الجمعة، 3 يوليو 2009

الامتداد القانوني لعقود إيجار الأماكن - المعدة للسكنى ولغير أغراض السكنى

المبادئ العامة للإمتداد القانوني في عقود إيجار الأماكن

تنص الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه: "... لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك ...".

ويبين من نص الفقرة الأولى من المادة 29 سالفة الذكر، أنه يشترط لامتداد الإيجار لصالح زوج وأقارب المستأجر إذا توفي أو ترك العين خلال فترة الامتداد القانوني للإيجار توافر الشروط الآتية:

وفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين المؤجرة.

أن يكون المستفيد من الامتداد الزوج والأولاد والوالدان.

إقامة الزوج والأولاد والوالدين في العين المؤجرة حتى الوفاة أو الترك.

وما يهمنا هنا هو بحث مدى انطباق وتطبيق الشرط الثاني على وقائع دعوانا الماثلة، وإن كنا ننوه على الشرطين الأول والثالث بكلمة عابرة، على النحو التالي:

الشرط الأول- وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة:

والمقصود بالترك في هذا الخصوص هو تخلي المستأجر الأصلي عن العين المؤجرة لصالح من كانوا يقيمون معه وقت حصول الترك تخلياً فعلياً، والترك المعول عليه هو الترك الإرادي، وتعبير المستأجر عن إرادته في التخلي عن العين المؤجرة قد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياً. وواقعة ترك المستأجر العين المؤجرة لآخر من مسائل الواقع وتستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.

الشرط الثاني- "أن يكون المستفيد من الامتداد الزوج أو الأولاد أو الوالدان":

والزوج يشمل الذكر والأنثى، فإذا كان الرجل هو مستأجر المسكن وترك المسكن أو توفي فإن زوجته تفيد من حكم الامتداد، وإذا كانت الزوجة هي المستأجرة وتركت المسكن أو توفيت أفاد الزوج من حكم الامتداد.

والمقصود بالأولاد الذين يفيدون من الامتداد، الأبناء الحقيقيون، والأبناء الذين يثبت نسبهم للمستأجر الأصلي طبقاً للشريعة الإسلامية. أما الأبناء بالتبني، فلا يفيدون من الامتداد.

درجة القرابة والإقامة – وليس الإرث – شرط للامتداد:

فإذا كان الشخص المقيم مع المستأجر قبل الوفاة أو الترك ليس زوج ولا أبن ولا والد للمستأجر، فلا يفيد من حكم النص ولو كان وارثاً للمستأجر.

إذ أنه من المُقرر قانوناً أن حق المستأجر في البقاء في العين المؤجرة بعد انقضاء مدة عقده (الثابتة في عقد الإيجار) للامتداد القانوني (بقوة القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن)، هذا الحق هو حق شخصي لصيق بشخص المستأجر فينتهي بوفاته ولا يوجد في تركته وبالتالي لا يورث عنه ولا يجوز لورثته أن يتمسكوا به لمجرد كونهم وراثين له، وإن كان يجوز أن ينشأ لهم حق في الاستمرار في الإجارة إذا أثبتوا أنهم درجة القرابة المنصوص عليها في المادة 29 سالفة الذكر وأنهم كانوا مقيمين معه في العين المؤجرة لحين وفاته.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "المقرر ـ في قضاء محكمة النقض ـ أن النص في الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 يدل على أن المشرع عدد حالات استمرار إيجار المسكن الخاضع لتشريعات إيجار الأماكن بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين حصراً، جاعلاً القاعدة فيمن يستمر العقد لصالحه من ذويه الذين أوردهم تحديداً ـ هي "الإقامة" مع المستأجر الأصلي ولم يجعل ركيزة هذه القاعدة علاقة "الإرث" بين المستأجر الأصلي وورثته، مما مفاده أن دعوى الإخلاء لانتهاء العقد بوفاة المستأجر أو تركه العين هي دعوى لا تتعلق بتركته التي تكون محلا للتوريث، ومن ثم فلا يكون ثمة محل لوجوب اختصام ورثته". (نقض مدني في الطعن رقم 2511 لسنة 65 قضائية – جلسة 7/2/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 313 – فقرة 1).

امتداد عقد إيجار المسكن للأقارب من الدرجة الأولى فقط:

فالامتداد القانوني لعقود إيجار المساكن الخاضعة لأحكام الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 سالفة الذكر، لا يستفيد منها إلا أقارب المستأجر من الدرجة الأولى فقط بعد صدور الكثير من أحكام المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية النص الأصلي لتلك المادة.

ولما كانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت في القضية رقم 116 لسنة 18 قضائية "دستورية" المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم "33" بتاريخ 14/8/1997 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شان تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر من أنه "وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً حتى الدرجة الثالثة، يشترط لاستمرار عقد الإيجار، إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركة للعين أو مدة شغله للمسكن أيتهما أقل".

لما كان ذلك، وكان من المُقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه: "تنص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أن أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية ... مُلزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة. وتُنشر الأحكام ... في الجريدة الرسمية ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص من قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشره. ومفاد هذا النص أن الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية – وهي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري – تكون لها حجية مُطلقة ولا يقتصر أثرها على الخصوم في تلك الدعاوى التي صدرت فيها، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وكذلك جميع سلطات الدولة، كما أن مؤدى عدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته من اليوم التالي لنشر الحكم – وعلى ما جاء بالمُذكرة الإيضاحية للقانون - لا يقتصر على المستقبل فحسب، وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم". (الطعن رقم 48 لسنة 3 قضائية "دستورية" – جلسة 11/6/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 2 – صـ 148 – فقرة 1).

مما مؤداه إن الامتداد القانوني لعقد الإيجار المنصوص عليه في المادة 29 آنفة الذكر أصبح مقصورا على الزوجة والأولاد وأي من والدي المستأجر، وهم الأقارب من الدرجة الأولى فقط دون غيرهم.

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "... وحيث أن المقرر في قضاء هذه المحكمة ـ أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها كما يجوز للخصوم وللنيابة العامة - إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت على الجزء المطعون فيه من الحكم، وكان من المقرر أيضا أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في قانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها إن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز الدستورية باعتباره قضاء كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص ولازم ذلك إن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله هذه المحكمة من تلقاء نفسها. ولما كانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت في القضية رقم 116 لسنة 18 " قضائية دستورية " المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم "33" بتاريخ 14/8/1997 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شان تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر من أنه "وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركة للعين أو مدة شغله للمسكن أيتهما أقل" مما مؤداه إن الامتداد القانوني لعقد الإيجار المنصوص عليه في المادة آنفة الذكر أصبح مقصورا على الزوجة والأولاد وأي من والدي المستأجر وهم الأقارب من الدرجة الأولى". (نقض مدني في الطعن رقم 4510 لسنة 65 قضائية – جلسة 10/2/2002).

يتعين على المحكمة استظهار درجة القرابة:

فمن المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادتين 8 و 29/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، يدل على أن المشرع استلزم لتطبيق هذا النص القانوني أن تكون للمقيم درجة قرابة معينة، بالإضافة إلى شرط الإقامة عند وفاة المستأجر، ويتعين على المحكمة أن تستظهر هذين الشرطين لاستمرار عقد الإيجار لأقارب المستأجر". (نقض مدني في الطعن رقم 417 لسنة 54 قضائية – جلسة 8/3/1990).

ولاحتساب درجة القرابة بالنسب للأقارب المستفيدين من الامتداد القانوني يتعين إعمال نص المادة 36 من القانون المدني، فتحسب درجة القرابة بعدد الدرجات صعوداً من الفرع للأصل المشترك، ثم نزولاً إلى الفرع الآخر، وكل فرع عدا الأصل المشترك يعتبر درجة. وعلى ذلك: فالحفيد والحفيدة أقارب من الدرجة الثانية؛ فأقارب المستأجر من الدرجة الثانية هم: أبناء وبنات الابن، وأبناء وبنات البنت (أي الأحفاد)، والجد والجدة لأب أو لأم (الجدود). والأخ والأخت لأبوين أو لأب أو لأم (الأخوة). بينما العم والعمة والخال والخالة أقارب من الدرجة الثالثة، وأبن وابنة العم وأبن وابنة الخال وأبن وابنة العمة وأبن وابنة الخالة أقارب من الدرجة الرابعة.

وحيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادتين 35 و 36 من القانون المدني يدل – وعلى ما جاء بالأعمال التحضيرية – أن قرابة ابنة الخال هي قرابة من الدرجة الرابعة باحتساب درجتين صعوداً إلى الأصل المشترك ودرجتين نزولاً منه إلى القريب". (نقض مدني في الطعن رقم 1193 لسنة 54 قضائية – جلسة 5/2/1990).

فإذا كان الشخص المقيم مع المستأجر قبل الوفاة أو الترك لا تربطه به درجة القرابة المنصوص عليها في المادة 29 سالفة الذكر، فإنه لا يفيد من حكم هذا النص، ولو كان وارثاً للمستأجر.

مسألة الامتداد للحفيد:

الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، كانت تنص على أنه:

"مع عدم الإخلال بحكم المادة 8 من هذا القانون، لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين، إذا بقي فيها زوجة أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك، وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً أو مصاهرة حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه العين أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل".

وحكم هذه المادة يتناول طائفتين من المستفيدين من الامتداد القانوني:

الطائفة الأولى: وهي الزوجة أو الأولاد أو أي من الوالدين، وهؤلاء لا يشترط إقامتهم مع المستأجر الأصلي لمدة معينة، فيكفي فقط درجة القرابة للاستفادة من الامتداد القانوني لعقد الإيجار.

الطائفة الثانية: أما فيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر الأصلي نسباً أو مصاهرة حتى الدرجة الثالثة، فيشترط لاستفادتهم من ميزة الامتداد القانوني لعقد إيجار المستأجر الأصلي أن يقيموا معه في العين المؤجرة لمدة سنة واحدة على الأقل سابقة على الوفاة أو الترك، أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل.

وقد قضت المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 6 لسنة 9 قضائية "دستورية" الصادر بجلسة 18/3/1995 (والمنشور بالجريدة الرسمية في العدد 14 بتاريخ 6/4/1995) بعدم دستورية ما تضمنته المادة 29 سالفة الذكر من استمرار عقد إيجار المسكن – عند ترك المستأجر الأصلي له – لصالح أقاربه بالمصاهرة حتى الدرجة الثالثة الذين أقاموا معه في العين المؤجرة مدة سنة على الأقل سابقة على تركه العين أو مدة شغله لها آيتهما أقل.

ثم قضت المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 3 لسنة 18 قضائية "دستورية" الصادر بجلسة 4/1/1997 (والمنشور بالجريدة الرسمية في العدد 3 بتاريخ 16/1/1997) بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 29 سالفة الذكر من أن "وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر مصاهرة حتى الدرجة الثالثة، يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو مدة شغله للمسكن آيتهما أقل".

ثم قضت المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 116 لسنة 18 قضائية "دستورية" الصادر بجلسة 2/8/1997 (والمنشور بالجريدة الرسمية في العدد 33 بتاريخ 14/8/1997) بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 29 سالفة الذكر من أن "وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً حتى الدرجة الثالثة، يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو مدة شغله للمسكن آيتهما أقل".

ومفاد أحكام المحكمة الدستورية العليا الثلاثة السابقة أن ما تضمنه نص المادة 29 سالفة الذكر من أن: ... وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً أو مصاهرة حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه العين أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل". هو غير دستوري، وبالتالي لم يبق من تلك المادة – وأيضا بعد الحكم بعدم دستورية حظر احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد بالمادة 8 من هذا القانون – سوى النص على أنه: "لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين، إذا بقي فيها زوجة أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك". فقط دون سواهم.

أي أنهم لم يبق من الطائفتين التي كان منصوص عليهما في تلك المادة سوى الطائفة الأولى فقط، أما الطائفة الثانية فقد قضي بعدم دستورية الامتداد إليها بالأحكام الدستورية الثلاثة سالفة الذكر.

لما كان ذلك، وكانت المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا، تنص على أن:

"أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير مُلزمة لجميع السلطات وللكافة. ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يُحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مُباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المُدعي من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص".

هذا، ومن المُقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه: "تنص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسن 1979 على أن أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية ... مُلزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة. وتُنشر الأحكام ... في الجريدة الرسمية ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص من قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشره. ومفاد هذا النص أن الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية – وهي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري – تكون لها حجية مُطلقة ولا يقتصر أثرها على الخصوم في تلك الدعاوى التي صدرت فيها، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وكذلك جميع سلطات الدولة، كما أن مؤدى عدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته من اليوم التالي لنشر الحكم – وعلى ما جاء بالمُذكرة الإيضاحية للقانون لا يقتصر على المستقبل فحسب، وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم، على أن يستثني من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة تقادم". (الطعن رقم 48 لسنة 3 قضائية "دستورية" – جلسة 11/6/1983 مجموعة المكتب الفني – سنة 2 – صـ 148 – فقرة 1).

فأحكام المحكمة الدستورية العليا تسري بأثر رجعي ما لم تحدد المحكمة الدستورية في حكمها تاريخاً آخر لسريان حكمها، ويستثنى من الأثر الرجعي المراكز القانونية التي تكون قد استقرت نهائياً سواء بالتقادم الطويل (15 سنة) أو بحكم قضائي نهائي.

لما كان ذلك، وكانت الأحكام الدستورية الثلاثة سالفة الذكر لم تحدد تاريخاً آخر لسريانها، لذا فهي تسري بأثر رجعي على جميع الوقائع التي تحكمها باستثناء ما استقر منها بالتقادم أو بحكم قضائي نهائي. فيعتبر النص المقضي بعدم دستورية غير موجود من تاريخ صدوره ولا يترتب عليه أي أثر قانوني بعد الحكم بعدم دستورية، فيكون هو والعدم سواء.

هذا وقد قضت محكمة النقض في حكم حديث لها بأنه: "... وحيث أن المقرر في قضاء هذه المحكمة ـ أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها كما يجوز للخصوم وللنيابة العامة - إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت على الجزء المطعون فيه من الحكم، وكان من المقرر أيضا أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في قانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها إن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز الدستورية باعتباره قضاء كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص ولازم ذلك إن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله هذه المحكمة من تلقاء نفسها. ولما كانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت في القضية رقم 116 لسنة 18 " قضائية دستورية " المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم "33" بتاريخ 14/8/1997 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شان تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر من أنه "وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركة للعين أو مدة شغله للمسكن آيتهما أقل" مما مؤداه إن الامتداد القانوني لعقد الإيجار المنصوص عليه في المادة آنفة الذكر أصبح مقصورا على الزوجة والأولاد وأي من والدي المستأجر وهم الأقارب من الدرجة الأولى. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون الحاجة للبحث في كافة أسباب الطعن. ولما تقدم وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه فانه يتعين الحكم في موضوع الاستئناف رقم 9512 لسنة 110 قضائية "استئناف عالي القاهرة" برفضه وتأييد الحكم المستأنف". لـذلك: "نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده بالمصاريف ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماة. وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 9512 لسنة 110 قضائية "استئناف عالي القاهرة" برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصاريف ومبلغ عشرين جنيها مقابل أتعاب المحاماة". (نقض مدني في الطعن رقم 4510 لسنة 65 قضائية – جلسة 10/2/2002).

لذا، فإذا كان طالب الامتداد ليس من أقارب الدرجة الأولى للمستأجر الأصلي، بأن كان من أقاربه من الدرجة الثانية أو الثالثة نسباً أو مصاهرة، فيتعين رفض طلبه الاستفادة من ميزة الامتداد القانوني لعقد إيجار مورثه المستأجر الأصلي للعين المؤجرة. ما لم يثبت أن مركزه القانوني استقر بالتقادم الطويل أي بمضي 15 عاماً على وضعه الحالي أو بحكم قضائي نهائي صدر قبل الأحكام بعدم الدستورية سالفة الذكر.

مع ملاحظة أن المستفيد من الامتداد القانوني – في حالة توافر شروط الاستفادة من ميزة الامتداد القانوني لعقد إيجار المستأجر الأصلي – يعتبر في حكم المستأجر الأصلي، فبفرض أن العقد امتد من المستأجر الأصلي إلى أبنه، ثم توفي الابن وترك أبناً له، فتحسب درجة قرابة هذا الأخير على أنه أبناً للمستفيد من الامتداد القانوني وليس حفيداً للمستأجر الأصلي، فهو لا يكون حفيداً للمستأجر الأصلي – أي درجة قرابته من الدرجة الثانية – إلا إذا مات أبوه حال حياة جدة، فيطالب بالامتداد لعقد إيجار جده مباشرة منه إليه، فيكون هنا حفيداً ودرجة قرابته من الدرجة الثانية فلا يستفيد من الامتداد القانوني لعقد الإيجار.

الشرط الثالث- إقامة الزوج أو الأولاد أو الوالدين في العين المؤجرة حتى الوفاة أو الترك:

فيشترط لإعمال النص أن يبقى الزوج والأولاد والوالدان الذين كانوا يقيمون مع المستأجر بالعين المؤجرة، حتى الوفاة أو الترك، إنما لا يشترط أن تكون إقامتهم قد استمرت مدة معينة قبل الوفاة أو الترك.

حيث تنص الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن: "لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين، إذا بقي فيها زوجة أو أولاده أو أي من والديه الذين يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك".

ومفاد ذلك أن شرط الاستفادة من الامتداد القانوني لعقد الإيجار هو "الإقامة" وليس "الإرث"، فمن المُقرر في قضاء محكمة النقض أن: "النص في الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 يدل على أن المشرع عدد حالات استمرار إيجار المسكن الخاضع لتشريعات إيجار الأماكن بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين حصراً، جاعلاً القاعدة فيمن يستمر العقد لصالحه من ذويه الذين أوردهم تحديدا ـ هي "الإقامة" مع المستأجر الأصلي ولم يجعل ركيزة هذه القاعدة علاقة "الإرث" بين المستأجر الأصلي وورثته". (نقض مدني في الطعن رقم 2511 لسنة 65 قضائية – جلسة 7/2/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 313 – فقرة 1).

فيشترط إقامة طالب الاستفادة من الامتداد القانوني مع المستأجر الأصلي في العين المؤجرة قبل وفاته، حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "مفاد نص الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون 49 لسنه 1977- وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض- أنه يكفى لكي يتمتع أي من هؤلاء بميزة الامتداد القانوني لعقد الإيجار أن تثبت له إقامة مع المستأجر بالعين المؤجرة، أيا كانت مدتها وأيا كانت بدايتها بشرط أن تستمر حتى تاريخ الوفاة أو الترك". (نقض مدني في الطعن رقم 3025 لسنة 59 قضائية – جلسة 27/3/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – صـ 561 – فقرة 6).

وقد تواتر قضاء النقض على أن: "امتداد عقد الإيجار بعد وفاة المستأجر أو تركه العين لصالح زوجته أو والديه. م 29/1 من ق 49 لسنة 1977. مناطه إقامتهم معه إقامة مستقرة حتى الوفاة أو الترك". (ذات الطعن السابق).

وكذلك قضت محكمة النقض بأنه: "إذ كان مؤدى نص المادة 29/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أن المشرع رغبة منه في حماية شاغلي الأماكن المؤجرة ولحل أزمة الإسكان استحدث في المادة المذكورة حكماً يقضى باستمرار عقد الإيجار وامتداده في حالة وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة لصالح زوجه أو أولاده أو أي من والديه أو أقاربه حتى الدرجة الثالثة بشرط أن تثبت إقامتهم معه بها مدة حددها بالنسبة لهؤلاء الأقارب بسنة سابقة على الوفاة أو الترك أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل، وينبني على ذلك أنه إذا لم تقم بالمستفيد من أقارب المستأجر المقيم معه بالعين المؤجرة وقت الوفاة أو الترك ضرورة ملحة وحاجة دافعة إلى استعمالها لسكناه، فلا تتحقق الغاية المستهدفة بهذا النص الاستثنائي ويحيد عن الغرض الذي وضع حكم الامتداد القانوني لعقد إيجار المسكن من أجله فلا مجاله لتطبيقه لانتفاء علته والاعتبارات التي أملته". (نقض مدني في الطعن رقم 2905 لسنة 61 قضائية – جلسة 21/11/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 236 – فقرة 3).

وأيضاً قضت محكمة النقض بأن: "النص في الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنه 1977 - يدل على أن المشرع تقديرا منه لقوة الرابطة التي تجمع بين المستأجر وبين زوجه وأولاده والتي قد تقوم عليها التزامات قانونية وواجبات أدبية بإعالتهم ورعايتهم خص هذه الطائفة من الأقارب وهم أقارب الدرجة الأولى نسبا بميزة لامتداد عقد الإيجار إليهم متى توافرت أقامتهم بالعين وقت وفاة المستأجر أو تركه لها ... وباعتبار أن الامتداد القانوني لعقد الإيجار هو استثناء من الأصل في أن هذا العقد بطبيعته من العقود الرضائية الموقوتة وأن الضرورة التي فرضت على المشرع تقرير الاستثناء إنما تقدر بقدرها فلا ينبغي التوسع في تطبيق هذا الاستثناء". (نقض مدني في الطعن رقم 1315 لسنة 61 قضائية – جلسة 22/1/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 43 – صـ 215 – فقرة 1).

وتقدير توافر شرط الإقامة من عدمه من إطلاقات محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض، حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - في شأن تأجير الأماكن - أن المشرع رغبة منه في حماية شاغلي المساكن المؤجرة ولحل أزمة الإسكان استحدث في المادة المذكورة حكماً يقضى باستمرار عقد الإيجار وامتداده في حالة وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة لصالح زوجته أو أولاده أو أي من والديه المقيمين معه وقت الوفاة أو الترك ويكفى لكي يتمتع هؤلاء بميزة الامتداد القانوني لعقد الإيجار أن يثبت لهم إقامة مستقرة مع المستأجر الأصلي بالعين المؤجرة أياً كانت بدايتها بشرط أن يستمر حتى تاريخ الوفاة أو الترك، وإن انقطاع المستفيد عن الإقامة في العين المؤجرة لسبب عارض مهما استطالت مدته لا يحول دون قيامها. وإن الفصل في كون الإقامة مستقرة من عدمه من إطلاقات قاضى الموضوع دون معقب عليه في ذلك من محكمة النقض". (نقض مدني في الطعن رقم 211 لسنة 53 قضائية – جلسة 6/3/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 655 – فقرة 3).

ويقصد بالإقامة التي تبيح وتتيح للمستفيد من الامتداد القانوني التمتع بهذه الميزة، أن تكون – كما عرفتها محكمة النقض: "الإقامة المُستقرة المعتادة وانصراف نية المقيم إلى أن يجعل من هذا المسكن مراحه ومغداه بحيث لا يعول على مأوى دائم وثابت سواه، فتخرج الإقامة العارضة والعابرة والموقوتة مهما استطالت وأياً كان مبعثها ودواعيها ... وكان الفصل في كون الإقامة مستقرة أم لا مطلق سلطة قاضي الموضوع دون معقب عليه متى أقام قضاءه على أسباب سائغة". (الطعن رقم 146 لسنة 43 قضائية – جلسة 28/12/1977).

ووقت الاعتداد بالإقامة هو وقت وفاة المستأجر الأصلي، فلا يعتد بالإقامة اللاحقة، فمن المُقرر في قضاء النقض أن: "الإقامة التي يترتب عليها امتداد عقد الإيجار لصالح المستفيدين من حكم المادة 29/1 ق 49 لسنة 1977. بعد وفاة المستأجر أو تركه العين. المقصود بها. الإقامة المستقرة حتى الوفاة أو الترك دون الإقامة اللاحقة". (نقض مدني في الطعن رقم 3246 لسنة 60 قضائية – جلسة 30/11/1994).

بل وقضت محكمة النقض بأنه: "إذا توفى المستأجر الأصلي في أثناء تمتعه بالامتداد القانوني لعقد الإيجار ولم يكن أحد مقيماً معه في العين المؤجرة قبل وفاته، ثم أقام فيها بعد وفاته أحد من أقاربه، فإن أقامته هذه تعتبر شغلاً للعين بدون سند، وبالتالي غصباً، فيجوز لمالك العين ولو لم يكن هو المؤجر للمستأجر الأصلي الذي توفى أن يطلب طرد الشاغل الجديد باعتباره غاصباً وذلك استنادا إلى ملكيته فقط ودون حاجة إلى الاستناد إلى عقد الإيجار". (نقض مدني في الطعن رقم 1077 لسنة 49 قضائية - جلسة 1/11/1984).

الإقامة شرط الاستفادة من الامتداد القانوني:

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "مفاد نص الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون 49 لسنه 1977- وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض- أنه يكفى لكي يتمتع أي من هؤلاء بميزة الامتداد القانوني لعقد الإيجار أن تثبت له إقامة مع المستأجر بالعين المؤجرة، أيا كانت مدتها وأيا كانت بدايتها بشرط أن تستمر حتى تاريخ الوفاة أو الترك". (نقض مدني في الطعن رقم 3025 لسنة 59 قضائية – جلسة 27/3/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – صـ 561 – فقرة 6).

- المقصود بالإقامة:

ويقصد بالإقامة التي تبيح وتتيح للمستفيد من الامتداد القانوني التمتع بهذه الميزة، أن تكون – كما عرفتها محكمة النقض بأنها: "الإقامة المُستقرة المعتادة وانصراف نية المقيم إلى أن يجعل من هذا المسكن مراحه ومغداه بحيث لا يعول على مأوى دائم وثابت سواه، فتخرج الإقامة العارضة والعابرة والموقوتة مهما استطالت وأياً كان مبعثها ودواعيها ... وكان الفصل في كون الإقامة مستقرة أم لا مطلق سلطة قاضي الموضوع دون معقب عليه متى أقام قضاءه على أسباب سائغة". (نقض مدني في الطعن رقم 146 لسنة 43 قضائية – جلسة 28/12/1977).

- وقت الاعتداد بالإقامة:

ووقت الاعتداد بالإقامة هو وقت وفاة المستأجر الأصلي، فلا يعتد بالإقامة اللاحقة، حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "الإقامة التي يترتب عليها امتداد عقد الإيجار لصالح المستفيدين من حكم المادة 29/1 ق 49 لسنة 1977. بعد وفاة المستأجر أو تركه العين. المقصود بها. الإقامة المستقرة حتى الوفاة أو الترك دون الإقامة اللاحقة". (نقض مدني في الطعن رقم 3246 لسنة 60 قضائية – جلسة 30/11/1994).

- إثبات الإقامة:

لما كانت "الإقامة" هي واقعة مادية، وبالتالي يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة (شهادة الشهود) وقرائن الأحوال، ومن أهم تلك القرائن أن الأصل في الزوجة أنها مع زوجها (المستأجر)، وإن كان ليس هناك ما يمنع من حدوث العكس، حيث يقيم الزوج في منزل أسرة زوجته، لأنه ليس في ذلك ما يتنافى مع أحكام قوانين الأحوال الشخصية. (نقض مدني جلسة 31/5/1978 مجموعة أحكام النقض 29 – 1373 – 266).

وكذلك فالأصل في الأولاد غير المتزوجين أنهم يُقيمون مع والديهم، فإن ادعى المؤجر العكس كان عليه إثبات ذلك.

وقد اعتبرت محكمة النقض تمسك الابنة المتزوجة باستمرار إقامتها بمنزل أسرتها قبل الزواج وبعده وبعدم تخليها عن الإقامة فيه، تمسكاً منها بالثابت أصلاً، فلا تكلف بإثباته. (نقض مدني في الطعن رقم 13 لسنة 48 قضائية – جلسة 23/12/1978).([1])

ولمحكمة الموضوع مطلق السلطة في التحقق من توافر شروط الإقامة من عدمه، دون معقب عليها من محكمة النقض متى أقامت محكمة الموضوع قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. (نقض مدني في الطعن رقم 211 لسنة 53 قضائية – جلسة 6/3/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 655 – فقرة 3).

عدم الإقامة مع المستأجر والإقامة في العين بعد وفاته غصب لها:

فمن المقرر في قضاء النقض أنه: "إذا توفى المستأجر الأصلي في أثناء تمتعه بالامتداد القانوني لعقد الإيجار ولم يكن أحد مقيماً معه في العين المؤجرة قبل وفاته، ثم أقام فيها بعد وفاته أحد من أقاربه، فإن أقامته هذه تعتبر شغلاً للعين بدون سند، وبالتالي غصباً، فيجوز لمالك العين ولو لم يكن هو المؤجر للمستأجر الأصلي الذي توفى أن يطلب طرد الشاغل الجديد باعتباره غاصباً وذلك استنادا إلى ملكيته فقط ودون حاجة إلى الاستناد إلى عقد الإيجار". (نقض مدني في الطعن رقم 1077 لسنة 49 قضائية - جلسة 1/11/1984).

الإقامة اللاحقة حق وليس واجب:

من المقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة 29/1 من القانون رقم 49 لسنه 1977 يدل على أن الإقامة التي يعتد بها لامتداد العقد لصالح المذكورين من أقارب المستأجر هي الإقامة المستقرة مع المستأجر والممتدة لحين وفاته أو تركه المسكن دون اشتراط إقامة لاحقة فإذا توافرت الإقامة بشروطها على النحو المتقدم أضحى من امتد إليه العقد مستأجرا أصليا بحكم القانون الذي أوجب على المؤجر في الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة تحرير عقد إيجار له - مادام أنه لم يكشف عن إرادته في التخلي عن العين بعد وفاة المستأجر الأصلي - ولا إلزام عليه من بعد أن يقيم بالعين المؤجرة، إذ أن انتفاعه بها حق له وليس واجبا عليه". (نقض مدني في الطعن رقم 2059 لسنة 56 قضائية – جلسة 22/4/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 43 – صـ 640 – فقرة 1).

الامتداد في الأعيان المؤجرة لغير غرض السكنى:

الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، المُعدلة بالقانون رقم 6 لسنة 1997 تنص على أنه:

"فإذا كانت العين مُؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي، فلا ينتهي العقد بموت المستأجر ويستمر لصالح الذين يستعملون العين من ورثته في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد، أزواجاً وأقارب حتى الدرجة الثانية، ذكوراً وإناثاً، من قُصر وبُلغ، يستوي في ذلك أن يكون الاستعمال بالذات أو بواسطة نائب عنهم".

ومفاد ذلك النص أنه إذا كان منصوصاً في عقد الإيجار الصادر للمستأجر الأصلي على تأجير العين ليمارس فيها نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو مهنياً أو حرفياً تعين على الورثة - حتى يستمر عقد الإيجار لصالحهم - استعمال العين في ذات النشاط المبين بالعقد، ولا يجوز لهم استعمال العين في نشاط آخر غيره، كأن يستبدل النشاط الصناعي المنصوص عليه بالعقد بنشاط تجاري أو مهني أو حرفي أو العكس.

وإذا كان منصوصاً في العقد على استعمال العين في وجه معين لأحد الأنشطة التجارية أو الصناعية أو المهنية أو الحرفية، كما إذا نص فيه على استعمالها محلاً لبيع الأقمشة - وهو نشاط تجاري - تعين على الورثة استعمال العين في هذا الوجه من النشاط ولا يجوز لهم تغيير الاستعمال إلى وجه آخر من أوجه النشاط التجاري كبيع الأجهزة الكهربائية. (المرجع: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" - للمستشار/ محمد عزمي البكري - الجزء الثاني - بند 41 - صـ 204 وما بعدها).

هذا، وقد نصت الفقرة الثانية من المادة السابعة من اللائحة التنفيذية الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 237 لسنة 1997 على أنه:

"ويُشترط لاستمرار العقد لصالح المستفيدين من الورثة أن يستعملوا العين في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد، أو النشاط الذي اتفق عليه بعد ذلك كتابة بين المؤجر وأي من المستأجرين المتعاقبين، أو النشاط الذي اضطر المستأجر لممارسته بسبب نقل صناعته أو مهنته أو حرفته خارج الكتلة السكنية أو بسبب انقراضها، والذي لا يلحق ضرراً بالمبنى ولا بشاغليه".

وبين من هذا النص أن المشرع فصل عبارة: "ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد"، بثلاث صور هي:

النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد. (وهذه الصورة ترديد للعبارة الصريحة الواردة بنص المادة الأولى من القانون).

النشاط الذي اتفق عليه بعد ذلك كتابة – أي بعد تحرير عقد الإيجار – بين المؤجر وأي من المستأجرين المتعاقبين. (وهذه الصورة لا مخالفة فيها لنص المادة الأولى من القانون لأن هذا الاتفاق يعد تعديلاً لاتفاق المؤجر والمستأجر الأصلي على النشاط الذي تستعمل فيه العين المؤجرة. والكتابة هنا هي الكتابة العرفية الموقع عليها من الطرفين).

النشاط الذي أضطر المستأجر لممارسته بسبب نقل صناعته أو مهنته أو حرفته خارج الكتلة السكنية أو بسبب انقراضها، والذي لا يلحق ضرراً بالمبنى ولا بشاغليه. (وهذه الصورة سندها حصول قوة قاهرة تحول بين ورثة المستأجر المستفيدين، وبين استعمال العين في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد). (المرجع: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" - للمستشار/ محمد عزمي البكري - الجزء الثاني - بند 41 - صـ 205 وما بعدها).

ولئن كان يجوز لورثة المستأجر الأصلي (من زوجته وأقاربه حتى الدرجة الثانية) استعمال العين في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد، سواء بأنفسهم أو بواسطة نائب عنهم، ذلك أنه قد لا تتوافر لديهم الدارية الكافية بنشاط مورثهم في العين، كما قد يكون الورثة جميعاً أو بعضهم قصراً. ولئن كان يجوز أن يكون النائب من باقي المستفيدين أو من غيرهم. إلا أنه يُشترط هنا أن يقوم النائب بإدارة العين لحساب الورثة، ولكن لا يجوز للورثة بحال تأجير العين لآخر وإلا حق للمؤجر طلب إنهاء عقد الإيجار. (المرجع: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" - للمستشار/ محمد عزمي البكري - الجزء الثاني - بند 42 - صـ 208 وما بعدها).

لما كان ما تقدم، وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: "إذ كان الحكم الناقض الصادر بتاريخ 2/4/2000 قد أقام قضاءه على ضرورة إتباع حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن 44 لسنة 17 قضائية "دستورية" المنشور بتاريخ 16/3/1997 وأحكام القانون 6 لسنة 1997 ثم قال ما نصه (لما كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الأول الطاعن في الطعن الماثل بعد وفاة والدته والتي كانت تدير العين أولا في نشاط المقاولات ثم من بعد التأجير مفروش فإن كان أيا من النشاطين فإنه لم يمارس هذا النشاط أو ذاك إنما أستغل العين ورشة لإصلاح الأدوات الكهربائية ولم يبد مبررا لهذا التغيير فإنه تنحسر عنه الحماية التي تتطلبها المشرع لاستمرار انتفاعه بالعين المؤجرة) وإذ التزم الحكم المطعون فيه بالحكم الناقض وخلص من ذلك إلى انتهاء عقد إيجار عين النزاع لعدم توافر الشروط التي حددها الحكم الناقض كما قضى برفض طلب الطاعن العارض بتحرير عقد إيجار له وهو موضوع الاستئناف المرفوع منه ومن ثم فان النعي على الحكم بشقيه يكون في غير محله". (نقض مدني في الطعن رقم 620 لسنة 72 قضائية – جلسة 10/5/2004 المكتب الفني – المستحدث من أحكام النقض – صـ 49).

كما قضت محكمة النقض بأن: "إيجار محل تجارى - المناط لامتداد عقد الإيجار لمزاولة نشاط تجارى أو صناعي أو حرفي أو مهني بعد وفاة المستأجر إلى ورثته حتى الدرجة الثانية هو استعمالهم للعين في ذات النشاط سواء بأنفسهم أو بواسطة". (نقض مدني في الطعن رقم 6518 لسنة 65 قضائية – جلسة 27/3/2002 المكتب الفني – المستحدث من أحكام النقض – صـ 582).

تخلف أحد الشروط السابقة يجيز إنهاء العقد:

وإذا تخلف أي شرط من الشروط الثلاثة المتقدم ذكرها، فلا يطبق حكم المادة 29 سالفة الذكر، وينتهي عقد الإيجار بوفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة.

التزام المعلن إليه برد العين المؤجرة:

تنص المادة 590 من القانون المدني – الشريعة العامة للمعاملات – على أنه: "يجب على المستأجر أن يرد العين عند انتهاء الإيجار ...".

كما تنص المادة 591 مدني على أنه: "على المستأجر أن يرد العين المؤجرة بالحالة التي تسلمها عليها، إلا ما يكون قد أصاب العين من هلاك أو تلف لسبب لا يد له فيه.

فإذا كان تسليم العين للمستأجر قد تم دون كتابة محضر أو دون بيان بأوصاف هذه العين، افترض، حتى يقوم الدليل على العكس، أن المستأجر قد تسلم العين في حالة حسنة".

ومفاد هذين النصين أن رد العين المؤجرة يكون عند انتهاء عقد الإيجار، لأي سبب من أسباب الإنهاء، فإذا انتهى الإيجار بسبب منها وجب الرد. ويكون رد العين المؤجرة للمؤجرة بالحالة التي كانت تسلمها عليها المستأجر.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

ashraf.rashwan@gmail.com



([1]) فمن القواعد الأصولية في الإثبات أن: "من يتمسك بالثابت أصلاً لا يكلف بإثباته؛ أما من يدعي خلاف الأصل فعليه هو يقع عبء إثبات ما يدعيه" (onus probandi incumbit ei qui dicit). فيفترض في الشيء أن يُترك على أصله، ومن يدعي خلاف الأصل فهو يستحدث جديداً لا تدعمه قرينة بقاء الأصل على أصله، فعليه أن يثبت هذا الجديد حتى يتمتع بحماية القانون. (المرجع: وسيط السنهوري -–جـ 1 -–بند 48 -–صـ 61).

ومن المُقرر في قضاء النقض: "أنه إذا ادعى المنكر في الدعوى خلاف الظاهر فيها، فيقع عليه عبء إثبات ما يخالفه، سواء كان مدعي أصلاً في الدعوى أم مدعى عليه فيها". (نقض مدني في الطعن رقم 1808 لسنة 50 قضائية – جلسة 3/6/1987 مجموعة المكتب الفني – السنة 38 – صـ 759).

وقد تواتر قضاء النقض على أنه: تنص المادة الأولى من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أنه على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه، فالأصل هو براءة الذمة وانشغالها عارض ويقع عبء الإثبات على عاتق من يدعى خلاف الثابت أصلاً مدعياً كان أو مدعى عليه". (نقض مدني في الطعن رقم 916 لسنة 48 قضائية، جلسة 26/12/1983، مجموعة المكتب الفني، السنة 34، صـ 1098، فقرة 3. ونقض مدني في الطعن رقم 678 لسنة 50 قضائية، جلسة 28/11/1985، مجموعة المكتب الفني، السنة 36، صـ 1057، فقرة 2. ونقض مدني في الطعن رقم 624 لسنة 42 قضائية، جلسة 14/6/1982، مجموعة المكتب الفني، السنة 33، صـ 752).

لا امتداد قانوني لعقود الإيجار الخاضعة لأحكام القانون المدني

رفض طلب امتداد عقد الإيجار سند الدعوى الماثلة:

لما كان الثابت بالأوراق، وبإقرار الشركة المدعية ذاتها، أنها تستأجر من هيئة الأوقاف المصرية أرض التداعي، وهي أراضي بور، في حكم الأرض الفضاء، وكانت الأراضي الفضاء مستثناة من تطبيق أحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المُؤجر والمُستأجر على أنه: "فيما عدا الأراضي الفضاء، تسري أحكام هذا الباب على الأماكن وأجزاء الأماكن على اختلاف أنواعها المُعدة للسُكنى أو لغير ذلك من الأغراض سواء كانت مفروشة أو غير مفروشة مُؤجرة من المالك أو من غيره وذلك في عواصم المحافظات والبلاد المُعتبرة مدناً بالتطبيق لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1975 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي والقوانين المُعدلة له".

فقد نصت المادة الأولى من القانون رقم 49/1977 صراحةً على استثناء الأراضي الفضاء من أحكام الباب الأول منه (وهي الأحكام المُنظمة للعلاقة بين المُؤجرين والمُستأجرين)، كما أنه من المُقرر إنه إذا تضمن عقد إيجار قطعة أرض فضاء نصاً يبيح للمُستأجر إقامة بناء عليها مُستقبلاً على أن تؤول ملكيته إلى المُؤجر عند انتهاء الإجارة، فإن مثل هذا النص ليس من شأنه إخراج العين عن طبيعتها حال التعاقد عليها من أنها أرض فضاء، وبالتالي يكون إيجارها خاضعاً لقواعد القانون العام طالما أنه لم يُحرر فيما بين الطرفين عقد إيجار جديد عن البناء ولم تُعدل شروط العقد الأصلي بشأنه.

والعبرة في التعرف على نوع العين المُؤجرة - كلما كان هذا التعرف لازماً لتكييف عقد الإيجار، وتحديد حقوق طرفيه على موجب هذا التكييف – هي بما جاء في العقد ذاته مُبيناً نوع هذه العين، متى كان الوارد في العقد مُطابقاً لحقيقة الواقع ولإرادة المُتعاقدين.

والقول بعدم سريان قانون إيجار الأماكن على الأرض الفضاء، يشمل جميع أحكام هذا القانون سواء ما تعلق منها بتحديد الأجرة أو بتقييد حق المُؤجر في طلب إخلاء العين المُؤجرة أو بقواعد الاختصاص. (المرجع: "شرح قانون إيجار الأماكن" – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الأول – الطبعة التاسعة 1990 القاهرة – بند 9 - ص 66 : 84).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "المُقرر أن قانون إيجار الأماكن استثنى صراحة الأرض الفضاء من تطبيق أحكامه، والضابط في تعيين القانون الواجب التطبيق في طلب الإخلاء مرده في الأصل إلى وصف العين المُؤجرة في عقد الإيجار، فإن ورد العقد على أرض فضاء، فإن الدعوى بالإخلاء تخضع للقواعد العامة في القانون المدني، ولا عبرة في هذا الخصوص بالغرض الذي استؤجرت من أجله، كما لا يغير من طبيعة الأرض أنها مسورة بسور من البناء لأنها تعتبر مع ذلك أرض فضاء وتخضع لأحكام القانون المدني". (نقض مدني في الطعن رقم 143 لسنة 49 قضائية، جلسة 6/2/1984. والطعن رقم 308 لسنة 48 قضائية، جلسة 15/12/1982 مجموعة المكتب الفني – السنة 33 – ص 1160 - 209 مُشار إليهما مع العديد من أحكام أخرى كثيرة في المرجع السابق – نفس الموضع – هامش رقم 45 مكرر – صـ 72 ، 73).

والأصل العام أن عقد الإيجار الخاضع لأحكام القانون المدني ينتهي بانتهاء المدة المُتفق عليها في العقد، بدون حاجة إلى تنبيه أو إنذار. وعلى ذلك تنص المادة 598 مدني بقولها: "ينتهي الإيجار بانتهاء المُدة المُعينة في العقد دون حاجة إلى تنبيه بالإخلاء".

لما كان ما تقدم، وكان انتهاء مدة عقد الإيجار يجعل هناك استحالة في قيام المؤجر بتسليم العين المؤجرة للمستأجر الذي انتهت مدة عقد إجارته حتى ولو لم يكن قد استلم العين المؤجرة فعلاً. حيث إنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "انتهاء مدة الإجارة قبل تسليم العين المؤجرة للمستأجر لا يحول دون توافر مصلحة المستأجر فى طلب التنفيذ العيني، ووجه تحقق هذه المصلحة هو تقرير حق قانوني له حتى ولو استحال التنفيذ بالتسليم لانتهاء المدة وقت صدور الحكم، لما يترتب على قبول هذا الطلب من إمكان رجوعه بالتعويض على المؤجر". (نقض مدني في الطعن رقم 181 لسنة 21 قضائية – جلسة 27/1/1955 مجموعة المكتب الفني – السنة 6 – الجزء الثاني – صـ 540).

والشاهد في هذا الحكم، ووجه الاستدلال به، أنه إذا لم يكن المستأجر قد تسلم العين المؤجرة فعلاً، وانتهت مدة عقد إجارته لها دون أن يتسلمها، فإنه بعد ذلك يستحيل تنفيذ عقد الإيجار بتسليم العين المؤجرة للمستأجر لانتهاء مدة العقد، حيث أن العقد ينتهي بانتهاء المدة المعينة فيه حتى ولو لم يتسلم المستأجر العين المؤجرة، كما قررت بذلك محكمة النقض. فالعبرة في تحديد مدة عقد الإيجار هي بما اتفق عليها الطرفان فيه من تاريخ بدايته وتاريخ نهايته، وليست العبرة بمدة استلام المستأجر للأرض أو انتفاعه بها أو وضع يده عليها، وبذلك يكون طلب تمديد عقد الإيجار لاستيفاء المدة التي تزعم الشركة المدعية أن الهيئة المؤجرة تعرضت لها في حيازتها للعين المؤجرة، هذا الطلب يكون قد جاء على غير سند من صحيح القانون خليقاً بالرفض وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

ويؤيد هذا النظر ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 565 من القانون المدني من أنه: "إذا سلمت العين المؤجرة في حالة لا تكون فيها صالحة للانتفاع الذي أجرت من أجله، أو إذ نقص هذا الانتفاع نقصاً كبيراً، جاز للمستأجر أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقصت من الانتفاع، مع التعويض في الحالتين إذا كان لذلك مقتض".

فهذا النص وإن كان لا يعرض إلا لجزاء عدم قيام المؤجر بالتزامه بالتسليم من حيث الحالة التي يجب أن يسلم عليها الشيء المؤجر، إلا أنه تطبيق للقواعد العامة. فيمكن إجراء أحكامه في كل حالة يخل فيها المؤجر بالتزامه بالتسليم، سواء رجع ذلك إلى حالة الشيء المؤجر أو إلى أي سبب آخر كالتأخر في التسليم أو الامتناع عنه. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري الجزء السادس بند 193 صـ 220).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "التسليم الصحيح للعين المؤجرة لا يكون إلا بتسليم هذه العين جميعها هى وملحقاتها تسليماً يتمكن به المستأجر من الانتفاع بالعين انتفاعاً كاملاً دون حائل ويكون ذلك فى الزمان والمكان الواجبين أو المتفق عليهما فتسليم جزء من العين أو العين دون ملحقاتها ـ أو تسليم العين فى حالة غير حسنة أو عدم قيام المؤجر بما تعهد به من تصليحات أو تجهيزات أو بناء يقيمه فى العين المؤجرة قبل التسليم أو مجرد التأخر فى التسليم عن وقته. كل هذا لا يعد تسليماً صحيحاً ولا يمكن للمؤجر أن يجبر المستأجر على أن يجتزئ به عن التسليم الصحيح ـ وللمستأجر فى جميع هذه الأحوال أن يطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة مع التعويضات اللازمة وفقا لحكم المادة 565 من القانون المدنى". (نقض مدني في الطعن رقم 229 لسنة 23 قضائية – جلسة 21/3/1957 مجموعة المكتب الفني – السنة 8 – الجزء الأول – صـ 265).

ومفاد ذلك أن جزاء التأخر في التسليم أو الامتناع عن التسليم هو إما طلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع، لأن الأجرة تقابل الانتفاع، فإذا تعذر الانتفاع سقطت الأجرة، وإذا لم يكن الانتفاع كاملاً أنقصت الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع. كذلك إذا تأخر المؤجر في تسليم العين المؤجرة عن الوقت المحدد، فإن الأجرة تسقط عن المستأجر في مدة التأخير. (وسيط السنهوري المرجع السابق بند 197 صـ 223 و 224).

أي أنه لا يوجد في القانون جزاء يبيح للمستأجر الحق في تمديد مدة عقد الإيجار بعد انتهاء المدة المعينة في العقد، فهذا الجزاء لم يجر به نص ولا قضاء المحاكم العليا ولم يقل به أحداً من قبل، حيث أنه لا سند له من صحيح القانون. ومن ثم تكون طلبات الشركة المدعية في هذا الشق قد جاءت على غير سند من صحيح القانون خليقة بالرفض، وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

مذكرة دفاع في دعوى طلب امتداد عقد إيجار استنادا لنظرية المساكنة

أولاً- الوقائع

تخلص وقائع الدعوى الماثلة في أن المدعية عقدت الخصومة فيها، بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 24/2/2007، طلبت في ختامها الحكم لها بإثبات العلاقة الايجارية لوالدها مع شقيقته المستأجرة الأصلية المحرر باسمها عقد إيجار عين التداعي، ومن ثم الحكم بامتداد عقد إيجار عين التداعي للمدعية مع إثبات العلاقة الايجارية عن تلك العين بينها وبين المدعى عليهما بصفتيهما، مع إلزام المدعى عليهما بصفتيهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، بحكم مشمول بالنفاذ المعجل.

وذلك على سند من القول بأنه في تاريخ أول أغسطس من عام 1958 استأجرت عمتها هي ووالدها ما هو شقة التداعي بمحافظة القاهرة نظير أجرة شهرية قدرها 9.808جم. إلا أنه تم تحرير عقد الإيجار باسم عمتها فقط وليس باسم والدها ولا بأسمائهما معاً. وقد توفي والد المدعية في غضون عام 1977، ثم توفيت من بعده المستأجرة الأصلية المحرر عقد الإيجار باسمها في غضون عام 1983. ومن ثم أقامت المدعية دعواها الماثلة في غضون عام 2007 (أي بعد ثلاثين عاماً على وفاة والدها) للحكم لها بطلباتها سالفة الذكر استناداً إلى نظرية المُساكنة.

ومن ثم تحدد لنظر الدعوى جلسة 22/3/2007 وبتلك الجلسة قررت عدالة المحكمة الموقرة حجز الدعوى للحكم لجلسة 26/4/2007 مع التصريح بمذكرات في أسبوع بالإيداع لمن يشاء.. ولما كان يهم المدعى عليه الثاني بصفته إيداع مذكرة بدفاعه، لذا فهو يتشرف بتقديم هذه المذكرة الماثلة في الأجل الذي حددته عدالة المحكمة الموقرة.

ثانياً- الدفاع

ندفع بعدم اختصاص عدالة المحكمة الموقرة "محلياً" بنظر الدعوى الماثلة:

تنص المادة 49 من قانون المرافعات على أن: "يكون الاختصاص (المحلي) للمحكمة التي يقع في دائرتها "موطن" المُدعى عليه، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. فإن لم يكن للمُدعى عليه موطن في الجمهورية يكون الاختصاص (المحلي) للمحكمة التي يقع في دائرتها "محل إقامته". وإذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص (المحلي) للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم".

ففي حالة تعدد المُدعى عليهم، فإن الاختيار في ذلك يكون للمُدعي، شريطة توافر شروط أربعة، هي:

1- أن يكون التعدد المدعى عليهم تعدداً حقيقياً.

2- ألا ترفع الدعوى أمام محكمة الخصم الذي اختصم ليصدر الحكم في مواجهته أو لمجرد المثول في الدعوى.

3- أن تكون المحكمة التي ترفع إليها الدعوى، محكمة "موطن" أحد المدعى عليهم، وليست المحكمة المتفق عليها مع أحدهم دون الآخرين.

4- أن يكون من بين الطلبات الموجهة إلى المدعى عليهم ارتباط يبرر جمع الطلبات الموجهة لمدعى عليهم متعددين في دعوى واحدة.

وإذا رفعت الدعوى أمام محكمة لا يقع في دائرتها موطن أحد المدعى عليهم، وقبل أحدهم اختصاصها، فلا يسقط حق الباقين في الدفع بعدم الاختصاص. (راجع: "التعليق على قانون المرافعات" – للمستشار/ عز الدين الدناصوري وحامد عكاز – الجزء الأول – الطبعة الثامنة – صـ 394 وما بعدها).

هذا، ولم تعدل أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين، من أحكام الاختصاص القضائي بالمنازعات الايجارية، حيث نصت المادة الخامسة من القانون المذكور على أن: "تختص المحاكم العادية دون غيرها بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون".

لما كان ما تقدم، وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: "مفاد النص في المادة 194 و 55 و 49 من قانون المرافعات أن قاضى الأمور الوقتية المختص محلياً بإصدار الأمر هو قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة محلياً بنظر الدعوى، وهي محكمة موطن المدعى عليه، وعند تعدد المدعى عليهم يكون الاختصاص لأية محكمة يقع في دائرتها موطن أحدهم، ويشترط لتطبيق هذه القاعدة أن يكون تعدد المدعى عليهم حقيقياً لا صورياً". (نقض مدني في الطعن رقم 1914 لسنة 50 قضائية – جلسة 12/3/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 380 – فقرة 4).

وكذلك فقد تواترت أحكام محكمة النقض على أنه: "لما كان النص في الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المرافعات على أن "وإذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم" قد ورد في عبارة عامة مطلقة بحيث يتسع لكافة المدعى عليهم المتعددين في الخصومة تعدداً حقيقياً، والمقصود بهم هؤلاء الذين وجهت إليهم طلبات في الدعوى لا أولئك الذين اختصموا ليصدر الحكم في مواجهتهم أو لمجرد المثول فيها". (نقض مدني في الطعن رقم 1697 لسنة 55 قضائية – جلسة 23/2/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 593 – فقرة 1).

كما قضت محكمة النقض بأنه: "إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن لم يمثل في الخصومة أمام محكمة أول درجة وقد تمسك بصحيفة الاستئناف بعدم اختصاص تلك المحكمة محلياً بنظر الدعوى، وإذ كان للمدعي في حالة تعدد المدعى عليهم أن يرفع الدعوى أمام المحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم عملا بالفقرة الأخيرة من المادة 49 من قانون المرافعات، ويشترط لذلك أن يكون التعدد حقيقياً لا صورياً وأن يكون المدعى عليهم متساوين في قوة الالتزام". (نقض مدني في الطعن رقم 2717 لسنة 61 قضائية – جلسة 20/5/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 43 – صـ 705 – فقرة 2).

لما كان ذلك، وبفرض أن السيد وزير الأوقاف بصفته (المدعى عليه الأول) هو الذي وقع عقد الإيجار الأصلي في غضون عام 1958، إلا أنه وبعد إنشاء هيئة الأوقاف المصرية بموجب القانون رقم 80 لسنة 1971 فقد حلت هيئة الأوقاف المصرية محل وزارة الأوقاف فيما يختص بإدارة واستثمار والتصرف في الأعيان الموقوفة على أسس اقتصادية بما ينمي أموال الوقف باعتبارها أموالاً خاصة (المادة الخامسة من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية)، ومن ثم أضحت هيئة الأوقاف هي المختصة بالمنازعات الايجارية وليست وزارة الأوقاف، ويضحى معه اختصام وزير الأوقاف في الدعوى الماثلة هو في حقيقته اختصام في المواجهة أو فقط ليمثل في الدعوى بينما الخصم الحقيقي فيها هو هيئة الأوقاف المصرية والذي يقع مركز إدارتها الرئيسي في ميدان الدقي بالجيزة، ومن ثم يحق معه لهيئة الأوقاف المصرية – والحال كذلك – الدفع بعدم اختصاص عدالة المحكمة الموقرة "محلياً" بنظر الدعوى الماثلة وطلب إحالتها بحالتها لمحكمة جنوب الجيزة الابتدائية لنظرها للاختصاص، ويكون هذا الدفع قد جاء على سند صحيح من القانون خليقاً بالقبول والقضاء به، وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها الثانية) على سبيل الجزم واليقين.

ندفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون:

تنص المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المُنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها على أن: "تُنشأ في كل وزارة ومُحافظة وهيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة".

كما تنص المادة 11 من ذات القانون على أنه: "عدا المسائل التي يختص بها القضاء المُستعجل ومُنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض والطلبات الخاصة بأوامر الأداء وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المُقترنة بطلبات وقف التنفيذ لا تُقبل الدعوى التي تُرفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المُنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول وفقاً لحكم المادة السابقة".

كما تنص المادة 14 من ذات القانون على أن: "يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويُعمل به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000".

وكذلك تنص المادة الثانية من قرار وزير العدل رقم 4213 لسنة 2000 بتنظيم العمل في لجان التوفيق في المُنازعات وأماناتها الفنية على أن: "تختص اللجان المُشار إليها بالمادة السابقة بالتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الجهة المُنشأة فيها اللجنة وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة وذلك فيما عدا المُنازعات الآتية:-

- المُنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتها طرفاً فيها.

- المُنازعات المُتعلقة بالحقوق العينية العقارية.

- المُنازعات التي يُوجب القانون فضها أو تسويتها أو نظر التظلُمات المُتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية.

- المُنازعات التي يتفق الأطراف على فضها عن طريق هيئات التحكيم.

- المُنازعات التي تُقرر لها القوانين أنظمة خاصة بها تنفرد بالاختصاص بنظرها".

وحيث أن مفاد ما تقدم، أن المُشرع رغبةً منه في تيسير إجراءات التقاضي وعدم إطالة أمد التقاضي في المحاكم قد قام بإنشاء لجان في كل وزارة أو مُحافظة أو هيئة عامة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لتختص بالتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الجهة المُنشأ فيها اللجنة وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة، وأوجب المشرع بالنسبة للمُنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون عدم رفع الدعوى ابتداء إلى المحاكم إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول، ورتب المشرع على رفع الدعوى ابتداء إلى المحاكم دون اتخاذ الإجراءات سالفة الذكر، عدم قبول الدعوى.

لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الدعوى الماثلة من الدعاوى التي تخضع لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 حيث أنها رُفِعَت ضد هيئة عامة في تاريخ لاحق لتاريخ العمل بالقانون سالف الذكر والساري اعتباراً من 1/10/2000، كما أن الدعوى الماثلة ليست من المُنازعات المُستثناة من الخضوع لأحكامه، كما أن الثابت أن الدعوى الماثلة قد رُفِعَت ابتداء أمام عدالة المحكمة دون إتباع الإجراءات المُحددة في المادة 11 من القانون رقم 7 لسنة 2000 وهي تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول، فمن ثم تعين القضاء بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.

علماً بأن عدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون من النظام العام، ذلك أن هذا الدفع يتعلق بإجراءات التقاضي وهي من النظام العام ويترتب على ذلك أنه إذا ما رُفِعَت الدعوى ابتداءً أمام المحكمة المُختصة وكانت من المُنازعات الخاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 أو رُفِعَت دون مُراعاة المواعيد والإجراءات المنصوص عليها بالمادتين العاشرة والحادية عشرة كان على المحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع أو طلب من الخصوم. كما يجوز للخصوم ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بالدفع، كما يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، كما أنه لا يجوز الاتفاق بين الخصوم على رفع المُنازعة الخاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 أمام المحكمة المُختصة مُباشرة دون اللجوء إلى لجان التوفيق وكل اتفاق من هذا القبيل يُعد باطلاً لمُخالفته لقواعد القانون الآمرة التي لا يجوز الاتفاق على مًُخالفتها. (المرجع: "قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة" – للمُستشار/ عبد الرحيم على محمد – الطبعة الأولى عام 2000 القاهرة - بند 330 – صـ 240 ، 241).

ومما هو جدير بالذكر أن محكمة النقض قضت في الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 79 لسنة 1975 الخاص بالتأمين الاجتماعي بأن: "الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم مُراعاة الإجراءات والمواعيد المنصوص عليها في قانون التأمين الاجتماعي يُعد مطروحاً على محكمة الموضوع ولو لم يُدفع به أمامها، وعلة ذلك هي تعلقه بالنظام العام فلا يسقط الحق في التمسك به ويتعين على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها". (نقض مدني في الطعن رقم 5024 لسنة 61 قضائية – جلسة 1/3/1998. والطعن رقم 2247 لسنة 51 قضائية – جلسة 3/3/1985. ومُشار إليهما في مرجع: "قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة" – المرجع السابق – نفس الموضع).

ومن جماع ما تقدم، يتضح لعدالة المحكمة أن الدفع بعدم قبول الدعوى الماثلة لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في بعض المنازعات، قد صادف حقيقة الواقع وصحيح القانون جديراً بالقبول والقضاء به، وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها الثانية) على سبيل الجزم واليقين.

نجحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المدعية:

قدمت المدعية صوراً ضوئية لمستنداتها بحوافظ مستنداتها المقدمة في الدعوى الماثلة، وهيئة الأوقاف المصرية (المُدعى عليها الثانية) تتمسك بجحد كافة الصور الضوئية المُقدمة من المدعية في الدعوى الماثلة.

لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء النقض أنه: "لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع". (نقض مدني في الطعون أرقام 407 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/12/1982. والطعنان رقما 598 و 55 لسنة 50 قضائية - جلسة 28/2/1984. والطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية - جلسة 24/1/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 279).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "القانون لم يشترط طريقاً مُعيناً يتعين على من يُنكر التوقيع على المُحرر العرفي إتباعه إذ يكفي إبداء الدفع بالإنكار صراحةً حتى تسقط عن المُحرر حجيته في الإثبات إعمالاً لنص المادة 14 من قانون الإثبات". (نقض مدني في الطعن رقم 1314 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/5/1980).

وهدياً بما تقدم، ولما كان المُدعية قد جاءت مُستندات دعواها الماثلة خالية من أصولها وكانت هيئة الأوقاف المصرية (المُدعى عليها الثانية) قد جحدت تلك الصور الضوئية المُقدمة منها، الأمر الذي يُفقدها حُجيتها في الإثبات بما تكون معه المُدعية قد أخفقت في إثبات دعواها في هذه الحالة.

ندفع بسقوط حق المدعية في الدعوى بالتقادم الطويل:

لما كان هناك تمييز بين الحق الموضوعي وبين الحق في الدعوى. وكلاهما يسقط بالتقادم وهو يسري من وقت نشوء الحق في الدعوى، فالتقادم لا يسري إلا من وقت استحقاق الدين وعدم المُطالبة به (فيكون التقادم جزاء إهمال الدائن في عدم المُطالبة بالدين خلال مدة التقادم). فإذا اكتملت مُدة التقادم، وتمسك المدين بالتقادم، فإنه بمُجرد حدوث ذلك يسقط الدين وتوابعه. والأصل أنه يجب على المدين التمسك بالدفع بالتقادم، حيث أن المحكمة لا تقضي به من تلقاء نفسها. كما أن العمل قد جرى في مثل هذه الأحوال على أن تصدر الأحكام، عند تمسك الدائن المُدعى عليه بالتقادم، بـ: "سقوط حق المُدعي في الدعوى بالتقادم".

لما كان ما تقدم، وكانت الالتزامات تتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة، ولما كان الالتزام هو المُقابل للحق، فهما وجهان لعملة واحدة أو اسمان لمُسمى واحد، فالرابطة القانونية إذا نظرنا إليها من جانب المدين فهي "التزام" عليه، وإذا نظرنا إليها من جانب الدائن فهي "حق" له. فالالتزام والحق شئ واحد. والنص على أن الالتزامات تتقادم بـ 15 سنة، يعني أيضاً أن الحقوق تتقادم بـ 15 سنة، وسواء في ذلك جميع الحقوق (إلا ما استثني بنص خاص) بما في ذلك الحق في رفع الدعوى (وهو يختلف عن الحق الموضوعي المُطالب به). على أن هناك حقوقاً غير قابلة للتقادم، وهي الحقوق التي لا يُجيز النظام العام التعامل فيها، وهي تلك الحقوق التي لا يُجيز القانون أن تكون محلاً للحقوق المالية (المادة 81 من القانون المدني)، كالحقوق المتعلقة بالحالة المدنية (إلا ما تفرع عنها من حقوق مالية)، والحقوق المتعلقة بالاسم. فمثلاً الحق في النسب لا يسقط بالتقادم، ولكن يسقط بالتقادم ما ترتب على النسب من حقوق مالية كنفقة متجمدة ونصيب الوارث في التركة. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – لعبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثالث: "نظرية الالتزام بوجه عام – الأوصاف والحوالة والانقضاء" – طبعة 1958 القاهرة – بند 596 وما بعدها – صـ 1006 وما بعدها).

وحيث تنص المادة 385 من القانون المدني على أنه: "يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة ...".

كما تنص الفقرة الأولى من المادة 386 مدني على أن: "يترتب على التقادم انقضاء الالتزام".

كما تنص الفقرة الثانية من المادة 387 مدني على أن: "يجوز التمسك بالتقادم في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف". فإن فات المُدعى عليه الدفع بالتقادم أمام محكمة أول درجة، سواء لأنه كان يجهله أو كان يعلمه ولكنه لم يتمكن من إبدائه قبل إقفال باب المرافعة لسهو أو لتعذر الحصول على الأدلة المثبتة لوقوع التقادم أو لغير ذلك من الأسباب، فإنه يستطيع أن يدفع بالتقادم لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية، وفي أي حالة تكون عليها الدعوى. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثالث: "نظرية الالتزام بوجه عام – الأوصاف والحوالة والانقضاء" – طبعة 1958 القاهرة – بند 652 – صـ 1139).

وتضع الفقرة الأولى من المادة 381 من القانون المدني القاعدة العامة في تحديد مبدأ سريان التقادم، حيث نصت على أنه: "لا يبدأ سريان التقادم من فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مُستحق الأداء". فالقاعدة إذن أن يبدأ سريان التقادم من وقت استحقاق الدين.

وإذا سقط الدين بالتقادم، سقط بأثر رجعي، واستند سقوطه إلى الوقت الذي بدأ فيه سريان التقادم، لا إلى الوقت الذي اكتملت فيه مدة التقادم. ولما كان الدين ينقضي بأثر رجعي من وقت مبدأ سريان التقادم، فإنه يعتبر غير موجود خلال مدة سريان التقادم. (المرجع السابق – بند 668 – صـ 1158).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذ كانت المادة 385 من القانون المدني فيما تنص عليه فقرتها الثانية من تقادم الدين بخمس عشرة سنة إذا صدر به حكم حائز لقوة الأمر المقضي تستبدل التقادم الطويل بالتقادم القصير متى عززه حكم يُثبته ويكون له من قوة الأمر المقضي فيه ما يحصنه، وكان الحكم بالتعويض المؤقت - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وأن لم يُحدد الضرر في مداه يعرُض للمسئولية التقصيرية بما يُثبتها ولدين التعويض بما يُرسيه غير مُعين المقدار مما يرتبط بالمنطوق أوثق ارتباط فتمتد إليه قوة الأمر المقضي، ومتى توافرت لأصل الدين هذه القوة فهي بظاهر النص حسبه في استبدال التقادم الطويل بتقادمه القصير ولو لم يكن قابلاً بعد للتنفيذ الجبري، ولا يسوغ أن يُقصر الدين الذي أرساه الحكم على ما جرى به المنطوق رمزاً له ودلاله عليه، بل يمتد إلى كل ما يتسع له محله من عناصر تقديره ولو بدعوى لاحقه لا يرفعها المضرور بدين غير الدين بل يرفعها بذات الدين يستكمله بتعيين مقداره، فهي بهذه المثابة فرع من أصل تخضع له وتتقادم بما يتقادم به ومدته خمس عشرة سنة". (نقض مدني في الطعون أرقام 120 لسنة 43 قضائية - جلسة 9/12/1982. ونقض مدني في الطعن رقم 1552 لسنة 49 قضائية - جلسة 30/3/1983. ونقض مدني في الطعن رقم 1519 لسنة 49 قضائية - جلسة 5/5/1983).

وهدياً بما تقدم، وكان الثابت بالأوراق، وبإقرار المدعية نفسها في صحيفة دعواها أن والدها الذي تطالب بإثبات العلاقة الايجارية بينه وبين المدعى عليه الثاني بصفته (ومن ثم امتداد تلك العلاقة إليها بوفاتها)، قد ثبتت وفاته في غضون عام 1977 إلا أن المدعية لم ترفع دعواها الماثلة إلا في غضون عام 2007 أي بعد ما يقرب من ثلاثين سنة (وهي ضعف مدة التقادم البالغة 15 سنة)، فيحق لهيئة الأوقاف المصرية – والحال كذلك – الدفع بسقوط الحق في الدعوى الماثلة بالتقادم، ويكون هذا الدفع قد جاء على سند صحيح من القانون جديراً بالقبول والقضاء به، وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها الثانية) على سبيل الجزم واليقين.

5- نطلب رفض الدعوى:

لما كانت طلبات المدعية في الدعوى الماثلة تتضمن إثبات العلاقة الايجارية بين والدها (شقيق المستأجرة الأصلية) وبين هيئة الأوقاف المصرية (التي حلت محل وزارة الأوقاف)، ومن ثم امتداد عقد الإيجار إليها من والدها، ولما كان الثابت بالأوراق، وبإقرار المدعية نفسها في صحيفة افتتاح الدعوى أن والد المدعية قد توفي قبل وفاة المستأجرة الأصلية، فمن ثم فلا يجوز لأبنته (المدعية) المطالبة بأية حقوق له في وقت كانت المستأجرة الأصلية موجودة فيه وقائمة بجميع التزاماتها التعاقدية بموجب عقد الإيجار.

حيث أنه المُقرر في قضاء محكمة النقض أن: "مؤدى نص المادة 152 من القانون المدني على أن "لا يرتب العقد التزاماً في ذمة الغير ولكن يجوز أن يكسبه حقوقاً" في ضوء ما جاء بالأعمال التحضيرية، وما نصت عليه المادة 29 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 المقابلة لنص المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن الالتزامات الناشئة عن العقود عامة بما في ذلك عقد الإيجار لا تقع إلا على عاتق طرفيه، وإن كان لهما باتفاقهما أن يرتبا حقوقاً للغير، ومن طبيعة عقد إيجار المساكن أنه عائلي وجماعي لا يتعاقد فيه المستأجر ليسكن بمفرده بل ليعيش معه أفراد أسرته أو غيرهم ممن يترائى له إسكانهم، إما على سبيل التسامح المحض أو وفاء لالتزامات مصدرها علاقة أخرى غير الإيجار كالتزام الزوج بسكنى زوجته والأب لصغاره، والمخدوم بسكنى خدمه، وإما لحاجة الصغير الذي امتد له العقد أو المرأة للحماية والرعاية من أحد ذويها، فهؤلاء وغيرهم ليسوا مستأجرين أصليين، ولا يعد المستأجر نائباً عنهم، وإن كان لهم حق الانتفاع بالعين تبعاً لقيام حق المستأجر، وتعتبر إقامتهم في العين من قبيل استعمال المستأجر فلا يستطيعون مزاحمته فيها استناداً لعقد الإيجار، ويستقل المستأجر وحده بوضع ضوابط علاقته بالمؤجر". (نقض مدني في الطعن رقم 8797 لسنة 66 قضائية – جلسة 23/6/2003).

ومفاد ذلك، أنه ما دام المستأجر الأصلي ما زال موجوداً ومتمسكاً بعقد الإيجار ولم يترك العين المؤجرة أو يتخلى عنها، فلا يحق للمقيمين معه مطالبة المؤجر بأي حق متولد عن عقد الإيجار، لكونهم ليسوا مستأجرين أصليين وأن إقامتهم في العين المؤجرة هي من قبيل استعمال المستأجر الأصلي بتلك العين فلا يجوز لهم مزاحمة المستأجر الأصلي في ذلك الحق استناداً لعقد الإيجار، حيث يستقل المستأجر وحده بوضع ضوابط علاقته بالمؤجر.

فضلاً عن أنه بالنسبة لنظرية المساكنة التي تستند إليها المدعية في دعواها الماثلة، فإن هذه النظرية قد بطل الأخذ بها وعفا عليها الزمن منذ زمن طويل، كما أن محكمة النقض قد طرحت جانبا نظرية المُساكنة والنيابة المفترضة هذه ورفضت الأخذ بها أو التسليم بصحتها استنادا إلى عدة أسباب قانونية ، نذكر منها ما يلي:

1- أنه من المبادئ القانونية العامة والسائدة والمُسلم بها قانوناً وفقهاً وقضاءاً: "مبدأ نسبية أثر العقد" الذي صاغته المادة 149 من القانون المدني بقولها: "ينصرف أثر العقد إلى المتعاقدين والخلف العام، دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث، ما لم يتبين من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف إلى الخلف العام".

2- وإن تمتع المُساكنين (مع المُستأجر الأصلي) بالإقامة في العين المُؤجرة ترجع إلى قيام المُستأجر الأصلي بالتزامات وواجبات أدبية ذات طابع خاص وقابلة للتغيير والتبديل والتعديل ومتعلقة بالمُستأجر الأصلي ولا شأن للمالك المُؤجر بها.

3- إن مسالة كيفية استعمال المُستأجر لمنفعة العين المُؤجرة، هي مسألة عارضة لا تبرر فكرة المجاز القانوني التي تبنى عليها نظرية المُساكنة والنيابة المُفترضة.

وعلى هذا تواترت أحكام محكمة النقض على رفض الأخذ بنظرية المُساكنة والنيابة المُفترضة، حيث قضت محكمة النقض في العديد من أحكامها بأن: " لعقد الإيجار طابع عائلي وجماعي، لا يتعاقد فيه المُستأجر ليسكن بمفرده، بل ليعيش معه أفراد أسرته ومن يتراءى له إيواءهم. وقد استهدفت التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن حماية شاغل العين المؤجرة من عسف المؤجر وتمكينه والمقيمين معه من إقامة مستقرة في السكن أبان أزمة الإسكان، وجعلت عقود إيجار تلك الأماكن ممتدة تلقائياً وبحكم القانون إلى غير مُدة محددة طالما بقيت تلك التشريعات التي أملتها اعتبارات النظام العام، بحيث لا يجوز إخراج المقيمين إقامة مستديمة مع المستأجر بغير إرادتهم إلا بسبب من الأسباب التي حددتها تلك التشريعات على سبيل الحصر، إلا أن ذلك لا ينفي نسبية أثر عقد الإيجار من حيث الأشخاص، فلا يلتزم به غير عاقديه الأصليين اللذين يأتمران بقانون العقد، ومن حيث المضمون فلا يلزم العقد بما تضمنه من التزام، طالما بقي المستأجر الأصلي على قيد الحياة يسكن العين المُؤجرة، لم يبرحها إلى مسكن آخر، ولم ينسب إليه أنه تنازل عن حقه في الإيجار أو أجره من الباطن خلافاً لما يفرضه عليه القانون. ويؤيد هذا النظر الذي لم يرد به نص صريح في القانون رقم 121 لسنة 1947 أن المشرع في المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 19690 ثم في المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 عني بتعيين المستفيد من مزية الامتداد القانوني بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين، بما يشير إلى أن المقيمين مع المستأجر الأصلي لا تترتب في ذمتهم التزامات قبل المؤجر خلال فترة مشاركتهم المستأجر الأصلي في السكن. ويبقى المستأجر الأصلي هو الطرف الأصيل والوحيد في التعامل مع المؤجر، ولا يسوغ القول بأن المقيمين مع المستأجر الأصلي يعتبرون مستأجرين أصليين أخذاً بأحكام النيابة المفترضة، وانحرافاً عن المبادئ العامة في نسبية أثر العقد حين يقوم بإرادة النائب وينصرف أثره إلى الأصيل، لأن هؤلاء ليسوا طبقاً للقانون أطرافاً في عقد الإيجار ولا تربطهم بالمؤجر أية علاقات تعاقدية مباشرة أو غير مباشرة، سواء كانت إقامتهم في بداية الإيجار أو بعده، وإنما تمتعهم بالإقامة في العين قياماً من المستأجر الأصلي بالتزامات وواجبات أدبية ذات طابع خاص قابلة للتعديل والتغيير متعلقة به هو ولا شأن لها بالمؤجر، وكيفية استعمال المستأجر لمنفعة المسكن مسألة عارضة لا تبرر فكرة المجاز القانوني على أساس النيابة الضمنية". (نقض مدني الطعن رقم 320 لسنة 44 قضائية – جلسة 29/3/1978. مشار إليه في مرجع: "شرح قانون إيجار الأماكن" – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الأول – طبعة 1990 القاهرة – بند 170 – صـ 829 ، 830).

وعلى هذا المبدأ العام المستقر تواترت أحكام النقض، ونذكر من بين تلك الأحكام ما يلي:

- "إن رب الأسرة المُستأجر للسكن – اعتباره دون أفراد أسرته المُقيمين معه منذ بداية الإيجار أو بعده الطرف الأصيل في عقد الإيجار – عدم اعتباره نائباً عنهم، لا محل لإعمال النيابة الضمنية أو الاشتراط لمصلحة الغير – وجود زوجة المستأجر معه لا يجعل منها مستأجراً. ورتبت المحكمة على ذلك أن اختصام زوجة المستأجر معه في دعوى الإخلاء المرفوعة ضده غير جائز". (نقض مدني في الطعن رقم 1338 لسنة 57 قضائية – جلسة 26/2/1988. مشار إليه في المرجع السابق – هامش 45 مكرر – صـ 831).

- "عقد إيجار المسكن – نسبي الأثر بين عاقديه – المقيمون مع المستأجر من أفراد أسرته – عدم اعتبارهم مستأجرين أصليين ولو كانت مساكنتهم معاصرة لاستئجار المسكن – لا محل لإعمال النيابة المفترضة". (نقض مدني في الطعن رقم 1463 لسنة 51 قضائية – جلسة 13/3/1988. والطعن رقم 896 لسنة 51 قضائية – جلسة 27/3/1981. مشار إليه في المرجع السابق – نفس الموضع).

- "إقامة الزوج مع زوجته في مسكن والدتها منذ بدء الإيجار لا تكسبه حقاً في البقاء بالعين المؤجرة رغم إرادة والدتها المستأجرة الأصلية، إذ أن زوجته ابنة المستأجرة الأصلية لا تعتبر هي ذاتها مستأجرة أصلية". (نقض مدني في الطعن رقم 1895 لسنة 51 قضائية – جلسة 13/2/1989. مشار إليه في المرجع السابق – نفس الموضع).

- كذلك قضت محكمة النقض بعدم أحقية زوجة المستأجر الأصلي التي طلقت منه في البقاء في العين المؤجرة إليه باسمه، بانية قضاءها على أن زوجة المستأجر لا تعتبر مستأجرة أصلية مثله من طريق نيابته الضمنية عنها في إبرام عقد الإيجار. (نقض مدني في الطعن رقم 396 لسنة 46 قضائية – جلسة 26/3/1980. مشار إليه في المرجع السابق – صـ 833).

وفوق كل ذلك، فقد وقع المُستأجر الأصلي علي عقد إيجار عين التداعي والذي تضمن البند الأربعون منه (والمعنون باسم "شروط إضافية") في الفقرة 2 من هذا البند شرطاً يقضي بأنه: "ليس للمُستأجر الحق في التنازل عن الشقة المُؤجرة أو تأجيرها كلها أو جزء منها من الباطن أو إِشراك غيره في السكن بمقابل أو غير مقابل، وإذا خالف ذلك فيُعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه بلا حاجة إلى تنبيه أو إنذار ويكون وضع يده مغتصباً ومن حق الوزارة طرده بحكم من قاضي الأمور المستعجلة". وقد وافق المُستأجر الأصلي على هذا العقد بكل بنوده ووقع على ذلك، بما في ذلك شرط عدم إشراك غيره معه في سكن العين المؤجرة، فهل يستساغ القول بعد ذلك بضرورة الأخذ بنظرية النيابة المفترضة؟!! أين إذن تذهب القواعد العامة في القانون المدني (الذي هو الشريعة العامة لجميع المعاملات) والتي تنص في المادة 147 منه على أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين؟!! علماً بأن هذه مسألة قانونية محضة لعدالة المحكمة القول الفصل فيها ولا شأن للخبير الفني بتلك المسألة وقوله فيها لا يعول عليه، فضلاً عن عدالة المحكمة هي الخبير الأعلى وقول الخبير المُنتدب في الدعوى لا يقيدها ولا يلزمها بأي شئ.

ثالثاً- الطلبات

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أرشد وأصوب، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها الثانية) الحكم لها في الدعوى الماثلة بما يلي:

أولاً- وبصفة أصلية: بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها لمحكمة جنوب الجيزة الابتدائية.

ثانياً- وبصفة احتياطية: بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.

ثالثاً- وعلى سبيل الاحتياط الكلي: وعلى الترتيب التالي:

1- بسقوط حق المدعية في الدعوى بالتقادم.

2- برفض الدعوى.

وفي جميع الأحوال: إلزام المدعية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً كانت،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

ashraf.rashwan@gmail.com