الأحد، 5 يوليو 2009

إنذار بإنهاء عقد إيجار

نموذج إنذار بإنهاء عقد الإيجار "المدني"

"وأنذرته بالآتي"

بموجب عقد إيجار "أرض فضاء" مؤرخ في 28/8/2000 وساري اعتباراً من أول سبتمبر 2000، يستأجر المنذر إليه من هيئة الأوقاف المصرية ما هو قطعة أرض فضاء (مساحة على حائط على يمين مدخل العقار رقم 1 بشارع الجيش بالقاهرة)، والبالغ جملة مساحتها 3.90م (ثلاثة أمتار وتسعون سنتيمتراً) والتابعة لجهة وقف/ خليل أغا اللاله الخيري، ومدة العقد ثلاث سنوات تبدأ من 1/9/2000 وتنتهي في 31/8/2003، نظير أجرة شهرية قدرها 1000.30جم (ألف جنيه وثلاثون قرشاً شهرياً).

التنبيه بانتهاء عقد إيجار المساحة على حائط:

لما كان البند الرابع من عقد الإيجار سالف الذكر ينص على أنه: "إذا أراد أحد الطرفين إخلاء الأرض المؤجرة في نهاية مدة الإيجار فعليه أن يعلن الطرف الآخر بذلك بخطاب موصى عليه قبل انقضاء هذه المدة بشهرين وإن كانت الإجارة مشاهرة فيكون الإعلان قبل انقضاء مدة العقد بثلاثين يوماً ... وعلى المستأجر أن يسلم المحل المؤجر ومشتملاته في نهاية مدة العقد ... وعلى المستأجر أن يسلم الأرض المؤجرة في نهاية الإيجار بمقاسها وحدودها مع عدم الإخلال بما نص عليه في المادة الثالثة".

كما نص البند السادس من عقد الإيجار على أنه: "إذا حصل الإعلان بالإخلاء في الميعاد المحدد بالمادة الرابعة وكان الإعلان صادراً بناء على طلب الوزارة واستمر المستأجر شاغلاً للأرض المؤجرة ولم يسلمها للوزارة في نهاية الإيجار فلا يعتبر وجوده بعد ذلك بصفته مستأجراً بل يعتبر أنه مقيم بدون عقد وليس له الحق في التمسك بالإيجار الحالي أو بأن هناك إيجاراً ضمنياً من الوزارة لأي سبب من الأسباب مهما طالت مدة إقامته في الأرض المؤجرة بعد نهاية المدة ما دام أنه لم يصدر عقد جديد كتابي بالإيجار إليه ...".

ولما كان من المُسلم به أن الأصل العام أن عقد الإيجار (الخاضع لأحكام القانون المدني) ينتهي بانتهاء المدة المُتفق عليها في العقد، بدون حاجة إلى تنبيه أو إنذار. وعلى ذلك تنص المادة 598 من القانون المدني بقولها: "ينتهي الإيجار بانتهاء المُدة المُعينة في العقد دون حاجة إلى تنبيه بالإخلاء".

فالعقد ينتهي بانتهاء المدة المحددة في عقد الإيجار، ورغم ذلك فإذا بقي المُستأجر في العين المُؤجرة وقبل منه المُؤجر أجرة تلك العين بعد انتهاء مدة عقد الإيجار الأول (الأصلي) فإن ذلك يُعد بمثابة اتفاق ضمني بينهما على تجديد عقد الإيجار الأول (الأصلي) وبذات شروطه باستثناء شرط المُدة، أي أن هذا العقد الثاني يُعتبر عقد إيجار جديد (وليس امتداد لعقد الإيجار الأول) وبذات شروط العقد الأول إلا أنه غير مُحدد المُدة فتعتبر مُدته هي المدة المُحددة لدفع الأجرة. وعلى هذا تنص المادة 599 من القانون المدني بقولها: "إذا انتهى عقد الإيجار، وبقي المُستأجر مُنتفعاً بالعين المُؤجرة، بعلم المُؤجر ودون اعتراض منه، أعتبر الإيجار قد تجدد بشروطه الأولى، ولكن لمدة غير مُعينة، وتسري على الإيجار إذا تجدد على هذا الوجه أحكام المادة 563. ويُعتبر هذا التجديد الضمني إيجاراً جديداً لا مُجرد امتداد للإيجار الأصلي، ومع ذلك تنتقل إلى الإيجار الجديد التأمينات العينية التي كان المُستأجر قد قدمها في الإيجار القديم مع مراعاة قواعد الشهر العقاري، أما الكفالة الشخصية كانت أو عينية فلا تنتقل إلى الإيجار الجديد إلا إذا رضي الكفيل بذلك".

وبناء على ذلك، فإن العقد في هذه الحالة يجوز تجديد مدته إلى ما لا نهاية، وهو على كل حال لا ينتهي إلا إذا نبه أحد العاقدين على الآخر برغبته في إنهائه وتم هذا التنبيه في الميعاد المنصوص عليه في المادة 563 مدني. ومعنى ذلك عملاً أن هذا الإيجار مدته لا حد لها ولكنها مقسمة إلى فترات، مدة كل منها هي المدة المُحددة لدفع الأجرة، ويجوز إنهاؤه عند انقضاء أي فترة من هذه الفترات بتنبيه يوجهه أحد العاقدين بذلك إلى الطرف الآخر في ميعاد معين، دون حاجة به إلى إبداء الأسباب التي تحمله على طلب إنهاء العقد، لأن حق إنهاء العقد حق مُطلق يستعمله العاقد لمُجرد رغبته في ذلك، ودون توقف على أي سبب لمُؤاخذة الطرف الآخر.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذ كان الثابت أن عقد الإيجار عين النزاع قد أنعقد لمدة خمس سنوات، تتجدد طالما كان المستأجر قائماً بسداد الأجرة، وله وحده الحق في طلب إنهائه، وأن الأجرة مبلغ 180 جنيه تدفع شهرياً، فإنه مع وجود هذا الشرط يعتبر العقد بعد انتهاء مدته الأولى منعقداً للفترة المحددة لدفع الأجرة وهي شهر يتجدد ويكون لأي من المتعاقدين الحق في إنهاء العقد إذا نبه على الأخير قبل النصف الأخيرة من الشهر إعمالاً لنص المادة 563 مدني". (نقض مدني في الطعنين رقمي 766 ، 773 لسنة 56 قضائية، جلسة 23/2/1993 – مجموعة المكتب الفني – السنة 39 - ص 866).

لما كان ما تقدم، وكانت المادة 563/1 من القانون المدني تنص على أنه: "إذا عُقِدَ الإيجار دون اتفاق على مُدة أو عُقِدَ لمُدة غير مُعينة أو تعذر إثبات المُدة المُدعاة، أعتُبِرَ الإيجار مُنعقداً للفترة المُعينة لدفع الأجرة وينتهي بانقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المُتعاقدين إذا هو نبه على المُتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد الآتي بيانها: أ- في الأراضي الزراعية والأراضي البور إذا كانت المُدة المعينة لدفع الأجرة ستة أشهر أو أكثر، يكون التنبيه قبل انتهائها بثلاثة أشهر، فإذا كانت المُدة أقل من ذلك، وجب التنبيه قبل نصفها الأخير كل هذا مع مراعاة حق المُستأجر في المحصول وفقاً للعرف".

فإذا عُقِدَ الإيجار دون اتفاق على مُدة مُعينة أو عُقِدَ لمُدة غير مُعينة أو تعذر إثبات المُدة المُدعاة، اعتُبِرَ الإيجار مُنعقداً للفترة المُعينة لدفع الأُجرة، واعتُبِرَت هذه الفترة قابلة للامتداد لفترات أخرى مُتعاقبة إلى أن يُنبه أحد المُتعاقدين على الآخر في ميعاد مُعين قبل انقضاء هذه الفترة.

ومعنى ذلك عملاً أن الإيجار المعقود دون اتفاق على مُدته أو المعقود لمدة غير مُعينة تكون مُدته لا حد لها ولكنها مُقسمة إلى فترات، مُدة كل منها هي المُدة المُحددة لدفع الأجرة، ويجوز إنهاؤه عند انقضاء أي فترة من هذه الفترات بتنبيه يوجهه أحد العاقدين بذلك إلى الآخر في ميعاد معين، دون حاجة به إلى إبداء الأسباب التي تحمله على طلب إنهاء العقد.

ويُعتبر التنبيه عملاً قانونياً لأنه إرادة تتجه إلى إنهاء عقد الإيجار، وهو عمل قانوني يصدر من جانب واحد لأنه تكفي فيه إرادة واحدة أي لا يحتاج فيه إلى قبول الطرف الآخر. فهو يتم بمُجرد إعلان أحد الطرفين إلى الآخر رغبته في إنهاء الإيجار وبلوغه إلى علم الطرف الآخر سواء قبل ذلك الطرف إنهاء العقد أو لم يقبله. ويترتب عليه بمُجرد تمامه أي بمُجرد إعلانه إلى الطرف الآخر إنهاء العقد دون توقف على إرادة من وجه إليه التنبيه. (المرجع: "الوافي في شرح القانون المدني" – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الثالث: "في العقود المُسماة" – المُجلد الثاني: "عقد الإيجار" – الطبعة الرابعة 1993 القاهرة - بند 262 ، 263 – صـ 682 : 685).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادتين 558 ، 563 من القانون المدني يدل على أن المشرع أستلزم توقيت الإيجار واعتبر المدة ركناً فيه وأنه كلما تعذر معرفة الوقت الذي جعله المتعاقدان ميقاتا ينتهي إليه العقد بأن لم تحدد له مدة ينتهي بانتهائها أو عقد لمدة غير معينة بحيث لا يمكن معرفة التاريخ الذي ينتهي إليه على وجه التحديد أو ربط انتهاء بأمر مستقبل غير محقق الوقوع أو استحال معرفة التاريخ الذي قصده المتعاقدان أن يستمر إليه ففي هذه الحالات لا يمكن معرفة مدة العقد، وحلا لما يمكن أن ينشأ عن ذلك من منازعات تدخل المشرع بالنص على اعتبار العقد منعقدا لفترة المحددة لدفع الأجرة ولم يقف المشرع عند حد تعيين المدة على هذا النحو بل رخص لكل من طرفيه ـ المؤجر والمستأجر ـ الحق في إنهاء العقد إذا نبه أحدهما على الآخر بالإخلاء في الميعاد القانوني المبين في المادة 563 سالفة البيان". (نقض مدني في الطعن رقم 1653 لسنة 57 قضائية – جلسة 25/2/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 750).

ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك أن: "التنبيه بالإخلاء هو تصرف قانوني صادر من جانب واحد يتضمن رغبة صاحبه استنادا إلى إرادته في انتهاء الإيجار ويتحقق أثره بمجرد أن يعلن عن هذه الإرادة في انتهاء العقد إلى المتعاقد الآخر فتنحل تبعاً لذلك الرابطة العقدية التي كانت قائمة بينهما بعد فترة معينة، وكانت مواعيد التنبيه بالإخلاء كما أوردتها المادة 563 من القانون المدني ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق على خلافها في عقد الإيجار، وكان تحديد هذه المدة مقرراً لمصلحة الطرف الموجه إليه التنبيه حتى لا يفاجأ بما لم يكن في حسبانه قبل أن يتهيأ لمواجهة ما يترتب على ذلك من وضع جديد". (نقض مدني في الطعن رقم 735 لسنة 54 قضائية، جلسة 29/1/1989 – مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 329 - الفقرة رقم 2).

لما كان ذلك، وكان المُستأجر مُلزم بأن يرد العين المُؤجرة إلى المُؤجر عند انتهاء مُدة الإيجار بالحالة التي تسلمها عليها طبقاً للمادة 591/1 والتي تنص على أنه: "على المُستأجر أن يرد العين المُؤجرة بالحالة التي تسلمها عليها ...".

وبتطبيق كل القواعد القانونية سالفة الذكر على وقائع حالتنا الماثلة يتضح جلياً أن العلاقة التعاقدية بشأن عين التداعي هي عقد إيجار أرض فضاء (مساحة على حائط) تخضع لأحكام القانون المدني وحده دون غيره، وإذ ينذر المنذر بصفته – المنذر إليه بعدم رغبته في تجديد تلك العلاقة ورغبته في إنهائها، ومن ثم فإن بقاء المنذر إليه في العين المؤجرة من بعد يكون بغير سند من القانون وبالتالي غصباً لتلك العين.

المطالبة بالأجرة المستحقة والمتأخرة:

ولما كان المنذر إليه قد تقاعس وتأخر عن سداد أجرة المساحة على حائط المؤجرة له حتى بلغت قيمة المتأخرات عليه مبلغاً وقدره 93028.20جم (ثلاثة وتسعون ألف وثمانية وعشرون جنيهاً وعشرون قرشاً) حتى شهر يونيو من عام 2008 فضلاً عما يُستجد منها حتى تاريخ السداد الفعلي رضاءاً أو قضاءاً. وذلك بالمخالفة لبنود عقد الإيجار، وبالمخالفة لأحكام القانون المدني الخاضع له عقد إيجار الأرض الفضاء.

ولما كانت المادة 586/1 مدني تنص على أنه: "يجب على المُستأجر أن يقوم بوفاء الأجرة في المواعيد المُتفق عليها ...".

وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة 558 مدني على أن الإيجار عقد يلتزم المُؤجر بمُقتضاه أن يُمكن المُستأجر من الانتفاع بشيء مُعين مُدة مُعينة لقاء أجر معلوم، مفاده أن الأُجرة التي يلتزم بها المُستأجر مُقابل انتفاعه بالمُؤجر مُدة مُعينة هي ركن جوهري في عقد الإيجار لا قيام له بدونها". (نقض مدني في الطعن رقم 1722 لسنة 58 قضائية – جلسة 18/4/1993. ونقض مدني في الطعن رقم 4935 لسنة 61 قضائية – جلسة 12/7/1995).

وكذلك من المُقرر في قضاء النقض أن: "الأُجرة تُستحق متى كان المُؤجر قد قام من جانبه بتنفيذ عقد الإيجار، ويُعتبر أن العقد قد تم تنفيذه بالتخلية بين المُستأجر والعين المُؤجرة بحيث يتمكن من وضع يده عليها والانتفاع بها في المُدة المُتفق عليها". (نقض مدني في الطعن رقم 16 لسنة 20 قضائية جلسة 2/3/1953).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "المُستأجر هو المُكلف بتقديم الدليل على سداده كامل الأُجرة المُستحقة في ذمته، ولا يسوغ قلب عبء الإثبات". (نقض مدني في 28 فبراير 1979 مجموعة أحكام النقض س30 رقم 123 صـ 656).

لما كان ما تقدم، وكان المنذر إليه ومورثه من قبله قد تسلما بالفعل الأرض المُؤجرة له في تاريخ سريان هذا العقد ومن ثم فقد التزم بسداد الأُجرة المُتفق عليها في عقد الإيجار، وإذ هو قد امتنع دون مسوغ قانوني عن الوفاء بهذا الالتزام حيث توقف عن سداد أُجرة العين المُؤجرة بدون مسوغ قانوني، فإنه والحال كذلك يكون مُخلاً بالتزامه التعاقدي المنصوص عليه في عقد الإيجار سالف الذكر.

لذلك

فالمنذر بصفته ينبه على المنذر إليه برغبته في عدم تجديد عقد الإيجار المذكور عن مساحة على حائط المبينة بصدر هذا الإنذار بعد مضي ثلاثون يوماً من تاريخ إعلانه بهذا الإنذار، ومن بعد ذلك يلتزم المنذر إليه بإخلاء تلك المساحة وتسليمها للمنذر بصفته خالية من الأشياء والأشخاص، وأنه في حالة استمراره في وضع يده على تلك المساحة بعد هذا التاريخ سيكون وضع يد غاصب لا سند له في القانون ويمكن للمنذر بصفته إزالته بالطريق الإداري. مع ضرورة التزام المنذر إليه بسداد قيمة الأجرة المتأخرة عليه مبلغاً وقدره 93028.20جم (ثلاثة وتسعون ألف وثمانية وعشرون جنيهاً وعشرون قرشاً) حتى شهر يونيو من عام 2008 فضلاً عما يُستجد منها حتى تاريخ السداد الفعلي رضاءاً أو قضاءاً.. وإلا تحمل المنذر إليه بكافة العواقب القانونية المترتبة على ذلك مدنياً وجنائياً.

"وبناء عليه"

أنا المحضر سالف الذكر، قد انتقلت في التاريخ أعلاه إلى محل إقامة وتواجد المنذر إليه، وأنذرته، وسلمته صورة من هذا الإنذار، للعلم بما جاء فيه وما أشتمل عليه، ونبهت عليهم بسريان مفعوله في حقهم قانوناً.

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

ASHRAF.RASHWAN@GMAIL.COM

إنذار تكليف بالوفاء

نموذج إنذار تكليف بالوفاء


"وأنذرته بالآتي"

بموجب عقد إيجار أماكن مؤرخ 12/4/1984 والساري اعتباراً من أول أبريل من عام 1984، يستأجر المنذر إليه من هيئة الأوقاف المصرية ما هو الدكان رقم 2 "أ" بعطفة الدكن بشارع طولون بالخليفة بالقاهرة، والتابعة لجهة وقف/ الأمير حسن كتخدا طائفة حافظ عزبان الخيري، لاستعماله مطعم كبابجي، نظير أجرة شهرية قدرها 1.730جم (جنيهاً واحداً وسبعمائة وثلاثون مليماً) وزياداتها القانونية (طبقاً لقوانين إيجار الأماكن المتعاقبة) وصلت إلى مبلغاً وقدره 48.35جم (ثمانية وأربعون جنيهاً وخمسة وثلاثون قرشاً).

ولما كان المنذر إليه قد تقاعس وتأخر عن سداد أجرة المحل المؤجر له منذ شهر فبراير 2001 حتى تاريخه، حتى بلغت قيمة المتأخرات عليه مبلغاً وقدره 4866.45جم (أربعة آلاف وثمانمائة وستة وستون جنيهاً وخمسة وأربعون قرشاً) حتى شهر فبراير من عام 2009 فضلاً عما يُستجد منها حتى تاريخ السداد الفعلي رضاءاً أو قضاءاً. وذلك بالمخالفة لبنود عقد الإيجار، وبالمخالفة لأحكام قوانين إيجار الأماكن.

ولما كانت المادة 586/1 مدني (الشريعة العامة للمعاملات في مصر) تنص على أنه: "يجب على المُستأجر أن يقوم بوفاء الأجرة في المواعيد المُتفق عليها ...".

وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة 558 مدني على أن الإيجار عقد يلتزم المُؤجر بمُقتضاه أن يُمكن المُستأجر من الانتفاع بشيء مُعين مُدة مُعينة لقاء أجر معلوم، مفاده أن الأُجرة التي يلتزم بها المُستأجر مُقابل انتفاعه بالمُؤجر مُدة مُعينة هي ركن جوهري في عقد الإيجار لا قيام له بدونها". (نقض مدني في الطعن رقم 1722 لسنة 58 قضائية – جلسة 18/4/1993. ونقض مدني في الطعن رقم 4935 لسنة 61 قضائية – جلسة 12/7/1995).

وكذلك من المُقرر في قضاء النقض أن: "الأُجرة تُستحق متى كان المُؤجر قد قام من جانبه بتنفيذ عقد الإيجار، ويُعتبر أن العقد قد تم تنفيذه بالتخلية بين المُستأجر والعين المُؤجرة بحيث يتمكن من وضع يده عليها والانتفاع بها في المُدة المُتفق عليها". (نقض مدني في الطعن رقم 16 لسنة 20 قضائية جلسة 2/3/1953).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "المُستأجر هو المُكلف بتقديم الدليل على سداده كامل الأُجرة المُستحقة في ذمته، ولا يسوغ قلب عبء الإثبات". (نقض مدني في 28 فبراير 1979 مجموعة أحكام النقض س30 رقم 123 صـ 656).

لما كان ما تقدم، وكان المنذر إليه قد تسلم بالفعل المحل المُؤجر له في تاريخ سريان هذا العقد ومن ثم فقد التزم بسداد الأُجرة المُتفق عليها في عقد الإيجار، وإذ هو قد امتنع دون مسوغ قانوني عن الوفاء بهذا الالتزام حيث توقف عن سداد أُجرة العين المُؤجرة بدون مسوغ قانوني، فإنه والحال كذلك يكون مُخلاً بالتزامه التعاقدي المنصوص عليه في عقد الإيجار سالف الذكر مكملاً بأحكام قوانين إيجار الأماكن.

حيث تنص المادة 18/ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 الخاص بتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه: "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان على يد محضر، ولا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر قبل قفل باب المرافعة في الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعليه".

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة 558 من التقنين المدني يدل على أن عقد الإيجار من عقود المعارضة تتقابل فيه الالتزامات بين طرفيه. والأجرة فيه وعلى ما جاء بمذكرة المشروع التمهيدي تقابل مدة الانتفاع فلا يستحق المؤجر الأجرة إلا إذا مكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، ولما كانت عقود إيجار الأماكن الخاضعة لقوانين الإيجارات الاستثنائية قد لحقها الامتداد القانوني لمدة غير محددة ويتعلق ذلك بالنظام العام، إلا أن المشرع قد كفل للمؤجر الحق في إخلاء المكان المؤجر في الحالات التي نص عليها القانون على سبيل الحصر، ومن المسلم به أن أسباب الإخلاء المنصوص عليها في تلك القوانين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور المتعلقة بالنظام العام، ومن ثم يتعين على محكمة الموضوع ومن تلقاء نفسها أن تبحث سبب الإخلاء أساس الدعوى، وتتحقق من توافره، وألا تقضى بالإخلاء إذا لم يتحقق سببه، ولما كان النص في المادة 18/ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 الذي تخضع له واقعة النزاع للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر "إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك ..." يدل على أن مناط الإخلاء هو عدم قيام المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة للمؤجر، ويرجع في بيانها للقانون الذي يحددها، أما أساس الالتزام بها و مداه، فتحكمه القواعد العامة، التي تقضى بأن الأجرة مقابل الانتفاع. إعمالاً لأحكام المادة 558 من القانون المدني، فإذا ثبت أن المؤجر مكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة. ولم يقم الأخير بسدادها، وجب الحكم بالإخلاء، وعلى العكس وبطريق اللزوم، إذا حال المؤجر بين المستأجر والانتفاع بالعين المؤجرة، فلا تكون هناك أجرة مستحقة، ولا يحق للمؤجر طلب الإخلاء". (نقض مدني في الطعن رقم 982 لسنة 55 قضائية – جلسة 29/5/1986 مجموعة المكتب الفني – السنة 37 – الجزء الأول - صـ 627 – فقرة 2).

ومن المسلم به قانوناً أنه ولئن جاء نص المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 خلواً من البيانات التي يجب أن يتضمنها التكليف بالوفاء، إلا أنه لما كان يُقصد بهذا التكليف إعذار المستأجر بالوفاء بالمتأخر عليه من الأجرة، فإنه يجب أن يُذكر فيه - بداهة - اسم المؤجر والمستأجر ومقدار الأجرة المطالب به، ويكفي أن يكون القدر الذي يعتقد المؤجر أن ذمة المستأجر مشغولة به حتى ولو ثبت بعد ذلك أن المقدار الواجب دفعه أقل من المقدار المذكور في التكليف، بمعنى أن التكليف بأجرة متنازع عليها لا يقع باطلاً طالما يستند المؤجر إلى أساس من الواقع أو القانون. وعلى هذا المبدأ تواترت أحكام محكمة النقض، حيث قضت في العديد من أحكامها بأنه:

حيث قضت محكمة النقض بأنه: "ولئن كان المشرع لم يُحدد البيانات التي يجب أن يتضمنها التكليف بالوفاء إلا أنه لما كان يقصد به إعذار المستأجر بالوفاء بالمتأخر عليه من الأجرة المطالب به ويكفى فيه أن يكون القدر الذي يعتقد المؤجر أن ذمة المستأجر مشغولة به حتى ولو ثبت بعد ذلك أن المقدار الواجب دفعه أقل من المقدار المذكور في التكليف، بمعنى أن التكليف بوفاء أجرة متنازع عليها لا يقع باطلاً طالما يستند ادعاء المؤجر إلى أساس من الواقع أو من القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 1386 لسنة 51 قضائية – جلسة 14/3/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 679).

وكذلك قضت محكمة النقض بأنه: "ولئن جاءت المادة 18/ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، خلواً من البيانات التي يجب أن يتضمنها التكليف بالوفاء، إلا أنه لما كان القصد منه إعذار المستأجر بالوفاء بالمتأخر عليه من الأجرة فإنه يجب أن يذكر فيه مقدار الأجرة المطالب به، ويكفيه بيان القدر الذي يعتقد أن ذمة المستأجر مشغولة به، حتى ولو ثبت بعد ذلك أن المقدار الواجب دفعه أقل من المقدار المذكور في التكليف، مما يعنى أن التكليف بأجرة متنازع عليها لا يقع باطلاً طالما أن إدعاء المؤجر يستند إلى أساس جدي من الواقع أو القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 29 لسنة 56 قضائية – جلسة 5/3/1987 مجموعة المكتب الفني – السنة 38 – صـ 349 – فقرة 2).

وكذلك فقد تواتر قضاء النقض على أنه: "ولئن جاءت المادة خلواً من البيانات التي يجب أن يتضمنها التكليف بالوفاء، إلا أنه لما كان يقصد به إعذار المستأجر بالوفاء بالمتأخر عليه من الأجرة فإنه يجب أن يذكر بداهة اسم كل من المؤجر والمستأجر ومقدار الأجرة المطالب به، ويكفي فيه أن يكون القدر الذي يعتقد المؤجر أن ذمة المستأجر مشغولة به حتى ولو ثبت بعد ذلك أن المقدار الواجب دفعه أقل من المقدار المذكور في التكليف، بمعنى أن التكليف بأجرة متنازع عليها لا يقع باطلاً طالما يستند ادعاء المؤجر إلى أساس من الواقع أو القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 9 لسنة 44 قضائية – جلسة 9/11/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 28 – صـ 1632. وأنظر العديد من الأحكام المماثلة وبذات الألفاظ: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً 1931 – 1996" – للمستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 – القاعدة رقم 381 – صـ 709 و 710).

وأيضاً قضت محكمة النقض بأن: "المُقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن التكليف بالوفاء يعتبر شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في سداد الأجرة، فإن خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً تعين الحكم بعدم قبول الدعوى ولو لم يتمسك المدعى عليه بذلك، ولئن جاءت المادة 18/ب من القانون 136 لسنة 1981 خلواً من البيانات التي يجب أن يتضمنها التكليف بالوفاء إلا أنه لما كان يقصد به إعذار المستأجر بالوفاء بالمتأخر عليه من الأجرة فإنه يجب أن يذكر فيه بداهة اسم المؤجر والمستأجر ومقدار الأجرة المطالب به، ويكفي أن يكون القدر الذي يعتقد المؤجر أن ذمة المستأجر مشغولة به حتى ولو ثبت بعد ذلك أن المقدار الواجب دفعه أقل من المقدار المذكور في التكليف، بمعنى أن التكليف بأجرة متنازع عليها لا يقع باطلاً طالما يستند المؤجر إلى أساس من الواقع أو القانون. لما كان ذلك، وكانت الزيادات التي قررها المشرع - بنص المادة 7 من القانون قم 136 لسنة 1981 - في أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى، وما استثنته المادة 27 من هذا القانون من أماكن اعتبرتها في حكم الأماكن المؤجرة لأغراض السكنى كانت محل خلاف بين المؤجرين والمستأجرين من حيث مقدار هذه الزيادة وماهية الأماكن التي تخضع لها حتى أن المحكمة الدستورية العليا قضت في الطعن رقم 21 لسنة 8 قضائية "دستورية" بعدم دستورية المادة 27 من القانون رقم 136 لسنة 1981؛ كما أن ما ادعاه الطاعن بصفته أمام محكمة الموضوع من قيامه بترميمات ضرورية بالعين المؤجرة لم تكن تحتمل الالتجاء إلى القضاء المستعجل للترخيص له بها على نفقة المؤجر كانت محل منازعة المطعون ضده الأول حتى أن حسمها الحكم المطعون فيه بقوله: "ولم تثبت الجمعية حدوث الخلل أو التلف الذي ادعته في سقف المخزن ولا سببه وأن إصلاح ذلك التلف كان مستعجلاً لا يحتمل الالتجاء إلى القضاء المستعجل لإثباته والترخيص في إجراء الترميم الضروري له على نفقة المؤجر، ومن ثم فلا يجوز للجمعية خصم نفقات الترميم المدعاة من الأجرة" وهي أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق، ومن ثم فإن تضمين المطعون ضده ما أعتقد أحقيته له من زيادات في الأجرة إعمالاً لنص المادة 7 من القانون رقم 136 لسنة 1981 وتضمينه أيضاً كامل الأجرة المستحقة له دون خصم ما ادعاه الطاعن من نفقات ترميم بالعين المؤجرة لا يجعل التكليف بالوفاء باطلاً ولا على الحكم المطعون فيه إن أعتد بسلامة التكليف وعدم بطلانه ويضحى النعي على غير أساس". (نقض مدني في الطعن رقم 2759 لسنة 58 قضائية – جلسة 21/1/1993. المرجع السابق – القاعدة رقم 383 – صـ 710 و 711).

بل أكثر من ذلك، فقد قضت محكمة النقض بأن قابلية جزء من الأجرة للتقادم لا يرتب بطلان التكليف بالوفاء بها:

حيث قضت محكمة النقض بأن: "تمسك الطاعنة بسقوط جزء من الأجرة المشار إليها بالتكليف، بالتقادم الخمسي، لا يترتب عليه بطلان هذا التكليف، ذلك أن التقادم المسقط لا يتعلق بالنظام العام، ويجوز لصاحب المصلحة النزول عنه بعد ثبوت الحق فيه، وأوجب القانون على ذي المصلحة التمسك به لإعمال أثره، ومن ثم فإنه لا يكون من شأن ترتيب هذا الأثر بتقرير سقوط جزء من دين الأجرة أي تأثير على ما تم من إجراءات استوجب القانون اتخاذها قبل رفع الدعوى بالإخلاء". (نقض مدني في الطعن رقم 29 لسنة 56 قضائية – جلسة 5/3/1987. المرجع السابق – القاعدة 484 – صـ 711 و 712).

وقضت أيضاً محكمة النقض بأن: "التكليف بالوفاء إعذار للمستأجر بدين الأجرة المتأخرة عليه، ويكفي لصحته أن يتضمن مقدار الأجرة التي يعتقد المؤجر أن ذمة المستأجر مشغولة به طالما أن لهذا الاعتقاد ما يبرره، حتى ولو كان بعض الأجرة قد سقط بالتقادم الخمسي، لأن إعمال هذا التقادم يتوقف على تمسك المستأجر به". (نقض مدني في الطعن رقم 2287 لسنة 60 قضائية – جلسة 28/11/1994. المرجع السابق – القاعدة رقم 385 – صـ 712).

لذلك

فالمنذر بصفته ينبه على المنذر إليه بضرورة التزام المنذر إليه بسداد قيمة الأجرة المستحقة والمتأخرة عليه منذ شهر فبراير 2001 حتى تاريخه، والتي بلغت مبلغاً وقدره 4866.45جم (أربعة آلاف وثمانمائة وستة وستون جنيهاً وخمسة وأربعون قرشاً) حتى شهر فبراير من عام 2009 فضلاً عما يُستجد منها حتى تاريخ السداد الفعلي رضاءاً أو قضاءاً.

"وبناء عليه"

أنا المحضر سالف الذكر قد انتقلت إلي حيث محل إقامة وتواجد المعلن إليه، وأعلنته بهذا الإعلان للعلم بما جاء وما أشتمل عليه وسلمته صورة منه للعمل بموجبه ونبهت عليه بنفاذ مفعوله في حقه قانوناً، وكلفته بأن يبادر على الفور بسداد قيمة الأجرة القانونية وملحقاتها المستحقة والمتأخرة عليه منذ شهر فبراير 2001 حتى تاريخه، والتي بلغت مبلغاً وقدره 4866.45جم (أربعة آلاف وثمانمائة وستة وستون جنيهاً وخمسة وأربعون قرشاً) حتى شهر فبراير من عام 2009 فضلاً عما يُستجد منها حتى تاريخ السداد الفعلي رضاءاً أو قضاءاً، وذلك إلى المنذر بصفته في موطنه خلال 15 يوماً من تاريخ إعلانه بهذا الإعلان وإلا لجاء المنذر بصفته إلى إقامة دعوى فسخ عقد إيجار المحل المُؤجر له وإخلائه منه وتسليمه للطالب خالياً من الأشياء والأشخاص بالحالة الحسنة التي كانت عليها عند التعاقد مع التنفيذ عليه بقيمة متأخرات الأجرة بطريق التنفيذ الجبري. مع تحميله بكافة العواقب القانونية المدنية والجنائية.

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

ASHRAF.RASHWAN@GMAIL.COM

السبت، 4 يوليو 2009

الطلب الاقتصادي

الطلب الاقتصادي

تمهيد:

وراء "عرض" كل سلعة تكمن فكرة الندرة. ووراء "الطلب" على السلعة تمكن فكرة الحاجة.

وبذلك، فإن "ندرة" السلعة، و "الحاجة" إليها، كلاهما يجب توافره حتى يكون للسلعة "ثمن".

فشدة الحاجة إلى شيء (عظيم المنفعة) لا تكفي وحدها لكي يكون له "ثمن"، ما لم تتحقق صفة "الندرة" لهذا الشيء. فالهواء مثلاً عظيم المنفعة والحاجة إليه شديدة، ولكن الكميات المتوفرة منه تزيد عن حاجة كل الناس. أي تنتفي بشأنه صفة "الندرة"، ولهذا يعتبر مالاً مباحاً، ومن ثم فليس له "ثمن".. كذلك، إذا انتفت الحاجة إلى شيء ما لا يمكن أن يكون له ثمن. بصرف النظر عن درجة ندرته. فاللحوم مثلاً – رغم ندرة الكمية الموجودة منها – لا يمكن أن يكون لها ثمن في مجتمع من النباتيين. حيث لا تقوم الحاجة إليها أصلاً في مثل هذا المجتمع. (وكذلك الحال بالنسبة للحم الخنزير في مجتمع إسلامي).

"الحاجة" إذن إلى السلعة (مترجمة في الطلب عليها)، و "ندرة" هذه السلعة (مترجمة في عرضها)، يتفاعلان سوياً ويؤديان معاً إلى تكوين (الثمن)، في (السوق).

أولاً- الطلب

تعريف الطلب:

* يُعرف طلب السوق على سلعة ما بأنه: "الكمية التي يكون المستهلكون مُستعدين وقادرين على شرائها عند الأثمان المحتملة لها في فترة زمنية معينة، مع افتراض بقاء الأشياء الأخرى على حالها – other things are the same ".

ويُلاحظ في هذا التعريف للطلب ما يأتي:

1- أنه يقرن القدرة بالرغبة (مستعدون وقادرون على شرائها)، حيث أن "الرغبة" بمفردها لا تأثير لها على حجم المشتريات في السوق، ما لم تكن مصحوبة بـ "القدرة" أي مزودة بالقوة الشرائية – purchasing power .

2- أن الكميات المختلفة للطلب، ترتبط كل منها بثمن معين وزمن معين. فلا يكفي أن نقول مثلاً أن المستهلكين يطلبون ألف وحدة من سلعة ما عندما يكون سعر الوحدة عشرة قروش، بل يجب أن نعلم الفترة الزمنية التي يطلب فيها المستهلكون هذه الكمية عند هذا الثمن (أسبوع – أو شهر – أو سنة مثلاً).

3- أنه يفترض أن الكميات المطلوبة لا تتأثر إلا بالأثمان المحتملة للسلعة نفسها، ولا تتأثر بغير ذلك من المتغيرات الأخرى. ذلك أن هناك عدة عوامل (بالإضافة إلى ثمن السلعة) تؤثر في هذه الكميات، غير أننا في دراسة الطلب نجرد هذه العوامل (أو نثبتها بمعنى أدق) حتى يمكننا التركيز على العلاقة بين ثمن السلعة موضع البحث والكمية المطلوبة منها. هذا التثبيت هو المقصود بافتراض بقاء الأشياء الأخرى على حالها.

4- مع ملاحظة أن المستهلك يستمر في طلب السلعة إذا كانت المنفعة التي يحصل عليها أكبر من السعر المحدد لها، وذلك حتى تتعادل المنفعة الحدية مع السعر السائد في السوق، وعلى ذلك فإن المستهلك يقوم بالتوفيق بين دخله وذوقه من جهة وبين السعر السائد في السوق من جهة أخرى عن طريق تحديد الكمية التي يشتريها.

قانون الطلب:

* رأينا أن تعريف الطلب على هذا النحو، يركز على علاقة معينة بين الثمن والكمية المطلوبة. وهي العلاقة التي يؤثر فيها الثمن في الكمية المطلوبة، وليس العكس. أي أن الثمن هو "المتغير المستقل"، والكمية المطلوبة هي "المتغير التابع".

وهذه العلاقة بين الثمن "كمتغير مستقل"، والكمية المطلوبة "كمتغير تابع" علاقة "عكسية". فإذا أرتفع ثمن السلعة انخفضت الكمية المطلوبة. والعكس صحيح: إذا انخفض ثمن السلعة ارتفعت الكمية المطلوبة منها. هذه العلاقة العكسية هي ما يعرف بـ " قانون الطلب – law of demand ".

فقانون الطلب ينص على أنه: "تتمدد الكمية المطلوبة من سلعة معينة عندما ينخفض ثمنها، وتنكمش عندما يرتفع ثمنها، وذلك بفرض بقاء العوامل الأخرى ثابتة".

تفسير قانون الطلب: (المذكرة التفسيرية للقانون)؟!!

س : لماذا توجد هذه العلاقة العكسية بالنسبة لطلب كل مستهلك؟

ج : إن تغير ثمن السلعة يؤدي إلى تغير الكمية التي يطلبها المستهلك، وذلك لسببين:

1- إنه إذا أرتفع ثمن السلعة، فإن ذلك يعني أن المستهلك، إذا أراد أن يشتري نفس الكمية التي كان يشتريها عند الثمن المنخفض، فإن عليه أن ينفق على شراء السلعة مبلغاً أكبر مما كان ينفقه قبل ارتفاع الثمن، وبالتالي فإن المُتبقي له من دخله بعد الإنفاق على السلعة (الآن) سيكون أقل مما كان يتبقى له عندما كان الثمن منخفضاً، أي أن المستهلك سيشعر الآن أنه "أفقر" من ذي قبل. ولهذا، وللتخفيف من هذا التأثير على دخله، فإنه يعمد إلى الإقلال من الكمية التي يطلبها من السلعة التي أرتفع ثمنها. ويحدث العكس في حالة انخفاض الثمن، مع بقاء دخل المستهلك النقدي ثابتاً، فإن ذلك يعني ارتفاع الدخل الحقيقي لهذا المستهلك، ومن ثم زيادة مقدرته الشرائية، وينجم عن ذلك زيادة الكميات التي يشتريها من السلعة التي انخفض ثمنها. ويُطلق على هذا الأثر: " أثر الدخل income effect ".

2- وأنه إذا أرتفع ثمن السلعة، فإن المستهلك يعمد إلى أن يحل محلها – جزئياً – في الاستهلاك سلعاً أخرى تشبع لديه نفس الحاجة ولو بقدر أقل. ومعنى ذلك أن ينقص المستهلك من طلبه على السلعة التي أرتفع ثمنها، ويزيد من طلبه على السلع الأخرى التي لم يرتفع ثمنها. وإذا انخفض ثمن سلعة معينة فإن المستهلك يزيد من مشترياته منها، إذ يقوم بإحلال وحدات هذه السلعة التي انخفض ثمنها محل بعض أو كل وحدات سلعة أخرى لم ينخفض ثمنها، فإذا انخفض ثمن الشاي مثلاً فإن المستهلك يقوم بإحلال الشاي محل البن (الذي لم ينخفض ثمنه)، ومن ثم يزيد مشترياته من الشاي. ويُطلق على هذا الأثر: " أثر الإحلال substitution effect ".

جدول الطلب:

* ويبين جدول الطلب ( demand schedule ) الكميات التي يطلبها المستهلكون من سلعة معينة في وحدة الزمن عند أي سعر معين، وذلك بفرض ثبات العوامل الأخرى (غير السعر) التي تؤثر في الطلب (مثل دخل المستهلك، وتقديره الشخصي للسلعة)، وعلى ذلك فجدول الطلب يفيدنا في معرفة الكميات المطلوبة من السلعة عند سعر معين، ومعرفة أثر تغير سعر السلعة على الكميات المطلوبة منها.

ويمكن أن يكون جدول الطلب خاصاً بمستهلك واحد، كما يمكن أن يكون خاصاً بجميع المستهلكين في سوق معينة.

ويبين الجدول التالي العلاقة بين ثمن سلعة معينة، ولتكن "س" مثلاً، وبين الكميات المطلوبة منها في أحد الأسواق شهرياً..

ويوضح هذا الجدول طلب أحد المستهلكين الشهري على السلعة "س"، فإذا كان ثمن الكيلو جرام من "س" عشرة قروش، فإن المستهلك يشتري 58 كيلو جراماً في الشهر، أما إذا كان الثمن مرتفعاً عن ذلك، وليكن عشرون قرشاً، فإن المستهلك ينقص من مشترياته بحيث تصبح 41 كيلو جراماً في الشهر. وهكذا يستمر المستهلك في إنقاص مشترياته بزيادة الثمن إلى أن تصبح مشترياته 19 كيلو جراماً في الشهر عندما يكون الثمن خمسون قرشاً.

ويتضح إذن من الجدول أن الثمن يؤثر على الكمية المطلوبة تأثيراً عكسياً، فإذا انخفض الثمن زادت الكمية المطلوبة، والعكس إذا ارتفع الثمن.

مُنحنى الطلب:

* يمكن عرض الأثمان المختلفة للسلعة "س" وما يناظرها من الكميات المطلوبة منها في شكل بياني، فإذا قسنا الأثمان على المحور الرأسي والكميات المطلوبة على المحور الأفقي، ثم رصدنا على الرسم النقط التي تعبر عن الكميات المطلوبة عند مختلف الأسعار، فعند توصيل هذه النقط بعضها ببعض نحصل على منحنى الطلب.

ومن الرسم يتضح أن منحنى الطلب ينحدر إلى أسفل من اليسار إلى اليمين، دالاً بذلك على أن العلاقة بين الثمن والطلب علاقة عكسية، فكلما انخفض الثمن تمدد الطلب، وكلما أرتفع الثمن أنكمش الطلب.

منحنيات شاذة:

* ويلاحظ أن معظم منحنيات الطلب تماثل الشكل السابق، أي أنها تنحدر إلى أسفل من اليسار إلى اليمين، إلا أننا نجد بعض منحنيات الطلب الشاذة التي تتجه في جزء منها إلى أعلى دالة بذلك على تمدد الكميات المطلوبة كلما أرتفع سعر السلعة. ومن أهم منحنيات الطلب الشاذة:

1- حالات طلب الفقراء على بعض الضروريات الأساسية كالخبز مثلاً، فالخبز يستنفذ جزءاً كبيراً من دخل الطبقات الفقيرة، وارتفاع سعره يؤدي إلى انخفاض الدخل لهذه الطبقات، ولكي يشبع المستهلك حاجته إلى الغذاء فإنه يزيد من استهلاك الخبز الذي يظل سعره منخفضاً نسبياً (رغم ارتفاعه) إذا ما قارنه المستهلك بأسعار السلع الغذائية الأخرى.

2- كذلك من الأمثلة الهامة على حالات الطلب الشاذة، هي حالات طلب الأغنياء على بعض سلع الترف، فمن الواضح أن ارتفاع أسعار هذه السلع، وبالتالي إشباع غريزة حب الظهور هو السبب الرئيسي في إقبال الأغنياء على شرائها، فإذا انخفضت أسعار هذه السلع، كما إذا انخفضت أسعار بعض أنواع "السيجار" مثلاً، زالت عنها هذه الصفة وبالتالي أنكمش طلبهم عليها، أما إذا ارتفعت أسعارها فإن طلبهم عليها يتوسع.

الطلب الفردي والطلب الكلي:

* كما ذكرنا آنفاً، فإن جدول الطلب يمكن أن يكون خاصاً بمستهلك واحد (جدول الطلب الفردي)، كما يمكن أن يكون خاصاً بجميع المستهلكين (جدول الطلب الكلي).

فالطلب الكلي، على السلعة "س" مثلاً، هو: "مجموع ما يطلبه المستهلكون من هذه السلعة عند ثمن معين في وقت معين".

وكما قمنا برسم منحنى الطلب الفردي (منحنى طلب أحد المستهلكين) على السلعة "س"، يمكننا أيضاً رسم منحنى الطلب الكلي (لجميع المستهلكين) على هذه السلعة. ويتخذ منحنى الطلب الكلي نفس شكل منحنى الطلب الفردي، وإن كان منحنى الطلب الكلي أكثر تأثراً بتغيرات الأثمان من منحنى الطلب الفردي، ويرجع السبب في ذلك إلى أن: 1) تغير الطلب الكلي يكون نتيجة لتغير الطلب الفردي، من جهة؛ 2) وتغير عدد المستهلكين، من جهة أخرى.

تغير "الطلب"، وتغير "حالة الطلب":

* يستخدم الاقتصاديون تعبير "تغير الطلب" للدلالة على التغير في الكميات المطلوبة نتيجة لتغير الثمن، فإذا كان هذا التغير بالزيادة نتيجة لانخفاض الثمن أطلق عليه "تمدد (أو توسع) الطلب"، أما إذا كان هذا التغير بالنقص نتيجة لارتفاع الثمن أطلق عليه "انكماش الطلب". (وهو يعني: الانتقال من نقطة إلى أخرى على ذات منحنى الطلب).

أما التغيرات التي تطرأ على الكميات المطلوبة نتيجة لعوامل أخرى غير الثمن، أي عند نفس الثمن، فيطلق عليها "تغير حالة الطلب"، فإذا كان هذا التغير بالزيادة أطلق عليه "زيادة الطلب"، أما إذا كان هذا التغير بالنقص أطلق عليه "نقص الطلب". (وهو يعني: تحرك منحنى الطلب كله عن موضعه).

العوامل المؤثرة في "حالة الطلب":

* ذكرنا في أولى ملاحظاتنا على تعريف الطلب "بقاء الأشياء الأخرى على حالها".

أ) فما هي "الأشياء الأخرى" التي افترضنا (في تعريفنا للطلب) بقاءها على حالها؟

ب) وهل هي في الحقيقة باقية على حالها؟

أ ) ما هي الأشياء الأخرى، المفترض بقائها على حالها؟

أما الأشياء الأخرى التي يُفترض بقاؤها على حالها، فهي مجموعة من العوامل التي تؤثر، بالإضافة إلى ثمن السلعة، على الكمية التي تطلب منها. وتتلخص هذه العوامل في أربعة:

1- عدد المُستهلكين.

2- دخول هؤلاء المُستهلكين.

3- ذوق المُستهلكين (بالنسبة للسلعة).

4- أثمان السلع الأخرى.

ونتناول كل عامل من هذه العوامل الأربعة بشيء من التفصيل على النحو التالي:

1- تغير عدد المُستهلكين:

* فأما عدد المُستهلكين، وأثره على الكمية المطلوبة من أي سلعة، فأمر بديهي. فلا شك أنه إذا زاد عدد المُستهلكين، زادت الكمية المطلوبة من السلعة عند كل ثمن؛ وإذا انخفض عدد المستهلكين انخفضت الكمية المطلوبة من السلعة عند كل ثمن.

وافتراضنا أن عدد المستهلكين ثابت في تعريفنا لجدول الطلب، يمكننا من أن نقطع بأن التغير في الكمية المطلوبة (في جدول الطلب)، من ثمن إلى آخر، لا يرجع إلى تغير عدد المُستهلكين.

2- دخول هؤلاء المُستهلكين – تغير الدخل:

* وأما عن دخول هؤلاء المُستهلكين، وأثرها على الكمية المطلوبة من أي سلعة، فلا شك أنه إذا ارتفعت دخول المستهلكين زادت قدرتهم على شراء السلعة، وبالتالي تزيد الكمية المطلوبة منها عند كل ثمن. وإذا انخفضت دخول المستهلكين قلت قدرتهم على شراء السلعة، وبالتالي تنخفض الكمية المطلوبة عند كل ثمن.

( إعادة توزيع الثروات: إذ يترتب على إعادة توزيع الثروات عادة زيادة دخول الفقراء وانخفاض دخول الأغنياء، فيزداد طلب الطبقات الفقيرة على السلع الضرورية، وينقص طلب الطبقة الغنية على الكماليات ).

وافتراضنا أن دخول المستهلكين ثابتة في تعريفنا لجدول الطلب، يمكننا من القول بيقين أن التغير في الكمية المطلوبة من ثمن لآخر لا يرجع إلى التغير في دخول المستهلكين.

3- ذوق المُستهلكين (بالنسبة للسلعة) – تغير ميول المُستهلكين:

* وأما عن ذوق المُستهلكين بالنسبة للسلعة، فأثره على الكمية المطلوبة منها من السهل بيانه، ذلك أن الكمية المطلوبة من أي سلعة تتوقف على مدى ميل المُستهلكين إليها. فإذا حدث تغير في الذوق أدى إلى زيادة الإقبال على السلعة، فإن الكمية المطلوبة منها عند كل ثمن تزداد. أما إذا حدث تغير في الذوق أدى إلى الانصراف عن السلعة، فإن الكمية المطلوبة منها عند كل ثمن تنخفض.

وافتراضنا أن أذواق المستهلكين ثابتة في تعريفنا لجدول الطلب يمكننا من القول بالتأكيد أن التغير في الكمية المطلوبة في جدول الطلب لا يرجع إلى التغير في ذوق المستهلكين.

ويُلاحظ أن العوامل التي تحدد تفضيلات المستهلك لمختلف السلع والخدمات لا تدخل ضمن نطاق التحليل الاقتصادي.

4- أثمان السلع الأخرى – تغير أثمان السلع البديلة والمتكاملة:( * )

* هناك سلعاً تشبع عند الفرد نفس الحاجة (ولو بدرجات متفاوتة- أي سلع بديلة). ولا شك أن التغير في ثمن واحدة من هذه السلع يؤثر على الكمية المطلوبة من السلعة الأخرى. فالقهوة والشاي مثلاً بينهما هذه العلاقة، وارتفاع ثمن القهوة يؤدي إلى انصراف البعض عنها (أو إنقاص البعض من استهلاكهم لها) والإقبال على استهلاك الشاي. والعكس إذ انخفض ثمن القهوة.

أما إذا كانت السلعتان ذات طلب متصل (أي متكاملتين)، مثل الشاي والسكر، فإن ارتفاع ثمن أحدهما يؤدي إلى نقص الطلب عليها وكذلك على السلعة الأخرى.

لهذا فإن افترضنا ثبات أسعار السلع الأخرى في تعريفنا لجدول الطلب على سلعة ما يمكننا من استنتاج أن التغير في الكمية المطلوبة في جدول الطلب لا يرجع إلى التغير في أثمان السلع الأخرى.

ب ) تلك الأشياء الأخرى، هل هي في الحقيقة باقية على حالها؟

* فيما سبق ذكرنا مضمون افتراض ثبات "الظروف الأخرى" عند تعريفنا للطلب. ذلك أن الانتقال من وضع إلى آخر في جدول الطلب (أي من نقطة إلى أخرى على منحنى الطلب) يعني تغيراً في الكمية المطلوبة. هذا التغير في الكمية لا يرجع إلى تغير في عدد المستهلكين، ولا إلى تغير في دخولهم، ولا إلى تغير في أذواقهم، كما لا يرجع إلى تغير في أثمان السلع الأخرى. وعندما نتحدث عن تعريف الطلب على سلعة ما، فإن التغير في الكمية المطلوبة منها يرجع إلى التغير في ثمن هذه السلعة دون غيره من العوامل، أي بافتراض ثبات الظروف الأخرى وبقائها على حالها.

ولكن هل تبقى "الظروف الأخرى" على حالها دائماً؟ وما هي النتيجة التي تترتب على تغير هذه الظروف؟

الواقع أن افتراض ثباتها يقتصر على جدول معين للطلب على السلعة. ولكن ليس معنى ذلك أنها لن تتغير، كل ما هنالك أنه إذا تغيرت كل (أو بعض) هذه الظروف، فإن حديثنا لا ينصرف إلى نفس الجدول (نفس المنحنى) الذي كان قائماً قبل أن تتغير هذه الظروف، وإنما جدول آخر (منحنى آخر) يصور أيضاً العلاقة بين الكمية المطلوبة من السلعة، والأثمان المختلفة لها، ولكن على أساس جديد من عدد المستهلكين، أو دخولهم، أو أذواقهم، أو أثمان السلع الأخرى، بعد التغير الذي حدث في هذه الظروف الأخرى. أي أنه إذا تغيرت "الظروف الأخرى" فإننا نكون بصدد جدول جديد لـ "حالة الطلب" (منحنى جديد لـ "حالة الطلب").

وفيما يلي نعطي مثالاً يبين الكميات المطلوبة من سلعة ما عند أسعار معينة، والكميات المطلوبة من هذه السلعة عند زيادة الدخل (مثلاً) على الرغم من ثبات الأسعار، ثم الكميات المطلوبة منها عند نقص الدخل رغم ثبات الأسعار..

ويتضح من الجدول أن الكميات المطلوبة من السلعة زادت بزيادة الدخل عند نفس الأسعار. كذلك يبين العمود الأخير نقص الكميات المطلوبة من السلعة نتيجة لنقص الدخل.

الخلاصة:

* يمكن تلخيص ما تقدم فيما يلي:

1- إن "التغير في الكمية المطلوبة" يتمثل في تحرك داخل جدول معين (أو تحرك على منحنى معين) للطلب؛ بينما "التغير في حالة الطلب" يتمثل في جدول جديد للطلب (أو انتقال منحنى الطلب بأكمله إلى وضع جديد).

2- أن "التغير في الكمية المطلوبة" من السلعة يرجع إلى التغير في ثمنها دون غيره من العوامل الأخرى؛ أما التغير في "حالة الطلب" فيرجع إلى تغير في واحد أو أكثر من العوامل الأربعة الأخرى سالفة الذكر.

3- أن هذه الظروف الأخرى يفترض أنها باقية على حالها طالما كان الحديث عن جدول معين (منحنى معين) للطلب.

مرونة الطلب:

* المقصود بالمرونة ( elasticity ) هنا هو درجة استجابة الكمية المطلوبة من السلعة للتغير في ثمنها في السوق أو للتغير في الدخل.

وتستخدم "مرونة الطلب السعرية" كأداة لقياس مدى تأثر الكميات المطلوبة بارتفاع الأسعار أو انخفاضها.

كما تستخدم "مرونة الطلب الدخلية" كأداة لقياس مدى تأثر الكميات المطلوبة بارتفاع الدخول أو انخفاضها.

مرونة الطلب السعرية:

* تعبر مرونة الطلب السعرية عن مدى تأثر الكميات المطلوبة بالتغيرات التي تطرأ على الأسعار، فعند ارتفاع السعر تنكمش الكميات المطلوبة من السلعة، وعند انخفاض السعر تتمدد الكميات المطلوبة. إلا أنه يراعى أن مدى هذا الانكماش أو هذا التمدد يختلف باختلاف المستهلكين كما يختلف باختلاف السلعة المستهلكة.

قياس مرونة الطلب السعرية:

* ولقياس درجة المرونة، أي درجة استجابة الكمية المطلوبة من السلعة للتغير في ثمنها في السوق، نستعين بالتغيرات النسبية في الأثمان والكميات، وليس بالمتغيرات المُطلقة.

ولهذا نلجأ (في قياسنا لمرونة الطلب على السلعة) إلى بحث العلاقة بين "التغير النسبي" في الكمية المطلوبة، و "التغير النسبي" في الثمن، وعلى وجه التحديد:

(التغير في الكمية ÷ الكمية) مقسوماً على (التغير في الثمن ÷ الثمن).

أو بعبارة أخرى:

(نسبة التغير في الكمية ÷ نسبة التغير في الثمن).

مثال:

فإذا كان المطلوب من سلعة ما هو (80) وحدة، عندما يكون الثمن (10) قروش. ثم ازدادت الكمية المطلوبة إلى (100) وحدة، عندما انخفض الثمن إلى (9) قروش.

مع ملاحظة أن فرق الزيادة [+] في وحدات السلع هو "20". وأن فرق الانخفاض [-] في الثمن هو "1".

فإن مرونة الطلب على السلعة = (20 ÷ 80) مقسوماً على (1 ÷ 10).

أي:

(+ 25% ÷ - 10%) = - 5ر2

بمعنى أن درجة المرونة (في هذه الحالة) تساوي سالب اثنان ونصف.

درجات المرونة:

* يقسم الاقتصاديون نظرياً درجات المرونة إلى خمس حالات:

1- مرونة تساوي صفر، أي عديم المرونة.

2- مرونة من صفر إلى واحد صحيح.

3- مرونة تساوي واحد صحيح، أي متكافئ المرونة.

4- مرونة أكبر من واحد صحيح.

5- مرونة لا نهائية.

وتعتبر الحالة الأولى، والحالة الخامسة، حالتان نادرتان. فالحالة الأولى تمثل طلب عديم المرونة، حيث لا يؤدي أي تغير في الثمن إلى تغير الكمية المطلوبة. والحالة الثانية تمثل الطلب لا نهائي المرونة. وهي نقيض الحالة الأولى، حيث يؤدي أي تغير طفيف في الثمن إلى تغير كبير جداً في الكمية المطلوبة.

وتوجد هنا ملاحظتان:

الأولى- أن التقسيم الواقعي لدرجات المرونة يتغاضى عن هاتين الحالتين النادرتين؛ ذلك أنه يندر أن يتخذ منحنى الطلب على أي سلعة شكل هذين المنحنيين. وعلى ذلك فإن درجات المرونة من وجهة النظر العملية، هي:

1- طلب غير مرن: وهو الذي تكون القيمة العددية لمرونته أقل من الواحد الصحيح.

2- طلب متكافئ المرونة: وهو الذي تكون القيمة العددية لمرونته مساوية للواحد الصحيح.

3- طلب مرن: وهو الذي تكون القيمة العددية لمرونته أكبر من الواحد الصحيح.

ووفقاً لهذا التقسيم تعتبر حالة الطلب عديم المرونة (المرونة = صفر) "حالة خاصة" من حالات الطلب غير المرن. كما تعتبر حالة الطلب كامل المرونة (مرونة = ما لا نهاية) "حالة خاصة" من حالات الطلب المرن.

ثانياً- أن القيمة العددية لمرونة الطلب ذات إشارة سالبة دائماً، باستثناء حالة واحدة هي حالة المرونة = صفر. ذلك أن نسبة التغير في الكمية، ونسبة التغير في الثمن، تختلفان في إشارة كل منهما. فإذا انخفض الثمن بنسبة عشرة في المائة مثلاً، فإن التعبير عن هذا في صورة عددية هو [ - 10% ] ، وإذا زادت الكمية المطلوبة بمقدار خمسين في المائة مثلاً، فإن التعبير عن هذا في صورة عددية هو [ + 50% ] . وبذلك فإن قياس المرونة في هذه الحالة هو [ + 50% ÷ - 10% = - 5 ].

وعلى هذا فإن كلامنا عن:

مرونة أقل من الواحد الصحيح؛

ومرونة تساوي الواحد الصحيح؛

ومرونة أكبر من الواحد الصحيح،

يجب أن تفهم على أنها في الواقع:

مرونة = ( أقل من – 1 )؛

ومرونة = ( تساوي – 1 )؛

ومرونة = ( أكبر من – 1 ).

العوامل المؤثرة في مرونة الطلب:

* تتوقف مرونة الطلب على مجموعة من العوامل، نلخصها فيما يلي:

1- وجود بديل للسلعة، ودرجة كماله: يمكن القول بوجه عام، أنه يوجد بديل لعدد كبير من السلع، فالأرز مثلاً يصلح بديلاً للبطاطس، ووسائل المواصلات العامة تصلح بديلاً لوسائل المواصلات الخاصة، والأقمشة القطنية تصلح بديلاً للمنسوجات الحريرية.

وتتوقف مرونة الطلب على سلعة ما على أمرين متعلقين بهذا البديل:

أ‌- عدد السلع أو الخدمات التي تصلح بديلاً للسلعة أو الخدمة موضع البحث: فكلما زاد عدد السلع التي تصلح بديلاً للسلعة، كلما كان الطلب على السلعة أكثر مرونة. فاللحوم بأنواعها المختلفة، والأسماك بأنواعها المختلفة، والطيور بأنواعها المختلفة، كلها سلع يصلح كل منها بديلاً للآخر. ولذلك فإن الطلب على أي نوع من هذه السلع يعتبر طلباً مرناً، إذا أرتفع ثمن واحدة من هذه السلع (وبقيت الأثمان الأخرى على حالها) قلت الكمية المطلوبة منها بدرجة كبيرة، والعكس إذا انخفض الثمن.

ب‌- درجة كمال البديل: ذلك أنه كلما اقترب البديل من الكمال، كلما ارتفعت مرونة الطلب على السلعة. فأنواع الأسماك المختلفة مثلاً تعتبر بديلاً كاملاً لبعضها البعض، فإذا انخفض ثمن نوع منها زادت الكمية المطلوبة منه زيادة كبيرة، وذلك لإقبال المستهلكين على هذا النوع وانصرافهم عن الأنواع الأخرى. والعكس إذا أرتفع الثمن، أي أن الطلب على هذا النوع يعتبر مرناً.

2- ضرورة السلعة: فالطلب على السلع الضرورية يكون عادة قليل المرونة، فارتفاع ثمن الخبز مثلاً لا يؤدي إلى انخفاض كبير في الكمية المستهلكة منه. وتختلف مرونة الطلب على السلعة الواحدة باختلاف ثمنها، فتقل كلما انخفض الثمن وتزداد كلما أرتفع الثمن. ومن ثم فلا يمكننا القول بأن مرونة الطلب بوجه عام قليلة في حالة السلع الضرورية إذ أن هذه المرونة تختلف من ثمن لآخر، هذا فضلاً عن أن اعتبار السلعة ضرورية أم كمالية يختلف هو الآخر من شخص لآخر، كما يختلف بمضي الوقت نتيجة للتغيرات التي تطرأ على أنماط الاستهلاك.

3- صغر ثمن السلعة: وفي هذه الحالة لا يؤدي ارتفاع ثمن السلعة إلى اضطراب ميزانية المستهلك نظراً لأن نسبة ما ينفقه المستهلك عليها من دخله قليلة، ومن ثم فإن ارتفاع ثمن السلعة لا يؤدي إلى نقص كبير في الكمية المستهلكة منها، أي أن الطلب عليها غير مرن، ومن الأمثلة على ذلك الملح والكبريت.

4- دخل المستهلك: إذا كان دخل المستهلك كبيراً فإن طلبه على مختلف السلع والخدمات يكون قليل التأثر بالتغيرات التي تطرأ على أثمانها، أي قليل المرونة. أما إذا كان دخل المستهلك محدوداً فإن طلبه يتأثر بدرجة ملحوظة نتيجة لتغير ضئيل في أثمان السلع والخدمات، أي يكون الطلب كبير المرونة.

5- تعدد استعمالات السلعة: كلما تعددت استعمالات السلعة كلما ارتفعت مرونة الطلب عليها، والعكس إذا ضاقت أوجه استعمالات السلعة. فإذا كنا بصدد سلعة متخصصة، فإن أي انخفاض في ثمنها لا يؤدي إلى زيادة كبيرة في الطلب عليها، وبالعكس فإن ارتفاع ثمنها لا يؤدي إلى نقص كبير في الطلب عليها. أي أن الطلب عليها يكون غير مرن (مثل النظارات الطبية)، أما إذا تعددت استعمالات السلعة فإن الطلب عليها يتسم بالمرونة (مثل الأخشاب مثلاً).

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

ashraf.rashwan@gmail.com




( * ) تقسم السلع إلى "سلع متنافسة" و "سلع متكاملة"، ويقوم هذا التقسيم على أساس علاقة السلع ببعضها البعض، من حيث إشباع الحاجة الإنسانية إليها. فالسلع تكون متنافسة (أو بديلة) عندما تؤدي الزيادة في استهلاك إحداهما إلى انخفاض في استهلاك الأخرى. والأمثلة على هذا النوع من السلع كثيرة ونلمسها في حياتنا اليومية: فالأقمشة القطنية والأقمشة الحريرية، والأتوبيس والمترو، والشاي والقهوة. كلها سلع متنافسة يمكن إحلال كل منها محل بديلتها لإشباع حاجة إنسانية محددة.أما السلع المتكاملة فهي التي تؤدي زيادة الاستهلاك في إحداها إلى زيادة مقابلة في استهلاك الأخرى، فالسلعتان في هذه الحالة تستهلكان كوحدة واحدة، لأن كل منهما تكون عديمة الفائدة (أو على الأقل تقل فائدتها كثيراً) إذا لم توجد مكملتها. ومثال هذا النوع: القلم والحبر، والشاي والسكر، والكهرباء والأدوات الكهربائية، ووحدتي القفاز اليمنى واليسرى.