السبت، 12 نوفمبر 2016

ما المقصود بكلمة "أزواجهم" في قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا وأزواجهم



قال الله عز وجل في سورة الصافات:  {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون (22) من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم (23)} [الصافات : 22 - 23 ].

المقصود بـ : " و أزواجهم " هم  أشياعهم في الشرك والظلم ( إن الشرك لظلم عظيم ) .. الذين يماثلونهم و يحبونهم و يؤيدونهم ويناصرونهم  ..
فيحشر العصاة مع العصاة .. والمتقون مع المتقين .. والكافرون مع الكافرين .. والمنافقون مع المنافقين .. والمجرمون مع المجرمين .. وهكذا

وأشابه هذا اللفظ - بهذا المعنى - في القرآن كثيرة، منها:

ما جاء في سورة الواقعة: {وكنتم أزواجا ثلاثة (7) فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة (8) وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة (9) والسابقون السابقون (10) أولئك المقربون (11)} [الواقعة : 7  - 11].

وأيضا ما جاء في سورة التكوير: {وإذا النفوس زوجت} [التكوير : 7].
فجاء في تفسير القرطبي:
قوله تعالى : وإذا النفوس زوجت، قال النعمان بن بشير : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا النفوس زوجت قال: " يقرن كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون كعمله ". وقال عمر بن الخطاب : يقرن الفاجر مع الفاجر ، ويقرن الصالح مع الصالح . وقال ابن عباس : ذلك حين يكون الناس أزواجا ثلاثة ، السابقون زوج - يعني صنفا - وأصحاب اليمين زوج ، وأصحاب الشمال زوج . وعنه أيضا قال : زوجت نفوس المؤمنين بالحور العين ، وقرن الكافر بالشياطين ، وكذلك المنافقون وعنه أيضا : قرن كل شكل بشكله من أهل الجنة وأهل النار ، فيضم المبرز في الطاعة إلى مثله ، والمتوسط إلى مثله ، وأهل المعصية إلى مثله ; فالتزويج أن يقرن الشيء بمثله ; والمعنى : وإذا النفوس قرنت إلى أشكالها في الجنة والنار . وقيل : يضم كل رجل إلى من كان يلزمه من ملك وسلطان ، كما قال تعالى : احشروا الذين ظلموا وأزواجهم . وقال عبد الرحمن بن زيد : جعلوا أزواجا على أشباه أعمالهم ليس بتزويج ، أصحاب اليمين زوج ، وأصحاب الشمال زوج ، والسابقون زوج ; وقد قال جل ثناؤه : احشروا الذين ظلموا وأزواجهم أي أشكالهم.

وقريب من هذا المعنى، قوله تعالى - في سورة يس: " وامتازوا اليوم أيها المجرمون " ..
أي تميزوا عن المؤمنين وأخرجوا من جملة المؤمنين .. بحيث يصير المؤمنون في ناحية والمجرمون وأشياعهم وأشباههم ومؤيدوهم ومناصروهم في ناحية أخرى.

فمن أيد الظالم وسانده وناصره، فهو ظالم، ويحشر مع الظالمين.
ومن أيد المؤمن وسانده وناصره احتسابا لوجه الله، فهو مؤمن، ويحشر مع المؤمنين.
فقد جاء في الأثر أن: رجلٌ مر بالنبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعنده ناس، فقال رجل ممن عنده: إني لأحِبُّ هذا لله، فقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أعْلَمْتَه؟ قال: لا، قال: قم إليه فأعلِمْه، فقام إليه فأعلمَه، فقال: أحَبَّك الذي أحببتني له، قال: ثم رجع فسأله النبيُّ فأخبَرَه بما قال، فقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنت مع من أحببتَ، ولك ما احتسَبْتَ، وفي رواية: المرءُ مع من أحَبَّ، وله ما اكتسَبَ.
الراوي: أنس بن مالك.
المحدث: ابن حجر العسقلاني
المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - رقم: 4/441.

ولنا عبرة في قصة نبي الله "صالح" مع قومه "ثمود"، حيث كان أئمة الكفر والعناد "تسعة" فقط. {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ} [النمل : 48]. وحرضوا شخص واحد فقط فعقر الناقة. {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ} [القمر : 29]. أي إن مجموع المفسدين في الأرض كان "عشرة" فقط. ولكن لما نزل عقاب الله، عم وشمل القرية كلها، فدمر الله المفسدين وقومهم أجمعين. {فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ} [النمل : 51]. لماذا شمل العذاب قومهم أجمعين؟ لأنهم كانوا مؤيدين لهم في كفرهم وشركهم وظلمهم.


أخي المؤمن بالله ..
لا تكون للخائنين خصيما. استجابة لأمر الله - في سورة النساء: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء : 105].
ولا تكن ظهيرا ومساندا للمجرمين، وادعو بدعاء كليم الله موسى - في سورة القصص: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ} [القصص : 17].

ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. {۞ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأعراف : 47].

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس : 10].

هذا، والله أعلى وأعلم ،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق