الجمعة، 19 أغسطس 2011

الرياضة في الإسلام - للشيخ/ عطية صقر


الرياضة البدنية فى نظر الإسلام.
لفضيلة المفتي/ الشيخ عطية صقر، في مايو 1997

سئل : ما مدى علاقة الدين بالرياضة البدنية، وما تأثير ذلك على الإنتاج، وما هي أنواع الرياضات التي يحلها الإسلام؟

أجاب :
1 - الرياضة مصدر راض، يقال: راض المهر يروضه رياضاً ورياضة فهو مروض أي ذلله وأسلس قياده، ورياضة البدن معالجته بألوان من الحركة لتهيئة أعضائه لأداء وظائفها بسهولة. وقد قال المختصون: إن هذه الرياضة توفر للجسم قوته وتزيل عنه أمراضاً ومخلفات ضارة بطريقة طبيعية هي أحسن الطرق فى هذا المجال.
2 - والناس من قديم الزمان لهم طرق وأساليب فى تقوية أجسامهم بالرياضة، وكل أمة أخذت منها ما يناسب وضعها ويتصل بأهدافها، فالأمة الحربية مثلاً عنيت بحمل الأثقال وبالرمي واللعب بالسلاح، والأمة التي تكثر فها السواحل تعنى بالسباحة، والأمة المسالمة الوادعة تعنى بالتمرينات الحركية للأعضاء بمثل ما يطلق عليه الألعاب السويدية، وهكذا.
واشتهر بين الناس هذه الأيام اسم الألعاب الأوليمبية، وهى لقاءات تتم كل أربع سنوات بين الرياضيين من جميع أنحاء العالم، واسمها منسوب إلى أولمبيا واد فى بلاد اليونان أقيمت فيه أول الألعاب سنة 776 قبل الميلاد، وكانت تقام عندهم بوحي من عقيدة دينية وسياسية، واعتبروها الوسيلة الوحيدة لقوة الجسم فى نظر الشعب وإلى حكم الشعب فى نظر الزعماء.
وكانت للعرب، كغيرهم من الأمم - أنواع من الرياضة أمْلَتها عليهم ظروف معيشتهم التي تعتمد على الرحلات والصيد والغارات والثارات.
3 - والإسلام لا يمنع تقوية الجسم بمثل هذه الرياضات، فهو يريد أن يكون أبناؤه أقوياء فى أجسامهم وفى عقولهم وأخلاقهم وأرواحهم لأنه يمجِّد القوة، فهي وصف كمال لله تعالى ذي القوة المتين، والحديث الشريف يقول "المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف" رواه مسلم، والجسم القوى أقدر على أداء التكاليف الدينية والدنيوية، والإسلام لا يشرع ما فيه إضعاف الجسم إضعافا يعجزه عن أداء هذه التكاليف، بل خفف من بعض التشريعات إبقاء على صحة الجسم، فأجاز أداء الصلاة من قعود لمن عجز عن القيام، وأباح الفطر لغير القادرين على الصيام، ووضع الحج والجهاد وغيرهما عن غير المستطيع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص، وقد أرهق نفسه بالعبادة صياما وقياما: "صم وأفطر وقم ونم، فإن لبدنك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا" رواه البخاري ومسلم.
وقد ذكر ابن القيم فى كتابه زاد المعاد عند الكلام على الرياضة، أن الحركة هي عماد الرياضة، وهى تخلص الجسم من رواسب وفضلات الطعام بشكل طبيعي، وتعود البدن الخفة والنشاط وتجعله قابلا للغذاء وتصلب المفاصل وتقوى الأوتار والرباطات وتؤمن جميع الأمراض المادية وأكثر الأمراض المزاجية، إذا استعمل القدر المعتدل منها فى دقة. وقال : كل عضو له رياضة خاصة يقوى بها، وأما ركوب الخيل ورمى النشاب والصراع والمسابقة على الأقدام فرياضة للبدن كله، وهى قالعة لأمراض مزمنة.
4 - مظاهر الرياضة البدنية فى الإسلام كثيرة، والتكاليف الإسلامية نفسها يشتمل كثير منها على رياضات للأعضاء إلى جانب إفادتها رياضة للروح واستقامة للسلوك، فالصلاة بما فيها من طهارة وحركات لمعظم أجزاء الجسم، والحج بمناسكه المتعددة، وزيارة الإخوان وعيادة المرضى والمشي إلى المساجد وأنواع النشاط الاجتماعي كلها تمرين لأعضاء الجسم وتقوية له ما دامت فى الحد المعقول.
وهناك فى غير العبادات والتكاليف الشرعية رياضات تشبه إلى حد كبير كثيرا مما تواضع عليه للناس فى هذا العصر، أقرها الإسلام وشجعها وإليك صورا لها:
1 - العَدْوُ: وهو تدريب على سرعة المشي، يلزم للأسفار من أجل الجهاد ونشر الدعوة والسعي لتحصيل الرزق وغير ذلك، ويذكر التاريخ العداء المشهور "فيديبدس" من قرية ماراثون باليونان وما كان له من أثر فى إخطار البلاد بهجوم الجيش الفارسي عليهم فى سبتمبر سنة 490 قبل الميلاد وفى انتصارهم على العدو، وقد خلد اسمه بعد ذلك بسباق ماراثون.
والعدو داخل ضمناً تحت الأمر بالمسارعة إلى الخير، فهي مسارعة روحية وجسمية، وقد روى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق عائشة فسبقته، ثم سابقها بعد ذلك فسبقها، فقال: هذه بتلك، وجاء فى بعض الروايات أن سبقه لها فى المرة الثانية كان لثقل جسمها وسمنتها. وروى الطبراني أنه عليه الصلاة والسلام قال "من مشى بين الغرضين - علامتين لتحديد المسافة - كان له بكل خطوة حسنة".
وقد اشتهر من العرب فى سرعة العدو حذيفة بن بدر، وكان قد أغار على هجائن النعمان بن المنذر بن ماء السماء، وسار فى ليلة مسير ثمان. فقال قيس بن الحطيم: هممنا بالإقامة ثم سرنا كسير حذيفة الخير بن بدر.
وكذلك من العدائين المشهورين ذكوان مولى آل عمر بن الخطاب فقد سار من مكة إلى المدينة فى يوم وليلة "المسافة حوالي 500 كيلو متر" ولما قدم على أبى هريرة خليفة مروان على المدينة وصلى العتمة قال أبو هريرة: حاج غير مقبول منه. فقال: ولم؟ قال: لأنك نفرت قبل الزوال، ظن أنه خرج من مكة قبل أن يرمى الجمرة التي يدخل وقتها بالزوال - فأخرج له كتاب مروان بعد الزوال.  
2 - ركوب الخيل والحيوانات الأخرى والمسابقة عليها، والعرب من قديم الزمان مشهورون بالفروسية، وكان الناشئ منهم لا يصل إلى الثامنة حتى يتحتم عليه أن يتعلم ركوب الخيل، والله سبحانه وتعالى قد نوَّه بها فى قوله تعالى {والعاديات ضبحا. فالموريات قدحا. فالمغيرات صبحا. فأثرن به نقعا. فوسطن به جمعا} العاديات: ا - 5 ، فهي من أهم أدوات الحرب، كما نوه بها فى السلم فقال سبحانه {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة} النحل: 8 ، وأوصى رسوله بالعناية بها فقال {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل} الأنفال: 60، ورباط الخيل تعهدها بما يحفظ عليها قوتها، ويجعلها دائما على استعداد للغزو وغيره، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي قد أضمرت، فأرسلها من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع والمسافة نحو ستة أميال أو سبعة، وسابق بين الخيل التي لم تضمر، فأرسلها من ثنية الوداع إلى مسجد بنى زريق، والمسافة نحو ميل (تضمير الخيل هو إعطاؤها علفا قليلا بعد سمنها من كثرة العلف، وكانت عادة العرب أن تعلف الفرس حتى يسمن، ثم ترده إلى القوت أي الأكل العادي. كما يقال إن تضمير الخيل يكون بأن تشد عليها سروجها وتجلل بالأجلة حتى تعرق تحتها فيذهب رهلها ويشتد لحمها، ويحمل عليها غلمان خفاف يجرونها ولا يعنفون بها إذا فعل بها ذلك أمن عليها البهر الشديد عند حضرها، أي لا تنهج عند العدو). وابن عمر قد سابق فى هذا السباق، رواه البخاري، وفى مسلم أن رسول الله قال يوم حنين: يا خيل الله اركبي، وقال "اركبوا الخيل فإنها ميراث أبيكم إسماعيل" وقد سابق النبي أيضا على الجمال فسابق على ناقته العصباء وكانت لا تُسبق، فجاء أعرابي على قعود فسبقها، فشق ذلك على المسلمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم "إن حقا على الله ألا يرفع من الدنيا شيئا إلا وضعه" رواه البخاري.
وذكر الجاحظ فى البيان والتبيين أن عمر أرسل كتابه إلى الأمصار يقول فيه: علموا أولادكم السباحة والفروسية. وفى رواية ومروهم يثبوا على الخيل وثبا، ورووهم ما سار من المثل وحسن من الشعر.
3 - الرماية، عن عقبة بن عامر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ... ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي" رواه مسلم، وعن سلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بنفر من أسلم ينتضلون بالسوق، فقال: "أرموا بنى إسماعيل فإن أباكم كان رامياً، أرموا وأنا مع بنى فلان، فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فقال رسول الله ما لكم لا ترمون؟ فقلنا كيف نرمى وأنت معهم؟ فقال: أرموا وأنا معكم كلكم" رواه البخاري ومسلم. وعن عقبة أيضا: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة، صانعه يحتسب فى صنعته الخير، والرامي به، ومنبله، وارموا وأركبوا، وأن ترموا أحب إليَّ من أن تركبوا، ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه فإنه نعمة تركها، أو قال: كرها" رواه أبو داود والنسائي والحاكم وصححه. وفى رواية أن فقيما اليخمى قال لعقبة: تختلف بين هذين الغرضين وأنت كبير يشق عليك؟ فقال عقبة: لولا كلام سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أعانه، والكلام الذى سمعه هو "من علم الرمي ثم تركه فليس منى. أو فقد عصا" رواه مسلم.
4 - اللعب بالسلاح - الشيش: وكان معروفاً عند العرب باسم "النقاف" وهو أصل المبارزة بالسلاح المعروفة فى شكلها الحالي، وكان من صوره رقص الحبشة الذى رآه النبي صلى الله عليه وسلم منهم فى المسجد، فكان عبارة عن حركات رياضية تصاحبها السهام، ففي رواية عن أبى سلمة أن الحبشة كانوا يزفون ويلعبون بحرابهم يتلقونها. وكانت المبارزة تتقدم الحروب والغزوات أيام الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن أشهر المبارزين على بن أبى طالب ومواقفه فى بدر والخندق وغيرهما معروفة.
والتحطيب المعروف عندهم باسم "اللبج" أو "اللبخ" يشبه اللعب بالسيوف لأنه محاولة للأخذ قوامها هجوم ودفاع بالعصي.
5 - المصارعة ومثلها الملاكمة: وقد صارع النبي جماعة، منهم ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب، وكان بمكة ويحسن الصراع ويأتيه الناس من البلاد فيصرعهم، قال ابن إسحاق: لقيه النبي صلى الله عليه وسلم فى شعب من شعاب مكة فقال له: يا ركانة، ألا تتقى الله وتقبل ما أدعوك إليه؟ فقال: يا محمد هل لك من شاهد يدل على صدقك؟ فقال: أرأيت إن صرعتك أتؤمن بالله ورسوله؟ قال: نعم. وقال البلاذرى: إن السائل للمصارعة هو ركانة، فقال له: تهيأ للمصارعة، فقال: تهيأت، فدنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذه ثم صرعه، فتعجب من ذلك ركانة، ثم سأله الإقالة مما توافقا عليه، وهو الإيمان والعودة إلى المصارعة، ففعل به ذلك ثانيا وثالثا: فوقف ركانة متعجبا وقال: إن شأنك لعجيب، وأسلم عقبها، وقيل أسلم فى فتح مكة. رواه الحاكم وأبو داود والترمذي.
كما صارع النبي ابن ركانة واسمه يزيد، فقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ثلاثمائة من الغنم، فقال: يا محمد هل لك أن تصارعنى؟ قال: وما تجعل لي إن صرعتك؟ قال: مائة من الغنم، فصارعه فصرعه، ثم قال: هل لك فى العود؟ قال: وما تجعل؟ قال: مائة أخرى. فصارعه فصرعه، وذكر الثالثة، فقال: يا محمد، ما وضع جنبى فى الأرض أحد قبلك، ثم أسلم ورد عليه غنمه، روى عنه أنه قال: ماذا أقول لأهلي؟ شاة افترسها الذئب، وشاة شذت منى، فماذا أقول فى الثالثة؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما كنا لنجمع عليك فنصرعك فنغرمك، خذ غنمك وانصرف (ذكره الزرقانى فى شرح المواهب ج 4 ص 293).
وكذلك صارع النبي أبا الأسود الجمحى، وكان رجلا شديدا بلغ من قوته أنه كان يقف على جلد البقرة ويتجاذب أطرافه عشرة لينزعوه من تحت قدميه فيتفرى الجلد ولم يتزحزح عنه، وكان من المشهورين بالمصارعة فى الإسلام محمد بن الحنفية، جلس كالجبل يحركه رسول الروم لمعاوية يتحدى به أقوياءه، فأقر رسول الروم بقوة محمد، ثم رفعه محمد مرات وجلد به الأرض.
6 - رفع الأثقال ومثله ألعاب القوى: وكان يعرف عند العرب باسم "الربع" وهو أن يُشال الحجر باليد، يفعل ذلك لتعرف شدة الرجل، والربيعة والمربوع هو الحجر الذى يرفع، وفى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يربعون حجرا أو يتربعون فقال: عمال الله أقوى من هؤلاء (ذكره فى لسان العرب) وأول من فكر فى تلك اللعبة جابر بن عبد الله الأنصاري، وكان مشهورا بقوته البدنية، وقد اشتهر بالقوة البدنية على بن أبى طالب فإنه فى غزوة خيبر لما ضاع ترسه أمسك بباب كان عند الحصن فتترس به عن نفسه، وكان سبعة نفر ينوءون بحمله (ذكره فى الروض الأنف ج 2 ص 239).
7 - القفز أو الوثب العالي: وكان يعرف أيضا عند العرب باسم "القفيزى" حيث كانت توضع عارضة خشبية يتقافزون عليها ولها نظام خاص لإجادتها (عيون الأخبار لابن قتيبة ج ا ص 133).
8 - الكرة: وهى تشبه لعبة البولو فى هذه الأيام، وقد وضعوا لها آدابا مذكورة فى كتب الأدب، قال الحارثة بن رافع. كنت ألاعب الحسن والحسين بالمداحى، والدحو رمى اللاعب بالحجر والجوز وغيره، والمداحى حجارة كشكل القرصة، وتحفر حفرة فترسل تلك القرص نحوها، فمن وقعت قرصته فيها فهو الغالب، وذكر أن ابن المسيب سئل عن الدحو بالحجارة فقال لا بأس به.
9 - السباحة: عن عطاء بن أبى رباح قال: رأيت جابر بن عبد الله وجابر بن عمير الأنصاري يرميان فملَّ أحدهما فجلس فقال له الآخر: كسلت؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "كل شيء ليس من ذكر الله عز وجل فهو لهو أو سهو إلا أربع خصال: مشى الرجل بين الغرضين، وتأديبه لفرسه، وملاعبته أهله، وتعليم السباحة" رواه الطبراني بإسناد جيد، وروى البيهقى بسند ضعيف من حديث أبى رافع: حق الولد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرمي. وعن ابن عباس قال: ربما قال لي عمر بن الخطاب: تعال أباقيك فى الماء، أينا أطول نفسا ونحن محرمون. وفى تاريخ الخلفاء للسيوطى (ص 264) عندما تغلب معز الدولة أحمد بن بويه على بغداد شجع السباحة والمصارعة، حتى كان السبَّاح يحمل الموقد عليه القدر باللحم إلى أن ينضج. وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم سبح وهو صغير عندما زارت به أمه أخواله فى المدينة، فإنه عليه الصلاة والسلام لما هاجر ونظر إلى دار التابعة حيث دفن أبوه قال: هاهنا نزلت بي أمي وأحسنت العوم في بئر بنى عدى بن النجار، واستدل به السيوطى على أن النبي عَامَ وذكر أنه روى أبو القاسم البغوى وغيره عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سبح هو وأصحابه فى غدير، فقال ليسبح كل رجل إلى صاحبه، فسبح صلى الله عليه وسلم إلى أبى بكر حتى عانقه، وقال: أنا وصاحبي (الزرقانى على المواهب اللدنية ج ا ص 164).
هذه نماذج للتربية الرياضية أقرها الإسلام، وشجع عليها. تعرف بها مدى مرونة الإسلام وشمول هدايته لكل مظاهر الحضارة الصحيحة. وفى الإطار العادل الذى وضعه للمصلحة، ويلاحظ أن التربية الرياضية لا تثمر ثمرتها المرجوة إلا إذا صحبتها الرياضة الروحية الأخلاقية، وإذا كانت هناك مباريات يجب أن يحافظ على آدابها، التي من أهمها:
عدم التعصب الممقوت فإذا حدث انتصار لفرد أو فريق وكان الفرح بذلك على ما تقتضيه الطبيعة البشرية، وجب أن يكون فى أدب وذوق، فالقدر قد يخبئ للإنسان ما لا يسره، وقد تكون الجولات المستقبلة فى غير صالح الفائز الآن.
ولا يحب أن تكون هناك شماتة به، فيجب عليه أن يحب للناس ما يحبه لنفسه، ويكره لهم ما يكرهه لنفسه، وقد رأيتم أن الأعرابي سبق بقعوده ناقة النبي التي كانت لا تُسبق، ولما شق على المسلمين ذلك تمثلت الروح الرياضية الصحيحة - كما يعبر المتحدثون - عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن حقا على الله ألا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه، وذلك ليهدىء من ثائرة المتحمسين له. وقد سبق أنه قال لعائشة لما سبقها: هذه بتلك.
والأدب الإسلامي عند الخصومة والمنافسة يحتم عدم نسيان الشرف والذوق؟ وعدم الفجور فى المخاصمة فتلك من خصال المنافقين، ففي حديث البخاري ومسلم "أربع من كن فيه كان منافقا خالصا. ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا أؤتمن خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر". والإسلام لا يرضى الانحراف عن هذه الآداب فى ممارسة الرياضة وفى إقامة المباريات.
1 - لا يرضى أن يلهو الشباب بها إلى حد نسيان الواجبات الدينية والوطنية والواجبات الأخرى، ولا يرضى أن نصرف لها اهتماماً كبيراً يطغى على ما هو أهم منها بكثير.
2 - لا يرضى أن نمارس الرياضة بشكل يؤذي الغير، كما يمارس البعض لعب الكرة فى الأماكن الخاصة بالمرور أو حاجات الناس، وفى أوقات ينبغي أن توفر فيها الراحة للمحتاجين إليها. والإسلام نهى عن الضرر والضرار.
3 - لا يرضى التحزب الممقوت، الذي فرق بين الأحبة، وباعد بين الأخوة، وجعل فى الأمة أحزابًا وشيعا، والإسلام يدعو إلى الاتحاد ويمقت النزاع والخلاف.
4 - لا يرضى أن توجه الكلمات النابية من فريق لآخر ويكره التصرفات الشاذة التي لا تليق بإنسان له كرامته. وبشخص يشجع عملاً فيه الخير لتكوين المواطن الصالح جسمياً وخلقياً.
5 - لا يرضى عن الألعاب الجماعية التي يشترك فيها الجنسان ويحدث فيها كشف للعورات أو أمور ينهى عنها الدين.
6 - لا يرضى عن الألعاب التي تثير الشهوة وتحدث الفتنة، كرياضة الرقص من النساء حين تعرض على الجماهير.
7 - لا يرضى لجنس أن يزاول ألعاب جنس آخر تليق به ولا تتناسب مع غيره فى تكوينه وفى مهمته ورسالته فى الحياة. ذلك أن الإسلام حين يبيح شيئا ويجيزه يجعل له حدودا تمنع خروجه عن حد الاعتدال وتحافظ على الآداب وتتسق مع الحكمة العامة للتشريع، وفى إطار هذه الحدود يجب أن تمارس الرياضة، وإلا كان ضررها أكبر من نفعها، وذلك مناط تحريمها، كما هي القاعدة العامة للتشريع.
ويشير إلى ذلك كله قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} المائدة: 87 ، فالآية بعموم لفظها تحرم الاعتداء فى كل تصرف سواء أكان ذلك مطعومًا أم ملبوسًا أم شيئا آخر وراء ذلك، والاعتداء هو تجاوز الحد المعقول الذى شرعه الدين.
هذا، والله أعلى وأعلم،،،
منقول (باختصار)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق