المحكمــــة الكلية
الدائرة: الجنـايــات /3
( مذكـــرة بدفـــــاع )
مقدمة من:
-------------- المتهم الأول /المعارض
ضـــــــــــــــــــــــــــــــد
السادة/ النيابة العامة سلطة الاتهام
في الجناية رقم: 272 لسنة 2019 جنايات /3
والمقيدة برقم: 270 لسنة 2019 مباحث المخدرات
والمحدد لنظرها جلسة 27 /1/2025 للمرافعـــــــــــة
الرقم الآلــي: ( 610 460 190 )
( الاتهـــــام )
حيث أسندت النيابة العامة الاتهام إلى المتهمين (الأول والثانية) بوصف أنهما في تاريخ 13/2/2019، بدائرة المباحث الجنائية بدولة الكويت:
المتهم الأول:
- حاز مادتين مؤثرتين عقلياً (الامفيتامين، الميثامفيتامين)، وكان ذلك بقصد التعاطي دون أن يثبت أنه قد رخص له بذلك قانوناً.
المتهمة الثانية:
- ...
وتبعاً لذلك أحالتهما النيابة العامة إلى محكمة الدرجة الأولى عملاً بالمواد 1، 2، 33/1، 45/2ـ-3، من القانون رقم 74 /1983 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها المعدل بالقانونين رقمي 13 /1995، 12 /2007 والبند 41 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول، والمواد 1/3، 2/1-3، 39/1، 49/1 من المرسوم بالقانون 48 /1987 في شأن مكافحة المؤثرات العقلية وتنظيم استعمالها والإتجار فيها، والبندين رقمي 1، 5، من الجدول (2) المحلق بالقانون المذكور، والمواد 1، 2/3، 3/1-أولاً-1، 38، 39 من المرسوم بقانون رقم 67 /1976 في شأن المرور المعدل بالقانون رقم 52/ 2001، والمادة 79/2 من قانون الجزاء.
(الوقائـــــــع)
تخلص وقائع هذه الدعوى حسبما أسفرت عنه التحقيقات وما خلصت إليه سائر الأوراق فيما قرره وشهد به بالتحقيقات/ ------- – الرقيب بالأمن العام من أنه يوم 13/2/2019 حال قيامه بجولة أمنية بمنطقة الشويخ الصناعية أبصر مركبة تسير بسرعة عالية، ثم اصطدمت بجسم صلب بالطريق، فتوجه إليها، بوصوله تقابل مع المتهم الأول وكان بحالة غير طبيعية ولا يحمل إثبات، وقرر له أنه والمتهمة الثانية متعاطيين، وأن الأخيرة هي من تقود المركبة، وتبين أن المتهمة الثانية داخل المركبة وفي حالة إغماء فقام بإبلاغ الإسعاف، وبتفتيش المتهم الأول عثر بحوزته على كيس صغير الحجم بداخلة مادة بيضاء اللون يشتبه بها، وأرشد عن حقيبة تخصه بداخل المركبة أسفل مقعد الراكب بجانب قائد المركبة فعثر بداخلها على عدد 2 لمبة يشتبه بأنها أدوات تعاطي ... وأضاف بأنه قام بمواجهة المتهم الأول بالمضبوطات فأقر له بأنها تخصه بقصد التعاطي.
وباستجواب المتهم الأول بالتحقيقات أنكر ما أسند إليه من اتهام وقرر بأنه حال ركوبه في المركبة قيادة المتهمة الثانية، أبصرت الأخيرة إحدى دوريات الشرطة فقامت بزيادة السرعة بشكل مفاجئ وعللت ذلك بأنها مطلوبة مدنياً، فلاحقتهم الدورية وطلبت من المتهمة الثانية التوقف فرفضت حتى وصلت إلى دوار بمنطقة الرحاب وتوقفت فجأة قبل دخول الدوار فاصطدمت بهم دورية الشرطة.
وثبت بتقرير الأدلة الجنائية رقم 219م/2019 أن من ضمن المضبوطات كيس من النايلون الشفاف بداخله حبيبات لمادة الميثامفيتامين المؤثرة عقلياً.
وثبت بتقرير الأدلة الجنائية رقم 607س/2019 أنه عثر في عينة بول المتهم الأول على مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين المؤثرتين عقلياً.
تلك هي واقعة الدعوى وما حوته أوراقها من أدلة ركنت إليها النيابة العامة في إسناد الاتهام إلى المتهم الأول، وهي أدلة واهنة شابها البطلان ولا تنهض دليل إسناد يصلح للإدانة، ذلك أنه من المقرر أنه لا يدان إنسان بدليل باطل، لأن الإدانة لا تتم إلا من خلال الإجراءات التي يراعى فيها الضمانات التي كفلها المشرع، ومهما كانت الأدلة صارخة وكان مبناها البطلان؛ فلا يعول عليها بمجلس القضاء، ويتعين طرحها لانتفاء الشرعية الإجرائية للضبط والتفتيش.
هذا وبنظر الدعوى أمام عدالة محكمة الدرجة الأولى قضت غيابياً على المتهم الأول (المعارض) بالحبس سنتين مع الشغل، وكفالة مائة دينار كويتي لإيقاف النفاذ مؤقتاً لحين صيرورة الحكم نهائياً، وبتغريمه ألفي دينار كويتي عما أسند إليه، وأمرت بإبعاده عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة المقضي بها.
ولما كان المتهم الأول لم يرتض هذا الحكم، ومن ثم قرر بالمعارضة الماثلة فيه؛ عملاً بنص المادة (187) –وما بعدها– من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية فهو مقبول شكلاً لتوافر شرائطه القانونية.
لـــذا، فإن الدفاع يلتمس القضاء بالآتي:
أولاً: قبول المعارضة شكلاً.
ثانياً: وفي الموضوع: بإلغاء الحكم المعارض فيه، والقضاء مجدداً ببراءة المتهم مما أسند إليه من اتهام.
ثالثاً: وعلى سبيل الاحتياط: تطبيق نص المادة 81 من قانون الجزاء بالتقرير بالامتناع عن النطق بعقاب المتهم.
وذلك تأسيساً على الدفاع الآتي:
وقبل سرد دفاع المتهم وعرضه، فقد تلاحظ للدفاع بعد مطالعة الأوراق حقائق ثابتة وهي:
أن حالة المتهم غير الطبيعية أو عدم الاتزان على فرض صحتها -ونحن لا نسلم بها- ليس من حالات التلبس التي تبيح لرجل الضبط القبض على المتهم وتفتيشه وتفتيش المركبة التي يستقلها.
وعلى ذلك فإن هذه الوقائع الثابتة بالأوراق على هذا النحو تؤكد بأن للواقعة صورة أخرى غير تلك التي قال بها شاهد الإثبات وحجبها عن المحكمة لإسباغ الشرعية الواهية على ما قام به من إجراءات ضبط وتفتيش باطلين.
(الدفـــــــــاع)
أولاً: الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وما ترتب عليه، وعدم التعويل على أقوال شاهد الإثبات وقصور الحكم المعارض فيه في التسبيب:
لما كان الحكم المعارض فيه قد دان المتهم الأول عما أسند إليه من اتهام من حيازة مادتين مؤثرتين عقلياً بقصد التعاطي، بينما تقرير الأدلة الجنائية (رقم 219م/2019) أثبت أن ما بداخل الكيس النايلون الشفاف مادة واحدة فقط (هي حبيبات لمادة الميثامفيتامين المؤثرة عقلياً)، ولم يرد أي ذكر في ذلك التقرير لأي مادة أخرى، كل ما في الأمر أن تقرير الأدلة الجنائية الثاني (رقم 607س/2019) أورد أنه عثر في عينة بول المتهم الأول على مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين، فإنه يكون قد أصابه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق.
فضلاً عما استند إليه الحكم المعارض فيه -فيما قضى به- إلى الاطمئنان لشهادة رجال الشرطة بأنه حال قيامه بجولة أمنية شاهد مركبة تسير بسرعة عاليه، وإذا كانت قيادة مركبة بسرعة تجاوز الحد الأقصى المسموح به في الطريق، هي مخالفة مرورية، وكان من المستقر عليه – طبقاً لنص المادة 44 رابعاً وخامساً من المرسوم بقانون رقم 67/1976 في شأن المرور- أنه إذا كانت المادة 44 تبيح القبض في حالات معينة عددتها متعلقة بالاتهام في جنحة المرور، فإنه لا يجوز قانوناً التفتيش إلا لضبط أشياء متعلقة بتلك الجريمة –على فرض صحتها قانوناً– وليس للبحث عن أدلةٍ لجريمةٍ أخرى.
وكان الثابت بالأوراق أن القائم بالقبض قد تجاوز في تفتيش المتهم الأول وتفتيش السيارة، وهو ضرب من ضروب البحث عن جريمة أخرى غير متعلقة بمخالفة المرور، كما أن إحالة المتهمين إلى الأدلة الجنائية هو ضرب من تفتيش بحثاً عن مخدر وليس عن دليل يتعلق بجريمة مرورية، ولا يقدح في ذلك ما هو مقرر من أنه كلما جاز القبض جاز التفتيش؛ إذ إن شرط ذلك أن يكون الهدف من التفتيش البحث عن الأشياء المتعلقة بالجريمة التي قبض عليه بشأنها، ولا يسعى للبحث عن أشياء تتعلق بجريمة مختلفة؛ وإذ خالف الحكم المعارض فيه هذا النظر، فإنه يكون مشوباً بالقصور والخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم المعارض فيه مما يتعين إلغاؤه والفصل في الدعوى مجدداً على هذا النحو.
حيث إنه من المقرر في قضاء التمييز أنه: "طبقاً لما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة (57) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية أن السكر بمجرده لا يسوغ إجراء القبض والتفتيش؛ وإنما يشترط فيه أن يكون بيناً، وأن يكون الشخص غير قادر على العناية بنفسه أو أن يكون خطراً على غيره، وهو ما لم يستظهره الحكم المطعون فيه، لما كان ذلك، وكان الحكم قد رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش فإنه يكون معيباً بما يوجب تمييزه".
(الطعن بالتمييز رقم 42 لسنة 1998 جزائي ــــ جلسة 5/10/1998)
كما أن المقرر في قضاء التمييز أنه: "لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الإفتئات على حريات الناس، والقبض عليهم بدون وجه حق؛ كما أنه من المقرر أيضاً أن القول بتوافر حالة التلبس أو قيام الدلائل الكافية على الاتهام أو عدم توافر أيهما من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وكان مؤدى الواقعة التي أثبتها الحكم ليس فيه ما يدل على أن المطعون ضده شُوهد في حالة من حالات التلبس المبينة بطريق الحصر في المادة (56) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية إذ إن مجرد رؤية أفراد الشرطة للمطعون ضده في حالة ارتباك عند إيقافهما للسيارة التي يستقلها مع المتهم الأول وتفتيش الأخير والعثور معه على مخدر ثم تفتيش المطعون ضده لم يعثر معه على شيء، فإن هذه الواقعة ليس منها ما يدل على أن المطعون ضده شوهد في حالة من حالات التلبس التي تجيز القبض عليه وتفتيشه بأخذ عينة من دمه وبوله وبالتالي عدم الاعتداد بالنتيجة المترتبة على هذا الإجراء الباطل، فإن الحكم يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون".
(الطعن بالتمييز تمييز رقم 119 لسنة 1998 جزائي ـــ جلسة 20/10/1998)
وكان من المقرر أيضاً أن: "مؤدى ما تنص عليه المادة (43)، والمواد من (53 إلى 57) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن أي قيد على الحرية الشخصية بوصفها حقاً طبيعياً من حقوق الإنسان، يستوي في ذلك أن يكون القيد قبضاً أو تفتيشاً، لا يجوز إلا في حالات التلبس باعتبارها جرائم مشهودة، أو بإذن من النيابة العامة، أو في إحدى الحالات التي وردت في القانون على سبيل الحصر والتي ليس من بينها مجرد مشاهدة المتهم في حالة عدم اتزان أو في حالة غير طبيعية على نحو ما جاء بأقوال ضابط الواقعة".
(الطعن بالتمييز تمييز رقم 251 لسنة 1999 جزائي ــــ جلسة 29/2/2000)
وكان من المقرر أيضاً أنه: "يشترط لقيام حالة التلبس التي تسوغ لرجل الشرطة القبض على المتهم وتفتيشه بغير إذن من سلطة التحقيق ألا يكون قيام هذه الحالة قد أنبنى على إجراء غير مشروع، وكان للسيارة الخاصة حرمة مستمدة من اتصالها بشخص صاحبها أو حائزها فلا يجوز تفتيشها إلا في الأحوال التي يجوز فيها تفتيشه، وكان ما أورده الحكم؛ نقلاً عن شاهدي الإثبات من أن الطاعن عند استيقافه كان في حالة غير طبيعية وغير مسيطر على نفسه؛ لا يوفر الدلائل التي تنبئ بذاتها عن ارتكاب جريمة، وبالتالي فلا تقوم به حالة التلبس التي تسوغ القبض عليه وتفتيش شخصه وسيارته بغير إذن من سلطة التحقيق فإن ما قام به رجلا الشرطة من تفتيش السيارة يكون إجراءً غير مشروع".
(الطعن بالتمييز رقم 204 لسنة 1996 جزائي – جلسة 7/4/1997)
(الطعن بالتمييز رقم 251 لسنة 1999 جزائي – جلسة 29/2/2000)
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان الثابت بأقوال شاهد الإثبات بالتحقيقات من أنه حال قيامه بجولة أمنية بمنطقة الشويخ الصناعية أبصر مركبة تسير بسرعة عالية، فإن هذه الصورة المار بيانها والتي قال بها شاهد الإثبات لا تشكل حالة من حالات التلبس المنصوص عليها على سبيل الحصر، والتي ليس من بينها أيضاً مشاهدة المتهم في حالة غير طبيعية أو يتلعثم بالكلام، كما أن ارتكاب المتهم لمخالفة مرورية في حد ذاتها لا تبيح القبض والتفتيش على نحو ما قرره شاهد الإثبات بالتحقيقات؛ إذ إنه لا يجوز تفتيش الشخص أو متعلقاته الشخصية التي تستمد حرمتها من حرمته، بغير إذن من السلطة المختصة بالتحقيق إلا في حالة التلبس والحالات الأخرى التي أوردتها المادة 43 والمواد من 53 إلى 57 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية على سبيل الحصر. والمقرر أيضاً أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق رجل الشرطة من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو مشاهدة أثر من آثارها ينبئ عن وقوعها.
لما كان ذلك وكان الحكم المعارض فيه إذ خلص -على الرغم من ذلك- إلى صحة القبض على المتهم وتفتيشه وعول في قضائه بإدانة المتهم على شهادة ضابط الواقعة استناداً إلى صحة ما قام به من ضبط وتفتيش، فإنه يكون معيباً؛ بما يستوجب إلغاؤه، والقضاء مجدداً في الدعوى على هذا النحو.
حيث إنه من المقرر أن: "وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع، وأنه يتعين أن يكون الدليل الذي يُـعوَّل عليه الحكم في الإدانة مشروعاً، وأن بطلان القبض يرتب بطلان ما ترتب عليه تطبيقاً لقاعدة كل ما يترتب على الباطل فهو باطل".
(الطعن تمييز رقم 189 لسنة 1997 جزائي ـــ جلسة 19/1/1998)
وكان من المقرر أن بطلان القبض مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الإدانة على أي دليل يكون مستمداً منه أو مترتباً عليه؛ ومنها استبعاد الدليل الذي أسفر عنه التحليل لعينة بول المتهم الأول وعدم التعويل على أقوال شاهد الإثبات باعتبارها شهادة على إجراءات قبضٍ وتفتيشٍ باطلين لم يكن الهدف منها سوى إسباغ الشرعية الواهية على ما قام به تجاه المتهم الأول.
ثانياً: بطلان الحكم المعارض فيه:
لما كان الحكم المعارض فيه إذ دان المتهم الأول (المعارض) بجريمة إحراز مادة مؤثرة عقلياً بقصد التعاطي دون أن يـُـثبت أنه مرخص له بذلك، فإنه يكون قد أصابه عوار البطلان.
وأية ذلك، أنه من المقرر في قضاء التمييز أن: "كل حكم بالإدانة يجب أن يشتمل على نص القانون الذي حكم بموجبه وهو بيان جوهري اقتضته قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من ذكر نص القانون الذي أنزل بموجبه العقاب على الطاعن فإنه يكون باطلاً ولا يعصمه من هذا العيب أن يكون قد أشار في ديباجته إلى مواد الاتهام ما دام لم يفصح عن أخذه بها كما لا يعصمه أن يكون الحكم الابتدائي قد بين مواد القانون التي عاقب الطاعن بمقتضاها طالما لم يحل إليه في هذا الخصوص".
(الطعن بالتمييز رقم 222 /1999 جزائي ـــ جلسة 28/3/2000)
(الطعن بالتمييز رقم 212 /1999 جزائي ـــ جلسة 16/5/2000)
(الطعن بالتمييز رقم 90 /2001 جزائي ـــ جلسة 26/6/2001)
لما كان ذلك، وكان الثابت بمدونات الحكم المعارض فيه، والقاضي بإدانة المتهم الأول (المعارض) قد خلا من ذكر نص القانون الذي أنزل بموجبه العقاب على المتهم الأول (المعارض)، ولم يُشر في ديباجته إلى مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة مؤاخذة المتهم الأول بمقتضاها، ولم يفصح -كذلك- عن أخذه بها، فلم يُشر إلى نصوص مواد الاتهام، ولم يُفصح عنها؛ وإذ كان ما تقدم، فإن الحكم المعارض فيه يكون باطلاً، ويتعين إلغاؤه على هذا النحو.
ثالثاً: عدم معقولية تصوير الواقعة بالصورة الواردة بالأوراق:
حيث إنه من المقرر في قضاء التمييز أنه: "لمحكمة الموضوع أن تستخلص من جموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق، ولها أصلها الثابت في الأوراق".
(الطعن بالتمييز رقم 39 لسنة 1998 جزائي ـــ جلسة 22/12/1998)
(الطعن بالتمييز رقم 259 لسنة 2000 جزائي ـــ جلسة 1/5/2001)
لما كان ذلك، وكان ما أورده شاهد الإثبات تصويراً لواقعة الدعوى بالتحقيقات يؤكد استحالة حدوثها بتلك الصورة، ويؤدي باللزوم العقلي إلى عدم صحتها؛ وذلك للآتي:
إن ما قرره شاهد الإثبات في التحقيقات من أن المتهم الأول -والذي لم يكن يحمل هوية إثبات شخصيته- قد قرر لضابط الواقعة طواعية وتبرعاً منه أنه هو والمتهمة الثانية "متعاطين" ؟؟؟!!!
وأنه بتفتيش المتهم الأول عثر بحوزته على كيس صغير الحجم بداخله مادة بيضاء يشتبه بها، وأرشده عن حقيبة تخصه بداخل المركبة أسفل مقعد الراكب بجانب قائد المركبة، فعثر بداخلها على عدد 2 لمبة يشتبه بأنها أدوات تعاطي ؟؟؟!!! أي إن ضابط الواقعة لم يكن يرى ما بأسفل المقعد الذي كان يجلس عليه المتهم الأول، فقام المتهم الأول بإرشاد طواعية وتبرعاً منه عن الحقيبة التي كانت أسفل مقعدة، ولم يكتفِ بذلك، وإنما قرره (طواعيةً وتبرعاً منه) أن تلك الحقيبة تخصه هو؟؟؟!!!
وكل ما تقدم لا يتصور أن يتقدم بها بتلك الصورة الواردة بالأوراق؛ مما يؤكد عدم صدق رواية شاهد الإثبات من تصوير لواقعة الضبط، تلك الرواية التي تصور المتهم الأول وكأنه يدعوه لضبطه ويقدم دليل إدانته بنفسه؛ وهو ما لا يقبله العقل والمنطق والمجرى العادي لطبائع الأمور؛ وهو ما لا يسعى إليه المتهم الأول أيضاً على فرض صحة تصوير الواقعة بهذه الصورة؛ إذ كان في إمكانه التخلص منها من نافذة السيارة أو إلقاؤها قبل وصول الضابط إليه؛ وذلك للإفلات من جريمته، والتخلص منها قبل مشاهدة الضابط لها وضبطها كما قرر بالتحقيقات؛ الأمر الذي يؤكد أن للواقعة صورة أخرى غير التي قال بها شاهد الإثبات وحجبها عن التحقيقات إسباغاً للشرعية الإجرائية لما قام به من قبضٍ وتفتيشٍ باطلين لا يعول عليهما ولا أثر لهما لقضاء الحكم.
لما كان ذلك، وكان المقرر في قضاء التمييز أن: "لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى وأن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها وأن تستخلص من سائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها مادام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق".
(الطعن بالتمييز رقم 248 لسنة 1988 جزائي – جلسة 5/6/1989)
متى كان ذلك، وكانت الأوراق تؤكد عدم صحة تلك الواقعة على هذا النحو، وانتفاء التهمة المسندة إلى المتهم الأول بكافة أركانها وعناصرها القانونية، وانحسارها عن الأوراق، وانحسرت معها –من ثمَّ– واقعة حيازة المخدرات بقصد التعاطي عن أوراق تلك الدعوى، وكانت للواقعة صورة أخرى غير تلك التي قال بها شاهد الإثبات بالتحقيقات.
لما كان ما تقدم، وكان المقرر في قضاء التمييز أنه: "يكفي في المحاكمات الجزائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة؛ إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات وأقامت قضاءها على أسباب تحمله وتؤدي على النتيجة التي انتهت إليها".
(الطعن تمييز رقم 140 لسنة 1994 جزائي – جلسة 14/11/1994)
( بنـــاءً عليـــه )
يلتمـــس الدفـــاع:
أولاً: قبول المعارضة شكلاً.
ثانياً: وفي الموضوع: بإلغاء الحكم المعارض فيه، والقضاء مجدداً:
القضاء ببراءة المتهم الأول مما أُسند إليه من اتهام.
ثالثاً: تطبيق نص المادة 81 جزاء بالتقرير بالامتناع عن النطق بعقاب المتهم، وهو من إطلاقات المحكمة الموقرة بلا معقب عليها في ذلك.
ولتكن كلمتكم كلمة الحق، والعدل، واليقين، وأنتم أهل لها ،،،
وكيل المتهم الأول /المعارض
المحامي
-------