الأربعاء، 8 فبراير 2023

التزام البائع بضمان العيب (العيوب) الخفي (الخفية)، في القانون المدني المصري، وأحكام النقض الصادرة بشأنها

 

التزام البائع بضمان العيوب الخفية

في القانون المدني المصري

 

تنص المادة 447 من القانون المدني على أن:

1- يكون البائع مُلزماً بالضمان إذا لم يتوافر في المبيع وقت التسليم الصفات التي كفل للمُشتري وجودها فيه، أو إذا كان بالمبيع عيب ينقص من قيمته أو من نفعه بحسب الغاية المقصودة مُستفادة مما هو مبين في العقد أو ما هو ظاهر من طبيعة الشيء أو الغرض الذي أعد له. ويضمن البائع هذا العيب ولو لم يكن عالماً بوجوده. 

2- ومع ذلك لا يضمن البائع العيوب التي كان المُشتري يعرفها وقت البيع، أو كان يستطيع أن يتبينها بنفسه لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادي، إلا إذا أثبت المُشتري أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب أو أثبت أن البائع قد تعمد إخفاء العيب غشاً منه".

 

ويخلص من هذا النص أنه يشترط في العيب الموجب للضمان الشروط التالية:

1- أن يكون العيب قديماً: أي موجوداً وقت البيع ووقت التسليم ولم يطرأ على المبيع بعد البيع أو بعد التسليم.

2- وأن يكون العيب مُؤثراً: أي أدى وجود العيب إلى نقص في قيمة المبيع أو في نفعه. ولا يُعتبر العيب مؤثراً إذا كان العرف قد جرى على التسامح فيه، أو كان النقص الذي يؤدي إليه في قيمة المبيع أو في نفعه تافهاً لا يُعتد به.

3- وأن يكون العيب خفياً: أي أن يكون العيب غير ظاهر وأن يكون المُشتري غير عالماً به. ويكون العيب ظاهراً ولا يوجب الضمان إذا كان المُشتري يستطيع أن يتبينه بنفسه لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادي، ولا يقصد بذلك أن يكون باستطاعة المشتري تبين العيب بنفسه بواسطة معلوماته الشخصية، بل المقصود أن يكون في وسعه كشف العيب بوسائله الخاصة دون حاجة إلى مُعاونة البائع له في ذلك ولو أحتاج إلى معاونة أهل الخبرة أو التخصص في مثل المبيع. وعدم قيام المُشتري بذلك مع وضع البائع المبيع تحت تصرف المشتري لفحصه أو عدم مُمانعته في ذلك، يُشكل تقصيراً من جانب المُشتري يكون جزاؤه حرمانه من حقه في الضمان.

ويجب على المُشتري أن يُثبت توافر هذه الشروط الثلاثة كلها. ويخلص البائع من الضمان إذا هو نفاها كلها أو بعضها.

 

وقد نصت المادة 449 من القانون المدني على أنه:

"إذا تسلم المُشتري المبيع وجب عليه التحقق من حالته بمُجرد أن يتمكن من ذلك وفقاً للمألوف في التعامل. فإذا كشف عيباً يضمنه البائع وجب عليه أن يخطره به خلال مدة معقولة، فإن لم يفعل أعتبر قابلاً للمبيع. أما إذا كان العيب مما لا يمكن الكشف عنه بالفحص المعتاد ثم كشفه المشتري، وجب عليه أن يخطر به البائع بمُجرد ظهوره، وإلا أعتبر قابلاً للمبيع بما فيه من عيب".

       فيجب على المُشتري متى تسلم المبيع أن يبادر إلى التحقق من حالته بمُجرد أن يتمكن من ذلك وفقاً للمألوف في التعامل، فإن ظهر له عيب موجب للضمان (بشروطه الثلاثة سالفة الذكر) وجب عليه أن يبادر إلى إخطار البائع به خلال مدة معقولة. فإن أهمل المُشتري في فحص الشيء أو في الإخطار بالعيب بعد كشفه، عد قابلاً له بحالته بما فيه من عيب وسقط حقه في الرجوع على البائع بالضمان ولو لم تنقض المدة اللازمة لتقادم دعوى الضمان وهي سنة من تاريخ التسليم.

       وليس للإخطار شكل معين، فيجوز أن يتم بإنذار على يد محضر، أو بخطاب، أو بتنبيه شفوي، بشرط إمكان إثباته. ويقع عبء هذا الإثبات على عاتق المُشتري.

       ويُقدر قاضي الموضوع ما إذا كان المُشتري قد بادر إلى فحص المبيع لكشف عيبه بمُجرد تمكنه من ذلك وفقاً للمألوف في التعامل أو أنه أبطأ وتهاون في ذلك، وما إذا كان الإخطار بالعيب قد تم خلال مدة معقولة أو تم بعد فوات المدة المعقولة.

 


 

 

التمسك بسقوط الحق في ضمان العيوب الخفية بالتقادم الحولي

 

يسقط حق المُشتري في ضمان العيوب الخفية أما بالتقادم، وإما بالنزول عنه.

حيث المادة 452 من القانون المدني على أنه:

"تسقط بالتقادم دعوى الضمان إذا أنقضت سنة من وقت تسليم المبيع ولو لم يكشف المُشتري العيب إلا بعد ذلك".

 

أما عن النزول عن حق الضمان فإما أن يكون صريحاً وإما أن يكون ضمنياً، وهو في كلتا الحالين يسقط الحق في طلب الضمان. ويكون النزول الضمني بإهمال المشتري في فحص المبيع في الوقت المناسب أو بعدم مُبادرته إلى إخطار البائع بظهور العيب بمُجرد كشفه.

       وقد كان القانون المدني القديم (الملغي) ينص على إحدى حالات النزول الضمني وهي بأن: "تصرف المُشتري في المبيع بأي وجه كان بعد اطلاعه على العيب الخفي يوجب سقوط حقه في طلب الضمان". وقد رأى واضعو التقنين المدني الحالي أن هذا الحكم واضح يسهل استخلاصه من القواعد العامة، فلم ينصوا عليه، ولكن العمل به واجب تطبيقاً للقواعد العامة، فيُعتبر المُشتري نازلاً عن ضمان العيب بمُجرد تصرفه في المبيع بعد كشفه العيب دون إخطار البائع باحتفاظه بالضمان.

(المرجع: "الوافي في شرح القانون المدني" – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الثالث: "في العقود المسماة" – المُجلد الأول: "عقد البيع" – الطبعة الخامسة 1990 القاهرة – بند 229 – صـ 582)

 


 

 

مواعيد السقوط ومواعيد التقادم

 

ميعاد السقوط هو الميعاد الذي يجب أن يتم فيه حتماً عمل مُعين، وبخاصة لتحديد الوقت الذي يجب استعمال رخصة قررها القانون. وهو ميعاد حتمي لابد أن يتم العمل المُعين في خلاله، وإلا كان باطلاً. وهو لا يقف سريانه ولا ينقطع ويجوز للقاضي إثارته من تلقاء نفسه دون حاجة إلى أن يتمسك الخصم به، ولا يتخلف عنه التزام طبيعي، بخلاف التقادم المُسقط. وميعاد السقوط يغلب أن يكون قصيراً، على خلاف مواعيد التقادم، ويغلب أيضاً أن يتولى النص التشريعي نفسه بيان ما إذا كان الميعاد ميعاد تقادم أو ميعاد سقوط. إلا أن معيار التفرقة بينهما هو تبين الغرض الذي قصد إليه القانون من تقرير هذا الميعاد. فإن كان لحماية الأوضاع المستقرة أو لغير ذلك من أغراض التقادم، فهو ميعاد تقادم. وإن كان لتحديد الوقت الذي يجب في خلاله استعمال حق أو رخصة، فهو ميعاد سقوط. ومن ثم يكون ميعاد السقوط عنصراً من عناصر الحق يدخل في تكوينه ولا يتم الحق بدونه. ومن مواعيد السقوط ما يُعتبر من النظام العام، فلا يجوز الاتفاق على إطالته أو تقصيره أو النزول عنه بعد سريانه ويجوز للقاضي إثارته من تلقاء نفسه. ومنها ما لا يُعتبر من النظام العام، فيجوز الاتفاق على إطالته أو تقصيره أو النزول عنه بعد سريانه ولا يجوز للقاضي إثارته من تلقاء نفسه. ومواعيد السقوط تكون من النظام العام أو لا تكون، تبعاً لما إذا كانت تحقق مصلحة عليا للمجتمع بأسره أو كانت مقصورة على حماية لمصالح الأفراد. فميعاد دعوى الاستغلال مثلاً يمكن اعتباره من النظام العام، أما ميعاد دعوى نقض القسمة للغبن فيبدو أنه لا يعتبر من النظام العام. ومن أمثلة المواعيد التي لا تعتبر من النظام العام كذلك ما نصت عليه المادة 455 من القانون المدني، وهي تحدد ميعاد الشهر لإخطار البائع بالخلل الذي في المبيع وميعاد ستة أشهر لرفع الدعوى وتقول بعد ذلك "كل هذا ما لم يتفق على غيره" فليست هذه المواعيد من النظام العام، بل يجوز الاتفاق (صراحة أو ضمناً) على إطالتها أو تقصيرها أو النزول عنها بعد سريانها.

(أنظر في تفصيل ذلك: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثالث: "نظرية الالتزامات بوجه عام" – المُجلد الثاني: "انقضاء الالتزام" – الطبعة الثانية 1984 القاهرة – بند 594 – صـ 1168 : 1174 وهوامشها).


 

 

ضمان العيب الخفي ليس من النظام العام

فيجوز الاتفاق على انقاصه أو زيادته

 

حيث تنص المادة 495 من القانون المدني على أنه:

"يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيدا في ضمان العيب أو أن ينقصا منه أو أن يسقطا هذا الضمان، على أن كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه يقع باطلا إذا كان البائع قد تعمد إخفاء العيب في المبيع غشاً منه"

 

وجاء في المذكرة الايضاحية للقانون، تعليقاً على هذه المادة، ما نصه:

"ولما كانت أحكام الضمان غير متعلقة بالنظام العام، فقد أجاز المشروع بالمادة 495 للمتعاقدين أن يعدلا فيها باتفاق خاص فيزيدا في الضمان أو ينقصا منه أو يسقطا هذا الضمان، على أن يبطل الشرط إذا كان البائع قد تعمد إخفاء العيب غشا ً منه، لأنه في هذه الحالة يكون قد اشترط عدم مسؤوليته عن الغش وهذا غير جائز وقد قال الرسول: »لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا ً وفيه عيب إلا بينه له« وقد سبق إلى الأخذ بهذا الأصل القانون المدني المصري بالمادة 453 وغالبية القوانين العربية.

إن الاسقاط أو الاعفاء من الضمان يعد من الامور المهمة، والذي يعني في المحصلة إزالة الحق من البائع على المبيع الى مالك آخر هو المشتري".

(ويراجع في ذلك: د. عبد الرزاق حسن فرج – "الابراء من الالتزام"، دار الاتحاد العربي، القاهرة، طبعة 1976 صـ 14،

وكذلك: د. محمد الزحيلي، "القواعد الفقهية على المذهب الحنفي والشافعي"، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، 1999، صـ 120)

 

وقد وردت تعريفات عدة للإسقاط منها أن الاسقاط هو: "إزالة الحق الثابت نهائياً مع عدم نقله لغير المختص به سواء أكانت الازالة بعوض أم بغير عوض".

(يراجع في ذلك: د. علي محمد الشريف، "انقضاء الحق بالوفاء في الفقه الإسلامي" – رسالة دكتوراه، القاهرة، 1979، صـ 98)

 

وحتى تطبق العبارات الصريحة في الاعفاء فلابد للبائع أن يكون حسن النية في عملية البيع، ولكن إذا حدث غش من البائع بطل الاتفاق على اسقاط الحق في ضمان العيب.

 

       * وأيضاً، يجوز للطرفين زيادة الضمان، مثلما جرت عليه وكالات بيع السيارات، فمنها ما يتضمن عقد بيعها ضمان السيارة المبيعة مدة خمس سنوات مثلاً، وأخرى تطيل مدة الضمان إلى إحدى عشرة سنة، ففي حالة ظهور عيب خفي في السيارة المبيعة وتمسك المشتري بضمان الشركة البائعة له، لا تستطيع التنصل من مسئوليتها بمدة الضمان الواردة في القانون المدني، طالما نص عقد بيعها لتلك السيارة على مدة ضمان أكبر منها، فيتوارى النص العام أمام النص الخاص (باعتبار أن العقد هو شريعة المتعاقدين، وهو قانونهما الخاص).

 


 

 

أحكام محكمة النقض (بمصر) في

(ضمان العيب الخفي)

 

"المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يعتبر العيب خفياً متى كان المشترى غير عالم به وغير مستطيع أن يعلمه أو إذا لم يكن من الممكن اكتشافه بالفحص المعتاد الذى تعارف الناس على القيام به بأن كان يتطلب خبرة خاصة وفحصاً معيناً".

( نقض مدني، في الطعن رقم 7964 لسنة 65 قضائية – جلسة 19/12/1996 – مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – جـ 2 – صـ 1593 – فقرة 2 )

 

"النص في المادة 449 من القانون المدني على أنه "إذا تسلم المُشتري المبيع وجب عليه التحقق من حالته بمُجرد أن يتمكن من ذلك وفقاً للمألوف في التعامل. فإذا كشف عيباً يضمنه البائع وجب عليه أن يخطره به خلال مدة معقولة، فإن لم يفعل أعتبر قابلاً للمبيع. أما إذا كان العيب مما لا يمكن الكشف عنه بالفحص المعتاد ثم كشفه المشتري، وجب عليه أن يخطر به البائع بمُجرد ظهوره، وإلا أعتبر قابلاً للمبيع بما فيه من عيب"، والنص في المادة 452 من القانون المذكور على أن "تسقط بالتقادم دعوى الضمان إذا أنقضت سنة من وقت تسليم المبيع ولو لم يكشف المُشتري العيب إلا بعد ذلك"، مفادهما أن دعوى ضمان العيب في الشيء المبيع تسقط إما بعدم إخطار المُشتري البائع بالعيب في الوقت الملائم لإهماله في فحص الشيء أو الإخطار عنه وإما بانقضاء سنة من وقت تسليم المبيع ولو وقع الإخطار أو لم يعلم المُشتري بالعيب إلا بعد ذلك".

( نقض مدني، في الطعن رقم 537 لسنة 55 قضائية – جلسة 31/12/1985 )

 

"من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العيب في المبيع يعتبر خفياً متى كان المشترى غير عالم به وغير مستطيع أن يعلمه أو إذا لم يكن من الممكن اكتشافه بالفحص المعتاد الذى تعارف الناس على القيام به كأن يتطلب خبرة خاصة وفحصاً معيناً لا يتوافران في المشترى، وكان العلم الذى ينتفى به ضمان العيب هو العلم الحقيقي دون العلم الافتراضي وهو ما لا يكفى للدلالة عليه مجرد إقرار المشترى في عقد البيع بمعاينته للمبيع المعاينة النافية للجهالة أو قلة ثمن المبيع".

( نقض مدني، في الطعن رقم 1674 لسنة 54 قضائية – جلسة 28/2/1985 – مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – جـ 1 – صـ 330 – فقرة 1 )

 

* "مفاد نص المادة 452 من القانون المدني أن الالتزام بضمان العيوب الخفية يسقط بمضي سنة من وقت تسلم المشترى للمبيع، غير أنه إذا تعمد البائع إخفاء العيب عن غش منه فلا تسقط دعوى الضمان في هذه الحالة إلا بمضي خمس عشرة سنة من وقت البيع. ولما كان يبين مما قرره الحكم أنه رغم أن البائع - مورث الطاعنين - كان يعلم أن الدور الأول من العقار المبيع كان مؤجراً من قبل بمبلغ ثمانية جنيهات شهرياً فإنه ضمن للمشترين المطعون عليها الثانية ومورث المطعون عليها الأولى - أن العقار يغل قدراً أكبر من الريع إذ استأجر منهما هذا الدور بمبلغ 35جم شهرياً لمدة ثلاث سنوات من تاريخ التوقيع على العقد النهائي على أن تكون الأجرة 30جم شهرياً بعد انتهاء هذه المدة مما جعل المشتريين يقبلان على تحديد ثمن العقار بمبلغ 8500جم، ثم أقام ورثة البائع دعوى قضى فيها بتخفيض الأجرة وخلص الحكم من ذلك إلى أن المبيع به عيب خفى تعمد البائع إخفاءه عن المشترين غشاً منه واستند إلى أسباب سائغة تكفى لحمله في هذا الخصوص، وكان الحكم فيما أورده على النحو سالف الذكر قد بين عناصر الغش الذى نسبه إلى البائع وكيف أنه تعمد إخفاء العيب، وإذ رتب الحكم على ما انتهى إليه أن مدة تقادم دعوى الضمان في هذه الحالة تكون خمس عشرة سنة من تاريخ العقد وأن هذه المدة لم تنقض بعد حتى تاريخ رفع الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون".

( نقض مدني، في الطعن رقم 608 لسنة 40 قضائية – جلسة 28/10/1975 – مجموعة المكتب الفني – السنة 26 – جـ 2 – صـ 1345 – فقرة 4 )

 

* "لا يجوز للبائع طبقا للفقرة الثانية من المادة 452 من القانون المدني أن يتمسك بمدة السنة لتمام التقادم إذا ثبت أنه تعمد إخفاء العيب غشا منه، وإذ كان المشرع قد ألحق حالة تخلف الصفة بالعيب الخفي وأجرى عليه أحكامه فيما يختص بقواعد الضمان، بأن جعل للمشترى الرجوع على البائع في هذه الحالة بدعوى ضمان العيوب الخفية، تحقيقاً لاستقرار المعاملات، فإن الحكم المطعون فيه إذا أقام قضائه برفض الدفع بسقوط الدعوى على أساس تعمد البائع إخفاء هذا العيب غشا منه، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ذلك أن مدة التقادم تكون في هذه الحالة 15 سنة أخذا بالأصل العام المعمول به بشأن مدة التقادم".

( نقض مدني، في الطعن رقم 81 لسنة 36 قضائية – جلسة 23/4/1970 – مجموعة المكتب الفني – السنة 21 – صـ 697 – فقرة 2 )

 

"المشرع وإن كان قد الحق حالة تخلف الصفة التي كفلها البائع للمشترى بالعيب الخفي، إلا أنه لم يشترط في حالة فوات الصفة ما اشترطه في العيب الذى يضمنه البائع من وجوب كونه مؤثرا وخفيا، بل أنه جعل مجرد تخلف الصفة وقت التسليم موجبا لضمان البائع متى قام المشترى بإخطاره، سواء كان المشترى يعلم بتخلفها وقت البيع أو كان لا يعلم، وسواء كان يستطيع أن يتبين فواتها أو كان لا يستطيع، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لأمر تحقق الصفة في الحدود السالف ذكرها وجرى على أن عدم توفر هذه الصفة عيب في المبيع يشترط فيه ليوجب مسئولية البائعة توافر الخفاء، فإنه يكون قد خالف القانون".

( نقض مدني، في الطعن رقم 14 لسنة 36 قضائية – جلسة 19/3/1970 – مجموعة المكتب الفني – السنة 21 – صـ 475 – فقرة 1 )

 

"ضمان البائع للمشترى إغلال العقار المبيع قدراً معيناً من الريع يعتبر كفالة من المشترى لصفة في المبيع مما تعنيه المادة 447 من القانون المدني بقولها "يكون البائع ملزماً بالضمان إذا لم يتوافر في المبيع وقت التسليم الصفات التي كفل للمشترى و جودها فيه". وتخلف الصفة التي كفل البائع وجودها في المبيع وإن لم يكن عيبا في المبيع بمعناه التقليدي الدقيق لأن العيب الخفي كما عرفته هذه المحكمة هو الآفة الطارئة التي تخلو منها الفطرة السليمة للمبيع، إلا أنه وقد ألحق المشرع حالة تخلف الصفة بالعيب الخفي وأجرى عليها أحكامه فيما يختص بقواعد الضمان، فإن رجوع المشترى على البائع في حالة تخلف صفة في المبيع كفل له البائع وجودها فيه إنما يكون بدعوى ضمان العيوب الخفية، ولا يكون للمشترى أن يرجع على البائع على أساس أنه قد أخل بالتزام آخر مستقل عن التزامه بالضمان، وإذا كان القانون قد اشترط في العيب الذى يضمنه البائع أن يكون مؤثراً وخفياً إلا أنه لم يشترط ذلك في حالة تخلف الصفة التي كفل البائع للمشترى وجودها في المبيع، فمجرد ثبوت عدم توافر هذه الصفة في المبيع وقت التسليم موجب لضمان البائع متى قام المشترى بإخطاره وذلك أياً كانت أهمية الصفة التي تخلفت وسواء كان المشترى يعلم بتخلفها وقت البيع أو لا يعلم، يستطيع أن يتبينها أو لا يستطيع. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه برفض دعوى المشترية "طلب تخفيض ثمن العقار المبيع بنسبة ما طرأ على إيجاره من تخفيض" على أنه كان في استطاعتها التحقق من حقيقة أجرة العقار المبيع مما اعتبر معه العيب غير خفى فلا تضمنه البائعة، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه، وإذا كان خطؤه هذا قد حجبه عما دفعت به المطعون ضدها "البائعة" من سقوط حق الطاعنة "المشترية" في الرجوع عليها بالضمان طبقا للمادة 452 من القانون المدني وما أبدته الطاعنة من رد على هذا الدفع فإنه يتعين إعادة القضية إلى محكمة الموضوع".

( نقض مدني، في الطعن رقم 263 لسنة 35 قضائية – جلسة 15/5/1969 – مجموعة المكتب الفني – السنة 20 – جـ 2 – صـ 796 – فقرة 1 )

 

"ما دام الحكم قد انتهى إلى أن العيب الذى لحق المبيع كان خفياً فإنه إذا ألقى على البائع عبء إثبات أن المشترى كان يعلم وقت استلام المبيع بهذا العيب وأجاز له إثبات ذلك بكافة الطرق وإذ ألزم البائع بضمان هذا العيب بعد أن عجز عن إثبات هذا العلم فإن الحكم لا يكون مخالفاً للقانون ذلك إنه متى كان العيب خفيا فيفترض أن المشترى لا يعلم به فإذا أراد البائع التخلص من الضمان فعليه هو عبء إثبات ان المشترى كان يعلم بالعيب وقت تسليم المبيع".

( نقض مدني، في الطعن رقم 384 لسنة 33 قضائية – جلسة 20/10/1966 – مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – جـ 3 – صـ 1552 – فقرة 1 )

 

"متى كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بفسخ البيع إلى وجود عيب خفى بالمبيع أكد البائع في العقد خلوه منه مما يعد إخلالاً بالتزامه بألا يكون المبيع محملاً بتكليف أو مشوباً بعيب خفى وفقاً للمادة 157/1 من القانون المدني فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون".

( نقض مدني، في الطعن رقم 6 لسنة 27 قضائية – جلسة 14/6/1962 – مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – جـ 2 – صـ 808 – فقرة 4 )

 

"العلم المسقط لدعوى الضمان للعيب الخفي هو العلم الحقيقي دون العلم الافتراضي، ومن ثم فإن نشر مرسوم اعتماد وقوع العقار المبيع داخل خط التنظيم بالجريدة الرسمية لا يدل بذاته على علم المشترى بهذا العيب".

( نقض مدني، في الطعن رقم 6 لسنة 27 قضائية – جلسة 14/6/1962 – مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – جـ 2 – صـ 808 – فقرة 3 )

 

"مجال تطبيق المادة 419 من القانون المدني هو حالة حصول غلط في المبيع، أما حالة ظهور العيوب الخفية فيحكمها نص المادة 447 من القانون المذكور. ومن ثم فلا يمنع من طلب الفسخ للعيب الخفي أن يكون المشترى قد أقر عند تسلم المبيع بأنه عاينه معاينة نافية للجهالة".

( نقض مدني، في الطعن رقم 6 لسنة 27 قضائية – جلسة 14/6/1962 – مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – جـ 2 – صـ 808 – فقرة 2 )

 

"يعتبر العيب خفياً متى كان المشترى غير عالم به وغير مستطيع أن يعلمه، أو إذا لم يكن من الممكن اكتشافه بالفحص المعتاد الذى تعارف الناس على القيام به، بل كان يتطلب خبرة خاصة وفحصاً معيناً، أو كان من السهل اكتشافه بالفحص المعتاد وأثبت المشترى أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب، أو أثبت أنه تعمد إخفاء العيب غشاً منه. فإذا كانت محكمة الموضوع قد حصلت - في استخلاص سائغ - من فهم الواقع في الدعوى وجود عيب خفى في المبيع هو وقوعه داخل خط التنظيم من قبل حصول البيع وأن المشتريين لم يتبينا وجود هذا العيب عند التعاقد لأنه لا يمكن ظهوره بمجرد فحص المبيع ذاته وأنهما لم يكن في استطاعتهما أن يتبيناه بأنفسهما وقت الشراء لو بذلا عناية الرجل المعتاد - وأنهما لو علما بهذا العيب عند التعاقد لما أقدما على الشراء وخاصة وقد أكد البائع خلو العقار المبيع من كافة الحقوق العينية ظاهرة أو مستترة فإن ما انتهت إليه المحكمة لا مخالفة فيه للقانون".

( نقض مدني، في الطعن رقم 6 لسنة 27 قضائية – جلسة 14/6/1962 – مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – جـ 2 – صـ 808 – فقرة 1 )

 

"العيب يعتبر في حكم القانون ظاهراً متى كان يدركه النظر اليقظ ولو لم يكن في متناول إدراك غيره. فليس معيار الظهور في العيب معياراً شخصياً يتفاوت بتفاوت المستوى في الأنظار المختلفة، بل معياراً متعيناً بذاته مقدراً بمستوى نظر الشخص الفطن المتنبه للأمور. فإذا ما أثبت الحكم أن عدم إنبات البذور التي هي محل الدعوى إنما يرجع إلى تسوس بعضها، وأثبت أن المشترى، وهو عمدة ومن كبار المزارعين، لا يصعب عليه كشف تسوس هذه البذور عند ورودها إليه، ثم خلص من ذلك إلى القول بأن العيب كان ظاهراً وأسس على ذلك قضاءه برفض دعوى المشترى، فإنه لا يكون قد خالف القانون".

( نقض مدني، في الطعن رقم 102 لسنة 16 قضائية – جلسة 4/12/1947 – مجموعة المكتب الفني – 5ع – صـ 500 – فقرة 1)  


 

 

التفرقة بين دعوى (ضمان العيب الخفي)،

ودعوى (فسخ العقد لإخلال البائع بالتزاماته)

 

العنوان :

بيع "آثار عقد البيع" ، التزامات البائع: "الالتزام بضمان العيوب الخفية" ، انحلال عقد البيع: "دعوى إبطال العقد " ،"فسخ عقد البيع: "دعوى فسخ البيع". تقادم "التقادم المسقط": مدة التقادم ، التقادم الطويل. دعوى "نطاق الدعوى": تكييف الدعوى. حكم "عيوب التدليل": خطأ في تطبيق القانون.

 

الموجز :

تخلف صفات في المبيع كفل البائع وجودها فيه للمشتري. الرجوع عليه بدعوى الضمان أو الفسخ أو الإبطال للغلط. دعوى الضمان. دعوى تنفيذ بمقابل تفترض بقاء العقد ونفاذه ولا يرد فيها الثمن للمشتري. خضوعها للتقادم الحولي (مادة/ ٤٥٢ مدني). دعوى الفسخ. أساسها. انحلال العقد وإعادة المتعاقدين للحالة التي كانا عليها قبل التعاقد. أثره. استرداد المشتري لما دفعه من ثمن مع التعويض تقادمها بخمسة عشرة سنة.

 

القاعدة :

المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذ أنشأ المشرع للدائن أكثر من دعوى لاقتضاء حقه كان له أن يختار ما يشاء من بينها، فإذا كفل البائع للمشتري وجود صفات في المبيع ثم تبين تخلفها عند التسليم، كان للأخير أن يرجع عليه إما بدعوى الضمان التي نظم المشرع أحكامها في المواد من ٤٤٧ إلى ٤٥٤ والمادتين ٤٤٣ ، ٤٤٤ من القانون المدني، وإما بدعوى الفسخ، والإبطال للغلط متى توافرت شرائطها طبقاً للقواعد العامة، ولكل منها أحكامها التي تستقل بها، فدعوى الضمان تفترض بقاء العقد ونفاذه، ولا يطلب انحلاله، وتعد إجابة المشتري لطلبه فيها تنفيذاً للعقد بمقابل، ولا يرد فيه الثمن بل يقضى له بالتعويضات الواردة في المادة ٤٤٣ من القانون المدني، وتخضع للتقادم الحولي المنصوص عليه في المادة ٤٥٢ من ذات القانون؛ أما دعوى الفسخ فيقضى فيها على أساس انحلال العقد، ويعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد بما يستتبع استرداد المشتري لما دفعه من الثمن، مع التعويض إن كان له محل وفقاً للقواعد العامة وتتقادم بخمس عشرة سنة.

 

الحكم :

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر/ مجدى محمد عبد الرحيم "نائب رئيس المحكمة"، والمرافعة، وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع –على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهم الدعوى رقم ٣٢٧٨ لسنة ٢٠٠٠ مدني محكمة طنطا الابتدائية بطلب الحكم بفسح عقد البيع الابتدائي المؤرخ ١٦/٢/١٩٩٧ وإلزامهم برد مقدم الثمن ومبلغ عشرين ألف جنيه على سبيل التعويض، وقالوا بياناً لدعواهم إنه بموجب العقد سالف الذكر ابتاع مورثهم من المطعون ضدهما الأول والثاني بصفتيهما الماكينة المبينة بصحيفة الدعوى والتي سبق لهما شراءها من المطعون ضده الثالث وإذ تبين لهم عند تشغيلها أن بها عيوباً كثيرة فأقاموا دعوى إثبات الحالة رقم ٤٨ لسنة ١٩٩٩ مستعجل محكمة طنطا الابتدائية وقد أورد الخبير المنتدب فيها هذه العيوب ومن ثم فقد أقاموا الدعوى. حكمت محكمة أول درجة بسقوط الحق في رفع الدعوى بالتقادم الحولي. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم ٤٩٨ لسنة ٥١ قضائية أمام محكمة استئناف طنطا وفيه قضت المحكمة برفضه وبتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسـة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن مما ينعاه الطاعنون بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وذلك عندما انحرف عن طلبهم بفسخ عقد شراء مورثهم للماكينة موضوع التداعي والمؤسس على إخلال المطعون ضدهم بالتزاماتهم التعاقدية الملقاة على عاتقهم والتي توجب عليهم تسليم هذه الماكينة خالية من العيوب واعتبر هذه الطلبات دعوى بضمان العيوب الخفية وأعمل في شأنها أحكام التقادم المسقط لهذه الدعوى المنصوص عليها في المادة ٤٥٢ من القانون المدني مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه من المقرر –في قضاء هذه المحكمة– أنه إذا أنشأ المشرع للدائن أكثر من دعوى لاقتضاء حقه كان له أن يختار ما يشاء من بينها، فإذا كفل البائع للمشترى وجود صفات في المبيع ثم تبين تخلفها عند التسليم، كان للأخير أن يرجع عليه إما بدعوى الضمان التي نظم المشرع أحكامها في المواد من ٤٤٧ إلى ٤٥٤ والمادتين ٤٤٣ ، ٤٤٤ من القانون المدني، وإما بدعوى الفسخ، أو الإبطال للغلط متى توافرت شرائطها طبقاً للقواعد العامة، ولكل منها أحكامها التي تستقل بها، فدعوى الضمان تفترض بقاء العقد ونفاذه، ولا يطلب انحلاله، وتعد إجابة المشترى لطلبه فيها تنفيذاً للعقد بمقابل، ولا يرد فيه الثمن بل يقضى له بالتعويضات الواردة في المادة ٤٤٣ من القانون المدني، وتخضع للتقادم الحولي المنصوص عليه في المادة ٤٥٢ من ذات القانون، أما دعوى الفسخ فيقضى فيها على أساس انحلال العقد، ويعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد بما يستتبع استرداد المشترى لما دفعه من الثمن، مع التعويض إن كان له محل وفقاً للقواعد العامة وتتقادم بخمس عشرة سنة.

لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنين أقاموا الدعوى بطلب فسخ عقد شراء مورثهم للماكينة عين التداعي من المطعون ضدهما الأول والثاني بصفتيهما مع رد مقدم الثمن والتعويض استناداً إلى أنهما قد أخلا بالالتزامات التعاقدية على عاتقهما والتي توجب عليها تسليم الماكينة المبيعة خالية من العيوب فإنها بذلك لا تعتبر دعوى بضمان العيوب الخفية الكامنة في المبيع والتي يجب على المشترى المبادرة إلى إخطار البائع بها طبقاً للمادة ٤٤٩ من القانون المدني ثم يرجع عليه بدعوى الضمان خلال مدة سنة من وقت تسليم المبيع وإلا سقطت بالتقادم وذلك على النحو المبين بالمادة ٤٥٢ من القانون المدني بل هي دعوى رجع بها الطاعنون على المطعون ضدهم بطلب فسخ عقد شراء مورثهم للماكينة موضوع التداعي مع التعويض لإخلالهم بالتزاماتهم الواردة بالعقد واستناداً لنص المادة ١٥٧ من القانون المدني وتخضع للأحكام العامة في تقادم الدعوى وهى خمس عشرة سنة من وقت إخلال البائع بالتزامه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر دعوى الطاعنين دعوى ضمان عيب ورتب على ذلك الحكم بسقوطها فإنه يكون قد أخطأ في فهم الواقع في الدعوى جره إلى الخطأ في تطبيق القانون وإذ حجبه ذلك عن بحث وتمحيص طلبات الطاعنين فإن ذلك مما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.

 

لذلـــــك :

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا وألزمت المطعون ضدهما الأول والثاني بصفتيهما المصاريف ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

 

أمين السر                                        نائب رئيس المحكمة

 

 

 

 

 

ملاحظات:

·      لم أتمكن من الوصول إلى بيانات حكم النقض الأخير هذا.

·      كل ما توافر لدي، هي المبادئ والقواعد التي قررتها محكمة النقض (مطبوعة)، ولكن لم يتوفر لدى (صور) تلك الأحكام.

 

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2022

مذكرة دفاع في دعوى طعن على قرار هيئة المحاكمة التأديبية

 

( الوقائـــــــع )

نستأذن عدالة المحكمة الموقرة في الإحالة فيما يخص وقائع الدعوى الماثلة إلى ما ورد تفصيلاً بصحيفة افتتاحها ، وإلى ما ورد بمذكرة دفاعنا المقدمة لعدالة المحكمة الموقرة بجلسة ...../...../.......، وإلى سائر الأوراق، منعاً للتكرار ولعدم الإطالة وحِفاظاً على ثمين وقت عدالة المحكمة الموقرة.

 

( الدفـــــــاع )

في مستهل دفاعنا نتمسك – على سبيل الجزم واليقين – بكافة أوجه الدفاع والدفوع والطلبات والأسانيد والأسباب المبداة منا بصحيفة افتتاح الدعوى الماثلة، وإلى ما جاء بمذكرة دفاعنا المقدمة لعدالة المحكمة الموقرة بجلسة ...../....../........، مؤيدةً بحافظة المستندات المقدمة منا، ونعتبرها جميعاً جزءاً لا يتجزأ من دفاعنا الراهن. ونركز في هذه المذكرة فقط على الرد على أوجه دفاع المدعى عليه بصفته المقدمة لعدالة المحكمة الموقرة بجلسة 6/9/2022، وذلك على النحو التالي:

الوجه الأول والثاني :

 

أورد دفاع المدعى عليه بصفته، في مذكرة دفاعه المقدمة لعدالة المحكمة الموقرة بجلسة ...../...../....... ، رداً على دفع المدعي ببطلان القرار المطعون فيه، من عدة أوجه، وقدم رداً منه على الوجهين الأول والثاني بما زعمه من أن: (... وتعتبر تأشيرة وكيل الوزارة بتاريخ ....../...../......... بإحالة الموضوع للتحقيق ... ومن ثم يحق للجنة إجراء التحقيق في أي مخالفات متعلقة بالموضوع ...)؟؟!!

وهذا الذي أورده دفاع المدعى عليه بصفته لا سند له في حقيقة الواقع ولا صحيح القانون، ولا دليل معتبر قانوناً، عليه، حيث لا أصل له بالأوراق، بل هو زعم يخالف الثابت بالأوراق.

فمن ناحية أولى، فإن الهيئة التأديبية قد قامت بتقديم القرار رقم (...... /.........) للمدعي على أنه هو (قرار الإحالة للتحقيق)؛ بصرف النظر عن طبيعة ذلك القرار (...... /.......) طبقاً للشرح الوارد تفصيلاً في مذكرة دفاعنا المقدمة لعدالة المحكمة الموقرة بجلسة ..../...../......... والتي نحيل إليها منعاً للتكرار ولعدم الإطالة على عدالة المحكمة الموقرة.

ومن ناحية أخرى، فإن حالة (عدم اليقين) التي يعاني منها المدعى عليه بصفته، تثير شكوكاً عميقة حول جدية دفاعه، حيث يستهل دفاعه ورده على دفاعنا القاطع بعبارة (... وتعتبر تأشيرة وكيل الوزارة ...).

فضلاً عن أن: تأشيرة وكيل الوزارة (المشار إليها) لم تنص على إحالة المدعي للتحقيق، وإنما هي – وفقاً لمضمونها – كانت طلباً وأمراً صادراً من السيد/ وكيل الوزارة إلى السيد/ وكيل المساعد للشئون المالية والإدارية والقانونية وتكليفاً له بإصدار قراراً بتشكيل (لجنة قانونية وفنية) لإعمال التحقيق.

ناهيك عن أن: الملاحظات الفنية محل العقوبة الموقعة على المدعي لم تكن من ضمن المخالفات التي تكشفت وورد ذكرها (في القرار المنوه عنه). 

ومن ناحية ثالثة، فإن ما زعمه دفاع المدعى عليه بصفته (سالف البيان)، وأياً كان وجه الرأي فيه، لا علاقة له بمضمون الوجه الثاني من أوجه بطلان القرار المطعون فيه، وما أورده المدعى عليه بصفته لا يصلح رداً على أسباب وحيثيات ذلك الوجه الثاني.

 

الوجه الثالـث :

 

أورد دفاع المدعى عليه بصفته أنه تمت مواجهة المدعي بالمخالفة المنسوبة إليه في محاضر التحقيق التي أعدتها اللجنة المشكلة لإجراء التحقيق.

وهذا الزعم يتجاهل أن ما تمت مواجهة المدعي به كانت بتهمة: الإهمال في الإشراف على عقد التشغيل (المنفذ من قِبل شركة كي سي سي – العقد رقم هـ ص/ ......)، وذلك خلال جلستي التحقيق.

إلا أن القرار المطعون فيه قد أدان المدعي بتهمة: (المشاركة في أعمال لجنة الاستلام الابتدائي، والتوقيع على محضر الاستلام الابتدائي بدون تدوين ملاحظات)، وتلك التهمة التي أدين بها المدعي لم يتم مواجهته بها في أي مرحلة من مراحل التحقيق، وغير ثابتة في أياً من محضري التحقيق اللذين اجريا مع المدعي.

حيث إنه من المقرر في قضاء التمييز أن:

"المشرع لم يستلزم إتباع إجراءات محددة أو شكل معين في التحقيق الذي تجريه جهة الإدارة، إلا أنه يشترط أن تتوافر كافة المقومات الأساسية للتحقيق القانوني السليم باعتباره من أهم الضمانات في مجال التأديب، فإذا افتقدها أضحى الأمر كأنه لم يتم ذلك التحقيق، وهو ما يؤثر على القرار أو القرارات التأديبية الصادرة بناء عليها ويصمها بالبطلان لصدورها غير مستخلصة استخلاصاً سائغاً من الأوراق؛ فالتحقيق بصفة عامة يعني الفحص والبحث والتقصي الموضوعي والمحايد والنزية لاستبيانه وجه الحقيقة واستجلائها فيما يتعلق بصحة حدوث وقائع محددة ونسبتها إلى أشخاص محددين وذلك لوجه الحق والصدق والعدالة، واستظهار وجه الحقيقة في أمر إتهام موجه إلى إنسان لا يتسنى إلا لمن تجرد من أية ميول شخصية إزاء من يجري التحقيق معهم سواء كانت هذه الميول لجانبهم أو كانت في موجهتهم، إذ أن هذا التجرد هو الذي يحقق الحيدة والنزاهة والموضوعية التي تقود مسار التحقيق في مجرى غايته الحق والحقيقية والصالح العام الذي لا يتحقق إلا إذا ثبت لكل من يميل للحقيقة أنه تجرد لوجه الحق والعدل والقانون في حماية ضمير يحكم سلوك المحقق بأن يكون موجهاً في اتجاه استظهار الحقيقة أيا كان موقعها، فإذا ما افتقد التحقيق أياً من تلك القواعد والضمانات الأساسية الواجب توافرها فيمن يقوم بإجرائه، بات التحقيق باطلاً وغير منتج لآثاره القانونية، وتضحي جميع التصرفات والقرارات التأديبية الصادرة بناء عليه باطلة كذلك".

(الطعن بالتمييز رقم 623 لسنة 2001 إداري – جلسة 8/4/2002)

 

وقد جرى قضاء التمييز، وتواتر، على أنه:

"ولئن كان المشرع لم يستلزم إتباع إجراءات محددة أو شكل معين في التحقيق الذي تجريه جهة الإدارة، إلا أنه يشترط أن تتوافر كافة المقومات الأساسية للتحقيق القانوني السليم باعتباره من أهم الضمانات في مجال التأديب، فإذا افتقدها أضحى الأمر وكأنه لم يتم ذلك التحقيق، وهو ما يؤثر على القرار أو القرارات التأديبية الصادرة بناء عليه ويصمها بالبطلان لصدورها غير مستخلصة استخلاصاً سائغاً من الأوراق، والتحقيق القانوني الصحيح يقتضي أن يتناول الواقعة محل الاتهام ويحدد عناصرها من حيث الأفعال، والزمان، والمكان، والأشخاص، وأدلة الثبوت، فإذا قصر التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر على نحو تجهل معه الواقعة وجوداً وعدماً أو أدلة وقوعها أو نسبتها إلى المتهم كان تحقيقاً معيباً مما يصم قرار الجزاء المستند إليه بعدم المشروعية".

(الطعن بالتمييز رقم 831 لسنة 2001 إداري – جلسة 20/10/2003)

 

كما استقر قضاء التمييز على أن:

       "المقرر -وحسبما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنه يتعين إجراء تحقيق قانوني صحيح مع الموظف ومواجهته بما نسب إليه وسماع أقواله وتحقيق دفاعه قبل توقيع الجزاء عليه، وهو أصل يقوم عليه نظام التأديب ويعد من الضمانات الجوهرية التي لا يسوغ الإخلال بها أو إهدارها. وعليه فإن أي قرار بالجزاء يصدر دون إجراء تحقيق سابق أو يصدر بناء على تحقيق قاصر أو غير مستوف لشروطه وأركانه يكون قراراً غير مشروع".

(الطعن بالتمييز رقم 1293 لسنة 2005 إداري – جلسة 27/2/2007)

 

ومن المستقر عليه في قضاء التمييز أنه:

"لا يجوز توقيع عقوبة تأديبية على الموظف إلا بعد التحقيق معه وسماع أقواله وتحقيق دفاعه، بحسبان أن التحقيق هو وسيلة استبانة الحقيقة ووجه الحق فيما ينسب إلى العامل من إتهام، وأنه يجب أن يكون للتحقيق الإداري كل مقومات التحقيق القانوني وكفالاته وضماناته، وأول أساس يجب أن يقوم عليه التحقيق هو مواجهة العامل بما هو منسوب إليه دون لبس أو إبهام، وذلك بإيقافه على حقيقة التهمة المسندة إليه، وإحاطته علما بمختلف الأدلة التي تشير إلى ارتكابه المخالفة حتى يستطيع أن يدلي بأوجه دفاعه، فإذا خلا التحقيق الإداري من هذه المقومات فإنه لا يمكن وصفه بأنه تحقيق بالمعنى المقصود من هذه الكلمة، ويكون القرار التأديبي الصادر بناء على هذا التحقيق مشوبا بعيب مخالفة القانون، ولا يغني عن هذه المواجهة مجرد القول بأن المخالفة ثابتة ثبوتاً لا شبهة فيه".

(الطعن بالتمييز رقم 625 لسنة 1999 تجاري/1 – جلسة 19/6/2000)

 

لما كان ما تقدم، وكان المدعي لم يتم إحاطته علماً بالتهمة المنسوبة إليه (التهمة التي تم إدانته بها)، ولكون التحقيق معه كان بشأن اتهامات باطلة أخرى لم يصدر بشأنها أي قرارات ضده، ولكن لم يتم مواجهته مطلقاً بالتهمة التي أدين بها ولا بمختلف الأدلة التي تشير إلى ارتكابه المخالفة المزعومة حتى يستطيع أن يدلي بأوجه دفاعه في شأنها، ومن ثم فلا يكون للتحقيق الإداري وجوداً، حيث يشترط لوجود توافر كل مقوماته وكفالاته وضماناته، فإذا خلا منها فلا يمكن وصف أي إجراء تكون قد الإدارة قد قامت به بأنه (تحقيق) بالمعنى الاصطلاحي المقصود قانوناً من هذه الكلمة.

 

الوجه الرابــع :

 

أورد دفاع المدعى عليه بصفته أن مجرد اعتراض ديوان المحاسبة على قرار الجهة الإدارية بمجازاة الموظفين المتهمين بارتكاب مخالفات، مجرد الاعتراض يجعل قرار الجزاء غير قائم ولا منتج لآثاره، ويلزم إحالة الموظفين إلى المحاكمة التأديبية.

ولما كان الثابت بالأوراق أن المحاسبة لم يبد اعتراضه على تصرف لجنة التحقيق في المخالفة محل الادعاء الراهن، وقام بإحالة المخالفة مباشرة الى المحكمة التأديبية بتاريخ ....../...../........ وذلك دون ان يبدي ثمة اعتراض على قرار اللجنة أو بيان أوجه اعتراضه على قرار الجهة الإدارية سواء للجهة أو أمام الهيئة التأديبية وطلب سحب القرارات الصادرة بالعقوبات الإدارية ضد المخالفين واعتبارها كان لم تكن.

وإذ رسم القانون الطريق القانوني لإقامة الدعوي التأديبية ضد المخالف وذلك بداية من الاعتراض على القرارات الصادرة بالتصرف في المخالفات المالية وإخطار الجهة الإدارية بأوجه الاعتراضات، ومن ثم إقامة الدعوي التأديبية، وحيث لم يسلك ديوان المحاسبة هذا الطريق القانوني المقرر بموجب أحكام القانون ، مما يوصم قرار الإحالة بالبطلان لعدم سلوك الطريق القانوني الصحيح قبل إقامة الدعوي التأديبية.

 

الوجه الخامـس :

 

إزاء تنازع طرفي التداعي بشأن مدى مناسبة وملائمة الجزاء الموقع على المدعي مع المخالفة المنسوبة له زوراً وبهتاناً، فإن للقضاء التحقق من سبب القرار وصحة الوقائع التي بنى عليها وصحة تكييفها القانوني وملائمة الجزاء وتناسبه مع المخالفة في حال ثبوتها يقيناً في حق الموظف بشرط أن يكون استخلاصها سائغاً.

 

ثانياً- صحة دفاع المدعي بشأن انتفاء التهمة محل المخالفة المنسوبة إليه :

 

       بدايةً نحيل بشأن إثبات صحة دفاعنا فيما يتعلق بانتفاء التهمة محل المخالفة المنسوبة للمدعي، إلى ما ورد تفصيلاً بصحيفة افتتاح الدعوى، إلا إننا نركز هنا ونؤكد فقط على النقاط التالية:

إن أوراق الدعوى جاءت خلواً من ثمة دليل معتبر قانوناً على ثبوت مسئولية المدعي عن المخالفة المنسوبة اليه بموجب الاتهام الذي أدين به، من أنه: "بسبب شغله وظيفة رئيس قسم (........)، وبسبب شغلة وظيفة (مدير إدارة .........) بقطاع .........، بالإضافة إلى عملة كرئيس قسم (............) ... ".

وهذا يتضح جلياً مما يلي:

الوجه (1) : أن المدعي كان يشغل وظيفة رئيس قسم (.........) اعتباراً من عام ........ إلى عام ........ ، إلا أنه وبصدور القرار الإداري رقم (........) بتاريخ ...../...../......... والذي تضمن -فيما تضمنه– تقرر سحب المادة رقم 4 من القرار رقم ..... لسنة ...... المتعلقة باختصاصات قسم نظم المشاريع، فإنه بذلك يكون ما استندت عليه كلا من تقرير لجنة التحقيق والقرار المطعون فيه باطلين إذ استندا إلى على الاختصاصات الواردة بالمادة رقم 4 من القرار رقم ..... لسنة ......... (وهي اختصاصات غير موجودة، أو بمعنى أخر اختصاصات تم سحبها قبل تاريخ وقوع المخالفة، وعليه فيكون هذا الاستناد باطل، وما بني علي باطل فهو باطل).

الوجه (2) : بالرجوع الى الاختصاصات المذكورة بالمادة رقم 4 من القرار رقم ....... لسنة ....... ، يتضح أنها لا علاقة لها بالإشراف على عقود قطاع الهندسة الصحية (القطاع الذي ينتمي اليه المدعي)، هذا كما يتضح ذلك جليا من كتاب السيد/ الوكيل المساعد لقطاع ......... في حينه (رقم ...../....-........ بتاريخ ...../....../..........)، فإنه يتضح من خلاله بيان الاختصاصات المتعلقة بقسم ........ وقسم الإشراف القسم المنوط به عملية الإشراف على المشاريع.

الوجه (3) : نصت بطاقة الوصف الوظيفي لرئيس وتابعي (قسم ...........) على أن أعمالهم واختصاصاتهم (مكتبية)، تتطلب تواجدهم بالمكتب طوال الوقت مع قدر قليل من الحركة وهو ما يتعارض حكماً مع مهام الإشراف على المشاريع إذ نصت بطاقة الوصف الوظيفي لهم على "يعمل شاغل الوظيفة في ظل بيئة عمل طبيعية تتوافر فيها أجواء العمل المكتبي السليم لأداء الأعمال المطلوبة ومكان العمل تتوافر فيه الإضاءة الكافية والتهوية السليمة". (بطاقة الوصف الوظيفي قطاع الهندسة الصحية صفحة 83 و صفحة 86 و صفحة 89).

الوجه (4) : نصت بطاقة الوصف الوظيفي على أن رئيس قسم (........) يشرف على "مساعد مهندس مدني" و "محاسب"، وكليهما لا علاقة له بالإشراف على أعمال تخرج عن نطاق اختصاصاتهم مثل ما ورد مما نسب للمدعي من ملاحظة متعلقة بأعمال (التكييف ومراوح الطرد) وهي اختصاص (ميكانيكا)، بحت لا علم للمدعي ولا لتابعيه المفترضين بها، وقد نصت بطاقة الوصف الوظيفي المعمول بها قبل إلغاء اختصاصات القسم على:

"نطاق الإشراف: يشرف شاغل الوظيفة على محاسب /نظم مشاريع مساعد مهندس مدني نظم مشاريع يخضع للإشراف المباشر من قِبل: مدير إدارة التنفيذ"

الوجه (5) : نصت بطاقة الوصف الوظيفي لرئيس قسم ........... على أن المؤهل الذي يجب أن يحمله رئيس قسم نظم المشاريع هو الهندسة المدنية، وهو بالفعل المؤهل الذي يحمله المدعي، وعليه فإن الملاحظات التنفيذية محل المخالفة هي أعمال تخص الهندسة الميكانيكية تخرج عن تخصصه، وكذلك الحال فيما يتعلق بملاحظة التوزيع الخاطئ لوحدات التكييف.

الوجه (6) : أنه لو شاء المشرع أن يسند عملية الإشراف لقسم ....... اذا للزم عليه تزويد القسم بالمختصين بالإشراف من مهندسين مدنيين وميكانيكيين وكهرباء ومهندسي كيميائيين وهي الاختصاصات اللازمة للإشراف على أعمال العقد محل الدعوى لا أن يقتصر على مساعد مهندس مدني ومحاسب.

الوجه (7) : أنه لم يتم نسبة ثمة إهمال لتابعي قسم .........، وواقع الحال إن وظيفة المدعي هي وظيفة (إشرافية)، وكان يحب أن يسأل عن إهماله بالإشراف على تابعيه، فصاحب الوظيفة الإشرافية لا يسأل الا في حدود إشرافه على مرؤوسيه/ وهذا ما استقر عليه قضاء محكمتكم الموقرة (الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية)، لا أن يتم نسب المخالفات الى المدعي مباشرة، وهذه دلالة أخرى على إلغاء اختصاصات القسم بخلوه من ثمة موظفين فلا يعقل أن تكون هناك مخالفة فنية للرئيس (الإشرافي) ولا توجد مخالفة للمرؤوسين (التنفيذيين المشرف عليهم)، كما لم يتم توجيه أي مخالفة لمرؤوسي المدعي بصفته مدير إدارة التنفيذ حال شغله هذه الوظيفة.

الوجه (8) : خلال الفترة التي نسب للمدعي الاهمال فيها، وهي فترة تشغيل وصيانة المحطة محل الدعوى بواسطة (............)، كان الطالب يشغل وظيفة مدير (إدارة التنفيذ)، ولم يكن يشغل وظيفة رئيس قسم وكلا الوظيفتين لا علاقة لهما بفترات (التشغيل والصيانة).

الوجه (9) : أن الطالب كان يشغل وظيفة مهندس مشروع هـ ص/....... بمنطقة الجهراء التي تبعد مسافة 70 كم عن المشروع هـ ص/....... محل الدعوى في وقت تنفيذه والواقع بمنطقة العقيلة وعليه، –وبغض النضر عما اسلفناه من عدم اختصاص الطالب بموضوع الإشراف على العقد محل الدعوى- فإنه يمتنع عليه متابعة أعمال مشروع العقد محل المخالفة والحال كذلك.

وأخير: فإن قضاء محكمتكم الموقرة (الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية)، قد أيدت ما ذهبنا إليه من عدم اختصاص قسم (نظم المشاريع) بعملية (الإشراف على عقود إدارة التنفيذ)، في حكمها رقم ......... لسنة ....... إداري/.... الصادر بجلسة ...../...../.......... في قضية مشابهة ومماثلة لموضوع دعوانا الماثلة، بحق المدعي (فيما تعلق باختصاصات نظم المشاريع)، وكان نصه ما يلي:-

"لما كان ذلك، وكانت الجهة الادارية قد ركنت في قرارها الى أن المدعي بوصفه رئيس قسم نظم المشاريع قد أهمل في الإشراف على تنفيذ العقد مشروع إنشاء وإنجاز محطة الضخ الجديدة بمشرف، مما أدى إلى إخلال المتعاقد بالتزاماته التعاقدية. حال كون الفعل المكون لهذه المخالفة يدخل في نطاق الاختصاص الوظيفي لقسم الإشراف بإدارة التنفيذ على النحو السالف بيانه الأمر الذي يكون القرار المطعون فيه على غير السبب المبرر له قانوناً حرياً بالإلغاء وما يترتب على ذلك من آثار".

أما ما نسب للمدعي بصفته مدير (إدارة التنفيذ) فإن ذلك مردود عليه بأن المدعي شغل وظيفة مدير (إدارة التنفيذ) بعد (انتهاء فترة التنفيذ) للعقد محل الدعوى، وبعد تعيين مهندساً للمشروع محل الدعوى من خارج ادارة التنفيذ، وبعد مغادرة جهاز التنفيذ مواقع المشروع، كما أن المدعي كان يشغل وظيفة مدير إدارة بالندب الكامل ولم يكن يشغلها بالإضافة إلى عمله كرئيس قسم كما جاء بقرار الإدانة، وعليه فإن المدعي لا علاقة له بما نسب إليه من الإهمال والتقصير خلال توليه رئاسة (ادارة التنفيذ)، ولم يكن أيا من تابعيه بصفته مدير إدارة التنفيذ متواجدين بمواقع المشروع.

كما أن المدعي لم يتصل علمه بالملاحظتين محل المخالفة والتي اتضح لعدالة محكمتكم الموقرة أنه تم بالفعل تنفيذها وإصلاحها كما أسلفنا أعلاه.

 

ثالثاً- صحة دفاع المدعي بشأن انقضاء الدعوى التأديبية بالتقادم :

 

لما كانت المخالفات المنسوبة للمخالف الثامن (المدعي) إنما تتعلق بأعمال العقد رقم (هـ ص /.....)، وكان الثابت أن أعمال العقد المذكور قد انتهت في غضون شهر مايو من عام ........ كما هو ثابت من خلال التقرير الشهري لأعمال المشروع محل الدعوى.

وكان من الثابت كذلك بالأوراق أن ضم أعمال العقد (هـ ص /......) لأعمال الجنة المشكلة للتحقيق (بموجب القرار رقم ...... /.........) بناء على كتاب السيد/ الوكيل المساعد للشئون الإدارية والمالية والقانونية (رقم ..../.........) المؤرخ ...../...../.......

       فتكون الفترة بين مايو من عام ....... حتى ...../...../...... تجاوز وتربو على الخمس السنوات والتي تسقط بها الدعوى التأديبية.

وإذ خالف القرار المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، مما يستوجب – والحال كذلك – إلغاؤه.

 

رابعاً- أحقية المدعي في المطالبة بالتعويض :

 

حيث إن القرار الإداري المطعون عليه قد صدر معيباً، بما يثبت ركن الخطأ في حق الجهة الإدارية، كما إن المدعي قد أصابه ضرراً أدبياً من جراء مسلك جهة الإدارة بإصدارها هذا القرار المعيب، والذي أظهر المدعي بمظهر المقصر في أداء عمله المضيع لحقوق جهة عمله أمام زملائه ورؤسائه، ومرؤوسيه، وذويه، وأهله.

وكان إلغاء هذا القرار لا يمثل تعويضاً كافياً ولا جابراً لما لحق بسمعة المدعي وبمركز الوظيفي وبمكانته الاجتماعية وسط أهله وذويه وجميع العاملين معه في الجهة الإدارية.

فضلاً عما أحس به المدعي من ألم وحسرة ونكد بسبب الظلم الذي وقع عليه وهو المجد في عمله المخلص في أداء واجبه المجتهد في القيام بجميع المهام التي كلف بها على مدار 33 عاماً هي مدة خدمته في الجهة الإدارية.

بما كان يتعين معه القضاء له بالتعويض المناسب عن الضرر الأدبي والمعنوي الذي أصابه من جراء تعنت جهة الإدارة معه وإصدارها القرار المطعون فيه.

 

حيث إنه من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة التمييز، أنه:

"... وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك أنه من المقرر أن الضرر الأدبي هو ما يلحق بالمضرور من أذى نفسي نتيجة المساس بشرفه أو سمعته أو مركزه الاجتماعي في المجتمع الذي يحيط به، وأنه ولئن كان استخلاص ذلك الضرر من سلطة محكمة الموضوع إلا أن شرط ذلك أن يكون قضائها قائم على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه برفض طلب الطاعن التعويض عن الضرر الأدبي على سندٍ من أن إلغاء قرار الحل (حل الجمعية العمومية للشركة) خير تعويض، حال إن الطاعن قد بيَّن أنه لحقه ألم نفسي تمثل في إظهاره أمام أعضاء الجمعية العمومية بمظهر المقصر والمضيع لحقوقها وهو أمر عام لا يكفي لجبره مجرد إلغاء قرار الحل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يتعين معه تمييزه تمييزاً جزئياً في هذا الشأن وهو عدم تعويض المطعون ضده عن الضرر الأدبي. وحيث إنه عن موضوع الاستئناف رقم 194 /2011 إداري – وفي حدود ما تم تمييزه – ولما كان الحكم المستأنف قد انتهى صحيحاً إلى القضاء بتعويض المستأنف عن الضرر الأدبي (بإلغاء قرار الحل)، إلا أنه وفي خصوص تقدير التعويض فإن هذه المحكمة تقدره بألفي دينار تعويضاً عما لحقه من ضرر أدبي نتيجة قرار الحل".

(الطعن بالتمييز رقم 1404 /2012 إداري/1 – جلسة 27/4/2016)

 

وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان المدعي قد بيَّن أنه لحقه ألم نفسي تمثل في إظهاره أمام ذويه وأهله وزملائه في العمل من رؤساء ومرؤوسين بمظهر المقصر في أداء واجباته والمضيع لحقوق جهة عمله وهو أمر عام لا يكفي لجبره مجرد إلغاء القرار المطعون، فضلاً عما أحس به المدعي من أسف وألم نفسي وغم ونكد بسبب وطئه الظلم الذي وقع عليه وهو الموظف المثالي في جميع تصرفاته وأعماله، بما يتعين معه تعويضه عما لحقه من ضرر أدبي ومعنوي.

 

خامسـاً- عدم رد الجهة الإدارية على باقي دفاع وسائر دفوع وطلبات المدعي، إقراراً منها بصحتها :

 

لما كان المدعي قد تمسك بالعديد من أوجه الدفاع والدفوع والطلبات في صحيفة افتتاح الدعوى الماثلة، وفي مذكرة دفاعه المقدمة فيها، والمؤيدة بحافظة المستندات المقدمة منه، إلا أن دفاع الجهة الإدارية لم يتول الرد على العديد منها، ونذكر منها على سبيل المثال الحصر، تمسك المدعي بالدفع بعدم حيادية الهيئة التأديبية.

حيث تمت إحالة الدعوى التأديبية إلى الهيئة التأديبية من قِبل أحد أعضائها، وهو السيد/ إسماعيل الغانم وكيل ديوان المحاسبة، وهو عضو في الهيئة التأديبية، في مخالفة واضحة وصريحة للمبادئ المستقرة والتي منها عدم جواز الجمع بين سلطة الإحالة وسلطة التحقيق والمحاكمة.

حيث إنه من المقرر في قضاء التمييز:

"إن النص في المادة 102 من قانون المرافعات على أن "يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد من الخصوم في الاحوال الاتية: ... (و) إذا كان قد افتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى، أو كتب فيها، ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً، أو كان قد أدى شهادة فيها ...". وفي الفقرة الاولى من المادة 103 منه على أنه "يقع باطلاً عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المشار إليها في المادة السابقة ولو تم باتفاق الخصوم"؛ يدل على أن علة عدم صلاحية القاضي للفصل في الدعوى التي سبق له نظرها قاضياً هي الخشية من أن يلتزم برأيه الذي يشف عنه عمله المتقدم، واستناداً إلى أن أساس وجوب امتناع القاضي عن نظر الدعوى هو قيامه بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يُشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً، أخذاً بأن إظهار الرأي قد يدعو إلى الزامه مما يتنافى مع حرية العدول عنه، وضناً بأحكام القضاء من أن يعلق بها استرابة من جهة شخص القاضي؛ وأن المقصود بسبق نظر القاضي للدعوى انطلاقاً من ذلك الأساس أن يكون قد سبق له أن صدر فيها حكماً فاصلاً أو حكماً فرعياً في جزء منها أو أتخذ فيها إجراءً يشف عن إبداء رأيه أو وجهة نظره. لما كان ذلك، وكان المشرع وإن منع الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة التمييز بأي طريق من طرق الطعن العادية وغير العادية إلا أنه أجاز الغاء الحكم الصادر منها إذا قام بأحد المستشارين الذين أصدروه سبب من أسباب عدم الصلاحية سالفة البيان، ولذلك أجازت الفقرة الثانية من المادة 103 مرافعات للخصم أن يطلب منها إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة تمييز لا يكون فيها المستشار المتسبب في البطلان".

(الطعن بالتمييز رقم 269 لسنة 1999 تجاري/1 – جلسة 1/5/2000)

وهذا غيض من فيض، إذ انطوت صحيفة الدعوى ومذكرة الدفاع المؤيدة بحافظة المستندات المقدمة من المدعي على الكثير جداً من الطلبات وأوجه الدفاع والدفوع تجاهلها الدفاع المبدى من جهة الإدارة، بما يعد ذلك قرينة على صحة تلك الطلبات وأوجه الدفاع والدفوع المبداة من المدعي.

 

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة الموقرة من أسباب أصوب وأرشد.

 

 

( الطلبـــــات )

يلتمس المدعي الحكم له:

بطلباتـــه الواردة بصحيفة افتتاح الدعـــوى.

مع حفظ كافة الحقوق الأخرى للمدعي، أياً ما كانت،،،

المدعـــي

...............................  

...............................................................