السبت، 3 أكتوبر 2009

بدل التفرغ - الـ 30%

مجلس الدولة

محكمة القضاء الإداري

دائرة التسويات "أ"

مذكرة

بدفاع/ تهامي علي زهرة المُحامي (المدعي)

ضد

السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته (المدعى عليها)

في الدعوى رقم 33259 لسنة 60 قضائية "قضاء إداري"، والمحدد لنظرها جلسة يوم الخميس الموافق 8 أكتوبر 2009م للمرافعة.

أولاً- الوقائع

تخلص وقائع الدعوى الماثلة في أن المدعي عقد الخصومة فيها بموجب صحيفة موقعة منه كمحام، وأودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 8/7/2006، وأعلنت قانوناً، طلب في ختامها الحكم له: بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع: بإلزام هيئة الأوقاف المصرية "المدعى عليها" بأن تصرف له "بدل التفرغ" المُقرر لأعضاء الإدارات القانونية بنسبة 30% من بداية الأجر الأساسي المُقرر للدرجة الأولى التي يشغلها مُضافاً إليها العلاوات الإضافية (طبقاً لنص المادة 45 من القانون رقم 29 لسنة 1992) والمقررة في التواريخ المحددة لضم هذه العلاوات، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وكذلك صرف الفروق المالية لهذا البدل اعتباراً من تاريخ التعيين، مع ما يُستجد حتى تاريخ السداد الفعلي.

وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه عُيِنَ بوظيفة محام بالإدارة القانونية بهيئة الأوقاف المصرية بالدرجة الثالثة التخصُصية اعتباراً من 30/6/1989، وتدرج في الوظيفة حتى وصل إلى وظيفة مدير إدارة قانونية بالدرجة الأولى (مدير إدارة تنفيذ الأحكام، بالإدارة العامة للقضايا وتنفيذ الأحكام، بالإدارة المركزية للشئون القانونية، بهيئة الأوقاف المصرية).

وأنه يتقاضى بدل تفرغ بنسبة 30% من بداية مربوط الدرجة الوظيفية شهرياً دون العلاوات الخاصة، حيث دأبت الجهة الإدارية على صرف بدل التفرغ له دون إضافة العلاوات الخاصة المُقررة قانوناً، مما حدا به إلى التقدم بطلب التوفيق في بعض المنازعات رقم 141 لسنة 2006 للجنة الثالثة بلجان التوفيق بهيئة الأوقاف المصرية (المُشكلة بالقانون رقم 7 لسنة 2000) والتي أصدرت توصيتها بجلسة 26/6/2006 بأحقية الطالب فيما يطالب به من صرف بدل التفرغ بنسبة 30% من بداية الأجر الأساسي المقرر للدرجة التي يشغلها مُضافاً إليه العلاوات الإضافية والخاصة المُضافة إلى بداية الأجر طبقاً لأحكام القانون رقم 29 لسنة 1992 مع ما يترتب على ذلك من آثار. إلا أن الجهة الإدارية امتنعت عن تنفيذ توصية لجنة التوفيق، مما حدا به إلى إقامة دعواه الماثلة بغية القضاء له بطلباته سالفة الذكر.

وقدم تأييداً لدعواه حافظة مستندات طويت على بيان الحالة الوظيفية له وعلى أصل إخطار توصية لجنة التوفيق في المنازعات وعلى أحكام قضائية وتقارير هيئة مفوضي الدولة في حالات مماثلة.

وتداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها أمام هيئة مفوضي الدولة والتي قامت بتحضير الدعوى وأودعت تقريراً بالرأي القانوني فيها، ومن ثم تحدد لنظرها أمام عدالة المحكمة الموقرة جلسة اليوم للمرافعة.

ثانياً- الدفاع

حيث أنه عن شكل الدعوى: فإنها من دعاوى الاستحقاق التي لا تتقيد بمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء، كما أن المدعي قد لجأ إلى لجان التوفيق في المنازعات (بالطلب رقم 141 لسنة 2006)، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية المُقررة قانوناً، ومن ثم فإنها تكون مقبولة شكلاً.

وحيث أنه عن موضوع الدعوى: فإن المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والإدارات التابعة لها، على أن: "تسري أحكام القانون المرافق على مديري وأعضاء الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها".

وحيث تنص المادة 29 من ذات القانون، على أن: "يُمنح شاغلو الوظائف المُبينة في هذا الجدول بدل تفرغ قدره 30% من بداية مربوط الفئة الوظيفية ...".

وحيث تنص المادة الثانية من القانون رقم 29 لسنة 1992 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة وضم العلاوات الإضافية إلى الأجور الأساسية، على أنه: "يقصد بالعاملين بالدولة في تطبيق أحكام هذا القانون العاملون داخل جمهورية مصر العربية، وكذلك العاملين بالدولة الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين أو لوائح خاصة".

وحيث تنص المادة الرابعة من ذات القانون على أنه: "تضم إلى الأجور الأساسية للخاضعين لأحكام هذا القانون العلاوات الخاصة المُقررة بالقوانين التالية من التاريخ المحدد قرين كل منها ولو تجاوز العامل بها نهاية مربوط الدرجة أو المربوط الثابت المُقرر لوظيفته أو منصبه ...".

وحيث تنص المادة السادسة من ذات القانون على أنه: "يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويُعمل به اعتباراً من أول يوليو سنة 1992".

وحيث ينص البند الثاني من القواعد المتعلقة بتطبيق أحكام القانون رقم 29 لسنة 1992 سالف الذكر، والصادر عن رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة برقم 6 لسنة 1992، على أنه: "تصبح العلاوة الخاصة المضمومة جزء لا يتجزأ من الأجر الأساسي للعامل من أول يوليو الذي تضم فيه، وتحسب من هذا الأجر نسبة الحوافز أو التعويضات أو البدلات التي تصرف منسوبة إلى هذا الأجر، كما تحسب نسبة الحد الأقصى لمجموع البدلات على أساس هذا الأجر بعد إجراء الضم".

ومن حيث أن المستفاد من النصوص السابقة أن المشرع قرر منح أعضاء الإدارات القانونية العاملين بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والإدارات التابعة لها بدل تفرغ بنسبة 30% من بداية مربوط الأجر المُقرر للدرجة الوظيفية التي يشغلونها (طبقاً لجدول ترتيب الوظائف الخاصة بهم). وبصدور القانون رقم 29 لسنة 1992 أصبحت العلاوات الخاصة جزءاً من الراتب اعتباراً من 1/7/1992 بحيث يحسب على أساس ذلك الأجر المضاف إليه العلاوات الخاصة التي ضمت نسبة البدلات التي تصرف للعامل، وتلك هي الحكمة من التشريع المتضمن ضم العلاوات الخاصة إلى الأجر الأساسي للعامل وهو زيادة الأجر الأساسي بغية رفع مستوى العاملين المدنيين بالدولة.

ويؤيد ذلك ما تضمنه تقرير اللجنة المشتركة من لجنة القوى العاملة ومكتب لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب بشأن القانون رقم 29 لسنة 1992 بتقرير ضم علاوة خاصة للعاملين بالدولة وضم العلاوات الإضافية إلى الأجور الأساسية من أن الحكومة استجابت لما طالب به أعضاء المجلس من ضم العلاوات الخاصة التي منحت للعاملين على مدار ست سنوات ابتداء من 1987 وحتى 1992 إلى المرتب وذلك استكمالاً لمعالجة الخلل بين الأجور والأسعار وتحسينها وما يستتبع ذلك من النتائج التي ستترتب على جميع ما يحصل عليه العامل من مكافآت وأجور إضافية وحوافز ومعاش. والقول بغير ذلك ينتفي معه الغرض من ضم هذه العلاوات إلى الأجر الأساسي طالما لا يترتب عليه آثار في باقي مستحقات العامل، ويصبح لا مقتضى لاستصدار قانون بهذا الخصوص مع ملاحظة أن ضم هذه العلاوات يتم على مراحل مختلفة للتخفيف من الأعباء التي تتحملها الدولة نتيجة هذا الضم، وهو ما يفسر تقاضي العامل لعلاوات خاصة تقررت بأكثر من قانون مع ضم علاوات أخرى مضى على منحها مدة زمنية.

ومن حيث ما تقدم، فإن المشرع بموجب القانون رقم 29 لسنة 1992 سالف الذكر، قد قرر ضم العلاوات الخاصة للراتب الأساسي وجعلها من ثم جزء لا يتجزأ منه بحيث يضحى الأجر الأساسي يشمل الأجر الأساسي للوظيفة حسب جدول المرتبات وكذلك العلاوات الخاصة التي تنضم إليه، ومن ثم فإذا ما قرر المشرع منح ثمة بدل لأي من العاملين المُخاطبين بأحكام القانون المشار إليه وحسابه من الأجر الأساسي للعامل، فإن ذلك مؤداه حساب البدل المقرر من مجموع الأجر الأساسي للوظيفة فضلاً عن العلاوات التي أضيفت إليه اعتباراً من 1/7/1992.

ومن حيث أنه، وهدياً بما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن المدعي يشغل وظيفة مدير إدارة قانونية بالدرجة الأولى (مدير إدارة تنفيذ الأحكام، بالإدارة العامة للقضايا وتنفيذ الأحكام، بالإدارة المركزية للشئون القانونية، بهيئة الأوقاف المصرية). وأن جهة الإدارة تقوم بصرف بدل التفرغ المُقرر للوظيفة بنسبة 30% من بداية مربوط درجة وظيفته (طبقاً لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973) دون أن تضيف إليها العلاوات الخاصة التي ضمت إليه اعتباراً من 1/7/1992 (طبقاً لأحكام القانون رقم 29 لسنة 1992)، فإنها بذلك تكون قد وقعت في حومة المُخالفة القانونية. وتضحى الدعوى الماثلة بطلب حساب البدل المشار إليه على أساس من بداية مربوط الدرجة الوظيفية للمدعي مُضافاً إليه العلاوات الخاصة التي ضمت إليه اعتباراً من 1/7/1992، قائمة على ما يبررها قانوناً وعلى سند صحيح من القانون خليقة بالقبول وإجابة المدعي إلى طلباته فيها.

التعقيب على تقرير هيئة مفوضي الدولة:

قامت هيئة مفوضي الدولة بتحضير الدعوى الماثلة، وبإيداع تقريراً برأيها القانوني فيه، والذي انتهى إلى: "قبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعاً، وإلزام المدعي المصروفات".

وذلك تأسيساً على ما أفتت به الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة من أن: "ضم العلاوات الخاصة ليس من شأنه تعديل بداية أجر التعيين كما هو وارد بجدول نظم التوظيف بمقدار هذه العلاوة، بل يظل بداية أجر التعيين كما هو وارد بهذه الجداول، والقول بغير ذلك من شأنه أن يصبح هذا الحد الأدنى غير محدد تحديداً واحداً، حيث يظل متحركاً سنوياً بمقدار ما يضم من علاوات خاصة إلى الأجر الأساسي منذ بداية الضم في 1/7/1992، كما أن هذا القول يؤدي إلى اختلاف الحد الأدنى من فرد إلى آخر حسب اختلاف الداعي المنسوب إليه الإضافة المضمومة، وهي نتيجة لو أرادها المشرع لنص صراحة على تعديل بداية الربط بمقدار ما يُضم من علاوات خاصة إلى الأجور الأساسية، أما وأنه لم يفعل فإن إرادته تكون قد انصرفت إلى الإبقاء على بداية الأجر كما هي، ومؤدى ذلك أن ضم العلاوات إلى الأجور وفقاً لأحكام القانون رقم 29 لسنة 1992 ليس من شأنه تعديل بداية الربط المقرر بالجداول المرفقة بنظم التوظيف". (فتوى رقم: 413 بتاريخ 8/6/1996 ملف رقم: 86/4/1331).

وهذا الذي ذهب إليه تقرير هيئة مفوضي الدولة مردود عليه بما يلي:

1- عدم اختصاص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بالإفتاء فيما يتعلق بشئون أعضاء الإدارات القانونية الخاضعين لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية:

حيث تنص المادة السابعة من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها، على أن: "تشكل لجنة عليا لشئون الإدارات القانونية بوزارة العدل برئاسة وزير العدل وعضوية ممثلي الهيئات القضائية ونقابة المحامين".

وحددت المادة الثامنة من ذات القانون اختصاصات تلك اللجنة العليا، ومنها: "... إبداء الرأي في جميع القوانين واللوائح والقرارات التنظيمية العامة المتعلقة بشئون الإدارات القانونية".

ومن ثم، فإن الاختصاص في إبداء الرأي فيما يتعلق بشئون الإدارات القانونية ينعقد للجنة العليا للإدارات القانونية بوزارة العدل دون غيرها، ولا اختصاص في ذلك لمجلس الدولة.(1)

هذا، وقد استقرت أراء الأمانة العامة للجنة العليا للإدارات القانونية بوزارة العدل على أحقية المحامين أعضاء الإدارات القانونية بالهيئات والشركات في صرف بدل التفرغ طبقاً لنص المادة 29 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بواقع 30% من بداية مربوط الدرجة مُضافاً إليه العلاوات الخاصة.

2- فتاوى الجمعية العامة لا تحوز حجية الأمر المقضي:

حيث أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن: "جهة القضاء أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي، هي تلك التي تستمد ولايتها من القانون محدداً لاختصاصها، يكون مبيناً لإجراءات نظر الخصومة أمامها، مفصلاً لضماناتها القضائية، ومقيداً أحكامها بأن تصدر على أساس قاعدة قانونية محددة سلفاً، لتكون عنواناً للحقيقة، متى حازت قوة الأمر المقضي، بما مؤداه أن الجهات والهيئات التي تتنازع الاختصاص فيما بينها - إيجابياً كان هذا التنازع أم سلبياً - هي تلك التي منحها المشرع ولاية القضاء في نزاع معين، وتتوافر لقراراتها القضائية في شأن هذا النزاع خصائص الأحكام ومقوماتها، وترقى بالتالي إلى مرتبتها، باعتبارها من جنسيتها، وكان نهوض المحكمة الدستورية العليا لفض التنازع بين هذه الجهات والهيئات، أو بين بعضها البعض، يقتضيها إعمال القواعد الآمرة التي حدد بها المشرع - بتفويض من المادة 167 من الدستور - ولاية كل منها، باعتبار أن ما يدخل في اختصاص كل جهة أو هيئة من بينها، يعتبر محجوزاً لها وموقوفاً عليها، فقد وجب الارتكان إلى هذه القواعد لإسناد الخصومة القضائية التي وقع التنازع على الاختصاص بصددها، إلى أحق هذه الجهات أو الهيئات بالفصل فيها.

والجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، تستمد اختصاصها من المادة 66 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنه 1972، التي تنص على أن تختص هذه الجمعية العمومية بإبداء الرأي مسبباً في المسائل والموضوعات الآتية: ... د) المنازعات التي تنشأ بين الوزارات، أو بين المصالح العامة، أو بين المؤسسات العامة ،أو بين الهيئات المحلية، أو بين هذه الجهات وبعضها البعض، وكان من المقرر أن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ـ لا تعتبر في ممارستها لهذا الاختصاص، جهة قضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، ذلك أن ما يصدر عنها في المسائل التي اختصها البند "د" من المادة 6 قانون مجلس الدولة بنظرها، لا يعدو أن يكون رأياً في مجال الإفتاء، لا تنعقد به خصومة بين طرفين، ولا يلزم للفصل في المنازعة التي يتعلق هذا الرأي بها، مراعاة حد أدنى من إجراءات التقاضي أو ضماناته الرئيسية. وأية ذلك أن قانون مجلس الدولة، قد فصل فصلا كاملا بين الوظيفة القضائية التي تتولاها محاكم مجلس الدولة دون غيرها، وبين مهام الإفتاء، ومراجعة النصوص القانونية التي عهد بها إلى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في الأحوال التي عينها، وكان الفصل بين هاتين الوظيفتين، مؤداه أنهما لا تتداخلان مع بعضهما، ولا تحل إحداهما محل الأخرى، أو تقوم مقامها". (حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 8 لسنة 15 قضائية "دستورية" – جلسة 4/6/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 6 – صـ 856).

وقد تواتر قضاء المحكمة الدستورية على أن: "المشرع لم يسبغ على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ولاية القضاء في المنازعات التي تقوم بين فروع السلطة التنفيذية وهيئاتها، وإنما عهد إليها بمهمة الإفتاء فيها بإبداء الرأي مسبباً على ما يفصح عنه صدر النص. ولا يؤثر في ذلك ما أضفاه المشرع على رأيها من صفة الإلزام للجانبين لأن هذا الرأي الملزم لا يتجاوز حد الفتوى ولا يرقى به نص المادة 66 المشار إليها إلى مرتبة الأحكام، ذلك أن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ليست من بين ما يتألف منه القسم القضائي لمجلس الدولة، ولا تتبع عند طرح المنازعة عليها الإجراءات التي رسمها قانون المرافعات أو أية قواعد إجرائية أخرى تقوم مقامها وتتوافر بها سمات إجراءات التقاضي وضماناته، كما لا يحوز الرأي الذي تبديه بشأنها حجية الأمر المقضي". (حكم المحكمة الدستورية العليا في لطعن رقم 15 لسنة 1 قضائية "دستورية – تنازع اختصاص" جلسة 17/1/1981 – مجموعة المكتب الفني السنة 1 - صـ 279).

وهدياً بما تقدم، فإن الجمعية العمومية ليست جهة تقاضي، وفتاويها ليست أحكاماً، ولا تحوز حجية الأمر المقضي به. كما أنه من المقرر قانوناً أنه إذا كانت المنازعة ليست محض منازعة بين جهات عامة وإنما كان من بين أطرافها أحد الأفراد فإن نص المادة 66 المشار إليها لا يستبعد في هذه الحالة الاختصاص القضائي المقرر قانوناً للمحاكم (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2819 لسنة 27 قضائية "إدارية عليا" - جلسة 7/1/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 - صـ 415).

وعليه، فلا مجال للاحتجاج بالفتوى المذكورة في حالة دعوانا الماثلة، ويكون استناد تقرير هيئة مفوضي الدولة إليها قد جانبه الصواب وجاء على غير سند من صحيح القانون جديراً بعدم الأخذ به أو التعويل عليه عند الفصل في موضوع الدعوى الماثلة.

3- تعارض فتوى الجمعية العامة مع أحكام قضائية عديدة:

تتعارض فتوى الجمعية العامة لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة سالفة الذكر والمنوه عنها بتقرير هيئة مفوضي الدولة في الدعوى الماثلة، تتعارض مع العديد من الأحكام القضائية الصادرة من مجلس الدولة ومن القضاء العادي. ونذكر من تلك الأحكام على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي:

أ‌. حكم المحكمة الإدارية لوزارة النقل والمواصلات بجلسة 21/6/1998 في الدعوى رقم 26 لسنة 40 قضائية بأحقية المدعي بجامعة قناة السويس في احتساب بدل التفرغ المقرر بالمادة 29 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية على أساس بداية الدرجة الوظيفية له بعد ضم العلاوات الإضافية على النحو الموضح بالأسباب.

ب‌. الحكم الصادر بجلسة 12/4/1998 في الدعوى رقم 31 لسنة 40 قضائية من محكمة القضاء الإداري.

ت‌. الحكم الصادر بجلسة 15/5/2000 في الدعوى رقم 206 لسنة 46 قضائية من المحكمة الإدارية لوزارة النقل والمواصلات.

ث‌. الحكم الصادر بجلسة 2/4/2000 في الدعوى رقم 210 لسنة 46 قضائية من المحكمة الإدارية لوزارة النقل والمواصلات.

ج‌. الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (من الدائرة الثانية) بجلسة 20/11/2004 في الدعوى رقم 2381 لسنة 23 قضائية ضد جامعة المنصورة بأحقية المدعي في صرف بدل التفرغ المقرر لأعضاء الإدارات القانونية بواقع 30% من بداية مربوط الدرجة مضافاً إليه العلاوات الخاصة مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو الموضح بالأسباب مع صرف الفروق المالية المترتبة على ذلك.

ح‌. الحكم الصادر من محكمة كفر الدوار (الدائرة الثانية) بجلسة 12/9/1999 في الدعوى رقم 448 لسنة 1998 مدني كفر الدوار.

خ‌. الحكم الصادر من اللجنة الخماسية بمحكمة بور سعيد الابتدائية بجلسة 30/12/2003 في الطلب رقم 134 لسنة 2003. وفي الطلب رقم 236 لسنة 2003.

د‌. الحكم الاستئنافي الصادر من محكمة استئناف الإسماعيلية (مأمورية بور سعيد) في الاستئناف رقم 16 لسنة 45 قضائية. وقد انتهى فرع هيئة قضايا الدولة الذي كان يباشر الاستئناف إلى عدم الطعن بالنقض في هذا الحكم لسلامته قانوناً.

4- عدم صحة ما ذهبت إليه فتوى الجمعية العامة:

حيث استقر قضاء المحكمة الإدارية على أحقية المدعين في حساب بدل التفرغ على أساس بداية مربوط الدرجة الوظيفية بعد ضم العلاوات الإضافية، لا سيما وأن المشرع منح العلاوات المذكورة للعاملين المدنيين بالدولة وقت العمل بالقوانين المشار إليها ولم يعين بعد هذا التاريخ.

ومن ثم فإن ضم هذه العلاوات إلى المرتب الأساسي يعد زيادة في بداية مربوط الدرجة الوظيفية، وهو الأمر الذي يتعين معه أن يكون البدل المنسوب إلى بداية ربط الدرجة الوظيفية منسوباً إلى هذا الربط بعد الزيادة المقررة بالعلاوات الإضافية.

ثالثاً- الطلبات

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، يلتمس المدعي الحكم له بطلباته التالية:

أولاً- بقبول الدعوى شكلاً؛

ثانياً- وفي الموضوع: بإلزام هيئة الأوقاف المصرية "المدعى عليها" بأن تصرف للمدعي "بدل التفرغ" المُقرر لأعضاء الإدارات القانونية بنسبة 30% من بداية الأجر الأساسي المُقرر للدرجة الأولى التي يشغلها مُضافاً إليها العلاوات الإضافية (طبقاً لنص المادة 4 من القانون رقم 29 لسنة 1992) والمقررة في التواريخ المحددة لضم هذه العلاوات، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وكذلك صرف الفروق المالية لهذا البدل اعتباراً من تاريخ التعيين، مع ما يُستجد حتى تاريخ السداد الفعلي، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.

مع حفظ كافة حقوق المدعي الأخرى أياً ما كانت،،،



(1) مع ملاحظة أن قانون الإدارات القانونية (رقم 47 لسنة 1973) هو قانون خاص، بينما قانون مجلس الدولة (رقم 47 لسنة 1972) هو قانون عام، ومن المسلم به أن: "الخاص يقيد العام". كما أن قانون الإدارات القانونية قانون لاحق على قانون مجلس الدولة، ومن المسلم به كذلك أن: "القانون اللاحق يجب القانون السابق" فيما يتعارض معه من أحكام.

هناك تعليقان (2):

  1. ربنا معاك والمحامين عوزين يعرفوا ايه ما توصلت ايه فى موضوع بدل التفرغ وشكرا
    الراسل اشرف طلعت محامى بهيئة الكاب
    موبايل 01061352167
    asharf_10@yahoo.com

    ردحذف
  2. نتيجة الحكم لو تكرمت

    ردحذف