الأحد، 27 يناير 2013

لمحات قانونية : الاعتماد المستندي



الاعتمادات المستندية

مقدمة عن الاعتماد المستندي:
       يتم البيع الدولي بين طرفين بعيدين كل منهما عن الآخر ، فلا يتم تسليم المبيع ولا قبض الثمن مباشرة بالمناولة ، وإنما يكون تسليم البضاعة عادة عن طريق تسليم المستندات التي تمثل حيازة هذه البضاعة ، فيكون تسليم المستندات تسليماً للبضاعة وعندئذ يستحق الثمن. وهذه المستندات عادة هي: "سند الشحن" الذي يسلمه الناقل البحري عن البضاعة التي يتلقاها من البائع لينقلها إلى بلد المشتري ، ويصحب هذا السند – عادة – مستندات أخرى يطلبها المشتري لأغراض شروط الاستيراد ومستندات تصدير من الغير تشهد بحسن تنفيذ البائع لالتزامه ومثالها: "وثيقة التأمين" على البضاعة ، وشهادات بالكمية أو الوزن أو النوعية والفاتورة وغير ذلك. وهذه كلها تطمئن المشتري إلى قيام البائع بتنفيذ التزاماته وعلى أساسها وعند استلامها يدفع المشتري الثمن أو يقبل الكمبيالة التي يسحبها عليه البائع بمبلغ الثمن ، أو يوكل البنك الذي يتعامل معه في هذا الوفاء أو القبول. وتسمى الكمبيالة هنا "كمبيالة مستندية" لأنها مصحوبة بمستندات تؤكد لم يدفعها سبق تنفيذ البيع. والغالب أن تصل هذه المستندات من البائع إلى المشتري عبر البنوك ، وتنتهي إلى أسلوب من ثلاثة: "التحصيل المستندي" أو "خصم الكمبيالة المستندية" أو "الاعتماد المستندي".
       فالاعتماد المستندي – وهو ما يهمنا هنا – يشترط البائع ، في عقد البيع الدولي ، على المشتري أن يطلب إلى بنك يعينه ، أن يتعهد تجاه البائع مباشرة بدفع الثمن (أو قبول كمبيالة يسحبها هو بالثمن) متى سلمه البائع المستندات الخاصة بتنفيذ البيع والتي بها يستلم المشتري البضاعة من الناقل البحري.
       ويقال عندئذ أن بنك المشتري يفتح بهذا التعهد (أمام البائع) اعتماداً مستندياً لصالح البائع. ويسمى المشتري هنا بـ "الآمر" لأنه يأمر البنك بفتح الاعتماد ، ويسمى البائع بـ "المستفيد" من هذا الاعتماد ، ويسمى البنك "فاتح الاعتماد" أو "مُصدر الاعتماد" ، ويسمى الخطاب أو الإخطار الذي يرسله البنك – بناء على أمر عميله – إلى المستفيد متضمناً تعهده "الاعتماد المستندي".
       والمعتاد أن يشترط البائع في البيع الدولي على المشتري أن يكون تعهد البنك في خطابه "قطعياً" ، أي لا يجوز له الرجوع فيه ، بمعنى أن البنك يتعهد أمام البائع تعهداً شخصياً ومستقلاً ومنفصلاً ، بحيث لا يكون له بعد ذلك أن يرجع في تعهده أياً ما كان مصير علاقة البنك "مصدر الاعتماد" بعميله "المشتري / الآمر" ، ولا بما يطرأ على المركز المالي للمشتري الآمر (من إعسار أو إفلاس) كما لا يكون للمشتري الآمر أن يأمر البنك بالرجوع في تعهده ولا أن يرجع هو في تعليماته التي أصدرها للبنك من قبل ، وهكذا يحصل البائع على الطمأنينة التي ينشدها من تدخل البنك.
       وقد انتشر استخدام الاعتماد المستندي في أعقاب الحرب العالمية الأولى ، إذ كان المصدرون من الولايات المتحدة الأمريكية يطلبونه من المستوردين في أوربا ثم أمتد بعد ذلك إلى كافة أنحاء العالم.
       وقد انتشر نظام "الاعتماد المستندي" نتيجة مميزاته ولوظائفه العديدة التي يؤديها ، ومن أهمهما:
1) إنه وسيلة ضمان لطرفي البيع الدولي.
2) كما إنه وسيلة وفاء كل منهما بالتزاماته.
3) كما إنه يُمكن "المستفيد" منه من تمويل البيع إذ يحصل البائع – عن طريق المستندات التي يقدمها – على الثمن فور تنفيذه البيع ولو لم تصل البضاعة إلى المشتري بعد..  كما إنه يمكن "المشتري" بدوره – عندما يتلقى المستندات المطلوبة – من الحصول على نقود قبل وصول البضاعة، عن طريق رهنها لدى البنك (عن طريق المستندات التي تمثل حيازتها حيازة للبضاعة ذاتها) ، بل وفي وسعه كذلك – إذا كانت له مصلحة – أن يبيع البضاعة وأن يسلمها للمشتري الثاني منه حتى قبل وصول البضاعة ذاتها (عن طريق نقل حيازة تلك المستندات إليه ، بينما لا تزال البضاعة في عرض البحر).  
       وإذ كان هناك ثلاث علاقات يفترضها وجود "الاعتماد المستندي" ، وهي: "عقد البيع الدولي" بين البائع والمشتري ، وعقد "فتح الاعتماد" بين المشتري الآمر وبين البنك الذي تعامل معه ، وعقد "الاعتماد المستندي" بين البنك مصدر الاعتماد والبائع المستفيد منه. وهذه العلاقات الثلاثة وإن كانت مرتبطة "اقتصادياً" إلا إنها منفصلة ومستقلة تماماً "قانونياً".
       وهكذا ، فإن مركز كل من ذوي الشأن في الاعتماد يكون "ثنائياً" بحيث يكون "المشتري" ملزماً أمام البائع بعقد البيع وأمام البنك بعقد الاعتماد. ويكون "البائع" دائناً للمشتري من البيع ومستفيداً دائناً للبنك بخطاب الاعتماد. كما يكون "البنك" مُلزماً أمام البائع بالخطاب الذي أرسله إليه ودائناً للمشتري بعقد فتح الاعتماد. إلا أن العلاقات الثلاثة تنفصل كل منها – قانوناً – عن الأخرى ، فلا يمكن التمسك على دائن في علاقة بدفوع مستمدة من علاقة أخرى ليس هو طرفاً فيها.
       وهذا الانفصال وحده هو الذي يمكن "الاعتماد المستندي" من تحقيق أهدافه بأن يعطي كلا من الثلاثة ذوي الشأن الطمأنينة كاملة ، كما أن تنفيذ قواعد النظام بأكمله لا يمكن أن يتم ببساطة ودون مشكلات إلا بقصر النظر على كل علاقة على حدة ، وهو ما جرى عليه العمل في جميع أنحاء العالم بهذا النظام.
       فالوظيفة الجوهرية لنظام "الاعتمادات المستندية" هي توفير "الأمان" للبائع والمشتري الدوليين ، وهذه تفترض ضرورة فصل "عقد البيع الدولي" عن "عقد فتح الاعتماد" عند تنفيذ الاعتماد ، بحيث لا ينظر في تنفيذ الاعتماد المستندي إلى شروط "عقد البيع" أو مصيره أو ظروف المشتري أو أي عنصر خارج عن علاقة "البائع" بالبنك الذي وعد بتنفيذ الاعتماد (عند تقديم المستندات المطلوبة) ، فيظل خطاب الاعتماد هو المرجع الأول والأخير والوحيد في بيان حقوق والتزامات البائع والبنك ، دون النظر إلى أي عنصر خارج عنه ، لأن هذا الحكم وحده هو الذي يحقق الطمأنينة التي يستهدفها البائع من "الاعتماد". كذلك فإن البنك ليس طرفاً في عقد "البيع" فلا يفيد منه ولا يتمسك به عليه.
       وقد قنن المشرع الكويتي هذه القاعدة بنصه في الفقرة الثانية من المادة 367 من قانون التجارة الكويتي على أنه: "ويعتبر عقد الاعتماد المستندي مُستقلاً عن العقد الذي فُتِحَ الاعتماد بسببه. ويبقى البنك أجنبياً عن هذا العقد".
       وعليه ، فقد جرى تعريف "الاعتماد المستندي" بأنه: "الاعتماد الذي يفتحه البنك بناء على طلب شخص يسمى الآمر ، أياً كانت طريقة تنفيذه ، أي سواء كان بقبول الكمبيالة أو بخصمها أو بدفع مبلغ ، لصالح عميل لهذا الآمر ومضمون بحيازة المستندات الممثلة لبضاعة في الطريق أو مُعدة للإرسال".
       وقد عرفه ا لمُشرع الكويتي – في الفقرة الأولى من المادة 367 من قانون التجارة الكويتي – بأنه: "الاعتماد المستندي عقد يتعهد البنك بمقتضاه بفتح اعتماد بناء على طلب أحد عملائه – الآمر بفتح الاعتماد – لصالح شخص آخر – المستفيد – بضمان مستندات تمثل بضاعة منقولة أو مُعدة للنقل".
       وتخضع الاعتمادات المستندية لقواعد مدونة قامت بصياغتها "الغرفة التجارية الدولية" – مستقاة مما جرى به العرف المستقر والملزم في التجارة الدولية –وهي المتبعة في كل دول العالم وتسمى:
"الأصول أو القواعد والأعراف الموحدة أو الدولية".
(Règles et Usances Uniformes rèlatives aux crèdits documentaires)
وقد قننها المشرع الكويتي في قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1980 في المواد من 367 إلى 377 منه.

المستندات المطلوبة لتنفيذ "الاعتماد":
       إذا لم تحدد تعليمات "الآمر" المستندات المطلوبة لتنفيذ الاعتماد ، وهذا نادر الحدوث ، وأصدر البنك "خطاب الاعتماد" للمستفيد ، قنع البنك من المستفيد بالمستندات التي أستقر عليها العرف ، وهي: "سند الشحن" و "وثيقة التأمين" و "الفاتورة". ويكون قبوله للمستندات الثلاثة وحدها صحيحاً.
       وتقديم "سند الشحن" ضروري لأنه يثبت أن البائع شحن البضاعة ولأنه يمثل حيازتها ، فهو وسيلة المشتري إلى تسلمها من الناقل البحري عند وصولها. وأما "وثيقة التأمين" فتُمكن المشتري من قبض مبلغ التأمين إذا هلكت أو تلفت البضاعة قبل تسلمها ، لأن الفرض أن البضاعة انتقلت ملكيتها إلى المشتري منذ تخصيصها بمعرفة البائع وسلمت للمشتري بنقل مستنداتها إليه. وأما "الفاتورة" فتثبت كمية البضاعة المرسلة (أو وزنها أو نوعها) ووصفها وكيفية حساب ثمنها.
       وتقديراً لأهمية تعيين المستندات ، بالنظر إلى دورها الجوهري ، نصت "الأصول الموحدة" تحت عنوان "المستندات" على أن: "كافة التعليمات المتعلقة بإصدار أو تعزيز أو تبليغ الاعتماد يجب أن تحدد بدقة المستندات التي سيتم لقاءها (أو في مقابلها) إجراء الدفع أو القبول أو الشراء ...".
       وقد قنن المشرع الكويتي هذه القاعدة بنصه في المادة 368 من قانون التجارة الكويتي على أنه: "يجب أن تُحدد بدقة في الأوراق الخاصة بطلب فتح الاعتماد المستندي – أو تأييده أو الإخطار به – المستندات التي تنفذ في مقابلها عمليات الوفاء أو القبول أو الخصم".
       وإذا كانت تعليمات العميل صريحة ومفصلة ، وجب على البنك رفض المستندات المقدمة له من البائع ما لم تكن جميعها مطابقة تماماً لهذه التعليمات بمعنى أنه لا يستطيع تقديمها لعميله (المشتري الآمر) طالباً استرداد ما عجله هو إلى المستفيد ما لم تكن هذه المستندات هي تماماً ما طلبه العميل منه عند فتح الاعتماد.
       فشرط تنفيذ البنك للاعتماد المستندي لصالح المستفيد منه ، أن يقدم ذلك المستفيد المستندات المبينة تحديداً في عقد فتح الاعتماد المعطى للبنك من عميله الآمر.
وقد قنن المشرع الكويتي هذه القاعدة بنصه في المادة 369 من قانون التجارة الكويتي على أن: "يلتزم البنك الذي فتح الاعتماد بتنفيذ شروط الوفاء والقبول والخصم المتفق عليها في عقد فتح الاعتماد إذا كانت المستندات مطابقة لما ورد في هذا العقد من بيانات وشروط".
كما نص المشرع الكويتي في الفقرة الأولى من المادة 374 من قانون التجارة الكويتي على أنه: "على البنك أن يتحقق من مطابقة المستندات لتعليمات الآمر بفتح الاعتماد".
ويعبر عن ذلك بأن: التزام البنك في فحص المستندات "حرفي". أي أنه عليه أن يلتزم حدود تعليمات الآمر دون إضافة أو حذف أو تفسير.
وهذا ما جرى عليه قضاء محكمة التمييز ، حيث تواتر قضائها على أن: (( الاعتماد المستندي هو عقد يتعهد البنك بمقتضاه بفتح اعتماد بناءً على طلب أحد عملائه لصالح شخص آخر هو المستفيد لضمان مستندات تمثل بضاعة منقولة أو مُعدة للنقل ، ويعتبر هذا العقد مستقلاً عن العقد الذي فتح الاعتماد بسببه ، وهو العقد القائم بين البائع والمشتري ، والذي يحكم وحده التزامات كل من طرفيه ، ويلتزم المشتري الآمر بفتح الاعتماد في مواجهة البنك بعدم الرجوع في فتح الاعتماد أو تعديل شروطه خلال مدة فتحه ، لأن التزام البنك قِبل المستفيد "البائع" لا يجوز الرجوع فيه ، طالما وصل خطاب الاعتماد لهذا المستفيد ، إذ بمقتضاه يلتزم البنك في مواجهته التزاماً باتاً ومحدداً ، وللمستندات المشترطة في عقد فتح الاعتماد المستندي أهمية قصوى ، إذ يتوقف تنفيذ التزام البنك  ،  سواء بالوفاء أو قبول أو خصم الأوراق التجارية  ،  على مطابقة هذه المستندات لما ورد في العقد من بيانات وشروط ، فيجب أن تحدد هذه المستندات بدقة ، وعلى البنك أن يتحقق من مطابقتها لتعليمات الآمر بفتح الاعتماد ، وهي مطابقة ينبغي أن تكون كاملة وحرفية ، بحيث لا يكون للبنك بصددها أدنى سلطة في التقدير أو التقصير ، ولا يُسأل البنك إذا كانت المستندات المقدمة مطابقة في ظاهرها للتعليمات التي تلقاها من عميله الآمر ، ولا يقع على عاتق البنك التعمق في تحري صحة المستندات ، ولكن عليه أن يقوم بفحصها الفحص العادي الذي يتفق وطبيعة العمل المصرفي وهو ما يتمشى مع مجموعة القواعد والأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية التي وضعتها الغرفة التجارية الدولية في فيينا سنة 1923 وتم تعديلها أخيراً سنة 1974 وهي قواعد درج العرف الدولي على إتباعها وأخذت بها معظم التشريعات الحديثة وجرى العمل في المصارف على الإحالة إليها في عقود فتح الاعتمادات المستندية )). (الطعن بالتمييز رقم 397 لسنة 1996 تجاري/2 ، جلسة 14/12/1997).
ففي العلاقة بين "المشتري" و "البنك" ، والخاصة بـ "عقد فتح الاعتماد" ، يلتزم البنك أمام المشتري بالتزامين أساسيين:
1) فهو يعد المشتري بفتح الاعتماد كما اتفق عليه ، وإخطار المستفيد به.  
2) وهو يعده كذلك بفحص المستندات التي تقدم تنفيذاً له وبتسليمها ونقلها إليه ، على أن يكون هذا التنفيذ "تنفيذاً حرفياً" مُترسماً حدود "عبارة تعليمات العميل الآمر".
       ويتعين ملاحظة أن الملتزم بتقديم تلك المستندات جميعها هو: "المستفيد" من الاعتماد المستندي ، أي البائع الدولي ، الذي يلتزم بأن يقدم للبنك "مُصدر الاعتماد" – على الأقل – ثلاث مستندات ، هي: سند الشحن وبوليصة أو وثيقة التأمين على البضاعة المبيعة المنقولة أو المعدة للنقل ، والفاتورة.
       فالبائع الدولي هو الذي يقوم بالتأمين على البضاعة المبيعة ، عند نقلها إلى بلد المشتري ، ويلتزم عند تقديم المستندات إلى البنك مُصدر الاعتماد بالإضافة إلى سند شحن البضاعة – بتقديم بوليصة أو وثيقة التأمين عليها لصالح المشتري والتي تعطي للمشتري الحق في قبض قيمتها إذا هلكت أو تلفت ، لأن المشتري يتحمل مخاطر البضاعة منذ شحنها ، ولهذا يبدو مفهوماً لماذا تُطلب وثيقة التأمين من "المستفيد" من الاعتماد كلما كان عليه إبرام عقد بيع دولي.
ولذلك ،  فقد نصت المادة 145 من قانون التجارة الكويتي على أن: (( يعقد البائع – على نفقته – مع مؤمن حسن السمعة عقد تأمين بحري على البضاعة يغطي مخاطر الرحلة. وإذا شحن المبيع على دفعات ، وجب التأمين على كل دفعة على حدة. وليس للبائع أن يقوم بنفسه تجاه المشتري كمؤمن. ويجب أن يعقد التأمين بوثيقة قابلة للتداول وبالشروط التي يجري عليها العرف في ميناء الشحن ، على ألا يقل مبلغ التأمين عن الثمن المذكور في عقد البيع مضافاً إليه عشرة في المائة. ولا يلتزم البائع إلا بالتأمين ضد أخطار النقل العادية ، أما الأخطار الخاصة بتجارة معينة فلا يلتزم البائع بالتأمين ضدها إلا إذا اتفق على ذلك مع المشتري ، كذلك لا يلتزم البائع بالتأمين على المبيع ضد أخطار الحرب ما لم ينص العقد على غير ذلك )).
كما تنص الفقرة الثالثة من المادة 146 من قانون التجارة على أنه: (( وترفق بسند الشحن قائمة بالبضاعة المبيعة ووثيقة التأمين أو شهادة تقوم مقامها وتشتمل على شروطها الأساسية وتخول حاملها ذات الحقوق الثابتة بالوثيقة ... )).
فالتأمين على البضائع المباعة دولياً وعلى عملية نقلها (سواء براً أو بحراً أو جواً) إنما تكون على عاتق البائع الملزم بتسليم البضاعة في مخازن المشتري (حيث يتضمن سعر البضاعة المبيعة نفقات شحنها ونقلها والتأمين عليها). حيث تنص المادة 141 من قانون التجارة الكويتي على أن: "البيع سيف هو بيع بضاعة مصدرة بطريق البحر إلى معين ببدل مقطوع يشمل ثمن البضاعة والتأمين عليها وأجرة النقل بالسفينة".
       والقاعدة هي أن "وثيقة التأمين" التي يقدمها البائع المستفيد للبنك مُصدر الاعتماد – شأنها شأن باقي المستندات – يجب أن تكون مطابقة لتعليمات المشتري الآمر الواردة في عقد فتح الاعتماد ، سواء من حيث شكلها أو موضوعها وإلا كانت مرفوضة. وتنص المادة 35 من "الأصول الموحدة": "يجب أن تكون وثائق التأمين كما هي محددة في الاعتماد ...".
       وسواء عين الاعتماد بدقة المستند المطلوب ، أو لم يبينه ، فالرأي مستقر على أن الوثيقة التي تقدم – أيا كانت – يجب أن تكون "قابلة للتداول" بالطرق التجارية ، أي تكون محررة "للإذن أو للأمر" ، فيمكن تداولها "بالتظهير" مع باقي المستندات ، أو أن تكون محررة "للحامل" بحيث يمكن تداولها "بالمناولة". والسبب في ذلك يرجع إلى أن هذا الشكل هو وحده الذي يمكن من التصرف في التأمين مع التصرف في البضاعة. أما الوثائق "الاسمية" – أي التي لا تثبت الحق فيها إلا للشخص المعين بالاسم فيها – فالأصل إنها لا تقبل.
       ومن البديهي أن التأمين يلزم أن يغطي "كامل رحلة البضاعة" ، بحيث يحمي المشتري من المخاطر التي يتحملها بمقتضى عقد البيع ، فيبدأ غطاء التأمين من تاريخ انتقال مخاطر البضاعة إليه (وهو تاريخ شحن البضاعة إليه) ، ويكون منطقياً رفض الوثيقة التي يبدأ سريان الضمان فيها بعد تمام الشحن (المادة 36 من "الأصول الموحدة"). والتحقق من ذلك سهل بالنسبة للبنك ، إذ ما عليه سوى مقارنة تاريخ الوثيقة بتاريخ سند الشحن ، وعلى البنك أن يتحقق من ذلك وإلا كان مسئولاً أمام عمليه. ويقارب هذا الحكم ما نصت عليه المادة 777 من القانون المدني الكويتي والتي تقضي بأنه: "يقع التأمين باطلاً إذا تبين أن الخطر المؤمن منه قد زال أو كان قد تحقق قبل تمام العقد".
هذا، والله أعلى وأعلم،،،

الخميس، 24 يناير 2013

لمحات قانونية : التعويض المؤقت أساس المطالبة بالتعويض النهائي



التعويض المؤقت أساس المطالبة بالتعويض النهائي

من المقرر في قضاء محكمة التمييز "الكويتية" أنه:
(( من المقرر أن الحكم بالتعويض المؤقت – متى حاز قوة الأمر المقضي – وإن لم يحدد الضرر في مداه والتعويض في مقداره ، إلا أنه قد أحاط بالمسئولية بكافة أركانها من خطأ وضرر وعلاقة سببية ويرسي دين التعويض في أصله ومبناه ، كما تقوم بين الخصوم حجيته إذ به تستقر المساءلة وتتأكد المديونية إيجاباً أو سلباً. وليس من صحيح النظر أن يقتصر الدين الذي أرساه الحكم على ما جرى به المنطوق رمزاً له ودلالة عليه بل ، يمتد إلى كل ما يتسع له محل الدين من عناصر تقديره ، ولو بدعوى لاحقة يرفعها المضرور بذات الدين استكمالاً له وتعييناً لمقداره ، فهي بهذه المثابة فرع لأصل حاز قوة الأمر المقضي وبات عنواناً للحقيقة )).
(الطعن بالتمييز رقم 224 لسنة 2006 مدني/2 – جلسة 5/3/2007).
(والطعن بالتمييز رقم 750 و 797 لسنة 2004 تجاري – جلسة 2/4/2005).
(والطعن بالتمييز رقم 437 لسنة 2002 مدني/1 – جلسة 19/1/2004).

وقد تواتر قضاء محكمة التمييز على أنه:
(( ... وعملاً بالفقرة الثانية "أ" من المادة 450 من القانون المدني أنه "إذا حكم بالحق ، وحاز الحكم قوة الأمر المقضي ، فإن المدة المقررة لعدم سماع الدعوى به تكون خمس عشرة سنة". وأن الحكم بالتعويض المؤقت متى حاز قوة الأمر المقضي – وإن لم يحدد الضرر في مداه أو التعويض في مقداره – يحيط بالمسئولية التقصيرية في مختلف عناصرها ويرسي دين التعويض في أصله ومبناه مما تقوم به بين الخصوم حجيته ، إذ به تستقر المُساءلة وتتأكد المديونية إيجاباً أو سلباً ، ولا يسوغ – في صحيح النظر – أن يُقصر الدين الذي أرساه الحكم على ما جرى به المنطوق رمزاً له ودلالة عليه بل يمتد إلى كل ما يتسع له محل الدين من عناصر تقديره ولو بدعوى لاحقة يرفعها المضرور بذات الدين استكمالاً له وتعييناً لمقداره ، فهو بهذه المثابة فرع لأصل حاز قوة الأمر المقضي ، يخضع لما يخضع له ويتقادم بما يتقادم به. لما كان ذلك ، وكان الطاعنان لا يماريان في أن المطعون ضده الأول حصل على حكم نهائي حائزاً لقوة الأمر المقضي بالتعويض المؤقت عن الأضرار موضوع التداعي ، ومن ثم فإن دعواه هذه التي أقامها ابتغاء استكمال هذا التعويض وتعيين مقداره – وقد حكم نهائياً بأحقيته فيه – تكون بمنأى عن السقوط الذي اعتصم به الطاعنان ، إذ أصبحت المدة الجديدة المقررة لعدم سماعها خمس عشرة سنة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً )).
(الطعن بالتمييز رقم 331 لسنة 2001 مدني/1 – جلسة 30/5/2005).

كما قضت محكمة التمييز بأن:
(( الحكم بالتعويض المؤقت يقوم على مجرد ثبوت الضرر فقط دون بيان عناصر التعويض ، ومهمة المحكمة في نطاقها تقتصر على التعرض للمسئولية بما يثبتها ولدين التعويض بما يرسيه ، على إنه غير معين المقدار ، فهي لا تحدد الضرر في مداه وعناصره. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتعديل الحكم المستأنف على ما خلص إليه من أن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 194 و 686 لسنة 2005 تجاري بين نفس الخصوم وعن ذات الموضوع وصار باتاً فيما قضى به على الشركة الطاعنة من تعويض مؤقت مقداره ــ/5,001د.ك فإن الحكم قد أرسى مبدأ مسئولية الطاعنة بكافة أركانها من "خطأ" و "علاقة سببية" حاز حجية في الدعوى الماثلة التي تطالب فيها المطعون ضدها بالتعويض النهائي واستكمالاً بما قضي به ، وتبعاً لذلك لا يبقى إلا بحث الضرر في مداه وعناصره )).
(الطعن بالتمييز رقم 765 و 768 لسنة 2011 مدني/2 – جلسة 11/11/2012 – لم ينشر بعد).

كما قضت محكمة التمييز بأنه:
(( وإن كان يجوز للمضرور الذي حصل على حكم بالتعويض المؤقت أن يرفع دعوى لاحقة بطلب استكمال التعويض الجابر لما أصابه من أضرار ، إلا أن عليه أن يقدم الدليل على ذلك. وكان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن تحديد الضرر وتقدير التعويض الجابر له هو من إطلاقات محكمة الموضوع متى توافرت أسبابه ، ولها في هذا النطاق سلطة تقدير ما يقدم إليها من أدلة وبينات ، مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها معينها من الأوراق )).
(الطعن بالتمييز رقم 16 لسنة 1998 تجاري/1 – جلسة 15/11/1999).

كما قضت محكمة التمييز بأنه:
(( من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن القضاء برفض التعويض المؤقت أمام المحكمة الجزائية لانتفاء المسئولية التقصيرية مانع من المطالبة بتعويض آخر عن ذات الأساس أمام المحكمة المدنية )).
(الطعن بالتمييز رقم 570 و 731 لسنة 2005 مدني/2 – جلسة 30/5/2007).

ومن المقرر في قضاء محكمة التمييز أنه:
(( إذا كانت المحكمة الجزائية لم تفصل في الدعوى المدنية وإنما تخلت عنها بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة "عملاً بنص المادة 113 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية" – فإن هذا القضاء غير مُنه للخصومة في موضوع تلك الدعوى ولا ينبني عليه منع السير فيها ، لذا فإنه لا يجوز للمدعي بالحق المدني أن يستأنفه "طبقاً لنص المادتين 200 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية ، ونص المادة 128 من قانون المرافعات المدنية والتجارية" )).
(الطعن بالتمييز رقم 210 لسنة 1997 جزائي – جلسة 23/3/1998).

كما إنه من المقرر في قضاء النقض الجنائي أنه:
(( لا تثريب على المحكمة إن هي لم تبين الضرر بنوعيه المادي والأدبي الذي حاق بالمدعى بالحقوق المدنية بصفته ، لما هو مقرر من أنه إذا كانت المحكمة قد حكمت بالتعويض المؤقت الذي طلبه ليكون نواة للتعويض الكامل الذي سيطالبه به ، بانية ذلك على ما ثبت لها من أن المحكوم عليه هو الذي ارتكب الفعل الضار المسند إليه ، فهذا يكفي لتقدير التعويض الذي قضت به ، أما بيان مدى الضرر فإنما يستوجبه التعويض الذي قد يطالب به فيما بعد ، وهذا يكون على المحكمة التي ترفع أمامها الدعوى به )).
(نقض جنائي في الطعن رقم 1869 لسنة 39 قضائية – جلسة 16/3/1970 مجموعة المكتب الفني – السنة 21 – صـ 382 – فقرة 6).

كما قضت محكمة النقض بأنه:
(( من المقرر أن إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من المحكوم عليه يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة السببية بينهما مما يستوجب الحكم على مقارفه بالتعويض ، ولا على المحكمة من بعد ، إن هي لم تبين الضرر الذي حاق بالمدعى بالحقوق المدنية بنوعيه المادي والأدبي ، وذلك لما هو مقرر من أنه إذا كانت المحكمة قد حكمت للمدعى بالحقوق المدنية بالتعويض الذي طلبه ليكون نواة للتعويض الكامل الذي سيطالب به بانية ذلك على ما ثبت لها من أن المحكوم عليه هو الذي ارتكب الفعل الضار المسند إليه فهذا يكفى تبريراً للقضاء بالتعويض المؤقت ، أما بيان الضرر فإنما يستوجبه التعويض النهائي الذي يطالب به بعد وهذا يكون على المحكمة التي ترفع أمامها الدعوى به ، ومن ثم فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم في هذا المقام لا يكون مقبولاً )).
(نقض جنائي في الطعن رقم 6549 لسنة 53 قضائية – جلسة 18/12/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 907 – فقرة 2).

هذا ، والله أعلى وأعلم ،  ،  ،   

لمحات قانونية : حجز الدعوى للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات في أجل محدد - لا يعد قفلاً لباب المرافعة إلا بانتهاء الأجل المحدد لتقديم المذكرات



باب المرافعة لا يُعد "مقفولاً" إذا حجزت الدعوى للحكم مع التصريح بمذكرات
إلا بانتهاء الأجل المحدد لتقديم المذكرات، 
جواز إبداء طلبات جديدة أو تقديم استئناف فرعي في المذكرات المقدمة في ذلك الأجل

 

 من المقرر في قضاء محكمة التمييز "الكويتية" أنه:
(( من المقرر قانوناً – في حالة ما إذا أمرت المحكمة بحجز القضية للحكم مع الترخيص للخصوم بتقديم مذكرات في أجل معين – فلا يُعد باب المرافعة مقفولاً إلا بانتهاء هذا الأجل – ويحق لهم إبداء طلبات يجيزها القانون في المذكرة المقدمة – فقد نصت المادة 63 من قانون المرافعات المدنية والتجارية – والتي يسري حكمها على الاستئناف عملاً بنص المادة 147 منه – على أن تقديم المذكرات يكون بإيداعها إدارة الكتاب – أو التأشير على النسخة الأصلية من الخصم أو وكيله بما يفيد تسلمه صورتها – ومن ثم يكون تقديم الطاعن لاستئنافه الفرعي قد تم في الأجل وبالإجراءات المقررة قانوناً )).
(الطعن بالتمييز رقم 231 و 232 لسنة 1996 تجاري/2 – جلسة 4/5/1997).



لمحات قانونية : أنواع الأجازات - بدل السكن - الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي




موظف – أجازة – بدل سكن – الخطأ الشخصي و الخطأ المصلحي أو المرفقي
**************************
برئاسة سيد على الدمراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد إبراهيم الديواني وحسن أبو علم وضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور.
----  1  ----
إن الأجازات الاعتيادية هي فى الأصل منحة تترخص جهة الإدارة فى منحها أو منعها حسبما تقتضيه مصلحة العمل، وقد نصت على ذلك المادة 188 فصل 2 قسم 2 من القانون المالي؛ حيث تقول الأجازة منحة، فلرؤساء المصالح الحق فى منح الأجازات أو رفضها أو تقصير مدتها على حسب مقتضيات المصلحة، إلا أن هذه الرخصة تنقلب إلى حق يكفله القانون لصالح الموظف فى حالة المرض التى يثبت قيامها وفقاً لأحكام القانون، فالموظف المريض لا يستطيع أن يؤدى واجبات وظيفته على خير وجه؛ ومن أجل ذلك قسمت المادة 58 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الأجازات إلى: أجازة عارضة وأجازة اعتيادية وأجازة مرضية، كما حددت المادة 67 مدى استحقاق الموظف للأجازات المرضية فنصت على أنه "يستحق الموظف كل ثلاث سنوات تقضى فى الخدمة أجازة مرضية على الوجه الآتي: 1- ثلاثة شهور بمرتب كامل. 2- ثلاثة شهور بنصف مرتب. 3- ثلاثة شهور بربع مرتب. وتمنح الأجازة المرضية بناء على قرار من القومسيون الطبي المختص". وقد بينت المادة 60 من هذا القانون حدود الأجازات الاعتيادية، وذكرت فى الفقرة الأخيرة منها ما يفيد صراحة أن حالة مرض الموظف هي الحالة الوحيدة التى تجيز للموظف أن يطالب باحتساب مدة المرض التى زادت عن المسموح به عن المرض من رصيد أجازاته الاعتيادية، فنصت هذه الفقرة على أنه "وفى حالة المرض للموظف أن يستنفد متجمد أجازاته الاعتيادية على ستة شهور". وتحويل الأجازة المرضية إلى أجازة اعتيادية ليس أمراً جوازياً لرئيس المصلحة"، ولقد قطعت المادة 69 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فى ذلك؛ حيث نصت على أنه: "للموظف الحق فى أن يطلب تحويل الأجازة المرضية سواء بمرتب كامل أو غير كامل إلى أجازة اعتيادية إذا كان له وفر من الأجازات الاعتيادية يسمح بذلك".
----  2  ----
إن سكنى موظفي التفاتيش فى المساكن المقامة فى مقار عملهم هي من الميزات المتعلقة بالموظفين فعلاً لا حكماً، فكل من يكلف بأعمال وظيفة من وظائف تفاتيش مصلحة الأملاك يكون من حقه أن يقيم فى المساكن المبينة فى مقر التفتيش، فإن لم يكن ثمة مسكن مبنى فيها، تعين أن يصرف للموظف بدل سكن مقدراً على أساس النسبة المئوية المحددة من المرتب، وذلك بالتطبيق لأحكام لائحة تفاتيش مصلحة الأملاك الأميرية الصادرة بقرار من مجلس الوزراء فى 17 من أغسطس سنة 1954.
----  3  ----
إن القاعدة التقليدية فى مجال قيام مسئولية الإدارة على أساس ركن الخطأ قد حرصت على التمييز بين الخطأ المصلحي أو المرفقي faute de service الذي ينسب فيه الإهمال أو التقصير إلى المرفق العام ذاته، وبين الخطأ الشخصي faute personnelle الذي ينسب إلى الموظف؛ ففي الحالة الأولى تقع المسئولية على عاتق الإدارة وحدها، ولا يسأل الموظف عن أخطائه المصلحية، والإدارة هي التى تدفع التعويض، ويكون الاختصاص بالفصل فى المنازعة قاصراً على القضاء الإداري. وفى الحالة الثانية تقع المسئولية على عاتق الموظف شخصياً، فيسأل عن خطئه الشخصي، وينفذ الحكم فى أمواله الخاصة. ويعتبر الخطأ شخصياً إذا كان العمل الضار مصطبغاً بطابع شخصي يكشف عن الإنسان بضعفه ونزواته و عدم تبصره. أما إذا كان العمل الضار غير مصطبغ بطابع شخصي وينم عن موظف معرض للخطأ و للصواب فإن الخطأ فى هذه الحالة يكون مصلحياً. فالعبرة بالقصد الذى ينطوي عليه الموظف وهو يؤدى واجبات وظيفته، فكلما قصد النكاية أو الإضرار أو تغيا منفعته الذاتية كان خطؤه شخصياً يتحمل هو نتائجه. وفيصل التفرقة بين الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي يكون بالبحث وراء نية الموظف، فإذا كان يهدف من القرار الإداري الذى أصدره إلى تحقيق الصالح العام، أو كان قد تصرف ليحقق أحد الأهداف المنوط بالإدارة تحقيقها والتي تدخل فى وظيفتها الإدارية فإن خطأ يندمج فى أعمال الوظيفة بحيث لا يمكن فصله عنها ويعتبر من الأخطاء المنسوبة إلى المرفق العام، ويكون خطأ الموظف هنا مصلحياً. أما إذا تبين أن الموظف لم يعمل للصالح العام أو كان يعمل مدفوعاً بعوامل شخصية أو كان خطؤه جسيماً بحيث يصل إلى حد ارتكاب جريمة تقع تحت طائلة قانون العقوبات، كالموظف الذى يستعمل سطوة وظيفته فى وقف تنفيذ حكم أو أمر أو طلب من المحكمة "المادة 123 من قانون العقوبات"، فإن الخطأ فى هذه الحالة يعتبر خطأ شخصياً ويسأل عنه الموظف الذى وقع منه هذا الخطأ فى ماله الخاص.
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 928 لسنة 4 قضائية – جلسة 6/6/1959 مجموعة المكتب الفني – السنة 4 – صـ 1435).