هل يجوز لورثة المستأجر الأصلي تغيير النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد، بعد استمرار عقد الإيجار لصالحهم؟
يجوز لورثة المستأجر الأصلي تغيير النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد بالشروط الآتية:
1- ألا يُستعمل المكان أو يُسمح باستعماله بطريقة مُقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو في أغراض مُنافية للآداب وهي الضوابط المنصوص عليها بالمادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981.
2- أن يكون الورثة قد استمروا قبل التغيير في مزاولة ذات النشاط الذي كان يزاوله المُستأجر الأصلي طبقاً للعقد.
3- ألا يكون التغيير قد تم تحايلاً على أحكام القانون، ويقع على عاتق المؤجر إثبات ذلك.
(المصدر: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الثاني – الطبعة الرابعة عشر 2001 القاهرة – بند 42 مُكرر – صـ 220 و 221).
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "المناط لامتداد عقد الإيجار لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي – بعد وفاة المستأجر إلى ورثته المُشار إليهم – هو استعمالهم العين في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد حال حياته وذلك بالنظر في وقت امتداد عقد الإيجار للمستفيدين من المستأجر الأصلي بعد وفاته باعتباره ضابطاً استلزمه المشرع للحفاظ على الرواج المالي والتجاري ويتعين على المؤجر تحرير عقد إيجار لهم إذ ينتقل حق الإجارة لصالحهم بقوة القانون ويحق لهم الانتفاع بالعين المؤجرة بذات الحقوق التي كانت للمستأجر الأصلي. ولما كان للمستأجر وفقاً للمادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 أن يغير أوجه استعمال العين المؤجرة ما دام لا يسبب ضرراً بالمبنى أو بشاغليه وفقاً للضوابط التي استلزمتها هذه المادة ولم تتوافر في حقه إحدى الحالات التي تجيز الإخلاء والتي تضمنتها المادة المشار إليها فإنه يجوز لمن امتد إليه عقد الإيجار من ورثة المستأجر الأصلي وفقاً للقانون أن يغير فيما بعد النشاط الذي كان يمارسه مورثة من قبل وفاته ما دام لم يثبت المؤجر أن هذا التغيير قد تم تحايلاً على أحكام القانون أو أنه يلحق ضرراً بسلامة المبنى أو بشاغليه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى استناداً إلى أن الطاعنة لم تستمر في مزاولة ذات النشاط التجاري الذي كانت تمارسه المستأجرة الأصلية حين أن الثابت من السجل التجاري للطاعنة أنها غيرت استعمال العين من مهنة بائع خضروات إلى لحام كاوتشوك في 8/7/1984 أي بعد وفاة الأم الحاصلة في 20/12/1980 ولم تتحقق المحكمة عما إذا كانت الطاعنة قد مارست ذات النشاط التجاري للعين المؤجرة قبل تغيير استعمالها إلى لحام كاوتشوك وما إذا كانت هذا التغيير يلحق ضرراً بالمبنى وبسلامة شاغليه فإنه يكون معيباً". (الطعن رقم 6397 لسنة 62 قضائية – جلسة 4/7/1999. المصدر: "
موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الثاني – الطبعة الرابعة عشر 2001 القاهرة – بند 42 مُكرر – صـ 221 : 223).
تغيير النشاط التجاري لنشاط تجاري آخر:
تغيير النشاط من جانب المستأجر بمثابة استعمال العين المؤجرة في غير الأغراض المؤجرة من أجلها، وهذا التغيير ليس سبباً من أسباب الإخلاء المنصوص عليها في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981
ولا يمكن قياس هذه الحالة على حالة قيام مستأجر الوحدة السكنية بتغييرها إلى غير أغراض السكني لأن النص الذي خول المستأجر القيام بذلك (بموافقة المؤجر – بعد الحكم بعدم دستورية المادة 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981(*)) نص خاص استثنائي لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن شرط إعمال نص المادة 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981 أن تكون العين قد أجرت أصلاً للسكنى ثم تم تغيير غرضها إلى غير أغراض السكنى، أما إذا كانت العين مؤجرة من البداية لغير أغراض السكنى فلا مجال لإعمال ذلك النص، ومن ناحية ثالثة فإن نص المادة 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981 لم يعطي للمؤجر الحق في مطالبة المستأجر بمقابل تغيير الغرض من استعمال العين المؤجرة (كمبلغ نقدي دفعة واحدة) وإنما أجاز له زيادة القيمة الايجارية الشهرية بنسب مُعينة تحدد حسب تاريخ إنشاء المبنى المؤجر.
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادتين 579 و 580 من القانون المدني على التزام المُستأجر باستعمال العين المُؤجرة على النحو المُتفق عليه، وبألا يُحدث بها تغييرات بدون إذن المُؤجر، يدل على أن المُستأجر يلتزم باستعمال العين المُؤجرة في الغرض الذي أجرت من أجله، فإن تحدد هذا الاستعمال في العقد وجب على المُستأجر أن يقتصر عليه، وألا يعمد إلى تغييره إلا بعد حصوله على إذن من المُؤجر، كذلك يمتنع على المُستأجر إجراء أي تغيير مادي بالعين المُؤجرة كالهدم والبناء إلا بإذن المُؤجر، إلا أنه يستثنى من ذلك حالة التغيير بنوعيه المادي والمعنوي، والذي لا يترتب عليه ضرر للمُؤجر، فتنتفي عندئذ حكمة التقييد ويصبح التغيير جائزاً، ولا يغير من ذلك أن يتضمن عقد الإيجار حظراً صريحاً للتغيير بكافة صوره، لأن تمسك المُؤجر بهذا النص المانع رغم ثبوت انتفاء الضرر يجعله متعسفاً في استعمال حقه في طلب الفسخ تطبيقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون المدني". (نقض جلسة 28/4/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 1067. المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين إيجار الأماكن خلال خمسة وستين عاماً" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 415 – صـ 286 و 287. وراجع أحكام أخرى عديدة بذات الموضع).
وأن: "مفاد نص المادة 18/د من القانون رقم 136 لسنة 1981 أن المُشرع خوّل المُستأجر حق تغيير وجه استعمال العين المُؤجرة بإرادته المنفردة استثناء من الأصل العام – بشرط ألا يترتب على هذا التغيير إلحاق ضرر بالمبنى أو بشاغليه ...". (الطعن رقم 2489 لسنة 55 قضائية – جلسة 21/3/1990. المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين إيجار الأماكن خلال خمسة وستين عاماً" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 778 – صـ 983 و 984. وراجع أحكام أخرى بذات المعني في نفس الموضع).
وأن: "نص المادة 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981 قد جرى على أنه "في الأحوال التي يتم فيها تغيير استعمال العين إلى غير أغراض السكنى تزاد الأجرة القانونية بنسبة ..."، مما مفاده أن شرط حصول المُؤجر على هذه الزيادة أن يتم تغيير استعمال العين المُؤجرة إلى غير أغراض السكنى، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن العين المُؤجرة أجرت ابتداءً لاستعمالها في غير أغراض السكنى مما لا محل معه لزيادة أجرتها القانونية لتخلف شرط إعمال نص المادة 19 سالفة الذكر". (الطعن رقم 430 لسنة 54 قضائية – جلسة 4/2/1990. المصدر: المرجع السابق – الجزء الثاني – القاعدة رقم 507 – صـ 389 و 390).
وأن: "النص في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان المؤجر ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية:... د- إذا ثبت بحكم قضائي نهائي أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو في أغراض منافية للآداب العامة"، وكان الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 19 من ذلك القانون فيما انطوى عليه من عدم اشتراط موافقة المالك على تغيير المستأجر استعمال العين إلى غير أغراض السكنى يقتصر أثره على انعدام هذا النص ولا يجاوز ذلك إلى استحداث قاعدة قانونية جديدة حاصلها أن مجرد تغيير استعمال العين سبباً جديداً للإخلاء، وإنما تبقى هذه الواقعة محكومة بما ورد في نص الفقرة (د) من المادة 18 السالفة البيان من شروط وضوابط، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وذهب إلى القول بأن حكم الدستورية (أنشأ حقاً للمؤجر في طلب إخلاء العين التي تم تغيير استعمالها بغير موافقته) فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه". (الطعن رقم 1006 لسنة 72 قضائية – جلسة 24/3/2003. وأنظر كذلك الطعن رقم 2276 لسنة 72 قضائية – جلسة 23/6/2003. والطعن رقم 4047 لسنة 65 قضائية – جلسة 23/2/2003. المصدر: المُستحدث من أحكام النقض).
هذا، والله أعلى وأعلم،،،
(*) تنص المادة 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه: "في الأحوال التي يتم فيها تغيير استعمال العين إلى غير أغراض السكنى تزاد الأجرة القانونية بنسبة ... وفي حالة التغيير الجزئي للاستعمال يستحق المالك نصف النسبة المشار إليها. ويُشترط ألا يترتب على تغيير الاستعمال كلياً أو جزئياً إلحاق ضرر بالمبنى أو بشاغليه. وتلغى المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وذلك اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون".
هذا، وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر فيما انطوى عليه من عدم اشتراط موافقة المالك عند تغيير المستأجر استعمال العين إلى أغراض السكنى وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة. الطعن رقم 144 لسنة 20 قضائية "دستورية" – جلسة 4/3/2000 والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 11 في 20/3/2000.
علماً بأنه في حالة قيام المُستأجر الأصلي بتغيير استعمال العين من استعمال سكني إلى استعمال تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي بإرادته المنفردة عملاً بالمادة 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981 (قبل القضاء بعدم دستوريتها) وباستقرار مركزه القانوني – سواء بحكم قضائي نهائي أو بالتقادم – فإنه يجوز لورثة المستأجر الاستمرار في استعمال العين في هذا النشاط (الأخير – المعدل) لأن هذا التغيير رخصة أعطاها المشرع للمستأجر دون موافقة المؤجر (قبل صدور حكم المحكمة الدستورية). (المصدر: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الثاني – الطبعة الرابعة عشر 2001 القاهرة – بند 41 – صـ 218).