجموعة المكتب الفني – السنة 8 – صـ 611).

إذ كانت النفقة تشمل الطعام والكسوة والسكنى (ومصاريف العلاج وأجر الخادم وغير ذلك مما يقتضيه الشرع)، بقدر حاجة الزوجة وبحسب يسار الزوجة، بما لازمة أن إعالة الزوجة إنما تجب على الزوج دون وليها وبمجرد العقد سواء دخل بها أو لم يدخل طالما إنها في طاعته ولم يثبت نشوزها، إذ تصبح النفقة ديناً في ذمة الزوج من تاريخ امتناعه عن الإنفاق عليها. (نقض مدني في الطعن رقم 7545 لسنة 63 قضائية – جلسة 24/3/2002 المستحدث في قضاء النقض – صـ 309).

النصوص القانونية في النفقة:

تنص المادة 16 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أن: "

تقدر نفقة الزوجة بحسب حال الزوج وقت استحقاقها يسراً أو عسراً على ألا تقل النفقة في حالة العسر عن القدر الذي يفي بحاجاتها الضرورية.

وعلى القاضي في حالة قيام سبب استحقاق النفقة وتوافر شروطه أن يفرض للزوجة وصغارها منه في مدى أسبوعين على الأكثر من تاريخ رفع الدعوى نفقة مؤقتة (بحاجاتها الضرورية) بحكم غير مسبب واجب النفاذ فوراً إلى حين الحكم بالنفقة بحكم واجب النفاذ.

وللزوج أن يجري المقاصة بين ما أداه من النفقة المؤقتة وبين النفقة المحكوم بها عليه نهائياً، بحيث لا يقل ما تقبضه الزوجة وصغارها عن القدر الذي يفي بحاجاتهم الضرورية".

كما تنص الفقرة الأولى من المادة 17 من ذات القانون على أن: "لا تسمع الدعوى لنفقة عدة لمدة تزيد على سنة من تاريخ الطلاق".

كما تنص المادة 18 مكرر1 من ذات القانون على أن: "الزوجة المدخول بها في زواج صحيح، إذا طلقها زوجها دون رضاها ولا بسبب من قِبلها، تستحق فوق نفقة عدتها، متعة تقدر بنفقة سنتين على الأقل، وبمراعاة حال المطلق يسراً وعسراً وظروف الطلاق ومدة الزوجية، ويجوز أن يرخص للمطلق في سداد هذه المتعة على أقساط".

ويستند الحكم الوارد في هذا النص الأخير إلى أن الأصل في تشريع المتعة هو جبر خاطر المطلقة، لأن مواساتها من المرؤة التي تتطلبها الشريعة الإسلامية، طبقاً لقوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ} (سورة البقرة – الآية 236) وقد أقر مذهب الشافعية الجديد المتعة للمطلقة إذا لم تكن الفرقة منها أو بسببها، وهو قول أحمد بن حنبل وبن تيمية وأهل الظاهر وأحد أقوال الإمام مالك. كما أن رأي المذاهب الأخرى المختلفة في المتعة أنها مستحبة للمطلقة بعد الدخول بها وإن كان لا يُقضى بها. والأخذ بتقرير المتعة يتفق فضلاً عن سنده الشرعي والفقهي مع الأصل الإسلامي في التكافل الاجتماعي. (من تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الشئون الدينية والاجتماعية والأوقاف عن اقتراح بمشروع القانون).

تقدير النفقة:

تنص المادة 23 من قانون الأحوال الشخصية الجديد رقم 1 لسنة 2000 بشأن إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية على أنه: "إذا كان دخل المحكوم عليه بنفقة أو ما في حكمها محل منازعة جدية، ولم يكن في أوراق الدعوى ما يكفي لتحديده، وجب على المحكمة أن تطلب من النيابة العامة إجراء التحقيق الذي يمكنها من بلوغ هذا التحديد.

وتباشر النيابة العامة بنفسها إجراء التحقيق في هذا الشأن.

ومع عدم الإخلال بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 205 لسنة 1990 بشأن سرية الحسابات بالبنوك، تلتزم أي جهة حكومية أو غير حكومية بإفادة النيابة العامة بما تحت يدها من معلومات، تكون منتجة في تحديد دخل المطلوب منه النفقة.

ولا يجوز استخدام ما تسفر عنه هذه التحقيقات من معلومات في غير المادة التي أجريت بشأنها.

ويجب على النيابة العامة أن تنهى التحقيق وترسله مشفوعاً بمذكرة موجزة بالنتائج التي خلصت إليها في موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ وصول طلب المحكمة إليها".

ويشترط لتكليف النيابة العامة بإجراء التحقيق والتحري عن يسار الزوج ثلاثة شروط هي:

1- أن يكون دخل المطلوب الحكم عليه محل منازعة، فإن لم تكن هناك منازعة فلا محل للتحقيق المذكور.

2- أن تكون تلك المنازعة على قدر من الجدية يبرر إجراء التحقيق، وتقدير تلك الجدية يعد من إطلاقات محكمة الموضوع ولا تخضع في شأنه لرقابة محكمة النقض.

3- أن تخلو أوراق الدعوى من دليل يكفي لتحديد دخل الملتزم بالنفقة.

وقد أوجب النص على المحكمة إذا ما توافرت الشروط المتقدمة إحالة أوراق الدعوى إلى النيابة العامة المختصة لتحقيق يسار الملتزم بالنفقة، فإن هي لم تفعل أضحى الحكم الصادر منها باطلاً.

كما أوجب النص على النيابة العامة مباشرة تحقيق يسار الملتزم بالنفقة عن طريق أحد أعضاء النيابة العامة، وقد حظر الكتاب الدوري الصادر عن النائب العام برقم 8 لسنة 2000 ندب أحد مأموري الضبطية القضائية لإجراء هذا التحقيق. ولكن يجوز لعضو النيابة العامة – في سبيل إنجازه للتحقيق – الاستعلام من أي جهة يراها واتخاذ كافة الإجراءات الموصلة إلى تحقيق هدفه ومنها سماع الشهود وطلب التحريات من الجهات الإدارية والبنوك وغيرها.

وقد أوجب النص على النيابة العامة أن تنتهي من إجراء التحقيق عن يسار الملتزم بالنفقة في موعد غايته 30 يوماً من تاريخ وصول طلب المحكمة، وليس من تاريخ صدور قرارها بتكليف النيابة العامة بالتحري. وهذا الموعد من المواعيد التنظيمية ولا يترتب على مخالفته ثمة بطلان.

وإذا كان الملتزم بالنفقة موظفاً، فيجوز إثبات الحالة المالية له بـ "بيان مفردات المرتب"، وإذا كان من أرباب المهن الأخرى، فيجوز إثبات حالته المالية بكافة طرق الإثبات الأخرى، ومنها التحريات الإدارية والبينة الشرعية خاصة إذا ادعت الزوجة أن للزوج مصادر أخرى بخلاف راتبه الثابت.

وتدخل كافة موارد الزوج في تقدير يساره، ومن ثم في تحديد مقدار النفقة المستحقة عليه، ومن ذلك: أرصدته النقدية بالبنوك، ومقدار الريع المستحق له كعائد ودائع أو سندات بنكية (شهادات استثمار أو إدخار وما شابه)، وقيمة الأراضي الزراعية وغيرها من العقارات المملوكة ...الخ.

وتقدير موارد الزوج والنفقة يخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، فقد يكون امتلاك الزوج لسيارة مثلاً، عند إحدى المحاكم دليلاً على يساره، وقد يكون عند محاكم أخرى من قبيل الأعباء المالية التي تستنزل من موارده عند تقدير النفقة المستحقة عليه.

كما يجوز للملتزم بالنفقة إثبات وفائه بها بكافة طرق الإثبات، ومنها شهادة الشهود، دون التقيد بقاعدة عدم جواز إثبات ما يجاوز 5000 جنيه إلا بالكتابة، طبقاً للقول الراجح في المذهب الحنفي بجواز الإثبات بالبينة أياً ما كانت قيمة التصرف. وقد استقر الفقه والقضاء الشرعي على أن: "ثبوت قبض – الزوجة أو المطلقة أو المستحقة – لنفقة شهر، قرينة قاطعة على قبض المتجمد عن الشهر السابق عليه.

وحجية الأحكام الصادرة بالنفقات، حجية مؤقتة، بحيث يجوز – بعد صدورها – إقامة دعوى النفقة من جديد بطلب زيادتها (من جانب الزوجة أو المطلقة أو المستحقة) أو بطلب إنقاصها (من جانب الزوج)، لأن النفقة بطبيعتها تقبل التغيير والتبديل ويرد عليها الزيادة والنقصان بسبب تغير الظروف، فقد يطرأ على أحوال الزوج المالية زيادة أو نقصان، كما قد تتغير الأسعار والقوة الشرائية للنقود، كما قد تزيد الحاجات والمطالب. والحكم الذي يصدر بزيادة النفقة يسري من تاريخ زيادة يسار الزوج، والحكم الذي يصدر بإنقاص النفقة يسري من تاريخ إعساره.

وفي شأن تنفيذ الأحكام النهائية الصادرة بالنفقة، تنص المادة 76 من قانون الأحوال الشخصية الجديد رقم 1 لسنة 2000 بشأن إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية على أنه: "استثناء مما تقرره القوانين في شأن قواعد الحجز على المرتبات أو الأجور أو المعاشات وما في حكمها، يكون الحد الأقصى لما يجوز الحجز عليه منها وفاءً لدين نفقة أو أجر أو ما في حكمها للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين، في حدود النسب الآتية:

أ‌.25% للزوجة أو المطلقة، وتكون 40% في حالة وجود أكثر من واحدة.

ب‌. 25% للوالدين أو أيهما.

ت‌. 35% للولدين أو أقل.

ث‌. 40% للزوجة أو المطلقة ولولد أو اثنين والوالدين أو أيهما.

ج‌. 50% للزوجة أو المطلقة وأكثر من ولدين والوالدين أو أيهما.

وفي جميع الأحوال، لا يجوز أن تزيد النسبة التي يجوز الحجز عليها على 50% تقسم بين المستحقين بنسبة ما حُكِمَ به لكل منهم".

والنفقة المؤقتة تكون عند الضرورة ولحين تقرير النفقة النهائية بحكم نهائي واجب النفاذ، ونفقة العدة تكون عن شهور العدة فقط، ونفقة المتعة إنما تقرر للزوجة المدخول بها في زواج صحيح، إذا طلقها زوجها دون رضاها ولا بسبب من قِبلها، وتقدر بنفقة سنتين على الأقل، وبمراعاة حال المطلق يسراً وعسراً وظروف الطلاق (علماً بأن الزوجة هي التي طلبت الطلاق) ومدة الزوجية (وهي مدة قصيرة لا تتعدى الثلاث سنوات)، ويجوز أن يرخص للمطلق في سداد هذه المتعة على أقساط. فحتى إذا تقرر للمطلقة نفقة متعة بقدر نفقة سنتين، فبعد سداد الزوج لتلك النفقات (سواء دفعة واحدة أو على أقساط) تبرأ ذمته من ديون النفقة، ولا يكون ملزماً أمام مطلقته بأي نفقات أخرى (لا سيما وأنها ليست حاضنة).

هذا والله أعلى وأعلم

وإن أصبت، فمن الله، وله الحمد والمنة

وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان فأستغفره وأتوب إليه

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

ashraf.rashwan@gmail.com