السبت، 27 فبراير 2010

تنفيذ أوامر الرئيس الأعلى تجعل الفعل الذي أضر بالغير مشروعاً

تنفيذ أوامر الرئيس الأعلى "المشروعة"
تجعل الفعل الذي أضر بالغير عملاً مشروعاً
السيد وزير الأوقاف بصفته هو الناظر على الأوقاف الخيرية:
        لما كان السيد وزير الأوقاف بصفته هو الناظر على الأوقاف الخيرية، حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "مؤدى الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 ، والمُعدلة بالقانونين رقمي 547 لسنة 1953 و 296 لسنة 1954 ، والمادة الثالثة من ذات القانون ، والمادتين 1 و 17 من القانون رقم 272 لسنة 1959 ، وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض أن المشرع أقام وزارة الأوقاف في النظر على الوقف الخيري ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه وجعلها أحق بالنظر ممن شرط له الواقف ولو كان من ذريته أو أقاربه باعتبارها صاحبة الولاية العامة وأولى من غيرها برعاية جهات الخير وحمايتها وتوجيه الريع إلى المصارف ذات النفع العام وتحقيق غرض الواقف من التقرب إلى الله بالصدقة الجارية، فنص على أحقيتها في النظر في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953". (الطعن رقم 875 لسنة 46 قضائية - جلسة 28/5/1980 السنة 31 الجزء الثاني صـ 1560 قاعدة 292).
الناظر على الأوقاف الخيرية، هو صاحب الولاية العامة عليها:
        ولما كان ناظر الوقف الخيري هو صاحب الولاية العامة عليه، حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "من المُقرر قانوناً أن الوقف هو حبس العين على حُكم مِلك الله تعالى فلا يملُكها أحد من العباد، وناظر الوقف هو صاحب الولاية عليه المُفوض في القيام بمصالحه واستغلاله على أصلح وجه، وأنه وحده - في نطاق هذه الولاية وعدم وجود مالك للوقف - الذي يمثل جهة الوقف ومصلحة كل من أعيانه". (الطعن رقم 431 لسنة 45 قضائية - جلسة 13/12/1978 السنة 29 الجزء الثاني صـ 1904 قاعدة 368).
السيد وزير الأوقاف بصفته الناظر على الأوقاف الخيرية وصاحب الولاية العامة عليها، هو الرئيس الأعلى لهيئة الأوقاف المصرية:
        تنص المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1971 الخاص بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن: "تُنشأ هيئة عامة تُسمى هيئة الأوقاف المصرية تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع وزير الأوقاف".
كما تنص المادة الخامسة من ذات القانون على أن: "تتولى الهيئة نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية".
        كما تنص المادة السادسة من ذات القانون على أن: "على الهيئة أن تؤدي إلى وزارة الأوقاف صافي ريع الأوقاف الخيرية".
        كما تنص المادة 5/3 من القانون رقم 1141 لسنة 1972 الخاص بتنظيم العمل بهيئة الأوقاف المصرية على أنه: "لوزير الأوقاف حق حضور جلسات مجلس إدارة هيئة الأوقاف، ودعوته إلى الاجتماع، وفي هذه الحالة تكون له الرئاسة".
        كما تنص المادة السابعة من ذات القانون الأخير على أنه: "تُبلغ قرارات مجلس الإدارة إلى وزير الأوقاف لاعتمادها".
        كما أن تعيين رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية في هذا المنصب، يكون بقرار يصدره السيد وزير الأوقاف بصفته، ورئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية الحالي قد صدر قرار بندبه لهذا المنصب من السيد وزير الأوقاف بصفته، وهذا القرار الصادر من وزير الأوقاف يحمل رقم 115 لسنة 1996 بتاريخ 15/1/1996 وكل هذا ثابت من التوكيل الرسمي الذي حضر به محامي الهيئة أمام عدالتكم في الدعوى الماثلة وهو التوكيل رقم 300 أ لسنة 1996 توثيق الأهرام، والمُودع صورة منه بملف الدعوى الماثلة.
تنفيذ أوامر الرئيس الأعلى "المشروعة" تجعل الفعل الذي أضر بالغير عملاً مشروعاً:
        لما كان ما تقدم، وكان السيد وزير الأوقاف بصفته الناظر على الأوقاف الخيرية وصاحب الولاية العامة عليها وطبقاً لنصوص القوانين سالفة الذكر فهو الرئيس الأعلى لهيئة الأوقاف المصرية (وموظفيها) الذين يأتمرون بأمره وتلزمهم طاعته..
ولما كان السيد الدكتور وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية قد أصدر أوامره إلى هيئة الأوقاف المصرية - التابعة له - (وإلى موظفيها) لاستلام عين التداعي وتأجيرها للغير. وهذا ما قام به موظفي هيئة الأوقاف المصرية تنفيذاً لأوامر السيد الدكتور وزير الأوقاف الذي تلزمهم طاعته وتنفيذ أوامره.
        لما كان ذلك، وكانت المادة 167 مدني تنص على أنه: "لا يكون الموظف العام مسئولاً عن عمله الذي أضر بالغير إذا قام به تنفيذاً لأمر صدر إليه من رئيس، متى كانت إطاعة هذا الأمر واجبة عليه، أو كان يعتقد أنها واجبة، وأثبت أنه كان يعتقد مشروعية العمل الذي وقع منه، وكان اعتقاده مبنياً على أسباب معقولة، أو أنه راعى في عمله جانب الحيطة".
        هذا، وقد جاء في المُذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي: "وترتفع المسئولية إذا كان العمل الضار قد وقع تنفيذاً لأمر صادر من رئيس إداري لانتفاء الخطأ في هذه الصورة. ويُشترط لإعمال هذا الحكم شرطان: فيجب أولاً أن يكون مُحدِث الضرر موظفاً عاماً. ويجب ثانياً أن يكون العمل الضار قد وقع تنفيذاً لأمر صادر من رئيس إداري ولو لم يكن الرئيس المُباشر". (مجموعة الأعمال التحضيرية 2 صـ 379).
        وهذه القاعدة، سالفة الذكر، لا تُطبق فقط في مجال القانون المدني بل تُطبق أيضاً في مجال قانون العقوبات، حيث تنص المادة 63 من قانون العقوبات على أنه: "لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أميري في الأحوال الآتية: أولاً- إذا ارتكب الفعل تنفيذاً لأمر صادر إليه من رئيس وجبت عليه إطاعته أو أعتقد أنها واجبة عليه. ثانياً- إذا حسُنت نيته وأرتكب فعلاً تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو ما أعتقد أن إجراءه من اختصاصه"..
        وعلة الإباحة هنا هي تمكين الدولة من مباشرة اختصاصها عن طريق موظفيها مع توفير الطمأنينة والاستقلال للموظف كي يؤدي واجبه وهو لا يخشى مسئولية طالما كان حسن النية.
        فإطاعة أمر صادر من الرئيس يجعل التعدي عملاً مشروعاً بشروط ثلاثة: (أولاً) أن يكون من صدر من العمل موظفاً عاماً. (ثانياً) أن يكون قد صدر له أمر بتنفيذ هذا العمل من رئيس، ولو كان غير مُباشر، طاعته واجبة، وأن يعتقد أن طاعة الأمر ذاته - الذي صدر له من رئيسه - واجبة. (ثالثاً) أن يثبت الموظف أمرين: أولهما أنه كان يعتقد مشروعية الأمر الذي نفذه. وثانيهما أنه راعى في عمله جانب الحيطة..
        وبهذه الشروط وفي هذه الحدود يكون تنفيذ الموظف لأمر غير مشروع عملاً مشروعاً لا يوجب مسئوليته.
        ولما كانت علة الإباحة هنا، وكما سلف القول، هي تمكين الدولة من مباشرة اختصاصها عن طريق موظفيها مع توفير الطمأنينة والاستقلال للموظف كي يؤدي واجبه وهو لا يخشى مسئولية طالما كان حسن النية..
فإن مدلول الموظف العام - في هذا السياق - يمتد إلى كل شخص يباشر طبقاً للقانون جزءاً من اختصاصات الدولة..
        وقد قضت محكمة القضاء الإداري بأنه: "لا محل للتفرقة بين المرافق العامة الإدارية والمرافق العامة التجارية والصناعية، إذ يتفق النوعان في أن الدولة تباشر عن طريقهما بعض اختصاصاتها، ولا محل - بالنسبة لموظفي المرافق العامة التجارية والصناعية - للتفرقة بينهم حسب مراتبهم". (محكمة القضاء الإداري في 8 مارس سنة 1953 مجموعة مجلس الدولة لأحكام القضاء الإداري س 7 رقم 364 صـ 611)..
        كما عرفت محكمة النقض الموظف العام بأنه: "من يولى قدراً من السلطة العامة بصفة دائمة أو مُؤقتة أو تُمنح له هذه الصفة بمُقتضى القوانين واللوائح سواء أكان يتقاضى مُرتباً من الخزانة العامة كالمُوظفين والمُستخدمين المُلحقين بالوزارات والمصالح والمجالس البلدية ودار الكُتب أم كان مُكلفاً بخدمة دون أجر كالعُمد والمشايخ ومن إليهم". (نقض 25 ديسمبر سنة 1956 مجموعة أحكام محكمة النقض س 7 رقم 365 صـ 1331).
        وحُسن النية - هُنا - هو أن: "يستهدف الموظف العام باستعمال سلطته تحقيق الغاية الذي من أجلها خوله القانون هذه السُلطة".
لما كان ما تقدم، وكانت هيئة الأوقاف المصرية قد قامت بالتعاقد مع المدعين لتأجير عين التداعي له بناء على طلب السيد وزير الأوقاف رئيسها الأعلى الذي أخطرها بوجوب استلام تلك العين وتأجيرها للغير وهذا أمر مشروع في ذاته باعتبار أن عين التداعي مُلحقة بمسجد وهي وقف خيري وأن الغاية منه هي الحِفاظ على مصالح جهة الوقف الخيري وصرف ريعها على جهات البر العام والخاص وأن الهيئة لم ترتكب غشاً أو خطأً من أي نوع وإنما فقط قامت بما تمليه عليها وظيفتها وتبعيتها للسيد وزير الأوقاف بصفته وبالتالي يكون عملها مشروعاً ولا يوجب المُسائلة وتكون دعوى المدعى الماثلة قد جاء بغير سند من القانون جديرة بالرفض.
        علماً بأن التضامن بين الدائنين أو المدينين لا يفترض، وإنما يكون بناء اتفاق أو نص في القانون طبقاً لـنص المادة 279 مدني.
كما أن الفقرة الثانية من المادة 184 مرافعات تنص على أن: "وإذا تعدد المحكوم عليهم جاز الحكم بقسمة المصاريف بينهم بالتساوي، أو بنسبة مصلحة كل منهم في الدعوى على حسب ما تقدره المحكمة، ولا يلزمون بالتضامن في المصاريف إلا إذا كانوا متضامنين في أصل التزامهم المقضي فيه".
        وعليه تكون مُطالبة المدعي إلزام جميع المدعى عليهما بالتضامن بأداء التعويض له تكون قد جاءت على غير سند من القانون خليقة بالرفض.
هذا، و الله أعلى وأعلم،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق