الجمعة، 3 يوليو 2009

لا امتداد قانوني لعقود الإيجار الخاضعة لأحكام القانون المدني

رفض طلب امتداد عقد الإيجار سند الدعوى الماثلة:

لما كان الثابت بالأوراق، وبإقرار الشركة المدعية ذاتها، أنها تستأجر من هيئة الأوقاف المصرية أرض التداعي، وهي أراضي بور، في حكم الأرض الفضاء، وكانت الأراضي الفضاء مستثناة من تطبيق أحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المُؤجر والمُستأجر على أنه: "فيما عدا الأراضي الفضاء، تسري أحكام هذا الباب على الأماكن وأجزاء الأماكن على اختلاف أنواعها المُعدة للسُكنى أو لغير ذلك من الأغراض سواء كانت مفروشة أو غير مفروشة مُؤجرة من المالك أو من غيره وذلك في عواصم المحافظات والبلاد المُعتبرة مدناً بالتطبيق لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1975 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي والقوانين المُعدلة له".

فقد نصت المادة الأولى من القانون رقم 49/1977 صراحةً على استثناء الأراضي الفضاء من أحكام الباب الأول منه (وهي الأحكام المُنظمة للعلاقة بين المُؤجرين والمُستأجرين)، كما أنه من المُقرر إنه إذا تضمن عقد إيجار قطعة أرض فضاء نصاً يبيح للمُستأجر إقامة بناء عليها مُستقبلاً على أن تؤول ملكيته إلى المُؤجر عند انتهاء الإجارة، فإن مثل هذا النص ليس من شأنه إخراج العين عن طبيعتها حال التعاقد عليها من أنها أرض فضاء، وبالتالي يكون إيجارها خاضعاً لقواعد القانون العام طالما أنه لم يُحرر فيما بين الطرفين عقد إيجار جديد عن البناء ولم تُعدل شروط العقد الأصلي بشأنه.

والعبرة في التعرف على نوع العين المُؤجرة - كلما كان هذا التعرف لازماً لتكييف عقد الإيجار، وتحديد حقوق طرفيه على موجب هذا التكييف – هي بما جاء في العقد ذاته مُبيناً نوع هذه العين، متى كان الوارد في العقد مُطابقاً لحقيقة الواقع ولإرادة المُتعاقدين.

والقول بعدم سريان قانون إيجار الأماكن على الأرض الفضاء، يشمل جميع أحكام هذا القانون سواء ما تعلق منها بتحديد الأجرة أو بتقييد حق المُؤجر في طلب إخلاء العين المُؤجرة أو بقواعد الاختصاص. (المرجع: "شرح قانون إيجار الأماكن" – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الأول – الطبعة التاسعة 1990 القاهرة – بند 9 - ص 66 : 84).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "المُقرر أن قانون إيجار الأماكن استثنى صراحة الأرض الفضاء من تطبيق أحكامه، والضابط في تعيين القانون الواجب التطبيق في طلب الإخلاء مرده في الأصل إلى وصف العين المُؤجرة في عقد الإيجار، فإن ورد العقد على أرض فضاء، فإن الدعوى بالإخلاء تخضع للقواعد العامة في القانون المدني، ولا عبرة في هذا الخصوص بالغرض الذي استؤجرت من أجله، كما لا يغير من طبيعة الأرض أنها مسورة بسور من البناء لأنها تعتبر مع ذلك أرض فضاء وتخضع لأحكام القانون المدني". (نقض مدني في الطعن رقم 143 لسنة 49 قضائية، جلسة 6/2/1984. والطعن رقم 308 لسنة 48 قضائية، جلسة 15/12/1982 مجموعة المكتب الفني – السنة 33 – ص 1160 - 209 مُشار إليهما مع العديد من أحكام أخرى كثيرة في المرجع السابق – نفس الموضع – هامش رقم 45 مكرر – صـ 72 ، 73).

والأصل العام أن عقد الإيجار الخاضع لأحكام القانون المدني ينتهي بانتهاء المدة المُتفق عليها في العقد، بدون حاجة إلى تنبيه أو إنذار. وعلى ذلك تنص المادة 598 مدني بقولها: "ينتهي الإيجار بانتهاء المُدة المُعينة في العقد دون حاجة إلى تنبيه بالإخلاء".

لما كان ما تقدم، وكان انتهاء مدة عقد الإيجار يجعل هناك استحالة في قيام المؤجر بتسليم العين المؤجرة للمستأجر الذي انتهت مدة عقد إجارته حتى ولو لم يكن قد استلم العين المؤجرة فعلاً. حيث إنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "انتهاء مدة الإجارة قبل تسليم العين المؤجرة للمستأجر لا يحول دون توافر مصلحة المستأجر فى طلب التنفيذ العيني، ووجه تحقق هذه المصلحة هو تقرير حق قانوني له حتى ولو استحال التنفيذ بالتسليم لانتهاء المدة وقت صدور الحكم، لما يترتب على قبول هذا الطلب من إمكان رجوعه بالتعويض على المؤجر". (نقض مدني في الطعن رقم 181 لسنة 21 قضائية – جلسة 27/1/1955 مجموعة المكتب الفني – السنة 6 – الجزء الثاني – صـ 540).

والشاهد في هذا الحكم، ووجه الاستدلال به، أنه إذا لم يكن المستأجر قد تسلم العين المؤجرة فعلاً، وانتهت مدة عقد إجارته لها دون أن يتسلمها، فإنه بعد ذلك يستحيل تنفيذ عقد الإيجار بتسليم العين المؤجرة للمستأجر لانتهاء مدة العقد، حيث أن العقد ينتهي بانتهاء المدة المعينة فيه حتى ولو لم يتسلم المستأجر العين المؤجرة، كما قررت بذلك محكمة النقض. فالعبرة في تحديد مدة عقد الإيجار هي بما اتفق عليها الطرفان فيه من تاريخ بدايته وتاريخ نهايته، وليست العبرة بمدة استلام المستأجر للأرض أو انتفاعه بها أو وضع يده عليها، وبذلك يكون طلب تمديد عقد الإيجار لاستيفاء المدة التي تزعم الشركة المدعية أن الهيئة المؤجرة تعرضت لها في حيازتها للعين المؤجرة، هذا الطلب يكون قد جاء على غير سند من صحيح القانون خليقاً بالرفض وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

ويؤيد هذا النظر ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 565 من القانون المدني من أنه: "إذا سلمت العين المؤجرة في حالة لا تكون فيها صالحة للانتفاع الذي أجرت من أجله، أو إذ نقص هذا الانتفاع نقصاً كبيراً، جاز للمستأجر أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقصت من الانتفاع، مع التعويض في الحالتين إذا كان لذلك مقتض".

فهذا النص وإن كان لا يعرض إلا لجزاء عدم قيام المؤجر بالتزامه بالتسليم من حيث الحالة التي يجب أن يسلم عليها الشيء المؤجر، إلا أنه تطبيق للقواعد العامة. فيمكن إجراء أحكامه في كل حالة يخل فيها المؤجر بالتزامه بالتسليم، سواء رجع ذلك إلى حالة الشيء المؤجر أو إلى أي سبب آخر كالتأخر في التسليم أو الامتناع عنه. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري الجزء السادس بند 193 صـ 220).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "التسليم الصحيح للعين المؤجرة لا يكون إلا بتسليم هذه العين جميعها هى وملحقاتها تسليماً يتمكن به المستأجر من الانتفاع بالعين انتفاعاً كاملاً دون حائل ويكون ذلك فى الزمان والمكان الواجبين أو المتفق عليهما فتسليم جزء من العين أو العين دون ملحقاتها ـ أو تسليم العين فى حالة غير حسنة أو عدم قيام المؤجر بما تعهد به من تصليحات أو تجهيزات أو بناء يقيمه فى العين المؤجرة قبل التسليم أو مجرد التأخر فى التسليم عن وقته. كل هذا لا يعد تسليماً صحيحاً ولا يمكن للمؤجر أن يجبر المستأجر على أن يجتزئ به عن التسليم الصحيح ـ وللمستأجر فى جميع هذه الأحوال أن يطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة مع التعويضات اللازمة وفقا لحكم المادة 565 من القانون المدنى". (نقض مدني في الطعن رقم 229 لسنة 23 قضائية – جلسة 21/3/1957 مجموعة المكتب الفني – السنة 8 – الجزء الأول – صـ 265).

ومفاد ذلك أن جزاء التأخر في التسليم أو الامتناع عن التسليم هو إما طلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع، لأن الأجرة تقابل الانتفاع، فإذا تعذر الانتفاع سقطت الأجرة، وإذا لم يكن الانتفاع كاملاً أنقصت الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع. كذلك إذا تأخر المؤجر في تسليم العين المؤجرة عن الوقت المحدد، فإن الأجرة تسقط عن المستأجر في مدة التأخير. (وسيط السنهوري المرجع السابق بند 197 صـ 223 و 224).

أي أنه لا يوجد في القانون جزاء يبيح للمستأجر الحق في تمديد مدة عقد الإيجار بعد انتهاء المدة المعينة في العقد، فهذا الجزاء لم يجر به نص ولا قضاء المحاكم العليا ولم يقل به أحداً من قبل، حيث أنه لا سند له من صحيح القانون. ومن ثم تكون طلبات الشركة المدعية في هذا الشق قد جاءت على غير سند من صحيح القانون خليقة بالرفض، وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق