الجمعة، 9 أكتوبر 2009

صفقة بيع شركة محلات عمر أفندي لشركة أنوال السعودية

صفقة بيع شركة محلات عمر أفندي لشركة أنوال السعودية

طلب توفيق في بعض المنازعات

(مُقدم للجان التوفيق المُشكلة بالقانون رقم 7 لسنة 2000)

بمقر هيئة الأوقاف المصرية - بالدقي

مُـذكرة

مقدمه للسيد الأستاذ المستشار/ رئيس لجنة توفيق في بعض المنازعات (بمقر هيئة الأوقاف المصرية).

من السيد اللواء/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته الممثل القانوني لهيئة الأوقاف المصرية "طالب"

ضد

كل من السادة:

السيد الأستاذ/ وزير الاستثمار بصفته الرئيس الأعلى للشركة القابضة للتجارة. ويعلن سيادته بمقر عمله بوزارة الاستثمار الكائنة بالعقار رقم 3 بشارع صلاح سالم – بأرض المعارض بمدينة نصر – مدينة نصر – القاهرة.

السيد الأستاذ/ رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للتجارة بصفته. ويعلن سيادته بمقر عمله بالشركة القابضة للتجارة الكائن بالعقار رقم 23 خلف طلعت حرب – تابع قسم قصر النيل - القاهرة.

السيد الأستاذ/ رئيس مجلس إدارة شركة محلات عمر أفندي بصفته. ويعلن سيادته بالمركز الرئيسي لإدارة شركة محلات عمر أفندي الكائن بالعقار رقم 25 بشارع عدلي – تابع دائرة قسم عابدين – بالقاهرة.

السيد الأستاذ/ الممثل القانوني لشركة "أنوال المتحدة للتجارة" (شركة ذات مسئولية محدودة، سعودية الجنسية). وتعلن بمقرها الرئيسي الكائن بالدورين الثامن والتاسع بمركز "ألماس" – طريق الملك فهد – العليَّا – الرياض – المملكة العربية السعودية. وتعلن بالطريق الدبلوماسي عن طريق النيابة العامة بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية. "معروض ضدهم"

"الموضوع"

يوجد لشركة محلات "عمر أفندي" (رئاسة المعروض ضده الثالث بصفته) فروع في العديد من محافظات الجمهورية وتلك الأفرع مملوكة لجهات الوقف الخيري، التي يتنظر عليها السيد الدكتور/ وزير الأوقاف بصفته، وتديره هيئة الأوقاف المصرية نيابة عن وزارة الأوقاف بموجب نص المادة الخامسة من قانون إنشاء الهيئة رقم 80 لسنة 1971، وخلفاً للمحليات التي كانت تدير بعض تلك الأعيان نيابة عن وزارة الأوقاف قبل تاريخ إنشاء الهيئة.

وتلك الأفرع مؤجرة من الأوقاف إلى شركة محلات "عمر أفندي" (المعروض ضده الثالث بصفته) بموجب عقود إيجار أماكن خاضعة للقوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن (لا سيما القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 وتعديلاتهما).

ولما كانت عقود إيجار تلك الفروع المحرر بين الأوقاف والمعروض ضده الثالث بصفته تنص على أنه: "لا يجوز للمُستأجر أن يتنازل لأحد عن حقوقه في هذا الاستئجار ... ولا أن يُؤجر المحل المُؤجر كله أو بعضه من باطنه ...".

كما تنص تلك العقود على أنه: "ليس للمُستأجر الحق في التنازل عن الشقة (العين) المُؤجرة أو تأجيرها كلها أو جزء منها من الباطن أو إشراك غيره في السكن (الانتفاع) بمُقابل أو بغير مُقابل وإذا خالف ذلك فيُعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه بلا حاجة إلى تنبيه أو إنذار ويكون وضع يده مُغتصباً ومن حق الهيئة طرده بحكم من قاضي الأمور المُستعجلة".

فضلاً عن أنه من المُقرر قانوناً، أن الأصل – في ظل قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية – هو حظر التأجير من الباطن أو التنازل عن العين المؤجرة حتى ولو خلا عقد الإيجار من نص أو شرط يتضمن ذلك الحظر. حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "حظر التأجير من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك، حكم تشريعي قائم منذ صدور القانون رقم 121 لسنة 1947 بالنص عليه في المادة 4 فقرة "ب"، بمُقتضاه أصبح الأصل هو تحريم التأجير من الباطن، وكان الأثر الفوري لقوانين إيجار الأماكن يوجب سريان هذا التحريم على كل تأجير من الباطن يحدث بعد صدور القانون 121 لسنة 1947 ولو خلا عقد الإيجار من شرط بالحظر". (نقض جلسة 2/5/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 253. ونقض مدني في الطعن رقم 4310 لسنة 61 قضائية – جلسة 29/5/1995).

وإذ نما إلى علم الطالب بصفته أن الشركة القابضة للتجارة (المعروض ضده الثاني بصفته) التابعة لوزارة الاستثمار (المعروض ضده الأول بصفته) قد باعت شركة محلات "عمر أفندي" (المعروض ضده الثالث بصفته) إلى المعروض ضده الرابع بصفته (شركة "أنوال المتحدة للتجارة" سعودية الجنسية)، ولما كان هذا البيع يتضمن حوالة حقوق الشركة المعروض ضدها الثالثة إلى الشركة المعروض ضدها الرابعة بما فيها حقوقها في استئجار الفروع المؤجرة لها من قِبل الأوقاف سالفة الذكر، ولما كانت هذه الحوالة للحق تعد بمثابة تنازل عن عقود الإيجار – في غير الحالات التي يجيزها القانون – وذلك بالمخالفة لبنود عقود الإيجار مكملة بأحكام قوانين إيجار الأماكن. لا سيما وأنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "الخلف الخاص هو من تلقى من سلفه شيئاً سواء كان هذا الشيء حقاً عينياً أو حقاً شخصياً. أما من يترتب له ابتداء حق شخصي في ذمة شخص آخر فلا يكون خلفاً خاصاً له بل يكون دائناً. فالمُستأجر ليس بخلف للمُؤجر بل هو دائن له، إنما خلف المُستأجر الأصلي هو المُتنازل إليه عن الإيجار، ولما كان التنازل عن الإيجار يتضمن حوالة حق بالنسبة إلى حقوق المُستأجر وحوالة دين بالنسبة لالتزاماته، فإنه لذلك يجب خضوعه من حيث صحته ونفاذه للقواعد العامة التي تحكم هذين التصرفين فلا ينفذ التنازل عن الإيجار كحوالة حق في حق المُؤجر إلا من وقت إعلانه بالتنازل أو قبوله له – المادة 305 من القانون المدني – ولا ينفذ كحوالة دين في حق الدائن إلا إذا أقرها – المادة 316/1 من القانون المدني". (نقض مدني في الطعن رقم 5 لسنة 44 قضائية – جلسة 2/1/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 61).

لما كان ذلك، وكانت المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، تنص على أنه: "

يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز له فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال، بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين.

وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض، ويكون للمالك الحق في الشراء إذا أبدى رغبته في ذلك وأودع الثمن مخصوماً منه نسبة الـ 50% المشار إليها خزانة المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار إيداعاً مشروطاً بالتنازل عن عقد الإيجار وتسليم العين وذلك خلال شهر من تاريخ الإعلان.

وبانقضاء ذلك الأجل يجوز للمستأجر أن يبيع لغير المالك مع التزام المشترى بأن يؤدى للمالك مباشرة نسبة الـ 50% المشار إليها".

لما كان ما تقدم، وكانت هيئة الأوقاف المصرية قد خاطبت السيد الدكتور/ وزير الأوقاف بصفته بخصوص المطالبة بحقها في صفقة البيع التي تتضمن تنازلاً عن عقود إيجار الفروع سالفة الذكر وذلك تطبيقاً لنص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 المتقدم ذكرها، ومن ثم فقد تفضل السيد الدكتور/ وزير الأوقاف بمخاطبة السيد/ وزير الاستثمار (المعروض ضده الأول بصفته) بشأن هذا الأمر، فتفضل السيد/ وزير الاستثمار بالرد على السيد الدكتور/ وزير الأوقاف بكتابه المؤرخ في 10/10/2006 – والذي جاء فيه ما نصه: "... هيئة الأوقاف المصرية تكون وشأنها إذا ما رغبت في التفاوض مع مشتري أسهم شركة عمر أفندي على استبدال عقود الإيجار المبرمة بينهما عن الفروع المؤجرة للشركة المذكورة ...".

ومن ثم فقد سعت هيئة الأوقاف المصرية (رئاسة الطالب بصفته) إلى التفاوض مع الشركة القابضة للتجارة (المعروض ضدها الثانية)، وقد اقترحت هيئة الأوقاف على الشركة القابضة للتجارة ثلاثة اقتراحات هي:

الاقتراح الأول: في حالة قبول الشركة تعديل القيمة الايجارية، فقد اقترحت الهيئة أن تكون القيمة الايجارية بمبلغ (لا يقل عن) 547000جم (خمسمائة وسبعة وأربعون ألف جنيه) شهرياً.

الاقتراح الثاني: في حالة موافقة الشركة على شراء مباني الهيئة، فيكون حق الهيئة مبلغ (لا يقل عن) 98000000جم (ثمانية وتسعون مليون جنيه).

الاقتراح الثالث: في حالة موافقة الشركة عن البيع بالجدك، فيكون حق الهيئة مبلغ (لا يقل عن) 33750000جم (ثلاثة وثلاثون مليون وسبعمائة وخمسون ألف جنيه).

وإذ طلب السيد رئيس الشركة القابضة (المعروض ضده الثاني بصفته) منحه مهلة عشرة أيام للتفاوض مع شركة أنوال (المعروض ضده الرابع بصفته) التي قامت بشراء أكثر من 90% (تسعون بالمائة) من أسهم شركة "عمر أفندي" (المعروض ضده الثالث بصفته)، وإذ ورد إلى الطالب بصفته كتاب المعروض ضده الثاني بصفته والمؤرخ 19/5/2007 والذي يفيد عدم موافقته على تطبيق أحكام المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981.

لما كان ما تقدم، وكان المعروض ضدهم لا يعترفون بواقعة تنازلهم عن عقود إيجار فروع شركة "عمر أفندي" ويدعون أن ما حدث هو مجرد بيع لأسهم الشركة المعروض ضدها الثالثة فقط وبالتالي دخول المشترية (المعروض ضده الرابع بصفته) كشريك في إدارة شركة محلات "عمر أفندي" ليس إلا. وإذا كانت الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 – قبل تعديلها – تنص على أنه: "إذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي، فلا ينتهي العقد بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال".

وحيث قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية تلك الفقرة وذلك بالحكم الصادر منها في الطعن رقم 4 لسنة 15 قضائية "دستورية عليا" – بجلسة 6/7/1996 والذي جاء فيه ما يلي: "... وحيث أن النص المطعون فيه، يفتح فوق هذا أبواباً عريضة للتحايل ينفذ الانتهاز منها، ويتعذر دفعها أو توقيها، ذلك أن مباشرة أشخاص جدد لذات النشاط الذي كان مزاولاً في العين المؤجرة لغير أغراض السكنى، قد لا يكون منبئاً عن قيام اتفاق بين مستأجرها الأصلي وبينهم لتكوين شركة يضيفون من خلالها حصصهم إلى أموال يستغلها هذا المستأجر فعلاً في نشاطها، متقاسمين أرباحها وخسائرها، كل بقدر نصيبه فيها بما يوحد مصالحهم في شأنها ويكتل جهودهم من أجل صون أهدافها، بل ساتراً لعقد حقيقي يتغيا مستأجر العين الأصلي بمقتضاه – ومقابل عوض يختص به من دون المؤجر – إحلال آخرين محله في الاستئثار بهذه العين، تسلطاً على نشاطها وانفراداً بتسييره، فلا يقوم أصلاً العقد الظاهر في نية عاقديه، بل تعود على هؤلاء الأغيار وحدهم منافعها، ليكون القول بانضمامهم إليه في مباشرة هذا النشاط من خلال شركتهم، منتحلاً. وحتى في الأحوال التي يقوم الدليل فيها على أن وجود شركاء في العين المؤجرة ليس صورياً، وإن استمرارهم في مباشرة ذات النشاط بها بعد تخلي المستأجر الأصلي عنها، يكفل استثمار أفضل للأموال التي رصدها عليها، إلا أن هذا الاعتبار وحده لا يسوغ العدوان على الملكية، ولا يجوز أن ينال الحقوق المتفرعة عنها بما يجرد أصحابها كلية من مباشرة سلطتهم في استعمال الشيء محلها في الأغراض التي يطلبونها، ذلك أن تراكم الثروة لا يأتي إلا بحمايتها والتمكين من أسبابها، وليس من بينها أن تكون حقوق الأغيار في الانتفاع بالعين المؤجرة أولى من سلطان أصحابها عليها ..."

ولما عدلت الفقرة المذكورة بالفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1997 لم تتضمن الفقرة المعدلة النص على استمرار الإيجار لصالح شركاء المستأجر الأصلي بوفاته أو بتركه العين. بل ونصت المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 237 لسنة 1997 على أن: "لا يستمر عقد الإيجار لصالح أحد الورثة أو الشركاء إذا ترك المستأجر العين". كما نصت المادة السادسة من ذات اللائحة على أن: "لا يستمر عقد الإيجار لصالح الشركاء إذا مات المستأجر".

وفوق ما تقدم، وإذا كان المعروض ضدهم بصفتهم يدعون أن ما حدث هو مجرد تداول لأسهم الشركة المعروض ضدها الثالثة وأن المشتري الجديد (المعروض ضده الرابع بصفته) ما هو إلا شريك جديد في الشركة، فإن هذا الزعم كان يمكن الاحتجاج به في حالة ما إذا كانت الشركة المعروض ضدها الثالثة قد عدلت عقد تأسيسها لزيادة قيمة رأس مالها ومن ثم دخول الشركاء الجدد بالاكتتاب في قيمة تلك الزيادة التي زاد بها رأس مال الشركة بعد تعديل عقد تأسيسها، أما قيام الشركة – وبدون تعديل عقد تأسيسها وبدون زيادة رأس مالها – ببيع أسهمهما الموجودة فعلاً إلى الغير ليحل هؤلاء الأغيار محلها في حقوقها واستئجارها للأعيان والفروع المؤجرة لها من الأوقاف، ففي تلك الحالة لا يصح زعم المعروض ضدهم ولا يمكنهم الاحتجاج به.

بالإضافة إلى ما تقدم، فإن أسهم شركة عمر أفندي غير مقيدة في بورصة الأوراق المالية، وبالتالي فإن ملكيتها لا تنتقل بتداول الأسهم إنما تنتقل ملكيتها بالبيع وفقاً للضوابط والقواعد التي تضعها الحكومة، ومن ثم فإن ذلك يؤكد أننا أمام عملية بيع بالمعنى القانوني المعروف، وأن العقارات المملوكة لجهة الوقف الخيري والمؤجرة لشركة عمر أفندي قد أُخِذَت في الحسبان عند تقييم الشركة المبيعة، وهو ما يعني تنازل الشركة المستأجرة (شركة عمر أفندي) لمشتريها عن عقود الإيجار الخاصة بتلك العقارات المؤجرة لها من الأوقاف، وهذا هو مناط تطبيق حكم المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1980 بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، يضاف إلى ذلك فإن المشترين وبحكم القانون قد حلوا محل المستأجر الأصلي (شركة عمر أفندي) في كافة حقوقه والتزاماته، لا سيما وأنهما قد اشتريا ما يزيد على 90% من إجمالي أسهم شركة عمر أفندي المستأجرة الأصلية. ولا أدل على ذلك مما جاء بكتاب المعروض ضده الأول بصفته (معالي السيد/ وزير الاستثمار) إلى معالي الدكتور/ وزير الأوقاف – والمؤرخ في 10/10/2006 – والذي جاء فيه ما نصه: "... وعلى ما تقدم فإن هيئة الأوقاف المصرية تكون وشأنها إذا ما رغبت في التفاوض مع مشتري أسهم شركة عمر أفندي على استبدال عقود الإيجار المبرمة بينهما عن الفروع المؤجرة للشركة المذكورة في الإطار القانوني الذي يسفر عنه التفاوض ..."، فإذا كان ما يدعيه المعروض ضدهم بصفتهم أن ما حدث ليس بيعاً لأصول الشركة وإنما هو إدخال شريك جديد فيها، فكيف يتسنى والحال كذلك التصريح لهيئة الأوقاف بالتفاوض مع المشتري لتغيير واستبدال عقود الإيجار باسم الشركة المشترية؟!!

وخلاصة القول أن تصرف الشركة المعروض ضدها الثانية ببيع أسهم الشركة المعروض ضدها الثالثة للمعروض ضدها الرابعة – على النحو السالف ذكره – يتضمن تنازل (كلي أو جزئي) عن حقوق الشركة المعروض ضدها الثالثة في عقود إيجار فروعها المؤجرة لها من قِبل الأوقاف. وهذا التنازل (الكلي أو الجزئي) هو تصرف محظور عليها بموجب عقود الإيجار مكملة بأحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية الخاضعة لها تلك العقود.

لما كان ذلك، وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: "ثبوت مُخالفة المُستأجر لشروط العقد مُكملة بالقانون كاف لتوفير مُبرر الإخلاء سواء كانت المُخالفة قد انصبت على العين المُؤجرة جميعاً أم على جزء منها". (نقض مدني في الطعن رقم 1039 لسنة 52 قضائية – جلسة 9/2/1989).

ولما كان من المُسلم به قانوناً، فقهاً وقضاءاً، أنه: "قد يكون التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن أو الترك سافراً، كما يمكن أن يكون مُستتراً تحت ستار عقد آخر كالوكالة أو غيرها لأن العبرة بحقيقة العلاقة كما تثبت للمحكمة، ومن أمثلة ذلك ستر التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن أو الترك بإبرام توكيل من المُستأجر الأصلي إلى المُتنازل إليه أو المُستأجر من الباطن أو لمن وقع الترك لصالحه بإدارة العين المُؤجرة ودفع أجرتها". (المرجع: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الثاني - الفقرة رقم 129/1 – صـ 452).

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "مُؤدى المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 (المقابلة للمادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981) أن المُشرع أجاز للمُؤجر طلب الإخلاء إذا أجر المُستأجر العين من باطنه أو تنازل عنها أو تركها للغير دون إذن كتابي منه، يستوي أن يكون التأجير من الباطن أو النزول عن الإيجار أو الترك سافراً صريحاً أو مُتخذاً ستار عقد آخر لأن العبرة بحقيقة العلاقة لا بما يسبغه المُتعاقدان من أوصاف، فلا تقف المحكمة عن المظهر البادي وإنما من حقها أن تمحص العلاقة التعاقدية، وأن تطلق عليها وصفها الصحيح". (نقض مدني في الطعن رقم 356 لسنة 48 قضائية – جلسة 7/2/1979).

وحتى لو كان هذا التنازل (الكلي أو الجزئي) الذي وقع بين المعروض ضدهم بصفتهم جدي ويهدف لتحقيق مصلحة اقتصادية مشروعة لهم، إلا أن تلك المصلحة مهما علا قدرها وسمى نفعها بالنسبة للمستأجر والغير (وللمعروض ضدهم بصفتهم) فإنها لا تسوغ العدوان على الملكية الخاصة (بالنسبة للمالك المؤجر وهو الوقف الخيري الذي هو على ملك الله تعالى) ولا يجوز أن تجرد أصحاب الملكية من الحقوق المتفرعة عنها، ولا أن تكون حقوق الغير في الانتفاع بالأعيان المؤجرة أولى من سلطان ملاكها عليها، أو كما قضت المحكمة الدستورية العليا بأنه: "... وحتى في الأحوال التي يقوم الدليل فيها على أن وجود شركاء في العين المؤجرة ليس صورياً، وإن استمرارهم في مباشرة ذات النشاط بها بعد تخلي المستأجر الأصلي عنها، يكفل استثمار أفضل للأموال التي رصدها عليها، إلا أن هذا الاعتبار وحده لا يسوغ العدوان على الملكية، ولا يجوز أن ينال الحقوق المتفرعة عنها بما يجرد أصحابها كلية من مباشرة سلطتهم في استعمال الشيء محلها في الأغراض التي يطلبونها، ذلك أن تراكم الثروة لا يأتي إلا بحمايتها والتمكين من أسبابها، وليس من بينها أن تكون حقوق الأغيار في الانتفاع بالعين المؤجرة أولى من سلطان أصحابها عليها ...". (حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 4 لسنة 15 قضائية "دستورية عليا" – بجلسة 6/7/1996 سالف الإشارة إليه بعاليه).

وفضلاً عما تقدم، فقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأنه: "يُعد إخلالاً بالشرط المانع من التنازل عن عقد الإيجار أن تحل شركة جديدة محل شركة قديمة في الإيجار حتى ولو كان أكثر أعضاء الشركة الجديدة من أعضاء الشركة القديمة". (نقض فرنسي جلسة 10/1/1881 داللوز 81-1-119). وتلك المسألة مسألة واقع، وقاضي الموضوع هو الذي يبت فيما إذا كانت الشركة الجديدة ليست إلا استمراراً للشركة القديمة أو أنها شركة أخرى مستقلة. (المصدر: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء السادس "في الإيجار والعارية" – طبعة 2006 القاهرة – بند 456 – صـ 625 وهوامشها).

ويذهب الفقه الفرنسي إلى القول بأنه: "لا يُعد إخلالاً بالشرط المانع أن ينزل أحد الشركاء عن حصته لشريك آخر ويدخل في ذلك حقه في الإيجار، ما لم يتبين أن هذا مخالف للمعنى الذي قصد إليه المتعاقدان من الشرط المانع". (بودري وفال – فقرة 1088. مُشار إليه في "وسيط السنهوري" – المرجع السابق – نفس الموضع).

علماً بأن عقود إيجار أعيان التداعي تنص على أنه: "ليس للمُستأجر الحق في التنازل عن الشقة (العين) المُؤجرة أو تأجيرها كلها أو جزء منها من الباطن أو إشراك غيره في السكن (الانتفاع) بمُقابل أو بغير مُقابل وإذا خالف ذلك فيُعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه بلا حاجة إلى تنبيه أو إنذار ويكون وضع يده مُغتصباً ومن حق الهيئة طرده بحكم من قاضي الأمور المُستعجلة".

هذا، وقد قضي في مصر بأنه: "إذا باع أحد الشريكين في شركة واقعية حصته للشريك الآخر وتنازل له عن حصته في الإجارة، كان هذا التنازل إخلالاً بالشرط المانع". (محكمة الإسكندرية الوطنية – جلسة 8/1/1951 – التشريع والقضاء 3 رقم 155 صـ 505).

لما كان ما تقدم، وكانت الفقرة "ج" من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المُؤجر والمُستأجر تنص على أنه: "لا يجوز للمُؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المُدة المُتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: ... إذا ثبت أن المُستأجر قد تنازل عن المكان المُؤجر، أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك للمُستأجر الأصلي، أو تركه للغير بقصد الاستغناء عنه نهائياً وذلك دون إخلال بالحالات التي يُجيز فيها القانون للمُستأجر تأجير المكان مفروشاً أو التنازل عنه أو تأجيره من الباطن أو تركه لذوي القربى وفقاً لأحكام المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977".

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "المقصود بالتنازل عن الإيجار – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو نقل حقوق المُستأجر والالتزامات الناشئة عن عقد الإيجار إلى شخص آخر يحل محله فيها، وأنه يترتب عليه خروج منفعة العين المُؤجرة – التي كان يرتبها عقد الإيجار الأصلي للمُستأجر الأصلي – من حوزة هذا الأخير ودخولها في حوزة آخر هو المُتنازل إليه". (نقض مدني في الطعن رقم 530 لسنة 57 قضائية – جلسة 9/7/1995).

وقد حظرت قوانين إيجار الأماكن على المُستأجر تأجير المكان من الباطن أو التنازل عن الإيجار للغير بدون إذن كتابي صريح من المالك للمُستأجر الأصلي، والحكمة من هذا الحظر أن المُشرع بعد أن خول المُستأجر مزايا عديدة تتلخص في البقاء بأجرة مُخفضة في العين بعد انقضاء مُدة الإيجار الاتفاقية، وجد من الواجب أن يُلقي على المُستأجر واجبات شديدة تضمن من جهة قيامه بسداد هذه الأجرة المُخفضة في ميعادها، ومن جهة أخرى المُحافظة على أن يكون شغله للمكان بهذه الأجرة ناشئاً عن ضرورة حقيقية دون أن يتخذه وسيلة للاستغلال والربح بأن يُؤجره من باطنه أو بأن يتنازل عن الإيجار للغير، والغالب أن يكون ذلك نظير إيجار مُرتفع ارتفاعاً فاحشاً يُثري به على حساب المالك ولإخفاء هذه الزيادة يكتب العقد بالقيمة القانونية ويأخذ الفرق نقداً من المُستأجر الثاني أو المُتنازل إليه. (من التقرير الثاني للجنة العدل بمجلس الشيوخ في خصوص قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947. المصدر: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الثاني - الفقرة رقم 123 – صـ 436).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "جرى التقنين المدني على أن حق المُستأجر المُتولد من عقد الإيجار في الانتفاع بالشيء المُؤجر، بوصفه من الحقوق المالية، يقبل التعامل فيه سواء بالنزول عنه إلى الغير كُلاً أو جزءاً، مُدة الإجارة كلها أو بعضها، بمُقابل أو بدونه، أو بتأجيره إلى الغير لقاء أجرة على النحو المُتقدم، وذلك ما نصت عليه المادة 593 من القانون المدني بقولها: "للمُستأجر حق التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن وذلك عن كل ما استأجره أو بعضه ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك"، دلالة على أن المنع من هذه التصرفات هو استثناء من الأصل لا يقوم إلا بالاتفاق عليه بين المُؤجر والمُستأجر، إلا أنه تنظيماً للعلاقات بين المُؤجرين والمُستأجرين أصدر المُشرع قوانين آمرة منها القانون رقم 140 لسنة 1946 ومن بعده القانون رقم 121 لسنة 1947 الذي حدد أجرة الأماكن ومد الإيجار بعد انتهاء مُدته الاتفاقية، سالباً المُؤجر بذلك حقه في طلب إخلاء المسكن المُؤجر لهذا السبب، ومُقيداً حقه في ذلك بأسباب حددها من بينها تأجير المُستأجر للمكان من باطنه بغير إذن كتابي صريح من المالك، مما أضحى الأصل الذي أورده القانون المدني بشأن الحق في التأجير من الباطن استثناء يستلزم ترخيصاً به من المُؤجر، وذلك على تقدير من المُشرع بأنه لا وجه لتخويل المُستأجر حق استغلال المكان المُؤجر عند عدم احتياجه إلى الانتفاع به بنفسه وبمن يشملهم الحق في الانتفاع بطريق التبعية له، وذلك بتأجيره إلى الغير من باطنه كله أو بعضه بغير إذن من المالك، ثم جاء بعد ذلك القانون رقم 52 لسنة 1969 مُقتفياً هذا الأثر ومُضيفاً إليه النص على حظر التنازل عن المكان المُؤجر أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه بغير إذن كتابي صريح من المالك، مُؤكداً بذلك التسوية في الحكم بين التنازل عن الإيجار وبين التأجير من الباطن إتباعاً لحكم المادة 594 من القانون المدني التي تقضي بأن: "منع المُستأجر من أن يُؤجر من الباطن يقتضي منعه من التنازل عن الإيجار وكذلك العكس"، ومُحققاً شمول الحكم لكافة صور تخلي المُستأجر عن الحق في الانتفاع بالمكان المُؤجر بتمكين الغير منه بأي وجه من الوجوه، ولو بغير طريق التنازل أو التأجير من الباطن، فدل ذلك على أن الأصل في ظل هذا القانون الآمر هو انفراد المُستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المُؤجر وعدم جواز تخليه عنه للغير كُلياً أو جزئياً، مُستمراً أو مُؤقتاً، بمُقابل أو بدونه، باعتبار هذا التخلي بجميع صوره، خروجاً من المُستأجر على نص عقد الإيجار مُكملاً بحكم هذا القانون يُجيز للمُؤجر طلب إخلاء المكان المُؤجر". (نقض مدني في الطعن رقم 225 لسنة 47 قضائية – جلسة 20/1/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 309. ونقض مدني في الطعن رقم 1195 لسنة 50 قضائية – جلسة 13/4/1987. ونقض مدني في الطعن رقم 1697 لسنة 54 قضائية – جلسة 8/6/1987. ونقض مدني في الطعن رقم 276 لسنة 52 قضائية – جلسة 22/3/1989).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "ثبوت مُخالفة المُستأجر لشروط العقد مُكملة بالقانون كاف لتوفير مُبرر الإخلاء سواء كانت المُخالفة قد انصبت على العين المُؤجرة جميعاً أم على جزء منها". (نقض مدني في الطعن رقم 1039 لسنة 52 قضائية – جلسة 9/2/1989).

وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن: "العقد شريعة المُتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يُقرها القانون، مما مُؤداه التزام المُستأجر باحترام الشروط الواردة في عقد الإيجار والذي يحظر عليه التنازل عن الإيجار، وإلا حق عليه الجزاء المُقرر لمُخالفة ذلك في العقد أو في القانون، وكان من الأصول التي تقوم عليها القوانين الاستثنائية الصادرة في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المُؤجرين والمُستأجرين، حظر تأجير الأماكن المُؤجرة من الباطن والتنازل عن الإيجار وترك المكان المُؤجر للغير بأي وجه من الوجوه بغير إذن كتابي صريح من المالك، وتقرير الحق للمُؤجر - في حالة إخلال المُستأجر بذلك - في طلب إخلاء المكان المُؤجر". (نقض جلسة 12/5/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 332).

هذا، ومن المُقرر بين فقهاء قوانين إيجار الأماكن أنه: "يجوز للمُؤجر إثبات الإيجار من الباطن والتنازل عن الإيجار وترك العين المُؤجرة بكافة طرق الإثبات القانونية – بما فيها البينة والقرائن – فلئن كانت الإجارة الأصلية صادرة منه، إلا أنه يُعتبر من الغير بالنسبة لعقد الإيجار من الباطن والتنازل عن الإيجار. الأمر الذي يُشكل مانعاً من الحصول على دليل كتابي يُثبت الإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار". (المرجع: عزمي البكري – المرجع السابق - الفقرة رقم 160 – صـ 536).

لما كان ما تقدم، وكانت المادة 160 من القانون المدني (الشريعة العامة) تنص على أنه: "إذا فُسِخَ العقد أُعيدَ المُتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ...".

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة 160 من القانون المدني يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه يترتب على فسخ العقد انحلال العقد بأثر رجعى منذ نشوئه". (نقض مدني في الطعن رقم 1458 لسنة 49 قضائية – جلسة 8/3/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 652).

وكذلك من المُقرر في قضاء النقض أنه: "يترتب على الإنفساخ ما يترتب على الفسخ من عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد". (نقض مدني في الطعن رقم 182 لسنة 34 قضائية – جلسة 26/12/1968 مجموعة المكتب الفني – السنة 19 – صـ 1565).

وأيضاً من المُقرر في قضاء النقض أنه: "في حالة القضاء بالفسخ تترتب الآثار التي نصت عليها المادة 160 من القانون المدني وهى أن يعود المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد فيرد كل منهما ما تسلمه بمقتضى العقد بعد أن تم فسخه". (نقض مدني في الطعن رقم 193 لسنة 34 قضائية – جلسة 15/8/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 1500).

لما كان ما تقدم، وكان الإخلاء من مقتضيات الحكم بالفسخ، ومن ثم يتعين مع القضاء بالفسخ والإخلاء إلزام المعروض ضدهم برد أعيان التداعي إلى الطالب بصفته وتسليمها له خالية من الأشياء والأشخاص وبالحالة التي كانت عليها عند التعاقد.

وهدياً بما تقدم، فقد أنذر الطالب بصفته المعروض ضدهم بصفتهم بموجب إنذارات رسمية بضرورة إخطاره رسمياً باختيارهم أحد الاقتراحات الثلاثة التالية:

الاقتراح الأول: في حالة القبول بتعديل القيمة الايجارية، فالقيمة الايجارية ستكون بمبلغ لا يقل عن 547000جم (خمسمائة وسبعة وأربعون ألف جنيه) شهرياً.

الاقتراح الثاني: وفي حالة الموافقة على شراء مباني الهيئة، فيكون حق الهيئة مبلغ لا يقل عن 98000000جم (ثمانية وتسعون مليون جنيه).

الاقتراح الثالث: وفي حالة الموافقة على البيع بالجدك، فسيكون حق الهيئة مبلغ لا يقل عن 33750000جم (ثلاثة وثلاثون مليون وسبعمائة وخمسون ألف جنيه).

وإلا سيضطر الطالب بصفته إلى اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والقضائية للمطالبة بحقوقه وبفسخ عقود إيجار الفروع سالفة الذكر، وبعدم نفاذ التصرف في أسهم الشركة المستأجرة في حق الأوقاف المؤجرة، كل ذلك مع طلب الإخلاء والتسليم والتعويضات المناسبة. إلا أن المعروض ضدهم لم يحركوا ساكنا، الأمر الذي حدا بالطالب بصفته لتقديم الطلب الماثل لعدالة اللجنة الموقرة بغية إصدار توصيتها بما يلي:

"لذلك"

* نلتمس من عدالة اللجنة إصدار توصيتها في الطلب الماثل بما يلي:

أولاً- بفسخ عقود إيجار أعيان التداعي (فروع شركة محلات عمر أفندي المؤجرة لها من الأوقاف) المبينة بصدر هذا الطلب وبعقود الإيجار، وهي:

فرع الجيزة: والمؤجر بموجب عقد إيجار مؤرخ في 16/3/1995 وساري اعتباراً من 1/4/1995، ويشمل الدور الأرضي والجزأيين الكائنين بمقر عمر أفندي بالعمارة "أ" بشارع أحمد عرابي – بالمهندسين – بالجيزة.

فرع الإسكندرية: والمؤجر بموجب عقد إيجار مؤرخ في 7/2/1977 وساري اعتباراً من 1/2/1977، ويشمل المحلات التجارية الكائنة بمحطة ثروت بمحافظة الإسكندرية.

فرع دمياط: بموجب عقد اتفاق مؤرخ في 22/4/1962 بين شركة محلات عمر أفندي وبين محافظ دمياط بصفته نائباً عن وزير الأوقاف، ويشمل الدور الأرضي ودور مسروق والدور الأول والثاني العلويين.

فرع فارسكور: مقر شركة محلات عمر أفندي بمدينة فراسكور بدمياط.

فرع الفيوم: والمؤجر بموجب عقد إيجار مؤرخ في 10/4/1974 وساري اعتباراً من 1/3/1974، ويشمل جناح بالدور الأرضي والدور الأول والثاني العلويين بالكامل.

فرع بني سويف: والمؤجر بموجب عقد إيجار مؤرخ في 1/7/1974 وساري اعتباراً من 1/7/1974، ويشمل الدور الأرضي ونصف الدور الأول فوق الأرضي.

ثانياً- بعدم نفاذ التصرف في أسهم الشركة المستأجرة في حق الأوقاف المؤجرة.

ثالثاً- إلزام المعروض ضدهم بإخلاء أعيان التداعي وتسليمها للطالب بصفته خالية من الأشياء والأشخاص وبالحالة التي كانت عليها عند التعاقد".

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً كانت،،،

السبت، 3 أكتوبر 2009

بدل التفرغ - الـ 30%

مجلس الدولة

محكمة القضاء الإداري

دائرة التسويات "أ"

مذكرة

بدفاع/ تهامي علي زهرة المُحامي (المدعي)

ضد

السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته (المدعى عليها)

في الدعوى رقم 33259 لسنة 60 قضائية "قضاء إداري"، والمحدد لنظرها جلسة يوم الخميس الموافق 8 أكتوبر 2009م للمرافعة.

أولاً- الوقائع

تخلص وقائع الدعوى الماثلة في أن المدعي عقد الخصومة فيها بموجب صحيفة موقعة منه كمحام، وأودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 8/7/2006، وأعلنت قانوناً، طلب في ختامها الحكم له: بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع: بإلزام هيئة الأوقاف المصرية "المدعى عليها" بأن تصرف له "بدل التفرغ" المُقرر لأعضاء الإدارات القانونية بنسبة 30% من بداية الأجر الأساسي المُقرر للدرجة الأولى التي يشغلها مُضافاً إليها العلاوات الإضافية (طبقاً لنص المادة 45 من القانون رقم 29 لسنة 1992) والمقررة في التواريخ المحددة لضم هذه العلاوات، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وكذلك صرف الفروق المالية لهذا البدل اعتباراً من تاريخ التعيين، مع ما يُستجد حتى تاريخ السداد الفعلي.

وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه عُيِنَ بوظيفة محام بالإدارة القانونية بهيئة الأوقاف المصرية بالدرجة الثالثة التخصُصية اعتباراً من 30/6/1989، وتدرج في الوظيفة حتى وصل إلى وظيفة مدير إدارة قانونية بالدرجة الأولى (مدير إدارة تنفيذ الأحكام، بالإدارة العامة للقضايا وتنفيذ الأحكام، بالإدارة المركزية للشئون القانونية، بهيئة الأوقاف المصرية).

وأنه يتقاضى بدل تفرغ بنسبة 30% من بداية مربوط الدرجة الوظيفية شهرياً دون العلاوات الخاصة، حيث دأبت الجهة الإدارية على صرف بدل التفرغ له دون إضافة العلاوات الخاصة المُقررة قانوناً، مما حدا به إلى التقدم بطلب التوفيق في بعض المنازعات رقم 141 لسنة 2006 للجنة الثالثة بلجان التوفيق بهيئة الأوقاف المصرية (المُشكلة بالقانون رقم 7 لسنة 2000) والتي أصدرت توصيتها بجلسة 26/6/2006 بأحقية الطالب فيما يطالب به من صرف بدل التفرغ بنسبة 30% من بداية الأجر الأساسي المقرر للدرجة التي يشغلها مُضافاً إليه العلاوات الإضافية والخاصة المُضافة إلى بداية الأجر طبقاً لأحكام القانون رقم 29 لسنة 1992 مع ما يترتب على ذلك من آثار. إلا أن الجهة الإدارية امتنعت عن تنفيذ توصية لجنة التوفيق، مما حدا به إلى إقامة دعواه الماثلة بغية القضاء له بطلباته سالفة الذكر.

وقدم تأييداً لدعواه حافظة مستندات طويت على بيان الحالة الوظيفية له وعلى أصل إخطار توصية لجنة التوفيق في المنازعات وعلى أحكام قضائية وتقارير هيئة مفوضي الدولة في حالات مماثلة.

وتداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها أمام هيئة مفوضي الدولة والتي قامت بتحضير الدعوى وأودعت تقريراً بالرأي القانوني فيها، ومن ثم تحدد لنظرها أمام عدالة المحكمة الموقرة جلسة اليوم للمرافعة.

ثانياً- الدفاع

حيث أنه عن شكل الدعوى: فإنها من دعاوى الاستحقاق التي لا تتقيد بمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء، كما أن المدعي قد لجأ إلى لجان التوفيق في المنازعات (بالطلب رقم 141 لسنة 2006)، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية المُقررة قانوناً، ومن ثم فإنها تكون مقبولة شكلاً.

وحيث أنه عن موضوع الدعوى: فإن المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والإدارات التابعة لها، على أن: "تسري أحكام القانون المرافق على مديري وأعضاء الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها".

وحيث تنص المادة 29 من ذات القانون، على أن: "يُمنح شاغلو الوظائف المُبينة في هذا الجدول بدل تفرغ قدره 30% من بداية مربوط الفئة الوظيفية ...".

وحيث تنص المادة الثانية من القانون رقم 29 لسنة 1992 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة وضم العلاوات الإضافية إلى الأجور الأساسية، على أنه: "يقصد بالعاملين بالدولة في تطبيق أحكام هذا القانون العاملون داخل جمهورية مصر العربية، وكذلك العاملين بالدولة الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين أو لوائح خاصة".

وحيث تنص المادة الرابعة من ذات القانون على أنه: "تضم إلى الأجور الأساسية للخاضعين لأحكام هذا القانون العلاوات الخاصة المُقررة بالقوانين التالية من التاريخ المحدد قرين كل منها ولو تجاوز العامل بها نهاية مربوط الدرجة أو المربوط الثابت المُقرر لوظيفته أو منصبه ...".

وحيث تنص المادة السادسة من ذات القانون على أنه: "يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويُعمل به اعتباراً من أول يوليو سنة 1992".

وحيث ينص البند الثاني من القواعد المتعلقة بتطبيق أحكام القانون رقم 29 لسنة 1992 سالف الذكر، والصادر عن رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة برقم 6 لسنة 1992، على أنه: "تصبح العلاوة الخاصة المضمومة جزء لا يتجزأ من الأجر الأساسي للعامل من أول يوليو الذي تضم فيه، وتحسب من هذا الأجر نسبة الحوافز أو التعويضات أو البدلات التي تصرف منسوبة إلى هذا الأجر، كما تحسب نسبة الحد الأقصى لمجموع البدلات على أساس هذا الأجر بعد إجراء الضم".

ومن حيث أن المستفاد من النصوص السابقة أن المشرع قرر منح أعضاء الإدارات القانونية العاملين بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والإدارات التابعة لها بدل تفرغ بنسبة 30% من بداية مربوط الأجر المُقرر للدرجة الوظيفية التي يشغلونها (طبقاً لجدول ترتيب الوظائف الخاصة بهم). وبصدور القانون رقم 29 لسنة 1992 أصبحت العلاوات الخاصة جزءاً من الراتب اعتباراً من 1/7/1992 بحيث يحسب على أساس ذلك الأجر المضاف إليه العلاوات الخاصة التي ضمت نسبة البدلات التي تصرف للعامل، وتلك هي الحكمة من التشريع المتضمن ضم العلاوات الخاصة إلى الأجر الأساسي للعامل وهو زيادة الأجر الأساسي بغية رفع مستوى العاملين المدنيين بالدولة.

ويؤيد ذلك ما تضمنه تقرير اللجنة المشتركة من لجنة القوى العاملة ومكتب لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب بشأن القانون رقم 29 لسنة 1992 بتقرير ضم علاوة خاصة للعاملين بالدولة وضم العلاوات الإضافية إلى الأجور الأساسية من أن الحكومة استجابت لما طالب به أعضاء المجلس من ضم العلاوات الخاصة التي منحت للعاملين على مدار ست سنوات ابتداء من 1987 وحتى 1992 إلى المرتب وذلك استكمالاً لمعالجة الخلل بين الأجور والأسعار وتحسينها وما يستتبع ذلك من النتائج التي ستترتب على جميع ما يحصل عليه العامل من مكافآت وأجور إضافية وحوافز ومعاش. والقول بغير ذلك ينتفي معه الغرض من ضم هذه العلاوات إلى الأجر الأساسي طالما لا يترتب عليه آثار في باقي مستحقات العامل، ويصبح لا مقتضى لاستصدار قانون بهذا الخصوص مع ملاحظة أن ضم هذه العلاوات يتم على مراحل مختلفة للتخفيف من الأعباء التي تتحملها الدولة نتيجة هذا الضم، وهو ما يفسر تقاضي العامل لعلاوات خاصة تقررت بأكثر من قانون مع ضم علاوات أخرى مضى على منحها مدة زمنية.

ومن حيث ما تقدم، فإن المشرع بموجب القانون رقم 29 لسنة 1992 سالف الذكر، قد قرر ضم العلاوات الخاصة للراتب الأساسي وجعلها من ثم جزء لا يتجزأ منه بحيث يضحى الأجر الأساسي يشمل الأجر الأساسي للوظيفة حسب جدول المرتبات وكذلك العلاوات الخاصة التي تنضم إليه، ومن ثم فإذا ما قرر المشرع منح ثمة بدل لأي من العاملين المُخاطبين بأحكام القانون المشار إليه وحسابه من الأجر الأساسي للعامل، فإن ذلك مؤداه حساب البدل المقرر من مجموع الأجر الأساسي للوظيفة فضلاً عن العلاوات التي أضيفت إليه اعتباراً من 1/7/1992.

ومن حيث أنه، وهدياً بما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن المدعي يشغل وظيفة مدير إدارة قانونية بالدرجة الأولى (مدير إدارة تنفيذ الأحكام، بالإدارة العامة للقضايا وتنفيذ الأحكام، بالإدارة المركزية للشئون القانونية، بهيئة الأوقاف المصرية). وأن جهة الإدارة تقوم بصرف بدل التفرغ المُقرر للوظيفة بنسبة 30% من بداية مربوط درجة وظيفته (طبقاً لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973) دون أن تضيف إليها العلاوات الخاصة التي ضمت إليه اعتباراً من 1/7/1992 (طبقاً لأحكام القانون رقم 29 لسنة 1992)، فإنها بذلك تكون قد وقعت في حومة المُخالفة القانونية. وتضحى الدعوى الماثلة بطلب حساب البدل المشار إليه على أساس من بداية مربوط الدرجة الوظيفية للمدعي مُضافاً إليه العلاوات الخاصة التي ضمت إليه اعتباراً من 1/7/1992، قائمة على ما يبررها قانوناً وعلى سند صحيح من القانون خليقة بالقبول وإجابة المدعي إلى طلباته فيها.

التعقيب على تقرير هيئة مفوضي الدولة:

قامت هيئة مفوضي الدولة بتحضير الدعوى الماثلة، وبإيداع تقريراً برأيها القانوني فيه، والذي انتهى إلى: "قبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعاً، وإلزام المدعي المصروفات".

وذلك تأسيساً على ما أفتت به الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة من أن: "ضم العلاوات الخاصة ليس من شأنه تعديل بداية أجر التعيين كما هو وارد بجدول نظم التوظيف بمقدار هذه العلاوة، بل يظل بداية أجر التعيين كما هو وارد بهذه الجداول، والقول بغير ذلك من شأنه أن يصبح هذا الحد الأدنى غير محدد تحديداً واحداً، حيث يظل متحركاً سنوياً بمقدار ما يضم من علاوات خاصة إلى الأجر الأساسي منذ بداية الضم في 1/7/1992، كما أن هذا القول يؤدي إلى اختلاف الحد الأدنى من فرد إلى آخر حسب اختلاف الداعي المنسوب إليه الإضافة المضمومة، وهي نتيجة لو أرادها المشرع لنص صراحة على تعديل بداية الربط بمقدار ما يُضم من علاوات خاصة إلى الأجور الأساسية، أما وأنه لم يفعل فإن إرادته تكون قد انصرفت إلى الإبقاء على بداية الأجر كما هي، ومؤدى ذلك أن ضم العلاوات إلى الأجور وفقاً لأحكام القانون رقم 29 لسنة 1992 ليس من شأنه تعديل بداية الربط المقرر بالجداول المرفقة بنظم التوظيف". (فتوى رقم: 413 بتاريخ 8/6/1996 ملف رقم: 86/4/1331).

وهذا الذي ذهب إليه تقرير هيئة مفوضي الدولة مردود عليه بما يلي:

1- عدم اختصاص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بالإفتاء فيما يتعلق بشئون أعضاء الإدارات القانونية الخاضعين لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية:

حيث تنص المادة السابعة من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها، على أن: "تشكل لجنة عليا لشئون الإدارات القانونية بوزارة العدل برئاسة وزير العدل وعضوية ممثلي الهيئات القضائية ونقابة المحامين".

وحددت المادة الثامنة من ذات القانون اختصاصات تلك اللجنة العليا، ومنها: "... إبداء الرأي في جميع القوانين واللوائح والقرارات التنظيمية العامة المتعلقة بشئون الإدارات القانونية".

ومن ثم، فإن الاختصاص في إبداء الرأي فيما يتعلق بشئون الإدارات القانونية ينعقد للجنة العليا للإدارات القانونية بوزارة العدل دون غيرها، ولا اختصاص في ذلك لمجلس الدولة.(1)

هذا، وقد استقرت أراء الأمانة العامة للجنة العليا للإدارات القانونية بوزارة العدل على أحقية المحامين أعضاء الإدارات القانونية بالهيئات والشركات في صرف بدل التفرغ طبقاً لنص المادة 29 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بواقع 30% من بداية مربوط الدرجة مُضافاً إليه العلاوات الخاصة.

2- فتاوى الجمعية العامة لا تحوز حجية الأمر المقضي:

حيث أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن: "جهة القضاء أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي، هي تلك التي تستمد ولايتها من القانون محدداً لاختصاصها، يكون مبيناً لإجراءات نظر الخصومة أمامها، مفصلاً لضماناتها القضائية، ومقيداً أحكامها بأن تصدر على أساس قاعدة قانونية محددة سلفاً، لتكون عنواناً للحقيقة، متى حازت قوة الأمر المقضي، بما مؤداه أن الجهات والهيئات التي تتنازع الاختصاص فيما بينها - إيجابياً كان هذا التنازع أم سلبياً - هي تلك التي منحها المشرع ولاية القضاء في نزاع معين، وتتوافر لقراراتها القضائية في شأن هذا النزاع خصائص الأحكام ومقوماتها، وترقى بالتالي إلى مرتبتها، باعتبارها من جنسيتها، وكان نهوض المحكمة الدستورية العليا لفض التنازع بين هذه الجهات والهيئات، أو بين بعضها البعض، يقتضيها إعمال القواعد الآمرة التي حدد بها المشرع - بتفويض من المادة 167 من الدستور - ولاية كل منها، باعتبار أن ما يدخل في اختصاص كل جهة أو هيئة من بينها، يعتبر محجوزاً لها وموقوفاً عليها، فقد وجب الارتكان إلى هذه القواعد لإسناد الخصومة القضائية التي وقع التنازع على الاختصاص بصددها، إلى أحق هذه الجهات أو الهيئات بالفصل فيها.

والجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، تستمد اختصاصها من المادة 66 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنه 1972، التي تنص على أن تختص هذه الجمعية العمومية بإبداء الرأي مسبباً في المسائل والموضوعات الآتية: ... د) المنازعات التي تنشأ بين الوزارات، أو بين المصالح العامة، أو بين المؤسسات العامة ،أو بين الهيئات المحلية، أو بين هذه الجهات وبعضها البعض، وكان من المقرر أن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ـ لا تعتبر في ممارستها لهذا الاختصاص، جهة قضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، ذلك أن ما يصدر عنها في المسائل التي اختصها البند "د" من المادة 6 قانون مجلس الدولة بنظرها، لا يعدو أن يكون رأياً في مجال الإفتاء، لا تنعقد به خصومة بين طرفين، ولا يلزم للفصل في المنازعة التي يتعلق هذا الرأي بها، مراعاة حد أدنى من إجراءات التقاضي أو ضماناته الرئيسية. وأية ذلك أن قانون مجلس الدولة، قد فصل فصلا كاملا بين الوظيفة القضائية التي تتولاها محاكم مجلس الدولة دون غيرها، وبين مهام الإفتاء، ومراجعة النصوص القانونية التي عهد بها إلى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في الأحوال التي عينها، وكان الفصل بين هاتين الوظيفتين، مؤداه أنهما لا تتداخلان مع بعضهما، ولا تحل إحداهما محل الأخرى، أو تقوم مقامها". (حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 8 لسنة 15 قضائية "دستورية" – جلسة 4/6/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 6 – صـ 856).

وقد تواتر قضاء المحكمة الدستورية على أن: "المشرع لم يسبغ على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ولاية القضاء في المنازعات التي تقوم بين فروع السلطة التنفيذية وهيئاتها، وإنما عهد إليها بمهمة الإفتاء فيها بإبداء الرأي مسبباً على ما يفصح عنه صدر النص. ولا يؤثر في ذلك ما أضفاه المشرع على رأيها من صفة الإلزام للجانبين لأن هذا الرأي الملزم لا يتجاوز حد الفتوى ولا يرقى به نص المادة 66 المشار إليها إلى مرتبة الأحكام، ذلك أن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ليست من بين ما يتألف منه القسم القضائي لمجلس الدولة، ولا تتبع عند طرح المنازعة عليها الإجراءات التي رسمها قانون المرافعات أو أية قواعد إجرائية أخرى تقوم مقامها وتتوافر بها سمات إجراءات التقاضي وضماناته، كما لا يحوز الرأي الذي تبديه بشأنها حجية الأمر المقضي". (حكم المحكمة الدستورية العليا في لطعن رقم 15 لسنة 1 قضائية "دستورية – تنازع اختصاص" جلسة 17/1/1981 – مجموعة المكتب الفني السنة 1 - صـ 279).

وهدياً بما تقدم، فإن الجمعية العمومية ليست جهة تقاضي، وفتاويها ليست أحكاماً، ولا تحوز حجية الأمر المقضي به. كما أنه من المقرر قانوناً أنه إذا كانت المنازعة ليست محض منازعة بين جهات عامة وإنما كان من بين أطرافها أحد الأفراد فإن نص المادة 66 المشار إليها لا يستبعد في هذه الحالة الاختصاص القضائي المقرر قانوناً للمحاكم (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2819 لسنة 27 قضائية "إدارية عليا" - جلسة 7/1/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 - صـ 415).

وعليه، فلا مجال للاحتجاج بالفتوى المذكورة في حالة دعوانا الماثلة، ويكون استناد تقرير هيئة مفوضي الدولة إليها قد جانبه الصواب وجاء على غير سند من صحيح القانون جديراً بعدم الأخذ به أو التعويل عليه عند الفصل في موضوع الدعوى الماثلة.

3- تعارض فتوى الجمعية العامة مع أحكام قضائية عديدة:

تتعارض فتوى الجمعية العامة لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة سالفة الذكر والمنوه عنها بتقرير هيئة مفوضي الدولة في الدعوى الماثلة، تتعارض مع العديد من الأحكام القضائية الصادرة من مجلس الدولة ومن القضاء العادي. ونذكر من تلك الأحكام على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي:

أ‌. حكم المحكمة الإدارية لوزارة النقل والمواصلات بجلسة 21/6/1998 في الدعوى رقم 26 لسنة 40 قضائية بأحقية المدعي بجامعة قناة السويس في احتساب بدل التفرغ المقرر بالمادة 29 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية على أساس بداية الدرجة الوظيفية له بعد ضم العلاوات الإضافية على النحو الموضح بالأسباب.

ب‌. الحكم الصادر بجلسة 12/4/1998 في الدعوى رقم 31 لسنة 40 قضائية من محكمة القضاء الإداري.

ت‌. الحكم الصادر بجلسة 15/5/2000 في الدعوى رقم 206 لسنة 46 قضائية من المحكمة الإدارية لوزارة النقل والمواصلات.

ث‌. الحكم الصادر بجلسة 2/4/2000 في الدعوى رقم 210 لسنة 46 قضائية من المحكمة الإدارية لوزارة النقل والمواصلات.

ج‌. الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (من الدائرة الثانية) بجلسة 20/11/2004 في الدعوى رقم 2381 لسنة 23 قضائية ضد جامعة المنصورة بأحقية المدعي في صرف بدل التفرغ المقرر لأعضاء الإدارات القانونية بواقع 30% من بداية مربوط الدرجة مضافاً إليه العلاوات الخاصة مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو الموضح بالأسباب مع صرف الفروق المالية المترتبة على ذلك.

ح‌. الحكم الصادر من محكمة كفر الدوار (الدائرة الثانية) بجلسة 12/9/1999 في الدعوى رقم 448 لسنة 1998 مدني كفر الدوار.

خ‌. الحكم الصادر من اللجنة الخماسية بمحكمة بور سعيد الابتدائية بجلسة 30/12/2003 في الطلب رقم 134 لسنة 2003. وفي الطلب رقم 236 لسنة 2003.

د‌. الحكم الاستئنافي الصادر من محكمة استئناف الإسماعيلية (مأمورية بور سعيد) في الاستئناف رقم 16 لسنة 45 قضائية. وقد انتهى فرع هيئة قضايا الدولة الذي كان يباشر الاستئناف إلى عدم الطعن بالنقض في هذا الحكم لسلامته قانوناً.

4- عدم صحة ما ذهبت إليه فتوى الجمعية العامة:

حيث استقر قضاء المحكمة الإدارية على أحقية المدعين في حساب بدل التفرغ على أساس بداية مربوط الدرجة الوظيفية بعد ضم العلاوات الإضافية، لا سيما وأن المشرع منح العلاوات المذكورة للعاملين المدنيين بالدولة وقت العمل بالقوانين المشار إليها ولم يعين بعد هذا التاريخ.

ومن ثم فإن ضم هذه العلاوات إلى المرتب الأساسي يعد زيادة في بداية مربوط الدرجة الوظيفية، وهو الأمر الذي يتعين معه أن يكون البدل المنسوب إلى بداية ربط الدرجة الوظيفية منسوباً إلى هذا الربط بعد الزيادة المقررة بالعلاوات الإضافية.

ثالثاً- الطلبات

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، يلتمس المدعي الحكم له بطلباته التالية:

أولاً- بقبول الدعوى شكلاً؛

ثانياً- وفي الموضوع: بإلزام هيئة الأوقاف المصرية "المدعى عليها" بأن تصرف للمدعي "بدل التفرغ" المُقرر لأعضاء الإدارات القانونية بنسبة 30% من بداية الأجر الأساسي المُقرر للدرجة الأولى التي يشغلها مُضافاً إليها العلاوات الإضافية (طبقاً لنص المادة 4 من القانون رقم 29 لسنة 1992) والمقررة في التواريخ المحددة لضم هذه العلاوات، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وكذلك صرف الفروق المالية لهذا البدل اعتباراً من تاريخ التعيين، مع ما يُستجد حتى تاريخ السداد الفعلي، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.

مع حفظ كافة حقوق المدعي الأخرى أياً ما كانت،،،



(1) مع ملاحظة أن قانون الإدارات القانونية (رقم 47 لسنة 1973) هو قانون خاص، بينما قانون مجلس الدولة (رقم 47 لسنة 1972) هو قانون عام، ومن المسلم به أن: "الخاص يقيد العام". كما أن قانون الإدارات القانونية قانون لاحق على قانون مجلس الدولة، ومن المسلم به كذلك أن: "القانون اللاحق يجب القانون السابق" فيما يتعارض معه من أحكام.

طرق التعويض عن فسخ العقود الإدارية

التعويض عن فسخ العقود الإدارية

أنواع القرارات الإدارية بشأن العقود الإدارية:

لما كان من المُقرر قانوناً أن القرارات التي تصدرها جهة الإدارة في شأن العقود الإدارية نوعان:

أولهما- يتمثل في القرارات التي تصدرها الإدارة في المراحل التمهيدية للتعاقد، وتسمى هذه القرارات بـ: "القرارات المنفصلة" أو "المستقلة"، مثل قرار لجنة فتح المظاريف وقرار لجنة البت والقرار الصادر بإبرام التعاقد. وهي قرارات إدارية نهائية تخضع لما تخضع له كافة القرارات الإدارية النهائية من أحكام في شأن طلب وقف تنفيذها وإلغائها.

وثانيهما- يتمثل في القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية تنفيذاً للعقد الإداري واستناداً إلى نص من نصوصه، كالقرار الصادر بسحب العمل ممن تعاقد معها، والقرار الصادر بمصادرة التأمين، والقرار الصادر بإلغاء العقد ذاته، وهذه يختص القضاء الإداري بنظر المنازعات التي تثور بشأنها لا على أساس اختصاصه بنظر المنازعات الناشئة عن القرارات الإدارية النهائية وإنما باعتباره المحكمة ذات الولاية الكاملة بنظر المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية (بالتطبيق للبند الحادي عشر من المادة العاشرة من القانون رقم 7 لسنة 1978 بشأن مجلس الدولة). (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 666 لسنة 24 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 14/4/1979 – مجموعة الخمسة عشر عاماً – صـ 178).

قرار الإدارة بفسخ العقد ليس قرار إداري:

فالقرار الصادر من جهة الإدارة بفسخ العقد، هو قرار متعلق بتنفيذ العقد، ولا يعتبر بذلك قراراً إدارياً. ومن ثم لا تدخل منازعة المتعاقد الآخر بشأنه في نطاق قضاء "الإلغاء". فقرار الفسخ هو إجراء تعاقدي لا يخضع للأحكام العامة الخاصة بإلغاء القرارات الإدارية قضائياً. وإنما يكون محلاً للطعن على أساس استدعاء ولاية "القضاء الكامل". (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 679 لسنة 46 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 7/8/2001).

الخصومة في دعوى الإلغاء هي خصومة عينية مناطها اختصام القرار الإداري في ذاته استهدافا لمراقبة مشروعيته ـ يخرج عن نطاق القرار الإداري الذي يكون محلا لدعوى الإلغاء كل ما يصدر عن الإدارة استنادا إلي إحكام العقود التي تبرمها ـ الإجراءات التي تتخذها الإدارة استنادا إلى العقود التي تبرمها تدخل المنازعات التي تتولد عنها في ولاية القضاء الكامل ـ أساس ذلك أنه لا يجوز الاستناد إلى مخالفة الإدارة لالتزاماتها التعاقدية كسبب من الأسباب التي تجيز طلب إلغاء ما اتخذته من إجراءات ـ دعوى الإلغاء هي جزاء لمخالفة المشروعية بينما الالتزامات المترتبة على العقود الإدارية هي التزامات شخصية ـ طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بإنهاء التعاقد ومصادرة التأمين النهائي هو طلب يستند إلى أحكام العقد ـ أثر ذلك: إن المنازعة التي تثار بشأنه هي من المنازعات الحقوقية تدخل في ولاية القضاء الكامل وتخرج من نطاق ولاية الإلغاء مؤدى ذلك: عدم قبول طلب وقف التنفيذ وإلغاء القرار المشار إليه. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1645 لسنة 36 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 22/3/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 39 – صـ 1113).

القضاء الكامل:

والقاضي الإداري عند نظر الدعاوى الإدارية، يتمتع بسلطات واسعة تتفق مع طبيعة النزاع، فيقوم أولاً بتقدير المركز القانوني لرافع الدعوى وتحديد مداه، ثم يحدد بعد ذلك حقوق المدعي ويُلزم المدعى عليه بالرد أو التنفيذ، فالأمر لا يقتصر إذن على إلغاء القرار المطعون فيه إذا خالف مبدأ الشرعية كما هو الشأن في دعوى الإلغاء، بل يجاوز ذلك إلى تعديل القرار المطعون فيه أو إصلاحه أو إحلال آخر محله أو الحكم بتعويض مالي، ولذا فإن هذه الدعاوى تتشابه في هذا الجانب مع الدعاوى التي ترفع أمام القضاء العادي، وتحمل من أجل تسمية "القضاء الكامل". (المصدر: "القضاء الإداري" – للدكتور/ فؤاد العطار – دار النهضة العربية – صـ 694).

سلطة الإدارة في فسخ العقد:

تملك الإدارة حق فسخ العقد الإداري، سواء انطوى هذا العقد على نص يخولها هذا الحق أم خلا من النص على ذلك، ودون حاجة للجوء للقضاء، حيث أن هذا الحق من مظاهر "السلطة العامة"، حيث تملك الدولة حق استعماله بإرادتها المنفردة دون حاجة إلى اللجوء للقضاء. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1127 لسنة 15 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 28/1/1978).

عدم قبول الطعن بالإلغاء على قرار فسخ العقد الإداري:

ولا يكون للمتعاقد مع الإدارة الطعن بالإلغاء ضد قرارها بفسخ التعاقد معه، حيث أن مثل هذا القرار ليس من القرارات الإدارية المنفصلة عن العقد التي تخضع لدعاوى الإلغاء، وإنما هو إجراء متصل بالعقد تتخذه الإدارة بوصفها طرفاً في التعاقد، ومن ثم فإن المنازعة التي تثار بشأنه هي من المنازعات الحقوقية التي تكون محلاً للطعن على أساس استدعاء ولاية القضاء الكامل. ومن ثم تخرج عن ولاية الإلغاء. وتطبيقاً لذلك فقد قضي بعدم قبول طلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار الفسخ بحسبانه لا يكتسب وصف القرار الإداري الذي يتعين وجوده كشرط لقبول دعوى الإلغاء. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1654 لسنة 36 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 22/3/1994).

والمُنازعة حول صرف قيمة خطاب الضمان استناداً إلى شروط العقد الإداري تعتبر منازعة عقدية لا تنظرها المحكمة بمقتضى ولاية الإلغاء وإنما تنظرها وتفصل فيها بما لها من ولاية القضاء الكامل – بموجب تلك الولاية فإن محكمة القضاء الإداري تفصل فيما يطرح عليها من منازعات أصلية أو منازعات متفرعة عنها باعتبارها أنها المختصة وحدها بالمنازعات الخاصة العقود الإدارية دون أي جهة قضائية أخرى – هذا الاختصاص شامل مطلق تدخل في دائرته منازعات العقد الأصلية وما يتفرع عنها، يستوي في ذلك ما يتخذ منها صورة قرار إداري وما لا يتخذ هذه الصورة طالما توافرت في المنازعة حقيقة التعاقد الإداري – أثر ذلك: أن القضاء الإداري يفصل في الشق العاجل من المنازعة العقدية لا على اعتبار أنه من طلبات وقف التنفيذ المتفرعة عن طلبات الإلغاء بل على اعتبار أنه من الطلبات الفرعية المستعجلة التي تعرض على قاضي العقد لاتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية لا تحتمل التأخير وتدعو إليه الضرورة لدفع خطر أو نتائج يتعذر تداركها وذلك حماية للحق إلى أن يفصل في موضوعه – لا عبرة في هذا الصدد بوصف صاحب الشأن طلبه بأنه وقف تنفيذ إذ العبرة في وصف الطلب بحقيقته وجوهره حسبما يظهر من أوراق الدعوى وحسب التصوير القانوني الصحيح المستفاد من وقائعها. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2003 لسنة 40 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 11/11/1997 مجموعة المكتب الفني – السنة 43 – الجزء الأول – القاعدة رقم 35 – صـ 289).

آثار الفسخ:

من المسلم به أنه يحق للمتعاقد مع الإدارة طلب التعويض منها إذا كان الفسخ الذي أوقعته الإدارة لا يرجع إلى خطأ جسيم ارتكبه، ومن ثم فإن الفقه يفرق بين حالتين بشأن تعويض المتعاقد مع الإدارة عند فسخ عقده، وهما:

1- الحالة الأولى: إذا كان الفسخ صادراً عن الإدارة المتعاقدة مباشرة إعمالاً لحقها في إنهاء العقد الإداري، تأسيساً على أنه لم يعد مفيداً للمرفق العام، في مثل هذه الحالة يلتزم المتعاقد بالخضوع لأوامر الإدارة إلا أن ذلك لا يحرمه بالطبع من الفائدة التي كان يأمل في الحصول عليها من تنفيذ عقده، مما يعطيه الحق في التعويض الكامل الذي يجبر ما لحقه من ضرر ويحقق له ما فاته من كسب.

2- الحالة الثانية: إذا كان الفسخ بناء على رغبة المتعاقد سواء كان أمام القاضي أو بالاتفاق الودي والتفاهم مع الإدارة المتعاقدة وذلك بهدف التخلص من الالتزامات التي تحمل بها والتي تفوق إمكانياته، فعلى الرغم من أن الفسخ بناء على طلبه إلا أنه جاء نتيجة تدخل الإدارة بتعديل التزاماته مما أرهق كاهله وعرقل تنفيذ العقد لذلك وجب تعويضه تعويضاُ كاملاً أيضاً.

وذلك كله على عكس الفسخ نتيجة الخطأ الجسيم من المتعاقد فإن ذلك لا يعطيه الحق في طلب التعويض أياً كان مقداره. (المصدر: "العقود الإدارية وعقد البوت " – للدكتور/ أحمد سلامة بدر – طبعة 2003 القاهرة – صـ 201 و 202).

التعويض عن فسخ الإدارة للعقد:

قد ترى الإدارة إنهاء العقد، إذا ما اقتضت ذلك مصلحة عامة، وتكون ملزمة في هذه الحالة بتعويض المقاول. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3567 لسنة 44 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 15/5/2001).

فسلطة الإدارة التي تتمتع بها في فسخ العقد الإداري من جانبها وحدها من أبرز الخصائص التي تميز ا لعقد الإداري عن العقد المدني. فأحكام العقد المدني تقضي بأن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، بينما في العقود الإدارية يجوز للإدارة أن تفسخ العقد بإجراء صادر من جانبها وحدها إذا رأت أن مقتضيات المرفق العام تستدعي ذلك، كأن تقدر أن تنفيذ ا لعقد غير ضروري للمصلحة العامة أو أنه قد أصبح غير متفق مع حاجات المرفق العام. وحق الإدارة في الفسخ غير مقصور على حالة النص عليه في العقد، بل هو حق مقرر للإدارة حتى في حالة عدم وجود نص في العقد ودون صدور خطأ من جانب المتعاقد وهذه السلطة المخولة لجهة الإدارة تقوم على فكرة المرفق العام إذ ينبغي الوفاء بحاجاته وجعلها مسايرة للتطورات التي تستلزمها مقتضياتها، والإدارة دون سواها هي صاحبة الاختصاص في تنظيم المرفق العام، إلا أنه يقابل سلطة الإدارة في الفسخ، دون صدور خطأ من جانب المتعاقد معها، حقه في التعويض عما لحقه من أضرار بسبب هذا الفسخ طبقاً للمبادئ العامة في التعويض. (حكم محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 863 لسنة 10 قضائية "قضاء إداري" – جلسة 16/6/1957).

وسلطة الإدارة في إنهاء العقد الإداري قبل انتهاء مدته، ودون موافقة المتعاقد معها أو خطئه، يقابلها حقاً لهذا المتعاقد في الحصول على تعويض يجبر الأضرار التي أوجدها هذا الإنهاء. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4682 لسنة 35 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 26/4/1994 – الموسوعة الإدارية الحديثة – الجزء 49 – صـ 270).

عناصر التعويض عن قيام الإدارة بفسخ العقد الإداري:

قد ينظم العقد ذاته مدى استحقاق هذا التعويض وعناصره في حالة الإنهاء الفردي له. وهنا يجب إعمال شروط العقد. ولكن إذا لم ينظم العقد أو القوانين أو اللوائح أوضاع منح التعويض عن الإنهاء، فيقوم القاضي بتقدير ما يستحقه المتعاقد من تعويض وفقاً للقواعد العامة. وفي جميع الأحوال يكون التعويض الذي يستحقه المتعاقد في هذه الحالة هو تعويض كامل أي يراعى في تقديره ما لحق المتعاقد من خسارة وما فاته من كسب. (المصدر: "الأسس العامة للعقود الإدارية" – للدكتور/ عبد العزيز عبد المُنعم خليفة – طبعة 2004 القاهرة – صـ 258 و 259).

ومن المبادئ العامة للتعويض عن إنهاء عقود المقاولات، ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 688 من القانون المدني "الكويتي" (المُقابلة لنص المادة 663/1 مدني مصري) من أنه: "لرب العمل أن يُنهي المقاولة ويوقف تنفيذ العمل في أي وقت قبل تمامه، على أن يعوض المقاول عن جميع ما أنفقه من مصروفات وما أنجزه من أعمال وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل".

فيشمل التعويض، وفقاً لنص المادة 688/1 مدني "كويتي"، العناصر الآتية:

1- المصروفات التي أنفقها المقاول في سبيل تنفيذ العمل: ويدخل في ذلك أثمان المواد التي اشتراها واستخدمها في العمل، وأجور العمال الذين اشتغلوا معه فيه، مع ملاحظة أن المقاول الذي يطالب بأثمان المواد التي اشتراها يلتزم بأن يسلم هذه المواد إلى رب العمل، إذ لا يجوز له أن يتقاضى ثمنها وفي نفس الوقت يحتفظ بها، ولكن المقاول لا يرغم على تسليم هذه المواد إلى رب العمل، فله أن يحتفظ بها، وفي هذه الحالة لا يكون له أن يتقاضى تعويضاً عنها.

2- قيمة الأعمال التي أنجزها المقاول فعلاً حتى الوقت الذي وصله فيه إعلان رب العمل بوقف تنفيذ المقاولة، وتقدر هذه القيمة على أساس نسبة ما تم من الأعمال إلى مجموع ما كان يلتزم به المقاول، فإذا كان المقاول أتم نصف العمل وكان الأجر المحدد للعمل كله ثلاثمائة جنيه، التزم رب العمل بأن يدفع له مائة وخمسون جنيهاً، ولا يدخل ضمن هذه القيمة ما يكون المقاول قد قام به من أعمال بعد علمه بإنهاء رب العمل للمقاولة، ما تكن هذه الأعمال ضرورية للمحافظة على ما تم من عمل، فإن كان العمل المعهود به إلى المقاول هو تغيير أو إصلاح شبكة الأسلاك الكهربائية الموجودة بمصنع معين، وبعد أن كشف المقاول عن هذه الأسلاك صدر إليه أمر رب العمل بالتوقف عنه، فعلى المقاول في هذه الحالة أن يعيد الحال إلى ما كانت عليه بتغطية هذه الأسلاك وله أن يطالب رب العمل بقيمة هذه التغطية، لأن قيامه بذلك ليس مجرد حق له، بل هو واجب عليه.

3- قيمة ما كان المقاول يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل:

أ‌. فإذا كانت المقاولة مبرمة بأجر إجمالي: فإن كسب المقاول يتحدد بالفرق بين قيمة هذا الأجر وقيمة النفقات اللازمة لتنفيذ العمل، وتقدر هذه النفقات على أساس قيمتها عند إنهاء العقد. ولا يعتد بالتغيرات التي تطرأ بعد ذلك على أثمان المواد وأجور العمال، لأن حق المقاول في التعويض ينشأ من يوم إنهاء العقد، ولذلك فيجب ألا ينظر في تقدير قيمة هذا التعويض إلا إلى ذلك الوقت.

ب‌. أما إذا كانت المقاولة مبرمة على أساس مقايسة بسعر الوحدة: فإن كسب المقاول يتحدد بالفرق بين أجر كل وحدة من وحدات العمل وقيمة النفقات اللازمة لتنفيذه، وإذا كانت كمية الأعمال غير محددة في العقد، فإنه يمكن مع ذلك معرفة الحد الأدنى لهذه الأعمال، فيدخل الربح المتوقع من ورائها في التعويض.

(المصدر: "أحكام عقد المقاولة" – للمستشار/ فتحيه قره – طبعة 1987 الإسكندرية – صـ 270 و 271).

تنفيذ العقد كأحد طرق التعويض:

لما كان من المُقرر قانوناً أن: "تقدير التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في العقد أو القانون نص يوجب إتباع معايير معينة في تقديره هو من سلطة قاضى الموضوع بغير رقابة من محكمة النقض". (نقض مدني في الطعن رقم 601 لسنة 39 قضائية – جلسة 12/3/1975 مجموعة المكتب الفني – السنة 26 – صـ 568 – فقرة 2).

وتنص الفقرة الأولى من المادة 247 مدني كويتي على أن: "يحدد القاضي التعويض بالقدر الذي يراه جابراً للضرر وفق ما تقرره المادتان 230 و 231 وذلك مع مراعاة الظروف الشخصية للمضرور".

كما تنص المادة 246 مدني كويتي على أن:

1- يقدر القاضي التعويض بالنقد.

2- ويجوز للقاضي، تبعاً للظروف، وبناء على طلب المضرور أن يحكم بإعادة الحال إلى ما كانت عليه أو بأي أداء آخر على سبيل التعويض".

فقد يكون التعويض عينياً، هو خير أنواع التعويض، وأكثر ما يقع بالنسبة إلى الالتزامات العقدية، حيث يتيسر في كثير من الأحيان إجبار المدين على التنفيذ العيني. (المصدر: "مصادر الالتزام" – للدكتور/ عبد المُنعم فرج الصده – طبعة 1984 القاهرة – بند 481 – صـ 520 و 521).

وعليه، نرى (كرأي شخصي، بناء على ما تقدم) أنه ليس هناك ما يمنع المتعاقد الذي فسخت الإدارة تعاقدها معه، بالمخالفة للقانون، أن يطالب بتعويضه عن ذلك، وأن يتخذ التعويض المُطالب به شكل "إلزام الجهة الإدارية بتنفيذ تعاقدها معه" كتعويض عيني بإلزامها بأداء معين على سبيل التعويض.. وذلك كطلب أصلي، ثم يضيف طلب احتياطي (في حالة رفض الطلب الأصلي) بالمطالبة بتعويض مالي استناداً لنص المادة 688 مدني كويتي السالف بيانها.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،