الأحد، 19 يوليو 2009

دعاوى بطلان إعلامات الوراثة لا تعرض على مكاتب تسوية المنازعات الأسرية

"أسباب الاستئناف"

مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله

لما كان الحكم المستأنف قد أسس قضائه بعدم قبول الدعوى المستأنف حكمها استناداً إلى نص الفقرة الأولى من المادة السادسة من قانون محاكم الأسرة رقم 10 لسنة 2004 والتي تنص على أنه:

"في غير دعاوى الأحوال الشخصية التي لا يجوز فيها الصلح، والدعاوى المستعجلة، ومنازعات التنفيذ، والأوامر الوقتية، يجب على من يرغب في إقامة دعوى بشأن إحدى مسائل الأحوال الشخصية التي تختص بها محاكم الأسرة، أن يقدم طلباً لتسوية النزاع إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية المختص".

وكذلك استند الحكم المستأنف إلى نص الفقرة الأولى من المادة التاسعة من قانون محاكم الأسرة سالف الذكر، والتي تنص على أنه:

"لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلي محاكم الأسرة بشأن المنازعات التي تختص بها, في المسائل التي يجوز فيها الصلح طبقاً للمادة "6" دون تقديم طلب التسوية إلي مكتب تسوية المنازعات الأسرية المختص ليتولى مساعي التسوية بين أطرافها وفقاً لحكم المادة "8".

ومن ثم أورد الحكم المستأنف في حيثياته ما نصه:

"وحيث أنه تأسيساً على ما سلف، ولما كان المدعي بصفته أقام دعواه ابتداء دون تقديم طلب التسوية إلى مكاتب تسوية المنازعات الأسرية المختصة، الأمر الذي تقضي معه المحكمة بعدم قبول الدعوى لعدم اللجوء إلى مكاتب تسوية المنازعات الأسرية، على نحو ما سيرد بالمنطوق".

وإذ كيف الحكم المستأنف دعوى بطلان إعلام الوراثة وإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار، على أنها من الدعاوى التي يجوز فيها "الصلح"، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله.

لأنه من المُقرر قانوناً أنه يُشترط للصلح وجوب أن يتنازل كل من الطرفين عن جزء من ادعائه في سبيل الحصول على الجزء الباقي فإن لم يكن هناك نزول عن ادعاءات متقابلة واقتصر التنازل على أحد الطرفين دون الآخر فلا يعد الاتفاق صلحاً. حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "من اللازم لاعتبار العقد صلحاً، أن يتنازل كل من الطرفين عن جزء من ادعائه في سبيل الحصول على الجزء الباقي، فإن لم يكن هناك نزول عن ادعاءات متقابلة واقتصر التنازل على أحد الطرفين دون الآخر، فلا يعد الاتفاق صلحاً". (نقض مدني في الطعن رقم 16 لسنة 43 قضائية "أحوال شخصية" – جلسة 19/11/1975 مجموعة المكتب الفني – السنة 26 – صـ 1444 – فقرة 6).

ولما كان من المُقرر في الفقه أن: "معيار طبيعة محل الصلح أو الأمر المتصالح عليه، يتعين أن يكون هو الفيصل فيما يجوز أو لا يجوز الصلح عليه، بما مؤداه جواز الصلح فيما يتعلق بحقوق العباد أما الحقوق المتعلقة بالله تعالى أو تلك التي يكون حق الله فيها غالباً فلا يجوز الصلح بشأنها، ويتفرع عن ذلك، القول أنه في مجال حقوق العباد فيجوز التصالح فيما يعد حقاً خالصاً بالمتصالح، أما ما لا يعد حقاً خالصاً له سواء لكونه حق لغيره أو سواء كان هذا الغير من الأفراد أو المجتمع فلا يجوز التصالح بشأنه، ومثال ذلك عدم جواز التصالح على أحكام الإرث وتعيين الورثة". (لطفاً، المرجع: "المشكلات العملية في قانون محاكم الأسرة" – للمستشار/ أشرف مصطفى كمال – الجزء الرابع – صـ 198).

وذلك لأنه من المقرر قانوناً أن: أحكام الإرث من النظام العام، وكل تصرف يتم بالتحايل عليها يعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً. حيث أنه من المقرر في قضاء النقض أن: "أحكام الإرث وتعيين نصيب كل وارث في التركة من النظام العام وكل تحايل على مخالفة هذه الأحكام باطل بطلاناً مطلقاً ومن ثم فلا يسرى على هذا البطلان التقادم المنصوص عليه في المادة 140 من القانون المدني. ولا يقدح في ذلك القول بأن اعتبار البطلان مطلقا يتنافى مع إمكان إجازة التصرف من الورثة ذلك أنه ليس للورثة أن يجيزوا التصرف باعتباره بيعا وإنما لهم أن يجيزوه على الاعتبار الصحيح بوصفه وصية وفي هذه الحالة تجرى عليه أحكام الوصية التي يجيزها الورثة". (نقض مدني في الطعن رقم 39 لسنة 29 قضائية – جلسة 9/1/1964 مجموعة المكتب الفني – السنة 15 – صـ 43 – فقرة 3).

كما تنص المادة 551 من القانون المدني على أنه: "لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام ...".

كما أنه من المقرر في الفقه أن: "كل ما يتعلق من الأحوال الشخصية بالنظام العام، لا يجوز الصلح بشأنه وفقاً لنص المادة 551 من القانون المدني". (لطفاً، المرجع: "مصادر الالتزام" – للدكتور/ عبد المنعم فرج الصده – طبعة 1984 القاهرة – بند 211 – صـ 247).

كما أنه من المقرر قضاءً أنه: "وفقاً للمادة 551 من القانون المدني، أنه لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام". (نقض مدني جلسة 31/3/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 43 – صـ 542).

كما أنه من المُقرر قانوناً أن: اعتبار شخص ما وارث وهو في الحقيقة غير وارث يعتبر تحايلاً على أحكام الإرث المتعلقة بالنظام العام، وبالتالي فلا يجوز الصلح بشأنها ولا الاتفاق على ما يخالفها. حيث تواتر قضاء النقض على أنه: " المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التحايل الممنوع على أحكام الإرث - لتعلق الإرث بالنظام العام - هو ما كان متصلا بقواعد التوريث وأحكامه المعتبرة شرعا كاعتبار شخص وارثاً وهو في الحقيقة غير وارث أو العكس، وكذلك ما يتفرع عن هذا الأصل من التعامل في التركات المستقبلة كإيجاد ورثه قبل وفاه المورث غير من لهم حق الميراث شرعاً، أو الزيادة أو النقص في حصصهم الشرعية . ومؤدى ذلك أن التصرفات المنجزة الصادرة من المورث لأحد ورثته حال صحته تكون صحيحة ولو كان المورث قد قصد بها حرمان بعض ورثته أو التقليل من أنصبتهم في الميراث، لأن التوريث لا يقوم إلا على ما يخلفه المورث وقت وفاته أما ما يكون قد خرج من ملكه حال حياته فلا حق للورثة فيه - إلا إذا كان طعنهم على هذا التصرف هو أنه وإن كان ظاهره بيعاً منجزا إلا أنه في حقيقته يخفى وصيه إضرارا بحقهم في الميراث أو انه صدر في مرض موت المورث فيعتبر إذ ذاك في حكم الوصية ففي هاتين الصورتين يستمد الوارث حقه من القانون مباشرة حماية له من تصرفات مورثة التي قصد بها التحاليل على قواعد الإرث". (نقض مدني في الطعن رقم 3650 لسنة 60 قضائية – جلسة 19/2/1995 مجموعة المكتب الفني – السنة 46 – صـ 416).

علماً بأن البطلان المطلق، متعلق بالنظام العام، فيجوز لكل ذي مصلحة التمسك به، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها. حيث أنه من المقرر في قضاء النقض أن: "المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في الإرادة هو المشروعية فلا يلحقها بطلان إلا إذا نص القانون على بطلان الالتزام الناشئ عنها صراحة أو كان هذا الالتزام مخالفاً للنظام العام و أو الآداب محلاً أو سبباً أو كان على خلاف نص آمر أو ناه في القانون، ويتحدد - نوع البطلان بالغاية التي تغياها المشرع من القاعدة محل المخالفة فإن كانت حماية مصلحة عامة جرت أحكام البطلان المطلق ويجوز لكل ذي مصلحة التمسك به وللمحكمة من تلقاء نفسها إعمال هذا الجزاء لتعلقه بالنظام العام". (نقض مدني في الطعن رقم 1984 لسنة 58 قضائية – جلسة 12/3/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – صـ 733).

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، واعتبر أن دعوى المستأنف حكمها والمرفوعة بغية القضاء ببطلان إعلام الورثة محلها لكون المعلن إليهم ليسوا من ورثة الواقف، وإنما ما قاموا به كان تحايلاً على القانون وعلى أحكام الإرث التي تتعلق بالنظام العام، ومن ثم فلا يجوز الصلح بشأنها ولا الاتفاق على ما يخالفها. إذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر في قضائه بعدم قبول الدعوى المستأنف حكمها لعدم عرضها على لجان التسوية رغم أنها من الدعاوى التي لا يجوز الصلح فيها، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله، بما يستوجب إلغاؤه.

ولما كان الحكم المستأنف والقاضي بعدم القبول "الشكلي" لم تستنفد به محكمة أول درجة ولايتها للفصل في الموضوع، حيث لم يسبق لها نظره، فإنه يتعين عند القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعه.

حيث أن الدفع الشكلي هو الدفع الموجهة إلى إجراءات الخصومة وشكلها وكيفية توجيهها، ولا يتصل بموضوع الحق المدعى به أو بشروط وجوده. (نقض مدني في الطعن رقم 1013 لسنة 48 قضائية – جلسة 29/11/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 2156 – فقرة 3).

وحيث أنه من المقرر في الفقه أن: "الحكم في الدفع الشكلي لا يعتبر فصلاً في موضوع الدعوى، ولا يحوز حجية الأمر المقضي، فللمدعي أن يبدأ خصومة جديدة رافعاً نفس الدعوى، وإذا طعن في الحكم في الدفع بالاستئناف وألغت المحكمة الاستئنافية هذا الحكم، فإنها لا تنظر موضوع الدعوى وإنما تعيد القضية محكمة أول درجة لنظرها، وذلك أن محكمة أول درجة لم تكن – بحكمها في الدفع – قد فصلت في الموضوع، فنظر محكمة الاستئناف للموضوع يعتبر مخالف لمبدأ التقاضي على درجتين". (لطفاً، المرجع: "الوسيط في قانون القضاء المدني" – للدكتور/ فتحي والي – طبعة 1981 القاهرة – بند 280 – صـ 555).

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "المقرر في قضاء محكمة النقض أن الحكم بقبول الدفع الشكلي لا يعد فصلا في موضوع الدعوى، لما كان ذلك محكمة الدرجة الأولى إذ قضت بعدم قبول الدعوى لعدم إثبات تاريخ عقد الإيجار بالشهر العقاري لا تكونه قد استفدت ولايتها بالفصل في موضوعها وكان يتعين على محكمة الاستئناف وقد ألغت هذا الحكم أن تعيد الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى للفصل في موضوعها أما وقد تصدت للفصل فيه فإنها تكون قد أهدرت إحدى درجتي التقاضي". (نقض مدني في الطعن رقم 3549 لسنة 58 قضائية – جلسة 16/6/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 699 – فقرة 2. وفي الطعن رقم 889 لسنة 52 قضائية – جلسة 6/6/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 867 – فقرة 2).

كما تواتر قضاء النقض على أن: "... لا يعدو أن يكون دفعاً متعلقاً بشكل الإجراءات لا يسغ لمحكمة الاستئناف التصدي للموضوع، لما يترتب عليه من تفويت لإحدى درجات التقاضي وهو من المبادئ الأساسية من النظام القضائي، لما كان ما تقدم وكان حكم محكمة أول درجة اقتصر في قضائه على الحكم بسقوط حق المطعون عليها على قرار لجنة تحديد الأجرة بفوات ميعاده، وكان الحكم المطعون فيه بعد إذ قضى بإلغائه وبقبول الطعن المرفوع منها تصدى لموضوعه وفصل فيه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 1323 لسنة 48 قضائية – جلسة 23/5/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 428 – فقرة 3).

ومن ثم، ولما كان الحكم المستأنف والقاضي بعدم القبول "الشكلي" لم تستنفد به محكمة أول درجة ولايتها للفصل في الموضوع، حيث لم يسبق لها نظره، فإنه يتعين عند القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعه، كما سلف بيانه.

ولما كان هذا الاستئناف قد أقيم في الميعاد القانوني ومستوفياً لكافة أوضاعه القانونية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.

لكل ما تقدم، ولما سيبديه الطالب بصفته من أسباب أخرى وأوجه دفاع ودفوع، مع حفظ حقه في إبداء كافة الدفوع الشكلية منها والموضوعية، عند نظر الاستئناف الماثل بالجلسات، في مرافعاته الشفوية ومذكراته المكتوبة.

ولما تراه عدالة محكمة الاستئناف الموقرة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية (رئاسة الطالب بصفته) القضاء لها في الاستئناف الماثل بما يلي:

"وبناء عليه"

أنا المحضر سالف الذكر، قد انتقلت في التاريخ أعلاه إلى حيث مقر إقامة وتواجد المعلن إليهم، وأعلنتهم، وسلمت لكل واحد منهم صورة من صحيفة هذا الاستئناف، وكلفتهم بالحضور أمام محكمة استئناف عالي القاهرة الكائن مقرها بدار القضاء العالي بشارع 26 يوليو بوسط مدينة القاهرة، وذلك أمام الدائرة ( ............. ) أحوال شخصية، والتي ستعقد جلساتها علناً بسرايا المحكمة في تمام الساعة التاسعة وما بعدها من صباح يوم ............................................... الموافق ................/ ................/2009 لسماعهم الحكم:

"أولاً- بقبول هذا الاستئناف شكلاً.

ثانياً- وفي الموضوع: بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجدداً: بإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها. مع إلزام المعلن إليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي".

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً كانت،،،

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

Ashraf.Rashwan@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق