الاثنين، 26 أكتوبر 2009

قضية البهائيين - تقرير هيئة مفوضي الدولة بمجلس الدولة المصري

تقرير قضائي مصري في قضية البهائيين

أودعت هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة المصري تقريرها القانوني في قضية البهائيين في مصر والتي أثارت جدلا واسعاً بعد حكم محكمة القضاء الإداري بإلزام كل من وزير الداخلية ورئيس مصلحة الأحوال المدنية ورئيس مصلحة الجوازات والهجرة بكتابة ديانة البهائية في خانة الديانة في شهادات الميلاد والبطاقة الشخصية للبهائيين في مصر.

فطعن الوزير ورئيسا المصلحتين على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا مطالبين بإصدار حكم نهائي بإلغاء هذا الحكم وأحالت المحكمة الطعن لهيئة المفوضين لإصدار تقرير قانوني في القضية.

هيئة المفوضين انتهت من تقريرها يوم الخميس 12/10/2006 وكتبته في 24 صفحة وطالبت في نهايته بإصدار حكم نهائي بقبول الطعن على حكم محكمة القضاء الإداري وإلغاء الحكم الصادر لصالح البهائيين في مصر.

التقرير الذي كتبه المستشار عبد القادر قنديل نائب رئيس مجلس الدولة استعرض فيه كل النصوص القانونية والدستورية المصرية عن العقيدة وحريتها التي اعتمد علياه البهائيون في دعواهم التي حصلوا من خلالها على حكم محكمة القضاء الإداري.

التقرير دعا في النهاية حكومة مصر وشعبها وسلطتها التشريعية للعمل من اجل الحفاظ على كيان هذا المجتمع ووحدته ومواجهة أي أفكار قد تؤدي إلى زعزعة واستقرار هذا البلد الآمن وأن تتبع بطريقة أو بأخرى وسيلة معينة لمعرفة هذه الطائفة من المجتمع بحيث يميزون عن غيرهم ويكونون معروفين لجميع من يتعاملون معهم بالحذر من هذه الطائفة ومن أفكارهم ومعتقداتهم بحيث لا تخرج هذه الطريقة عن مظلة الدستور وأحكامه.

والمعروف أن قضية البهائيين في مصر بدأت بإقامة كل من حسام عزت ورانيا عنايت دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري في العاشر من إبريل العام قبل الماضي تحت رقم 24044 لسنة 58 قضائية "قضاء إداري"، طالبا فيها بإصدار حكم قضائي بأحقية كتابة ديانة البهائية في شهادة ميلاد بناتهما الثلاث باكينام وفره وهنا حسام عزت، وأيضا أحقيتها في كتابة خانة الديانة بهائي في بطاقتيهما الشخصية.

هيئة قضايا الدولة طلبت من المحكمة إصدار حكم برفض الدعوى إلا أن محكمة القضاء الإداري في الرابع من إبريل الماضي أكدت بأحقية البهائيين في كتابة ديانتهم في بطاقتهم الشخصية، وأسندت أسباب حكمها أن المستقر عليه قضاء أن دار الإسلام قد وسعت غير المسلمين على اختلاف ما يدينون ويحيون فيه كسائر الناس بغير أن يكره أحد منهم على أن يغير شيئا مما يؤمن به.

كما أوجب - كما قال الحكم - قانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994 استخراج بطاقة شخصية لكل مصري يبين فيها اسمه ودينه، وإن كان مما لا يعترف بإظهار مناسكه كالبهائية ونحوها؛ بل يجب بيانه حتى تعرف حال صاحبه ولا يقع له من المراكز القانونية ما لا تتيحه له تلك العقيدة بين جماعة المسلمين، ولا يكون للسجل المدني أن يمتنع عن إعطاء بطاقة شخصية أو شهادة ميلاد لمن يدين بالبهائية، لا أن يغفل ذكر هذا الدين في بطاقة من يعتنقه، وانتهت المحكمة إلى أن الامتناع عن إعطاء البهائيين شهادات ميلاد وبطاقة شخصية مخالف للقانون.

إلا أن المستشار رفيق شريف نائب رئيس هيئة قضايا الدولة قدم نيابة عن وزير الداخلية ومصلحة الجوازات بطعن أمام المحكمة الإدارية العليا تحت رقم 18971 لسنة 52 قضائية "إدارية عليا" طالبا بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري. وأصدرت هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا تقريرها الجديد بالإلغاء.

حيثيات الرفض كما جاء في التقرير تقول:

إن الدستور نص في المادة 40 على أن المواطنين لدى القانون سواء، ونصت المادة 46 من الدستور على أن تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وكان التعديل المقترح على المادة الثانية من الدستور يكفل حرية العقيدة لغير المسلمين من أهل الكتاب إعمالا لمبدأ لا إكراه في الدين كما يكفل المساواة بين المسلمين وغير المسلمين في الحقوق والواجبات العامة إعمالا لمبدأ لهم ما لنا وعليهم ما علينا وكان من المسلم به أن يتعين تفسير أي نص في الدستور بما يتفق مع باقي نصوصه وليس بمعزل عن أي منها وكان من المسلمات أيضا إن مبادئ الشريعة الإسلامية السمحاء تقرر إن غير المسلمين من أهل الكتاب يخضعون في أحوالهم الشخصية لشرائع ملتهم.

وبالتالي فإن أي انحراف في تفسير أي نص من الدستور بما يخل بمبدأ المساواة أو حرية العقيدة أو حرية ممارسة الشعائر الدينية لأهل الكتاب من المصريين يمثل مخالفة دستورية صريحة بل يتعارض مع القول بمثل هذا التفسير مع واجب الحفاظ على الوحدة الوطنية التي يلتزم بها كل مصري طبقا لصريح نص المادة 60 من الدستور ويتناقض مع مراعاة ما أقره الشعب ضمن مبادئ الاستفتاء الذي تم في 19 مايو عام 1979 بشأن معاهدة السلام وإعادة بناء الدولة.

وأضاف تقرير المفوضين من المفاهيم القانونية اجتمعت الآراء الفقهية والفتاوى الصادرة من جهات الاختصاص أكدت على أن حرية العقيدة تعنى أن للفرد اعتناق ما يشاء من أصول العقائد شريطة ألا ينطوي اعتناق هذه العقيدة على المساس بالنظام العام للدولة واستقرارها وأن البهائية تخرج عن الأديان السماوية ومباشرتها تتضمن المساس بالنظم المستقرة في الدولة فلا يجوز قيد الأبناء على هذه الديانة لمخالفة ذلك للنظام العام.

كما استقر رأي الفقهاء على أنه لا يجوز قانونا طبقا لأحكام قانون الأحوال المدنية ولائحته التنفيذية كتابه في بيان الديانة دين غير الديانات الثلاث المعترف بها. وقال التقرير أن هذا يعنى أن جميع الدساتير المصرية التزم فيها بمبدأ حرية العقيدة وإقامة الشعائر الدينية مقيدة بقيد أفصحت عنه الدساتير السابقة وأغفله الدستور الحالي وهو عدم الإخلال بالنظام العام وعدم منافاة الآداب ولكن الأديان التي تحمى هذا النص حرية القيام بشعائرها قد كشفت عنه الأعمال التحضيرية لدستور 1923 عن المادتين 12 و 13 وهما الأصل الدستوري لجميع النصوص التي وردتهما الدساتير المصرية المتعاقبة عليه.

وأكد التقرير أن العقيدة البهائية أجمع أئمة المسلمين على أنها ليست من الأديان المعترف بها ومن يدين بها من المسلمين يعتبر مرتدا. وهذه العقيدة البهائية بدأت في إيران عام 1844 بدعوى من مؤسسها ميرزا محمد على الملقب بالباب معلنا انه يستهدف بدعوته إصلاح ما فسد وتقويم ما أعوج من أمور الإسلام والمسلمين.

وظل موقف البهائي من الشريعة الإسلامية غامضا حتى عام 1948 حتى عقد مؤتمر برشمت بإيران أعلن فيه خروج البهائية وانفصالها التام عن الإسلام وشريعته ولقد تضمن كتبهم ومنها كتاب البيان الذي وضعه ميرزا محمد على والكتاب الأقدس الذي وضعه ميرزا حسن على الملقب بالبهاء أو بهاء الله على نسف القرآن الكريم مبادئ وأصولا تناقض الدين الإسلامي كما تناقض سائر الأديان السماوية وتهدر أحكام الإسلام في الصوم والصلاة ونظام الأسرة.

ولم يقف مؤسسو هذه العقيدة كما قال تقرير المفوضين عند حد إدعاء النبوة والرسالة معلنين أنهم رسل يوحي إليهم من العلي القدير منكرين بذلك أن محمدا عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين كما جاء في القرآن الكريم بل جاوزوا ذلك فادعوا الألوهية ثم خرجوا من مجال العقيدة الدينية إلى مجال السياسة المعادية للأمة العربية فضلا عن الإسلام والمسلمين فبشروا في كتبهم بالدعوى الصهيونية معلنين أن بني إسرائيل سيجتمعون في الأرض المقدسة حيث تكون أمة اليهود التي تفرقت في الشرق والغرب والشمال والجنوب مجتمعة. كما أكد تقرير المفوضين أن البهائية في طورها الأخير أو في بدايتها الأولى ارتداد وخروج عن الإسلام وقد أسقط رؤساؤها فراض الصلاة والصيام والحج والجهاد والحدود والقصاص وسائر ما جاء به في الكتاب والسنة من تعاليم ولا يؤمن البهائيون باليوم الآخر ولا بالجنة ولا بالنار على النحو الذي نؤمن به فقد كفر الباب بالقيامة كما فصل أمورها ووصفها بالقرآن وأخذ بتفسير الباطنية لها أو بجحود الباطنية بها قال عن القيامة: إنها قيامة الروح الإلهية في مظهر بشري جديد، وعن البعث: انه الإيمان بألوهية هذا المظهر، وعن لقاء الله يوم القيامة: انه لقاء الباب لأنه هو الله وعن الجنة أنها الفرح الروحي الذي يشعر به من يؤمن بالمظهر الإلهي.

وقد جعلوا الشهر 19 يوم والسنة 19 شهر وأعتنق البهائيون دعوات أنصار السلام وأخذوا يرددونها على أنها وحي نازل من السماء وقد بذل الاستعمار جهدا ضخامة في مساندة القوم كي تعلو وتتسع دائرتهم وبناء على ذلك كما قال تقرير المفوضين فالبهائية ليست من الأديان المعترف بها ومن يدين بها من المسلمين يعتبر مرتدا وخارجا على الإسلام ولا يجوز القياس بينها وبين الأديان الأخرى التي اعتبر الإسلام معتنقيها من أهل الذمة يتركون على ما هم عليه ويكون زواجهم صحيحا في نظر الإسلام.

وقال التقرير أن المشرع المصري تنبه لخطر البهائية على المجتمع المصري فأصدر القانون رقم 263 لسنة 1960 في شان حل المحافل البهائية ونص في مادته الأولى على أن تحل المحافل البهائية ومراكزها الموجودة بأقاليم الجمهورية ويوقف نشاطها ويحظر على الأفراد والمؤسسات القيام بأي نشاط ما كانت تباشره هذه المحافل والمراكز.

ومضى في مادته الرابعة على أن كل مخالفة لأحكام هذا القانون يعاقب مرتكبوها بالحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر أو بغرامة لا تجاوز 100 جنيه أو ألف ليرة أو بإحدى العقوبتين.

وقد طعن بعض الأفراد بعدم دستورية القانون أمام المحكمة العليا تحت رقم 7 لسنة 2 ق فأصدرت المحكمة حكمها في أول مارس عام 1975 برفض الدعوى استنادا إلى أن شعائر البهائية مخالفة لنظام العام والآداب العامة.

وأكد تقرير المفوضين في نهايته وفي ذكر كل هذه التشريعات والتفسيرات والآراء والأحكام على مخالفة البهائية للنظام العام وأي تصرف لإتباعها بوصفهم بهائيين أو ترتيب أي حق على هذه التصرفات يعتبر باطلا لذا فإن زواج البهائي أيا كانت ملته يكون باطلا ولا يجوز توثيقه طالما أن ذلك هو ما تقتضه موجبات النظام العام كما أنه لا يجوز إثبات البهائية في خانة الديانة في البطاقات الشخصية أو شهادات الميلاد لمخالفة ذلك للنصوص الدستورية وللنظام العام والآداب التي ترسخ عليها وقام بها المجتمع المصري بكل طوائفه.

وبالتالي فإن امتناع وزارة الداخلية عن إعطاء حسام عزت ورانيا عنايت بطاقتيهما الشخصية وشهادات الميلاد بناتهما مثبت بها الديانة البهائية يكون مسلكا صحيحا قائما على سند صحيح متفقا وصحيح حكم القانون.

وهذا لا يخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر 1948 ووقعت مصر عليه لأنه لا يعدو أن يكون مجرد توصية غير ملزمة وليس له قيمة المعاهدات الدولية المصدق عليها.

وأنهى التقرير بتوصية أهاب فيها حكومة مصر وشعبها وسلطتها التشريعية العمل من اجل الحفاظ على كيان هذا المجتمع ووحدته ومواجهة أي أفكار قد تؤدى إلى زعزعة واستقرار هذا البلد الآمن.

حفظ الله الإسلام والمسلمين،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق