الأحد، 15 أغسطس 2021

وسيط السنهوري - الجزء 5 الخامس - المجلد 2 الثاني

 

الوسيط

في شرح القانون المدني

( 5 )

العقود التي تقع على الملكية

 

المجلد الثاني

 

الهبة والشركة

والقرض والدخل الدائم والصلح

 

 

تأليف

عبد الرزاق أحمد السنهوري

 

دكتور في العلوم القانونية ودكتور في العلوم السياسية والاقتصادية

ودبلومية من معهد القانون الدولي بجامعة باريس

 

1962

 

الناشر

دار النهضة العربية

32 شارع عبد الخالق ثروت – القاهرة


 

 

 

 

 $ 1 $

الباب الأول

عقد الهبة


 $ 3 $

مقدمة (*)

1 - التعريف بعقد الهبة ومقومات هذا العقد – نصوص قانونية : أوردت المادة 486 من التقنين المدني تعريفاً لعقد الهبة في العبارات الآتية :

1 – " الهبة عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في مال له دون عوض " .

 $ 4 $

2 - ويجوز للواهب ، دون أن يتجرد عن نية التبرع ، أن يفرض على الموهوب له القيام بالتزام معين " ( [1] ) .

ولا مقابل لهذا : النص في التقنين المدني السابق ، ولكن حكمه كان معمولا به دون نص .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 454 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 475 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 601 – وفي تقنين الموجبات والعقود والعقود اللبنانية المواد 504 إلى 506 ( [2] ) .

 $ 5 $

ويخلص من هذا التعريف أن للهبة مقومات أربعة :

1 - فالهبة عقد ما بين الأحياء ( Contrat entre vig ) .

2 - بموجبه يتصرف الواهب في ماله ( transmission de valeur ) .

3 - دون عوض ( absence de cnotrepartic ) .

4 - بنية التبرع ( intention liberale ) .

ويمكن القول ، من النظر في هذه المقومات ، إن عقد الهبة يتكون من عنصرين : ( ا ) عنصر مادي ( element material ) : وهو تصرف الواهب في ماله دون عوض ( المقومان الثاني والثالث ) . ( ب ) وعنصر معنوي أو قصدي (element intentionnel ) : وهو نية التبرع ( المقومات الرابع ) .

ونتناول بالتحليل كلا من هذه المقومات الأربعة .

2 - الهبة عقد ما بين الأحياء : فالهبة أولاً عقد لا بد فيه من إيجاب وقبول متطابقين ( [3] ) ، ولا تنعقد الهبة بإرادة الواهب المنفردة كما $ 6 $ سنرى . وهذا هو الذي يميز الهبة عن الوصية ، إذ الوصية تنعقد ايرادة الموصى المنفردة ، ويجوز لهذا أن فيها ما دام حيا ، فلا تنتج الوصية أثرها إلا عند موته . أما رضاء الموصى له بالوصية بعد موت الموصى فليس قبولا لإيجاب من الموصى ، بل هو تثبيت لحق الموصى له في الموصى به حتى لا يكسب حقاً بغير رضائه على النحو الذي رأيناه في قبول المنتفع للاشتراط لمصلحته في الاشتراط لمصلحة الغير . ويقطع في ذلك أن الموصى له يكسب الموصى به لا من وقت " قبوله " للوصية بل من وقت موت الموصى ، ولو كانت الوصية عقداً تتم ببقول الموصى له لكسب هذا ملكية الموصى به من وقت قبوله لا من وقت موت الموصى . فالهبة إذن تختلف عنا لوصية في إنها عقد لا يجوز الرجوع فيه إلا في أحوال معينة ، وفي أن أثرها لا يتراخى حتما إلى موت الواهب . ووصف الهبة في التعريف الذي أورده التقنين المدني بأنها عقد يخرج الوصية قطعاً عن أن تكون هبة ، وليس من الضروريان يضاف إلى التعريف أن تكون الهبة غير مضافة الموت الواهب ( [4] ) .

وما دمنا نقول إن الهبة عقد فهي عقد ما بين الأحياء ، ولا حاجة إلى النص على ذلك صراحة كما قدمنا ، فإن التقنين المدني المصري لا يعرف العقد إلا بين الأحياء . ومن ثم تخرج الهبة لما بعد الموت ، وهي الهبة التي يعرفها القانون الروماني ولا يعرفها القانون المصري ( [5] ) . فلا يجوز $ 7 $ في القانون المصري أن يعقد الواهب هبة باتة ويرجئ في الوقت ذاته نقل $ 8 $ ملكية الموهوب إلى ما بعد موته ( [6] ) ، ولا يستطيع أن يفعل ذلك إلا عن طريق الوصية وبإرادته المنفردة التي يجوز له الرجوع فيها كما سبق القول . وإلى هذا تشير المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي إذ تقول : " ويلاحظ أن الهبة عقد يتم في حال الحياة ، أما الهبة لما بعد الموت ، وتختلف عن الوصية في أنه لا يجوز الرجوع فيها إلا حيث يجوز الرجوع في الهبة ، فباطلة ، ويكون الموهوب لورثة الواهب : م 504 / 2 من قانون الأحوال الشخصية " ( [7] ) .

3 - الواهب يتصرف في مال له : ويخصص الهبة بين عقود التبرع بوجه عام ( dispositions a titre gratuity ) أن الواهب يتصرف في مال له . ذلك أن الهبة تدخل في عموم عقود التبرع ، وتدخل معها عقود $ 9 $ أخرى كالعارية والوديعة بغير اجر والوكالة بغير اجر والتبرع بأية خدمة أو عمل آخر . وتتخصص الهبة ( [8] ) في أن الواهب يلتزم بإعطاء شيء ، أما في العقود الأخرى ( [9] ) فالمتبرع يلتزم بعمل ( [10] ) أو بالامتناع عن عمل ( [11] ) ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " يعرف المشروع الهبة تعريفاً يميزها عن غيرها من أعمال التبرعات ، فهي تشترك مع سائر التبرعات – كعارية الاستعمال والوديعة دون مقابل – في إنها تجعل الموهوب له يثري دون عوض ، وفي إنها تقترن بنية التبرع . ولكنها تنفرد بخاصية هي إنها من أعمال التصرف – فالواهب يلتزم بنقل ملكية دون مقابل . ويترتب على ذلك أن الالتزام بعمل أو بالامتناع عن عمل ، كما في عارية الاستعمال والوديعة ، لا يكون هبة وإن كان تبرعاً ( [12] ) .

 $ 10 $

فالواهب إذن يتصرف في مال له دون عوض . ومعنى ذلك في الأصل أنه يلتزم بنقل حق عيني إلى الموهوب له . ويتحقق هذا بالتصرف مباشرة في المال ، فينقل الواهب للموهوب له ملكية عقار أو منقول . وليس من الضروري أن يكون الحق الموهوب هو حق الملكية في العقار أو المنقول ، بل يجوز أن يكون حق انتفاع أن حق استعمال أو حق سكنى أو حق حكر أو حق إرتفاق أو غير ذلك من الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن الملكية ( [13] ) وقد يكون معنى ذلك أيضاً أن يلتزم الواهب للموهوب له بحق شخصي هو إعطاء شيء ( obligation de donner ) ، فيجوز أن تتحقق الهبة ، لا عن طريق الالتزام بنقل حق عيني ، بل بطريق الالتزام بحق شخصي كأن يلتزم الواهب للموهوب له بمبلغ من النقود ، وهذا تصرف غير مباشرة في المال إذ هو إنقاص من مجموع ذمة الواهب .

ولما كانت الهبة تصرفاً في المال ، فقد خرجت الكفالة العينية عن أن تكون هبة . ذلك أن الكفيل العيني ، وإن كان يتصرف في ماله بأن يثقل عيناً مملوكة له برهن ضماناً لدين شخص آخر ، إلا أنه لا يلتزم بنقل حق عيني أصلي لا إلى الدائن ولا إلى المدين . وإذا نزعت ملكية العين المثقلة بالرهن وفاء للدين ، فإن الكفيل العيني له حق الرجوع على المدين بما وفاه من دينه ؛ وإذا نزل عن هذا الحق فإنه يكون متبرعاً به لا بحق الرهن الذي ثقل به العين ( [14] ) .

 $ 11 $

ويخلص مما قدمنا أنه لا يعتبر هبة – وإن كان يعتبر تبرعاً – أن يمتنع المتبرع عن الإثراء ، إذ الواهب يجب أن يفتقر ، بأن يلتزم بنقل حق عيني أو أن يلتزم بحق شخصي بإعطاء شيء كما قدمنا . فإذا رفض الموصى له الوصية ، أو رفض المنتفع في الاشتراط لمصلحة الغير الحق المشترط لمصلحته ( [15] ) ، فليس هذا بهبة . ويخلص أيضاً أن الإبراء من الدين وهو نزول عن حق شخصي ، والاشتراط لمصلحة الغير وهو إلزام الغير بحق شخصي للمنتفع ، ليسا هبة مباشرة ، وإنما هما هبة غير مباشرة ، لأنهما لا يتضمنان التزاماً بنقل حق عيني أو التزاماً بحق شخصي ( [16] ) .

فالهبة المقصودة في هذا الباب هي الهبة المباشرة ، وهي التي لا تتحقق إلا بأني لتزم الواهب بنقل حق عيني إلى الموهوب له أو أن يلتزم له بحق شخصي بالإعطاء . وهذه الهبة المباشرة هي التي تسري عليها أحكام الهبة ، فتشترط فيها الشكلية وتستوجب أهلية التبرع ، ويتخفف فيها من ضمان الاستحقاق وضمان العيب ، ويجوز الرجوع فيها إلا في أحوال معينة . وأهم هذه الأحكام هي الشكلية ، وهو حكم تنفرد به الهبة المباشرة .

 $ 12 $

4 - دون عوض : والتزام الواهب يجب إلا يقابله عوض ، إذ الهبة تصرف في المال دون عوض كما ورد في النص ( م 434 / 1 مدني ) . فهي افتقار من جانب الواهب ، وإثراء من جانب الموهوب له ، وقد ترتب هذا الإثراء على ذلك الافتقار ( [17] ) . ولكنه ليس إثراء بلا سبب ، فلا يستطيع الواهب أن يسترد الهبة إلا في الأحوال التي يجوز فهيا الرجوع ، إذ الإثراء هنا سببه عقد الهبة .

وليس يمنع أن تكون الهبة دون عوض أن تكون من الهبات المتبادلة ( dons mutuels ) زد فقد يهب شخص آخر شيئاً ، ثم يهب الموهوب له شيئاً للواهب ، فتكون الهبتان متبادلتين . وتكون كل منهما دون عوض ، لأن كلا من الهبتين ليس عوضاً عن الهبة الأخرى ، بل كالواهب قد وهب بنية التبرع غير ناظر إلى الهبة الأخرى كعوض عن هبته . وينطبق ذلك أيضاً على الهدايا المتبادلة في مناسبات معينة ، كالأفراح وحفلات القرآن وأعياد الميلاد ، فالصديق يقدم هدية لصديقة في إحدى هذه المناسبات قاصداً التبرع ، ولا ينفي هذه النية عنده أنه يتوقع أن صديقه سيقدم له هدية في مناسبة مقبلة ( [18] ) .

 $ 13 $

وتقرر الفقرة الثانية من المادة 486 مدني بأنه يجوز للواهب أن يفرض على الموهوب له القيام بالتزام معين ، ولا يمنع ذاك من أن يكون العقد هبة . فيصح أن يفرض الواهب على الموهوب له التزاماً لمصلحة الموهوب له نفسه ، كأن يهب له مبلغاً من المال ويلزمه إنفاقه في القيام برحلة علمية يفيد منها ( [19] ) ، أو في الإنفاق منه على تحصيل العلم ، أو في شراء عقار أو سندات مالية يدخرها ، أو نحو ذلك مما هو في مصلحة الموهوب له ( [20] ) . وواضح أن هذا الالتزام إنما قرره الواهب لمصلحة الموهوب له ، فهو والهبة معاً يفيدان الموهوب له فائدة محضة ( [21] ) .

 $ 14 $

على أنه يجوز أن يكون الالتزام مفروضاً لمصلحة الواهب له ، وقد أوردت المادة 499 / 1 مدني مثلا لذلك عندما نصت على أنه " إذا اشترط الواهب عوضاً عن الهبة وفاء ديونه ، فلا يكون الموهوب له ملزماً إلا بوفاء الديون التي كانت موجودة وقت الهبة ، هذا ما لم يتفق على غيره " . فيصح إذن أن يشترط الواهب على الموهوب له أن يفي بما عليه من دين بعد أن تجرد له عن المال الذي كان يصح أن يفي منه هذا الدين ، وما دام أقل من قيمة المال الموهوب فإن الفرق بين هذه القيمة والدين يعتبر هبة بلا عوض ( [22] ) . والفقرة الثانية من المادة 499 مدني تفترض التزاما في ذمة الموهوب له بوفاء الدين ، وذلك " إذا كان الشيء الموهوب مثقلا بحق عيني ضمانا لدين في ذمة الواهب أو في ذمة شخص آخر ، فإن الموهوب له يلتزم بوفاء هذا الدين ، ما لم يوجد اتفاقا على غير ذلك " . وسنتناول نص المادة 499 مدني تفصيلا فيما يلي ( [23] ) .

وإذا كانت الهبة لا تتحقق إلا إذا كانت سبباً في إثراء الموهوب له ، فذلك لا يمنع من أن تكون بعوض ، ويكون المقدار المتبرع به في هذه الحالة هو الفرق بين قيمة المال الموهوب والعوض المشترط ، بحيث 4 إذا تبين أن قيمة العوض المشترط تعادل قيمة المال الموهوب أو تقاربها كان العقد معاوضة لا هبة ( [24] ) . وإذا تبين أن الشيء الموهوب أقل في القيمة من العوض المشترط – ويتحقق ذلك غالباً إذا كان الموهوب له على غير بينة من أمره – لم يكن الموهوب له ملزماً بأن يؤدي من هذا العوض إلا بقدر قيمة الشيء الموهوب ( م 498 مدني ) ( [25] ) . والعوض إما أن يشترط لمصلحة الواهب أو لمصلحة أجنبي أو للمصلحة العامة ( م 497 مدني ) ، وسيأتي بيان ذلك تفصيلا فيما يلي ( [26] ) . وقد يكون العوض إيراداً مرتباً مدى الحياة لمصلحة الواهب أو لمصلحة أجنبي ، وقد يعادل هذا الإيراد ريع العين الموهوبة أو يزيد عليه ، وقد يهب الشخص ماله لآخر ويشترط عوضاً لذلك النفقة عليه ، فلا يمنع العوض في كل هذه الحالات من أن يكون العقد هبة بمقدار الفرق بين العين الموهوبة والعوض ( [27] ) كما سبق القول .

5 - نية التبرع : ولا يكفي لتحقق الهبة أن يتصرف الواهب في مال له دون عوض ، بل يجب إلى جانب ذلك قيام العنصر المعنوي في الهبة ، وهو نية التبرع ( [28] ) ( animus donandi, intention liberale ) . فقد يتصرف الشخص في ماله دون عوض ولا تكون عنده نية التبرع ( [29] ) ، كأن يوفى $ 16 $ بالتزام طبيعي ، فهو لا يتبرع وإنما يوفى ديناً وإن كان لا يجبر على الوفاء به ، فيكون تصرفه هذا وفاء لا هبة . ولا يستطيع الرجوع فيه ، حتى في الأحوال التي يجوز فيها الرجوع في الهبة ، كما لا يستوجب الرسمية ( [30] ) . ومما يعتبر وفاء بالتزام طبيعي تجهيز الأب ابنته ، أو إعطاء الأب ابنه المهر ليعينه على الزواج ، أو إعطاؤه مبلغاً من المال ينشيء به متجراً أو نحو ذلك ، ففي جميع هذه الأحوال إنما يوفى الأب بالتزام طبيعي ، فهو لا يتبرع ، ويكون تصرفه هذا وفاء لا هبة ( [31] ) .

وتنتفي نية التبرع في عطايا المكافأة ( dons remuneratoires ) ، وهي العطايا المقدمة للإثابة على خدمة أو صنيع . فمن ينفح خادماً له مبلغاً من المال مكافأة له على إخلاصه في العمل لا يعطي هبة ، ولكنه يفي بالتزام طبيعي . ذلك أن عطايا المكافأة أو هبات المجازاة تكون معاوضة إذا كانت وفاء لالتزام طبيعي ( [32] ) .

 $ 17 $

وتنتفي نية التبرع أيضاً في المكافآت السنوية التي تعطيها الشركات لمستخدميها وللعمال بالإضافة إلى مرتباتهم ، فهذه عطايا لا تعتبر هبة ، بل هي جزء من المرتب وإن كانت جزءاً غير ثابت ( [33] ) . والنفحة ( البقشيش ) التي ينفحها العميل لخدمة المقاهي والمداعم والفنادق وما إليها لا تعتبر هبة ، بل هي جزء من الأجر ترتب بحكم العرف ( [34] ) .

وقد يعطى الشخص مالا ولكنه لا يقصد به التبرع المحض ، بل يقصد جنى منفعة مادية أو أدبية ، فتنتفى في هذه الحالة نية التبرع ، ولا يعتبر التصرف هبة . فإذا أعطيت البلدية أرضا دون مقابل لشركة لتنشيء عليها فندقاً في مصيف أو مشتى ، وقد قصدت البلدية بهذه العطية رواج المصيف أو المشتى ، فقد قصدت جنى منفعة مادية ، وانتفت عندها نية التبرع ، فلا يعتبر تصفها هبة ( [35] ) . وإعطاء الحكومة أرضا بشرط تعميرها لا يعتبر $ 18 $ هبة ( [36] ) . وإذا أعطى شخص مالا لوزارة الأوقاف لتبنى به مسجداً واشترط أن يدفن فيه ، انتفت عنده نية التبرع ، إذ يكون قد قصد بذلك جنى منفعة أدبية ، فلا يكون تصرفه هبة . ومن يعطى مالا لإنشاء مدرسة أو مستشفى ، ويشترط أن تسمى المؤسسة باسمه ، فإنه يكون قد قصد جنى منفعة أدبية ، ولا يعتبر تصرفه هبة ( [37] ) .

 $ 19 $

فيجب إذن في الهبة أن تتمحض نية الواهب للتبرع ( [38] ) ، دون أن يقصد وفاء بالتزام طبيعي ، ودون أن يهدف إلى الإثابة على صنيع ، أو إلى جنى منفعة مادية أو أدبية ( [39] ) .

6 - خصائص الهبة واشتباهها ببعض التصرفات الأخرى : والهبة التي بسطنا مقوماتها فيما تقدم هي الهبة المباشرة كما سبق القول . $ 20 $ وهذه لها خصائص ، من أهمها إنها عقد شكلي ( [40] ) وقد يكون عينيا في المنقول كما سنرى ، وإنها عقد ملزم لجانب واحد هو جانب الواهب فلا يلتزم الموهوب له بشيء إلا إذا اشترط العوض فتكون الهبة ملزمة للجانبين ، وأنها عقد تبرع ( [41] ) إذ من مقوماتها نية التبرع كما قدمنا .

ويجوز أن تستر الهبة وصية ، وقد رأينا في عقد البيع كيف يستر البيع الوصية ، فكذلك الهبة . ويعمد الموصى إلى افراغ وصيته في صورة هبة ، ويشترط عادةاستبقاء المنفعة وعدم تصرف الموهوب له في العين الموهوبة . فإذا استخلص القاضي من ظروف التعاقد أن التصرف الحقيقي هو وصية يسترها عقد الهبة ، أجرى عليها أحكام الوصية فلا تنفذ بغير إجازة الورثة إلا في ثلث التركة ( [42] ) . ولكن الذي يقع عادة في العمل هو ستر الوصية ببيع لا بهبة ، فالبيع أكثر صلابة من الهبة في ستر الوصية ، وقد بسطنا القول في ذلك عند الكلام في البيع .

 $ 21 $

ويجوز أن يستر البيع الهبة ، ليكون العقد هبة في صورة بيع ، ويذكر في العقد ثمن صورى لا ينوي البائع أن يتقاضاه ، فيكون العقد في هذه الحالة هبة لا بيعاً ( [43] ) ، تجري عليه أحكام الهبة من حيث الموضوع ، ولكنه يعفى من الرسمية على النحو الذي سنبسطه فيما يلي :

ويجوز أن يلتبس البيع بالهبة إذا كانت الهبة مقترنة بعوض . وما دام العوض أقل قيمة من الموهوب ، فالفرق هبة . ولكن إذا كان العوض يعادل قيمة الموهوب أو يقاربها ، فالعقد معاوضة لا هبة ، ويكون بيعاً أو مقايضة بحسب طبيعة العوض .

7 - الهبة في التقنين المدني الجديد لا تتصل بالميراث – الشريعة الإسلامية والقانون الفرنسي : ويلاحظ أن التقنين المدني الجديد قد نظم عقد الهبة تنظيما كاملا كما سنرى . وقد اقتبس كثيراً من أحكامه من الفقه الإسلامي لا من القانون الفرنسي ، واقتبس بوجه خاص من الفقه الإسلامي أن الهبة لا تتصل بالميراث كما تتصل في القانون الفرنسي .

ففي القانون تتصل الهبة اتصالا وثيقاً بالميراث ، إلى حد أنه يتقرر على الموهوب له للورثة حقان : حق الرجوع ( droit de ropport ) إذا كانت الهبة لوارث فيجب على الموهوب له الوارث أن يرجع الهبة إلى التركة بعد موت الواهب فتوزع على جميع الورثة كل بقدر نصيبه ، وحق $ 22 $ الإنقاص ( droit de reduction ) إذا كانت الهبة لغير وارث وكانت تزيد على نصاب الوصية . فالهبة والوصية في القانون الفرنسي متصلتان على هذا النحو اتصالا وثيقاً بالميراث .

أما في الشريعة الإسلامية ، وقد سار على غرارها التقنين المدني المصري ، فلا تتصل الهبة بالميراث إلا إذا كانت صادرة في مرض الموت ، وعند ذلك يكون لها حكم الوصية ولا تجوز إلا في الثلث . وليس هذا خاصاً بالهبة وحدها ، بل كل تصرف يصدر في مرض الموت على سبيل التبرع يكون له حكم الوصية . فإذا صدرت الهبة في صحة الواهب ، لم يكن لها حكم الوصية ولم تتصل بالميراث ، بل يجوز للشخص أن يهب جميع أمواله ولو لوارث ولا يتقيد بالثلث . ذلك أن الهبة تجرد عن المال في الحال ، فاعتمدت الشريعة الإسلامية في الحد من الإسراف في الهبة على الطبيعة البشرية إذ لا تطيب نفس الإنسان عن التجرد عن ماله في الحال إلا بقدر . أما الوصية فلا تنفذ إلا بعد الموت ، فلا يبالى الإنسان أن يخرج عن كل ماله ما دام ذلك لا ينفذ إلا بعد موته ، فوجب الحد من الإسراف في الوصية لحماية الورثة ، فتقيدت بالثلث على ما قدمنا .

8 – تنظيم عقد الهبة في التقنين المدني السابق : لم يتناول التقنين المدني السابق عقد الهبة بتنظيم شامل ، بل اقتصر على إيراده ضمن أسباب نقل الملكية . وعنى بوجه خاص بالشكل الذي يجب أن تفرغ فيه الهبة ، فذكر إنها لا تتم إلا بورقة ، ما لم تكن مستترة تحت اسم عقد آخر ، أو كانت هبة منقول فيجوز أن تتم بالقبض ( م 48 / 70 – 49 / 71 ) . ثم ذكر بعض أحكام موضوعية متناثرة ، بعضها يتصل بموت الواهب أو فقده لأهليته قبل قبول الهبة ( م 50 / 72 ) ، وبعضها يتصل بقول الهبة من ورثة الموهوب له إذا كان هذا قد مات قبل القبول ( م 51 / 73 ) ، وبعضها يتصل بالهبة والوقف إضراراً بحقوق الدائنين ( م 53 / 76 و م 74 $ 23 $ مختلط ) . وقد التقنين المدني السابق أن يكل بقية الأحكام الموضوعية في الهبة إلى الفقه الإسلامي ، وإذا اعتبرها من موضوعات الأحوال الشخصية ( [44] ) .

وهذا التنظيم غير الشامل لم يكن له مبرر ، بل إن وضع الهبة ضمن أسباب نقل الملكية لم يكن له محل بعد أن تقدم ذكر العقد ، فالهبة تنقل $ 24 $ الملكية كعقد فذكر العقد يغنى عن ذكرها . وكان الأولى نقل الهبة من هذا الموضع إلى مكانها الطبيعي بين العقود المسماة ، فتلى البيع والمقايضة ، وأن تنظم تنظيما شاملا من ناحية الشكل ومن ناحية الموضوع .

9 - تنظيم عقد الهبة في التقنين المدني الجديد : وهذا هو ما فعله التقنين المدني الجديد . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " أهم تجديد استحدثه المشروع في عقد الهبة أنه أورد أحكامها كاملة في الشكل وفي الموضوع ، والتقنين الحالي ( السابق ) يكاد يقتصر على إيراد أحكامها في الشكل ولم يذكر من أحكامها الموضوعية إلا الشيء القليل . وقد نظر المشروع في ذلك إلى أن الهبة عقد مالي كسائر العقود ، فينبغي أن يستوفى التقنين المدني أحكامها جميعاً وأن يضعها في مكانها بين العقود الأخرى ، لا كما فعل التقنين الحالي ( السابق ) وقد انتبذ بها مكاناً لا يخطر على البال . واستمد المشروع الأحكام الموضوعية في الهبة من الشريعة الإسلامية ، وبخاصة من كتاب الأحوال الشخصية لقدري باشا حيث قننت هذه الأحكام . أما الأحكام المتعلقة بالشكل فقد استبقى المشروع فيها التقنين الحالي ( السابق ) مع شيء يسير من التعديل ( [45] ) .

 $ 25 $

10 – خطة البحث : ونبحث عقد الهبة في فصلين متعاقبين ، الأولى منهما في أركان الهبة ، والثاني في أحكامها وتشمل الآثار التي تترتب عليها وجواز الرجوع فيها .

 $ 26 $

الفصل الأول

أركان الهبة

11 - أركان ثلاثة : للهبة ، كما هو الأمر سائر العقود ، أركان ثلاثة : التراضي والمحل والسبب .

وسنسير في بحث التراضي والمحل على الخطة التي اتبعناها في عقد البيع ، ولكن في شيء من الإيجاز . ولم نفرد للسبب بحثاً في عقد البيع ، ولكن نخصه هنا بكلمة موجوزة لأهميته في عقود التبرع .

الفرع الأول

التراضي في عقد الهبة

12 - شروط الانعقاد وشروط الصحة : للتراضي في عقد الهبة شروط انعقاد وشروط صحة ، شأنها في ذلك شأن سائر العقود .

المبحث الأول

شروط الانعقاد

13 - الموضوع والشكل : الهبة تنعقد بإيجاب وقبول متطابقين صادرين من الواهب والموهوب له ، وهذا هو الانعقاد من حيث الموضوع . ولكن الهبة عقد شكلي كما قدمنا ، فللشكل أهمية بالغة في خصوصها ، وهي لا تنعقد إلا إذا استوفت أيضاً الشروط الشكلية .

 $ 27 $

المطلب الأول

تطابق الإيجاب والقبول في الهبة

14 - النصوص القانونية : تنص الفقرة الأولى من المادة 487 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " لا تتم الهبة إلا إذا قبلها الموهوب له أو نائبه " ( [46] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 455 / 1 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 476 / 1 – ولا مقابل له في التقنين المدني العراقي - ويقابل في تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادتين 507 – 508 ( [47] ) .

 $ 28 $

15 - تطبيق القواعد العامة : تسري القواعد العامة المقررة في نظرية العقد في تطابق الإيجاب والقبول في عقد الهبة . فيجب أن يصدر إيجاب من أحد المتعاقدين ( [48] ) يقبله المتعاقد الآخر ، وأن يكون القبول مطابقاً للإيجاب ( [49] ) . ويجوز أن تنعقد الهبة بين غائبين ، فتتم في الزمان والمكان اللذين يصل فيهما القبول إلى علم الموجب ، ويعتبر وصول القبول إلى الموجب قرينة على عمله به إلى أن يثبت العكس . ونحيل في كل ذلك إلى ما قدمناه في نظرية العقد . وقد يسبق الهبة مرحلة تمهيدية ، هي الوعد بالهبة .

والذي نقف عنده في كل ذلك مسألتان نطبق فيهما القواعد العامة لنظرية العقد على عقد الهبة بالذات : ( 1 ) قبول الهبة من الموهوب له ، إذ العادة أن الواهب هو الذي يبدأ الإيجاب فيقبل الموهوب له . ( 2 ) الوعد بالهبة .

1 – قبول الموهوب له للهبة

16 – لا بد من القبول إذ الهبة عقد : جاء النص ( م 487 / 1 مدني السالفة الذكر ) صريحاً في أنه لا بد من قبول الموهوب له للهبة حتى تتم . والسبب في ذلك أن هناك شبهة في أن تتم الهبة بإيجاب الواهب وحده أي بإرادته المنفردة فهو المتبرع بماله ، أما قبول الموهوب له فقد لا تكون هناك حاجة إليه ، إذ الهبة نافعة له نفعاً محضاً . وكل ما يحتاج إليه هو أن يقر الهبة ، كما يقر الموصى له الوصية وكما يقر المنتفع الاشتراط لمصلحته ، حتى لا يتملك حقاً دون رضاه . فجاء النص قاطعاً كما قدمنا في أن هذا غير صحيح ، فالهبة عقد لا إرادة منفردة ، ولا تتم إلا بقبول الموهوب له للهبة ومن وقت هذا القبول ( [50] ) .

والسبب في جهل الهبة عقداً ، واستلزام قبول الموهوب له ، أن الهبة وإن كانت تبرعاً إلا إنها تثقل عنق الموهوب له بالجميل ، وتفرض عليه واجبات أدبية نحو الواهب . وقد يؤثر الموهوب له رفض الهبة ، كما إذا استشف من ورائها غايات للواهب لا يحمدها .

وفي الفقه الإسلامي ذهب أبو حنيفة وصاحباه استحساناً إلى أن القبول ليس بركن في الهبة ، وإنما هو لازم لثبوت حكمها لا لوجودها في ذاتها ، وحكمها هو نقل الملك إلى الموهوب له . والقياس أن يكون القبول ركناً في الهبة ، أي في وجودها لا في ثبوت حكمها فحسب ، فلا تتم إلا بالقبول لأنها عقد من عقود التمليكات كالبيع ، وهذا هو قول زفر ( [51] ) .

17 – القبول ركن موضوعي لا ركن شكلي : قبول الهبة في القانون الفرنسي ينطوي على ضرب من الشكلية ، فهو لا بد أن يكون قبولا $ 30 $ صريحاً ( م 932 / 1 مدني فرنسي ) ( [52] ) . أما في القانون المصري فلا نص على وجوب أن يكون القبول صريحاً ، فيصح أن يكون ضمنياً . بل إن مجرد سكوت الموهوب له بعد علمه بالإيجاب ، إذا تمحضت الهبة لمنفعته ، يعتبر قبولا ( [53] ) ، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 98 مدني على ما يأتي : " ويعتبر السكوت عن الرد قبولا ، إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل ، أو إذا تمحض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه " ( [54] ) . أما إذا كانت الهبة بعوض ، أو فرض فيها الواهب على الموهوب له التزاماً ، فإن السكوت في هذه الحالات لا يعد قبولا إلا إذا كانت الظروف تدل على أن الواهب لم يكن لينتظر تصريحاً بالقبول ولم يرفض الموهوب له الهبة في وقت مناسب ( م 98 / 1 مدني ) .

ولا بد أن يكون القبول مطابقاً للإيجاب ، وإلا لم تنعقد الهبة . فلو أعطى الواهب على سبيل الهبة ، وقبل الطرف الآخر على سبيل الإعارة ، لم تنعقد الهبة ولا الإعارة . والعكس صحيح ، بان أوجب الطرف الأول على سبيل الإعارة وقبل الطرف الآخر على سبيل الهبة ( [55] ) .

18 – رجوع الواهب في الهبة قبل وصول القبول إلى عمله : والقبول – ككل تعبير عن الإرادة – لا ينتج أثره إلا في الوقت الذي يتصل فيه بعلم الواهب ، ويعتبر وصوله إلى الواهب قرينة على العلم به ، $ 31 $ ما لم يقم الدليل على عكس ذلك ( م 91 مدني ) . فإذا صدر إيجاب من الواهب ، ولم يكن الإيجاب ملزماً ، فإن الواهب له أن يرجع عن إيجابه إلى الوقت الذي يصل فيه قبول الموهوب له إلى علمه ، وبشرط أن يصل الرجوع عن الهبة إلى علم الموهوب له قبل وصول قبول الموهوب له إلى علم الواهب . ففي هذه الحالة لا تتم الهبة ، لأن القبول وقت أن يصل إلى علم الواهب لم يصادف إيجاباً قائماً ، فلم يقترن القبول بالإيجاب ( [56] ) . وإنما يصح أن يكون هذا القبول إيجاباً جديداً من الموهوب له ، فإذا تدبر الواهب الأمر فقبله واعتزم المضى في الهبة ، فإن قبول الواهب هو الذي يقترن بإيجاب الموهوب له فتتم الهبة إذا استوفت شروطها الأخرى .

19 – موت الواهب أو فقده لأهليته قبل وصول الإيجاب إلى الموهوب له : وإذا مات الواهب أو فقد أهليته قبل أن يصل إيجابه إلى عمل الموهوب له ، فإن ذلك لا يمنع من اتصال الإيجاب بعلم الموهوب له وقبول هذا للهبة . ولكن القبول لا ينتج أثره إلا إذا وصل إلى علم الواهب ، وهذا قد مات أو فقد أهليته فيستحيل علمه بالقبول ، ومن ثم لا تتم الهبة ( [57] ) . وليس في هذا إلا تطبيق للقواعد العامة آلت قررها التقنين المدني الجديد في المادة 92 منه ( [58] ) .

 $ 32 $

وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين المدني السابق ، إلا أن التقنين السابق كان يسقط الإيجاب إذا مات صاحبه أو فقد أهليته قبل اقتران القبول به ، فلا يستطيع الموهوب له أن يقبل الهبة بعد موت الواهب أو بعد فقده لأهليته . وقد ورد في التقنين المدني السابق نص صريح في هذا المعنى ، إذ كانت المادة 50 / 72 من هذا التقنين تنص على أن " تبطل الهبة بموت الواهب أو بفقده أهليته للتصرف قبل قبول الموهوب له " ( [59] ) .

20 – موت الموهوب له أو فقده لأهليته قبل القبول : أما إذا مات الموهوب له أو فقد أهليته قبل أن يصدر منه القبول ولكن بعد أن صدر إيجاب الواهب ، فإن الهبة لا تتم ، لأن الإيجاب لم يلاق شخصاً يقبله إذ الهبة أمر خاص بشخص الموهوب له فلا تحل ورثته محله في القبول ( [60] ) .

 $ 33 $

ولكن التقنين المدني السابق كان يورد حكماً مخالفاً لما تقدم ، فكانت المادة 51 / 73 من هذا التقنين تنص على أنه " يسوغ أن يحصل قبول الهبة من ورثة الموهوب له إذا كانت قد توفى قبل القبول ، وفي حالة الهبة لمن ليس أهلاً للقبول يصح قبولها ممن يقوم مقامه " ( [61] ) . ولما كان حكم التقنين المدني الجديد مستحدثاً ، فإنه لا يسري إلا من وقت نفاذه . فإذا مات الموهوب له أو فقد أهليته قبل أن يصدر منه القبول ، وكان الموت أو فقد الأهلية قبل يوم 15 أكتوبر سنة 1949 ، فإنه يجوز لورثة الموهوب له أو لمن يقوم مقامه أن يقبلوا الهبة تطبيقاً لأحكام التقنين المدني السابق . أما إذا مات الموهوب له أو فقد أهليته في تاريخ غير سابق على يوم 15 $ 34 $ أكتوبر سنة 1949 ، فإن أحكام التقنين الجديد هي التي تسري ، ولا يجوز لورثة الموهوب له أو لمن يقوم مقامه في هذه الحالة أن يقبلوا الهبة .

أما إذا مات الموهوب له أو فقد أهليته بعد صدور القبول منه ولكن قبل أن يصل هذا القبول إلى علم الواهب ، فإن القبول يبقى قائماً ( م 92 مدني ) وينتج أثره إذا اتصل بعلم الواهب ، فتتم الهبة بالرغم من موت الموهوب له . ولا يمنع من ذلك أن الهبة موجهة إلى شخص بالذات وقد مات أو فقد أهليته ، فإن هذا الشخص قد قبل الهبة فعلا وبقى قبوله قائماً بالرغم من موته أو فقده لأهليته وفقاً للقواعد المقررة في هذا الشأن ، وأنتج القبول القائم أثره بمجرد وصوله على علم الواهب ( [62] ) .

21 – القبول الصادر من غير شخص الموهوب له : وقد يصدر قبول الهبة من غير شخص الموهوب له ، ويتحقق ذلك إذا صدر القبول من نائبه ( م 487 / 1 مدني ) . والنائب إما أن يكون نائباً نيابة قانونية كالولى والوصى والقيم وسنعود إلى هذه المسألة عند الكلام في أهلية الموهوب له ، وإما أن يكون نائباً نيابة اتفاقية وهذا هو الوكيل .

والوكالة في الهبة يجب أن يتوافر فيها الشكل الواجب توافره في عقد الهبة نفسه ، فإذا وكل الواهب وكيلا ليهب مالا له نيابة عنه وجب أن تكون $ 35 $ الوكالة في ورقة رسمية ، ولكن إذا وكل الموهوب له وكيلا ليقبل عنه الهبة جاز أن يكون التوكيل في ورقة عرفية لأن قبول الهبة المنفصل لا تشترط فيه الرسمية ( [63] ) . وقد ورد نص صريح في هذا المعنى ، إذ تقول المادة 700 مدني إنه " يجب أن يتوافر في الوكالة الشكل الواجب توافره في العمل القانونين الذي يكون محل الوكالة ، ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك " . ولا بد من وكالة خاصة في الهبة والاتهاب ، ويجب أن يذكر في هذه الوكالة المال الموهوب فتتخصص الوكالة بهذا المال دون غيره . وقد نصت الفقرتان الأولى والثانية من المادة 702 مدني في هذا المعنى على أنه " ( 1 ) لا بد من وكالة خاصة في كل عمل ليس من العمال الإدارة ، وبوجه خاص في البيع والرهن والتبرعات والصلح والإقرار والتحكيم وتوجيه اليمين والمرافعة أمام القضاء . ( 2 ) والوكالة الخاصة في نوع معين من أنواع الأعمال القانونية تصح ولو لم يعين محل هذا العمل على وجه التخصيص ، إلا إذا كان العمل من التبرعات " .

ولا يجوز لأجنبي ، غير نائب من الموهوب له لا نيابة قانونية ولا نيابة اتفاقية ، أن يقبل الهبة عنه ، إلا بطريق الفضالة إذا تحققت شروطها ( [64] ) . ويترتب على ذلك أنه لو كان الموهوب لهم متعددين وحضر بعضهم مجلس العقد وغاب بعض ، لم يستطع الحاضرون أن يقبلوا عن الغائبين ما دام ليسعدهم توكيل بالقبول وما داموا لا ينوبون عن الغائبين نيابة قانونية . وإنما يستطيع أجنبي أن يتعهد عن الموهوب له بأنه يقبل الهبة ، ويكون هذا تهداً عن الغير فتسري قواعده . ومقتضى هذه القواعد أن الأجنبي الذي تعهد بأن يقبل الموهوب له الهبة لم يلزم هذا الأخير بالقبول ، وإنما ألزم نفسه بأن $ 36 $ يحصل على قبول الموهوب له بالهبة . فلا يلتزم الموهوب له إذن بالقبول ، وله إما أن يقبل الهبة فتتم وإما أن يرفضها فتسقط ( [65] ) .

ولما كان قبول الهبة أمراً شخصياً خاصاً بالموهوب له ، فقد تقوم عنده اعتبارات أدبية تدفعه إلى عدم قبول الهبة ، وهو وحده الذي يستطيع تقدير هذه الاعتبارات ، فإنه إذا لم يقبل الهبة لم يجز لدائنيه أن يستعملوا حقه في القبول وأن يقبلوا نيابة عنها ( [66] ) . وإذا رفض الموهوب له الهبة ، لم يجز لدائنيه أن يطعنوا في هذا الرفض بالدعوى البولصية ، لأن الرفض لا يتضمن معنى الافتقار بل هو امتناع عن الإثراء .

2 - الوعد بالهبة

22 - النصوص القانونية : تنص المادة 490 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " الوعد بالهبة لا ينعقد إلا إذا كان بورقة رسمية " ( [67] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص ( [68] ) .

 $ 37 $

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 458 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 479 – ولا مقابل له في التقنين المدني العراقي – ويقابل في تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 511 ( [69] ) .

وليس هذا النص إلا تطبيقاً تشريعياً لنص اعم منه ، هو نص الفقرة الثانية من المادة 101 مدني ، ويجري على الوجه الآتي : " وإذا اشترط القانون لتمام العقد استيفاء شكل معين ، فهذا الشكل تجب مراعاته أيضاً في الاتفاق الذي يتضمن الوعد بإبرام هذا العقد " .

ويمكن قياس الوعد بالهبة على الوعد بالبيع والوعد بالشراء ، فيوجد وعد بالايهاب ووعد بالاتهاب . ونبحث ذلك في المسائل الآتية : ( 1 ) صور للوعد بالايهاب ( 2 ) صور للوعد بالاتهاب . ( 3 ) كيف ينعقد الوعد بالهبة إيهاباً واتهاباً . ( 4 ) الأثر الذي يترتب على الوعد بالهبة إيهابا واتهابا .

23 – صور الموعد بالايهاب : يتحقق ذلك عملا في هبة المال المستقبل وفي هبة المال غير المملوك للواهب . فإذا فرض أن شخصاً يريد أن يهب آخر دارا مثلا ولكنه لم يشرع في بنائها ، فإنه لا يستطيع أن يهب $ 38 $ الدار فوراً لأن المادة 492 مدني تنص على أن " نقع هبة الأموال المستقبلة باطلة " . وهو لا يريد أن ينتظر حتى يفرغ من بناء الدار ثم يهبها ، حتى لا يواجه المستقبل بما يتضمنه من احتمالات . فليس أمامه في هذه الحالة إلا أن يعد بهبة الدار على أن تتم الهبة عند الفراغ من بنائها ، ويقبل الآخر هذا الوعد ، فيتقيد به الواعد منذ صدور الوعد . ويكون قد تم في هذه الحالة وعد بايهاب قبله الموعد له ، فلو مات الواعد قبل الفراغ من بناء الدار ، ثم تم بناؤها ، استطاع الموعود له أن يبدي رغبته في استنجاز الوعد ، فتتم الهبة بإرادته وحده ، وتنفذ في حق ورثة الواعد . وكذلك الأمر لو أن الدار الموعود بإيهابها موجودة حالا وقت الوعد ولكنها غير مملوكة للواعد ، فإن هذا لا يستطيع أن يهبها في الحال لأن هبة مال الغير لا تنفذ في حق المالك الحقيقي ( م 491 مدني ) ، فيتريث الواعد حتى يملك الدار ثم يهبها . ولكنه يستطيع أن يعد فوراً الطرف الآخر بهبة الدار عند تملكه لها ، فيقبل الموعود له الوعد بالايهاب ، على أن يصبح هذا الوعد هبة كاملة إذا ملك الواهب الدار وأبدى الموعود له رغبته في استنجاز الهبة .

ويتسع ميدان الوعد بالإيهاب إذا كانت الهبة بعوض أو مقترنة بتكاليف والتزامات . مثل ذلك أن يعد شخص آخر بايهاب دار إذا هو دفع له إيراداً مرتباً طول الحياة ، فيقتصر الموعود له على أن يقبل هذا الوعد بالايهاب ، حتى يتدبر الأمر قبل أن يلتزم بالعوض ، فإذا استقر رأيه على القبول أبدى رغبته في ذلك . ومثل ذلك أيضاً أن يعد شخص جمعية خيرية بان يهب لها مبلغاً من المال على أن تقوم بإنشاء مستشفى أو ملجأ أو نحو ذلك ، فتقتصر الجمعية على قبول هذا الوعد حتى تتدبر أمرها ، فتقبل أو ترفض .

24 – صور للوعد بالانهاب : ويمكن أن نورد صوراً للوعد بالاتهاب مماثلة لبعض صور الوعد بالايهاب . فيجوز أن يعد شخص آخر $ 39 $ بقبول هبة داره على أن يرتب للواهب ايراداً طول حياته ، فيقتصر صاحب الدار على قبول هذا الوعد بالاتهاب حتى يتدبر الأمر . فهنا انعقد وعد بالاتهاب على قبول هذا الوعد بالاتهاب حتى يتدبر الأمر . فهنا انعقد وعد بالاتهاب ملزم لجانب الواعد وحده ، دون أن يلزم الموعود له صاحب الدار . وكذلك الحال لو أن الجمعية الخيرية هي التي تقدمت ووعدت بأن تقبل هبة من شخص على أن تنشيء مستشفى ، فيقتصر الموعود له على هذا الوعد بالاتهاب ، ثم ينظر هل يقبل أن يهب أو لا يقبل ( [70] ) .

25 – كيف ينعقد الوعد بالهبة : والوعد بالهبة – سواء كان وعداً بالايهاب أو وعداً بالاتهاب – ينعقد إذا عينت المسائل الجوهرية لعقد الهبة المراد إبرامه والمدة التي يجب إبرامه فيها . وليس هذا إلا تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة 101 مدني إذ تقول : " الاتفاق الذي يعد بموجبه كلا $ 40 $ المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل لا ينعقد إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه والمدة التي يجب إبرامه فيها " ( [71] ) . فالوعد بالهبة عقد كامل لا مجرد إيجاب ، ولكنه عقد تمهيدي لا عقد نهائي .

ولما كان الوعد بالهبة هو تمهيد لعقد الهبة النهائي ، وجب أن يكون السبيل مهيأ لإبرام عقد الهبة النهائي بمجرد ظهور رغبة الموعود له ، بان يشتمل الوعد على جميع المسائل الجوهرية في الهبة المراد ابرامها . وهذه المسائل الجوهرية هي بيان المال الموعود بهبته بياناً كافياً ، ولا يشترط أن يكون هذا المال موجوداً وقت الوعد ، وإنما يشترط وجوده وقت ظهور رغبة الموعود له في إبرام الهبة وإلا كانت الهبة باطلة . كما لا يشترط أن يكون المال مملوكاً وقت الوعد للواعد في حالة الوعد بالايهاب ، أو للموعود له في حالة الوعد بالاتهاب ، وإنما يشترط أن يكون مملوكاً لكل منهما وقت ظهور الرغبة ، وإلا لم تنفذ الهبة في حق المالك الحقيقي وكانت قابلة للإبطال لمصلحة الموهوب له . كذلك يجب أن يبين في الوعد إن كانت الهبة المراد إبرامها مقترنة بعوض أو تكاليف والتزامات ، وما هو هذا العوض أو هذه التكاليف والالتزامات . ويجب أخيراً تعيين المدة التي يجب في خلالها إبرام عقد الهبة ، ويقع هذا التعيين صراحة أو دلالة . وإذا اتفق الطرفان على أن تكون المدة هي المدة المعقولة ، وكانت هناك عناصر تنهض لتحديد هذه المدة ، جاز الوعد بالهبة لأن المدة هنا تكون قابلة للتحديد ، وإذا اختلفت الطرفان على تحديدها تكفل القاضي بذلك .

ويجب أن يكون الوعد بالهبة – إيهاباً أو اتهابا – في ورقة رسمية ، كما يقضى بذلك صريح نص المادة 490 مدني سالفة الذكر ، وإلا لم ينعقد الوعد . ومن ثم يقع الوعبد بالهبة غير المكتوب أصلاً أو الثابت في ورقة $ 41 $ عرفية باطلا ، ولا يجوز إجبار الواعد على تنفيذ وعده تنفيذاً عينياً ، لأن هذا يقتضي تدخلا شخصياً من الواعد لاتمام رسمية الهبة ، وإجباره على هذا التدخل الشخصي ممتنع . ولا يجوز كذلك أن يقوم الحكم على الواعد بالتنفيذ مقام الهبة ، لأن الوعد بالهبة باطل كما قدمنا ، ولانه لو جاز ذلك لامكن بطريق ملتو أن يصل الشخص إلى إبرام هبة دون ورقة رسمية إذ يقتصر على وعد بالهبة غير رسمي يصل به إلى حكم يقوم مقام الهبة ( [72] ) .

والأهلية المطلوبة للهبة يجب أن تتوافر في الواعد وقت الوعد ، فيجب أن يكون في هذا الوقت أهلاً للإيهاب أو للاتهاب ، ولو فقد الأهلية وقت التعاقد النهائي . وعيوب الإرادة بالنسبة إلى الواعد تقدر وقت الوعد أيضاً لأنه لا يصدر منه رضاء بعد ذلك ، إذ أن الهبة النهائية تتم بمجرد ظهور رغبة الموعود له . أما أهلية الموعود له فتقدر وقت التعاقد النهائي لا وقت الوعد ، فيصح أن يكون غير أهل وقت الوعد بشرط أن تتوافر فيه الأهلية وقت ظهور رغبته ، ذلك أنه لا يلتزم بشيء وقت الوعد وإنما يلتزم عند التعاقد النهائي . أما عيوب الإرادة فتقدر بالنسبة إليه وقت الوعد ووقت التعاقد النهائي معاً ، إذ أنه يصدر منه رضاء في كل من هذين الوقتين فيجب أن يكون رضاؤه في كل منهما صحيحا ( [73] ) .

26 – الأثر الذي يترتب على الوعد بالهبة : إذا انعقد الوعد بالهبة صحيحاً على النحو الذي قدمناه ، فإن الأثر الذي ترتب عليه يجب أن $ 42 $ نميز فيه بين مرحلتين ، يفصل بينهما ظهور رغبة الموعود له في إبرام الهبة نهائياً .

ففي المرحلة التي تسبق ظهور الرغبة لا يكسب الوعد الموعود له إلا حقاً شخصياً ، ولا يرتب في ذمة الواعد إلا التزاما . فالواعد وحده ، سواء كان واعداً بالايهاب أو واعدا بالاتهاب ، يترتب في ذمته التزام شخصي هوان يقوم بوعده عند ظهور رغبة الموعود له ، فيهب المال الموعود بايهاب أو يقبل أن يوهب إليه ، وهذا التزام بعمل ، أما الموعود له فلا يلتزم بشيء . ويترتب على ذلك أن الواعد بالايهاب يبقى مالكا للشيء الذي وعد بإيهابه طوال هذه المرحلة الأولى ، وله أن يتصرف فيه إلى وقت التعاقد النهائي ، ويسرى تصرفه في حق الموعود له متى توافرت الشروط المتعلقة بالشهر بالنسبة إلى العقار . فإذا باع الواعد بالايهاب العقار الموعود بإيهابه إلى آخر أو وهبه إياه وسجل المشتري أو الموهوب له الثاني التصرف الصادر إليه ، فليس للموعود له إلا الرجوع بتعويض على الواعد . بل إن الموعود له لا يرجع بتعويض إذا كان الواعد بالايهاب في حالة من الحالات التي يجوز فيها الرجوع في الهبة وسنبسطها فيما بعد ، ذلك أنه يجوز الرجوع في الوعد بالإيهاب حيث يجوز الرجوع في الهبة نفسها ( [74] ) .

أما المرحلة الثانية فتحل بظهور رغبة الموعود له في إبرام الهبة في خلال المدة المتفق عليها . فإذا لم تظهر هذه الرغبة قبل انقضاء المدة ، سقط الوعد بالهبة . أما إذا ظهرت ، فإن الهبة النهائية تتم بمجرد ظهور هذه الرغبة ولا حاجة لرضاء جديد من الواعد ، وتعتبر الهبة النهائية قد تمت من وقت ظهور الرغبة لا من وقت الوعد . غير أن ظهور رغبة الموعود $ 43 $ له ، في حالة الوعد بالاتهاب ، يجب أن يكون في ورقة رسمية . وإذا امتنع الواعد من تنفيذ التزامه بعد ظهور رغبة الموعود له في إبرام الهبة النهائية ، جاز استصدار حكم ضده ما دام الوعد مكتوباً في ورقة رسمية ، وقام الحكم مقام عقد الهبة النهائي . وإذا كان المال الموهوب عقارا سجل الحكم ، فتنتقل الملكية إلى الموهوب له . وهذا هو ما تنص عليه المادة 102 مدني إذ تقول : " إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل ، وقاضاه المتعاقد الآخر طالباً تنفيذ الوعد ، وكانت الشروط اللازمة لتمام العقد وبخاصة ما يتعلق منها بالشكل متوافرة ، قام الحكم متى حاز قوة الشيء المقضى مقام العقد " ( [75] ) .

المطلب الثاني

شكل الهبة

27 - النصوص القانونية : تنص المادة 488 من التقنين المدني على ما يأتي :

1 - تكون الهبة بورقة رسمية ، وإلا وقعت باطلة ما لم تتم تحت ستار عقد آخر .

 2 - ومع ذلك يجوز في المنقول أن تتم الهبة بالقبض ، دون حاجة إلى ورقة رسمية ( [76] ) .

 $ 44 $

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادتين 48 / 70 – 7149 ( [77] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 456 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 477 – وفي التقنين المدني العراقي المادتين 602 – 603 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادتين 509 – 510 ( [78] ) .

 $ 45 $

1 - القاعدة العامة

الرسمية أو العينية

28 – مبررات الشكلية في عقد الهبة : الهبة في الأصل عقد شكلي ، وهي من العقود الشكلية النادرة التي بقيت حتى اليوم ، بعد أن أصبحت الكثرة الغالبة من العقود رضائية تتم بمجرد تلاقى الإيجاب والقبول .

وقد اعترض بعض الفقهاء على هذه الشكلية في عقد الهبة . ولكن يبرر الشكلية في الهبة إنها عقد خطير ، لا يقع إلا نادراً ولدوافع قوية . وإذا كان البيع يكثر وقوعه في التعامل وهو عقد معاوضة يأخذ البائع فيه مقابلا لما أعطى ، فإن الهبة كما قدمنا عقد نادر الوقوع وبه يتجرد الواهب عن ماله دون مقابل . فالواهب في اشد الحاجة إلى التأمل والتدبر ، وتعينه الشكلية على ذلك ( [79] ) .

 $ 46 $

والورقة الرسمية ، بما تتضمنه من إجراءات معقدة ، وما تستتبعه من جهر وعلانية ، وما تستلزمه من وقت وجهد ، نافعة كل النفع لحماية الواهب ، ولحماية أسرته ، بل ولحماية الموهوب له نفسه . فهي نافعة للواهب ، إذ هو في الوقت الذي يتجرد فيه عن ماله دون مقابل في حاجة كما قدمنا إلى التدبر ، ليأمن من شر الاندفاع وراء انفعالات عارضة ( [80] ) . وهي نافعة لأسرة الواهب ، إذ الواهب وهو يتجرد عن ماله دون مقابل بسلب ورثته بعض حقهم في تركته ، وقد يكون في إجراءات الورقة الرسمية وعلانيتها سبيل للورثة إلى الاحاطة بما يقدم عليه مورثهم ، فيبصرونه بمغبة عمله . والورقة الرسمية نافعة للموهوب له نفسه ، فإن الهبة عقد يسهل الطعن فيه ، فخير للموهوب له أن يتسلح بهذه الرسمية للدفاع عن حقه .

وإذا أن القانون استغنى في المنقول عن الورقة الرسمية بالقبض ، فذلك أثر من الآثار الباقية في إيثار العقار على المنقول في وجوه الحماية . على أن القبض أكثر ملاءمة لطبيعة المنقول ، وهو عمل مادي كفيل أن ينبه الواهب إلى خطر أقدم عليه ، إذ يتجرد به عن حيازة الشيء الموهوب .

على أن القانون قد تخفف من كل من الرسمية والعينية في كثير من الاستثناءات سنبسطها فيما يلي ، وقد قصد من ذلك إلى تيسير التعامل ما وجد إليه سبيلا .

 $ 47 $

وننتقل الآن إلى بيان شكل الهبة ، وإلى ما فرضه القانون من جزاء على هذا الشكل .

أولاً – شكل الهبة

29 – التمييز بين العقار والمنقولك يجب في بيان شكل الهبة أن نميز بين العقار والمنقول . فهبة العقار لا تتم إلا بورقة رسمية ، أما هبة المنقول فتتم إما بورقة رسمية وإما بالقبض . وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 488 مدني التي أسلفنا ذكرها ( [81] ) .

1 - شكل الهبة في العقار

30 – أنواع الشكلية في التشريعات المختلفة : تتفق أكثر التشريعات الأجنبية على اشتراط الشكلية في عقد الهبة ، ولكنها تختلف في نوع الشكلية الواجبة . ويمكن القول إن الشكلية في هذه التشريعات على ضربين . أحدهما لا ينصب على إرادة المتعاقدين ، بل يترك التراضي في الهبة حراً طليقاً من الشكل ، فإذا انعقدت الهبة بالتراضي كان لا بد في تمامها على وجه بات من تصديق السلطة القضائية أو إقرار من هذه السلطة . والضرب الثاني من الشكلية ينصب على التراضي ذاته ، فلا بد من أن يصدر في شكل خاص أمام موظف مختص ، قد يكون موثقاً للعقود ، وقد يكون أمينا للسجل العقاري ، وقد يكون أحد القضاة .

وفي الضرب الأول من الشكلية – تصديق السلطة القضائية – تختلف سلطة القاضي في التصديق من تشريع إلى تشريع . فمن التشريعات ما يقتصر $ 48 $ مهمة القاضي على تسجيل الهبة في سجلات المحكمة ، فليس له أن يتعرض عليها إلا إذا كانت لسبب غير مشروع ، وذلك مثل تشريعات سابقة لبعض الولايات الألمانية والولايات السويسرية . ومن التشريعات ما يجعل للقاضي سلطة واسعة في إقرار الهبة أو عدم إقرارها وقد تذهب هذه السلطة بعيدا إلى حد أن يرفض القاضي تسجيل الهبة لأنها تجرد الواهب من أسباب معيشته ، وقد كان ذلك شأن التشريعات الأسبانية والبرتغالية السابقة على التشريعات الحالية .

وقد أخذ هذا الضرب من الشكلية يختفي من التشريعات ، ويسود الضرب الثاني وهو الشكلية التي تنصب على التراضي نفسه . وأكثر ما تكون هذه الشكلية ورقة رسمية يحررها موثق للعقود مختص ، كما هو الأمر في مصر وسورية وليبيا وفرنسا ( [82] ) وايطاليا وأسبانيا والبرتغال وهولندا . وقد تكون الجهة المختصة بتوثيق الهبة هي المحكمة ، كما هو الأمر في بعض الولايات الألمانية ، ولكن المحكمة في هذه الحالة تقتصر على مجرد التوثيق ، فلا تنتقل منه إلى التصديق . وقد تكون الرسمية هي تسجيل الهبة في الدائرة المختصة كدائرة الطابو أو السجل العقاري ، كما هو الأمر في العراق وفي لبنان ( [83] ) .

31 – شكلية الهبة في مصر هي الورقة الرسمية : وهبة العقار في مصر لا تتم إلا بورقة رسمية ( [84] ) ، فالشكلية في مصر هي الورقة الرسمية $ 49 $ كما قدمنا . وعلى المتعاقدين أن يتقدما لا مكتب من مكاتب التوثيق ، وليس ضرورياً أن يكون هذا هو مكتب التوثيق الذي يوجد في دائرته العقار الموهوب ، فقد يكون هذا العقار في إحدى مديريات الصعيد وتوثق الهبة في مكتب للتوثيق بالقاهرة . ويقوم الموثق بتوثيق عقد الهبة ، بعد دفع الرسم المستحق . ويجب عليه قبل إجراء التوثيق أن يتثبت من أهلية المتعاقدين ورضائهما ؛ وله أن يطلب إثباتاً لأهلية المتعاقدين تقديم ما يؤيد تلك الأهلية من مستندات كشهادة ميلاد أو شهادة طبية أو مستند آخر . وإذا تمت الهبة بوكيل ، فعلى الموثق أن يتأكد من أن مضمون الهبة لا يجاوز حدود الوكالة . ولا يجوز التوثيق إلا بحضور شاهدين كاملي الأهلية مقيمين بالأقليم المصري ولهما إلمام بالقراءة والكتابة ولا صالح لهما في الهبة ور تربطهما بالمتعاقدين أو بالموثق صلة قرابة أو مصاهرة لغاية الدرجة الرابعة ، وعلى الشاهدين أن يوقعا عقد الهبة مع المتعاقدين والموثق . ويجب على الموثق قبل توقيع المتعاقدين على الهبة أن يتلو عليهما الصيغة الكاملة للعقد ، وأن يبين لهما الأثر القانونين المترتب عليه . وإذا أتضح للموثق عدم توافر الأهلية أو عدم توافر الرضا لدى المتعاقدين ، أو إذا كانت الهبة المطلوب توثيقها ظاهرة البطلان كأن كان المال الموهوب مالا مستقبلا ، كان للموثق أن يرفض التوثيق وأن يعيد المحرر إلى ذوى الشأن بكتاب موصى عليه مع إبداء الأسباب . وللمتعاقدين أن يتظلما إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة التي يقع مكتب التوثيق في دائرتها ، وذلك في خلال عشرة أيام من إبلاغ الرفض إليهما . ولهما أن يطعنا في القرار الذي يصدره القاضي أمام غرفة المشورة بالمحكمة الابتدائية ، وقرار القاضي أو غرفة المشورة لا يحوز قوة الأمر المقضى في موضوع الهبة ، فإذا قضى القرار بأهلية المتعاقدين أو بعدم أهليتهما أو بصحة الهبة أو ببطلانها لم يكن ذلك بحجة أمام القضاء العادي إذا رفعت إليه فيما بعد قضية في هذا الشأن .

 $ 50 $

ويحتفظ مكتب التوثيق بأصل العقد ، ويسلم صورة تنفيذية منه لكل من المتعاقدين ، ثم يرسل صورة إلى المكتب الرئيسي القاهرة لحفظها فيه ( [85] ) .

32 – قبول الهبة إذا كان منفصلا عن الإيجاب : ويغلب أن يكون قبول الموهوب له للهبة متصلا بإيجاب الواهب ، فتحرر الورقة الرسمية متضمنة كلا من الإيجاب والقبول في وقت واحد . ولكن قد ينفصل القبول عن الإيجاب ، فيوجب الواهب الهبة في وقت ويرسل إيجابه إلى الموهوب له ، فيقبل الموهوب له الهبة في وقت آخر . وفي هذه الحالة يجب أن يكون الإيجاب ، حتى ينعقد ، مكتوبا في ورقة رسمية الحالة يجب أن يكون الإيجاب ، حتى ينعقد ، مكتوبا في ورقة رسمية على الوجه الذي أسلفناه . أما القبول ، فيشترط في القانون الفرنسي أن يكون أيضاً في ورقة رسمية ( [86] ) . وكذلك فعل التقنين المدني السابق ، إذ نص في المادة 48 / 70 على ما يأتي : " إنما إذا كان العقد المشتمل على الهبة ليس موصوفا بصفة عقد آخر ، فلا تصح الهبة ولا القبول إلا إذا كانا حاصلين بعقد رسمي ، وإلا كانت الهبة لاغية " .

ولكن التقنين المدني المصري الجديد لم يشترط صراحة أن يكون القبول إذا انفصل عن الإيجاب مكتوباً في ورقة رسمية ، بل اقتصر على القول بأن " تكون الهبة بورقة رسمية وإلا وقعت باطلة " . وقد يقال إن الهبة إيجاب وقبول ، وما دامت الهبة يجب أن تكون بورقة رسمية ، فلا بد أن يكون كل من الإيجاب والقبول – متصلين أو منفصلين – في ورقة رسمية . $ 51 $ ولكن لما كانت التقنين الجديد قد اغفل النص صراحة على أن يكون القبول بورقة رسمية ، فإنه لم يرد – كما أراد التقنين الفرنسي – أن يجعل لقبول الموهوب له شكلا خاصاً . وتقضي القواعد العامة بأن الشكلية إذا كانت قد تقررت لحماية أحد المتعاقدين دون الآخر ، كما في الرهن ، فإنه يكفي توافرها في رضاء من تقررت لحمايته ، فتجب في رضاء المدين الراهن دون رضاء الدائن المرتهن . وينبني على ذلك أن قبول الهبة في التقنين المدني الجديد ، إذا كان منفصلا من الإيجاب ، يمكن أن يكون في ورقة عرفية ، بل يمكن أن يتم باللفظ ، أو حتى بمجرد السكوت كما أسلفنا القول ( [87] ) ، على أن تسرى القواعد العامة في الإثبات . ذلك أن الشكلية قد تقررت أصلاً لحماية الواهب ، فجاز تيسيراً على الموهوب له أن يقبل الهبة بأي طريق من طرق التعبير عن الإرادة ( [88] ) ، وفي هذا تخفف من الشكلية في عقد الهبة ( [89] ) .

33 – وجوب أن تتضمن الورقة الرسمية جميع شروط الهبة : وإذا جاز أن يكون القبول المنفصل للهبة في غير ورقة رسمية ، فإن الإيجاب المكتوب في ورقة رسمية يجب أن يشتمل على جميع عناصر الهبة من مال موهوب وواهب وموهوب له وجميع الشروط التي قد يحتويها هذا العقد من عوض والتزامات مفروضة على الموهوب له . ولا يجوز أن تستكمل هذه الورقة الرسمية ، في عنصر من عناصر الهبة أو فى التزام فيها ، بورقة $ 52 $ عرفية ، وإلا كانت الشكلية ناقصة وكانت الهبة باطلة . وإنما يجوز تفسير عقد الهبة ، فيما أشتمل عليه من عناصر والتزامات وشروط ، بأوراق عرفية أو بمراسلات أو بدلائل مادية أو بينية أو بقرائن أو بغير ذلك مما يستعان به عادة في تفسير العقود ، فإن عقد الهبة يفسر بالطرق ذاتها التي تفسر بها سائر العقود ( [90] ) .

34 – شكل الهبة يخضع لقانون البلد الذي تمت فيه : وكل ما أوردناه في شكل الهبة إنما يكون إذا أبرمت الهبة في مصر . أما إذا أبرمت خارج مصر ، فإن المادة 30 مدني تنص على أن " العقود ما بين الأحياء تخضع في شكلها لقانون البلد الذي تمت فيه ، ويجوز أيضاً أن تخضع للقانون الذي يسرى على أحكامها الموضوعية ، كما يجوز أن تخضع لقانون موطن المتعاقدين أو قانونهما الوطني المشترك " . فإذا وهب فرنسي من فرنسى آخر مالا في مصر حيث يقيمان ، وصدرت الهبة في ايطاليا ، فإن شكل هذه الهبة يجوز أن يخضع للقانون الإيطالي ، وهو قانون البلد الذي تمت فيه الهبة ( Locus regit actum ) . كما يجوز أن يخضع للقانون الفرنسي ، إما باعتباره القانون الذي يسري على الأحكام الموضوعية للهبة إذ الهبة تعد من الأحوال الشخصية بالنسبة إلى الفرنسيين ، وإنما باعتباره القانون الوطني المشترك للمتعاقدين . ويجوز أخيراً أن يخضع للقانون المصري ، باعتباره قانون موطن المتعاقدين . وتفصيل ذلك مكانه القانون الدولي الخاص .

 $ 53 $

( ب ) شكل الهبة في المنقول

35 – هبة المنقول تتم بورقة رسمية : وهبة المنقول يصح أن تتم بورقة رسمية ، كهبة العقار . ونص الفقرة الأولى من المادة 488 مدنى عام شامل للعقار وللمنقول ، فهو يقل : " تكون الهبة بورقة رسمية " . فيجوز إذن أن تنعقد الهبة في المنقول بورقة رسمية ( [91] ) ، وكل ما قررناه عن الورقة الرسمية في انعقاد هبة العقار يسري على هبة المنقول . فيجب أن توثق هبة المنقول في مكتب للتوثيق ، وفقاً للأوضاع والرسوم التي بيناها في هبة العقار ، ويجب أن تتضمن الورقة الرسمية جميع عناصر الهبة وشروطها وجميع ما عسى أن يفرض من التزامات على الموهوب له . وإذا كان القبول في هبة المنقول منفصلا عن الإيجاب ، جاز أن يكون القبول في ورقة عرفية ، بل جاز أن يكون شفوياً أو بالسكوت على الوجه الذي ذكرناه في هبة العقار .

وإذا وثقت هبة المنقول في ورقة رسمية ، انعقدت الهبة دون حاجة إلى أي إجراء آخر ، شأنها في ذلك شان هبة العقار . فلا ضرورة لانعقاد هبة المنقول الموثقة بورقة رسمية إلى القبض ، فالقبض في هبة المنقول ليس إجراء واجباً إلى جانب الورقة الرسمية ، بل هو إجراء يغني عن الرسمية . فلا محل إذن للجمع بين الإجرائين ، الرسمية والقبض ( [92] ) .

فالورقة الرسمية تكفي إذن في هبة المنقول . أما في فرنسا ، فلا بد إلى جانب الورقة الرسمية من كشف يبين المنقولات الموهوبة مع تقدير $ 54 $ قيمتها ( etat estimatif ) ، ويوقع على هذا الكشف كل من الواهب والموهوب له ، ويرفق بأصل الورقة الرسمية للهبة ، وتقضى بكل ذلك المادة 948 من التقنين المدني الفرنسي . والمقصود من هذا الإجراء هو حصر المنقولات الموهوبة ، فلا يتمكن الواهب بعد الهبة من استرجاع بعض هذه المنقولات أو إتلافها أو إبدال غيرها بها من منقولات أقل قيمة ( [93] ) . وفي مصر لا ضرورة لهذا الكشف في هبة المنقول كما قدمنا ، ويكفى أن تعين المنقولات الموهوبة في الورقة الرسمية للهبة تعييناً كافياً بحيث لا يقع لبس فيها ، تطبيقاً للقواعد العامة في تعيين المحل .

36 - ويجوز أن تتم هبة المنقول أيضاً بالقبض – الهبات اليدوية : والورقة الرسمية ليست الطريقة الوحيدة لانعقاد هبة المنقول كما قدمنا ، فكما تنعقد هبة المنقول بالورقة الرسمية يجوز أيضاً أن تنعقد بالقبض ، ويغنى القبض في هذه الحالة عن الورقة الرسمية كما سبق القول . فهبة المنقول إما أن تكون عقداً شكلياً إذا انعقدت بورقة رسمية ، وإما أن تكون عقداً عينياً إذا انعقدت بالقبض ( [94] ) . وإذا لجأ المتعاقدان إلى القبض في إبرام هبة المنقول ، سميت الهبة عندئذ بالهبة اليدوية ( don manuel ) .

وفي فرنسا لا يوجد نص صريح يجعل القبض كافياً في انعقاد هبة المنقول ، ولكن الفقه والقضاء مجمعان على صحة الهبات اليدوية ، وتتم بمجرد القبض دون حاجة إلى ورقة رسمية ، بل ولا إلى كشف ببيان المنقولات الموهوبة وتقدير قيمتها . ويستندون ف فرنسا ، في صحة الهبات $ 55 $ اليدوية ، إلى التقاليد القديمة ، وإلى أن نص المادة 931 مدني فرنسي لا يحرم الهبات اليدوية ، إذ أن هذا النص إنما يشترط الرسمية في السند ( acte ) الذي تكتب فيه الهبة ، فإذا كانت هبة المنقول بغير سند مكتوب فإنها تخرج عن نطاق هذا النص ، كما يستندون إلى بعض نصوص تشريعية أخرى لا محل هنا لذكرها . والذي يعنينا فيما نستند إليه الهبة اليدوية في فرنسا إنها تؤسس هناك على حيازة الموهوب له للمنقولات الموهوبة حيازة كاملة ، وهي الحيازة التي يحميها القانون بدعاوى الحيازة وتفضى في بعض الأحيان إلى التملك ، ولا يكفي مجرد القبض بطريقة من الطرق التي نص عليها القانون في البيع تنفيذا لالتزام البائع بتسليم الشيء المبيع ( [95] ) .

أما في مصر ، فتقاليد الفقه الإسلامي تقضي بأن الهبة لا تتم إلا مقبوضة ( [96] ) . وقد وجد نص صريح في التقنين المدني يقضي بأن الهبة في $ 56 $ المنقول تتم بالقبض دون حاجة إلى ورقة رسمية . وجد هذا النص في التقنين المدني السابق ، إذ كانت المادة 49 / 71 من هذا التقنين تقضي بأن " تعتبر الهبة في الأموال المنقولة صحيحة بدون احتياج إلى تحرير عقد رسمي بها إذا حصل تسليمها بالفعل من الواهب واستلامها من الموهوب له ( [97] ) " . ووجد هذا النص أيضاً في التقنين المدني الحديث ، إذ تقضي الفقرة الثانية من المادة 488 مدني بما يأتي : " ومع ذلك يجوز في المنقول أن تتم الهبة بالقبض ، دون حاجة إلى ورقة رسمية ( [98] ) " . $ 57 $ ونلاحظ منذ الآن الفرق في التعبير بين نص التقنين السابق ونص التقنين الجديد . التفقنين السابق يتمشى مع تقاليد القانون الفرنسي ، إذ يشترط في هبة المنقول التسليم الفعلي من الواهب والتسليم الفعلي من الموهوب له . وهذا وذاك يؤديان معا إلى نقل الحيازة إلى الموهوب له على النحو الذي ذكرناه في القانون الفرنسي . أما التقنين الجديد فلا يذكر التسليم والتسلم الفعليين ، ويكتفى بمجرد القبض ( [99] ) ، حتى أنه لما اقترح في لجنة مجلس الشيوخ أن يضاف نص يقضي بوجوب التسليم والتسليم الفعليين ، لم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح " فليس ثمة ما يدعو إلى تعريف القبض على هذه الصورة بالنسبة إلى الهبة بخصوصها " ( [100] ) . وهذا المعنى العام الذي أعطى للقبض في هبة المنقول هام في المسالتين اللتين نتكفل الآن ببحثهما في هذا الصدد : ( أولاً ) كيف يتم القبض في الهبة اليدوية . ( ثانياً ) ما هي المنقولات التي يصح أن تكون محلا للهبة اليدوية .

37 – كيف يتم القبض في الهبة اليدوية : قدمنا أن القبض في القانون الفرنسي وفي التقنين المدني السابق يجب أن يكون قبضا فعليا من الجانبين ، أي تسليما فعليا من الواهب وتسلما فعليا من الموهوب له ، بحيث تنتقل حيازة الموهوب إلى الموهوب له حيازة كاملة تحميها دعاوى الحيازة وتفضى إلى التملك .

 $ 58 $

أما في التقنين المدني الجديد فيبدو أن المشرع لم يرد أن يتقيد بهذا التحديد في القبض ، فأطلق اللفظ ، وأصبح قبض الهبة معادلا لتسليم المبيع ( [101] ) . وقد رأينا في البيع أن المادة 435 مدني تنص على ما يأتي : " 1 - يكون التسليم بوضع المبيع تحت تصرف لمشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يستول عليه استيلاء ماديا مادام البائع قد اعمله بذلك . ويحصل هذا التسليم على النحو الذي يتفق مع طبيعة الشيء المبيع . 2 - ويجوز أن يتم التسليم بمجرد تراضي المتعاقدين إذا كان المبيع في حيازة المشتري قبل البيع أو كان البائع قد استبقي المبيع في حيازته بعد البيع لسبب أخر غير الملكية " . ويخلص من ذلك أن القبض في الهبة اليدوية قد يكون تسليما فعليا من الواهب وتسليما فعليا من الموهوب له ، وقد يكون تسليما فعليا من الواهب غير مقترن بتسليم فعلى من الموهوب له ( [102] ) ، وقد يكون تسليما حكميا . ونستعرض هذه الصور المختلفة .

يكون التسليم والتسلم الفعلي للمنقول عادة بالمناولة ، فيناول الواهب الموهوب له المنقول الموهوب يداً بيد ، وتنتقل بذلك حيازة الموهوب من الواهب إلى الموهوب له ، فتتم الهبة بالقبض . وهذا إذا كانت طبيعية المنقول تسمح بمناولته مناولة مادية ، كما إذا كان المنقول نقوداً ( [103] ) $ 59 $ أو ساعة أو خاتما أو مجوهرات أو أثاثا أو كتبا أو نحو ذلك من المنقولات المادية . وإذا كان الموهوب حقا شخصياً حوله الواهب للموهوب له على سبيل التبرع ، فالقبض يكون بتسليم سند الحق للموهوب له ليتمكن من استعماله في مواجهة المحال عليه . ويخلص من ذلك أن القبض في هبة المنقول يتكيف بحسب طبيعة المبيع ( [104] ) . وقد يسلم الواهب المنقول لوسيط بقصد تسليمه الموهوب له ، فيتم القبض عادة بتسليم الوسيط المنقول للموهوب له وفقاً لتعليمات الواهب ، ويكون الوسيط في هذه الحالة نائباً عن الواهب ( [105] ) . وقد يكون الوسيط نائبا عن الموهوب له ( [106] ) ، فيتم القبض بتسليم الواهب المنقول للوسيط ، ولا حاجة في تمام القبض لأن يسلم الوسيط المنقول للموهوب له فقد تسلمه نيابة عنه ويده هي يد الموهوب له ( [107] ) .

وقد يتم القبض بالتسليم الفعلي من الواهب ، بأن يضع المنقول تحت تصرف الموهوب له بحيث يتمكن هذا من حيازته والانتفاع به دون عائق ، ولكن الموهوب له لا يستولى على المنقول بالفعل استيلاء مادياً . فما دام $ 59 $ الموهوب له عالماً بوضع المنقول تحت تصرفه متمكناً من الاستيلاء عليه ، فإن هذا يكفي لتمام القبض في الهبة كفايته لتمام التسلم في المبيع ( [108] ) . وهذه $ 61 $ الصورة لا تعتبر قبضاً في القانون الفرنسي ولا في التقنين المدني المصري السابق ، لأنه يشترط في هذين القانونين أن يتم تسلم الموهوب له فعلا للمنقول كما سبق القول .

يبقى أن نبين أن القبض الحكمى في هبة المنقول يكفي لتمام الهبة كما يكفي لتسليم المبيع . وقد رأينا في الفقرة الثانية من المادة 435 مدني في خصوص البيع تنص على ما يأتي : " ويجوز أن يتم التسليم بمجرد تراضي المتعاقدين إذا كان المبيع في حيازة المشتري قبل البيع أو كان البائع قد استبقي المبيع في حيازته بعد البيع لسبب أخر غير الملكية " ( [109] ) . وهذا النص إنما هو تطبيق تشريعي لمبدأ عام في انتقال الحيازة ، إذ تنص المادة 953 مدني على أنه " يجوز أن يتم نقل الحيازة دون تسليم مادي إذا استمر الحائز واضعا يده لحساب من يخلفه فى الحيازة ، أو استمر الخلف واضعا يده ولكن لحساب نفسه " . فللقبض الحكمى صورتان : ( الصورة الأولى ) أن يكون المنقول في حيازة الموهوب له قبل الهبة ، باجارة أو إعارة أو وديعة أو رهن حيازى أو نحو ذلك ، ثم تقع الهبة . فيتفق الواهب مع الموهوب له على أن يبقى المنقول في حيازة هذا الأخير ، ولكن لا كمستأجر أو مستعير أو مودع عنده أو مرتهن ، بل كمالك عن طريق الهبة . ولا نرى مانعاً من أن تنطبق هذه الصورة من القبض الحكمى على هبة المنقول ، فإن الواهب فيها يكون قد تجرد عن حيازة المنقول بعد الهبة باتفاق جديد غير الاتفاق على الهبة ، وهذا يكفي في تنبيه الواهب إلى خطر $ 62 $ ما أقدم عليه ، ويكفي في الوقت ذاته في التدليل على أن الواهب قد صمم على المضى في هبته ، فهو لم يتفق مع الموهوب له على الهبة فحسب بل اتفق معا أيضاً على نقل الحيازة إليه ( [110] ) . ( والصورة الثانية ) أن يبقى المنقول في حيازة الواهب بعد الهبة ، ولكن لا كمالك بل كمستأجر أو مستعير أو مودع عنده أو غير ذلك مما يترتب على عقد يستلزم نقل حيازة الشيء .

ولا نرى أن هذه الصورة من القبض الحكمي تكفي لتمام الهبة اليدوية ، لأن الواهب لم يتجرد عن الحيازة على وجه ينبهه إلى خطر ما أقدم عليه ويدل على تصميمه على المضى في الهبة ( [111] ) . فلا بد إذن من أن يسلم الواهب المنقول للموهوب له ، ثم يرده الموهوب له للواهب على سبيل الإيداع أو الإيجار أو العارية أو أي سبيل آخر .

 $ 63 $

38 – المنقولات التي يصح أن تكون محلا للهبة اليدوية : تقول الفقرة الثانية من المادة 488 مدني : " ومع ذلك يجوز في المنقول أن تتم الهبة بالقبض دون حاجة إلى ورقة رسمية " . ونرى من ذلك أن النص أطلق ، فلم يميز بين منقول ومنقول ، فكل منقول يصح أن يكون محلا للهبة اليدوية . أما في القانون الفرنسي وفي التقنين المدني المصري السابق ، فالقبض الفعلي ضروري لتمام هبة المنقول كما قدمنا ، فلا يصح في هذين القانونين أن يكون محلا للهبة اليدوية إلا منقول قابل أن يرد عليه القبض الفعلى ، أي المنقولات المادية وحدها .

ففي التقنين المدني المصري الجديد إذن يصح أن يكون محلا للهبة اليدوية المنقولات المادية والمنقولات المعنوية .

فإذا وهب شخص لآخر نقوداً أو مجوهرات أو كتباً ، وقبضها الموهوب له ، تمت الهبة ( [112] ) . ويجوز أن تقع الهبة على حق الانتفاع $ 64 $ ( usufruit ) في الكتب أو المجوهرات دون الرقبة ، أو على الرقبة دون حق المنفعة . وتتم الهبة اليدوية في هذه الأحوال جميعاً بقبض الموهوب له الكتب أو المجوهرات ، على اعتبار أن المقبوض هو الملكية الكاملة أو حق الانتفاع وحده أو حق الرقبة وحده ( [113] ) .

ويصح أن ترد الهبة اليدوية في التقنين المصري الجديد على السندات ، سواء كانت لحاملها ( au porteur ) ، أو كانت تحت الإذن ( a ordre ) ، أو كانت سندات اسمية ( titres nominatifs ) ، فهذه كلها منقولات ، وإن كانت منقولات معنوية . ويقبضها الموهوب له بالتسلم الفعلي في السندات لحاملها ، وبالتظهير مع تسلم السند في السندات تحت الإذن ، وينقل السند إلى اسمه طبقا للإجراءات المقررة لذلك مع تسلم السند في السندات الاسمية $ 65 $ أما في فرنسا فترد الهبة اليدوية على السندات لحاملها دون غيرها ، لأنها في حكم المنقولات المادية ، ولا ترد الهبة اليدوية على السندات تحت الإذن ولا على السندات الإسمية ( [114] ) .

ويصح أن ترد الهبة اليدوية في التقنين المدني المصري الجديد على الديون ( creances ) ، وإن كانت منقولات معنوية . فيجوز إذن أن يحول الدائن لأجنبي الدين الذي له في ذمة المدين وفقاً للإجراءات المقررة في حوالة الحق ، وتكون الحوالة على سبيل التبرع ، ثم يتسلم الموهوب له سند الدين وهذا هو القبض ( [115] ) .

أما الملكية الأدبية والفنية والصناعية ، كحقوق المؤلف وبراءة الاختراع والعلامات التجارية وغير ذلك ، فهذه تنظمها قوانين خاصة . وقد نصت المادة 86 مدني صراحة على ذلك إذ تقول : " القوانين التي ترد على لشيء غير مادي تنظمها قوانين خاصة " . فلا ترد على هذه الحقوق الهبة اليدوية ، لا في فرنسا ولا في مصر ( [116] ) . ولكن ذلك لا يمنع من أن ترد الهبة اليدوية على نتاج هذه الملكية إذا كانت منقولا ، فترد على كتاب بالذات هو نتاج حق المؤلف ، أو على تمثال أو على صورة زيتية أو نحو ذلك وهذا هو نتاج حق الفنان . كذلك المتجر ( [117] ) ( fonds de commerce ) ، $ 66 $ وإن كان منقولا ، يخضع لقانون خاص ينظمه . وكذلك السفن ( [118] ) والطائرات ، فهي تخضع لنظم خاصة ( [119] ) .

39 – الإثبات في الهبة اليدوية : وتخضع الهبة اليدوية للقواعد العامة المقررة في الإثبات . وتعرض الحاجة عملا لإثبات الهبة اليدوية في فرضين مختلفين : ( 1 ) أن يدعى الحائز لمنقول أن هذا المنقول قد وهبه له صاحبه وقبضه منه ، فتمت الهبة بالقبض . ( 2 ) أن يدعى شخص أنه قد وهب آخر منقولا وسلمه إياه ، ويريد الآن الرجوع في الهبة وفقا للقواعد المقررة في هذا الشأن ، فينكر حائز المنقول أنه تلقى المنقول هبة من المدعى .

والفرض الأول ، حيث يدعى حاز المنقول أن المنقول قد وهبه له صاحبه ، يعرض غالبا عند موت الواهب . فتجد الورثة أن بعض منقولات المورث في أيدي من كانوا يحيطون به عند موته من عشراء وممرضين وخدم ومن إليهم ، فيقع النزاع بني الوارث والحائز للمنقول ، الأول يدعى أن المنقول ملك للمورث فيدخل في التركة ، والآخر يقول إن المورث وهبه له قبل موته وسلمه إياه فأصبح ملكه ( [120] ) . ففي هذا الفرض لو أن من يدعى الهبة لم يكن حائزاً للمنقول ، لوجب عليه وفقا للقواعد العامة أن يثبت عقد الهبة ( [121] ) ، وأن يثبت فوق ذلك أنه قبض المنقول $ 67 $ ثم فقد حيازته ، والقبض واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق . ولكن من يدعى الهبة حائز للمنقول كما قدمنا ، فالحيازة قرينة على الملكية ، وتقول المادة 694 مدني في هذا الصدد : " من كان حائزاً للحق اعتبر صاحبه ، حتى يقوم الدليل على العكس " . فيفرض إذن أن الحائز مالك للمنقول ، حتى يقيم الوارث الدليل على أنه غير مالك . ويستطيع الوارث أن يثبت عدم ملكية الحائز ، للمنقول من وجوه شتى . فقد تكون الحيازة التي يعتمد عليها الحائز معيبة بعيب من عيوب الحيازة ، ومن أهم هذه العيوب الغموض والخفاء . وهذه العيوب وقائع مادية يستطيع الوارث أن يثبتها بجميع الطرق ، ويدخل في ذلك البينة والقرائن . ومن القرائن على غموض الحيازة أن يكون الحائز خليطا للمورث مساكنا إياه عند موته ، فإذا وجد المنقول في حيازته شاب الحيازة غموض ( equivoque ) إذ المنقول لم يخرج من منزل المورث وقد يكون الحائز استولى عليه خلسة أو بغير إرادة صاحبه ( [122] ) . ومن القرائن على خفاء الحيازة أن يخفى الحائز السندات التي يدعى إنها وهبت له ، فلا يقبض " كوبوناتها " إلا بعد مدة طويلة من موت صاحبها ، فيؤخذ ذلك منه قرينة على أن يتستر في حيازته للسندات حتى لا يفتضح أمره عقب موت المورث ، ويتربص بها فرصة سائحة . وقد لا يطعن الوارث في الحيازة ذاتها ، ولكن يطعن في عقد الهبة ، فيدعى أنه صدر في مرض الموت ، أو أنه صدر نتيجة لاستغلال الموهوب له للواهب أو أنه تسلط على إرادته واستهواه ونحو ذلك من وجوه الطعن . وكل هذه وقائع مادية ، على الوارث إثباتها ، وله أن يثبتها بجميع الطرق . وقد يعمد الوارث إلى الطعن في الحيازة بطريق مباشر ، فيدعى أن الحائز $ 68 $ قد اختلس المنقول ، وهذه أيضاً واقعة مادية يثبتها بجميع الطرق ( [123] ) .

وفي الفرض الثاني ، حيث يدعى شخص أنه وهب آخر منقولا وسلمه إياه ويريد الرجوع في الهبة نفينظر الحائز أنه تلقى المنقول هبة ، يكون على الشخص الذي يدعى أنه وهب المنقول أن يثبت هذه الهبة في مواجهة الحائز ، أما الحائز فلا يكلف إثباتاً لأن الحيازة قرينة على الملكية . ويثبت من يدعى الهبة العقد وفقا للقواعد المقررة في الإثبات ، فإذا زادت قيمة المنقول على عشرة جنيهات وجب الإثبات بالكتابة أو بما يقوم مقامها .

ثانياً – جزاء الإخلال بشكل الهبة

40 – مسألتان : إذا اختل شكل الهبة ، ولم يستوف الشروط التي بسطناها فيما تقدم ، كانت الهبة باطلة لا أثر لها ( م 488 / 1 مدني ) . ولكن قد ينفذ الواهب أو ورثته مختارين هذه الهبة الباطلة ويسلمون الموهوب للموهوب له ، فعند ذلك لا يجوز لهم أن يستردوا ما سلموه ( م 489 مدني ) . فهناك إذن مسألتان : ( 1 ) بطلان الهبة لاختلال الشكل ( 2 ) التنفيذ الاختياري للهبة الباطلة بسبب عيب في الشكل .

 $ 69 $

( ا ) بطلان الهبة لاختلال الشكل

41 – اختلال شكل الهبة : يختل شكل الهبة في العقار إذا لم توثق الهبة في ورقة رسمية على النحو الذي بسطناه فيما تقدم ، أو إذا وثقت ولكن الورقة الرسمية كانت باطلة لسبب من أسباب بطلان الأوراق الرسمية . ويختل شكل الهبة في المنقول إذا لم توثق الهبة في ورقة رسمية صحيحة ، ولم يقم الموهوب له في الوقت ذاته بقبض المنقول حتى تصبح الهبة هبة يدوية ( [124] ) .

42 – جزاء اختلال الشكل هو البطلان المطلق : فإذا اختلف شكل الهبة في العقار أو في المنقول على النحو الذي أسلفناه ، فإن الهبة تكون باطلة بطلاناً مطلقاً ، ولا تنتج أثراً . فيبقى المال الموهوب لملكاً للواهب يستطيع أن يتصرف فيه كما يريد ، ولا ينتقل الملك إلى الموهوب له فلا يستطيع هذا أن يطالب بتسليمه المال ولا يستطيع أن يتصرف فيه ( [125] ) .

ويجوز للواهب أن يرفع دعوى البطلان ( [126] ) ، وأن يتمسك بالبطلان دفعاً في دعوى يرفعها عليه الواهب . كما يجوز لأي ذى مصلحة أن يتمسك بالبطلان ، فيتمسك به ورثة الواهب ، والخلف الخاص كمشتر من الواهب . وإذا كان الواهب قد سلم الشيء الموهوب للموهوب له ، وانقضت دعوى البطلان بالتقادم ( [127] ) ، جاز للواهب أن يرفع دعوى استحقاق يسترد بها $ 70 $ العقار ( [128] ) . ولا يستطيع الموهوب له أن يدفع هذه الدعوى بالتقادم ، فإن الدفوع لا تتقادم كما قدمنا عند الكلام في البطلان في نظرية العقد .

43 – البطلان في الأصل لا تلحقه الإجازة : ولما كان بطلان الهبة لعيب في الشكل هو بطلان مطلق كما قدمنا ، فإن الهبة الباطلة على النحو لا تصححها الإجازة ( [129] ) . وكل ما يستطيع المتعاقدان عمله هو أن يعيدا إبرام العقد من جديد ( [130] ) ، فيستوفيا الشكل المطلوب ، وعند ذلك تتم الهبة . ولكنها هبة جديدة غير الهبة الأولى الباطلة ، تاريخها من وقت استيفاء الشكل لا من وقت الهبة القديمة ، ويشترط توافر الأهلية في المتعاقدين عند عمل الهبة الجديدة ولا يكفي توافرها وقت إبرام الهبة القديمة .

فإذا كان الموهوب منقولا ولم توثق الهبة في ورقة رسمية أو وثقت في $ 71 $ ورقة رسمية باطلة ، ولكن الواهب اعتقد أن الهبة صحيحة وإنها تلزمه بتسليم المنقول إلى الموهوب له ، فقبضه هذا منهن لم يكن في تنفيذ الهبة على هذا النحو إجازة للهبة الباطلة ، فإن هذه الهبة لا تحلقها الإجازة كما قدمنا . ويستطيع الواهب في هذه الحالة أن يسترد المنقول الذي وهبه ، ولا يجوز للموهوب له أن يدفع بعدم جواز الاسترداد بدعوى أن الواهب قد نفذ الهبة استناداً إلى المادة 489 مدني التي سيأتي بيانها فيما يل ، فإن الواهب هنا لم ينفذ الهبة مختاراً وهو عالم ببطلانها ، وشرط عدم الاستراد تطبيقاً للمادة 489 مدني أن يكون الواهب يعلم ببطلان الهبة وينفذها باختياره كما سيأتي . ولا يكن القول من جهة أخرى إن الهبة – وهي هنا هبة في المنقول – بعد أن نفذت تصبح بالقبض على اعتبار إنها هبة يدوية ، فإن الواهب لم يسلم المنقول للموهوب له كإجراء متمم للهبة مكمل لركن التراضي كما هو الأمر في الهبة البدوية ، بل سلمه بعد أن اعتقد أن الهبة قد تمت وانه ملزم بالتسليم . ويجب التمييز بين تسليم وقع تنفيذاً لهبة قد تمت وتسليم وقع إتماماً لهبة لم تتم ، فالتسليم الثاني لا الأول هو التسليم المعتبر في الهبة اليدوية . ولكن هذا لا يمنع الواهب في الحالة التي نحن في صددها من أن يعيد إبرام الباطلة ، ويعيدها لا فحسب عن طريق توثيقها في ورقة رسمية صحيحة ، بل أيضاً عن طريق جعلها هبة يدوية ، فيسلم المنقول إلى الموهوب له لا تنفيذاً لالتزام عليه لأن الهبة لم تتم قبل التسليم كما قدمنا ، بل إتماماً للهبة فيعقب التراضي بالقبض شأن سائر الهبات اليدوية .

وسنرى الآن أن الهبة الباطلة لعيب في الشكل قد تلحقها الإجازة على سبيل الاستثناء ، وذلك من طريق واحد هو أن ينفذها باختياره الواهب أو ورثته .

 $ 72 $

( ب ) التنفيذ الاختياري للهبة الباطلة لعيب في الشكل

44 – النصوص القانونية : تنص المادة 489 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل ، فلا يجوز لهم أن يستردوا ما سلموه " ( [131] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن حكمه كان مطبقاً دون نص لاتفاقه مع القواعد العامة .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 457 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 478 – ولا مقابل لها في التقنين المدني العراقي ولا في تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( [132] ) .

45 – هل يتخلف عن الهبة الباطلة لعيب في الشكل التزام طبيعي ؟ :

يتضح من الرجوع إلى الأعمال التحضيرية للتقنين المدني الجديد أن الفكرة السائدة عند وضع مشروع هذا التقنين كانت أن الهبة الباطلة لعيب في الشكل يتخلف عنها التزام طبيعي في ذمة الواهب ، وينتقل هذا الالتزام منه إلى ورثته ، فإذا نفذ الواهب أو ورثته مختارين هذا الالتزام الطبيعي كان التنفيذ وفاء لا يجوز استرداده . ويظهر ذلك في وضوح عندما نرى أن نص المشروع التمهيدي للمادة 489 وكان على الوجه الآتي : " إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل انقلبت الهبة صحيحة " . فعدل هذا النص في لجنة المراجعة على الوجه الآتي : " إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل ، فلا يجوز لهم أن يستردوا ما سلموه " . وهذا هو الوجه الذي استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وقيل سببا لهذا التعديل إن النص قد عدل " بما يجعله مستقيما مع القواعد العامة ، إذ أن تنفيذ الهبة الباطلة يعتبر تنفيذا لالتزام طبيعي " . وفي لجنة الشئون التشريعية لمجلس النواب " استفسر كيف لا يجوز استرداد الهبة التي سلمت إذا كان العقد باطلا بطلانا مطلقا لعيب في الشكل ، فاجيب بان الهبة الباطلة بطلانا مطلقا لعيب في الشكل يتخلف عنها التزام طبيعي يعتبر تسليم الموهوب له للهبة تنفيذا له ، وأن لهذا السبب لا يجوز الاسترداد وفقا لقواعد الالتزامات الطبيعية " ( [133] ) . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص ما يأتي : " على أنه إذا لم تستوف الهبة الشكل اللازم ، ولكن الواهب أو ورثته قاموا مختارين بتنفيذها ، كان هذا التنفيذ معتبرا ، ولا يجوز استرداد ما دفع وفاء للهبة ، لا لأن الهبة الباطلة انقلبت صحيحة بالتنفيذ كما جاء خطأ في المادة 663 من المشروع ، بل لأن الهبة الباطلة يتخلف عنها التزام طبيعي إذا نفذ لا يجوز استرداده . ويجب إذن حذف المادة 663 من المشروع ، فإن $ 74 $ ورودها في الصيغة التي وردت بها خطأ كما تبين ، ولا حاجة لإيرادها في صيغة صحيحة فإن حكمها يمكن استخلاصه من القواعد العامة ، وهو أقرب إلى الفقه منه إلى التشريع " ( [134] ) .

46 – التنفيذ الاخيتاري للهبة الباطلة العيب في الشكل إجازة للهبة وليس تنفيذا لالتزام طبيعي : وقد كنا ممن يذهب إلى أنا لهبة الباطلة لعيب في الشكل يتخلف عنها التزام طبيعي إذا نفذ لا يسترد ، ورددنا هذا الرأي في الموجز ( [135] ) ، كما رددناه في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي وأمام لجنة المراجعة على الوجه الذي بيناه فيما تقدم منقولا عن مجموعة الأعمال التحضيرية ( [136] ) .

 $ 75 $

ولكننا رجعنا عن هذا الرأي في الجزئين الأول والثاني من الوسيط عند الكلام في البطلان للشكل وفي الالتزام الطبيعي ، وأخذنا بالرأي الذي كان وارداً في نص المشروع التمهيدي قبل تعديله في لجنة المراجعة . فقد كان هذا النص يقضي كما رأينا بأنه " إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل ، انقلبت الهبة صحيحة " . فالهبة الباطلة من حيث الشكل ترد عليها الإجازة ، ما دام القانون قد نص على ذلك ، ونص في الوقت ذاته على الطريقة التي بها تجاز وهي التنفيذ الاختياري للهبة الباطلة ، ومن ثم لا تلحق الإجازة الهبة الباطلة إلا بهذه الطريقة دون غيرها ، فلا تجاز بالقول أو بالتصرف أو بغير ذلك من طرق التعبير عن الإرادة الصريحة أو الضمنية ، وإنما تجاز بالتنفيذ الاختياري . ومعنى التنفيذ الاختياري أن يكون الواهب عالماً بان الهبة باطلة لعيب في الشكل ، ومع ذلك يقدم على تنفيذها راضيا مختارا وهو على بينة من أمره ، فيسلم المال الموهوب للموهوب له قاصداً بذلك إجازة الهبة . فعند ذلك تنقلب الهبة الباطلة إلى هبة صحيحة بهذه الإجازة الخاصة ، ومتى انقلبت صحيحة فقد نقلت ملكية المال الموهوب – عقارا كان أو منقولا – للموهوب له ، فلا يستطيع الواهب أن يسترده .

وهذا هو التكييف الذي تؤثره ، ونستند فيه إلى سببين رئيسيين :

( السبب الأول ) هو ما أوردناه في الجزء الأول من الوسيط في خصوص البطلان الذي يرجع إلى اعتبارات شكلية . فقد ذكرنا أن الشكل هو من صنع القانون ، والقانون هو الذي يعين الجزاء على الإخلال به ، $ 76 $ فقد يجعل العقد الذي لم يستوف الشكل المطلوب باطلا لا تلحقه الإجازة ، وقد يسمح باجازته كما في الهبة الباطلة شكلا ( [137] ) .

( والسبب الثاني ) هو ما أوردناه في الجزء الثاني من الوسيط من أنه لو صح أن يتخلف عن الهبة الباطلة للشكل التزام طبيعي ، لصلح هذا الالتزام ، ليس فحسب للوفاء به فلا يسترد بعد الوفاء ، بل أيضاً ليكون سبباً لالتزام مدني ( م 202 مدني ) . فيستطيع الواهب أن يتهرب من الشكل على الوجه الآتي : يهب المال في ورقة عرفية ، فيتخلف عن هذه الهبة الباطلة للشكل التزام طبيعي ، يتخذه سببا لالتزام مدني نحو الموهوب له ينشئه أيضاً بورقة عرفية . وبذلك يتمكن الواهب عن طريق ملتو أن يهب ماله هبة مباشرة مكشوفة دون مراعاة الشكل الواجب قانونا ( [138] ) .

 $ 77 $

ويخلص مما قدمناه أنه إذا نفذ الواهب أو ورثته مختارين هبة باطلة في الشكل ، سواء كان المال الموهوب عقاراً أو منقولا ، فإنه لا يجوز لهم أن يستردوا ما سلموه ، لا لأن التنفيذ وفاء لالتزام طبيعي ، بل لأنه إجازة بطريقة خاصة – نص عليها القانون – لهبة باطلة في الشكل . وهذه الإجازة صححت الهبة ، فانتقلت الملكية للموهوب له ، فلم يعد الواهب يستطيع أن يستردها . ويجب أن نغفل في هذا الصدد ما جاء في المذكرة الإيضاحية وما ورد في الأعمال التحضيرية مما سبق أن ذكرناه تفصيلا ( [139] ) .

 $ 78 $

47 - هبة المنقول الباطلة لعيب في الشكل : فتنفيذ الهبة الباطلة لعيب في الشكل هو إذن إجازة خاصة لهذه الهبة وتصحيح لها . فإذا وقعت هذه الهبة الباطلة على منقول ، كان أمام الواهب لتصحيح هذه الهبة طريقان : ( الطريق الأول ) أن يغفل الشكل الباطل ، ويحل محله القبض ، فتصبح هبة المنقول هبة يدوية . ويكون القبض في هذه الحالة ليس تنفيذا لعقد الهبة الباطل ، بل هو إتمام لهبة يدوية في المنقول . ( والطريق الثاني ) أن ينفذ الهبة الباطلة تنفيذا اختيارياً ، وذلك عن طريق القبض أيضاً . ولكن القبض هنا ليس إتماماً لهبة يدوية في المنقول ، بل هو تنفيذ لهبة باطلة .

فالواهب في كل من الطريقين المتقدمي الذكر يسلم المنقول إلى الموهوب له ، فتتم الهبة في الطريق الأول ، وتصح في الطريق الثاني . على أن هناك فرقاً هاماً ما بين الطريقين يظهر فيما يأتي : لو قصد الواهب الطريق الأول ، وأراد أن يتم الهبة بالقبض ، فالهبة لا تتم إلا من وقت القبض . أما لو قصدت الطريق الثاني ، وأراد أن يصحح الهبة بالقبض عن طريق التنفيذ الاختياري ، فالهبة تنقلب صحيحة من وقت صدورها لأن للاجازة أثراً رجعياً ينسحب إلى وقت وجود العقد .

2 - الاستثناءات من وجوب الشكلية أو العينية في الهبة

48 – الهبة غير المباشرة والهبة المستترة : قدمنا أن الواهب يتصرف في ماله دون مقابل ، إما بنقل حق عيني للموهوب له ، أو بإنشاء التزام $ 79 $ شخصي في ذمته للموهوب له ، وهذه هي الهبة المباشرة ( [140] ) . وهي وحدها التي يجب إفراغها في الشكل الواجب قانوناً للهبة ، أما الهبة غير المباشرة فلا يلزم أن تستوفى هذا الشكل . بل إن الهبة المباشرة ذاتها لا يلزم أن تستوفى الشكل إذا هي لم تكن مكشوفة ، بل تمت تحت ستار عقد آخر ( م 488 / 1 مدني ) .

ويخلص من ذلك أن الهبة التي يجب أن تستوفى الشكلية ( أو العينية في المنقول ) هي الهبة المباشرة المكشوفة . فتخرج إذن : ( 1 ) الهبة غير المباشرة ( donation indirecte ) ( 2 ) والهبة المستترة ( donation deguisee ) . ونستعرض كلا من هذين الاستثنائين .

أولاً – الهبة غير المباشرة

49 – تحديد معنى الهبة غير المباشرة : حددنا فيما قدمناه الهبة المباشرة بأنها تصرف الواهب في ماله للموهوب له على سبيل التبرع . فالذي يميز الهبة المباشرة إنها تصرف مباشر في المال ، أما بنقل حق عيني أو بإنشاء التزام شخصي كما سبق القول . فإذا أعطى شخص لآخر داراً أو سيارة دون مقابل على سبيل التبرع ، يكون قد نقل له حقاً عينياً هو حق الملكية على الدار أو على السيارة ، فتكون الهبة هبة مباشرة . وإذا التزم شخص لآخر بمبلغ من النقود على سبيل التبرع ، فإنه يكون قد التزم له بحق شخصي هو إعطاء شيء ( obligation de donner ) ، وتكون الهبة هنا أيضاً هبة مباشرة .

ومن تحديد الهبة المباشرة على هذا النحو نستخلص تحديد الهبة غير المباشرة . فحيث يكسب الموهوب له حقا عينيا أو حقا شخصيا دون مقابل $ 80 $ على سبيل التبرع عن طريق الواهب ، ولكن دون أن ينتقل إليه هذا الحق مباشرة من الواهب ، فتلك هي الهبة غير المباشرة ( [141] ) .

50 – أمثلة على الهبة غير المباشرة : ويمكن بعد ذلك أن نورد أمثلة على الهبة غير المباشرة : فالنزول عن حق عيني يعتبر هبة غير مباشرة . مثل ذلك أن ينزل صاحب حق الانتفاع أو حق السكنى أو حق الاستعمال عن حقه فيؤول لمالك الرقبة ، أو ينزل صاحب حق الارتفاق أو صاحب حق الحكر عن هذا الحق فؤول للمالك . ففي هذه الأحوال كسب الموهوب له ( وهو المالك ) حقا عينيا عن طريق الواهب ، ولكنه كسب هذا الحق لا عن طريق انتقاله إليه من الواهب ، بل عن طريق نزول الواهب عنه وتركه إياه ( [142] ) .

والنزول عن حق شخصي – أي الإبراء – يعتبر هبة غير مباشرة . فإذا أبرأ الدائن ذمة مدينه من الدين ، كان هذا هبة غير مباشرة ، لأن الموهوب له ( المدين ) كسب الدين ، لا عن طريق انتقاله إليه من الواهب ، بل عن طريق نزول الواهب عنه ، كما هي الحال في النزول عن حق عيني ( [143] ) .

 $ 81 $

والاشتراط لمصلحة الغير على سبيل التبرع يعتبر هبة غير مباشرة . فإذا باع شخص دارا من آخر ، واشترط عليه أن يدفع الثمن إيراداً مرتبا مدى الحياة لوالد البائع دون أن يأخذه البائع مقابلا من والده عن هذا الإيراد ، كان هذا الاشتراط هبة غير مباشرة من البائع لوالده . ذلك أن والد البائع قد كسب عن طريق البائع التزاما بدفع الإيراد ، ولكن البائع لم يلتزم بهذا الإيراد مباشرة لوالده ، بل الذي التزم به شخص آخر هو المشتري ، وذلك كانت الهبة غير مباشرة . وإذا امن شخص على حياته لمصلحة أولاده ، فاستحق أولاده مبلغ التأمين ، كان هذا التأمين أيضاً هبة غير مباشرة من المؤمن لأولاده ، لأن التأمين هنا ليس إلا اشتراطا لمصلحة الغير ( [144] ) .

ويمكن القول أيضاً بان قبول المحال عليه لحوالة الدين دون مقابل يعتبر هبة غير مباشرة من المحال عليه للمحيل ، لأن المحيل كسب براءته من الدين ، مع التزام المحال عليه لشخص آخر هو المحال ، دون أن يلتزم للمحيل وإلا كانت الهبة مباشرة . وكذلك الحال فيما إذا التزم شخص دون مقابل أن يوفى دين غيره ، فهذه هبة غير مباشرة من الملتزم ، لأن هذا قد التزم لا للمدين بل للدائن ، ولو التزم للمدين كانت الهبة مباشرة ( [145] ) .

 $ 82 $

51 – تصرفات لا تعتبر هبات غير مباشرة : وهناك تصرفات اختلف $ 83 $ الرأي فيها ، يعدها البعض هبات غير مباشرة ، ويعدها آخرون هبات مستترة . ونذكر من هذه التصرفات الإقرار بالدين وعقود المحاباة .

ففي الإقرار بالدين يقر الواهب بدين عليه للموهوب له ، والحقيقة أنه غير مدين وإنما قصد الالتزام على سبيل التبرع . ولا نرى أن الإقرار بالدين على هذا النحو هبة غير مباشرة ، بل هو هبة مباشرة إذ التزم الواهب مباشرة للموهوب له . ولكن الهبة هنا مستترة تحت اسم تصرف آخر هو الإقرار ، فلا تجب الرسمية لا لأن الهبة غير مباشرة بلا لأنها مستترة .

كذلك عقود المحاباة نرى إنها هبات مستترة ، لا هبات غير مباشرة . فإذا باع شخص عينا لآخر بثمن بخس حاباه فيه بقصد التبرع ، فإنه يكون قد وهب له الفرق بين ثمن المثل والثمن المدفوع . وهذه الهبة هي هبة مباشرة لأن البائع نقلها مباشرة من ذمته إلى ذمة المشترى ، ولكنها هبة يسترها عقد البيع ، فلا تشترط فيها الرسمية لا لأنها هبة غير مباشرة بل لأنها هبة مستترة ( [146] ) .

 $ 84 $

52 – استثناء الهبات غير المباشرة من الشكلية والعينية : والهبة غير المباشرة بالتحديد الذي قدمناه تستثنى من وجوب الشكلية والعينية ، إذ القانون لم يشترط الشكلية أو العينية إلا في الهبات المباشرة المكشوفة . ومن ثم تتم الهبة غير المباشرة دون حاجة إلى ورقة رسمية ، ودون حاجة إلى القبض في المنقول ( [147] ) .

وإذا استعرضنا الأمثلة التي قدمناها للهبة غير المباشرة ، وهي النزول عن الحق العيني والإبراء والاشتراط لمصلحة الغير وحوالة الدين ، وجدنا أن القانون نظم هذه التصرفات تنظيما خاصاً ، وصرح في بعذ الحالات بعدم ضرورة الشكلية فيها . فيجب إخراجها من منطقة الهبة المباشرة ، ولا يسرى عليها إلا التنظيم الخاص بها .

فقد نظم القانون الاشتراط لمصلحة الغير ، فأجاز للشخص أن يتعاقد باسمه على التزامات يشترطها لمصلحة الغير ، ويترتب على هذا الاشتراط أن يكسب الغير حقا مباشراً قبل المتعهد لا قبل المشترط م ( م 154 مدني ) . وسواء كان الاشتراط لمصلحة الغير بمقابل أو بغير مقابل ، فهذا هو النظام الذي يتبعه ، وليس فيه الشكلية . فإذا كان بغير مقابل ، كان هبة غير مباشرة كما قدمنا ، وقد أعفيت من الشكلية بحكم النظام الخاص الذي يسري على الاشتراط لمصلحة الغير .

ونظم القانون أيضاً حوالة الدين ، فأجاز أن تتم هذه الحوالة باتفاق بين المدين وشخص آخر يتحمل عنه الدين نحو الدائن أو باتفاق بين الدائن $ 85 $ والمحال عليه بتقرير فيه أن هذا يحل محل المدين الأصلي في التزامه ( م 315 و م 321 مدني ) . وهذا النظام يسري سواء كان المحال عليه اعتزم الرجوع عند الوفاء بالدين على المحيل أو تبرع له ، وليس فيه الشكلية . فإذا كان المحال عليه قد تبرع للمحيل بوفاء الدين عنه ، كان هذا هبة غير مباشرة كما قدمنا ، وقد أعفيت من الشكلية بحكم النظام الخاص الذي يسرى على حوالة الدين .

ونظم القانون الإبراء من الدين ، فقرر أن ينقضى الالتزام إذا أبرأ الدائن مدينه مختارا ( م 371 مدني ) . وهذه هبة غير مباشرة كما قدمنا ، نص القانون صراحة فيها على أن الشكلية لا تشترط ، إذ تقول المادة 372 مدني : " 1 - يسري على الإبراء الأحكام الموضوعية التي تسري على كل تبرع . 2 - ولا يشترط فيه شكل خاص ، ولو وقع على التزام يشترط لقيامه توافر شكل فرضه القانون أو اتفق عليه المتعاقدان " .

وقل مثل ذلك في سائر الهبات غير المباشرة .

53 – سريان الأحكام الموضوعية على الهبات غير المباشرة : وإذا كانت الأحكام المتعلقة بالشكل أو بالعينية لا تسري في الهبات غير المباشرة ، فإن الأحكام الموضوعية تسري ، كجواز الرجوع في الهبة والطعن بالدعوى البولصية وأهلية التبرع والتصرف في مرض الموت وغير ذلك من الأحكام .

وتثبت الهبة غير المباشرة وفقا للقواعد العامة المقررة في الإثبات . فتجب الكتابة أو ما يقوم مقامها فيما بين المتعاقدين فيما يجاوز عشرة جنيهات ، كما إذا أراد الواهب الرجوع في الهبة فطلب منه إثباتها . أما الغير فله أن يثبت الهبة غير المباشرة بجميع طرق الإثبات ومنها البينة والقرائن ، كما إذا أراد دائن الواهب أن يطعن في الهبة غير المباشرة بالدعوى البولصية ( [148] ) .

 $ 86 $

ثانياً – الهبة المستترة

54 – التمييز بين الهبة المستترة والهبة غير المباشرة : يجب التمييز بين الهبة المستترة والهبة غير المباشرة . فالهبة المستترة هبة مباشرة ، إذ فيها ينقل الواهب للموهوب له حقا عينياً أو يلتزم به بحق شخصي ، وهذا أول فرق بين الهبتين . والفرق الثاني أن الهبة المستترة ظاهرها غير حقيقتها ، فهي في حقيقتها هبة ولكنها تظهر تحت اسم عقد آخر . أما الهبة غير المباشرة فظاهرها كحقيقتها فهي هبة في الحقيقة وفي الظاهر .

والهبة غير المباشرة أعفيت من الشكل بحكم النظام الخاص الذي يسري عليها كما سبق القول . أما الهبة المستترة فهي هبة مباشرة ، وكان الواجب أن تخضع لشكل الهبة ، ولكن القانون اعفاها من هذا الشكل بنص صريح ، إذ تقول الفقرة الأولى من المادة 488 مدني كما رأينا : " تكون الهبة بورقة رسمية ، وإلا وقعت باطلة ما لم تتم تحت ستار عقد آخر ( [149] ) " . فالنص يعفي الهبة التي تتم تحت ستار عقد آخر ، أي الهبة المستترة ، من الشكلية ، سواء كانت هبة عقار أو هبة منقول . ومن ثم تتم هبة المنقول $ 87 $ دون حاجة إلى ورقة رسمية ودون حاجة إلى القبض ، إذا كانت هبة مستترة .

55 – أمثلة على الهبة المستترة : ومن الأمثلة على الهبات المستترة الهبة المستترة في صورة عقد بيع ، وهذا هو المثل الغالب في التعامل .

ومن ذلك الهبة المستترة في صورة حوالة الحق ، فيحيل صاحب الحق حقه إلى المحال له على سبيل التبرع ، ولكنه يكتب في الحوالة مقابلا يستر به الهبة .

ومن ذلك الهبة المستترة في تظهير الكمبيالة والسند تحت الإذن ، ويقرر المظهر أن القيمة وصلته نقداً أو قدمت أو نحو ذلك ، والحقيقة أن التظهير كان على سبيل التبرع ( [150] ) .

ومن ذلك الهبة المستترة في صورة قرض ، فيكتب الواهب سندا عليه بمبلغ من النقود يقول إنه تسلمها على سبيل القرض ، ويكون في الحقيقة قدج التزم بها على سبيل التبرع ( [151] ) .

ومن ذلك الهبة المستترة في صورة إقرار بالدين ، فيكتب الواهب إقرارا بدين عليه لآخر ، وهو في الحقيقة غير مدين وإنما قصد الالتزام على سبيل التبرع ( [152] ) .

ومن ذلك عقود المحاباة ، فهي هبات مستترة في القدر المحابي به ، وقد سترتها عقود المعاوضة ( [153] ) .

ومن ذلك الهبة المستترة في عقد إيراد مرتب مدى الحياة ، فيلتزم $ 88 $ شخص لآخر بترتيب إيراد له مدى الحياة ، ويكتب مقابلا صوريا لهذا الإيراد ، ويكون في الحقيقة متبرعاً بالإيراد .

والأمثلة كثيرة على الهبات المستترة باسم عقود أخرى ( [154] ) .

56 – وجوب ستر الهبة بعقد آخر مستوف لشروط الانعقاد في الظاهر : والمهم إلا تكون الهبة سافرة ينم ظاهرها عن إنها هبة مكشوفة . فيجب إذن أن يكون هناك عقد آخر غير الهبة ساتر لها ، ويجب أن يحكم هذا العقد ستر الهبة ، فهذا العقد الساتر إنما هو في الواقع ضرب من الشكلية حل محل شكلية الهبة أو عينيتها إذا كانت هبة منقول ( [155] ) .

ومن ثم يجب أن يتوافر في العقد الساتر جميع شروط انعقاده في الظاهر ( [156] ) .

 $ 89 $

فإذا ستر الهبة حوالة حق يجب أن تكون الحوالة مستوفية لشروط انعقادها ونفاذها . ولما كانت حوالة الحق ليست عقدا شكلياً ، فلا يشترط إذن شكل خاص . ولكن يجب أن يذكر مقابل صوري للحوالة حتى لا ينم العقد عن الهبة ، وأن يقبلها المدين أو يعلن بها حتى تكون نافذة في حقه ( م 305 مدني ) ( [157] ) .

وإذا كانت الهبة في صورة كمبيالة مظهرة ، وجب أن تستوفى الكمبيالة شروطها الشكلية والموضوعية ، وأن يستوفى التظهير شروطه كذلك .

وإذا كانت الهبة في صورة عقد ترتيب إيراد ، وجب أن يستوفى هذا العقد شروطه . وتقول المادة 743 مدني في هذا الصدد : " العقد الذي يقرر المرتب لا يكون صحيحاً إلا إذا كان مكتوباً ، وهذا دون إخلال بما يتطلبه القانون من شكل خاص لعقود التبرع " . ويخلص من هذا النص أن ترتيب الإيراد على سبيل الهبة السافرة يجب أن يستوفى شكلية الهبة . أما إذا كتب في العقد مقابل صوري للإيراد ليستر الهبة ، وجب أن يستوفى هذا العقد أيضاً شروطه الشكلية ، فيجب أن يكون في ورقة مكتوبة ، وليس من الضروري أن تكون ورقة رسمية .

 $ 90 $

وإذا كانت الهبة في صورة إقرار بالدين ، وجب إلا يظهر من الإقرار إلا دين هناك وأن الإقرار إلا دين هناك وأن الإقرار مجرد التزام على سبيل التبرع وإلا كان الإقرار غير ساتر للهبة ، وكانت الهبة مكشوفة تستوجب الرسمية . ومن ثم فالإقرار بالدين الصادر من شخص لآخر ، والمذكور فيه أنه كتب اعترافاً بجميل المقر له بالدين ، لا يكون إقرارا ساتراً لظهور فكرة التبع في عبارات الإقرار ذاتها ( [158] ) . وإذا لم يذكر في الإقرار سبب الدين ، واقتصر الواهب على أن يذكر أنه يقر بدين في ذمته لفلان مبلغ كذا ، أو أنه يتعهد لفلان يدفع مبلغ كذا ، كان الإقرار في هذه الحالة ساترا والهبة مستترة ، فتصح دون ورقة رسمية ، لأن الإقرار الحقيقي لا يشترط فيه ذكر سبب الدين ويفترض أن للدين سببا ( [159] ) .

وقل مثل ذلك في العقود الأخرى التي تستر الهبة ، ونقف من هذه العقود بوجه خاص على عقد البيع ، لأن الهبة المستترة أكثر ما تستتر $ 91 $ به في العمل هو هذا العقد . فالهبة المستترة في صورة بيع يجب أن تستوفى شروط البيع في الظاهر . ولما كان البيع عقداً رضائياً ، فلا يشترط شكل خاص لانعقاد الهبة المستترة به . ولكن يجب أن يكون هناك مبيع وثمن . أما المبيع فهو الشيء الموهوب ، يسميه المتعاقدان مبيعا . وأما الثمن فصورى لا حقيقة له ، وإنما يذكر لستر الهبة . ولا بد من ذكره ، فإذا لم يذكر أصبحت الهبة سافرة تستوجب الشكلية . كذلك إذا ذكر ثمن تافه ، كانت الهبة سافرة لا بد لانعقادها من ورقة رسمية ( [160] ) . أما إذا ذكر ثمن يخس ، فإما أن يكون هذا الثمن صوريا ، فتصح الهبة لأنها استترت بالبيع بعد أن استوفى شروطه في الظاهر بذكر الثمن . وأما أن يكون الثمن بالبخس جدياً ، فينظر إذا كان البائع قصد البيع وإنما تحمل الغبن مضطراً ، فإن العقد يكون بيعاً صحيحاً لأن الثمن لا بخس لا يبطل البيع . وإذا كان البائع قصد أن يحابي المشتري بالفرق بين ثمن المثل والثمن البخس ، فالعقد في مقدار المحاباة هبة مستترة كما سبق القول . وقد يذكر في البيع الساتر للهبة ثمن يعادل ثمن المثل ، ولكن يقرر البائع في العقد أنه وهبه للمشترى أو أبرأه منه ، فهذه هبة سافرة لا مستترة ، ويجب أن تستوفى شرط الشكلية أو العينية ( [161] ) . فالواجب إذن أن يحكم $ 92 $ $ 93 $ البيع ستر الهبة ، بان يذكر فيه ثمن غير تافه ( [162] ) ، ولكن ليس من الضروري أن يذكر في البيع أن الثمن قد قبض ، بل يصح تصويره على أنه دين قائم في ذمة المشتري . فإذا ستر البيع الهبة على هذا الوجه ، تمت الهبة دون حاجة إلى ورقة رسمية ، ودون حاجة إلى القبض في المنقول ( [163] ) .

 $ 94 $

57 – إعفاء الهبة المستترة من الشكلية ومن العينية : لم يكن المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يعفي هبة العقار المستترة من الشكلية إلا بالنسبة إلى الغير حسن النية . أما فيما بين المتعاقدين ، فكانت هبة العقار في غير ورقة رسمية باطلة حتى لو كانت مستترة . فكانت المادة 660 من هذا المشروع تجري على الوجه الآتي : " 1 – تكون هبة العقار بورقة رسمية ، وإلا وقعت باطلة . 2 – على أنه إذا تمت الهبة تحت ستار عقد آخر ، جاز للغير حسن النية أن يتمسك بالعقد المستتر أو بالعقد الظاهر وفقاً لما تقضي به مصلحته . فإذا تعارضت مصالح ذوى الشأن ، فتمسك البعض بالعقد الظاهر وتمسك الآخرون بالعقد المستتر ، كانت الأفضلية للأولين " . فكان هذا النص يجرى على هبة العقار المستترة أحكام الصورية ، فإذا كانت الهبة في صورة بيع مثلا ، فالعقد الحقيقي هو الذي يسري فيما بين المتعاقدين ، فتكون الهبة باطلة لانعدام الشكلية . ولكن الغير حسن النية له أن يتمسك بالعقد الظاهر إذا كانت مصلحته تقضي بذلك ، كما إذا اشترى شخص العين الموهوبة من الموهوب له ، فالمشتري في هذه الحالة يتمسك بالعقد بالظاهر ويعتبر الهبة المستترة بيعا نقل الملكية إلى الموهوب له حتى يصح عقد شرائه من هذا الأخير .

وفي لجنة المراجعة حذف هذا النص ، واستبقيت الأحكام التي كان معمولا بها في عهد التقنين المدني السابق ( [164] ) ، إذ ألفها المتعاملون $ 95 $ منذ وقت طويل ولم يجد ما يدعو إلى تغييرها . فاستقر التقنين المدني الجديد على أن الهبة المستترة ، في العقار وفي المنقول ، تعفى من الشكلية ومن العينية ( [165] ) .

ففي الهبة المستترة للعقار ، يكون العقد صحيحا بالرغم من أنه لم يوثق في ورقة رسمية ، ويكفي أن يكون العقد الساتر قد استوفى ظاهراً شرائط انعقاده . وتكون الهبة صحيحة لا بالنسبة إلى الغير فحسب ، بل أيضاً فيما بين المتعاقدين .

وفي الهبة المستترة للمنقول ، يكون العقد صحيحاً كذلك بالرغم من أنه لم يوثق في ورقة رسمية ، وبالرغم من أن الموهوب لم يقبض ، فيغنى العقد الساتر بذلك عن كل من الشكلية والعينية .

58 – خضوع الهبة المستترة لأحكام الهبة الموضوعية : على أن الهبة المستترة ، إذا كانت لا تخضع لأحكام الهبة الشكلية ، فإنها تخضع لأحكامها الموضوعية . ويترتب على ذلك أن الهبة المستترة تعتبر هبة ، وتستلزم أهلية التبرع في الواهب ، ويجب أن يكون الواهب مالكاً لما تبرع به ، ويتخفف فيها من ضمان الاستحقاق ( [166] ) وضمان العيب ، وتعتبر تبرعاً بالنسبة إلى الدعوى البولصية ، ويجوز فيها الرجوع إلا إذا وجد المانع ، وإذا صدرت في مرض الموت كان لها حكم الوصية ( [167] ) .

 $ 96 $

ومن يدعى أن العقد الظاهر ليس إلا هبة مستترة ليجرى عليه أحكام الهبة الموضوعية هو الذي يحمل عبء الإثبات . فإذا ادعى المتصرف مثلا أن البيع الصادر منه إلى المشتري ليس إلا هبة مستترة ، وانه يريد الرجوع فيها ، فعليه هو أن يثبت ذلك وفقاً للقواعد المقررة في الإثبات . فإذا كانت قيمة المال المتصرف فيه تزيد على عشرة جنيهات أو كان التصرف مكتوبا ( [168] ) ، لم يجز إثبات التستر إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها . ولذلك يكون من الخير للواهب في الهبة المستترة أن يحصل على " ورقة ضد " من الموهوب له يقرر فهيا هذا أن العقد الظاهر هو في حقيقته هبة مستترة ، حتى يتيسر للواهب إثبات التستر بالكتابة عند الاقتضاء .

وإذا كان الذي يدعى استتار الهبة هو الغير ، كدائن الواهب إذا طعن في الهبة المستترة بالدعوى البولصية ، فإن هذا الغير هو الذي يحمل عبء الإثبات . ولكن له أن يثبت الاستتار بجميع طرق الإثبات ، ويدخل في ذلك البينة والقرائن ، لأنه غير لا يكلف الإثبات بالكتابة ( [169] ) .

وقاضى الموضوع هو الذي يبت فيما إذا كان التصرف المطعون فيه هو هبة مستترة ، ناظراً في ذلك إلى ظروف التصرف وملابساته ، ولا معقب على تقديره من محكمة النقض ( [170] ) .

 $ 97 $

المبحث الثاني

شروط الصحة

59 – الأهلية وعيوب الرضاء : وشروط صحة التراضي في الهبة ، كشروط صحته في سائر العقود ، ترجع إلى الأهلية وإلى عيوب الرضاء .

المطلب الأول

الأهلية في عقد الهبة

60 أهلية الواهب وأهلية الموهوب له : يجب في صدد الأهلية التمييز بين أهلية الواهب وأهلية الموهوب له . والقانون يتشدد في أهلية الواهب ويتطلب أهلية التبرع ( [171] ) وهي أقوى من أهلية التصرف ، لأنه يقوم بعمل ضار به ضرراً محضا . وعلى النقيض من ذلك يخفف القانون من أهلية الموهوب له ، فلا يشترط فيه حتى أهلية التصرف بل يكفي فيه التمييز ، لأنه يقوم بعمل نافع لنفعاً محضاً .

1 - أهلية الواهب

61 – الصبي غير المميز والمجنون والمعتوه : عديم التمييز غير أهل لأن يهب ، بل هو لا يستطيع التعاقد أصلاً ، إذ التعاقد يقوم على الإرادة ولا إرادة لعديم التمييز . ويدخل في ذلك الصبي غير المميز وهو من لم يبلغ $ 98 $ السابعة من عمره ( م 45 م 2 مدني ) ، والمجنون والمعتوه ( [172] ) ، فكل هبة تصدر من أحد من هؤلاء تكون باطلة ولا تلحقها الإجازة ( [173] ) .

62 – الصبي المميز والسفيه وذو الغفلة : وكذلك الصبي المميز – أياً كانت سنه ولو زاد على الثامنة عشرة وكان مأذوناً له في التجارة – غير أهل لأن يهب . فهو لا يملك أهلية التبرع أصلاً ، وأن كان يملك أهلية التعاقد وأهلية التصرف في حدود رسمها القانون وقد سبق أن بيناها عند الكلام في الأهلية بوجه عام . والهبة التي تصدر من الصبي المميز باطلة ، فلا ترد عليها الإجازة ، سواء صدرت هذه الإجازة من الولى أو الوصى أو القيم أو صدرت من المحكمة .

وكذلك السفيه وذو الغفلة المحجور عليهما لا يملكان أن يهبا أموالهما ، والهبة التي تصدر منهما تكون باطلة ولو أذن القيم أو أذنت المحكمة . ذلك أن السفيه وذا الغفلة لا يملكان أهلية التبرع إلا في الوقف والوصية إذا أذنت المحكمة فيهما ( م 116 / 1 مدني ) ، أما الهبة فلا يملكانها ولو بإذن القيم أو المحكمة كما قدمنا . أما الهبات الصادرة منهما قبل تسجيل قرار الحجر ، فهي في الأصل صحيحة ، ولا يسرى قرار الحجر في حق الغير إلا من وقت تسجيل القرار . لكن يقع كثيراً أن السفيه أو ذا الغفلة يتوقع الحجر عليه ، فيتصرف في ماله قبل الحجر متواطئاً مع من تصرف إليه ، $ 99 $ أو ينتهز الغير هذه الفرصة فتصدر منه تصرفات يستغله بها ويبتز أمواله ، ففي هاتين الحالتين – التواطؤ والاستغلال – يكون التصرف باطلا إذ كان من أعمال التبرع ، وقابلا للإبطال إذا كان من أعمال التصرف أو أعمال الإدارة . وفي هذا الصدد تنص المادة 115 / 2 مدني على ما يأتي : " أما التصرف الصادر قبل تسجيل قرار الحجر فلا يكون باطلا أو قابلا للإبطال ، إلا إذا كان نتيجة استغلال أو تواطؤ ( [174] ) " .

63 – ولاية الولي والوصي والقيم في هبة مال المحجور : وسواء كان الشخص عديم التمييز أو ناقصه ، أي سواء كان صبيا غير مميز أو مجنوناً أو معتوهاً أو صبياً مميزا أو سفيها أو ذا غفلة ، فإن الولى أو الوصى أو القيم لا يملك أحد منهم أن يهب مال المحجور ولو بإذن المحكمة . ويستثنى من ذلك أمران : ( 1 ) ما نصت عليه المادة 5 والمادة 38 من قانون الولاية على المال من أنه ليس للولي أو للوصى التبرع بمال القصار إلا لأداء واجب إنساني أو عائلي وبإذن المحكمة ( [175] ) . ( 2 ) ما نصت عليه المادة 39 من قانون الولاية على المال من أن الوصي أو القيم تجوز له مباشرة التصرفات الآتية بإذن المحكمة : التنازل عن الحقوق والدعاوى ، وقبول الأحكام القابلة للطعن بالطرق العادية والتنازل عن هذه الطعون بعد رفعها ، والتنازل عن التأمينات واضعافها ( [176] ) .

64 – البالغ الرشيد : فإذا بلغ الإنسان رشيداً – وسن الرشد $ 100 $ إحدى وعشرون سنة – توافرت فيه أهلية التبرع ، ويستطيع عندئذ أن يهب . ولا حد للمال الذي يستطيع أن يهبه ، فله أن يهب بعض ماله أو كل المال لمن يشاء ، وارثاً كان الموهوب له أو غير وارث ( [177] ) . فليس هناك نصاب للهبة ( [178] ) ؛ كما وجد الثلث نصاباً للوصية ، وذلك ما لم تكن الهبة قد صدرت منه وهو في مرض موته فيكون لها عندئذ حكم الوصية ولا تجوز إلا في الثلث للوارث ولغير الوارث .

أما إذا وهب البالغ الرشيد في صحته ولو كل ماله ، فإن الهبة تكون صحيحة ( [179] ) . ولا يوجد في القانون المصري – كما يوجد في القانون الفرنسي – حق للورثة في إنقاص الهبة ( droit de reduction ) إلى نصاب الوصية بعد موت الوارث . وإذا كانت الهبة لوارث ، لم يكن للورثة – كما لهم في القانون الفرنسي – أن يستردوا المال الموهوب للتركة ( droit de rapport ) ليقتسموه جميعاً مع الموهوب له كل بقدر حصته في التركة .

وللزوجة البالغة الرشيدة في حالة صحتها أن تهب مالها كله أو بعضه لمن تشاء ، دون إذن زوجها . أما في القانون الفرنسي ، فلا تجوز هبة الزوجة إلا بإذن الزوج ( [180] ) .

والغائب يملك وكيله من الولاية على ماله ما يملكه الوصي ، فيجوز لهذا الوكيل بإذن المحكمة مباشرة التبرعات التي يجوز للوصى أن يباشرها بإذن المحكمة ، وهي الواردة في المادة 39 من قانون الولاية على المال وسبق ذكرها في الكلام على ولاية الوصى .

وإذا كان البالغ الرشيد محكوماً عليه بعقوبة جنائية ، تولى القيم إدارة ماله ، أما أعمال التصرف والتبرع فلا بد فيها من إذن المحكمة المدنية وإلا كانت باطلة .

وإذ كان البالغ الرشيد أصم أبكم أو أعمى أصم أو أعمى أبكم ، جاز للمحكمة أن تعين له مساعداً قضائياً يعاونه في التصرفات التي تقتضى مصلحته فيها ذلك . ويكون قابلا للإبطال كل تصرف من التصرفات التي تقررت المساعدة القضائية فيها متى صدر من الشخص الذي تقررت مساعدته قضائياً بغير معاونة المساعد ، إذا صدر هذا التصرف بعد تسجيل قرار المساعدة . وهذه التصرفات هي المذكورة في المادة 39 من قانون $ 102 # الولاية على المال ، ويدخل فيها التبرعات التي يجوز للوصي مباشرتها بإذن المحكمة والتي سبق بيانها . وتنص المادة 71 من قانون الولاية على المال على أن يشترك المساعد القضائي في هذه التصرفات ، " وإذا امتنع عن الاشتراك في تصرف ، جاز رفع الأمر للمحكمة ، فإن رأت الامتناع في غير محله أذنت المحكوم بمساعدته بالانفراد في إبرامه ، أو عينت شخصاً آخر للمساعدة في إبرامه وفقاً للتوجيهات التي تبينها في قرارها " .

2 - أهلية الموهوب له

65 – الموهوب له جنين : يجب أن يكون الموهوب له موجوداً حقيقة ، فلا يكفي أن يكون موجودا حكما كالجنين في بطن أمه . فالهبة للحمل المستكن باطلة ، لأن الهبة إيجاب وقبول ، والجنين لا يقدر على القبول ولي سهل ولي يقبل عنها ( [181] ) . وهذا بخلاف الوصية والوقف ، فيتمان $ 103 $ بإرادة منفردة ، ويصحان للحمل المستكن ( [182] ) .

66 – الموهوب له صبي غير مميز أو مجنون أو معتوه : قدمنا أن الموهوب له يكفي فيه التمييز ليكون أهلاً لقبول الهبة . فإذا كان عديم التمييز ، بان كان صبيا غير مميز أو مجنونا أو معتوها ، لم يكن أهلاً لقبول بنفسه ، ولكن يقبلها عنه وليه أو وصيه أو القيم عليه ، وإذا كانت الهبة لا تتم إلا بالقبض قبضها عنه ، وكل ذلك دون حاجة إلى إذن المحكمة . وتنص المادة 487 من التقنين المدني في هذا الصدد على ما يأتي : " 1 - لا تتم الهبة إلا إذا قبلها الموهوب له أو نائبه . 2 - فإذا كان الواهب هو ولي الموهوب له أو وصية ناب عنه في قبول الهبة وقبض الشيء الموهوب " ( [183] ) .

ونرى من ذلك أن الولى أو الوصى أو القيم ينوب عن المحجور في قبول الهبة وفي قبضها ، حتى لو كان هو الواهب ، فيكون تعاقد الشخص مع نفسه جائزاً في هذه الحالة بنص صريح في القانون ( [184] ) .

وإذا كانت الهبة مقترنة بشرط أو محملة بالتزامات معينة على الموهوب له ، لم يجز للولي قبولها عن الصغير إلا بإذن المحكمة ( م 12 من $ 105 $ قانون الولاية على المال ) ( [185] ) ، وكذلك لم يجز للوصي أو القيم قبولها أو رفضها إلا بإذن المحكمة ( م 39 من قانون الولاية على المال ) .

ويجوز أن يشترط المتبرع للصغير إلا يدخل مال التبرع في الولاية ( م 3 من قانون الولاية على المال ) ، فتقيم المحكمة في هذه الحالة وصياً خاصاً تحدد مهمته ( م 31 من قانون الولاية على المال ) . كما يجوز للمتبرع نفسه أن يقيم وصياً مختاراً ، على أن تعرض الوصاية على المحكمة لتثبيتها ( م 28 من قانون الولاية على المال ) . والأصل أن الولى لا يحاسب على تصرفاته ، ولكنه استثناء يحاسب على ريع المال الذي وهب للقاصر لغرض معين كالتعليم أو القيام بحرفة أو مهنة ( م 25 من قانون الولاية على المال ) . وظاهر أن هذه الأحكام قد فرضها القانون لمصلحة الصغير .

67 - الموهوب له صبي مميز أو سفيه أو ذو غفلة : فإذا كان الموهوب له قادراً على التمييز ، بان كان صبياً مميزاً أو سفيهاً أو ذا غفلة ، فقد استوفى بالتمييز أهليته لقبول الهبة . وجاز له أن يقبلها وحده ، وأن يقبضها ، دون إذن الولى أو الوصي أو القيم ودون إذن المحكمة ، لأنها نافعة له نفعا ًمحضاً . فإذا كانت مقترنة بشروط أو التزامات ، فإن قبولها لا يكون إلا بإذن المحكمة على التفصيل الذي أوردناه في عديم التمييز . وغنى عن البيان أن الولى أو الوصى أو القيم يستطيع كل منهم أن يقبل الهبة وأن يقبضها عن المحجور ، وفقا لما ذكرناه عند الكلام في عديم التمييز ( [186] ) .

 $ 106 $

68 – البالغ الرشيد : أما البالغ الرشيد فله أهلية قبول الهبة دون إذن من أحد ( [187] ) ، حتى لو كانت مقترنة بشروط أو التزامات .

وإذا كان غائباً قبلها عنه وكيله ، أو محكوماً عليه بعقوبة جنائية قبلها عنه القيم ، أو ذا عاهتين من العاهات التي تقدم ذكرها قبلها بمعاونة المساعد القضائي : فإذا كانت مقترنة بشروط أو التزامات ، وجب أيضاً إذن المحكمة ( [188] ) .

المطلب الثاني

عيوب الرضاء في عقد الهبة

69 – تطبيق القواعد العامة : عيوب الرضاء في عقد الهبة هي عيوبه $ 107 $ في أي عقد آخر ، فيعيب إرادة المتعاقدين – إرادة الواهب بوجه خاص – أن تكون مشوبة بغلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال . فإذا شاب الإرادة عيب من هذه العيوب ، كانت الهبة قابلة للإبطال لمصلحة من شاب إرادته العيب . وفي الاستغلال تكون الهبة قابلة للإبطال أو للإنقاص وفقاً للقواعد المقررة في الاستغلال ، وقد سبق تفصيلها في الجزء الأول من الوسيط .

ونستعرض هذه العيوب مطبقة على عقد الهبة استعراضاً سريعاً ، إذ لا جديد يقال فيها أكثر مما قيل في النظرية العامة للعقد .

70 – الغلط في عقد الهبة : حتى يجعل الغلط الهبة قابلة للإبطال ، يجب أن يكون غلطاً جوهرياً . ويلاحظ بوجه عام أن معيار الغلط الجوهري في الهبة اخف من معياره في البيع ، لأن الهبة عقد تبرع فجسامة الغلط فيها قد لا يرقى إلى جسامته في عقد البيع ( [189] ) . وأكثر ما يقع الغلط من الواهب ، لأن الموهوب له لا يلتزم بشيء ، وهذا ما لم تكن الهبة بعوض . ويقع الواهب في غلط جوهري إما في الشيء الموهوب ، وإما في شخص الموهوب له ، وإما في القيمة ، وإما في الباعث .

ومثل الغلط الجوهري في الشيء الموهوب أن يهب شخص آخر أرضا زراعية ، ثم يتبين بعد ذلك أنا أرض بناء . فإذا كان الغلط مشتركا بين الواهب والموهوب له أو كان الموهوب له يعلم أو يستطيع أن يعلم بغلط الواهب ، كانت الهبة قابلة للإبطال بناء على طلب الواهب . فيجوز للواهب في هذه الحالة أن يطلب إبطال الهبة للغلط في الشيء ، حتى لو لم يكن يستطيع الرجوع فيها لقيام مانع من موانع الرجوع ، فإن إبطال الهبة غير الرجوع فيها .

 $ 108 $

ومثل الغلط الجوهري في شخص الموهوب له أن يهب شخص لآخر مالا معتقداً أن هناك رابطة قرابة تربطه به ، فيتضح أن الأمر غير ذلك . فإذا كان الغلط مشتركا أو كان الموهوب له يعلم أو يستطيع أن يعلم بغلط الواهب ، جاز للواهب ، حتى لو قام مانع من الرجوع في الهبة ، أن يطلب إبطال العقد للغط . ويلاحظ أن شخصية الموهوب له في عقد الهبة ذات اعتبار رئيسي في التعاقد ، وتفوق كثيرا في الاعتبار شخصية المتعاقد في عقود المعاوضة ، ولذلك يكون الغلط في شخص الموهوب له اشد أثراً من الغلط في شخص المشتري ( [190] ) .

ومثل الجوهري في قيمة المال الموهوب أن يهب شخص آخر أسهماً وهو يجهل أن سهما منها قد ربح جائزة كبيرة . وتدل الظروف والملابسات في هذه الحالة على أن الموهوب له إما أن يكون مشتركاً في الغلط ، وإما أن يكون عالماً به أو مستطيعاً أن يعلمه . فيحق للواهب ، حتى لو لم يكن يملك الرجوع في الهبة ، أن يطلب إبطالها للغلط فيما يتعلق بالسهم الذي ربح الجائزة . على أنه يجوز للموهوب له في هذه الحالة أن ينزل عن الجائزة ويستبقى السهم الموهوب ، وذلك تطبيقاً للمادة 124 مدني وهي تنص على أنه " 1 - ليس لمن وقع في غلط أن يتمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حسن النية . 2 - ويبقي بالأخص ملزما بالعقد الذي قصد إبرامه ، إذا أظهر الطرف الآخر استعداده لتنفيذ هذا العقد " ( [191] ) .

ومثل الغلط الجوهري في الباعث الذي دفع الواهب إلى الهبة أن يهب $ 109 $ شخص آخر مالا وهو مريض ويعتقد أنه في مرض الموت ، ثم يشفى من مرضه . فيجوز له ، ولو لم يكن يستطيع الرجوع في الهبة ، أن يطلب إبطالها للغلط في الباعث ، إذا كان الموهوب له مشتركاً معه في الغلط أو كان عالماً به أو يستطيع أن يعلمه . والباعث في الهبة له شأن اكبر مما له في المعاوضات ، فيجب أن يكون باعثاُ مشروعاً وإلا بطلت الهبة لعدم مشروعية السبب كما سنرى ، ويجب أن يكون غير مغلوط وإلا كانت الهبة قابلة للإبطال كما رأينا .

والغلط في القانون كالغلط في الواقع يجعل الهبة قابلة للإبطال ، وفقاً للقواعد المقررة في نظرية الغلط ( [192] ) .

71 – التدليس في عقد الهبة : ويجوز طلب إبطال الهبة للتدليس طبقا للقواعد العامة المقررة في نظرية العقد . وأكثر ما يقع التدليس على الواهب ، ويقع من الموهوب له أو باشتراكه مع أجنبي . فإذا كان التدليس هو الذي دفع الواهب إلى هبة ماله ، جاز له طلب إبطال الهبة ، حتى لو لم يكن يملك الرجوع فيها .

والتدليس اشد تأثيرا في الهبة منه في عقود المعاوضة ، فأي طريق من الطرق الإحتيالية يدفع الواهب إلى الهبة يكفي لإفساد رضائه ، حتى لو كان هذا الطريق مجرد الكذب أو محض الكتمان . فإذا أوغر الموهوب له صدر الواهب على ورثته بأكاذيب يختلقها ، فدفعه بذلك إلى أن يهب له شيئاً من ماله ليحرم منه الورثة ، كان هذا تدليساً يجيز للواهب ، حتى لو لم يكن يستطيع الرجوع في الهبة ، أن يطلب إبطالها للتدليس . وكذلك إذا كتم الموهوب له عن الواهب أموراً لو عملها لما اندفع إلى الهبة ، كان هذا تدليساً يجيز طلب إبطال الهبة .

 $ 110 $

وإذا صدر التدليس من غير الموهوب له ، فللواهب أن يطلب إبطال الهبة إذا كان الموهوب له يعلم ، أو كان من المفروض حتما أن يعلم ، بهذا التدليس ( م 126 مدني ) ( [193] ) .

72 – الإكراه في عقد الهبة : والإكراه يفسد رضاء الواهب ، ويجعل الهبة قابلة للإبطال ( [194] ) . وأكثر ما يكون الإكراه في الهبة عن طريق التأثير في نفس الواهب بنفوذ أدبي يكون للموهوب له عليه ، فيؤثر في إرادته ويحمله على التجرد من ماله لمصلحته . ويقع هذا عادة من الزوج على الزوجة ، ومن رجل الدين على المتدين ، ومن الرئيس على المرؤوس ( [195] ) .

 $ 111 $

وكما أن النفوذ الأدبي إذا قصد به الوصول إلى غرض غير مشروع يعد إكراهاً ، كذلك العطف والحنو إذا استغل لابتزاز المال من الواهب يعد إكراهاً ، وفي هذه الحالة تطبق قواعد الاستهواء والتسلط على الإرادة والاستغواء ( suggestion , capitation et seduction ) . والفرق بين النفوذ الأدبي من جهة والاستهواء والتسلط على الإرادة من جهة أخرى أن النفوذ الأدبي يفرض فيه أن يشخصاً مقامه كبير في عين المتصرف ، كأب أو رئيس أو معلم ، استعمل نفوذه الأدبي . أما الاستهواء والتسلط فلا يشترط فيهما أن الشخص المتسلط على إرادة الواهب له مقام كبير ، فقد يكون زوجة أو ولداً للواهب . ويحسن في التقنين المدني الجديد ، بعد أن أورد نصاً عاماً في نظرية الاستغلال ، إدماج نظرية الاستهواء والتسلط في نظرية الاستغلال واعتبارهما نظرية واحدة ( [196] ) . وننتقل الآن إلى الاستغلال في عقد الهبة .

73 – الاستغلال في عقد الهبة : وأبرز عيوب الإرادة في عقد الهبة هو الاستغلال ، فكثيرا ما يستغل الموهوب له في الواهب طيشاً بيناً أو هوى جامحاً . مثل ذلك أن يتزوج شيخ من فتاة ، فيقع تحت سلطانها وتستغل ضعفه وهواه ، وتستكتبه من الهبات المستترة لنفسها ولأولادها ما تشاء . $ 112 $ وعلى العكس من ذلك قد تتزوج امرأة ثرية من زوج شاب ، فيستغلها ويبتز أموالها عن طريق الهبات المستترة . وقد يلقى الطيش والنزق بشاب ثرى في أيدي بطانة من السوء ، يستغلون طيشه ويبتزون ماله . كل هذه أمثلة تدل على ما قد يكون للاستغلال من أثر كبير في إرادة الواهب ، فيعيبها .

وإذا تحقق الاستغلال على الوجه الذي بيناه ، كان للواهب ، حتى لو لم يكن له حق الرجوع في الهبة ، إحدى دعويين : دعوى الإبطال أو دعوى الإنقاص . فإذا اختار دعوى الإبطال ، جاز للقاضي أن يجيبه إلى طلبه فيبطل الهبة إذا رأى أن الواهب لم يكن ليهب أصلاً لولا هذا الاستغلال . أما إذا رأى أن الاستغلال لم يفسد إرادة الواهب إلى هذا الحد ، وأن الواهب كان يهب دون استغلال بعض المال الموهوب ، اقتصر على إنقاص الهبة إلى هذا القدر . ويجوز للقاضى أن يبطل الهبة ، إلا اعتبر أنه قد قضى للخصم بأكثر مما يطلب ، واقتصر على إنقاص الهبة إلى الحد الذي ينتفى مع أثر الاستغلال .

الفرع الثاني

المحل في عقد الهبة

74 – الشيء الموهوب والعوض : الأصل في الهبة أن تكون عقداً ملزماً لجانب واحد هو جانب الواهب ، فيلتزم وحده ومحل التزامه هو الشيء الموهوب . ولكن يجوز أن يشترط الواهب في الهبة عوضاً أو التزامات أخرى في جانب الموهوب ، فتكون الهبة كالبيع ملزمة للجانبين ، ويكون محل التزام الموهوب له هو هذا العوض المشترط .

 $ 113 $

فالهبة إذن يكون لها دائماً محل هو الشيء الموهوب ، وقد يكون لها محل آخر هو العوض . فتستعرض في إيجاز كلا من المحلين : الشيء الموهوب والعوض .

المبحث الأول

الشيء الموهوب

75 – تطبيق القواعد العامة : يسري على الشيء الموهوب ما يسري على محل العقد بوجه عام . فيجب أن يكون موجوداً ، معيناً أو قابلاً للتعيين ، صالحاً للتعامل فيه ( [197] ) ، مملوكاً للواهب ( [198] ) .

ووجود الشيء الموهوب تسري فيه القواعد العامة ، إلا أنه خلافاً لهذه القواعد لا تجوز هبة الأموال غير الموجودة وقت الهبة ، فهبة الأموال المستقبلة باطلة .

وكون الشيء الموهوب معيناً أو قابلا للتعيين تسري فيه أيضاً القواعد العامة .

كذلك كون الشيء الموهوب صالحاً للتعامل فيه ، وبخاصة غير مخالف للنظام العام أو الآداب ، تسري فيه القواعد العامة ، فلا جديد في خصوص الهبة .

 $ 114 $

أما أن الواهب يجب أن يكون مالكاً للشيء الموهوب ، فيتفرع عنه ، كما تفرع في البيع ، الكلام فيما يأتي : هبة ملك الغير ، وهبة المال الشائع ، وهبة المريض مرض الموت .

فنستعرض إذن في إيجاز المسائل الأربع الآتية : ( 1 ) هبة الأموال المستقبلة ( 2 ) هبة ملك الغير ( 3 ) هبة المال الشائع ( 4 ) هبة المريض مرض الموت .

المطلب الأول

هبة الأموال المستقبلة

76 – النصوص القانونية : تنص المادة 492 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " تقع هبة الأموال المستقبلة باطلة " ( [199] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص ، أخذا بالقواعد الموضوعية للهبة في الفقه الإسلامي ( [200] ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 460 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 481 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 609 / 1 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 513 ( [201] ) .

77 – الأصل جواز التعامل في المال المستقبل : قدمنا في النظرية العامة للعقد ( [202] ) أنه يجوز التعامل في المال المستقبل ، وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 131 مدني صراحة على ذلك إذ تقول : " يجوز أن يكون محل الالتزام شيئاً مستقبلا " . فيجوز بيع المحصولات المستقبلة قبل أن تنبت ، ويجوز أن يبيع شخص من آخر منزلا لم يبدأ بناءه على أن تنتقل ملكية المنزل إلى المشتري عند تمام البناء ، ويجوز أن يبيع شخص نتاج ماشية قبل وجودها ، وكثيراً ما يقع أن يبيع صاحب مصنع قدراً معيناً من مصنوعاته $ 116 $ دون أن يكون قد بدا صنعها ، وأن يبيع مؤلف مؤلفه قبل أن يبدأ كتابته ، وأن ينزل مقاول عن الأجر في مقاولة لم ترس عليه بعد .

على أن القانون قد يحرم لاعتبارات خاصة ضروباً من التعامل في الشيء المستقبل ، كما فعل في تحريم التعامل في التركة المستقبلة ( م 131 / 2 مدني ) ، وفي رهن المال المستقبل رهناً رسمياً ( م 1033 / 2 مدني ) . أو رهناً حيازياً ( م 1098 ) . وهو هنا يحرم هبة المال المستقبل ( م 492 مدني السالفة الذكر ) .

78 – بطلان هبة المال المستقبل : وهنا يجب التمييز بين المال الحاضر والمال المستقبل ، إذ أن هبة المال الحاضر جائزة بخلاف هبة المال المستقبل فهي باطلة .

إذا وهب شخص شيئاً غير معين بالذات ، كمائة أردب من القمح ، فهذا مال حاضر وتصح هبته ، لأن الهبة هنا تتم عن طريق التزام الواهب بحق شخص يرتبه في ذمته ، وقد رأينا أن الهبة على هذا النحو جائزة . ويتفرع على ذلك أنه يجوز أن يهب شخص آخر مبلغاً من النقود عن طريق التزامه بهذا المبلغ ، بل يجوز في هذه الحالة أن يحدد موت الواهب أجلاً لدفع النقود ، فما دام الالتزام قد انعقد وأصبح مترتباً في ذمة الواهب فالهبة جائزة ، وليس الموت إلا اجر غير محقق يوفى عنده الالتزام ، فالالتزام ذاته محقق والأجل هو غير المحقق ( [203] ) . وإذا وهب شخص شيئاً مملوكاً له تحت شرط فاسخ ، فهذه هبة مال حاضر ، وهي هبة جائزة . ويملك الموهوب له الشيء ملعقاً على هذا الشرط ، فإذا تحقق الشرط زالت ملكية الواهب ، $ 117 $ ومن ثم تزول ملكية الموهوب له تبعاً لزوال ملكية الواهب . أما إذا تخلف الشرط ، فقد أصبحت ملكية الواهب باتة ، وأصبحت باتة كذلك ملكية الموهوب . كذلك إذا وهب شخص شيئاً مملوكاً له تحت شرط واقف ، فإنه يكون قد وهب حقه المعلق على هذا الشرط وهو مال حاضر ، فتكون الهبة جائزة . ويملك الموهوب له الشيء معلقاً على الشرط الواقف ، فإذا تحقق الشرط نفذت ملكيته ، وإذا تخلف بطلت الملكية .

أما المال المستقبل فهو المال غير الموجود وقت الهبة . ومن ثم لا تصح هبة محصولات لم تنبت ، أو منزل لم يتم بناؤه ، أو ربح أسهم أو سندات لم تحل ( [204] ) . كذلك هبة التركة المستقبلة لا تجوز ، لا تطبيقاً للمادة 492 مدني فحسب ، بل أيضاً تطبيقاً لنص اعم يحرم التعامل إطلاقاً ، الهبة أو بغيرها ، في التركة المستقبلة ( م 131 / 2 مدني ) .

وهبة المال المستقبل باطلة بطلاناً مطلقاً ، لا تحلقها الإجازة ، ولا يرد عليها التقادم ، ويجوز لكل ذى مصلحة أن يتمسك بالبطلان ، ويجوز للقاضي أن يحكم به من تلقاء نفسه . والسبب في ذلك يرجع إلى ما تنطوي عليه هبة المال المستقبل من خطر ، فإن الواهب يندفع إلى هبة مال مستقبل أكثر مما يندفع إلى هبة مال حاضر ، فأراد المشرع أن يحميه من هذا الاندفاع بإبطال هبته ( [205] ) .

 $ 118 $

وإذا وهب الشخص مالا حاضراً ومالا مستقبلا في وقت واحد لشخص واحد ، وكانت الهبة قابلة للتجزئة ، صحت في المال الحاضر وبطلت في المال المستقبل ، طبقا للقواعد المقررة في إنقاص العقد ، ووفقا للمادة 143 مدني إذ تقول : " إذا كان العقد في شق منه باطلا أو قابلا للأبطال فهذا الشق وحده هو الذي يبطل ، إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع أو قابلا للأبطال فيبطل العقد كله ( [206] ) " .

79 – التمييز بين المال المستقبل وملك الغير : ولما كانت هبة المال المستقبل باطلة كما رأينا ، وكانت هبة ملك الغير قابلة للإبطال كما سنرى ، فاختلف الحكم في الحالتين ، وجب التمييز بين المال المستقبل وملك الغير حتى يجعل لكل حالة حكمها ( [207] ) .

المال المستقبل هو مال غير موجود وقت الهبة ، ولكنه يوجد في $ 119 $ المستقبل . وقد يكون محقق الوجود كالمحصولات التي لم تنبت ، أو محتمل الوجود كنتاج المواشي . أما ملك الغير فهو مال معين بالذات موجود وقت الهعبة ، ولكنه غير مملوك للواهب . وقد سبق تحديد ملك الغير عند الكلام في بيع ملك الغير وفي تحديد منطقة هذا البيع ( [208] ) .

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد : " أما هبة مال معين موجود وقت الهبة وغير مملوك للواهب فهو هبة ملك الغير " ( [209] ) . وجاء في تقرير لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب عند نظر النص الخاص بتحريم هبة المال المستقبل ، وكان يجري على الوجه الآتي : " تقع هبة الأموال المستقبلة باطلة ، إلا إذا وردت على شيء معين بالذات ، فيسري عليها نص المادة 362 وما يليها " – أي يسري عليها حكم بيع اليغر – ما يأتي : " حذفت اللجنة العبارة الأخيرة من المادة وهي : إلا إذا وردت على شيء معين بالذات إلخ ، لأن المال المستقبل هو مال غير موجود وقت الهبة وسيوجد بعدها . أما المال الموجود وقت الهبة مملوكا لغير الواهب ، فالهبة فيه هي هبة ملك الغير لا هبة المال المستقبل . وعلى أساس هذا التمييز ما بين هبة المال المستقبل وهبة ملك الغير ، لم يعد هناك محل للاستثناء الوارد في هذه المادة ، لأن الهبة التي ترد على شيء معين بالذات غير مملوك للواهب لا يمكن أن تكون هبة مال مستقبل ، بل تتمحض هبة لملك الغير ، وحكمها وارد في المادة 518 ( من المشروع ) ، فلا معنى لإيراده ثانية في المادة 519 ( من المشروع ) على صورة استثناء ، ولأن ملك الغير لا يدخل في المال المستقبل حتى يصح استثناؤه منه " ( [210] ) .

 $ 120 $

المطلب الثاني

هبة ملك الغير

80 – النصوص القانونية : تنص المادة 491 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " إذا وردت الهبة على شيء معين بالذات غير مملوك للواهب ، سرت عليها أحكام المادتين 466 و 467 " ( [211] ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ( [212] ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 459 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 480 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 609 / 1 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني في المادة 513 ( [213] ) .

 $ 121 $

81 – حكم هبة ملك الغير فيما بين المتعاقدين : هبة ملك الغير فيما بين المتعاقدين قابلة للإبطال لمصلحة الموهوب له ، فقد صرحت المادة 491 مدني السالفة الذكر بأن أحكام بيع ملك الغير تسري على هبة ملك الغير ، ومن أحكام بيع ملك الغير كما رأينا ( [214] ) أنه قابل للإبطال لمصلحة المشتري .

فللموهوب له وحده أن يطلب إبطال الهبة ، حتى قبل أن يتعرض له المالك الحقيقي ، كما يستطيع المشتري ذلك في ملك الغير . ويكون الموهوب له مصلحة في إبطال الهبة إذا كانت الهبة بعوض أو مقترنة بالتزامات فرضت عليه ، فيطلب إبطال الهبة في هذه الحالة حتى يتخلص من دفع العوض أو من القيام بهذه الالتزامات . ويجوز للموهوب له أن يطالب بتعويض عما أصابه من الضرر بسبب إبطال الهبة إذا كان الواهب قد تعمد إخفاء أن الشيء الموهوب مملوك للغير أو كانت الهبة بعوض ، وفي الحالة الأولى يستحق الموهوب له تعويضا عادلا ، وفي الحالة الثانية يرجع بما أداه من عوض ، وكل ذلك قياسا على ضمان الواهب للاستحقاق وسنبينه فيما يلي ( [215] ) . ولم نطبق أحكام بيع ملك الغير في هذه المسألة ، وهي مذكورة في المادة 468 مدني ، لأن المادة 491 مدني لم تحل عليها ( [216] ) . $ 122 $ أما الواهب فلا يجوز له إبطال الهبة الصادرة منه ، لأن الهبة ليست باطلة بطلاناً مطلقاً كما في هبة المال المستقبل ، بل هي قابلة للإبطال لمصلحة الموهوب له وحده .

وللموهوب له أن يجيز الهبة ، فتنقلب صحيحة ، ولكن ذلك لا يعني إنها تنقل ملكية الموهوب إلى الموهوب له لأن المالك الحقيقي لم يجز الهبة وهو أجنبي عنها ، فلا تنتقل الملكية منه إلا برضائه .

وكذلك تنقلب الهبة صحيحة إذا آلت ملكية الموهوب إلى الواهب بعد صدور الهبة ( أنظر المادة 467 مدني في بيع ملك الغير ) ، وفي هذه الحالة تنتقل الملكية من الواهب إلى الموهوب له .

وتسرى سائر أحكام بيع ملك الغير على هبة ملك الغير في جميع ما قدمناه من مسائل ( [217] ) .

وهبة ملك الغير قابلة للإبطال بموجب نص خاص هو المادة 491 مدني ، على النحو الذي قررناه في بيع ملك الغير ( [218] ) . كما أن هبة عقار الغير تكون قابلة للإبطال قبل التسجيل وبعده ، على النحو الذي رأيناه في بيع عقار الغير ( [219] ) .

82 – حكم هبة ملك الغير بالنسبة إلى المالك الحقيقي : وإذا لم يقر المالك الحقيقي الهبة ، فسواء أجاز الموهوب له الهبة أو لم يجزها ، فإن المالك الحقيقي أجنبي عن الهبة فلا تسرى في حقه . ومن ثم يبقى مالكاً للموهوب ، ولا تنتقل منه الملكية إلى الموهوب له حتى لو انقلبت الهبة صحيحة باجازة الموهوب له . ويترتب على ذلك أن المالك الحقيقي يستطيع أن $ 123 $ يرجع على الموهوب له بدعوى الاستحقاق وأن يرجع على الواهب بالتعويض ، على النحو الذي رأيناه في رجوع المالك الحقيقي في بيع ملك الغير على المشتري وعلى البائع ( [220] ) .

وقد يقر المالك الحقيقي الهبة ، وهذا الإقرار من شأنه أن ينقل ملكية الموهوب منه إلى الموهوب له ، إذ زال العائق الذي كان يحول دون نقل الملكية . ولذلك يجب تسجيل هذا الإقرار في هبة العقار حتى تنتقل الملكية إلى الموهوب له . ومتى انتقلت الملكية إلى الموهوب له ، زال السبب الذي من أجله جعل المشرع هبة ملك الغير قابلة للإبطال ، فانقلبت الهبة صحيحة بإقرار المالك الحقيقي ( [221] ) . وتنقلب الهبة صحيحة من وقت صدورها ، ولكن الملكية لا تنتقل إلى الموهوب له إلا من وقت الإقرار ، ويجري كل هذا الوجه الذي رأيناه في إقرار المالك الحقيقي لبيع ملك الغير ( [222] ) .

ولعل جواز إقرار المالك الحقيقي للهبة ، وانقلابها صحيحة بهذا الإقرار من وقت صدورها ، وانتقال ملكية الموهوب إلى الموهوب له ، دون حاجة في كل ذلك إلى عمل الهبة من جديد ، هو الذي سوغ للمشرع أن يجعل هبة ملك الغير قابلة للإبطال ، ولم يجعلها باطلة كما جعل هبة المال المستقبل ( [223] ) .

المطلب الثالث

هبة المشاع

83 – هبة المشاع جائزة : وتسري على هبة جزء شائع في شيء معين $ 124 $ بالذات ، كهبة نصف الدار في الشيوع ، القواعد العامة في التصرف في المال الشائع . وتنص الفقرة الولى من المادة 826 مدني في هذا الصدد على أن " كل شريك فى الشيوع يملك حصته ملكا تاما ، وله أن يتصرف فيها وأن يستولي على ثمارها وأن يستعملها بحيث لا يلحق الضرر بحقوق سائر الشركاء " . فيجوز إذن للمالك في الشيوع أن يتصرف في ماله الشائع بالبيع والهبة وسائر التصرفات ، ومن ثم تكون هبة المال الشائع جائزة . والفقه الإسلامي في المذهب الحنفي على خلاف ذلك ، فهبة المشاع في الفقه الحنفي لا تجوز ( [224] ) . ولكن هذا الحكم لم ينقله التقنين المدني الجديد في الأحكام $ 125 $ الموضوعية للهبة ، فيبقى على أصله في القواعد العامة لهذا التقنين ، وقد رأينا هذه تجيز هبة المشاع ( [225] ) .

84 – هبة الحصة الشائعة في حالة الشيوع : فإذا وهب المالك في الشيوع حصته الشائعة أو بعض هذه الحصة ، وهي في حالة الشيوع ، انتقل ما وهبه شائعاً إلى الموهوب له في حالة الشيوع التي كانت عليها الحصة وهي في ملك الواهب . فمن يهب مثلا ثلث الدار شائعاً ينقل ملكية هذا الثلث في الشيوع للموهوب له ، ويصبح هذا خلفاً خاصاً للواهب ويحل محله في الثلث الشائع ، فيصير مالكاً لثلث الدار في الشيوع مع الملاك الشائعين الآخرين .

85 – هبة جزء مفرز من المال الشائع : ولكن قد يهب المالك الشيوع جزءاً مفرزاً من المال الشائع . مثل ذلك أن يهب المالك لثلث الأرض في الشيوع جزءاً مفرزاً من هذه الأرض الشائعة يعدل ثلثها . وقد أوردت الفقرة الثانية من المادة 826 مدني نصاً عاماً يشمل جميع التصرفات التي تقع على جزء مفرز من المال الشائع ، سواء كان التصرف بيعاً أو هبة أو غير ذلك ، وهذا النص يجري على الوجه الآتي : " وإذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف ، انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي آل إلى المتصرف بطريق القسمة . وللمتصرف إليه ، إذا كان يجهل أن المتصرف لا يملك العين المتصرف فيها مفرزة ، الحق في إبطال التصرف " .

وقد سبق أن أجرينا حكم هذا النص على بيع جزء مفرز من المال الشائع ، وحكم الهبة كحكم البيع ، فنحيل إلى ما قدمناه هناك ( [226] ) .

ونكتفي هنا بالإشارة إلى أنه إذا وهب المالك في الشيوع جزءاً مفرزاً من المال الشائع قبل قسمة هذا المال ، فإنه يكون قد وهب ما يملك وما لا يملك ، ويجب التمييز بين حالتين : فإما أن يكون الموهوب له عالماً بأن الواهب لا يملك الجزء المفرز الذي يهبه وإنما يملك فيه حصة على الشيوع ، وإما أن يكون غير عالم بذلك . ففي الحالة الأولى يكون المفروض أن الموهوب له قد قبل هبة الجزء المفرز أو ما يحل محله مما يقع في نصيب الواهب عند القسمة . فإذا لمي قع الموهوب في نصيب الواهب عند القسمة ، ووقع بدله جزء آخر ، تحول حق الموهوب له بحكم الحلول العيني إلى الجزء المفرز الذي وقع في نصيب الواهب ، طبقاً للأححكام الواردة في المادة 826 مدني المتقدمة الذكر . وفي الحالة الثانية إذا كان الموهوب له يجهل أن الواهب إنما يملك في الشيوع ، فقد وقع في غلط جوهري ، وتكون الهبة قابلة للإبطال ، وتظهر مصلحة الموهوب له في إبطال الهبة إذا كانت الهبة بعوض أو مقترنة بشروط أو التزامات . ولكن إذا حصلت القسمة قبل أن يطلب المشتري إبطال البيع ، فوقع الجزء المفرز في نصيب الواهب ، فإن $ 127 $ الهبة تنقلب صحيحة على النحو الذي قدمناه في البيع ( [227] ) .

وحكم هذه الهبة بالنسبة إلى سائر الشركاء في الشيوع هو نفس الحكم الذي قررناه في البيع ( [228] ) .

المطلب الرابع

هبة المريض مرض الموت

86 – هبة المريض مرض الموت حكمها حكم الوصية : وإذا صدرت الهبة من الواهب وهو في مرض موته ، فإن لهبته حكم الوصية ، وفقاً للقواعد العامة الواردة في المادة 916 مدني . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على نص صريح في هذا المعنى ، هو نص الفقرة الثانية من المادة 665 من هذا المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " تسري على الهبة في مرض الموت أحكام الوصية " . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة ، اكتفاء بالمادة 916 مدني السالف الإشارة إليها ( [229] ) .

وقد سبق أن بينا ما هو المقصود بمرض الموت ، وسبب تقييد التصرف في هذا المرض ، عند الكلام في البيع ، فنحيل إلى ما قدمناه هناك ( [230] ) .

87 – الموهوب لا يزيد على ثلث التركة : ويترتب على ما قدمناه أن الموهوب إذا لم تزد قيمته وقت الموت على ثلث التركة ، صحت الهبة ، سواء كان الموهوب له وارثاً أو غير وارث ، فإن الوصية أصبحت تجوز للوارث في الثلث كما تجوز لغير الوارث ، ولا حاجة إلى إجازة الورثة .

 $ 128 $

88 – الموهوب يزيد على ثلث التركة : فإذا كانت قيمة الموهوب وقت الموت تزيد على ثلث التركة ، صحت بغير إجازة الورثة في حدود الثلث ، سواء كانت الهبة لوارث أو لغير وارث . أما ما جاوز من الموهوب ثلث التركة ، فلا تصح الهبة فيه إلا باجازة الورثة . فإن لم يجزوا ، وجب على الموهوب له أن يرد إلى التركة ما جاوز الثلث ، أي أن يرد إليها ما يفي بتكملة ثلثيها .

وإذا تصرف الموهوب له في الموهوب الزائد على الثلث ، لم ينفذ التصرف في حق الورثة بغير إجازتهم إلا وفقاً للقواعد العامة ، لأن النص الخاص ببيع المريض مرض الموت – المادة 478 مدني – لم يرد في هبة المريض مرض الموت ( [231] ) . ومن ثم يسري التصرف في حق الورثة فيما جاوز الثلث إذا كان المتصرف إليه حسن النية قبل تسجيل دعوى الاستحقاق التي ترفعها الورثة على الموهوب له مطالبين إياه بالزائد على الثلث . ولا يسري التصرف في حقهم من وقت تسجيل هذه الدعوى ، ولو كان المتصرف إليه حسن النية .

المبحث الثاني

العوض في الهبة

89 – النصوص القانونية : تنص المادة 497 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " يلتزم الموهوب له بأداء ما اشترط عليه من عوض سواء اشتراط هذا العرض لمصلحة الواهب أم لمصلحة أجنبي أم للمصلحة العامة " ( [232] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص .

 $ 129 $

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 465 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 486 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 618 – ولا مقابل للنص في تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( [233] ) .

90 - الشروط العامة الواجب توافرها في العوض : قدمنا أن الهبة قد تقترن بمقابل ، شروط أو التزامات أو عوض تفرض على الموهوب له ، فتكون الهبة عندئذ عقداً ملزماً للجانبين ، إذ تقوم التزامات في جانب الموهوب له مقابلة للالتزامات القائمة في جانب الواهب .

وقد يكون هذا المقابل التزاماً بالإعطاء أو التزاماً بعمل أو التزاماً بالامتناع عن عمل . فالالتزام بالإعطاء مثله أن يلتزم الموهوب له بترتيب إيراد للواهب أو لأجنبي أو أن يلتزم بوفاء يدون الواهب أو الديون المترتبة على العين الموهوبة . والالتزام بالعمل مثله أن يلتزم الموهوب له بأن يقوم بخدمات معينة للواهب ، كأن يزرع له أرضا أو بيني له داراً أو نحو ذلك . والالتزام بالامتناع عن عمل مثله أن يتعهد الموهوب له بألا يتصرف في العين الموهوبة .

وأياً كان الالتزام الذي يشتمل عليه المقابل ، فإن محله يجب أن تتوافر فيه الشروط العامة الواجب توافرها في محل الالتزام . فيجب أن يكون هذا المحل موجوداً إذا كان متعلقاً بشيء معين بالذات ، أو ممكناً إذا كان عملا أو امتناعاً عن عمل . ويجب أن يكون معيناً أو قابلا للتعيين . ويجب $ 130 $ أخيراً أن يكون صالحاً للتعامل فيه ، وبخاصة يجب أن يكون غير مخالف للنظام العام أو الآداب .

ثم إن هذا المقابل في الهبة يجب أن تكون قيمته المادية أقل من قيمة الشيء الموهوب ، حتى تستبقى الهبة صفتها باعتبارها تبرعاً . وقد قدمنا أن قيمة المقابل إذا كانت تعادل قيمة الشيء الموهوب أو تقاربه ، فإن العقد يكون معاوضة لا تبرعا . وإذا قلت قيمة المقابل ، فإن التبرع يكون بمقدار الفرق ما بين قيمة الشيء الموهوب وقيمة المقابل ( [234] ) .

91 – صور مختلفة للمقابل في الهبة : والمقابل في الهبة يتخذ صورا مختلفة متباينة ( [235] ) ، نورد أمثلة منها هنا ( [236] ) .

فقد تكون الشروط والالتزامات المفروضة على الموهوب له ملحوظاً فيها مصلحته هو . مثل ذلك أن يهب شخص آخر مالا ويشترط عليه أن يشترى به داراً أو أوراقاً مالية ادخاراً للمالك عند الحاجة لمصلحة الموهوب له نفسه . وقد يهب له دارا ويشترط عليه عدم التصرف فيها ، وشرط وعدم التصرف هذا قد يكون لمصلحة الموهوب له ، وقد يكون لمصلحة الواهب ، وقد يكون لمصلحة أجنبي اشترطت له منفعة ( أنظر المادتين 823 – 824 وسيأتي ذكرهما ) .

وقد تكون الشروط والالتزامات مفروضة على الموهوب له لمصلحة الواهب . مثل ذلك أن يشترط الواهب على الموهوب له أن يوفى ديونه ، $ 131 $ فيلتزم الموهوب له عندئذ بوفاء ديون الواهب التي كانت موجودة وقت الهبة ، ما لم يتفق على غير ذلك ( م 499 / 1 مدني ) . وسنعود إلى تفصيل التزام الموهوب له بوفاء ديون الواهب عند الكلام في التزامات الموهوب له ( [237] ) .

وأكثر ما يكون المقابل في الهبة عوض يشترطه الواهب على الموهوب له ( [238] ) . ويكون هذا العوض أما لمصلحة الواهب أو لمصلحة أجنبي ، كأن يشترط الواهب على الموهوب له أن يرتب إيراداً للواهب مدى حياته ، أو يرتب إيراداً لشخص آخر غير الواهب مدى حياة هذا الشخص ( [239] ) ، وقد يكون هذا الإيراد معادلا لريع الشيء الموهوب . كذلك قد يشترط الواهب على الموهوب له عوضاً عن الهبة أن ينفق عليه طول حياته ، أو أن يؤويه في داره . وقد يشترط الواهب العوض للمصلحة العامة ، كأن يهب شخص مالا لجمعية خيرية ويشترط عليها أن تقوم بإنشاء مستشفى أو ملجأ أو نحو ذلك مما يحقق مصلحة عامة . وقد سبقت الإشارة إلى ذلك فيما قدمناه ( [240] ) .

 $ 132 $

الفرع الثالث

السبب في عقد الهبة

92 – تطبيق القواعد العامة في السبب : نظرية السبب تسرى في عقد الهبة كما تسرى في غيرها من العقود . ويجب أن يفهم السبب هنا بمعناه الحديث : الباعث الدافع للواهب على الهبة . أما نية التبرع – وهي التي تقول النظرية التقليدية إنها السبب في الهبة – فهي تختلط اختلاطاً تاماً بالرضاء ، فالواهب عندما رضى بالهبة كان رضاؤه هذا متضمناً لنية التبرع . وأكثر ما يظهر عقم النظرية التقليدية في السبب عندما تخلط هذه النظرية نية التبرع بالسبب في الهبات ، فإن نية التبرع موجودة حتما في كل هبة ، ووصف هذه النية بأنها السبب لا يقدم شيئاً ( [241] ) . وهذا ما دفع الأستاذ كابيتان ، وهو من اكبر المدافعين عن نظرية السبب التقليدية ، ألا يقف عند نية التبرع ، بل يجاوزها إلى الباعث الدافع ، فيجعله هو السبب $ 133 $ في الهبة إذا اقترنت بشرط يكون هو الذي دفع المتبرع إلى تبرعه ( [242] ) .

فيجب إذن الأخذ بالنظرية الحديثة في السبب ، وبخاصة في عقد الهبة ، فيكون السبب كما قدمنا هو الباعث الدافع للواهب على التبرع .

ويجب أن يكون هذا الباعث مشروعاً ، فإذا كان غير مشروع كانت الهبة باطلة بطلاناً مطلقاً . ولكن يجب ، حتى تكون الهبة باطلة لعدم مشروعية الباعث الذي دفع الواهب إلى التبرع ، أن يكون الموهوب له يعلم أو يستطيع أن يعلم بهذا الباعث . وقد ذهب بعض الفقهاء( [243] ) إلى أنه لا حاجة في الهبة حتى تبطل إلى أن يكون عدم مشروعية الباعث معلوماً من الموهوب له ، فإن الإرادة التي نقف عندها هي إرادة المتبرع وحده ، فهي الإرادة التي تسيطر على التصرف ، فيعتد إذن بالباعث الذي دفع الواهب إلى تبرعه سواء كان معلوماً من الموهوب له أو كان مجهولا منه . ولكن الرأي الذي ساد هو الرأي الأول ، فيجب ، حتى في الهبة لتكون باطلة ، أن يكون عدم مشروعية الباعث الذي دفع الواهب إلى التبرع معلوماً من الموهوب له ( [244] ) .

ومن أظهر تطبيقات عدم مشروعية السبب في الهبة ما استقر عليه القضاء في مصر من أنه إذا كان الباعث لتبرع الخيل لخليلته هو إيجاد العلاقة غير الشريفة بينهما أو استدامتها أو تجديدها ، كانت الهبة باطلة لعدم مشروعية السبب . أما إذا كان الباعث هو تعويض الخليلة عما أصابها من $ 134 $ الضرر بسبب المعاشرة غير الشرعية بعد أن انقطعت ، فالباعث يكون مشروعاً والهبة تكون صحيحة ( [245] ) .

والقواعد التي قررناها في السبب عند الكلام في نظرية العقد بوجه عام تسري على الهبة بالقدر الذي يتلاءم مع طبيعتها ، فنحيل إلى ما قدمناه في هذا الصدد ( [246] ) . وإنما نقف عند تطبيقات ثلاثة للسبب كان المشروع التمهيدي يشتمل على نصوص فيها ( [247] ) ، وحذفت هذه النصوص اكتفاء بالقواعد العامة .

93 – الهبة المقترنة بشرط مستحيل أو بشرط غير مشروع : كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على نص هو المادة 669 من هذا المشروع ، وكان يجري على الوجه الآتي : " إذا اقترنت الهبة بشرط $ 135 $ مستحيل أو بشرط غير مشروع ، وقعت صحيحة وألغى الشرط ، إلا إذا كان هذا الشرط هو السبب الدافع للهبة ، فتقع الهبة كلها باطلة " ( [248] ) . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة ، اكتفاء بالقواعد العامة ( [249] ) .

ومثل الهبة المقترنة بشرط مستحيل أن يهب شخص داراً لآخر ، ويقرن الهبة بشرط هو أن يرتب الموهوب له ايراداً لشخص آخر مدى حياة هذا الشخص ، ثم يتبين أن هذا الشخص قد توفى قبل صدور الهبة . فهنا الشرط الذي اقترنت به الهبة هو شرط مستحيل ، ومن ثم ننظر هل كان هذا الشرط هو الباعث الدافع ( cause impulsive et determinate ) للواهب على أن يتبرع بالدار للموهوب له ، وفي هذه الحالة يكون الشرط هو السبب وقد انعدم ، فتبطل الهبة كلها ويسترد الواهب الدار من الموهوب له . أما إذا كان الشرط ليس هو الباعث الدافع على التبرع ، وثبت أن الواهب كان يهب الدار حتى لو تبين أن الشرط مستحيل ، فإن الهبة تبقى صحيحة ويلغو الشرط وحده .

ومثل الهبة المقترنة بشرط غير مشروع أن يهب شخص مالا لمطلقته ويشترط عليها عدم الزواج . فشرط عدم الزواج عادة شرط غير مشروع ( [250] ) ، فإن كان هو الباعث الدافع للواهب على التبرع ، ألغى $ 136 $ الشرط وبطلت الهبة معه . وإن لم يكن هو الباعث الدافع إلى التبرع ، إلى الشرط وبقيت الهبة ( [251] ) .

94 – الهبات والهدايا في الخطبة : وكان المشروع التمهيدي يشتمل أيضاً على نص هو المادة 670 من هذا المشروع ، وكان يجري على الوجه الآتي : " الهبات والهدايا التي تقدم في الخطبة من أحد الخطيبين للأخر ، أو من أجنبي عنهما لأحدهما أولهما معاً ، يجب أن يردها الموهوب له للواهب إذا فسخت الخطبة وطلب الواهب الرد ، ما دام الشيء الموهوب قائماً ويمكن رده بالذات " ( [252] ) . وقد حذف هذا النص في لجنة مجلس الشيوخ ، اكتفاء بالقواعد العامة وبأحكام العرف في هذا الشأن ( [253] ) .

والمفروض أن الهبات والهدايا التي يقدمها أحد الخطيبين للأخر ، أو يقدمها ذوو الخطيبين لأحدهما أولهما معاً ، إنما الباعث الدافع لها هو إتمام الزواج . فإذا لم يتم وفسخت الخطبة ، فقد انعدم السبب ، فبطلت الهبة . ومن ثم يستطيع الواهب أن يطلب استرداد هبته من الموهوب له بعد فسخ الخطبة ( [254] ) . ولكن يشترط في ذلك أن يكون الشيء الموهوب قائماً ، كالمجوهرات $ 137 $ والمصوغات ، حتى يمكن رده بالذات . أما إذا استهلك ، كالحلوى والروائح ، فالمفروض أن الواهب قد وهب الشيء على أن يستهلك وعلى إلا يسترده مهما كان مآل الخطبة ، فلا يكون إتمام الزواج سبباً في مثل هذه الهبات ( [255] ) .

95 – شرط عدم التصرف في الشيء الموهوب : وكان المشروع التمهيدي يشتمل أخيراً على نص هو المادة 671 من هذا المشروع ، وكان يجري على الوجه الآتي : " إذا اشترط الواهب عدم التصرف في الشيء الموهوب ، فيسري على الهبة أحكام المادتين 1191 و 1192 " . وقد $ 138 $ حذف هذا النص في لجنة المراجعة ، لورود حكمه في المادتين 823 و 824 مدني ( [256] ) .

والواقع من الأمر أن شرط عدم التصرف في الشيء الموهوب قد ورد حكمه في نص عام هو نص المادة 823 مدني ، ويجري على الوجه الآتي : " ( 1 ) إذا تضمن العقد أو الوصية شرطا يقضى بمنع التصرف فى مال ، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبينا على باعث مشروع ، ومقصورا على مدة معقولة . ( 2 ) ويكون الباعث مشروعا متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو للمتصرف إليه أو الغير . ( 3 ) والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير " . ويخلص من هذا النص أنه إذا اشترط الواهب على الموهوب له إلا يتصرف في الشيء الموهوب ، فشرط عدم التصرف لا يكون صحيحاً إلا إذا كان مبنياً على باعث مشروع ومقصوراً على مدة معقولة . أما إذا كان الشرط مبنياً على باعث غير مشروع ، بأن كان الغرض منه تعطيل التصرف في الموهوب دون مبرر لذلك ، وجب النظر فيما إذا كان هذا الشرط هو الباعث الدافع إلى التبرع ، فيكون السبب غير مشروع ، ويبطل وتبطل معه الهبة . أما إذا كان الشرط ليس هو الباعث الدافع إلى التبرع ، فإنه يلغو وحده ، وتبقى الهبة صحيحة ، ويجوز للموهوب له عندئذ أن يتصرف في الشيء الموهوب بالرغم من شرط عدم التصرف . ومن المبررات لشرط عدم التصرف ، فيكون شرطاً مشروعاً يجب العمل به ، أن يكون قد وضع لحماية الواهب أو الغير ، كما إذا كان الواهب قد اشترط على الموهوب له ترتيب إيراد مرتب له طول حياته ، أو إيراد مرتب لأجنبي طول حياة هذا الأجنبي ، فيكون هذا مبرراً لأن يشترط الواهب أيضاً إلا يتصرف الموهوب له في الشيء طول حياة الواهب أو طول حياة الأجنبي . $ 139 $ ليكون ذلك ضامنا للوفاء بالإيراد المرتب . كذلك من مبررات شرط عدم التصرف أن يكون قد وضع لحماية الموهوب له نفسه ، بأن كان محدود التجربة أو كان فيه نزقه وطيش ، فيشترط عليه الواهب إلا يتصرف في الشيء الموهوب حماية له من عدم تجربته أو من نزقه وطيشه ، ويصح في هذه الحالة أن يكون شرط عدم التصرف لمدة حياة الموهوب له .

فإذا صح شرط عدم التصرف على الوجه الذي أسلفناه ، صحت الهبة معه ووجب العمل بالشرط . ومن ثم لا يجوز للموهوب له أن يتصرف في الشيء الموهوب طول المدة التي حددت للشرط ، وإذا تصرف وقع تصرفه باطلا . واستطاع كل ذي شأن – وبخاصة الموهوب له والواهب نفسه – أن يسترد الشيء الموهوب من المتصرف له ، ولكن تبقى الهبة قائمة فيرد الشيء إلى الموهوب له لا إلى الواهب . وتنص المادة 824 مدني في هذا الصدد على أنه : " إذا كان شرط المنع من التصرف الوارد فى العقد أو الوصية صحيحا طبقا لأحكام المادة السابقة ، فكل تصرف مخالف له يقع باطلا " .

 $ 140 $

الفصل الثاني

 أحكام الهبة

96 - آثار الهبة والرجوع فيها : تشمل أحكام الهبة الآثار التي تترتب عليها وجواز الرجوع فيها .

 الفرع الأول

 الآثار التي تترتب علي الهبة

97 - التزامات الواهب والتزامات الموهوب له : الأصل في عقد الهبة كما قدمنا أنه عقد ملزم لجانب واحد ، هو جانب الواهب . ولكن إذا اشترط الواهب عوضاً لهبته على الوجه الذي بيناه فيما تقدم ، كانت الهبة ملزمة للجانبين ووجدت التزامات مقابلة في جانب الموهوب له .

فتتكلم في التزامات الواهب ، ثم في التزامات الموهوب له .

 المبحث الأول

 التزامات الواهب

98 - التزامات أربعة : التزامات الواهب ، كالتزامات البائع ، أربعة : ( 1 ) نقل ملكية الشيء الموهوب إلى الموهوب له . ( 2 ) تسليم الشيء الموهوب للموهوب له . ( 3 ) ضمان التعرض والاستحقاق . ( 4 ) ضمان العيوب الخفية .

 $ 141 $

 المطلب الأول

 نقل ملكية الشيء الموهوب

99 - تطبيق القواعد العامة : التزام الواهب بنقل ملكية الشيء الموهوب تسرى فيه القواعد العامة ، على النحو الذي رأيناه في التزام البائع بنقل ملكية المبيع .

فعقد الهبة ينشئ التزاماً في ذمة الواهب بنقل ملكية الموهوب إلى الموهوب له ، وهذا الالتزام ينفذ فوراً بحكم القانون في الشيء المعين بالذات الذي يملكه الواهب ، مع مراعاة قواعد التسجيل في العقار ( م 204 وم 932 مدني ) . ويلتزم الواهب بأن يقوم بالأعمال التمهيدية الضرورية لنقل الملكية ، كتقديم الشهادات اللازمة للتسجيل والكف عن أي عمل يعوق نقل الملكية فلا يجوز للواهب أن يتصرف بعد الهبة في الشيء الموهوب إلا إذا جاز الرجوع في الهبة . ويتضمن الالتزام بنقل ملكية الموهوب الالتزام بالمحافظة عليه والالتزام بتسليمه إلى الموهوب له ( م 206 مدني ) . ويترتب على نقل ملكية إلى الموهوب له أن يكون لهذا الأخير حق التصرف في الموهوب حتى قبل قبضه ، ويستوي في ذلك العقار والمنقول ( إذا لم تكن الهبة يدوية في المنقول ) ، وأن يكون له ثمر الموهوب ونماؤه من وقت تمام الهبة ، وإذا أفلس الواهب بعد الهبة جاز للموهوب له أن يأخذ عين الموهوب فلا يزاحمه دائنو الواهب . وتنتقل الملكية ، لا في حق المتعاقدين وحدهما ، بل أيضاً في حق الورثة والدائنين . إلا أن الهبة إذا كانت قد صدرت من الواهب المعسر إضراراً بدائنيه ، فإن هؤلاء لهم الحق في الطعن في الهبة بالدعوى البولصية ، ولو لم يكن الموهوب له عالماً بإعسار المدين ، فتصبح الهبة غير نافذة في حقهم ، ويستطيعون أن ينفذوا على $ 142 $ الشيء الموهوب بحقوقهم وفقاً للقواعد المقررة في الدعوى البولصية ( [257] ) .

وكل ما أسلفناه من الأحكام المتقدمة يراعي في تفصيلاته ما سبق أن قدمناه في خصوص التزام البائع بنقل ملكية المبيع ( [258] ) .

والتزام الواهب بنقل ملكية الموهوب كان منصوصاً عليه صراحة في المشروع التمهيدي ، فكانت المادة 673 من هذا المشروع تنص على ما يأتي :

 " ( 1 ) يلتزم الواهب بنقل ملكية الشيء الموهوب للموهوب له .

( 2 ) فإذا كان الموهوب عقاراً ، سرت عليه الأحكام المتعلقة بالتسجيل .

( 3 ) أما إذا كان منقولاً ، فلا تنتقل الملكية إلا بالقبض الحقيقي الكامل ، فإن كان $ 143 $ المنقول موجوداً في حيازة الموهوب له وقت الهبة ، فتنتقل الملكية بمجرد الاتفاق على الهبة دون حاجة لقبض جديد " . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة ، لأن حكمه مستفاد من القواعد العامة ( [259] ) . ويلاحظ أن المشروع التمهيدي كان يشترط القبض الحقيقي في المنقول لتمام الهبة ولنقل الملكية ، ولكن عدل المشروع في هذه المسألة كما رأينا ( [260] ) ، وأصبحت الرسمية شاملة للعقار والمنقول ، وإن كان القبض في المنقول يغني عن الرسمية . ونستعرض الآن نقل الملكية في المنقول ، ثم في هبة العقار .

100 - نقل الملكية في هبة المنقول : نميز هنا ، كما ميزنا في البيع ، بين المنقول المعين بالذات والمنقول غير المعين إلا بالنوع .

ففي المنقول المعين بالذات المملوك للواهب ، تنتقل الملكية إلى الموهوب له فوراً بمجرد تمام الهبة وقبل القبض ، هذا إذا كانت الهبة قد وثقت في ورقة رسمية أو كانت هبة مستترة . أما إذا كانت هبة يدوية ، فتتم الهبة وتنتقل الملكية في الوقت ذاته إلى الموهوب له ، بالقبض ، على النحو الذي بسطناه فيما تقدم ( [261] ) . ونرى من ذلك أن الملكية تنتقل بمجرد تمام الهبة ، سواء تمت الهبة بورقة رسمية أو بالقبض أو كانت هبة مستترة وتنتقل ملكية المنقول إلى الموهوب له على هذا النحو ، سواء كان ذلك فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى الغير . وتسري في كل ذلك أحكام انتقال $ 144 ملكية المبيع المنقول المعين بالذات فيما قدمنا ( [262] ) . وهبة الجزاف ، كبيع الجزاف ، حكمها في انتقال ملكية الموهوب حكم هبة المنقول المعين بالذات على النحو الذي قدمناه ، سواء كان ذلك فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى الغير ( [263] ) . وفي المنقول غير المعين إلا بالنوع ، كهبة عشرة أرادب من القمح أو عشرين قتطاراً من القطن ، إذا كانت الهبة يدوية كما يقع ذلك عادة ، تمت الهبة بالقبض وتنتقل الملكية بمجرد تمام الهبة . أما إذا وثقت الهبة في ورقة رسمية ، فتنتقل ملكية الموهوب بالإفراز ولو قبل القبض . وتسري في كل ذلك أحكام انتقال ملكية المبيع المنقول غير المعين إلا بالنوع قيما قدمناه ( [264] ) .

101 - نقل الملكية في هبة العقار : أما إذا كان الموهوب عقاراً وتمت الهبة سواء وثقت بورقة رسمية أو كانت هبة مستترة ، فإن ملكية العقار الموهوب ، سواء في حق الغير أو فيما بين المتعاقدين ، لا تنتقل إلا بتسجيل عقد الهبة . وقد نصت المادة 934 مدني على هذا الحكم إذ تقول : " ( 1 ) في المواد العقارية لا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى ، سواء أكان ذلك فيما بين المتعاقدين أم كان في حق الغير ، إلا إذا روعيت الأحكام المبينة في قانون تنظيم الشهر العقاري . ( 2 ) ويبين قانون الشهر المتقدم الذكر التصرفات والأحكام والسندات التي يجب شهرها سواء أكانت ناقلة للملكية أم غير ناقلة ، ويقرر الأحكام المتعلقة بهذا الشهر " .

 $ 145 $

وقد استعرضنا عند الكلام في البيع تطور الشهر العقاري في مصر ، وتتبعنا العهود الأربعة التي مر بها هذا النظام : العهد السابق على التقنين المدني القديم ، ثم نظام الشهر في التقنين المدني القديم ، ثم نظامه في قانون تنظيم الشهر العقاري الصادر في سنة 1946 وهو النظام القائم في الوقت الحاضر ، فنحيل هنا إلى ما قدمناه هناك ( [265] ) وفي عهد التقنين المدني القديم كانت ملكية العقار الموهوب تنتقل فيما بين المتعاقدين بعقد الهبة ولو لم يسجل ( [266] ) ، أما بالنسبة إلى الغير فلا تنتقل الملكية إلا بتسجيل عقد الهبة . وتسري في ذلك الأحكام التي قدمناها في عقد البيع ( [267] ) .

أما في عهد قانون التسجيل وعهد قانون تنظيم الشهر العقاري ، فملكية العقار الموهوب لا تنتقل كما قدمنا ، لا فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة إلى الغير ، إلا بتسجيل عقد الهبة .

فالهبة غير المسجلة لا تنتقل ملكية العقار الموهوب حتى فيما بين المتعاقدين ، ويترتب على ذلك أن الموهوب له لا يصبح مالكاً للعقار الموهوب ما دامت الهبة لم تسجل . فإذا مات الواهب وانتقلت ملكية العقار إلى وارثه ، وباع الوارث العقار إلى أجنبي أو وهبه منه بعد أن سجل شهادة إرثه ، فضل المشتري أو الموهوب له من الوارث على الموهوب له من الموروث إذا سبق الأول الثاني إلى التسجيل ، كل هذا على التفصيل الذي بسطناه عند الكلام $ 146 $ في البيع ( [268] ) ولكن الهبة غير المسجلة لا تزال هبة ، فتنتج جميع آثارها عدا نقل الملكية بالفعل ( [269] ) . ويترتب على ذلك أن الهبة غير المسجلة تنشئ التزاماً في جانب الواهب بنقل ملكية الموهوب ، ويسري هنا ما سبق أن قررناه في البيع في شأن دعوى صحة التعاقد ودعوى صحة التوقيع ( [270] ) . وتنشئ الهبة غير المسجلة ، إلى جانب الالتزام بنقل الملكية ، جميع الالتزامات الأخرى التي ينشئها عقد الهبة في جانب كل من الواهب والموهوب له . فيلتزم الواهب ، بموجب عقد الهبة غير المسجل ، بتسليم العقار الموهوب إلى الموهوب له ، ويضمن به كل ذلك في الهبة بعد تسجيلها . وتنشئ الهبة غير المسجلة في جانب الموهوب له التزاماً بالوفاء بالعوض إذا كان مشترطاً في الهبة ، والتزاماً بدفع مصروفات الهبة ، والتزاماً بتسلم العقار الموهوب ، على نحو ما يلتزم بكل ذلك في الهبة المسجلة . والهبة غير المسجلة ، قبل التقنين المدني الجديد ، تصلح سبباً صحيحاً في التقادم الخمسي ، ولكنها في التقنين المدني الجديد لا تصلح سبباً صحيحاً إلا إذا سجلت إذ نصت الفقرة الثالثة من المادة 969 مدني على ما يأتي : " والسبب الصحيح سند يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشيء أو صاحباً للحق الذي يراد كسبه $ 147 $ بالتقادم ، ويجب أن يكون مسجلاً طبقاً للقانون " . وكذلك الهبة غير المسجلة لا يؤثر عدم تسجيلها في قابليته هبة ملك الغير للإبطال ، فهبة عقار الغير تكون قابلة للإبطال قبل التسجيل وبعده كما سبق القول ( [271] ) .

فإذا سجلت هبة العقار بقيت منتجة للآثار التي تقدم ذكرها ، وزادت بالتسجيل أن تنقل بالفعل ملكية العقار الموهوب إلى الموهوب له متى كان العقار مملوكاً للواهب . وتنتقل الملكية بالتسجيل فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير كما سبق القول . فإذا تصرف مالك العقار في عقاره مرتين متواليتين ، بالهبة أو بالبيع أو بأحدهما في المرة الأولي وبالثاني في المرة الأخرى ، فمن سبق من المتصرف إليهما إلى تسجيل عقده يفضل على الآخر ، ومن ثم يفضل الموهوب له حتى على المشتري إذا سبق إلى التسجيل . ونرى أن للتسجيل في الهبة أثراً رجعياً فيما بين المتعاقدين ، على النحو الذي بسطناه في البيع ( [272] ) .

ونرى أيضاً أنه يشترط لصحة التسجيل في الهبة حسن النية ، فإذا سبق الموهوب له إلى تسجيل عقد الهبة وهو يعلم أن الواهب قد سبق له التصرف في العقار الموهوب ، جاز للمتصرف له الأول أن يطعن بالدعوى البولصية في الهبة المسجلة ليجعلها غير نافذة في حقه . وذلك بخلاف البيع ، وقد قررنا في خصوصه أنه لا يشترط حسن النية وإنما يشترط عد التواطؤ ( [273] ) ، ذلك أنه لا يشترط تواطؤ الموهوب له مع الواهب للطعن في الهبة بالدعوى البولصية . بل إن الموهوب له قد يكون حسن النية ، ومع ذلك يجوز الطعن في الهبة ولو سجلت بالدعوى البولصية متى ثبت أن الواهب كان سيئ النية وقت أن صدرت منه الهبة ، وذلك وقتاً للقواعد المقررة في الدعوى البولصية .

 $ 148 $

 المطلب الثاني

 تسليم الشيء الموهوب

102 - النصوص القانونية : تنص المادة 493 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " إذا لم يكن الموهوب له قد تسلم الشيء الموهوب ، فإن الواهب يلتزم بتسليمه ، وتسري في ذلك الأحكام المتعلقة بتسليم المبيع " ( [274] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولاً به دون نص .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 461 - وفي التقنين المدني الليبي المادة 482 - ولا مقابل له لا في التقنين المدني العراقي ولا في تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( [275] ) .

 $ 149 $

103 - تسليم الموهوب والمحافظة عليه حتى التسليم فرع عن التزام الواهب بنقل ملكية الموهوب : إذا لم يكن الواهب قد سلم الموهوب فعلاً لتتم الهبة إذا كانت يدوية ، فإنه ، في حالة ما إذا كانت الهبة بورقة رسمية في عقار أو منقول أو كان هبة مستترة ، يلتزم بتسليم الموهوب إلى الموهوب له . وهذا الالتزام بالتسليم فرع عن التزامه بنقل الملكية ، ويتفرع أيضاً عن الالتزام بنقل الملكية التزام الواهب بالمحافظة على الموهوب إلى أن يسلمه إلى الموهوب له .وتنص المادة 206 مدني في هذا الصدد على أن " الالتزام بنقل حق عيني يتضمن الالتزام بتسليم الشيء والمحافظة عليه حتى التسليم " . وإذا هلك الموهوب قبل التسليم دون أن يكون الواهب قد تسبب في هلاكه بفعله العمد أو بخطأه الجسيم ، فإن تبعة الهلاك كما سنرى يتحملها الموهوب له ، ويتخلص الواهب من كلا الالتزامين التزامه بالمحافظة على الشيء والتزامه بالتسليم .

وتقول العبارة الأخيرة من المادة 493 مدني السالفة الذكر : " وتسري في ذلك ( التسليم ) الأحكام المتعلقة بتسليم المبيع " . فتسرى إذن هذه الأحكام في المحل الذي يقع عليه التسليم ، وفي الطرق التي يتم بها التسليم ، وفي الجزاء الذي يترتب على إخلال الواهب بالتزام التسليم .

104 - المحل الذي يقع عليه التسليم : محل التسليم هو الشيء الموهوب ، ويلتزم الواهب بتسليمه إلى الموهوب له بالحالة التي كان عليها وقت صدور الهبة ، وبالمقدار الذي عين له في العقد ، وبالملحقات التي تتبعه .

 فيلتزم الواهب بتسليم الموهوب بالحالة التي كان عليها وقت صدور الهبة ، وتتعين هذه الحالة على النحو الذي تتعين به حالة المبيع فيما قدمناه ( [276] ) . وإذا تغيرت هذه الحالة ، لم يكن البائع مسئولاً إلا عن فعله $ 150 $ العمد أو خطأه الجسيم ( [277] ) ، وفقاً للمادة 496 مدني وسيأتي ذكرها . ويجوز للواهب أن يشترط في الهبة تسليم الموهوب في الحالة التي يكون عليها وقت التسليم ، أو في أية حالة أخرى ، فإن الالتزام بتسليم الموهوب في الحالة التي كان عليها وقت صدور الهبة ليس من النظام العام .

ويلتزم الواهب بتسليم الموهوب بالمقدار الذي عين له في العقد . فإذا نقص عن هذا المقدار ، لم يكن الواهب مسئولاً في هذا النقص إلا عن فعله العمد أو خطأه الجسيم ( م 496 مدني ) . وإذا زاد على هذا المقدار ، وكان قابلاً للتبعيض ، فالزيادة للواهب ، لأنها لم تدخل في الهبة والموهوب لا يضره التبعيض . أما إذا كان الموهوب غير قابل للتبعيض ، فالظاهر أن قدر الموهوب في هذه الحالة يعتبر وصفاً لا أصلاً ، ولا مقابل للوصف ، فتكون الزيادة للموهوب له دون مقابل ( [278] ) . ويبدو أن الدعاوى الخاصة بمقدار الموهوب شأنها شأن سائر الدعاوى في مدة التقادم ، ولا تسرى عليها مدة السنة من وقت تسليم الموهوب تسليماً فعلياً وهي المدة الواردة في المادة 434 مدني ، لأن هذا النص جاء على سبيل الاستثناء في خصوص عجز المبيع أو زيادته فلا يتوسع فيه .

ويلتزم الواهب بتسليم الموهوب بالملحقات التي تتبعه ، وتحدد ملحقات الموهوب على النحو الذي حددت به ملحقات المبيع ( [279] ) . فتلحق بالموهوب الأوراق والمستندات المتعلقة به ، كمستندات الملكية وعقود الإيجار التي يكون من شأنها أن تسري على الموهوب له وصورة من المستندات التي يستبقيها الواهب لتضمنها حقوقاً أخرى غير حقوق الموهوب له . ويلحق بالموهوب أيضاً حقوق الارتفاق التي قد تكون له ، وكذلك " بوالص " $ 151 $ التأمين التي قد تكون معقودة لتأمينه ويكون الموهوب له بالنسبة إلى هذه " البوالص " خلفاً خاصاً . وإذا كان الموهوب منزلاً ، ألحق به الأشياء المثبتة فيه ، ولا تدخل في الملحقات المنقولات التي يمكن فصلها دون تلف . وإذا كان المبيع أرضاً زراعية ، دخل في الملحقات الطرق الخاصة المتصلة بالطريق العام والمواشي والآلات الزراعية مما يعد عقاراً بالتخصيص والمخازن وزرابى المواشي وبيوت الفلاحين والمزروعات غير الناضجة بخلاف الناضجة فإنها لا تدخل . وتتحدد ملحقات البستان والمصنع والحيوان والسيارة والأسهم والسندات والأعمال الأدبية والفنية على النحو الذي تتحدد به في البيع وفقاً لما قدمناه في ذلك ( [280] ) .

105 - كيف يتم التسليم : يتم التسليم بوضع الموهوب تحت تصرف الموهوب له في الزمان والمكان المعينين .

وطريقة التسليم تكون كما قدمناه بوضع الموهوب تحت تصرف الموهوب له بحيث يتمكن هذا من حيازته ولو لم يستول عليه استيلاء مادياً , ما دام الواهب قد أعلمه بذلك ، ويحصل التسليم على النحو الذي يتفق مع طبيعة الشيء الموهوب . وهذا هو التسليم الفعلي الذي تقرره المادة 435 مدني بالنسبة إلى البيع ، فيسري أيضاً على الهبة . فإذا كان الموهوب عقاراً ، فإن وضعه تحت تصرف الموهوب له يكون أولا بتخلية الواهب إياه . فإن كان داراً يسكنها الواهب ، وجب عليه أن يخليها وان يخرج ما له من أثاث وأمتعة فيها . وإن كانت أرضاً زراعية ، وجب عليه أن يتركها وأن يأخذ ما له من مواش وآلات ونحو ذلك . ثم يأتي بعد ذلك تمكين الموهوب له من الاستيلاء على الموهوب ، ويقع كثيرا ً أن يكون مجرد إخلاء العقار منطوياً في الوقت ذاته على تمكين الموهوب له من الاستيلاء على الموهوب ، ولكن قد يقتضي الأمر أن يسلم الواهب الموهوب له مفاتيح الدار حتى يتمكن من $ 152 $ دخولها ، أو مستندات ملكية الموهوب ، أو نحو ذلك . وإذا كان الموهوب منقولاً ، فإن وضعه تحت تصرف الموهوب له يكون عادة بمناولته إياه بداً بيد إذا تيسر ذلك . وقد يحصل التسليم أيضاً بتسليم الموهوب له مفاتيح منزل أو مخزن يحتوي المنقول ، أو بتحويل سند الشحن أو الإيداع أو التخزين للموهوب له إن كان الموهوب مشحوناً أو مودعاً أو مخزوناً في جهة ما ، أو بتسليم هذا السند للموهوب له إذا كان السند لحامله . ويحصل تسليم المنقول غير المعين إلا بالنوع بإفزازه في حضور الموهوب له ودعوته لتسلمه ( [281] ) . ويقوم مقام التسليم الفعلي في الهبة ، كما في البيع ، التسليم الحكمي . فإذا كان الموهوب في حيازة الموهوب له قبل الهبة ، بإجازة أو إعارة

أو وديعة أو رهن حيازة أو نحو ذلك ، ثم صدرت الهبة ، كان الموهوب له حائزاً فعلا للموهوب وقت تمام الهبة ، ولا يحتاج إلى استيلاء مادي جديد ليتم التسليم . وإنما يحتاج إلى اتفاق مع الواهب على أن يبقي الموهوب في حيازته ، ولكن لا كمستأجر أو مستعير أو مودع +عنده أو مرتهن ، بل كمالك له عن طريق الهبة . فتتغير نية الموهوب له في حيازته للموهوب ، وإن كانت الحيازة المادية تبقى كما كانت . ويجوز أن يبقى الموهوب في حيازة الواهب بعد الهبة ، ولكن لا كمالك فقد خرج عن الملكية بالهبة ، بل كمستأجر أو مستعير أو مودع عنده أو مرتهن رهن حيازة أو نحو ذلك . وهذه الصورة الثانية من التسليم الحكمى تصح في التسليم باعتباره التزاماً في الهبة لا ركناً فيها ، فتصح في العقار ، وتصح في المنقول إذا لم تكن الهبة يدوية بل تمت بورقة رسمية أو كانت هبة مستترة . أما إذا كانت الهبة يدوية في المنقول فلا تتم إلا بالقبض ، ولا تعتبر هذه الصورة قبضاً كما سبق القول ( [282] ) . وقد تقدم الكلام في التسليم الحكمي في البيع ، وما قلناه هناك يسري هنا ( [283] ) .

 $ 153 $

أما وقت تسليم الموهوب ، فالأصل أن يتم التسليم فوراً بمجرد تمام الهبة ، وهذا إذا لم يتفق المتعاقدان على وقت معين يتم فيه التسليم ، أو كان هناك عرف يقضي بالتسليم في وقت معين ، أو اقتضت طبيعة الموهوب شيئاً من الوقت في تسليمه . وتسري على الهبة الأحكام المتعلقة بالبيع في هذا الصدد ( [284] ) .

ومكان تسليم الموهوب هو المكان الذي يكون موجوداً فيها وقت تمام الهبة . فإن كان منقولاً غير معين بالذات ، أو كان منقولاً معيناً بالذات ولكن لم يعين محل وجوده ، فالتسليم يكون في موطن الواهب لأنه هو المدين بالتسليم . وهذا كله ما لم يتفق المتعاقدان على مكان آخر يسلم فيه الموهوب ( [285] ) .

ونفقات التسليم تكون في الأصل على الواهب ، لأنه هو المدين بالتسليم ، وتقضي المادة 348 مدني بأن تكون نفقات الوفاء على المدين ( [286] ) . ولكن يجوز الاتفاق على أن تكون النفقات على الموهوب له ، ويسهل استخلاص هذا الاتفاق ضمناً من ظروف الهبة ، وبخاصة إذا لوحظ أن الواهب يتجرد عن الموهوب بلا مقابل ، فمن اليسير استخلاص أنه لم يرد أيضاً تحمل نفقات التسليم ( [287] ) .

 $ 154 $

106 - الجزاء الذي يترتب على إخلال الواهب بالتزام التسليم :

وإذا أخل الواهب بالتزام التسليم على النحو الذي قدمناهم ، فإن الموهوب له يستطيع أن يطالبه بالتنفيذ العيني إذا كان ذلك ممكناً ، فيجبره على التسليم ، وذلك ما لم يكن للواهب حق الرجوع في الهبة واستعمل هذا الحق . أما فسخ الهبة لعدم التسليم ، فلا مصلحة للموهوب له في المطالبة به ، إلا إذا أراد التخلص من التزام فرضته الهبة عليه كعوض أو شرط .

107 - تبعة هلال الموهوب قبل التسليم نص قانوني : وإذا هلك الموهوب قبل التسليم بسبب أجنبي ، فإنه يهلك على الموهوب له لا على الواهب ، بخلاف البيع . ذك أن الهبة تكون عادة عقداً ملزماً لجانب وأحد هو الواهب ، فإذا انفسخت لاستحالة التنفيذ لم يكن هناك التزام على الموهوب له يتحلل منه ، فيكون هو الذي تحمل تبعة الهلاك كما هو الأمر في سائر العقود الملزمة لجانب وأحد . ولكن إذا كانت الهبة بعوض ، أو فرض على الموهوب له التزام أو شرط ، فإنه يتحلل منه بانفساخ الهبة لاستحالة تنفيذها ، وفقاً للقواعد العامة .

على أنه إذا هلك الموهوب قبل تسليم وكان ذلك بخطأ الواهب ، فإن كان الخطأ يسير بقيت تبعة الهلاك على الموهوب له ، ولم يكن الواهب مسئولاً عن التقصير اليسير . أما إذا تسبب الواهب في هلاك الموهوب بفعله العمد أو بخطأه الجسيم ، فإنه يصبح مسئولاً نحو الموهوب له عن تعويض عادل ( [288] ) . ذلك أن الواهب ، إذا كان لا يسأل عن خطأه اليسير ، فإنه مسئول عن فعله العمد أو خطأه الجسيم ، وذلك وفقاً لما قررته المادة 496 مدني فهي تنص على أنه " لا يكون الواهب مسئولاً إلا عن فعله العمد $ 155 $ أو خطأه الجسيم " ( [289] ) . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وإذا هلك الموهوب قبل التسليم لسبب أجنبي ، فالهلاك على الموهوب له ، لأنه لم يدفع مقابلاً حتى يسترده كما في البيع . وإذا كان الهلاك بخطأ الواهب ، كان مسئولاً عن تعويض الموهوب له تعويضاً عادلاً . والخطأ الذي يسأل عنه الواهب لا يكون إلا العمد أو الخطأ الجسيم لأنه متبرع " ( [290] ) . فإذا أتلف الواهب الموهوب كله أو بعضه ، وكان معتمداً إتلافه أو ارتكب في إتلافه خطأ جسيماً ، ولم يكن له حق الرجوع في الهية ، فإنه يلتزم بتعويض الموهوب له عما أتلفه من الموهوب تعويضاً عادلاً يلاحظ فيه أنه متبرع لم يأخذ مقابلاً لما أعطى ( [291] ) .

 $ 156 $

المطلب الثالث

ضمان التعرض والاستحقاق

108 - النصوص القانونية : تنص المادة 494 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - لا يضمن الواهب استحقاق الشيء الموهوب ، إلا إذا تعمد إخفاء سبب الاستحقاق أو كانت الهبة بعوض . وفي الحالة الأولي يقدر القاضي للموهوب له تعويضاً عادلاً عما أصابه من الضرر . وفي الحالة الثانية لا يضمن الواهب الاستحقاق إلا بقدر ما أداه الموهوب له من عوض . كل هذا ما لم يتفق على غيره " .

 " 2 - وإذا استحق الشيء الموهوب ، حل الموهوب له محل الواهب فيما له من حقوق ودعاوى " ( [292] )

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولما كان حكماً موضوعياً في الهبة فقد كانت أحكام الفقه الإسلامي هي التي تسري ( [293] ) .

 $ 157 $

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 462 - وفي التقنين المدني الليبي المادة 483 - وفي التقنين العراقي المادتين 614 - 615 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 522 ( [294] ) .

 $ 158 $

109 - ضمان الواهب المتعرض الصادر منه : لم يذكر النص المتقدم ضمان الواهب للتعرض الصادر منه ، واقتصر على ذكر ضمانه للتعرض الصادر من الغير ولاستحقاق العين الموهوبة . ومع ذلك فلا شك في أن الواهب يضمن التعرض الصادر منه ، فلا يجوز له أن يأتي أعمالاً مادية يتعدى بها على حقوق الموهوب له ، كما لا يجوز له أن يقوم بتصرفات قانونية يكون من شأنها أن تسلب الموهوب له حقوقه ، ما لم يكن ذلك رجوعاً في الهبة في الأحوال التي يجوز فيها ذلك . ولا يجوز له أخيراً أن يتعرض للموهوب له تعرضاً مبنياً على سبب قانوني . وقد فصلنا القول في هذه المسائل عند الكلام في البيع ، فنحيل هنا إلى ما قدمناه هناك ( [295] ) .

110 - ضمان الواهب المتعرض الصادر من الغير : وضمن الواهب التعرض الصادر من الغير ، وذلك إذا ادعى الغير حقاً على الموهوب سابقاً على الهبة ، أو تالياً لها وكان مستمداً من الواهب ، وذلك كله على النحو الذي قدمناه في ضمان البائع للتعرض الصادر من الغير ( [296] ) .

فإذا رفعت على الموهوب له دعوى باستحقاق الموهوب ، فأخطر بها الواهب ، ولم يتدخل هذا في الدعوى ، وجب عليه ضمان الاستحقاق وفقاً للقواعد التي سنقررها فيما يلي ، إلا إذا ثبت أن الحكم الصادر في دعوى الاستحقاق كان نتيجة لتدليس من الموهوب له أو لخطأ جسيم منه . وإذا لم يخطر الموهوب بدعوى الاستحقاق في الوقت الملائم وصدر عليه حكم حاز قوة الأمر المقضي ، فقد حقه في الرجوع بالضمان على الوجه الذي سنقرره إذا أثبت الواهب أن تدخله في الدعوى كان يؤدي إلى رفضها ويثبت حق الموهوب له في الضمان على الوجه الذي سنبينه ولو اعترف وهو $ 159 $ حسن النية للأجنبي بحقه أو تصالح معه على هذا الحق ، دون أن ينتظر في ذلك صدور حكم قضائي ، متى كان قد أخطر الواهب بالدعوى في الوقت الملائم ودعاه أن يحل محله فيها فلم يفعل ، كل ذلك ما لم يثبت الواهب أن الأجنبي لم يكن على حق في دعواه . وقد فصلنا القول في ذلك عند الكلام في ضمان البائع للتعرض الصادر من الغير ( [297] ) .

111 - ضمان الواهب لاستحقاق الموهوب : فإذا نجح الأجنبي المتعرض في دعوى الاستحقاق وقضى له به ، فإن الموهوب له لا يرجع على الواهب بضمان الاستحقاق في جميع الأحوال كما يرجع المشتري على البائع . ذلك أن الموهوب له بخلاف المشتري يتلقى الهبة تبرعاً ، فلا يرجع على الواهب إلا في حالتين :

( الحالة الأولي ) إذا كان الواهب قد تعمد إخفاء سبب الاستحقاق . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " ولا يكفي في ذلك أن يقرر للموهوب له أنه يملك الموهوب ، بل يجب أن يتعمد إخفاء سبب الاستحقاق ، كأن يخفي مستنداً يثبت حق الغير في الموهوب ، أو يطمس علامات ظاهرة لحق ارتفاق على العقار الموهوب " ( [298] ) . وحتى في هذه الحالة لا يزال يدخل في الاعتبار أن الواهب متبرع ، فلا يعامل طبقاً للقواعد العامة بحيث يكون مسئولاً عن تعويض الضرر المتوقع وغير المتوقع بناء على تعمده إخفاء سبب الاستحقاق ، بل يقتصر القاضي على أن يقدر للموهوب له تعويضاً عادلاً يحدده بحسب الظروف ( [299] ) ، ويعوضه بوجه خاص عما تحمل $ 160 $ من خسارة بسبب الاستحقاق . وإذا كان الموهوب له قد توقي استحقاق الموهوب بدفع مبلغ من النقود أو بأداء شيء آخر ، كان للواهب إذا كانت له مصلحة في ذلك أن يتخلص من نتائج الضمان بأن يرد للموهوب له المبلغ الذي دفعه أو قيمة ما أداه مع الفوائد القانونية وجميع المصروفات ( [300] ) .

( الحالة الثانية ) إذا كانت الهبة بعوض ، أو كان الواهب قد فرض على الموهوب له التزامات أو شروطاً في مقابل الهبة . وفي هذه الحالة يضمن الواهب الاستحقاق ولو كان يجهل سببه ، ولكنه لا يكون مسئولاً إلا بقدر ما أداه الموهوب له من عوض ، وإن كانت الهبة قد فرضت التزامات وشروطاً على الموهوب له تحلل هذا منها وبرئت ذمته ، وتقف عند ذلك مسئولية الواهب ( [301] ) . هذا إذا كان يعلم سبب الاستحقاق أو بعلمه ولم يتعمد إخفاءه . أما إذا كان يعلم سبب الاستحقاق وتعمد إخفاءه ، فإننا نعود إلى الحالة الأولي ، ولا يقتصر التعويض على استرداد العوض أو التحلل من الالتزامات والشروط ، بل يجب أيضاً أن يعوض الموهوب له تعويضاً عادلاً على الوجه الذي بيناه فيما تقدم ، ولو جاوز ذلك مقدار العوض أو التحلل من الالتزامات والشروط ( [302] ) . ويجوز للواهب هنا أيضاً ، إذ كان الموهوب له قد توفي استحقاق الموهوب بدفع مبلغ من النقود $ 161 $ أو بأداء شيء آخر ، أن يتخلص من نتائج الضمان بأن يرد للموهوب له المبلغ الذي دفعه أو قيمة ما أداه مع الفوائد القانونية وجميع المصروفات ، وهذا إذا رأي له مصلحة في ذلك ( [303] ) .

وفي جميع الأحوال أي في الحالتين السابقتين وفي حالة ما لو كانت الهبة بغير عوض وكان الواهب لم يتعمد إخفاء سبب الاستحقاق يحل الموهوب له محل الواهب فيما له من حقوق ودعاوى ( م 494 / 2 مدني السالفة الذكر ) . فإذا فرض أن الواهب كان قد اشتري العين الموهوبة ، ثم استحقت العين في يد الموهوب له ، فإن للواهب أن يرجع بضمان الاستحقاق على البائع له ، ويحل الموهوب له في هذا الحق محل الواهب . كذلك إذا كان سبب الاستحقاق أن الواهب قد باع العين الموهوبة قبل الهبة ولم يقبض ثمنها ، فرجع المشتري من الواهب على الموهوب له باستحقاق العين ، فإن الموهوب له يحل محل الواهب في الرجوع بالثمن على المشتري ( [304] ) .

112 - الاتفاق على تعديل الضمان : ويجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيدا ضمان الاستحقاق ، فيتفقا مثلاً على أن الموهوب له يرجع $ 162 $ على الواهب بضمان الاستحقاق كما يرجع المشتري على البائع حتى لو كان الواهب يجهل سبب الاستحقاق . كما يجوز أن يتفق المتعاقدان على أن الموهوب له يرجع بضمان الاستحقاق كاملاً ولا يقتصر على استرداد العوض ، إذا كانت الهبة بعوض .

كذلك يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن ينقصا من ضمان الاستحقاق ، فيتفقا مثلا على أن الواهب لا يضمن ما عسى أن يظهر على العقار الموهوب من حقوق ارتفاق خفية لا يعلم بها الواهب ولو كانت الهبة بعوض ، فإذا ظهرت حقوق ارتفاق على العقار الموهوب لم يضمنها الواهب ، ولم يجز للموهوب له أن يسترد العوض أو شيئاً منه في هذه الحالة . ويبدو أن الفقرة الثانية من المادة 445 مدني الواردة في البيع تسرى على الهبة من باب أولي ، فقد نصت هذه الفقرة على ما يأتي : " ويفترض في حق الارتفاق أن البائع قد اشترط عدم الضمان ، إذا كان هذا الحق ظاهراً ، أو كان البائع قد أبان عنه المشتري " . فيفترض إذن أن الواهب قد اشترط عدم ضمان حق الارتفاق إذا كان الموهوب له يعلم بهذا الحق من كونه ظاهراً أو من إخطار الواهب له به ، على النحو الذي بسطناه في البيع ( [305] ) .

ويجوز أخيراً للمتعاقدين باتفاق خاص أن يسقطا ضمان الاستحقاق ، فيتفقا مثلاً على أن الموهوب له لا يرجع على الواهب بضمان الاستحقاق أصلا حتى لو كانت الهبة بعوض ، ولكن لا يجوز الاتفاق على إسقاط ضمان الاستحقاق أو إنقاصه في حالة ما إذا تعمد الواهب إخفاء سبب الاستحقاق ، وذلك قياساً على ما ورد في البيع فقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 445 مدني على ما يأتي : " ويقع باطلاً كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه إذا كان البائع قد تعمد إخفاء حق لأجنبي " ( [306] ) .

 $ 163 $

المطلب الرابع

ضمان العيوب الخفية

113 - النصوص القانونية : تنص المادة 495 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - لا يضمن الواهب خلو الشيء الموهوب من العيب " .

 " 2 - على أنه إذا تعتد الواهب إخفاء العيب ، أو ضمن خلو الشيء الموهوب من العيوب ، كان ملزماً بتعويض الموهوب له عن الضررالذي يسببه العيب . ويكون كذلك ملزماً بالتعويض إذا كانت الهبة بعوض ، على ألا يجاوز التعويض هذه الحالة قدر ما أداه الموهوب له من هذا العوض " ( [307] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولما كان حكماً موضوعياً في الهبة فقد كانت أحكام الفقه الإسلامي هي التي تسري ( [308] ) .

 $ 164 $

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 463 - وفي التقنين المدني الليبي المادة 484 - ولا مقابل له لا في التقنين المدني العراقي ولا في تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( [309] ) .

114 - متى يضمن الواهب العيوب الخفية في الموهوب : يخلص من النص المتقدم الذكر أن الأصل في الهبة أن الواهب لا يضمن العيوب الخفية لأنه متبرع ، والمفروض أنه لا يريد الجمع بين تجرده من ماله دون مقابل والضمان .

ومع ذلك يضمن الواهب العيوب الخفية في العين الموهوبة في الأحوال التي يضمن فيها الاستحقاق ، وهي :

أولاً إذا تعمد الواهب إخفاء العيب ، فلا يكفي إذن أن يكون الواهب عالماً بالعيب ، بل يجب أيضاً أن يتعمد إخفاءه . فإذا كان عالماً بالعيب ولكنه لم يعتد إخفاءه ، لم يجب عليه الضمان .

ثانياً إذا كانت الهبة بعوض أو في مقابل التزامات وشروط فرضت على الموهوب له ، ففي هذه الحالة يجب على الواهب ضمان العيوب الخفية حتى لو لم يكن يعلم بها ، ولكن على إلا يجاوز التعويض قد العوض أو المقابل كما سيأتي .

 $ 165 $

ثالثاً إذا ضمن الواهب باتفاق خاص خلو العين الموهوبة من العيوب ثن ظهر عيب . ففي هذه الحالة يجب على الواهب ضمان العيب ، حتى لو لم يكن يعلم به وحتى لو كانت الهبة بغير عوض أو أي مقابل آخر .

وتحديد ما هو المقصود بالعيب الخفي ، وأنه يجب أن يكون مؤثراً قديماً خفياً غير معلوم للموهوب له ، يرجع فيه إلى ما سبق أن قدمناه في العيوب الموجبة للضمان في عقد البيع ( [310] ) .

115 - ما يرجع به الموهوب له في ضمان العيب : فإذا على الواهب ضمان العيب في أية حالة من الحالات المتقدمة الذكر ، فإن التعويض الواجب عليه دفعه للموهوب له يراعي فيه هنا أيضاً كما روعي في ضمان الاستحقاق أن الواهب متبرع ، فيكون أقل من التعويض الواجب على البائع دفعه للمشتري في ضمان العيب الخفي .

ففي حالتي تعمد الواهب إخفاء العيب وضمانه خلو العين الموهوبة من العيوب ، لا يلزم بتعويض الموهوب له إلا عن الضرر الذي يسببه العيب . فلا يعوض إذن الموهوب له عن العيب ذاته ، أي عن نقص قيمة العين الموهوبة بسبب العيب ( [311] ) وإنما يعوضه عما سببه العيب من الأضرار ، كأن الموهوب حيواناً مصاباً بمرض معد خفي فأعدى حيوانات الموهوب له ، أو كان الموهوب آلة ميكانيكية بها عيب خفي فأتلفت مالا للموهوب له بسبب هذا العيب ، أو كان الموهوب داراً انهدمت بسبب عيب خفي فيها فألحق انهدامها ضرراً بمال للموهوب له وضعه في هذا الدار . وقد كان $ 166 $ المشروع التمهيدي لنص المادة 495 مدني يلزم الواهب " بتعويض الموهوب له عن الضرر الذي يلحقه بسبب العيب " ، فكان يدخل في التعويض نقص قيمة العين الموهوبة بسبب العيب . ولكن لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب أدخلت تعديلاً في هذه العبارة ، فصار الواهب " ملزماً بتعويض الموهوب له عن الضرر الذي يسببه العيب " ، وذلك " حتى لا يكون العيب نفسه محلاً للتعويض ، بل يكون التعويض عن الضرر الذي يسببه العيب " ( [312] )

وفي حالة ما إذا كانت الهبة بعوض أو بمقابل ، وظهر بالعين عيب خفي يضمنه الواهب ، فإنه يعوض الموهوب له عن الأضرار التي لحقت به بسبب العيب ، وكذلك عن نقص قيمة العين الموهوبة ، على ألا يجاوز التعويض في كل ذلك مقدار العوض أو المقابل المشترط على الموهوب له فإذا كان الواهب قد تعمد إخفاء العيب في الهبة بعوض أو بمقابل ، أو ضمن خلو العين من العيوب ، وجب عليه تعويض الموهوب له عن كل الخسارة التي تسبب فيها العيب على الوجه الذي سبق بيانه ، ولو جاوزت الخسارة مقدار العوض أو المقابل ( [313] ) .

116 - الاتفاق على تعديل : ويجوز باتفاق خاص بين المتعاقدين تعديل أحكام ضمان العيب المتقدمة الذكر . وقد رأينا أن الواهب يجب عليه $ 167 $ ضمان العيب إذا هو ضمن خلو العين الموهوبة من العيوب ، فهذا اتفاق خاص من شأنه إيجاد ضمان لم يكن واجباً عليه . ويجوز كذلك الاتفاق على تشديد هذا الضمان ، بأن يتفق المتعاقدان مثلاً على أن يضمن الواهب ، ليس فحسب الخسارة التي سببها العيب ، بل أيضاً نقص قيمة العين الموهوبة بسبب العيب .

ويجوز الاتفاق على إنقاص الضمان ، كأن يتفق المتعاقدان على ألا يضمن الواهب عيباً معيناً بالذات في الهبة بعوض ، فإذا ظهر هذا العيب لم يكن الواهب ملزماً بتعويض الموهوب له عنه حتى في حدود العوض .

ويجوز الاتفاق أخيراً على إسقاط الضمان ، كان يتفق المتعاقدان على ألا يضمن الواهب أي عيب يظهر في العين الموهوبة في الهبة بعوض حتى في حدود هذا العوض . ولكن لا يجوز الاتفاق على إسقاط الضمان ولا على إنقاصه في حالة تعمد الواهب إخفاء العيب .

 المبحث الثاني

 التزامات الموهوب له

117 - التزامات محتملة : الأصل أن الموهوب له لا يلتزم بشيء ، إذ يغلب أن تكون الهبة تبرعاً محضاً فتكون عقداً ملزماً لجانب وأحد هو جانب الواهب دون جانب الموهوب له . ولكن حتى في هذه الحالة يفرض في كثير من الأحوال أن المتعاقدين قد أراد أن يتحمل الموهوب له نفقات عقد الهبة ونفقات التسلم على نحو ما يلتزم به المشتري .

وقد تكون الهبة بعوض أو بمقابل من التزامات أو شروط تفرض على الموهوب له ، ففي هذه الحالة يلتزم الموهوب له بأداء هذا العوض أو المقابل .

 $ 168 $

ومن ثم تكون التزامات الموهوب له المحتملة التزامين : ( 1 ) الالتزام بأداء العوض أو المقابل . ( 2 ) الالتزام بنفقات الهبة .

المطلب الأول

الالتزام بأداء العوض أو المقابل

118 - النصوص القانونية : تنص المادة 497 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " يلتزم الموهوب له بأداء ما اشترط عليه من عوض ، سواء اشترط هذا العوض لمصلحة الواهب أم لمصلحة أجنبي أم للمصلحة العامة " .

وتنص المادة 498 على ما يأتي :

 " إذا تبين أن الشيء الموهوب أقل في القيمة من العوض المشترط ، فلا يكون الموهوب له ملزماً بأن يؤدي من هذا العوض إلا بقدر قيمة الشيء الموهوب " ( [314] ) .

 $ 169 $

ولا مقابل لهذين النصين في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم متفق مع قواعد العامة .

ويقابلان في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادتين 465 - 466 - وفي التقنين المدني الليبي 486 - 487 - وفي التقنين المدني العراقي المادة 618 - ولا مقابل لهما في تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( [315] ) .

119 - العوض المشترط : قدمنا أن الواهب قد يشترط على الموهوب له عوضاً يؤديه في مقابل الهبة ، فقد يهب داراً ويشترط على الموهوب له أن يرتب له إيراداً طول حياته يقرب من ربع الدار ، أو أن ينفق عليه ، ويكون العوض في هذه الحالة لمصلحة الواهب ، وقد يكون العوض لمصلحة أجنبي ، كأن يهب الدار ويشترط على الموهوب له أن يسكن معه فيها أحد أقاربه وقد يكون العوض للمصلحة العامة ، كأن يهب شخص مالا لجمعية خيرية ويشترط عليها أن تنشئ مستشفي أو مدرسة أو ملجأ أو نحو ذلك ( [316] ) .

وحتى تحتفظ الهبة بطابعها التبرعي ، يجب أن تكون قيمة العوض المشترط اقل من قيمة المال الموهوب ، حتى يكون الفرق بين القيمتين هبة $ 170 $ محضة . أما إذا كانت قيمة العوض تقرب من قيمة المال الموهوب أو تزيد عليها ، ويعلم الموهوب له ذلك ، فإن العقد يكون معاوضة لا هبة . ولكن قد يشترط الواهب على الموهوب له عوضاً تزيد قيمته على قيمة المال الموهوب ، جون أن يعلم الموهوب له ذلك بل يكون معتقداً وقت قبول الهبة أن العوض لا تزيد قيمته على المال الموهوب . ففي هذه الحالة قد يستطيع الموهوب له أن يطلب إبطال الهبة لغلط جوهري . وهو على كل حال ، ما دام قد قبل التعاقد على انه هبة ، لا يكون ملزماً بأن يؤدي من العوض إلا بمقدار قيمة المال الموهوب ، فيجب إنقاص العوض إلى هذا المقدار ( م 498 مدني ) .

120 - من له حق المطالبة بالعوض : وإذا قام الواهب بتنفيذ الالتزامات التي يفرضها عليه عقد الهبة ، كان له الحق في مطالبة الموهوب له بأداء العوض المشترط ، سواء كان العوض مشترطاً لمصلحة الواهب أو لمصلحة أجنبي أو للمصلحة العامة . وينتقل هذا الحق من الواهب إلى ورثته .

فإذا كان العوض مشترطاً لمصلحة أجنبي ، جاز لهذا الأجنبي أيضاً أن يطالب بأداء العوض ، طبقاً للقواعد العامة المقررة في الاشتراط لمصلحة الغير .

وإذا كان العوض مشترطاً للمصلحة العامة ، جاز لكل من الواهب ومن يمثل هذه المصلحة المطالبة بأداء العوض . فإذا مات الواهب ، كان لمن المصلحة العامة أو للسلطة المختصة هذه المطالبة .

وليس في كل ذلك إلا تطبيق للقواعد العامة ، وقد كان المشروع التمهيدي يشتمل على نص في هذا المعنى حذف في لجنة المراجعة ، لأن حكمه مستفاد من هذه القواعد ( [317] )

 $ 171 $

121 - جزاء الإخلال بالتزام الوفاء بالعوض : وقد كان المشروع التمهيدي يشتمل على نص هو المادة 680 من هذا المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " ( 1 ) إذا اشترط الواهب العوض لمصلحته ، وامتنع الموهوب له عن أدائه دون عذر مقبول كان للواهب أو لورثته من بعده أن يسترد الشيء الموهوب وفقاً لأحكام الإثراء دون سبب ، وبالقدر الذي كان ينبغي أن يستخدم الشيء لأداء العوض . ( 2 ) ويكون الرد بدفع هذا المقابل نقداً ،حتى لو لم ترد الهبة على نقود . على أنه يجوز للموهوب له أن يتخلص من الالتزامات بدفع هذه القيمة ، إذا هو رد الموهوب ذاته في الحالة التي يكون عليها وقت الرد . ( 3 ) ولا يكون هناك محل للرد إذا تمحض العوض لمصلحة أجنبي ، كما أنه لا يثبت هذا الحق لورثة الواهب إذا كان العوض مشترطاً لمصلحة عامة " . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة ، اكتفاء بتطبيق القواعد العامة ( [318] ) .

فلا يبقى إذن ، بعد حذف النص المتقدم الذكر ، إلا تطبيق القواعد العامة في التعرف على جزاء الإخلال بالتزام الوفاء بالعوض . وهذه تقتضي بأنه إذا امتنع الموهوب له عن أداء العوض دون عذر مقبول وكان العوض مشترطاً لمصلحة الواهب ، فللواهب أو لورثته من بعده المطالبة بالتنفيذ العيني وإجبار الموهوب له على أداء العوض عيناً إذا كان ذلك ممكناً ، فإذا لم يكن التنفيذ العيني ممكناً ، وجب على الموهوب له التعويض طبقاً للقواعد العامة المقررة في هذه الشأن . ويجوز أيضاً للواهب أو لورثته المطالبة بفسخ الهبة لعدم أداء العوض ( [319] ) ، لأن الهبة بعوض عقد ملزم للجانبين ، يرد عليه الفسخ طبقاً للقواعد المقررة في هذا الشأن . ولكن يستطيع $ 172 $ الموهوب له أن يتفادى الفسخ بأن يعرض الوفاء بالعوض عيناً إذا كان ذلك ممكناً .

وإذا كان العوض مشترطاً لمصلحة أجنبي ، جاز لكل من الواهب الأجنبي المطالبة بالتنفيذ العيني . وجاز أيضاً للواهب وحده أن يطلب فسخ الهبة ، ولا يضيع الفسخ على الأجنبي حقه إذا كان قد قبل الاشتراط لمصلحته ، فيرجع بما يعادل العوض على الواهب ، إلا إذا كان الاشتراط بالنسبة إلى الأجنبي تبرعاً يجوز للواهب الرجوع فيه . وليس في كل ذلك إلا تطبيق للقواعد العامة المقررة في الاشتراط لمصلحة الغير ( [320] ) .

وإذا كان العوض مشترطاً لمصلحة عامة ، جاز لكل من الواهب وممثل هذه المصلحة المطالبة بالتنفيذ العيني كما سبق القول . وجاز أيضاً للواهب وحده أن يطلب فسخ الهبة ، على أن يؤدي العوض المشترط للمصلحة العامة ما لم يكن تبرعاً يجوز الرجوع فيه .

وهذا هو مقتضى تطبيق القواعد العامة ، فلا يسري من أحكام النص المحذوف إلا ما يتفق مع هذه القواعد ، أما ما خرج عليها فلا يسري لأن النص قد حذف ( [321] ) .

 $ 173 $

122 - العوض هو الوفاء بديون الواهب نص قانوني : ؛

قدمنا أن الواهب قد يشترط على الموهوب له مقابلاً لهبته ، وتكون لهذا المقابل صور مختلفة . فقد يفرض الواهب على الموهوب له شروطاً والتزامات لمصلحة الموهوب له نفسه ، وقد يفرض عليه مقابلاً لمصلحته هو أو لمصلحة أجنبي أو للمصلحة العامة كما رأينا في العوض ( [322] ) .

وقد يشترط الواهب مقابلاً هو أن يفي الموهوب له بديون الواهب . وفي هذا المعنى ورد نص صريح في التقنين المدني هو المادة 499 مدني ، وتجري على الوجه الآتي :1 - إذ اشترط الواهب عوضاً عن الهبة وفاء ديونه ، فلا يكون الموهوب له ملزماً إلا بوفاء الديون التي كانت موجودة وقت الهبة ، هذا ما لم يتفق على غيره .

2 - وإذا كان الشيء الموهوب مثقلاً بحق عيني ضماناً لدين في ذمة الواهب أو في ذمة شخص آخر ، فإن الموهوب له يلتزم بوفاء هذا الدين ، ما لم يوجد اتفاق على غير ذلك ، ، ( [323] ) .

 $ 174 $

فإذا اشترط الواهب على الموهوب له وفاء ديونه ، وأطلق دون أن يعين هذه الديون ، فالمفروض أنه أراد الديون الموجودة وقت تمام الهبة ، لا الديون التي تجد بعد ذلك ، وذلك تفسيراً للالتزام في أضيق حدوده لمصلحة المدين . فيجب في هذه الحالة أن يقوم الموهوب له بوفاء هذه الديون دون غيرها ، فإذا وفاها برئت ذمته من التزامه نحو الواهب ، وإذا لم يوفها واضطر الواهب إلى وفاتها يرجع هذا عليه بما وفي . والتزام الواهب بوفاء الديون هو التزام نحو الواهب لا نحو أصحاب هذه الديون ، فليس لهؤلاء ما لم يكن الواهب قد اشترط لمصلحتهم أن يجبروا الموهوب له أن يوفيهم هذه الديون ، وإنما يرجعون بديونهم على الواهب ، وهذا يرجع على الموهوب له كما قدمنا . ويجب إلا تزيد قيمة الديون التي تعهد الموهوب له بوفائها على قيمة المال الموهوب ، وألا يلتزم الموهوب له إلا بأداء قيمة ما يساوي قيمة المال الموهوب من الديون ( م 498 مدني ) .

وقد يشترط الواهب على الموهوب له الوفاء بديون جدت بعد الهبة ، ولا بد من اتفاق خاص على ذلك ، ويجب إلا يكون مجموع الديون التي يتعهد الموهوب له بوفائها تزيد قيمته على قيمة المال الموهوب كما سبق القول .

وإذا كانت العين الموهوبة مثقلة بحق عيني ضماناً لدين في ذمة الواهب أو في ذمة شخص آخر ، فالمفروض دون حاجة إلى اتفاق خاص أن الواهب قد أراد من الموهوب له أن يدفع هذا الدين كعوض في الهبة ، فيكون الموهوب له ملتزماً نحو الواهب بوفاء هذا الدين ، ما لم يشترط في عقد الهبة عدم التزامه به . والحق العيني الذي ينقل العين الموهوبة ضماناً $ 175 $ لدين قد يكون رهناً رسمياً أو حق اختصاص أو رهناً حيازياً أو حق امتياز . فإذا كان الدين المضمون بهذا الحق العيني ثابتاً في ذمة الواهب ، أداه الموهوب له ، ولم يرجع على الواهب ما دام الدين لا يزيد على قيمة المال الموهوب . أما إذا كان الدين ثابتاً في ذمة الغير ، وجب أيضاً على الموهوب له أن يؤديه ، ولكنه يرجع على المدين الأصلي بما وفاه عنه كما كان يرجع الواهب ( [324] ) .

وسواء افترض أن الموهوب له قد التزم نحو الواهب بأداء الدين المضمون بالحق العيني أو لم يفترض ذلك بأن اشترط الموهوب له في عقد الهبة عدم التزامه بالدين ، فإن الموهوب له باعتباره قد انتقلت إليه ملكية العين المثقلة بالحق العيني يكون مسئولاً عن الدين نحو الدائن مسئولية عينية ، وللدائن حق التتبع بفضل حقه العيني فيتقاضى الدين من العين الموهوبة . ويرجع الموهوب له عندئذ على المدين الأصلي إذا كان الدين في ذمة الغير ، كما سبق القول . أما إذا كان الدين في ذمة الواهب ، ولم يشترط الموهوب له عدم التزامه به ، فإنه يكون بالنسبة إلى الدائن في موقف المحال عليه ، ويبقي الواهب ملزماً هو أيضاً بالدين حتى يقر الدائن هذه الحوالة وفقاً لأحكام الفقرة الثانية من المادة 322 مدني . وإذا اشترط الموهوب له عدم التزامه بالدين ، ولكن اضطر إلى دفعه بموجب الحق العيني الذي يثقل العين الموهوبة ، فإنه يرجع في هذه الحالة على الواهب بما دفع .

وليس فيما قدمناه إلا تطبيق للقواعد العامة ، وقد ورد ذكر كل ذلك في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ( [325] ) .

 $ 176 $

 المطلب الثاني

 الالتزام بنفقات الهبة

123 - الأصل أن تكون نفقات الهبة على الموهوب له : الأصل قياساً على البيع - أن تكون نفقات الهبة ، من مصروفات العقد وأتعاب المحامي ورسوم الدمغة والتسجيل ومصروفات تسلم العين الموهوبة ونقلها ، على الموهوب له . وذلك تفسيراً للهبة في أضيق حدودها ، فلا يجمع الواهب بين التجرد عن ماله دون مقابل وبين تحمل هذه المصروفات .وقد كان المشروع التمهيدي يشتمل على نص في هذا المعنى ، هو نص المادة 678 ، وكان يجري على الوجه الآتي : " نفقات الهبة على الموهوب له ، ويدخل في ذلك مصروفات العقد ورسوم الدمغة والتسجيل وما يصرف في تسليم الشيء الموهوب ( [326] ) وتسلمه ونقله ، وذلك ما لم يوجد اتفاق مخالف " .

وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة لأن أحكامه مستفادة من القواعد العامة ( [327] ) .

124 - ولكن يجوز بالاتفاق أن تكون هذه النفقات على الواهب :

ولكن الغالب في الهبة المحضة أن يكون الواهب قد أراد أيضاً أن يتحمل هذه النفقات حتى يصل المال الموهوب إلى الموهوب له خالصاً من كل تكليف . فيجوز إذن الاتفاق على أن يتحمل الواهب مصروفات العقد ، بل ومصروفات تسلم العين الموهوبة ، ويجوز أن يستخلص وجود هذا الاتفاق ضمناً من ظروف الهبة ( [328] ) .

 $ 177 $

 الفرع الثاني

 الرجوع في الهبة

125 - حق الرجوع في الهبة في الفقه الإسلامي : سار التقنين المدني الجديد على تقاليد التقنين المدني السابق ، وهذه تقضي اتباعاً للمذهب الحنفي في الفقه الإسلامي بجواز الرجوع في الهبة إلا إذا قام مانع من الرجوع .

ولم تتفق مذاهب الفقه الإسلامي في جواز الرجوع في الهبة ، فالمذهب الحنفي هو الذي يجيز الرجوع إلا لمانع . ولما كان هو المذهب الذي يسري على الأحكام الموضوعية للهبة في عهد التقنين المدني السابق ، فقد استبقاه التقنين الجديد .

أما المالكية والشافعية والحنابلة فلا يجيزون الرجوع في الهبة إلا في حالة واحدة ، هي حالة هبة الوالد لولده ( [329] ) . وهي ما تسمي عند المالكية باعتصار الهبة ( [330] ) ، فيعتصر الأب أي يأخذ قهراً ما وهبه لولده . وتستند هذه المذاهب الثلاثة إلى ما روى عن النبي صلي الله عليه وسلم : " لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها ، إلا الوالد فيما يعطي ولده " . فإذا وهب الوالد ولده ، ذكراً أو أنثى ، مالاً ، فله أن يرجع في هبته إذا رأي وجوب التسوية بين أولاده في ماله ، فلا يؤثر أحدهم بهبة دون الآخرين . وفي مذهب مالك إذا وهبت الأم ولدها هبة ، فإن كان وقت الهبة كبيراً كان لها الاعتصار ، وإن كان صغيراً كان لها الاعتصار إن كان للصغير أب تجب $ 178 $ نفقته عليه . وفي مذهب الشافعي أن وهب الوالد للولد أو ولد الوالد وإن سفل جاز له أن يرجع ، لأن الأب لا يتهم في رجوعه فهو لا يرجع إلا للضرورة أو لإصلاح الولد . وكما يجوز الرجوع للأب والجد ، يجوز الرجوع للأم والجدة ، وقيل لا رجوع إلا للأب والأم فقط ، وقيل للأب فقط . وفي مذهب أحمد بن حنبل للأب الرجوع فيما وهب لولده ، وظاهر المذهب أن ليس للأم الرجوع .

أما عند الحنفية ، فالموهوب له يملك الموهوب ملكاً غير لازم ، فيجوز للواهب الرجوع في هبته كما سبق القول . ويستندون في ذلك إلى حديثين عن النبي عليه السلام ، أحدهما يقول " الواهب أحق بهبته ما لم يثب عنها " ، والآخر يقول " إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع " ويؤيدون جواز الرجوع في الهبة بأن الواهب إنما قصد من هبته غرضاً ، قد يكون صلة الرحم وقد يكون العوض المالي وقد يكون نيل الثواب وقد يكون التودد والمجاملة وقد يكون غير ذلك . فإذا ظهر أن غرضه قد تحقق ، كما في صلة الرحم والعوض المال ونيل الثواب ، لم يجز له الرجوع . ومن ثم لا يجوز الرجوع في الهبة ما بين الزوجين والهبة لذي رجم محرم والهبة بعوض الصدقة .وفيما عدا ذلك يترك الأمر إليه ، فهو الذي يكشف عن ذلك بالرجوع في الهبة إذا كان غرضه لم يتحقق ، وبعدم الرجوع إذا كان غرضه تحقق . وإنما ترك الأمر إليه وحده لأن الغرض الذي قصد إليه من الهبة أمر خفي لا نستطيع تبينه ، فكان له القول الفصل في ذلك . ومن ثم جاز له الرجوع في الهبة ، على إلا يتعارض مع حقه في الرجوع حق آخر ، أي على ألا يوجد مانع من الرجوع يبطل حقه ( [331] ) .

 $ 179 $

126 - حق الرجوع في الهبة في التقنين المدني : وقد سار التقنين $ 180 $ المدني الجديد على المذهب الحنفي كما قدمنا ، حتى لا يغير الأحكام التي استقرت في عهد التقنين المدني السابق ، ولكنه اشترط في حق الرجوع بغير التراضي وجود عذر مقبول . فقرر أن الأصل جواز الرجوع في الهبة بالتراضي ، شأن الهبة في ذلك شأن أي عقد آخر . ولكن الهبة تتميز عن العقود الأخرى بأن الواهب يجوز له أن يرجع في الهبة دون رضاء الموهوب له ، إذا استند في ذلك إلى عذر مقبول يقره القضاء ولم يوجد مانع من الرجوع . ويترتب على الرجوع في الهبة بالتراضي أو بالتقاضي أن تعتبر الهبة كأن لم تكن ، بما يستتبع ذلك من نتائج .

فنبحث إذن مسألتين : ( 1 ) متى يجوز الرجوع في الهبة ( 2 ) الآثار التي تترتب على الرجوع في الهبة .

 المبحث الأول

 متى يجوز الرجوع في الهبة

127 - الرجوع بالتراضي أو بالتقاضي :يجوز للواهب كما قدمنا أن يرجع في الهبة إما بالتراضي مع الموهوب به ، وإما بالتقاضي دون رضاء الموهوب له .

 المطلب الأول

 الرجوع في الهبة بالتراضي

128 - النصوص القانونية : تنص الفقرة الأولي من المادة 500 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " يجوز للواهب أن يرجع في الهبة إذا قبل الموهوب له ذلك ( [332] ) .

 $ 181 $

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكنه يتفق مع الأحكام الموضوعية للهبة في الفقه الإسلامي وهي التي كانت تسري في عهد التقنين السابق .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :في التقنين المدني السوري م 468 / 1 - وفي التقنين المدني الليبي 489 / 1 وفي التقنين العراقي م 620 ( العبارة الأولي ) - ولا مقابل له في تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( [333] ) .

 $ 182 $

129 - التراضي على الرجوع في الهبة هو إقالة من الهبة :

إذا أراد الواهب الرجوع في الهبة وتراضي معه الموهوب له على هذا الرجوع ، فإن هذا يكون إقالة من الهبة نمت بإيجاب وقبول جديدين شأن الإقالة من أي عقد آخر ، ولا تتميز الهبة في ذلك عن سائر العقود .

غير أن الإقالة هنا ، بنص القانون ( م 503 مدني ) ، لها أثر رجعي ، فتعتبر الهبة كأن لم تكن كما سيأتي . ومن ثم تجب حماية الغير حسن النية ، وهو من كسب حقاً عينياً من الموهوب له على الموهوب قبل الإقالة ، وسيأتي بيان ذلك عند الكلام في الآثار التي تترتب على الرجوع في الهبة .

ويلاحظ أن التراضي يتم به الرجوع في الهبة في جميع الأحوال ، سواء كان هناك مانع من الرجوع في الهبة أو لم يكن ، وسواء وجد عند الواهب عذلا مقبول للرجوع أو لم يوجد . وسنرى أن التقاضي ، بخلاف التراضي ، لا يتم به الرجوع في الهبة إلا إذا لم يكن هناك مانع من الرجوع وكان عند الواهب عذلا مقبول ( [334] ) .

 $ 183 $

 المطلب الثاني

 الرجوع في الهبة بالتقاضي

130 - النصوص القانونية : تنص الفقرة الثانية من المادة 500 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " فإذا لم يقبل الموهوب له ، جاز للواهب أن يطلب من القضاء الترخيص له في الرجوع ، متى كان يستند في ذلك إلى عذر مقبول ، ولم يوجد مانع من الرجوع " ( [335] )

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكنه يتفق مع الأحكام الموضوعية للهبة في الفقه الإسلامي ، وهي التي كانت تسري في عهد التقنين السابق ( [336] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 468 / 2 وفي التقنين المدني الليبي م 489 / 2 - وفي التقنين المدني $ 184 $ العراقي م 620 ( العبارة الأخيرة ) - وفي التقنين الموجبات والعقود اللبناني م 527 / 1 ( [337] ) .

131 - قيود الرجوع في الهبة بغير التراضي : ويخلص من النص المتقدم الذكر أن رجوع الواهب في الهبة ليس أمراً تحكمياً يجري على حسب إرادته المطلقة . فهو إذا لم يتراض مع الموهوب له على الرجوع ، وأراد أن يرجع بإرادته وحده ، يتقيد بقيود ثلاثة :

أولاً هناك هبات لازمة لا يجوز فيها الرجوع إلا بالتراضي ، وهذه هي الهبات التي يقوم فيها مانع من موانع الرجوع ، وسيأتي ذكرها .

ثانياً وفي الهبات غير اللازمة التي لا يقوم فيها مانع من موانع الرجوع ، لا يجوز للواهب بغير التراضي أن يرجع في الهبة بإرادته المنفردة إلا إذا كان عنده عذر مقبول للرجوع . وقد أورد المشرع أمثلة من الأعذار المقبولة سيأتي بيانها .

ثالثاً وهذا العذر المقبول لا يترك إلى تقدير الواهب وحده ، بل يراقبه فيه القضاء . فإذا رأى القاضي أن العذر الذي يقدمه الواهب للرجوع $ 185 $ في هبته عذر ، أقره عليه وقضى بفسخ الهبة ، وإلا امتنع من إجابة طلبه وأبقى الهبة قائمة . ومن هنا نرى أن الرجوع بالتقاضي في الهبة هو فسخ قضائي لها بناء على طلب الواهب ، يسوغه عذر مقبول متروك إلى تقدير القاضي كما هو الأمر في فسخ العقد بوجه عام .

وقد أراد التقنين المدني الجديد أن يحدد من إطلاق المذهب الحنفي في الرجوع في الهبة . فالظاهر في هذا المذهب أن الواهب هو الذي يستقل بتقدير العذر في الرجوع دون رقابة عليه . ويكفي في ذلك أن يرفع الأمر إلى القضاء ، إذا لم يتراض مع الموهوب له على الرجوع ، حتى يجيبه القضاء إلى طلبه ( [338] ) . فقيد التقنين المدني من هذا الإطلاق بأن أوجب للرجوع في الهبة عذرا مقبولا عدد أمثلة منه ، ولم يجعل الواهب يستقل بتقدير هذا العذر ، بل جعل القضاء رقيباً عليه في ذلك ، فقد يجيبه إلى طلبه وقد يرفض هذا الطلب ( [339] ) . وبذلك أكسب التقنين المدني عقد الهبة قوة في الإلزام لم تكن له على الظاهر من المذهب الحنفي ( [340] ) .

 $ 186 $

وقد فرغنا من الكلام في القيد الثالث من قيود الرجوع في الهبة بغير التراضي ، وهو الفسخ القضائي بعد رفع الأمر إلى القاضي ليقضي بالفسخ إذا رأي أن هناك عذراً مقبولاً . ويبقى أن نبحث القيدين الأولين ، فقد قدمنا أن الواهب لا يجوز له الرجوع في الهبة بغير التراضي إلا إذا كانت الهبة غير لازمة بعدم قيام مانع من الرجوع ، وكان لديه عذر مقبول للرجوع في الهبة .

 $ 187 $

فنبحث إذن مسألتين : ( 1 ) الهبات اللازمة أو قيام مانع من موانع الرجوع ( 2 ) العذر المقبول للرجوع في الهبة .

 1 - الهبات اللازمة

 ( موانع الرجوع في الهبة )

132 - النصوص القانونية : تنص المادة 502 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " يرفض طلب الرجوع في الهبة إذا وجد مانع من الموانع الآتية :

( 1 ) " إذا حصل للشيء الموهوب زيادة متصلة موجبة لزيادة قيمته ، فإذا زال المانع عاد حق الرجوع " .

( ب ) " إذا مات أحد طرفي عقد الهبة " .

( ج ) " إذا تصرف الموهوب له في الشيء الموهوب تصرفاً نهائياً ، فإذا اقتصر التصرف على بعض الموهوب ، جاز للواهب أن يرجع في الباقي " .

( د ) " إذا كانت الهبة من أحد الزوجين للآخر ، ولو أراد الواهب الرجوع بعد انقضاء الزوجية " .

( هـ ) " إذا كانت الهبة لذوي رحم محرم " .

( و ) " إذا هلك الشيء الموهوب في يد الموهوب له ، سواء كان الهلاك بفعله أو بحادث أجنبي لا يد له فيه أو بسبب الاستعمال ، فإذا لم يهلك إلا بعض الشيء جاز الرجوع في الباقي " .

( . ) " إذا قدم الموهوب له عوضا عن الهبة " .

( ح ) " إذا كانت الهبة صدقة أو عملاً من أعمال البر ( [341] ) " .

 $ 188 $

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكنه يتفق مع الأحكام الموضوعية للهبة في الفقه الحنفي وهي التي كانت تسري في عهد التقنين المدني السابق ( [342] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 470 - وفي التقنين المدني الليبي م 491 - وفي التقنين المدني العراقي م 623 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 530 / 2 و 3 ( [343] ) .

 $ 189 $

133 - تقسيم مواقع الرجوع إلى موانع قائمة وقت الهبة وموانع تطرأ بعدها : ويمكن تقسيم موانع الرجوع الثمانية التي عددتها المادة 502 مدني إلى قسمين رئيسيين .

( 1 ) موانع قائمة منذ صدور الهبة ، وترجع إلى أن الغرض من الهبة قد تحقق نظراً إلى طبيعة الهبة ذاتها . وهذا الغرض إما أن يكون عوضاً دنيوياً ، أو ثواباً أخروياً ، أو براً بين الزوجين ، أو صلة الأرحام . فإذا قدم الموهوب له عوضاً عن الهبة ، أو كانت الهبة صدقة أو عملاً من أعمال البر ، أو كانت من أحد الزوجين للآخر ، أو كانت لذوى رحم محرم ، فقد تحقق غرض الواهب ، ويتكشف ذلك في وضوح من طبيعة الهبة ذاتها . ويترتب على ذلك أن الهبة في هذه الأحوال الأربعة تكون هبة لازمة منذ صدورها ، ولا يجوز للواهب الرجوع فيها ولو لعذر ، ما لم يكن الرجوع بالتراضي بينه وبين الموهوب له .

( ب ) موانع تطرأ بعد صدور الهبة ، فتحول دون الرجوع لقيام حق أقوى . وهذه الموانع إما أن ترجع إلى أحد المتعاقدين ، وإما أن ترجع إلى الشيء الموهوب . فالذي يرجع إلى أحد المتعاقدين هو أن يموت الواهب فلا ينتقل حق الرجوع إلى ورثته ، أو يموت الموهوب له فيكون حق ورثته أقوى من حق الواهب في الرجوع . والموانع التي ترجع إلى الشيء الموهوب هو أن يزيد زيادة متصلة أو يهلك أو يتصرف الموهوب له فيه ، فيقوى حق الموهوب له ويرجح على حق الواهب في الرجوع .

 $ 190 $

ونبحث هذه الموانع مرتبة على هذا النحو .

 1 - موانع قائمة منذ صدور الهبة

134 - الهبة بعوض : إذا قدم الموهوب له عوضاً عن الهبة أو التزم بشروط أو تكاليف لمصلحة الواهب أو لمصلحة أجنبي أو للمصلحة العامة ، فإن الهبة تكون لازمة منذ صدورها ، ولا يجوز للواهب الرجوع فيها إلا بالتراضي مع الموهوب له . وقد يقدم الموهوب له العوض أو يلتزم بالشروط والتكاليف بعد صدور الهبة ، فتلزم الهبة من وقت تقديمه العوض أو التزامه بالشروط والتكاليف بعد أن كانت غير لازمة وقت صدروها ( [344] ) .

فإذا قدم الموهوب له للواهب عوضاً عن هبته وقبلها هذا ، سواء كان العوض مقدماً في عقد الهبة ذاته أو بعد صدور هذا العقد ، امتنع على الواهب الرجوع في الهبة لتحقق غرضه منها بأخذ البدل الذي ارتضاه عنها ( [345] ) . ويستند الفقه الحنفي في ذلك إلى حديث النبي عليه السلام : " الواهب أحق بهبته ما لم يثب عنها " . ولكن هذا الفقه يشترط في $ 191 $ العوض شرائط الهبة من القبض والإفراز ، ولم يرد هذا الشرط في التقنين المدني . بل أطلق العوض فشمل العوض الذي يلتزم به الموهوب له ولو لم يقبضه الواهب ، وشمل أيضاً جميع الشروط والتكاليف التي يلتزم بها الموهوب له كما سبق القول . ويصح أن يكون العوض مقدماً من أجنبي ، ما دام الأجنبي قد قدمه عوضاً من هبة الواهب .

ولو وهب الموهوب له شيئاً للواهب ولم يذكر أن ما وهب له عوض عن هبته ، كان هبة مبتدأة ، ولكن منهما أن يرجع في هبته ( [346] ) .

135 - الصدقة وأعمال البر : وقد تكون الهبة على سبيل الصدقة ابتغاء الثواب في الآخرة . فهذه هبة لازمة لا يجوز للواهب الرجوع فيها إلا بالتراضي ، لأن غرضه من الهبة وهو نيل الثواب قد تحقق بمجرد صدور الهبة ، فنال مقابلاً أدبياً يعدل المقابل المادي الذي رأيناه في العوض ، فلا محل بعد ذلك للرجوع بعد أن تحقق الغرض ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وقد يسقط الواهب حقه في الرجوع لا لفائدة مادية يتلقاها من الموهوب له ، بل لفائدة أدبية ،وذلك بأن تكون الهبة صدقة ، فلا يجوز الرجوع في الصدقة لأنها قربة لوجه الله تعالي ولو كانت لغني :م 529 / 2 من قانون الأحوال الشخصية ( [347] ) " .

ويلحق بالصدقة أعمال البر فلا يجوز للواهب الرجوع في هذه الأعمال ، إذ قد تحقق غرضه من الهبة بنيل الجزاء المعنوي الذي يبغيه .مثل ذلك أن يهب الواهب جمعية خيرية مالا لتأسيس مستشفي أو مدرسة أو ملجأ أو نحو ذلك من أعمال البر ، ففي الحالة لا يجوز للواهب الرجوع $ 192 $ في هبته .وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد لم يذكر أعمال البر إلى جانب الصدقة ليمنع فيها الرجوع ، فأضيف أعمال البر في لجنة مجلس الشيوخ " حتى ترتفع شبهة أن الصدقة لا تشمل أعمال البر ، لأنها في الواقع تشملها " ( [348] ) .

136 - الهبة بين الزوجين : والهبة بين الزوجين هبة لازمة منذ صدورها ، فلا يجوز للواهب الرجوع فيها بغير رضاء الموهوب له . ذلك أن الزوج إذا وهب زوجته ، أو وهبت الزوجة زوجها ، فإن الهبة في هذه الحالة مقصود بها توثيق عرى الزوجية ما بين الزوجين ، وقد توثقت فعلاً بالهبة ، فتحقق غرض الواهب ، ولم يعد يستطيع الرجوع وحده في هبته بعد أن تحقق غرضه ( [349] ) .

وحتى تكون الهبة بين الزوجين لازمة لا يجوز الرجوع فيها ، يجب أن تصدر حال قيام الزوجية قبل الدخول أو بعده .فهبة الخطيب لخطيبته أو الخطيبة لخطيبها قبل قيام الزوجية يجوز الرجوع فيها وفقاً للقواعد المقررة في الرجوع ، وبخاصة إذا لم يتم الزواج كما سبق القول ( [350] ) . وهبة الرجل لمطلقته أو المطلقة لمطلقها بعد انتهاء الزوجية يجوز أيضاً الرجوع فيها طبقاً للقواعد المقررة . أما إذا وقعت الهبة وقت قيام الزوجية ، فإن الهبة لا يجوز الرجوع فيها كما قدمنا ، حتى لو كانت الرجوع بعد انتهاء الزوجية بالطلاق أو بالموت ( [351] ) .

 $ 193 $

137 - الهبة لذي رحم محرم : والهبة للمحارم هبة لازمة ،لأن غرض الواهب منها ، وهي صلة الرحم ، قد تحققت بصدور الهبة ذاتها . فلا يجوز للواهب الرجوع فيها بغير التراضي مع الموهوب له .ويستند هذا الحكم إلى حديث عن النبي عليه السلام : " إذا كانت الهبة لذي رحم محرم ، لم يرجع فيها " . ولا بد من اجتماع الوصفين للمنع من الرجوع : الرحم والمحرمة . فإذا وجد أحدهما دون الآخر ، لم يمتنع الرجوع . فإذا وهب لذي رحم غير محرم ، كأولاد الأعمام والعمات والأخوال والخالات ، جاز الرجوع . كذلك يجوز الرجوع إذا وهب لمحرم غير ذي رحم ، كأم الزوجية والأخت في الرضاع ( [352] ) .

 $ 194 $

 ( ب ) موانع تطرأ بعد صدور الهبة

138 - موت أحد المتعاقدين : وقد تتم الهبة غير لازمة ويجوز الرجوع فيها لعذر مقبول ، ثم يطرأ على أحد المتعاقدين ما يمنع من الرجوع ، فتلزم الهبة بعد أن كانت غير لازمة . ويتحقق ذلك بموت الواهب أو بموت الموهوب له .

فإذا مات الواهب ، امتنع على ورثته الرجوع في الهبة ، وذلك لأن حق الرجوع حق متصل بشخص الواهب ، وهو وحده يقدر الاعتبارات التي يراها مبرراً لطلب الرجوع في الهبة . فلا ينتقل هذا الحق إلى ورثته ويرجع حق الموهوب له في هذه الحالة .

وإذا مات الموهوب له وانتقل الشيء الموهوب إلى ورثته ، لم يجز للواهب عند ذلك الرجوع في الهبة وانتزاع الشيء الموهوب من ورثه الموهوب له . ذلك أن حق الورثة على الموهوب قد ثبت بالميراث واطمأنت الورثة إلى ذلك ، فإذا تعارض حقهم مع حق الواهب في الرجوع كان حقهم أقوى وحال دون الرجوع . وتقول الحنفية في تبرير هذا الحكم إنه يموت الموهوب له ينتقل الملك إلى ورثته ، وهم لم يستفيدوه من جهة الواهب فلا يرجع عليهم ، :كما إذا انتقل إليهم في حال حياته بسبب آخر ، ولأن تبدل الملك كتبدل العين فصار الموهوب كأنه عين أخرى فلا يكون للواهب عيها من سبيل ( [353] ) .

139 - زيادة الموهوب زيادة متصلة : وتلزم الهبة ، بعد أن كانت غير لازمة يجوز الرجوع فيها ، إذا زاد الشيء الموهوب زيادة متصلة $ 195 $ موجبة لزيادة قيمته . وقد تكون الزيادة المتصلة متولدة من الموهوب كالزرع والنبات والكبر والسمن ، وقد تكون غير متولدة منه كالطمي والبناء والغراس . والزيادة في الحالتين تمنع الرجوع وتجعل الهبة لازمة ، ما دامت تزيد في قيمة الموهوب .وتقول الحنفية في السبب في منع الرجوع للزيادة المتصلة المتولدة أن من ملك نماءه تبعاً له لأن النماء ناشئ من ملكه ، فتكون الزيادة المتصلة المتولدة ملكاً خالصاً للموهوب له ليس للواهب فيها شيء . فيتعارض حقان : حق الموهوب له في الزيادة وحق الواهب في الرجوع . وحقيقة الملك أقوى من حق الرجوع ، فترجع عليه ، فيمتنع . وتقول في الزيادة المتصلة غير المتولدة إن أخذا الواهب الأصل يضر بالموهوب له فيما بناه أو غرسه ، فيقوى حق الموهوب على حق الواهب ( [354] ) . وإذا زالت الزيادة المانعة من الرجوع ، كأن حصد الزرع أو أزيل البناء أو قلع الغرس ، عاد الواهب في الرجوع ، لأنه إذا زال المانع الممنوع .

أما إذا كانت الزيادة منفصلة ، سواء كانت متولدة كنتاج المواشي أو غير متولدة كريع الدار أو كآلة وضعت في الأرض الموهوبة ، فإنها لا تمنع الواهب من حق الرجوع . ذلك أنه يستطيع الرجوع في أصل الشيء الموهوب دون ضرر يلحق الموهوب له ، إذ الزيادة منفصلة يستطيع هذا أن يستبقيها ويرد الموهوب ( [355] ) . كذلك لا يمنع من الرجوع ارتفاع ثمن الموهوب ( م 516 / 2 من قانون الأحوال الشخصية لقدري باشا ) ، وذلك لأن عين الموهوب لم تزد في ذاتها ، وإنما الزيادة في قيمتها لأمر خارج عنها وهو كثرة الرغبات ( [356] ) .

 $ 196 $

140 - هلاك الشيء الموهوب : وإذا هلك الشيء الموهوب في الموهوب له ، سواء كان الهلاك بسبب أجنبي أو بفعل الموهوب له أو باستعماله إياه ،امتنع على الواهب الرجوع في هبته . ذلك أن الموهوب له لا يضمن الهلاك أو الاستهلاك ، لأن الهالك أو المستهلك ملكه . فإذا لم يهلك إلا بعض الشيء الموهوب ، جاز للواهب الرجوع في الباقي ، لانتفاء المانع من الرجوع في هذا الباقي ( [357] ) .

ويلتحق بهلاك الشيء الموهوب تغيره من حالة إلى حالة حتى تزول صورته الأولي ، بأن كان حنطة فطحنت دقيقاً ، أو دقيقاً فعجن خبزاً ، أو قطعة من ذهب فصيغت حلية ، أو لبنا فصنعه جبناً أو سمناً ، ذلك أن الشيء الموهوب قد زال بتغير صورته ، فأصبح الرجوع في الأصل متعذراً والموجود شيء آخر غير الموهوب ( [358] ) .

141 - تصرف الموهوب له في الشيء الموهوب : وإذا تصرف الموهوب له في الشيء الموهوب تصرفاً نهائياً ، فزال عنه ملكه بأي سبب كان من الأسباب الناقلة للملك كالبيع والهبة ، أو الأسباب المسقطة للملك كالوقف ، أصبحت الهبة لازمة وامتنع على الواهب حق الرجوع . ذلك $ 197 $ أن إخراج الموهوب له الشيء الموهوب من ملكه وتمليكه لغيره أو إسقاطه إنما حصل بتسليط الواهب ، فلا يجوز لهذا أن ينقض ما تم من جهته ، ولأن تبدل الملك كتبدل العين فصار كعين أخرى فلا يرجع فيها ( [359] ) . وفي هذا الحكم أيضاً حماية للغير الذي انتقل الملك إليه من الموهوب له ، فيأمن أن يرجع الواهب عليه ويسترد العين منه إذا جاز له الرجوع في هبته .

أما إذا كان التصرف غير نهائي ، بأن باع الموهوب له الشيء الموهوب مثلا ثم فسخ البيع أو أبطله فرجع الموهوب إلى ملك الموهوب له ، عاد للواهب حق الرجوع ( م 518 / 2 من قانون الأحوال الشخصية لقدري باشا ) .

كذلك إذا كان التصرف في بعض الشيء الموهوب ، فإن حق الرجوع يبقى قائماً في الباقي ، لانتفاء المانع من الرجوع بالنسبة إلى هذا الباقي .

 2 - العذر المقبول للرجوع في الهبة

142 - النصوص القانونية :تنص المادة 501 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " يعتبر بنوع خاص عذراً مقبولاً للرجوع في الهبة " .

( ا ) " أن يخل الموهوب له بما يجب عليه نحو الواهب أو نحو أحد أقاربه ، بحيث يكون هذا الإخلال جحوداً كبيراً من جانبه " .

( ب ) " أن يصبح الواهب عاجزاً عن أن يوفر لنفسه أسباب المعيشة بما يتفق مع مكانته الاجتماعية أو أن يصبح غير قادر على الوفاء بما يفرضه عليه القانون من النفقة على الغير " .

 $ 198 $

( ج ) " أن يرزق الواهب بعد الهبة ولداً يظل حياً إلى وقت الرجوع ، أو أن يكون للواهب ولد يظنه ميتاً وقت الهبة فإذا به حي " ( [360] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، وكان الفقه الحنفي يسري على الأحكام الموضوعية للهبة ، وليس في هذا الفقه ما يتعارض مع الأحكام المقررة في النص .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري 469 - وفي التقنين العراقي م 621 - 622 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 524 و 527 / 1 و 528 ( [361] ) .

 $ 199 $

143 - أعذار الرجوع في الهبة غير مذكورة على سبيل الحصر : ويتبين من النص المتقدم الذكر أن الاعذار التي ذكرها المشروع للرجوع في الهبة ليست مذكورة على سبيل الحصر ، وإنما خصت بالذكر لأنها هي الأعذار الغالبة التي تبرر الرجوع في الهبة ، وذلك لا يمنع من أن تقوم أعذار أخرى غير الأعذار المذكورة ، فإذا تقدم الواهب بأي عذر يرى أنه يبرر الرجوع في الهبة ، وأقره القاضي على أن هذا العذر مقبول يبرر الرجوع فسخ القاضي الهبة لهذا العذر . والرجوع في الهبة لعذر مقبول ليس في الواقع من الأمر إلا فسخاً قضائياً للهبة يترك لتقدير القاضي ، شأن :كل فسخ $ 200 $ قضائي ، ويخلص من ذلك أن من بين الأعذار المقبولة للرجوع في الهبة ، غير الأعذار التي ذكرها المشروع ، إلا يقوم الموهوب له بالالتزامات أو التكاليف التي فرضها عليه الهبة ، أو ألا يقدم العوض الذي التزم بتقديمه مقابلاً للهبة ( [362] ) . ففي هذه الحالة وقد أًصبحت الهبة عقداً ملزماً للجانبين ،وأخل الموهوب له بالتزامه ، يجوز للواهب أن يطلب فسخ الهبة من القضاء ، أي أن يطلب الرجوع فيها . ويكون للقاضي حق التقدير ، طبقاً للقواعد المقررة في الفسخ القضائي .

وننتقل الآن إلى الأعذار المذكورة بالنص في المادة 501 مدني .

144 - جحود الموهوب له : لما كانت الهبة تبرعاً من الواهب للموهوب له ، فإن الجزاء الذي ينتظره الأول من الثاني هو الاعتراف بالجميل . فإذا جحد الموهوب له جميل الواهب ، لم يكن مستحقاً للهبة ، وكان الواهب معذوراَ إذا هو أراد الرجوع فيها .

ومن الأعمال التي تكون جحوداً من الموهوب له أن يعتدي هذا على حياة الواهب ( [363] ) أو على حياة أحد من أقاربه ( [364] ) ، أو يسيء إلى الواهب أو $ 201 $ إلى أحد من أقاربه إساءة بالغة بسبب أو قذف أو اعتداء على المال أو العرض أو غير ذلك من ضروب الإساءة .ولا يشترط أن تكون الإساءة جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي ، فأية إساءة بالغة تكفي لتكون جحوداً من الموهوب له يبرر الرجوع في الهبة . وعلى العكس من ذلك قد يرتكب الموهوب له جريمة لا تعتبر إساءة بالغة ولا تبرر الرجوع في الهبة . منل ذلك أن يتسبب الموهوب له في جرح أو قتل الواهب أو أحد أقاربه خطأ لا عمداً ، فالموهوب له في هذه الحالة لم يقصد الإساءة إلى الواهب ، ومن ثم لا يكون عمله جحوداً . ويمكن القول أيضاً أن الموهوب له إذا جرح أو قتل الواهب أو أحد أقاربه استعمالاً لحقه في الدفاع المشروع عن نفسه ، لم يعتبر هذا العمل جحوداً منه ، إذ هو قد قصد الدفاع عن نفسه ولم يقصد الإساءة إلى الواهب ( [365] ) . وقاضي الموضوع هو الذي يبت فيما إذا كان العمل الذي صدر من الموهوب له بعد إساءة بالغة للواهب أو لأحد أقاربه ، ويقرر من هم الأقارب الذين إذا أساء إليهم الموهوب له ارتدت الإساءة إلى الواهب . فإذا استند في ذلك إلى أسباب مسوغة ، واعتبر العمل الصادر من الموهوب له جحوداً كبيراً ، جاز له الحكم بفسخ الهبة ، دون تعقيب على قضائه من محكمة النقض ( [366] ) .

 $ 202 $

145 - عجز الواهب عن توفير أسباب المعيشة لنفسه أو عجزه عن النفقة على من تجب عليه نفقتهم : ومن الأعذار المقبولة للرجوع في الهبة أن يصبح الواهب بعد الهبة لأي سبب عاجزاً عن أن يوفر لنفسه أسباب المعيشة بما يتفق مع مكانته الاجتماعية . فقد تسوء حالة الواهب المالية بعد الهبة ، إما لسبب لا يتصل بالهبة وإما لأن الهبة ذاتها قد كانت على غير ما توقع الواهب سبباً في هذا الارتباك المالي . وليس من الضروري أن يصبح الواهب فقيراً ، بل يكفي كما يقول النص أنه أصبح عاجزاً عن أن يوفر لنفسه أسباب المعيشة بما يتفق مع مكانته الاجتماعية . ويكفي أيضاً ، دون أن يصبح الواهب عاجزاً عن توفير أسباب المعيشة لنفسه خاصة ، أن يصبح عاجزاً عن الوفاء بنفقة من تجب عليه نفقتهم من زوجة وأولاد وأقارب . فإذا وقع الواهب في ضيق مالي على النحو الذي بيناه ، كان هذا عذراً مقبولاً للرجوع في الهبة . ولا يمنع الرجوع في هذه الحالة أن يظهر الموهوب له استعداده أن ينفق على الواهب ( [367] ) . أو أن يقدم له مساعدة مالية ، $ 203 $ فإن للواهب حق الرجوع في هبته لهذا العذر ، إلا إذا قبل من الموهوب له مساعدته المالية ونزل بذلك عن حقه في الرجوع بعد أن قام العذر . وقاضي الموضوع هنا أيضاً هو الذي يقدر ما إذا كان الضيق المالي الذي وقع فيه الواهب يكفي عذراً للرجوع في الهبة ( [368] ) . ٍ

146 - أن يرزق الواهب ولداً : والمفروض في هذا العذر أن يكون الواهب وقت أن صدرت منه الهبة ليس له ولداً ، ذكر أو أنثى . فهو قد وهب ماله في ذلك إلى أنه ليس له ولد يترك له هذا المال ( [369] ) وآثر الموهوب له على ورثته الآخرين .ويعدل هذا الوضع أن يظن الواهب وقت الهبة أن ليس له ولد . كأن يكون له ولد ويظنه قد مات . ففي هاتين الحالتين ، إذا رزق الواهب ولداً بعد الهبة أو تبين أن الولد الذي ظنه قد مات لا يزال حياً ، يكون هذا عذراَ مقبولاً للرجوع في الهبة . ذلك أن الدافع على الهبة قد انعدم ، والولد الذي رزقه الواهب أو ظهر حياً أولي بالمال الموهوب من الموهوب له متى تقدم الواهب إلى القاضي بهذا العذر يطلب فسخ الهبة .

 $ 204 $

ويخلص مما قدمناه أنه إذا كان للواهب ولد وقت الهبة ، ثم رزق ولداً آخر بعد الهبة أو ظهر حياً وكان يظنه ميتاً ، لم يكن هذا عذر مقبولاً للرجوع في الهبة . ذلك أنه وقت الهبة كان له ولداً ومع ذلك وهب المال للموهوب له مؤثراً إياه على ولده ، فلا يحق له بعد ذلك الرجوع في الهبة حتى لو زاد عدد أولاده ( [370] ) .

ولا يكفي أن يرزق الواهب ولداً بعد الهبة أو يظهر ولده بعد الهبة حياً بعد أن ظنه مات ، بل يجب أن الولد الذي رزقه أو ظهر حياً يبقي حياً إلى وقت الرجوع في الهبة . فإذا مات الولد قبل أن يرجع الواهب في الهبة ، فقد زال العذر للرجوع وامتنع هذا الحق .

وهذا العذر كغيره من الأعذار لا يجعل الهبة مفسوخة من تلقاء نفسها ، بل يجب رفع الأمر إلى القاضي ليحكم بفسخها . وليس للقاضي هنا سلطة تقديرية كالسلطة التي له في الأعذار الأخرى ، فمتى ثبت له أن الواهب قد رزق ولداً بعد الهبة أو ظهر له ولد حي كان يظنه ميتاً ، وطلب الواهب الرجوع في الهبة ، وجب على القاضي أن يحكم بالفسخ ( [371] ) .

 $ 205 $

 المبحث الثاني

 الآثار التي تترتب على الرجوع في الهبة

147 - فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير : الرجوع في الهبة كما قدمنا ، تقابل إذا تم بالتراضي ، وفسخ إذا تم بالتقاضي . وسواء كان تقابلاًُ أو فسخاً ، فإن الآثار التي تترتب عليه تختلف فيما بين المتعاقدين عنها بالنسبة على الغير .

 المطلب الأول

 أثر الرجوع في الهبة فيما بين المتعاقدين

148 - النصوص القانونية : تنص المادة 503 من التقنين المدني على ما يأتي :

1 - " يترتب على الرجوع في الهبة بالتراضي أو بالتقاضي أن تعتبر الهبة كأن لم تكن " .

2 - " ولا يرد الموهوب له الثمرات إلا من وقت الاتفاق على الرجوع أو من وقت رفع الدعوى ، وله أن يرجع بجميع ما أنفقه من مصروفات ضرورية ، أما المصروفات النافعة فلا يجوز في الرجوع بها القدر الذي زاد في قيمة الشيء الموهوب " .

وتنص المادة 504 على ما يأتي :

1 - " إذا استولي الواهب على الشيء الموهوب بغير التراضي و التقاضي ، كان مسئولاً قبل الموهوب له عن هلاك الشيء سواء كان الهلاك بفعل الواهب أو بسبب أجنبي لا يد له فيه أو بسبب الاستعمال " .

2 - " وأما إذا صدر حكم بالرجوع في الهبة وهلك الشيء في يد $ 206 $ الموهوب له بعد إعذاره بالتسليم ، فيكون الموهوب له مسئولاً عن هذا الهلاك ولو كان الهلاك بسبب أجنبي ( [372] ) .

ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني السابق ، وكانت أحكام الفقه الحنفي هي التي تسرى في عهد التقنين لأن هذه المسائل من الأحكام الموضوعية للهبة ( [373] ) .

وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 471 - 472 - وفي التقنين المدني الليبي م 492 - 493 - وفي التقنين $ 207 $ المدني العراقي م 624 - 625 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 525 527 و 529 - 530 ( [374] ) .

 $ 208 $

149 - اعتبار الهبة كأن لم تكن : إذا رجع الواهب في الهبة ، سواء كان رجوعه بالتراضي أو بالتقاضي على النحو الذي قدمناه ، فإن الهبة تفسخ . وإذا كان للفسخ أثر رجعي فيما بين المتعاقدين ، فإن الهبة تعتبر كأن لم تكن ( م 503 / 1 مدني ) .

ولكن حتى تفسخ الهبة ، يجب التقايل منها بالتراضي على الرجوع ، أو صدور حكم قضائي بفسخها لعذر مقبول كما سبق القول . وقبل التراضي أو التقاضي تكون الهبة قائمة ، ولا يستطيع الواهب أن يمتنع عن تسليم الشيء الموهوب إذا كان لم يسلمه ، ولا يستطيع أن يسترده إذا كان قد سلمه ( [375] ) . فإذا استرده بعد أن سلمه ، بغير التراضي أو التقاضي ، كان غاضباً وكانت يده يد ضمان . ويترتب على ذلك أن الشيء إذا هلك في يده بعد استرداده ، سواء كان قد استهلك الشيء بالاستعمال أو هلك الشيء بفعله أو هلك بسبب أجنبي ، كان ضامناً ، ووجب عليه أن يدفع للموهوب له قيمة الشيء وقت الهلاك ( م 504 / 1 مدني ) . ذلك أن الشيء لا يزال مملوكاً للموهوب له ، وقد هلك في يد غاصب ، فتجب القيمة وقت هلاكه . بل أن الواهب في هذه الحالة لا يستطيع $ 209 $ أن يدراً مسئولية عن الهلاك برجوعه في الهبة إذا قام عنده عذل مقبول ، ذلك أن الرجوع فغي الهبة يمتنع على الواهب إذا هلك الشيء كما قدمنا .

150 - رد الموهوب إلى الواهب :أما إذا تم الرجوع في الهبة بالتراضي أو التقاضي ، فإن الواهب تفسخ كما قدمنا وتعتبر كأن لم تكن ، ويترتب على ذلك أن الواهب لا يلتزم بتسليم الموهوب إذا كان لم يسلمه ، وستطيع أن يسترده من الموهوب له إذا كان قد سلمه .

وإذا هلك الشيء في يد الموهوب له بعد أن تم الرجوع في الهبة ، فإن هلك بالفعل الموهوب له أو باستهلاكه إياه كان ضامناً لهذا الهلاك ، ووجب عليه تعويض الواهب . أما إذا هلك بسبب أجنبي ، فإن الهلاك يكون على الواهب ، ما لم يكن قد أعذر الموهوب له بالتسليم وهلك الشيء بعد الإعذار فالهلاك في هذه الحالة يكون على الموهوب له ( م 504 / 2 مدني ) وليس هذا إلا تطبيقاً للقواعد العامة .

151 - رجوع الواهب بالثمرات :أما ثمرات الشيء الموهوب فتبقي ملكاً للموهوب له إلى يوم التراضي أو التقاضي . فإلي هذا اليوم يعتبر الموهوب له حسن النية ، إذ هو يجنى ثمرات ملكه ، فلا يكون مسئولاً عن ردها إلى الواهب .

أما من يوم التراضي على الرجوع ، أو من يوم رفع الدعوى الرجوع لعذر مقبول ، فإن الموهوب له يصبح سيء النية فلا يملك الثمرات . ومن ثم يجب عيه ردها إلى الواهب من ذلك الوقت ( م 503 / 2 مدني )

152 - رجوع الموهوب له بالمصروفات :ومن جهة أخرى يرجع الموهوب له على الواهب بما أنفقه من المصروفات على الشيء الموهوب بالتفصيل الآتي :

 $ 210 $

إذا كانت المصروفات ضرورية ، رجع بها كلها على الواهب ( م 503 / 2 مدني ) .

وإذا كانت المصروفات نافعة ، رجع على الواهب بأقل القيمتين : المصروفات التي أنفقها أو زيادة قيمة الشيء الموهوب بسبب هذه المصروفات ( م 503 / 2 مدني ) .

وإذا كانت المصروفات كمالية ، لم يرجع بشيء على الواهب . ولكن يجوز له أن ينزع من الشيء الموهوب ما استحدثه من منشآت على أن يعيد الشيء إلى حالته الأولي ، وذلك ما لم يختر الواهب أن يستبقي هذه المنشآت بدفع قيمتها مستحقه الإزالة . وليس في هذا إلا تطبيق للقواعد العامة التي قررتها المادة 980 / 3 مدني إذ تقول : " فإذا كانت المصروفات كمالية فليس للحائز أن يطالب بشيء منها ، ومع ذلك يجوز له أن ينزع ما استحدثه من منشآت على أن يعيد الشيء إلى حالته الأولي ، إلا إذا اختار المالك أن يستبقيها مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة " .

ويبدو أن الواهب إذا ألزم برد المصروفات للموهوب له على التفصيل الذي قدمناه ، يستطيع أن ينتفع بالأحكام المقررة في المادة 982 مدني ، فيطلب أن يكون الوفاء بهذه المصروفات على أقساط دورية بشرط تقديم الضمانات اللازمة . وتقول المادة 982 مدني في هذا الصدد : " يجوز للقاضي بنا على طلب المالك أن يقرر ما يراه مناسباً للوفاء بالمصروفات المنصوص عليها في المادتين السابقتين . وله أن يقضي بأن يكون الوفاء على أقساط دورية بشرط تقديم الضمانات اللازمة . وللمالك أن يتحلل من هذا الالتزام إذا هو عجل مبلغاً يوازي قيمة هذه الأقساط ، مخصوماً منها فوائدها بالسعر القانوني لغاية مواعيد استحقاقها " .

 $ 211 $

 المطلب الثاني

 أثر الرجوع في الهبة بالنسبة إلى الغير

153 - ليس للرجوع أثر رجعي : يمكن القول بوجه عام أن الرجوع في الهبة ، سواء تم بالتراضي أو بالتقاضي ، ليس له أثر رجعي بالنسبة إلى الغير ، بل تجب حماية حقوق الغير حسن النية وفقاً للقواعد المقررة في هذا الشان .

وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يتضمن نصاً صريحاً في هذا المعنى ، إذ كانت الفقرة الأولي من المادة 503 مدني ( م 687 / 1 من المشروع ) تجري على الوجه الآتي : " يترتب على الرجوع في الهبة ، بالتراضي أو بالتقاضي ، أن تعتبر الهبة كأن لم تكن ، وذلك دون إخلال بما كسبه الغير حسن النية من حقوق " . ولكن العبارة الأخيرة من النص حذفت ، ولا يظهر من الأعمال التحضيرية اين وكيف حذف هذا النص ( [376] ) .

ولكن العبارة المحذوفة ليست إلا تقريراً للقواعد العامة المقررة في هذا الشأن ، فيمكن إعمالها بالرغم من حذفها مع مراعاة القواعد التي تسري على الهبة بوجه خاص ( [377] ) .

ومن ثم يجب التمييز بين ما إذا كان الموهوب له قد تصرف في الشيء الموهوب تصرفاً نهائياً ببيع أو هبة أو غير ذلك من العقود الناقلة للملكية ، أو كان قد رتب على الشيء الموهوب حقاً عينياً كحق رهن أو حق انتفاع أو حق ارتفاق أو غير ذلك من الحقوق العينية .

 $ 112 $

154 - تصرفات الموهوب له في الشيء الموهوب تصرفاً نهائياً :

قدمنا أنه إذا تصرف الموهوب له في الشيء الموهوب تصرفاً نهائياً ببيع أو هبة أو وقف أو بغير ذلك من الأسباب الناقلة للملكية أو المقسطة لها ، أصبحت الهبة لازمة وامتنع على الواهب الرجوع .ويستوي في ذلك العقار والمنقول ( [378] ) ويمتنع الرجوع ، سواء عن طريق الفسخ بالتقاضي أو عن طريق التقايل بالتراضي . ولا يقال في هذه الحالة أن الرجوع في الهبة ليس له أثر رجعي ، بل الأصح أن يقال أن الرجوع في الهبة ممتنع أصلاً .

وإذا امتنع على الواهب الرجوع في الهبة ، فإنه لا يستطيع ، حتى عند قيام العذر المقبول للرجوع ، أن يطالب الموهوب له بتعويض يقوم مقام الشيء الموهوب ( [379] ) .

155 - ترتيب الموهوب له على الشيء الموهوب حقاً عينياً : وقد لا يتصرف الموهوب له في الشيء الموهوب تصرفاً نهائياً ، بل يقتصر على ترتيب حق عيني كحق انتفاع أو حق ارتفاق أو حق رهن .

ويجب في هذه الحالة ، وقد انعدم النص ، تطبيق القواعد العامة . وهذه تقضي بأنه إذا كان الشيء الموهوب عقاراً ، وترتب حق الغير على العقار الموهوب بعد تسجيل صحيفة دعوى الرجوع في الهبة أو بعد تسجيل التراضي على الرجوع في الهبة ، فإن حق الغير في هذه الحالات لا يسري $ 213 $ بالنسبة إلى الواهب ، ويسترد الواهب العقار خالياً من كل حق للغير ، ويرجع الغير على الموهوب له بالتعويض طبقاً للقواعد العامة . أما إذا كان حق الغير قد ترتب وحفظ قانوناً قبل تسجيل صحيفة دعوى الرجوع أو قبل تسجيل التراضي على الرجوع ، فإن كان الغير حسن النية ، أي لا يعلم قيام عذر مقبول للرجوع في الهبة ، سرى حقه بالنسبة إلى الواهب ، ولم يستطيع هذا أن يسترد العقار الموهوب إلا مثقلاً بالحق العيني المترتب للغير . ولا يرجع الواهب بتعويض عن هذا الحق على الموهوب له .

وإذا كان الغير سيء النية ، أي يعلم وقت كسبه للحق قيام عذر مقبول للرجوع في الهبة ، فإن حقه يسري بالنسبة إلى الواهب ، واسترد الواهب العقار خالياً من حقوق الغير ، ورجع الغير على الموهوب له طبقاً للقواعد العامة .

وإذا كان الشيء الموهوب منقولاً ، ورجع الواهب في الهبة بالتراضي مع الموهوب له ، فإن الرجوع في هذه الحالة لا يؤثر في حقوق الغير .ولا يسترد الواهب المنقول الموهوب إلا مثقلاً بهذه الحقوق . أما إذا كان الرجوع بالتقاضي ، فإن فسخ الهبة بحكم القضاء يكون له أثر رجعي حتى بالنسبة إلى الغير ، فيسترد الواهب المنقول خالياً من حقوق الغير . وهذا ما لم يكن الغير قد حاز حقه وهو حسن النية ، بأن كان له حق انتفاع أو حق رهن حيازة مثلاً وحاز المنقول لينتفع به أو ليرتهنه وهو حسن النية ، ففي هذه الحالة تكون الحيازة في المنقول سنداً لحق الغير ، ولا يستطيع الواهب أن يسترد المنقول إلا مثقلاً بهذا الحق .

 $ 215 $

الباب الثاني

عقد الشركة

 

 $ 217 $

 مقدمة ( [380] )

1 - تعريف عقد الشركة ومقوماته وخصائصه

156 - تعريف عقد الشركة نص قانوني : تنص المادة 505 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " الشركة عقد بمقتضاه يلتزم شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي ، بتقديم حصة من مال أو عمل ، لاقتسام ما قد ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة " ( [381] ) .

 $ 218 $

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 419 / 511 ( [382] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 473 - وفي التقنين المدني الليبي م 494 - وفي التقنين المدني العراقي م 626 وفي التقنين الموجبات والعقود اللبناني م 844 ( [383] ) .

 $ 219 $

ويمكن استخلاص مقومات الشركة من هذا التعريف . فالشركة : ( 1 ) عقد ومن يستلزم اشتراك شخصين أو أكثر . ( 2 ) يساهم فيه كل من الشركاء بحصة في رأس المال الشركة . ( 3 ) بنية الاشتراك والتعاون عن طريق قبول أخطار معينة . ( 4 ) ومع مساهمة كل شريك في الأرباح والخسائر .

157 - الشركة عقد : فالشركة عقد مسمى . ويقتضي كونها عقداً أن تكون لها أركان العقد المعتادة : التراضي والمحل والسبب ، وسيأتي بيان ذلك .

ولا بد من أن يشترك أكثر من شخص وأحد في الشركة شأنها في ذلك شأن أي عقد آخر . إلا أن الشركة تختلف عن العقود الأخرى كالبيع والإيجار ، في أن أطراف العقد فيها ، ويمكن وهم الشركاء ، مصالحهم بعد تكوين الشركة متحدة غير متعارضة . ومن ثم قسمت العقود إلى عقد ذاتي ( contrat Subjectif ) واتفاق منظم ( convention institutionelle ) . فالعقد الذاتي هو اتفاق بين شخصين لها مصلحتان متعارضتان ، وتكون الرابطة بينهما رابطة ذاتية عرضية تقتصر عليهما .مثل ذلك عقد البيع ، نرى فيه تعارضاً بين مصلحة البائع ومصلحة المشتري ، والرابطة بين المتعاقدين ذاتية مقصورة عليهما ، وهي لا تلبث أن تزول في أهم مشتملاتها بانتقال ملكية المبيع إلى المشتري . أما الاتفاق المنظم ، كالشركة ، $ 220 $ فعلى النقيض من العقد الذاتي يوجد مركزاً قانونياً منظماً ( statut institution ) هو أقرب إلى القانون منه إلى العقد ، فيسرى على الغير كما يسري على الطرفين . ولا تعارض ما بين مصالح الشركاء في الشركة ، بل لهم جميعاً غرض مشترك .

على أن التمييز بين العقد الذاتي والاتفاق المنظم ليس على قدر كبير من الوضوح . فهناك . من العقود الذاتية ما يوجد رابطة مستمرة غير وقتية كعقد الإيجار ، وقد يجاوز أثر هذه الرابطة غير المتعاقدين كالمشتري للعين المؤجرة . كذلك الوكالة ، وهي عقد ذاتي ، يجاوز أثرها هي أيضاً المتعاقدين إلى الغير الذي يتعامل مع الوكيل . ومن جهة أخرى نرى الشركاء في الشركة ، وهي اتفاق منظم ،لهم مصالح متعارضة عند تكوين الشركة ، إذ كل شريك يريد أن يعطي الشركة اقل حصة ممكنة ويفوز بأكبر ربح ممكن . ومن ثم ندرك السبب في أن تقسيم العقد إلى عقد ذاتي واتفاق منظم وجعل الشركة اتفاقاً منظماً لا عقداً ذاتياً ،وهو تقسيم ابتدعه ديجيه في الفقه الإداري ، لم يسد في الفقه المدني ( [384] ) .

على أنه من الممكن القول أن الشركة في مرحلة تكوينها تشترك مع سائر العقود في خصائصها . ولكنها بعد التكوين تصبح أقرب إلى النظام منها إلى عقد ذاتي ، لا سيما بعد أن تضفي الشخصية المعنوية على هذا النظام مقومات تفصله عن الشركاء بذواتهم ( [385] ) .

158 - مساهمة كل شريك بحصة في رأس المال الشركة : ولا بد أن يساهم كل شريك بحصة في رأس مال الشركة ، وهي الحصة هي التي تحدد $ 221 $ عادة نصيبه في أرباح الشركة وفي خسائرها . هذا لا يمنع ، بعد تحديد حصة الشريك في رأس المال ، من أن يتبرع له سائر الشركاء بهذه الحصة فيعفونه من الوفاء بها ، وتتضمن الشركة في هذه الحالة هبة مكشوفة أو مستورة على حسب الأحوال ، وسيأتي بيان ذلك . أما الشركة التي لا يحدد فيها لكل شريك حصته من رأس المال ، سواء التزم الشريك بالوفاء بها كما يقع عادة أو تبرع له بها سائر الشركاء كما يقع نادراً ، فإنها تكون شركة باطلة .

والحصة قد تكون نقوداً أو أوراقاً مالية أو منقولات أو عقارات أو حق انتفاع أو عملاً أو اسماً تجارياً أو شهادة اختراع أو ديناً في ذمة الغير ، وكل ما يصلح أن يكون محلا للالتزام يصلح أن يكون حصة في الشركة ، وسيأتي بيان ذلك تفصيلاً . وبديهي أنه ليس من الضروري أن تكون حصص الشركاء متساوية في القيمة ، أو متجانسة في النوع . وتضم حصص الشركاء بعضها إلى بعض ، فتكون من مجموعها رأس المال الشركة ( le capital social ) ، ورأس المال هذا يقوم بذاته مستقلاً عن أموال كل شريك ، وهو الذي يستثمر لتوزيع أرباحه أو خسائره على الشركاء .

159 - نية الاشتراك والتعاون عن طريق قبول أخطار معينة :

وهذا عنصر نفسي من مقومات الشركة . فلا يكفي لقيام شركة أن يكون هناك مال مشترك بين عدد من الأشخاص يستغلونه جميعاً بحسب طبيعته ، فالشيوع يتحقق فيه هذا الوصف وليس بشركة ( [386] ) .

 $ 222 $

وليس الفرق ما بين الشركة والشيوع ، كما كان يقال ، أن الشركة عقد والشيوع غير عقد ، فالشيوع قد يكون مصدره العقد كالشركة ولكن الشيوع ، سواء كان مصدره العقد أو الميراث أو غير ذلك ، مال مشترك لشركاء في الشيوع يستغلونه بحسب طبيعته . فإن كان داراً أو أرضاً سكنوها أو زرعوها أو أجروها ، وإن كان نقوداً أو أوراقاً مالية استولوا على فوائدها ، وان كان منقولاً أجروه أو انتفعوا به بحسب طبيعته . أما الشركة فلا بد فيها من أن تكون عند الشركاء نية الاشتراك في نشاط ذي تبعة ، يأملون من وراثه الربح ولكن قد يعود عليهم بالخسارة ، ولا يقتصرون على مجرد استثمار مال مشترك بحسب طبيعته كما هي الحال في الشيوع ( [387] ) . ونية الاشتراك في نشاط ذي تبعة هي التي يطلق عليها عبارة ( affectio societatis ) أي نية تكوين شركة ، أو إدارة كل شريك في أن يتعاون مع الشركاء الآخرين في نشاط ينطوي على قد من المخاطرة .

ووجود هذه النية عند الشركاء يدل عليه بوجه خاص طبيعة النشاط الذي اشتركوا فيه ، وهو مسألة واقع يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ( [388] ) .

160 - مساهمة كل شريك في الأرباج والخسائر : ويستتبع وجود نية الاشتراك في نشاط ذي تبعة يعود على الشركاء بالربح أو الخسارة ، أن يساهم كل شريك في تبعة هذا النشاط ، فيتقاسم الشركاء الأرباح ، ويوزعون فيما بينهم الخسائر . فإذا أعفي أحد الشركاء من تحمل الخسائر مع مقاسمته للأرباح ، أو خرم من مقاسمته للأرباح مع تحمله للخسائر ، كانت الشركة شركة الأسد ( societe leonine ) ، وكانت باطلة . وفي هذا تقول $ 223 $ الفقرة الأولي من المادة 515 مدني ، " إذا اتفق على أن أحد الشركاء لا يساهم في أرباح أو في خسائر ، كان عقد الشركة باطلاً " ، وسيأتي تفصيل ذلك . كذلك إذا اتفق على أن أحد الشركاء لا يساهم لا في الأرباح ولا في الخسائر ، بل يقتصر على استرداد حصته بعد انقضاء الشركة ، فإن هذا لا يكون شريكاً ، بل يكون قد قدم مالا للشركة على سبيل القرض دون فائدة أو على سبيل القرض دون فائدة أو على سبيل العارية تبعاً لطبيعة هذا المال ( [389] ) .

وهذه المساهمة في الأرباح وفي الخسائر هي التي تخرج من يقدم مالا لتاجر ، على أن يشترك معه في الربح دون الخسارة ، عن أن يكون شريكاً . وإنما يكون مقرضاً ، أقرض التاجر المال بفائدة تتفاوت بتفاوت الأرباح ، ومن ثم يجب أن تسرى أحكام القرض فلا تزيد الفوائد في أية حال على 7 % ( [390] ) .

 $ 224 $

وهذه المساهمة أيضاً هي التي تخرج العمال ، الذين يتقاضون فوق أجورهم تصيباً من أرباح المصنع الذي يعملون فيه ، عن أن يكونوا شركاء لصاحب المصنع ، فهم يشاركونه في الربح ولا يتحملون معه الخسارة .والنصيب من أرباح المصنع الذي يمنح للعامل جزءاً من أجراه ، فلا يخرج العامل على أن يكون أجيراً تسرى عيه أحكام عقد العمل . فيجوز فصله ، ويستحق التعويض المقرر ، ولا يشارك في إدارة المصنع ، ولا يطلب حساباً عن هذه الإدارة ، ولا يكون مسئولاً عن ديون المصنع ( [391] ) .

وليس من الضروري أن تكون أرباح الشركة نقوداً ، بل يصح أن تكون مالاً من نوع آخر . فقد تتكون الشركة وتستغل رأس مالها في بناء عمارات ذات طبقات ، تخصص لكل شريك طبقة يسكنها . وقد تتكون شركة وتجعل $ 225 $ رأس مالها آلات زراعية ، ينتفع بها كل من الشركاء على النظام تحدده الشركة . بل قد يكون الربح هو مجرد توقى خسارة مادية محتملة ، كما إذا تأسست شركة من حاملي سندات شركة أخرى بقصد الدفاع عن مصالح حاملي هذه السندات والحيلولة دون هبوط أسعار السندات ( [392] ) 161 - خصائص عقد الشركة : وعقد الشركة عقد شكلي ( solennel ) وهو من العقود الملزمة للجانبين ( synallagmatique ) ، ومن عقود المعاوضة 9 a titre onereux ) ، ومن العقود المحددة ( commutatif ) .

فالشركة عقد شكلي ، لأنها لا تنعقد إلا بالكتابة ، وتقول المادة 507 في هذا الصدد : " يجب أن يكون عقد الشركة مكتوباً ، والا كان باطلاً " . وسنعود إلى هذه المسألة عند الكلام في شكل الشركة .

وهي عقد من العقود الملزمة لجميع أطرافها . فكل شريك يلتزم نحو الشركة ، والشركة تلتزم نحو كل شريك ، بالتزامات معينة سيأتي بيانها . ويسبق تكوين الشركة عقد ما بين الشركاء يتفقون فيه على تكوين الشركة ، ففي هذا الاتفاق يلتزم الشركاء بعضهم نحو بعض ( [393] ) .

 $ 226 $

وهي من عقود المعارضة ، وقد قدمنا أن كل شريك يقدم حصة في رأس المال ، ويستولي في نظير تقديمه لهذه الحصة على نصيبه في أرباح الشركة إذا كانت هناك أرباح . ويصح أن تتضمن الشركة تبرعاً مكشوفاً أو تبرعاً مستتراً أو تبرعاً غير مباشر . تتضمن تبرعاً مكشوفاً إذا تبرع سائر الشركاء لأحدهم بحصته فأعفوه من تقديمها بعد تحديدها على النحو الذي قدمناه ، ويكون التبرع مكشوفاً إذا ظهر من عقد الشركة أن الشريك أعفي من تقديم حصته . وفي هذه الحالة يجب أن تستوفي الهبة شكلها فتكون في عقد رسمي . وإلا كانت باطلة ، وألزم الشريك بدفع حصته . وقد يتضمن عقد الشركة تبرعاً مستتراً ، إذا ذكر في العقد أن الشريك قد دفع حصته ويكون في الحقيقة قد أعفي من دفعها ، وفي هذه الحالة تكون الهبة مستترة تحت اسم عقد الشركة ( [394] ) ، فلا تستلزم الرسمية شان كل هبة مستترة .وقد يتضمن عقد الشركة هبة غير مباشرة إذا أعطى الشريك نصيباً في الأرباح أكبر من حصته في الشركة ، فيكون ما زاد من الأرباح هبة غير مباشرة ، ولا تستوجب الرسمية ( [395] ) .

والشركة عقد محدد ، وليست بعقد احتمالي . وقد يتوهم أنها عقد احتمالي من احتمال أن يساهم الشريك في خسائر الشركة إذا خسرت بدلاً من أن $ 227 $ تربح . ولكن العقد يكون محدداً إذا كان المتعاقد يعرف وقت العقد قدر ما يعطي وقد ما يأخذ ، والشريك يعرف ذلك ، فهو يعطي حصته من رأس المال ويساهم في نصيب معين من الأرباح إذا وجدت ، وهذا كاف لجعل العقد محدداً . أما احتمال الخسارة فلا يجعل عقد الشركة عقداً احتمالياً ، والا كان عقد إيجار أرض زراعية عقداً احتمالياً أن نقل قيمة المحصول عن أجرة الأرض ( [396] ) .

162 - استبقاء عقد الشركة بعقود أخرى : بعد أن حددنا مقومات عقد الشركة وبينا خصائص هذا العقد ، أصبح من المتيسر أن نميز عقد الشركة عن غيره من العقود التي يشتبه بها .

فقد يشتبه عقد الشركة بعقد البيع فيها إذا اتفق المؤلف والناشر على أن يتقاضى المؤلف نسبة معينة من أرباح الناشر في مقابل حقه في التأليف . فإذا كان الناشر هو الذي قام بنفقات نشر الكتاب وهو وحده الذي يتحمل خسائره المحتملة ، فإن ربح شاركه المؤلف في ربحه بنسبة معينة ، فالعقد بيع لا شركة ( [397] ) . ذلك أن المؤلف في هذه الحالة لا يساهم في الخسائر ( [398] ) ، فهو قد باع مؤلفه بثمن يزيد أو ينقص بحسب الأرباح التي يحصل عليها الناشر . أما إذا اشترك المؤلف مع الناشر في نفقات النشر ، واتفقا على المساهمة في الأرباح والخسائر ، فالعقد شركة ، . يكون شركة أيضاً إذا قام الناشر بتقديم نفقات النشر على أن يستردها أولاً مما يحصل عليه من بيع $ 228 $ الكتاب ، ثم يتقاسم بعد ذلك مع المؤلف ما يزيد على النفقات بنسبة معينة ( [399] ) . وإذا نزل صاحب المتجر عن متجره لشخص آخر ، على أن يأخذ منه نسبة معينة من الأرباح دون أن يشاركه في الخسارة ، فالعقد بيع لا شركة .

ويشتبه عقد الإيجار في المزارعة بعقد الشركة فإذا أعطى صاحب الأرض الزراعية أو صاحب الأرض المغروسة بالأشجار الأرض مزارعة لشخص آخر في مقابل أخذ صاحب الأرض نسبة معينة من المحصول ، كان العقد مزارعة ، أي إيجاراً لا شركة . ذلك أن صاحب الأرض يأخذ أجرة أرضه نسبة من المحصول ، فإذا كان المزارع قد لحقته خسارة فصاحب الأرض لا يساهم فيها ، وقد رأينا أن الشريك يجب أن يساهم في الربح وفي الخسارة . ومن ثم ألحق المشروع عقد المزارعة بعقد الإيجار ( المواد 619 - 627 مدني ) ، وذكر صراحة في المادة 620 مدني أن أحكام الإيجار تسرى على المزارعة .

ويشتبه عقد العمل بعقد الشركة فيما قدمنا من أن العامل لو كان يأخذ ، بالإضافة إلى أجره ، نصيباً معيناً من الأرباح ، فالعقد عقد عمل لا عقد شركة ، لأن العامل لا يشارك صاحب العمل في الخسارة ، ولا يشارك في إدارة العمل ، ولا يكون مسئولاً عن ديون صاحب العمل ( [400] ) .

ويشتبه عقد الوكالة بعقد الشركة فيما إذا فوض الدائن شخصاً أن يقبض حقه من المدين في مقابل نسبة معينة من الدين ، فالعقد وكالة مأجورة لا شركة ، لأن الوكيل لا يشارك الدائن في الخسارة إذا لم يقبض الدين ، بل هو يأخذ أجراً على وكالته نسبة معينة من الدين .

 $ 229 $

ويشتبه عقد القرض بعقد الشركة فيما إذا أعطى شخص مالاً إلى تاجر على أن يشاركه في الأرباح . فالعقد هنا قرض ، لأن المقرض لا يساهم في الخسارة ، وقد قدمنا أنه أنما أقرض التاجر المال بفائدة تتفاوت بتفاوت الأرباح ، ومن ثم يجب أن تسرى أحكام القرض فلا تزيد الفوائد في أية حال على % ( [401] ) .

2 - أنواع الشركات المختلفة والتمييز فيما بينها

163 - تدرج الجماعات من الأغراض غير المادية إلى الأغراض المادية : تجمع الناس في طوائف يتركز نشاطها لتحقيق أغراض معينة ظاهرة قديمة ، وقد زادها تطور الحضارة قوة وانتشاراً . فقد زادت الأغراض التي تهدف الجماعات لتحقيقها وتعقدت ، وكان من وراء التطور الاقتصادي وتقدم الصناعة أن قامت الشركات الكبيرة وتعددت أنواعها وأشكالها .

وتتدرج الجامعات ، من ناحية الأغراض التي تقوم على تحقيقها ، من أغراض غير مادية إلى أغراض مادية على النحو الآتي : ( 1 ) الجمعيات والمؤسسات وتلحق بها جمعيات التعاون والنقابات ، وهذه تحقق أغراضاً مختلفة ، ولكنها تشترك جميعاً في أنها أغراض لا يدخل فيها الحصول على ربح مادي ( [402] ) . ( 2 ) الشركات المدنية وهذه جماعات تقوم بمشروعات مالية $ 230 $ للحصول على ربح مادي كما سبق القول ، ولكن المشروعات المالية التي تقوم لها لا تدخل في أعمال التجارة المذكورة على سبيل الحصر في التقنين التجاري . ( 3 ) الشركات التجارية ، وهذه جماعات تقوم بمشروعات مالية للحصول على ربح مادي كالشركات المدنية ، ولكن المشروعات التي تقوم بها ، على خلاف المشروعات التي تقوم بها الشركات المدنية ، تدخل في أعمال التجارة . ( 4 ) الشركات المدنية ذات الشكل التجاري ، وهذه شركات مدنية تقوم بمشروعات لا تدخل في أعمال التجارة ، ولكنها تتخذ الشكل التجاري لدعم نظامها وتيسير نشاطها .

164 - الجمعيات والمؤسسات وجمعيات التعاون والنقابات : وقد تناول التقنين المدين الجديد تنظيم الجمعيات والمؤسسات . فالجمعية جماعة ذات صفة دائمة مكونة من عدة أشخاص طبيعية أو اعتبارية لغرض غير الحصول على ربح مادي ( م 54 مدني ) وتتدرج أغراض الجمعيات من أغراض خيرية محضة ، إلى أغراض نفعية تعود بالفائدة على أعضائها ولكن هذه الفائدة ليست ربحاً مادياً . وهذا هو أيضاً شأن المؤسسات فالمؤسسة شخص اعتباري ينشأ بتخصيص مال مدة غير معينة ، لعمل ذي صفة إنسانية أو دينية أو علمية أو فنية أو رياضية أو لأي عمل من أعمال البر أو النفع العام ، دون قصد إلى ربح مادي ( م 69 مدني ) . وتختلف المؤسسة عن الجمعية في أن المؤسسة تنشأ بتخصيص مال للغرض المقصود وتحقيقه ، أما الجمعية فتنشأ باجتماع جماعة من الناس لتحقيق الغرض المقصود ، هذا إلى أن المؤسسة تخضع لنظام أدق ولرقابة أشد .

والأغراض التي تقوم الجمعيات والمؤسسات على تحقيقها متنوعة كما قدمنا ، فقد تكون أغراضاً ذات صفة إنسانية لا يقصد بها إلا البر ولنفع العام ، كجمعيات الإسعاف والهلال الأحمر والرفق $ 231 $ بالحيوان . وقد تكون أغراضاً دينية ، كجمعيات تحفيظ القرآن وجمعيات المبشرين ونحوها . وقد تكون أغراضاً اقتصادية ، كالجمعية الزراعية .وقد تكون أغراضاً اجتماعية ، كجمعية الاتحاد النسائي وجمعيات الخدمة الاجتماعية .وقد تكون أغراضاً علمية ، كجمعية الاقتصاد والتشريع وجمعيات التأليف والترجمة والنشر ( [403] ) وجمعيات الدراسات التاريخية والجغرافية والاجتماعية وجمعيات مكافحة الأمراض المختلفة . وقد تكون أغراضاً فنية ، كجمعيات الموسيقى والغناء والتمثيل والأدب والشعر .وقد تكون أغراضاً رياضية ، كنوادي الألعاب الرياضية ونحوها . وقد تكون غير ذلك من الأعمال التي يقصد بها الحصول على ربح مادي ، كالنوادي السياسية ( [404] ) والنوادي الاجتماعية ( [405] ) . وقد تجمع الجمعية الواحدة غرضين أو أكثر من هذه الأغراض .وهذه الأغراض ، كما نرى ، منها ما هو ذو صفة إنسانية بارزة لا يقصد به إلا البر والنفع العام ، ومنها أغراض نفعية تعود بالفائدة المعنوية أو المادية على أعضاء الجمعية ، ولكنها فائدة لا يدخل فيها الربح المادي .

ويلحق بالجمعيات والمؤسسات جمعيات التعاون والنقابات المختلفة .

 $ 232 $

وجمعيات التعاون تتميز بأنها جمعيات تقوم على أغراض نفعية تعود بفوائد مادية على أعضائها ، ويتركز تحقيق هذه الأغراض في التعاون . وتتنوع ضروب التعاون . فهناك تعاون في الاستهلاك ، يعين المتعاونين في الحصول على السلع بأسعار رخيصة . وهناك تعاون في الإنتاج ، يعين المتعاونين في الحصول على أدوات الإنتاج كالآلات الزراعية والسماد والبذرة ونحوها . وهناك التعاون في الائتمان ، يعين المتعاونين في الحصول على قروض وهناك التعاون في التأمين ، يتمثل في جمعيات التأمين التعاونية ( assurance mutuelle ) . وجمعيات التعاون كثيرة منتشرة في مصر ، كجمعيات التعاون المنزلي والتعاون الزراعي والتعاون الاقتصادي والتعاون الصناعي والمصارف التعاونية والتأمين التعاوني ولجمعيات التعاون قوانين خاصة تنظمها بما يتفق مع طبيعة كل نوع من أنواع هذه الجمعيات وأغراضها ( [406] ) .

أما النقابات فهي جماعات ، تضم كل جماعة منها أبناء الحرفة الواحدة ينتظمون في نقابة للدفاع عن مصالح هذه الحرفة ولتنظيم العمل فيها وللسعي في إصلاح شؤونها ، كنقابات المحامين ونقابة الأطباء ونقابة المهندسين وغيرها ، وكل نقابة ينظمهما قانون خاص . وأهم النقابات من الناحية الاقتصادية والناحية السياسية هي نقابات العمال ، فقد أصبحت قوات ضخمة في الداخل الدولة تنظم شؤون العمل وتدافع عن مصالح العمال ، وتنظم هذه النقابات أيضاً قوانين خاصة ( [407] ) .

165 - الشركات المدنية : أما الشركات المدنية فتقوم لتحقيق أغراض $ 233 $ تعود عليها بالربح المادي كما قدمنا . ولكن المشروعات المالية التي تقوم بها الشركات المدنية لا تدخل في أعمال التجارة ، وهي الأعمال التي عددتها المادة الثانية من التقنين التجاري على سبيل الحصر . وأهم هذه الأعمال هي شراء البضائع والسلع لأجل بيعها أو تأجيرها ، وعقود المقاولة المتعلقة بالمصنوعات والتجارة والنقل البري والبحري ، وعقود التوريد ، ومعاملات المصارف ، والأعمال المتعلقة بالكمبيالات والسندات والصرافة والسمسرة ، والمقاولات المتعلقة بإنشاء مبان متى كان المقاول متعهداً بتوريد الأدوات ، والأعمال المتعلقة بالسفن من إنشاء أو شراء أو بيع أو إيجار أو إقراض أو تأمين أو استخدام للبحرين ،

فإذا خرج عمل عن الأعمال التي عددها النص اعمالاً تجارية ، كان هذا العمل مدنياً ، وإذا قامت شركة بهذا العمل كانت شركة مدنية . وأهم الأعمال المدنية هي الأعمال المتعلقة بالعقارات وبالمحصولات الزراعية وبالمناجم وبالمقاولات الخاصة بالأراضي وبالأعمال الفنية والعلمية والرياضية إذا قصد منها تحقيق ربح مادي . ومن ثم تكون الشركات التي تقوم بشراء الأراضي وبيعها واستغلالها ( [408] ) ، وببناء الدور وبيعها واستغلالها ، شركات مدنية ، وكذلك الشركات التي تجمع الأراضي والعقارات من أصحابها لاستغلال وتوزيع أرباحها على الأعضاء .وتعد شركات مدنية أيضاً الشركات التي تقوم باستغلال المناجم وحفر الترع ، ولكن هذه الشركات تتخذ عادة الشكل التجاري ( [409] ) والشركات التي تقوم بأعمال فنية أو علمية مأجورة $ 234 $ بقصد توزيع الربح على الأعضاء ، كشركات التمثيل والغناء وإدارات المدارس ودور النشر والصحف والمجلات ، كل هذه تعتبر شركات مدنية ( [410] ) .

166 - الشركات التجارية : واهم الشركات هي الشركات التجارية ، فهي تقوم بدور أساسي في الحياة الاقتصادية . وهي قسمان ، شركات أشخاص وشركات أموال .

فشركات الأشخاص هي شركة التضامن ( societe collective ) وشركة التوصية ( societe en commandite ) وشركة المحاصة ( societe en partici pation ) . أما شركة التضامن فهي الشركة التي يعقدها شخصان أو أكثر $ 235 $ بقصد الاتجار ، ويكون جميع الشركاء ملزمين بالتضامن عن جميع التزامات الشركة حتى في أموالهم الخاصة . وشركة التوصية هي الشركة التي تعقد بين شريك وأحد أو أكثر يكونون مسئولين بالتضامن كما في الشركة التضامن ، وبين شريك وأحد أو أكثر يكونون أصحاب حصص مالية فيها وخارجين عن الإدارة ولا يكونون مسئولين إلا في حدود حصصهم من رأس المال ويسمون موصين . وشركة المحاصة هي شركة تقوم ما بين الشركاء وحدهم ولا تكون شركة في حق الغير ، فمن عقد من الشركاء المحاصين عقداً مع الغير يكون مسئولاً عنه وحده دون غيره من الشركاء المحاصين ، ثم تقسم على الشركاء الأرباح والخسائر التي تنشأ من أعمالهم ، سواء حصلت منهم منفردين أو مجتمعين ، وذلك على حسب الشروط المتفق عليها في عقد الشركة وشركة التوصية على التحديد الذي قدمناه هي شركة أشخاص بالنسبة إلى الشركاء المتضامنين ، وشركة أموال بالنسبة إلى الشركاء الموصين . وقد تكون حصص الشركاء الموصين في رأس المال أسهماً ، فتسمى الشركة عندئذ بشركة توصية بالأسهم ( societe en commandite par actions ) . وأهم شركات الأموال هي شركة المساهمة ( societe anoyme ) . يقسم رأس مالها إلى أسهم متساوية القيمة ، ويكون لكل شريك عدد من هذه الأسهم ، ويتفاوت الشركاء تفاوتاً كبيراً في عدد الأسهم التي يملكونها . وقد وضع القانون قيوداً كثيرة على تأسيس شركات المساهمة ، قصد بها حماية المساهمين وحماية المتعاملين مع هذه الشركات ( [411] ) ، ولا يجوز تأسيس شركة المساهمة إلا بأمر يصدر من السلطة العامة .

 $ 236 $

وهذه القيود كثيراً ما تعوق الشركات من أن تتخذ صفة الشركة المساهمة ومن أن تنتفع بمزاياها ، وأهمها تحديد مسئولية كل شريك بالأسهم التي يملكها من رأس المال . لذلك استحدث المشرع المصري ، بالقانون رقم 26 لسنة 1945 ، نوعاً من الشركات كانت الحاجة ماسة إليه ، سميت بالشركات ذات المسئولية المحدودة ( societe a responsabilite limitee ) وقد أعفيت هذه الشركات من أكثر قيود شركات المساهمة ، مع استبقاء مزيتها الجوهرية وهي أن تكون مسئولية الشركاء مقصورة على مقدار الحصص التي يملكونها في هذه الشركة . ولكن هذه الشركات يحيط بها قيدان أساسيان L1 ) فلا يجوز أن يقل رأس مالها عن ألف جنيه ، ويقسم رأس المال إلى حصص متساوية لا تقل قيمة كل منها عن عشرين جنيهاً . ( 2 ) ولا يجوز أن يزيد عدد الشركاء فيها عن خمسين شريكاً ولا يقل عن اثنين فإن كان بين الشركاء زوجان يجب أن يكون عدد الشركاء ثلاثة على الأقل .

167 - الشركاء المدينة ذات الشكل التجاري : وقد تجد شركة مدنية ، كشركة لبيع الأراضي أو شركة لاستغلال المناجم أو شركة لحفر الترع أو نحو ذلك من الشركات المدنية الهامة ، من المناسب أن تتخذ شكلاً من أشكال الشركات التجارية كشكل الشركة المساهمة أو شكل الشركة ذات المسئولية المحدودة أو شكل شركة التوصية بالأسهم . ويكون الغرض من ذلك أن تجمع الشركة رأس المال الكافي للقيام بأعمالها ذات التكاليف $ 237 $ الكثيرة ، ويتيسر لها ذلك لو أنها جعلت رأس المال أسهماً يكتتب فيها الجمهور ، وفي الوقت ذاته تبقى مسئولية الشركاء محدودة في الأسهم التي يحملها كل شريك ، فلا يكونون مسئولين في أموالهم الخاصة . وهاتان مزيتان جوهريتان تحصل عليها الشركة المدنية إذا اتخذت شكل شركة تجارية يتكون رأس مالها من أسهم . فإذا اتخذت شركة مدنية شكل تجاري على النحو الذي سلفناه ، فهل تكون هذه الشركة مدنية تبعاً لطبيعة أعمالها ، أو تصبح تجارية تبعاً للشكل الذي اتخذته ؟

كان الرأي المعمول به في فرنسا ، قبل القانون سنة 1893 ، أن الشركة المدنية إذا اتخذت شكلاً تجارياً تعتبر شركة تجارية من حيث مسئولية الشركاء نحو دائني الشركة . فإذا اتخذت شكل شركة التضامن أصبح الشركاء مسئولين بالتضامن حتى في أموالهم الخاصة عن ديون الشركة ، وإذا اتخذت شكل شركة التوصية أو شركة المساهمة أصبح الشركاء الموصون أو المساهمون مسئولين بقدر أسهمهم فقط . وغنى عن البيان أن الشركة المدنية في هذه الحالة يجب أن تستوفي الإجراءات اللازمة لتكوين الشركة التجارية التي اتخذت شكلها . أما أعمال الشركة المدنية ذات الشكل التجاري فتبقى أعمالاً مدنية ، ومن ثم لا تكون المحكمة التجارية مختصة بل المختص هي المحكمة المدنية ، ولا يلتزم الشركة بأن تحتفظ بالدفاتر التي تحتفظ بها الشركة التجارية ، ولا تكون مدة التقادم خمس سنوات وهي المدة الخاصة بالشركات التجارية ، ولا يجوز شهر إفلاس الشركة المدنية ذات الشكل التجاري ولا تصفيتها قضائية . ثم صدر في فرنسا قانون أول أغسطس سنة 1893 ، عقب اضطراب الحالة المالية لشركة بناما وكانت شركة مدنية ذات شكل تجاري فكان لا يمكن شهر إفلاسها مما سبب ضياع أموال المساهمين ( [412] ) . وقد قضى هذا القانون بأن أية شركة مدنية تتخذ $ 238 $ شكل شركة المساهمة أو شركة التوصية بالأسهم تصبح شركة تجارية ، تسرى عليها القوانين والعادات التجارية . ومن ثم أصبح يجوز شهر إفلاس الشركة المدنية ذات الشكل التجاري وتصفيتها تصفية قضائية ، ووجب على هذه الشركة الاحتفاظ بالدفاتر التجارية ، وتكون المحكمة التجارية هي المختصة ، ولكن نظراً لأن أعمال الشركة هي بطبيعتها أعمال مدنية ، فالرأي الغالب في فرنسا أن القواعد المدنية في الإثبات وفي سعر الفائدة ، لا القواعد التجارية ، هي التي تسرى ( [413] ) . وليس في مصر تشريع يقابل قانون سنة 1893 في فرنسا ( [414] ) ، ولكن الفقه والقضاء يجيزان أن تتخذ الشركة المدنية الشكل التجاري . فإذا اتخذت شكل شركة المساهمة ، وجب أن تراعي الإجراءات والشروط اللازمة لتكوين هذه الشركة ، وخضعت لقواعد الإدارة والرقابة التي ينص عليها القانون في الشركات المساهمة ، وتحددت مسئولية الشركاء بالأسهم التي يحملها كل منهم . وكذلك الحكم إذا اتخذت الشركة المدنية شكل الشركة ذات المسئولية المحدودة أو شكل شركة التوصية . فإذا اتخذت شكل شركة التضامن . ولكن الشركة المدنية ذات الشكل التجاري في مصر وأعمالها بطبيعتها أعمال مدنية لا تخضع للقضاء التجاري ، ولا تلتزم $ 239 $ بالاحتفاظ بالدفاتر التجارية ، وتكون مدة التقادم فيها هي المدة المقررة في القانون المدني ، وقواعد الإثبات فيها وسعر الفائدة هي القواعد المدنية ، ولا يجوز شهر إفلاسها ولا تصفيتها قضائية ( [415] ) . على أن هناك طائفتين من الأحكام التجارية تسريان على الشركة المدنية ذات الشكل التجاري في مصر ، وذلك بموجب نصوص خاصة : ( 1 ) تسرى على هذه الشركة أحكام قانون التسجيل التجاري ، متى اتخذت شكل الشركة المساهمة أو الشركة ذات المسئولية المحدودة أو شركة التوصية بالأسهم ، وذلك بموجب القانون رقم 68 لسنة 1954 .

( 2 ) وتسري على هذه الشركة أيضاً الأحكام الخاصة بالضرائب على الأرباح التجارية والصناعية متى اتخذت شكل شركة المساهمة ، وذلك بموجب القانون رقم 14 لسنة 1939 الخاص بالضرائب على الثروة المنقولة ( [416] ) .

 3 - التنظيم التشريعي لعقد الشركة

168 - عقد الشركة في التقنين المدني السابق : لم يكن التقنين المدني السابق مقلا في النصوص التي خصصها لعقد الشركة ، ولكن كان يعوزه الترتيب ، وينقصه بعض الأحكام الأساسية ، وقد جاءت بعض أحكامه مبهمة في حاجة إلى لإيضاح ، أو معيبة في حاجة إلى التعديل ، أو مسهبة في حاجة إلى الإيجاز .

فقد عقد باباً للشركة ، قسمه إلى فصلين . نظم في الفصل الأول منهما عقد الشركة ، فعرفها ، وأورد الأحكام المتعلقة بحصص الشركاء وكيفية $ 240 $ تقسيم الربح والخسارة ، ثم أورد الأحكام المتعلقة بإرادة الشركة ، فالأحكام المتعلقة بانقضائها . ونظم في الفصل الثاني تصفية الشركة وقسمة أموالها بين الشركاء ، وحقوق دائني الشركة ، وحقوق الدائنين الشخصيين للشركاء ، وحق الاسترداد عند بيع الحصة الشائعة . فجاء ترتيب الأحكام غير خال من الاضطراب ، هذا إلى أن هناك أحكاماً كثيرة لم يذكرها التقنين السابق فتلافي التقنين الجديد هذا النقص .

169 - عقد الشركة في التقنين المدني الجديد : وقد عنى التقنين المدني الجديد بعقد الشركة ليس فحسب لأن الشركات المدنية قد زادت أهميتها في الوقت الحاضر ، بل أيضاً لأن النصوص المتعلقة بالشركات المدنية تعتبر نصوصاً أساسية للشركات المدنية والتجارية جميعاً ، فتسرى هذه النصوص على الشركات التجارية ما لم تتعارض مع النصوص الخاصة الواردة في التقنين التجاري في خصوص هذه الشركات ( [417] ) .

فعرف التقنين المدني الجديد عقد الشركة ، واعتبرها بمجرد تكوينها شخصاً معنوياً ثم قسم النصوص الباقية إلى أقسام خمسة ( 1 ) أركان الشركة . ( 2 ) وإدارة الشركة . ( 3 ) وآثار الشركة بالنسبة إلى الشركاء . ( 4 ) وطرق انقضاء الشركة . ( 5 ) وتصفية أموال الشركة .

ففي أركان الشركة ، أوجب أن يكون عقد الشركة مكتوباً وإلا كان باطلاً ، وأورد الأحكام المتعلقة بحصص الشركاء سواء كانت هذه الحصص $ 241 $ مبالغ من النقود أو حقوق ملكية أو حقوق عينية أخرى أو ديوناً أو عملاً ، وبين كيف تتقاسم الشركاء الربح أو الخسارة .

وفي إدارة الشركة ، حدد سلطة الشريك المنتدب للإدارة سواء كان هذا الشريك واحداً أو متعدداً ، وحدد سلطة المدير غير الشريك ، وبين حقوق الشركاء غير المديرين . وفي آثار الشركة بالنسبة إلى الشركاء ، بين كيف تنقضي الشركة بانقضاء مدتها أو بانتهاء عملها أو بهلاك مالها أو بموت أحد الشركاء أو الحجر عليه أو إعساره أو إفلاسه أو انسحابه ، أو بطلب أحد الشركاء حل الشركة ، ومتى يجوز فصل الشريك ومتى يجوز إخراج الشريك ومتى يجوز إخراج الشريك نفسه من الشركة .

وفي تصفية أموال الشركة ، بين من يقوم بالتصفية ، وحدد سلطة المصفي ، وذكر كيف تقسم أموال الشركة بين الشركاء بعد التصفية وسداد الديون . وأحال في قسمة الشركات على القواعد المتعلقة بقسمة المال الشائع .

170 - مزايا التقنين الجديد في عقد الشركة : وقد بينت المذكرة الإيضاحية للشرع التمهيدي مزايا التقنين الجديد في تنظيمه لعقد الشركة في عبارة مفصلة ، نكتفي هنا بنقلها :

 " حرص المشرع في عرضه لقواعد الشركة على أن يتبع ترتيباً أقرب إلى المنطق من الترتيب الذي جرى عليه التقنين الحالي ( السابق ) ، فهو يستعرض أحكامها في ستة أقسام تتناول الأحكام العامة وأركان عقد الشركة وإدارتها وآثارها فيما بين الشركاء وبالنسبة للغير ، وطرق انتهائها وأخيراً تصفيتها ثم قسمة الأموال . وقد وجد المشروع هنا أيضاً السبيل واسعاً إلى التنقيح ، فأضاف نصوصاً جديدة ، وحذف نصوصاً لا فائدة منها وعدل أحكاماً معيبة أو مهمة " .

 $ 242 $

 " أضاف نصوصاً جديدة في تقرير الشخصية القانونية للشركات وإجراءات نشرها ، ووجوب توفر الشكل الكتابي في عقد الشركة ، وحصة الشريك إذا لم تكن إلا عملاً أو ديوناً في ذمة الغير ، واحتساب الأغلبية العددية ، وتحديد حقوق الدائنين الشخصيين للشركاء ، كذلك فيما يتعلق بطرق انقضاء الشركة ، أضاف المشروع نصوصاً جديدة في امتداد الشركة وهلاك الشيء ، ووفاة أحد الشركاء أو انسحابه أو فصله . أما فيما يتعلق بتصفية الشركات وقسمتها ، فإن المشروع أدخل تجديداً هاماً ، فهو خلافاً للتقنين الحالي ( السابق ) - لا يعرض في باب الشركة إلا لتصفية الشركات وقسمة أموالها بين الشركاء . أما القواعد العامة للقسمة ، فقد أوردها في باب الملكية على الشيوع . وقد تكلم في تصفية الشركة على انتهاء سلطة المديرين ، وبقاء شخصية الشركة ، وتعيين المصفي وتحديد سلطانه وقسمة الصافي من أموال الشركة على الشركاء " .

 " وحذف نصوصاً لا تعدو أن تكون مجرد تطبيق للقواعد العامة ، دون أن تكون في ذكرها شاملة لكل أموال الشريك ( م 422 / 514 مدني سابق ) ، وزمان الوفاء بالحصة ( 423 / 515 مدني سابق ) ، وإحلال الشريك غيره محله في الشركة ( م 443 / 539 مدني سابق ) ، وعدم الإخلال بما هو منصوص عليه في قانون التجارة فيما يتعلق بمواد الشركات التجارية ( م 447 / 544 مدني سابق ) " .

 " وعدل أحكاماً معيبة ، وحدد أحكاماً مبهمة وأوجز في أحكام مسهبة . من ذلك تعريفه لعقد الشركة تعريفاً يبرز عناصرها وخصائصها الأساسية ، وتحديد لحصص الشركاء وافتراض تساويها في القيمة وعدم جواز اقتصارها على ما يكون للشركاء من نفوذ أو على ما يتمتعون به من ثقة مالية ، وإلزام الشريك الذي يقدم حصته مبلغاً من النقود من وقت $ 243 $ استحقاقه بحكم القانون ودون حاجة إلى إنذار وبالتعويض التكميلي عند الاقتضاء حتى لو كان حسن النية . ومن ذلك أيضاً ضمان الشريك لحصته إذا كانت مالا أو مجرد الانتفاع به ، ونصيب الشريك الذي يقدم حصته عملاً من أرباح الشركة ، وتحديد سلطات المديرين وحقوقهم ، وحقوق الشركاء غير المديرين ، وتحديد درجة العناية الواجب على الشريك بذلها في رعاية مصالح الشركة ، وبيان طرق انقضاء الشركة ، وتقييد سلطة المصفي في بيع موجودات الشركة " ( [418] ) .

171 - خطة البحث : وسنتتبع ترتيب التقنين المدني الجديد ، فنبحث عقد الشركة في فصول ثلاثة : الفصل الأول في أركان الشركة ، والفصل الثاني في أحكام الشركة ، فنتكلم في إدارتها وفي أثرها بالنسبة إلى الشركاء ، والفصل الثالث في انقضاء الشركة ، فنتكلم في أسباب الانقضاء وفي تصفية أموال الشركة .

 $ 244 $

 الفصل الأول

 أركان الشركة

172 - أركان ثلاثة الشخصية المعنوية :لعقد الشركة ،كما لسائر العقود ، أركان ثلاثة : التراضي والمحل والسبب .وتمتاز الشركة بأنها تعتبر ، بمجرد تكوينها وتوافر أركانها شخصاً معنوياً . فتتكلم في المسائل الآتية ( 1 ) التراضي في عقد الشركة ( 2 ) المحل والسبب في عقد الشركة ( 3 ) الشخصية المعنوية للشركة .

 الفرع الأول

 التراضي في عقد الشركة

173 - شروط الانقضاء وشروط الصحة : نتكلم في شروط الانعقاد في التراضي ، ثم في شروط صحة التراضي

 المبحث الأول

 شروط الانعقاد

174 - الموضوع : الشركة لا تنعقد إلا بتراضي الشركاء . ولا جديد يقال في التراضي من حيث الموضوع ، فلا بد من تراضي الشركاء على موضوع الشركة وحصة كل شريك ، وفقاً للقواعد العامة المقررة في نظرية العقد ( [419] ) .

 $ 246 $

175 - الشكل نص قانوني : أما من حيث الشكل ، فقد أصبح عقد الشركة في التقنين المدني الجديد عقداً شكلياً ، إذ يجب أن يكون مكتوباً وإلا كان باطلاً .وتنص المادة 507 من التقنين المدني الجديد في هذا الصدد على ما يأتي :

 " 1 - يجب أن يكون عقد الشركة مكتوباً وإلا كان باطلاً ، وكذلك يكون باطلاً كل ما يدخل على العقد من تعديلات دون أن تستوفي الشكل الذي أفرغ فيه ذلك العقد " .

 " 2 - غير أن هذا البطلان لا يجوز أن يحتج به الشركاء قبل الغير ، ولا يكون له أثر فيما بين الشركاء أنفسهم إلا من وقت أن يطلب الشريك الحكم بالبطلان " ( [420] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، فكان عقد الشركة في هذا التقنين عقداً رضائياً ينعقد بتطابق الإيجاب والقبول دون حاجة إلى ورقة مكتوبة ( [421] ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني $ 247 $ السوري م 475 - وفي التقنين المدني الليبي م 497 - 498 - وفي التقنين المدني العراقي م 628 - وفي التقنين الموجبات والعقود اللبناني م 848 ( [422] ) .

176 - لا تنعقد الشركة إلا بورقة مكتوبة : ويتبين من النص السالف الذكر أن الشركة لا تنعقد كما قدمنا ، إلا بورقة مكتوبة . وقد تكون هذه الورقة ورقة رسمية أو ورقة عرفية ، وقد كان المشروع التمهيدي يورد هذا التفصيل ( [423] ) ، فاكتفي في النص النهائي بذكر الورقة المكتوبة ، فإنه إذا جاز أن تنعقد الشركة بورقة عرفية فأولي أن تنعقد بورقة رسمية . وغير انه يلاحظ أن الشركاء إذا اختاروا أن يعقدوا الشركة بورقة رسمية ، وجب عليهم أن يلتزموا هذا الشكل في كل ما يدخلونه بعد ذلك على عقد $ 248 $ من تعديلات ، فيدونوا هذه التعديلات في ورقة رسمية أسوة بالعقد الأصلي . أما إذا اقتصروا في عقد الشركة على ورقة عرفية ، فإن ما يدخلونه من تعديلات بعد ذلك يكفي فيها ورقة عرفية كالعقد الأصلي . وفي هذا المعنى تقول العبارة الأخيرة من الفقرة الأولي من المادة 507 مدني : " وكذلك يكون باطلاً كل ما يدخل على العقد من تعديلات دون أن تستوفي الشكل الذي أفرع فيه ذلك العقد " .

177 - جزاء الإخلال بالشكل الواجب : فإذا لم يكن عقد الشركة الأصلي في ورقة مكتوبة ، أو لم تكن التعديلات التي يدخلها الشركاء بعد ذلك في الشكل ذاته الذي أفرغ فيه العقد الأصلي ، كانت الشركة أو التعديلات التالية باطلة . ولما كان البطلان هنا جزاء على الإخلال بالشكل ،وقد قدمنا أن القانون هو الذي يعين الجزاء على الإخلال بالشكل إذ الشكل من صنعه ، فقد يجعل العقد الذي لم يستوف الشكل المطلوب باطلاً لا تلحقه الإجازة وقد يسمح بإجازته ( [424] ) ، فإن المشرع هنا أورد تفصيلات هام فيمن يجوز له التمسك ببطلان الشركة لعدم استيفائها الشكل المطلوب .

ففيما بين الشركاء يبقي عقد الشركة غير المكتوب قائماً منتجاً لجميع آثاره ، ومنها إلزام الشركاء بتقديم حصصهم في الشركة واقتسام الربح والخسارة على الوجه المبين في العقد غير المكتوب ، وذلك إلى الوقت الذي يرفع فيه أحد الشركاء الدعوى ببطلان الشركة . فمن وقت المطالبة القضائية بالبطلان يصبح عقد الشركة باطلاً ، والحكم بالبطلان يستند إلى وقت رفع الدعوى البطلان ، مرحلة الصحة قبل رفع الدعوى ومرحلة البطلان $ 249 $ بعد رفعها . على أنه في المرحلة الأولي إذا اقتضى الأمر أن يثبت أحد الشركاء عقد الشركة في مواجهة شركائه ، وجب اتباع القواعد المدنية في الإثبات . فإذا زاد رأس مال الشركة على عشرة جنيهات ، وجب الإثبات بالكتابة أو بما يقوم مقامها أو بالإقرار أو باليمين . وإذا لم يزد رأس مال الشركة على عشرة جنيهات ، جاز الإثبات بجميع الطرق وتدخل في ذلك البينة والقرائن .

أما في حق الغير ، فللغير أن يحتج على الشركاء ببطلان الشركة لعدم استيفائها الشكل المطلوب ( [425] ) . فإذا طالبت الشركة أحد من تعامل معها ، جاز لهذا الغير أن يدفع المطالبة بأن الشركة باطلة وان التعاقد معها باطل ، ولا يرجع الشركاء على الغير في هذه الحالة إلا بما تقضي به القواعد العامة في العقد الباطل . ولكن يجوز للغير أن يغفل بطلان الشركة وان يتمسك بوجودها ، وفي هذه الحالة تعتبر الشركة صحيحة قائمة منتجة لآثارها فإذا كان الغير قد تعاقد مع الشركة وأراد أن يطالبها بالتزاماتها ، فلا يجوز للشركة أن تحتج عليه ببطلانها لعدم استيفائها الشكل المطلوب ( [426] ) وبأن التعاقد معه كان باطلاً لهذا السبب ، بل تلتزم الشركة بالوفاء بالتزاماتها نحو الغير على اعتبار انها شركة صحيحة قائمة . وللغير أن يثبت وجود الشركة بجميع طرق الإثبات ، وفيها البينة والقرائن ، حتى لو زاد راس مالها على عشرة جنيهات لأنه من الغير ( [427] ) .ويتبين من ذلك أن بطلان الشركة $ 250 $ لعدم استيفاء الشكل المطلوب يجوز أن يحتج به الغير قبل الشركة ولكن لا يجوز للشركة أن تحتج به قبل الغير ( [428] ) .

وقد نظم المشرع المصري تنظيماً تشريعياً ما يسميه الفقه الفرنسي بالشركات الواقعية ( societes de fait ) ، وهي شركات تكون باطلة ( [429] ) أو تكون قد انقضت وتبقي مع ذلك مباشرة لنشاطها ، أو شركات تقوم بالفعل دون عقد ما بين الشركاء فتكسب المظهر الخارجي للشركة فهذه كلها شركات لا وجود لها قانوناً ، ولكنها شركات واقعية ، ومن ثم تجب حماية حقوق الغير الذي يتعامل معها . فيجوز للغير ، بحسب مصلحته ، أما أن يتمسك ببطلان الشركة وإما أن يتمسك بقيامها على الوجه الذي أسلفناه فيما تقدم ( [430] ) .

 المبحث الثاني

 شروط الصحة

178 - الأهلية : يجب لصحة الشركة أن يكون الشريك أهلاً لإبرام عقد الشركة ، وأهلية الشركة هي أهلية الالتزام ( [431] ) ، فلا تكفي $ 251 $ أهلية الإدارة ، لأن الشريك يلتزم بعقد الشركة ويلتزم بديونها في حالة الخاص .

فالصبي غير المميز ، وعديم التمييز بوجه عام كالمجنون والمعتوه ، ليسو أهلا لأن يكونوا شركاء ويكون عقد الشركة في هذه الحالة باطلاً . ولكن يجوز للوالي أو الوصي أو القيم أن يشارك بمال المحجور ، ويكون ذلك من قبيل استثمار هذا المال ، ولكن يجب الحصول على إذن المحكمة وفقاً للقواعد المقررة في قانون الولاية على المال ( م 39 من هذا القانون ) .والصبي المميز والمحجور عليه لعته أو سفه لا يجوز لهما أن يكونا شركاء ، ولكن يكون للولي أو الوصي أو القيم استغلال مال المحجور في شركة على الوجه الذي قدمناه . ويستوي أن يكون الصبي المميز مأذوناً له في إدارة أمواله أو غير مأذون ، فهو في الحالتين لا يكون أهلاً لعقد الشركة ، لأنه يحصل بالأذن على أهلية الإدارة دون أهلية الالتزام ، وقد قدمنا أن الشريك يجب أن تتوافر فيه أهلية الالتزام . وإذا دخل ناقص عقد الشركة ، كان هذا العقد قابلا للإبطال لمصلحة ناقص الأهلية ، الأهلية في وترد عليه وفقاً للقواعد المقررة في قابلية العقد للإبطال ( [432] ) .

فيجب إذن لتوافر أهلية الشركة أن يكون الشريك قد بلغ سن الرشد ، فيصبح أهلاً للالتزام في ماله . ومتى بلغ الشخص سن الرشد كان أهلاً لعقد الشركة ، حتى لو كان الشريك الآخر زوجاً له ، فيجوز في القانون المصري الشركة ما بين الزوجين ، خلافاً للقانون الفرنسي حيث يحرم القضاء هذه الشركة ( [433] ) .

 $ 252 $

ويجوز للبالغ الرشيد التوكيل في إبرام عقد الشركة ، ولكن يجب أن يكون عقد الوكالة مكتوباً كعقد الشركة ذاته ، إذ يجب أن يتوافر في الوكالة الشكل الواجب توافره في التصرف القانوني الذي يكون محل الوكالة ( م 700 مدني ) . ولا بد أن تكن الوكالة خاصة ، ولا تكفي الوكالة العامة إذ الشركة ليست من أعمال الإدارة ( م 702 مدني ) .

179 - عيوب الرضاء :ورضاء الشريك يكون معيباً إذا شابه غلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال ، وتجري على عيوب الرضاء في عقد الشركة القواعد المقررة في عيوب الرضاء في نظرية العقد . فيكون عقد الشركة قابلاً للإبطال لمصلحة الشريك الذي شاب رضاءه عيب ، وله أن يجيز العقد وفقاً للقواعد المقررة في إجازة العقود القابلة للإبطال .

والغلط في شخصية الشركاء يعتبر غلطاً جوهرياً يجعل عقد الشركة قابلاً للإبطال ، ذلك أن الشركة عقد تدخل فيه الاعتبارات الشخصية بالنسبة إلى الشركاء . ولا يؤثر الغلط الذي يقع في تقدير قيمة الحصص أو في احتمالات نجاح الشركة في أعمالها ، فإن مثل هذا الغلط لا يكون في العادة غلطاً جوهرياً ( [434] ) .

 $ 253 $

ويشوب رضاء الشريك التدليس ، إذا جر الدخول في الشركة بطرق احتيالية لولاها لما كان يرضي بالدخول . مثل ذلك أن تقدم له ميزانية للشركة غير صحيحة ، أو أن تحاط الشركة بمظاهر كاذبة من النجاح في أعمالها ، أو أن يكتم عن الشريك عمداً ديون الشركة أو التزاماتها الهامة ، أو أن يوهم أحد الشركاء الآخرين في التوفر على أسباب من شأنها إنجاح أعمال الشركة ولا يكون هذا الشريك متوفراً على هذه الأسباب ( [435] ) .

 الفرع الثاني

 المحل والسبب في عقد الشركة

180 - تطبيق القواعد العامة : يجب أن يكون لعقد الشركة محل وسبب ، شأن الشركة في ذلك شأن أي عقد آخر . ويجب أن يكون المحل موجوداً أو ممكناً ، وان يكون معيناً أو قابلاً للتعيين ، وان يكون قابلاً للتعامل فيه وبخاصة أن يكون مشروعاً ، كما يجب أن يكون السبب مشروعاً .وليس في كل ذلك إلا تطبيق للقواعد العامة .

أما محل الشركة فهو رأس مالها مقسماً إلى حصص لكل شريك حصة . كذلك يكون محلاً للشركة الأعمال التي تقوم بها لاستغلال رأس المال . فيجب أن تتوافر شروط المحل التي قدمناها في كل ذلك ، فإذا تخلف شرط منها كانت الشركة باطلة ( [436] ) .

 $ 254 $

ويترتب على ذلك أن الشركة تكون باطلة إذا كانت حصص الشركاء مالا لا يجوز التعامل فيه ( [437] ) . وتكون باطلة أيضاً إذا كانت الأعمال التي تباشرها الشركة طبقاً لعقد تأسيسها أعمالاً غير مشروعة ، كتهريب الممنوعات ،أو الاتجار في الحشيش أو المخدرات ، أو إدارة محل للعهارة ، أو إدارة للمقامرة ، أو بيع سلع غير مرخص في تداولها ، أو تزييف الأوراق والمستندات لتخفيض الضرائب المستحقة ، أو التعامل بالربا الفاحش ، أو الاتجار بالرقيق ، أو نشر كتب أو صور مخلة بالحياء ، أو توزيع أوراق نصيب دون رخصة ، أو الحصول على أوسمة أو وظائف من الدولة مقابل مبالغ تدفع للشركة ( [438] ) .

وكذلك يكون سبب عقد الشركة غير مشروع ، فتكون الشركة باطلة ، إذا كان الباعث على العقد غير مشروع مثل ذلك أن تكون أعمال الشركة منحصرة في سلعة معينة بغرض الحصول على أكبر الكميات منها لاحتكار السلعة وإعلاء سعرها استغلالا لهذا الاحتكار ، أو أن يكون الغرض من الأعمال التي تقوم بها الشركة المضاربة غير المشروعة .

وبطلان الشركة في الأحوال المتقدمة هو بطلان مطلق ، يجوز لكل ذي مصلحة التمسك به ، ويحكم به القاضي من تلقاء نفسه ، ولا تلحقه الإجازة ، ولا يسرى في حقه التقادم ، وذلك كله طبقاً للقواعد العامة المقررة في البطلان المطلق .

فإذا كانت الشركة الباطلة لم تبدأ مباشرة أعمالها ، جاز لكل شريك $ 255 $ أن يتمسك ببطلانها ، وان يسترد حصته في رأس المال التي يكون قد دفعها للشركة ، ولا يستطيع أحد من الشركاء أن يلزم الباقي بالاستمرار في الشركة .

أما إذا كانت الشركة الباطلة قد باشرت أعمالها ، فجنت ربحاً أو تكبدت خسارة ، فإنها تبقي باطلة بالرغم من ذلك .ويكون لكل شريك أن يسترد حصته من رأس المال على الوجه الذي بيناه فيما تقدم . أما فيما يتعلق بتقسيم الربح والخسارة على الشركاء ، فالفقه في فرنسا منقسم وكذلك القضاء فتذهب أقلية من الفقهاء وأقلية من قضاة المحاكم إلى أن الشريك يقتصر على استرداد حصته من رأس المال دون أن يساهم لا في الربح ولا في الخسارة ، والشريك أو الشركاء الذين تركز في يدهم الربح أو تحملوه الخسارة يخلص لهم الربح أو يتحملون الخسارة وحدهم دون أن يشاركهم في ذلك غيرهم من الشركاء ( [439] ) . ولكن الرأي الذي تغلب في الفقه والقضاء في فرنسا هو أن جميع الشركاء يساهمون في الربح وفي الخسارة ، حتى لايثري أحد من الشركاء دون حق على حساب الآخرين . والقاضي يوزع بينهم الربح والخسارة بحسب ما يراه عادلاً ، فقد يكون التوزيع بنسبة حصة كل منهم في رأس المال ، وقد يكون بالنسبة المتفق عليها في عقد تأسيس الشركة الباطلة وعند ذلك لا يكون القاضي قد طبق هذه النسبة باعتبارها من اتفاق الشركاء بل باعتبار أن هذه النسبة هي التي يراها عادلة ( [440] ) . أما العقود التي أبرمتها الشركة الباطلة مع الغير ، إذا كانت $ 256 $ صحيحة ، فإنها تلزم جميع الشركاء ، ولكن لا يتقدم الدائنون في هذه العقود على الدائنين الشخصيين للشركاء ( [441] ) .

وقد كان القضاء في مصر في عهد التقنين المدني السابق يسير على الرأي الغالب في الفقه والقضاء في فرنسا ( [442] ) .وفي عهد التقنين المدني الجديد يمكن القول بأن هذا الرأي قد ازداد قوة ، فإن هذا التقنين ، في المادة 507 / 2 كما رأينا ، نص صراحة فيما إذا كان البطلان راجعاً إلى الإخلال بالشكل على ما يأتي : " غير أن هذا البطلان لا يجوز أن يحتج به الشركاء قبل الغير ، ولا يكون له أثر فيما بين الشركاء أنفسهم إلا من وقت أن يطلب الشريك الحكم بالبطلان " . وإذا كان البطلان للشكل لا يقاس عليه البطلان بعدم المشروعية لأن القانون هو الذي فرض الشكل وعين الجزاء على الإخلال به ، إلا أنه يصح القول بأن نظرية الشركة الواقعية ( socitee de fait ) هي الأساس في كل شركة باطلة ، سواء كان البطلان راجعاً لخلل في الشكل أو خلل في الموضوع ( [443] ) . ففي جميع الأحوال تنقلب الشركة الباطلة إلى شركة واقعية ، يستلهم القاضي في تصفيتها الشروط $ 257 $ المدونة في عقد الشركة ، لا على أنها اتفاق بين الشركاء ، بل على أنها تملي حلولاً عادلة لتصفية الشركة ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( [444] ) .

وتقتصر الآن بعد ما قدمناه على الكلام ، في مناسبة محل الشركة ، في الحصص التي يتقدم بها الشركاء لتكوين رأس مال الشركة ، وكيف يتعين نصيب كل شريك في الربح أو في الخسارة .

 المبحث الأول

 حصة الشريك في رأس المال الشركة

181 - جواز اختلاف حصص الشركاء في طبيعتها وتفاوتها في قيمتها نص قانوني : قدمنا أن كل شريك يجب أن يساهم بحصة في رأس مال الشركة ( [445] ) ، وأن هذه الحصة قد تكون نقوداً أو أورقاً مالية أو منقولات أو عقارات أو حق انتفاع أو ديناً في ذمة الغير أو اسماً تجارياً أو شهادة اختراع أو عملاً أو غير ذلك مما يصلح أن يكون محلاً للالتزام ( [446] ) .

وليس في هذا إلا تطبيق للقواعد العامة ، وقد كان التقنين المدني السابق ينص عليه صراحة في المادة 420 / 512 فيقول : " يجوز أن تكون الحصة في رأس المال نقوداً أو أورقاَ ذات قيمة أو منقولات أو عقارات $ 258 $ أو حق انتفاع بشيء مما ذكر ، ويجوز أن تكون عبارة عن عمل لواحد من الشركاء أو أكثر " .

وليس من الضروري أن تكون حصص الشركاء متجانسة في طبيعتها أو متساوية في قيمتها ، بل يصح أن يقدم أحد الشركاء مبلغاً من النقود ويقدم الآخر أوراقاً مالية ويقدم الثالث عقاراً ويقدم الرابع عملاً وهكذا ، وتكون قيمة كل حصة لا تعادل قيم الحصص الأخرى .

وتقدر حصة كل شريك بما تساويه قيمتها .وتعيين قيمة حصة كل شريك أمر هام في عقد الشركة ، إذا كثيراً ما يتوقف على هذه القيمة معرفة نصيب الشريك في الربح وفي الخسارة ، ثم معرقة ما يصيب الشريك من رأس مال الشركة عند تصفيتها . ومن ثم وضع المشروع قرينة قانونية في حالة ما إذا لم ينص عقد الشركة على تقدير حصص الشركاء ولا على طبيعة الحصة ، فافترض أن الحصص جميعاً متساوية القيمة وأنها واردة على ملكية المال لا على مجرد الانتفاع به . فنصت المادة 508 من التقنين المدني على ما يأتي : " تعتبر حصص الشركاء متساوية القيمة ، وأنها واردة على ملكية المال لا على مجرد الانتفاع به ، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك " ( [447] ) ونقتصر هنا على إيراد ما جاء بالمذكرة الإيضاحية $ 259 $ للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص ، فهو " يقرر حكمين : ( أ ) افتراض المساواة في قيمة الحصص ، لأن توزيع الأرباح والخسائر يكون ، كما سنرى ، بنسبة الحصص ، وذلك يتطلب معرفة قيمتها . ولا يقوم أي إشكال إذا كانت الحصص عبارة عن مبالغ أو أموال يسهل تقدير قيمتها .لكن يصعب الأمر إذا كانت الحصة عبارة عن عمل أو كانت مالا لا يمكن تقدير قيمته إلا بعد مضى مدة ما . وما دام العقد لم يذكر شيئاً ، وما دام هناك شك ، فيجب أن نفترض تساوى الحصص في القيمة ( [448] ) . على أن هذه القرينة تقبل الإثبات العكسي طبقاً للقواعد العامة .

( ب ) افتراض أن الحصة واردة على المال لا على مجرد الانتفاع به : إذا $ 260 $ لم يذكر في عقد الشركة أن الحصة واردة على ملكية المال أو أنها واردة على مجرد الانتفاع به ، ولم يمكن تبين ذلك من أي ظرف آخر ، فيجب ما دام هناك شك أن نفترض أن الحصة واردة على ملكية المال لا على مجرد الانتفاع به . ولكن القرينة أيضاً يجوز إثبات عكسها . والتقنين الحالي ( السابق ) يأخذ بهذا الحكم في المادة 421 / 513 " ( [449] ) .

فإذا ذكر في عقد تأسيس الشركة بيان عن حصة كل شريك وعن قيمة هذه الحصة ، وجب الأخذ بذلك .وقد قدمنا أنه يجوز أن تختلف طبيعة كل حصة عن طبيعة الحصص الأخرى .وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " يجوز أن تكون الحصة عملاً يقوم به الشريك أو مالا يقدمه . والمقصود بالعمل هو المجهود الشخصي للشريك تنتفع به الشركة . أما المال فهو بمعناه القانوني كل عنصر في الذمة يقتطعه الشريك من ماله الخاص ويدخل في رأس المال المشترك المملوك للشركة . فهو يشمل إذن الأموال المادية ، منقولة أو عقارية ، ثم الأموال المعنوية كالحقوق الشخصية ومحل التجارة والملكية الأدبية وحقوق المؤلفين وشهادات الاختراع . كذلك يجوز أن تكون الحصة ملكية مال أو مجرد الانتفاع به " . ( [450] ) .

فيتمكن إذن أن تكون حصة الشريك مبلغاً من النقود ، وهذا هو الغالب . كذلك يجوز أن تكون حصة الشريك عيناً معينة بالذات أو حقاً عينياً على هذه العين ، كما يجوز أن تكون حقاً شخصياً في ذمة الغير ، أو حقاً من حقوق الملكية المعنوية كملكية فنية أو صناعية أو تجارية أو أدبية ، أو التزاماً يعمل . ونستعرض كلا من هذه الأنواع الخمسة .

182 - الحصة مبلغ من النقود نص قانوني : تنص المادة 510 $ 261 $ من التقنين المدني على ما يأتي : " إذا تعهد الشريك بأن يقدم حصته في الشركة مبلغاً من النقود ولم يقدم هذا المبلغ لزمته فوائده من وقت استحقاقه من غير حاجة إلى مطالبة قضائية أو إعذار ، وذلك دون إخلال بما قد يستحق من تعويض تكميلي عند الاقتضاء " ( [451] ) . ويتبين من هذا النص أنه إذا كانت حصة الشريك مبلغاً من النقود ، $ 262 $ فإن الشريك بمجرد تمام عقد الشركة يصبح ملتزماً نحوها وسنرى أن الشركة شخص معنوي - بمقدار هذا المبلغ ( [452] ) .وتسري القواعد العامة في شأن هذا الالتزام من حيث وجوب الوفاء به ، وكيفية الوفاء ، والزمان والمكان الذين يتم فيهما الوفاء .فإذا لم يحدد في عقد الشركة أو في اتفاق آخر ميعاد الوفاء بالالتزام ، وجب على الشريك الوفاء به للشركة فوراً بمجرد تمام العقد ، وإذا تحدد ميعاد للوفاء وجب الوفاء في هذا الميعاد . فإذا لم يوف الشريك بالتزامه في ميعاده ولم يقدم المبلغ من نقود الذي التزم بتقديمه حصة له في رأس المال ، أجبر على الوفاء به وفقاً للقواعد العامة المقررة في هذا الشأن ، ويكون ذلك بطريق الحجز على ماله وبيعه لتقضي الشركة منه المبلغ المستحق لها . ويكون الشريك فوق ذلك ملزماً بدفع فوائد تأخير عن هذا المبلغ بالسعر المتفق عليه ، فإذا لم يكن هناك اتفاق على السعر وجبت الفوائد بالسعر القانوني وهو في الشركة المدنية 4% .

وقد قررت المادة 510 مدني السالفة الذكر في صدد فوائد التأخير هذه استثناءين من القواعد العامة :

أولاً تسرى فوائد التأخير من اليوم الذي كان يجب فيه على الشريك الوفاء بالمبلغ المستحق في ذمته ، دون حاجة إلى مطالبة قضائية أو إعذار ، وقد كانت القواعد العامة تقضى بأن تسرى الفوائد من وقت مطالبة الشركة للشريك بحصته وبفوائدها مطالبة قضائية ( [453] ) .

 $ 263 $

ثانياً يجوز للشركة ، فوق مطالبة الشريك بفوائد التأخير على النحو المتقدم الذكر ، أن تطالبه أيضاً بتعويض تكميلي إذا أثبتت أن ضرراً لحقها بسبب تأخر الشريك عن الوفاء بالتزامه وان هذا الضرر يزيد في قيمته على فوائد التأخير . وقد كانت القواعد العامة تقضي بأن الشريك لا يلتزم بدفع تعويض تكميلي إلا إذا ثبت أنه سيء النية في تأخره عن الوفاء ( م 231 مدني ) . وهذا الحكم الخاص بالشركة يبرره كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي " أن مجرد الإهمال من جانب الشريك قد يضر بحسن سير الشركة التي يجب أن تتوافر لها من وقت قيامها كل الأموال اللازمة " ( [454] ) .

183 - الحصة عين معينة بالذات نص قانوني : تنص الفقرة الأولي من المادة 511 من التقنين المدني على ما يأتي : " إذا كانت حصة الشريك حق ملكية أو حق منفعة أو أي حق عيني آخر ، فإن أحكام البيع هي التي تسري في ضمان الحصة إذا هلكت أو استحقت أو ظهر فيها عيب أو نقص " ( [455] ) .

 $ 264 $ ويتبين من هذا النص أن حصة الشريك قد تكون عيناً معينة بالذات ، عقاراً أو منقولاً ، وفي الفرضين قد تكون الحصة هي حق الملكية على هذه العين ، أو أي حق عيني آخر غير الملكية كحق الانتفاع أو حق الرقبة أو حق الحكر . فيكون الشريك في جميع الأحوال ملتزماً بمجرد عقد الشركة بنقل ملكية أو الحق العيني إلى الشركة ( [456] ) كما يلتزم البائع بنقل الحق المبيع إلى المشتري .

 $ 265 $

فإذا كانت الحصة عقاراً ، ملكية أو أي حق عيني آخر على العقار ، لا ينتقل الحق إلى الشركة إلا بالتسجيل ، سواء كان ذلك فيما بين الشريك والشركة أو بالنسبة إلى الغير وتسري قواعد التسجيل التي فصلناها عند الكلام في نقل ملكية العقار المبيع ، إذا الشركة تعتبر في هذه الحالة عقداً ناقلاً للملكية ، فتدخل ضمن العقود التي يجب تسجيلها .

وإذا كانت الحصة منقولاً معيناً بالذات ( [457] ) ، ملكية أو أي حق عيني آخر على المنقول ، فإن الشريك يصبح بمجرد عقد الشركة هنا أيضاً ملتزماً بنقل هذا الحق إلى الشركة ، وينفذ هذا الالتزام فوراً بحكم القانون ، فيصبح الحق مملوكاً للشركة بمجرد عقد تأسيسها ، وذلك قبل التسليم . وليس في كل ذلك إلا تطبيق للقواعد العامة ( م 304 مدني ) .

وسواء كانت الحصة عقاراً أو منقولاً ، ملكية أو أي حق عيني آخر ، فإن الشريك يلتزم بتسليمها إلى الشركة ( [458] ) ، وتسري في التسليم القواعد المقررة في تسليم المبيع ، من حيث الحالة التي يكون عليها الحق وقت التسليم وطرق التسليم والعجز في المقدار ( [459] ) والزمان والمكان اللذين يتم فيهما التسليم وغير ذلك من القواعد التي سبق ذكرها عند الكلام في البيع . كذلك تكون $ 266 $ تبعة هلاك الحصة قبل التسليم على الشريك كما في البيع ، فإذا هلكت الحصة قبل تسليمها للشركة تحمل الشريك تبعة الهلاك ، وله بالاتفاق مع سائر الشركات أن يقدم حصة أخرى في رأس المال فيبقي في الشركة . وإذا لم يتم الاتفاق بين الشركاء على تقديم الشريك حصة أخرى ، أصبحت الشركة منحلة في حق جميع الشركاء ، وتقول الفقرة الثانية من المادة 527 مدني في هذا الصدد : " وإذا كان أحد الشركاء قد تعهد بأن يقدم حصته شيئاً معيناًُ بالذات وهلك هذا الشيء قبل تقديمه ، أصبحت الشركة منحلة في حق جميع الشركاء " وسنعود إلى ذلك فيما يلي ( [460] ) .

وكما يلتزم الشريك بتسليم حصته إلى الشركة وبتحمل تبعة الهلاك ، كذلك يلتزم بضمان التعرض والاستحقاق وبضمان العيوب الخفية ، على النحو الذي يلتزم به البائع بضمان التعرض والاستحقاق وبضمان العيوب الخفية في الشيء المبيع ( [461] ) ، وقد تقدم ذكر ذلك تفصيلاً في البيع ( [462] ) .

 $ 267 $

184 - الحصة حق شخصي في ذمة الغير نص قانوني : تنص المادة 513 من التقنين المدني على ما يأتي : " إذا كانت الحصة التي قدمها الشريك هي ديون في ذمة الغير ، فلا ينقضي التزامه للشركة إلا إذا استوفيت هذه الديون ، ويكون الشريك فوق ذلك مسئولاً عن تعويض الضرر إذا لم توف الديون عند حلول أجلها " ( [463] ) .

ويتبين من هذا النص أن حصة الشريك قد تكون حقاً شخصياً له في ذمة الغير .ولما كان الشريك في هذه الحالة ينقل الحق الذي له إلى الشركة عن طريق حوالة الحق ، فإن القواعد والإجراءات المقررة في حوالة تسري هنا ( [464] ) . ويسري بوجه خاص وجوب الحصول على $ 268 $ رضاء مدين الشريك بالحوالة أو إعلانه بها حتى تكون الحوالة نافذة في حق المدين ، كما يجب أن يكون قبول المدين بالحوالة ثابت التاريخ لنفاذ الحوالة في حق الغير ( م 305 مدني ) . وللشركة قبل إعلان الحوالة للمدين أو قبولها منه أن تتخذ من الإجراءات ما تحافظ به على الحق الذي انتقل إليها ( م 306 مدني ) ، وتشمل حوالة حق الشريك ضمانات هذا الحق كالكفالة والامتياز والرهن ، كما تعتبر شاملة لما حل من فوائد وأقساط ( م 307 مدني ) .ويكون الشريك مسئولاً عن أفعاله الشخصية ولو اشترط عدم الضمان ( م 311 مدني ) .

غير أن نص المادة 513 مدني السالف الذكر يورد استثناء من القواعد العامة المقررة في حوالة الحق ، في صدد ضمان الشريك للحق الذي قدمه حصة في رأس المال . ذلك أنه طبقاً لهذه القواعد العامة ، إذا كانت الحوالة بعوض لم يضمن المحيل إلا وجود الحق المحال به وقت الحوالة ، فلا يضمن يسار المدين إلا إذا وجد اتفاق خاص على هذا الضمان . وإذا ضمن يسار المدين لم ينصرف هذا الضمان إلا إلى اليسار وقت الحوالة ، ما لم يتفق على غير ذلك . وإذا رجع المحال له بالضمان على المحيل ، لم يلزم المحيل إلا برد ما استولي عليه من الفوائد والمصروفات ولو وجد اتفاق يقضي بغير ذلك ( [465] ) . أما في حالة ضمان الشريك للحق الذي قدمه حصة في رأس المال الشركة ، فإن الضمان أشد بكثير من الضمان المتقدم الذكر . إذ الشريك يعتبر ، دون اتفاق ، ضامناً ليسار المدين في الحال والاستقبال ، فإذا لم يستوف الشركة الحق الذي للشريك في ذمة الغير في ذمة ميعاد استحقاقه ، رجعت على هذا الشريك بكل قيمة هذا الحق ، $ 269 $ بل وترجع عليه أيضاً بتعويض تكملي إذا أثبت أنها قد أصابها ضرر بسبب التأخر في استيفاء الحق . ويبرر هذا الحكم أن الشركة تكون قد اعتمدت على تكوين رأس مالها بمجرد تمام عقد تأسيسها ، فإذا وقع تأخر في استيفاء الحق الذي للشريك نقص رأس المال بمقدار هذا الحق ، وقد يكون ذلك سبباً في تعطيل أعمال الشركة وتكبدها خسائر من جراء ذلك . وغنى عن البيان أن هذا الحكم ليس من النظام العام ، فيجوز اتفاق الشريك مع سائر الشركاء على إلا يضمن إلا وجود الحق المحال به أو ألا يضمن إلا يسار المدين في الحال دون الاستقبال ( [466] ) .

185 - الحصة ملكية فنية أو صناعية أو أدبية نص قانوني : وقد تكون حصة الشريك ملكية فنية أو صناعية أو أدبية ( [467] ) .فيقدم الشريك مثلاً براءة اختراع ، أو اسماً تجارياً ، أو علامة تجارية ، أو حقاً من حقوق المؤلف المختلفة كحق في كتاب أو في قطعة موسيقية أو في عمل من الأعمال الفنية . ففي هذه الحالة تسرى القواعد المقررة في شأن هذه الحقوق المعنوية ، وهي قواعد صدرت بها قوانين خاصة . فتنتقل ملكية $ 270 $ الحق المعنوي إلى الشركة ، ويتحدد مدى هذا الحق ، طبقاً للإجراءات والقواعد المقررة في هذه القوانين .

على أنه يجب أن تكون الحصة في هذه الحالة حقاً معنوياً تحدد مداه طبقاً للقانون . أما مجرد ما يكون الشريك من نفوذ أو يتمتع به من ثقة مالية ، فلا يصح أن يقدمه حصة في رأس المال . وقد اختلف الفقه في فرنسا في جواز ذلك ( [468] ) ، فذهب بعض الفقهاء إلى الجواز لأن النفوذ أو الثقة المالية ييسر للشركة وسائل الائتمان فتستطيع الحصول على قروض ، ولذلك قيمة مالية محسوسة ( [469] ) . وذهب بعض آخر إلى عدم جواز ذلك ، لأن النفوذ والثقة المالية ليس بمال فلا يصح أن يكون حصة في الشركة ولأنه قد يساء استعمال النفوذ أو الثقة المالية إلى حد الاستغلال ( [470] ) . وقد حسم التقنين المدني الجديد هذا الخلاف بنص صريح يقضى بعدم جواز تقديم الشريك ما يكون له من نفوذ أو ما يتمتع به من ثقة مالية حصة في رأس المال الشركة ، فقد نصت المادة 509 من هذا التقنين على ما يأتي : " لا يجوز أن تقتصر حصة الشريك على ما يكون له من نفوذ أو على ما يتمتع به من ثقة مالية " ( [471] ) . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا $ 271 $ الصدد : " وقد قصد المشروع أن يقطع برأي في خلاف قائم في الفقه والقضاء ، لأنه إذا كان من المجمع عليه أن النفوذ الذي يتمتع به رجل سياسي أو موظف عمومي لا يعتبر حصة ، إلا أن هناك من الفقهاء من يري أن السمعة التجارية التي يتمتع بها شخص ما تعتبر حصة ، ويجوز قبولها منه كنصيب في رأس المال الشركة بغض النظر عن أية مساهمة عينية ، بل حتى إذا لم يتعهد هذا الشخص بأن يقدم عمله للشركة : تالير وبيك شرح القانون التجاري سنة 1925 جزء أول رقم 21 - بلانيول وريبير جزء 2 رقم 1008 - انظر أيضاً تقنين طنجه م 841 والتقنين المراكشي م 990 . على أننا نرى أن الحصة لا يمكن أن تكون إلا مالا أو عملاً . وإذا كانت السمعة التجارية هي ثمرة العمل والنزاهة ، فإنها مع ذلك ليست بمال ، فهي لا يمكن تقديرها نقداً وليست قابلة للتملك ، ولا تعتبر حصة إلا إذا انضم إليها مجهود الشخص ونشاطه : أو بري ورو 4 فقرة 377 - لوران جزء 26 رقم 145 " ( [472] ) .

186 - الحصة التزام بعمل - نصوص قانونية : وقد تكون حصة الشريك التزاماً بعمل ، وهذا الالتزام على نوعين ، فهو إما أن يكون $ 272 $ التزاماً بتمكين الشركة من الانتفاع بعين معينة ، وإما أن يكون التزاماً بالقيام بخدمات معينة تدخل ضمن أعمال الشركة . ففي الالتزام بتمكين الشركة من الانتفاع بعين معينة تنص الفقرة الثانية من المادة 511 من التقنين المدني على ما يأتي : " أما إذا كانت الحصة مجرد الانتفاع بالمال ، فإن أحكام الإيجار هي التي تسري في ذلك ( [473] ) . ويتبين من هذا النص أن حصة الشريك تكون التزاماً منه بتمكين الشركة من الانتفاع مثلاً بمكان الشريك وتجعله الشركة مقراً لأعمالها ( [474] ) . ففي هذه الحالة يبقي الشريك مالكاً للمكان ، وتكون الشركة $ 273 $ بمنزلة المستأجر لهذا المكان ، وتقوم العلاقة ما بين الشريك والشركة بالنسبة إلى المكان كما لو هناك عقد إيجار . فيلتزم الشريك بتسليم المكان إلى الشركة ، ويضمن لها التعرض والاستحقاق والعيوب الخفية ويتحمل تبعة الهلاك . وليس على الشركة أن تدفع أجره للمكان ، فإن انتفاعها به هو حصة الشريك في الشركة وهي تملك هذه الحصة ، ولكن على الشركة أن ترد المكان إلى الشريك في نهاية المدة . ويلاحظ في العقار ، إذا كانت المدة تزيد على تسع سنوات ، أنه يجب التسجيل طبقاً للقواعد المقررة في عقد الإيجار ( [475] ) .

وفي الالتزام بالقيام بخدمات معينة تدخل ضمن أعمال الشركة تنص المادة 512 من التقنين المدني على ما يأتي : " 1 - إذا تعهد الشريك بأن يقدم حصته في الشركة عملاً ، وجب عليه أن يقوم بالخدمات التي تعهد بها ، وان يقدم حساباً عما يكون كسبه من وقت قيام الشركة بمزاولته العمل الذي قدمه حصة له .

2 - على أنه لا يكون ملزماً بأن يقدم للشركة ما يكون قد حصل عليه من حق اختراع ، إلا إذا وجد اتفاق يقضي بغير ذلك " ( [476] ) . ويتبين من هذا النص أن الشريك قد تكون حصته في $ 274 $ رأس مال هي التزامه بالقيام بأعمال تعود على الشركة بالفائدة ، وهذه الأعمال لها قيمة مادية فيصح أن تكون حصة في رأس المال . مثل ذلك أن تكون الشركة تستغل مصنعاً ،ويكون أحد الشركاء مهندساً تدخل أعمال المصنع في اختصاصه الفني ، فيتقدم بعمله شريكاً .ويصح أن يكون للشركة فرع في جهة غير مقرها الأصلي ، فيقوم الشريك بإدارة هذا الفرع ، أو يقوم بالأعمال الفنية لهذا الفرع ، ويكون عمله في الحالتين هو حصته في رأس المال . كما يجوز أن يكون مدير الشركة الفني شريكاً ، وحصته في الشركة هي الإدارة الفنية التي يقوم بها ( [477] ) . ويلتزم $ 275 $ في جميع الأحوال بأن يقوم بالأعمال التي أخذها على نفسه في عقد تأسيس الشركة كحصته في رأس المال بالعناية المألوفة التي يبذلها الرجل العادي في مثل هذه الأعمال ، ويكون مسئولاً عن تقصيره وفقاً للقواعد العامة ( [478] ) . وإذا كان مشترطاً عليه أن يتفرغ لهذه الأعمال ، لم يجز له أن يباشر عملاً آخر إلى جانبها . وإذا كان له أن يقوم بعمل آخر ، لم يجز أن يكون هذا العمل من شأنه أن ينافس الشركة بحيث يضر بها . وإذا قام بالأعمال التي تعهد بها وكسب أجراً عليها من الغير ، وجب عليه أن يقدم للشركة حساباً عن هذا الأجر فهو من حق الشركة . وقد حرص المشرع أن يبين أن الشريك إذا كان أثناء قيامه بأعمال فنية للشركة كحصته في رأس المال قد عثر على اختراع وكسب بذلك حق المخترع ، فإن هذا الحق لا يدخل في الحصة ، بل يكون ملكاً خالصاً له ، وذلك ما لم تكن الشركة قد اشترطت عليه من قبل أن يدخل هذا الحق في حصته فتكسب الشركة بهذا الاتفاق حق الشريك في الاختراع ( [479] ) . ويلاحظ أنه يجب التمييز بين شريك يقدم حصته في رأس المال الشركة عملاً ، وبين عامل أو أجير للشركة يأخذ جزءاً من أجره مقداراً من أرباح الشركة . ففي الحالة الأولي يساهم الشريك في أرباح الشركة وفي خسائرها ، فإذا خسرت $ 276 $ الشركة كانت مساهمته في الخسارة عمله الذي قدمه للشركة إذ لا يأخذ عليه أجراً ( انظر م 515 / 2 مدني وسيأتي بيانها ( [480] ) ) ، أما في الحالة الثانية فالعامل أو الأجير يساهم في الربح دون أن يساهم في الخسارة ، إذ أن عمله في الشركة له دائماً أجر معلوم ، وقد سبق بيان ذلك ( [481] ) .

 المبحث الثاني

 كيف يتعين نصيب كل شريك

 في الربح أو في الخسارة

 187 - النصوص القانونية : تنص المادة 514 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - إذا لم يعين عقد الشركة نصيب كل من الشركاء في الأرباح والخسارة ، كان نصيب كل منهم في ذلك بنسبة حصته في رأس المال " .

 " 2 - فإذا اقتصر العقد على تعيين نصيب الشركاء في الربح ، وجب اعتبار هذا النصيب في الخسارة أيضاً ، وكذلك الحال إذا اقتصر العقد على تعيين النصيب في الخسارة " .

 " 3 - وإذا كانت حصة أحد الشركاء على عمله ، وجب أن يقدر نصيبه في الربح والخسارة تبعاً لما تفيده الشركة من هذا العمل . فإذا قدم فوق عمله نقوداً أو أي شيء آخر ، كان نصيب عن العمل وآخر عما قدمه فوقه " .

وتنص المادة 515 على ما يأتي :

 " 1 - إذا اتفق على أن أحد الشركاء لا يساهم في أرباح الشركة أو في خسائرها ، كان عقد الشركة باطلاً " .

 " 2 - ويجوز الاتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم غير عمله من المساهمة في الخسائر ، بشرط إلا يكون قد تقرر له أجر على عمله " ( [482] ) .

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المواد 430 - 434% 523 - 530 ( [483] ) .

 $ 278 $

وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 482 - 483 - وفي التقنين المدني الليبي م 505 - 506 - وفي التقنين المدني العراقي م 634 635 وفي التقنين الموجبات والعقود اللبناني م 894 - 896 ( [484] ) .

 $ 279 $

188 - التمييز بين فرضين :ويتبين من النصوص المتقدمة الذكر أنه يجب التمييز بين فرضين : أولاً إذا نص عقد الشركة على تعيين نصيب كل شريك في الربح والخسارة . ثانياً إذا لم ينص العقد على ذلك .

وقبل أن نستعرض كلا من الفرضين تحسن الإشارة إلى أن توزيع الربح والخسارة بين الشركاء إذا لم يقع وقت قيام الشركة ، فإنه يقع حتما عند انحلال الشركة حيث يتبين ما إذا كان هناك ربح أو خسارة فيوزع ذلك أو هذه الشركاء . على أنه جرت العادة بأن تعد ميزانية سنوية للشركة أثناء قيامها ، وما ينتج من ربح في العام يوزع بين الشركاء ( [485] ) .

 $ 280 $

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " من أولي حقوق الشريك حقه في المطالبة بنصيب في الربح الصافي للشركة . ولكن متى يجوز للشريك أن يطالب بحقه في الربح يقرر الشركاء عادة عند انحلال الشركة ما إذا كان هناك ربح أو خسارة ، ثم يحصل التوزيع : انظر م 564 فقرة أولي من التقنين البولوني . على أنه جرت العادة أيضاً بأن تعمل ميزانية سنوية للشركة ، وما ينتج من ربح يوزع على الشركاء . وقد أقر التقنين البولوني ( م 564 / 2 ) هذه العادة . على أن الأمر يتعلق بعرف ثابت مستقر جرى العمل على اتباعه حتى لو لم يذكر شيء في نظم الشركة ، ولذلك لم نر حاجة النص عليه . كذلك بالنسبة للخسائر تقضي القواعد العامة بداهة بأنها توزع على الشركاء عند انحلال الشركة ، كما لا يقسم أي ربح إلا بعد تغطية الخسائر " ( [486] ) .

أولاً عقد الشركة ينص على تعيين نصيب كل شريك في الربح والخسارة

189 - تعيين النصيب في كل من الربح والخسارة : يعين عقد الشركة عادة نصيب كل شريك في أرباح الشركة وفي خسائرها ، وعند ذلك توزع الأرباح والخسائر على الشركاء طبقاً لما تعين من ذلك في عقد الشركة . وليس من الضروري أن يتعين نصيب الشريك في الربح معادلا لنصيبه في الخسارة ، فقد يكون نصيب أحد الشركاء في الخسارة أكبر $ 281 $ من نصيبه في الربح إذا كان مثلاً مديراً للشركة ، أو العكس . كذلك ليس من الضروري أن يكون نصيب الشريك في الربح أو في الخسارة متناسباً مع قيمة حصته في رأس المال أو متناسباً مع ما تفيده الشركة من هذه الحصة إذا كانت عملاً ، بل يجوز أن يزيد النصيب أو ينقص علن ذلك ( [487] ) . وفي هذه الحالة قد ينطوي عقد الشركة على هبة غير مباشرة للشريك الذي زاد نصيبه في الربح أو نقص نصيبه في الخسارة ، وتكون الهبة صحيحة دون حاجة إلى ورقة رسمية لأنها هبة غير مباشرة ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( [488] ) .

190 - تعيين النصيب في الربح وحده أو في الخسارة وحدها :وقد اقتصر عقد الشركة على تعيين نصيب الشريك في الربح وحده ، فعند ذلك يكون نصيبه في الخسارة معادلاً لنصيبه في الربح ولو لم يكن متناسباً مع قيمة حصته في رأس المال . ذلك أن تعيين النصيب في الربح قرينة على أن هذا هو النصيب أيضاً في الخسارة ، إذ الربح يقابل الخسارة ومن العدل أن تكون مساهمة الشريك في كل من الربح والخسارة بقدر وأحد ما دام عقد الشركة لم ينص على اختلاف ما بين النصيبين ( [489] ) . وكذلك يكون الحكم فيما إذا اقتصر عقد الشركة على تعيين نصيب الشريك في الخسارة $ 282 $ فإن هذا يكون هو أيضاً نصيبه في الربح للاعتبارات المتقدمة الذكر .وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 514 مدني على هذه الأحكام صراحة ، فقد رأيناها تقول : " فإذا اقتصر العقد على تعيين نصيب الشركاء في الربح ، وجب اعتبار هذا النصيب في الخسارة أيضاً ، وكذلك الحال إذا اقتصر العقد على تعيين النصيب في الخسارة " .

191 - النص على عدم مساهمة الشريك في الربح أو في الخسارة - شركة الأسد :وقد قدمنا أن من مقومات عقد الشركة أن يساهم كل شريك في أرباحها وفي خسائرها بنصيب ما ، وإلا كانت الشركة باطلة لأن نية الشركة تكون منتفية ( [490] ) .فإذا نص عقد الشركة على ألا يساهم شريك في الربح ، فمعنى ذلك أنه يساهم في الخسارة دون الربح ، فيكون عليه الغرم وليس له الغنم . أو نص عقد الشركة على ألا يساهم الشريك في الخسارة ، فمعنى ذلك أنه يساهم في الربح دون الخسارة ، فيكون له الغنم وعلى شركائه الآخرين الغرم ( [491] ) . والشركة التي يكون فيها لشريك الغنم دون الغرم أو الغرم تسمي شركة الأسد ( socitet leonine ) ، وهي شركة باطلة ,وقد نصت الفقرة الأولي من المادة 515 مدني صراحة على هذا الحكم ، فقد رأيناها تقول : " إذا اتفق على أن أحد الشركاء لا يساهم في أرباح الشركة أو في خسائرها ، كان عقد الشركة باطلاً " ( [492] ) $ 283 $ ومن ثم إذا نص عقد الشركة على أن أحد الشركاء لا يساهم في الربح أو أن يكون نصيبه فيه تافهاً إلى حد أن يكون هذا النصيب غير جدي ، فإن الشركة باطلة ( [493] ) . وتكون باطلة أيضاً إذا نص العقد على أن أحد الشركاء لا يساهم في الخسارة أو أن يكون نصيبه فيها تافهاً إلى حد عد الجدية ( [494] ) . ولكن لا يعتبر الشريك معفي من الخسارة إذا كانت حصته في رأس المال هي عمله ما دام لم يتقرر له أجر على هذا العمل ، إذ هو في هذه الحالة يكون مساهماً في الخسارة حتما فقد قام بعمل لم يأخذ عليه أجراً وهذه هي خسارته ( [495] ) . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 515 مدني صراحة على هذا الحكم ، فقد رأيناها تقول : " ويجوز الاتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم غير عمله من المساهمة في الخسائر ، بشرط ألا يكون $ 284 $ قد تقرر له أجر على عمله " ( [496] ) أما إذا كانت حصة الشريك الانتفاع بمال أو بنقود ، فإنه لا يجوز أن يعفي من المساهمة في الخسارة وإلا كانت الشركة باطلة ، لأن الشريك في هذه الحالة يساهم في الأرباح ، فإذا هو أعفي من المساهمة في الخسائر شارك في الغنم دون الغرم ، وهذه هي شركة الأسد ( [497] ) .

وشركة الأسد ، في أية صورة من صورها ، باطلة كما قدمنا والبطلان مطلق ، فيجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به ، ويحكم به القاضي من تلقاء نفسه ، ولا ترد عليه الإجازة ، ولا يسرى في حقه التقادم . وقد كان المشروع التمهيدي ينص على أن الشركة تكون قابلة للإبطال لمصلحة من يضار من الشركاء بشرط عدم المساهمة في الخسارة $ 285 $ وهم سائر الشركاء غير من أعفي من المساهمة في الخسارة أو المصلحة الشريك الذي اشترط عليه عدم المساهمة في الربح ( [498] ) .ولكن عدل النص في لجنة مجلس الشيوخ فجعل البطلان مطلقاً ، " إذا أن الشرط القاضي يعدم مساهمة الشريك في الأرباح أو في الخسارة يخالف النظام العام ، وينفي نية الشركة عند الشريك الذي يقبل هذا الشرط " ( [499] ) .

ثانياً عقد الشركة لا ينص على تعيين نصيب الشريك لا في الربح ولا في الخسارة

192 - تعيين نصيب الشريك في الربح وفي الخسارة بنسبة حصة في رأس المال : فإذا سكت عقد الشركة عن تعيين نصيب الشريك في الربح أو الخسارة ، فالمفروض أن يكون نصيبه في ذلك أو في هذه بنسبة حصته في رأس المال . وذلك يستلزم تقويم هذه الحصص ، فإذا لم تكن مقومة منذ البداية في عقد الشركة ولم تكن من النقود ، تم تقويمها بالاتفاق ما بين الشركاء جميعاً ، فإذا اختلفوا قوم الخبراء حصة كل منهم . وعند الشك يفترض تساوي الأنصبة ( م 508 مدني ) ، ويمكن تصور ذلك إذا كانت الحصص كلها عبارة عن عمل يقدمه الشركاء . فإذا لم يمكن تقويم الحصص ، أو قام شك في هذا التقويم ، قسمت الأرباح والخسائر $ 286 $ بالتساوي بين الشركاء . قد نصت الفقرة الأولي من المادة 514 مدني على طريقة التوزيع هذه ، فقد رأيناها تقول : " إذا لم يعين عقد الشركة نصيب كل من الشركاء في الأرباح والخسائر ، كان نصيب كل منهم في ذلك بنسبة حصته في رأس المال " ( [500] ) .

193 - نصيب الشريك في الربح والخسارة إذا كانت حصة عملاً :

وإذا سكت عقد الشركة عن تعيين نصيب الشريك في الربح والخسارة ، وكانت حصة هذا الشريك عملاً يقدمه للشركة ، فقد سبق القول إن هذا العمل تقدر قيمته تبعاً لما تفيده الشركة من هذا العمل ، وبقدر هذه القيمة تكون حصة الشريك في رأس المال ( [501] ) . ومن ثم يكون نصيب الشريك في $ 287 $ الربح وفي الخسارة بنسبة حصته في رأس المال مقومة على هذا النحو . وقد كان التقنين المدني السابق ( م 431 / 525 ) يقضي بأن يقوم العمل الذي قدمه الشريك حصة في رأس المال بمقدار يساوي أقل حصة من الحصص العينية التي قدمها الشركاء ، وذلك حسما للنزاع في تقويم العمل ( [502] ) . وقد اقترح في لجنة الشيوخ إبقاء العمل بهذا الحكم ، ولكن اللجنة رفضت هذا الاقتراح " لأن فيه اجحافاً بحق الشريك الذي تكون حصته مقصورة على عمله ، وقد يكون هذا العمل أهم ما في الشركة . وليس يكتفي لتبرير الرجوع إلى الحكم المعيب المقرر في التقنين السابق الاستناد إلى تيسير حسم المنازعات ، لأن هدف التشريع الأول ينبغي أن يكون عدالة الحكم ، أما هذا التيسير فيأتي في الدرجة الثانية " ( [503] ) . فإذا كان الشريك الذي قدم عمله حصة في رأس مال الشركة قدم فوق ذلك نقوداً أو أي شيء آخر ، كان له نصيب في الربح أو في الخسارة عن عمله مقوماً على النحو المتقدم ، ونصيب آخر في الربح أو في الخسارة علما قدمه فيوق عمله من نقود أو أي شيء آخر .

وقد وردت هذه الأحكام صراحة في الفقرة الثالثة من المادة 514 $ 288 $ مدني ، فقد رأيناها تقول : " وإذا كانت حصة أحد الشركاء مقصورة على عمله وجب أن يقدر نصيبه في الربح والخسارة تبعاً لما تفيده الشركة من هذا العمل . فإذا قدم فوق عمله نقوداً أو أي شيء آخر ، كان له نصيب عن العمل وآخر عما قدمه فوقه " ( [504] ) .

 الفرع الثالث

 الشخصية المعنوية للشركة

194 - النصوص القانونية :تنص المادة 506 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - تعتبر الشركة بمجرد تكوينها شخصاً اعتبارياً ،ولكن لا يحتج بهذه الشخصية على الغير إلا بعد استيفاء إجراءات النشر التي يقررها القانون " .

 $ 289 $

 " 2 - ومع ذلك للغير إذا لم قم الشركة بإجراءات النشر المقررة أن يتمسك بشخصيتها " ( [505] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، وكان القضاء في عهد هذا التقنين منقسما ، تارة يقرر للشركة المدنية الشخصية المعنوية ، وتارة ينكرها عليها ( [506] ) .

 $ 290 $

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 474 - ولا مقابل له في التقنين المدني الليبي ويقابل في التقنين المدني العراقي م 627 - ولا مقابل له في تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( [507] ) .

195 - الشركة المدنية بمجرد تكوينها تصبح شخصاً معنوياً : بسطنا فيما تقدم أركان الشركة ، فإذا توافرت هذه الأركان ، وانعقدت الشركة صحيحة ، كانت شخصاً معنوياً بمجرد تكوينها .

ولم تكن الشخصية المعنوية للشركة المدنية محل اتفاق في عهد التقنين المدني السابق ، إذ لم يرد في هذا التقنين نص صريح في هذا المعنى . وكان الأمر على هذا الخلاف في القانون المدني الفرنسي ، فبعض الفقهاء في فرنسا ينكر على الشركة المدنية الشخصية المعنوية ( [508] ) . ولكن القضاء في فرنسا $ 291 $ اقر الشخصية المعنوية للشركة المدنية ( [509] ) . مستنداً إلى نصوص في التقنين المدني الفرنسي تقيم الروابط مباشرة بين الشركة والشركاء بعضهم ببعض ( [510] ) ، وكذلك إلى المادة 1860 مدني فرنسي وهي تحرم على الشريك إذا لم يكن مديراً للشركة أن يتصرف في أموالها . وقد أذعن الفقه الفرنسي في النهاية للقضاء ، وأصبح اليوم مسلماً بوجه عام في القانون الفرنسي أن الشركة المدنية تتمتع بالشخصية المعنوية ( [511] ) " .

أما في التقنين المدني المصري الجديد فليس هناك أي شك في الشخصية المعنوية للشركة المدنية ، إذ أن الفقرة الأولي من المادة 506 السالفة الذكر تنص صراحة على أن " تعتبر الشركة بمجرد تكوينها شخصاً اعتبارياً " ( [512] ) .

196 - النتائج التي تترتب على ثبوت الشخصية المعنوية للشركة المدنية :

ويترتب على ثبوت الشخصية المعنوية للشركة المدنية نتائج هامة هي التي تترتب على الشخصية المعنوية بوجه عام . وقد نصت المادة 53 مدني في $ 292 $ هذا الصدد على ما يأتي : " 1 - الشخص الاعتباري يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعية ، وذلك في الحدود التي قررها القانون .

2 - فيكون لها ( أ ) ذمة مالية مستقلة . ( ب ) أهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائه أو التي يقررها القانون ( ج ) حق التقاضي ( د ) موطن مستقل . ويعتبر موطنه المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته .والشركات التي يكون مركزها الرئيسي في الخارج ولها نشاط في مصر يعتبر مركز إدارتها ، بالنسبة إلى القانون الداخلي ، المكان الذي توجد فيه الإدارة المحلية .

3 - ويكون له نائب يعبر عن إدارته " .

فالشركة المدنية يكون لها نائب يعبر عن إرادتها ، وسنرى تفصيل ذلك عند الكلام في إدارة الشركة .وهي فوق ذلك لها : ( 1 ) ذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية للشركاء ( 2 ) أهلية في كسب الحقوق واستعمالها ( 3 ) حق التقاضي ( 4 ) موطن خاص وجنسية معينة . فنستعرض هذه النتائج الأربع .

197 - للشركة المدنية ذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية للشركاء :

لا يعتبر المال المملوك للشركة رأس المال ونماؤه ملكاً شائعاً بين الشركاء ، بل هو ملك للشركة ذاتها إذ هي شخص معنوي كما قدمنا . ويترتب على ذلك النتائج الآتية : 1 - يجب تمييز حصة الشريك في الشركة عن ما ل الشركة ، فقد يكون مال الشركة عقاراً ومنقولاً ، أما حصة الشريك فهي دائماً منقول ( [513] ) .

 $ 293 $

ولدائني الشركة الشخصين حقوق على هذه الحصة ( [514] ) . ولكن ليست لهم حقوق مباشرة على مال الشركة ، فلا يجوز لهم أخذ اختصاص أو رهن على مال الشركة ولا الحجز على هذا المال ( [515] ) . ولا يجوز للشريك غير المنتدب للإدارة التصرف في مال الشركة .

2 - لدائني الشركة حق مباشر على مال الشركة ، فهم يستوفون حقوقهم من هذا المال دون أن يزاحمهم فيه الدائنون الشخصيون للشركاء ( [516] ) وإذا اشترط شريك أن يسترد حصته عيناً بعد حل الشركة ، فلا يحتج بهذا الشرط على دائني الشركة ، ولهؤلاء أن يستوفوا ديونهم من حصة هذا الشريك حتى لو كانت هناك أموال أخرى غير هذه الحصة تفي بديونهم ( [517] ) .

3 - لا تقع المقاصة بين دين شخصي على الشريك ودين للشركة . فإذا كان دائن شخصي للشريك مديناً للشركة ، لم يستطيع أن يتمسك بالمقاصة بين الدين الذي له على الشريك والدين الذي عليه للشركة ، ذلك لأنه دائن $ 294 $ للشريك ومدين للشركة فهو دائن لشخص ومدين لشخص آخر ( [518] ) . وكذلك مدين الشريك لا يستطيع التمسك بالمقاصة في دين له على الشركة .

4 - يجوز للشركة أن تكون هي ذاتها شريكاً في شركة أخرى ، دون أن يكون الشركاء في الشركة الأولي شركاء في الشركة الأخرى .

198 - أهلية الشركة المدنية في كسب الحقوق واستعمالها : تستطيع الشركة المدنية أن تكسب الحقوق وان تستعملها باعتبارها شخصاً معنوياً ، وذلك في الحدود التي يعينها عقد التأسيس الشركة . فلها أهلية الوجوب وأهلية الأداء ،شأن كل شخص معنوي . فتستطيع أن تتملك بعوض أو بغير عوض ، وان تتصرف في أموالها طبقاً للنظم المقررة في عقد تأسيسها ، وسنرى تفصيل ذلك عند الكلام في إدارة الشركة .

ولا فرق في ذلك بين المعاوضات والتبرعات ، فكما تستطيع الشركة المدنية أن تشتري مالا من غيرها وان تبيع مالا إلى غيرها ، تستطيع كذلك في حدود نظمها المقررة أن تهب مالا لغيرها وان تتهب مالا من $ 295 $ غيرها ( [519] ) . وقد ذهب رأي في فرنسا ( [520] ) إلى أن الشركة المدنية ليست أهلاً لقبول التبرعات لأن هذا التصرف يخرج عن دائرة نشاطها ، ولكن هذا الرأي لم يتغلب ، والرأي الغالب هو جواز قبول الشركة للتبرعات فقد يعينها ذلك على نشاطها إلى حد كبير ( [521] ) .

ولم ينص التشريع على قيود بالنسبة إلى الشركات كما كان ينص على هذه القيود بالنسبة إلى الجمعيات . فقد كانت المادة 57 مدني تنص على أنه " 1 - لا يجوز أن يكون للجمعية حقوق ملكية أو أية حقوق أخرى على عقارات ، إلا بالقدر الضروري لتحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله . 2 - ولا يسري هذا الحكم على الجمعيات التي لا يقصد منها غير تحقيق غرض خيري أو تعليمي ، أو لا يراد بها إلا القيام ببحوث عليمة " . وكانت الفقرة الثانية من المادة 79 مدني تقضي بأنه يجوز أن ينص في مرسوم اعتبار الجمعية هيئة تقوم بمصلحة عامة على استثناء الجمعية من قيود الأهلية المنصوص عليها في المادة 57 مدني . فهذه النصوص كلها كانت قد وردت في خصوص الجمعيات ، أما الشركات المدنية فلا قيود عليها في تملك المنقولات والعقارات بعوض أو بغير عوض ، فيما عدا القيود التي تفرضها عليها نظمها المقررة ( [522] ) .

199 - حق التقاضي : وللشركة المدنية حق التقاضي باعتبارها شخصاً معنوياً . فترفع الدعاوى على الغير أو على الشركاء ، كما ترفع عليها $ 296 $ الدعاوى من الغير أو من الشركاء ( [523] ) . ويمثلها في الدعاوى التي ترفع منها أو عليها نائبها ، وذلك دون حاجة إلى إدخال الشركاء كلهم أو بعضهم في الدعوى ، إذ أن شخصيتها متميزة عن شخصية الشركاء فيها ( [524] ) . وترفع الدعاوى عليها في المحكمة التي يوجد بدائرتها موطنها ، وسنرى الآن أن للشركة المدنية موطناً وجنسية .

200 - موطن الشركة وجنسيتها : وللشركة المدنية ، ككل شخص معنوي ، موطن ( domicile ) هو المكان الذي يوجد فيه مقرها الرئيسي أو مركز إدارتها ، ويسمي عادة بمقر الشركة ( siege social ) . وفي المحكمة التي يوجد في دائرتها هذا الموطن تقاضي الشركة كما قدمنا ، لا في $ 297 $ الدعاوى التي ترفع عليها من الغير فحسب ، بل أيضاً في الدعاوى التي ترفعها هي على أحد الشركاء وفي الدعاوى التي يرفعها شريك على شريك آخر . وقد نصت المادة 58 من التقنين المرافعات في هذا الصدد على ما يأتي : " في الدعاوى المتعلقة بالشركات أو الجمعيات القائمة أو التي في دور التصفية أو المؤسسات يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها مركز إدارتها ، سواء أكانت الدعوى على الشركة أم الجمعية أم المؤسسة أم من الشركة أم الجمعية على أحد الشركاء أو الأعضاء أو من شريك أو عضو على آخر . ويجوز رفع الدعوى إلى المحكمة التي يقع في دائرتها فرع الشركة أو الجمعية أو المؤسسة ، وذلك في المسائل المتعلقة بهذا النوع " . وإذا أعلنت الشركة تسلم صورة الإعلان بمركز إدارتها للنائب عنها بمقتضى عقد إنشائها أو نظامها ( م 14 مرافعات ) ( [525] ) .

وللشركة المدنية جنسية لا ترتبط بجنسية الشركاء ( [526] ) ، وتكون جنسيتها عادة هي جنسية الدولة التي اتخذت فيها مركز إدارتها الرئيسي . فالشركات المدنية التي أسست في الخارج واتخذت مركز إدارتها في إقليم دولة أجنبية تعتبر شركات أجنبية ، ويسري على نظامهما القانون قانون الدولة التي تنتمي إليها بجنسيتها . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 11 مدني في هذا الصدد على ما يأتي : " أما النظام القانوني للأشخاص الاعتبارية الأجنبية ، من شركات وجمعيات ومؤسسات وغيرها ، فيسرى عليها قانون الدولة التي اتخذت فيها هذه الأشخاص مركز إدارتها الرئيسي الفعلي . ومع ذلك فإن باشرت نشاطها الرئيسي في مصر ، فإن القانون المصري هو الذي يسري " .

 $ 298 $

201 - الاحتجاج بالشخصية المعنوية على الغير وجوب استيفاء إجراءات النشر :

ولك ما قدمناه من نتائج تترتب على الشخصية المعنوية للشركة المدنية يسري في علاقة الشركة بالشركاء وبالغير ممن يتعامل معها وبدائنها ، إذ كان الغير أو الدائنون هم الذين يحتجون على الشركة بشخصيتها المعنوية ، كما إذا كان من يتعامل مع الشركة يحتج عليها بالعقد الذي أبرمه معها باعتبارها شخصاً معنوياً ، وكما إذا كان دائن الشركة ينفذ على أموالها فلا يزاحمه الدائنون الشخصيون للشركاء باعتبار أن الشركة شخص معنوي متميز في ماله عن الشركاء . ولا تستطيع الشركة في جميع هذه الأحوال أن تحتج على الشركاء أو على الغير أو على الدائنين بأنها لم تستوف إجراءات النشر المقررة ، إذ هي تعتبر شخصاً معنوياً بمجرد تكوينها دون حاجة إلى استيفاء أي إجراء للنشر كما سبق القول . وكذلك الحال إذا احتجت الشركة بشخصيتها المعنوية على الشركاء ، فإنها تستطيع ذلك دون حاجة لاستيفاء إجراءات النشر ، إذ الشركاء هم المكلفون بالقيام بهذه الإجراءات ، فإذا أهملوا لم يجز لهم أن يفيدوا من إهمالهم .

أما إذا أرادت الشركة أن تحتج بشخصيتها المعنوية على الغير ممن يتعامل معها أو على الدائنين لها ، كأن ترفع عليهم دعاوى باعتبارها شخصاً معنوياً ، جاز لهؤلاء جمعياً أن يتجاهلوا أن للشركة شخصية معنوية إلى أن تستوفي ِإجراءات النشر فيدفعوا بعدم قبول الدعوى المرفوعة منها ، ويجب في هذه الحالة أن يرفع الدعوى جميع الشركاء ويكون مال الشركة مالا شائعاً بين الشركاء . ذلك أن الفقرة الأولي من المادة 506 مدني تقول كما رأينا : " تعتبر الشركة بمجرد تكوينها شخصاً اعتبارياً ، ولكن لا يحتج بهذه الشخصية على الغير إلا بعد استيفاء إجراءات النشر التي يقررها القانون " . فالنص يفترض أن قانوناً يصدر ينظم إجراءات للنشر يجب على $ 299 $ الشركات المدنية استيفاؤها حتى تستطيع أن تحتج بشخصيتها المعنوية على الغير . وقد كان المشروع التمهيدي للنص يجيز لاستيفاء إجراءات النشر هذه القيد في السجل التجاري ( [527] ) ، ولكن النص عدل في لجنة المراجعة ( [528] ) ، فأصبح من الواجب تنظيم إجراءات للنشر خاصة بالشركات المدنية تنظيما تشريعياً . ولما كان هذا القانون الذي ينظم إجراءات النشر للشركات المدنية لم يصدر حتى الآن ، فلا سبيل لهذه الشركات أن تستوفي إجراءات النشر اللازمة ، ومن ثم لا نستطيع أن تحتج بشخصيتها المعنوية على الغير ، ولا بد من انتظار صدور هذا القانون حتى يتم تنظيم الشخصية المعنوية $ 300 $ للشركات المدنية . غير أنه مما يخفف من عيوب هذا النقص أن الفقرة الثانية من المادة 506 مدني تنص كما رأينا على ما يأتي : " ومع ذلك للغير إذا لم تتم الشركة بإجراءات النشر المقررة أن يتمسك بشخصيتها " . فجاز إذن أن يترتب على الشخصية المعنوية للشركة المدنية ، دون أن تستوفي إجراءات النشر ، جميع النتائج في أكثر الأحوال العملية التي تتعامل فيها الشركة ، على النحو الذي سق بيانه .

وقد رأينا فيما قدمناه ( [529] ) أنه لا يجوز للشركة أن تحتج على الغير ببطلانها لخلل في الشكل ، كأن تنعقد بغير ورقة مكتوبة .ونرى من ذلك أن الشركة الباطلة شكلاً والتي لم تستوف إجراءات النشر لا تستطيع أن تحتج على الغير لا ببطلان ولا بعدم استيفاء لإجراءات النشر ، بل يجوز للغير أن يعتبرها شركة واقعية ذات شخصية معنوية وان يرتب على ذلك جميع النتائج التي تترتب على الشخصية المعنوية على النحو الذي قدمناه .

 $ 301 $

 الفصل الثاني

 أحكام الشركة

202 - إدارة الشركة وأثر الشركة بالنسبة إلى الشركاء : متى انعقدت الشركة المدنية صحيحة وكسبت شخصيتها المعنوية على النحو الذي قدمناه وجب أن يترتب على عقد الشركة وأحكامه . وتظهر هذه الأحكام :

( أولا ) في إدارة الشركة ( ثانياً ) في أثر الشركة بالنسبة إلى الشركاء .

 الفرع الأول

 إدارة الشركة

 203 - حالتان تعيين من يدير الشركة أو عدم التعيين : قد يعين الشركاء بالاتفاق فيما بينهم من يدير الشركة ، وقد يسكتون عن ذلك . فنستعرض كلا من الحالتين .

 المبحث الأول

 تعيين من يدير الشركة

204 - كيف يكون التعيين :قد يكون تعيين من يدير الشركة منصوصاً عليه في عقد تأسيس الشركة ذاته باتفاق الشركاء جميعاً ، فيقع الاختيار على شريك أو أكثر ينتدبون للإدارة أو على أجنبي غير شريك ( gerant statutaire ) . وقد يأتي تعيين من يدير الشركة بعد ذلك باتفاق لاحق لعقد تأسيس الشركة ، فيتفق الشركاء جميعاً على شريك أو أجنبي $ 302 $ وأحد أو أكثر ، لإدارة الشركة ( gerant mandataire ) ( [530] ) . ويكون المدير أو المديرون باجر أو بغير أجر .

205 - جواز عزل من يدير الشركة نص قانوني : وقد نصت المادة 516 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - للشريك المنتدب للإدارة بنص خاص في عقد الشركة أن يقوم ، بالرغم من معارضة سائر الشركاء ، بأعمال الإدارة وبالتصرفات التي تدخل في غرض الشركة ، متى كانت أعماله وتصرفاته خالية من الغش . و لا يجوز عزل هذا الشريك من الإدارة دون مسوع ، ما دامت الشركة باقية " .

 " 2 - وإذا كان انتداب الشريك للإدارة لاحقاً لعقد الشركة ، جاز الرجوع فيه كما يجوز في التوكيل العادي " .

 " 3 - أما المديرون من غير الشركاء فيهم دائماً قابلون للعزل " ( [531] ) .

 $ 303 $

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المواد 435 / 531 و 436 / 532 و 437 / 533 534 ( [532] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 484 - وفي التقنين المدني الليبي م 510 - وفي التقنين المدني العراقي م 636 - وفي التقنين الموجبات والعقود اللبناني م 883 885 وم 891 892 ( [533] ) .

 $ 304 $

ويخلص من النص المتقدم الذكر أن مدير الشركة إذا كان أجنبياً يجوز عزله كما يجوز عزل الوكيل ، لأنه لا يعدو أن يكون وكيلاً عن الشركة ، وذلك سواء كان التعيين منصوصاً عليه في عقد تأسيس الشركة أو حاصلاً باتفاق لاحق . أما إذا كان المدير شريكاً ، فإن كان معيناً في اتفاق لاحق لعقد تأسيس الشركة ، فكذلك يجوز عزله كما يجوز عزل الوكيل . وإن كان معيناً في عقد تأسيس الشركة ، لم يجز عزله إلا إذا كان هناك مسوغ للعزل من خيانة أو سوء إدارة أو عجز أو تقصير كبير ( [534] ) . ذلك أن تعيينه $ 305 $ في عقد الشركة يجعل هذا التعيين جزءاً من نظامها لها نفس الثبات والاستقرار ( [535] ) .

وليست هذه الأحكام من النظام العام ، فيجوز الاتفاق بين الشركاء على أن يكون الشريك المعين مديراً في عقد تأسيس الشركة جائز العزل كالوكيل العادي ، كما يجوز الاتفاق على أن يكون الشريك المعين مديراً باتفاق لاحق ، أو الأجنبي المعين مديراً في عقد تأسيس الشركة أو باتفاق لاحق ، غير جائز العزل كالوكيل العادي ، بل يجب لعزله أن يكون هناك مسوغ للعزل على النحو الذي قدمناه .

أما عزل الشريك المنتدب للإدارة في عقد تأسيس الشركة لمسوغ من مسوغات العزل ، فيجوز أن ينفرد بطلبه أحد الشركاء فيرفع الأمر إلى القضاء ليقرر هل هناك مسوغ كاف للعزل . وإذا عزل الشريك المنتدب $ 306 $ لإدارة في هذه الحالة ، بقيت الشركة قائمة بالرغم من عزله ، وللشركاء أن يتفقوا على تعيين مدير آخر ، أو توكل الإدارة إلى كل شريك على النحو الذي سنراه عندما لا يكون هناك اتفاق على تعيين من يدير الشركة ( [536] ) .

وعزل الشريك المنتدب للإدارة باتفاق لاحق ، وكذلك عزل الأجنبي المنتدب للإدارة سواء في عقد تأسيس الشركة أو باتفاق لاحق ، ولا حاجة فيه إلى رفع الأمر إلى القضاء ، بل يجوز للشركاء أنفسهم أن يقرروا العزل ولو لم يستندوا في ذلك إلى مسوغ كما سبق القول . ويتضمن نظام الشركة في العادة نصاً يبين هل يقع العزل باتفاق الشركاء جميعاً أو بقرار الأغلبية أو بطلب وأحد منهم فقط . فإذا لم يتضمن نظام الشركة شيئاً في هذا المعنى فالظاهر أن القرار يصدر بالأغلبية العددية للشركاء ( انظر م 518 مدني ) ( [537] ) . وهناك من يذهب إلى أن القرار يجب أن يصدر بالإجماع ( [538] ) ، كما أن هناك من يذهب إلى أن واحداً من الشركاء فقط يكفي لإيقاع العزل لأن وكالة المنتدب لإدارة يجب أن تكون عن الجميع فإذا نقض $ 307 $ أحد الشركاء للوكالة انتقضت بالنسبة إلى الجميع ( [539] ) . وإذا عزل المنتدب فإدارة ، بقيت الشركة قائمة تدار على النحو الذي قدمناه في عزل الشريك المنتدب للإدارة في عقد تأسيس الشركة ( [540] ) .

206 - سلطات من يدير الشركة إذا كان واحداً " وإذا كان من يدير الشركة واحداً ، سواء كان شريكاً أو أجنبياً ، وسواء عين في عقد تأسيس الشركة أو باتفاق لاحق ، فإن له أن ينفرد بإدارة الشركة . ويتضمن نظام الشركة عادة نصوصاً تحدد سلطات من يدير الشركة ، $ 208 $ فيجب التزام هذه النصوص ، وعلى من يدير الشركة إلا يجاوزها في أعمال إدارته ( [541] ) .

أما إذا لم يتضمن نظام الشركة شيئاً في هذا الصدد ، فقد نصت الفقرة الأولي من المادة 516 مدني كما رأينا على أن للشريك المنتدب للإدارة ينص خاص في عقد الشركة ومثله الأجنبي وكذلك من يعين للإدارة باتفاق لاحق شريكاً كان أو أجنبياً ( [542] ) " وان يقوم ، بالرغم من معارضة سائر الشركاء ، بأعمال الإدارة وبالتصرفات التي تدخل في غرض الشركة ، متى كانت أعماله وتصرفاته خالية من الغش " . فالمفروض إذن أن الشركاء ، عندما يدير الشركة ، أنهم أعطوا السلطة الكافية لتحقيق أغراض الشركة ، من أعمال إدارة وأعمال تصرف ( [543] ) . فإذا كانت الشركة مثلا شركة للنشر ، كان لمديرها أن يتعاقد مع المؤلفين وان يقوم بالأعمال اللازمة لنشر المؤلفات من طبع وتوزيع ، وان يقوم بالتصرفات $ 309 $ القانونية اللازمة لإنجاز هذه الأعمال . وإذا كانت الشركة لشراء العقارات وبيعها ، كان للمدير أن يشتري العقارات باسم الشركة وان يبيعها باسمها ولكن لا يجوز للمدير أن يقوم بأعمال ليست لازمة لتحقيق أغراض الشركة ، فلا يجوز له أن يبيع عقاراً للشركة أو يرهنه أو يقترض ، إذا لم يكن هذا التصرف ضرورياً لتحقيق أغراض الشركة . كما لا بجوز له أن يهب أموال الشركة ( [544] ) أو يتنازل عن ضمان أو يبرئ مديناً من الدين أو يعقد صلحاً أو تحكيماً أو يغير مقر الشركة إلا باتفاق الشركاء جميعاً ( [545] ) . ويدخل في أعمال الإدارة الموكولة إلى المدير أن يقبض حقوق الشركة ، وان يشطب الرهون بعد القبض الحقوق المضمونة بها ، وان يقاضي مديني الشركة ، وان يقوم بالترميمات الضرورية في عقارات الشركة وبما يلزم لجعل هذه العقارات صالحة لأغراض الشركة دون أن يقوم بأعمال أو بناء فيها لا يكون ضرورياً لتحقيق هذه الأغراض ( [546] ) .ولا يجوز للمدير أن يفوض $ 310 $ جميع سلطاته في الإدارة لوكيل عنه ، لأن الشركاء إنما عينوه هو مديراً ولكن له أن يوكل عنه واحداً أو اكثر في بعض أعمال الشركة ويكون مسئولاً عمن يوكله أمام الشركة ( [547] ) .

207 - سلطات من يريدون الشركة إذا كانوا متعددين نصوص قانونية : تنص المادة 517 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - إذا تعدد الشركاء المنتدبون للإدارة دون أن يعين اختصاص كل منهم ، ودون أن ينص على عدم جواز انفراد أي منهم بالإدارة ، كان لكل منهم أن يقوم منفرداً بأي عمل من أعمال الإدارة ، على أن يكون لكل من باقي الشركاء المنتدبين أن يعترض على العمل قبل تمامه ، وعلى أن يكون من حق أغلبية الشركاء المنتدبين رفض هذا الاعتراض ، فإذا تساوي الجانبان كان الرفض من حق أغلبية الشركاء جميعاً " .

 " 2 - أما إذا اتفق على أن تكون قرارات الشركاء المنتدبين بالإجماع $ 311 $ أو بالأغلبية ، فلا يجوز الخروج على ذلك ، إلا أن يكون لأمر عاجل تترتب على تفويته خسارة جسيمة لا تستطيع الشركة تعويضها " .

وتنص المادة 518 على ما يأتي :

 " إذا وجب أن يصدر قرار بالأغلبية ، تعين الأخذ بالأغلبية العددية ما لم يتفق على غير ذلك " ( [548] ) .

 $ 313 $

ويخلص من هذه النصوص أنه إذا تعدد من يدير الشركة سواء كانوا شركاء أو أجانب بالرغم من أن النص مقصور على الشركاء ولكن يقاس عليهم المديرون الأجانب فيغلب أن ينص نظام الشركة على تحديد اختصاص كل من هؤلاء المديرين ، كأن يوكل لأحدهم بالمبيعات والآخر بالمشتريات والثالث بإدارة العمال ونحو ذلك ( [549] ) . وفي هذه الحالة يجب أن يلتزم كل مدير اختصاصه الذي حدده له نظام الشركة ، ولا يجاوزه إلى اختصاص غيره من المديرين الآخرين . " وعلى كل من المديرين أن يقوم بواجبه داخل الحدود الموضوعة له ، وهو الذي له وحده الحق في أن يعمل في هذه الدائرة بدون أية معارضة من جانب بقية المديرين . وإذا عمل أحد المديرين خارج الحدود الموضوعة له ، كان تصرفه غير سار على الشركة طبقاً للقواعد العامة " ( [550] ) . وإذا نص نظام الشركة على تحديد اختصاص كل من المديرين ، ولم ينص في الوقت ذاته على أن تكون القرارات بإجماع المديرين أو بأغلبيتهم ، كان لكل وأحد من المديرين حق إدارة الشركة منفرداً والقيام بجميع أعمال الإدارة وأعمال التصرف التي سبق بيانها في حالة ما إذا $ 314 $ كان من يدير الشركة شخصاً واحداً ( [551] ) . على أن لكل من المديرين الآخرين حق الاعتراض على هذه الأعمال قبل تمامها ، أما إذا تمت قبل الاعتراض فإنها تصبح نافذة ملزمة للشركة . فإذا اعترض أحد المديرين على عمل يقوم به مدير آخر قبل تمامه ، بقى الاعتراض قائماً يحول دون تمام العمل ، ولا يزول إلا إذا قررت أغلبية المديرين وفيهم المعترض على عمله رفض الاعتراض . فإذا تقرر رفض الاعتراض على هذا الوجه ،زال وانفسخ الطريق للمدير المعترض على عمله أن يتم هذا العمل . أما إذا تساوي جانب من يقر الاعتراض مع جانب من يرفضه ، أو كان المدير للشركة اثنين فقط أراد أحدهما القيام بعمل واعترض الآخر على ذلك . فإنه يجب الرجوع في هذه الحالة إلى الشركاء جميعاً ، فإذا قررت أغلبية الشركاء رفض الاعتراض زال وأمكن المدير إتمام العمل المعترض عليه ( [552] ) . أما إذا قام المدير بعمل بالرغم من معارضة مدير آخر ، وبدون أن يحصل على رفض الاعتراض من أغلبية المديرين أو من أغلبية الشركاء على الوجه المتقدم الذكر ، فإن عمله يكون باطلاً ولا ينفذ في حق الشركة هذا ما لم يكن الغير الذي يتعامل مع المدير حسن النية لا يعلم بالمعارضة ، ففي هذه الحالة ينفذ العمل في حق الشركة ويكون المدير مسئولاً أمامها عن تجاوز سلطته ( [553] ) .

أما إذا نص نظام الشركة على أن تتخذ القرارات بإجماع المديرين $ 315 $ أو بالأغلبية ، وجبت مراعاة ذلك ( [554] ) . فلا يستطيع أحد المديرين أن ينفرد بالإدارة ، بل يجب عليه الحصول على موافقة جميع المديرين الآخرين أو موافقة الأغلبية ويدخل هو في حساب الأغلبية ، على حسب الأحوال ( [555] ) . ويستثنى من ذلك أن يكون هناك أمر عاجل تترتب على تفويته خسارة جسيمة لا تستطيع الشركة تعويضها ، فعند ذلك يستطيع أي مدير أن ينفرد بالقيام بهذا الأمر العاجل ، ويعتبر في هذه الحالة فضولياً يلزم عمله الشركة ( [556] ) .

وحيث يجب صدور قرار بالأغلبية في جميع الأحوال المتقدم ذكرها وفي غيرها من الحالات الأخرى ، كأن يصدر قرار أغلبية المديرين برفض اعتراض مدير على عمل مدير آخر أو يصدر قرار أغلبية الشركاء برفض هذا الاعتراض ، أو يصدر قرار أغلبية المديرين بعمل من أعمال الإدارة حيث ينص النظام على وجوب اتخاذ القرارات بالأغلبية ، فإن الأغلبية المعتبرة هي الأغلبية العددية للمديرين أو للشركاء ، لا أغلبية الحصص ، وذلك ما لم يتفق الشركاء على أن تكون الأغلبية للحصص أو للمصالح $ 316 $ المختلفة لا للرؤوس ( [557] ) . وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 518 مدني وقد تقدم ذكرها ( [558] ) .

208 - حقوق الشركاء غير المديرين نص قانوني : تنص المادة 519 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " الشركاء غير المديرين ممنوعون من الإدارة ، ولكن يجوز لهم أن يطلعوا بأنفسهم على دفاتر الشركة ومستنداتها ، ولك اتفاق على غير ذلك باطل " ( [559] ) .

 $ 317 $ ويخلص من هذا النص أنه إذا عين للشركة من يديرها ولو كان المدير أجنبياً ، فليس لشريك لم يكن من بين المديرين للشركة أن يتدخل في أعمال الإدارة ، ولا أن يشترك في هذه الأعمال ( [560] ) . ولا أن يعترض على أعمال المديرين إلا في الحدود التي يرجع فيها إلى الشركاء على النحو الذي تقدم بيانه . ولكن يجوز له أن يعترض على أعمال الإدارة التي تجاوز $ 318 $ أغراض الشركة أو تخالف نظامها أو تعارض القانون ( [561] ) ، وله أن يرجع في ذلك إلى سائر الشركاء ، بل له أن يلجأ إلى القضاء .

على أن الشريك غير المدير من حقه أن يطلب من المديرين حساباً عن إدارة أعمال الشركة من آن إلى آخر ، أو في أوقات دورية ، أو في الوقت الذي ينص عليه نظام الشركة .وله ، في سبيل الاستيثاق من حسن الإدارة ، أن يطلع بنفسه على دفاتر الشركة ومستنداتها وأوراقها وكل ما يتعلق بأعمالها ( [562] ) . وهذا الحق شخصي له ، فلا يجوز أن ينيب عنه فيه وكيلاً حتى لا يتدخل أجنبي في أعمال الشركة ويطلع على أسراها ، وهذا ما لم يكن الشريك قاصراً فينوب عنه وليه ( [563] ) . وحق الشريك غير المدير في الاطلاع على دفاتر الشركة ومستنداتها من النظام العام ، فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفه ( [564] ) .

 $ 319 $

 المبحث الثاني

 عدم تعيين من يدير الشركة

209 - النصوص القانونية : تنص المادة 520 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " إذا لم يوجد نص خاص على طريق الإدارة ، اعتبر كل شريك مفوضاً من الآخرين في إدارة الشركة وكان له أن يباشر أعمال الشركة دون رجوع إلى غيره من الشركاء ، على أن يكون لهؤلاء أو لأي منهم حق الاعتراض على أي عمل قبل تمامه ، ولأغلبية الشركاء الحق في رفض هذا الاعتراض " ( [565] ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 438 / 535 ( [566] ) .

ويقابل في التقينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 488 وفي تقنين المدني الليبي م 507 - 508 - وفي التقنين المدني $ 320 $ العراقي م 640 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 876 - 881 ( [567] ) .

 $ 221 $

210 - لكل شريك حق الانفراد بالإدارة : إذا لم يعين من يدير الشركة ( [568] ) ، فالمفروض أن الشركاء قد جعلوا حق الإدارة لكل وأحد منهم . فلكل أن ينفرد بالقيام بأعمال الإدارة وأعمال التصرفات الداخلة $ 222 $ في أغراض الشركة ( [569] ) ، وتكون هذه الأعمال نافذة في حق الشركة وفي حق الشركاء جميعاً ما دامت غير مخالفة لنظام الشركة ولا للقانون . أما أعمال التصرف التي لا تدخل في نطاق أغراض الشركة فهي محرمة على أي شريك ، ولا بد فيها من إجماع الشركاء . كذلك لا يجوز لأي شريك ، أن يدخل أي تغيير أو تجديد فيما للشركة من أشياء دون موافقة جميع الشركاء ، حتى لو رأى أن أعمال التغيير أو التجديد هذه مفيدة للشركة ، إلا أن تكون هذه التغييرات داخله في أغراض الشركة أو كانت من قبيل أعمال الإدارة الحسنة المقصود بها تسهيل انتفاع الشركة بأموالها ( [570] ) .

211 - حق الاعتراض : على أنه إذا أراد الشريك أن يقوم بعمل من أعمال الإدارة أو من أعمال التصرف الداخلة في أغراض الشركة ، واعترض على العمل قبل إتمامه شريك آخر ، وجب وقف العمل وعرض الأمر على جميع الشركاء . ويبقي الاعتراض قائماً ، والعمل المعترض عليه موقوفاً ، حتى ترفض أغلبية الشركاء الأغلبية العددية إلا إذا وجد في نظام الشركة ما يخالف ذلك هذا الاعتراض . فإذا رفضته الأغلبية ، أمكن الشريك القيام بالعمل المعترض عليه ( [571] ) . وإذا لم توجد أغلبية من الشركاء ترفض العمل حتى لو تساوى الجانبان بقى الاعتراض قائماً .

 $ 323 $

ولم يجز القيام بالعمل . فإذا قام الشريك بالعمل المعترض عليه قبل زوال الاعتراض ، بأن لم يعرض الأمر على الشركاء ، أو عرضه ولم يرفض الاعتراض أغلبية منهم ، فإن العمل يكون باطلاً في حق من تعامل معه الشريك إذا كان سيء النية أي يعلم بالمعارضة القائمة وبعد زوالها ( [572] ) .

 الفرع الثاني

 أثر الشركة بالنسبة إلى الشركاء

212 - مسائل ثلاث : إذا قامت الشركة ، كان لكل شريك واجبات نحوها ، وحقوق عليها ، وكان لدائني الشركة وللدائنين الشخصيين للشركاء حقوق معينة في مال الشركة وفي الأموال الشخصية للشركاء فعندنا إذن مسائل ثلاث : ( 1 ) واجبات الشريك ( 2 ) حقوق الشريك ( 3 ) حقوق دائني الشركة والدائنين الشخصيين للشركاء .

 المبحث الأول

 واجبات الشريك

 213 - بذل العناية في تدبير مصالح الشركة نص قانوني : تنص المادة 521 من التقنين المدني على ما يأتي :

 $ 324 $

 " 1 - على الشريك أن يمتنع عن أي نشاط يلحق الضرر بالشركة أو يكون مخالفاً للغرض الذي أنشئت لتحقيقه " .

 " 2 - وعليه أن يبذل من العناية في تدبير مصالح الشركة ما يبذله في تدبير مصالحه الخاصة ، إلا إذا كانت منتدباً للإدارة بأجر فلا يجوز أن ينزل في ذلك عن عناية الرجل المعتاد " ( [573] ) .

 $ 325 $

ومن أول واجبات الشريك ، كما رأينا ، أن يساهم في الخسارة على النحو الذي سبق أن بيناه . وها نحن أمام واجب آخر يمليه النص المتقدم ، هو بذل قدر معين من العناية في تدبير مصالح الشركة .

والعناية المطلوبة من الشريك في تدبير مصالح الشركة هي العناية التي يبذلها في تدبير مصالحه الخاصة ، فلا ينزل عن هذا القدر من العناية حتى لو زاد على عناية الرجل المعتاد . فإذا كان الشريك معروفاً بالحرص والإتقان بحيث تزيد عنايته بمصالحه الشخصية على عناية الرجل المعتاد ،وجب عليه أن يبذل هذا القدر من العناية إذا تولي مصالح الشركة ، فيزيد في عنايته على عناية الرجل المعتاد وإذا كانت عنايته بمصالحه هي عناية الرجل المعتاد ، وجبت عليه هذه العناية في تدبير مصالح الشركة . أما إذا كانت عنايته بمصالحه تنزل عن عناية الرجل المعتاد ، لم يجب عليه إلا هذا القدر من العناية في تدبير مصالح الشركة ،فينزل في تدبيرها عن عناية الرجل المعتاد . وهذا كله إذا تولي تدبير مصلحة الشركة ، يستوي في ذلك ألا يكون منتدباً لإدارة الشركة أو يكون منتدباً لإدارتها ولكن بغير أجر . أما إذا كان منتدباً للإدارة بأجر ، وجب عليه أن يبذل في تدبير مصالح الشركة العناية التي يبذلها في تدبير مصالحه الشخصية ، دون أن ينزل في ذلك عن عناية الرجل المعتاد . فيبذل العناية التي يبذلها $ 326 $ في مصالحه الشخصية إذا كانت هذه العناية تزيد أو تعادل عناية الرجل المعتاد ، ويبذل عناية الرجل المعتاد إذا كانت عنايته في تدبير مصالحه الشخصية تنزل عن هذا القدر من العناية .

ويخلص من ذلك أن العناية المطلوبة من الشريك في تدبير مصالح الشركة تزيد على العناية المطلوبة من الوكيل العادي في إدارة شؤون موكله . فقد نصت المادة 704 مدني في شأن الوكيل على أنه " 1 - إذا كانت الوكالة بلا أجر ، وجب على الوكيل أن يبذل في تنفيذها العناية التي يبذلها في أعماله الخاصة ، دون أن يكلف في ذلك أزيد من عناية الرجل المعتاد .

2 - فإن كانت بأجر ، وجب على الوكيل أن يبذل دائماً في تنفيذها عناية الرجل المعتاد " . فالوكيل ، سواء كان بأجر أو بغير أجر ، لا تطلب منه عناية تزيد على عناية الرجل المعتاد ، أما الشريك فقد تطلب منه عناية تزيد على عناية الرجل المعتاد إذا كانت عنايته بمصالحه الشخصية تزيد على هذا القدر .

ويرتب النص على ما يتطلب أن يبذله الشريك من العناية في تدبير مصالح الشركة أن يمتنع الشريك " عن أي نشاط يلحق الضرر بالشركة أو يكون مخالفاً للغرض الذي أنشئت لتحقيقه " " . ذلك أن الشريك إذا بذل نشاطاً يلحق الضرر بالشركة أو يكون مخالفاً لأغراضها ، لا يكون قد بذل في تدبير مصالح الشركة العناية التي يبذلها في تدبير مصالحه الشخصية ، فيكون مقصراً ، وتترتب على هذا التقصير مسئوليته نحو الشركة والشركاء . مثل ذلك الشريك الذي يحق له الاعتراض على عمل يريد من يتولى إدارة الشركة القيام به ، على التفصيل الذي قدمناه ، فهذا الشريك إذا كان له الحق الاعتراض على العمل قبل إتمامه ، فإنه يجب أن يكون لهذا الاعتراض مبرر . فإذا أقدم الشريك على الاعتراض عن سوء نية أو عن تسرع ينطوي على التقصير ، فأوقف بذلك تنفيذ $ 327 $ عمل من أعمال الإدارة يفيد الشركة فائدة ظاهرة ، فإنه يكون مسئولاً عن رعونته وتقصيره إذ نزل في هذا الاعتراض عن قدر العناية المطلوبة منه ، وذلك حتى لو رفضت الأغلبية هذا الاعتراض فأمكن إتمام العمل ، ما دام قد ثبت أن ضرراً قد لحق الشركة من جراء التأخر في إتمامه ( [574] ) ومثل ذلك أيضاً أن يقوم الشريك بعمل من الأعمال الداخلة في أغراض الشركة قاصداً بذلك منافستها ، فهذا النشاط الصادر من الشريك من شأنه أن يلحق الضرر بالشركة ، ويكون الشريك مسئولاً عن تعويض الضرر الذي أصاب الشركة من جراء هذا العمل .وقد حدد تقنين الموجبات والعقود اللبناني هذه المسئولية في نص تشريعي ، إذ تقول المادة 865 من هذا التقنين : " لا يجوز للشريك ، بدون موافقة شركائه ، أن يقوم لحسابه أو لحساب الغير بأعمال شبيهة بأعمال الشركة ، إذا كانت هذه المنافسة تضر بمصالح الشركة . وعند المخالفة يحق للشركاء الاختيار بين أن يطالبوه ببدل العطل والضرر ، أو أن يتخذوا لحسابهم الأعمال التي ارتبط بها ويطلبوا قبض الأرباح التي جناها ، هذا كله مع الاحتفاظ بحق العمل على إخراجه من الشركة . وإذا مضت ثلاثة أشهر ولم يختاروا أحد الأوجه المذكورة ، فقدوا حق الاختيار ولم يبق لهم سوى حق الحصول على بدل العطل والضرر عند الاقتضاء " ( [575] ) . وهذا النص فيما عدا المواعيد التي $ 328 $ حددها للاختيار ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة ، فيمكن تطبيقه في مصر . ومن يجوز للشركة أن ترجع على الشريك الذي قام بعمل منافس بالتعويض عن الضرر الذي أصابها من هذه المنافسة ، وقد تقتصر على مطالبته بالأرباح التي جناها من العمل الذي قام به ، ولكل من الشركاء فوق ذلك أن يطلب من القضاء إخراج الشريك الذي أخل بواجبه من الشركة تطبيقاً للفقرة الأولي من المادة 531 مدني وسيأتي بيانها . على أنه إذا ثبت أن الشريك قبل دخوله الشركة كان يشتغل بعمل يدخل في الأعمال التي تقوم بها الشركة على علم من شركائه ، ولم يطلبوا إليه أن يترك هذا العمل عند دخوله في الشركة ، فإن استمراره في هذا العمل لا يرتب مسئولية في ذمته ، لأن الشركاء بعدم طلبهم إليه يترك العمل يكونون قد وافقوا ضمناً عليه ( [576] ) .

ومما يترتب على العناية المطوبة من الشريك بذلها في تدبير مصالح الشركة أن الشريك إذا كان منتدباً لإدارة الشركة ، وجب عليه أن يبذل من العناية في إدارة شؤونها القدر الذي يبذله في إدارة مصالحه الشخصية ، فإن كان بأجر وجب إلا ينزل في هذه العناية عن عناية الرجل المعتاد ، كما سبق القول . فإذا أتي الشريك المنتدب لإدارة عملاً مخالفاً لنظام الشركة أو مخالفاً للقانون ، أو قصر في إدارته للشركة بحيث نزل عن مقدار العناية المطلوبة منه ( [577] ) ، كان مسئولاً عن التعويض ، وجاز طلب إخراجه من $ 329 $ الشركة تطبيقاً للفقرة الأولي من المادة 531 مدني التي سيأتي ذكرها أما إذا أصاب ضرر بسبب أجنبي لا بد له فيه ، لم يكن مسئولاً عنه لأنه لم يرتكب خطأ تترتب عليه مسئوليته ( [578] ) .

214 - تقديم الشريك حساباً عن المبالغ التي في ذمته الشركة مع الفوائد نص قانوني : تنص الفقرة الأولي من المادة 522 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " إذا أخذ الشريك أو احتجز مبلغاً من مال الشركة ، لزمته فوائد هذا المبلغ من يوم أخذه أو احتجازه ، بغير حاجه إلى مطالبة قضائية أو إعذار ، وذلك دون إخلال بما قد يستحق للشركة من تعويض تكميلي عند الاقتضاء " ( [579] ) .

 $ 330 $

والشريك ، سواء كان منتدباً للإدارة أو غير منتدب ، يجب أن يقدم حساباً للشركة عن جميع ما يقوم به من عمل لحسابها . وهو في هذا الصدد كالوكيل ، يجب عليه أن يوافي موكله بالمعلومات الضرورية عما وصل إليه في تنفيذ الوكالة ، وان يقدم له حساباً عنها ( م 705 مدني ) ( [580] ) .

وهو في الأعمال التي يقوم بها لحساب الشركة قد يصل إلى يده مال لها ، فيجب أن يؤدي حساباً عن هذا المال وان يدفعه فوراً للشركة . فإذا أراد شؤون الشركة ، قد يقبض مبالغ لحسابها ، كأن يبيع مالاً $ 331 $ للشركة فبقبض الثمن ، أو يؤجر مالا لها فيقبض الأجرة ، أو يستوفي ديناً للشركة ، أو يشتري مالا من الشركة أو يستأجر منها مالاً فيجب عليه الثمن أو الأجرة ، أو يقوم بغير ذلك من الأعمال فيقبض مالا لحساب الشركة . فالواجب عليه ألا يحتجز هذا المال في يده ، بل يوفيه للشركة فوراً إلا ما يقضي به العرف في التعامل أو الاتفاق أو نظام الشركة . وقد يأخذ مالا من الشركة لعمل يقوم به فلا يتم العمل ، أو يأخذ مالا لها لاستعماله الشخصي أو لغير ذلك من الأسباب ، ففي جميع هذه الأحوال يجب أن يرد للشركة مالها فوراً ، ما لم يقض العرف أو الاتفاق أو نظام الشركة بغير ذلك ( [581] ) .

فإذا هو احتجز مالا للشركة ، أو أخذ من الشركة مالا ، ولم يوفها ما احتجز أو ما أخذه ، كان مسئولاً عن رد هذا المال للشركة ، وكان مسئولاً أيضاً عن فوائده بالسعر القانوني أو بالسعر الاتفاقى حسب الأحوال ، بمجرد ترتب الالتزام برد المال في ذمته للشركة إلى وقت الرد ، وذلك دون حاجة إلى مطالبة قضائية أو إعذار . وهذا كله دون إخلال بأي تعويض تكميلي عن ضرر يصيب الشركة من جراء التأخر ويزيد على الفوائد المستحقة . وقد رأينا مثل ذلك فيما إذا تعهد الشريك بأن يقدم حصته في الشركة مبلغاً من النقود ولم يقدم هذا المبلغ ، فتلزمه فوائده من وقت استحقاقه من غير حاجة إلى مطالبة قضائية أو إعذار ، وذلك دون إخلال بما قد يستحق من تعويض تكميلي عند الاقتضاء ( م 510 مدني ) ( [582] ) .

 $ 332 $

والشريك في كل ذلك مسئوليته اشد من مسئولية الوكيل ، إذ الوكيل لا تلزمه فوائد المبالغ التي في ذمته للشركةالا من وقت استخدامها لصالحه أو من وقت أن يعذر ( م 706 / 2 مدني ) ( [583] ) .

وقياساً على ما تقدم ، يمكن القول أن الشريك إذا احتجز أو أخذ مالا للشركة غير النقود ، كأوراق مالية أو منقولات ، كان مسئولاً عن رده وكان مسئولاً أيضاً عن التعويض دون حاجة إلى إعذار ( [584] ) ، حتى لو لم يكن قد أفاد من هذا المال شيئاً ما دامت الشركة قد لحقها الضرر ( [585] ) . أما إذا كان المحتجز أو المأخوذ نقوداً ، فالفوائد تستحق على النحو الذي قدمناه حتى لم يصب الشركة ضرر ( [586] ) .

 المبحث الثاني

 حقوق الشريك

 215 - حق الشريك في استرداد المصروفات الناقصة مع فوائدها نص قانوني : تنص الفقرة الثانية من المادة 522 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " وإذا أمد الشريك الشرك من ماله ، أو أنفق في مصلحتها شيئاً من المصروفات النافعة عن حسن النية وتبصر ، وجبت له على الشركة فوائد هذه المبالغ من يوم دفعها " ( [587] ) .

 $ 333 $

ومن أولي حقوق الشريك ، كما رأينا ، أن يقتسم الأرباح مع شركائه على النحو الذي فصلناه فيما تقدم . وهو ، حتى لو كان منتدباً للإدارة ، لا يأخذ في الأصل أجراً على عمله إلا إذا كان هناك اتفاق على الأجر ( [588] ) ، شأنه في ذلك شأن الوكيل ( م 709 مدني ) .

ولكنه قد ينقق مصروفات في سبيل تدبيره لمصالح الشركة ، فيفي مثلاً بديون الشركة من ماله الخاص ، أو يتعهد لحساب الشركة فيلتزم شخصياً نحو الغير ونفذ تعهده ، أو يمد الشركة بشيء من ماله ينفقه في مصالحها . فإذا كانت المصروفات التي أنفقها تعود بالنفع على الشركة ،وكانت غير $ 334 $ مبالغ فيها بل كان الإنفاق عن حسن نية وتبصر ، فإنه يرجع على الشركة بما أنفق ، أما باعتباره فضولياً . وفي الحالتين لا يقتصر على الرجوع بالمبالغ التي أنفقها ، بل يرجع أيضاً بفوائد هذه المبالغ بالسعر القانوني أو بالسعر الاتفاقي ، من يوم أن دفعها ( [589] ) . وشأن الشريك في ذلك شأن الوكيل ( م 710 مدني ) وشأن الفضولي ( م 195 مدني ) ( [590] ) .

216 - تصريف الشريك في حقه في الشركة إشراك الغير في حقه ( الرويف ( croupire : ويحسن تحديد حق الشريك في الشركة قبل الكلام في التصرف في هذا الحق . فليس حق الشريك في الشركة هو حصته في رأس المال ، فإن هذه الحصة قد قدمها للشركة فانتقلت ملكيتها منه إليها على النحو الذي قدمناه . فالشريك إذن لا يكون مالكاً لحصته بعد تقديمها للشركة ، ومن ثم لا يستطيع أن يتصرف في هذه الحصة . وإنما حق الشريك في الشركة هو حق دائنيه ( droit de creance ) يحول له أن يساهم في أرباح الشركة وان يقتسم رأس المال مع سائر الشركاء بعد حلها وتصفيتها ( [591] ) . فهل يستطيع أن يتصرف في هذا الحق للغير؟

الأصل أن الشريك إنما لوحظت فيه اعتبارات شخصية عند قبوله شريكاً ، فلا يجوز أن ينزل عن حقه في الشركة ( [592] ) ، بعوض أو بغير $ 335 $ عوض ، لأجنبي يحل محله ويصبح شريكاً مكانه ( [593] ) . وذلك ما لم يقبل سائر الشركاء هذا التنازل ويرتضوا الأجنبي شريكاً ، ويكون هذا تعديلاً في عقد الشركة يقتضي الموافقة عليه من جميع الشركاء كما قدمنا ، وقد ينص عقد الشركة مقدماً على إمكان هذا التنازل ، ويشترط له شروطاً يذكرها ، كأن يشترط موافقة الشركاء ( [594] ) ، أو أن يعرض الشريك حقه على الشركاء قبل أن ينزل عنه لأجنبي ( [595] ) ، أو غير ذلك من الشروط .

فإذا استوفي الشريك الشروط الواجبة ، جاز له التصرف في حقه لأجنبي ، وأصبح الأجنبي شريكاً مكانه له جميع حقوق الشريك وعليه جميع واجباته . والتنازل في هذه الحالة يكون أقرب إلى حوالة الحق ، فحق الشريك قبل الشركة كما قدمنا حق دائنيه ( droit de creance ) ، فيجب إعلان الشركة به أو قبولها له حتى يكون التنازل نافذاً في حقها ، ويجب أن $ 336 $ يكون القبول ثابت التاريخ حتى يكون التنازل نافذاً في حق الغير ، وهذه هي القواعد المقررة في حوالة الحق ( [596] ) .

أما إذا لم يستوف الشريك الشروط الواجبة ، وتنازل مع ذلك عن حقه لأجنبي ، فإن التنازل يبقى قائماً بينه ولين الأجنبي ( [597] ) ، ولكنه لا يكون نافذاً في حق الشركة أو الشركاء فيبقي الشريك المتنازل شريكاً في الشركة ويكون الأجنبي بعيداً عنها لا علاقة له بها ولا يجوز له التدخل في شؤونها ، ويتقاضى الشريك حقوقه من الشركة ويرجع عليه الأجنبي هذه الحقوق والشريك وحده هو الذي يطالب الشركة بالاطلاع على دفاترها ومستنداتها ، وبقسمة أرباحها ، وهو وحده الذي يحق له الاعتراض على عمل من أعمال الإدارة عندما يجوز للشركاء الاعتراض على هذه الأعمال ، وهو الذي يطالب بنصيبه في رأس المال عند حل الشركة وتصفيتها . أما الأجنبي فلا يستطيع شيئاً من ذلك ، وإنما يرجع كما قدمنا على الشريك الذي تنازل له عن حقه ، وله أيضاً أن يرجع على الشركة باسم الشريك الذي تنازل له عن حقه ، وله أيضاً أن يرجع على الشركة باسم الشريك باعتباره دائناً له وذلك عن طريق الدعوى غير المباشرة فيطالب الشركة بحقوق الشريك لا بحقوقه هو ( [598] ) .

وكما أن الشريك لا يستطيع أن يتنازل عن حقه في الشركة إلا بموافقة سائر الشركاء على النحو الذي قدمناه ، كذلك لا ينتقل هذا الحق إلى ورثة الشريك بالميراث . وسنرى فيما يلي أن الشركة تنتهي بموت أحد الشركاء ( م 528 / 1 مدني ) ، وان يجوز الاتفاق على أنه إذا مات أحد الشركاء تستمر الشركة مع ورثته $ 337 $ ولو كان قصراً ، كما يجوز الاتفاق على أن تستمر الشركة فيما بين الباقين من الشركاء وفي هذه الحالة لا يكون لورثة الشريك إلا نصيبه في أموال الشركة ( م 528 / 2,3 مدني ) ، وسيأتي بيان ذلك فيما يلي .

أما دائنو الشريك فليست لهم حقوق مباشرة على حق الشريك ، فليس لهم أثناء قيام الشركة أن يتقاضوا حقوقهم فيما يخص ذلك الشريك في رأس المال ، وإنما لهم أن يتقاضوها فيما يخصه في الأرباح . أما بعد تصفية الشركة فيكون لهم أن يتقاضوا حقوقهم من نصيب مدينهم في أموال الشركة الصافية ، ويجوز لهم قبل التصفية توقيع الحجز التحفظي على نصيب الشريك ( [599] ) .

وإذا كان الشريك لا يحق له التصرف في حقه تصرفاً ينفذ في حق الشركة بدون موافقة الشركاء ، فإنه مع ذلك يستطيع بدون موافقة الشركاء أن يشرك غيره في حقه ، فيتخذ له رديفاً ( croupier ) ( [600] ) ، ولكن هذا الإشراك لا يكون نافذاً في حق الشركة ، وتقتصر آثاره على العلاقة فيما بين الشريك والرديف ( [601] ) . فإذا أشرك الشريك الرديف في حقه بمقدار النصف مثلاً ، قامت شركة من الباطن فيما بينها ، وتكون شركة محاصة ( [602] ) فيكون لكل $ 338 $ من الشريك والرديف نصف أرباح الشريك من الشركة ، ويكون على كل منهما نصف الخسارة ( [603] ) . وإذا حلت الشركة وصفيت ، وأعطى الشريك نصيبه من رأس المال ، واقتسم معه الرديف هذا النصيب مناصفة . ولكن الرديف لا تكون له علاقة مباشرة بالشركة الأصلية ، فلا يطالبها بأرباح ولا تطالبه بخسارة ، ولا يستطيع أن يشترط في مداولاتها ، ولا في إدارتها وليس له حق الاعتراض على أعمال الإدارة ، ولا أن يطلب الاطلاع على دفاتر الشركة ومستنداتها ، ولا أن يتدخل في أي شأن من شؤونها ، وتبقى علاقته مقصورة على الشريك الذي كون معه الشركة من الباطن كما قدمنا وهذا لا يمنع من رجوع الرديف على الشركة بطريق الدعوى غير المباشرة ، فيطالبها باسم الشريك بحقوق هذا الشريك في الأرباح مثلاً ،وبسائر الحقوق التي تكون للشريك قبل الشركة . كذلك للشركة أن ترجع بطريق الدعوى غير المباشرة على الرديف ، فتطالبه بوجه خاص باسم الشريك بالمساهمة في خسائر الشركة ( [604] ) .

وعدم جواز تنازل الشريك عن حقه في الشركة إنما يسرى أثناء قيام الشركة ( [605] ) .أما بعد حل الشركة ، فيجوز لكل شريك ، وقد أصبح مالكاً على الشيوع لأموال الشركة ، أن ينزل عن حقه لأجنبي ، وان ينيبه عنه في التصفية ، ولهذا الأجنبي أن يستعمل حقوق الشريك وان يحل محله ( [606] ) .

 $ 339 $

 المبحث الثالث

 حقوق دائني الشركة والدائنين الشخصيين للشركاء

 المطلب الأول

 حقوق دائني الشركة

 217 - النصوص القانونية :تنص المادة 523 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - إذا لم تف أموال الشركة بديونها ، كان الشركاء مسئولين عن هذه الديون في أموالهم الخاصة ، كل منهم بنسبة نصيبه في خسائر الشركة ما لم يوجد اتفاق على نسبة أخرى ، ويكون باطلاً كل اتفاق يعفي الشريك من المسئولية عن ديون الشركة " .

 " 2 - وفي كل حال يكون لدائني الشركة حق مطالبة الشركاء كل بقد الحصة التي تخصصت له في أرباح الشركة " .

وتنص المادة 524 على ما يأتي :

 " 1 - لا تضامن بين الشركاء فيما يلزم كلا منهم من ديون الشركة ، ما لم يتفق على خلاف ذلك " .

 " 2 - غير أنه إذا أعسر أحد الشركاء ، وزعت حصته في الدين على الباقين كل بقدر نصيبه في تحمل الخسارة " ( [607] ) .

 $ 340 $

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المواد 249 / 522 و 443 / 540 و 444 / 541 ( [608] ) .

وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 491 - 492 - وفي التقنين المدني الليبي م 516 - 519 - وفي التقنين المدني العراقي م 643 - 644 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 906 - 908 ( [609] ) .

 $ 341 $

218 - حقوق دائني الشركة على أموال الشركة : لما كانت الشركة شخصاً معنوياً ، فأموالها ملك لها خاصة لا للشركاء .ومن ثم تكون هذه الأموال هي الضمان العام لدائني الشركة ، شأن الشركة في ذلك شأن كل $ 342 $ مدين .ويكون لدائني الشركة أن يتقاضوا حقوقهم من أموال الشركة بالطرق القانونية المقررة ، ولا يزاحمهم في ذلك الدائنون الشخصيون للشركاء لأن أموال الشركة ليست للشركاء كما قدمنا .وإذا كانت أموال الشركة لا تفي بجميع حقوق دائنيها ، قسمت هذه الأموال بينهم قسمة الغرماء ، مع مراعاة حقوق الدائنين الذين لهم قانون التقدم على سائر الدائنين .

ولا يجوز لدائن الشركة أن ينفذ بحقه على أموال الشركاء الخاصة قبل أن ينفذ على أموال الشركة ، وإلا ينفذ بحقه على أموال الشركاء الخاصة قبل أن ينفذ على أموال الشركة ، وإلا كان للشركاء حق طلب التجريد ( [610] ) . فدائن الشركة يتقاضي حقه أولاً من أموال الشركة ، فإن بقى له شيء رجع به في أموال الشركاء الخاصة ( [611] ) على النحو الذي سنبينه .

219 - حقوق دائني الشركة على أموال الشركاء الخاصة : فإذا فرض أن دائناً للشركة بمبلغ ألفين لم يستوف من مال الشركة غير ألف ، فإنه يرجع بالأف الباقية على الأموال الخاصة للشركاء . ونفرض أن الشركاء أربعة ، وان أنصبتهم في خسائر الشركة متساوية ، فيكون لدائن الشركة في هذه الحالة أن يرجع على كل من الشركاء الأربعة بنسبة نصيبه في خسائر الشركة ( م 523 / 1 مدني ) ، فيرجع على كل منهم بمائتين وخمسين ( [612] ) . ولا يكون هؤلاء الشركاء الأربعة متضامنين نحو دائن الشركة ، $ 343 $ إلا إذا كان التضامن مشترطاً ، فعندئذ يستطيع الدائن أن يرجع علي أي من الشركاء بالأف كلها ويرجع من دفع الأف على سائر الشركاء كي بقدر حصته طبقاً لقواعد التضامن .أما إذا كان التضامن غير مشترط ( [613] ) ، فإن دائن الشركة لا يرجع على كل شريك إلا بمائتين وخمسين كما قدمنا ( م 524 / 1 مدني ) ،ولكن إذا أعسر أحد هؤلاء الشركاء فلم يستطيع دائن الشركة أن يتقاضى منه شيئاً ، فإن حصته في الدين ، وهي مائتان وخمسون ، توزع على الثلاثة الباقين كل بقدر نصيبه في تحمل الخسارة ( م 524 / 2 مدني ) . فيرجع دائن الشركة على كل من الثلاثة الباقين بثلاثمائة وثلاثين وثلث ، ويكون الشركاء هم الذين تحملوا تبعة إعسار صاحبهم ، ولم يتحمل الدائن هذه التبعة ، وهذه هي إحدى فوائد التضامن أثبتها القانون لدائن الشركة دون أن يثبت له بقية الفوائد . وإذا أعسر شريكان من الأربعة ، وزع نصيباهما على الاثنين الباقيين ، ورجع دائن الشركة على كل من هذين الاثنين بخمسمائة .

وقد يتفق الشركاء على أن يكون نصيب كل منهم في مسئوليته عن ديون الشركة في ماله الخاص غير نصيبه في تحمل خسائر الشركة ، فيكون نصيب الشريك في تحمل خسائر الشركة مثلاً الربع ونصيبه في المسئولية عن ديون الشركة الثلث ، وعند ذلك يراعى هذا الاتفاق ، ويرجع دائن الشركة على هذا الشريك بثلث ما بقى من حقه لا بالربع فقط .

ويلاحظ أن دائن الشركة إذا رجع على أحد الشركاء في ماله الخاص بنسبة معينة وفقاً للقواعد المتقدم ذكرها ، زاحمه الدائنون الشخصيون لهذا الشريك ، لأن مملوك لمدينهم فيدخل في ضمانهم ، فإذا لم يف مال الشريك الخاص بحقوق دائن الشركة ودائنيه الشخصيين ، فما نقص من $ 344 $ حق دائن الشركة يرجع به هذا على بقية الشركاء كل بقدر نصيبه في الخسارة ، لأن هذا إعسار جزئي من أحد الشركاء يتحمله الباقون بهذه النسبة كما سبق القول .

ولا يجوز أن يتفق الشركاء على إعفاء أحدهم من مسئوليته في ماله الخاص عن ديون الشركة ، ويكون هذا الاتفاق باطلاً ، ولا يستطيع الشريك الذي أعفي أن يتمسك بهذا الإعفاء ، لا قبل دائن الشركة ولا قبل سائر الشركاء . والبطلان هنا لنفس الأسباب التي سبق ذكرها عند الكلام في بطلان شركة الأسد ( [614] ) . وإنما يجوز كما قدمنا أن يتفق الشركاء على أن يكون نصيب شريك منهم في مسئوليته عن ديون الشركة في ماله الخاص اقل أو أكبر من نصيبه في تحمل خسائر الشركة .

220 - حقوق دائني الشركة على حصص الشركاء في الأرباح :

على أن هناك جزءاً من أموال الشركاء الخاصة يتميز بان دائني الشركة يستطيعون أن ينفذوا عليه كله دون تقيد بنصيب الشريك في مسئوليته عن الديون ، وذلك هو ما يصيب الشريك من أرباح الشركة . ذلك أن الشريك لا يجوز أن يخلص له ربح من الشركة قبل أن يستوفي دائنو الشركة حقوقهم كاملة ، وإلا كان مثرياً على حساب الدائنين . وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 523 مدني ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص : " يطابق هذا النص ما ورد بالمادة 444 / 541 من التقنين الحالي ( السابق ) . والحكم الوارد به هو تطبيق للقواعد العامة ، إذ لا يجوز أن يثرى شخص بلا سبب على حساب الغير . وعلى ذلك يجوز $ 345 $ دائماً للدائن أن يرجع على الشريك بقدر ما عاد عليه من أرباح الشركة ( [615] ) . ونفرض ، تطبيقاً لهذا النص ، أن شريكاً نصيبه في خسائر الشركة هو الثلث ، وقد حصل من أرباحها على أربعمائة ، وان دائناً للشركة بقى له من حقه بعد أن استنفد مال الشركة ستمائة . فالدائن له أن يرجع في هذه الحالة على هذا الشريك في ماله الخاص بثلث ما بقى للدائن ، أي بمائتين .ولكن الدائن يستطيع أيضاً أن يرجع على الشريك بالأربعمائة كلها التي حصل عليها الشريك من أرباح الشركة ، لأن هذا الجزء من مال الشريك الخاص مسئول عن كل ما بقي من ديون الشركة كما قدمنا . فإذا استوفي الأربعمائة من الشريك لم يرجع عليه بشيء آخر لأنه استوفي أكبر القيمتين ، قيمة الثلث وقيمة نصيب الشريك من الأرباح . ويرجع دائن الشركة على بقية الشركاء بالمائتين الباقيتين بعد أن استوفي الأربعمائة ، ويستطيع هنا أيضاً أن يستوفي المائتين من أنصبة بقية الشركاء في الأرباح على النحو الذي قدمناه .

ويلاحظك أن دائن الشركة إذا رجع فيما بقى له من حقه على نصيب شريك في أرباح الشركة ، فإن هذا النصيب وهو مملوك للشريك يزاحمه فيه دائنو الشريك الشخصيون . ففي المثل المتقدم إذا رجع الدائن بالستمائة الباقية له على الشريك في الأربعمائة التي هي نصيبه في الربح ، ولم يكن للشريك ما ل خاص غير ذلك ، وكان له دائن شخصي بستمائة ، زاحم هذا الدائن دائن الشركة في الأربعمائة ، وأخذ كل منهما مائتين . ويرجع دائن الشركة بما بقى له بعد ذلك على الشركاء الآخرين وفقاً للقواعد التي تقدم ذكرها .

ويرجع الدائن على الشريك فيما حصل عليه من أرباح الشركة بسبب $ 346 $ العقد الذي أبرمه الدائن مع الشركة ، حتى لو كان هذا الدائن قد تعاقد مع مدير للشركة جاز حدود سلطته أو مع شخص ليست له سلطة الإدارة أصلاً . فما دام هذا التعاقد قد عاد بربح على الشريك ، كان للدائن أن يرجع عليه بمقدار هذا الربح ، إذ يكون الشريك قد أثرى على حساب الدائن فتنطبق قواعد الإثراء بلا سبب .وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وينطبق هذا النص على حالة الشريك الذي تعدى سلطته في الإدارة أو الذي لم تكن له سلطة الإدارة ، ولكنه تعاقد باسم الشركة ، ففي الحالتين لا يسأل الشركاء إلا إذا كان قد عاد عليهم ربح من عمل هذا الشريك ، وبقدر هذا الربح " ( [616] ) .

ا المطلب الثاني

 حقوق الدائنين الشخصين للشركاء

221 - النصوص القانونية : تنص المادة 525 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " إذا كان لأحد الشركاء دائنون شخصيون ، فليس لهم أثناء قيام الشركة أن تقاضوا حقوقهم مما يخص ذلك الشريك في رأس المال ، وإنما لهم أن يتقاضوا مما يخصه من الأرباح . أما بعد تصفية الشركة فيكون لهم أن يتقاضوا حقوقهم من نصيب مدينهم في أموال الشركة بعد استنزال ديونها ، ومع ذلك يجوز لهم قبل التصفية توقيع الحجز التحفظي على نصيب هذا المدين " ( [617] ) .

 $ 347 $ ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكنه متفق مع القواعد العامة .

ويقابل في القنينات المدنية العربية الأخرى :في التقنين المدني السوري م 943 - وفي التقنين المدني الليبي م 520 - 521 - وفي التقنين المدني العراقي م 645 وفي التقنين الموجبات والعقود اللبناني 909 ( [618] ) .

222 - لا حقوق للدائنين على أموال الشركة :الدائن الشخصي للشريك لا حقوق له على مال الشركة ، إذ أن هذا المال ملك للشركة لا للشريك مدينه كما سبق القول . فهو لا يستطيع أن ينفذ على $ 348 $ مال الشركة ، ولو بقدر حصة مدينه في رأس المال . وإذا كان مديناً للشركة فإنه لا يستطيع أن يقاص الدين الذي عليه للشركة بالدين الذي له في ذمة الشريك ، فهو مدين للشركة ودائن للشريك ، والشريك غير الشركة ، فلا تقع المقاصة ( [619] ) .

على أن الدائن الشخصي للشريك يستطيع أن يستعمل حقوق مدينة الشريك قبل الشركة بطريق الدعوى غير المباشرة . فيستطيع مثلاً أن يطالب باسم الشريك بنصيب هذا في أرباح الشركة ، وإذا كان الشريك دائناً للشركة بحق آخر استطاع دائنه أن يطالب باسمه الشركة بهذا الدين . ويجوز للشريك كذلك أن يوقع حجزاً تحفظياً تحت يد الشركة على ما يكون للشريك من حقوق في ذمتها ، كنصيبه في الأرباح أو ديون أخرى .

223 - حقوق الدائنين الشخصيين على أموال الشريك الخاصة المستمدة من الشركة : وللدائن الشخصي للشريك بداهة أن ينفذ على الأموال الخاصة للشريك مدينة فهذه الأموال ضمانه العام . وهو في تنفيذه على هذه الأموال يزاحمه فيها دائن الشركة إذا كان لهذا حق الرجوع على أموال الشريك الخاصة وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .

ويجوز لدائن الشريك أن ينفذ على أموال الشريك الخاصة التي يستمدها من الشركة ، فيجوز له أن ينفذ على الأرباح التي يقبضها الشريك من الشركة ، ويزاحمه فيها دائماً دائن الشركة بما يتبقى له من حقوق يرجع بها على أموال الشريك الخاصة ، وقد سبق بيان ذلك .

وإذ صفيت التركة أصبح رأس مالها ملكاً شائعاً بين الشركاء ، وأصبح للشريك المدين جزء شائع في هذا المال يدخل ضمن أمواله الخاصة . ومن $ 349 $ ثم يملك دائنه الشخصي في هذه الحالة أن ينفذ بحقه على هذا الجزء الشائع ، ولا تتصور مزاحمة دائني الشركة له في هذا الجزء ، فإن التصفية تقتضي أن تكون ديون الشركة قد وفيت جميعاً وما بقى من مال الشركة فهو ملك خالص للشركاء . على أن ذائن الشريك يستطيع قبل التصفية وسداد ديون الشركة أن يتخذ الإجراءات التحفظية بالنسبة حصة الشريك المدين ، فيحجز مثلاً حجزاً تحفيظاً تحت يد المصفي على حصة الشركة ي ، حتى إذا صفيت الشركة وسددت ديونها كان له أن ينفذ على هذه الحصة بعد أن أصبحت ملكاً خالصاً للمدين ( [620] ) .

 الفصل الثالث

 انقضاء الشركة

224 - أسباب انقضاء الشركة وتصفيتها : هناك أسباب تنقضي بها الشركة ، فإذا ما انقضت صفيت أموالها وقسمت ما بين الشركاء . أما القسمة فلا تكون إلا بعد التصفية ، وقد أصبح المال شائعاً بين الشركاء ، فتتبع في قسمته القواعد المتعلقة بقسمة المال الشائع ( م 537 مدني ) .

والكلام في قسمة المال الشائع يكون عند الكلام في الملكية على الشيع فيبقي أن نبحث موضوعين ( 1 ) أسباب انقضاء الشركة ( 2 ) تصفية الشركة .

 الفرع الأول

 أسباب انقضاء الشركة

225 - نوعان من الأسباب : هناك أسباب إذا قامت انقضت الشركة من تلقاء نفسها بحكم القانون ، وهناك أسباب أخرى تبيح لكل شريك أن يطلب من القضاء حل الشركة .

 المبحث الأول

 أسباب انقضاء الشركة من تلقاء نفسها بحكم القانون

226 - أسباب ترجيع إلى محل الشركة وأسباب ترجع إلى الشركاء : الأسباب التي تنقضي بها الشركة من تلقاء نفسها بحكم القانون بعضها يرجع إلى محل الشركة من عمل تقوم به أو مال تستغله ، وبعضها يرجع إلى الشركاء $ 351 $ أنفسهم إذا مات أحدهم أو حجر عليه أو أعسر أو أفلس أو انسحب من الشركة .

 المطلب الأول

 أسباب الانقضاء التي ترجع إلى محل الشركة

227 - انتهاء الميعاد أو العمل وهلاك المال : محل الشركة هو العمل الذي تقوم به والمال الذي تستغله في هذا العمل . فإذا زال هذا المحل زالت الشركة بزواله من تلقاء نفسها بحكم القانون . فنستعرض إذن : ( 1 ) انتهاء ميعاد الشركة أو انتهاء عملها .

( 2 ) هلاك مال الشركة .

228 - انتهاء ميعاد الشركة أو انتهاء عملها نص قانوني :

تنص المادة 526 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - تنتهي الشركة بانقضاء الميعاد المعين لها ، أو بانتهاء العمل الذي قامت من أجله " .

 " 2 - فإذا انقضت المدة المعينة أو انتهي العمل ، ثم استمر الشركاء يقومون بعمل من نوع الأعمال التي تألفت لها الشركة ، امتد العقد سنة فسنة بالشروط ذاتها " .

 " 3 - ويجوز لدائن أحد الشركاء أن يعترض على هذا الامتداد ، ويترتب على اعتراضه وقف أثره في حقه ( [621] ) " .

 $ 353 $

ويخلص من هذا النص أن الشركة قد يتحدد وقت قيامها بمدة معينة أو بعمل معين . فإذا انتهت هذه المدة أو فرغت الشركة من هذا العمل ، انقضت الشركة بمجرد انتهاء المدة أو بمجرد الفراغ من العمل . فإذا تألفت شركة وحددت مدتها بعشر سنين مثلاً ، فبانتهاء عشر السنين تنقضي الشركة ( [622] ) . وإذا تألفت لبيع أراض محددة ، وفرغت من بيع كل هذه الأراضي ، انتهي عملها فانقضت . وتنقضي الشركة في الحالتين ، ولو كان هذا ضد رغبة الشركاء ، وما عليهم إذا أرادوا الاستمرار في العمل إلا أن يتفقوا على إنشاء شركة جديدة ( [623] ) .

على أنه إذا تحدد لقيام الشركة مدة معينة ، وقبل انتهاء هذه المدة اتفق الشركاء جميعاً على مدها ، امتدت الشركة ذاتها إلى ما بعد المدة المحددة بمقدار ما امتد منها ( [624] ) . فإذا كانت مدة الشركة خمس سنوات مثلاً ، وبعد $ 354 $ أربع سنوات اتفق الشركاء على مد المدة ثلاث سنوات أخرى ، بقيت الشركة قائمة إلى ان تنتهي الثمانو السنوات ، خمس هي المدة الأصلية وثلاث امتدت لها الشركة . أما إذا انتهت الخمس السنوات ، فانقضت الشركة بانتهائها ، وأراد الشركاء الاستمرار في العمل ، فإن الشركة التي يؤلفونها عند ذلك تكون شركة جديدة غير الشركة الأولي ، وتحتاج في إنشائها إلى إعادة الإجراءات من كتابة ونشر وغير ذلك . وكذلك أن انتهي العمل الذي ألفت من أجله الشركة ، بأن فرغت الشركة مثلاً من بيع الأراضي المحددة التي تألفت لبيعها ، وأراد الشركاء الاستمرار في العمل بشراء أراض جديدة وبيعها ، كانت الشركة التي يؤلفونها عند ذلك هي أيضاً شركة جديدة غير الشركة الأولي ( [625] ) .

فامتداد الشركة إذن غير تجديدها : الامتداد هو استمرار للشركة $ 355 $ الأصلية .والتجديد أما أن يكون تجديداً صريحاً ضمنياً كما في عقد الإيجار . فالتجديد يكون صريحاً إذا اتفق الشركاء صراحة ، بعد انتهاء الشركة الأصلية بانقضاء مدتها أو انتهاء عملها ، على إنشاء شركة جديدة تمضي في نفس الأعمال التي كانت الشركة الأصلية تقوم بها . ويكون التجديد ضمنياً إذا انتهت مدة الشركة أو انتهي عملها ، ومع ذلك استمر الشركاء يقومون بأعمال من نوع الأعمال التي تألفت لها الشركة .ويختلف التجديد الضمني عن التجديد الصريح في شيئين : ( أولاً ) يعتبر استمرار الشركاء في العمل في التجديد الضمني اتفاقاً على إنشاء الشركة الجديدة ، فلا حاجة إلى اتفاق صريح مكتوب كما في التجديد الصريح ( [626] ) ، ولكن يجب النشر في التجديد الضمني كما في التجديد الصريح . ( ثانياً ) في التجديد الصريح يتفق الشركاء على مدة الشركة الجديدة ، أما في التجديد الضمني فقد تكفل المشرع بتحديد هذه المدة إذ تتجدد الشركة الأصلية سنة فسنة بالشروط ذاتها ( [627] ) . وقد كانت الفقرة الأولي من المادة 711 من المشروع التمهيدي واضحة في هذا المعنى ، إذ كانت تجري على الوجه الآتي : " إ]ذا مد أجل الشركة بعد انقضاء المدة المحددة لها ، كانت هناك شركة جديدة . أما إذا حصل المد قبل انقضاء المدة المحددة ، كان ذلك استمراراً للشركة الأولي ( [628] ) " $ 356 $

وسواء امتدت الشركة أو تجددت ، فإن الدائن الشخصي للشريك ، إذا لم يجد في الأموال الخاصة لمدينه وفاء بحقه ، كان له أن يعترض على الامتداد أو التجديد ،وان يطلب تصفية نصيب مدينه في الشركة حتى يتمكن من التنفيذ عليه . فيقف أثر الامتداد أو التجديد في حق دائن الشريك ، بل أن الامتداد أو التجديد لا يتم في هذه الحالة بين باقي الشركاء إلا باتفاق جديد يصدر منهم . وهذا ما تنص عليه صراحة الفقرة الثالثة من المادة 526 مدني كما رأينا ( [629] ) .

229 - هلاك مال الشركة نص القانوني :تنص المادة 527 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - تنتهي الشركة بهلاك جميع مالها أو جزء كبير منه بحيث لا تبقى فائدة من استمرارها " .

 " 2 - وإذا كان أحد الشركاء قد تعهد بأن يقدم حصته شيئاً معيناً بالذات وهلك هذا الشيء قبل تقديمه ، أصبحت الشركة منحلة في حق جميع الشركاء ( [630] ) " .

 $ 358 $

ويخلص من هذا النص أن الشركة تنقضي بهلاك مالها ، بأن يتلف أو يضيع أو تستنفده الخسائر ( [631] ) ،دون أن يتفق الشركاء على تعويض ما هلك منه بزيادة الحصص ،ودون أن تعوض الشركة عن الهلاك ( [632] ) .

فإذا هلك مال الشركة على هذا الوجه ( [633] ) ، لم تجد ما تستطيع أن تستمر به في أعمالها ، ويتحتم أن تنقضي بمجرد هلاك المال . وليس من الضروري أن يكون هلاك المال مادياً ، بل يصح أن يكون معنوياً كما لو سحبت الرخصة التي تتيح للشركة القيام بعملها أو أبطل حق الاختراع الذي تستغله ( [634] ) .

وليس من الضروري أن يهلك كل المال ، بل يكفي أن يهلك جزء كبير منه بحيث لا يكفي الباقي بأن تقوم الشركة بعمل نافع . فإذا هلكت مباني الشركة بسبب حريق مثلاً ،وكانت المباني هي العنصر الأساسي في رأس المال ولا تستطيع الشركة بعد حريق المباني أن تواصل عملها ، انقضت ، إلا إذا كانت المباني مؤمناً عليها وقبضت الشركة مبلغ التأمين فإنها تبقى وتعيد المباني . وليس هناك حد ثابت للهلاك الجزئي يجب الوصول إليه لانتهاء الشركة والأمر متروك تقديره إلى القاضي عند الخلاف بين الشركاء ، فإذا رأى أن الشركة لا تستطيع مواصلة العمل بالباقي من مالها حكم بأن الشركة قد انقضت .وقد ينص عقد تأسيس الشركة على نسبة معينة للهلاك الجزئي ، $ 359 $ كأن يتفق على أنه هلك تصف أموال الشركة أو ثلثها اعتبرت الشركة منقضية ( [635] ) .

ويلحق بهلاك مال الشركة أن تهلك حصة أحد الشركاء إذا كانت الحصة شيئاً معيناً بالذات تعهد الشريك بتقديمه ملكية أو منفعة ، وهلك قبل تسليمه للشركة ( [636] ) . وقد رأينا أن تبعة هلاك الشيء المعين $ 360 $ بالذات الذي تعهد أحد الشركاء بتقديمه حصة في الشركة تكون قبل التسليم على الشريك . ولكن الشريك فقي هذه الحالة لا يلزم بتقديم يدل عن الشيء الذي هلك ، وإذا هو لم يتفق مع سائر الشركاء على تقديم هذا البدل فلا إجبار عليه في ذلك ،وله أن ينسحب من الشركة . فتصبح الشركة على هذا النحو في وضع لم تستكمل فيه جميع رأس مالها ، ويترتب على ذلك انعدام عنصر أساسي من عناصر الشركة وهو مساهمة كل شريك بحصة في رأس المال ( [637] ) . وهذا لا يمنع من أن يتفق باقي الشركاء على بقاء الشركة فيما بينهم بالرغم من انسحاب الشريك الذي هلكت حصته ، بل لا يوجد ما يمنع كما قدمنا من الاتفاق مع هذا الشريك على أن يبقى ويقدم حصة بدلاً من الحصة التي هلكت .

ويلاحظ أن هلاك حصة الشريك قبل تسليمها للشركة يجعل الشركة تنحل ، حتى لو كانت الحصص الباقية كافية ليقام الشركة بأعمالها أما هلاك هذه الحصة ذاتها بعد تسليمها للشركة فلا يجعل الشركة تنحل ، إذا كان الباقي من مال الشركة كافياً لاستمرارها في العمل . والفرق بين الفرضين أنه في حالة هلاك حصة الشريك قبل تسليمها للشركة يصبح الشريك غير المساهم في رأس مال الشركة ، لأن الحصة تهلك عليه لا على الشركة . أما بعد تسليم الحصة للشركة ، فهلاكها على الشركة لا عليه ، ويصبح هو مساهماً في رأس مال الشركة بالرغم من هلاك الحصة .

 المطلب الثاني

 أسباب الانقضاء التي ترجع إلى الشركاء

230 - طائفتان من الأسباب : وأسباب انقضاء الشركة التي ترجع $ 361 $ إلى الشركاء تنقسم إلى طائفتين من الأسباب ( 1 ) موت أحد الشركاء أو الحجر عليه أو إعساره أو إفلاسه ( 2 ) انسحاب أحد الشركاء من الشركة أو إجماع الشركاء على حلها .

231 - موت أحد الشركاء أو الحجر عليه أو إعساره أو إفلاسه : نص قانوني :تنص المادة 528 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " " 1 - تنتهي الشركة بموت أحد الشركاء أو بالحجر عليه أو بإعساره أو بإفلاسه " .

 " 2 - ومع ذلك يجوز الاتفاق على أنه إذا مات أحد الشركاء تستمر الشركة مع ورثته ، ولو كانوا قصراً " .

 " 3 - ويجوز أيضاً الاتفاق على أنه إذا مات أحد الشركاء أو حجر عليه أو أعسر أو أفلس أو انسحب وفقاً لأحكام المادة التالية ، تستمر الشركة فيما بين الباقين من الشركاء . وفي هذه الحالة لا يكون لهذا الشريك أو ورثته إلا نصيبه في أموال الشركة ، ويقدر هذا النصيب بحسب قيمته وقت وقوع الحادث الذي أدى إلى خروجه من الشركة ويدفع له نقداً .ولا يكون له نصيب فيما يستجد بعد ذلك من حقوق ، إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة من عمليات سابقة على ذلك الحادث " ( [638] ) .,

 $ 363 $

ويخلص من هذا النص أن الشركة تنقضي إذا مات أحد الشركاء فلا تحل ورثته محله ، إذ أن شخصية الشريك في الشركات المدنية تكون $ 364 $ دائما محل اعتبار وتقوم الشركة على الثقة الشخصية ما بين الشركاء والشركاء إنما تعاقدوا بالنظر إلى صفات الشريك الشخصية لا إلى صفات الورثة ( [639] ) . على أنه لا يوجد ما يمنع من أن ينص في عقد الشركة على أنه في حالة موت أحد الشركاء تبقي الشركة قائمة ، ويحل الورثة محل الشريك الذي مات ( [640] ) . فيتبين عندئذ أن الشركاء لم يتعاقدوا بالنظر إلى صفات الشريك ، وأنه لا مانع عندهم من أن يحل محل الشريك ورثته .وقد يكون هذا الاتفاق ضمنياً ، كما إذا اتفق الشركاء في عقد الشركة على جواز تنازل الشريك عن حقه في الشركة لأجنبي وإحلال المتنازل له محله في الشركة ( [641] ) ، فيفهم من ذلك أنه لا يوجد مانع عند الشركاء من أن يحل محل الشريك غيره ، وإذا جاز للأجنبي أن يحل محل الشريك فأولي أن يحل محله الورثة ( [642] ) فإذا وجد اتفاق صريح أو ضمني على هذا النحو ( [643] ) ومات أحد الشركاء لا تنقضي بل تبقى قائمة ، ويحل محل $ 365 $ الشريك الذي مات ورثته ، ولو كان هؤلاء الورثة قصراً دون حاجة إلى إذن من المحكمة ( [644] ) . ويمثل الورثة القصر في الشركة الولي أو الوصي ( [645] ) . وقد يعترض على الحكم بأن ورثة الشريك يصبحون شركاء دون رضائهم ، ولكن يسهل دفع هذا الاعتراض إذا لوحظ أن الورثة يؤول إليهم من مورثهم حقه في الشركة لا الأعيان والأموال المملوكة للشركة ، فيجدون أنفسهم شركاء وقد دفع مورثهم الحصة عنهم . " وهذا الوضع لا ينبغي أن يتغير بسبب قصر ورثة الشريك ، وفي الإجراءات المقررة في قانون المحاكم الحسبية ( قانون الولاية على المال ) والأحكام الأخرى الواردة في باب الشركات ما يكفل حمايتهم . على أنه يلاحظ أن هذا الحكم لا يسري إلا باتفاق خاص ( [646] ) ، والشريك لا يرتضى ذلك إلا إذا كان لديه من الاعتبارات ما يجعله مطمئناً إلى مستقبل وارثه ، أما ترك الأمر لتقدير الجهة المختصة بالنظر في شؤون القصر فلا يتمشى مع استقرار التعامل " ( [647] ) .

 $ 366 $

وكما يجوز أن ينص في عقد تأسيس الشركة أن الشركة تبقى مع ورثة من يموت من الشركاء ، كذلك يجوز النص على أن الشركة تبقى بين الباقي من الشركاء وحدهم ( [648] ) . وفي هذه الحالة الأخيرة يأخذ الورثة نصيب مورثهم في الشركة نقداَ ، وقدر هذا النصيب بحسب قيمته وقت موت الشريك ، ولا يكون للورثة نصيب فيما يستجد بعد ذلك من حقوق إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة من عمليات سابقة على موت الشريك ( م 528 / 3 مدني ) . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " كذلك يمكن الاتفاق على أن الشركة لا تنحل بوفاة أحد الشركاء بل تستمر بين بقية الشركاء ،ويقصد بهذا الشرط تفادي حل الشركة ناجحة وقسمتها قسمة عينية . فيستولي ( ورثة ) الشريك . . على قيمة الحصة نقداً ، حتى لو لم يذكر ذلك صراحة في الشرط . وتقدر الحصة باعتبار قيمتها النقدية يوم الوفاة . .ولا ينظر إلى ما يتم بعد ذلك من عمليات إلا إذا كانت نتيجة لازمة لعمليات سابقة . ولما كان هذا التقدير يتطلب مصاريف باهظة ، كما أن الوفاة بقيمة الحصة دفعة واحدة يؤثر في مركز الشركة المالي ، فإنه غالباً ما يتفق في العمل على تقدير الحصة بحسب آخر جرده ( [649] ) عمل قبل تحقق الحادث الذي أدى إلى خروج الشريك $ 367 $ ( الوفاة ) ، كما يتفق على أن تدفع قيمة الحصة على أقساط سنوية " ( [650] ) ويخلص من النص المادة 528 مدني سالف الذكر أيضاً أن الشركةك تنقضي بالحجر على أحد الشركاء ( [651] ) أو بإعساره أو بإفلاسه ( [652] ) ، فلا يحل القيم محل المحجور عليه في الشركة أو يحل السنديك محل الشريك المفلس وانقضاء الشركة بالحجر أو الإعسار أو الإفلاس إنما يقوم على نفس الاعتبارات التي يقوم عليها انقضاء الشركة بموت أحد الشركاء ، فكما لا يجوز أن تحل الورثة محل الشريك في الشركة لأن الشريك قد لوحظت شخصيته ، كذلك لا يجوز أن يحل محل الشريك القيم أو السندات أو غير ذلك من الممثلين . هذا إلى أنه بالإعسار أو الإفلاس تجب تصفية أموال المعسر أو المفلس ،ويدخل في ذلك نصيبه في الشركة ، فيخرج هذا الشريك ، ومن ثم تنحل الشركة بخروجه . بل لا يجوز هنا أن يتفق الشركاء في عقد تأسيس الشركة على أنه في حالة الحجر على أحد الشركاء أو إعساره أو إفلاسه تبقى الشركة قائمة بين باقي الشركاء وممثل هذا الشريك ، كما جاز ذلك عند موت أحد الشركاء وبقاء الشركة مع ورثة هذا الشريك . ذلك أن الشريك يستطيع أن يلزم ورثته بالحلول محله في الشركة ، ولكنه لا يستطيع أن يلزم ممثله بذلك إذا هو حجر عليه أو أعسر $ 368 $ أو أفلس ، فضلا عن وجوب تصفية أموال المعسر أو المفلس كما سبق القول .وإنما يجوز أن ينص في عقد الشركة على أنه إذا حجر على أحد الشركاء أو اعسر أو أفلس ، أو انسحب من الشركة وفقاً للمادة 529 / 1 مدني وسيأتي ذكرها ، تبقى الشركة قائمة بين باقي الشركاء وحدهم ( [653] ) .وفي هذه الحالة يعطي لممثل الشريك الذي حجر عليه أو أعسر أو أفلس أو للشريك الذي انسحب ،نصيبه في الشركة نقداً مقدراً بحسب قيمته يوم الحجر أو الإعسار أو الإفلاس أو الانسحاب ، وتتبع في ذلك قواعد التي سبق أن ذكرناها في إعطاء ورثة الشريك الذي مات نصيب مورثهم في الشركة ، فلا يكون للشريك الذي خرج من الشركة نصيب فيما يستجد من الحقوق إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة من عمليات سابقة على خروج الشريك ، ويصبح الاتفاق على تقدير نصيب الشريك بحسب آخر جرد عمل قبل خروجه ، كما يصح الاتفاق على أن تدفع قيمة النصيب على أقساط سنوية ( [654] ) .

232 - انسحاب أحد الشركاء أو إجماع الشركاء على حل الشركة نص قانوني :

تنص المادة 529 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - تنتهي الشركة بانسحاب أحد الشركاء إذا كانت مدتها غير معينة ، على أن يعلن الشريك إرادته في الانسحاب إلى سائر الشركاء قبل حصوله ، وألا يكون انسحابه عن غش أو في وقت غير لائق " .

 " 2 - وتنتهي أيضاً بإجماع الشركاء على حلها " ( [655] ) " .

 $ 370 $

ويخلص من هذا النص أنه إذا كانت الشركة غير معينة المدة ، جاز لأي شريك أن ينسحب منها بشروط معينة ، ويترتب على انسحابه انقضاء الشركة .

فيجب إذن لجواز انسحاب الشريك أن تكون الشركة غير معينة المدة فإذا كانت مدتها معينة من حيث الوقت أو من حيث العمل ، بأن كانت مدتها مثلاً خمس سنوات أو كان العمل الذي تقوم به هو بيع أراض محددة ، لم يجز للشريك أن ينسحب مها ، ووجب عليه البقاء إلى انتهاء المدة أو إلى انتهاء العمل . وليس له في هذه الحالة إلا أن يطلب من القضاء إخراجه من الشركة متى استند في ذلك إلى أسباب معقولة ، وفقاً للفقرة الثانية من المادة 531 مدني وسيأتي بيانها . أما إذا كانت الشركة غير معينة المدة وغير محددة العمل ، فقد أجاز القانون لكل شريك ، كما قدمنا ، $ 371 $ أن ينسحب منها .إذا لا يجوز لشخص أن يرتبط بالتزام يقيد حريته إلى أجل غير محدد ، لتعارض ذلك مع الحرية الشخصية التي هي من النظام العام ، وكل اتفاق على خلاف ذلك يكون باطلاً ( [656] ) . وتقاس هذه الحالة على عقد العمل غير محدد المدة ( م 694 / 2 مدني ) أو على عقد الإيجار غير محدد المدة ( م 563 مدني ) ، حيث يجوز لكل من المتعاقدين أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الآخر بإخطار يصدره منه وحده . وتعتبر الشركة غير معينة المدية إذا حددت لها مدة حياة الشركاء ، أو مدة طويلة تستغرق العمر العادي للإنسان ( [657] ) . وقد تكون الشركة غير معينة المدة ومع ذلك لا يجوز للشريك أن ينسحب منها ، إذا كان له الحق في التنازل عن نصيبه في الشركة دون قيد أو شرط . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " لأن القصد من تقرير هذا الحق للشريك هو السماح له بأن يتحلل في أي وقت يشاء من الالتزام الذي يقيد حريته لمدة غير محددة . وإذا كان يجوز له في أي وقت بلا قيد ولا شرط أن يخرج من الشركة عن طريق التنازل عن حصته ، فإنه لا يمكن مطلقاً تبرير حقه في الانسحاب بمجرد إرادته المنفردة بذلك على الشركة . والفقه والقضاء مجمعان على هذا الرأي :استئناف مختلط 22 مايو سنة 1920 م 32 323 " ( [658] ) .

 $ 372 $

فإذا كانت الشركة غير معينة المدة وغير محددة العمل ولم يكن للشريك حق التنازل عن نصيبه في الشركة دون قيد أو شرط ، جاز له ، كما قدمنا ، أن ينسحب من الشركة . ولكن يشترط لجواز انسحابه أن يعلن إرادته في الانسحاب إلى سائر الشركاء قبل حصوله ، وان يكون حسن النية في الانسحاب ، وألا ينسحب في وقت غير لائق ( [659] ) . أما إعلان الانسحاب فليس له شكل خاص ، فيصح أن يكون على يد محضر . كما يصح أن يكون بكتاب مسجل أو غير مسجل ، بل يصح أن يكون شفوياً ( [660] ) لكن عبء الإثبات يقع عليه ( [661] ) . ولا ميعاد للإعلان ، وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يحدد له ميعاداً ثلاثة أشهر قبل حصول الانسحاب ( [662] ) ،ولكن لجنة مجلس الشيوخ حذفت هذا الميعاد واكتفت بألا يكون الانسحاب في وقت غير لائق " لأن قيد المدة قد يكون مرهقاً لا يتفق مع قواعد العدالة ( [663] ) . وأما أن يكون الشريك المنسحب حسن النية في انسحابه ، فذلك حتى لا يسئ استعمال حقه في الانسحاب ، فيكون مترقباً مثلا صفقة تدخل في أعمال الشركة ولو بقى فيها عادت أرباح $ 373 $ الصفقة على الشركة ، فيعمد إلى الانسحاب ثم يعقد هذه الصفقة وحده حتى ينفرد بالأرباح ( [664] ) . وأما أن يكون الانسحاب غير واقع في وقت غير لائق ، فذلك حتى لا تضطرب أعمال الشركة وتضار بخروج الشريك وانحلال الشركة في وقت أزمة مثلا أو في وقت كانت الشركة تنتظر فيها أرباحاً قريبة ، أو في وقت شرعت الشركة فيه في عمل فأصبح من مصلحتها أن يؤجل انحلالها .وتحديد ذلك مرتبط بالظروف ، والمراجع فيه تقدير القاضي عند اختلاف الشركاء ( [665] ) .

فإذا توافرت الشروط المتقدمة الذكر في انسحاب الشريك من الشركة ، ترتب على انسحابه انقضاء الشركة بحكم القانون .ولكن يجوز لباقي الشركاء أن يتفقوا على بقاء الشركة فيما بينهم وحدهم ، وذلك تطبيقاً للمادة 528% 3 مدني ، وقد سبق بيان ذلك ( [666] ) .

 $ 374 $

ويلاحظ أخيراً ،كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ، " أن حق الشريك في الانسحاب من الشركة بإرادته المنفردة هو حق شخصي محض ، ولذلك لا يجوز لدائنيه استعماله عن طريق الدعوى غير المباشرة " ( [667] ) .

وسواء كانت الشركة مدتها معينة أو غير معينة ، فإنه يجوز للشركاء أن يجمعوا على حلها ( م 529 / 2 مدني سالفة الذكر ) . وهذا الحكم بديهي ، فإن الشركاء هم الذين أنشأوا الشركة باتفاقهم ، فيستطيعون باتفاقهم أن يحلوها . فإذا كانت الشركة معينة المدة ، كان لهم أن يحلوها قبل انتهاء هذه المدة ، إذ يستطيعون باتفاقهم أن يقصروا أجل الشركة كما يستطيعون أن يمدوا هذا الأجل ( [668] ) . وإذا كانت الشركة غير معينة المدة ، فإن انسحاب الشركاء منها كاف لحلها كما قدمنا ، فأولي أن تحل بانسحاب جميع الشركاء ( [669] )

 المبحث الثاني

 أسباب حل الشركة بحكم من القضاء

233 - حالتان : قد تحل الشركة بحكم من القضاء ، ويتحقق ذلك $ 375 $ في حالتين ( 1 ) يطلب أحد الشركاء من القضاء حل الشركة لسبب يبرر ذلك .

( 2 ) يطلب أحد الشركاء فصل شريك آخر لسبب يسوغ ذلك ، أو يطلب الشريك إخراجه من الشركة مستنداً إلى أسباب معقولة وهنا تنحل الشركة .

 المطلب الأول

 حل الشركة بحكم قضائي

234 - النصوص القانونية : تنص المادة 530 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - يجوز للمحكمة أن تقضي بحل الشركة بناء على طلب أحد الشركاء لعدم وفاء شريك بما تعهد به أو لأي سبب آخر لا يرجع إلى الشركاء ويقدر القاضي ما ينطوي عليه هذا السبب من خطورة تسوغ الحل " .

 " 2 - ويكون باطلاً كل اتفاق يقضي بغير ذلك " ( [670] ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 446 / 543 ( [671] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 498 - في التقنين المدني الليبي المادة 524 - وفي التقنين المدني العراقي $ 376 $ المادة 649 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 914 ( [672] ) .

235 - الأسباب التي تسوغ حل الشركة قضائياً : قد يطلب أحد الشركاء إلى القضاء حل الشركة لسبب يرجع إلى خطأ شريك آخر ، ويكون هذا بمثابة الفسخ القضائي للشركة ( [673] ) . ومن الأسباب التي ترجع لخطأ أحد الشركاء ألا يفي هذا الشريك بما تعهد به نحو الشركة ، كأن يقصر في العمل الذي تعهد بالقيام به لمصلحة الشركة ، أو يكون غير $ 377 $ كفء له أو ألا يسلم للشركة حصته من رأس المال ( [674] ) . كذلك إذا كان الشريك مديراً غير قابل للعزل ، فأهمل في إدارته أو خالف أغراض الشركة او نظمها أو أحكام القانون ، فإن هذا سبب يرجع إلى خطأ الشريك ، ويسوع لأي شريك آخر أن يطلب حل الشركة من القضاء وإذا ثبت على أحد الشركاء غش أو تدليس أو خطأ جسيم يبرر حل الشركة ، جاز لأي من الشركاء أن يطلب من القضاء حل الشركة لهذا السبب . ولا حصر للأسباب التي ترجع إلى خطأ أحد الشركاء ، فوجود السبب وتقدير خطورته وهل هو يبرر حل الشركة أمر متروك تقديره إلى القاضي ( [675] ) .

فإذا ثبت على أحد الشركاء خطأ يبرر حل الشركة ، لم يجز لهذا الشريك المخطئ أن يطلب هو الحل ، ولكن يجوز لأي شريك آخر أن يطلب الحل كما قدمنا ، فإذا قدر القاضي أن السبب كاف لحل الشركة قضى بحلها ، وجاز له أن يحكم على الشريك المخطئ بالتعويض ( [676] ) .

 $ 378 $

وقد يكون السبب الذي يطلب أحد الشركاء حل الشركة من أجله غير راجع إلى خطأ أي شريك آخر مثل ذلك أن يمرض أحد الشركاء مرضاً خطيراً يعجزه عن القيام بعمله في الشركة ، أو يستحيل عليه معه الوفاء بالتزاماته نحو الشركة ، أو يهلك الشيء الذي قدمه حصة في الشركة قبل تسليمه تسبب أجنبي ويعتبر سوء التفاهم المستحكم بين الشركاء ( [677] ) ،ووقوع حوادث طارئة غير متوقعة يجل من العسير على الشركة الاستمرار في نشاطها ، أسباباً تسوغ طلب حل الشركة من القضاء .وهنا أيضاً يترك للقاضي تقدير خطورة السبب ، وما إذا كان يبرر حل الشركة ( [678] ) .

وإذا كان السبب لا يرجع إلى خطأ أحد من الشركاء ، جاز لكل شريك أن يطلب من القضاء حل الشركة ،ولا تجوز المطالبة بتعويض إذ لا تقصير في جانب أحد من الشركاء ( [679] ) .

236 - الأثر الذي يترتب على حل الشركة قضائياً : وحل الشركة قضائياً هو فسخ لها . وشأن الشركة في ذلك شأن كل عقد ينشئ التزامات متقابلة ، إذا لم ينفذ جانب ما عليه من التزامات ، كان للقاضي أن يفسخ العقد . غير أنه لما كان عقد الشركة عقداً زمنياً كعقد الإيجار ، فإن الفسخ لا يكون له أثر رجعي ( [680] ) .

 $ 379 $

237 - حق طلب الحل القضائي من النظام العام وهو حق شخصي للشريك : وحق الشريك في طلب حل الشركة حلا قضائياً يعتبر من النظام العام ، فكل اتفاق بين الشركاء يقضي بغيره يكون باطلاً ، ولا يجوز للشريك أن يتنازل عنه قبل حدوث سببه ( م 530 / 2 مدني ) ( [681] ) .وهو حق شخصي للشريك ، يترك إلى تقديره الخاص ، فلا يجوز لدائنيه استعماله بطريق الدعوى غير المباشرة ( [682] ) .

 المطلب الثاني

 فصل أحد الشركاء أو طلب أحد الشركاء إخراجه من الشركة

238 - النصوص القانونية :تنص المادة 531 من التقنين المدين على ما يأتي :

 " 1 - يجوز لكل شريك أن يطلب من القضاء الحكم بفصل أي من $ 380 $ الشركاء يكون وجوده في الشركة قد أثار اعتراضاً على مد أجلها أو تكون تصرفاته مما يمكن اعتباره سبباً مسوغاً لحل الشركة ، على أن تظل الشركة قائمة فيما بين الباقين " .

 " 2 - ويجوز أيضاً لأي شريك ، إذا كانت الشركة معينة المدة ، أن يطلب من القضاء إخراجه من الشركة متى استند في ذلك إلى أسباب معقولة ، وفي هذه الحالة تنحل الشركة ما لم يتفق باقي الشركاء على استمرارها ( [683] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ( [684] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 499 - وفي التقنين المدني الليبي م 527 و م 529 - وفي التقنين المدني العراقي م 650 وفي التقنين الموجبات والعقود اللبناني م 914 - 915 و م 918 - 919 ( [685] ) .

 $ 382 $

ويخلص من النص المتقدم الذكر أن هناك حالتين :( 1 ) طلب أحد الشركاء فصل الشريك آخر ( 2 ) طلب أحد الشركاء إخراجه من الشركة د

239 - طلب أحد الشركاء فصل شريك آخر : قدمنا أن للشريك أن يطلب من القضاء حل الشركة إذا وجدت أسباب تبرر هذا الحل ، والقضاء يقدر خطورة هذه الأسباب وما إذا كانت تسوغ الحكم بالحل . وقد يكون هذه الأسباب آتية من جهة أحد الشركاء كعدم وفاء هذا الشريك بالتزاماته أو صدور غش منه أو خطأ جسيم . ولكن قد يرى الشركاء أنه يكفي فصل الشريك المعترض عليه دون حل الشركة ، إذ تكون الشركة ناجحة في أعمالها أو على وشك النجاح ، وان وجود هذا الشريك فيها هو وحده محل الاعتراض . فأجاز القانون لأي من الشركاء في هذه الحالة أن يطلب من القضاء ، لا حل للشركة ، بل فصل الشريك الذي تكون تصرفاته محل اعتراض ، ، على أن تظل الشركة قائمة بين باقي الشركاء والقاضي هو الذي يقدر ما إذا كان سبب الاعتراض على الشريك يبرر فصله ( [686] ) .

 $ 383 $

وقد يكون الشريك المعترض عليه قد وفي بجميع التزاماته ولم يصدر منه غش أو خطأ يبرر فصله ، ولكنه عندما طلب إليه الشركاء الموافقة على مد أجل الشركة لم يقبل المد وللم يبد أسباباً معقولة لهذا الرفض .فيجوز لأي شريك آخر في هذه الحالة أن يطلب من القضاء فصل هذا الشريك من الشركة ، حتى يتمكن سائر الشركاء من مد الشركة إلى أجل جديد .

وإذا حكم القضاء بفصل الشريك المعترض عليه ، بقيت الشركة قائمة بين باقي الشركاء واستمرت في أعمالها طبقاً لنظمها .أما الشريك المفصول فيصفي نصيبه في الشركة على الوجه الذي رأيناه في الفقرة الثالثة من المادة 528 مدني ، فيقدر هذا النصيب بحسب قيمته يوم الفصل ويدفع له نقداً ولا يكون له نصيب فيما يستجد بعد ذلك من حقوق ، إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة من عمليات سابقة على الفصل ( [687] ) .

240 - طلب أحد الشركاء إخراجه من الشركة : وكما يجوز لأي شريك أن يطلب من القضاء فصل شريك آخر لمبررات تسوغ ذلك على الوجه الذي بيناه فيما تقدم ، كذلك يجوز لأي شريك أن يطلب من القضاء إخراجه من الشركة متى استند في ذلك إلى أسباب معقولة . ومن الأسباب المعقولة التي يستند إليها الشريك في طلب إخراجه من الشركة أن تضطرب حالته المالية بحيث يصبح محتاجاً إلى تصفية نصيبه في الشركة ليستعين به على إصلاح حاله ، أو أن تستدعي حالته الصحية أو ظروفه الخاصة اعتزال العمل فيعمد إلى تصفية أعماله ويدخل في ذلك تصفية نصيبه في الشركة . والقضاء هو الذي يقدر ما إذا كانت الأسباب التي يتقدم بها الشريك $ 384 $ لإخراجه من الشركة أسباباً تبرر إجابته إلى هذا الطلب وقد كان من الممكن ، من غير هذا النص ، أن يطلب الشريك إخراجه من الشركة بموافقة سائر الشركاء ، ويتفق باقي الشركاء على إبقاء الشركة فيما بنهم .ولكن قد يعتذر على الشريك الذي يريد الخروج من الشركة أن يحصل على موافقة شركائه على ذلك ، فأضيف هذا النص في لجنة المراجعة ( [688] ) حتى يستطيع الشريك أن يلجأ إلى القضاء في هذه الحالة ويطلب الحكم بإخراجه .

ويلاحظ أنه يشترط لجواز استعمال الشريك هذا الحق في إخراجه من الشركة أن تكون الشركة معينة المدة أو محددة العمل ، بحيث أنها لا تنقضي إلا بانتهاء المدة أو بانتهاء العمل ،فيجد الشريك أما إذا كانت الشركة غير معينة المدة وغير محددة العمل ، فالشريك الذي يريد الخروج من الشركة مندوحة من طلب ذلك إلى القضاء ، إذ يستطيع في هذه الحالة أن ينسحب من الشركة بان يعلن إرادته في الانسحاب إلى سائر الشركاء ، على ألا يكون انسحابه عن غش أو في وقت غير لائق ، وذلك تطبيقاً لأحكام الفقرة الأولي من المادة 529 مدني ، وقد سبق بيان ذلك ( [689] ) .

فإذا ما أقر القضاء الشريك على طلب إخراجه من الشركة ، صفي نصيب هذا الشريك على الوجه المقرر في الفقرة الثالثة من المادة 528 مدني التي تقدم ذكرها ، فيقدر النصيب بحسب قيمته يوم القضاء بالإخراج ويدفع له نقداً ، ولا يكون له نصيب فيما يستجد بعد ذلك من حقوق إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة من عمليات سابقة علي القضاء بالإخراج ( [690] ) $ 385 $ ثم أن القضاء بإخراج الشريك من الشركة يترتب عليه حلها ، كما يترتب حل الشركة على خروج أحد الشركاء بأي سبب آخر ، كانسحاب أو موته أو الحجر عليه أو إعساره أو إفلاسه . ولكن يجوز مع ذلك لباقي الشركاء أن يتفادوا في هذه الحالة ، وفي غيرها من الحالات الأخرى كما سبق القول ، حل الشركة ، وان يتفقوا على استمرارها فيما بينهم وحدهم دون الشريك الذي خرج

 الفرع الثاني

 تصفية الشركة

241 - كيف تتم تصفية الشركة نص قانوني :تنص المادة 532 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " تتم تصفية أموال الشركة وقسمتها بالطريقة المبينة في العقد .وعند خلوه من حكم خاص تتبع الأحكام الآتية " ( [691] ) .

 $ 386 $

وقد رأينا الشركة تنقضي بأسباب متعددة . فإذا تحقق سبب من أسباب انقضائها ، كأن انتهت مدتها أو انتهي العمل الذي قامت م أجله ، أو هلكت أموالها ، أو مات أحد الشركاء أو حجر عليه أو أعسر أو أفلس أو انسحب ، أو حلت الشركة حلا قضائياً ، أو انحلت بسبب خروج أحد الشركاء منها ، فإن الشركة تنقضي على الوجه الذي تقدم بيانه فإذا انقضت الشركة دخلت في دور التصفية ( [692] ) .

ويتضمن عقد تأسيس الشركة عادة الطريق التي تصفي بها أموالها وعند ذلك يجب اتباع هذه الطريقة ( [693] ) . على أنه إذا لم ينص عقد تأسيس الشركة على الطريقة التي تتم بها التصفية ، فقد تولي القانون وضع الأحكام التي تجري تصفية الشركة على مقتضاها ، وهذه الأحكام هي التي سنتولى بيانها فيما يلي .

وقد كان التقنين المدني السابق يجمع في الباب المخصص للشركات الأحكام المتعلقة بتصفية الشركة والأحكام المتعلقة بقسمة الأموال الشائعة $ 387 $ بوجه عام سواء كان الشيوع سبقه عقد شركة أو كان له سبب آخر . أما التقنين المدني الجديد فقد اقتصر في المكان الذي خصصه لعقد الشركة على بيان أحكام تصفيتها ، وأحال في قسمة أموال الشركة بعد التصفية عندما تصبح أموالاً شائعة بين الشركاء على أحكام قسمة المال الشائع بوجه عام ( م 537 مدني ) ، ووضع هذه الأحكام في المكان الذي خصصه للملكية الشائعة ( [694] ) .

242 - بقاء الشخصية المعنوية للشركة وقت تصفيتها نص قانوني : وتنص المادة 533 من التقنين المدني على ما يأتي : " تنتهي عند حل الشركة سلطة المديرين ، أما شخصية الشركة فتبقى بالقدر اللازم للتصفية والى أن تنتهي هذه التصفية " ( [695] ) .

 $ 388 $

فإذا حلت الشركة بانقضائها ودخلت في دور التصفية ، انتهت سلطة المديرين بمجرد انقضاء الشركة ، وتولي المصفي أعمال التصفية ( [696] ) . ولما كانت هذه الأعمال تقتضي أن تبقي الشركة شخصيتها المعنوية حتى يمكن للمصفي القيام بهذه الأعمال ، فإنه كما سنرى يستوفي حقوق الشركة من الغير ديون ما عليها من الديون وقد يبيع مالها كله أو بعضه ولك هذا يعلمه باسم كشخص معنوي قائم ، فقد صرح القانون ببقاء الشخصية المعنوية للشركة بالرغم من حلها ، وذلك طول الوقت الذي تجري فيه أعمال التصفية والى أن تنتهي هذه الأعمال ( [697] ) . ولولا ذلك لما استطاع دائنو الشركة عند التصفية أن يستخلصوا حقوقهم من مال الشركة دون $ 389 $ مزاحمة الدائنين الشخصيين للشركاء ، إذ لو انعدمت الشخصية المعنوية للشركة بمجرد حلها وقبل إجراء التصفية لأصبح مال الشركة مالاً شائعاً بين الشركاء لا مالاً مملوكاً للشركة بعد انعدام شخصيتها ، ولكان للدائنين الشخصيين للشركاء حق التنفيذ عليه فزاحموا دائني الشركة ( [698] ) .

على أن بقاء الشخصية المعنوية للشركة التي دخلت دور التصفية مقصور على أعمال التصفية ، وبالقدر اللازم لهذه الأعمال . فلا يجوز للمصفي بدعوى أن الشخصية المعنوية للشركة لا تزال باقية ، أن يقوم لحساب الشركة بأعمال أخرى غير أعمال التصفية ، فيبدأ مثلاً أعمالاً جديدة ليست لازمة للتصفية ( [699] ) .

 $ 390 $

ونتناول الآن الأحكام التي قررها القانون لتصفية الشركة إذا لم ينص عقد تأسيسها على أحكام أخرى ، فتتكلم : ( أولاً ) في تعيين المصفي ، و ( ثانياً ) في أعمال التصفية .

 المبحث الأول

 تعيين المصفي

234 - النصوص القانونية :تنص المادة 534 من التقنين المدني علىما يأتي :

 " 1 - يقوم بالتصفية ، عند الاقتضاء ،أما جميع الشركاء وإما مصف وأحد أو أكثر تعينهم أغلبية الشركاء " .

 " 2 - وإذا لم يتفق الشركاء على تعيين المصفي ، تولي القاضي تعيينه بناء على طلب أحدهم " .

 $ 391 $

 " 3 - وفي الحالات التي تكون فيها الشركة باطلة ، تعين المحكمة المصفي ، وتحدد طريقة التصفية ، بناء على طلب كل ذي شأن " .

 " 4 - وحتى يتم تعيين المصفي يعتبرون المديرون بالنسبة إلى الغير في حكم المصفين " ( [700] ) ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 449 / 546 ( [701] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 502 - وفي التقنين المدني الليبي م 532 - وفي التقنين المدني العراقي م 653 - وفي التقنين الموجبات والعقود اللبناني م 623 - 624 ( [702] ) .

 $ 392 $

244 - تعيين المصفي بواسطة الشركاء : وقد يكون المصفي معيناً في عقد تأسيس الشركة أو في نظمها المقررة ، أو تكون طريقة تعيينه أو الجهة التي تعينه منصوصاً عليها في العقد أو النظام المقرر ، فعند ذلك يتبع حكم النص ( [703] ) .

أما إذا لم ينص على شيء في هذا الشأن ، فإن الفقرة الأولي من النص السالف الذكر تكل أمر تعيين المصفي إلى الشركاء أنفسهم ، ويكون ذلك بالأغلبية العددية .

فقد تقرر أغلبية الشركاء أن يقوم بالتصفية الشركاء جميعاً ، ويقع ذلك عادة إذا كان عدد الشركاء قليلاً ، لا سيما إذا كان الجميع يتولون إدارة الشركة وفقاً لأحكام المادة 520 مدني ( [704] ) وقد كان التقنين المدني السابق $ 393 $ ( م 449 / 546 ) يجعل إجراء التصفية في الشركات المدنية بواسطة جميع الشركاء ،ما لم ينص في عقد تأسيس الشركة على غير ذلك ( [705] ) .

وقد تقرر أغلبية الشركاء أن يقوم بالتصفية وأحد أو أكثر يعينونهم بالذات . وتكفي الأغلبية العددية ،فلا يشترط الإجماع ولا أغلبية خاصة . ولا يشترط فيمن تعينه الأغلبية مصفياً أن يكون شريكاً ، بل يصح أن يكون أجنبياً عن الشركة . وإذا عينت الأغلبية أكثر من مصف واحد ، فقد تشترط أن تكون القرارات التي يتخذها المصفون المتعددون بالإجماع أو بالأغلبية فيجب التزام هذا الشرط ، وقد تعين اختصاص كل مصف فينفرد كل مصف ،بما أختص به فإذا لم تشترط الأغلبية شيئاً ولم تعين اختصاص كل مصف ، جاز لكل من المصفين أن ينفرد بأي عمل من أعمال التصفية ، على أن يكون لكل من المصفين الآخرين الاعتراض على هذا العمل قبل تمامه ، وعندئذ يكون من حق أغلبية المصفين وفض الاعتراض ، فإذا تساوى الجانبان كان الرفض من حق أغلبية الشركاء جميعاً . وهذه هي أحكام تعدد المديرين ( [706] ) . قيست عليها أحكام تعدد المصفين ( [707] ) .

245 - تعيين المصفي بواسطة القضاء : فإذا امتنع الشركاء عن تعيين مصف على الوجه المتقدم الذكر ، أو حاولوا تعيين مصف ولكن لم يحصل $ 394 $ أحد من المرشحين على الأغلبية المطلقة ، جاز لكل شريك أن يطلب من القضاء تعيين وصف للشركة .

والقضاء يعين المصفي من الشركاء أنفسهم أو من غيرهم ، ويعني مصفياً أو اكثر بحسب ما يري . وعند تعدد المصفين تكون سلطتهم في التصفية على النحو الذي قدمناه في تعدد المصفين المعينين من أغلبية الشركاء ( [708] ) .

والذي يطلب من القضاء تعيين المصفي يجب أن يكون أحد الشركاء ، فلا يجوز لغير الشريك أن يتقدم بهذا الطلب .ويترتب على ذلك أنه لا يجوز أن يتقدم بهذا الطلب أحد دائني الشركة ، لأن المصفي وكيل عن الشركة والشركاء لا عن دائنيها ( [709] ) . ولكن يجوز لدائن شخصي لأحد الشركاء أن يستعمل حق مدينه الشريك ويطلب إلى القاضي تعيين مصف للشركة باسم هذا الشريك ( [710] ) .

 $ 395 $

246 - تعيين المصفي بواسطة القضاء للشركة الباطلة : وإذا كانت الشركة باطلة ، ولكنها قامت فعلاً بأعمالها ، فهي شركة واقعية ( societe de fait ) ، وتجب تصفيتها . وفي هذه الحالة لا يعتد بما ورد في عقد تأسيس الشركة في هذا الخصوص إذا كان هذا العقد قد نص على تعيين مصف أو على طريقة تعيين المصفي ، فإن العقد باطل ولا يعمل بما جاء فيه . والقضاء هو الذي يقوم بتعيين المصفي للشركة الباطلة ، بناء على طلب يتقدم به أحد الشركاء أو أي شخص آخر له مصلحة في ذلك كدائن للشركة . والقضاء أيضاً هو الذي يتولي تعيين الطريقة التي تتم بها التصفية ، ولا يعتد بما عسى أن يكون قد ورد في العقد الباطل في هذا الخصوص ( [711] ) .

247 - كيف يعزل المصفي : وإذا عين مصف للشركة بواسطة أغلبية الشركاء أو بواسطة القضاء على الوجه المتقدم الذكر ، وأتى المصفي بما يسوغ عزله ، كأن ارتكب غشاً أو خطأ أو ظهر عجزه أو حجر عليه أو أفلس ، فإن الجهة التي عينته هي التي تملك عزله . فإذا كانت أغلبية الشركاء هي التي عينته ، فإن هذه الأغلبية نفسها تملك عزله . وإذا كان القضاء هو الذي عينه ، فإن القضاء أيضاً يملك عزله بناء على طلب أحد الشركاء . ولكن يجوز دائماً لأي من الشركاء أن يطلب إلى القضاء عزل المصفي لأسباب تسوع ذلك ، حتى لو كان الذي عين المصفي هو أغلبية الشركاء ( [712] ) .

 $ 396 $

248 - سلطة مديري الشركة قبل تعيين المصفي : وتعيين المصفي قد يستغرق وقتاً والشركة تكون قد انحلت سلطة مديريها كما سبق القول ( [713] ) .فتبقى الشركة ، وقد دخلت دور التصفية ، دون مصف ودون مدير . فاحتاج المشرع وواجه في هذه الحالة بنص الفقرة الرابعة من المادة 534 حيث تقول كما رأينا : " وحتى يتم تعيين المصفي يعتبر المديرون بالنسبة إلى الغير في حكم المصفين " فيجوز إذن لمديري الشركة ، في الفترة ما بين حل الشركة وتعيين المصفي ، أن يقوموا بالأعمال الضرورية لمواجهة حالات الاستعجال . ومن ثم يصح للغير ممن تعامل مع الشركاء أن يرفع دعوى على الشركة بعد حلها في مواجهة هؤلاء المديرين ، ويعتبر المديرون ممثلين للشركة تمثيلاً صحيحاً في الدعوى المرفوعة .

بل يجب على مديري الشركة ، في هذه الفترة ، أن يقوموا بالإجراءات الضرورية للمحافظة على أموال الشركة ورعاية مصالحها ، وان يباشروا الأعمال المستعجلة التي لا تحتمل تأخيراً . فإذا كانوا مثلاً قبل حل الشركة قد بدأوا عملاً من أعمال الإدارة ولم يتم هذا العمل ، فعليهم أن يتموه أو أن يصلوا به إلى الحد الذي يؤمنون فيه مصالح الشركة ( [714] ) .

 $ 397 $

 المبحث الثاني

 أعمال التصفية

249 - تصفية مال الشركة وتوزيع الصافي على الشركاء : فإذا عين المصفي ، قام بالأعمال الواجبة لتصفية الشركة . فيستوفي ما للشركة من حقوق ، ويوفي ما عليها من الديونه ، ويقوم بالأعمال الضرورية التي تستلزمها هذه التصفية . ثم يوزع الصافي من أموال الشركة على الشركاء ( [715] ) .

فنبحث إذن مسألتين : ( 1 ) تصفية مال الشركة ( 2 ) توزيع الصافي من مال الشركة على الشركاء .

 المطلب الأول

 تصفية مال الشركة

250 - النصوص القانونية : تنص المادة 535 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - ليس للمصفي أن يبدأ أعمالاً جديدة للشركة إلا أن تكون لازمة لإتمام أعمال سابقة " .

 $ 398 $

 " 2 - ويجوز له أن يبيع مال الشركة منقولا أو عقاراً ، إما بالمزاد وإما بالممارسة ، ما لم ينص في أمر تعيينه على تقييد هذه السلطة " .

وتنص الفقرة الأولي من المادة 536 على ما يأتي :

 " تقسم أموال الشركة بين الشركاء جميعاً ، وذلك بعد استيفاء الدائنين لحقوقهم ، وبعد استنزال المبالغ اللازمة لوفاء الديون التي لم تحل أو الديون المتنازع فيها ، وبعد رد المصروفات أو القروض التي يكون أحد الشركاء قد باشرها في مصلحة الشركة ( [716] )

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادة 450 / 547 ( [717] ) .

وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 503 و م 504 / 1 - وفي التقنين المدني الليبي م 533 و م 543 / 1 - $ 399 $ وفي التقنين المدني العراقي م 654 و م 655 / 1 - وفي التقنين الموجبات والعقود اللبناني م 927 - 939 ( [718] ) .

 $ 400 $

251 - أعمال إدارة الشركة : فإذا تولي المصفي تصفية الشركة ، فإن مهمته الأساسية هي تصفية أموال الشركة لا إدارتها . وإنما يملك من الإدارة أعمالاً محدودة هي الأعمال الضرورية أو المتعجلة .

 $ 401 $

فإذا كان هناك عمل من أعمال الإدارة قد بدأ قبل حل الشركة ولم يتم ، فعلي المصفي أن يتم هذا العمل حتى يكفل أن يعود على الشركة بالنفع . فإذا كانت الشركة شركة نشر مثلا قد تعاقدت على نشر كتاب وحلت قبل طبع الكتاب ، فإن المصفي يملك التعاقد على طبع الكتاب حتى يتم العمل الذي بدأ قبل حل الشركة .

ولكن ليس للمصفي أن يبدأ عملاً جديداً من أعمال الإدارة ، إلا أن يكون هذا العمل لازماً لإتمام عمل سابق . فإذا كانت شركة أراض مثلا باعت أرضاً قبل حلها ، وبعد الحل طلب جاز أخذ هذه الأرض بالشفعة ، فإن المصفي باعتباره ممثلاً للشركة البائعة يشترك في إجراءات الشفعة ( [719] ) .

252 - الأعمال اللازمة لتصفية الشركة : وقد قدمنا أن مهمة المصفي الأساسية هي إجراء الأعمال اللازمة لتصفية أموال الشركة . ويمكن القول بوجه عام أن المصفي يبدأ بأعمال تمهيدية للتصفية ، ويستوفي ما للشركة من حقوق عند الغير ، وفي ما على الشركة من ديون للغير ، وقد يبيع أموال الشركة بالقدر الضروري للتصفية ( [720] ) . فنستعرض كلا من هذه الأعمال المتنوعة ( [721] ) .

 $ 402 $

253 - الأعمال التمهيدية للتصفية : يبدأ المصفي باتخاذ الإجراءات اللازمة للتمهيد لأعمال التصفية ، فيجرد أموال الشركة ويحرر قائمة بالجرد ويضع كشفاً تفصيلياً يبين ما للشركة من حقوق وما عليها من ديون ، وذلك بعد أن يتسلم دفاتر الشركة وأوراقها ومستنداتها . ويعاونه في كل ذلك الذين كانوا يقومون بإدارة الشركة قبل حلها .

وتقول المادة 927 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني في هذا الصدد : " على المصفي القضائي وغير القضائي عند مباشرته العمل أن ينظم بالاشتراك مع مديري الشركة قائمة الجرد وموازنة الحسابات بما لها وما عليها . وعليه أن يستلم ويحفظ دفاتر الشركة وأوراقها ومقوماتها التي يسلمها إليه المديرون ، وان يأخذ علماً بجميع الأعمال المتعلقة بالتصفية على دفتر يومي وبحسب ترتيب تواريخها وفاقاً لقواعد المحاسبة المستعملة في التجارة ، وان يحتفظ بجميع الأسناد المثبتة وغيرها من الأوراق المختصة بالتصفية ( [722] ) " .

 $ 403 $

254 - استيفاء حقوق الشركة : ويعمد المصفي إلى استيفاء حقوق الشركة من الغير ، فيتخذ جميع الإجراءات اللازمة لاستيفاء هذه الحقوق ويدخل في ذلك مقاضاة المدنيين للشركة ، واتخاذ الوسائل التحفظية بالنسبة إلى هذه الحقوق ، والتنفيذ على المدينين .

وليس له أن يعقد صلحاً أو تحكيماً إلا باتفاق جميع الشركاء ( [723] ) ، ولا أن يتخلى عن تأمينات إلا مقابل تأمينات أخرى معادلة ، ولا أن يبرئ ذمة المدينين ( [724] ) .

255 - وفاء ديون الشركة : ويقوم المصفي في الوقت ذاته بوفاء ما على الشركة من ديون ، فيحصر دائني الشركة وما لهم من حقوق في ذمتها ، وينشر الإعلانات اللازمة لدعوة جميع دائني الشركة إلى التقدم بمستنداتهم .

 $ 404 $

فمن كان دينه من هؤلاء المدينين قد حل قبل انقضاء الشركة أو أثناء التصفية ، وفاه حقه فوراً ، وإذا لم يحضر لاستيفاء حقه جاز للمصفي إيداعه خزانة المحكمة على ذمة الدائن . أما الديون المؤجلة فلا تحل بالتصفية كما تحل بالإفلاس ، بل تبقي على آجالها ، فإذا استطاع المصفي أن يوفيها أصحابها بعد اقتطاع ما يقابل الأجل وكان في ذلك مصلحة للشركة فعل ، وإلا اقتطع من أموال الشركة ما يفي بهذه الديون ووضعه في محل أمين حتى يحل الدين فيوفيه ( [725] ) . كذلك الديون المتنازع فيها ، يقتطع لها المصفي ما يفي بها ويضعه في محل أمين حتى ينحسم النزاع . وقد يكون أحد الشركاء دائناً للشركة ، بأن يكون مثلاً قد انفق مصروفات لمصلحة الشركة من حقه أن يستردها منها أو أن يكون قد أقرضها مبلغاً من المال ، فيفي المصفي الشريك الدائن هذه الحقوق ، شأن الشريك في ذلك شأن سائر دائني الشركة ( [726] ) .

وإذا لم تكن أموال الشركة كافية لوفاء الديون المستحقة عليها ، وكان لدائني الشركة أن يرجعوا فيما بقى لهم من حقوق على أموال الشركة الخاصة على النحو الذي بسطناه فيما تقدم ، وجب على المصفي أن يطلب من كل شريك أن يقدم من ماله الخاص ما هو ملتزم به لوفاء ديون الشركة ( [727] ) .

 $ 405 $

256 - بيع أموال الشركة بالقدر الضروري للتصفية : وللمصفي أن يبيع أموال الشركة ، منقولات كانت أو عقاراً ، بالمزاد أو بالممارسة ، إذا كان هذا البيع ضرورياً لأعمال التصفية ( [728] ) . فيبيع منقولات الشركة وعقاراتها للوفاء بديونها إذا لم يكن في مال الشركة نقود كافية للوفاء بهذه الديون . وقد كان المشرع التمهيدي للفقرة الثانية من المادة 535 مدني ينص على أن البيع لا يجوز " إلا بالقدر اللازم لوفاء ديون الشركة " ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وقد اهتم المشروع أيضاً بأن يذكر صراحة أن سلطة المصفي في بيع أموال الشركة تتحدد بالقدر اللازم لوفاء ديونها ، لأنه إذا تم وفاء تلك الديون ، وأمكن بذلك تحديد الصافي من أموال الشركة ، فإن الغرض من التصفية يكون قد تحقق ، وتزول الشخصية المعنوية للشركة ، ويصبح الشركاء ملاكاً على الشيوع للأموال الباقية التي تجب قسمتها بينهم " ( [729] ) . ولكن حذف هذا القيد في لجنة مجلس الشيوخ ( [730] ) . فأصبح من الجائز للمصفي أن يبيع منقولات الشركة وعقاراتها لغير وفاء الديون . ويتحقق ذلك إذا كانت عين من أعيان الشركة غير قابلة للقسمة عيناً ، فيبيعها المصفي حتى يوزع ثمنها بين الشركاء ( [731] ) . كذلك يبيع المصفي البضائع التي لا تزال مملوكة $ 406 $ للشركة والأدوات .وقد تكون سلطة المصفي المنصوص عليها في قرار تعيينه تمكنه من بيع جميع المنقولات الشركة وعقاراتها ،حتى يتيسر له توزيع هذه الأموال نقداً على الشركاء ، ففي هذا الحالة يجوز له أن يبيع كل أموال الشركة لهذا الغرض ( [732] ) .

ويبدو ،بعد أن حذف من الفقرة الثانية من المادة 535 مدني القيد الذي كان يقضي بان تكون سلطة المصفي في بيع أموال الشركة مقصورة على القدر الضروري لوفاء ديون الشركة ، أنه يجوز للمصفي أن يبيع منقولات الشركة وعقاراتها ، بالمزاد أو بالممارسة ، دون قيد فإذا رأى أن يحول أموال الشركة نقوداً حتى تتيسر له قسمتها على الشركاء فعل ، وذلك ما لم ينص في أمر تعيينه على تقييد هذه السلطة ويؤيد ذلك ما ورد في مناقشات مجلس الشيوخ في هذا الصدد : " رؤى حذف عبارة :ولكن لا يجوز له أن يبيع إلا بالقدر اللازم لوفاء ديون الشركة ، الواردة في آخر الفقرة الثانية ، لأن الشركة في هذه الحالة تكون في حالة تصفية ، فمن الطبيعي أن يبيع المصفي كل موجودات الشركة ، عقاراً أو منقولاً ، لتحديد الصافي الواجب قسمته بين الشركاء وتحديد نصيب كل منهم " ( [733] ) .

 $ 407 $

257 - حق الشركاء في مراقبة أعمال التصفية :والمصفي باعتباره وكيلاً عن الشركاء يجب أن يقدم لهم حساباً عن أعمال التصفية التي قام بها ( [734] ) . وإذا طلب أحد الشركاء ، أثناء إجراء التصفية ، أن يحصل على معلومات عن هذه الإجراءات ، وجب على المصفي أن يوافيه بمعلومات كافية عن ذلك ، وان يضع تحت تصرفه الدفاتر والأوراق والمستندات المختصة بأعمال التصفية ( [735] ) . وتقول المادة 935 من التقنين اللبناني : " يجب على المصفي ، عند كل طلب ، أن يقدم للشركاء أو لأصحاب الحقوق الشائعة المعلومات الوافية عن حالة التصفية ، وان يضع تحت تصرفهم الدفاتر والأوراق المختصة بأعمال التصفية " . وتقول المادة 936 من نفس التقنين : " إن المصفي ملزم بالموجبات التي تترتب على الوكيل المأجور فيما يختص بتقديم حساباته وإعادة المال الذي قبضه عن طريق وكالته . وعليه أن ينظم عند نهاية التصفية قائمة الجرد وموازنة الموجودات والديون ، ويلخص فيها جميع الأعمال التي أجراها والحالة النهائية التي نتجت عنها " . وتقول المادة 939 من نفس التقنين : " بعد نهاية التصفية وتسليم الحسابات يودع المصفي دفاتر الشركة المنحلة وأوراقها ومستنداتها قلم المحكمة أو محلاً آخر أميناً تعينه المحكمة ،ما لم تعين غالبية الشركاء شخصاً $ 408 $ لاستلامها . ويجب أن تبقى محفوظة في المحل المذكور مدة خمس عشرة سنة من تاريخ الإيداع . ويحق لذوي الشأن ولورثتهم أو خلفائهم في الحقوق أو للمصفين أن يراجعوا المستندات ويدققوا فيها " ( [736] ) ولم ترد في التقنين المصري نصوص تقابل هذه النصوص الواردة في التقنين اللبناني ، فلا يسري من هذه الأحكام في مصر إلا ما كان يتفق مع القواعد العامة ،فلا يسري مثلاً وجوب حفظ أوراق التصفية مدة خمس عشرة سنة من وقت الإيداع ، فهذا الحكم لا يقوم إلا بنص خاص 258 - أجر المصفي :ولم يعرض التقنين المدني المصري لأجر المصفي ، فيجب تطبيق القواعد العامة . ولما كان المصفي وكيلاً عن الشركاء ، وكان الأصل في الوكالة ألا تكون مأجورة إلا إذا اتفق على أجر للوكيل ( م 709 مدني ) ، فالظاهر أنه لا بد من النص على أجر للمصفي في قرار تعيينه الصادر من أغلبية الشركاء أو من القضاء ( [737] ) ويغلب أن يعين له أجر ، وبخاصة إذا كان أجنبياً من غير الشركاء ( [738] )

 $ 409 $

 المطلب الثاني

توزيع الصافي من مال الشركة على الشركاء

259 - النصوص القانونية :تنص الفقرات الثانية والثالثة والرابعة من المادة 536 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " " 2 - ويخص كل وأحد من الشركاء بمبلغ يعادل قيمة الحصة التي قدمها في رأس المال ،كما هي مبينة في العقد أو يعادل قيمة هذه الحصة وقت تسليمها إذا لم تبين قيمتها في العقد ، ما لم يكن الشريك قد اقتصر على تقديم عمله أو اقتصر فيما قدمه من شيء على حق المنفعة فيه أو على مجرد الانتفاع به " .

 " 3 - وإذا بقى شيء بعد ذلك ، وجبت قسمته بين الشركة بنسبة نصيب كل منهم في الأرباح " .

 " 4 - أما إذا يكف صافي مال الشركة للوفاء بحصص الشركاء ، فإن الخسارة توزع عليهم جميعاً بحسب النسبة المتفق عليها في توزيع الخسائر " ( [739] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولاً به دون نص .ويقابل في التقنينات المدنية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 504 - وفي التقنين المدني الليبي م 534 - 535 - وفي التقنين المدني العراقي م 655 / 2 - ولا مقابل له في تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( [740] ) .

260 - حقوق الشركاء في الصافي من مال الشركة : فإذا تمت تصفية أموال الشركة على الوجه السابق بيانه ، انتهت الشخصية المعنوية للشركة ، فقد كانت هذه الشخصية قائمة مؤقتاً في الحدود اللازمة للتصفية كما سبق القول ، فبانتهاء التصفية تنعدم هذه الشخصية نهائياً .

ومن ثم فإن المال الذي يتبقى ، وهو صافي مال الشركة بعد وفاة ديونها ، يصبح مملوكاً في الشيوع للشركاء ، كل منهم بقدر نصيبه ، سواء في ذلك شمل هذا المال أعياناً معينة بالذات ، أو لم يشمل إلا نقداً إذا باع المصفي منقولات الشركة وعقاراتها لتحويلها إلى نقود على النحو الذي سبق بيانه ( [741] ) .

أما الطريق التي يوزع بها هذا المال الشائع على الشركاء فتكون باختصاص كل وأحد منهم بما يعادل قيمة حصته في رأس المال . فإذا بقى من مال الشركة شيء بعد ذلك ، كان الباقي أرباحاً ، ووزعت هذه $ 411 $ الأرباح بالنسبة المتفق عليها في توزيع الأرباح . أما إذا لم يف مال الشركة بحصص الشركاء ، فما نقص عن هذه الحصص فهو خسائر ، توزع بين الشركاء أيضاً بالنسبة المتفق عليها في توزيع الخسائر ( [742] )

ومن ثم يكون هناك محل ( أولاً ) لتوزيع قيمة الحصص على الشركاء . ( ثانياً ) لتوزيع ما زاد على هذه الحصص باعتبار الزائد أرباحاً . ( ثالثاً ) أو لتوزيع ما نقص عن هذه الحصص باعتبار الناقص خسائر .

261 - توزيع ما يعادل قيمة الحصص على الشركاء : فيبدأ المصفي بأن يخصص من صافي مال الشركة ، لكل شريك ، مبلغاً يعادل قيمة الحصة التي قدمها في رأس المال .

ويغلب أن تكون قيمة حصة كل شريك مبينة في عقد تأسيس الشركة . وعند ذلك يخصص للشريك من صافي مال الشركة ما يعادل هذه القيمة المبينة في العقد .

أما إذا كانت قيم حصص الشركاء غير مبينة في عقد تأسيس الشركة ، وجب على المصفي تقويم هذه الحصص وقت تسليمها للشركة من الشركاء ويرجع في ذلك إلى أوراق الشركة ومستنداتها ودفاترها والي رأي الخبراء وشهادة الشهود عند الاقتضاء . وإذا نازع الشريك في القيمة التي قدرت بها حصته كان له أن يلجأ إلى القضاء ، ولقاضي الموضوع الكلمة الأخيرة في هذا التقدير .

وقد تكون حصة الشريك عملاً قدمه للشركة ، فلا يختص الشريك في هذه الحالة بشيء . ذلك أن حصته في الواقع من الأمر هي استنفاد هذا العمل ، فلا يبقى شيء يسترده . ولكن تقدر قيمة هذا العمل مع $ 412 $ ذلك ، لا لتخصيص هذه القيمة للشريك ، ولكن لتقدير النسبة التي يساهم فيها الشريك في الأرباح وفي الخسائر إذا لم تكن هناك نسبة أخرى محددة لذلك ، على ما سيأتي .

قد تكون حصة الشريك حق المنفعة في شيء معين بالذات ( droit dusufruit ) أو مجرد حق شخصي في الانتفاع بشيء معين بالذات ( droit personnel de jouissance ) ، فلا يختص الشريك في هذه الحالة أيضاً بشيء من حصته ، لأن الحصة هنا كما في العمل هي استنفاد منفعة الشيء أو الانتفاع به ، فلا يبقى للشريك شيء يسترده . وتقدر قيمة المنفعة أو حق الانتفاع لمعرفة النسبة التي يساهم بها الشريك في الأرباح وفي الخسائر ، كما رأينا عندما تكون الحصة عملاً ( [743] ) .

262 - توزيع الأرباح بين الشركاء : وعندما يتخصص لكل شريك قيمة حصته على الوجه المتقدم بيانه ، ويبقى بعد ذلك شيء من صافي مال الشركة ، فإن الباقي يعتبر أرباحاً للشركة ، ويوزع بين الشركاء بالنسبة التي توزع بها الأرباح .

وقد قدمنا أن عقد الشركة قد ينص على النسبة التي توزع بها الأرباح بين الشركاء ( [744] ) ، فتلتزم هذه النسبة لقسمة الباقي من صافي مال الشركة بين الشركاء . أما إذا لم يكن عقد الشركة قد نص على النسبة التي توزع $ 413 $ بها الأرباح فقد قدمنا أن الأرباح توزع بنسبة حصة كل شريك في رأس المال ( [745] ) . ومن ثم يوزع الباقي من صافي مال الشركة على الشركاء كل منهم بنسبة حصته في رأس المال ( [746] ) .

فإذا فرضنا أن الصافي من مال الشركة هو خمسة آلاف ، وان الشركاء عددهم ثلاثة ، وقدرت حصة الأول في رأس المال بألف وحصة الثاني بثمانمائة ، وحصة الثالث بسبعمائة ، خصص لكل شريك قيمة حصته ، فيكون مجموع الحصص ألفين وخمسمائة ، والباقي من صافي مال الشركة وهو ألفان وخمسمائة أيضاً يعتبر أرباحاً . فإذا كانت هناك نسبة متفق عليها لتوزيع الأرباح ،وزع الباقي على الشركاء بهذه النسبة . أما إذا لم تكن هناك نسبة متفق عليها ، وزع الباقي بنسبة الحصص . فيأخذ كل شريك في هذه الحالة حصته مضاعفة ، مرة عن قيمة حصته ومرة أخرى عن نصيبه في الربح ، لأن قيمة الحصص في الفرض الذي نحن بصدده معادلة لقيمة الأرباح .

263 - توزيع الخسائر بين الشركاء :أما إذا لم يف الصافي من مال الشركة بحصص الشركاء ، فإن ما نقص من هذه الحصص يعتبر خسائر ، ويوزع على الشركاء بالنسبة التي توزع بها الخسائر . فإن كان متفقاً على نسبة معينة ، التزمت هذه النسبة في توزيع ما نقص من صافي مال الشركة عن قيمة الحصص . وإن لم يكن متفقاً على نسبة معينة كان التوزيع على كل شريك بنسبة حصته في رأس المال ( [747] ) .

 $ 414 $ فإذا فرضنا أن الصافي من مال الشركة هو ألفان ، وان الشركاء عددهم ثلاثة ، وقدرت حصة الأول في رأس المال بثلاثة آلاف ، وكانت حصة الثاني منفعة قدرت بخمسمائة ، وكانت حصة الثالث عملا قدر بخمسمائة أخرى ، خصص للشريك الأول من صافي مال الشركة قيمة حصته ، أما الثاني الذي حصته منفعة والثالث الذي حصته عمل فلا يأخذان شيئاً عن حصتيهما ( [748] ) كما سبق القول . فتبين أن صافي مال الشركة لا يفي بحصة الشريك الأول ، إذ الصافي ألفان وحصة الشريك الأولي ثلاثة آلاف ، فيأخذ الشريك الأولي كل الألفين ، وما نقص وهو ألف يعتبر خسائر . فإذا لم تكن هناك نسبة متفق عليها في توزيع هذه الخسائر بين الشركاء ، وزعت عليهم كل بنسبة حصته ومن ثم يوزع الألف ، وهو الخسائر ، على الشركاء الثلاثة بنسبة حصصهم ، أي بنسبة ثلاثة آلاف حصة الأول إلى خمسمائة حصة الثاني إلى خمسمائة حصة الثالث . فيتحمل الشريك الأول ثلاثة أرباع الخسائر ، أي سبعمائة وخمسين من الألف ، ويتحمل كل من الشريكين الآخرين نصف الربع من الخسائر . فيرجع الشريك الأولي على كل منهما بمائة وخمسة وعشرين ، فيكون ما يأخذه منهما معاً مائتين وخمسين ، وذلك إلى جانب الألفين وهو المبلغ الذي سبق أن خصص له في مقابل حصته .

 $ 415 $

264 - القسمة بين الشركاء نص قانوني :وتنص المادة 537 من التقنين المدني على ما يأتي : " تتبع قسمة الشركات القواعد المتعلقة بقسمة المال الشائع ( [749] ) .

ويخلص من ذلك أنه متى تحدد نصيب كل شريك في الصافي من مال الشركة على النحو الذي تقدم بيانه ، فتخصص لكل شريك قيمة حصته في رأس المال ، يضاف إليها نصيبه في الأرباح أو ينقص منها نصيبه في الخسائر ، فقد أصبح هذا الصافي من مال الشركة هو مملوك في الشيوع لجميع الشركاء كما قدمنا محدداً فيه نصيب كل شريك شائعاً .

فإذا كان صافي مال الشركة نقداً ، تيسر توزيعه على الشركاء ، كل بنسبة نصيبه ، ولا محل في هذه الحالة لإجراء القسمة عيناً

أما إذا كان هذا الصافي أعياناً معينة بالذات ،منقولاً كان أو عقاراً ، $ 416 $ أو اشتمل على أعيان معينة بالذات ، بقيت هذه الأعيان شائعة بين الشركاء . وينقضي هذا الشيوع بالقسمة ، شأن كل مال شائع وقد أحالت المادة 537 مدني السالفة الذكر صراحة على القواعد المتعلقة بقسمة المال الشائع . فلكل شريك أن يطالب بالقسمة ،وعندئذ تسرى الأحكام الواردة في المواد 834 إلى 849 مدني ، وبحثها يكون عند الكلام في الملكية الشائعة .

 $ 417 $

 الباب الثالث

 عقد القرض

 الدخل الدائم

 $ 419 $

مقدمة ( [750] )

265 - التعريف بعقد القرض وخصائصه نص قانوني : تنص المادة 538 من التقنين المدني على ما يأتي

 " القرض عقد يلتزم به المقرض أن ينقل إلى المقترض ملكية مبلغ من النقود أو أي شيء مثلي آخر ، على أن يرد إليه المقترض عند نهاية القرض شيئاً مثله في مقداره ونوعه وصفته " ( [751] ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 465 / 566 ( [752] ) .

 $ 420 $

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 506 وفي التقنين المدني الليبي م 537 - وفي التقنين المدني العراقي م 684 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 754 - 755 ( [753] ) .

ويخلص من النص المتقدم الذكر أن عقد القرض محله يكون دائماً شيئاً مثلياً ، وهو في الغالب نقود . فينقل المقرض إلى المقترض ملكية الشيء المقترض ، على أن يسترده منه مثله في نهاية القرض ، وذلك دون مقابل أو بمقابل هو الفائدة . وسيأتي بيان ذلك عند الكلام في محل القرض .

ونقف الآن من عقد القرض عند الخصائص الآتية ، وهي خصائص يمكن استخلاصها من التعريف السالف الذكر : ( 1 ) عقد القرض عقد رضائي ( 2 ) وهو عقد ملزم للجانبين ( 3 ) وهو في الأصل عقد تبرع وقد يكون عقد معاوضة .

 $ 421 $

266 - الفرض عقد رضائي : يظهر من تعريف الفرض كما أوردته المادة 538 مدني أن الفرض يتم بمجرد تلاقي الإيجاب والقبول ، أما نقل ملكية الشيء المقترض وتسليمه إلى المقترض فهذا التزام ينشئنه عقد القرض في ذمة المقرض ،وليس ركناً في العقد ذاته ( [754] ) .

ولم يكن الأمر كذلك في التقنين المدني السابق ، إذ كان القرض في هذا التقنين عقداً عينياً لا يتم إلا بتسليم الشيء المقترض إلى المقترض ونقل ملكيته إليه ( م 465 / 566 مدني سابق ) وكان التقنين المدني السابق يسير في ذلك على غرار التقنين المدني الفرنسي ، وكلا التقنين ورث عينية عقد القرض عن القانون الروماني دون مبرر . فقد كانت هذه العينية مفهومة في القانون الروماني حيث كنت العقود في الأصل شكلية ، ثم استغنى عن الشكل بالتسليم في العقود العينية ومنها الفرض ولم يسلم القانون الروماني بان التراضي وحده كاف لانعقاد العقد إلا في عدد محصور من سمى بالعقود الرضائية . أما اليوم فقد أصبحت القاعدة أن التراضي كاف لانعقاد العقد ، فلم يعد هناك مقتض لإحلال التسليم محل الشكل ، إذ لم نعد في حاجة لا إلى الشكل ولا إلى التسليم . وهذا هو اتجاه التقنينات الحديثة ، فإن تقنين الالتزامات السويسري ( م 321 و م 329 ) جعل القرض عقداً رضائياً ، وعلى نهجه سار التقنين المدني المصري الجديد ( [755] ) .

وعينية عقد القرض في القانون الفرنسي ينتقدها الفقه بحق ، إذ هي كما قدمنا ليست إلا أثراً من آثار تقاليد القانون الروماني بقى بعد أن زال $ 422 $ مبرره . وكان بوتييه يقيمها على أساس أن المقترض لا ينبغي أن يلتزم برد مثل الشيء المقترض إلا بعد أن يقبض الشيء ( [756] ) .ويمكن الرد على ذلك بأنه لا يوجد ما يمنع من أن يتم عقد القرض قبل أن يتولد في ذمة المقترض التزام برد المثل ،ثم يتولد هذا الالتزام بعد أن ينفذ المقرض التزامه بإعطاء الشيء إلى المقترض وهذا هو الذي يحدث في عقد الإيجار ، فإن المستأجر لا يلتزم برد العين المؤجرة إلا بعد أن ينفذ المؤجر التزامه بتسليمها إياه ، ومع ذلك يتم عقد الإيجار قبل هذا التسليم إذ هو عقد رضائي دون شك ( [757] ) .

على أنه لا توجد أهمية عملية من القول بأن القرض عقد عيني لا يتم إلا بالتسليم ، ما دامت الرضائية هي الأصل في التعاقد . ففي القانون الفرنسي يمكن أن يحل محل القرض العيني وعد بالقرض رضائي ينتهي إلى ذات النتيجة التي ينتهي إليها القرض العيني . وما على المتعاقدين إلا أن يتعاقدا على وعد بالقرض ، فيعد أحدهما الآخر أن يقرضه شيئاً . ويتم الوعد في هذه الحالة بمجرد التراضي ، لأن الأصل في التعاقد الرضائية كما قدمنا . وعند ذلك يستطيع الموعود له أن يجبر الواعد على تنفيذ وعده ، فيتسلم منه الشيء الموعود بقرضه ، فتصل بذلك عن طريق الوعد بالقرض إلى القرض الكامل ( [758] ) .

 $ 423 $

267 - القرض عقد ملزم للجانبين : والقرض ينشيء التزامات متقابلة في جانب كل من المقرض والمقترض ، فهو إذن عقد ملزم للجانبين . والالتزامات التي ينشئها في جانب المقرض هي أن ينقل ملكية الشيء المقترض ويسلمه إياه ، ولا يسترده منه إلا عند نهاية القرض ، ويضمن الاستحقاق والعيوب الخفية أما الالتزامات التي ينشئها في جانب المقترض فهي أن يرد المثل عند نهاية القرض وأن يدفع المصروفات ، وقد يدفع الفوائد مقابلاً للقرض . وسيأتي تفصيل كل ذلك .

وليس القرض عقداً ملزماً للجانبين منذ أصبح عقداً رضائياً فحسب ، بل هو في نظرنا كان ملزماً للجانبين حتى لما كان عقداً عينياً في التقنين المدني السابق . ذلك أن القرض وهو عقد عيني كان ينشئ التزاماً في ذمة المقرض ، لا بالتسليم فإن هذا كان ركناً لا التزاماً ، بل بالامتناع عن استرداد المثل قبل نهاية القرض .يؤكد ذلك ما ورد في الفقرة الأولي من المادة 539 مدني من أنه " يجب على المقرض أن يسلم الشيء موضوع العقد إلى المقترض ، ولا يجوز له أن يطالبه برد المثل إلا عند الانتهاء القرض " . فالالتزام بتسليم الشيء إلى المقترض كان في التقنين المدني السابق ركناً لا التزاماً كما سبق القول ، أما الالتزام بالامتناع عن المطالبة يرد المثل إلا عند انتهاء القرض ، فهذا الالتزام قائم في ذمة المقرض سواء كان القرض عقداً رضائياً أو عقد عينياً .ويتبين من ذلك أن القرض ، عندما كان عقداً عينياً ،كان ينشئ التزاماً في جانب المقرض ، وقد يكون من الالتزامات المقابلة له في جانب المقترض التزام بدفع فوائد مشترطة في العقد . فإذا أخل المقترض بالتزامه من دفع الفوائد ، جاز للمقرض فسخ القرض واسترداد ما أقرض . وهذا التحليل يفسر ما انعقد عليه الإجماع من أن قاعدة الفسخ تسري على عقد القرض ، فلا تكون $ 424 $ في حاجة إلى القول مع بعض الفقهاء أن قاعدة الفسخ تسري على العقود الملزمة لجانب وأحد كما تسري على العقود الملزمة للجانبين ، ولا إلى مسايرة فقهاء آخرين في تسمية الفسخ في عقد القرض بالإقساط ( decheance ) ، بل يبقى الفسخ على طبيعته مقصوراً على العقود الملزمة للجانبين ومنها عقد القرض حتى لو كان عقداً عينياً . ونرى أن هذا التحليل لا يزال ضرورياً حتى بعد أن أصبح التسليم في عقد القرض التزاماً لا ركناً وأصبح القرض عقداً رضائياً ، وذلك أن المقرض إذا فسخ العقد في حالة إخلال المقترض بالتزامه من دفع الفوائد ، فإن المقرض لا يتحلل بذلك من الالتزامات بالتسليم ، بل من الالتزام بالامتناع عن المطالبة بالاسترداد إلى نهاية القرض ( [759] ) .

268 - القرض عقد تبرع في الأصل :والأصل في عقد القرض أن يكون تبرعاً ، إذ المقرض يخرج عن ملكية الشيء إلى المقترض ولا يسترد المثل إلا بعد مدة الزمن ، وذلك دون مقابل ، فهو متبرع . على أنه إذا اشترط على المقترض دفع فوائد معينة في مقابل ، فهو متبرع . على أنه إذا اشترط على المقترض دفع فوائد معينة في مقابل القرض ، أصبح القرض عقد معاوضة .ولكن الفوائد لا تجب إلا إذا اشترطت ، إذ الأصل في القرض كما قدمنا أن يكون عقد تبرع . وتقول المادة 542 في هذا المعنى : " على المقترض أن يدفع الفوائد المتفق عليها عند حلول مواعيد استحقاقها ، فإذا لم يكن هناك اتفاق على الفوائد اعتبر القرض بغير أجر " .

269 - تمييز القرض عن بعض ما يلتبس به من العقود :والقرض يتميز تميزاً واضحاً عن بعض العقود ، فلا يلتبس بها . من ذلك عقد $ 425 $ الهبة ، فالقرض نقل ملكية الشيء على أن يسترده مثله ، أما الهبة فنقل ملكية الشيء على إلا يسترده هو ولا مثله . وإنما يشترك القرض بغير فائدة مع الهبة في أن كلا منهما عقد تبرع . ومن ذلك عقد الإيجار ، فالقرض ينقل ملكية الشيء ، أما الإيجار ،فلا ينقل الملكية وإنما يلتزم المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالشيء على أن يرده بعينه في نهاية الإيجار ، لا أن يرد مثله كما في القرض . وإنما يتشابه القرض بالفائدة والإيجار من الناحية الاقتصادية في أن صاحب المال في الحالتين يجعل الغير ينتفع بماله في تظهير مقابل ،ومن هنا سمى المقرض بمؤجر النقود ( bailleur de fonds ) .

ولكن القرض قد يتلبس بعقود أخرى ، نذكر منها بوجه خاص البيع والشركة والوديعة والعارية .

270 - تمييز القرض عن البيع : وفي أكثر الأحوال يتميز القرض في وضوح عن عقد البيع ، فالبيع نقل ملكية المبيع في مقابل ثمن من النقود ، أما القرض فنقل ملكية الشيء المقترض على أن يسترد مثله بفوائد أو بدون فوائد . على أنه قد يدق في بعض الأحوال التمييز بين العقدين ، ونذكر من ذلك ما يأتي .

1 - عندما كان بيع الوفاء جائزاً - كما كان الأمر في التقنين المدني السابق - كان كثيراً ما يلتبس بالقرض ، بل كان كثيراً ما يخفي القرض ، ومن أجل ذلك حرمه التقنين المدني الجديد . فقد كان المقرض يأخذ من المقترض العين ويسمي العقد بيع وفاء ، ويعطيه مبلغاً من النقود هو في حقيقة قرض ولكن المتعاقدين يسميانه ثمناً . فإذا لم يرد المقترض النقود في الميعاد المحدد ، أصبح المقرض مالكاً للعين ملكية باتة . ولو سميت الأشياء بأسمائها الصحيحة ، لكانت العين رهناً ، ولما أمكن المقرض $ 426 $ أن يتملكها ، بل وجب عليه بيعها في المزاد لاستيفاء القرض ( [760] ) .

2 - ولا يزال هناك ، حتى في التقنين المدني الجديد ، نوع من الاتفاقات هو شرط التملك عند الوفاء ، بمقتضاه يقبل المقترض إذا لم يف القرض في الميعاد ، أن يتملك المقرض العين المرهونة في نظير القرض ، فينقلب القرض بيعاً . والفرق بين هذه الصورة والصورة السابقة ، أن العقد في الصورة السابقة يبدأ بيعاً ويبقى بيعاً ، أما في الصورة التي نحن بصددها فيبدأ العقد قرضاً ثم يتحول بيعاً . وشرط التملك عند الوفاء باطل ، وقد نصت الفقرة الأولي من المادة 1052 مدني في هذا المعنى على أنه " يقع باطلاً كل اتفاق يجعل للدائن الحق عند عدم استيفاء الدين وقت حلول أجله في أن يتملك العقار المرهون في نظير ثمن معلوم أيا كان " ( [761] ) .

3 - وهناك ما يسمى ببيع العينة ، وحقيقته قرض . وصورته أن يبيع المقترض متاعاً للمقرض بثمن معجل يقبضه منه وهذا هو القرض ، ثم يعيد المقرض بيع نفس المتاع من المقترض بثمن مؤجل أعلى من الثمن المعجل الذي دفعه . مثل ذلك أن يبيع شخص ساعة من آخر بثمن معجل هو عشرون مثلاً . فإذا قبض البائع العشرين ، عاد فاشترى الساعة ذاتها ممن اشتراها منه بخمس وعشرين مؤجلة . فتعود إليه الساعة $ 427 $ وينتهي الأمر إلى أنه قبض عشرين معجلة سماها ثمن الساعة ، والتزم بخمس وعشرين مؤجلة ، و الفرق فوائد ويغلب أن تكون فوائد فاحشة سترها عقد البيع ( [762] ) .

271 - تمييز القرض عن الشركة : ويتميز القرض عن الشركة تمييزاً واضحاً في اكثر الأحوال . فالمقرض يسترد المثل من المقترض ، ولا شأن له بما إذا كان المقترض قد ربح أو خسر من استغلاله للقرض . أما الشريك فلا يسترد حصته من الشركة بعد انقضائها إلا بعد أن يساهم في الربح أو في الخسارة . وقد قدمنا أن هذه المساهمة في الربح وفي الخسارة هي التي تميز الشركة عن القرض .

ويدق التمييز . كما رأينا عند الكلام في الشركة ( [763] ) ، إذا قدم شخص مالا لآخر ، واشترط عليه أن يسترد مثله وان يساهم في الربح دون الخسارة . فمن رأي أن هذه شركة رآها شركة باطلة ، إذ هي شركة الأسد ( [764] ) . ومن رأي أن هذا قرض اعتبر أن من قدم المال قد أقرضه للآخر ، واشترط فائدة للقرض هي نسبة معينة من الربح ، وتكون الفائدة هنا أمراً احتمالية قد يتحقق إذا تحقق ربح وقد لا يتحقق إذا انعدم الربح وينبني على ذلك أنه إذا تحقق ربح وزاد نصيب المقرض فيه على الفائدة المسموح بها قانوناً ، أنزل النصيب إلى الحد القانوني . وينبني على ذلك أيضاً أن المقرض لا يشترك غالباً في إدارة العمل الذي قدم المال من $ 428 $ أجله ولا تكون له رقابة عليه إذ ليس بشريك ( [765] ) . ويتوقف الأمر على نية الطرفين ، فإن نيتهما إلى المشاركة في العمل ، اعتبر من قدم المال شريكاً اشترط عدم المساهمة في الخسارة فتكون الشركة باطلة ،وإلا كان العقد قرضاً على النحو الذي أسلفناه ( [766] ) .

وقد تتفق جماعة على أن يقدم كل منهم مبلغاً من النقود ، على أن يأخذ كل منهم بدوره مجموع هذه المبالغ مدة عام مثلاً ،ويردها ليأخذها غيره ، فينتفع كل منهم بمجموع هذه المبالغ مدة معينة . وهذا ما يسمى بقرض الائتمان المؤجل ( pret a credit differe ) ( [767] ) . فهذا عقد ظاهره شركة تختلط بالقرض ، ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن اتفاق مستخدمي متجر على أن يودعوا ما يقتصدونه عند أحدهم ليستثمره لمصلحتهم ، وعند الاقتضاء يقدم منه شيئاً إلى من كان في حاجة إلى ذلك ، لا يعتبر عقد الشركة ، بل هو عقد غير مسمى يدور بين الوكالة والوديعة الناقصة ، فلا يجوز الحكم بالحل والتصفية ( [768] ) . ولا يجوز لمستخدم منهم خرج من الخدمة أن يطالب بحل الهيئة وتصفيتها ، بل كل ما يستطيع هو أن يطالب بقيمة حصته وقت خروجه ( [769] ) .

272 - تمييز القرض عن الوديعة :ويتميز القرض عن الوديعة في $ 429 $ أن القرض ينقل ملكية الشيء المقترض إلى المقترض على أن يرد مثله في نهاية القرض إلى المقرض ، أما الوديعة فلا تنقل ملكية الشيء المودع إلى المودع عنده بل يبقى ملك المودع ويسترده بالذات . هذا إلى أن المقترض ينتفع بمبلغ القرض بعد أن أصبح مالكاً له ، أما المودع عنده فلا ينتفع بمبلغ القرض بعد أن أصبح مالكاً له ، أما المودع عنده فلا ينتفع بالشيء المودع بل يلتزم بحفظه حتى يرده إلى صاحبه .

ومع ذلك فقد يودع شخص عند آخر مبلغاً من النقود أو شيئاً آخر ومع ذلك فقد يودع شخص عند آخر مبلغاً من النقود أو شيئاً آخر مما يلك بالاستعمال ، ويأذن له في استعماله ، وهذا ما يسمى بالوديعة الناقصة ( depot irregulier ) وقد حسم التقنين المدني الجديد الخلاف في طبيعة الوديعة الناقصة ، فكيفها بأنها قرض . وتقول المادة 726 مدني في هذا المعنى : " إذا كانت الوديعة مبلغاً من النقود أو أي شيء آخر مما يهلك بالاستعمال ، وكان المودع عنده مأذوناً له في استعماله ، اعتبر العقد قرضاً " .

أما في فرنسا فالفقه مختلف في تكييف الوديعة الناقصة . والرأي الغالب هو الرجوع إلى نية المتعاقدين . فإن كان صاحب النقود قصد أن يتخلص من عناء حفظها بإيداعها عند الآخر ، فالعقد وديعة . أما أن قصد الطرفان منفعة من تسلم النقود عن طريق استعمالها لمصلحته ، فالعقد قرض . ويكون العقد قرضاً بوجه خاص إذا كان تسلم النقود مصروفاً ( [770] ) .

273 - تمييز القرض عن العارية : وقد درج كثير من التقنينات منها التقنين الفرنسي والتقنين المصري السابق على جمع القرض والعارية في مكان وأحد وتسمية العقدين بالعارية ، وللتمييز بينهما يسمى القرض عارية استهلاك ( pret de cons ommation ) والعارية عارية استعمال ( pret a usage ) .

 $ 430 $

والفرق ما بين العقدين فرق جوهري .ففي القرض ينقل المقرض ملكية شيء مثلي على أن يسترد المثل عند نهاية القرض ، ومن ثم كان القرض من العقود التي ترد على الملكية . أما العارية ، فالمعير لا ينقل ملكية العين المعارة إلى المستعير ، بل يقتصر على تسليمها إياه لينتفع بها على أن يردها بذاتها عند نهاية العارية ، ومن ثم كانت العارية ،ومن ثم كانت العارية من العقود التي ترد على الانتفاع بالشيء . ومن أجل ذلك فرق التقنين المدني الجديد ما بين العقدين ، فوضع القرض بين العقود التي ترد على الملكية ، والعارية بين العقود التي ترد على الانتفاع بالشيء .

والذي يميز القرض عن العارية أن محل القرض يجب أن يكون شيئاً مثلياً ، لأن المقترض يلتزم برد مثله ( م 538 مدني سالفة الذكر ) . أما محل العارية فيجب أن يكون شيئاً قيمياً لا مثلياً ، لأن المستعير يرده بعينه لا بمثله . ومع ذلك فقد عرفت المادة 635 مدني العارية بأنها " عقد يلتزم به المعير أن يسلم المستعير شيئاً غير قابل للاستهلاك ليستعمله بلا عوض لمدة معينة أو في غرض معين ، على أن يرده بعد الاستعمال ، ما دام هذا الشيء مثلياًِ . مثل ذلك أن تقترض مكتبة من أخرى نسخة من كتاب لتبيعها إلى عميل ، على أن ترد مثلها إلى المكتبة التي أقرضتها النسخة . وقد يعير شخص آخر شيئاً قابلاً للاستهلاك ، ما دام هذا الشيء قد اعتبر لذاته فأصبح قيمياً على هذا النحو .مثل ذلك أن يعير شخص صرافاً مبلغاً من النقود يعوض به عجزاً عنده ، على أن يرد الصراف هذا المبلغ بذاته إلى المعير بعد انتهاء التفتيش .ومثل ذلك أيضاً أن يعير شخص صيرفياً قطعاً من النقود يضعها في " الفترينة " على أن يردها بذاتها ( [771] ) .( pret ad pomam et ostentationem ) .

 $ 431 $

274 - التنظيم التشريعي للمقرض والدخل الدائم : كان التقنين المدني السابق يجمع ، كما قدمنا ، بين القرضين والعارية في باب وأحد ،وكان يضم إلى كل من المقرض والعارية في نفس الباب الدخل الدائم والإيرادات المرتبة مدى الحياة . ولما كانت الصلة مفقودة بين هذه العقود المتنافرة في طبيعتها ، فقد فصل بينها التقنين المدني الجديد ،وجعل القرض والدخل الدائم وهما من طبيعة واحدة في فصل وأحد بين العقود الواردة على الانتفاع بالشيء وخصص للإيراد المرتب مدى الحياة فصلاً مستقلاً بين عقود الغرر : " يجمع التقنين الحالي ( السابق ) ما بين عاريتي الاستعمال والاستهلاك والدخل الدائم والدخل المرتب مدى الحياة في باب وأحد والصلة ما بين هذه العقود أقرب إلى أن تكون لفظية ، وإلا فإن طبيعة كل عقد تتنافر مع طبيعة العقد الآخر فعارية الاستعمال ترد على المنفعة ، أما العارية الاستهلاك فترد على الملكية . وإذا كان الدخل الدائم عقداً محدداً ، فإن الدخل المرتب مدى الحياة عقد احتمالي . والأولي أن يجمع عارية الاستهلاك والدخل الدائم في مكان وأحد فكلاهما قرض ، وان توضع عارية الاستعمال مكانها بين العقود التي ترد على المنفعة ، والدخل المرتب $ 432 $ مدى الحياة مكانه بين العقود الاحتمالية . وهذا ما فعل المشروع " ( [772] ) .

وقد ترتب التقنين المدني الجديد عقد القرض ترتيباً منطقياً لا نجده في التقنين المدني السابق ، فذكر أولا التزامات المقرض ، وهي إلى جانب نقل الملكية تسليم الشيء وضمان الاستحقاق وضمان العيب ، وهذه هي الالتزامات التي تنشئها عادة العقود الناقلة للملكية ، رأيناها قبل ذلك في البيع والمقايضة والهبة والشركة . ثم ذكر بعد ذلك التزامات المقترض ، وهي رد المثل ودفع الفوائد أن وجدت . وذكر أخيراً الوجوه التي ينتهي بها القرض ( [773] ) .

أما الدخل الدائم ، فقد أوجز فيه التقنين المدني السابق إيجازاً مخلا فعالج التقنين المدني الجديد هذا العيب ، إذ عرف العقد ، وبين أحكامه وأفاض بوجه خاص في أحكام الاستبدال به والاستبدال خصيصة وئيسية فيه ( [774] ) .

275 - أهم الفروق بين التقنين الجديد والتقنين السابق في عقد القرض : وقد أوردت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي أهم الفروق بين التقنين الجديد والتقنين السابق في عقد القرض فيما يأتي :

1 - جعل التقنين الجديد القرض عقداً رضائياً ، وكان عينياً في التقنين السابق .

2 - بين التقنين الجديد في وضوح أن القرض عقد ملزم للجانبين فهناك التزامات في ذمة المقترض تقابلها التزامات أخرى في ذمة المقترض .

 $ 433 $

3 - نقل التقنين الجديد أحكام الفوائد إلى الأحكام العامة في نظرية الالتزام .

4 - أغفل التقنين الجديد نصاً أورده التقنين السابق خاصاً برد القيمة العددية للنقد أياً كان اختلاف أسعار المسكوكات ، اكتفاء بالنص العام ( م 134 مدني ) الوارد في هذا الشأن .

5 - بين التقنين الجديد أسباب انقضاء القرض بياناً وافياً . وجدت في مسأله هامة ، إذ أجاز انتهاء القرض بفائدة متى انقضت ستة أشهر على القرض وأعلن المدين رغبته في إلغاء العقد ورد ما اقترض ، على أنه يلزم المدين بأداء الفوائد المستحقة عن ستة الأشهر التالية للإعلان ( [775] ) .

276 - خطة البحث : ونبحث القرض والدخل الدائم في فصول ثلاثة متعاقبة ، فنبحث أركان القرض في الفصل الأول ، ثم آثار القرض في الفصل الثاني ، ثم الدخل الدائم في الفصل الثالث .

 $ 434 $

 الفصل الأول

 أركان القرض

277 - أركان ثلاثة :لعقد القرض ،شأنه في ذلك شأن سائر العقود أركان ثلاثة : التراضي والمحل والسبب .

 الفرع الأول

 التراضي في عقد القرض

278 - شروط الانعقاد وشروط الصحة : نتكلم في شروط الانعقاد في التراضي ،ثم في شروط صحة التراضي .

 المبحث الأول

 شروط الانعقاد

279 - توافق الإيجاب والقبول كاف في عقد القرض :قدمنا أن عقد القرض عقد رضائي ، فيكفي لانعقاده توافق الإيجاب والقبول من المقرض والمقترض .

ولا توجد في هذا الصدد أحكام خاصة بعقد القرض ، فتسرى القواعد العامة في نظرية العقد من ذلك طرق التعبير عن الإدارة تعبيراً صريحاً أو تعبيراً ضمنياً ، والوقت الذي ينتج فيه التعبير عن الإدارة أثره ، وموت من صدر منه التعبير عن الإدارة أو فقده لأهليته ، والتعاقد ما بين الغائبن ، والنيابة في عقد القرض ، وغير ذلك من الأحكام العامة .

 $ 435 $

ومنذ أصبح القرض عقداً رضائياً ، صار الوعد بالقرض يعدل القرض ، ولم تعد هناك أهمية للتمييز بينهما . أما عند ما كان القرض عقداً عينياً في التقنيين المدني السابق ، فقد قدمنا أنه كان يمكن الاتفاق بعقد رضائي على وعد بالقرض ،ويكون هذا الوعد ملزماً ، فيجبر الواعد على تسليم ما وعد بإقراضه ، فيتم القرض بالتسليم .وكنا بذلك نصل إلى القرض عندما كان عقداً عينياً عن طريق عقد رضائي هو الوعد بالقرض ( [776] ) .

280 - صور مختلفة لعقد القرض : وقد يتخذ القرض صوراً مختلفة من أخرى غير الصور المألوفة .

من ذلك أن تصدر شركة أو شخص معنوي عام سندات ، فهذه السندات قروض تعقدها الشركة أو الشخص المعنوي مع المقرضين . ومن اكتتب في هذه السندات فهو مقرض للشركة أو الشخص المعنوي بقيمة ما اكتتب به .

ومن ذلك تحرير كمبيالة أو سند تحت الإذن أو سند لحامله ، فهذه الأوراق قد تكون قروضاً يعقدها من حررها وهو المقترض لمصلحة من حررت له وهو المقرض .

ومن ذلك فتح اعتماد في مصرف للعميل ، فالعميل يكون مقترضاً من المصرف مبلغاً حده الأقصى هو الاعتماد المفتوح .

ومن ذلك إيداع نقود في مصرف ، فالعميل الذي أودع النقود هو المقرض والصرف هو المقترض ، وقد قدمنا أن هذه وديعة ناقصة وتعتبر قرضاً ( [777] ) .

 $ 436 $

ومن ذلك تعجيل مصرف مبلغاً من النقود لعميل لقاء أوراق مالية مودعة في المصرف ، فالمصرف يكون قد أقرض العميل هذا المبلغ الذي عجله في مقابل رهن هو الأوراق المالية المودعة في المصرف ( [778] ) .

281 - إثبات القرض : ويخضع القرض في إثباته للقواعد العامة المقررة في الإثبات . ومن ثم لا يجوز إثبات القرض ، إذا زادت قيمته على عشرة جنيهات ، إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها كالإقرار واليمين ومبدأ الثبوت بالكتابة ( [779] ) .أما إذا لم تزد قمية القرض على عشرة جنيهات أو كان قرضاً تجارياً ، جاز إثباته بجميع الطرق الإثبات ويدخل في ذلك البينة والقرائن .

والقرض يكون تجارياً بالنسبة إلى المقترض ، ومن ثم يجوز للمقرض إثباته بجميع الطرق ، إذا عقده المقترض لعمل من أعمال التجارة ( [780] ) . ويكون تجارياً بالنسبة إلى المقرض ، إذا كان داخلا أعمال المقرض التجارية ( [781] ) . ويترتب على أن القرض تجاري أو مدني إلى جانب طرق $ 437 $ الإثبات أن السعر القانوني للفائدة يختلف ، فهو 5% في القرض التجاري و 4%في القرض المدني .

وإذا حررت ورقة لإثبات القرض ، وذكر فيها أن المقترض قد قبض مبلغ القرض ، فلا يجوز إثبات عكس ما جاء بالورقة ، وأن المقترض لم يقبض هذا المبلغ ، إلا بالكتابة ، وذلك وفقاً للقواعد المقررة في الإثبات .

ويجوز للمتعاقدين أن يحررا بالقرض سنداً تحت الإذن حتى يسهل تداوله ، ولا يكون في ذلك تجديد لعقد القرض ( [782] ) .

 المبحث الثاني

 شروط الصحة

282 - الأهلية في عقد القرض : والأهلية التي يجب أن تتوافر في المقرض هي أهلية التصرف ، إذ هو ينقل ملكية الشيء المقترض ، وهذا إذا كان القرض بفائدة . أما إذا كان بغير فائدة فهو تبرع ، ومن ثم يجب أن تتوافر في المقرض أهلية التبرع ( [783] ) . وإذا أقرض القاصر أو المحجور بغير فائدة كان القرض باطلاً لأنه ضار به ضرراً محضاً ، أما إذا أقرض بفائدة فإن القرض يكون قابلاً للإبطال لمصلحته ( [784] ) . ويجوز للأب وللجد $ 438 $ أن يقرضا مال القاصر بفائدة بإذن المحكمة ( م 9 من القانون الولاية على المال ) ، ولا يجوز للأب إقراض مال القاصر بغير فائدة إلا لأداء واجب إنساني أو عائلي وبإذن المحكمة ( م 5 من قانون الولاية على المال ) ( [785] ) . وكذلك الوصي والقيم لا يجوز لهما إقراض مال القاصر أو المحجور بفائدة إلا بإذن المحكمة ( م 39 م 78 من قانون الولاية على المال ) .

أما المقترض فتشترط فيه أهلية الالتزام ، لأنه يلتزم برد المثل ، وذلك سواء كان القرض بفائدة أو بغير فائدة .فلا يجوز للقاصر ولا للمحجور أن يقترضا ولو بغير فائدة ، وحتى لو كان القاصر مأذوناً له في إدارة أعماله ، ويكون العقد في هذه الحالة قابلاً للإبطال ( [786] ) . ويجوز للأب أن يقترض باسم القاصر بغير إذن المحكمة ( م 4 من قانون الولاية على المال ) .ويجوز كذلك للوصي والقيم أن يقترضا باسم القاصر أو المحجور بإذن المحكمة ( م 39 و م 78 من قانون الولاية على المال ) ( [787] )

283 - عيوب الإدارة عقد القرض : ولا توجد أحكام يختص بها عقد القرض في صدد عيوب الإدارة ، فتسري القواعد العامة المقررة في نظرية العقد . ومن ثم يكون القرض قابلاً للإبطال إذا شاب إدارة أحد المتعاقدين عيب من عيوب الإدارة ، وهي الغلط والتدليس والإكراه ، وذلك وفقاً للأحكام المقررة في هذا الشأن .

أما الاستغلال فأحكام الفوائد تغني عنه في عقد القرض ، إذ لا يجوز للمقرض أن يشترط فائدة تزيد على الحد الأقصى الذي يسمح به القانون وهو 7% .

 الفرع الثاني

 المحل والسبب في عقد القرض

 المبحث الأول

 المحل في عقد القرض

 ( فوائد القرض )

284 - الشيء المقترض والفوائد : محل القرض في الأصل هو الشيء المقترض ، وقد تشترط فوائد للقرض فيكون للعقد محل آخر هو هذه الفوائد المشترطة .

 المطلب الأول

 الشيء المقترض

285 - الشروط الواجب توافرها في الشيء المقترض : يجب أن يتوافر في الشيء المقترض الشروط العامة التي يجب توافرها في المحل .فيجب أن يكون الشيء موجوداً ، معيناً أو قابلاً للتعيين ،غير مخالف للنظام العام ولا للآداب ، ولما كان الشيء المقترض في الكثرة الغالبة من $ 440 $ الأحوال نقوداً ، فإن هذه الشروط تكون متوافرة ما دام قد حدد مقدار المبلغ المقترض . ولكن قد يقع أن يكون الشيء المقترض أشياء مثلية غير النقود ، كغلال مثلاً ، فعند ذلك يجب أن تكون كمية الغلال المقترضة موجودة عند القرض فلو كانت قد احترقت قبل القرض انعدم المحل ولا ينعدم القرض .كذلك يجب أن يكون مقدارها معلوماً ، حتى يمكن أن يرد مثلها عند نهاية القرض . وإذا كان الشيء المقترض شيئاً محرماً ، كالحشيش والمخدرات ، فإن المحل يكون مخالفاً النظام العام ويكون القرض باطلاً .

ويجب ، إلى جانب هذه الشروط العامة ،أن يكون الشيء المقترض من المثليات وقد صرحت المادة 538 مدني سالفة الذكر بهذا الشرط إذ تقول كما رأينا : " القرض عقد يلتزم به المقرض أن ينقل إلى المقترض ملكية مبلغ من النقود أو أي شيء مثلي آخر " على أن طبيعة عقد القرض تقتضي أن يكون الشيء المقترض مثلياً ، إذ المقترض يتملكه على أن يرد مثله ، ولا يمكن رد المثل إلا في المثليات .

وأكثر ما يكون الشيء المقترض نقوداً كما قدمنا ولكن لا يوجد ما يمنع من أن يكون هذا الشيء غير نقود ما دام من المثليات . فيمكن اقتراض الغلال والحبوب والقطن والزيت وغير ذلك من المكيلات والموزونات والمذروعات والعدودات المتقاربة متى كانت معينة النوع والمقدار أو قابلة للتعيين ( [788] ) .

والغالب أن يكون الشيء المثلي المقترض قابلاً للاستهلاك ، سواء كان $ 441 $ ذلك مادياً كالمأكولات والمشروبات أو كان مديناً كالنقود . فالمقترض يستهلكه ويرد مثله . ولكن قد يقع أن يكون هذا الشيء غير قابل للاستهلاك ( [789] ) . وقد رأينا أ ،ه يجوز أن يقترض صاحب مكتبة من صاحب مكتبة أخرى نسخة من كتاب ليبيعها إلى عميل ، على أن يرد مثلها إلى المقرض ( [790] ) . ولكن نسخة الكتاب هنا قد أعدت للاستهلاك ، فأصبحت قابلة للاستهلاك لا بالنسبة إلى طبيعتها بل بالنسبة إلى الغرض الذي أعدت له ( [791] ) .

286 - إقراض مال الغير : ولما كان المقرض يلتزم بنقل ملكية الشيء المقترض إلى المقترض ، فإنه يجب أن يكون مالكاً لهذا الشيء حتى يستطيع أن ينقل ملكيته . ولكن لما كان نقل ملكية الشيء المقترض هو التزام في عقد القرض ، لذلك نرى أن إقراض ملك الغير يكون صحيحاً ولكنه قابل للفسخ بناء على طلب المقترض ، وذلك تطبيقاً للقواعد العامة . ذلك أنه لم يرد في عقد القرض نص مماثل للنص الوارد في عقد البيع ( م 466 مدني ) والنص الوارد في عقد الهبة ( م 491 مدني ) ليقضي بأن إقراض ملك الغير يكون قابلاً للإبطال . فلم يبق إلا تطبيق القواعد العامة ،وهذه تقتضي بأن عقد القرض وهو عقد ملزم للجانبين يكون $ 442 $ قابلا للفسخ بناء على طلب المقترض إذا لم يف المقرض بالتزامه من نقل ملكية الشيء المقترض ( [792] ) .

فإذا أقرض شخص آخر كمية من الغلال ولم يكن يملكها ، فأن القرض يقع صحيحاً ،ولكن المقترض يعجز عن نقل ملكية الغلال إلى المقترض حتى لو تسلمهما هذا فتبقى الغلال في يد المقترض غير مملوكة له ، ويجوز للمالك الحقيقي أن يستردها منه ( [793] ) . وسواء استرها المالك الحقيقي أو لم يستردها ، فإن المقترض يستطيع أن يطلب فسخ القرض لعجز المقرض عن الوفاء بالتزامه ، وان يطالب المقرض بالتعويض في الحدود التي يجب فيها على المقرض ضمان الاستحقاق وسيجيء بيان ذلك .

على أنه إذا كان المقترض حسن النية ، أي كان يعتقد وقت تسلم الغلال أن المقرض يملكها ، فإن المقترض يتملك الغلال بالحيازة ( م 679 / 1 مدني ) . ويعتبر القرض الصادر من غير مالك في هذه الحالة سبباً صحيحاً . فإذاكانت الغلال مسروقة من صاحبها أو مفقودة ، فإن المقترض لا يتملكها بالرغم من حسن نيته ، وللمالك الحقيقي أن يستردها منه خلال ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة ( م 779 / 1 مدني ) .

فإذا تملك المقترض حسن النية الشيء المقترض الحيازة على النحو الذي أسلفناه ، فإنه لا يتملكه بعقد القرض بل بالحيازة كما سبق القول .ويتملكه من المالك الحقيقي لا من المقترض ، ومن ثم يرجع عليه المالك الحقيقي بما أثرى به على حساب طبقاً لقواعد الإثراء بلا سبب ، لأن المقترض لم يحز الشيء $ 443 $ المقترض إلا ملتزماً برد مثله . فإذا كان المقترض قد استهلك الشيء المقترض ،رجع عليه المالك الحقيقي لا المقرض بقيمة ما استهلاكه عند نهاية القرض ، ويستطيع كذلك أن يرجع على المقرض إذا كان هذا مسئولاً طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية ( [794] ) .

وغنى عن البيان أن ما تقدم من إقراض ملك الغير محدود الأهمية من الناحية العملية ، فقد قدمنا أن الشيء المقترض يكون في الكثرة الغالبة من الأحوال نقوداً ،وهذه لا تتعين بالتعيين ، فيتعذر أن يقال أن المقرض لا يملك النقود التي يقرضها .

 المطلب الثاني

 فوائد القرض

287 - لا تجب الفوائد إلا إذا اشترطت : قدمنا أن القرض في الأصل عقد تبرع ، فلا تجب فوائد على المقترض ، حتى لو كان القرض تجارياً ، إلا إذا كان هناك اتفاق على ذلك بينه وبين المقرض ( [795] ) . وتقول المادة 542 مدني صراحة في هذا المعنى : " فإذا لم يكن هناك اتفاق على فوائد اعتبر القرض بغير أجر " . $ 444 $ على أنه إذا لم يتفق الطرفان على فوائد للقرض ، فإن ذلك لا يمنع من أنه إذا حل ميعاد رد القرض وتأخر المقترض في الرد ، استحقت عليه فوائد تأخيرية بالسعر القانوني - 4%في القروض المدنية و 5%في القروض التجارية وفقاً للقواعد المقررة في الفوائد التأخيرية ، فتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها ، دون حاجة إلى أن يثبت المقرض ضرراً لحقه من التأخير ( م 226 و م 228 مدني ) .وقد سبق أن بينا شروط استحقاق الفوائد التأخيرية عند الكلام في نظرية الالتزام ( [796] ) ، فنحيل هنا على ما أوردناه هناك .

وبالرغم من أن القرض في الأصل عقد تبرع وأن الفوائد لا تدب إلا إذا اتفق عليها الطرفان ، فإن في الغالب في العمل أن يشترط المقرض على المقترض دفع فوائد بسعر معين . ويثبت هذا الشرط وفقاً للقواعد العامة في الإثبات . ففي القروض التجارية ، وكذلك في القروض المدنية إذا لم يزد مجموع الفوائد على عشرة جنيهات ، يجوز الإثبات بجميع الطرق ومنها البينة والقرائن ، وفي غير ذلك تجب الكتابة أو ما يقوم مقامها ( [797] ) .

288 - صور مختلفة لاشتراط الفوائد : والصورة المألوفة للاشتراط الفوائد أن يرد في عقد القرض شرط يلزم المقترض بدفع فوائد سنوية . على أنه يجوز أن يتخذ هذا الشرط صوراً أخرى .من ذلك أن يشترط المقرض على المقترض أن يرد في نهاية القرض مبلغاً يزيد على المبلغ المقترض . فالزيادة ( prime de remboursement ) هي فوائد القرض تدفع مرة واحدة مع مبلغ القرض عند رد ، ويجب أن تخضع هذه $ 445 $ الزيادة للقيود المفروضة على الفوائد فلا يجوز أن تزيد على الحد الأقصى المسوح به ، وإذا عجل المقترض الرد قبل الميعاد ، لم يجب عليه من هذه الزيادة إلا ما يتناسب مع الوقت السابق على الرد . فإذا كان القرض ألفاً مثلاً ، واشترط المقرض أن يردها المقترض بعد سنتين ألفاً ومائتين ، وعجل المقترض الرد بعد سنة واحدة ، وجب أولاً إنقاص المائتين وهي الزيادة إلى مائة وأربعين حتى تنزل إلى الحد الأقصى المسموح به للفوائد الاتفاقية ( 7% ) ، ثم وجب بعد ذلك إنقاص المائة والأربعين إلى النصف لأن المقترض رد القرض بعد سنة لا سنتين . ومن ثم يرد المقترض الألف التي اقترضها ومعها سبعون هي الفوائد .

ويقع كثيراً في القروض طويلة أن يشترط المقرض على المقترض أن يرد القرض أقساطاً سنوية متساوية ، القسط الأول يتضمن فوائد مبلغ القرض كله مع جزء بسيط من رأس المال ، والقسط الثاني يتضمن فوائد ما بقى من مبلغ القرض مع جزء أكبر من رأس المال تعادل الزيادة فيه ما نقص من الفوائد ، وتتدرج الأقساط متضمنة فوائد اقل ورأس مال أكبر ، إلى أن يصير القسط الأخير متضمناً ما بقى من رأس المال مع فوائد قليلة هي فوائد هذا الباقي . وهذه الصورة المألوفة في القروض طويلة الأجل من شأنها أن تيسر على المقترض استهلاك راس المال مع دفع فوائد في وقت معاً ، عن طريق أقساط سنوية متساوية ، وان تنقص من الفوائد بقدر ما يستهلك المقترض من رأس المال . وإذا عجل المقترض رد القرض وجب أن يخصم من الفوائد ما يتناسب مع هذا التعجيل على النحو الذي رأيناه فيما تقدم ( [798] ) . $ 446 $ 289 - سعر الفائدة إحالة : فإذا اشترط المقرض على المقترض دفع فوائد ، فيغلب أن يقدر سعرها . ولا يجوز له في تقدير هذا السعر أن يجاوز الحد الأقصى المسموح به وهو 7%وتسري القواعد المقررة في هذا الشأن ، وقد سبق أن بسطناها في النظرية العامة للالتزام ، فبينا سعر الفوائد التعويضية ، وجزاء مجاوزة سعر الفائدة ، ومتى يجوز النزول عن هذه الحدود المقررة ومتى تجوز الزيادة عليها ، وعدم جواز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ، وعدم جواز زيادة الفوائد في مجموعها على رأس المال ، وغير ذلك من المسائل المتعلقة بهذا الموضوع ( [799] ) .

وقد يقع أن يشترط المقرض على المقترض دفع فوائد دون أن يقدر سعرها .ففي هذه الحالة يجب على المقترض أن يدفع فوائد بالسعر القانوني ، فتكون هذه الفوائد 4% في القروض المدنية و 5%في القروض التجارية ( [800] ) .وتعتبر القروض تجارية حتى لو كانت تجارية من جانب المقترض وحده بأن خصص القرض لعمل تجاري ، أو كانت تجارية من جانب المقرض وحده بأن كان هذا المقرض هو أحد المصارف مثلاً ( [801] ) .

 $ 447 $

 المبحث الثاني

 السبب في عقد القرض

290 - السبب في عقد القرض هو الباعث الدافع إلى التعاقد : وقد بينا عند الكلام في نظرية السبب ( [802] ) أن السبب ، بحسب النظرية الحديثة ، هو الباعث الدافع إلى التعاقد .

قد كانت النظرية التقليدية لسبب تجعل السبب في عقد القرض وهو عقد عيني بحسب هذه النظرية هو التسليم . ولكن يرد على ذلك بأن التسليم وهو ركن مستقل في عقد القرض العيني إذا انعدم لم ينعقد القرض ، لا لانعدام ركن التسليم . على أن هذه النظرية التقليدية ، بعد أن أصبح عقد القرض عقداً ملزماً للجانبين في التقنين المدني الجديد ، تجعل سبب التزام المقترض برد المبلغ القرض هو التزام المقرض بنقل ملكيته ، شأن القرض في ذلك شأن كل عقد ملزم للجانبين التزام كل من المتعاقدين فيه هو السبب في التزام الآخر . وقد بينا كيف يجب استبعاد النظرية التقليدية في السبب ( [803] ) ، وكيف يجب الأخذ بالنظرية الحديثة التي تقوم على الباعث الدافع إلى التعاقد ( [804] ) كما سبق القول .

291 - تطبيقات النظرية الحديثة لسبب في عقد القرض : ومن تطبيقات النظرية الحديثة للسبب في القضاء الفرنسي ما سبق أن أوردناه ( [805] ) من أن $ 448 $ هذا القضاء يبطل قرضاً يكون قصد المقترض منه أن يتمكن من المقامرة ويكون المقرض عالماً بهذا القصد ، سواء كان مشتركاً معه في المقامرة أو لم يكن ( [806] ) . ويبطل القرض أيضاً إذا كان الغرض منه أن يتمكن المقترض من الحصول على منزل يديره للعهارة ( [807] ) ، أو أن يستبقي صلات غير شريفة تربطه بخليلة له ( [808] ) .

وقد كان القضاء المصري يجنح في بعض أحكامه إلى الأخذ بالنظرية التقليدية للسبب في عقد القرض . فقد قضت محكمة النقض بأن السبب القانوني في عقد القرض هو دفعه المقرض نقداً إلى المقترض ، ومن هذا الدفع يتولد الالتزام برد المقابل ، فإذا انتفي السبب بهذا المعنى بطل العقد ( [809] ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة في حكم قديم لها بأن القرض لا يكون باطلاً حتى لو كان المقترض قصد استعمال المبلغ المقترض في إدارة عين للعهارة ، وحتى لو كان المقرض عالماً بذلك ( [810] ) . ولكن القضاء المصري ، كما سبق أن بينا ( [811] ) ، هجر بعد ذلك نظرية التقليدية وأخذ بالنظرية الحديثة ، فقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن عقد القرض يكون باطلاً إذا قصد المقترض منه أن يتمكن من المقامرة وكان المقرض $ 449 $ عالماً بهذا القصد ( [812] ) . لكن إذا ثبت أن المقترض لم يستعمل القرض فعلاً في المقامرة ، فإن الدليل على الغرض غير المشروع لا يقوم ، ويكون عقد القرض صحيحاً ( [813] ) .

وإذا كان القضاء المصري قد أخذ في بعض أحكامه بالنظرية التقليدية للسبب في عهد التقنين المدني السابق ، فإنه بعد صدور التقنين المدني الجديد وقد أخذ بالنظرية الحديثة للسبب على ما بيناه عند الكلام في نظرية السبب ( [814] ) لم يعد هناك محل للأخذ بهذه النظرية ، وأصبح من المتعين الأخذ بالنظرية الحديثة في عقد القرض وفي غيره من العقود فيجب إذن الاعتداد بالباعث الدافع إلى التعاقد في عقد القرض ، وجعله هو السبب ما دام المتعاقد الآخر يعلم بهذا الباعث أو ينبغي أن يعلم به .

 $ 450 $

 المبحث الأول

 الالتزام بنقل الملكية

294 - الالتزام بنقل الملكية إذا كان الشيء المقترض نقوداً : كان المشروع التمهيدي ( م 723 ) للتقنين المدني الجديد ينص صراحة على التزام المقرض بنقل ملكية الشيء الذي اقرضه ، فكان يقول : " يجب على المقرض أن ينقل ملكية الشيء الذي اقرضه " . فحذفت هذه العبارة في لجنة المراجعة ، اكتفاء بما جاء في المادة 538 مدني من أن " القرض عقد يلتزم به المقرض أن ينقل ملكية مبلغ من النقود أو أي شيء مثلي آخر ( [815] ) " .

فإذا كان الشيء المقترض نقوداً وهو الغالب ، التزام المقرض أن ينقل إلى المقترض ملكية هذا المبلغ من النقود . فيكون الالتزام هنا هو التزام بنقل ملكية واردة على النقود ، ومن ثم يصبح المقترض بمجرد تمام القرض دائناً للمقرض بهذا المبلغ . فيستطيع المقترض إذن أن يطالب المقرض بهذا الدين ، شأنه في ذلك شأن أي دائن آخر ( [816] ) .ويجوز له أن يجبر المقرض على الوفاء بالتزامه ، ولو عن طريق الحجز على ماله . وقد كان يستطيع ذلك أيضاً عندما كان القرض عقداً عينياً ، ولكن لا بمقتضى عقد القرض الذي كان لا يتم إلا بتسليم النقود إلى المقترض ، بل بمقتضى الوعد بالقرض فهو عقد ملزم للمقرض بمجرد التراضي كما قدمنا ( [817] ) .

 $ 452 $

فكان المقرض يجبر على تنفيذ وعده ،وهو إتمام القرض ، بتسليم الشيء المقترض إلى المقترض .

295 - الالتزام بنقل الملكية إذا كان الشيء المقترض شيئاً مثلياً غير النقود :وقد يقع القرض - وهذا نادر على أشياء مثلية أخرى غر النقود كما سبق القول . فإذا أقرض شخص آخر كمية معينة من الغلال مثلاً فإنه يلتزم بنقل ملكية هذه الكمية إلى المقترض . وتسرى القواعد العامة في هذا الالتزام بنقل ملكية . وهي تقضي بأنه لما كان المحل هنا شيئاً غير معين بالذات ، فلا تنتقل الملكية إلا بإفراز هذا الشيء ( م 502 / 1 مدني ) . فإذا كان المقرض قد افرز كمية الغلال وكان يملكها ، انتقلت ملكيتها بمجرد الإفراز إلى المقترض ، ولو قبل التسليم ( [818] ) . أما إذا كان المقرض لم يفرز كمية الغلال ، فإنه يكون مديناً بهذه الكمية للمقترض ، ويجب عليه إفرازها لتسليمها إياها .

ويجوز للمقترض أن يجبر المقرض على تنفيذ التزامه عيناً ، كما يجوز له أن يحصل من السوق على كمية مماثلة لكمية الغلال المقترضة ، ومن نفس النوع والجودة ، وذلك على نفقة المقرض . وتقول المادة 205 / 2 مدني في هذا الصدد : " فإذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه ، جاز للداءن أن يحصل على شيء من النوع ذاته على نفقة المدين ، بعد استئذان القاضي أو دون استئذان في حالة الاستعجال " .

 $ 453 $

 المبحث الثاني

 الالتزام بالتسليم

296 - النصوص القانونية : تنص المادة 539 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - يجب على المقرض أن يسلم الشيء موضوع العقد إلى المقترض ، ولا يجوز له أن يطالب برد المثل إلا عند انتهاء القرض " .

 " 2 - وإذا هلك الشيء قبل تسليمه إلى المقترض كان الهلاك على المقرض " ( [819] ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 473 / 576 ( [820] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 507 - وفي التقنين المدني الليبي م 538 - وفي التقنين المدني العراقي م 686 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 759 ( [821] ) .

 $ 454 $

297 - تسليم الشيء المقترض :والتزام المقرض بتسليم الشيء المقترض تسرى عليه القواعد العامة ، وبخاصة القواعد المقررة في التزام البائع بتسليم الشيء المبيع فالالتزام بالتسليم هنا ، كما في البيع ، فرع عن التزام المقرض بنقل ملكية الشيء المقترض . ومحل التسليم هو المبلغ المقترض أو الأشياء المثلية المقترضة ، بالمقدرات والنوع والصفة المعينة في عقد القرض . ويتم التسليم بوضع الشيء المقترض تحت تصرف المقترض في الزمان والمكان المعينين . ويتبع في طريق التسليم ووقته ومكانه ما سبق أن أوردناه من القواعد في تسليم البائع المبيع للمشتري . وإذا أخل المقترض بالتزامه بالتسليم ، جاز للمقترض أن يطالب بالتنفيذ عيناً على الوجه الذي قدمناه . وله أن يطالب بفوائد التأخير طبقاً للقواعد المقررة ، فيتقاضى الفوائد بالسعر القانوني من يوم المطالبة بهذه الفوائد ( [822] ) . وجاز له أيضاًً $ 455 $ فسخ القرض ، وقد تكون له مصلحة في ذلك إذا كان القرض بفائدة وأصبح في غنى عنه ( [823] ) .

وقد يعسر المقترض بعد القرض وقبل التسليم ، فعند ذلك لا يلتزم المقرض بتسليم الشيء المقترض . ويرجع ذلك إلى أن اجل القرض يسقط بإعسار المقترض ، فإذا تسلم مبلغ القرض وجب عليه رده في الحال . فلا جدوى إذن من أن يسلم المقرض مبلغ القرض إلى المقترض ثم يسترده منه فوراً ، ومن ثم يسقط التزامه بالتسليم عن طريق فسخ العقد ( [824] ) .

وكذلك إذا التزم المقترض بتقديم كفالة أو رهن لضمان القرض ، جاز للمقترض أن يمتنع عن تسليم الشيء المقترض حتى يقدم المقترض الضمان الموعود ، وذلك تطبيقاً لقواعد الحبس ( [825] ) .

 $ 456 $

298 - تبعة هلاك الشيء المفترض : وإذا كان الشيء المقترض مبلغاً من النقود ، فإن المقرض يصبح مديناً به ويلزم بوفائه كما قدمنا ولا يتصور في هذه الحالة أن يهلك الشيء قبل التسليم ، لأن النقود لا تتعين بالتعين .

أما إذا كان الشيء المقترض أشياء مثلية أخرى غير النقود ، وتعينت بلإفراز فانتقلت ملكيتها إلى المقرض على الوجه الذي أسلفناه ، فعند ذلك يمكن أن نتصور هذه المثليات المفززة تهلك .فإذا هلكت بعد التسليم ، كان هلاكها بداهة على المقترض ( [826] ) أما إذا هلكت قبل التسليم بسبب أجنبي ، فإنها تهلك على المقرض ، وذلك أنه يتعذر عليه تنفيذ التزامه من تسليم الشيء إلى المقترض ، فينفسخ القرض وفقاً للقواعد العامة ،ويسترد المقرض ملكية الشيء المقترض بعد الفسخ ، فيهلك الشيء عليه . وهذا ما رأيناه في عقد البيع ، حيث يهلك المبيع قبل التسليم على البائع . وقد ورد نص صريح في هذا المعنى ، حيث تقول الفقرة الثانية من المادة 539 مدني كما رأينا : " وإذا هلك الشيء قبل تسليمه إلى المقترض ، كان الهلاك على القرض " .

299 - التزام المقرض بألا يطالب برد المثل إلا عند انتهاء القرض :

وقد ورد في الفقرة الأولي من المادة 539 مدني ما يجعل المقرض ملتزماً بألا يطالب برد المثل إلا عند انتهاء القرض .وهذا الالتزام السلبي هام ، وقد أحسن التقنين المدني الجديد صنعاً في إبرازه .فهو التزام في $ 457 $ ذمة المقرض دائماً ،سواء كان القرض عقداً عينياً كما كان في التقنين السابق ، أو عقداً رضائياً كما أصبح في التقنين الجديد . وقيام هذا الالتزام في ذمة المقرض حتى لما كان القرض عقداً عينياً يجعل القرض عقداً ملزماً للجانبين بالرغم من عينيته ، فهو دائماً عقد ملزم للجانبين سواء كان رضائياً أو عينياً كما سبق القول ( [827] ) .

وإيراد هذا الالتزام السلبي في جانب المقرض يفسر في وضوح كيف يجري فسخ القرض إذا أخل المقترض بالتزامه من دفع الفوائد المشترطة ، فإن هذا الالتزام السلبي هو الذي يقابل التزام المقترض بدفع الفوائد ، فإذا أخل المقترض بالتزامه من دفع الفوائد جاز للمقرض أن يطلب فسخ القرض فيتحلل من التزامه بعدم المطالبة بالرد قبل انتهاء القرض ، ومن ثم يسترد القرض بمجرد الفسخ وقبل نهاية العقد ( [828] ) . $ 458 $

 المبحث الثالث

 ضمان الاستحقاق

300 - التمييز بين القرض بأجر والقرض بغير أجر نص قانوني : تنص المادة 540 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " إذا استحق الشيء ، فإن كان القرض بأجر سرت أحكام البيع ، وإلا فأحكام العارية " ( [829] ) . وقد قدمنا أن الشيء المقترض إذا كان نقوداً ، كما هو الغالب في عقد القرض ، فإنه لا يتصور استحقاقه لأن النقود لا تتعين بالتعيين ( [830] ) . فيبقي إذن أن يكون الشيء المقترض مثليات أخرى من غير النقود ، $ 459 $ وقد أفرزت حتى تتعين ، فهذه إذا استحقت وجب التمييز بين ما إذا كان القرض بأجر أو كان بغير أجر .

301 - ضمان الاستحقاق في القرض بأجر : تقول المادة 540 مدني ، كما رأينا إذا كان القرض بأجر ( [831] ) فإن أحكام البيع هي التي تسرى . ومن ثم إذا كان الاستحقاق كلياً ، كان للمقترض أن يطلب من المقرض قيمة الشيء وقت الاستحقاق مع الفوائد القانونية من ذلك الوقت ، وقيمة الثمار التي ألزم المقترض بردها للمستحق ، والمصروفات الكمالية إذا كان المقرض سئ النية ، وجميع مصروفات دعوى الضمان ودعوى الاستحقاق عد ما كان المقترض يستطيع أن يتقيه منها لو أخطر المقرض بدعوى الاستحقاق ، وبوجه عام تعويض المقترض عما لحقه من خسارة أو فاته من كسب بسبب استحقاق الشيء المقترض ( م 443 مدني ) .

أما إذا استحق بعض الشيء المقترض ، وكانت خسارة المقترض من ذلك قد بلغت قدراً من لو علمه لما أتم العقد ، كان له أن يرد للمقرض ما بقى في يده من الشيء المقترض وما أفاده مه ، وان يطلب منه التعويضات التي أسلفنا ذكرها في الاستحقاق الكلي فإذا اختار المقترض استيفاء ما بقى من الشيء المقترض ، أو كانت الخسارة التي لحقته من الاستحقاق الجزئي لم تبلغ قدراً لو علمه لما أتم العقد ، لم يكن له إلا أن يطالب بتعويض عما أصابه من ضرر بسبب هذا الاستحقاق الجزئي ( م 444 مدني ) .

وقد بسطنا القول في كل ذلك عند الكلام في استحقاق المبيع في عقد البيع .

 $ 460 $

302 - ضمان الاستحقاق في القرض بغير اجر : أما إذا كان القرض بغير اجر فإن المادة 540 مدني سالفة الذكر تقول أن أحكام العارية هي التي تسرى وقد وردت أحكام الاستحقاق في العارية في الفقرة الأولي من المادة 638 مدني ،وتجري على الوجه الآتي : " لا ضمان على المعير في استحقاق الشيء المعار ، إلا أن يكون هناك اتفاق على الضمان ، أو أن يكون المعير قد تعمد إخفاء سبب الاستحقاق " ., :

فالمقترض إذن لا يضمن استحقاق الشيء المقترض إذا كان القرض بغير أجر إلا في حالتين : ( 1 ) إذا اشترط عليه المقترض الضمان ( 2 ) إذا لم يكن الضمان مشروطاً ولكن المقرض كان يعلم سبب الاستحقاق وتعمد إخفاءه .ففي هاتين الحالتين يرجع المقترض على المقرض بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب الاستحقاق الكلي أو الجزئي للشيء المقترض . وهذه هي القواعد العامة في الاستحقاق في عقود التبرع ، ومنها الهبة ( م 494 / 1 مدني ) ، والقرض بغير أجر ( م 540 مدني ) .

 المبحث الرابع

 ضمان العيوب الخفية

303 - التمييز بين القرض بأجر والقرض بغير أجر نص قانوني : تنص المادة 541 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - إذا ظهر في الشيء عيب خفي وكان القرض بغير أجر واختار المقترض استبقاء الشيء ، فلا يلزمه أن يرد إلا قيمة الشيء معيباً " .

2 - " أما إذا كان القرض بأجر ، أو كان بغير أجر ولكن المقرض $ 461 $ قد تعمد إخفاء العيب ، فيكون للمقترض أن يطلب إما إصلاح العيب ، وإما استبدال شيء سليم المعيب " ( [832] ) .

ويؤخذ من هذا النص أنه لضمان العيب الخفي يجب التمييز بين ما إذا كان القرض بأجر أو بغي أجر . ويلاحظ أنه إذا كان لا يتصور في النقود أن تستحق ( [833] ) ، فإنه يتصور أن يلحقها العيب الخفي كما لو كان النقد زائفاً ( [834] ) .

304 - ضمان العيب الخفي في القرض بأجر : تقدم بيان شروط العيب الخفي عند الكلام في البيع . فإذا تبين المقترض عيباً خفياً توافرت فيه شروطه ، جاز له أن يطلب من المقرض تعويضه عن الضرر الذي $ 462 $ حل به بسبب العيب . ويكون ذلك بأحد أمرين : ( أولاً ) إما بإصلاح العيب إذا كان ذلك ممكناً ، كما لو كان الشيء المقترض غلالاً خالطه تراب لا يظهر إلا بالفحص ويزيد على القدر المألوف فعند ذلك يلتزم المقرض بتنقية الغلال من التراب وتعويض كمية التراب بمقدارها من الغلال النظيفة . ( ثانياً ) فإذا كان إصلاح العيب غير ممكن ، كما إذا كان الشيء المقترض نقوداً وتبين أنها زائفة ، أجبر المقرض على إعطاء المقترض نقوداً أخرى مكانها غير زائفة .

ويستوي فيما قدمناه أن يكون المقترض عالماً بالعيب أو غير عالم به ، وإذا كان عالماً به يستوي أن يكون قد تعمد إخفاءه أو لم يتعمد .

305 - ضمان العيب الخفي في القرض بغير أجر : فإذا كان القرض بغير أجر وظهر في الشيء المقترض عيب خفي ، لم يكن للمقترض والقرض بغير أجر إجبار المقرض على إصلاح العيب أو استبدال شيء سليم بالمعيب . ولكن له أن يختار أحد أمرين : ( 1 ) إما رد الشيء المعيب فوراً إلى المقترض ، فينتهي القرض بذلك .

( 2 ) وإما استبقاء الشيء المعيب إلى نهاية القرض ، على ألا يرد إلى المقرض إلا قيمة هذا الشيء معيباً .

وإنما يكون له إجبار المقرض على إصلاح العيب أو استبدال شيء سليم بالمعيب في حالتين : ( 1 ) إذا كان المقرض يعلم بالعيب وقد تعمد إخفاءه .

( 2 ) إذا كان المقرض لا يعلم بالعيب ولكن المقترض اشترط عليه الضمان ، ففي هذه الحالة يسرى الشرط الذي ارتضاه المقرض بالقدر الذي يحدده هذا الشرط .

 $ 463 $

 الفرع الثاني

 ا التزامات المقترض

306 - ما يترتب في ذمة المقترض من التزامات : يلتزم المقترض بأن يتحمل مصروفات القرض ، وبأن يدفع الفوائد المتفق عليها عند حلول مواعيد استحقاقها ، وبأن يرد المثل عند نهاية القرض .

والالتزامان الأخيران دفع الفوائد ورد المثل هما اللذان تقف عندهما . أما مصروفات القرض ، كرسوم الدمغة ومصروفات تحرير العقد وأتعاب المحامي والسمسرة ومصروفات الرهن الذي يضمن القرض ومصروفات تسلم القرض ورده ( [835] ) .وغير ذلك ، فالأصل أن المقترض هو الذي يتحملها قياساً على مصروفات البيع ( م 264 مدني ) ( [836] ) ، ما لم يوجد اتفاق بين الطرفين على غير ذلك ، كما إذا اتفق على أن تكون السمسرة مناصفة بينهما ( [837] ) .

 $ 464 $

 المبحث الأول

 الالتزام بدفع الفوائد

307 - النصوص القانونية : تنص المادة 542 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " على المقترض أن يدفع الفوائد المتفق عليها عند حلول مواعيد استحقاقها ، فإذا لم يكن هناك اتفاق على الفوائد اعتبر القرض بغير أجر " ( [838] ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 477 / 185 ( [839] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 510 - وفي التقنين المدني الليبي م 145 - وفي التقنين المدني العراقي م 296 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 667 ( [840] ) .

 $ 465 $

وقد قدمنا أن الأصل في القرض أن يكون بغير فائدة ، فإذا أراد المقرض أن يتقاضى فوائد وجب عليه أن يشترط ذلك على المقترض ، وأشرنا فيما تقدم إلى القيود التي ترد على اشتراط الفوائد والى الحد الأقصى لسعر الفائدة ( [841] ) . وبقى هنا أن تبين عن أية مدة تدفع الفوائد ، والمكان والزمان اللذين تدفع فيهما ، والجزاء الذي يترتب على عدم دفع الفوائد ، وجواز أن يسترد المقترض ما دفعه إلى المقرض من فوائد غير مستحقة .

308 - المدة التي تدفع عنها الفوائد : إذا اشترط المقرض على المقترض أن يدفع فوائد على القرض بسعر معين ، فالأصل أن هذه الفوائد تستحق من اليوم الذي يتسلم فيه المقترض مبلغ القرض ، لا قبل ذلك ( [842] ) . حتى لو انقضت مدة ما بين تمام القرض وتسلم المبلغ المقترض ، لم يجب على المقترض أن يدفع فوائد عن هذه المدة ، لأن الفوائد مقابل الانتفاع بمبلغ القرض ، والمقترض لا ينتفع بمبلغ القرض إلا من يوم تسلمه إياه ( [843] ) .

 $ 466 $

وينتهي سرينا الفوائد في اليوم الذي ينتهي فيه القرض . فإذا أقرض شخص آخر مبلغاً من النقود بسعر 6% لمدة سنتين ، فعند نهاية السنتين ينتهي سريان الفوائد بهذا السعر . وإذا تأخر المقترض عن رد المبلغ بعد انقضاء السنتين ، وجبت عليه فوائد تأخير بالسعر القانوني 4%في القروض المدنية 5% وفي القروض التجارية من يوم المطالبة القضائية بهذه الفوائد ، وفقاً للقواعد المقررة في فوائد التأخير . ولكن يغلب أن يشترط المقرض على المقترض سريان الفوائد بالسعر المتفق عليه 6% - إلى يوم رد المبلغ المقترض . فإذا تأخر المقترض في هذه الحالة عن رد المبلغ المقترض بعد السنتين ، وجبت عليه الفوائد بالسعر المتفق عليه إلى يوم الرد .

وإذا رد المقترض مبلغ القرض عن طريق وسيط ، فإذا كان الوسيط نائباً عن المقترض ، وجب اعتبار أن مبلغ القرض لم يرد إلى المقرض حتى يدفعه الوسيط إليه ، ومن ثم تكون الفوائد مستحقة طول المدة التي يبقى فيها مبلغ القرض في يد الوسيط إلى أن يدفعه إلى المقرض . أما إذا كان الوسيط نائباً عن المقرض ، اعتبر المبلغ قد رد إلى المقرض بمجرد أن يتسلمه الوسيط ، وينتهي سريان الفوائد منذ ذلك الوقت ( [844] ) .

309 - الزمان والمكان اللذان تدفع فيهما الفوائد : وتدفع الفوائد في المواعيد التي يتفق عليها . فقد يشترط المقرض أن يدفع المقترض في الفوائد كل شهر أو كل ستة أشهر أو يدفعها كلها مرة واحدة عند نهاية القرض . والواجب في جميع هذه الأحوال إلا يجاوز ما يدفعه المقترض من فوائد على 7% من المبلغ المقترض عن كل سنة ، ولو كانت الفوائد $ 467 $ تدفع عن مدد أقل من السنة . فإذا لم يبين عقد القرض المواعيد التي تدفع فيها الفوائد ، فإنها تدفع كل سنة عقب نهايتها .

وتدفع الفوائد في المكان الذي يبين في عقد القرض . فإذا لم يعين عقد القرض مكان دفع الفوائد ، سرت القواعد العامة ، ووجب دفع الفوائد في مكان المدين أي المقترض .

310 - الجزاء الذي يترتب على عدم دفع الفوائد : فإذا لم يدفع المقترض الفوائد في المواعيد المحددة لها ، جاز للمقرض إجباره على دفعها بالطرق المقررة . فيجوز له ، إذا كان عنده سند قابل للتنفيذ ، أن ينفذ على أموال المقترض بالفوائد المستحقة .

ويجوز للمقرض كذلك أن يطلب فسخ القرض لإخلال المقترض بالتزامه من دفع الفوائد في مواعيدها . ولما كان القرض عقداً ملزماً للجانبين ، فإن القواعد العامة في الفسخ تسري ( [845] ) . فإذا ما أجاب القاضي المقرض إلى طلبه وحكم بفسخ القرض ، استرد المقرض مبلغ القرض والفوائد المستحقة والتعويض المحكوم به من وقت الحكم بالفسخ ولا يكون للفسخ أثر رجعي ، لأن القرض عقد زمني فينتج أثره إلى يوم الفسخ ( [846] ) .

 $ 468 $

311 - استرداد غير المستحق من الفوائد المدفوعة : كان المشروع التمهيدي يتضمن نصاً هو المادة 728 من هذا المشروع يجري على الوجه الآتي : " إذا دفع المقترض فوائد تزيد على السعر الجائز قانوناً ، كان له في جميع الأحوال أن يسترد الزيادة ، سواء دفع عن علم أو عن غلط " . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة ، بعد أن نص على حكمه في نص سابق هو آخر الفقرة الأولي من المادة 227 مدني ( [847] ) .والعبارة الأخيرة من الفقرة المشار إليها ، وقد جاءت عقب الكلام في تحريم اتفاق المتعاقدين على سعر للفائدة أكثر من 7% ، تقول : " فإذا اتفقا على فوائد تزيد على هذا السعر ، وجب تخفيضها إلى سبعة في المائة ، وتعين رد ما دفع زائداً على هذا القدر " .

وقد قدمنا ( [848] ) أن المقترض إذا دفع فوائد تزيد على الحد الأقصى المسموح به قانوناً 7% - جاز له أن يسترد ما دفعه زيادة على هذا الحد ، حتى لو كان قد دفع وهو عالم بأن الزائد غير مستحق عليه ( [849] ) . ويعتبر التزام المقرض بالرد في هذه الحالة التزاماً برد غير المستحق ، فيسقط بمضي ثلاث سنوات أو بمضي خمس عشرة سنة وفقاً لأحكام المادة 187 مدني .

ويجوز للمقترض أن يثبت أنه دفع فوائد أكثر من الحد الأقصى $ 469 $ المسموح به بجميع طرق الإثبات ، ومنها البينة والقرائن ، لأن الربا الفاحش مخالف للنظام العام ( [850] ) .

ويسترد المقترض غير المستحق من الفوائد أيضاً حتى لو لم يزد السعر على الحد الأقصى المسموح به ، إذا كان قد دفع فوائد عن مدة لا تستحق فيه ا الفوائد . مثل ذلك أن يدفع فوائد عن المدة التي انقضت بين تمام القرض وتسلمه لمبلغ القرض ، أو أن يقع غلط حسابي في مقدار الفوائد يترتب عليه أن يدفع المقترض فوائد أكثر من المستحق . والرد في هذه الأحوال يقوم على أساس رد غير المستحق ، فتسرى قواعده ، ويدخل في ذلك مدة التقادم . ولكن الإثبات هنا يخضع للقواعد العامة . فيجب الإثبات بالكتابة أو بما يقوم مقامها فيما جاوز عشرة الجنيهات .

 المبحث الثاني

 الالتزام برد المثل

312 - النصوص القانونية :تنص المادة 543 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " ينتهي القرض بانتهاء الميعاد المتفق عليه " .

 $ 470 $

وتنص المادة 544 على ما يأتي :

 " إذا اتفق على الفوائد ، كان للمدين إذا كان للمدين إذا انقضت ستة أشهر على القرض أن يعلن رغبته في إلغاء العقد ورد ما اقترضه ، على أن يتم الرد في أجل لا يجاوز ستة أشهر من تاريخ هذا الإعلان . وفي هذه الحالة يلزم المدين بأداء الفوائد المستحقة عن ستة الأشهر التالية للإعلان ، ولا يجوز بوجه من الوجوه إلزامه بأن يؤدي فائدة أو مقابلاً من أي نوع بسبب تعجيل الوفاء ، ولا يجوز الاتفاق على إسقاط حق المقترض في الرد أو الحد منه " ( [851] ) .

 $ 471 $

ولا مقابل لهذين النصين في التقنين المدني السابق ( [852] ) .

ويقابل النصان في التقنينات المدنية العربية الأخرى :في التقنين المدني السوري م 511 - 512 - وفي التقنين المدني الليبي م 542 - 543 - وفي التقنين المدني العراقي م 689 - 691 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 761 - 765 ( [853] ) .

 $ 472 $

ويؤخذ من النصوص المتقدمة الذكر أنه بانتهاء القرض بجب على المقترض رد المثل . فنبحث : ( أولاً ) ما يرده المقترض وفي أي مكان يكون الرد . ( ثانياً ) الوقت الذي يجب فيه الرد .

 المطلب الأول

 ما يرده المقترض وفي أي مكان يكون الرد

313 - رد المثل :عند نهاية القرض يجب على المقترض أن يرد للمقرض مثل ما أقترضه . وتقول المادة 538 مدني في هذا الصدد كما رأينا : " القرض عقد يلتزم به المقرض أن ينقل إلى المقترض ملكية مبلغ من النقود أو أي شيء مثلي آخر ، على أن يرد إليه المقترض عند نهاية القرض شيئاً مثله في مقداره ونوعه وصفته " .

فإذا كان الشيء المقترض أشياء مثلية غير النقود ،كغلال أو قطن ، وجب على المقترض أن يرد كميات مماثلة في المقدار والنوع والصفة ( [854] ) .

 $ 473 $

ولا عبرة بغلو السعر أو برخصه فإذا غلت أسعار الغلال أو القطن أو رخصت ، فإن المقرض يبقى ملتزماً برد مثل ما أقترض ولو غلا سعره فانضر أو رخص سعره فانتفع ( [855] ) . وإذا انقطع مثل الشيء المقترض عن السوق ، كان المقرض بالحيازة أما أن ينتظر حتى يعود الشيء إلى السوق فيرد له المقرض المثل ، وإما أن يطالب المقترض بقيمة الشيء المقترض في الزمان والمكن اللذين يجب فيهما الرد ( [856] ) .

وكذلك الحكم إذا كان الشيء المقترض هو مبلغ من النقود ، كما هو الغالب في القروض ، فلا يلتزم المقترض أن يرد للمقرض إلا مقداراً من النقود يعادل في عدده المقدار الذي اقترض ، دون أن يكون لارتفاع قيمة النقود أو لانخفاضها أثر ( [857] ) . فإذا اقترض شخص ألف جنيه مصري ، ردها ألفاً بمقدار عددها ، نزل سعر النقود أو ارتفع . وله أن يرد النقود بعددها عملة ورقية ذات سعر إلزامي ، حتى لو قبضها ذهباً ونزل سعر العملة الورقية . وقد سبق أن بينا حكم العملة الورقية ذات السعر القانوني ، وحكم العملة الورقية ذات السعر الإلزامي ، وحكم ما يسمي بشرط الذهب ( cdlause d or ) أو شرط الوفاء بما يعادل قيمة الذهب ( payable en valeur or ) في كل من القانون المصري والقانون الفرنسي ( [858] ) " .

314 - المكان الذي يجب فيه الرد :وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد ينص في المادة 726 / 1 و 2 منه على ما يأتي :

 " 1 - على المقرض أن يرد المثل في المكان والزمان المتفق عليهما .

2 - فإذا لم يتفق على المكان ،كان الرد واجباً في موطن المقترض " ( [859] ) .

وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة ، لأن أحكامه مستفادة من القواعد العامة ( [860] )

وتتضمن المادة 347 مدني القواعد العامة في هذا الشأن ، وهي تقضي بأنه إذا اتفق الطرفان على مكان معين يكون فيه الرد ، وجب على المقترض أن يرد المثل في هذا المكان . أما إذا لم يوجد اتفاق في هذا الشأن ، فالرد يكون في المكان الذي يوجد فيه موطن المدين وقت الوفاء . فيرد المقترض المثل ، في هذه الحالة ، في المكان الذي يوجد فيه موطنه وقت الرد ، وعلى الدائن تحمل مصروفات سعيه إلى موطن المقترض ، $ 475 $ وذلك ما لم يكن المقترض قد تأخر عن الدفع في الميعاد فقاضاه المقرض ، فتكون المصروفات على المقترض ( [861] ) .

 المطلب الثاني

 الوقت الذي يجب فيه الرد

315 - التمييز بين ما إذا حدد للرد أجل أو لم يحدد : الوقت الذي يجب فيه على المقترض أن يرد المثل أمر بالغ الأهمية في عقد القرض ولذلك أفردناه بالبحث . ويجب التمييز في هذا الصدد بين ما إذا كان الطرفان قد اتفقا عل أجل للرد ، أو سكتا عن ذلك .

316 - يوجد اتفاق على أجل للرد سقوط الأجل أو النزول عنه : يغلب أن يكون الطرفان قد اتفقا على أجل للرد ، فيجب على المقترض أن يرد المثل إلى المقرض بمجرد أن يحل هذا الأجل . وقد رأينا أن الأجل يحل إما بانقضائه وإما بسقوطه .

فيحل الأجل بانقضائه إذا انقضى الميعاد المضروب ، وعند ذلك يجب على المقترض رد المثل بمجرد انقضاء الميعاد ( [862] ) .

ويحل الأجل بسقوطه : ( 1 ) إذا شهر إفلاسه المقترض أو إعساره ( 2 ) إذا أضعف المقترض بفعله إلى حد كبير ما أعطى المقرض من تأمين خاص ، ما لم يؤثر المقرض أن يطالب بتكملة التأمين . فإذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب لا دخل لإدارة المقترض فيه ، فإن الأجل يسقط $ 476 $ ما لم يقدم المقترض للمقرض تأميناً كافياً . ( 3 ) إذا لم يقدم المقترض للمقرض ما وعد في العقد بتقديمه من التأمينات ( [863] ) . ويجوز أيضاً أن يكون الرد قبل الأجل إذا نزل عنه من له مصلحة فيه . ويغلب ، إذا كان القرض بغير فائدة ، أن يكون الأجل لمصلحة المقترض . فله إذن أن ينزل عن الأجل وان يرد المثل قبل حلوله . أما إذا كان القرض بفائدة ، فالأجل في مصلحة الطرفين ( [864] ) ، وذلك فيما عدا الحالة التي سنبسطها فيما يلي .

317 - الرد قبل الميعاد في القرض بفوائد :فقد قضت المادة 544 مدني ، فيما قدمنا ، بأنه يجوز استثناء للمقترض أن يرد المثل قبل حلول $ 477 $ الأجل ، ولو كن الأجل روعيت فيه مصلحة المقرض ودون حاجة إلى رضاء هذا ، إذا توافرت الشروط الآتية :

1 - أن يكون القرض بفائدة وقد عين له أجل للرد .ويستوي أن يكون سعر الفائدة يزيد أو يعادل أو يقل عن السعر القانوني ( [865] ) .

2 - أن تنقضي ستة اشهر على تسلم المقترض لمبلغ القرض وسريان الفوائد . وهذا الشرط يتضمن بداهة أن يكون الأجل المحدد للرد أطول من ستة أشهر .

3 - أن يعلن المقترض المقرض برغبته في إنهاء القرض وفي رد ما اقترضه . ولم يشترط القانون شكلاً خاصاً لهذا الإعلان ، فيصبح أن يكون بإنذار على يد محضر أو بكتاب مسجل أو بكتاب غير مسجل أو شفوياً .ولكن عبء الإثبات يقع على المقترض ، فيحسن تيسيراً للإثبات أن يكون الإعلان بكتاب مسجل .

4 - أن يرد المقترض المثل فعلاً في أجل لا يجاوز ستة أشهر من تاريخ وصول الإعلان إلى المقرض . وهذا الشرط يتضمن أيضاً أن يكون الأجل الذي كان محدداً للرد أطول من سنة ، حتى يتصور إنقاصه إلى سنة ، إذ يشترط كما رأينا انقضاء ستة أشهر من وقت القرض وستة أخرى من وقت الإعلان .

5 - أن يدفع المقترض فوائد الستة الأشهر التي انقضت من وقت القرض وفوائد الستة الأشهر الأخرى التي تلت الإعلان ، وذلك سواء رد المثل قبل انقضاء هذه الستة الأشهر الأخرى أو عند انقضائها . فتكون $ 478 $ الفوائد التي يدفعها هي فوائد سنة كاملة ، وهذا يدل كما قدمنا على أن القرض كان لمدة أطول من سنة حتى يمكن المقترض أن يفيد من الرد فتسقط عنه الفوائد فيما زاد على السنة . ولا يلزم المقترض أن يؤدي فائدة أو مقابلاً من أي نوع غير ما قدمناه ، بسبب تعجيل الوفاء .

فإذا توافرت هذه الشروط ، انقضي القرض قبل حلول الأجل بإرادة المقترض وحده ، ولو أن الأجل كان مشترطاً لمصلحة المقرض ولم يطلب هذا تعجيل الوفاء . وقد لوحظ في هذا الحكم الذي استحدثه التقنين المدني الجديد أن ييسر على المقترض رد القرض قبل الميعاد ، إذا كان هذا الميعاد أطول من سنة ، حتى يتخفف من دفع فوائد المدة كلها فلا يدفع منها إلا فوائد سنة واحدة . ويعمد المقترض إلى الاستفادة من هذا التيسير إذا توافر عنده ما يسدد به القرض قبل الميعاد ، وكذلك إذا كان سعر الفائدة المشترطة عالياً واستطاع أن يقترض بسعر أقل فيستبدل القرض ذا السعر الأدني بالقرض ذي السعر الأعلى ( [866] ) .

 $ 479 $

والحكم المتقدم الذكر يعتبر من النظام العام بصريح النص ، إذ تقول العبارة الأخيرة من المادة 544 مدني : " ولا يجوز الاتفاق على إسقاط حق المقترض في الرد أو الحد منه " . فلا يجوز إذن أن يشترط المقرض أن ينزل المقترض عن حقه في تعجيل الرد على النحو الذي قدمناه ، أو أن يحد من هذا الحق بأن يشترط مثلاً على المقترض إلا يعجل الرد إلا بعد مدة أطول من سنة .

318 - لا يوجد اتفاق على أجل للرد :وقد يقع إلا يتفق المتعاقدان على أجل للرد ، وهذا نادر . فإذا وقع ، سرت القواعد العامة .وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن نصاً صريحاً في هذا المعنى ، إذ كانت المادة 729 من المشروع تنص على ما يأتي : " ينتهي القرض بانتهاء الميعاد المتفق عليه . أما إذا لم يحدد العقد أجلاً للقرض ، اتبع في شأنه حكم المادة 395 " ، أي اتبع في شأنه الحكم عندما يكون الوفاء مشترطاً عند مقدرة المدين أو عند ميسرته ( م 272 مدني ) وقد اختلفت الآراء في لجنة مجلس الشيوخ في صدد هذه المسألة ، فذهب بعض إلى أنه عندما لا يوجد اتفاق على أجل للرد كان الرد واجباً عند أول طلب من المقرض ( [867] ) . وذهب بعض آخر إلى أن نية المتعاقدين عند عدم تحديد $ 480 $ أجل تكون قد انصرفت إلى أن يكون الدفع عند الميسرة ، وإلا لم تكن هناك فائدة من القرض إذا أمكن المقرض أن يطلب السداد فوراً بعد القرض . وانتهت اللجنة إلى حذف هذا النص اكتفاء بالقواعد العامة ( [868] ) .

ونرى أن القواعد العامة تقضى بتفسير نية المتعاقدين في هذا الشأن فإن ظهر من الظروف أنهما أرادا أن يكون الرد عند أول طلب من المقرض ، وجب على المقترض أن يرد القرض . بمجرد أن يطالبه المقرض بالرد ( [869] ) . وإن ظهر أن المتعاقدين إنما أراد إلا يسترد المقرض القرض إلا عند مقدرة المقترض على الوفاء أو عند ميسرته ،وجب اتباع هذا الحكم . ونرجع ، عند الشك في تبين نية المتعاقدين ، أن تكون نيتهما قد انصرفت إلى أن يكون الرد عند المقدرة أو الميسرة ( [870] ) .

وقد سبق أن بينا متى يكون الوفاء إذا اشترط المقترض على المقرض أن يكون الوفاء عند المقدرة أو الميسرة . فقد نصت المادة 272 مدني على أنه " إذا تبين من الالتزام أن المدين لا يقوم بوفائه إلا عند المقدرة $ 481 $ أو الميسرة ، عين القاضي ميعاداً مناسباً لحلول الأجل ، مراعياً في ذلك موارد المدين الحالية والمستقبلية ، ومقتضياً منه عناية الرجل الحريص على الوفاء بالتزامه " ( [871] ) .

 $ 482 $

 الفصل الثالث

 الدخل الدائم

319 - عجالة تاريخية : يتميز الدخل الدائم عن القرض في أن مبلغ القرض في الدخل الدائم غير واجب في وقت معين ، بل هو غير واجب الرد أصلا ما دام المقترض يدفع الفائدة وهي الدخل .ومن هنا سمى العقد بالدخل الدائم ، لأن الفائدة يجب دفعها على الدوام ما دام الاستبدال لم يقع .

وقد بدأ الدخل الدائم في القانون الروماني أن يكون قرضاً مستتراً وسمى بالدخل الدائم حتى يستبعد من نطاق القرض فلا تسرى عليه القيود التي تحدد الفائدة ، وبخاصة القيد القاضي في القانون الروماني بألا يزيد مجموع الفائدة ، على رأس المال فالدائن بالدخل ( وهو المقرض ) يتقاضى من المدين به ( وهو المقترض ) فائدة مستمرة ، يتقاضاها هو وورثته من بعده ، فيمكن أن يجاوز مجموع الفائدة بذلك رأس المال بكثير . ولم يكن ذلك محرماً في قوانين جوستنيان ( Nov 160 ) ، إذ اعتبرت الفائدة هنا دخلاً دورياً ( annuus reditus ) وليست فائدة . وورث القانون الفرنسي القديم تقاليد القانون الروماني ، فأجاز الدخل الدائم ، بل أن القانون الكنسي ذاته أجازه متغافلاً عما يتضمنه من ربا ولكن ما لبثت القوانين التي تقيد سعر الفائدة أن أحاطت بالدخل الدائم فقيدته بما تتقيد به الفائدة ( [872] )

 $ 483 $

وانتقل الدخل الدائم إلى التقنين المدني الفرنسي ، ومنه إلى التقنينات الحديثة .ولم تعد الأفراد تلجأ إلى هذه النوع من التعامل ، إذ القرض أمامها وباب الفائدة فيه مفتوح . وقل أن يكون القرض الذي لم يحدد فيه أجل للرد مقصوراً به أن يرتب دخلاً دائماً ، والغالب كما رأينا أن المتعاقدين قد قصدا أن يكون الرد عند الميسرة أو المقدرة .

وأصبحت الصورة المألوفة في العصر الحاضر لترتيب الدخل الدائم هي ما تعمد إليه الحكومات ( أو الأشخاص المعنوية غير محددة المدة كالبلديات والمصارف والشركات ) من إصدار سندات بقروض . فالسند قرض يعطيه المكتتب للدولة ، ولا يستطيع أن يسترده من الدولة ذاتها متى أراد ، وإنما يتقاضى فائدة سنوية عن السند هي الدخل الدائم ( [873] ) . ومتى أرادت الدولة أن ترد له رأس المال ويقع ذلك عادة عن طريق استهلاك ( amortissement ) السندات ردته فانقطع الدخل . ويستطيع المكتتب إذا أراد رأس المال بدلاً من الدخل أن يبيع السند في البورصة ، فيحصل على قيمته الفعلية ، وينتقل السند إلى المشتري فيصبح هو صاحب الدخل الدائم ( [874] ) .

وننتقل إلى بينا أحكام الدخل الدائم كما نظمها التقنين المدني الجديد ، فنبحث : ( 1 ) ترتيب الدخل الدائم ( 2 ) واستبدال الدخل الدائم .

 $ 484 $

 الفرع الأول

 ترتيب الدخل الدائم

320 - النصوص القانونية :تنص المادة 545 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - يجوز أن يتعهد شخص بأن يؤدي على الدوام إلى شخص آخر والى خلفائه من بعده دخلاً دورياً يكون مبلغاً من النقود أو مقداراً معيناً من أشياء مثلية أخرى . ويكون هذا التعهد بعقد من عقود المعارضة أو التبرع أو بطريق الوصية " .

 " 2 - فإذا كان ترتيب الدخل بعقد من عقود المعاوضة ، اتبع في شأنه من حيث سعر الفائدة القواعد التي تسرى على القرض ذي الفائدة " ( [875] ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق 479 / 583 - 585 و 481 / 589 ( [876] ) .

 $ 485 $

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري 513 - وفي التقنين المدني الليبي م 544 - وفي التقنين المدني العراقي م 694 ( [877] ) .أما تقنين الموجبات والعقود اللبناني فلم ترد فيه نصوص في الدخل الدائم .

ويؤخذ من هذا النص أن هناك صورًا مختلفة لترتيب الدخل الدائم وان الدخل متى رتب وجب دفعه إلى صاحبه حتى ينقضي بسبب من أسباب الانقضاء . فنبحث مسألتين ( 1 ) الصور المختلفة لترتيب الدخل الدائم ( 2 ) الالتزام بدفع الدخل حتى ينقضي .

 المبحث الأول

 الصور المختلفة لترتيب الدخل الدائم

321 - الصورة الغالبة هي عقد القرض : يغلب ، كما قدمنا ، أن يكون العقد الذي يرتب الدخل الدائم هو عقد القرض ، فتعقد الدولة قرضاً في صورة سندات تصدرها متساوية في قيمتها الاسمية . فيكتتب المقترض في السند ، ويقرض الدولة القيمة الاسمية لهذا السند ، على أن يتقاضى منها دخلاً دائماً سنوياً هو الفائدة التي تحدد الدولة سعرها . ويراعي في تحديد سعر الفائدة القيود الواردة على الفوائد ، فلا يجوز أن يزيد هذا السعر على الحد $ 486 $ الأقصى المسموح به للفوائد الاتفاقية وهو 7%والغالب أن يحدد سعر الفائدة للسند بأقل من ذلك بكثير ، فيكون السعر عادة 3%أو 3% ، وقل أن يصل إلى 5% ( [878] ) .

على انه لا يوجد ما يمنع نظرياً على الأقل من أن يكون المقترض في الدخل الدائم فرداً ، فيلتزم بأداء الدخل للمقترض ولخلفائه من بعده على الدوام . وسنرى أنه يجوز للمقترض دائماً أن يتخلص من التزامه باستبدال الدخل ، فلا يتأبد الالتزام في ذمته .كذلك لا يوجد ما يمنع من أن يكون الدخل أو رأس المال أشياء مثلية أخرى غير النقود ، كما هي الحال في القرض ولكن ذلك يندر كثيراً أن يقع في العمل .

322 - صور أخرى لترتيب الدخل الدائم :وليس القرض هو الصورة الوحيدة لترتيب الدخل الدائم ، وان كان هو الصورة الغالبة . فقد رأينا الفقرة الأولي من المادة 545 مدني تقول : " ويكون هذا التعهد بعقد من عقود المعاوضة أو التبرع أو بطريق الوصية " .

فيصح إذن ترتيب الدخل الدائم بعقد من عقود المعاوضة غر القرض ذي الفائدة ، وأكثر ما يقع ذلك في عقد البيع . فيبيع شخص عيناً مملوكة له بثمن هو دخل دائم . ويصح أن يتم ذلك بإحدى طريقتين فإما أن يتفق البائع والمشتري على أن يكون الثمن مقداراً معيناً من النقود يكون رأس مال ، ويحول في عقد البيع ذاته إلى دخل دائما . وفي كلتا الطريقتين لا يكون الدخل الدائم $ 487 $ عقداً مستقلاً عن عقد البيع ، بل يكون ركناً في عقد البيع هو الثمن .غير أنه في الطريقة الأولي إذا أريد استبدال الدخل الدائم ،كان رأس المال الواجب الرد هو مقدار الثمن الذي حدد أولاً في عقد البيع ( م 548 / 1 مدني ) ورأس المال الواجب الرد في الطريقة الثانية هو مبلغ من النقود فائدته محسوبة بالسعر القانوني تساوي الإيراد ( م 548 / 2 مد ) ( [879] )

ويصح ترتيب الدخل الدائم تبرعاً ، ويكون ذلك إذا أما من طريق الهبة أو من طريق الوصية .هيهب شخص آخر مقداراً معيناً من النقود أو أشياء مثلية أخرى كغلال أو مأكولات أو مشروبات .في مواعيد دورية أو يوصى له بها فيتقاضى صاحب الدخل دخله الدوري في المواعيد المحددة ، ولكن المدين بهذا الدخل ، هو أو تركته ، يستطيع أن يتخلص من التزامه بدفع الدخل إذا هو استبدله على النحو الذي سيبينه فيما بعد .

323 - شكل ترتيب الدخل الدائم وكيفية إثباته :ولم يشترط القانون لترتيب الدخل الدائم شكلاً خاصاً ، ومن ثم يجب اتباع شكل التصرف القانوني الذي رتبه . فإذا كان هذا التصرف القانوني قرضاً ، فليس للقرض شكل خاص ، وإنما هو عقد رضائي كما قدمنا . أما إذا كان التصرف هبة ، فإنه يجب أن يكون في ورقة رسمية ،وكذلك إذا كان وصية وجب اتباع الشكل الواجب في التوصية .

ويجوز إثبات ترتيب الدخل الدائم بالطرق المقررة في القواعد العامة $ 488 $ للإثبات . ولما كان الدخل دائماً ،فهو غير محدد القيمة ، فلا تجوز البينة ولا القرائن في إثباته ، بل يجب إثباته بالكتابة أو بما يقوم مقامها والكتابة على كل حال ضرورية أيضاً من الناحية العملية ، فإن الالتزام بالدخل الدائم طويل الأمد فالحصول على كتابة لإثباته أمر ضرروي . ولا يكفي ولا يكفي لإثباته أن يكون صاحب الدخل قد استمر خمس عشرة سنة يقبض الدخل بانتظام ، فإن ترتيب الدخل الدائم لا يثبت كما قدمنا بالقرائن ، ولا تصلح هذه المدة سبباً للتقادم وإن كانت تزول به ( [880] ) .

والغالب كما قدمنا أن يتخذ الدخل الدائم صورة قرض تعقده الدولة ، وفي هذه الحالة تكون السندات التي تصدرها الدولة بهذا القرض هو شكل المألوف لترتيب الدخل ، وهي في الوقت ذاته الطريقة المعتادة لإثباته .

 المبحث الثاني

 الالتزام بدفع الدخل

324 - حدود هذا الالتزام : يلتزم المدين بالدخل الدائم بدفعه إلى الدائن ، بالقدر المحدد في العقد أو في الوصية . وتقول الفقرة الثانية من المادة 545 مدني كما رأينا ، إنه " إذا كان ترتيب الدخل بعقد من العقود المعاوضة ، اتبع في في شأنه من حيث سعر الفائدة القواعد التي تسرى على القرض ذي الفائدة " .

فإذا رتب الدخل بعقد قرض أو بعقد بيع ، وجب إلا يجاوز الدخل الحد الأقصى للسعر الاتفاقي للفائدة ، محسوباً ذلك بالنسبة إلى رأس المال المقترض أو إلى ثمن المبيع ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك . هذا إذا كان رأس المال نقوداً ، حتى لو كان الدخل أشياء مثلية غير النقود أما $ 489 $ إذا كان رأس المال أشياء مثلية غير النقود ، فيجوز أن يجاوز الدخل نقوداً كان أو أشياء مثلية غير النقود الحد الأقصى للسعر الاتفاقى للفائدة ، لأن هذا الحد الأقصى لا يكون إلا إذا كان رأس المال نقوداً ( [881] ) .

ولما كان النص لم يقيد الدخل إلا من حيث سعر الفائدة ، فإن القيود الأخرى التي ترد على الفوائد لا تسري . من ذلك أنه يجوز في الدخل الدائم أن يكون مجموع الدخل الذي يتقاضاه الدائن أكثر من رأس المال ، وهذا بخلاف الفوائد غير الدخل فإنه لا يجوز أن يجاوز مجموع ما يتقاضاه الدائن منها رأس المال ( م 232 مدني ) . ومن ذلك أيضاً أنه يجوز للدائن بالدخل أن يتقاضى فوائد تأخيرية إذا تأخر المدين عن دفع الدخل في الميعاد ، فيقاضيه الدائن مطالباً إياه بالدخل المتأخر والفوائد بالسعر القانوني ، أما في الفوائد العادية فلا يجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ( م 232 مدني ) .

وإذا رتب الدخل تبرعاً بهبة أو وصية ، فلا يتصور أن يسري هنا الحد الأقصى للسعر الاتفاقي ، إذ لا يوجد رأس مال أعطى للمدين حتى ينسب إليه الدخل للتثبت من عدم مجاوزته للحد الأقصى . ومن ثم يجوز أن يكون الدخل في هذه الحالة أي مقدار يرضى المدين أن يتبرع به .

325 - من يقوم بالدفع ولمن يكون الدفع : يقوم بالدفع المدين بالدخل ، وهو في القرض المقترض ، وفي البيع المشتري ، وفي الهبة الواهب ، وفي الوصية تركة الموصي . ولما كان الدخل دائماً فإنه لا ينقضي بموت المدين ، بل تكون تركته مسئولة عن الاستمرار في دفع الدخل ، ومن ثم يجب أن يقتطع من التركة رأس المال تكفي فائدته للوفاء بالدخل . ولما كان المدين بالدخل في الغالب هو شخص معنوي الدولة $ 490 $ أو أحد المصارف أو إحدى الشركات فإن الذي يقع عملاًَ أن المدين ، ويدوم مدة طويلة أو يدوم دون انقطاع إذا كان هو الدولة ، يبقى يؤدي الدخل إلى أن يستبدل به عن طريق استهلاك السندات التي أصدرها .

ويدفع الدخل للدائن به ، وهو القرض المقرض ، وفي البيع البائع وفي الهبة الموهوب له ، وفي الوصية الموصي له . ويستمر الدفع طول حياة المدين ، فإذا مات انتقل الدخل الو ورثته ، ثم إلى ورثة ورثته وهكذا ، كل بقدر نصيبه في الميراث . ويتجزأ الدخل على الورثة . ويستمر دفع الدخل إلى أن يستبدل به المدين أو إلى أن ينقضي بسبب من أسباب الانقضاء .

326 - الزمان والمكان اللذان يدفع فيهما الدخل : يدفع الدخل في المواعيد المحددة في سند ترتيبه ، ويغلب أن يكون الميعاد المحدد سنة فسنة . فإذا لم يحدد ميعاد للدفع في سند الترتيب ، ولم يمكن استخلاص هذا الميعاد من الظروف والملابسات ، وجب دفع الدخل في آخر كل سنة .

ويدفع الدخل في المكان المحدد في سند ترتيبه . فإذا لم يحدد مكان ، وجب الرجوع إلى القواعد العامة ، وهذه تقضي بان يكون الدفع في موطن المدين بالدخل ( [882] ) .

327 - الجزاء على عدم دفع الدخل : وإذا لم يقم المدين بدفع الدخل على النحو الذي قدمناه ، جاز للدائن إجباره على الدفع فيطالبه قضائياً بدفع الدخل المتأخر مع الفوائد التأخيرية بالسعر القانوني ، فإذا حصل على حكم بذلك قابل للتنفيذ ، نفذه على أموال المدين .

وسنرى أيضاً أن الدخل الدائم قابل للفسخ عن طريق إجباره المدين على الاستبدال ، إذا لم يدفع الدخل سنتين متواليتين رغم إعذاره .

 $ 491 $

328 - أسباب انقضاء الالتزام بدفع الدخل : ينقضي الالتزام بدفع الدخل بالأسباب التي تنقضي بها سائر الالتزامات . ويجب التمييز في هذا الصدد بين الالتزام بدفع قسط دوري من الدخل والالتزام بدفع الدخل في مجموعه .

أما الالتزام بدفع قسط دوري من الدخل فينقضي بالوفاء بهذا القسط ، أو بالتجديد ، أو بالمقاصة ، أو باتحاد الذمة ، أو بالإبراء ، أو بالتقادم ومدة التقادم هنا خمس سنوات من وقت حلول القسط لأن أقساط الدخل حقوق دورية متجددة .

وأما الالتزام بدفع الدخل في مجموعة أو الدخل الدائم ، فإنه لا يقسط بوفاء أقساط الدخل مهما كثرت ، لأن هذه الأقساط تتجدد دائما ً .ولكنه يقسط بالتجديد ، وبالمقاصة ، وباتحاد الذمة ، وبالاستبدال بعد أن يظهر المدين رغبته في رد رأس المال وبعد انقضاء ستة على إظهار هذه الرغبة ، وبالإبراء ، وبالتقادم إذا سكت الدائن عن المطالبة بحقه مدة خمس عشرة سنة ( [883] ) .

ولكن السبب الرئيسي لانقضاء الالتزام بدفع الدخل في مجموعة هو الاستبدال ، ذلك أنه يشترط في الدخل الدائم أن يكون قابلاً للاستبدال في أي وقت شاء المدين . وهذا ما ننتقل الآن إليه .

 $ 492 $

 الفرع الثاني

 استبدال الدخل الدائم

329 - متى يكون الاستبدال وكيف يتم : الدخل الدائم كما قدمنا قابل للاستبدال دائما متى شاء المدين ، ولكن المدين لا يجبر على الاستبدال إلا في أحوال معينة . فإذا قامت حالة من أحوال الاستبدال ، فإن الاستبدال يتم برد رأس المال وفقاً لقواعد قررها القانون .

فنتكلم إذن في المسألتين الآتيتين :

 ( 1 ) متى يكون الاستبدال ( 2 ) كيف يتم الاستبدال .

 المبحث الأول

 متى يكون الاستبدال

330 - الاستبدال بإدارة المدين والاستبدال جبراً على المدين :

القاعدة في الدخل الدائم ، كما قدمنا ، أن يكون قابلاً للاستبدال ولهذه القاعدة معنيان . أولهما أن المدين يستطيع أن يطلب الاستبدال ، متى شاء ذلك . والمعنى الثاني أن المدين يستطيع أيضاً أن يستبقي الدخل الدائم في ذمته ، فلا يجبر على الاستبدال ما دام يدفع أقساط الدخل .

على المدين قد يجبر على الاستبدال في أحوال معينة ذكرها القانون ونرى من ذلك أن الاستبدال قد يكون بإرادة المدين وهذا هو الأصل ، وقد يكون جبراً على المدين وهذا هو الاستثناء . فإذا لم يرد المدين الاستبدال ، ولم تقم حالة من الأحوال التي يجبر فيها عليه بقى الدخل الدائم قائما ً إلى غير ميعاد .

 $ 493 $

 المطلب الأول

 الاستبدال بإرادة المدين

331 - النصوص القانونية : تنص المادة 546 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - يشترط في الدخل الدائم أن يكون قابلاً للاستبدال في أي وقت شاء المدين ، ويقع باطلاً كل اتفاق يقضي بغير ذلك " .

 " 2 - غير أنه يجوز الاتفاق على ألا يحصل الاستبدال ما دام مستحق الدخل حياً ، أو على ألا يحصل قبل انقضاء مدة لا تجوز أن تزيد على خمس عشرة سنة " .

 " 3 - وفي كل حال لا يجوز استعمال حق الاستبدال إلا بعد إعلان الرغبة في ذلك ، وانقضاء سنة على هذا الإعلان ( [884] ) "

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن هذا التقنين كان يجعل للمدين بالدخل حق رد رأس المال في أي وقت أراد ، دون أن يجبر على ذلك إلا في أحوال معينة ، ونص التقنين الجديد ينظم استعمال حق الاستبدال ، ويجيز الاتفاق على تأخير استعمال هذا الحق إلى مدى معين ( [885] ) .

ويقابل هذا النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :في التقنين المدني السوري م 514 - وفي 22 نة 1949 فأحكام التقنين السابق هي التي تسري ، وإلا فأحكام التقنين الجديد . التقنين المدني الليبي م 545 - وفي التقنين $ 494 $ المدني العراقي م 659 ( [886] ) . أما تقنين الموجبات والعقود اللبناني فلم ترد فيه نصوص في الدخل الدائم .

332 - الأصل في الدخل الدائم أن يكون قابلاً للاستبدال في أي وقت شاء المدين : قدمنا أن المدين يلتزم بوفاء أقساط الدخل الدائم ، وان هذه الأقساط تتجدد دائماُ . فحتى لا يكون المدين ملتزماً التزاماً أبدياً والالتزام الأبدي لا يجوز أباح القانون له أن يتخلص من التزامه متى شاء إذا هو رد رأس المال إلى الدائن . فيكون الدخل الدائم إذن في الأصل قابلاً للاستبدال في أي وقت شاء المدين ( [887] ) .ولكن إذا لم يشأ المدين الاستبدال ، فإنه لا يجبر عليه إلا في أحوال معينة سيأتي ذكرها .

 $ 495 $

وقابلية الدخل الدائم للاستبدال قاعدة لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها ، لأنها وضعت لتفادى أن يكون المدين ملتزماً التزاماً أبدياً ، وتحريم الالتزام الأبدي قاعدة من النظام العام .

ويترتب على ذلك أنه إذا اشرط الدائن على المدين ، أو أخذ المدين على نفسه ، إلا يطلب الاستبدال أبداً في أي وقت ، فإن هذا الشرط يكون باطلاُ لمخالفته للنظام العام . ويبقي الدخل الدائم بالرغم من هذا الشرط . قابلاً لللاستبدال في أي وقت شاء المدين ( [888] ) .

333 - جواز التقييد من قابلية الدخل للاستبدال : على أنه إذا كان لا يجوز محو قابلية الدخل للاستبدال على النحو الذي قدمناه ، فإنه يجوز التقييد من هذه القابلية إلى مدى معين ، مراعاة لمصلحة الدائن .

فقد أجازت الفقرة الثانية من المادة 546 مدني ،كما رأينا ، " الاتفاق على إلا يحصل الاستبدال ما دام مستحق الدخل حياً ، أو على ألا يحصل قبل انقضاء مدة لا يجوز أن تزيد على خمس عشرة سنة " .

فيجوز أولاً الاتفاق على إلا يحصل الاستبدال ما دام مستحق الدخل حياً . ويكون هذا شرطاً لمصلحة الدائن صاحب الدخل ، حتى يطمئن إلى مورد يتعيش منه طول حياته . فإذا تم الاتفاق على ذلك ، لم يجز للمدين بالدخل أن يطلب الاستبدال طول حياة الدائن ، بل يجب عليه أن يؤدي له أقساط الدخل ما دام حياً . فإذا مات الدائن ، عاد للمدين حقه في طلب الاستبدال في أي وقت شاء ، دون أن يجبر على ذلك .

 $ 496 $

ويجوز ثانياً الاتفاق على إلا يحصل الاستبدال قبل انقضاء مدة معينة ، يطمئن فيها الدائن صاحب الدخل إلى قبض أقساط الدخل طول هذه المدة ولكن لا يجوز أن تزيد هذه المدة على خمس عشرة سنة ، فإذا زادت وجب إنقاصها إلى خمس عشرة سنة ( [889] ) . فإذا تم الاتفاق على إلا يحصل الاستبدال قبل انقضاء خمس سنوات ، أو عشر سنوات ، أو خمس عشرة سنة مثلاً ، لم يجز للمدين بالدخل أن يطلب الاستبدال طول المدة المتفق عليها ( [890] ) . حتى إذا مات الدائن قبل انقضاء هذه المدة ، بل يبقى الدخل غير قابل للاستبدال بعد موت الدائن وانتقال الدخل إلى ورثته إلى أن تنقضي المدة المتفق عليها . فإذا انقضت هذا المدة ، عاد المدين حقه في طلب الاستبدال دون أن يجبر على ذلك ( [891] ) .

والظاهر أنه يجوز الاتفاق على الجمع بين الأمرين ، فيشترط ألا يحصل الاستبدال مدة حياة الدائن صاحب الدخل وقبل أن تنقضي خمس عشرة سنة ، فلا يجوز في هذه الحالة للمدين بالدخل أن يطلب الاستبدال إلا بعد موت الدائن ولو عاش أكثر من خمس عشرة سنة ، وإلا بعد انقضاء خمس عشرة سنة ولو مات الدائن قبل هذه المدة . فلا يجوز طلب الاستبدال إذن إلا بعد انقضاء حياة الدائن أو انقضاء خمس عشرة سنة ، أي المدتين أطول .

334 - كيف يستعمل المدين بالدخل حق الاستبدال :فإذا كان للمدين بالدخل حق طلب الاستبدال ، أما لأنه لم يقيد استعماله هذه الحق $ 497 $ بأي قيد فيكون له طلب الاستبدال في أي وقت شاء ، وإما لأنه قيد على النحو الذي قدمناه وانتهي القيد يموت الدائن أو بانقضاء المدة المحددة ، فإن له أن يستعمل هذا الحق دون أن يجبر على استعماله كما سبق القول .

فإذا اختار أن يستعمله ، وجب لاستعماله توافر شرطين ( [892] ) . 1 - أن يعلن رغبه في الاستبدال إلى الدائن بالدخل . ولم يشترط القانون شكلاً خاصاً لهذا الإعلان ، فيصح أن يكون بإنذار رسمي ، ويصح أن يكون بكتاب مسجل أو غير مسجل ، بل يصح أن يكون شفوياً ، ولكن عبء الإثبات يقع على المدين فيحسن أن يجعل الإعلان بكتاب مسجل . 2 - أن تنقضي سنة على وصول الإعلان المتقدم الذكر إلى الدائن ،حتى لا يفاجأ الدائن بالاستبدال في وقت كان معتمداً فيه على الدخل . فأفسح القانون له الأجل سنة من وقت وصول الإعلان إليه ، فإذا انقضت السنة تم الاستبدال بمقتضى القواعد التي سنبينها فيما بعد . والظاهر أن المدين يستطيع ، بعد إعلان رغبته في الاستبدال وانقضاء سنة على إعلان هذا الرغبة ، أن ينزل عن حقه في الاستبدال وان يستمر في الوفاء بأقساط الدخل في مواعيدها . وهذا ما لم يظهر الدائن ، بعد إعلانه الرغبة في الاستبدال ، قبوله لهذه الرغبة ، إذ يتم في هذه الحالة اتفاق بين المادتين والدائن على الاستبدال ، فلا يجوز للمدين الرجوع في هذا الاتفاق إذا لم يقبل الدائن هذا الرجوع . والظاهر أيضاً أن المدين ، إذا كان مقيداً بألا يطلب الاستبدال مدة معينة ، خمس سنوات مثلاً ، يستطيع أن يعلن الدائن برغبته في الاستبدال قبل انقضاء هذه المدة حتى يتمكن من الاستبدال بمجرد انقضائها . فيستطيع مثلاً أن يعلن الدائن برغبته في الاستبدال في السنة الرابعة ، حتى إذا انقضت خمس السنوات تكون سنة قد انقضت من وقت الإعلان ، فيتمكن المدين من الاستبدال بمجرد انقضاء خمس السنوات

 $ 498 $

 المطلب الثاني

 الاستبدال جبراً على المدين

 335 - النصوص القانونية : تنص المادة 547 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " يجبر المدين على الاستبدال في الأحوال الآتية : "

 " ( أ ) إذا لم يدفع الدخل سنتين متواليتين ، رغم إعذاره . "

 " ( ب ) إذا قصر في تقديم ما وعد به الدائن من تأمينات ، أو إذا انعدمت التأمينات ولم يقدم بديلاً عنها . "

 " ( جـ ) إذا أفلس أو أعسر ( [893] ) . "

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 479 فقرة 2 / 585 ( [894] ) .

 $ 499 $

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 515 - وفي التقنين المدني الليبي م 546 - وفي التقنين المدني العراقي 696 ( [895] ) . أما تقنين الموجبات والعقود اللبناني فلم ترد فيه النصوص في الدخل الدائم .

ويخلص من هذا النص أن هناك حالات ثلاثاً يجوز فيها للدائن نفسه أن يطلب الاستبدال ، ولو أن المدين لم يطلب ذلك ، فيكون الاستبدال في هذه الحالات الثلاث بإدارة الدائن وحده وجبراً على المدين .

336 - الحالة الأولي عدم دفع الدخل سنتين متواليتين : إذا تأخر المدين في دفع أقساط الدخل سنتين متواليين ، وأعذره الدائن بالدفع ليم يدفع بالرغم من الإعذار ، جاز للدائن أن يطلب فسخ الدخل الدائم ، وان يجبر على رد رأس المال لإخلاله بالتزامه " ( [896] ) .

ويلاحظ أن فسخ الدخل الدائم هنا مقيد بتأخر المدين عن دفع الأقساط مدة سنتين متواليتين . فلو تأخر مدة أقل من سنتين ، لم يجز للدائن طلب الفسخ ، وإنما يجوز له إجبار المدين على دفع المتأخر $ 500 $ على النحو الذي بيناه فيما تقدم ( [897] ) . كذلك لا يكون للدائن طلب الفسخ ، وإنما يكون له إجبار المدين على دفع المتأخر ، إذا تأخر المدين في دفع الأقساط سنتين غير متواليتين ، أو تأخر مدة أكثر من سنتين ليس فيها سنتان متواليتان ، مثال ذلك أن يتأخر المدين في الدفع السنة التالية ويقبل منه الدائن هذا الدفع ، ثم يتأخر في الدفع في السنة الثالثة . فهنا قد تأخر المدين عن الدفع في السنة الأولي وفي السنة الثالثة . فلا يستطيع الدائن طلب الفسخ لأن السنتين اللتين تأخر عن الدفع فيهما ليستا متواليتين . فإذا دفع المدين عن السنة الرابعة وقبل منه الدائن هذا الدفع ، وتأخر عن الدفع في السنة الخامسة ، فيكون قد تأخر في الدفع ثلاث سنوات السنة الأولي والسنة الثالثة والسنة الخامسة فإنه لا يكون مع ذلك قد تأخر في الدفع سنتين متواليتين ، ومن ثم لا يجوز للدائن طلب الفسخ ، وليس له إلا إجبار المدين على دفع المتأخر .

337 - الحالة الثانية - تقصير المدين في تقديم التأمينات أو انعدام هذه التأمينات :وإذا وعد المدين بتقديم تأمينات ولم يقدمها ، أو انعدمت التأمينات التي قدمها كلها أو بعضها ولم يقدم بديلاً عما انعدم ، جاز للدائن هنا أيضاً أن يجبر المدين على الاستبدال فيسترد منه رأس المال . وليس هذا عن طريق فسخ الدخل الدائم ، بل عن طريق فسخ الدخل الدائم ،بل عن طرق سقوط الأجل ( [898] ) . فقد رأينا أن الأجل يسقط إذا لم يقدم المدين ما وعد بتقديمه من التأمينات ، أو إذا $ 501 $ أضعف بفعله إلى حد كبير ما أعطى الدائن من تأمين خاص ولو كان هذا التأمين قد أعطى بعقد لا حق أو بمقتضى القانون ، هذا ما لم يؤثر للدائن أن يطالب بتكملة التأمين .أما إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه ، فإن الأجل يسقط ما لم يقدم المدين للدائن ضماناً كافياً ( [899] ) . فيجب إذن تفسير المادة 547 ( حرف ب ) مدني في ضوء ما تقدم ( [900] ) .

338 - الحالة الثالثة إعسار المدين أو إفلاسه : وإذا شهر إعسار المدين بالدخل أو شهر إفلاسه ، فإن الأجل يسقط أيضاً في هذا الحالة ( [901] ) . ومن ثم يجوز للدائن إجبار المدين المعسر أو المفلس على الاستبدال ورد رأس المال .

 المبحث الثاني

 كيف يتم الاستبدال

 339 - النصوص القانونية : تنص المادة 548 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - إذا رتب الدخل مقابل مبلغ من النقود ، تم الاستبدال برد المبلغ بتمامه ، أو برد مبلغ اقل منه إذا اتفق على ذلك " .

 $ 502 $

 " 2 - وفي الحالات الأخرى يتم الاستبدال بدفع مبلغ من النقود تكون فائدته محسوبة بالسعر القانوني مساوية للدخل " ( [902] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ،ولكن حكمه يتفق مع القواعد العامة .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 516 - وفي التقنين المدني الليبي م 547 وفي التقنين المدني العراقي 679 ( [903] ) . . أما تقنين الموجبات والعقود اللبناني فلم ترد فيه نصوص في الدخل الدائم .

340 - الحالات التي يتم فيه الاستبدال التمييز بين قرضين : ويضع النص المتقدم الذكر قواعد يتم على مقتضاها الاستبدال برد راس المال إلى الدائن . وهذه القواعد تسرى في جميع الحالات التي يتم فيها الاستبدال ، سواء في ذلك الحالات التي يطلب فيها المدين الاستبدال على النحو الذي قدمناه أو الحالات التي يجبر فيها على الاستبدال وفقاً لما أسلفناه ، أي سواء كان الاستبدال بإرادة المدين أو كان جبراً على المدين .

ويجب في هذا الصدد أن نميز بين قرضين :

1 - إذا رتب الدخل في مقابل مبلغ من النقود .

 $ 503 $

إذا رتب الدخل في مقابل غير النقود أو بغير مقابل .

341 - ترتيب الدخل في مقابل مبلغ من النقود :يترتب الدخل في مقابل مبلغ من النقود إذا كان قرضاً وكان ما دفعه الدائن إلى المدين مبلغاً من النقود ، أو إذا كان بيعاً قدر فيه مقداراً معيناً من النقود ثم حول إلى إيراد دائم .

ففي هذه الأحوال يكون رأس المال مقداراً معيناً من النقود معروفاً منذ ترتيب الدخل . ففي الاستبدال ،يكون هذا المقدار المعين من النقود هو الواجب الرد ، إذ هو رأس المال الواجب رده إلى الدائن وقد تعين منذ البداية .

ويجوز الاتفاق على أن يكون المبلغ الواجب الرد أقل من هذا المقدار ويحمل ذلك على أن الدائن قد تبرع للمدين مقدماً بالفرق ، أو أنه عوض عن هذا الفرض بما قبضه من أقساط روعي في تقديرها هذا التعويض ، ولكن لا يجوز الاتفاق على أن يكون المبلغ الواجب الرد أكثر من هذا المقدار لأن في ذلك شبهة الربا الفاحش ( [904] ) .

342 - ترتيب الدخل في مقابل غير النقود أو بغير مقابل :

وقد يترتب الدخل في مقابل غير النقود ، كما إذا ترتب بموجب بيع جعل $ 504 $ الثمن فيه رأساً الدخل الدائم دون تقدير سابق للثمن ( [905] ) . وكما إذا ترتب بموجب قرض كان رأس المال فيه أشياء مثلية غير النقود وكان الدخل مبلغاً من النقود . كذلك قد يترتب الدخل بغير مقابل ،كما هي الحال في ترتيب الدخل بهبة أو بوصية .

ففي جميع هذه الأحوال لا يكون رأس المال مقداراً معيناً من النقود معروفاً من قبل ، بل هو إما عين بيعت بدخل دائم ، وإما أشياء مثلية غير النقود أقرضت في مقابل دخل دائم ، وإما لا وجود له أصلاً إذا رتب الدخل الدائم عن طريق التبرع . فعمد المشرع إلى طريقة لتقدير رأس المال على الوجه الآتي : يؤخذ مقدار الدخل في السنة أساساً لهذا التقدير ، وبقدر رأس المال بحيث يكون هذا الدخل هو فائدته محسوبة بالسعر القانوني . فإذا كان مقدار الدخل في السنة مائة مثلاً في مسألة مدنية ، قدر رأس المال بحيث تكون المائة هي فائدته محسوبة بسعر 4% فيكون رأس المال في هذه الحالة ألفين وخمسمائة .

 $ 505 $

 الباب الرابع

 عقد الصلح

 $ 507 $

 مقدمة ( [906] )

343 - التعريف بعقد الصلح ومقوماته نص قانوني : تنص المادة 549 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " الصلح عقد يحسم به الطرفان نزاعاً قائماً أو يتوقيان به نزاعاً محتملاً ، وذلك بأن ينزل كل منهما على وجه التقابل عن جزء من ادعائه " ( [907] ) .

 $ 508 $

ويخلص من هذا النص أن للصلح مقومات ثلاثة هي :

1 - النزاع القائم أو محتمل .

2 - نية حسم النزاع .

3 - نزول كل من المتصالحين على الوجه التقابل عن الجزء من ادعائه

344 - نزاع قائم اومحتمل : أول مقومات الصلح هو أن يكون هناك نزاع بين المتصالحين قائم أو محتمل . فإذا لم يكن هناك نزاع قائم ، أو في القليل نزاع محتمل ، لم يكن العقد صلحاً ، كما إذا نزل المؤجر للمستأجر عن بعض الأجرة غير المتنازع فيها حتى يتمكن المستأجر من دفع الباقي ، فهذا إبراء من بعض الدين وليس صلحاً ( [908] ) .

فإذا كان هناك نزاع قائم مطروح على القضاء ، وحسمه الطرفان بالصلح ، : كان هذا الصلح قضائياً ( judiciaire ) .ولكن يشترط إلا يكون $ 509 $ قد صدر حكم نهائي في النزاع ، وإلا انحسم النزاع بالحكم لا بالصلح ( [909] ) على النزاع المطروح على القضاء يعتبر باقياً ، ومن ثم يكون هناك محل للصلح ، حتى لو صدر حكم في النزاع إذا كن هذا الحكم قابلاً للطعن فيه بالطرق العادية كالمعارضة والاستئناف أو بالطرق غير العادية كالنقص والتماس إعادة النظر ( [910] ) . وحتى لو صدر حكم نهائي غير قابل للطعن فيه ، فإنه يجوز أن يجد نزاع بين الطرفين على تنفيذ هذا الحكم أو على تفسيره ، فهذا النزاع أيضاً يجوز أن يكون محلاً للصلح ( [911] ) .

وليس من الضروري أن يكون هناك نزاع قائم مطروح على القضاء بل يكفي أن يكون وقوع النزاع محتملاً بين الطرفين ، فيكون الصلح لتوقي هذا النزاع ، ويكون في هذه الحالة صلحاً غير قضائي ( extrajudiciaire ) . والمهم أن يكون هناك نزاع جدي ، قائم أو محتمل ( [912] ) . ولو كان أحد $ 510 $ الطرفين هو المحق دون الآخر وكان حقه واضحاً ، ما دام هو غير متأكد من حقه ( [913] ) . فالمعيار إذن هو معيار ذاتي محض ، والعبرة بما يقوم في ذهن كل من الطرفين لا بوضوح الحق في ذاته ( [914] ) .

وقد يكون النزاع في القانون ، كما إذا وقع نزاع بين الطرفين على القيمة القانونية لسند يتمسك به أحدهما ، فيتصالحان لحسم هذا النزاع القانوني . والصلح في هذه الحالة يكون صحيحاً ، حتى لو كان السند في نظر رجل القانون ظاهر الصحة أو ظاهر البطلان ، فالعبرة كما قدمنا بما يقوم في ذهن الطرفين ، حتى لو قام الصلح على غلط في القانون وقع فيه أحد الطرفين فسنرى أن الغلط في القانون لا يبطل الصلح ( [915] ) .

وقد يكون النزاع في الواقع لا في القانون ،كما إذا قام نزاع بين المسئول والمضرور قد وقع هل وقع خطأ من المسئول أو لم يقع ، أو قام نزاع على مدى التعويض بفرض أن المسئول مقر بالخطأ . فيحسم الطرفان بالصلح هذا النزاع ، والعبرة كما قدمنا بما يقوم في ذهن كل منهما مهما كان الواقع في ذاته واضحاً لا مجال فيه للشك .

345 - نية حسم النزاع : ويجب أن يقصد الطرفان بالصلح حسم النزاع بينهما ، أما بإنهائه إذا كان قائماً ، وإما بتوقيه إذا كان محتملاً . فإذا $ 511 $ تنازع طرفان على ملكية منقول قابل للتلف ، واتفقا على بيعه تفادياً لتلفه وإيداع الثمن خزانة المحكمة ، على أن يثبت المحكمة فيمن منهما هو المالك فيكون الثمن من حقه ، لم يكن الاتفاق على بيع المنقول صلحاً لأنه لم يحسم النزاع الواقع على ملكية المنقول . وقد قضى بأنه لا يعتبر صلحاً تعهد أحد الخصمين للآخر ، أثناء نظر الدعوى ، ببيع العقار محل النزاع بين الطرفين ( [916] ) . وقضى أيضاً بأنه إذا اتفق الخصمان ، في دعوى فسخ قائمة بينهما ومتعلقة ببيع عين من أحدهما إلى الآخر ، على بيع هذه العين بيعاً معلقاً على شرط صدور الحكم في دعوى الفسخ ، لم يكن هذا الاتفاق صلحاً لأنه لم يحسم النزاع في دعوى الفسخ ( [917] ) .

ولكن ليس من الضروري أن يحسم الصلح جميع المسائل المتنازع عليها فيها بين الطرفين ، فقد يتناول الصلح بعض هذه المسائل فيحسمها ويترك الباقي للمحكمة تتولي هي البت فيه ( [918] ) . كذلك يجوز للطرفين أن يتصالحا حسما للنزاع ، ولكنهما يتفقان على أن يستصدرا من المحكمة حكما ً بما تصالحا عليه ، فيوجهان الدعوى على هذا الأساس حتى يصدر من المحكمة الحكم المرغوب فيه ( jugement d expedient ) ، فيكون هذا صلحاً بالرغم من صدور الحكم ( [919] ) .

 $ 512 $

346 - نزول كل من المتصالحين على وجه التقابل عن جزء من ادعائه ( [920] ) . فلو لم ينزل أحدهما عن شيء مما يدعيه ونزل الآخر عن كل ما يدعيه ، لم يكن هذا صلحاً ، بل هو محض نزول عن الادعاء . فإقرار الخصم لخصمه بكل ما يدعيه ، أو نزله عن ادعائه ، لا يكون صلحاً ، وهذا هو الذي يميز الصلح عن التسليم بحق الخصم ( acquiescement ) ،ويميزه عن ترك الادعاء ( desistement ) . ففي التسليم بالحق وفي ترك الادعاء حسم للنزاع ، ولكن بتضحية من جانب وأحد ، أما الصلح فيجب أن يكون تضحية من الجانبين ( [921] ) .

وليس من الضروري أن تكون التضحية من الجانبين متعادلة ، فقد ينزل أحد الطرفين عن جزء كبير من ادعائه ، ولا ينزل الآخر إلا عن الجزء اليسير . ففي التسليم بحق الخصم وفي ترك الدعوى ، إذا قبل الطرف الآخر أن يتحمل في مقابل ذلك مصروفات الدعوى ، كان هذا صلحاً مهما كانت تضحية الطرف الآخر قليلة بالنسبة إلى تضحية الطرف الأول ( [922] ) . بل قد $ 513 $ يعمد شخص إلى الصلح مع خصمه حتى يتفادى التقاضي بما يجر من إجراءات معقدة وما يجشم من مصروفات باهظة وما يستغرق من وقت طويل ، أو حتى يتفادى علانية الخصومة والتشهير في أمر يؤثر كتمانه ، فينزل عن جزء من أدعائه لهذا الغرض حتى يسلم له الخصم بباقي حقه ، فيحصل عليه في يقين ويسر أو في سكون وتستر ( [923] ) .

347 - تمييز الصلح من غيره مما يلتبس به : يلتبس الصلح بالتحكيم في أن كلا منهما يقصد به حسم خصومة دون استصدار حكم قضائي . ولكن التحكيم يختلف عن الصلح اختلافاً بيناً ، ففيه يتفق الطرفان على محكمين يبتون في نزاعهم . فالذي يبت في النزاع في التحكيم ( compromis ) هم $ 514 $ المحكمون ، أما في الصلح ( transaction ) فهم أطراف الخصومة أنفسهم والتحكيم لا يقتضي تضحية من الجانبين ، على خلاف الصلح ، إذ المحكمون كالقضاة يحكمون لمن يرون أن له حقاً بحقه كله ( [924] ) . وإجراءات التحكيم وقواعده يبينها قانون المرافعات .

وقد رأينا أن الصلح يختلف عن التسليم بالحق ( acquiescement ) وعن ترك الادعاء ( desistement ) في أن الصلح يقتضي حتما تضحية من الجانبين ، أما التسليم بالحق وترك الادعاء فيتضمنان تضحية من جانب وأحد هو الجانب الذي سلم بحق الخصم أو ترك الإدعاء . وكذلك يختلف الصلح عن إجازة العقد القابل للإبطال ، في أن الإجازة تتضمن نزولاً محضاً عن الحق في إبطال العقد . ولكن إذا كان هناك نزاع بين المتعاقدين في جواز إبطال البيع مثلاً ، وتصالحاً فأجاز المشتري البيع ونزل البائع في مقابل ذلك عن جزء من الثمن ، فهذا صلح لأنه يتضمن تضحية من الجانبين . وظاهر أن الصلح يختلف عن الإبراء في أن الإبراء نزول كامل عن الحق من أحد الجانبين ، أما الصلح فنزول جزئي من كل من الجانبين ، وإن كان كل منهما يحسم النزاع .

ويختلف الصلح عن توجيه اليمين الحاسمة ، في أن الصلح يتضمن تضحية من الجانبين ، أما توجيه اليمين الحاسمة فلا يتضمن إلا تضحية من جانب وأحد هو الجانب الذي وجه اليمين ، إذ يكسب الجانب الآخر الذي يحلف اليمين كل ما يدعيه ( [925] ) .

وقد يستر الصلح هبة أو بيعاً ، إذا كان أحد الطرفين ، تحت ستار الصلح ، إنما نزل عن حقه للآخر دون مقابل ، أو باعه منه بثمن معين ( [926] ) كذلك قد يستر الصلح قسمة رضائية إذا أفرز المتقاسمون أنصبتهم في المال $ 516 $ المشترك بالتراضي ، وحصل كل منهم على ما يعتقد أنه نصيبه كاملاً ، وإن سموا القسمة صلحاً . أما إذا كان هناك نزاع بينهم في مقدار نصيب كل منهم ، فاقتسموا المال الشائع بحسب أنصبة تصالحوا عليها وسموا العقد قسمة ، فإن القسمة هنا تستر صلحاً ( [927] ) .

وفي المثل الأخير الذي تستر القسمة فيه الصلح ، يوجد في الواقع عقدان ، صلح وقسمة ، اختلط أحدهما بالآخر : صلح على مقدار نصيب كل من المتقاسمين . وهذا هو عقد الصلح ، وإفراز لنصيب كل منهم وهذا هو عقد القسمة . وقد يختلط الصلح بعقود أخرى ، كما إذا تنازع شخصان على ملكية دار وأرض ، ثم تصالحا على أن يكون لأحدهما الدار وللآخر الأرض ، وفي الوقت ذاته باع أحدهما للآخر ما وقع في نصيبه بموجب الصلح ، فهنا اختلط عقد الصلح بعقد البيع . وفي جميع الأحوال التي يختلط فيها عقد الصلح بعقد آخر ، قد يرتبط العقدان ارتباطاً لا يقبل التجزئة بحيث إذا أبطل أحدهما وجب إبطال الأخر ، وقد يكونان قابلين للتجزئة فيبطل أحدهما ويبقى الآخر قائماً ، ويرجع في ذلك إلى نية الطرفين مستخلصة من الملابسات والظروف ( [928] ) .

ويخلص مما قدمناه أن القاضي هو الذي بكيف الاتفاق بأنه صلح أو بأنه عقد آخر ، وفقاً لعناصر الصلح التي قدمناها . ولا يتقيد في ذلك بتكييف الخصوم ، فقد يسمى الخصوم الصلح باسم عقد آخر أو يسمون عقداً آخر باسم الصلح كما رأينا . وقاضي الموضوع هو الذي يبت في وجود عناصر $ 517 $ الصلح من حيث الواقع ، فيقرر ما إذا كان هناك نزاع قائم أو محتمل ، وما إذا كانت نية الطرفين حسم النزاع ، وما إذا كانت هناك تضحية من الجانبين ، فتتوافر بذلك عناصر الصلح ، ولا معقب عليه في ذلك من محكمة النقض . أما وجوب توافر هذه العناصر جميعاً ليكون العقد صلحاً فهذه مسألة قانون لا يستقل بها قاضي الموضوع ، على النحو الذي قدمناه ، أو استظهرها ولكنه أخطأ في تكييفها القانوني ،فإن حكمه يكون قابلاً للنقض ( [929] ) .

348 - خصائص عقد الصلح : والصلح عقد من عقود التراضي ، فلا يشترط في تكوينه شكل خاص ، بل يكفي توافق الإيجاب والقبول ليتم الصلح . وسنرى أن الكتابة ضرورية ، ولكن لإثبات الصلح لا لانعقاده .

وهو عقد ملزم للجانبين ، إذ يلتزم كل من المتصالحين بالنزول عن جزء من ادعائه في نظير تنازل الآخر عن جزء مقابل . فينحسم النزاع على هذا الوجه ، ويسقط في جانب كل من الطرفين الادعاء الذي نزل عنه ، ويبقى الجزء الذي لم ينزل عنه ملزماً للطرف الآخر .

وهو عقد من عقود المعارضة ، فلا أحد من المتصالحين يتبرع للآخر ، وإنما ينزل كل منهما عن جزء من ادعائه بمقابل ، هو نزول الآخر عن جزء مما يدعيه . وقد يكون الصلح عقداً محدداً ( commutatif ) كما هو الغالب ، فإذا قام نزاع بين شخصين على مبلغ من النقود فاتفقا على أن يعطي المدين للدائن مبلغاً أقل على سبيل الصلح ، فهنا قد عرف كل منهما $ 518 $ مقدار ما أخذ ومقدار ما أعطي فالعقد محدد ( [930] ) . أما إذا تصالح أحد الورثة مع وارث آخر على أن يرتب له إيراداً مدى الحياة في مقابل حصته في الميراث المتنازع فيها ، فالعقد هنا احتمالي ( [931] ) .

وسنرى فيما يلي أن الصلح أيضاً عقد كاشف للحقوق لا منشئ لها ، وأنه عقد غير قابل للتجزئة فبطلان جزء منه يقتضي بطلان العقد كله ( [932] ) .

349 - التنظيم التشريعي لعقد الصلح : وضع التقنين المدني الجديد عقد الصلح بين العقود الواردة على الملكية ، لا لأنه ينقل الملكية كما هو الأمر في البيع والمقابضة والهبة والشركة والقرض ، إذ الصلح عقد يكشف عن الحقوق لا ينقلها ، بل لأنه يتضمن نزولاً من كل من المتصالحين عن جزء مما يدعيه ، والنزول عن الحق يرد على كيانه بالذات . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " دخل الصلح ضمن العقود التي ترد على الملكية ، لا لأنه ينقلها ، فسيأتي أن الصلح كاشف للحقوق لا ناقل لها ، بل لأنه يتضمن تنازلاً عن بعض ما يدعيه الطرفان من الحقوق ، والتنازل عن الحق يرد على كيانه لا مجرد ما ينتجه من الثمرات " ( [933] ) .

وجاء التقنين الجديد أقرب ا لى المنطق في ترتيب نصوص الصلح من التقنين السابق ، فقسمها إلى أقسام ثلاثة . عرض في الأول منها إلى أركان $ 519 $ الصلح ، فذكر الرضاء والأهلية والمحل والسبب ، واستطرد إلى إثبات الصلح . وعرض في القسم الثاني إلى آثار الصلح ، فبين أثره من حيث حسم النزاع ، ومن حيث انه كاشف لا منشئ ، وقرر أن هذه الآثار يجب أن تفسر تفسيراً ضيقاً لا توسع فيه . وعرض في القسم الثالث إلى بطلان الصلح ، فبين انه لا يجوز الطعن في الصلح بسبب غلط في القانون ، وأن الصلح لا يتجزأ فبطلان جزء منه يقتضي بطلان العقد كله ( [934] ) . وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن نصاً في فسخ الصلح ، إذا أضيف إلى النص الخاص بالبطلان سوغ على وجه ما أن يكون هناك قسم ثالث لانقضاء الصلح . ولكن هذا النص حذف كما سنرى في لجنة المراجعة ، ومع ذلك بقي القسم الثالث لا يتضمن إلا بطلان الصلح ، وكان الأولى إدماجه في القسم الأول المتعلق بأركان الصلح . وهذا ما سنسير عليه في بحثنا .

350 - أهم الفروق بين التقنين الجديد والتقنين السابق في عقد الصلح : بينت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ( [935] ) أهم هذه الفروق فيما يأتي :

1 - عرض التقنين الجديد صراحة لإثبات الصلح ، فأوجب أن يكون بالكتابة . وهذا تقنين للقضاء المختلط في هذه المسألة .

2 - ذكر التقنين الجديد صراحة الأثر الكاشف للصلح ، ومبدأ عدم التجزئة .

3 - بين التقنين الجديد في وضوح أن الطعن في الصلح بالبطلان بسبب غلط في القانون لا يجوز ، وترك بقية أسباب البطلان للقواعد العامة .

4 - أغفل التقنين الجديد نصين في التقنين السابق اكتفي فيهما بتطبيق القواعد العامة ، هما المادة 536 / 658 وهي تتعلق بالغلط في أرقام الحساب ، والمادة 537 / 659 وهي خاصة بانتقال التأمينات لتضمن الوفاء بالصلح ( [936] ) .

351 - خطة البحث : ونبحث عقد الصلح في فصلين : الفصل الأول في أركان الصلح ، والفصل الثاني في آثاره .

 $ 521 $ الفصل الأول

أركان الصلح

352 - أركان ثلاثة : للصلح ، كما لسائر العقود ، أركان ثلاثة : التراضي والمحل والسبب .

الفرع الأول

التراضي في عقد الصلح

353 - شروط الانعقاد وشروط الصحة : نتكلم في شروط الانعقاد في التراضي ، ثم في شروط صحة التراضي .

المبحث الأول

شروط الانعقاد

354 - توافق الإيجاب والقبول كاف في عقد الصلح : قدمنا أن عقد الصلح من عقود التراضي ، فيكفي لانعقاده توافق الإيجاب والقبول من المتصالحين ( [937] ) .

 $ 522 $ ولكن الصلح لا يتم عادة إلا بعد مفاوضات طويلة ومساومات وأخذ ورد . فيجب تبين متى تم الاتفاق نهائياً بين الطرفين ، ولا يجوز الوقوف عند أية مرحلة من مراحل التفاوض في الصلح ما دام الاتفاق النهائي لم يتم .

وقد يقبل المضرور من المتسبب في الضرر عطية على سبيل الإحسان أو على سبيل التخفيف من مصابه ، فلا يكون هذا صلحاً . ذلك أن المتسبب في الضرر لم يرد بهذه العطية أن يقر بمبدأ المسئولية ، ولم يرد المضرور بقبولها أن يصالح على حقه في التعويض . فيبقى الباب مفتوحاً لمساءلة المتسبب في الضرر ، ولا يستطيع هذا أن يحتج بأنه تصالح مع المضرور ، كما لا يستطيع المضرور أن يحتج بأن المتسبب في الضرر قد أقر بمسئوليته ( [938] ) .

وتسرى على انعقاد الصلح بتوافق الإيجاب والقبول القواعد العامة في $ 523 $ نظرية العقد . من ذلك طرق التعبير عن الإرادة ، والوقت الذي ينتج فيه التعبير عن الإرادة أثره ، وموت من صدر منه التعبير عن الإرادة أو فقده لأهليته ، والتعاقد ما بين الغائبين ، وغير ذلك من الأحكام العامة .

ولابد من وكالة خاصة في الصلح ( [939] ) ، فلا يجوز للمحامي أن يصالح على حقوق موكله ما لم يكن الصلح منصوصاً عليه في عقد التوكيل . وتقول الفقرة الأولى من المادة 702 مدني : " لابد من وكالة خاصة في كل عمل ليس من أعمال الإدارة ، ووجه خاص في البيع والرهن والتبرعات والصلح والإقرار والتحكيم وتوجيه اليمين والمرافعة أمام القضاء " . على أنه إذا كان هناك توكيل عام في أعمال الإدارة ، جاز أن يشمل هذا التوكيل الصلح المتعلق بأعمال الإدارة دون غيرها ( [940] ) .

 $ 524 $ 355 - الصلح القضائي : يقع هذا الصلح بين الخصوم في دعوى مرفوعة بينهم أمام القضاء ، وتصدق عليه المحكمة . وقد نصت المادة 124 من تقنين المرافعات في هذا الصدد على ما يأتي : " للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة في أية حال تكون عليها الدعوى إثبات ما اتفقوا عليه في محاضر الجلسة ، ويوقع عليه منهم أو من وكلائهم . فإذا كانوا قد كتبوا ما اتفقوا عليه ، ألحق المكتوب بمحضر الجلسة ، وأثبت محتواه فيه . ويكون لمحضر الجلسة في الحالين قوة السند التنفيذي واعتباره . وتعطي صورته وفقاً للقواعد المقررة لإعطاء صور الأحكام " . ولا يجوز للمحكمة التصديق على الصلح إلا بحضور الخصمين ، لأن القاضي إنما يقوم بمهمة الموثق ، ولا يجوز توثيق عقد إلا بحضور الطرفين . فإذا غاب أحد الطرفين ، امتنع على القاضي التصديق على الصلح ، حتى لو كان الطرف الغائب قد قبل التصديق على الصلح في غيبته ، ولكن ذلك لا يمنع من اعتبار محضر الصلح الموقع عليه من الطرف الغائب سنداً يصح الحكم بمقتضاه . وإذا حضر الطرفان وعدل أحدهما عن الصلح ، لم يجز للقاضي التصديق عليه ( [941] ) ، ويعتبر القاضي الصلح الذي عدل عنه أحد الطرفين ورقة من أوراق الدعوى يقدر قيمتها بحسب الظروف ( [942] ) . ويعتبر هذا $ 525 $ الصلح القضائي ، أو الحكم الصادر بالتصديق على محضر الصلح ، بمثابة ورقة رسمية ، أي بمثابة سند واجب التنفيذ لتصديق القاضي عليه . ولكنه لا يعتبر حكماً ،فهو لا يخرج عن كونه عقداً ثم بين الخصمين ( [943] ) . ويجوز لكل منهما الطعن فيه ، ولكن ذلك لا يكون بالطرق المقررة للطعن في الأحكام ، لأنه لا يعتبر حكماً كما قدمنا ، وإنما يكون طريق الطعن فيه بدعوى أصلية ( [944] ) . فيجوز لكل من الطرفين أن يطلب في دعوى أصلية إبطال الحكم الصادر بالتصديق على محضر الصلح لنقص في الأهلية ( [945] ) ، أو لغلط في الواقع ، أو لتدليس ، أو لغير ذلك من أسباب البطلان ( [946] ) . على انه يجوز أخذ حق اختصاص بموجب هذا الحكم ، $ 526 $ لا لأنه حكم بالتطبيق للمادة 1085 مدني ، بل لأنه قد ورد في شأنه نص خاص يجيز أخذ حق الاختصاص ، وهو المادة 1087 مدني وتجري على الوجه الآتي : " يجوز الحصول على حق اختصاص بناء على حكم يثبت صلحاً أو اتفاقاً تم بين الخصوم . ولكن لا يجوز الحصول على حق اختصاص بناء على حكم صادر بصحة التوقيع " ( [947] ) .

ويجب تمييز الحكم الاتفاقي ( jugement conenu jugement d expedient ) عن الحكم الصادر بالتصديق على المحضر الصلح ( jungement d homologation ) السابق بيانه . وصورة الحكم الاتفاق هي أن يعمد الخصمان أثناء نظر الدعوى إلى الاتفاق على حسم النزاع ، فإذا كان المدعي يطالب المدعي عليه مثلاً بخمسمائة ، ثم يتفقان على أن يطالبه بأربعمائة ، ويسلم المدعي عليه بالطلبات المعدلة ، فلا يسع القاضي في هذه الحالة إلا أن يقضي بهذه الطلبات ( [948] ) . والحكم الصادر بذلك إنما هو في الواقع نتيجة صلح بين الخصمين واتفاق ، ولذلك سمى بالحكم الاتفاقى . ولكن هذا الحكم يختلف في طبيعته عن الحكم الصادر بالتصديق على محضر الصلح ، فإن هذا الحكم الأخير ليس حكماً كما قدمنا بل هو عقد وثقة القاضي في حدود سلطته الولائية ، بينما الحكم الاتفاقي هو حكم حقيقي صدر من $ 527 $ القاضي في حدود س لطته القضائية . ومن ثم يسرى على الحكم الاتفاقي طرق الطعن المقررة في الأحكام فلا يطعن فيه بدعوى مستقلة ( [949] ) ، ويخضع في تفسيره للقواعد المقررة في تفسير الأحكام لا في تفسير العقود ، ويجوز أخذ حق اختصاص بمقتضاه بموجب المادة 1085 مدني لا بموجب المادة 1087 ( [950] ) .

356 - إثبات عقد الصلح نص قانوني : تنص المادة 552 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " لا يثبت الصلح إلا بالكتابة أو بمحضر رسمي " ( [951] ) .

 $ 528 $ ولم يكن التقنين المدني السابق يشتمل على نص مماثل ، ولكن القضاء المختلط كان قد استقر على وجوب الكتابة لإثبات الصلح لأسباب ترجع إلى أن الصلح يتضمن عادة شروطاً واتفاقات معقدة إذ هي ثمرة المساومات الطويلة والأخذ والرد ، فإذا اعتمدنا في إثباتها على شهادة الشهود فإن ذاكرة الشهود قد لا تعي كل ذلك . هذا إلى أن الصلح قد شرع لحسم النزاع فلا يجوز أن يخلق هو نزاعاً آخر قد ينشأ عن إباحة إثباته بالبينة ، والى أن المتصالحين يحرصون عادة على إثبات ما اتفقوا عليه لحسم النزاع في ورقة مكتوبة ( [952] ) .

وقد قنن التقنين المدني الجديد القضاء المختلط في هذا الصدد ، فأوجب أن يكون إثبات الصلح بالكتابة للاعتبارات المتقدمة ، حتى لو كانت قيمة الصلح لا تزيد على عشرة جنيهات .

 $ 529 $ والكتابة لا تلزم إلا لإثبات الصلح ، فهي غير ضرورية لانعقاده لأن الصلح كما قدمناه من عقود التراضي . ويترتب على ذلك انه إذا لم توجد كتابة لإثبات الصلح ، جاز إثباته بالإقرار وباليمين ، ويجوز استجواب الخصم لاحتمال أن يقر الصلح .

كذلك يجوز إثبات الصلح بالبينة وبالقرائن ، ولو زادت قيمته على عشرة جنيهات ، إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي ، أو إذا فقد السند الكتابي الذي كان معداً من قبل لسبب أجنبي ( م 403 مدني ) .

ويجوز إثبات الصلح بالبينة وبالقرائن ، ولو زادت قيمته على عشرة جنيهات ، إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ( م 402 مدني ) . وهذه مسألة كان الفقه الفرنسي يذهب فيها مذهباً آخر ( [953] ) ، فكان لا يجيز الإثبات بالبينة أو بالقرائن ولو مع وجود مبدأ ثبوت بالكتابة ، لأن مبدأ الثبوت بالكتابة لا يكفي لتوضيح المسائل التي تناولها الصلح والاتفاقات التي تمت بشأنها ، فالاعتبارات التي استوجبت الإثبات بالكتابة ونبذ البينة والقرائن لا تزال قائمة حتى مع وجود مبدأ ثبوت بالكتابة . ولكن محكمة النقض الفرنسية قضت في عدة أحكام مطردة بجواز الإثبات بالبينة وبالقرائن إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ، وفقاً للقواعد العامة المقررة في هذا الشان ( [954] ) . أما في مصر ، فلا محل للشك في جواز إثبات الصلح ، $ 530 $ ولو زادت قيمته على عشرة جنيهات ، بالبينة وبالقرائن ، إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة . والمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي صريحة في هذا المعنى إذ تقول : " والكتابة لازمة للإثبات لا للانعقاد ، فيجوز الإثبات باليمين والإقرار ، ولكن لا يجوز الإثبات بالبينة أو بالقرائن ، ولو في صلح لا تزيد قيمته على عشرة جنيهات ، إلا إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ، أو إذا وجد مانع يحول دون الحصول على الكتابة " ( [955] ) .

كذلك يجوز إثبات الصلح بالبينة وبالقرائن ، ولو زادت قيمته على عشرة جنيهات ، إذا كان متعلقاً بنزاع تجاري ، ففي المسائل التجارية يجوز الإثبات بجميع الطرق أيا كانت القيمة ( [956] ) .

وغني عن البيان انه في الأحوال التي يجب فيها إثبات الصلح بالكتابة ، تكفي ورقة عرفية للإثبات . ومن باب أولى يكفي لإثبات الصلح المحضر الرسمي الذي تدون فيه المحكمة الصلح الواقع بين الخصوم ( [957] ) ، فإن المحضر الرسمي حجة بما جاء فيه إلى أن يطعن فيه بالتزوير ( [958] ) .

 $ 531 $ المبحث الثاني

شروط الصحة

357 - الأهلية والخلو من عيوب الرضاء : شروط الصحة في عقد الصلح ، كما في أي عقد آخر ، هي توافر الأهلية في المتصالحين وخلو إرادة كل منهما من العيوب .

المطلب الأول

الأهلية في عقد الصلح

358 - النصوص القانونية : تنص المادة 550 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " يشترط فيمن يعقد صلحاً أن يكون أهلا للتصرف بعوض في الحقوق التي يشملها عقد الصلح " ( [959] ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني المختلط السابق المادة 655 ( [960] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري

 $ 532 $

م 518 وفي التقنين المدني الليبي م 549 وفي التقنين المدني العراقي

م 699 وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1036 ( [961] ) .

ونرى من ذلك أن الأهلية الواجب توافرها في كل من المتصالحين هي أهلية التصرف بعوض في الحقوق التي تصالحا عليها ، لأن كلاً منهما ينزل عن جزء من ادعائه في نظير نزول الآخر عن جزء مقابل ، والنزول بمقابل عن حق مدعي به هو تصرف بعوض .

359 البالغ الرشيد : فإذا بلغ الإنسان الرشد ولم يحجز عليه ، كانت له أهلية كاملة في الصلح على جميع الحقوق .

غير أن هناك حالة خاصة لاحظ فيها المشرع حالة من أدرك سن الرشد وتحاسب مع وصيه السابق في شؤون الوصاية ، وصدر منه تعهد أو مخالصة لمصلحة هذا الوصي في خلال سنة من تاريخ تقديم الوصي للحساب . فقد فرض المشرع في هذه الظروف المريبة أن من أدرك سن الرشد في تلهفه على وضع يده على أمواله خضع لتأثير الولي السابق ، وتصالح معه على شؤون الوصاية ، وانتهي إلى إمضاء مخالصة للوصي أو تعهد عليه . فنصت المادة 52 من قانون الولاية على المال على أنه " يكون قابلاً للإبطال $ 533 $ كل تعهد أو مخالصة تصدر لمصلحة الوصي ممن كان في وصايته وبلغ سن الرشد ، إذا صدرت المخالصة أو التعهد خلال سنة من تاريخ تقديم الحساب المشار إليه في المادة 45 " . فالمخالصة التي أمضاها من بلغ سن الرشد ، أو التعهد الذي أخذه على نفسه لمصلحة الوصي ، فرض المشرع أنه صلح تم بين الطرفين ، ولكنه صلح فرضه الوصي على من كان قاصراً مستغلاً للظروف التي هو فيها ، فحصل منه على مخالصة أو ابتز منه تعهداً . فإذا صدرت هذه المخالصة أو هذا التعهد خلال سنة من تاريخ تقديم الوصي للحساب ، اكتملت القرينة التي فرضها القانون ، لأن هذه المدة ليست كافية لتخص الشخص من تأثير وصية السابق ، فيجعل المشرع هذه المخالصة أو هذا التعهد وهذا تعامل ينطوي في حقيقته على صلح قابلاً للإبطال ، فيجوز لمن كان قاصراً أن يطلب إبطال المخالصة أو التعهد ( [962] ) . ولكن بلغ سن الرشد وأصبح أهلاً للتصالح على جميع حقوقه كما هو أهل للتصرف في هذه الحقوق ، وإنما يرجع الإبطال للظروف التي قدمناها ، فقد أقام المشرع قرينة على أن التعامل في هذه الأحوال إنما يتم تحت الضغط والإكراه ، وهي قرينة قانونية لا تقبل إثبات للعكس ، فالإبطال يرجع إلى عيب في الإدارة وهو الإكراه المفترض ، لا إلى نقص في الأهلية . على أن دعوى الإبطال يرجع إلى عيب في الإدارة وهو الإكراه المفترض ، لا إلى نقص في الأهلية . على أن دعوى الإبطال هذه ، وإن كانت قائمة على أساس إكراه مفترض ، تعتبر $ 534 $ من الدعاوى المتعلقة بأمور الوصاية ، فلا تسقط إلا بمضي خمس سنوات من التاريخ الذي انتهت فيه الوصاية ( م 53 / 1 من قانون الولاية على المال ) ،بخلاف دعوى الإبطال للإكراه فإنها تسقط بثلاث سنوات من يوم انقطاع الإكراه أو بخمس عشرة سنة من وقت تمام العقد ( م 140 مدني ) ( [963] ) .

وما ذكرناه في خصوص التعهد أو المخالصة التي تصدر ممن كان قاصراً وبلغ سن الرشد لمصلحة وصية السابق ، يسرى أيضاً على التعهد أو المخالصة التي تصدر ممن كان محجوراً عليه وفك عنه الحجر لمصلحة القيم السابق .

360 - الصبي المميز والمحجور عليه : والصبي المميز ليست له في الأصل أهلية التصرف في أمواله ، فلا يملك الصلح على الحقوق . ويجوز لوليه إذا كان هو الأب أن يصالح على حقوقه ، ولكن يجب عليه الحصول على إذن المحكمة إذا كان محل الصلح عقاراً أو محلا تجارياً أو أوراقاً مالية تزيد قيمتها عل ثلثمائة جنيه ( م 7 من القانون الولاية على المال ) ، أو كان مالا موروثاً إذا كان مورث القاصر قد أوصى بألا يتصرف وليه في هذا المال فيجب هنا أيضاً الحصول على إذن المحكمة ( م 9 من القانون الولاية على المال ) . فإذا كان الولي هو الجد أو كان النائب عن القاصر وصياً ، فإنه لا يجوز له الصلح على حقوق القاصر إلا بإذن المحكمة ( [964] ) ( م 15 من قانون الولاية على المال للجد و م 39 من نفس القانون للوصي ) ، إلا فيما قل عن مائة جنيه مما يتصل بأعمال الإدارة بالنسبة إلى الوصي وحده ( [965] ) ( م 39 من قانون الولاية على المال ) . والمحجور عليه كالصبي المميز ، وولاية القيم $ 535 $ في الصلح على ماله كولاية الوصي في الصلح على مال القاصر ( [966] ) .

على أن الصبي المميز المأذون له في تسلم أمواله وقد بلغ الثامنة عشرة يجوز له الصلح في حدود أعمال الإدارة التي هو أهل لها ( [967] ) ( م 57 من قانون الولاية على المال ) . وكذلك الصبي المميز الذي بلغ السادسة عشرة ، فكانت له أهلية التصرف فيما يكسب من عمله من أجر أو غيره ، له أن يصالح على ما يكون له أهلية التصرف فيه من كسب ( [968] ) ( م 63 من قانون الولاية على المال ) . وللصبي المميز ، أيا كانت سنة ، أن يصالح أيضاً على ما يكون له أهلية التصرف فيه فيما يسلم له أو يوضع تحت تصرفه عادة من مال لأغراض نفقته ( م 61 من قانون الولاية على المال ) .

361 - الصبي غير المميز : أما الصبي غير المميز فلا يملك الصلح كما لا يملك التعاقد بتاتاً لانعدام إرادته . ويجوز للولي أو الوصي أن يصالح على حقوقه في الحدود التي بيناها عند الكلام في الصبي المميز ( [969] ) .

 $ 536 $

 المطلب الثاني

 عيوب الرضاء في عقد الصلح

362 - وجوب أن يكون الرضاء خالياً من العيوب : ورضاء كل من المتصالحين يجب أن يكون خالياً من العيوب ، فيجب ألا يكون مشوباً بغلط أو بتدليس أو بإكراه أو باستغلال ، شأن الصلح في ذلك شأن سائر العقود . وتستبقي الغلط لبحثه مستقلاً ، لأهمية الخاصة في عقد الصلح .

وإذا شاب الرضاء تدليس ، كان الصلح قابلاً للإبطال لمصلحة من دلس عليه وفقاً للقواعد العامة . فإذا زور شخص مستندات في نزاع قائم بينه وبين آخر ، فاعتقد الآخر صحة هذه المستندات وصالحه على هذا الأساس ، جاز له أن يطلب إبطال هذا الصلح للتدليس ( [970] ) . وإذا ربح سند جائزة وكتم بائع السند عن مشتريه هذا الأمر ، وطالبه بالفسخ لعدم دفع الثمن ، ثم صالحه على الفسخ ، فإن هذا الصلح يكون مشوباً بالتدليس ( [971] ) . وإذا ادعى شخص أنه قد وقع في الحاجة ، فدفع بذلك خصمه إلى قبول الصلح معه ، جاز إبطال الصلح للتدليس ( [972] ) . وإذا $ 537 $ دلس التاجر على دائنيه ، فحملهم على الصلح معه حتى يشهروا إفلاسه جاز للدائنين الطعن في الصلح بالتدليس ( [973] ) .

وإذا شاب الرضاء إكراه ، جاز أيضاً إبطال الصلح وفقاً للقواعد المقررة في الإكراه . فإذا هدد شخص آخر بإذاعة سر شائن يحط من قدره إذا لم يقبل صلحاً عرضه عليه ، فقبل الآخر الصلح تحت ضغط هذا التهديد ، جاز له أن يطلب إبطال الصلح للإكراه ( [974] ) .

وقد يشوب الصلح استغلال ،فتتبع القواعد المقررة في الاستغلال مثل ذلك أن يستغل شخص في شخص آخر طيشاً بيناً ، فيدفعه إلى قبول صلح يغبن فيه غلباً فادحاً ،فيجوز في هذا الحالة أن يرفع الطرف المستغل دعوى الاستغلال يطعن بها في الصلح ( [975] ) . 363 - الغلط في القانون في عقد الصلح نص قانوني : تنص المادة 556 من التقنين المدني على ما يأتي : " لا يجوز الطعن في الصلح بسب غلط في القانون " ( [976] ) .

 $ 538 $

وهذا النص استثناء صريح من القواعد العامة ، فإن هذه القواعد تقضي بأن الغلط في القانون كالغلط في الواقع يجعل العقد قابلا للإبطال . وقد نصت المادة 122 مدني في هذا الصدد على أن " يكون العقد قابلاً للمادتين السابقتين ، هذا ما لم يقض القانون بغيره " . وقد قضى القانون فعلاً ، في المادة 556 مدني السالفة الذكر ، بغير ما تقضي به القواعد $ 539 $ العامة ، وبأن الغلط في القانون في عقد الصلح لا يجعل الصلح قابلاً للإبطال ( [977] ) .

وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في تعليل هذا الاستثناء ما يأتي : " ويجب التمييز ما بين الغلط في فهم القانون ، وهذا لا يؤثر في الصلح علي خلافي القاعدة العامة ، والغلط في الوقائع ، وهذا يؤثر في الصلح سواء وقع في الشخص أو في صفته أو في الشيء محل النزاع أو في الباعث الخ ، ما دام الغلط جوهرياً . والسبب في أن الغلط في فهم القانون لا يؤثر في الصلح ، أن المتصالحين كانا وهما في معرض المناقشة في حقوقها يستطيعان التثبت من حكم القانون فيما قام بينهما من نزاع على هذه الحقوق . بل المفروض أنهما يثبتا من هذا الأمر ، فلا يسمع من أحد منهما بعد ذلك أنه غلط في فهم القانون " ( [978] ) .

وهذا التعليل التقليدي الذي يتردد كثيراً في الفقه الفرنسي ( [979] ) ، ينتقده الفقه الحديث ( [980] ) ، فلا شيء يبرر الخروج على القواعد العامة في الغلط في الصلح وجعل الغلط في القانون لا يؤثر في صحة العقد ( [981] ) . والقول $ 540 $ بأن المتصالحين كانا وهما في معرض المناقشة في حقوقهما يستطيعان التثبت من حكم القانون فيما قام بينهما من نزاع ، بل المقرض أنهما تثبتا من هذا الأمر ، لا يمنع من أنهما بالرغم من هذا التثبيت يقعان في غلط في القانون . وإذا كان لا بد من تعليل لهذا الحكم ، فالظاهر أن اقرب تعليل هو أن المتصالحين ، ما داما على بينة من الواقع ولم يقعا في غلط فيه ، إنما يتصالحان على حكم القانون في النزاع الذي بينهما . وسواء علما حكم القانون في هذا النزاع أو لم يعلماه ، فهما قد قبلا حسم النزاع بينهما على الوجه الذي اتفقا عليه مهما كان حكم القانون . فلو أن أحدهما كان في غلط في حكم القانون وتبين غلطه قبل أن يبرم الصلح ، لما منعه تبينه للغلط من أن يمضي في الصلح الذي ارتضاه . هذا هو ما أقترضه المشرع ، فجعل الغلط في القانون ليس بالغلط الجوهري في عقد الصلح ، وليس من شأنه إذا علمه من وقع فيه أن يمنع من التعاقد ( [982] ) .

ويتوسع القضاء الفرنسي في استبعاد الغلط في القانون كسبب لإبطال الصلح . من ذلك أنه إذا اختلط الغلط في القانون بغلط في الواقع ، ومن ثم كان ينبغي أن يكون الغلط في الواقع كافياً وحده لإبطال الصلح ، فإن القضاء الفرنسي يستظهر الغلط في القانون ويجعله يجب الغلط في الواقع $ 541 $ إذا كان هذا الغلط غير مغتفر ، ومن ثم لا يبطل الصلح إذ يقف عند الغلط في القانون وحده فإذا اصطلح شخصان في شأن سند باطل ، وكانا واقعين في غلط في الواقع وغلط في القانون ، في شأن هذا البطلان ، فإن الصلح مع ذلك لا يبطل للغلط إذا ظهر أنه كان ينبغي أن يدرك المتصالحان بطلان السند ( [983] ) . وإذا غلط أحد المتصالحين في جنسية المتعاقد معه ، فاختلط الغلط في الواقع بالغلط في القانون ، لم يعتد القضاء الفرنسي بالغلط في الواقع ووقف عند الغلط في القانون فلا يبطل الصلح ( [984] ) . وينتقد بعض الفقهاء هذا التوسع ويذهبون إلى أنه لو أن القضاء فسر حكم الغلط في القانون تفسيراً ضيقاً كما ينبغي باعتباره استثناء من القواعد العامة ، ولم يجعله يجب الغلط في الواقع إذا خالطه ، لصعب في العمل أن يوجد غلط في القانون دون أن يخالطه غلط في الواقع ، ولضاقت دائرة الاستثناء إلى حد كبير ( [985] ) .

وقد سار القضاء المصري في عهد التقنين المدني السابق على أن الغلط في القانون لا يكون سبباً في إبطال عقد الصلح ( [986] ) . وأكد التقنين المدني الجديد هذا الحكم بنص صريح ( م 556 مدني السالفة الذكر ) .

 $ 542 $

364 - الغلط في الحساب : كانت المادتة ت 536 / 658 من التقنين المدني السابق تنص على أنه " يجب تصحيح الغلط في أرقام الحساب " . ولم يحتفظ التقنين المدني الجديد بهذا النص اكتفاء بالنص الوارد في القواعد العامة ، وهو نص المادة 123 مدني ويجري على الوجه الآتي : " لا يؤثر في صحة العقد مجرد الغلط في الحساب ، ولا غلطات القلم ، ولكن يجب تصحيح الغلط " .

فإذا وقع في الصلح غلط في الحساب ، وكان هذا الغلط مشتركاً بين المتصالحين ( [987] ) كأن اتفق المتصالحان على الأسس التي يقوم عليها الصلح وتطبيقاً لهذه الأسس وضعا الأرقام المتفق عليها . ثم جمعت هذه الأرقام فوقع خطأ في الجميع ،فكان المجموع الصحيح ، لم يجز لمن وقع في نصيبه هذا المبلغ أن يحتج بهذا الخطأ وأنه إنما رضى بالصلح على أساس أن نصيبه مائتان وخمسون . بل يجب تصحيح الخطأ ، فيكون نصيبه مائتين وثلاثين ، ولا يبطل الصلح لهذا الخطأ ( [988] ) .

 $ 543 $

وكالغلط في الحساب غلطات القلم ، فإذا ذكر في عقد الصلح اسم أحد المتصالحين وكان ظاهراً أن المقصود هو المتصالح الآخر وجب تصحيح هذا الخطأ ووضع الاسم الصحيح مكان الاسم الخاطئ ،ولا يبطل الصلح لهذا الغلط ( [989] ) .

365 - الغلط في الواقع : أما الغلط في الواقع في عقد الصلح فيخضع للقواعد العامة ، ويكون سبباً لإبطال الصلح إذا كان جوهرياً أي بلغ حداً من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام الصلح ولو لم يقع في هذا الغلط ، وكان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبنه ( م 12 - م 121 مدني ) .

فإذا تسبب شخص في إصابة شخص آخر ، وتصالح المضرور مع المسئول أو شركة التأمين التي أمنت المسئول إذا كان للمضرور دعوى مباشرة ضد هذه الشركة ، فقد يقع المضرور في غلط في جسامة الإصابة وقت الصلح ، فيرضي بمبلغ قليل من المال معتقداً أن الإصابة يسيرة ، ثم يتبين بعد ذلك أن الإصابة من الجسامة بحيث تركت عنده عاهة مستديمة مثلاً ، بل قد تفضي الإصابة إلى موته . ففي مثل هذا الأحوال بجوز للمضرور أو وارثه أن يطلب إبطال الصلح لغلط جوهري وقع فيه ، وهذا الغلط في محل التعاقد ، فقد تصالح على إصابة ظن أنها يسيرة فإذا بها بلغت من الجسامة حداً كبيراً . ويجب أن تكون هذا الجسامة قد تكشفت عن ضرر يختلف في طبيعته عن الضرر الذي كان موجوداً وقت الصلح كحدوث عاهة مستديمة أو موت المصاب ، $ 544 $ أما مجرد تفاقم الضرر الذي كان موجوداً وقت الصلح فلا يعدو أن ينتج غبناً والغبن لا يؤثر في الصلح ( [990] ) . وقد عمدت شركات التأمين ،توقياً لإبطال الصلح ، أن تضع شروطاً تقضي بأن المضرور قد قبل الصلح على المبلغ الذي ارتضاه متنازلا عن المطالبة بأي مبلغ إضافي عن أي ضرر آخر تتكشف عنه الإصابة فيما بعد . فإذا عن القضاء الفرنسي لهذه الشروط ، وقضى بأن المضرور لا يستطيع معها أن يطلب إبطال الصلح للغلط ( [991] ) . ولكن الفقه ينتقد بحق هذا القضاء ، فتنازل المضرور عن المطالبة بأي تعويض إضافي لا يمنع من أن المضرور قد وقع في غلط وقت هذا التنازل ،ولا يكفي لافتراض لا يمنع من أن المضرور قد وقع في غلط وقت هذا التنازل ، ولا يكفي لافتراض إجازته لنتائج هذا الغلط أن يكون قد تنازل مقدماً عن أي تعويض إضافي في ورقة مطبوعة قدمتها له شركة التأمين فوقعها دون تدبر ، ولا تصح الإجازة الصادرة ممن وقع في غلط قبل أن يكشف عن هذا الغلط ( [992] ) .

 $ 545 $

366 - أمثلة أخرى للغلط في الواقع : وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على موارد أربع هي تطبيقات للغلط في الواقع ، وقد حذفت كلها في لجنة المراجعة لأن أحكامها مستفادة من القواعد العامة .

فكانت المادة 748 من المشروع التمهيدي تنص على أنه " 1 - يكون الصلح قابلاً للبطلان ، إذا كان قد أبرم تنفيذاً لسد باطل ، وكان المتعاقد يجهل هذا البطلان بسبب غلط مادي . والغلط مفروض لصالح من يدعيه ، إلا إذا أثبت العكس أما من عبارات العقد ذاته أو من إقرار من المدعي أو من نكو له عن اليمين . 2 - أما إذا وقع الصلح صراحة على البطلان السند ذاته ، فإن العقد يكون صحيحاً " .ويخلص من هذا النص أنه إذا تصالح شخص مع آخر على أساس سند باطل يتمسك به هذا الأخير وصية عدل عنها الموصي مثلا أو حق اختراع انقضت مدته فوقع في الملك العام_ فان المفروض أن الشخص الأول كان يجهل بطلان السند ، ولو علمه لما أقدم على الصلح . فهو قد وقع في غلط جوهري ، أما في الشيء وإما في الباعث ، ومن ثم يجوز إبطال الصلح للغلط ( [993] ) . ولا يكلف بإثبات غلطة ، لأن إقدامه على إبرام صلح أساسه سند باطل قرينة على أنه لا يعلم بالبطلان . ولا يستطيع الطرف الآخر أن يثبت علم الطرف الأول بالبطلان ليدفع مطالبته إياه بإبطال الصلح ، إلا بإقرار صادر من الطرف الأول أو بيمين وجهت إليه فنكل أو بدليل داخلي من عبارات عقد الصلح ذاته أما إذا كان بطلان السند هو ذاته محل الصلح ، بأن كان أحد الطرفين $ 546 $ يتمسك بصحة السند والآخر يتمسك ببطلانه ، فتصالحا ، فإن الصلح يكون صحيحاً ( [994] ) . وما قدمناه فيما عد حصر أدلة الإثبات مستفادة من القواعد العامة . فيؤخذ به دون حاجة إلى النص المحذوف ( [995] ) .

وكانت المادة 749 من المشروع التمهيدي تنص على أن " يكون الصلح قابلاً للبطلان إذا بنى على أوراق ثبت بعد ذلك أنها مزورة " ( [996] ) . ذلك أن من قبل الصلح بناء على أوراق كان يعتقد وقت الصلح أنها صحيحة ،ثم تبين بعد ذلك أنها مزورة ، يكون قد وقع في الغلط جوهري في الشيء أو في الباعث كما في الحالة السابقة ،ومن ثم يجوز له إبطال الصلح للغلط ( [997] ) . بل يجوز له أن يطلب إبطال الصلح للتدليس إذا ثبت أن المتعاقد الآخر هو الذي زور هذه الأوراق أو اشترك في تزويرها أو كان عالماً بهذا التزوير $ 547 $ وأخفاه عن المتعاقد الآخر ( [998] ) وما قدمناه مستفاد أيضاً من القواعد العامة ، فيؤخذ به دون حاجة إلى النص المحذوف ( [999] ) .

وكانت المادة 750 من المشروع التمهيدي تنص على أن " يكون الصلح قابلاًِ للبطلان إذا حسم نزاعاً سبق أن صدر بشأنه حكم نهائي ، وكان الطرفان أو أحدهما يجهل صدور هذا الحكم ( [1000] ) ذلك أن الصلح إنما جعل لحسم النزاع ، والنزاع سق حسمه بالحكم النهائي الذي صدر فيه ( [1001] ) ، فوقع الطرف الذي يجهل ذلك في غلط جوهري في الباعث ، ومن ثم جاز له أن يطلب إبطال الصلح للغلط ( [1002] ) . والأدق أن يقال في هذا الصدد أن الصلح باطل ، وليس قابلاً للإبطال فحسب ، لأن أحد مقومات الصلح وهوالنزاع قد انعدم ، فلا يكون الصلح قائماً ( [1003] ) . وما قدمناه هنا أيضاً مستفاد من القواعد العامة ، فيؤخذ به دون حاجة إلى النص المحذوف ( [1004] ) .

وكانت المادة 751 من المشروع التمهيدي تنص على ما يأتي :

 " 1 - إذا تناول الصلح جميع المنازعات القائمة بين الطرفين بوجه عام ، $ 548 $ ثم ظهرت بعد ذلك أوراق لم تكن معروفة وقت الصلح ، فلا يكون ذلك سبباً في بطلان العقد ، ما لم تكن هذه الأوراق قد أخفيت وكان ذلك بفعل أحد المتعاقدين . 2 - أما إذا لم يتناول الصلح إلا نزاعاً معيناً ، وظهرت بعد ذلك أوراق تثبت أن أحد المتعاقدين لم يكن له حق ما فيما يدعيه ، فإن الصلح يكون باطلاً " ( [1005] ) . ففي القرض الأول ، حيث يتناول الصلح جميع المنازعات القائمة بين الطرفين ، قصد بالصلح تسوية الموقف بوجه عام ، فلا يكون ظهور أوراق لم تكن معروفة وقت الصلح بذي بال ، لأن الصلح إنما قصد به حسم جميع المنازعات المتعلقة بما ظهر من أوراق وما لم يظهر . ولكن إذا كانت $ 549 $ الأوراق التي ظهرت فيما بعد قد أخفيت بفعل أحد المتعاقدين ، كان هذا تدليساً منه ، وجاز للمتعاقد الآخر أن يطلب إبطال الصلح للتدليس لا للغلط وفي الفرض الثاني ، حيث تناول الصلح نزاعاً معيناً بالذات ،فإن المقصود من الصلح ليس تسوية الموقف بوجه عام بين الطرفين ، بل حسم هذا النزاع . فإذا ظهرت بعد الصلح أوراق تثبت أن أحد المتعاقدين لم يكن له حق ما فيما يدعيه ، ولم يكن المتعاقد الآخر يعلم بهذه الأوراق ، فإنه يكون قد وقع في غلط جوهري في الشيء أو في الباعث ، شأنه في ذلك شأن من قبل الصلح بناء على أوراق مزورة ، ومن ثم يجوز له إبطال الصلح للغلط فإذا كان المتعاقد الآخر هو الذي أخفي هذا الأوراق أو اشترك في إخفائها ، جاز طلب إبطال الصلح للتدليس ( [1006] ) . وما قدمناه مستفاد أيضاً من القواعد العامة ، فيؤخذ به دون حاجة إلى النص المحذوف ( [1007] ) .

367 - عدم تجزئة الصلح عند بطلانه نص قانوني : وتنص المادة 557 من التقنين المدني على ما يأتي : " 1 - الصلح لا يتجزأ ، فبطلان جزء منه يقتضي بطلان العقد كله . 2 - على أن هذا الحكم لا يسري إذا تبين من عبارات العقد ، أو من الظروف ، أن المتعاقدين قد اتفقا على أن أجزاء العقد مستقلة بعضها عن بعض " ( [1008] )

 $ 550 $

وعدم تجزئة الصلح عند بطلانه ليس مقصوراً على البطلان بسبب الغلط ، بل هو يشمل جميع وجوه البطلان . فقد يكون الصلح قابلاً فلإبطال لنقص الأهلية أو للتدليس أو للإكراه أو للاستغلال ، وقد يكون الصلح باطلاً لعدم مشروعية المحل أو عدم مشروعية السبب ، فأيا كان السبب الإبطال أو البطلان فإن الصلح إذا أبطل أو قضي ببطلانه ( [1009] ) ، وكان يشتمل على أكثر من أمر وأحد ، فالأصل أن بطلان جزء منه يقتضي بطلان جميع الأجزاء ( [1010] ) . ولكن هذه القاعدة ليست من النظام العام ، $ 551 $ فيجوز أن تتجه نية المتعاقدين ، صراحة أو ضمناً ، إلى اعتبار أجزاء الصلح بعضها مستقلاً عن بعض ، فإذا بطل جزء منه ، بقيت الأجزاء الأخرى قائمة لأنها مستقلة عن الجزء الباطل ، وبذلك يتجزأ الصلح طبقاً لإدارة المتعاقدين ( [1011] ) .

فإذا تصالح شخص على أرض ومنزل ، ثم ظهر بعد ذلك أن هناك سندات مزورة تتعلق بالأرض هي التي دفعت المتصالح إلى الصلح عليها ، يطل الصلح في الأرض والمنزل معاً ، إلا إذا تبين من عبارات الصلح أو من الظروف أن المتعاقدين قد توافقا على أن أجزاء العقد مستقلة بعضها عن بعض ، وان الصلح قد تم على الأرض ولعى المنزل على أساس استقلال كل منهما عن الآخر ( [1012] ) .

وإذا تم الصلح بين عدة أطراف بينهم قاصر ، وطلب القاصر إبطال الصلح لنقص الأهلية فأبطل ، فإن الصلح يبطل أيضاً بالنسبة إلى من بلغوا سن الرشد ( [1013] ) ، ما لم يكن هؤلاء قد قصدوا أن يكون الصلح بالنسبة $ 552 $ إليهم مستقلاً عنه بالنسبة إلى القاصر ، فيسقط الصلح بالنسبة إلى القاصر ويبقى قائماً بالنسبة إليهم . فإذا أصيب ثلاثة في حادثة واحدة ، وكان أحدهم قاصراً ، وتصالح الثلاثة مع المسئول على المبلغ معين يتقاسمونه بالتساوي ، ثم طلب القاصر إبطال الصلح ، أبطل بالنسبة إليه وحده ، وبقى بالنسبة إلى الاثنين الآخرين ، لأن الظروف يستخلص منها أن صلح هذين الاثنين ليس مرتبطاً بصلح القاصر ( [1014] ) .

 $ 553 $

وإذا تم الصلح بين الجاني والمجني عليه على مبلغ معين من المال يعطيه الأول للثاني في مقابل أن ينزل المجني عليه من الدعوى الجنائية والدعوى المدنية ، وكان المقصود من الصلح ربط الدعويين إحداهما بالأخرى والنزول عنهما معاً ، كان الصلح باطلاً فيما يتعلق بالدعوى الجنائية لمخالفته للنظام العام ، ويقسط أيضاً فيما يتعلق بالدعوى المدنية لارتباط هذا الجزء بالجزء الأول . أما إذا تبين أن قصد الطرفين لم يكن ربط الدعويين إحداهما بالأخرى ، وان جزءاً معيناً من المال خصص للنزول عن الدعوى المدنية المستقلة عن الدعوى الجنائية ، بطل الصلح فيما يتعلق بالدعوى الجنائية ، وبقى قائماً فيما يتعلق بالدعوى المدنية ( [1015] ) .

 $ 554 $

 المحل الثاني

 المحل والسبب في عقد الصلح

 المبحث الأول

 المحل في عقد الصلح

368 - وجوب توافر الشروط العامة في المحل نص القانوني :

 الصلح كما قدمنا هو حسم نزاع عن طريق التضحية من الجانبين كل بجزء من ادعائه . فيكون محل الصلح إذن هو هذا الحق المتنازع فيه ، ونزول كل من الطرفين عن جزء مما يدعيه في هذا الحق . وقد يختص ، بموجب الصلح ، أحد الطرفين بكل الحق في مقابل مال يؤديه للطرف الآخر ، ويكون هذا المال هو بدل الصلح ( [1016] ) . فيدخل بدل الصلح ليكون هو أيضاً محل الصلح .

وأيا كان محل الصلح ، فإنه يجب أن تتوافر فيه الشروط التي يجب توافرها في المحل بوجه عام .فيجب أن يكون موجوداً ، ممكناً ، معيناً أو قابلاً للتعيين ( [1017] ) . ويجب بوجه خاص أن يكون مشروعاً ، فلا يجوز أن يكون مخالفاً للنظام العام . وتنص المادة 551 من التقنين المدني في هذا الصدد على ما يأتي : " لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية $ 555 $ أو بالنظام العام ، ولكن يجوز الصلح على المصالح المالية التي تترتب على الحالة الشخصية أو التي تنشأ عن ارتكاب إحدى الجرائم " ( [1018] ) .

 $ 556 $

369 - بطلان الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية والأهلية :

الحالة الشخصية للإنسان من النظام العام ، فليس لأحد باتفاق خاص أن يعدل من أحكامها . وكذلك الأهلية من النظام العام ، وقد نصت المادة 148 مدني على انه " ليس لأحد النزول عن أهليته ولا التعديل في أحكامها " .

ويترتب على ذلك أنه لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالأهلية . فلا يجوز أن يتصالح شخص من آخر على بنوته منه نفي أو بإثبات ، أو على صحة الزواج أو بطلانه ، أو على الإقرار بالجنسية أو نفيها ، أو على تعديل أحكام الولاية والوصاية والقوامة ، أو على حق الحضانة كما لا يجوز الصلح على الأهلية ، ومن كان غير أهل لا يجوز له أن يصالح غيره على أنه أهل ، أو كان أهلا ً لا يجوز له بالصلح النزول عن أهليته ، ولا يجوز الاتفاق صلحاً على التعديل من أحكام الأهلية .

ولكن يجوز الصلح على الحقوق المالية التي تترتب على الحالة الشخصية ( [1019] ) .فيجوز للمطلقة أن تنزل عن مؤخر صداقها وعن نفقة العدة . ويجوز لمن له حق النفقة على غيره أن ينزل عما يستحقه من نفقة مدة معينة ( [1020] ) ، لا أن ينزل عن حق النفقة ذاته . ويجوز للوارث أن $ 557 $ يتخارج مع بقية الورثة على نصيبه في الميراث ، لا أن يصالح على صفته كوارث ( [1021] ) .

ويجوز الصلح كذلك على المصالح المالية التي تترتب على الأهلية فيجوز للقاصر بعد بلوغه سن الرشد أن يصالح من تعاقد معه وهو قاصر على إجازة العقد بشروط معينة .

370 - بطلان الصلح على الجريمة : وإذا ارتكب شخص جريمة ، فلا يجوز له أن يصالح عليها ( [1022] ) ، لا مع النيابة العامة ولا مع المجني عليه ( [1023] ) ، $ 558 $ لأن الدعوى الجنائية من حق المجتمع وهي من النظام العام فلا يجوز الصلح عليها ( [1024] ) .

ولكن يجوز الصلح على الحقوق المالية التي تنشأ من ارتكاب الجريمة ، فيجوز الصلح على حق التعويض المدني . فإذا تصالح من ارتكب الجريمة مع المجني عليه على التعويض عن الضرر الذي أصاب الثاني ، لم يكن لهذا أن يطالب بالتعويض بعد هذا الصلح ، ولم يجز له أن يدعي مدنياً في الدعوى الجنائية المرفوعة على من ارتكب الجريمة ، ولا أن يرفع دعوى مدنية مستقلة بالتعويض ( [1025] ) .

ولكن إذا اتفق شخص مع آخر على أن يسحب شكوى جنائية قدمها ضده في مقابل مبلغ من المال ، لم يكن هذا صلحا ً على التعويض المدني بل صلحاً على حق الشكوى الجنائية ، وهذا الحق يدخل ضمن الدعوى الجنائية ، فيكون الصلح باطلاً ( [1026] ) . كذلك الصلح بين الدائن والمدين المحجوز عليه بعد تبديد المنقولات المحجوز عليها لا أثر له في الدعوى الجنائية الناشئة عن التبديد ، وإنما مقصورة على العلاقة المدنية مابين الدائن والمدين ( [1027] ) .

وإذا جاز الصلح بين المسئول والمجني عليه على التعويض المدني ، فإنه لا يجوز الصلح فيما بين المسئولين المتعددين على تحديد مسئولية كل منهم في مواجهة المجني عليه ، فتحدد هذه المسئولية من النظام العام ولا يجوز الصلح عليها ( [1028] ) .

 $ 559 $

371 - بطلاق الصلح على مسائل أخرى من النظام العام :

ولا يجوز الصلح على الضرائب والرسوم المستحقة إذا كان الحق في تحصيلها مقرراً بصفة نهائية وليس محلاُ للنزاع ، وإنما يجوز الاتفاق على تقسيطها ( [1029] ) . أما إذا كان الحق ذاته محلاً للنزاع ،جاز الصلح ، فيجوز الصلح على الرسوم الاختيارية التي تحصلها المجالس البلدية ( [1030] ) .

ولا يجوز الصلح على الأحكام المتعلقة بإيجار الأماكن ، فلا يجوز أن يتفق المستأجر مع المؤجر صلحاً على ان يدفعه له أجرة أكثر من الحد الأقصى المقرر قانوناً للأماكن ، وله أن يسترد ما دفعه زائداً . ولا يجوز الصلح على المسائل المتعلقة بقانون الإصلاح الزراعي فيما يتعلق بتعيين الحد الأقصى لأجرة الأراضي الزراعية .

ولا يجوز الصلح على أحكام القانون المتعلق بإصابات العمل . فإذا أصيب عامل واستحق تعويضاً بناء على هذا القانون ، لم يجز الصلح على هذا الحق إذ يعتبر من النظام العام . كذلك لا يجوز الصلح في كثير من المسائل المتعلقة بعقد العمل الفردي ، وهي المسائل التي تعتبر من النظام العام .

ولا يجوز الصلح على الفوائد الربوية ، فإذا تصالح المدين مع الدائن على أن يدفع له فوائد أكثر من الحد الأقصى المسموح به ، كان هذا الصلح باطلاً ، وجاز للمدين أن يسترد ما دفعه زائداً ( [1031] ) .

 $ 560 $

ولا يجوز الصلح على الأموال العامة للدولة ،فهذه تخرج عن التعامل ( [1032] ) .

ولا يجوز الصلح على بطلان التصرفات الراجع الىالنظام العام ، فلا يجوز الصلح على دين قمار أو دين سببه مخالف للآداب أو تعامل في تركة مستقبلة . لكن يجوز الصلح على إجازة عقد قابل للإبطال كما قدمنا .

 المبحث الثاني

 السبب في عقد الصلح

372 - السبب بالمعنى التقليدي : يذهب أنصار النظرية التقليدية في السبب الىان السبب في عقد الصلح هو الغرض المباشر الذي من أجله التزام المدين ، فيكون سبب التزام كل متصالح هو نزول المتصالح الآخر عن جزء من ادعائه . وعلى هذا الوجه يختلط السبب بالمحل في عقد الصلح اختلاطاً تاماً ( [1033] ) .

ومن الفقهاء من يجعل السبب في عقد الصلح هو حسم نزاع قائم أو محتمل ، فإذا لم يكن هناك نزاع ، أو كان النزاع قد حسمه حكم نهائي ، فالصلح يكون باطلاً لانعدام السبب ( [1034] ) . ويعتبر هؤلاء الفقهاء $ 561 $ وجود النزاع هو السبب الفني للصلح ، يميزه عن غيره من العقود ( [1035] ) ،ونحن نرى أن وجود نزاع بين المتصالحين هو من مقومات الصلح وليس سبباً له ، فالصلح لا يقع إلا على نزاع قائم أو محتمل وإلا لم يكن العقد صلحاً ومن ثم يكون النزاع محلاً لعقد الصلح لا سبباً له ، والأدق أن يقال أن محل الصلح هو الحق المتنازع فيه ( [1036] ) .

373 - السبب بالمعنى الحديث : والصحيح في نظرنا أن السبب في عقد الصلح هو السبب الذي تقول به النظرية الحديثة ، وهو الباعث الدافع للمتصالحين على إبرام الصلح .

فهناك من يدفعه إلى الصلح خشيته أن يخسر دعواه ، أو عزوفه عن التقاضي بما يستتبع من إجراءات طويلة ومصروفات كثيرة ، أو خوفه من العلانية والتشهير . وهناك من يكون الدافع له على الصلح الإبقاء على صلة الرحم ، أو على صداقة قديمة ، أو الحرص على استبقاء عميل له مصلحة في استبقائه . وكل هذه البواعث يكون مشروعاً .

أما الصلح الذي يكون الدافع إليه سبباً غير مشروع ، فإنه يكون $ 562 $ باطلاً . ومن ثم إذا صالح شخص امرأة للمحافظة على علاقة بها آثمة ، أو صالح شخص آخر على نزاع متعلق بإيجار دار حتى يتمكن من إدارتها للعهارة ، أو حتى يتمكن من إدارتها للمقامرة ، فكل هذه البواعث غير مشروعة ، ومتى كان الطرف الآخر على علم بها فإن الصلح يكون باطلاً لعدم مشروعية السبب ( [1037] ) .

 $ 563 $

 الفصل الثاني

 آثار الصلح

374 - الصلح مجسم النزاع وله أثر كاشف نسبي :أثر الصلح هو حسم النزاع الذي وقع عليه : والصلح في الأصل يكشف عن الحقوق لا ينشئها ، وأثره نسبي بالنسبة إلى الأشخاص وبالنسبة إلى السبب .

فتتكلم في موضوعين : ( 1 ) حسم النزاع ( 2 ) الأثر الكاشف والأثر النسبي .

 الفرع الأول

 حسم النزاع

 375 - كيف ينحسم النزاع بالصلح وطرق الالتزام بما تم الصلح عليه : إذا أبرم صلح بين طرفين ، فإن هذا الصلح يحسم النزاع بينهما عن طريق انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها كل من الطرفين . ويستطيع كل من الطرفين أن يلزم الآخر بما تم عليه الصلح ، أو يطلب فسخ الصلح إذا لم يقم الطرف الآخر بما التزم به .

فنبحث إذن مسألتين : ( 1 ) كيف ينحسم النزاع بالصلح . ( 2 ) طرق الإلزام بالصلح .

 $ 564 $

 المبحث الأول

 كيف ينحسم النزاع بالصلح

376 - انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها كل من الطرفين مع تفسير التنازل طيفاً : ينحسم النزاع بالصلح بأن تنقضي الحقوق والادعاءات التي نزل عنها كل من الطرفين ، على أن يفسر هذا التنازل تفسيراً ضيقاً .

 المطلب الأول

انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها كل من الطرفين

377 - النصوص القانونية : تنص المادة 553 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - تنحسم بالصلح المنازعات التي تناولها " .

 " 2 - ويترتب عليه انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها أي من المتعاقدين نزولاً نهائياً " ( [1038] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن النص ليس إلا تطبيقاً لمقتضى عقد الصلح .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 521 - وفي التقنين المدني الليبي م 552 - وفي التقنين المدني العراقي $ 565 $ م 712 - 715 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1041 ( [1039] ) .

ويتبين من النص السالف الذكر أن الصلح له أثران : ( 1 ) انقضاء ما نزل عنه كل من المتصالحين من ادعاءاته . ( 2 ) ويترتب على انقضاء ادعاء كل منهما أن يخلص للطرف الآخر ما نزل عنه الطرف الأول .

فللصلح إذن أثر انقضاء وأثر تثبيت ( [1040] ) .

 $ 566 $

378 - أثر الانقضاء : إذا تنازع شخصان على ملكية دار وأرض مثلا ، ثم تصالحا على أن تكون الدار لأحدهما والأرض للأخر ، فهذا الصلح عقد ملزم للجانبين . يلزم من خلصت له الدار أن ينزل عن ادعائه في ملكية الأرض ، ويلزم من خلصت له الأرض أن ينزل عن ادعائه في ملكية الدار .

فلا يجوز لمن خلصت له الدار أن يعود من جديد ينازع الطرف الآخر في ملكية الأرض ، وإذا عاد إلى هذا النزاع جاز للطرف الآخر أن يدفع بالصلح أو أن يطلب فسخه على النحو الذي سنراه . كذلك لا يجوز لمن خلصت له الأرض أن ينازع الطرف الآخر في ملكية الدار ، وإلا دفع هذا بالصلح أو طلب فسخه ( [1041] ) .

379 - أثر التثبيت :وفي المثل المتقدم للصلح أثر تثبيت كما له أثر انقضاء ، والأثر الأول يترتب حتما على الأثر الثاني .

فمن خلصت له الدار قد تثبتت ملكيته فيها ، إذ نزل الطرف الأول عن ادعائه لهذه الملكية .

ومن خلصت له الأرض قد تثبتت ملكيتها فيها ، هو أيضاً ، إذا نزل الطرف الآخر عن ادعائه لملكيتها .

وسنرى أن أثر التثبيت هذا أثر كاشف ، فلا يعتبر الصلح قد نقل ملكية الدار لمن خلصت له ، ولا ملكية الأرض لمن اختص بها ( [1042] ) .

 $ 567 $

وسنرى أيضاً أن التثبيت له أثر نسبي ، فهو مقصور على المحل الذي وقع عليه ، وعلى الطرفين اللذين وقع بينهما ، وعلى السبب الذي وقع من أجله ،

 المطلب الثاني

 تفسير التنازل تفسيراً ضيقاً

380 - النصوص القانونية :تنص المادة 555 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " يجب أن تفسر عبارات التنازل التي يتضمنها الصلح تفسيراً ضيقاً ، وأيا كانت تلك العبارات فإن التنازل لا ينصب إلا على الحقوق التي كانت وحدها بصفة جلية محلاً للنزاع الذي حسمه الصلح " ( [1043] ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 534 / 656 ( [1044] ) .

ويقابل في التقنينات العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 523 - وفي التقنين المدني الليبي م 554 - ولا مقابل له في التقنين المدني $ 568 $ العراقي ويقابل في تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1044 ( [1045] ) .

381 - قاضي الموضوع هو الذي يفسر الصلح : وقاضي الموضوع هو الذي يفسر عقد الصلح ، شأن الصلح في ذلك شأن غيره من العقود ولا يخضع قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض في التفسير ، ما دام يستند في تفسيره إلى أسباب سائغة ، وما دام لم مسخ العقد ، وإلا نقض حكمه ( [1046] ) . ويقدر قاضي الموضوع بوجه خاص ما إذا كان الصلح قابلا للتجزئة تبعاً لقصد العاقدين ، إذ الأصل في الصلح كما قدمنا أنه غير قابل للتجزئة ما لم يتبين من عبارات العقد أو من الظروف أن المتعاقدين قد اتفقا على أن أجزاء العقد مستقلة بعضها عن بعض ( 557 / 2 مدني ) ، وقد تقدم بيان ذلك ( [1047] ) .

على أنه لما كان الصلح يحسم نزاعاً معيناً بين طرفين عن طريق نزول كل منهما عن جزء من ادعائه ، فإن هذا النزول المتبادل يجب أن يفسر تفسيراً ضيقاً ، ويجب في الوقت ذاته أن يكون أثر الصلح مقصوراً على النزاع الذي تناوله ( [1048] ) .

 $ 569 $

382 - التفسير الضيق لعقد الصلح : تنازل المتصالح عن جزء من ادعائه يجب أن يفسر تفسيراً ضيقاً ، شأن التنازل في الصلح في هذا التفسير الضيق شأن كل تنازل . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ويجب أن تفسر عبارات التنازل التي يتضمنها الصلح بمعناها الضيق ، فإذا تضمن الصلح تنازلاً عن الفوائد الدين مثلاً ، فسر التنازل بأنه مقصور على ما استحق منها على ما سيستحق " ( [1049] ) .

وإذا تصالح أحد الورثة مع الورثة الآخرين على استحقاق في التركة ، وجب أن يفسر الصلح على أن الوارث إنما تصالح على استحقاقه باعتباره وارثاً . فإذا ظهر بعد ذلك أن المورث قد أوصى له بمال في التركة ، فإن الصلح لا يتناول هذه الوصية ، وللوارث أن يرجع بالموصى به على التركة ، ولا يحتج عليه بالصلح .

وإذا تصالح الشريك مع شركائه على ما يستحق من أرباح في الشركة ، فإن هذا الصلح لا يشمل إلا ما استحقه فعلاً من أرباح ، لا ما قد يستحقه في المستقبل .

وإذا تصالح المضرور مع المسئول على التعويض المستحق له بسبب الإصابة ، فإن الصلح يجب هنا أيضاً أن يفسر تفسيراً ضيقاً ، فلا يشتمل إلا الإصابة التي كانت ظاهرة وقت الصلح ، فإذا ظهرت مضاعفات بعد ذلك ، فتولد عن الإصابة عاهة مستديمة مثلاُ أو مات المصاب من $ 570 $ أثر الإصابة ، فإن الصلح لا يكون قد تناول شيئاً من ذلك ، وللمضرور أو لوثته من بعده أن يرجع بتعويض آخر على المسئول بسبب ما جد من الضرر ، ولا يحتج عليه بالصلح السابق ( [1050] ) . وقد سبق أن تناولنا هذه المسألة ، وقلنا إنه حتى لو تصالح المضرور مع المسئول على جميع الضرر الذي يحدث له فإن ذلك لا يمنع من أن يكون المضرور قد وقع في غلط جوهري في شأن هذا الضرر ، ولم يكن يتوقع أن الإصابة ستؤدي إلى عاهة مستديمة أو تقضى إلى موته ، ومن ثم يجوز له أو لورثته أن يطلب إبطال الصلح للغلط . وحتى إذا نزل المصاب في الصلح عن حقه في المطالبة بأي تعويض إضافي ، فإن كل لا يكفي لافتراض إجازة لنتائج هذا الغلط الجوهري ، لأن الإجازة الصادرة ممن وقع في غلط لا تصح قبل أن يكشف عن هذا الغلط ( [1051] ) .

383 - الأثر النسبي للمصلح فيما يتعلق بالمحل : ومما يترتب على تفسير الصلح تفسيراً ضيقاً أنه يجب أن يكون أثر الصلح مقصوراً على النزاع الذي تناوله ، دون أن يمتد إلى أي شيء آخر ( [1052] ) . على أن هذا الأثر النسبي هو أثر العقد بوجه عام ، فالعقد يقتصر أثره على من كان $ 571 $ طرفاً فيه وعلى المحل الذي تناوله . ولكن الصلح في هذا الصدد أكثر بروزاً ، لأن القاعدة فيه أن يكون تفسيره ضيقاً . فإذا تصالح وارث مع بقية الورثة على ميراث اقتصر الأثر على الميراث الذي تناوله الصلح ، ولا يتناول إلا الوصية الذي وقع النزاع بشأنها فلا يشمل وصية أخرى للموصى له تظهر بعد ذلك ( [1053] ) .

 $ 572 $ وهذا الأثر النسبي للصلح فيما يتعلق بالمحل يجعل الصلح كقوة الأمر المقضي في شروطه ، فلا يحتج بالصلح إلا في نزاع اتحد فيه المحل والسبب والخصوم . وسنرى فيما يلي ي ، عند الكلام في الأثر النسبي للصلح ، وجوب اتحاد السبب والخصوم ،كما رأينا هنا وجوب اتحاد المحل .

 المبحث الثاني

 طرق الإلزام بالصلح

384 - طريقان : إذا أبرم الصلح بين طرفين ، استطاع كل طرف أن يلزم الآخر بهذا الصلح ، فيمنعه من تجديد النزاع عن طريق الدفع بالصلح . وقد يوضع في العقد شرط جزائي يوقع على من يخل بالتزامه بمقتضى عقد الصلح أو يرجع إلى النزاع الذي انحسم .

كما يجوز ، إذا أخل أحد المتصالحين بالتزاماته في الصلح ، أن يطلب المتصالح الآخر فسخ العقد ، إذ الصلح عقد ملزم للجانبين كما قدمنا فإذا أخل أحد المتعاقدين بالتزاماته جاز للأخر طلب الفسخ .

 المطلب الأول

 الدفع بالصلح والشرط الجزائي

385 - الدفع بالصلح : إذا انحسم النزاع بالصلح ، لم يجز لأي من المتصالحين أن يجدد هذا النزاع ، لا بإقامة دعوى به ، ولا بالمضي في $ 573 $ الدعوى التي كنت مرفوعة ، ولا بتجديد هذه الدعوى ويستطيع المتصالح الآخر أن يدفع بالصلح الدعوى المقامة أو المطلوب المضي فيها أو المجددة ( [1054] ) .

وإذا كانت الدعوى مرفوع ة بين خصمين ، واصطلحا ، انتهت الدعوى بالصلح . ولا يصح الاستمرار في إجراءات الدعوى بعد الصلح ،وتنقضي ولاية المحكمة على الخصومة ، فلا يصح أن تحكم فيها حتى بالمصروفات . وإذا لم يكن الخصمان قد اتفقا في الصلح على شيء فيما يتعلق بالمصروفات ، تحمل كل خصم ما صرفه ( [1055] ) . ولا يجوز بعد الصلح وانقضاء الدعوى أن يتدخل خصم ثالث أضر الصلح بحقوقه ، وليس له إلا أن يرفع دعوى مستقلة بذلك ( [1056] ) .

 $ 574 $

ولما كان الدفع بالصلح لا يعتبر من النظام العام ، فإنه لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض ، ولكن يجوز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ( [1057] ) .

فإذا انقضت الدعوى بالصلح ، لم يبق أمام الخصم الذي له مطعن على هذا الصلح إلا أن يرفع دعوى مستقلة أما م المحكمة المختصة يطعن بها في الصلح ( [1058] ) ، كأن يطلب إبطاله لغلط في الواقع أو لتدليس أو لإكراه ، أو يطلب بطلانه لعدم مشروعية المحل أو لعدم مشروعية السبب . ويجوز لدائن المتصالح أن يطعن في الصلح بالدعوى إنما وقع تواطؤا ما بين المتصالحين إضراراً بحقوقه ، ولا بد من التواطؤ لأن الصلح من عقود المعاوضة كما قدمنا ، وتسري هنا القواعد العامة المقررة في الدعوى البولصية ( [1059] ) .

 $ 575 $

وإذا أراد أحد المتصالحين تنفيذ الصلح وامتنع الآخر ، ولم يكن الصلح في ورقة واجبة التنفيذ ، وجب رفع دعوى مستقلة أمام المحكمة المختصة ، بتنفيذ الصلح أو بفسخه .

386 - الموازنة بين الصلح والحكم : وهناك شبه بين الصلح والحكم في أن كلا منهما يحسم النزاع ، وفي أن الدفع بالصلح كالدفع بقوة الأمر المقضي يقتضي وحدة الخصوم والمحل والسبب . وقد بالغ التقنين المدني الفرنسي في هذا التشبيه ، حتى أنه نص في المادة 2052 / 1 منه على أن " الصلح ، فيما بين الطرفين ، له قوة الأمر المقضي " .

ولكن الصلح مع ذلك يختلف عن الحكم من وجوه عدة :

1 - فالصلح قد يقع دون أن تكون هناك دعوى مرفوعة فيحسم نزاعاً محتملاً ، أما الحكم فلا يصدر إلا في دعوى مرفوعة فيحسم نزاعاً قائماً . وإجراءات الحكم مرسومة في قانون المرافعات ، أما الصلح فعقد كسائر العقود يتم بتوافق الإيجاب والقبول كما قدمنا .

2 - والصلح في الأصل لا يقبل التجزئة إلا إذا قصد المتعاقدان أن تكون أجزاؤه مستقلة بعضها عن بعض ، أما الحكم فتمكن تجزئته إذا طعن فيه بوجه من وجوه الطعن ، فيلغي جزء منه ويبقى الجزء الآخر .

 3 - والصلح يجوز الطعن فيه بعيب من عيوب الإدارة ، ولكن $ 576 $ لا يجوز الطعن فيه لغلط في القانون . أما الحكم فلا يجوز الطعن فيه بعيب من عيوب الإدارة ، ويجوز الطعن فيه لغلط في القانون . وطرق الطعن في الحكم مقررة في قانون المرافعات ، أما الطعن في الصلح فلا يكون إلا بدعوى مستقلة كما سبق القول .

4 - والصلح يتبع في تفسيره الطرق المقررة في تفسير العقود ، أما الحكم فله طرق خاصة في طلب تفسيره بينها قانون المرافعات .

5 - والصلح ، ما لم يكن مصدقاً عليه من المحكمة أو كان في ورقة رسمية ، لا يجوز تنفيذه إلا بدعوى مستقلة . أما الحكم فيجوز تنفيذه طبقاً للقواعد المقررة في قانون المرافعات . ولا يجوز أخذ حق اختصاص بالصلح به متى أصبح حكماً واجب التنفيذ ( [1060] ) .

387 - الشرط الجزائي المقترن بالصلح : ويجوز أن يضع المتصالحان في عقد الصلح شرطاً جزائياً للتأخير في تنفيذه أو كجزء على الطعن فيه فتتبع في ذلك القواعد العامة المقررة في الشرط الجزائي .

فإذا كان الشرط الجزائي مقرراً للتأخير في تنفيذ الصلح ، وتأخر أحد المتصالحين في تنفيذ التزاماته ، جاز للمتصالح الآخر أن يطالبه بالتنفيذ وان يطلب تطبيق الشرط الجزائي للتعويض عن الضرر الذي أصابه بسبب التأخر في التنفيذ . ولكن إذا ثبت من تأخر في تنفيذ التزاماته أن الطرف الآخر $ 577 $ لم يلحقه ضرر بسبب هذا التأخير ، لم يكن الشرط الجزائي مستحقاً ( م 224 / 1 مدني ) . كذلك يجوز للقاضي أن يخفض التعويض المنصوص عليه في الشرط الجزائي ، إذا أثبت من تأخير في تنفيذ الصلح أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة ( م 224 / 2 مدني ) . وليس في كل هذا إلا تطبيق القواعد العامة المقررة في الشرط الجزائي .

وإذا كان الشرط الجزائي مقرراً كجزاء على الطعن في الصلح وطعن أحد المتصالحين فيه ، وجب التربص حتى تعرف نتيجة هذا الطعن . فإذا نجح الطاعن في طعنه وأسقط الصلح ، ولم يكن الشرط الجزائي مستحقاً إذ هو يسقط مع سقوط الصلح . أما إذا لم ينجح الطاعن في طعنه وبقى الصلح قائماً ، فإن الطرف الآخر يستطيع أن يرجع بالشرط الجزائي على الطرف الذي لم ينجح في الطعن ، مع جواز تخفيضه إذا كان مبالغاً فيه على الوجه الذي قدمناه .

وبطلان الصلح يستتبع بطلان الشرط الجزائي كما سبق القول ( [1061] )

 المطلب الثاني

 فسخ الصلح

388 - قول بعدم جواز فسخ الصلح : الصلح كما قدمنا عقد ملزم للجانبين ، فيرد عليه الفسخ وفقاً للقواعد العامة المقررة في نظرية العقد . ولكن فريقاً من الفقهاء في فرنسا اعترضوا على جواز فسخ الصلح ، وبنوا هذا الاعتراض على أن الصلح كاشف للحق كما سنرى . فإذا تصالح وارثان تنازعا على ميراث دار وأرض ، فاختص أحدهما بالدار $ 578 $ والآخر بالأرض ، اعتبر كل منهما مالكاً لما اختص به لا بعقد الصلح بل بالميراث . فلا يتصور إذن فسخ الصلح في هذه الحالة ، ما دام كل منهما قد أقر للآخر بملكية ما أختص به ، والإقرار إخبار لا إنشاء فلا يتصور فسخه . أما إذا تضمن الصلح نقل حق لا مجرد الكشف عنه ، فعند ذلك يجوز الفسخ . مثل ذلك أن يتنازع شخصان على أرض ، فيتصالحا على أن يختص أحدهما بالأرض في نظير أن يدفع مبلغاً من المال للآخر . فهنا الصلح قد كشف عن حق الأول في الأرض ، ونقل للثاني حقاً في المال بدل الصلح . فإذا لم يف الأول بالتزامه من دفع المال إلى الثاني ، جاز للثاني المطالبة بفسخ الصلح ( [1062] ) .

389 - جواز فسخ الصلح : ولكن الرأي المتقدم لم يسد لا في القضاء ( [1063] ) ولا في الفقه ، وذهب أكثر الفقهاء ( [1064] ) إلى جواز المطالبة بفسخ الصلح كما هو الأمر في سائر العقود الملزمة للجانبين ( [1065] ) .

 $ 579 $

فإذا نازع المدين الدائن في الدين ، وتصالحا على أن ينزل الدائن عن جزء من الدين ويدفع المدين الباقي ، ثم أخل المدين بالتزامه فلم يدفع الجزء من الدين الذي تعهد بدفعه في عقد الصلح ، جاز للدائن أن يطلب فسخ الصلح ومطالبة المدين بكل الدين ( [1066] ) . ويجوز للدائن في هذه الحالة أن يطالب بتنفيذ الصلح لا بفسخه ، فيجبر المدين على دفع الجزء من الدين الذي تعهد بدفعه في عقد الصلح ، ولا يستطيع المدين عند ذلك أن ينازع في هذا الجزء فقد حسم النزاع في شأنه بالصلح .أما إذا طلب الدائن فسخ الصلح ففسخ ، جاز للمدين الرجوع إلى النزاع القديم عند مطالبته بكل الدين ، فقد فسخ الصلح الذي كان قد حسم هذا النزاع .

وفسخ الصلح تجري فيه القواعد العامة المقررة في فسخ العقود . فيجوز لأي من المتصالحين ، إذا أخل الآخر بالتزامه ، أن يطلب إما تنفيذ الصلح إذا أمكن التنفيذ عيناً وإما فسخ الصلح . وللقاضي حق تقدير طلب الفسخ ، وله أن يرفضه ويمنح مهلة للطرف المتخلف حتى $ 580 $ وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يتضمن نصاً صريحاً في جواز فسخ الصلح ، فكانت المادة 753 من هذا المشروع تنص على أنه " إذا لم يقم أحد المتعاقدين بما التزم به في الصلح ، جاز للطرف الآخر أن يطالب بتنفيذ العقد إذا كان هذا ممكناً ، وإلا كان له أن يطلب فسخ العقد ، دون إخلال بحقه في التعويض في الحالتين " ( [1067] ) . وقد حذفت هذه المادة في لجنة المراجعة " لأن حكمها مستفاد من القواعد العامة " ( [1068] ) .

 $ 581 $

 الفرع الثاني

 الأثر الكاشف والأثر النسبي للصلح

 المبحث الأول

 الأثر الكاشف للصلح

390 - النصوص القانونية : تنص المادة 554 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " للصلح أثر كاشف بالنسبة إلى ما تناوله من الحقوق ، ويقتصر هذا الأثر على الحقوق المتنازع فيها دون غيرها " ( [1069] ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 537 / 659 ( [1070] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 522 - وفي التقنين المدني الليبي م 553 - وفي التقنين المدني العراقي م 716 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1043 ( [1071] ) .

 $ 582 $

ويخلص من هذا النص أن الأثر الكاشف للصلح مقصور على الحقوق المتنازع فيها دون غيرها ، فإذا شمل الصلح حقوقاً غير المتنازع فيها وهو ما يسمى بدل الصلح كان الأثر ناقلاً لا كاشفاً .

391 - الأثر بالنسبة إلى الحقوق المتنازع فيها : لم يكن التقنين المدني السابق يتضمن نصاً صريحاً في أن للصلح أثراً كاشفاً ، ولكنه نص على نتيجة من نتائج الأثر الكاشف في إبقاء التأمينات التي كانت للحق الذي وقع فيه الصلح ( م 537 / 659 ) ، لأن الأثر الكاشف يمنع من تجديد هذا الحق فتبقى التأمينات التي كانت له . وقد آثر التقنين المدني الجديد أن يورد نصاً صريحاً عاماً في الأثر الكاشف للصلح ، هو نص المادة 554 سالفة الذكر .

ومعنى أن للصلح أثراً كاشفاً بالنسبة إلى الحقوق المتنازع فيها أن الحق الذي يخلص للمتصالح بالصلح يستند إلى مصدره الأول لا إلى الصلح . فإذا اشترى شخصان داراً في الشيوع ، ثم تنازعا على نصيب كل منهما في الدار ، وتصالحا على أن يكون لكل منهما نصيب معين ، $ 583 $ اعتبر كل منهما مالكاً لهذا النصيب لا بعقد الصلح بل بعقد البيع الذي اشتريا به الدار في الشيوع ، واستند بذلك حق كل منهما إلى مصدره الأول لا إلى الصلح . وإذا نزل الدائن بعقد عن جزء من الدين المتنازع فيه للمدين على أن يدفع المدين الجزء الباقي ، فهذا الجزء الباقي لا يزال مصدره العقد وهو المصدر الأول فتبقى التأمينات التي كانت للدين . وإذا تنازع شخصان على أرض ومنزل كان يملكهما مورث مشترك ، فاصطلحا على أن يختص أحدهما بالأرض والأخر بالمنزل ، اعتبر كل منهما مالكاً لما اختص به ، لا من وقت الصلح بل من وقت موت المورث ، وأنه قد ملك لا بالصلح بل بالميراث ( [1072] ) .

وتذهب النظرية التقليدية في تعليل هذا الأثر الكاشف إلى أن الصلح هو إقرار من كل من المتصالحين لصاحبه ، والإقرار إخبار لا إنشاء ، فهو يكشف عن الحق لا ينشئه ( [1073] ) . ولما اعترض على هذه النظرية بأن $ 584 $ غرض كل من المتصالحين ليس هو الإقرار لصاحبه ، وإنما هو حسم النزاع بينهما بتنازل كل منهما عن جزء من ادعائه ، رد على هذا الاعتراض بأن هذا التنازل عن الادعاء يفترض فيه أنه إقرار من المتصالح لصاحبه كشف عن الحق ، فيكون الأثر الكاشف للصلح إنما هو محض افتراض ( fiction ) ( [1074] ) .

والنظرية الحديثة في تفسير الأثر الكاشف تذهب إلى أن المتصالح في الواقع من الأمر لا يقر لصاحبه ، وإنما هو ينزل عن حق الدعوى في الجزء من الحق الذي سلم به . فهذا الجزء من الحق قد بقى على وضعه الأول دون أن يتغير ، وإنما الصلح قد حسم النزاع فيه فخلص لصاحبه . ومن ثم يكون للصلح أثران ، فهو قاض على النزاع من حيث خلوص الحق ، وهو كاشف عن الحق من حيث بقاء الحق على وضعه الأول ( [1075] ) .

392 - النتائج التي تترتب على الأثر الكاشف الصلح : ونذكر من النتائج التي تترتب على الأثر الكاشف للصلح ما يأتي :

أولاً : لا يعتبر المتصالح متقلياً الحق المتنازع فيه من المتصالح الآخر ولا يكون خلفاً له في هذا الحق . ومن ثم لا يستطيع في مواجهة الغير أن يستعين بمستندات الطرف الآخر ( [1076] ) . فإذا خلصت لأحد المتصالحين ملكية دار ، ثم نازعه أجنبي غير المتصالح معه في هذه الدار ، لم يستطيع وهو يتمسك بالتقادم في مواجهة هذا الأجنبي أن يضم مدة حيازة المتصالح الآخر إلى مدة حيازته .

ثانياً :ولا يلتزم المتصالح الآخر بضمان الحق المتنازع فيه الذي خلص للمتصالح الأول ، لأنه لم ينقل إليه هذا الحق ، والالتزام بالضمان لا يكون إلا مكملاً للالتزام بنقل الحق ( [1077] ) . فإذا خلصت ملكية الأرض المتنازع فيها لأحد المتصالحين ، ثم استحق الأرض أجنبي ، لم يجز لمن خلصت له الأرض بالصلح أن يرجع على المتصالح الآخر بضمان الاستحقاق ( [1078] ) .

ثالثاً : وإذا صالح الدائن بعقد المدين على أن ينزل له عن جزء من الدين المتنازع فيه في نظير أن يدفع له لمدين الباقي ، فالدائن لا يزال في الباقي الذي خلص له دائناً بالعقد كما سبق القول . فلم يتجدد الدين بالصلح ، ومن ثم تبقى التأمينات التي كانت للدين المتنازع فيه ضامنة $ 586 $ للباقي من الدين الذي خلص للدائن بالصلح ( [1079] ) . وقد كان المدني السابق يتضمن نصاً صريحاً في هذا المعنى ، فكانت المادة 537 / 659 تنص على أن " التأمينات التي كانت على الحق الذي وقع فيه الصلح تبقى على حالها للوفاء بالصلح ، ولكن يجوز لمن عليه تلك التأمينات أو لمن يتضرر من بقائها أن يحتج على الدائن بأوجه الدفع التي كانت موجودة في حق الدين قبل وقوع الصلح " . واحتجاج من عليه التأمينات أو من يتضرر من بقائها ( كالدائن مرتهن ثان ) بأوجه الدفع التي كانت موجودة في حق الدين قبل وقوع الصلح نتيجة طبيعية للأثر النسبي للصلح ، فأثره مقصور على المتصالحين ولا يحتج به على من كفل الدين المتنازع فيه ( [1080] ) .

رابعاً : إذا وقع الصلح على حق عيني عقاري ، لم يكن تسجيله واجباً فيما بين المتصالحين ، وإنما يجب التسجيل للاحتجاج به على الغير ( [1081] ) . ذلك أن المادة 10 من قانون الشهر العقاري لا توجب التسجيل في التصرفات الكاشفة عن الحق كالصلح إلا للاحتجاج به على الغير . فإذا تصالح شخص مع آخر على عقار متنازع فيه ، فخلص له العقار ، جاز له أن يحتج بالصلح ولو لم يسجله على المتصالح الآخر ولكن إذا كان المتصالح الآخر قد باع هذا العقار قبل الصلح أو بعده ، لم يجز لمن خلص له العقار بالصلح أن يحتج على المشتري إلا إذا سجل الصلح ، وأيهما المشتري أو المتصالح الأول سبق إلى التسجيل فضل على الآخر ( [1082] ) .

خامساً : كذلك إذا وقع الصلح على دين متنازع فيه في ذمة الغير ، فخلص هذا الدين بالصلح لأحد المتصالحين ، لم يعتبر هذا المتصالح متلقياً للدين من المتصالح الآخر ، فلا تراعي هنا الإجراءات الواجبة في حوالة الحق ( [1083] ) .

سادساً :لما كان الصلح غير ناقل للحق ، فإنه لا يصلح سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم القصير . فلو أن عقاراً متنازعاً عليه فيه بين شخصين خلص لأحدهما بالصلح ، فوضع هذا يده على العقار بحسن نية خمس سنوات ، ثم ظهر مستحق للعقار ، لم يستطع واضع اليد أن يتمسك بالتقادم القصير ، لأن الصلح ليس سبباً صحيحاً إذ هو كاشف عن الحق لا ناقل له ( [1084] ) . ولكن يجوز لواضع اليد أن يتمسك بالتقادم الطويل إذا وضع يده خمس عشرة سنة .

سابعاً : إذا خلص عقار لأحد المتنازعين فيه بالصلح ، فإن الصلح وهو كاشف عن الحق لا يفتح الباب للأخذ بالشفعة ، فلا يجوز لجار أو شريك في الشيوع أن يطلب أخذ العقار بالشفعة . هذا إلى أن الشفعة لا تجوز إلا في البيع ( [1085] ) ، فإذا أثبت الشفيع أن الصلح يخفي بيعاً جاز له الأخذ بالشفعة .

393 - الأثر الناقل بالنسبة إلى الحقوق غير المتنازع فيها : وقد يتضمن الصلح حقوقاً غير متنازع فيها ، وفي هذه الحالة ينشئ الصلح التزامات أو ينقل حقوقاً ، فيكون له أثر منشئ أو ناقل ، لا أثر كاشف .

 $ 589 $

مثل الصورة التي ينشئ فيها الصلح التزاماً أن يتنازع شخصان على أرض ومنزل ، فيتصالحا على أن يختص أحدهما بالأرض والآخر بالمنزل . فإذا كان المنزل قيمته أكبر من الأرض ، واقتضى الأمر أن يدفع من اختص بالمنزل معدلاً ، مبلغاً من النقود يلتزم بدفعها لمن اختص بالأرض ، فهنا الصلح قد أنشأ التزاماً في ذمة من اختص بالمنزل هو دفع المعدل ، وهو لم يدخل في الحقوق المتنازع فيها ( [1086] ) . وقد يتصالح شخصان على حق متنازع فيه ، فيخلص الحق لأحدهما في نظير أن يلتزم بدفع مبلغ من النقود للآخر ،فهنا أيضاً قد أنشأ الصلح التزاماً لم يدخل في الحقوق المتنازع فيها . وقد يتصالح الدائن والمدين على دين متنازع فيه بينهما ، فيتفقان على أن ينزل عن هذا الدين في نظير أن يلتزم المدين بدين جديد قيمته أقل من الدين الأصلي ، فهنا قد جدد المدين الدين الأصلي بدين أقل ، ويكون للصلح في هذه الحالة أثر منشئ ( [1087] ) . ومثل الصورة التي ينقل فيها الصلح حقاً أن يتنازع شخصان على دار ، ويتصالحا على ان يختص أحدهما بالدار في نظير أن يعطي للآخر أرضاً معينة . فهنا الصلح له أثر ناقل بالنسبة إلى الأرض وهي لم تدخل في الحقوق المتنازع عليها . ومن ثم يعتبر من أخذ الأرض خلفاً لمن أخذها منه فيستطيع أن يستعين بمستنداته على دعم حقه في الأرض ، ويلتزم من أعطى الأرض بضمان الاستحقاق ، ويكون الصلح سبباً صحيحاً في التقادم الخمسي ، ويجب تسجيل الصلح لنقل ملكية الأرض بالنسبة إلى الغير وفيما بين المتعاقدين ، وهذه النتائج هي عكس النتائج التي قدمناها للأثر الكاشف ( [1088] ) $ 590 $

ولكن الصلح في الصور المتقدمين يبقى كاشفاً فيما بتعلق بالحقوق المتنازع فيها كما سبق القول ، فإذا نزل شخص صلحاً عن أرض متنازع فيها للمتصالح الآخر ، في نظير أن يلتزم الآخر للأول بدفع مبلغ من النقود أو أن يعطيه داراً ، فالصلح إذا كان منشئاً بالنسبة إلى الالتزام بدفع المبلغ من النقود ، وناقلاً بالنسبة إلى الدار ، فهو كاشف بالنسبة إلى الأرض لأنها هي الحق المتنازع فيه ( [1089] ) .

 المبحث الثاني

 الأثر النسبي للصلح

394 - الأثر النسبي بوجه عام : الصلح ، شأنه في ذلك شأن سائر العقود ، له أثر نسبي . فهو مقصور على المحل الذي وقع عليه ، ولعى الطرفين اللذين وقع بينهما ، وعلى السبب الذي وقع من أجله . وهو في هذا يشبه الحكم ، فإن الحكم لا يكون حجة إلا عند اتحاد المحل والخصوم والسبب . ولكن الأثر النسبي للصلح يرجع إلى أنه عقد ، لا إلى قياسه على الحكم .

395 - الأثر النسبي في المحل إحالة :وقد رأينا كيف يكون للصلح أثر نسبي فيما يتعلق بالمحل عند الكلام في تفسير الصلح تفسيراً ضيقاً ، وبينا كيف يجب أن يكون أثر الصلح مقصوراً على النزاع الذي $ 591 $ تناوله . فإذا تصالح موصى له مع الورثة على وصية ، لم يتناول الصلح إلا الوصية الذي وقع النزاع بشأنها ، فلا يشمل وصية أخرى للموصي له تظهر بعد ذلك ( [1090] ) .

396 - الأثر النسبي في الأشخاص : كانت المادة 745 من المشروع التمهيدي تنص على أنه " لا يترتب على الصلح نفع أو ضرر لغير عاقديه ، حتى لو وقع على محل لا يقبل التجزئة " ( [1091] ) . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة ، لأن حكمه يستخلص القواعد العامة ( [1092] ) .

فإذا اصطلح أحد الورثة مع الموصى له على الوصية ، فإن الورثة الآخرين لا يحتجون بهذا الصلح ولا يحتج به عليهم ( [1093] ) . وإذا كان الموصي له شخصين بوصية واحدة ، وصالح الوارث أحدهما ، فإن هذا الصلح لا يحتج به الموصي له الآخر ولا يحتج به عليه ( [1094] ) .

وإذا تصالح المصاب مع المسئول ، ثم مات من الإصابة فإن هذا الصلح لا يحتج به على ورثة المصاب فيما يختص بالتعويض المستحق لهم شخصياً بسبب وفاة المصاب ( [1095] ) . $ 592 $ وإذا تصالح رب العمل مع المقاول ، فإن هذا الصلح لا يحتج به المهندس ، ولا يحتج به عليه ( [1096] ) .

وإذا أمن شخص مسئولية ، فصلح شركة التأمين مع المضرور لا يحتج به على المسئول الذي أمن مسئوليته ( [1097] ) .

ويستثني من القاعدة المتقدمة الذكر الصلح مع أحد المدينين المتضامنين فقد نصت المادة 294 مدني على أنه " إذا تصالح الدائن مع أحد المدينين المتضامنين وتضمن الصلح الإبراء من الدين أو براءة الذمة منه بأية وسيلة أخرى ، استفاد منه الباقون . أما إذا كان من شأن هذا الصلح أن يرتب في ذمتهم التزاماً أو يزيد فيما هم ملتزمون به ، فإنه لا ينفذ في حقهم إلا إذا قبلوه " . فالصلح مع أحد المدينين المتضامنين يجوز إذن أن يحتج به الدائنون المتضامنون الآخرون ،ولكن لا يحتج به عليهم .وكالمدينين المتضامنين الدائنون المتضامنون ، فالصلح مع أحد الدائنين المتضامنين يجوز أن يحتج به الدائنون المتضامنون الآخرون ، ولكن لا يحتج به عليهم . كذلك الصلح مع المدين الأصلي يجوز أن يحتج به الكفيل ، ولكن لا يجوز أن يحتج به عليه ، أما الصلح مع أحد المدينين في دين غير قابل للانقسام ، فلا يحتج به الدائنون الآخرون ، ولا يحتج به عليهم ، لانعدام النيابة التبادلية هنا سواء فيما يضر أو فيما يفيد ( [1098] ) .

 $ 593 $

وإذا صالح الوارث الظاهر على الميراث ، فإن صلحه يسرى في حق الوارث الحقيقي ، شأن سائر تصرفات الوارث الظاهر ( [1099] ) .

397 - الأثر النسبي في السبب : كانت المادة 743 من المشروع التمهيدي تنص على أنه " من تصالح على حق له أو على حق تلقاه بناء على سبب معين ، ثم تلقى هذا الحق ذاته من شخص آخر أو بناء على سبب آخر ، لا يكون هذا الحق الذي كسبه من جديد مرتبطاً بالصلح السابق " . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة ، لأن حكمه يستخلص من القواعد العامة ( [1100] ) .

وهنا الأثر النسبي للصلح يتعلق بالسبب . فإذا نازع الوارث في صحة وصية صادرة لشخصين ، ثم تصالح مع أحدهما ، فقد قدمنا أن هذا الصلح لا يحتج به الموصي له الآخر ولا يحتج به عليه ( [1101] ) . وهذه هي النسبية في الأشخاص . فإذا فرض أن الموصى له الآخر قد مات وورثه الموصى له الأول الذي قبل الصلح ، فإنه يجوز في هذه الحالة للموصى له الأول أن يعود إلى النزاع في الوصية فيما يتعلق بحقه في الإرث من الموصى له الثاني ، $ 594 $ ولا يستطيع الوارث أن يحتج عليه بالصلح بالرغم من وحدة المحل ( وهو الوصية ) ووحدة الأشخاص ( وهما الوارث والموصي له الأول ) .ذلك لأن السبب لم يتحد ، فالموصي له الأول تقيد بالصلح كموصى له ، وهو الآن يتقدم بسبب جديد هو الميراث من الموصي له الآخر ومن ثم لا يتقيد بالصلح لاختلاف السبب ( [1102] ) .

كذلك إذا صالح شخص وصية السابق على حساب الوصاية ولم يطعن في هذا الصلح ، أو صالحه بعد انقضاء سنة من تاريخ تقديمه ، فإنه يكون مقيداً بهذا الصلح . فإذا كان له أخ لم يصالح الوصي مثله ، ومات هذا الأخ فورثه هو ، فإنه لا يكون مقيداً بالصلح فيما يتعلق بحقه في الإرث من أخيه ، ويستطيع أن يعود إلى مناقشة الحساب مع الوصي في شأن هذا الحق . ذلك لأن السبب هنا قد اختلف ، فهو قد صالح الوصي قاصراً الصلح على ما يخصه هو من حساب الوصاية ، ولا يستطيع الوصي أن يحتج عليه بصلح تقدم فيه بسبب حسابه الشخصي وهو الآن يتقدم بسبب آخر هو الميراث من أخيه .

 



(*)   مراجع في عقد الهبة : اوبرى ورو وإسمان الطبعة السادسة الجزء العاشر – بودري وكولان الطبعة الثالثة في الهبة ما بين الأحياء والوصايا الجزء العاشر – بيدان وفواران ( Voirin ) الطبعة الثانية الجزء السادس – ديموج في الالتزامات الجزآن الأول والثاني – بلانيول وريبير وترانسبو ( Trinsbot ) الجزء الخامس – بلانيول وريبير وبولانجيه الطبعة الثالثة الجزء الثالث – كولان وكابيتان ودي لامورا نديير الطبعة التاسعة الجزء الثالث – جوسران الطبعة الثانية الجزء الثالث – أنسيكلوبيدي داللوز الجزء الثاني لفظ  Donation ولفظ Dons manuels .

رسائل : بارتان ( Bartin ) في نظرية الشروط المستحيلة وغير المشروعة والمخالفة للآداب باريس سنة 1887 – أوبنك ( Aubenque ) في الهبات ما بين الأحياء ، موازنة بعقود المعاوضة مونبلييه سنة 1903 – ري ( Ray ) في الهبة باريس سنة 1912 – فالوار ( Valloir ) بحث في فكرة التصرفات التبرعية رن سنة 1919 – شيفالييه ( Chevallier ) في التكييف القانونين لفتح المسابقات للوظيفة العامة رن سنة 1924 – تامبال ( Timbal ) في عطايا المكافأة ( donations remuneratoires ) تولز سنة 192 – شامبو ( Champeaux ) في فكرة التصرفات التبرعية ستراسبورج سنة 1 931 – باسيلي ( Pacilly ) في الهبة اليدوية كان سنة 1936 – بويسو ( Bouyessou ) في التبرعات المقترنة بالشروط الفي القانون المدني الفرنسي تولوز 1945 – بونسار ( Ponsard ) في الهبات غير المباشرة في القانون المدني الفرنسي ديجون سنة 1946.

الفقه المصري : الأستاذ محمد كامل مرسي في الأموال سنة 1937 وفي العقود المسماة جزء 2 سنة 1952 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي في العقود المسماة سنة 1953 – الأستاذ أكثم أمين الخولي في العقود المدنية سنة 1957 – ( في الفقه العراقي الأستاذ حسن على اذنون في العقود المسماة بغداد سنة 1954 ) .

الفقه الإسلامي : البدائع جزء 6 – الزيلعي جزء 5 – الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات ( مجلة القانون والاقتصاد السنة الثانية ص 605 وما بعدها – والسنة الثالثة ص 51 وما بعدها ) ، وفي الهبة والوصية وتصرفات المريض سنة 1939 .

ونحيل إلى الطبعات المبينة فيما تقدم عندما نشير فيما يلي إلى أحد هذه المراجع .

( [1] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 659 من المشروع التمهيدي على وجه موافق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا عبارة وردت في آخر الفقرة الأولى من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " ويكون من شأن هذا التصرف أن يثري الموهوب له " . وقد حذفت هذه العبارة في لجنة المراجعة " لعدم ضرورتها " ، وأصبحت المادة رقمها 513 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 486 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 243 – ص 245 ) .

( [2] )  التقنينات المدنية العربية الأخرى :

        التقنين المدني السوري م 454 ( مطابق ) .

        التقنين المدني الليبي م 475 ( مطابق ) .

        التقنين المدني العرابي :

        م 601 : 1 – الهبة هي تمليك مال لآخر بلا عوض . 2 – والصدقة هي المال الذي وهب لأجل الثوابل ، وهي في أحكامها كالهبة إلا فيما ورد فيه نص خاص . ( والحكم يتفق مع حكم التقنين المصري – أنظر الأستاذ حسن الذنون في أن الهبة في التقنين العراقي عقد لا إرادة منفردة فقرة 6 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني :

م 504 – الهبة تصرف بين الأحياء بمقتضاه يتفرغ المرء لشخص آخر عن : أمواله أو عن بعضها بلا مقابل .

م 505 : إن الهبات التي تنتج مفعولها بوفاة الراهب تعد من قبيل الأعمال الصادرة عن مشيئة المرء الأخيرة ، وتخضع لقواعد الأحوال الشخصية المختصة بالميراث .

م 506 : إن الهبات التي تنتج مفاعليها بين الأحياء تخضع للقواعد العامة المختصة بالعقود والموجبات ، مع مراعاة الأحكام المخالفة المذكورة في هذا الكتاب . أنظر أيضاً م 169 .

( والحكم لا يختلف عن حكم التقنين المصري ) .

( [3] )  والهبة يتحقق وجودها الشرعي بمجرد الإيجاب عند أبي حنيفةوصاحبيه ، وقبول الموهوب له عندهم شرط لثبوت الملك له لأن أحداً لا يملك إدخال شيء في ملك غيره بدون رضاه . أما عند زفر فلا يتحقق للهبة وجود شرعي إلا بإيجاب وقبول متطابقين . جاء في البدائع ( جزء 6 ص 115 ) : " أما ركن الهبة فهو الإيجاب من الواهب ، فأما القبول من الموهوب له فليس بركن استحساناً . والقياس أن يكون ركناً ، وهو قول زفر ، وفي قول قال القبض أيضاً ركن " . أما القبض ، فهو في الفقه الحنفي شرط لنقل الملك في الموهوب إلى الموهوب له . وقد أخذ قانون الأحوال الشخصية برأي زفر ، فنصت المادة 500 على أن " تصح الهبة بإيجاب من الواهب وقبول من الموهوب له ، والقبض يقوم مقام القبول " .

وعند مالك تتم الهبة وتلزم بإيجاب الواهب . ويستطيع الموهوب له أن يجبر الواهب على التسليم ، فينتقل إليه الملك بالقبض . ولو قبض بغير إذن الواهب ، صح وانتقل الملك إليه .

وعند الشافعية والحنابلة لا تصح الهبة إلا بالايجاب والاقبول .

( [4] )  قارن الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 29 ص 57 – والأستاذ أكثم الخولي فقرة 52 .

( [5] )  استئناف مختلط 16 مايو سنة 1944 م 56 ص 147 – 18 مارس سنة 1948 م 59 ص 167 – وقد عرف القانون الروماني الهبة لما بعد الموت ( mortis causa donation ) ، بأنها هبة يتجرد بها الواهب عن مال له دون مقابل لمصلحة الموهوب له عندما يخشى أن تكون منيته قد دنت ، كأن يكون موشكاً على الاشتباك في حرب أو في مبارزة أو كأن يكون مصاباً بمرض خطير ، ولا ينتقل ملك الموهوب إلى الموهوب له إلا إذا مات الواهب قبله . فإذا نجا الواهب من الموت انفسخت الهبة من تلقاء نفسها .

ويبيح القانون المدني الفرنسي ضروباً من الهبة تقرب من الهبة لما بعد الموت ، أهمها هي هبة الأموال المستقبلة التي يتضمنها الاتفاق المالي في الزواج ( contrat de marriage ) ، والهبة ما بين الزوجين ( أنظر في هذه المسألة في القانون الروماني وفي القانون المدني الفرنسي اوبرى وروو إسمان 10 فقرة 645 ) .

ويعرف الفقه الإسلامي ، ومعه القانون المدني المصري ، الهبة في مرض الموت . وتختلف عن الهبة لما بعد الموت في أن هذه لا تنقذ إلا بموت الواهب كما في الوصية ، أما الهبة في مرض الموت فتنفذ حال حياة الواهب ولو أنه يكون في مضر الموت وقت أن يهب ، فمن الناحية العملية إذن تتقارب الهبتان . والهبة في مرض الموت لها على كل حال حكم الوصية ، فلا تنفذ إلا في ثلث التركة ، لوارث أو لغير وارث .

ويعرف الفقه الإسلامي كذلك العمري والرقبي . أما العري فهي أن يقول شخص لآخر أعمرتك كذا مدة حياتك ، حتى إذا مت عادت إلي إن كنت حياً أو إلى ورثتي إن مت قبلك ، وعند الحنفية والشافعية والحنابلة أن الهبة تصح ويلغو الشرط ، فتكون العين ملكاً للمعمر له ثم لورثته من بعده ، وعند المالكية يصح العقد والشرط معاً ، فتكون العمري تمليك منفعة العين للمعمر له مدة حياته ، فإذا مات رجعت العين إلى المعمر إن كان حياً أو إلى ورثته . أما الرقبي فهي أن يقول شخص لآخر داري لك رقبى ، أي ترتقب موتى ، حتى إذا مت كانت الدار ملكاً لك . فهذا تملك بات ( بخلاف الوصية ) أضيف إلى الزمان المستقبل ، فلا تجوز عند الجمهور ، وتخرج عند مالك على إنها وصية فتجوز . وهناك صورة أخرى للرقبى : يكون لزيد دار ولبكر دار ، فيشفقان على أن الدارين يكونان ملك من يعيش بعد الآخر ، ويغلب أن يكون ذلك بين الزوجين . وهذه الصورة باطلة عند الجميع – حتى عند مالك – لما فيها من الغرر . أنظر في العمري والرقبى البدائع 6 ص 116 – ص 117 – الخرشي 7 ص 111 – ص 112 – المهذب 1 ص 448 – المفتي 5 ص 624 – ص 628 – وانظر المادة 504 من قانون الأحوال الشخصية لقدري باشا .

وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا حررت زوجة لزوجها عقد بيع بجميع أملاكها على أن يتملكها إذا ماتت قبله ، وحرر هذا الزوج لزوجته مثل هذا العقد لتتملك هي ماله في حالة وفاته قبلها ، فإن التكييف الصحيح الواضح لتصرفها هذا أنه تبادل منفعة معلق على الخطر والضرر ، وانه اتفاق مقصود به حرمان ورثة كل منهما من حقوقه الشرعية في الميراث ، فهو اتفاق باطل . أما التبرع المحض الذي هو قوام الوصية وعمادها ، فلا وجود له فهي . ويشبه هذا التصرف أن يكون من قبيل ولاء الموالاة ولكن فيغير موطنه المشروع هو فيه ما دام لكل من المتعاقدين ورثة آخرون .

بل هو من قبيل الرقبى المحرمة شرعاً ( نقض مدني 14 يونيه سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 199 ص 449 ) .

وقضت محكمة الاستئناف المختلطة في حكم بأن الرقبى باطلة ( 25 مارس سنة 1931 م 43 ص 312 ) ، وفي حكم آخر بأنها وصية مستترة فيكون لها حكم الوصية ، وهذا هو مذهب مالكح ( 5 مارس سنة 1935 م 47 ص 183 ) .

( [6] )  استئناف مختلط 14 يناير سنة 1930 م 42 ص 186 – ولكنه يستطيع أن يهب مالا في الحال ويؤجل تسليمه إلى ما بعد وته . فبثبت للموهوب له في الموهوب حق الملك في الحال ( أوبرى ورو وغسمان 10 فقرة 647 ص 411 – وبودري وكولان 10 فقرة 23 . أما إذا وهب شخص آخر مالا على إلا يثبت للموهوب له ملك في الموهوب إلا بعد موت الواهب – وهذه هي الهبة لما بعد الموت – فإن هذه الهبة تكون باطلة كما قدمنا . ولكني صح أن تتحول ، وفقاً لقواعد تحول التصرفات الباطلة ، إلى وصية صحيحة ، فيجوز للمتصرف الرجوع فيها حال حياته ، ولا تنفذ إلا في ثلث التركة ( قارب استئناف مختلط 5 مارس سنة 1935 م 47 ص 183 – وقارن الأستاذ أكثم الخولي فقرة 54 ) .

( [7] )  مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 244 – ومن اخص خصائص الوصية أنها لا تجوز بغير إجازة الورثة إلا في ثلث التركة . أما الهبة فتجوز في كل آمال ، ولكن على أن يتجرد الواهب عن ماله حال حياته ، وهذا هو الذي يثنيه عادة عن الهبة .

( [8] )  هي والوصية ، ويسميان بالعطايا ( liberalites ) .

( [9] )  ويطلق عليها عادة عقود التفضل أو عقود التبرع بالخدمات – actes de bientai sance , contrats de services gratuits )

( [10] )  وقد قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ، في قضية تبرع فيها أستاذ بإلقاء محاضرات في الجامعة ثم رجع عن تبرعه وطالب بأجر محاضراته ، بأن التطوع لإلقاء محاضرات دون اقتضاء مقابل عنها يجمع بين التبرع بالالتزام بعدم وهو هبة غير مباشرة وبين إسقاط الحق في المقابل الذي تعلق بذمة المدين بإبرائه منه وهو هبة غير مباشرة كذلك ( 30 نوفمبر سنة 1954 المحاماة 36 رقم 110 ص 258 ) . وكان الأولى أن يقال هناك إن التصرف ليس هبة بل هو من عقود التفضل ، إذ المتصرف قد تبرع بعمله والتبرع بالعمل لا يعد هبة ولو غير مباشرة ، ومن ثم لا تسري أحكام الرجوع في الهبة . ولو كان المتصرف قد تبرع بأجر العمل – لا بالعمل ذاته – لكان التصرف هبة غير مباشرة ، ولسرت عليها الأحكام الموضوعية للهبة ومنها جواز الرجوع . وقد اضطرت المحكمة بعد القول بأن التصرف هبة غير مباشرة أن تقوله بجواز الرجوع فيها ، ومن ثم بحثت الأسباب التي قدمناها المتبرع للرجوع في هبته فلم تجد فيها عذراً مقبولاً .

( [11] )  ومع ذلك قارن أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 644 ص 393 – وفي الفقه الإسلامي يندرج تحت التبرع ثلاثة أنواع : ( ا ) تبرع محض ، كالهبة والصدقة والوصية والوقف والإعارة . ( ب ) تبقرع ابتداء وهو معاوضة انتهاء ، كالقرض والكفالة والهبة بشرط العوض . ( ج ) تبرع ضمن عقد معاوضة . المحاباة في البيع والشراء وكالزيادة على المهر . أنظر الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد السنة الثانية ص 605 .

( [12] )  مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 244 – أنظر بواتار ( Boitard ) في عقود التبرع بالخدمات باريس سنة 1941 .

( [13] )  وليس من الضروري أن يكونالتصرف باتا ، فيصح أن تكون الهبة معلقة على شرط فاسخ أو على شرط واقف . كذلك يصح أن يكون تسليم الموهوب له مقترناً بأجل ، وقد يكون هذا الأجل هو موت الواهب كما سبق القول .

( [14] )  وكالكفيل العيني الكفيل الشخصي ، فإنه لا يلتزم إلا بكفالة حق ، وإذا وفي الحق المكفول فإن له حق الرجوع على المدين الأصلي ( أنسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ donation فقرة 29 ) .

وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن عبارة في هذا المعنى ، فكانت الفقرة الأولى من المادة 659 من هذا المشروع تنص على أن " الهبة عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في مال له دون عوض ، ويكون من شأن هذا التصرف أن يثري الموهوب له " . فهذا الشرط الأخير يخرج الكفالة العينيةن إذ ليس من شأنها أن تجعل الدائن يثري ، ولكن العبارة حذفت في لجنة المراجعة ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 244 – وانظر آنفاً فقرة 434 في الهامش ) .

( [15] )  انسيكلوبيدي داللوز ، لفظ يخىشفهخى فقرة 50 وفقرة 54 .

( [16] )  وإلى هذا تشير المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : إذ تقول : " ولا يكون الامتناع عن الإثراء من باب أولى هبة ، فإذا رفض الموهوب له الوصية ، أو رفض المستفيد في الاشتراط لمصلحة الغير الحق المشترط لمصلحته ، فلا يعتبر هذلك هبة منهما . كذلك لا يكون الإبراء من الدين والاشتراط لمصلحة الغير إلا هبة غير مباشرة ، لأنها لا تشتمل على التزام بنقل " الملكية " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 244 ) .

هذا ويعتبر هبة غير مباشرة أن يلتزم شخص بوفاء دين على الغير ، وأن يقبل شخص حوالة دين على سبيل اتبرع أي دون نية الرجوع على المدين الأصلي .

( [17] )  وليس من الضروري أن تكون قيمة الإثراء معادلة لقيمة الافتقار . ففي عيد التأمين يكون إثراء المنتفع ( الموهوب له ) بمقدار التأمين ، وافتقار المشترط ( الواهب ) بمقدار أقساط التأمين . وقد لا نتعادل القيمتان كما هو الغالب . والمبلغ الموهوب يعتبر أقل القيمتين ( بلانيول وريبير وترانسبو 5 فقرة 325 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 68 هامش رقم 2 ) .

( [18] )  بلانيول وريبير وترانسبو 5 فقرة 330 – بلانيول وريبير وبلاونيجيه 3 فقرة 3251 – لبانجل ( Lepingle ) في العطايا المتبادلة والمتقابلة رسالة من رن سنة 1938 – أوبرى ورو وغسمان 10 فقرة 644 ص 398 ولكن قارن ص 400 .

وقد قضت محكمة الصف بأن ما يقدمه الناس بعضهم لبعض في الافراح باسم " النقوط " إن هو إلا هبة تتم بالقبض ، ولا حق للواهب في طلب استرداد هبته . وللموهوب له حق ردها بمثلها أو أقل أو أكثر منها ، في ظروف كالظروف التي أخذها فيها ، وهذا يكون بالتراضي لا بحكم القاضي ( 29 يناير سنة 1934 المحاماة 15 رقم 27 / 2 ص 60 ) .

( [19] )  أنسيكلبوبيدي داللوز 2 لفظ donation فقرة 49 .

( [20] )  وقد يشترط الواهب عدم التصرف في العقار الموهوب لمصلحة الموهوب له نفسه .

( [21] )  أوبرى وروى وإسمان 10 فقرة 644 ص 394 – الأستاذ محمود جمال الدين زكى فقرة 39 .

وقد تكون الهبة لشخص معنوي ويشترط الواهب تخصيص المال الموهوب لبناء مستشفى أو ملجا أو مدرسة أو نحو ذلك ، وهذا أيضاً في مصلحة الموهوب له إذ يعينه على تحقيق أغراضه الخيرية . وقد يكون قيمة الالتزام المفروض على الموهوب له اكبر من قيمة المال الموهوب ، كأن يهب شخص لجمعية خيرية مبلغاً من المال على أن تنشيء مستشفى تزيد تكاليفه على هذا المبلغ فيبقى مع ذلك التصرف تبرعا . قارن مع ذلك محكمة استئناف مصر 30 مايو سنة 1939 المحاماة 20 رقم 85 ، حيث ذهبت ، في قضية تبرع فيها شخص بقطعة أرض لمجلس مديرية المنيا ليقوم ببناء مدرسة أولية للبنات عليها ، إلى أن العقد من عقود المعاوضة غير المسماة ، وأيدتها محكمة النقض في ذلك : نقض مدني 11 ابريل سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 49 ص 153 .

ويسمى الفقه في بعض الأحيان الهبة المقترنة بالتزام لمصلحة الموهوب له بالهبة المقيدة ، تمييزاً لها عن الهبة بعوض ، ويكون كل من الهبة المقيدة والهبة بعوض هبة مثقلة بأعباء أو تكاليف .

ويجب التمييز بين هذه الهبة المثقلة بالأعباء والتكاليف وبين الهبة المعلقة على شرط فاسخ . فقد يهب شخص زوجته منزلا ، ويشترط عليها إلا تتزوج بعد وفاته . فيكون هذا الاشتراط إما عبئاً يقترن بالهبة وفي هذه الحالة قد يكون الباعث عليه غير مشروع فيبطل مع بقاء الهبة ، وإما شرطاً فاسخاً إذا تحقق انفسخت الهبة من تلقاء نفسها . ومعيار التفرقة بين العبء والشرط الفاسخ أن الواهب في حالة العبء أراد إلزام الموهوب له بتحمله ضرورة ، ا ما في حالة الشرط الفاسخ فقد ترك له الحرية بين التزامه فتبقى الهبة أو عدم التزامه فننفسخ ( أنظر في هذا المعنى للأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 78 هامش رقم 2 ) .

( [22] )  أنسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ donatiou فقرة 43 .

( [23] )  أنظر فقرة 555 .

( [24] )  بودري وكولان 10 فقرة 16 – أنسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ donation فقرة 39 – فقرة 40 – وقد يكون التصرف مختلطاً يدور بين المعاوضة والهبة ، كما في البيع بمحاباة ، وسنرى أن الهبة تكون هنا هبة مستترة لا تستوجب الشكلية ( أنظر ما يلي فقرة 484 – وانظر أوبرى وروو إسمان 10 فقرة 644 ص 399 ) .

( [25] )  وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : " ولا ينفى نية التبرع أن يشترط الواهب عوضاً لهبته ، والعوض هو التزام ينشئه عقد الهبة في ذمة الموهوب له لمصلحة الواهب أو لمصلحة أجنبي أو للمصلحة العامة ، على تفصيل سيأتي . ويكون العوض عادة أقل من الهبة ، ولا يجوز على كل حال أن يكون اكبر منها وإلا فالموهوب له لا يؤدي منه إلا بقدر الموهوب " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 244 ) .

( [26] )  أنظر ما يلي فقرة 522 وما بعدها وفقرة 551 وما بعدها .

( [27] )  فإذا تبين من الظروف ، وبخاصة من سن الواهب وحالته الصحية ، أن ما أعطاه يعادل الإيراد الذي اشترطه كان العقد في هذه الحالة بيعاً لا هبة .

( [28] )  ونية التبرع مسألة نفسية ، والعبرة فيها بما يقوم بنفس المتبرع وقت التبرع ، هل قصد تضحية من جانبه دون أن يقصد منفعة فتتوافر نية المتبرع حتى لو جنى فيما بعد منفعة لم تدخل في حسابه ، أو قصد من وراء تبرعه منفعة تعود عليه فتنتفى نية التبرع حتى لو تخلفت هذه المنفعة . وما عسى أن يقصده المتبرع من منفعة من وراء تبرعه لا يدخل بطبيعة الحال في نطاق العقد ، وإلا كانت المسألة تتعلق بعوض الهبة لا بنية التبرع . أنظر في ذلك الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 32 – فقرة 33 .

( [29] )  بلانيول وريبير وترانسبو فقرة 324 – فقرة 325 – بيدان 6 فقرة 7 – فقرة 10 وفقرة 21 – فقرة 27 ، جوسران في البواعث في التصرفات القانونية فقرة 254 وما بعدها – كولان وكابيتان 3 فقرة 821 – بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3235 وما بعدها – شامبو ( Champeaux ) في فكرة التصرفات التبرعية رسالة من ستراسبورج سنة 1931 .

( [30] )  استئناف مختلط 4 ابريل سنة 1 916 م 28 ص 227 .

( [31] )  استئناف مختلط 5 يونيه سنة 1912 م 24 ص 382 – 26 ابريل سنة 1917 م 29 ص 387 – 31 مارس سنة 1920 م 32 ص 245 – 22 ابريل سنة 1920 م 32 ص 287 ( بالنسبة إلى القانون اليوناني ) – محكمة مصر الكلية المختلطة 19 فبراير سنة 1912 جازيت 2 ص 103 ( بالنسبة إلى القانونين الفرنسي والألماني ) .

( [32] )  ويوجد هذا الالتزام الطبيعي بقيود ثلاثة : أن تكون الخدمات مقدرة القيمة أي يمكن تقديها بالنقود ، إلا يكون تأديتها وفاء بالتزام مدني ، إلا تكون قد قدمت على وجه التبرع ( تمبال Timbal ص 145 – ص 149 – بودري وكولان فقرة 1135 – أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 644 ص 397 - انسيكلوبيدي داللوز لفظ ( donation فقرة 15 وفقرة 17 – وانظر في الفقه والقضاء في مصر الموجز للمؤلف فقرة 460 الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 68 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 37 – استئناف وطني 17 فبراير سنة 1907 الحقوق 22 ص 265 – 16 يناير سنة 1909 الحقوق 24 ص 243 – استئناف مختلط 29 ابريل سنة 1937 م 49 ص 208 – 24 نوفمبر سنة 1943 م 56 ص 10 . وفي مصر يحسن عدم التشدد في بعض هذه الشروط ، وبخاصة الشرط الذي يقضي بأن الخدمة يجب أن تكون مما يمكن تقديره بالنقود ، فالإثابة على إنقاذ الحياة أو الشرف – وهذه خدمات لا تقدر بمال – أولى أن تكون وفاء بالتزام طبيعي ( أنظر في هذا المعنى الأستاذ أكثم الخولي فقرة 261 ، وقارن استئناف مختلط 24 نوفمبر سنة 1943 م 56 ص 10 ) .

( [33] )  بلانيول وريبير وترانسبو 5 فقرة 318 – بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3240 – رواست وديران في التشريع الصناعي فقرة 288 – وقارب أوبرى ورو وغسمان 10 فقرة 644 ص 396 – وانظر نقض فرنسي ( الدوائر المجتمعة ) في 5 أغسطس سنة 1941 جازيت دي باليه 1941 – 2 – 274 .

( [34] )  قارب أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 644 ش 396 – ص 397 – وانظر عكس ذلك بلانيول وببيروترانسبو 5 فقرة 317 – بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3241 – انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ donation فقرة 26 .

( [35] )  وكانت بلدية مرسيليا أعطت لنابليون الثالث قطعة أرض ليشيد عليها قصراً ، فلما سقط أقامت البلدية دعوى مطالبة ببطلان التصرف باعتباره هبة لم تسوف الشكلية الواجبة . فذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى أن التصرف هنا معاوضة لا تستوجب الشكلية ، لأن البلدية لم يكن عندها نية التبرع بالأرض ، بل قصدت جنى منفعة مادية من وراء هذا التصرف لما يعود على الجهة من خير مادي لو شيد الامبراطور القصر فيها ( نقض فرنسي 7 مارس سنة 1888 سيريه 94 – 1 – 439 – وانظر أوبرى ورو واسمان 10 فقرة 644 ص 394 وهامش رمق ) .

وإذا أعطى شخص أرضا لوزارة المعارف لتنبى عليها مدرسة ، أو أرضا لوزارة العدل لتبنى عليها محكمة ، وهو يقصد من هذا التصرف أن يصقع اراضيه الأخرى المجاورة لهذه الأرض التي أعطاها ، لم يكن التصرف بنية التبرع فلا يكون هبة . وإذا نزل شخص عن أرض لوزارة الأشغال لحفرترعة تيسر عليه الري ، أو دفعت شركة أراض مبلغاً من المال لإنشاء طريق يصقع ارضايها ، ففي جميع هذه الأحوال لا يجوز للمتصرف أن يحتج بعدم رسمية الهبة فإن العقد معاوضة لا تستوجب الهبة ( فالوار ص 104 – شيفالييه ص 33 وما بعدها ) : وإذا تبرع الوصي لمحجوره بمال بعد بلوغه سن الرشد وكان ذلك حتى لا يطعن في حساب الوصاية ، فإن التصرف لا يكون هبة لأنه ليس مصحوباً بنية المتبرع ( انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ donation فقرة 22 ) . وإذا نزل دائنو المفلس في الصلح معه عن جزء من ديونهم ليتيسر لهم الحصول على الباقي ، لم يكن هذا تبرعا؟ً . وانتقاء فكرة التبرع مسألة واقع لا تخضع لرقابة محكمة النقض ( انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ donation فقرة 24 ) .

( [36] )  محكمة مصر 29 أغسطس سنة 1903 الحقوق 18 ص 269 – ومع ذلك فقد قضت محكمة استئناف مصر الوطنية في قضية تنازل فيها شخص لمجلس مديرية البحيرة عن قطعة أرض لبناء مدرسة أولية عليها ، وتعهد بتسليمها للمجلس بموجب عقد عرفي ثم لم ينفذ تعهده ، بأن هذا عقد هبة وقع باطلا لحصوله بعقد عرفي ( 17 فبراير سنة 1924 المحاماة 4 رقم 411 ص 537 ) .

( [37] )  أوبرى وروى واسمان 10 فقرة 644 ص 395 – وإذا تبرع ثرى لعمل خيري للحصول على علقب لم يكن تصرفه هذا هبة لانتفاء نية التبرع .

والمقصود بالمنفعة الأدبية أن تكون منفعة ذاتية للمتبرع ، فلا يكفي بطبيعة الحال لنفي نية المتبرع أن يكون من تبرع لإنشاء مستشفى قد قصد المعاونة في مكافحة المرض ، أو لإنشاء مدرسة قد قصد المساهمة في نشر التعليم ، فهذه ليست منافع ذاتية للمتبرع ، بل هو قد توخى تحقيق المصلحة العامة . وهنالك جانب من الفقه يذهب إلى أن المنفعة الأدبية لا تكفي نلفي وصف الهبة حتى لو كانت ذاتية ، لخفاء العنصر النفسي في هذه الحالة ، ولكن الرأي الغالب في الفقه المصري هو أن المنفعة الأدبية الذاتية تكفي لنفي وصف الهبة ( نظرية العقد للمؤلف فقرة 142 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 34 ) .

( [38] )  وقد تكون نية المتبرع منصرفة لا إلى المتعاقد الآخر بل إلى الغير ، كالكفيل إذا كفل المدين دون مقابل ، وقد انصرفت نية المتبرع هنا إلى المدين المكفول لا إلى الدائن ، وتكون الكفالة معاوضة بالنسبة إلى الدائن وتبرعاً بالنسبة إلى المدين . وكذلك الاشتراط لمصلحة الغير دون مقابل من المنتفع قد انصرفت فيه نية التبرع إلى الغير وهو المنتفع ، ويكون الاشتراط معاوضة بالنسبة إلى كل من المشترط والمتعهد ، وتبرعاً بالنسبة إلى المنتفع . ولكن يلاحظ أن الهبة هنا ليست هبة مباشرة ، فهي في الكفالة تبرع بمعناه العام ، وهي في الاشتراط لمصلحة الغير هبة غير مباشرة .

( [39] )  ويخلص مما قدمناه أن عناصر الهبة تتفاوت في أرجحيتها تبعاً للقواعد المراد تطبيقها ، فإذا أريد تطبيق قواعد الهبة المتعلقة بحماية الواهب بن كوجوب الشكلية وجواز الرجوع واشتراط أهلية خاصة ، رجح العنصر المعنوي للهبة وهو نية التبرع ، ووجوب أن تقوم هذه النية متمحضة حتى تسري هذه القواعد . وإذا أريد تطبيق قواعد الهبة المتعلقة بحماية ورثة الواه بن رجح العنصر المادي ، وبخاصة ما يرجع منه إلى افتقار الواهب دون مقابل يأخذه . وإذا أريد تطبيق قواعد الهبة المتعلقة بحماية دائني الواهب ، رجح هنا أيضاً العنصر المادي ، وبخاصةما يرجع منه إلى إثراء الموهوب له دون مقابل يعطيه . فالنسبية إذن تسود الهبة ، ويرجح عنصر أو آخر من عناصرها تبعاً للقواعد المراد تطبيقها ، وبالنسبة إلى هذه القواعد دون غيرها ( أنظر في هذا المعنى بلانيول وريبير وترانسبو 5 فقرة 333 – بلانيول وريبير بولانجيه 3 فقرة 3234 – فالوار ص 128 – تامبال ص 159 وما بعدها – أنسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ donation فقرة 55 – فقرة 60 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 83 – ص 85 الأستاذ أكثم الخولى فقرة 66 ) .

( [40] )  وقد فرضت الشكلية لأن الواهب يتجرد من ماله دون مقابل ، وهذا ضار به وبورثته من بعده . فالتصرف خطير ينبه المشرع على خطره عن طريق اقتضاء الرسمية فيه ، حتى يتسع الوقت للواهب فيتدبر أمر هذا التصرف ، وهل يمضي فيه أن ينثنى عنه .

( [41] )  ولما كانت الهبة تبرعاً فقد اشترطت فيها الشكلية لخطرها . كذلك اشترطت فيها أهلية خاصة ، فأهلية التبرع أضيق بكثير من أهلية التصرف . وجعلت هبة المال المستقبل باطلة ، وجعل الغلط في الشخص جوهرية ، وخف ضمان الاستحقاق وضمان العيب ، وجاز الرجوع فيها إلا لمانع ، ويسر فيها الطعن بالدعوى البولصية . وكل هذه أحكام ترد إلى أن الهبة خروج عن المال دون مقابل ، فوجب أن يقوم في شأنها من التحوطات ما لا يقوم في شأن المعاوضات .

( [42] )  وقد تستر الهبة أو الوصية وقفاً . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا تصرف مسيحي بالوصية والايهاب والوقف على الجنائي والفقراء وعلى بناته ، على أن كل من ماتت من بناته يكون نصيبها لأولادها بالتساوي ، فإن لم يكن لها ولد فيكون نصيبها إلى اخواتها ، وهكذا إلى انقراض الذرية ، فيكون ما أوصى به وقفاً مؤبداً وحبساً مخلداً يصرف ريعه على جهات البر المعينة ، فإن هذا التصرف ليس وصية ، بل هو في الواقع وقف مضاف إلى ما بعد الموت ، لأن القانون المصري لا يعرف الوصية بحق الانتفاع المؤبد إلا إذا اخرجها الموصى مخرج الوقف بالأوضاع المعروفة ( نقض مدني 21 يونية سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 200 ص 454 ) .

( [43] )  نقض مدني 10 مارس سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 102 ص 298 – 13 ابريل سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 179 ص 547 – 8 يونيه سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 188 ص 574 – 13 مارس سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 169 ص 379 – 11 مارس سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 286 ص 564 .

والواقع من الأمر أن الهبة السافرة نادرة في التعامل ، وأكثر ما يقع هو أن تستتر الهبة في صورة بيع ، فتعفى من الرسمية . بل قد تكتب الهبة المستترة بالبيع في ورقة رسمية ، ويقصد ممن سترها بالبيع هو أن تكسب صلابة عقود المعاوضة ولو في الظاهر .

( [44] )  الأستاذ محمد كامل مرسي في الأموال فقرة 608 – فقرة 609 ، وفي العقود المسماة 2 فقرة 1 – فقرة 2 – دي هلتس 2 لفظ donation فقرة 5 . وقد كانت المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية تنص على أنه " ليس للمحاكم المذكورة أن تنظر . . في مسائل الهبة والوصية والمواريث وغيرها مما يتعلق بالأحوال الشخصية " .

وقد قضت محكمة النقض بأن الأحوال الشخصية هي مجموعة ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التي رتب القانون عليها أثراً قانونياً في حياته الاجتماعية ، ككون الإنسان ذكراً أو أنثى ، وكونه زوجا أو أرملاً أو مطلقاً أو أبا أو ابنا شرعيا ، أو كونه تام الأهلية أو ناقصها لصغر سن أو عته أو جنون ، أو كونه مطلق الأهلية أو مقيدها بسبب من أسبابها القانونية . أما الأمور المتعلقة بالمسائل المالية ، فكلها بحسب الأصل من الأحوال العينية ، لتعلقها بالمال وباستحقاقها وعدم استحقاقه . غير أن المشرع المصري وجد أن الوقف والهبة والوصية – وكلها من عقود التبرعات – تقوم غالبا على فكرة التصدق المندوب إليه ديانة . فألجأه هذا إلى اعتبارها من قبيل مسائل الأحوال الشخصية ، كما يخرجها من اختصاص المحاكم المدنية التي ليس من نظامها النظر في المسائل التي قد تحوى عنصراً دينياً ذا أثر في تقرير حكمها . على أن أية جهة من جهات الأحوال الشخصية إذا نظرت في شيء مما تختص به من تلك العقود ، فإن نظرها فيه بالبداهة مشروط باتباع الأنظمة المقررة قانوناً لطبيعة الأموال الموقوفة والموهوبة والموصى بها ( نقض مدني 21 يونيه سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 200 ص 454 ) .

على أنه لم يكن يخرج من اختصاص القاضي الأهلي استظهار نية المورث في العقد ، هل كانت نية البيع أو الهبة أو الوصية ( نقض مدني 25 مايو سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 126 ص 227 – ) نوفمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 156 ص 437 ) .

وكانت الهبة محكمة بقانونين لكل مجالبه في التطبيق : القانون المدني فيما أورده من أحكام لها بالذات مكملة بالأحكام العامة للالتزامات ، وقانون الأحوال الشخصية في غير ذلك من مسائلها ( نقض مدني 3 ابريل سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 181 ص 390 – 5 ابريل سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 96 ص 573 ) .

( [45] )  مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 241 . ثم تقول المذكرة الإيضاحية بعد ذلك : " ويمكن القول بوجه عام إن المشرع اكسب عقد الهبة صلابة وقوة في الإلزام على النحو الذي ينبغي أن يكون لعقد هو – وإن كان تبرعاً – ملزم للمتعاقدين كسائر العقود " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 242 ) .

هذا وهبة الأجنبي تكيف بحسب قانونه ، فإن كان هذا القانون يعتبر الهبة داخلة في الأحوال الشخصية طبق على هبته قانون احواله الشخصية . وقد نصت المادة 14 من قانون نظام القضاء على أن " تعتبر الهبة من الأحوال الشخصية بالنسبة إلى غير المصريين إذا كان قانونهم يعتبر هذه كذلك " . ومن ثم ينظر إلى بلد الأجنبي الصادر منه الهبة ، فإن كان هذا البلد يعتبر الهبة داخلة ضمن مسائل الحوال الشخصية – كما هي الحال في فرنسا مثلا – سرت على هبته أحكام قانون بلاده ، وإلا اعتبرت هبته من المعاملات المدنية وسرى عليها ما يسري على سائر العقود :

نقض مدني أول ابريل سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 37 ص 74 – استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1901 م 14 ص 36 ( القانون اليوناني ) – 13 فبراير سنة 1902 م 14 ص 127 ( القانون اليونانين ) – 3 يونيه سنة 1902 م 14 ص 336 ( القانون اليوناني ) – 29 مارس سنة 1923 م 35 ص 327 ( القانون الإيطالي ) – 29 يناير سنة 1924 م 36 ص 181 ( القانون الإيطالي ) – أول يونيه سنة 1943 م 55 ص 185 ( القانون الإيطالي ) – محكمة الإسكندرية المختلطة 24 مارس سنة 1925 جازيت 15 رقم 239 ص 360 – 6 يونيه سنة 1925 جازيت 16 رقم 147 ص 174 – الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 3 مكررة . وإذا وقعت الهبة على عقار ، فقانون محل العقار هو الذي يسرى ؛ استئناف مختلط 27 يونيه سنة 1940 م 52 ص 33 .

( [46] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 667 / 1 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 514 / 1 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 487 / 1 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 246 – ص 2467 ) .

( [47] )  التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 455 / 1 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 476 / 1 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي لا مقابل ، وقارب المادة 601 وقد سبق ذكرها . أنظر فقرة 1 في الهامش . ( وحكم التقنين العراقي متفق مع حكم التقنين المصري ، فالهبة عقد لا بد فيه من قبول الموهوب له : أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 6 ) .

تقنيين الموجبات والعقود اللبناني :

م 507 : تتم الهبة وتنتقل الملكية في الأموال الموهوبة ، سواء أكانت منقولة أم ثابتة ، عند ما يقف الواهب على قبول الموهوب له مع الاحتفاظ بتطبيق الأحكام الآتية :

م 508 : يبقى للواهب حق الرجوع عن العوض ما دام القبول لم يتم . ( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [48] )  وإذا صدر الإيجار من الواهب ، وجب أن تكون نية الهبة واضحة إذ هي لا تفترض ( نقض مدني 8 ابريل سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 298 ص 290 ) .

( [49] )  فإذا قرر المعطي أنه يعطي على سبيل الهبة ، وقرر المعطى له أنه يقبض على سبيل آخر ، فلا هبة ( استئناف وطني 22 نوفمبر سنة 1915 الحقوق 31 ص 284 ) .

( [50] )  وقد يكون القبول ضمنياً ، كما إذا قبض الموهوب له الشيء الموهوب . وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن الهبة في الأموال المنقولة تقع صحيحة بدون حاجة إلى تحرير عقد وسمى بها إذا تسلم الموهوب له المال الموهوب من الواهب بالفعل ، لأن القبض هنا يقوم مقام القبول ( 30 نوفمبر سنة 1926 المحاماة 7 رقم 377 ص 568 ) .

( [51] )  ونصت المادة 894 من التقنين المدني الفرنسي على أن " الهبة ما بين الأحياء تصرف ( acte ) ولم يقل النص إن الهبة عقد ( contrat ) . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الفرنسي يقول إن الهبة عقد ، ولكن عندما نظر هذا المشروع أمام مجلس الدولة ، لاحظ القنصل الأول – بونابرت – أن الهبة لا تلزم إلا الواهب فالأولى أن تعرف بأنها تصرف لا عقد . وقد أخذ بهذه الملاحظة فعرفت الهبة بأنها تصرف . والملاحظة لا محل لها . فإن الهبة وإن كانت لا تلزم إلا الواهب ، إلا أنا لا تتم إلا بإيجاب وقبول ، فهي إذن عقد وإن كان ملزماً لجانب واحد ( أنظر أوبرى ورو واسمان 10 فقرة 646 هامش رقم 1 - بودرى وكولان 10 فقرة 13 ) .

( [52] )  أنسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ donation فقرة 258 – فقرة 259 .

( [53] )  نقض مدني 13 مارس سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 169 ص 379 – استئناف مصر 9 مارس سنة 1920 المحاماة 4 رقم 347 .

( [54] )  وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعنى : " لا بد من قبول الموهوب له للهبة ولو بالسكوت ، ولكن القبول ، على أية صورة كانت ، ضروري ، لأن الهبة عقد لا بد فيه من اقتران إرادتين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 246 ) .

( [55] )  استئناف أهلي 22 نوفمبر سنة 1915 الحقوق 31 ص 284 – الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 16 ) .

( [56] )  وللواهب ، قبل وصول قبول الموهوب له إلى علمه ، بأن يتصرف في المال الموهوب ، وأن ينقله برهن أو بحق إرتفاق أو بغير ذلك من الحقوق العينية ، وتنفذ هذه التصرفات في حق الموهوب له حتى بعد قبول للهبة ( أوبرى ور وإسمان 10 فقرة 653 ص 491 ) .

( [57] )  وهذا ما لم يكن إيجاب الواهب ملزماً ، بان حدد الواهب ميعاداً للقبول أو استخلص هذا الميعاد من ظروف الحال ( م 93 مدني ) ، فعند ذلك ينتقل الالتزام إلى ورثته ، فإذا وصل قبول الموهوب له إلى عملهم أنتج أثره . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يجعل الإيجاب ملزماً دائماً ، ورتب على ذلك أن يبقى الإيجاب قائماً حتى بعد موت الموجب أو فقد أهليته ، فإذا علم الورثة بالقبول أنتج القبول أثره ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 260 ) .

( [58] )  الوسيط جزء أول ص 187 هامش رقم 1 – وإذا لم تتم الهبة لموت الواهب قبل وصول القبول إلى علمه ، ألا يجوز أن تتحول هذه الهبة الباطلة إلى وصية تجوز في ثلث التركة وذلك طبقاً لقواعد تحول التصرفات الباطلة ؟ اختلف الفقه في فرنسا ، فبعض يقول بتحول الهبة إلى وصية ( أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 653 ص 496 ) ، وبعض يقول بعدم التحول ( انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ danation فقرة 26 ) . ونميل إلى الرأي الأول ، فتتحول الهبة إلى وصية في القانون المصري ، لأن التقنين ، المصري يعرف نظرية تحول التصرفات الباطلة وقد ورد فيها نص خاص ، بخلاف التقنين المدني الفرنسي .

( [59] )  وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كانت اللائحة التأسيسية للاتحاد الارمني العام قد جعلت قبول الهبات من اختصاص المجلس الرئيسي للاتحاد ، وكان المستفاد من نصوصها إنها فصلت بين قبول الهبات وبين قبضها واعتبرت الأمر الأخير مجرد واقعة مادية لا تغنى عن التصرف القانوني وهو القبول ، فإنه يصبح واجباً بيان ما إذا كان المجلس الرئيسي قد قبل الوصية التي قبضها المجلس المحلى وذلك قبل وفاة الواهب ، حتى بتحقق بذلك ما تقتضيه المادتان 48 و 50 مدني قديم ( نقض مدين 8 مارس سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 40 ص 284 – وانظر استئناف وطني ) مارس سنة 1920 المحاماة 1 رقم 347 ص 449 – استئناف مختلط 24 يونيه سنة 1908 م 50 ص 302 ) .

وهذا هو أيضاً الحكم في القانون المدني الفرنسي ( أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 653 ص 491 – انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ donation فقرة 265 ) .

( [60] )  أنظر في هذا المعنى الوسيط جزء أول فقرة 82 وبوجه خاص ص 188 ( هامش رقم 1 – وهذا هو أيضاً حكم القانون المدني الفرنسي ( أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 653 ص 491 – انسيكلوبيدي داللور 2 لفظ donation فقرة 266 ) .

( [61] )  وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : " وإذا مات الموهوب له أو فقد أهليته قبل القبول ، فالشريعة الإسلامية على أن الايهاب يسقط : م 83 مرشد الحيران . ولكن التقنين الحالي ( السابق ) يبيح القبول للورثة أو لنائب الموهوب له ، خلافاً للأصل الذي جرى عليه من أن الإيجاب يسقط بالموت أو بفقد الأهلية . أما المشروع . فإن هذا الحكم يجري فيه على أصل من أصوله " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 246 ) . وظاهر من العبارة الأخيرة الواردة في المذكرة الإيضاحية أن أصلاً من أصول هذا المشروع التمهيدي كان يقضي بنفس الحكم الذي قرره التقنين المدني السابق ، فيجوز لورثة الموهوب له أو لنائبه قبول الهبة بعد موت الموهوب له . وكان هذا الأصل فعلا مقرراً في المشروع التمهيدي ، إذ كانت المادة 126 من هذا المشروع تنص على ما يأتي : " لا يؤثر في صحة التعبير عن الإرادة أن يكون من صدر منه أو وجه إليه هذا التعبير قد مات أو فقد أهليته " . فكان المشروع التمهيدي ، يبيح لورثة من وجه إليه التعبير أو لنائبه – أو لورثة الموهوب له أو لنائبه – أن يصدر منهم القبول بدلا من الموهوب له بعد موت هذا أو فقده لأهليته ، ولكن المشروع التمهيدي عدل في لجنة المراجعة ، وحذفت عبارة " أو وجه إليه هذا التعبير " . فأصبح لا يجوز لورثة الموهوب له أو لنائبه أن يقبلوا الهبة بعد موت الموهوب له أو فقده لأهليته ( أنظر الوسيط جزء أول ص 186 هامش رقم 1 . وانظر الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 131 هامش رقم 1 ) .

( [62] )  أنظر في المعنى الذي نقول به أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 653 ص 491 – ديمولومب 20 فقرة 140 – بلانيول وريبير وترانسبو 5 فقرة 370 – كولان وكابيتان 3 فقرة 1610 – وانظر عكس ذلك لوران 12 فقرة 266 – بودري وكولان 10 فقرة 1128 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 131 بالنصف الثاني من هامش رقم 1 - الأستاذ أكثم الخولي فقرة 69 ص 103 – ويلاحظ أن الرأي المعارض في الفقه الفرنسي يستطيع أن يستند إلى نص لا مقابل له في التقنين المدني المصري ، هو نص المادة 932 / 2 من التقنين المدني الفرنسي ، ويقرر أن الهبة لا تنتج أثراً بالنسبة إلى الواهب إلا من وقت إخطاره بقبول الموهوب له .

( [63] )  أنظر ما يلي فقرة 32 .

( [64] )  أنظر عكس ذلك وأن الفضالة لا تجوز أنسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ donation فقرة 274 .

( [65] )  أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 652 ص 493 – بلانيول ريبير وفرانسبو 5 فقرة 364 – انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ donation فقرة 272 – فقرة 275 .

( [66] )  أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 652 ص 493 – أنسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ donation ص 476 .

( [67] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 664 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " الوعد بالهبة لا ينعقد إلا إذا كان بالكتابة ، وذلك مع عدم الإخلال بنص المادة 150 فقرة ثانية " . وقد عدل هذا النص في لجنة المراجعة بما يجعل الوعد بالهبة في كل من العقار والمنقول لا ينعقد إلا إذا كان بورقة رسمية ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 517 في المشروع النهائي ، ووافق عليه مجلس النواب فمجلس الشيوخ تحت رقم 490 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 253 – ص 255 ) .

( [68] )  استئناف مختلط 29 يناير سنة 1891 م 3 ص 169 – الأستاذ محمد كامل مرسي في الأموال فقرة 639 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 45 ص 93 .

( [69] )  التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 458 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 479 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي لا مقابل . ولكن الحكم متفق بالتطبيق للمادة 91 / 2 مدني عراقي .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 511 : لا يصح الوعد بالهبة إلا إذا كان خطيا ، ولا يصح الوعد بهبة عقار أو حق عقاري إلا بقيده في السجل العقاري . ( ويتفق التقنينين اللبناني مع التقنين المصري في أن الوعد بالهبة عقد شكلى ، ويختلفان في كيفية الشكل . ففي مصر الشكل ورقة رسمية دائماً للعقار وللمنقول ، أما في لبنان فالشكلية ورقة عرفية يضاف إليها القيد في السجل العقاري للعقار ) .

( [70] )  أما التزام شخص بمبلغ معين يدفعه لآخر على سبيل الهبة ، فهذا هو هبة كاملة لا مجرد وعد بهبة . فإذا صرح الملتزم بأن الالتزام على سبيل الهبة ، وجب أن يكتب الالتزام في ورقة رسمية حتى تستكمل الهبة الشكل الواجب ( استئناف مختلط 24 نوفمبر سنة 1943 م 56 ص 10 ) . وإذا ستر الملتزم الهبة تحت اسم عقد آخر ، بأن قرر مثلا أن المبلغ الذي التزم به هو قرض أو وديعة أو نحو ذلك ، أعفيت الهبة من شرط الرسمية ، لأنها تكون هبة مستترة تحت اسم عقد آخر .

وكذلك الحكم إذا اكتتب شخص في مشروع على سبيل التبرع . فإذا كان الاكتتاب مصحوباً بالدفع في الحال هفو هبة يدوية . وإذا كان تعهداً في اشتراط لمصلحة الغير ، فهوهبة غير مباشرة . أما إذا لم يكن هذا ولا ذاك ، بل كان التزاما بدفع مبلغ على سبيل التبرع أو وعداً بهبة هذا المبلغ ، فلا بد من الورقة الرسمية . هذا هو مقتضى تطبيق القوار العامة ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 255 ) . ولكن ذهب بعض الفقهاء إلى أن العرف جرى بان الاكتتاب لا يكون عادة في ورقة رسمية ، ومن ثم يكون ملزماً حتى ولو لم يستوف هذا الشكل ( أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 659 ص 525 – بلانيول وريبير وترانسبو 5 فقرة 418 – جوسران 3 فقرة 1337 – الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 91 – ولكن قارن أنسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ DONATION فقرة 535 ) – وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأن الاكتتاب يكون ملزماً حتى لو لم يكتب في ورقة رسمية ( نقض فرنسي 5 فبراير سنة 1923 داللوز 1923 – 1 – 20 ) .

( [71] )  أنظر في تاريخ هذا النص وفي شرحه الوسيط الجزء الأول فقرة 134 .

( [72] )  ولكن يجوز أن يعتبر الوعد بالهبة غير المكتوب في ورقة رسمية عقداً غير مسمى ثم بإيجاب وقبول ، ورتب التزاما شخصيا في ذمة الواعد ، ولما كان هذا الالتزام يتعذر تنفيذه عيناً ، فلا يبقى إلا التعويض يحكم به على الواعد ، وبخاصة في حالة الوعد بالايهاب فإن الموعود له إذا لم يحصل على المال الموهوب بسبب عدم تنفيذ الواعد لوعده يصاب عادة بضرر يستحق من أجله التعويض ( الأستاذ محمود جمال المدين زكي فقرة 45 – ولكن قارن أنسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ donation فقرة 245 حيث يذهب إلى أن الأمر بالايهاب في غير ورقة رسمية باطل ولا يوجب تعويضاً ، لأن الوعد تبرع خلا مما يحمى إرادة المتبرع وهي الورقة الرسمية ) .

( [73] )  أنظر في كل ذلك الوسيط الجزء الأول فقرة 123 – فقرة 136 .

( [74] )  وقد قررت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي هذا الحكم صراحة إذ تقول : " ويجوز الرجوع في الوعد على النحو الذي يجوز فيه الرجوع في الهبة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 255 ) .

( [75] )  أنظر أيضاً المادة 210 مدني – وانظر في كل ذلك الوسيط الجزء الأول فقرة 137 – فقرة 137 .

( [76] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المواد 660 – 662 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : م 660 : " 1 - تكون هبة العقار بورقة رسمية ، وإلا وقعت باطلة . 2 - على أنه إذا تمت الهبة تحت ستار عقد آخر ، جاز للغير حسن النية أن يتمسك بالعقد المستتر أو بالعقد الظاهر وفقاً لما تقضى به مصلحته . فإذا تعارضت مصالح ذوى الشأن ، فتمسك البعض بالعقد الظاهر وتمسك الآخرون بالعقد المستتر ، كانت الأفضلية للأولين " . م 661 : " لا تتم هبة المنقول إلا بتسليم الموهوب تسليما فعلياً وقبضه " . م 662 : " إذا تمت الهبة في صورة اشتراط لمصلحة الغير ، فلا يشترط فيها شكل خاص ، إلا الشكل الذي قد يتطلبه العقد ما بين المشترط والمتعهد " . وفي لجنة المراجعة عدلت هذه النصوص لاستبقاء الأحكام التي كان معمولا بها في التقنين السابق فيما يتعلق بشكل الهبة في العقار والمنقول والهبة المستترة والهبة اليدوية ، باعتبار أن هذه الأحكام قد ألفها المتعاملون منذ وقت طويل ولم يجد ما يدعو إلى تغييرها ، فأصبحت المادة 660 مطابقة لما استقرت عليه في التقنين المدني الجديد ، وحذفت المادتان 661 و 662 ، الأولى لأن حكمها مستفاد من المادة 660 بعد تعديلها ، والثانية لأن حكمها وارد في الاشتراط لمصلحة الغير . وصار رقم النص المستبقى 515 في المشروع النهائي ، ووافق عليه مجلس النواب ، وفي لجنة مجلس الشيوخ اقترح أن يضاف النص الآتي : " مع مراعاة ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة السابقة يكون القبض بالتسليم والتسلم الفعلي " . ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح ، فليس ثمة ما يدعو إلى تعريف القبض على هذه الصورة بالنسبة إلى الهبة بخصوصها ، ووافقت لجنة مجلس الشيوخ على المادة دون إضافة . ووافق مجلس الشيوخ عليها كما أقرتها لجنته ، وأصبح رقمها 488 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 248 – ص 251 ) .

( [77] )  التقنين المدني السابق م 48 / 70 : تنتقل الملكية في الأموال الموهوبة ، منقولة كانت أو ثابتة ، بمجرد الإيجاب من الواهب والقبول من الموهوب له . إنما إذا كان العقد المشتمل على الهبة ليس موصوفاً بصفة عقد آخر ، فلا تصح الهبة ولا القبول إلا إذا كانا حاصلين بعقد رسمي ، وإلا كانت الهبة لاغية .

م 49 / 71 : تعتبر الهبة في الأموال المنقولة صحيحة بدون احتياج إلى تحرير عقد رسمي بها . إذا حصل تسليمها بالفعل من الواهب واستلامها من الموهوب له .

( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المدني الجديد ) .

( [78] )  التقنينات المدنية العربية الأخرى .

        التقنين المدني السوري م 456 ( مطابق ) .

        التقنين المدني الليبي م 477 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 602 : إذا كان الموهوب عقارا ، وجب لانعقاد الهبة أن يسجل في الدائرة المختصة .

م 602 : 1 – لا تتم الهبة في المنقول إلا بالقبض ، ويلزم في القبض إذن الواهب صراحة .

م 603 : 1 – لا تتم الهبة في المنقول إلا بالقبض ، ويلزم في القبض إذن الواهب صراحة صح القبض في مجلس الهبة أو بعده ، وأما إذنه بالقبض دلالة فمقيد بمجلس الهبة وعقد الهبة إذن بالقبض دلالة .

( والتقنين العراقي يختلف عن التقنين المصري فيما يأتي : ( 1 ) هبة العقاب فيه لا تتم إلا بشكلية خاصة وهي التسجيل في الدائرة المختصة . ( 2 ) هبة المنقول لا تتم إلا بالقبض ، وفي مصر قد تتم أيضاً بورقة رسمية . ( 3 ) لم تعف الهبة من الشكلية إذا استترت تحت اسم عقد آخر – أنظر في ذلك الأستاذ حسن الذنون فقرة 9 – فقرة 12 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 509 : تتم الهبة اليدوية بان يسلم الواهب الشيء إلى الموهوب له .

م 510 : إن هبة العقار أو الحقوق العينية العقارية لا تتم إلا بقيدها بالسجل . ( والفروق ما بين التقنين اللبناني والتقنين المصري هي ذات الفروق التي تقدم ذكرها ما بين التقنين العراقي والتقنين المصري ) .

( [79] )  وشكلية الهبة مستقرة في تقاليدنا القانونية ، فقد جعل التقنين السابق عقد الهبة عقدا شكلياً ، وقرر الفقه الإسلامي في أكثر مذاهبه أن الهبة خلافا للبيع لا تتم إلا بالقبض .

( [80] )  وفي ذلك تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " فالأصل في هبة العقار أن تكون بورقة رسمية ، حتى تتوافر للواهب أسباب الحرية في عقد ينزل به عن ماله دون مقابل " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 254 ) ، وليس السبب في رسمية الهبة أو عينيتها حماية ورثة الواهب فحسب كما يذهب إلى ذلك بعض الفقهاء ( لوران 12 فقرة 339 – بلانيول وريبير وترانسبو 5 فقرة 342 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 42 ص 87 – ص 88 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 76 وفقرة 106 ) ، بل السبب الرئيسي هو حماية الواهب نفسه ، إذ هو يتجرد عن ماله دون مقابل .

( [81] )  وقد كان المشروع التمهيدي يجعل هبة العقار لا تتم إلا بورقة رسمية ، ويجعل هبة المنقول لا تتم إلا بالقبض . فكانت هبة العقار عقداً شكلياً حتما ، وكانت هبة المنقول عقداً عينياً حتما ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 254 – وانظر آنفاً فقرة 28 في الهامش ) .

( [82] )  وفي فرنسا تخضع هبة العقار أيضاً ، حتى تكون نافذة في حق الغير . لإجراءات تسجيل من نوع خاص يختلف عن التسجيل بوجه عام ( أنظر 939 مدني فرنسي – انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ donation فقرة 383 – فقرة 463 ) . أما هبة العقار في مصر فتخضع للقواعد العامة للتسجيل .

( [83] )  أنظر فيما تقدم بودري وكولان 10 فقرة 1066 – فقرة 1086 .

( [84] )  والإشهاد الشرعي قديماً كالورقة الرسمية تنعقد به الهبة ( استئناف مصر 8 ديسمبر سنة 1938 المحاماة 19 رقم 286 ص 691 .

( [85] )  أنظر في كل ما تقدم قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 والمرسوم الصادر في 3 نوفمبر سنة 1947 بلائحته التنفيذية .

( [86] )  بودرى وكولان 10 فقرة 1099 – بل يشترط أيضاً ، في القانون الفرنسي ، أن يعلن القبول للواهب على يد محضر ( م 932 / 2 فرنسى ) ، حتى لو ثبت أن الواهب قد علم فعلا بالقبول لم يكن ملزماً بالهبة قبل إعلانه بالقبول ، ولا يلتزم إلا عن وقت هذا الإعلان .

( [87] )  أنظر آنفاً فقرة 17 .

( [88] )  ومن ثم لا تشترط الرسمية في توكيل الموهوب له غيره في قبول الهبة ، وتشترط في توكيل الواهب غيره في ايجابها ( أنظر آنفاً فقرة 2 ) .

( [89] )  أنظر في هذا المعنى ديموج 1 فقرة 208 – نظرية العقد للمؤلف فقرة 119 – الأستاذ محمد كامل مرسى في العقود المسماة 2 فقرة 59 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 43 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 76 .

( [90] )  بودرى وكولان 10 فقرة 1099 – فقرة 1100 – والرجوع في الهبة لا تشترط فيه ورقة رسمية كما تشترط هذه الورقة في إبرام الهبة ، بل يصح أن يكون الرجوع في ورقة عرفية ، أو أن يكون دلالة كما يقع عند تصرف الواهب في المال الموهوب ( بلانيول وريبير وترانسبو فقرة 365 – جوسران 3 فقرة 304 – الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 59 ص 78 ) .

( [91] )  ومن ثم فالتعهد بترتيب إبراء لشخص على سبيل التبرع يستلزم الرسمية ، ما لم تكن الهبة مستترة باسم عقد آخر ( استئناف مختلط 29 ابريل سنة 1937 م 49 ص 208 ) .

( [92] )  نقض مدني 5 ابريل سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 96 ص 573 – استئناف وطني 28 مارس سنة 1914 الشرائع 1 رقم 458 ص 309 .

( [93] )  أنظر في هذه المسألة في القانون الفرنسي أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 660 – بودري وكولان 10 فقرة 1259 – فقرة 1278 .

( [94] )  ويؤدى القبض ما تؤدى الرسمية من أغراض ، إذ أن تجرد الواهب عن حيازة المال الموهوب كفيل كما قدمنا ( أنظر آنفاً فقرة 28 ) بتوجيه نظره إلى ما ينطوي عليه عقد الهبة من خطر ( انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don mannel فقرة 4 ) .

( [95] )  أنظر في اعتبارات تاريخية في فرنسا أدت إلى صحة الهبات اليدوية أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 659 هامش 38 .

( [96] )  عند الحنفية ، لا ينتقل ملك الموهوب إلا بالقبض . أما قبل القبض فالملك للواهب ، وله أن يرجع في هبته إذا أراد ، فتصح الهبة إذن قبل القبض ولكنها تكون هبة غير لازمة يرجع فيها الواهب إذا أراد دون اعتداد بموانع الرجوع ، ولا ينتقل الملك فيها إلى الموهوب له . فإذا قبضت الهبة – بإذن الواهب الصريح أو باذنه الضمني في مجلس العقد – انتقل الملك إلى الموهوب له ، وأصبح لا يجوز للواهب الرجوع إلا إذا لم يوجد مانع من موانع الرجوع المعروفة . فللهبة عند الحنفية مراحل ثلاث : المرحلة الأولى مرحلة العقد . ويكون غير نافذ فلا ينقل الملك ، وغير لازم فيجوز الرجوع فيه . والمرحلة الثانية مرحلة القبض ، وبه ينفذ العقد فينقل الملك ، ولكنه لا يلزم . والمرحلة الثالثة قيام مانع من موانع الرجوع . وبه يلزم العقد . أنظر البدائع جزء 6 ص 123 – الهداية على هامش فتح القدير 7 ص 113 – ص 117 .

وعند الشافعية والحنابلة ، لا تلزم الهبة ولا ينتقل الملك إلا بالقبض بإذن الواهب ؛ فقبل القبض يجوز للواهب الرجوع ، ولا ينتقل الملك . وبعد القبض بإذن الواهب ينتقل الملك ، وتلزم الهبة ولا يجوز للواهب الرجوع أصلاً إلا في حالة اعتصار الوالد الهبة لولده . فللهبة عند الشافعية والحنابلة مرحلتان : المرحلة الأولى مرحلة العقد ، ويكون غير نافذ فلا ينقل الملك ، وغير لازم فيجوز الرجوع فيه ، وهذه المرحلة الأولى عند الشافعية والحنابلة هي كالمرحلة الأولى عند الحنفية . والمرحلة الثانية مرحلة القبض ، وبه ينفذ العقد فينقل الملك . ويلزم إلا في اعتصار الهبة ، وهذه المرحلة الثانية عند الشافعية والحنابلة تقوم مقام المرحلتين الثانية والثالثة عند الحنفية . أنظر المهذب 1 ص 447 – المغنى 5 ص 591 – ص 593 .

وعند المالكية يستطيع الموهوب له أن يجبر الواهب على التسليم ، وله أن يقبض الهبة بغير إذن الواهب ، فإذا تم القبض انتقل الملك إلى الموهوب له . فالظاهر أن للهبة عند المالكية مرحلة واحدة هي مرحلة العقد ، فيكون بمجرد انعقاده نافذاً لازماً ( إلا في حالة اعتصار الهبة ) ، ومن ثم يلزم الواهب بالتسليم ومتى تم التسليم انتقل الملك . أنظر الخرشي 7 ص 105 – ص 106 .

( [97] )  استئناف مختلط 29 يناير سنة 1924 م 36 ص 181 – 23 مارس سنة 1926 م 38 ص 302 – 17 ابريل سنة 1928 جازيت 13 – رقم 10 ص 4 – 14 يناير سنة 1930 م 42 ص 186 .

( [98] )  ومتى تمت الهبة اليدوية بالقبض ، فكل الشروط التي تتضمنها هذه الهبة والاتفاقات الملحقة ( pactes adjoints ) من التزامات وعوض ونحو ذلك تكون صحيحة ( انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 98 – فقرة 114 ) . فيجوز في الهبة اليدوية أن يحتفظ الواهب بحق الانتفاع أو بملك الرقبة ، وأن يقرن الهبة بشروط أو التزامات أخرى ( بلانيول وريبير وترانسبو 5 فقرة 401 وما بعدها – جوسران 3 فقرة 1336 – الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 80 ) .

هذا والوعد بالهبة اليدوية – ككل وعد بهبة – لا يتم إلا بورقة رسمية ، لأن القبض في هذه الحالة لا يقع . فإذا كان الوعد بهبة يدوية مكتوباً في ورقة عرفية كان باطلا ، ويجوز للواعد الرجوع في وعده . ويجوز لورثته أن يمتنعوا عن تسليم المنقول . وإذا سلم الواعد أو ورثته المنقول ، كان هذا هبة يدوية مبتدأة لا تنفيذاً للوعد بالهبة ، فلا بد فيها من إيجاب وقبول جديدين ( بلانيول وريبير وترانسبو 5 فقرة 382 – الأستاذ محمد كامل مرسي ، العقود المسماة 2 فقرة 81 ) .

( [99] )  وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يجعل هبة المنقول لا تتم إلا بالقبض الفعلي ، فكانت المادة 661 من هذا المشروع تنص على أنه " لا تتم هبة المنقول إلا بتسليم الموهوب تسليماً فعليا وقبضه " . وفي لجنة المراجعة عدل هذا الحكم من ناحيتين : ( أولاً ) جعلت هبت المنقول تتم بورقة رسمية أو بالقبض . ( ثانياً ) وإذا تمت بالقبض فلا يشترط فيه أن يكون قبضاً فعلياً ( أنظر آنفاً فقرة 27 في الهامش ) .

( [100] )           مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 251 – وانظر آنفاً فقرة 460 في الهامش .

( [101] )           ويقرب هذا مما قدمناه في قبول الهبة ، ففي القانون الفرنسي للقبول في الهبة إجراءات خاصة تميزه من القبول في العقد بوجه عام ، أما قبول الهبة في القانون المصري فشأنه شأن القبول في العقد بوجه عام . وكذلك القبض في الهبة اليدوية ، فله في القانون الفرنسي معنى خاص يتضمن تسلم الموهوب له للهبة تسلما فعليا . أما في التقنين المصري فالقبض في الهبة اليدوية شأنه شأن القبض في عقد البيع وفي أي عقد آخر ، ولا يتضمن حتما قسلم الموهوب له للهبة تسلما فعليا . وكما أنه لا يشترط في التقنين المدني الجديد أن يقبل الموهوب له الهبة قبولاً خاصا بإجراءات معينة ، كذلك لا يشترط في هذا التقنين أن يقبض الموهوب له الهبة اليدوية قبضاً خاصاً على وجه معين .

( [102] )           أنظر عكس ذلك الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 106 ، ويسمى هذا التسليم تسليما حمياً .

( [103] )           ويصح أن يتم تسليم النقود بتحويل مبلغ من الحساب الجاري للواهب إلى الحساب الجاري للموهوب له ( vierement de compte ) ( انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 21 ) .

( [104] )           فإذا كان الموهوب متجرا ، تم القبض باستيلاء الموهوب له على المتجر وباتخاذه صفة المدير له ، حتى لو بقى اسم الواهب اسما للمتجر كما يقع ذلك في بعض الأحيان ( استئناف مختلط 30 ديسمبر سنة 1913 م 25 ص 118 ) . وإذا كان الموهوب بوليصة تأمين لحاملها ، تم القبض بتسليم البوليصة للموهوب له ( محكمة الإسكندرية التجارية المختلفطة 8 يونيه سنة 1916 جازيت 6 رقم 176 ص 536 ) .

( [105] )           فإذا كان الوسيط لم يسلم المنقول بعد للموهوب له ، جاز للواهب أن يسترده منه أو أن يمنعه من تسليمه للموهوب له ، فلا تتم الهبة ( أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 659 ص 535 ) .

( [106] )           أنظر في عدم جواز أن يكون الوسيط فضولياً يتسلم نيابة عن الموهوب له دون ترخيص منه بودري وكولان 10 فقرة 1166 – فقرة 1169 – أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 659 هامش 52 – انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 41 – فقرة 43 .

( [107] )           وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن إعطاء الواهب مبلغاً من النقود لأمين عن القصر وإيداع الأمين هذا المبلغ خزانة المجلس الحسبي لحساب القصر يعتبر قبضاً كاملا لتحص الهبة ( 29 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 308 ص 475 ) .

( [108] )           أنظر آنفاً فقرة 306 . ويترتب على ذلك أن إيداع أب نقوداً في أحد المصارف باسم ولده قاصداً التبرع له بالمبلغ المودع يمكن أن يكون هبة يدوية تمت بالقبض ، وذلك بالتسليم الفعلى من الواهب من علم الموهوب له بأن المبلغ مودع باسمه وتحت تصرفه . أما إذا كان الابن قاصداً ، فهذه هبة يدوية تمت بالقبض وناب الأب عن ولده القاصر في ذلك ( قارن الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 128 ) .

على أن نية الهبة – كما تقول محكمة النقض – لا تفترض ، " وفعل الإيداع ليس من شأنه بمجردة أن يفيدها ، إذ هو يحتمل احتمالات مختلفة لا يرجح أحدها إلا بمرجح " ( نقض مدني 8 ابريل سنة 1948 مجموعة 5 رقم 298 ص 590 ) . وقضت محكمة النقض أيضاً في هذا المعنى بأنه لما كان مجرد إيداع مبلغ من النقود باسم شخص معين لا يقطع في وجود نية الهبة عند المودع ، فإن الإيداع لا يفيد حتما الهبة ، بل يجب الرجوع في تعرف أساس الإيداع إلى نية المودع . ولا يكون الحكم قد خالف القانون إذا قضى باعتبار إيداع مبلغ صندوق التوفي باسم شخص آخر غير المودع إنما كان على سبيل الوصية لا على سبيل الهبة ، متى أقام قضاءه على أسباب سائغة . وإن قرينة حيازة شخص لمال مودع صندوق التوفير المستمدة من تحرير دفتر التوفير باسمه هي قرينة قانونية غير قاطعة يمكن دفعها بكافة أوجه الإثبات بما فيها القرائن ( نقض مدني 26 يناير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 15 ص 125 ) . وفي حكم ثالث أقرت محكمة النقض حكم محكمة الموضوع بأن إيداع الوالد مبلغاً من النقود باسم ولديه في البنك ، وفتح حساب خاص بالوليدن ، من شأنه أن يخرج المال نهائياً من حيازة المودع فيصبح في حيازة صاحب الحساب ، وأن قبضه تم بواسطةشخص ثالث وهو البنك وهذا جائز قانوناً . وما كان الوالد يستيطع سحب المبلغ إلا بصفة أخرى كولى على الولدين بحيث لوزالت هذه الصفة لما استطاع سحب المبلغ . ولما كانت الحيازة قد أصبحت للولدين بإيداع هذا المبلغ باسميهما في البنك ، فإنهما يستفيدان من القرينة القانونية وهي اعتبارهما مالكين طبقاً للمادة 608 مدني التي تفترض السند الصحيح وحسن النيةن وليس الولدان ملزمين بإثبات الهبة إذ أن السند الصحيح مفترض ، فكان الواجب على الخصم أن يقيم هو الدليل الايجابي على أن الهبة لم تتحقق ( نقض مدني 26 نومفبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 26 ص 184 ) .

وقضت محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة بأن إيداع الواهب أوراقاً مالية لحساب الموهوب له في البنك يعتبر قبضاً ( 24 مارس سنة 1925 جازيت 15 رقم 230 ص 360 – وانظر أيضاً استئناف مختلط 8 مارس سنة 1934 م 46 ص 207 ) – وقضت محكمة مصر الكلية الوطنية بان تقييد المورث للدوائع باسم الوارث يعتبر قانوناً هبة غير مباشرة بطريقة الاشتراط لمصلحة الغير ، فلا يشترط فيها الشكل الرسمي ولا قبول الموهوب له وقت الإيداع ( 18 ابريل سنة 1938 المحاماة 18 رقم 465 ص 1066 – ويلاحظ على هذا الحكم أنه لا محل هنا للكلام عن الاشتراط لمصلحة الغير ، وإنما أودع المورث مبلغاًمن النقود باسم وارثه فجعلها تحت تصرفه ، فتمت الهبة اليدوية على هذا النحو كما قدمنا : قارن الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 128 – ص 129 ) .

( [109] )           أنظر في خصوص البيع آنفاً فقرة 308 .

( [110] )           وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على نص هو المادة 673 من هذا المشروع ، تنص الفقرة الثالثة منها على ما يأتي : " أما إذا كان ( الموهوب ) منقولا فلا تنتقل الملكية إلا بالقبض الحقيقي الكامل ، فإن كان المنقول موجوداً في حيازة الموهوب له وقت الهبة ، فتنتقل الملكية بمجرد الاتفاق على الهبة دون حاجة إلى قبض جديد " . وقد حذفت المادة 673 من المشروع في لجنة المراجعة " لأن حكمها مستفاد من القواعد العامة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 264 – ص 265 في الهامش ) . وانظر أيضاً المادة 502 من قانون الأحوال الشخصية لقدري باشا . وقضت محكمة مصر الكلية الوطنية ، فيعهد التقنين المدني السابق حيث كان القبض يشترط فيه أن يكون فعلياً ، بأنه إذا كان المبلغ الموهوب موجوداً تحت يد الموهوب له وقت حصول الهبة ، يعتبر الموهوب له كأنه قبضه بالفعل بتحويل صفته من مودع لديه لموهوب له ( 24 مايو سنة 1922 المحاماة 4 رقم 635 ص 747 ) .

وتنص المادة 606 من التقنين المدني العراقي على أنه " إذا وهب أحد ماله لمن كان هذا المال في يده ، اعتبرت الهبة مقبوضة دون حاجة إلى قبض آخر " ( أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 30 ) .

وفي القانون الفرنسي نفسه يجوز القبض على هذا النحو ، في الهبة اليدوية ( لوران 12 فقرة 277 – أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 659 ص 534 – انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 19 – فقرة 20 ) .

( [111] )           أنظر الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 106 – ص 107 .

( [112] )           ومما ترد عليه الهبة اليدوية الجهاز . فإذا جهز الأب ابنته – ولم نقل إن هناك التزاما طبيعيا على الأب في هذه الحالة – وسلمها الجهاز ، فقد تمت الهبة ، وليس للأب أو لورثته استرداد الجهاز بعد ذلك . أما إذا لم يسلمه لها ، فلا تملكه ، ويجوز للأب أن يرجع في هبته لأن الهبة لم تتم . وإذا سلمه لها في مرض موته ، كان حكمه حكم الوصية ( أنظر المادة 113 من قانون الأحوال الشخصية لقدري باشا ) . وإذا كانت البنت قاصرة ، فشراء أبيها الجهاز يكفي لتمام الهبة ، لأن الأب يقوم مقام ابنته القاصرة ، في القبض ، فكأنها هي التي قبضت الجهاز ( أنظر المادة 114 من قانون الأحوال الشخصية لقدري باشا ) .

وإذا حرر الأب سنداً على نفسه لابنته وظهر من السند أنه هبة بمناسبة الزواج ، فالهبة مكشوفة لا مستترة ، ولا تتم إلا بقبض قيمة السند أو بكتابة السند في ورقة رسمية ( محكمة مصر الكلية الوطنية 12 ابريل سنة 1927 المجموعة الرسمية 28 رقم 107 ص 203 – الأزبكية 28 يناير سنة 1924 المحاماة 5 رقم 379 ص 443 ) . وإذا تبرع أخوة لأختهم بنفقات جهازها واشتروا الجهاز ، ولكنهم لم يسلموه لأختهم فالهبة لم تتم ، ولا تتم إلا بتسليم الأخت الجهاز ( استئناف مصر 20 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 233 / 1 ص 321 ) .

وإذا تعهدت أم لبنتها بدفع مبلغ بصفة " دوطة " ( مهر ) ، فالهبة لا تتم إلا إذا كان التعهد في ورة رسمية ، أو إذا سلمت الأم المبلغ لبنتها فتتم الهبة بالقبض ( مصر الكلية الوطنية 20 يناير سنة 1925 المحاماة 5 رقم 378 ص 441 ) .

وقضى بان الاعانة التي تدفعها وزارة المعارف للمدارس الحرة هي هبة يدوية فلا تتم إلا بالقبض ، أما قبل القبض فلا تملكها المدرسة المعانة ولا يجوز لدائنيها الحجز عليها ( الموسى 23 ابرير سنة 1929 المحاماة ) رقم 434 ص 687 ) . ولكن قضى من جهة أخرى أن هذه الاعانة ليست تبرعاً محضاً ، بل الغرض منها ترقية مستوى التعليم ، ويقابلها شروط خاصة يجب أن تتوافر في المدرسة المعانة ، ومن ثم تكون دينا للمدرسةفي ذمة وزارة المعارف ، ويجوز لدائني المدرسة الحجز عليها تحت يد الوزارة ( الإسكندرية الكلية الوطنية 7 أكتوبر سنة 1937 المحاماة 18 رقم 138 ص 273 ) . وانظر في كل ذلك الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 82 .

( [113] )           وقد اختلف الفقه في فرنسا في جواز ورود الهبة اليدوية على حق الانتفاع أو على حق الرقبة ، فذهب فريق إلى عدم الجواز إذ يرون أن القبض الفعلي بالنسبة إلى هذه الحقوق المجردة يصعب تصوره . ولكن الرأي الذي ساد في الفقه وفي القضاء في فرنسا هو الجواز . ويقع القبض الفعلي على الشيء محل حق الانتفاع أو حق الرقبة ( أنظر هذه المسألة في القانون الفرنسي بودري وكولان 10 فقرة 1175 – فقرة 1179 ) . فإذا كان هذا الرأي هو الذي ساد في فرنسا ، فأولى أن يسود في مصر حيث لا يشترط القبض الفعلي في الهبة اليدوية كما قدمنا .

( [114] )           بودرى وكولان 10 فقرة 1185 – فقرة 1189 .

( [115] )           أنظر عكس ذلك الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 110 – أما في فرنسا فلا ترد الهبة اليدوية على الديون ، لأنها غير قابلة للقبض الفعلي .

( [116] )           بودرى وكولان 10 فقرة 1180 – فقرة 1184 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 110 .

( [117] )           ولكن تجوز هبة البضائع التي يحتويها المتجر هبة يدوية . أم المنقولات المعنوية كالعلامة التجارية وبراءة الاختراع ، فلا تصلح محلا للهبة اليدوية كما قدمنا ( الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 111 هامش رقم 1 ) .

( [118] )           تقضى المادة 3 من التقنين التجاري البحري بوجوب الرسمية في السن البحرية .

( [119] )           وغنى عن البيان أن الهبة اليدوية لا ترد على منقول غير معين إلا بنوعه لأنه لا يصلح للقبض الفعلي ( أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 659 ص 533 ) ، ولا للقبض الحمي . ولكن الهبة اليدوية ترد على جزء شائع في منقول معين ، لأنه يصلح للقبض .

( [120] )           ويلاحظ أن الأمر لا يتغير لو أن النزاع كان بين المورث نفسه والحائز . ولكن إقرار المورث بملكية الحائز للشيء الموهوب يقوم دليلا على الهبة ما دام الغير لم يطعن في الهبة بالصورية ( استئناف مختلط 30 ابريل سنة 1946 م 58 ص 165 ) .

( [121] )           ولا يجوز الإثبات إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها إذا زادت القيمة على عشرة جنيهات .

( [122] )           وقد قضت محكمة المنشية بان الهبة في المنقول وإن كانت تتم بالقبض ، إلا أنه يشترط أن يكون القبض غير مشكوك فيه . وإقامة الزوجة مع زوجها في مسكن واحد تجعل وضع يدها على المنقولات الموجودة بالسكن وضع يد مشكوك فهي ( 31 مارس سنة 1931 المحاماة 12 رقم 180 ص 343 ) .

( [123] )           وقد يستجوب ورثة الواهب مخالط الواهب أمام القضاء ، فيقر هذا بان المنقولي في يده ولكن المورث قد وهبه إياه وسلمه له فملكه بالهبة . فهذا إقرار لا يتجزأ ، ولا يجوز للورثة أن يستبقوا منه أن المنقول في يد الحائز ، ثم يطالبوه بإثبات أن الهبة قد صدرت له من المورث . ولكن يجوز للورثة أن يثبتوا أن حيازة المنقول انتقلت إلى الحائز بسبب آخر غير عقد الهبة . وقد يكون هذا السبب واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق ، كأن يدعى الورثة أن الحائز اختلس المنقول من المورث . وقد يكون السبب عقداً يجب إثباته طبقاً لقواعد الإثبات بالكتابة أو بما يقوم مقامها إذا زادت قيمة المنقول على عشرة جنيهات ، كأن يدعى الورثة أن المورث لم يهب المنقول الحائز وإنما أودعه عنده ، فعليهم أن يثبتوا عقد الوديعة بالطريق الذي كان يستطيع مورثهم اثثباتها به ( أنظر في ذلك أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 659 ص 537 – ص 542 – بودري وكولان 10 فقرة 1207 – فقرة 1219 – انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 115 – فقرة 149 ) .

( [124] )           استئناف مختلط 3 يناير سنة 1918 م 30 ص 122 – 17 ابريل سنة 1928 م 40 ص 304 .

( [125] )           ولكن يجوز أن تتضمن الهبة الباطلة تصرفات أخرى لا يشترط فيها شكل معين ، كما لو تضمنت إلناء لوصية سابقة ، فيبقى إلغاء الوصية قائماً بالرغم من بطلان الهبة . كذلك قد تتحول الهبة الباطلة إلى وصية صحيحة طبقاً للقواعد المقررة في تحول التصرفات ( انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 256 ) .

( [126] )           استئناف وطني أول يونيه سنة 1915 الشرائع 2 رقم 294 ص 273 – استئناف مختلط ) مايو سنة 1906 م 18 ص 236 .

( [127] )           إذ هي تتقادم بخمس عشرة سنة من وقت عقد الهبة ( م 141 / 2 مدني ) : أنظر استئناف مختلط 27 يونيه سنة 1940 م 52 ص 33 ( . وقارن نقض مدني 5 ديسمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 118 ص 271 .

( [128] )           ولا يملك الموهوب له في الهبة الباطلة العقار الموهوب بالتقادم الخمسي ولو كان حسن النية ، لأن الهبة الباطلة لا تصلح سبباً صحيحاً ، وإنما يملكه بالتقادم الطويل .

( [129] )           لا من الواهب ولا من ورثته ، ما لم ينفذ الواهب أو ورثته الهبة اختيارا فتصح الهبة كما سنرى . وفي التقنين المدني الفرنسي تقضي المادة 1340 بأن ورثة الواهب يجوز لهم تصحيح الهبة الباطلة بالاجازة الصريحة أو الضمنية ، ويعد التنفيذ الاختياري للهبة إجازة . وهذا النص يقلب البطلان المطلق للهبة إلى بطلان نسبي بعد موت الواهب ، فتصح إجازة الورثة . وانقلاب البطلان المطلق إلى بطلان نسبي يستوقف النظر ، وقد ذهب بعض الفقهاء في فرنسا إلى أن البطلان يبقى مطلقا بعد موت الواهب ، وإنما يتخلف عنه في ذمة الورثة التزام طبيعي يجوز تنفيذه اختياراً ، ويجوز جعله سبباً لالتزام مدني . ويعارض هذا الرأي أن الالتزام الطبيعي لا يمكن أن ينشأ في ذمة الورثة البتداء ، ما دام لم ينشأ قبل ذلك في ذمة المورث . ولذلك يميل الفقه في فرنسا إلى اعتبار الأوضاع الرسمية للهبة إنما فرضت لمصلحة ورثة الواهب على الأخص ، فإذا نزلت الورثة عن هذه الحماية فهذا حقها ( بلانيول وريبير وترانسبو 5 فقرة 352 – جوسران 3 فقرة 1311 ) .

( [130] )           استئناف وطني أول يونيه سنة 1915 الشرائع 2 رقم 294 / 2 ص 273 .

( [131] )           تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 663 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل ، انقلبت الهبة صحيحة " . وعدل النص في لجنة المراجعة بما يجعل النص في رأي اللجنة مستقيما مع القواعد العامة على أساس أن تنفيذ الهبة الباطلة يعتبر تنفيذا لالتزام طبيعي ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب استفسر كيف لا يجوز استرداد الهبة التي سلمت إذا كان العقد باطلا بطلاناً مطلقاً لعيب في الشكل ، فأجيب بان الهبة الباطلة بطلاناً مطلقاً لعيب في الشكل يتخلف عنها التزام طبيعي يعتبر تسلم الموهوب للهبة تنفيذا له ، وانه لهذا السبيل لا يجوز الاسترداد وفقاً لقواعد الالتزامات الطبيعية . ووافقت اللجنة على المادة كما هي ، ثم وافق عليها مجلس النواب ووافق عليها مجلس الشيوخ تحت رقم 489 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 251 – ص 253 ) .

( [132] )           التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 457 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 478 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي لا مقابل ، فلا يسرى النص .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني لا مقابل ، فلا يسرى النص .

( [133] )           أنظر في ذلك مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 251 – ص 252 – وانظر آنفاً فقرة 44 في الهامش .

( [134] )           المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 254 – وانظر أيضاً المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 499 – ومحكمة الإسكندرية الوطنية 13 مايو سنة 1930 المحاماة 11 رقم 324 ) .

( [135] )           ص 467 هامش رقم 2 – وانظر أيضاً في هذا المعنى والتون 1 ص 27 .

( [136] )           وقد قضت محكمة مصر الوطنية بان الهبات الباطلة شكلا ينشأ عنها التزام طبيعي إذا أوفاه الملتزم لا يستطيع استرداده ، وينقلب التزاما مدنيا إذا حصل تجديده قانوناً . ومن ثم ترفض دعوى ورثة الواهب ببطلان هبة مورثهم لصدورها منه في محرر عرفي ، بعد أن ثبت للمحكمة إجازة المدعين لهذه الهبة ضمناً بقسمة الأعيان الموروثة فيما بينهم وباستئجار أحدهم نصيب أحد الموهوب لهم وإقرار آخر لبعض الموهوب لهم في خطاب منه بملكيته للمال الموهوب ( 6 مارس سنة 1939 المحاماة 21 رقم 334 ) . وقفت محكمة الإسكندرية الكلية الوطنية بان هذا الالتزام الطبيعي يوجد في القانون المصري في ذمة الواهب نفسه فضلا عن انتقاله إلى ذمة ورثته بعد وفاته ، على خلاف التقنين الفرنسي لوجود المادة 1339 منه التي تقضى بان عيب الشكل لا تصححه إجازة الواهب . ومن ثم يصح تعهد الزوج بتنفيذ وعده لزوجته وقت الزواج بأن يعطيها أربعمائة جنيه ، ونفاذه في تركته بعد موته ، على تقدير أن وعد الزوج هذا وإن كان باطلا شكلا لعدم ثبوته في ورقة رسمية إلا أنه تخلف عن التزام طبيعي حصل تجديده بصدور تعهد منه بتنفيذه ( 13 مايو سنة 1930 المحاماة 11 رقم 324 ص 653 ) . وانظر أيضاً في معنى الالتزام الطبيعي ما قضت به محكمة الإسكندرية الكلية الوطنية من أنه إذا فرض أن الإقرار بالدين هبة وإنها باطلة شكلا لعدم عملها بعقد رسمي ، وبفرض أن التنازل عن للغير باطل أيضاً لهذا السبب ، فإن الهبة الباطلة ليست مجردة من جميع الآثار القانونية ، إذ ينشأ عنها التزام أدبي ينقلب إلى التزام مدني إذا حصل استبداله قانونا ( 19 فبراير سنة 1938 المحاماة 18 رقم 419 ص 919 ) . أنظر عكس ذلك وفي أن الهبة الباطلة للشكل باطلة بطلاناً مطلقاً وتمتنع اجازتها محكمة مصر الكلية 13 ابريل سنة 1926 المجموعة الرسمية 28 رقم 107 .

( [137] )           وننقل هنا ما سبق أن قلناه في هذا الصدد : " فالبطلان إما أن يرجع إلى اعتبارات شكلية أو إلى اعتبارات موضوعية ، ففي الحالة الأولى يكون العقد الشكلي الذي لا يتوافر ركن الشكل فيه باطلا ولكن بالقدر الذي يتطلبه القانون من الشكل . وقد أسلفنا أن الشكل إنما هو من صنع القانون ، والقانون هو الذي يعين له الجزاء الكافي في حالة الإخلال به . فقد يجعل العقد الذي لم يستوف الشكل المطلوب باطلا لا تلحقه الإجازة ، وقد يسمح باجازته كما في الهبة الباطلة شكلا ( م 489 جديد ) وكما في الشركة التي لم تستوف الشكل المطلوب ( م 507 جديد ) ، وقد يجعل الشكل من المرونة بحيث يقبل أن يستكمل وأن يحتج به في فرض دون فرض كما في شركات التضامن والتوصية . فالشكل كما قدمنا من خلق القانون ، صنعه على عينه ، ويقده على القالب الذي يختاره " ( الوسيط جزء أول فقرة 301 ص 492 . وانظر أيضاً ص 255 في الهوامش ) .

( [138] )           وننقل هنا ما سبق أن قلناه في هذا الصدد : " ويذكر عادة ، كمثل آخر للنوع الأول ( التزام بدا مدنيا فعاقه منذ البداية مانع قانونين من ترتيب أثره فانقلب طبيعيا ) ، عقد الهبة الباطل لعدم استيفاء الشكل ، فقد نصت المادة 489 من التقنين المدني على أنه إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل ، فلا يجوز لهم أن يستردوا ما سلموه . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي أن هذا النص إنما هو تطبيق لالتزام طبيعي تخلف عن الهبة الباطلة . ولو صح هذا لصلح هذا الالتزام الطبيعي الذي تخلف عن الهبة الباطلة سبباً لالتزام مدني ، ولأمكن التحايل على الشكل في الهبة عن طريق كتابتها في ورقة عرفية ثم اتخاذها سبباً لالتزام مدني صحيح في ورقة عرفية أخرى ، وهذا ما لا يجوز التسليم به . والصحيح في رأينا أن التنفيذ الاختياري للهبة الباطلة في الشكل ، سواء من جهة الواهب أو من جهة ورثته ، إنما هو إجازة لعقد الهبة ، إذ البطلان المترتب على عيب في الشكل قد تلحقه الإجازة إذا نص القانون على ذلك ( الوسيط 2 فقرة 395 – وانظر أيضاً من هذا الرأي الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام الجزء الأول في آثار الالتزام فقرة 140 ص 287 هامش رقم 2 – وقارن الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 44 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 79 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 63 ) .

وفي التقنين المدني الفرنسي تقصر المادة 1340 إمكان التنفيذ الاختياري للهبة الباطلة في الشكل – واجازة هذه الهبة بوجه عام – على ورثة الواهب دون الواهب نفسه . ويذهب بعض الفقهاء الفرنسيين إلى القول بتخلف التزام طبيعي من الهبة الباطلة في الشكل في جانب ورثة الواهب ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 990 – بيدان ولاجادر 8 فقرة 683 ص 498 – قارن بودري وبارد 2 فقرة 1671 – فقرة 1672 ، ومن رأيهما أن الهبة تكون باطلة بطلانا مطلقاً لانعدام الشكل ، حتى إذا مات الواهب كانت هذه الهبة ذاتها قابلة للإبطال بالنسبة إلى الورثة ! ويصعب التسليم بأن البطلان المطلق ينقلب إلى بطلان نسبي بموت الراهب : الوسيط جزء 2 ص 737 هامش رقم 2 ) .

( [139] )           أنظر رأياً آخر يهذب إلى أن التقنين الجديد قد خلق إلى جانب الرسمية شكلا جديداً ذا صبغة عامة يمكن أن تتم فيه الهبة هو التنفيذ الاختياري الأستاذ أكثم الخولي فقرة 79 . ويؤخذ على هذا الرأي أنه يخلط بين التنفيذ الاختياري للهبة الباطلة والقبض في هبة المنقول : أنظر فقرة 82 .

ولا يؤدي هذا الرأي إلى النتائج التي تؤدي إليها فكرة إجازة الهبة عن طريق التنفيذ الاختياري . وصاحب هذا الرأي نفسه يبرز فرقين : أحدهما أن الهبة تعتبر منعقدة من وقت التنفيذ الاختياري ولو أخذنا بفكرة الإجازة لاعتبرت الهبة منعقدة من وقت صدورها ، والفرق الثاني أنه إذا كان الذي قام بالتنفيذ الاختياري هم الورثة فإن الهبة تكون قد انعقدت بينهم وبين الموهوب له فتنتقل الملكية منهم لا من المورث ، ولو أخذنا بفكرة الإجازة لا عتبرت الهبة منعقدة بين المورث والموهوب له فتنتقل الملكية من المورث لا من الورثة . ولعل هذا الفرق الثاني هو الذي يظهر ما في الرأي من غرابة .

( [140] )           أنظر آنفاً فقرة 3 .

( [141] )           قارن أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 659 هامش رمق 8 – انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 525 – وانظر في معيار للهبة غير المباشرة وردها إلى فكرة التصرف غير المتصف أو المحايد ( acte neuter ) إلى الأستاذ أكثم الخولي فقرة 96 وما بعدها . وقد أدخل بموجب هذا المعيار في الهبات غير المباشرة التصرفات المجردة والإقرار بالدين والتعهد بالوفاء وحوالة الحق وحوالة الدين ، وفي رأينا أن بعض هذه التصرفات هبات مستترة وبعضها يصح أن يكون هبات مباشرة مكشوفة .

( [142] )           ولكن هبة حق الانتفاع لغير مالك الرقبة تكون هبة مباشرة تستلزم الرسمية ، لأن التصرف هنا ينقل حق الانتفاع من صاحبه إلى الموهوب له ( أنظر الأستاذ أكثم الخولي ص 143 – ص 144 – وانظر عكس ذلك الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 124 ولكن أنظر مع ذلك ص 125 ) .

( [143] )           قارن المادة 607 من التقنين المدني العراقي ، وتنص على ما يأتي : " 1 – إذا وهب الدائن الدين للمدين أو أبرأ ذمته منه ولم يرده المدين تتم الهبة ويسقط الدين في الحال .

2 - وإذا وهب الدائن الدين لغير المدين ، فلا تتم الهبة إلا إذا قبضه بإذن الواهب " .

أما الصلح مع المدين المفلس بالنزول عن جزء من الدين فليس بهبة أصلاً – لا مباشرة ولا غير مباشرة – لأن النزول هنا ليس بنية التبرع كما سبق القول ( أنظر آنفاً فقرة 438 في الهامش ) .

( [144] )           وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن نصاً ، هو المادة 662 من المشروع ، يجرى على الوجه الآتي : " إذا تمت الهبة في صورة اشتراط لمصلحة الغير ، فلا يشترط فيها شكل خاص إلا الشكل الذي قد يتطلبه العقد ما بين المشترط والمتعهد " وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة ، لأن حكمه وارد في الاشتراط لمصلحة الغير ( أنظر آنفاً فقرة 460 في الهامش ) .

( [145] )           وكذلك تعتبر هبة غير مباشرة أن يجعل شخص شخصاً آخر يبيع عيناً لشخص ثالث ويلتزم الأول يدفع الثمن ، إذ الموهوب له هنا قد انتقلت إليه ملكية العين لا من الواهب الذي التزم بدفع الثمن ، بل من صاحب العين الذي باعها . ويعتبر الموهوب هو العين المبيعة لا الثمن ( أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 659 ص 526 ) . وتذهب محكمة النقض الفرنسية إلى أن شراء شخص لآخر عيناً والتزامه بدفع الثمن عنه يعتبر هبة مستترة لا هبة غير مباشرة ( نقض فرنسي 8 نوفمبر سنة 1926 سيريه 1927 – 1 42 – 30 ابريل سنة 1941 سيريه 1941 – 1 – 148 – 30 مايو سنة 1951 داللوز 1951 - 617 ) . وينتفق الفقه الفرنسي أن تكون الهبة هنا هبة مستترة ، ويذهب إلى إنها هبة غير مباشرة على النحو الذي قدمناه ( انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 488 – فقرة 489 وفقرة 550 ) . وقد ذهبت محكمة استئناف مصر إلى أن الهبة تقع على الثمن ) ، وتعتبر مقبوضة بدفع الثمن للبائع ( 14 يناير سنة 1940 المحاماة 20 رقم 392 ص 2943 ) . وانظر أيضاً استئناف مختلط 30 ابريل سنة 1946 م 58 ص 165 . وانظر في هذا المعنى أيضاً بلانيول وريبير وبولانيجه 3 فقرة 3342 ، ويرون أن الهبة وقعت غير مباشرة بالتزام الواهب بدفع الثمن للبائع ، ولكن الاقرب إلى قصد المتعاقدين هو أن يكون المبيع ذاته لا الثمن هو الشيء الموهوب ( أنظر أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 659 ص 526 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 128 – وانظر أيضاً أحكام محكمة النقض الفرنسية السالف الإشارة إليها ) .

ويترتب على ذلك أنه إذا كان هناك مسوغ لفسخ الهبة وفسخها الواهب ، استرد من الموهوب له المبيع لا الثمن . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت الورقة الصادرة إلى أم من أولادها تتضمن اقرارهم بشراء أمهم من مالها الخاص المنزل محل النزاع الصادر عنه عقد البيع من المالك باسماء الأولاد في تاريخ لاحق لتلك الورقة ، وأن الأم تنازلت عنه بطريق الهبة إلى أولادها هؤلاء الذين تعهدوا بألا يتصرفوا فيه إلا بعد وفاتها كما تعهدوا بان يعطوها نفقة شهرية مقدارها مائتا قرش ، فاعتبرت المحكمة هذا الإقرار ورقة ضد تكشف عما أخفاه عقد البيع الصادر بعدها من أن الأولاد ليسوا هم المشترين في الحقيقة بل المشتري هي الأم ، وإنها قصدت باخفاء اسمها أن تختصر الطريق والإجراءات فلا تشتري بعقد ثم تهب باخر ، بل يتم الأمران بعقد واحد ، فهذا الذي حصلته المحكمة يسوغه ما ورد في الإقرار ، والمحكمة إذ كيفت عقد البيع المذكور بأنه هبة من الأم لأولادها حررت في صورة عقد بيع من البائع إلى الموهوب لهم لم يظهر فيه اسم المشترية الواهبة ، وإذ حكمت ببطلان البيع الذي تصرف به الموهوب لهم في الموهوب وبفسخ الهبة لإخلالهم بالتزامهم بعدم الصرف ، لا تكون قد أخطأت بل هي طبقت أحكام الصورية والهبة غير المباشرة تطبيقاً صحيحاً ( نقض مدني 20 يناير سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 373 ص 703 ) .

وليس من الضروري أن يكون الشراء باسم الغير مقترناً بنية الهبة ، وقد قضت محكمة النقض بان دفع الزوج ثمن العقار من ماله كما قد يكون بنية الهبة لزوجته يصح أن يكون مجرداً عن هذه النية ، وكأن يكون الغرض منه استعارة اسم الزوجة في الشراء . فإذا استخلصت المحكمة انعدام نية الهبة مما حواه إقرار موقع عليه من زوجين يفيد دفع الزوج ثمن المبيع الذي اشترته زوجته ، وانه إنما استعار اسمها في العقد بقصد حرمان ورثته إن مات قبلها ، ومن كون ورثة الزوجة لم يحركوا ساكناً إزاء العقد محل الدعوى بعد وفاتها وطوال حياة الزوج زهاء سبع سنوات حتى توفى الزوج ، فهذا استخلاص سائغ ( نقض مدني 20 ابريل سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 113 ص 440 ) . والظاهر أن العقد وصية مستترة ، وهي باطلة لأنها لوارث ، وقد سقطت على كل حال لموت الموصى لها قبل الموصى .

( [146] )           أنظر في هذا المعنى أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 659 ص 526 – بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3342 – انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 482 وفقرة 544 .

ولكن يذهب بعض الفقهاء إلى أن عقود المحاباة هبات غير مباشرة ، ولا تشترط فيها الرسمية لهذا السبب ( بودري وكولان 10 فقرة 1222 وفقرة 1236 – بونسار ص 186 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقةر 62 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 105 ) .

( [147] )           استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1912 م 25 ص 5 – 29 يناير سنة 1914 جازيت 4 رقم 88 ص 223 – 15 نوفمبر سنة 1917 م 30 ص 44 .

( [148] )           انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 556 - فقرة 565 .

( [149] )           ولا يوجد في التقنين المدني الفرنسي نص مقابل يعفي الهبات المستترة من الشكل ، ولكن لاقضاء الفرنسي قد استقر على افعاء هذه الهبات من الشكل تقريبا لها من الهبات غير المباشرة ولحماية الغير الذي يتعامل مع الموهوب له ، وقد استند القضاء الفرنسي في ذلك إلى بعض نصوص ليست حاسمة ، ولكن الاعتبارات العملية هي التي تغلبت في استقرار القضاء ، ولم يعد الفقه الفرنسي يستطيع المنازعة في ذلك ( أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 659 هامش رقم 22 – بودري وحكولان 10 فقرة 1237 – فقرة 1241 – بلانيول وريبير وترانسبو 5 فقرة 424 – بلانيول وربير وبولانجيه 3 فقرة 3350 – كولان وكابيتان 3 فقرة 1621 – بيدان وفواران فقرة 226 – دالليني Dalligny رسالة من باريس سنة 1927 – جوليفيه Jolivet رسالة من بواتييه سنة 1940 – نوفر Nouveauy رسالة من نانسي سنة 1943 – انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 467 – فقرة 471 .

( [150] )           بودري وكولان 10 فقرة 1244 .

( [151] )           استئناف مختلط 6 مايو سنة 1931 م 43 ص 375 .

( [152] )           أنظر آنفاً فقرة 51 .

( [153] )           أنظر آنفاً فقرة 51 .

( [154] )           فالشركة التي يعطي فيها الشريك أسهماً دون أن يدفع حصة في رأس المال تخفى هبة مستترة لهذا الشريك ، والتوكيل بتسلم شيء مودع لحساب الموكل قد يخفى هبة هذا الشيء للوكيل ( أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 659 ص 527 ) .

وقد تستتر الهبة في صورة تخارج ( نقض مدني 15 يناير سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 136 ص 408 ) ، أو في صورة إقرار بالملك ( استئناف وطني 24 مارس سنة 1915 الشرائع 2 رقم 250 – 2 ص 240 ) ، أو في صورة سند تحت الإذن ( استئناف مصر 23 يونية سنة 1936 المحاماة 17 رقم 147 ص 304 – استئناف مختلط 4 ديسمبر سنة 1935 المحاماة 17 رقم 186 ص 357 ) .

وليس من الضروري أن يكون العقد الساتر ناقلا للملكية ، فيصح أن يكون من العقود الكاشفة كالصلح ( جوليفيه ص 68 ، الأستاذ أكثم الخولي ص 125 هامش رقم 1 – عكس ذلك بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3357 ) . ولكن هبة الوالد أمواله لولديه وتسمية الهبة بأنها قسمة ليست إلا هبة مكشوفة ، فتكون باطلة إذا لم تكن في ورقة رسمية ( استئناف مختلط 9 مايو سنة 1906 م 18 ص 236 ) .

( [155] )           فالجهد الذي يبذله الواهب في ستر هبته في صورة عقد آخر كفيل أن ينبهه إلى ما هو مقدم عليه من تصرف ، ويدل في الوقت ذاته على تصميمه على المضى في تصرفه ، وهذا يحل محل الشكلية أو العينية في حماية إرادة الواهب ( انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 231 وفقرة 471 ) .

( [156] )           وقد قضت محكمة النقض بان كل ما يشترطه القانون لصحة الهبة المستترة ونفاذها أن يكون العقد الساتر للهبة مستوفياً كل الشروط المقررة له من حيث الشكل ، فإذا كان سند الدين موضوع النزاع مستكملا جميع شرائط سندات الدين الصحيحة ، واستخلصت محكمة الموضوع أن التصرف الوارد فيه كان منجزاً وغير مضاف إلى ما بعد الموت ، ثم كيفيته على فرض كونه تبرعاً بأنه هبة صحيحة نافذة في حق ورثة الواهب ، فذلك هو مقتضى التطبيق الصحيح للقانون ( نقض مدني 28 يناير سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 21 ص 47 ) .

( [157] )           فإذا تنازلت سيدة تداين ابنها بسند لابنة ابنها عن هذا الدين نظير جهازها ، فهذه هبة مكشوفة لا مستترة ، ويجب أن تتم بورقة رسمية أو بالقبض ( استئناف مصر 16 ابريل سنة 1933 المحاماة 14 رقم 251 – 2 ص 482 ) . وإذا لم يذكر مقابل للحوالة ، فهي هبة مكشوفة تستوجب الرسمية ( إسكندرية الكلية الوطنية 19 فبراير سنة 1 938 المحاماة 18 رقم 419 ص 919 ) . وإذا خصصت شركة نسبة مئوية من أرباحها لشخص ، ولم تخف ذلك تحت اسم عقد آخر ، بل ذكرت أن هذا التخصيص هو لإعانة الموهوب له ، فالهبة مكشوفة تستوجب الرسمية ( استئناف مختلط 24 نوفمبر سنة 1943 م 56 ص 10 ) .

( [158] )           ولا يجوز أن يكون الإقرار صحيحا في هذه الحالة إلا إذا فسر على أنه وفاء لالتزام طبيعي . فلا يستلزم الوفاء ورقة رسمية ( انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 494 – فقرة 495 ) .

( [159] )           انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 496 – وانظر فقرة 532 حيث يعتبر الإقرار غير المتضمن لسبب هبة غير مباشرة ، وفي رأينا أنها هبة مستترة كما في الإقرار المتضمن لسبب الدين .

ويخلص من ذلك أن الهبة التي يسترها إقرار عرفي بالدين كسند تحت الإذن تكون صحيحة ( نقض مدين 23 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 355 ص 686 – استئناف مختلط 22 يناير سنة 1930 م 42 ص 221 – 29 يناير سنة 1930 م 42 ص 242 – 25 مارس سنة 1931 م 43 ص 312 – 5 مارس سنة 1935 م 47 ص 183 – 4 ديسمبر سنة 1935 م 48 ص 51 – 3 مايو سنة 1938 م 50 ص 274 ) . وانظر في هبة في صورة إقرار بالدين مستكمل لجميع الشروط : نقض مدني 23 مايو سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 62 ص 201 – استئناف مصر 19 مارس سنة 1929 المحاماة 9 رقم 395 ص 274 .

ويتبين مما قدمناه أن جميع التصرفات المجردة إذا انطوت على هبات فهي هبات مستترة ، وإن كان بعض الفقهاء يذهب إلى إنها هبات غير مباشرة .

( [160] )           وإذا أن الثمن المذكور إيراداًً مدى الحياة ، وكان الإيراد أقل من ريع العين ، فقد قدمنا عند الكلام في البيع أنه يعتبر ثمناً تافها ، وتكون الهبة مكشوفة لا مستترة ، فتستوجب الرسمية ( أنظر الوسيط 4 فقرة 216 ) .

( [161] )           وقد كانت أحكام القضاء متضاربة في هذه المسألة . فبعضها كان يذهب إلى أن العقد يكون في هذه الحالة هبة مستترة لا تستوجب الشكلية ، لأن الهبة لم تنصب إلا على الثمن وهو منقول فتجوز هبته بدون ورقة رسمية ، ويبقى البيع بعد أن ذكر فيه الثمن ساترا للهبة . ولا فرق بين أن يذكر البائع أنه قبض الثمن ولم يكن قد قبضه فعلا وبين أن يقول إنه وهب الثمن أو أبرأ المشتري منه ، بل هو في الحالة الأخيرة يقرر الواقع فيكون أولى بالرعاية : استئناف وطني 23 فبراير سنة 1905 الاستقلال 4 ص 448 – 17 فبراير سنة 1907 المجموعة الرسمية ) رقم 87 ص 200 – 4 يونيه سنة 1907 الحقوق 22 ص 185 – 25 نوفمبر سنة 1908 المجموعة الرسمية 10 رقم 52 ص 119 – 22 ديسمبر سنة 1910 المجموعة الرسمية 12 رقم 64 ص 118 – 13 مايو شنة 1913 المجموعة الرسمية 14 رقم 104 ص 200 – 29 نوفمبر سنة 1914 الشرائع 2 رقم 160 / 1 ص 148 – 8 فبراير سنة 1917 الشرائع 4 رقم 144 ص 490 – 4 يونيه سنة 1917 المجموعة الرسمية 18 رقم 113 ص 195 – 22 مايو سنة 1918 الشرائع 5 رقم 92 ص 438 – استئناف مختلط 12 مايو سنة 1910 م 22 ص 297 – 11 يناير سنة 1912 م 24 ص 86 – 22 فبراير سنة 1912 م 14 ص 155 – 30 ديسمبر سنة 1913 م 26 ص 118 – 28 مارس سنة 1 918 م 30 ص 316 .

وذهبت أحكام أخرى إلى أن العقد يكون في هذه الحالة هبة مكشوفة تستوجب الرسمية ، إذ لا بد في البيع الساتر للهبة أن يكون في ظاهره دالا على بيع حقيقي ولا يوجد بيع حقيقي إذا وهب البائع الثمن للمشتري أو أبرأه منه ، والقول بأنه تجوز هبة الثمن لأنه منقول فيه تجزئة العقد إلى عقدين وهذا ما لم يقصد إليه المتعاقدان . على أن هبة الثمن يجب أن تكون هي أيضاً في ورقة رسمية ما دام الثمن لم يقبض : استئناف وطني 5 ابريل سنة 1900 الحقوق 19 ص 4 – 6 يونيه سنة 1900 المجموعة الرسمية 2 ص 180 – 4 مايو سنة 1905 المجموعة الرسمية 6 رقم 110 ص 238 – 19 مارس سنة 1907 الحقوق 22 ص 266 – 17 فبراير سنة 1910 المجموعة الرسمية 11 رقم 109 ص 299 – 2 فبراير سنة 1911 المجموعة الرسمية 12 رقم 65 ص 120 – 25 فبراير سنة 1915 الشرائع 2 رقم 219 ص 212 – 29 ديسمبر سنة 1915 الشرائع 3 رقم 77 ص 295 – 22 يناير سنة 1916 المجموعة الرسمية 17 رقم 51 ص 81 – 26 ابريل سنة 1916 الشرائع 3 رقم 189 ص 551 .

وقد طرحت المسألة على دوائر محكمة الاستئناف الوطنية المجتمعة ، فقضت في أول مايو سنة 1922 ( المجموعة الرسمية 23 رقم 42 ص 68 – المحاماة 2 رقم 160 ص 473 ) بالرأي الثاني ، مستندة إلى أنه إذا لم يكن عقد الهبة المستترة في ظاهره عقدا ذا عوض ، بل كان ظاهره كاشفا لنية التبرع أو دالا عليها ، كانت الهبة باطلة لأنها تكون هبة مكشوفة لا مستترة . ولا تكون صحيحة إلا إذا كان العقد جامعاً في الظاهر لاركان البيع اللازمة لانعقاده ، أي مذكرواً فيه الثمن بطريقة غير نافية لوجوده . ثم إن هبة الثمن أو الإبراء منه يدل كل مطلع عليه أنه عقد تبرع ، فلا حاجة هنا لحماية الغير بتصحيح الهبة . والقول بان الهبة تصح في الثمن لأنه منقول غير صحيح ، لأن المنقول الذي لم يقبض لا تجوز هبته إلا بعقد رسمي . والقول بأنه لا يصح نقض تصرف من كان صريحا في عمله في حين إجازته لو كان أخفى غرضه مردود بان المسألة هنا مسألة تطبيق نص قانونين ، على أن الواقع أن الواهب لم يكن صريحا في عمله فقد أراد التحايل ولكنه ضل الطريق فلم يعرف كيف يستوفى شرائط العقد الذي التجأ إليه ليتخذه حيلة ، وكان في الواقع يقوم مقام هبة الثمن اعترافه بقبضه ليصح عقده . أنظر أيضاً استئناف وطني 4 يناير سنة 1923 المجموعة الرسمية 25 رقم 70 ص 120 .

وقد أخذت بهذا الرأي الثاني محكمة النقض ، فقضت بأنه لا عبرة بعدم ذكر قبض الثمن في عقد البيع متى كان الثمن مسى فيه ، فإن البيع يقتضى إطلاقا التزام المشتري بدفع الثمن المسمى ، ولكن إذا كان لم يذكر في العقد أو ذكر مع إبراء المنصرف إليه منه أو وهبه له ، فإن العقد في هذه الحالة لا يصح أن يكون ساتراً لهبة ، لأن القانون وإن أجاز أن يكون العقد المشتمل على الهبة موصوفاً بعقد آخر فإنه يشترط أن يكون هذا العقد مستوفياً الأركان والشرائط اللازمة لصحته ( نقض مدني 9 يونيه سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 130 ص 400 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا كان الظاهر من عقد البيع أنه وقع مقابل ثمن معين ، وكان منصوصاً فيه على أن البائع تبرع لولده المشتري بهذا الثمن ، وعلى أن المشتري التزم بتجهيز أختيه وبالاتفاق عليهما وعلى أمه بعد وفاة أبيه ، واعتبرت المحكمة هذا العقد هبة مكشوفة ، فإنها لا تكون قد أخطأت في تكييفه فإن مجرد النص على أن الوالد تبرع بالثمن يكفي لاعتبار العقد هبة مكشوفة . أما ما التزم به الموهوب له في ذيل هذا العقد من تجهزي أختيه ومن الإنفاق عليهما وعلى والدته بعد وفاة أبيه ، فلا يعدو أن يكون مقابلا للهبة ، ولا يخرج عقدها عن طبيعته ( نقض مدين 22 مايو سنة 1946 مجموعة عمر 4 رقم 83 ص 178 ) .

ومتى ذكر الثمن في العقد اكن البيع ساترا للهبة كما قدمنا ، حتى لو وجدت ورقة ضد تكشف عن حقيقة نية المتصرف ( نقض مدني 5 ابريل سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 967 ص 573 ) ، وحتى لو اتفق الطرفان على عدم نقل تكليف العين المبيعة وبقائها تحت يد البائع للانتفاع بها طول حياته ( نقض مدني 5 يناير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 2 ص 43 ) .

أنظر في هذا الموضوع الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 74 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 48 .

( [162] )           انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 485 وفقرة 487 .

( [163] )           ودون حاجة إلى استيفاء الثمن بداهة ، إذ المفروض أن الثمن صوري ( استئناف مختلط 18 يونيه سنة 1940 م 52 ص 316 ) .

( [164] )           استئناف مصر 13 يناير سنة 1938 المحاماة 19 رقم 42 ص 81 – 30 نوفمبر سنة 1946 المحاماة 30 رقم 373 ص 751 – 18 فبراير سنة 1947 المجموعة الرسمية 48 رقم 246 / 1 – استئناف أسيوط 10 مارس سنة 1935 المحاماة 17 رقم 445 ص 88 4 - سوهاج الكلية 2 ديسمبر سنة 1936 المحاماة 17 رقم 449 ص 893 – 19 يناير سنة 1937 المحاماة 17 رقم 377 ص 762 – الإسكندرية الكلية الوطنية 19 فبراير سنة 1928 المحاماة 19 رقم 232 ص 560 - استئناف مختلط 19 مارس سنة 1 903 م 15 ص 203 – 17 – يونيه سنة 1915 م 27 ص 412 – 30 نوفمبر سنة 1916 م 29 ص 84 – 15 نوفمبر سنة 1917 م 30 ص 44 – 8 مارس سنة 1941 م 53 ص 167 – 25 مارس سنة 1941 م 53 ص 193 – 13 يناير سنة 1942 م 54 ص 38 – 22 يناير سنة 1942 م 54 ص 51 .

( [165] )           أنظر آنفاً فقرة 460 في الهامش .

( [166] )           إلا في حق الغير ، فإذا كانت الهبة في صورة بيع وباع الموهوب له العين إلى مشتر ، كان لهاذ المشترى الرجوع بضمان استحقاق المبيع على الواهب ( استئناف مختلط 11 ابريل سنة 1935 م 47 ص 246 ) .

( [167] )           استئناف مختلط 22 فبراير سنة 1905 م 17 ص 125 – 15 مايو سنة 1907 – م 19 ص 261 – 25 فبراير سنة 1930 م 42 ص 314 – 31 مايو سنة 1938 م 50 ص 340 .

وكذلك يجب تسجيلها في العقار لتنقل الملكية ( استئناف مختلط 26 أكتوبر سنة 1939 م 52 ص 7 ) . ولكن لا يشترط تسجيلها لصحة الهبة في ذاتها ( استئناف مختلط 25 مارس سنة 1941 م 53 ص 139 ) .

( [168] )           ولكن إذا كان التصرف المكتوب إقرارا بدين لم يذكر سببه ، جاز للواهب أن يثبت بجميع الطرق أن السبب هو التبرع ، لأنه لا يثبت عكس ما هو مكتوب ولا يجاوزه ، وإنما هو يفسر المكتوب ( أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 659 ص 529 ) .

( [169] )           انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 506 – فقرة 516 .

( [170] )           بودري وكولان 10 فقرة 1256 ص 568 .

( [171] )           وكان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد ينص في المادة 665 منه على أنه " " 1 - يجب لصحة الهبة أن يكون الواهب مالكاً للمال الموهوب ، وأن يكون أهلاً للتبرع . 2 - وتسرى على الهبة في مرض الموت أحكام الوصية " . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة اكتفاء بتطبيق القواعد العامة وبما جاء في باب أحكام الوصية ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 257 – 258 في الهامش ) .

( [172] )           وقد نصت المادة 114 مدني على أنه : " 1 - يقع باطلا تصرف المجنون والمعتوه ، إذا صدر التصرف بعد تسجيل قرار الحجر . 2 - أما إذا صدر التصرف قبل تسجيل قرار الحجر فلا يكون باطلا إلا إذا كانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد ، أو كان الطرف الآخر على بينة منها " .

( [173] )           وانظر في أن تقدم السن قد يعدم التمييز فتكون الهبة باطلة : نقض مدني 21 مارس سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 31 ص 241 . وانظر في إثبات انعدام التمييز استئناف مختلط 29 مارس سنة 1923 م 35 ص 327 – 13 مارس سنة 1928 م 40 ص 224 .

( [174] )           نقض مدني 9 ديسمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 33 ص 257 .

( [175] )           وهذا ما لم يكن المال الموهوب قد آل إلى القاصر بطريق التبرع من أبيه ، صريحاً كان التبرع أو مستتراً ، فلا يلزم الأب في هذه الحالة بتقديم حساب عن هذا المال ( م 13 من قانون الولاية على المال ) .

( [176] )           وإذا كان الولى هو الجد ، فلا يجوز له بغير إذن المحكمة التنازل عن التأمينات المعطاة لضمان دين القاصر أو إضعافها ( م 15 من قانون الولاية على المال ) .

( [177] )           وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن الهبة الصادرة من المورث في حال صحته لأحد ورثته تكون صحيحة لخروجها عن نطاق التحايل على قواعد الإرث ولعدم مساسها بالنظام العام ( استئناف مصر 30 نوفمبر سنة 1946 المجموعة الرسمية 48 رقم 122 / 2 ) .

( [178] )           أما تقنين الموجبات والعقود اللبناني فقد نصت المادة 512 منه على أنه " لا يصح أن تتجاوز الهبات حد النصاب الذي يحق للواهب أن يتصرف فيه مز " ونصت المادة 513 منه على " أن الهبة التي تتجاوز – طبقاً لما نص عليه في المادة 512 – حد النصاب المعين بالنسبة إلى قيمة الأموال التي تركها الواهب عند وفاته ، يجب أن يخفض منها كل ما تجاوز ذلك النصاب . على أن التخفيض لا يبطل مفاعيل الهبة ، ولا حيازة الواهب للثمار في مدة حياته " ونصت المادة 532 منه على أنه " إذا منحت هبتان أو عدة هبات وتعذر أداؤها تماماً بدون تجاوز حد النصاب ، فالهبات الأحدث عهداً تبطل أو تخفض بقدر تجاوزها حد النصاب " .

وهذه النصوص مشبعة بأحكام التقنين المدني الفرنسي .

( [179] )           نقض مدني 22 يونيه سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 134 ص 402 – 23 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 355 ص 686 – 14 ابريل سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 406 ص 752 – استئناف مختلط 21 نوفمبر سنة 1944 م 57 ص 14 – 18 مارس سنة 1947 م 59 ص 167 .

( [180] )           ذهب الليث بن سعد إلى أن تبرعات الزوجه – ومنها هبتها – موقوفة على إذن زوجها أو إجازته إلا ما كان تافهاً حقيراً . وحجته في ذلك ما رواه أحمد والنسائي وأبو داود عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها ا ـ . وحديث : لا يجوز للمرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها . فاخذ الليث من هذا أنه لا يجوز للزوجة أن تعطي عطية من مالها مطلقاً بغير إذن زوجها ، لكنه استثنى الشيء التافه لجريان التسامح به . وقال طاوس ومالك إنه يجوز لها أن تعطي من مالها بغير إذنه إلى الثلث ، ودليله أيضاً هذا الحديث ، لكنه لما رأى الجمهور من القائلين بأن للزوجة أن تتصرف في مالها كيف تشاء وليس للزوج أن يمنعها من ذلك كما وردت بذلك أحاديث كثيرة تعارض ما تقدم ، حمل تلك الأحاديث على جواز هبة الشيء اليسير بدون إذن الزوج ، وقدره إلى الثلث قياساً إلى الوصية ( الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد 2 ص 620 ) .

( [181] )           ويجز مالك الهبة للجنين وللمعدوم . فيجوز أن يهب شخص ماله لحمل ، ويوقف المال الموهوب ، فإن ولد الجنين حيا وعاش كان المال للموهوب له ، وإن مات بعد ولادته حيا كان لورثته ، وإن ولد ميتاً بقى المال على مل كالواهب . ويجوز أن يهب شخص ماله لمعدوم ، فيقول إن ظهر لفلان ولد فهذا المال له ، وفي هذه الحالة لا تكون الهبة لازمة فيجوز للواهب التصرف فيها قبل وجود الموهوب له ، ويذهب ابن القاسم إلى أنه ليس للواهب أن يتصرف في المال الموهوب حتى ييأس من وجود الموهوب له ( الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد ، ص 623 ) .

وتجوز الهبة لغير معين عن طريق الاباحة أو التحليل ، أي إذن الإنسان لغير معين بأن ينتفع بماله أو يستهلكه أو يملكه . جاء في الفتاوى الهندية : رجل سبب دابته وقال من شاء فليأخذها ، فأخذها رجل فهي له ، ومثله من رمي ثوبه وقال من أراد أن يأخذه فليأخذه ، فأخذه رجل ، فهو لمن أخذه . . ومثله في الحكم الدراهم ونحوها آلت تنثر على الناس في الاعراس ونحوها ، فهي ملك لمن التقطها . ومن ذلك الضيافات والولائم فللضيف أن يتناول من الطعام كفايته دون أن يدخر منه شيئاً رجوعاً إلى عرف الناس وعادتهم ( الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 65 – ص 66 ) .

( [182] )           ويجوز تعيين وصى مختار للجنين في حالة الوصية له ( م 28 وم 29 من قانون الولاية على المال ) .

( [183] )           تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 667 من المشروع التمهيدي على الوجه الذي استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 514 من المشروع النهائي ، ثم مجلس النواب ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 487 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 246 – ص 247 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص .

وياقبل النص في التقنينات المدنية العربية الاخلى : في التقنين المدني السوري م 455 ( مطابق ) . وفي التقنين المدني الليبي م 476 ( مطابق ) – وفي التقنين المدني العراقي : م 604 – بملك الصغير المال الذي وهبه إياه وليه أو من هو في حجره بمجرد إيجاب الواهب مادام المال في يده أو كان وديعة أو عارية عند غيره ولا يحتاج إلى القبض . م 605 . إذا وهب شيء لصبي غير مميز ، قام مقامه وليه أو من هو في حجره . م 608 – يشترط أن يكون الواهب عاقلا بالغا أهلاً للتبرع ، فإن كان كذلك ، جاز له أن يهب في حال صحته ماله كله أو بعضه لمن يشاء ، سواء كان أصلاً له أو فرعاً أو قريباً أو أجنبياً عنه ولو مخالفا لدينه . ( وأحكام التقنين العراقي تتفقمع أحكام التقنين المصري ) . وفي تقنين الموجبات والعقود اللبنانين : م 515 – كل شخص يستطيع التعاقد والتصرف في ملكه يمكنه أن يهب . ولا يحق للولي أن يتصرف بلا بدل في الأموال يتولى إدارتها . م 516 – كل شخص يصرح القانون تصريحاً خاصاً بعدم أهليته لقبول الهبة أن يقبلها . ويحرم أهلية القبول حرماناً نسبيا : أولاً – الوصي بالنسبة إلى الموصى عليه . ثانياً – الطبيب في مدة مرض الموت إذا لم يكن من اقرباء المريض . م 517 – الأشخاص الذين لا يستطيعون التعاقد لا يمكنهم قبول هبات مقيدة بشرط أو بتكليف ، إلا بعد ترخيص الذين – يمثلونهم شرعاً . م 518 – الهبات التي تمنح للجنة في الأرحام يجوز أن يقبلها الأشخاص الذين يمثلونهم . م 519 – الهبات التي تمنح لاشخاص ينص القانون على عدم اهليتهم لقبولها تعد باطلة ، وإن جرت تحت مظهر عقد آخر أو على يد شخص مستعار . م 519 – يجب على الموهوب له أن يقبل الهبة بنفسه أو بواسطة شخص آخر حاصل على وكالة خاصة أو وكالة عامة كافية ( الأب والأم والوصي ) . وإلا كان القبول باطلا . ( وهناك فرقان بين أحكام التقنين اللبناني وأحكام التقنين المصري : ( 1 ) الحرمان النسبي من قبول الهبة للوصى وللطبيب . ( 2 ) جواز الهبة للجنين ) .

( [184] )           وقد قضت محكمة النقض بأنه لو وهب الأب لطفله شيئاً في يده أو عند مستودعه أو مستعيره ، تتم الهبة بمجرد قوله وهبت ، ولا حاجة للقبول لتمام الهبة ، لأن المال لما كان في قبض الأب ناب مناب قبض الصغير . فإذا اعتبر الحكم ، بناء على أسباب مسوغة ، أن إقرار المورث بأنه مدين بقيمة السند موضوع الدعوى لولديه القاصرين هو إقرار من جانبه يشمل إيجاباً بالهبة من مال في قبض ، وبه تتم الهبة للقاصرين بغير حاجة إلى قبول من وصى يقام عليهما ليتسلم السند ، فإنه لا يكون قد أخطا ( نقص مدني 23 فبراير سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 71 ص 269 – ويؤخذ على هذا الحكم أنه يتكلم عن القبض في هبة مستترة تتم دون حاج - ة إلى قبض أو إلى ورقة رسمية ، ولكن الحكم يصيب في أن الهبة هنا ليست في حاجة إلى قبول الصغيرين ) . وانظر في أن ولى القاصر ولو كان هو الواهب يقبل الهبة نيابة عنه : استئناف وطني 31 يناير سنة 1909 الحقوق 24 ص 300 – 7 فبراير سنة 1921 المحاماة 1 ورقم 87 ص 455 – مصر الكلية الوطنية 16 ابريلس نة 1904 الاستقلال 3 ص 110 – استئناف مختلط 12 ديسمبر سنة 1918 م 31 ص 68 – 25 فبراير سنة 1930 م 42 ص 321 – وقارن استئناف مختلط 29 مارس سنة 1923 م 35 ص 327 .

( [185] )           فيجوز إذن رفضها بغير إذن المحكم ( أنظر الأستاذ أكثم الخولي ص 104 هامش رقم 2 ) .

( [186] )           وإذا وهب للزوجة الصغيرة هبة ، فلزوجها أن يقبضها نيابة عنها إذا كانت قد زفت إليه ولو كان أبوها حاضراً ، وكذا لأبيها حق القبض لما له من الولاية عليها ، وكذا لها أن تقبضها إذا كانت مميزة ( نظر م 513 و م 514 من قانون الأحوال الشخصية لقدري باشا ) – وانظر الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد 2 ص 622 ) .

( [187] )           وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الواهب قد قبل الهبة التي صدرت منه لأحد أولاده بصفته ولياً عليه ، مع أن الموهوب له كان في وقت القبول بالغاً سن الرشد ، وتمسك الموهوب له أمام محكمة الموضوع بان عقد الهبة قد تنفذ وتسلم الشيء الموهوب ووضع اليد عليه وانتفع به إقرار ورضاء جميع الورثة ، وطلب الإحالة على التحقيقي لإثبات ذلك . فابطل الحكم الهبة لبطلان قبولها ، ولم تأبه المحكمة لهذا الدفاع واغفلت التعرض له مع أنه دفاع جوهري يحتمل معه – فيما لو ثبت – أن يتغير وجه الحكم في الدعوى ، فإن ذلك يعتبر قصورا في التسبيب يعيب الحكم ( نقض مدني 21 نوفمبر سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 92 ص 828 ) .

( [188] )           أما قبول الأشخاص المعنوية للهبات فتتبع فيه القواعد الخاصة بها . من ذلك ما نصت عليه المادة 57 مدني ( قبل الغائها ) بالنسبة إلى الجمعيات : " 1 – لا يجوز أن تكون للجمعية حقوق ملكية أو أية حقوق أخرى على عقارات إلا بالقدر الضروري لتحقيق الغرض الذي انشئت من أجله . 2 – ولا يسري هذا الحكم على الجمعيات التي لا يقصد منها غير تحقيق غرض خيري أو تعليمي ، أو لا يراد بها إلا القيام ببحوث علمية " . وتنص المادة 79 مدني ( قبل الغائها ) على أن : " 1 - الجمعيات التي يقصد بها تحقيق مصلحة عامة والمؤسسات يجوز ، بناء على طلبها ، أن تعتبر هيئة تقوم بمصلحة عامة ، وذلك بمرسوم يصدر باعتماد نظامها . 2 – ويجوز أن ينص في هذا المرسوم على استثناء الجمعية من قيود الأهلية المنصوص عليها في المادة 57 . 3 – ويجوز أن يفرض المرسوم اتخاذ إجراءات خاصة للرقابة كتعيين مدير أو أكثر من الجهة الحكومية أو اتخاذ أي إجراء آخر يرى لازماً " . وتنص المادة 40 من قانون رقم 26 لسنة 1954 على تحريم التبرع لشركات المساهمة .

( [189] )           بودري وكولان 10 فقرة 260 .

( [190] )           على أنه يجب أن يكون في شخصية الموهوب له أو في صفة فيه غلطاً جوهرياً دفع إلى التعاقد ، وإلا كان الغلط غير مؤثر في صحة الهبة . فإذا تبرع الابن لأبيه بايراد مرتب طول حياة الأب على أن يستمر الإيراد بعد تخفيضه مرتباً على حياة امرأة كانت تعاشر الأب بعد موت هذا ، وكان الابن يظن أن المرأة هي زوجة أبيه ، ثم تبين إنها ليست زوجة بل عشيرة ، فإن هذا الغلط ليس جوهرياً ولا يكون من شأنه أن يجعل الهبة قابلة للإبطال ( محكمة القاهرة الكلية المختلطة 14 يناير سنة 1924 جازيت 15 رقم 28 ص 32 ) .

( [191] )           الوسيط جزء أول فقرة 178 .

( [192] )           الوسيط جزء أول فقرة 174 .

( [193] )           ويبدو أن الواهب يستطيع أيضاً أن يطلب إبطال الهبة ، حتى لو كان الموهوب له لا يعلم بالتدليس ولا يستطيع أن يعلم به . ذلك أن الهبة تبرع يجب أن تكون إرادة الواهب فيه خالصة لا يشوبها عيب ، وإبطال الهبة في هذه الحالة لا يحمل الموهوب له خسارة ، بل يقتصر على تفويته كسباً ( أنظر في هذا المعنى ديمولومب في الهبة 1 فقرة 383 – لوران 11 فقرة 131 – فقرة 132 – بودري وكولان 10 فقرة 267 ) . ولم نقل مثل ذلك الغلط ، بل اشترطنا اشتراط الموهوب له فيه أو علمه به أو استطاعته العلم ، لأن الغلط أمر نفسي خفى لا تدل عليه علاقة ظاهرة ، بخلاف التدليس فيغلب أن تدل عليه علامة ظاهرة هي طرق الاحتيال التي لجأ إليها المدلس .

( [194] )           حتى لو صدر الإكراه من الغير ، وحتى لو كان الموهوب له لا يعلم بالإكراه ولا يستطيع أن يعلم به ، لنفس الأسباب التي ذكرناها في التدليس الصادر من الغير ، فإرادة الواهب يجب أن تكون خالصة مختارة ، فإذا شابها الإكراه وأبطلت الهبة لم يتحمل الموهوب له خسارة وإنما فاته كسب . وللإكراه علامة مادية ظاهرة تدل عليه ، كما هو الأمر في التدليس .

( [195] )           وقد قضت محكمة استئناف أسيوط بان المورثة التي تنقض ما أبرمته من تصرفات سابقة بالبيع والوصية ، وتتجرد تجرداً يكاد يكون تاماً من غير مقابل لفائدة رئيس ديني استعمل نفوذه لابعادها عن أقاربها ابعاداً تاماً ، وأحاطها بخصومها الألداء ، وجعلها تنزل عن دعوى حساب بمبالغ جسيمة كانت قد رفعتها عليهم ، وتعطي لأحدهما توكيلا عنها ، تدل بهذه التصرفات والإجراءات المتناقضة على إنها كانت ضعيفة الإرادة مسلوبة الرضاء واقعة تحت تأثير الرئيس الديني الذي تسلط عليها تسلطاً جعلها تنقاد لارادته ، وتتصرف وفقاً لما يمليه عليها ، وتسير في الطريق الذي رسمها . فالوقفية التي تصدرها في هذه الظروف عن أطيان سبق لها الإيصاء بها لبعض أقاربها ، والتي تقيم فيها ذلك الرئيس الديني ناظراً وتفوض له التصرف في الريع على الفقراء وغيرهم دون رقيب ولا حسيب ، تكون قابلة للإبطال للإكراه ( استئناف أسيوط 8 مايو سنة 1929 المحاماة 9 رقم 477 ص 861 ) .

ويشبه هذا ما هو معروف في القانون الإنجليزي بالتأثير غير المشروع ( Undue influence ) وفيه يسيء الشخص استعمال ثقة شخص آخر به أو نفوذه الأدبي عليه ، فمتى وجدت علاقة نقوم على الثقة ما بين شخصين ، كأب وابن أو كطبيب ومريض أو كمحام وعميله أو كرئيس ديني ورجل متدين ، واستغل الشخص الموثوق به هذه العلاقة لإكراه الشخص الآخر على إمضاء عقد ، فإن العقد يكون قابلا للإبطال ( بولوك في العقد ص 648 – ص 689 – كارثر في العقد ص 85 – ص 87 ) .

( [196] )           الوسيط جزء أول ص 366 هامش رقم 1 .

( [197] )           وتصح هبة جميع أنواع الأموال والحقوق العينية التي عليها ، كحق الانتفاع وحق الرقبة وحق الارتفاق . وقد نصت المادة 514 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانين في هذا الصدد على أنه " يجوز للواهب أن يهب رقبة الملك لشخص وحق استثماره لشخص أو عدة أشخاص آخرين ، كما يمكنه أن يحفظ لنفسه حق الاستثمار " . ولا تجوز هبة المساجد لأنها تصبح وقفاً بطبيعتها ) مصر استئنافي 20 نوفمبر سنة 1906 الحقوق 22 ص 158 ) .

( [198] )           وقد نص المادة 665 من المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد في الفقرة اولالى منها على أنه " يجب لصحة الهبة أن يكون الواهب مالكاً للمال الموهوب ، وأن يكون أهلاً للتبرع " . وقد حذفت هذه المادة في لجنة المراجعة اكتفاء بالقواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 257 – ص 258 في الهامش ) .

( [199] )           تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 668 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " تقع هبة الأموال المستقبلة باطلة ، إلا إذا وردت على شيء معين بالذات فيسري عليها نص المادة 632 وما يليها " . ووافقت لجنة المراجعة على هذا النص تحت رقم 519 من المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب حذفت العبارة الأخيرة . وقد جاء في تقرير اللجنة تعليلا لهذا الحذف ما يأتي : " لأن المال المستقبل هو مال غير موجود وقت الهبة وسيوجد بعدها ، أما المال الموجود وقت الهبة مملوكا لغير الواهب فالهبة فهي هي هبة ملك الغير لا هبة المال المستقبل . وعلى أساس هذا التمييز ما بين هبة المال المستقبل وهبة ملك الغير لم يعد هناك محل للاستثناء الوارد في هذه المادة ، لأن الهبة التي ترد على شيء معين بالذات غير مملوك للواهب لا يمكن أن تكون هبة مال مستقبل ، بل تتمحض هبة لملك الغير وحكمها وارد في المادة 518 ، فلا معنى لإيرادها ثانية في المادة 519 على صورة استثناء ، لأن ملك الغير لا يدخل في المال المستقبل حتى يصح استثناؤه منه " ووافق مجلس النواب على المادة كما أقرتها لجنته ، ثم وافق عليها مجلس الشيوخ تحت رقم 492 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 257 و ص 262 – ص 263 ) .

( [200] )           ومع ذلك قارن استئناف مختلط 30 ابريل سنة 1946 م 58 ص 165 .

( [201] )           التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري : م 460 ( مطابقة ) .

التقنين المدني الليبي م 481 : تقع هبة الأموال المستقبلة باطلة ما عدا هبة الثمار التي لم تجن بعد . ( وهذا موافق لحكم التقنين المصري ، لأن الثمار التي نبتت ولم تجن تعتبر مالا موجوداً في الحال لا مالا مستقبلا ) .

التقنين المدني العراقي م 609 / 1 : يشترط وجود الموهوب وقت الهبة ، ويلزم أن يكون معيناً مملوكاً للواهب . ( والحكم متفق مع حكم التقنين المصري – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 19 – فقرة 23 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 513 : لا يجوز في حال من الأحوال أن تشمل الهبة أموال الواهب المستقبلة ، أي الأموال التي لا يكون له حق التصرف فيها وقت الهبة . ( ويبدو أن النص يتناول هبة المال المستقبل وهبة ملك الغير ) .

( [202] )           أنظر الوسيط الجزء الأول فقرة 216 .

( [203] )           أنظر في هذا المعنى أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 622 هامش رقم 5 – بلانيول وريبير وترانسبو 5 فقرة 442 – بيدان 6 فقرة 35 – بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3573 – كولان وكابيتان ودي ليمور اندبير 3 فقرة 1653 .

( [204] )           وإن كان الفقه الفرنسي يتوسع في تفسير معنى المال الحاضر ، فيعتبر الهبة في هذه الأحوال هبة مال حاضر ويجيزها ، لأن المال الموهوب وإن كان لم يوجد إلا أن الواهب يملكه بمجرد وجوده فهو على حكم ملكه ( أنظر في هذا المعنى أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 675 ص 622 – وانظر المادة 943 مدني فرنسي وتحرم هي أيضاً هبة المال المستقبل ) .

( [205] )           هذا والمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي تشير إلى أن بطلان هبة المال المستقبل تطبيق لأحكام الشريعة الإسلامية في مبدأها العام الذي يقضي بعدم جواز التعامل في المعدوم ، ولكن قصر التطبيق هنا على الهبة دون المعاوضات حيث أجيز التعامل في الشيء المستقبل لإزالة العوائق عن التعامل العادي ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 260 ) – أنظر الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 134 – وقارن الأستاذ أكثم الخولي فقرة 72 .

هذا ويجوز تحول هبة المال المستقبل الباطلة إلى وعد بالهبة ملزم ، يجوز الرجوع فيه كما يجوز الرجوع في الهبة ( الأستاذ أكثم الخولي فقرة 72 ) .

( [206] )           أنظر في هذا المعنى أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 675 ص 624 – فإذا باع شخص لآخر داره ،وما فيها من اثاث وما سيوجد من الأثاث إلى يوم موته ، وتبين أن العقد هبة مستترة في صورة بيع وإنها تقع على مال حاضر ومال مستقبل ، صحت الهبة في المال الحاضر وهو الدار وما يوجد فيها وقت الهبة من الأثاث ، وبطلت في المال المستقبل وهو الأثاث الذي سيوجد فيما بعد إلى يوم موت الواهب ( انسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ don manuel فقرة 117 ) .

( [207] )           وسنرى أن الفقه الإسلامي والتقنين العراقي والتقنين اللبنانين لا يميز بين هبة المال المستقبل وهبة ملك الغير ، ففي الحالتين الهبة باطلة بطلاناً مطلقاً . وكذلك فعل التقنين الفرنسي ، ففيه هبة ملك الغير باطلة بطلاناً مطلقاً هبة المال المستقبل ، ويستخلص بطلان هبة ملك الغير من نص المادة 894 مدني فرنسي وهي توجب أن يتجرد الواهب في الحال وبطريق لا رجوع فيه من ملكية الشيء الموهوب ( le donatemr se deponills actuellement et irrevocablement de la chose donnee ) فلزم إذن أن يكون الواهب مالكاً للشيء الموهوب وقت الهبة ( أوبرى ورو وإسمان 10 فقرة 675 هامش رقم 10 ) .

( [208] )           أنظر الوسيط 4 فقرة 153 .

( [209] )           مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 260 .

( [210] )           مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 263 – وانظر آنفاً فقرة 76 في الهامش .

( [211] )           تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 666 من المشروع التمهيدي على وجه مقارب لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة بعد تعديلات لفظية جعلته مطابقاً ، وصار رقمه 518 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 491 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 256 – ص 257 ) .

( [212] )           والظاهر أن أحكام الفقه الإسلامي هي التي كانت تطبق في هبة ملك الغير في عهد التقنين المدني السابق ، لأن هذه المسألة تعتبر من المسائل الموضوعية في الهبة . وهبة ملك الغير في الفقه الحنفي لا تجوز بغير إذن المالك . جاء في البدائع ( جزء 6 ص 119 ) : " فلا تجوز هبة مال الغير بغير إذنه لاستحالة تمليك ما ليس بمملوك " . والعبرة بتاريخ صدور الهبة ، فإن صدرت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 فأحكام الفقه الإسلامي هي التي تسري ، وإلا فأحكام التقنين المدني الجديد .

( [213] )           التقنينات المدنية العربية الأخرى :

        التقنين المدني السوري م 459 ( مطابق ) .

        التقنين المدني الليبي م 480 ( مطابق ) .

        التقنين المدني العراقي م 609 / 1 : يشترط وجود الموهوب وقت الهبة ، ويلزم أن يكون معيناً مملوكاً للواهب . ( ويجعل التقنين العراقي الحكم واحداً في هبة المال المستقبل وهبة ملك الغير ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 513 : لا يجوز في حال من الأحوال أن تشمل الهبة أموال الواهب المستقبلة ، أي الأموال التي لا يكون له حق التصرف فيها وقت الهبة . ( ويبدو أن التقنين اللبناني يجعل الحكم واحداً في هبة المال المستقبل وهبة ملك الغير ، على غرار التقنين الفرنسي ) .

( [214] )           أنظر الوسيط 4 فقرة 161 وما بعدها .

( [215] )           أنظر ما يلي فقرة 111 .

( [216] )           ويذهب الأستاذ محمود جمال الدين زكي ( فقرة 69 ص 143 ) إلى تطبيق المادة 467 مدني فلا يكون الواهب مسئولا عن التعويض إلا إذا كان سيء النية أو ارتكب خطأ جسيما . ويرى الأستاذ أكثم الخولي ( فقرة 71 ص 106 ) أن المسئولية هنا لا تنشأ عن عقد الهبة بعد إبطاله ويذهب إلى وجوب تطبيق أحكام المسئولية التقصيرية .

( [217] )           أنظر الوسيط 4 فقرة 161 – فقرة 164 .

( [218] )           أنظر الوسيط 4 فقرة 158 .

( [219] )           أنظر الوسيط 4 فقرة 159 .

( [220] )           أنظر في تفصيل هذا الوسيط 4 فقرة 165 .

( [221] )           أنظر في بيع ملك الغير المادة 467 / 1 مدني .

( [222] )           أنظر الوسيط 4 فقرة 166 .

( [223] )           أنظر ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هبة ملك الغير ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 259 ) .

( [224] )           وقد جائ في البدائع في هذا الصدد : " فلا تجوز هبة المشاع فيما يقسم ، وتجوز فيما لا يقسم كالعبد والحمام والدن ونحوها . وهذا عندنا ، وعند الشافعي رحمه الله ليس بشرط ، وتجوز هبة المشاع فيما يقسم وفيما لا يقسم عنده . . ولنا . . أن القبض شرط جواز هذا العقد والشيوع يمنع من القبض ، لأن معنى القبض هو التمكن من التصرف في المقبوض ، والتصرف في النصف الشائع وحده لا يتصور . . . . وهكذا نقول في المشاع الذى لا يقسم ان معنى القبض هناك لم يوجد لما قلنا ، الا ان هناك ضرورة لانه يحتاج إلى هبة بعضه ولا حكم للهبة بدون القبض . والشياع مانع من القبض الممكن للتصرف ولا سبيل إلى ازالة المانع بالقسمة لعدم احتمال القسمة ، فسمت الضرورة إلى الجواز واقامة صورة التخلية مقام القبض الممكن من التصرف ، ولا ضرورة هنا لان المحل محتمل للقسمة فيمكن ازالة المانع من القبض الممكن بالقسمة . . . ولان الهبة عقد تبرع ، فلو صحت في مشاع يحتمل القسمة لصار عقد ضمان ، لأن الموهوب له يملك مطالبة الواهب بالقسمة فيلزمه ضمان القسمة فيؤدى إلى تغيير المشروع . ولهذا توقف الملك في الهبة على القبض ، لما أنه لو ملكه بنفس العقد لثبتت له ولاية المطالبة بالتسليم ، فيؤدى إلى ايجاب الضمان في عقد التبرع ، وفيه تغيير المشروع ، كذا هذا . بخلاف مشاع لا يحتمل القسمة ، لان هناك لا يتصور ايجاب الضمان على المتبرع ، لان الضمان ضمان القسمة ، والمحل لا يحتمل القسمة فهو الفرق . . . ولو قسم ما وهب وافرزه ثم سلمه إلى الموهوب له جاز ، لأن هبة المشاع عندنا منعقد موقوف نفاذه على القسمة " ( البدائع 6 ص 119 – ص 121 ) . أنظر أيضاً المواد 505 و 506 و 509 من قانون الأحوال الشخصية لقدري باشا .

فهبة الحصة الشائعة في عين لا تقبل القسمة وتسليمها شائعة صحيح نافذ ، وتتم الهبة بهذا القبض . أما هبة حصة شائعة في عين تقبل القسمة ، فعند مالك والشافعي وأحمد أن ذلك جائز ، وقبض الحصة شائعة قبض صحيح يتم به الملك . وفي المذهب الحنفي أن الهبة تنعقد موقوفاً نفاذها على القسمة ( الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد 2 ص 633 – ص 634 ) .

وانظر : محكمة استئناف مصر 3 ديسمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 369 ص 752 – 26 ابريل سنة 1936 المحاماة 17 رقم 95 ص 210 – وقارن : استئناف مختلط 24 فبراير سنة 1894 م 4 ص 211 – 23 مارس سنة 1926 م 38 ص 302 .

( [225] )           ويؤكد ذلك ما ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " ولم يعرض المشروع لهبة المال الشائع مكتفياً باستخلاص حكمه من القواعد العامة ، وقد تتعارض هذه المسألة مع أحكام الشريعة الإسلامية : أنظر مرشد الحيران م 81 ، وقارن الأحوال الشخصية م 505 – 507 و 209 " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 260 – ص 261 ) .

وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 609 من التقنين المدني العراقي صراحة على جواز هبة المشاع ، إذ تقول : " وتوجز هبة المشاع " . أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 24 – فقرة 25 .

( [226] )           أنظر الوسيط 4 فقرة 168 .

( [227] )           أنظر الوسيط 4 فقرة 168 .

( [228] )           أنظر الوسيط 4 فقرة 168 .

( [229] )           مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 257 – ص 258 في الهامش .

( [230] )           أنظر الوسيط 4 فقرة 175 – فقرة 182 .

( [231] )           أنظر في هذا النص الوسيط 4 فقرة 188 .

( [232] )           تاريخ النص : أنظر ما يلي فقرة 118 في الهامش .

( [233] )           التقنينات المدنية العربية الأخرى :

        التقنين المدني السوري م 465 ( مطابق ) .

        التقنين المدني الليبي م 486 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراق من 618 ( مطابق – وانظر أيضاً المادة 611 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لا مقابل ، ولكن الحكم متفق مع القواعد العامة ، فيسري في لبنان دون نص .

( [234] )           أنظر آنفاً فقرة 4 .

( [235] )           وتوجد صورة للمقابل في الهبة يكون المقابل فيها غير مباشر ، ويتحقق ذلك في الهبات المتبادلة . فكل هبة لا مقابل لها في نفس الهبة ، ولكن المقابل يوجد في الهبة المقابلة ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( أنظر آنفاً فقرة 4 ) .

( [236] )           أما الكلام في التزام الموهوب له بالمقابل وكيف يوفيه ، فمحله عند بحث آثار الهبة والتزامات الموهوب له .

( [237] )           أنظر ما يلي فقرة 122 .

( [238] )           والهبة بشرط العوض في الفقه الإسلامي هي هبة ابتداء فيشترط التقابض في العوضين وتبطل بالشيوع ، وهي بيع انتهاء فترد بالعيب وخيار الرؤية وتؤخذ بالشفعة . و قال زفر والشافعي هي بيع ابتداء وانتهاء . جاء في الهداية : " وإذا وهب بشرط العوض اعتبر التقابض في العوضين وتبطل بالشيوع ، لأنه هبة ابتداء . فإن تقابضا صح العقد ، وصار في حكم البيع يرد بالعيب وخيار الرؤية وتستحق فيه الشفعة ، لأنه بيع انتهاء . وكمال زفر والشافعي رحمهما الله هو بيع ابتداء وانتهاء ، لأن فيه معنى البيع وهو التمليك بعوض " ( فتح القدير 7 ص 138 ) . أنظر أيضاً المادة 528 من قانون الأحوال الشخصية لقدرى باشا .

( [239] )           وتعتبر هبة بعوض أن يشترط الواهب وهو والد الموهوب له على ابنه تجهيز أختيه – اختى الموهوب له وبنتى الواهب – والانفاق عليهما وعلى أمه – زوجة الواهب – بعد وفاة أبيه ( نقض مدني 22 مايو سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 83 ص 178 ) .

( [240] )           أنظر آنفاً فقرة 4 .

والهبة بعوض تخضع لقواعد الهبة الشكلية والموضوعية . ومن ثم تسري عليها الرسمية أو العينية وأحكام الضمان المخففة وأحكام الرجوع في الهبة ، فضلا عن الفسخ لعدم أداء العوض . ولكن عند تحديد قيمة الهبة يجب إنقاص قيمة العوض من قيمة المال الموهوب ، فإذا كانت الهبة بعوض صادرة في مرض الموت اعتبرت قيمة الهبة التي يجب إلا تجاوز ثلث التركة هي الفرق بين قيمة المال الموهوب وقيمة العوض ( أنظر في هذا المعنى الأستاذ أكثم الخولي ص 95 ) . وإذا كانت قيمة العوض اكبر من قيمة الموهوب أو تعادلها ، كان العقد معاوضة لا تبرعاً ، كما سبق القول . وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن العقد الذي يلتزم بموجبه شخص بنقل حق عيني أو بعمل شيء إلى هيئة من الهيئات العامة ، مقابل قيام تلك الهبة بعمل للمصلحة العامة ، هو عقد معاوضة لا تشترط فيه الرسمية ، ولا تطبق عليه أحكام ( استئناف مصر 20 يونيه سنة 1940 المجموعة الرسمية 42 رقم 115 ) .

( [241] )           أنظر في هذا المعنى الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 66 – الأستاذ أكثم الخولى فقرة 73 – وانظر مع ذلك دفاعاً مسهباً عن النظرية التقليدية في أن نية التبرع هي السبب في الهبات بودري وكولان 10 فقرة 50 – فقرة 51 .

( [242] )           الوسيط الجزء الأول فقرة 274 ص 450 .

( [243] )           جوسران في البواعث فقرة 159 ص 201 وفقرة 160 ص 203 – ريبير في القاعدة الخلقية فقرة 35 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 319 و 3 فقرة 3523 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 140 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 73 ص 109 .

( [244] )           أنظر الوسيط الجزء الأول فقرة 283 .

فإذا لم يكن عدم مشروعية السبب معلوماً من الموهوب له ، كانت الهبة صحيحة ، وإن كان يجوز للواهب الرجوع فيها وذلك في الأحوال التي يجوز فيها الرجوع في الهبة .

( [245] )           استئناف وطني 13 يونيه سنة 1909 المجموعة الرسمية 11 رقم 3 ص 6 - محكمة الإسكندرية التجارية المختلطة 8 يونيه سنة 1916 جازيت 6 رقم 536 ص 176 .

( [246] )           أنظر الوسيط الجزء الأول فقرة 288 وما بعدها .

( [247] )           وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذه النصوص : " والسبب في الهبة هو نية التبرع طبقا للمذهب القديم ، وهو الدافع الرئيسي للتبرع طبقاً للمذهب الحديث . وقد طبق المشروع المذهب الحديث في فروض ثلاثة : ( ا ) اقتران الهبة بشرط مستحيل أو بشرط غير مشروع ، فإن كان الشرط ليس هو الدافع للتبرع ، فإنه يلغى وتصح الهبة : قارن مرشد الحيران م 255 فقرة ثانية . وإن كان هو الدافع ، بطلت الهبة لعدم مشروعية السبب . وعلى هذا جرى القضاء المصري والفرنسي ، وقنن المشروع ما جري عليه القضاء ( م 669 ) . ( ب ) الهبات والهدايات التي تقدم للخطيب من الخطيب الآخر أو من أجنبي ، فهي ترد إذا فسخت الخطبة وطلب الواهب الرد ما دام الشيء الموهوب قائماً ويمكن رده بالذات ( م 670 من المشروع وم 110 من قانون الأحوال الشخصية ) ، ويمكن تعليل ذلك بأن سبب الهبة قد زال لفسخ الخطة . ( ج ) شرط عدم التصرف ، ولا يكون صحيحاً ما لم يكن مبنيا على باعث مشروع ومقصوراً على مدة معقولة ( م 671 و 1191 من المشروع ) ، وإلا كان السبب غير مشروع ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 261 – ص 262 ) .

( [248] )           أنظر في أصل هذه القاعدة في القانون الروماني وفي قوانين الثورة الفرنسية وفي تفصيلات القاعدة في التقنين المدني الفرنسي ( م 900 مدني فرنسي ) بودري وكولان 10 فقرة 65 – فقرة 109 .

( [249] )           مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 258 – ص 259 في الهامش – وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 266 مدني على ما يأتي : " ومع ذلك لا يقوم الالتزام المدني الذي علق على شرط فاسخ مخالف للآداب أو النظام العام ، إذا كان هذا الشرط هو السبب الدافع للالتزام " .

( [250] )           والعبرة في عدم مشروعة الشرط بوقت صدور الهبة ، فإذا كانت مشروعية في هذا الوقت فالهبة صحيحة ولو أصبح الشرط غير مشروع بعد ذلك ( بودري وكولان 10 فقرة 117 – فقرة 118 ) .

( [251] )           وقد قضت محكمة الزقازيق الإستئنافية بأن الهبة المقرونة بشرط باطل تعتبر صحيحة مع بطلان الشرط ، فإذا اشترط الزوج في هبته لزوجته إلا تتزوج ، وقع الشرط باطلا لمخالفته القانون والنظام العام ، وتصح الهبة ( 16 أكتوبر سنة 1929 المجموعة الرسمية 31 رقم 56 ص 159 ) . وانظر أيضاً محكمة مصر الكلية الوطنية 24 مايو سنة 1922 المحاماة 14 رقم 635 ص 847 .

وقضت محكمة الإسكندرية الكلية الوطنية بان التكليف لا يكون ملزماً إذا لم يخرج عن مجرد الرغبة والارتياح إلى تحقيقه ، وبأن شرط تعيين وصى معين على القاصر الموهوب له مخالف للنظام العام لأنه لا يجوز أن يفرض على المجلس الحسبي شخص معين للوصاية ، ويكون هذا الشرط باطلا لاستحالته ، وتبقى الهبة ( 19 فبراير سنة 1938 المحاماة 19 رقم 232 ص 561 ) .

( [252] )           أنظر أيضاً المادة 612 من التقنين المدني العراقي وهو نص مطابق .

( [253] )           مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 4 ص 259 – ص 261 في الهامش .

( [254] )           استئناف مختلط 2 مارس سنة 1922 م 34 ص 214 .

( [255] )           ويذهب الأستاذ محمود جمال الدين زكي إلى أن الواهب هنا إنما يرجع في الهبة إذا فسخت الخطبة ، ويكون فسخ الخطبة عذراً مقبولا يجيز له الرجوع ، ولا دخل لنظرية السبب في هذه المسألة ( ص 139 هامش رقم 1 ) . وعندنا أن نظرية السبب يمكن أن تكون تعليلا مقبولا للرجوع في الهبة عند فسخ الخطبة ، ذلك أن الواهب وهو يقدم هدية للخطيبة إنما دفعه إلى ذلك أن الخطبة ستنتهي بالزواج . فإذا فسخت الخطبة فهو يرجع في الهدية استصحاباً لنيته الأولى وقت أن وهب ، لا ابتداء لنية جديدة في الرجوع في الهبة لعذر طرأ .

على إننا إذا قلنا بنظرية السبب في هذه المسألة ، فإننا نتوسع في الاثير الذي يترتب على السبب ، فهو يؤثر في صحة العقد لا وقت صدور العقد فحسب نب ل أيضاً عند تخلف السبب بعد صدور العقد .

وفي الفقه الإسلامي للخاطب أن يرجع في هديته ، لأن الهدية نوع من الهبة فيجوز الرجوع فيها . ولا مانع من الرجوع لأن الهبة هنا كانت قبل الزواج ، والمانع من الرجوع هو قيام الزوجية وقت الهبة ، وذها في مذهب أبي حنيفة . أما عند جمهوري الفقهاء فلا يجوز الرجوع في الهدية كما لا يجوز الرجوع في الهبة . لكن المختار في مذهب مالك أن لو تم الزواج بينهما فلا رجوع ، وإن حصل عدول عنه فلم يعقد عليها ، فإن كان العدول منه فكذلك ، أما إذا كان العدول من المخطوبة فإن الخاطب يرجع فيما أداه إن كانت الهبة باقية ، أو بمثلها أو قيمتها إن كانت هالكة ، إلا إذا كان هناك عرف أو شرط فيعمل به ( الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 60 – ص 61 ) .

وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا تم الزواج لم يجز الرجوع في الهدية ، حتى لو افترق الزوجان بعد الزواج ( 28 مايو سنة 1918 م 30 ص 449 ) .

( [256] )           مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 261 – ص 262 في الهامش .

( [257] ) وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن نصاً في هذا المعنى ، هو المادة 672 من هذا المشروع ، وكان تقضى بأنه " لا يجوز هبة الأموال أو وقفها إضراراً بالدائنين " ، فحذف هذا النص في لجنة المراجعة اكتفاء بتطبيق القواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 262 في الهامش ) . وانظر المادة 610 من التقنين المدني العراقي وتنص على أنه " لا تجوز الهبة إضراراً بالدائنين " : انظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 18 .

وانظر في القضاء المصري في هذه المسألة في عهد التقنين المدني السابق :استئناف وطني 15 مايو سنة 1895 القضاء 2 ص 243 ( لا يجوز الوقف إضراراً بحق الشفيع ) - 5 يناير سنة 1899 المجموعة الرسمية 1 ص 190 - 4 فبراير سنة 1902 المجموعة الرسمية 3 رقم 94 ص 248 - 17 فبراير سنة 1915 الشرائع 2 رقم 201 ص 184 25 يوليه سنة 1922 المحاماة 2 رقم 162 / 2 ص 483 - استئناف مختلط 14 مارس سنة 1907 م 29 ص 178 - 10 نوفمبر سنة 1910 م 23 ص 7 4 ديسمبر سنة 1913 م 26 ص 79 - 20 يناير سنة 1916 م 28 ص 122 25 فبراير سنة 1915 من 27 ص 182 9 مارس سنة 1916 م 28 ص 195 - 25 مايو سنة 1916 م 28 ص 370 - 2 نوفمبر سنة 1916 م 29 ص 29 - 5 مايو سنة 1925 م 37 - ص 397 - 12 يناير سنة 1926 م 38 ص 186 - 13 يناير سنة 1927 م 39 ص 158 3 مايو سنة 1927 م 39 ص 438 28 ديسمبر سنة 1927 م 40 ص 76 - 8 يناير سنة 1929 م 41 ص 154 - 16 يناير سنة 1929 م 41 ص 175 - 27 مارس سنة 1930 م 42 ص 388 - 13 مايو سنة 1930 م 42 ص 492 .

( [258] ) انظر الوسيط 4 فقرة 233 - فقرة 239 .

( [259] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 264 - ص 265 - وتنص المادة 613 من التقنين المدني العراقي على أن " تنتقل بالهبة ملكية الموهوب إلى الموهوب له " .وتنص المادة 507 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على أن " تتم الهبة وتنتقل الملكية في الأموال الموهوبة ، سواء أكانت منقولة أو ثابتة ، عندما يقف الواهب على قبول الموهوب له ، مع الاحتفاظ بالأحكام الآتية " :

( [260] ) تنظر آنفاً فقرة 27 في الهامش .

( [261] ) انظر آنفاً فقرة 37 .

( [262] ) انظر الوسيط 4 فقرة 214 فقرة 243 .

( [263] ) انظر الوسيط 4 فقرة 244 .

( [264] ) انظر الوسيط 4 فقرة 245 - فقرة 248 .

( [265] ) انظر الوسيط 4 فقرة 250 فقرة 265 .

( [266] ) وكانت المادة 48 / 70 من التقنين المدني القديم تنص على أن " تنتقل الملكية في الأموال الموهوبة ، منقولة كانت أو ثابتة ، بمجرد الإيجاب من الواهب والقبول من الموهوب له ، إنما إذا كان العقد المشتمل على الهبة ليس موصوفاً بصفة عقد آخر فلا تصح الهبة ولا القبول إلا إذا كانا حاصلين بعقد رسمي وإلا كانت الهبة لاغية " .

( [267] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 267 – فقرة 269 .

( [268] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 271 .

( [269] ) وقد نصت محكمة النقض بان الهبة تنعقد صحيحة بمجرد الإيجاب من الواهب والقبول من الموهوب له . أما نقل الملك فليس ركناً من أركان انعقادها ولا شرطاً من شرائط صحتها ، وإنما هو أثر من الآثار المترتبة على قيامها . وقانون التسجيل لم يغير من طبيعة الهبة كما لم يغير طبيعة البيع ، بل كل ما استحدثه هو أنه عدل من آثارها بجعله نقل الملكية متراخياً إلى ما بعد التسجيل . وكون الهبة عقد تمليك منجز ليس معناه أن نقل الملكية ركن من أركان انعقادها أو شرطاً من شروط صحتها ، بل معناه إنها عقد يراد به التمليك الفوري ، تمييزاً لها عن الوصية التي يراد بها إضافة التمليك إلى ما بعد الموت " نقض مدني 13 مارس سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 169 ص 379 ) .

( [270] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 273 – فقرة 275 .

( [271] ) أنظر آنفاً فقرة 81 .

( [272] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 280 – فقرة 286 .

( [273] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 290 .

( [274] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 674 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة ، وأصبح رقمه 521 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 493 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 264 – ص 266 ) .

( [275] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 461 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 482 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي : لا مقابل . وهبة المنقول في التقنين العراقي لا تتم إلا بالقبض ( م 603 عراقي ) ، فالتسليم إذن ركن في هذه الهبة لا التزام ، أما في العقار فتتم الهبة بالتسجيل في الدائرة المختصة ( م 602 عراقي ) . فيلزم الواهب بتسليم العقار الموهوب للموهوب له وفقاً للقواعد العامة . أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 29 – فقرة 31 .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لا مقابل . وهبة المنقول في التقنين اللبناني لا تتم إلا بالقبض ( م 509 لبناني ) ، فالتسليم هنا ركن لا التزام . أما في العقار فتتم بالقيد في السجل العقاري ( م 510 لبناني ) ، فيلتزم الواهب بتسليم العقار الموهوب للموهوب له وفقاً للقواعد العامة .

( [276] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 294 .

( [277] ) قارن في البيع الوسيط 4 فقرة 295 .

( [278] ) قارن في البيع الوسيط 4 فقرة 297 – فقرة 299 .

( [279] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 302 .

( [280] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 303 .

( [281] ) أنظر التفصيل في عقد البيع الوسيط 4 فقرة 305 – فقرة 307 .

( [282] ) أنظر آنفاً فقرة 37 .

( [283] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 208 .

( [284] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 309 .

( [285] ) أنظر فيما يتعلق بالبيع الوسيط 4 فقرة 310 .

( [286] ) وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن نصاً ، هو المادة 678 من المشروع ، يجعل مصروفات تسليم الشيء على الموهوب له ، تفسيراً للهبة في أضيق حدودها ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 272 وص 279 ) . ولكن هذا النص قد حذف في لجنة المراجعة ، وقيل في سبب حذفه إن أحكامه مستفادة من القواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 271 في الهامش ) . والصحيح أن المستفاد من القواعد العامة أن نفقات التسليم تكون على الملتزم به ، والملتزم بالتسليم هو الواهب لا الموهوب له .

( [287] ) أنظر فيما يتعلق بالبيع الوسيط 4 فقرة 312 .

( [288] ) ويقع عبء الإثبات بطبيعة الحال على الموهوب له ، فلا يستطيع أن يرجع بتعويض عادل على الواهب إلا إذا اثبت فعلا عمداً أو خطأ جسيماً في جانبه .

( [289] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 677 من المشروع التمهيدي على الوجه الذي استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 524 من المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب " استفسر في اللجنة عن كيف تتحقق مسئولية الواهب عن فعله العمد أو خطأه الجسيم ، فأجيبت بأن ذلك يقع فعلا في حالة ما إذا لم يسلمه الواهب الشيء وهلك قبل التسليم . فإن كان هلاكه قضاء وقدراً أو بتقصير غير جسيم ، فلا تتحقق مسئولية الواهب في هاتين الحالتين . أما إذا هلك بفعل الواهب العمد أو بخطأه الجسيم ، فإن مسئوليته تتحقق " . وداففت اللجنة على النص ، كما وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 496 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 271 و ص 273 – ص 274 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، والظاهر أن القواعد العامة هي التي كانت تسري ، وهذه تقضي بالمسئولية حتى عن الخطأ اليسير . والعبرة بتاريخ صدور الهبة ، فإن صدرت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 فأحكام التقنين المدني السابق هي التي تسري . وإلا فأحكام التقنين المدني الجديد .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 464 وحكمها مطابق – وفي التقنين المدني الليبي المادة 485 وحكمها مطابق أيضاً – وفي التقنين المدني العراقي المادة 616 وحكمها مطابق كذلك . ولا مقابل بل لها في تقنين الموجبات والعقود اللبناني .

( [290] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 272 .

( [291] ) ويؤيد ذلك ما جاء في لجنة الشؤون التشريعية مما سبق بيانه ( أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 273 – ص 274 – وانظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش ) .

( [292] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 675 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 - لا يضمن الواهب استحقاق الشيء الموهوب ، إلا إذا تعمد إخفاء سبب الاستحقاق ، أو إلا إذا كانت الهبة بعوض . وفي هذه الحالة لا يضمن الواهب الاستحقاق إلا بقدر ما أداه الموهوب له من عوض ، كل هذا ما لم يتفق على غيره . 2 - وإذا استحق الموهوب ، حل الموهوب فيما له من حقوق ودعاوى " . وفي لجنة المراجعة عدلت الفقرة الأولى بما جعل الحكم في الحالة الأولى مقصوراً على التعويض العادل حتى لا تسري أحكام استحقاق المبيع عليها ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 522 في المشروع النهائي ، ووافق عليه ، مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 494 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 267 – ص 268 ) .

( [293] ) وقد قضت محكمة استئناف الإسكندرية بأنه لا معدى من الرجوع إلى الشريعة الغراء في أحكام الهبة باعتبارها من المسائل التي أسسها ونظمها الشرع وقصر القانون المدني عن الاحاطة بكل أسسها وضوابطها . وتقضي أحكام الشرع بان الواهب لا يضمن للموهوب له التعرض الحاصل من فعل الغير والاستحقاق المترتب عليه . فإذا استحق الشيء الموهوب لمالكه الحقيقي فليس للموهوب له الذي انتزع منه أن يرجع على الواهب . ويترتب على ذلك أنه إذا كان العقد الساتر للهبة هو بيع واستحق العقار الموهوب للغير ، فلا يجوز للموهوب له الرجوع على الواهب بالثمن المسمى في عقد البيع المذكور ( 18 فبراير سنة 1947 المجموعة الرسمية 48 رقم 246 ) فلا ضمان للاستحقاق إلا إذا ضمنه الواهب بشرط خاص ، أو كان الاستحقاق يرجع إلى فعله ( استئناف مختلط 28 مايو سنة 1902 م 14 ص 330 – ) مارس سنة 1916 م 28 ص 195 – 18 نوفمبر سنة 1930 م 43 ص 25 ) .

والعبرة بتاريخ صدور الهبة ، فإن صدرت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 فأحكام الفقه الإسلامي هي التي تسري ، وإلا سرت أحكام التقنين المدني الجديد .

( [294] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 462 ( مطابق ) .

التقنين المدني السوري م 483 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 614 ( مطابق لنص المشروع التمهيدي للتقنين المدني المصري ) .

م 615 : إذا تلفت العين الموهوبة ، واستحقها مستحق ، وضمن المستحق الموهوب له ، فلا يرجع هذا على الواهب بما ضمن إلا بالقدر الذي يضمن به الواهب الاستحقاق وفقا للأحكام السابقة . ( والمفروض في هذا النص أن الموهوب له يعمل أن الموهوب غير مملوك للواهب ، ولذلك رجع عليه المستحق بالضمان . فلا يرجع هو بالضمان على الواهب إلا إذا كانت الهبة بعوض ، فيرجع بقدر هذا العوض : أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 33 ) ، وقارن المادة 524 من قانون الأحوال الشخصية لقدري باشا .

وتقنين الموجبات والعقود اللبناني م 522 : يقوم الموهوب له مقام الواهب في جميع الحقوق والدعاوى المختصة به عند نزع اليد بالاستحقاق . على أن الواهب لا يلزم بضمان الأموال الموهوبة إلا إذا نص على العكس أو كانت الهبة مقيدة بتكليف ، وفي الحالة الأخيرة يكون الواهب مسئولا عن الاستحقاق على قدر قيمة التكليف . ( وتتفق هذه الأحكام في جملتها مع أحكام التقنين المصري ، إلا أن التقنين اللبناني لم يذكر حالة ضمان الواهب للاستحقاق إذا تعمد إخفاء سببه ) .

( [295] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 328 وما بعدها .

( [296] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 338 وما بعدها .

( [297] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 347 وما بعدها .

( [298] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 272 .

( [299] ) وقد كان المشروع التمهيدي بترك هذه الحالة للقواعد العامة ، وكان من مقتضى تطبيق هذه القواعد أن يكون الواهب مسئولا عن تعويض الضرر المتوقع وغير المتوقع ، لأنه تعمد إخفاء سبب الاستحقاق . ولذلك جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ومسئولية الواهب إنما تون عن الغش الذي ارتكبه ، فهو مسئول عن الضرر الذي أصاب الموهوب له بسبب هذا الغش ، سواء كان متوقعاً أو غير متوقع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 272 ) .

( [300] ) أنظر م 442 مدني في البيع ، و أنظر الوسيط 4 فقرة 354 .

( [301] ) وفي الفقه الحنفي إذا استحقت الهبة ، فللموهوب له الرجوع في جميع العوض الذي أداه إن كان قائماً وبمثله إن كان هالكاً وهو مثلى أو بقيمته إن كان قيمياً . وإن استحق نصف الهبة ، رجع بنصف العوض ( أنظر م 523 من قانون الأحوال الشخصية لقدري باشا ) .

( [302] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 273 .

( [303] ) وفي غير هاتين الحالتين ، أي حتى لو لم يخف الواهب سبب الاستحقاق ولم تكن الهبة بعوض ، يعوض الواهب الموهوب له ما تحمله من خسارة كمصروفات دعوى الاستحقاق ومصروفات عقد الهبة ، إذا ثبت على الواهب الفعل العمد أو الخطأ الجسيم ، أي إذا كان يعلم أن الشيء الموهوب غير مملوك له أو كان عدم علمه بذلك يرجع إلى خطأ جسيم في جانبه ، وذلك تطبيقاً لنص المادة 496 مدني لا تطبيقاً لقواعد ضمان الاستحقاق ( أنظر في هذا المعنى الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 72 ص 149 هامش رقم 1 – وقارن الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 109 ص 145 ، والأستاذ أكثم الخولي فقرة 115 ) .

( [304] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وإذا استحق الموهوب وكان للواهب حقوق قبل المستحق ، كما إذا كان قد باع الموهوب قبل الهبة ولم يقبض ثمنه ، فإن الموهوب له يحل محل الواهب في هذه الحقوق " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 273 ) .

( [305] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 358 .

( [306] ) وتقو المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ويجوز الاتفاق على إسقاط الضمان أو تخفيفه أو تشديده ، ولكن لا يجوز للواهب أن يشترط إسقاط الضمان الذي يترتب على سوء نيته " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 273 ) .

( [307] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 646 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، إلا أن عباة " كان ملزماً بتعويض الموهوب له عن الضرر الذي يسببه العيب " الواردة في الفقرة الثانية وردت في المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " كان ملزماً بتعويض الموهوب له عن الضرر الذي يلحقه بسبب العيب " . وأقرت لجنة المراجعة النص على أصله ، وأصبح رقمه 523 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب استبدلت بعبارة " الذي يلحقه بسبب العيب " عبارة " الذي يسببه العيب " ، حتى لا يكون العيب نفسه محلا للتعويض ، بل يكون التعويض عن الضرر الذي يسببه العيب ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، ووافق مجلس النواب عليه كما أقرته لجنته ، ثم وافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 495 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 269 – 270 ) .

( [308] ) وفي الفقه الإسلامي لا يضمن الواهب العيوب الخفيفة . والعبرة بتاريخ صدور الهبة ، فإن صدرت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 سرت أحكام الفقه الإسلامي ، وإلا فأحكام التقنين المدني الجديد .

( [309] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 463 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 484 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي : لا مقابل ، فتسري أحكام الفقه الإسلامي ( أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 34 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لا مقابل ، فتسري القواعد العامة وهي قريبة من أحكام التقنين المصري .

( [310] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 364 وما بعدها .

( [311] ) ولا يعوض الواهب عن العيب ذاته ، ويعوض عن الاستحقاق إذا أخفى سببه تعريضاً عادلا . وقد رأى المشرع التفريق بين العيب والاستحقاق في هذا الصدد ، إذ العيب اخف جسامة من الاستحقاق ( قارن الأستاذ اكثم الخوفي فقرة 112 ) .

( [312] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 270 – وانظر آنفاً فقرة 546 في الهامش .

( [313] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 273 – ويبدو أن المادة 452 مدني المتعلقة بتقادم دعوى ضمان العيب الخفى في عقد البيع بانقضاء سنة من وقت تسليم البيع خاصة بعقد البيع وحده ، فلا تسري على دعوى ضمان العيب الخفى في عقد الهبة ( أنظر آنفاً فقرة 377 ) .

هذا ويحل الموهوب له محل الواهب فيما لهذا من حقوق ودعاوى بسبب العيب الخفى على النحو الذي رأيناه في ضمان الاستحقاق ( أنظر آنفاً فقرة 544 ) . فإذا كان الواهب مثلا حق الرجوع بالعيب الخفى على من تلقى منه الشيء الموهوب ، حل الموهوب له محله في هذه الدعوى .

( [314] ) تاريخ النصوص :

        م 497 : ورد هذا النص في المادة 679 من المشروع التمهيدي على الوجه الذي استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وكان المشروع التمهيدي يزيد فقرة ثانية نصها كالآتي : " ويكون للواهب الحق في اقتضاء العوض إذا هو قام بتنفيذ الالتزامات التي يفرضها عليه عقد الهبة . وينتقل هذا الحق من الواهب إلى ورثته . ويجوز للأجنبي الذي اشترط العوض لمصلحته أن يطالب بأداء العوض ، وفقاً لأحكام المتعلقة بالاشتراط لمصلحة الغير ، فإذا كان العوض مشترطاً للمصلحة العامة ، كان للسلطة المختصة ، بعد موت الواهب ، حق المطالبة بادائه " . وقد حذفت هذه الفقرة الثانية في لجنة المراجعة ، لأن حكمها مستفاد من القواعد العامة ، وأصبح رقم المادة 525 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 497 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 274 – ص 276 ) .

م 498 : ورد هذا النص في المادة 681 من المشروع التمهيدي على الوجه الذي استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 526 من المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 498 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 277 – ص 278 ) .

( [315] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 465 – 466 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 486 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 618 ( مطابق للمادة 497 من التقنين المدني المصري – ولا مقابل في التقنين المدني العراقي للمادة 498 من التقنين المدني المصري ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لا مقابل ، ولكن نصوص التقنين المصري تتفق مع القواعد العامة .

( [316] ) أنظر آنفاً فقرة 91 .

( [317] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 276 – وانظر آنفاً فقرة 118 في الهامش .

( [318] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 275 في الهامش .

( [319] ) محكمة الإسكندرية الكلية المختلطة 11 ديسمبر سنة 1917 جازيت 8 رقم 29 ص 59 .

( [320] ) أنظر الوسيط الأول فقرة 378 ص 578 .

( [321] ) فلا يسرى من أحكام النص المحذوف استرداد الواهب أو ورثته مقابلا نقدياً للعوض حتى لو لم ترد الهبة على نقود ، وعدم جواز فسخ الهبة من الواهب إذا تمحض العوض لمصلحة أجنبي ، أو من ورثته إذا كان العوض مشترطا لمصلحة عامة .

وليس للعوض حق امتياز على الشيء الموهوب ، لأن الامتياز إنما يتقرر للثمن على الشيء المبيع ، فإذا كانت حقيقة الهبة بيعاً وكان العوض هو الثمن كان هناك امتياز ( الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة ، ص 151 ) .

وإذا وفى الموهوب له العوض ثم استحق في يد الواهب ، جاز أن يرجع في هبته . وأن ورد الاستحقاق على بعض العوض ، فلا يرجع بشيء حتى يرد ما بقى من العوض . لأن الباقي منه يصلح لإسقاط الرجوع ، ولهذا لو عوضه هذا القدر من الابتداء سقط به حقه فيه . إلا أنه لم يرض بسقوط حقه إلا بسلامة كل العوض ، فإذا لم يسلم له كله ، كان له الخيار إن شاء رضى بما بقى من العوض ، وإن شاء رد الباقي عليه ورجع في الهبة ( أنظر مختصر الأستاذ محمد زيد ص 436 – ص 437 . وانظر م 523 من قانون الأحوال الشخصية لقدري باشا ) .

( [322] ) أنظر آنفاً فقرة 91 .

( [323] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 682 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 527 من المشروع النهائي ، ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 499 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 278 – ص 279 وص 281 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم تطبيق القواعد العامة .

ويقابل في التقنين المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري 467 ( مطابق – وفي التقنين المدني الليبي م 488 ( مطابق ) – وفي التقنين المدني العراقي م 619 ( مطابق ) – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 523 ، وتجري على الوجه الآتي : " إذا كانت الهبة مقيدة بشرط إيفاء ديون الواهب ، فلا يدخل تحت هذا الشرط إلا الديون التي عقدت قبل الهبة ، مع ينص على العكس . ( والنص متفق في الحكم مع الفقرة الأولى من نص التقنين المصري ، أما الفقرة الثانية من هذا التقنين الأخير فتتفق مع القواعد العامة ) .

( [324] ) قارن الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 76 – والأستاذ أكثم الخولي ص 165 .

( [325] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 280 – ص 281 .

( [326] ) كان هذا النص يقضي أيضاً ، كما نرى ، بجعل مصروفات التسليم على الموهوب له خلافاً للقواعد العامة . فلما حذف ، وجب الرجوع إلى القواعد العامة ، فتصبح هذه المصروفات على الواهب ( أنظر آنفاً فقرة 105 ) .

( [327] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 271 – أنظر أيضاً في هذا المعنى المادة 617 من التقنين المدني العراقي ( الأستاذ حسن الذنون فقرة 38 ) .

( [328] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 279 .

( [329] ) وهناك رأي في الفقه الإسلامي – يحكي عن أهل الظاهر وهو رواية عن أحمد بن حنبل – يقضي بأنه لا يجوز الرجوع في الهبة أصلاً ، ويشمل المنع من الرجوع هبة الوالد لولده . ويستدل أصحاب هذا الرأي بالحيث : " العائد في هبته كالعائد في قيئه " ، وبأن الهبة عقد تمليك منجز كالبيع فلا يجوز الرجوع فيها ( المغنى 5 ص 608 ) .

( [330] ) أنظر في اعتصار الهبة في مذهب مالك الخرشي 7 ص 113 – ص 115 .

( [331] ) جاء في المبسوط للسرخسي ( جزء 12 ص 53 – ص 54 ) : " المقصود من الهبة للاجانب العوض والمكافأة ، والمرجع في ذلك إلى العرف والعادة الظاهرة أن الانسان يهدى إلى من فوقه ليصونه بجاهه ، والى من دونه ليخدمه ، والي من يساويه ليعوضه . . وبهذا يتبين أن حق الرجوع اليس بمقتضى العقد عندنا ، بل لتمكن الخلل في المقصود بالعقد علي معنى أن المعروف كالمشروط . ولا يقال انما يقصد العوض بالتجارات فأما المقصود بالهبة اظهار الجود والسخاء والتودد والتحبب وقد حصل ذلك ، وهذا لان العوض في التجارات مشروط وفى التبرعات مقصود ، ومعنى اظهار الجود ايضا مقصود ، فانما يمكن الخلل في بعض المقصود ، وذلك يكفى للفسخ . . . وقد بينا الفرق بين هذا وبين الاخوين والزوجين لحصول ما هو المقصود هناك وتمكن الخلل فيما هو المقصود هنا ، ولهذا يحتاج إلى القضاء أو الرضا في الرجوع لانه بمنزلة الرد بالعيب بعد القبض من حيث ان السبب تمكن الخلل في المقصود ، فلا يتم الا بقضاء أو رضا " .

وجاء في البدائع ( جزء 6 ص 128 ) : " حق الرجوع في الهبة ثابت عندنا . . . ولان العوض المالى قد يكون مقصودا من هبة الاجانب ، فان الاسنان قد يهب من الأجنبي احسانا إليه وانعاما عليه ، وقد يهب له طمعا في المكافأة والمجازاة عرفا وعادة . . . وقد لا يحصل هذا المقصود من الأجنبي ، وفوات المقصود من عقد محتمل للفسخ يمنع لزومه . . . كما في البيع إذا وجد المشترى بالمبيع عبيا لم يلزمه العقد لعدم الرضا عند عدم حصول المقصود وهو السلامة ، كذا هذا " .

ويقول الأستاذ أحمد إبراهيم ، في معنى أن الرجوع في الهبة موكول إلى الواهب لعذر يستقل هو بتقديره لأنه أمر خفي لا يمكن ضبطه ما يأتي : " إن الذي يعطي لأجل العوض المالي أو لمنفعة تعود عليه ، وقد يعطي لأجل صلة الرحم أو لأجل التودد والتحبب إلى الموهوب له أو لأجل المكافأة على جميل سابق أو لأجل الرشوة ، إلى غير ذلك من الأغراض ، والعرف المستمر أعظم شاهد بذلك . فإن كان للواهب غرض دنيوي من هبته ، فنفسه لا تطيب بالهبة إذا لم يتحقق غرضه ، وإن كان غرضه وجه الله تعالى فنفسه طيبة بما أعطت بدون انتظار عوض دنيوي . لكن ذلك أمر خفي لا يمكن ضبطه ، إذ المرجع فيه للعرف والعادة والقرائن ونية المعطى . فإذا طلب الرجوع فيما وهب ، علمنا أن له غرضاً دنيوياً فيما أعطى ، وإلا فلا . وإذن فيكون ملك الموهوب بعد قبضه ملكاً قلقاً لعدم تبين غرض الواهب وطيبة نفسه به ، وعلى ذلك فتح له باب الرجوع إذا لم تطب نفسه بما أعطى . وهذا نظر جيد جداً ، ولا منافاة بينه وبين القول بامتناع الرجوع في الهبة عند وجود أحد الموانع السبعة ، لأن ذلك إما مبنى على أدلة أخرى رجحت ما تقدم ، وإما لوجود قرينة تدل على طيبة نفسه بما أعطى بدون انتظار مكافأة عليه . هذا هو فقه المسألة " ( التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 52 ) .

( [332] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 683 من المشروع التمهيدي على وجه مقارب لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأدمج في لجنة المراجعة كفقرة أولى ، في المادة 528 من المشروع النهائي ، وأصبح مطابقاً . ووافق عليه مجلس النواب . واقترح في لجنة مجلس الشيوخ حذف النصوص الخاصة بالرجوع في الهبة ، فرفضت اللجنة هذا الاقتراح ، وجاء في تقريرها في هذا الصدد ما يأتي : " اقترح حذف المواد من 500 إلى 504 الخاصة بالرجوع في الهبة ، مادامت المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الوطنية لم تعدل ، فضلا عن إنها لا تسري في حق غير المصريين لأنهم خاضعون لقانون جنسيتهم في خصوص الأحكام الموضوعية للهبة . ولم تأخذ اللجنة بهذا الاقتراح ، لأن نص المادة 16 مطلق ومقتضى إطلاقه إخراج الهبة بأسرها من نطاق القانون المدني لا إخراج الرجوع فحسب . والحال في الواقع غير ذلك ، ولاسيما من حيث الاختصاص القضائي ، فالمحاكم الأهلية هي التي تفصل في جميع مسائل الهبة وفي الرجوع فيها ، بل وفي أهلية الواهب . وليس للهبة في تصوير القانون المصري من الاتصال بالميراث والروابط العائلية ما يبرر إدخالها في الأحوال الشخصية على نحو ما تفعل الشرائع الغربية . بل لقد اختلفت المحاكم في جواز الرجوع في الهبة في مصر ، فذهبت بعض المحاكم إلى عدم جواز ذلك استناداً إلى قواعد القانون المدني ، وذهبت أحكام أخرى إلى جواز ذلك وفقاً لقواعد الشريعة ، وأيدت هذا الرأي أخيراً محكمة النقض ، وقد أراد المشروع أن يحسم الخلاف بنصوص واضحة . وترى اللجنة من ذلك وجوب حذف الإشارة إلى الهبات في المادة 16 من لائحة تنظيم المحاكم الأهلية عند تعديلها بمناسبة زوال المحاكم المختلفة . ويلاحظ من ناحية أخرى أن ورود قواعد الهبة في القانون المدني لا يستتبع وجوب تطبيقها على الأجانب . فقد قنن المشروع قواعد الأهلية ولا يعني ذلك تطبيقها على الأجانب ، لأن مرجع سريان الأحكام الموضوعية في حق الأجانب هو قواعد الإسناد " . ووافقت لجنة مجلس الشيوخ على النص كما هو ، ووافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 500 / 1 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 282 – ص 285 ) .

( [333] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 468 / 1 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 489 / 1 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 620 ( العبارة الأولى ) : للواهب إني رجع في الهبة برضاء الموهوب له . ( وهذا الحكم متفق مع حكم التقنين المصري : أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 48 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لا مقابل . ولكن الحكم متفق على القواعد العامة .

( [334] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في هذا الصدد ما يأتي : " إذا طلب الواهب الفسخ وقدم لذلك عذراً مقبولاً ، فإن القاضي بالرغم من ذلك لا يحكم بالفسخ إذا وجد مانع من موانع الرجوع في الهبة ، بخلاف الفسخ بالتراضي فلا يحول بالبداهة دونه مانع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 291 ) .

( [335] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 683 من المشروع التمهيدي على وجه مقارب لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأدمج في لجنة المراجعة كفقرة ثانية في المادة 528 من المشروع النهائي ، وأصبح مطابقاً . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 500 / 2 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 282 – ص 283 ) .

( [336] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان القانون المدني ( السابق ) لم يتعرض بتاتاً إلى أمر الرجوع في الهبة ، وليس فيما وضعه لها ولأسباب انتقال الملكية وزوالها من نصوص ولا فيما أورده للالتزامات من أحكام عامة ، ما ينافي الرجوع في الهبة ، كان لا مندوحة عن الرجوع في هذا الأمر إلى قانون الأحوال الشخصية ، سافرة كانت الهبة أو مستورة ( نقض مدني 3 ابريل سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 181 ص 390 ) . وقضت أيضاً بأن الرجوع في الهبة خاضع في ظل القانون المدني القديم للشريعة الإسلامية ، وحكمها في ذلك أن الرجوع لا يصح إلا برضاء الموهوب له أو بقضاء القاضي ( نقض مدني 11 فبراير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 80 ص 522 ) . وانظر عكس ذلك وفي أن أحكام القانون الفرنسي هي التي تسري فلا يجوز الرجوع في الهبة : ميت غمر 10 ديسمبر سنة 1931 الجريدة القضائية 108 ص 23 .

( [337] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 468 / 2 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 489 / 2 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 620 ( العبارة الأخيرة ) : فإن لم يرض ( الموهوب له ) كان للواهب حق الرجوع عند تحقق سبب مقبول ، ما لم يوجد مانع من الرجوع . ( والحكم متفق مع حكم التقنين المصري – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 48 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبنانين م 527 / 1 : تبطل الهبة بناء على طلب الواهب إذا لم يقم الموهوب له أو إذا كف عن القيام بأحد الشروط أو التكاليف المفروضة عليه .

( ويقتصر التقنين اللبناني العذر المقبول في الرجوع في الهبة على عدم قيام الموهوب له أو على كفه عن القيام بالشروط أو التكاليف المفروضة عليه ) .

( [338] ) أنظر المبسوط للسرخسي 12 ص 53 – ص 54 – البدائع 6 ص 128 – الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 52 – وهي المراجع السابق الإشارة إليها في فقرة 558 في الهامش .

وقارن الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 79 والأستاذ اكثم الخولي فقرة 123 – فقرة 124 .

( [339] ) أنظر ما دار في لجنة مجلس الشيوخ في هذا الصدد في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 287 – ص 288 و أنظر ما يلي فقرة 142 في الهامش – وانظر محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة 30 نوفمبر سنة 1954 المحاماة 36 رقم 110 ص 258 .

( [340] ) وفي هذا تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " والرجوع في الهبة نقلت أحكامه عن الشريعة الإسلامية . فالهبة يجوز الرجوع فيها بالتراضي أو بالتقاضي . وقد حدد المشروع هذه القاعدة تحديداً واضحاً ، فليس معناها أن الهبة يجوز الرجوع فيها إطلاقاً ، بل يشترط في الرجوع – إذا لم يرض الموهوب له – أن يكون عند الواهب عذر مقبول فيه . وأورد المشرع أمثلة من العذر المقبول مما يقرب الشريعة الإسلامية من القوانين الأجنبية . وهناك موانع للرجوع في الهبة نقلت عن الشريعة الإسلامية كما نقلها قدري باشا في كتابه عن الأحوال الشخصية . ويمكن القول بوجه عام إن المشرع اكسب عقد الهبة صلابة وقوة في الإلزام على النحو الذي ينبغي أن يكون لعقد هو – وإن كان تبرعاً – ملزم للمتعاقدين كسائر العقود " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 242 ) . وجاء في موضع آخر من المذكرة الإيضاحية : " ويتبين من ذلك أن الرجوع في الهبة ليس تحكمياً من جهة الواهب ، بل هو لا يستطيع الرجوع إلا إذا تراضى في ذلك مع الموهوب له . . ويعتبر هذا التراضي إقالة من الهبة . فإذا لم يكن هناك تراض ، فلا يجوز للواهب الرجوع إلا لعذر يقبله القاضي ، ويمتنع الرجوع إذا لم يوجد العذر المقبول . فالهبة إذن لا تزال محتفظة بصفتها الملزمة إلى حد كبير " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 290 – ص 291 ) .

على أن حق الرجوع في الهبة – مقيداً بهذه القيود – يعتبر من النظام العام ، فلا يجوز للواهب أن يتفق مع الموهوب له مقدماً على النزول عنه ، وإنما يجوز له ، بعد قيام العذر في الرجوع ، أن ينزل عن هذا الحق بعد وجوده . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في هذا الصدد ما يأتي : " ويلاحظ أن الواهب إذا تنازل عن حق الرجوع ، فإن تنازله لا يعتبر ، ويجوز له الرجوع بالرغم من هذا التنازل : م 515 من قانون الأحوال الشخصية " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 292 ) . ونصت المادة 530 / 1 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على أنه " لا يجوز العدول مقدماً عن دعوى إبطال الهبة بسبب الجحود . وتسقط هذه الدعوى بحكم مرور الزمن بعد سنة واحدة تبتدئ من يوم علم الواهب بالأمر " .

وحكم الفقه الإسلامي في هذه المسألة أنه يجوز للواهب الصلح عن حق الرجوع ، ويعتبر البدل في هذه الحالة كعوض عن الهبة . و لايجوز له إسقاط هذا الحق ، لأنه حق الشارع ( الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 53 ) .

أنظر الأستاذ محمد كامل مرسي 4 العقود المسماة 2 فقرة 171 – وقارن الأستاذ محمد جمال الدين زكي فقرة 83 والأستاذ اكثم الخولي فقرة 141 .

( [341] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 686 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا الفقرة ( ز ) ، فقد جرت في المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : إذا قدم الموهوب له بعد الهبة عوضاً قبله الواهب ، على إلا يكون هذا العوض هو بعض الموهوب ، وإذا أعطى العوض عن بعض الموهوب جاز الرجوع في الباقي ، وإذا استحق العوض كله أو بعضه عاد للواهب الحق في الرجوع إذا رد للموهوب له ما لم يستحق من العوض " ، وفيما عدا الفقرة ( ج ) ، فقد جرت في المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " إذا كانت الهبة صدقة " . وفي لجنة المراجعة عدلت الفقرة ( . ) بجعل تقديم العوض مانعاً للرجوع في الهبة سواء أكان العوض معاصراً للهبة أم لاحقاً لها ، عملا بالرأي الراجح في الشريعة الإسلامية ، وأصبح رقم المادة 530 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ أضيفت عبارة " أو عملا من أعمال البر " إلى الفقرة ( ح ) حتى ترتفع شبهة أن الصفقة لا تشمل أعمال البر لأنها في الواقع تشملها ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 502 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 289 – ص 290 و 2 92 – ص 294 ) .

( [342] ) أنظر الأستاذ محمد كمال مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 140 .

( [343] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 470 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 491 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 623 ( موافقة في أحكامها للتقنين المدني المصري ، وتزيد مانعاً هو أن يهب الدائن الدين للمدين فلا يستطيع الواهب أن يرجع في الهبة – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 55 – فقرة 65 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 530 / 2 و 3 : ولا ينتقل حق الواهب في إقامة تلك الدعوى ( دعوى إبطاله الهبة للجحود ) إلى ورثته إذا كان مقتدراً على إقامتها ولم يفعل . وكذلك لا تصح إقامتها على وريث الموهوب له إذا لم تكن قد أقيمت على الموهوب له قبل وفاته . ( ولم يذكر التقنين اللبناني إلا هذا المانع – موت أحد طرفي عقد الهبة – من موانع الرجوع في الهبة ) .

( [344] ) وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يجعل المانع من الرجوع أن يقدم " الموهوب له بعد الهبة عوضاً قبله الواهب ، على إلا يكون هذا العوض هو بعض الموهوب ، وإذا أعطى العوض عن بعض الموهوب ، جاز الرجوع في الباقي . وإذا استحق العوض كله أو بعضه ، عاد للواهب الحق في الرجوع إذا هو رد للموهوب له ما لم يستحق من العوض " فعدل هذا النص في لجنة المراجعة على نحو يجعل " تقديم العوض مانعاً للرجوع في الهبة ، سواء أكان العوض معاصراً للهبة أم لاحقا لها ، عملا بالرأي الراجح في الشريعة الإسلامية " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 290 و ص 293 – وانظر آنفاً فقرة 132 في الهامش ) .

وانظر في العوض المتأخر عن العقد في الفقه الحنفي البدائع 6 ص 130 – ص 132 .

( [345] ) وتبقى أحكام النص المحذوف سارية لاتفاقها مع قصد المتعاقدين وأحكام الفقه الإسلامي . فإذا كان العوض بعض الموهوب جاز الرجوع في الباقي ، وإذا استحق العوض كله أو بعضه عاد للواهب الحق في الرجوع إذا هو رد للموهوب له ما لم يستحق من العوض .

( [346] )          الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 59 .

( [347] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 292 .

( [348] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 294 . وانظر آنفاً فقرة 132 في الهامش .

( [349] ) ويلاحظ أن القانون الفرنسي على عكس ذلك ، فالهبة فيه لازمة في الأصل ، فإذا وقعت بين الزوجين كانت غير لازمة .

( [350] ) أنظر آنفاً فقرة 94 .

( [351] ) استئناف مختلط 15 يونيه سنة 1926 م 38 ص 477 – 14 يناير سنة 1930 م 42 ص 186 – 25 مارس سنة 1941 م 53 ص 139 – محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة 24 مارس سنة 1925 جازيت 15 رقم 239 ص 360 – محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة 6 يونيه سنة 1925 جازيت 16 رقم 147 ص 174 .

وهناك قول في المذهب الحنفي يفرق بين هبة الروج لزوجته وهبة الزوجة لزوجها . فالأولى لا يجوز للزوج الرجوع فيها أصلاً . أما هبة الزوجة لزوجها ، فيجوز للزوجة الرجوع فيها إذا هي ادعت أن الزوج استكرهها على الهبة ، فدعوى الإكراه مسموعة من الزوجة لا من الزوج لاعتبار الظاهر ، إذ الظاهر أن الزوج يتمكن من إكراه زوجته والزوجة لا تتمكن من إكراه زوجها ( الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 60 ) . ويبدو أن حكم هذه المسألة في القانون المدني يجب استخلاصه من القواعد العامة ، فلا يجوز في الأصل للزوجة أن ترجع في هبتها لزوجها ، ولكن لها أن تطعن في الهبة بالإكراه الأدبي أو الشوكة والنفوذ من جانب زوجها . فإن أثبتت ما تدعيه ، ولها أن تثبت ذلك بجميع طرق الإثبات وتدخل البيئة والقرائن ، كان لها أن تطلب إبطال الهبة للإكراه . ومن القرائن على الإكراه مركز الزوجة من زوجها ، وقيمة الشيء الموهوب ، والظروف التي صدرت فيها الهبة .

( [352] ) وقد قدمنا ما قررته المذاهب الثلاثة غير المذهب الحنفي في جواز اعتصار الوالد ( أنظر آنفاً فقرة 125 ) . وفي الفقه الحنفي يرجع الوالد في هبته لولده بغير قضاء ولا رضاء عن طريق الإنفاق على نفسه من مآل ولده عند الحاجة إلى ذلك ، لا عن طريق الرجوع في الهبة ( المبسوط للسرخسي 12 ص 54 – البدائع 6 ص 128 – فتح القدير 7 ص 132 ) . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بجواز رجوع الوالد فيما وهبه لابنه حتى بعد القبض ودون حاجة إلى تراض أو تقاض ، ولو كان الوالد قد نزل عن حقه في الرجوع ( 8 يناير سنة 1924 م 36 ص 117 ) ، ويغلب أن يكون ذلك أخذا بالمذهب الحنفي من أن الوالد يتفق على نفسه من ماله ولده عند الحاجة .

( [353] ) الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 61 .

( [354] ) الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 62 .

( [355] ) غير أنه إذا كان ولد الدابة الموهوبة لا يستغنى عنها ، وجب ترك الدابة عند الموهوب له حتى يستغنى عنها ولدها .

( [356] )  المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 292 - الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 63 ) . أما إذا نقل الموهوب له الشيء الموهوب من مكان إلى مكان فازدادت قيمته في المكان الثاني ، فإن حق الرجوع في الهبة يمتنع على القول الصحيح ، وذلك لما فيه من تفويت ما انفق في نقل الشيء الموهوب ( الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 63 – وقارن الأستاذ اكثم الخولي فقرة 139 ) .

( [357] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 292 .

( [358] ) الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 61 – ص 62 .

( [359] ) الأستاذ أحمد إبراهيم في التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 62 .

( [360] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 685 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة ، والظاهر إنها حذفت عبارة " إخلالاً خطيراً " التي كانت موجودة في بند ( 6 ) من المشروع التمهيدي ، اكتفاء بعبارة " جحودا كبيرا " الموجودة في نفس البند ، وأصبح رقم المادة 529 من المشروع النهائي ، ووافق عليها مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ ذكر أن أحكام هذا النص مأخوذة من القانون الفرنسي ولا تتعارض مع الشريعة الإسلامية التي تقضي بالرجوع في الهبة بالتراضي أو بقضاء القاضي . ولما قيل في اللجنة إن الرجوع في الهبة مطلق إلا في الأحوال الممنوع فيها الرجوع ، رد على هذا الاعتراض بان الرجوع في الشريعة غير مطلق ، لأن من ضمن بواعث الرجوع في الهبة في مذهب المالكية إخلال الموهوب له بما يجب عليه نحو الواهب أو نحو أحد من اقاربه بحيث يكون هذا الإخلال جحوداً كبيراً من جانبه وهو حكم الفقرة ( 6 ) من النص . وانتهت لجنة مجلس الشيوخ إلى الموافقة على النص ، أخذا ببعض أقوال فقهاء الشريعة الإسلامية التي تحرم الرجوع في الهبة إلا لعذر مقبول . ووافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 501 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 286 – ص 288 ) .

( [361] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 469 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 490 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 621 ( تتفق أحكامها مع أحكام المادة 501 من التقنين المدني المصري ، وتزيد العذر الآتي : " أن يقصر الوهوب له في القيام بما اشترط عليه في العقد من التزامات بدون عذر مقبول " . وهذا الحكم يتفق مع القواعد العامة . ويقتصر التقنين العراقي في عذر الإخلال بالواجب ، على أن يكون الإخلال بالواجب نحو الواهب ، دون أن يذكر اقاربه ، ولكن الأستاذ حسن الذنون – فقرة 50 – يرى أن الإخلال بالواجب نحو أقارب الموهوب له يصح أن يكون عذراً للرجوع في الهبة ، لأن الإعذار ليست مذكورة في النص على سبيل الحصر ) .

م 622 : إذا قتل الموهوب له الواهب عمداً بلا وجه حق ، كان لورثه حق إبطال الهبة . ( وهذا استثناء من أن الهبة لا يجوز الرجوع فيها بعد موت الواهب ، ويبرر الرجوع هنا جحود الموهوب له ، وكذلك القياس على الميراث فالقاتل لا يرث المقتول ) . أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 49 – فقرة 50 .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 524 : كل هبة بين الأحياء يمنحها شخص ليس له ولد ولا عقب شرعي يصح الرجوع عنها : أولاً – إذا رزق الواهب بعد الهبة أولاداً ولو بعد وفاته . ثانياً – إذا كان للواهب ولد ظنه ميتا وقت الهبة ثم ظهر أنه لا يزال حياً .

م 527 / 1 : تبطل الهبة بناء على طلب الواهب إذا لم يقم الموهوب له أو إذا كف عن القيام بأحد الشروط أو التكاليف المفروضة عليه .

م 528 : وتبطل الهبة أيضاً بناء على طلب الواهب : أولاً – إذا ارتكب الموهوب له جنحة أو جناية على شخص الواهب أو على شرفه أو ماله . ثانياً – إذا ارتكب إخلالاً هاماً بالواجبات التي يفرضها عليه القانون للواهب أو لعيلته .

( وأحكام التقنين اللبناني تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين المصري ، غير أن التقنين اللبناني لم يذكر من بين الإعذار أن يصبح الواهب عاجزاً عن توفير أسباب المعيشة لنفسه أو لن يجب عليه نفقته ) .

( [362] ) أنظر م 527 / 1 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( آنفاً فقرة 142 في الهامش ) ، ونتكلم عن إبطال الهبة لا عن فسخها .

( [363] ) فإذا قتل الموهوب له الواهب بغير حق ، قام عذر للرجوع في الهبة هو الجحود ، وقام في الوقت ذاته مانع من الرجوع في الهبة هو موت الواه بز وقد أورد التقنين العراقي في هذه الحالة نصاً خاصاً ، فقال في المادة 622 منه : " إذا قتل الموهوب له الواهب عمداً بلا وجه حق ، كان لورثته حق إبطال الهبة " ( أنظر آنفاً فقرة 143 من الهامش – وقارن الأستاذ حسن الذنون فقرة 54 وهو لا يرى حاجة لإيراد هذا النص ) . ويبدو أن هذا الحل المعقول هو الذي يتفق مع القواعد العامة ، فإنه إذا جاز الرجوع في الهبة لمجرد شروع الموهوب له في قتل الواهب ، فأولى أن يجوز الرجوع إذا تمت الجريمة .

( [364] ) ويجب التوسع في تفسير لفظ ( الأقارب ) ، فيشمل الزوج والزوجة .

( [365] ) بودري وكولان 10 فقرة 1600 .

( [366] ) ولم يكن هناك محل لحصر الأعمال التي تنطوي على الجحود الكبير من جانب الموهوب له في تقنين يجعل الأصل جواز الرجوع في الهبة ، وهذا بخلاف التقنين الفرنسي الذي حصر هذه الأعمال لأن الأصل فيه هو عدم جواز الرجوع في الهبة : قارن مع ذلك الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 167 حيث ينتقد النص انتقاداً شديداً لا مبرر له ، فالنص يضع معياراً مرناً بدلا من أن يضع قاعدة جامدة حتى يواجه بمرونته الحالات المتنوعة والظروف المختلفة . وهو بعد مأخوذ من المادة 530 من التقنين المدني الألماني وتنص على ما يأتي : " يجوز نقض الهبة إذا أخل الموهوب له إخلالاً خطيراً بما يجب عليه نحو الواهب أو نحو أحد من ذويه ، بحيث يكون قد ارتكب جحوداً كبيراً " . أنظر أيضاً في انتقاد النص الأستاذ اكثم الخولي فقرة 131 – 132 .

أما التقنين المدني الفرنسي ( م 955 ) فيقيد ، كما قدمنا ، معنى الجحود تقييداً ضيقاً ويحصره في أعمال معينة . ثم هو أيضاً يذكر الإعذار التي تسوغ الرجوع في الهبة على سبيل الحصر ، لا على سبيل التمثيل كما فعل التقنين المدني المصري .

ويجعل التقنين المدني الفرنسي ( م 957 ) دعوى الرجوع في الهبة للجحود تتقادم بسنة واحدة من وقت وقوع العمل الصادر من الواهب . ولم ينقل التقنين المدني المصري هذا الحكم ، ومن ثم تخضع دعوى الرجوع في الهبة في مصر ، أياً كان العذر في الرجوع ، للقواعد العامة ، فلا تتقادم إلا بخمس عشرة سنة من وقت قيام العذر . على أن إذا مضى وقت طويل على قيام العذر للرجوع ولم يستعمل الواهب حقه ، فقد يستخلص من ذلك أن الواهب نزل ضمناً عن حقه في الرجوع بعد قيام العذر ، والنزول عن حق الرجوع بعد قيام العذر جائز .

( [367] ) أما في التقنين الفرنسي ( م 955 ) فقبول الموهوب له النفقة على الواهب يمنع من الرجوع في الهبة ، ولا يجوز للواهب الرجوع إلا إذا طلب من الموهوب له النفقة عليه فامتنع الموهوب له .

( [368] ) قارن الأستاذ اكثم الخولي فقرة 133 – ولا مبرر هنا أيضاً للانتقاد الشديد الذي يوجهه الىالنص ، إذ النص قد وضع معايير مرنة يسترشد بها القاضي ، فيجعل لكل حالة بخصوصها ما يلائمها من الحكم . ونظير ذلك ما نص عليه التقنين البولوني في المادة 364 منه .

( [369] ) وتنص المادة 961 من التقنين المدني الفرنسي على أنه " يقع فسخ الهبة حتى لو كان للواهب أو للواهبة وقت الهبة جنين لم يولد " . ويمكن سريان هذا الحكم في مصر ما دام الواهب لا يعرف وقت الهبة بأمر الجنين ، فهو في حالة الواهب الذي يعتقد أن ولده قد مات . فليست العبرة إذن بألا يكون للواهب ولد وقت الهبة ، بل العبرة بأن يعتقد أن ليس له ولد . أما في القانون الفرنسي ، فالهبة تنفسخ حتى لو كان الواهب وقت الهبة يعلم بأمر الجنين ( بودري وكولان 10 فقرة 1680 – فقرة 1681 ) .

( [370] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " والمفروض في ذلك أن الواهب لم يكن لديه ولد وقت الهبة ثم رزق الولد بعدها ، أو كان له ولد ظنه ميتاً فوهب ثم ظهر الولد ، فرجع في الهبة . أما إذا كان له ولد وقت الهبة ، ثم رزق ولداً بعدذ لك ، فليس له الرجوع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 291 ) .

( [371] ) وفي التقنين المدني الفرنسي ( م 960 ) لا حاجة إلى حكم بالفسخ ، بل تعتبر الهبة مفسوخة من تلقاء نفسها بحكم القانون . ويترتب على ذلك فرقان بين التقنين الفرنسي والتقنين المصري : ( أولاً ) أن الواهب إذا رزق الولد بعد موته ( EMFANT POSTHUME ) ، أي أن الولد كان جنيناً ولم يولد إلا بعد موت الواه بن كان هذا كافياً في التقنين الفرنسي لأن الهبة فيه تنفسخ من تلقاء نفسها . ولا يبدو أن هذا يكفي في التقنين الصمري ، لأن فسخ الهبة لا يكون إلا بحكم القاضي ، ولا يجوز لورثة الواهب أن يتقدموا بطلب الفسخ لأن حق الرجوع لا ينتقل إلى الورثة كما قدمنا . ( ثانياً ) أن موت الولد قبل الرجوع في الهبة لا يمنع انفساخ الهبة في التقنين الفرنسي ، ويمنع الرجوع في الهبة في التقنين المصري كما سبق القول .

( [372] ) تاريخ النصوص :

م 503 : ورد هذا النص في المادة 687 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن الفقرة الأولى في المشروع التمهيدي كانت تنتهي بالعبارة الآتية : " وذلك دون إخلال بما كسبه الغير حسن النية من حقوق " . وأضافت لجنة المراجعة إلى هذه العبارة كلمة " بعوض " ، وأقرت النص تحت رقم 531 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 503 ، ولكن النص النهائي للمادة سقطت منه العبارة التي كانت تتضمنها الفقرة الأولى في المشروع التمهيدي ، دون أن يظهر من الأعمال التحضيرية كيف حذفت هذه العبارة ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 295 – ص 296 ) .

م 504 : ورد هذا النص في المادة 688 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 532 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 504 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 296 – ص 298 ) .

( [373] ) وقد جاء في المادة 527 من قانون الأحوال الشخصية لقدري باشا : " لا يصح الرجوع في الهبة إلا بتراضي العاقدين أو بحكم الحاكم . فإذا رجع الواهب باحدهما ، كان رجوعه إبطالاً لأثر العقد في المستقبل وإعادة لملكه . فلو أخذ الواهب العين الموهوبة قبل القضاء أو الرضاء ، فهلكت أو استهلكت ، ضمن قيمتها للموهوب له ، وإذا طلبها بعد القضاء ، ومنعها الموهوب له ، فهلكت في يده ، ضمنها " .

والعبرة بتاريخ صدور الهبة ، فإن صدرت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 سرت أحكام الفقه الحنفي ، وإلا سرت أحكام التقنين الجديد .

( [374] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 471 – 472 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 492 – 493 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 624 : 1 – إذا رجع الواهب في هبته بالتراضي أو بالتقاضي ، كان رجوعه إبطالاً لأثر العقد من حين الرجوع وإعادة لملكه . 2 - ولا يرد الموهوب له الثمرات إلا من وقت الاتفاق على الرجوع أو من وقت رفع الدعوى . وله أن يرجع بجميع ما أنفقه من المصروفات الاضرارية . أم المصروفات النافعة فلا يجاوز في الرجوع بها القدر الذي زاد في قمية الموهوب . م 625 : إذا أخذ الواهب الموهوب قبل الرضاء أو القضاء كان غاصباً ، فلو هلك الموهوب أو استهلك ضمن قيمته للموهوب له . أما إذا طلبه بعد القضاء ومنعه الموهوب له بعد إعذاره بالتسليم ، فهلك في يده ، ضمنه .

( وأحكام التقنين العراقي متفقة في مجموعها من أحكام التقنين المصري ، إلا أن التقنين العراقي يجعل أثر الرجوع في الهبة غير رجعي ويبدأ من حين الرجوع ، جريا على أحكام الفقه الحنفي – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 66 – فقرة 68 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 525 : عند الرجوع في الهبة في الحالة التي نصت عليها المادة السابقة ( حالة أن يرزق الواهب ولدا ) ، تعاد الأموال الموهوبة إلى الواه بز وإذا كان قد جرى التفرغ عنها ، فيعاد إليه ما يساوي قيمة الكسب المتحقق إذ ذاك للموهوب له . أما إذا كانت الأموال الموهوبة مرهونة . فللواهب أن يفك رهنها بدفع المبلغ الذي رهنت لتأمينه ، وإنما يبقى له حق الرجوع في هذا المبلغ على الموهوب له .

م 526 : إن الحق في إقامة دعوى الرجوع عن الهبة لظهور أولاد بعدها يسقط بحكم مرور الزمن بعد خمس سنوات تبتدئ من تاريخ ولادة الولد الأخير ، أو من التاريخ الذي عرفه فيه الواهب أن ابنه الذي حسبه ميتاً ما زال حياً ، وليس بجائز العدول عن حق إقامة تلك الدعوى ، فهو ينتقل بوفاة الواهب إلى أولاده وأعقابه .

م 527 : تبطل الهبة بناء على طلب الواهب إذا لم يقم الموهوب له أو إذا كف عن القيام بأحد الشروط أو التكاليف المفروضة عليه . وتطبق في إعادة الأموال إلى الواهب القواعد المنصوص عليها في المادة 525 المتقدم ذكرها .

م 529 : عند الرجوع عن الهبة بسبب ظهور أولاد أو بسبب الجحود ، أو عند تخفيض الهبة لكونها فاحشة ، لا يعيد الموهوب له الثمار إلا ابتداء من يوم إقامة الدعوى . أما إذا كان الرجوع لعدم القيام بالتكاليف أو بالشروط ، فيجب على الموهوب له أن يرجع مع المال الثمار التي جناها منذ كف عن القيام بتلك التكاليف أو الشروط أو منذ أصبح في حالة التأخر لعدم تنفيذها .

م 530 : لا يجوز العدول مقدماً عن دعوى إبطال الهبة بسبب الجحود . وتسقط هذه الدعوى بحكم مرور الزمن بعد سنة واحدة تبتدئ من يوم علم الواهب بالأمر ، ولا ينتقل حق الواهب في إقامة تلك الدعوى إلى ورثته إذا كان مقتدراً على إقامتها ولم يفعل . وكذلك لا تصح إقامتها على وريث الموهوب له إذا لم تكن قد أقيمت على الموهوب له قبل وفاته .

( وأحكام التقنين اللبناني مقتبسة في مجموعة من أحكام التقنين المدني الفرنسي )

( [375] ) كذلك لا يجوز للواهب التصرف في الشيء الموهوب قبل التراضي أو التقاضي ( طما الجزئية 21 مارس سنة 1929 المحاماة 20 رقم 52 ص 126 ) .

( [376] ) أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 295 – ص 296 – وانظر آنفاً فقرة 621 في الهامش .

( [377] ) ولعل وجوب مراعاة هذه القواعد هو الذي أدى إلى حذف العبارة ( قارن الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 80 ) .

( [378] ) أنظر آنفاً فقرة 614 .

( [379] ) وهذا بخلاف التقنين المدني الفرنسي ، فإنه يقضي في الفقرة الثانية من المادة 958 منه ، إذا كان الرجوع في الهبة للجحود وكان الموهوب له قد تصرف في الشيء الموهوب ، بأن يرد الموهوب له للواهب قيمة الشيء الموهوب وقت رفع دعوى الرجوع . أما إذا كان الرجوع بسبب أن الواهب قد رزق ولداً بعد الهبة ، فإن الهبة في التقنين المدني الفرنسي تنفسخ من تلقاء نفسها كما قدمنا ، ويكون لانفساخها أثر رجعي حتى بالنسبة إلى الغير ( م 963 مدني فرنسي ) .

( [380] )          مراجع في عقد الشركة : بودري وفال في الشركة والقرض والوديعة طبعة ثالثة سنة 1907 – أوبرى ورو وبارتان وإسمان 6 طبعة سادسة سنة 1951 – بيدان 12 طبعة ثانية سنة 1947 – بلانيول وريبير وليبارنيير 11 طبعة ثانية سنة 1954 – هيمار ( Hemard ) في بطلان الشركات الواقعية طبعة ثانية سنة 1916 – اسكارا ( Escarra ) في القانون التجاري سنة 1954 – ريبير في القانون التجاري طبعة ثانية سنة 1951 – ليون كان ورينو ( Lyon - Caen et Renault ) في القانون التجاري طبعة خامسةجزء 2 في الشركات – فورنييه وبلانشيه ( Fournier et Blancher ) ، في النظام القانونين والضرائبي للشركات المدنية سنة 1953 – اندريه مورو ( Andre Moreau ) في الشركات المدنية ونظمها القانونية والضرائبية سنة 19564 – بيتروسكا ( Petrusca ) في الشركات المدنية في القانون المقارن رسالة من باريس سنة 1931 – بلانيول وريبير وبولانجيه الطبعة الثالثة جزء 2 – كولان وكابيتان ودلامور انديير الطبعة التاسعة جزء 2 – جوسران الطبعة الثانيةجزء 2 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ ( Societe civile ) .

الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة جزء 2 سنة 1952 – الأستاذ حسن على الذنون في العقود المسماة بغداد سنة 1954 .

ونحيل إلى الطبعات المبينة فيما تقدم عندما نشير فيما يلي إلى أحد هذه المراجع .

( [381] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 689 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي وردت فيه عبارة " مشروع اقتصادي " بدلا من عبارة " مشروع مالي " – ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 533 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ عدلت عبارة " مشروع اقتصادي " بعبارة " مشروع مالي " . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته تحت رقم 505 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 301 و ص 303 ) .

( [382] ) التقنين المدني السابق م 419 / 511 : الشركة عقد بين اثنين أو أكثر يلتزم به كل من المتعاقدين وضع حصة في رأس المال لأجل عمل مشترك بينهم وتقسيم الأرباح التي تنشأ عنه بينهم .

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في الموازنة بين هذا التعريف للشركة والتعريف الوارد في المادة 505 من التقنين المدني الجديد ما يأتي : " يتميز هذا التعريف ( تعريف التقنين الجديد ) عن تعريف التقنين المصري ( السابق ) بأنه يبرز عناصر الشركة وخصائصها الأساسية . فيذكر إنها تكوين رأس مآل مشترك من مجموع حصص الشركاء بقصد تحقيق غرض اقتصادي . وهو بذلك يميز الشركة عن الجمعية التي يقصد بها عادة تحقيق غايات اجتماعية أو أدبية أو غيرها من الأغراض العامة التي لا شأن لها بالكسب المادي . على أنه لما كانت بعض الجمعيات ، دون أن تقوم بعمليات صناعية أو تجارية ودون أن توزع أرباحاً بين أعضائها ، تسعى إلى تحقيق غرض اقتصادي ، كالجمعية الزراعية الملكية واتحاد الصناعات . . فإن المشروع يبين في التعريف السابق أن الغرض من الشركة هو استغلال رأس المال للحصول على ما يدره من الأرباح وتوزيعها بين الشركاء . والواقع أن الفقه والقضاء جريا على أن توزيع الأرباح الناتجة عن العمل المشترك هو القصد الأساسي من قيام الشركة . كما أضاف المشروع عبارة " اقتسام الخسائر المحتملة " لأن النية في الاشتراك والتعاون عن طريق قبول إخطار معينة واقتسام الخسائر التي قد تنتج عن العمل المشترك هي من صلب عقد الشركة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 302 ) .

( [383] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 473 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 494 ( موافق ، وقد ذكر عبارة " مشروع اقتصادي " بدلا من عبارة " مشروع مالي " ، ولم يذكر اقتسام الخسائر ) .

التقنين المدني العراقي م 626 ( موافق وقد ذكر عبارة " مشروع اقتصادي " بدلا من عبارة " مشروع مالي " – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 73 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 844 : الشركة عقد متبادل بمقتضاه يشترك شخصان أو عدة أشخاص في شيء بقصد أن يقتسموا ما ينتج عنه من الربح .

( والتعريف في مجموعة موافقة لتعريف التقنين المصري ) .

( [384] ) الوسيط الجزء الأول ص 168 هامش رقم 1 .

( [385] ) أنظر ريبير في القانون التجاري فقرة 583 وما بعدها . أوبرى ورو وإسمان 6 ص 7 هامش رقم 1 .

( [386] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 377 ص 12 – وتنص المادة 495 من التقنين المدني الليبي على ما يأتي : " المشاركة التي تتكون أو يحتفظ بها لمجرد الانتفاع بشيء أو أكثر تنظمها أحكام المادة 825 وما يليها من هذا القانون " ( أي أحكام الحائط المشترك ) .

( [387] ) بلانيول وريبير وليبارنيير 11 فقرة 981 ص 237 – ص 238 .

( [388] ) بلانيول ويبير وليبارنيير 11 ص 237 وهامش رقم 3 .

( [389] ) وإذا اتفق شخصان أو أكثر على تكوين رأس مآل يساهمون فيه ، على أن يستأثر كل منهم بدوره بالانتفاع براس المال مدة معينة ، فالعقد ليس بشركة ، إذ لا مساهمة في أرباح أو في خسائر ( أوبرى ورو وغسمان 6 فقرة 377 ص 12 – ص 13 – بودري وفال 23 فقرة 10 – وهذا ما يسمى بقرض الائتمان المؤجل prêt a credit differe أنظر ما يلي فقرة 271 ) – وإذا تألفت هيئة من المؤلفين الموسيقيين بغرض الحصول على حق كل عضو فيها قبل الغير عن أعماله الموسيقية مع خصم جزء لقاء النفقات ، فإن هذه الهيئة لا تكون شركة وإن أسمت نفسها بذلك ، لأنها لم تجمع حصصاً من الشركءا بغرض تقسيم الربح والخسارة عليهم ، بل هي وكيلة عن أعضائها في الحصول على حقوقهم . وقد أنكرت محكمة الاستئناف المختلطة على هذه الهيئة الشخصية المعنوية ، فمنعتها من أن تتقاضى باسمها ، وإنما يتقاضى الوكيل العام للهيئة بصفته وكيلاً عن كل مؤلف موسيقى بالذات ( استئناف مختلط 30 يناير سنة 1903 م 15 ص 324 ) . وكان من الممكن أن يكون للهيئة شخصية معنوية ، لا باعتبارها شركة بل باعتبارها جمعية .

( [390] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا رسا على مقاول مزاد إنشاء بناء ، وتعاقد معه آخر بعقد وصف بأنه شركة ، وكان من شروطه أن يصرف ذلك الآخر على العملية من ماله ، وأن يسترد جميع ما صرفه سالماً مهما كانت نتيجة العملية ، ويستولى على ربح محقق يقدر بفائدة مئوية بالنسبة إلى قيمة مرسى المزاد بصرف النظر عما يصرفه فعلا ، وقام المقاول بمباشرة العمل ، كان هذا العقد في حقيقته مخفياً لقرض وليس بشركة . ولا يغير من هذه الحقيقة احتفاظ المقرض بحق شراء المهمات والأشراف على أبواب الإنفاق ، وذلك بوساطة مندوب يتحمل المقاول مرتبه ( استئناف مصر 8 ابريل سنة 1943 المجموعة الرسمية 43 رقم 244 ) .

وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا كانت حصة الشريك عيناً نقل ملكيتها إلى الشركة مقابل مبلغ معين يستولى عليه عند تصفية الشركة ويستولى على فوائده ما دامت الشركة باقية دون أن يشارك في الخسارة ، فالعقد ليس بشركة والشريك ليس إلا بائعاً للعين ( استئناف مختلط أول مايو سنة 1946 م 58 ص 144 ) .

( [391] ) بلانيول وريبير وليبارنيير 11 فقرة 681 ص 236 – وقد نصت المادة 845 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانين على ما يأتي : " إن اشراك المستخدمين أو ممثلي الأشخاص المعنويين أو الشركات في جزء من الأرباح كأجل كلي أو جزئي يعطي لهم لما يقومون به من الخدمات لا يكفي لمنحهم صفة الشريك " – أنظر أيضاً استئناف مختلط 26 ديسمبر سنة 1934 م 47 ص 75 – 29 مارس سنة 1947 م 59 ص 162 .

وإذ خصصت شركة سجاير عمولة لشخص لتوزيع سجايرها ، فاستخدم هذا الشخص شخصاً آخر لتوزيع هذه السجاير في أحد الاقاليم مقابل جزء من العمولة ، لم يكن العقد بين هذين الشخصين شركة ( أسيوط الكلية 11 ابريل سنة 1938 المحاماة 19 رقم 55 ص 112 ) . وإذا استخدم شخص آخر في تقسيم أرضه وبيعها مقسمة في نظير نسبة معينة من الثمن ، لم يكن هذا العقد شركة ، بل هو عقد مقاولة ( استئناف مختلط 11 يونيه سنة 1940 م 52 ص 301 ) .

( [392] ) أنظر في فرنسا قانون 30 أكتوبر سنة 1935 – وانظر بلانيول وبرسبير وليبارنيير 11 فقرة 983 – بل إن جمعيات التعاون تهدف إلى تحقيق أرباحها عن طريق توفير أرباح الوسطاء ، فيكون ربح الشريك في هذه الجمعيات هو شراء السلعة بثمن ارخص أو انتاجها بتكاليف أقل أو اقتراض النقود بسعر منخفض ( أنظر بلانيول وريبير وليبارفيير 11 فقرة 983 ص 241 – ص 242 ) . على أن جمعيات التعاون تخضع لقوانين خاصة ، ولا تدخل ضمن الشركات المدنية بل ضمن الجمعيات كما سيأتي ( أنظر في هذا المعنى فورنييه في الجمعيات المدنية ص 15 – وقارن محكمة الإسكندرية الكلية الوطنية 9 سبتمبر سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 13 ص 29 . محكمة بورسعيد الجزئية الوطنية 30 ابريل سنة 1933 المحاماة 14 رقم 109 ص 216 ) . ويقضي قانون 10 سبتمبر سنة 1947 في فرنسا بأن تكون جمعيات التعاون شركات مدنية ) بلانيول وريبير وليبارنيير 11 فقرة 996 مكررة ) .

( [393] ) ويترتب على ذلك أنه إذا لم يقم أحد الشركاء بما تعهد به من تقديم حصته أو غير ذلك نجاز لأي شريك آخر أن يطلب فسخ العقد ، وللقاضي أن يقدر ما إذا كان يستجيب لطلب الفسخ طبقاً للقواعد المقررة في فسخ العقد . وقد نصت المادة 530 مدني في هذا الصدد على ما يأتي : " 1 - يجوز للمحكمة أن تقضي بحل الشركة بناء على طلب أحد الشركاء ، لعدم وفاء شريك بما تعهد به أو لأي سبب أخر لا يرجع إلى الشركاء ، ويقدر القاضي ما ينطوي عليه هذا السبب من خطورة تسوغ الحل . 2 - ويكون باطلا كل اتفاق يقضي بغير ذلك " . أنظر الأستاذ محمد كمال مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 403 ) .

( [394] ) أنظر آنفاً فقرة 488 .

( [395] ) أنظر في هذا المعنى بو دري وفال 23 فقرة 6 .

( [396] ) بودري وفال 23 فقرة 8 – بلانيول وريبير وليبارنيير 11 فقرة 980 ص 236 .

( [397] ) كولان وكابيتان 2 فقرة 1166 .

( [398] ) ولا يقال أنه خسر عمله في التأليف ، لأن هذا العمل يقابله حق المؤلف المعنوي في كتابه وهذا الحق لا يزال باقياً له .

( [399] ) وتكون نفقات النشر التي قدمها الناشر قرضاً يسترده من الشركة قبل توزيع الأرباح – أنظر في مثل آخر لعقد وصف في ظاهره بأنه قعد شركة إلا أنه في حقيقته وفي قصد المتعاقدين عقد بيع ، نقض مدني 17 مارس سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 رقم 38 ص 220 .

( [400] ) أنظر آنفاً فقرة 160 .

( [401] ) أنظر آنفاً فقرة 160 .

وإذا اتفق شخصان على أن يحول كل منهما رأس مآل إلى إيراد مرتب طول حياته وبعتد موته يتحول الإيراد إلى الشخص الآخر ، لم يكن هذا الاتفاق –ج ويعرف في القانون الفرنسي القديم باسم tontine – شركة ، لأن الطرفين لا يساهمان في ربح أو في خسارة ، بل إن أحدهما يسكب إذا مات الآخر قبله ( انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ societe civile فقرة 15 ) .

( [402] ) استئناف مختلط 24 فبراير سنة 1909 م 21 ص 215 – 9 يونيه سنة 1927 م 39 ص 541 .

( [403] ) وهذه الجمعيات إذا قصدت أن تحقق ربحاً مادياً من وراء عملها كانت شركات مدنية ، فإذا اتخذت شكلا تجارياً كانت شركات مدنية ذات شكل تجاري . ويجوز لجمعية النشر ، إذا كانت تقصد إلى الربح المادي فتصبح بذلك شركة مدنية ، أن تقسم رأس مالها إلى حصص أو أسهم دون أن تتخذ الشكل التجاري . ولكن ذلك لا يقصر مسئولية الشركاء عن ديون الشركة على قيمة الأسهم التي يحملها كل شريك ، بل يكون كل شريك مسئولا في ماله الخاص عن ديون الشركة بنسبة ما يحمل من الأسهم ( أنظر في هذا المعنى فورنييه في الشركات المدنية فقرة 7 ص 24 – ص 25 وفقرة 53 ) .

( [404] ) أنظر في أن النادي السعدي ليس شركة مدنية ، بل هو جمعية : محكمة مصر الكلية الوطنية 25 مايو سنة 1925 المحاماة 5 رقم 618 / 2 ص 750 .

( [405] ) استئناف مختلط 11 مايو سنة 1944 م 56 ص 144 .

( [406] ) ويبدو أن اتحاد ملاك طبقات البناء الواحد ( م 862 مدني وما بعدها ) وملكية الأسرة ( م 851 مدني وما بعدها ) أقرب إلى الشركات المدنية منها إلى الجمعيات التعاونية ( انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ societe civile فقرة 283 وفقرة 284 ) .

( [407] ) وقد نصت المادة 80 مدني على أن " الجمعيات الخيرية والتعاونية والمؤسسات الاجتماعية والنقابات ينظمها القانون " .

( [408] ) استئناف مختلط 4 فبراير سنة 1914 م 26 ص 195 – 24 يونيه سنة 1915 م 27 ص 440 .

( [409] ) ويمكن تكوين شركة مدنية لاستغلال آلات زراعية أو تربية مواش . كما يمكن تكوين شركة مدنية بين مهندسين أو أطباء أو محاسبين أو خبراء أو معلمين أو موسيقيين أو مغنيين أو مثلين أو خياطين أو غيرهم ممن يباشرون إعمالاً لا تعتبر إعمالاً تجارية ، ويقرب من ذلك شركة تقبل الأعمال في الفقه الإسلامي . وتعتبر شركات مدنية الشركات المكونة لتوريد المياه للمدن أو لاستغلال المياه المعدنية .

أنظر في أمثلة للشركات المدنية بلانيول وريبير وليبارنيير 11 فقرة 988 ص 246 .

( [410] ) وأهمية التمييز بين الشركات المدنية والشركات التجارية تظهر في مسائل منها : ( أ ) شكل الشركات التجارية وإجراءات تكوثينها تختلف عنها في الشركات المدنية . ( ب ) في الشركات المدنية الشريك مسئول عن ديون الشركة حتى في ماله الخاص ولكن من غير تضامن ، أما في الشركة التجارية فتارة يكون مسئولا في ماله الخاص بالتضامن وتارة يكون مسئولا في حدود الأسهم التي يحملها . ( ج ) موت الشريك أو الحجر عليه أو إعساره أو إفلاسه أو انسحابه من الشركة المدنية يقضيها ، ولا يقع ذلك غالباً في الشركة التجارية . ( ج ) الشركة المدنية تخضع للقضاء المدني ، والشركة التجارية تخضع للقضاء التجاري . ( هـ ) طرق الإثبات وسعر الفائدة تختلف في الشركات المدنية عنها في الشركات التجارية . ( و ) كل ما نشأ عن أعمال الشركة التجارية من الدعاوى على الشركاء غير المأمورين بتصفية الشركة يسقط بخمس سنين من تاريخ انتهاء الشركة ( م 65 تجاري ) ، أما في الشركات المدنية فمدة التقادم خمس عشرة سنة . ( ز ) يجوز شهر إفلاس الشركة التجارية وتصفيتها تصفية قضائية ، ولا يجوز ذلك في الشركة المدنية .

وإذا كانت الشركة الواحدة تباشر إعمالاً بعضها مدني وبعضها تجاري ، اتخذت صفتها تبعاً للأعمال الغالبة . وتذهب محكمة النقض الفرنسية إلى إنها تكون تجارية ، ما لم تكون الأعمال التجارية التي تباشرها هي أعمال تابعة للأعمال المدنية ( بلانيول وريبير وليبارنيير 11 فقرة 991 – فورنييه في الشركات المدنية فقرة 6 ) .

( [411] ) وأهم هذه القيود ، وقد وردت في القانون رقم 26 لسنة 1954 ، ما يأتي : ( أ ) لا يجوز الترخيص في إنشاء شركة مساهمة إلا إذا كان من الأعضاء المؤسسين سبعة على الأقل ( م 2 / 1 ) . ( ب ) يجب أن يكون رأس مال الشركة كافياً لتحقيق غرضها ، وألا يقل في أي حال ما يكون مدفوعا منه عند تأسيس الشركة عن عشرين ألف جنيه . ولا تؤسس الشركة إلا إذا كان رأس مالها مكتتباً فيه بالكامل ، وقام كل مكتتب بأداء الربع على الأقل من القيمة الاسمية للاسهم النقدية التي اكتتب فيها ( م 6 / 1 ) . ( ج ) يقسم رأس مآل الشركة إلى أسهم متساوية لا تقل القيمة الاسمية لكل منها عن جنيين ( م 7 / 1 ) .

ثم صدرت بعد ذلك تشريعات أوردت قيودا أخرى مختلفة ، ليس هنا مكان بحثها .

( [412] ) أنظر أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 379 ص 32 هامش رقم 8 فيما يختص بشركة بناما .

( [413] ) أنظر أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 379 ص 32 – ص 35 – بلانيول وريبير وليبارنيير 11 فقرة 992 – فقرة 995 مكررة – فورنييه في الشركات المدنية فقرة 7 .

( [414] ) أشتمل التقنين المدني الليبي على نص في هذه المسألة ، هو المادة 496 من هذا التقنين ، وتجري على الوجه الآتي : " الشركات التي يكون غرضها القيام بعمل يختلف عن المشاريع التجارية تنظمها الأحكام التالية ، ما لم يتفق الشركاء على تأسيس الشركة على نمط أحد أنواع الشركات التجارية المحضة . وفي هذه الحالة تخضع الشركة لأحكام القانون التجاري الخاصة بذلك النوع الذي وقع عليه الاختيار ، ويدخل في ذلك القيد في السجل التجاري ، إلا إنها لا تخضع للتفليس " .

( [415] ) استئناف مختلط 14 يناير سنة 1911 م 23 ص 363 – 12 فبراير سنة 1918 م 30 ص 258 .

( [416] ) الأستاذ محمد كامل أمين ملش في الشركات سنة 1957 فقرة 40 – فقرة 47 – الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 430 .

( [417] ) وتقول المادة 19 من التقنين التجاري في هذا الصدد : " وتتبع في هذه الشركات ( التجارية ) الأصول العمومية المبينة في القانون المدني والشروط المتفق عليها بين الشركاء والقواعد الآتية " ( أي قواعد التقنين التجاري ) . وكانت المادة 447 / 544 من التقنين المدني السابق تنص على أنه " تتبع هذه القواعد ( المدنية ) في كافة الشركات ، مع عدم الإخلال بما هو منصوص في قانون التجارة فيما يتعلق بمواد الشركات التجارية " .

( [418] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 299 – ص 301 .

( [419] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في هذا الصدد ما يأتي : " يجب أن تتوافر للشركة كل الأركان العادية للعقد : الرضا والمحل والسبب . وقد أوردت بعض التقنينات . . نصوصاً خاصة بهذه الأركان . لكن المشروع لم ير حاجة الإيراد مثل هذه النصوص ، لأنها ليست إلا تكرراً لا فادئة فيه للقواعد العامة ، والشركة كغيرها من العقود تخضع من حيث تنظيم أركانها للمبادئ العامة الواردة في باب الالتزامات " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 303 ) . وقد قضت محكمة قضنا بأنه لا سبيل لافتراض وجود شركة بغير اتفاق ، فإذا اشترك اثنان في القيام بأعمال من شأنها الآتيان بفائدة مالية لاموال ثابتة ملك أحدهما ، فإن ذلك لا يترتب عليه اعتبار الآخر شركاً له في تلك الأموال ، خصوصاً إذا كانا من عائلة واحدة ، لأن المعهود في العائلات قيام أحد أفرادها بمباشرة الشؤون الخاصة بالفرد الآخر من باب المجاملة والمعاونة أو في مقابل فائدة خصوصية لا يمكن أن تتناول حق الاشتراك في الأملاك المذكورة ( قنا 9 مارس سنة 1901 الحقوق 16 ص 114 ) .

وتسرى على الوعد بالشركة القواعد العامة في الوعد بالتعاقد ، وهي القواعد الواردة ، في المادة 101 مدني ، وتجرى كما رأينا على الوجه الآتي : " 1 - الاتفاق الذي يعد بموجبه كلا المتعاقدين أو أحدهما بابرام عقد معين في المستقبل لا ينعقد ، إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه والمدة التي يجب إبرامه فيها . 2 - وإذا اشترط القانون لتمام العقد استيفاء شكل معين ، فهذا الشكل تجب مراعاته أيضا في الاتفاق الذي يتضمن الوعد بإبرام هذا العقد " . ويخلص من هذا النص أنه إذا وعد شخص بأن يدخل في شركة ، وجب أن يتضمن الوعد جميع أركان الشركة من الشركاء وراس المال وحصة كل شريك فيه والأعمال التي تقوم بها الشركة وغير ذلك من الشروط . ويجب أن يكون الوعد في ورةق مكتوبة ، لأن الكتابة ضرورية لانعقاد الشركة فتكون ضرورية أيضاً لانعقاد الوعد ابلشركة . ويلتزم الواعد بوعده ، فإذا تقاضه الشركاء تنفيذ الوعد وجب التنفيذ بأن يدخل شريكا في عقد الشركة . ويذهب بعض الفقهاء إلى أنه لما كانت الشركة من العقود التي تراعى فيها شخصية المتعاقدين ، فلا يجوز إجبار الواعد على تنفيذ التزامه عيناً ، لأن طبيعة الالتزام لا تسمح بالتنفيذ العيني ، ويقضي على الواعد بالتعويض لإخلاله بالتزامه ( جيوار فقرة 33 – فورنييه في الشركات المدنية فقرة 18 – الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 402 ص 463 ) . ولكن يعارض هذا الرأي أن الواعد كان يعلم عند الوعد بشركائه وقد وعد أن يدخل شريكاً معهم ، فلا يجوز له عند ما يطالب بتنفيذ وعده أن يحتج بعدم ارتضائه لشخصية هؤلاء الشركاء . لذلك نرى أنه يجوز إجبار الواعد على تنفيذ وعده عيناً ، ويقوم الحكم عليه بذلك مقام عقد الشركة تطبيقا للمادة 102 مدني ( أنظر في هذا المعنى بودرى وفال 23 فقرة 33 ) . وغنى عن البيان أن إلزام الواعد بتنفيذ وعده عيناً على النحو السالف الذكر لا يمنعه ، وقد أصبح شريكاً ، من أن يستعمل حقوق الشريك ، فيجوز له بوجه خاص أن ينسحب من الشركة إذا كانت مدتها غير معينة ، على أن يعنل إدارته في الانسحاب إلى سائر الشركاء قبل حصوله وإلا يكون الانسحاب عن غش أو في وقت غير لائق ( م 529 / 1 مدني ) .

( [420] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 691 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديدن غير أن صدر الفقرة الأولى من المشروع التمهيدي كان على الوجه الآتي : " يجب أن يدون عقد الشركة في ورقة رسمية أو في ورقة عرفية ، وإلا كان العقد باطلا " . واقرت لجنة المراجعة النص تحت رقم 535 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ استبدلت بعبارة " في ورقة رسمية أو في ورقة عرفية " عبارة " يجب أن يكون عقد الشركة مكتوباً " ، فأصبح النص مطابقاً لما استق رعليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم 507 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 308 وص 310 – ص 311 ) .

( [421] ) ومن ثم فإن الشركات المدنية التي أبرمت عقودها قبل 15 أكتوبر سنة 1949 دون ورقة مكتوبة تكون صحيحة ، إذ تسرى عليها أحكام التقنين المدني السابق ، وتخضع في اثباتها للقواعد المقررة في الإثبات ( نقض مدني أول يونيه سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 187 ص 567 ) .

( [422] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 475 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 497 : لا يخضع عقد الشركحة المدنية لشركات أو إجراءات معينة باستثناء ما تتطلبه طبيعة ما يقدمه الشركاء من أموال حصصاً في الشركة .

م 498 : لا يجوز إدخال تغيير على عقد الشركة إلا بموافقة جميع الأعضاء ، ما لم يتفق على خلاف ذلك . ( ويختلف التقنين الليبي علن التقنين المصري في أنه لا يتطلب ورقة مكتوبة لانعقاد الشركة ، فالشركة المدنية فيه عقد رضائي ) .

التقنين المدني العراقي م 628 ( مطابق – وانظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 80 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 848 : تتم الشركة بموافقة المتعاقدين . على تأسيسها وعلى سائر بنود العقود ، فيما خلا الحالة التي يوجب فيها القانون صيغة خاصة . غير أنه إذا كان موضوع الشركة املاكاً ثابتة أو غيرها من الأملاك القابلة للرهن العقاري ، وكانت لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات ، وجب أن يوضع عقدها خطاً أن يسجل بالصيغة القانونية . ويجب علاوة على ذلك إتمام المعاملات المنصوص عليها في القرار رقم 188 الصادر من المفوض السامي في 15 آذار سنة 1926 .

( والتقنين اللبناني لا يوجب شكلا معيناً في شركة المنقولات فهي عقد رضائي . أما شركة العقارات فقد اشترط فيها أن تكون بورقة مكتوبة مسجلة معت مراعاة الإجراءات اللازمة لنقل ملكية العقارات إلى الشركة ) .

( [423] ) أنظر انفاً فقرة 648 في الهامش .

( [424] ) أنظر آنفاً فقرة 479 .

( [425] ) وكذلك للغير أن يحتج بألا تكون للشركة شخصية معنوية لعدم استيفائها إجراءات النشر التي يقررها القانون ، على ما سيأتي . ومصلحة الضرائب تعتبر من الغير ، فلها الحق في التمسك ببطلان الشركة ( استئناف مصر 11 يناير سنة 1925 المجموعة الرسمية 47 رقم 122 / 2 ) .

( [426] ) أو لعدم استيفائها إجراءات النشر التي يقررها القانون على ما سيأتي .

( [427] ) إلا أن العقد الذي ابرمه الغير مع الشركة تراعى فيه القواعد العامة للإثبات . هذا وإذا كانت الشركة الباطلة لعدم استيفاء الشكل شركة تجارية ، جاز للغير طلب الحكم بشهر إفلاسها ( نقض مدني 18 ديسمبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 34 ص 212 ) .

( [428] ) أنظر في كل ذلك المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 309 – ص 310 .

( [429] ) ويستوى أن يرجع سبب البطلان إلى الشكل أو إلى الموضوع .

( [430] ) أنظر هيمار في بطلان الشركة والشركات الواقعية الطبقة الثانية سنة 1926 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 377 ص 22 – ص 23 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1072 – فورنييه في الشركات المدنية فقرة 59 – فقرة 60 .

( [431] ) وكذلك أهلية التصرف إذا كانت حصة الشريك تقتضي نقل ملكية أو حق عيني .

( [432] ) وسنرى فيما يلي ( فقرة 231 ) أنه يجوز أن تبقى الشركة بعد موت أحد الشركاء ، فتستمر مع ورثة الشريك الميت ولو كانوا قصرا ( م 528 / 2 مدني ) .

( [433] ) أنظر في بطلان الشركة بين الزوجين في القضاء الفرنسي ومعارضة الفقه الفرنسي للقضاء في ذلك : أوبرى ورو واسمان 6 فقرة 377 ص 17 – ص 19 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1003 – فقرة 1004 – فورنييه في الشركات المدنية فقرة 29 . وقد نصت المادة 846 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانين علىما يأتي : " لا يجوز أن تعقد الشركة : أولاً – بين الأب والابن الذي لا يزال خاضعاً للسلطة الأبوية . ثانياً – بين الوصى والقاصر إلى أن يبلغ القاصر سن الرشيد ويقدم الوصى حساب الوصاية وتتم الموافقة النهائية عليه . ثالثاً – بين ولي فاقد الأهلية أو متولى إدارة إحدى المنشآت الدينية وبين الأشخاص الذين يديرون أموالهم . إن ترخيص الأب أو الولى للقاصر أو لفاقد الأهلية في تعاطي التجارة لا يكفي لجعلهما أهلاً للتعاقد معهما على إنشاء شركة " .

( [434] ) بلانيول وريبير وليبارنيير 11 فقرة 1000 ص 267 – استئناف مختلط أول مايو سنة 1946 م 58 ص 144 .

( [435] ) بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1000 – فورنييه في الشركات المدنية فقرة 16 .

( [436] ) وتنص المادة 847 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على أنه " يجب أن يكون لكل شركة غرض مباح . فكل شركة يكون غرضها مخالفاً للآداب أو النظام العام أو للقانون باطلة حتما . وباطلة أيضاً كل شركة يكون موضوعها أشياء لا تعد مالا بين الناس " . وانظر أيضاً المواد 852 – 855 من هذا التقنين .

( [437] ) ويلاحظ أن يجوز أن تكون حصة الشريك مالا مستقبلا ، إذ التعامل في المال المستقبل جائز فيما عدا التركات المستقبةل ( بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1008 ) . ولكن لا يجوز أن تكون حصة الشريك ما يتمتع به من نفوذ أو ثقة مالية ، لأن هذا ليس بمال أصلاً : أنظر م 509 مدني وانظر ما يلي فقرة 158 .

( [438] ) بودرى وفال 23 فقرة 66 – فقرة 80 .

( [439] ) ترويلنج فقرة 105 – نقض فرنسي 8 نوفمبر سنة 1880 داللوز 1881 – 1 – 115 .

( [440] ) بودرى وفال 23 فقرة 92 وما بعدها – بلانيول وريبير وليبارنييه 11 فقرة 1006 – هيمار فقرة 69 وما بعدها – اسكارا في القانون التجاري فقرة 575 – فورنييه في الشركات المدنية فقرة 34 – وتميل محكمة النقض الفرنسية إلى توزيع الربح والخسارة بين الشركاء بالنسبة المتفق عليها في عقد تأسيس الشركة ( نقض فرنسي 13 مايو سنة 1862 داللوز 62 – 1 – 338 – 22 نوفمبر سنة 1876 داللوز 77 – 1 – 70 ) .

( [441] ) فورنييه في الشركات المدنية فقرة 34 – ويشترط أن يكون المتعامل مع الشركة الباطلة يعتقد وقت تعامله معها إنها شركة صحيحة ، أما إذا كان يعلم أو ينبغي أن يعلم بعدم مشروعيتها فإنه لا يرجع إلا على الشريك الذي تعامل معه فقط ( هوبان دي بوسفييه ( Houpin de Bosvieux ) فقرة 62 – الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 410 ) .

( [442] ) استئناف مختلط 26 مايو سنة 1910 م 22 ص 330 ( العقود التي كانت في دور التنفيذ وقت إبطال الشركة تبقى معتبرة بالنسبة إلى الغير ) – 17 يونيه سنة 1914 م 26 ص 442 ( تصفية العلاقات المتولدة بسبب وجود شركة مدنية تقرر بطلانها والالتزامات الناشئة عن هذه العلاقات تبقى خاضعة لشروط الشركة ) .

( [443] ) ولو كان الخلل في الموضوع يرجع لا إلى بطلان الشركة ، بل إلى قابليتها للإبطال إذا كانت قد أبطلت فعلا .

( [444] ) أنظر آنفاً فقرة 177 .

( [445] ) ومجموع هذه الحصص هو رأس مال الشركة ( le capital social ) . ويجب تمييز رأس المال هذا عن مآل الشركة أو موجوداتها ( l'actif social ) ، فعند تأسيس الشركة يكون مالها مساوياً لراس مالها ، وبعد مدة تعمل فيها الشركة قد يزيد المال على الرأس المال أو ينقص بحسب نجاح الشركة في أعمالها ( بلانيول وريبير وبلاونجيه 2 فقرة 3072 ) .

( [446] ) أنظر آنفاً فقرة 158 – ومن ثم يصح أن تكون حصة كل شريك عملا ، وهذه هي الشركة المعروفة في الفقه الإسلامي بشركة تقبل الأعمال ( قارن انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ societe civile فقرة 68 ) .

( [447] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في الفقرة الأولى من المادة 692 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " يجوز أن تكون الحصص التي يقدمها الشركاء متفاوتة القيمة أو مختلفة في طبيعتها ، كما يجوز أن تكون الحصة ملكية مآل أو مجرد الانتفاع بهذا المال . وتعتبر الحصص عند الشك متساوية القيمة ، وأنها واردة على ملكية المال لا على مجرد الانتفاع به " . وفي لجنة المراجعة حذف الشق الأول من النص لأنه مستفاد من تعريف الشركة والقواعد العامة ، وجعل باقي النص مادة مستقلة تجري على الوجه الآتي : " تعتبر حصص الشركاء عند الشك متساوية القيمة وأنها واردة على ملكية المال لا على مجرد الانتفاع به " ، وأصبح رقمها 536 في المشروع النهائي . وفي اللجنة التشريعية لمجلس النواب عدل النص فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 508 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 213 و ص 314 – ص 315 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 421 / 514 وكانت تجري على الوجه الآتي : " تعتبر حصص الشركاء في رأس المال ملكاً للشركة لا مجرد الانتفاع بها ، ما لم يوجد نص صريح في العقد في شأن ذلك " .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 476 ( مطابق ) – في التقنين المدني الليبي م 499 ( مطابق ) – وفي التقنين المدني العراقي م 629 : 1 - يجوز أن تكون الحصص التي يقدمها الشركاء متفاوتة القيمة أو مختلفة في طبيعتها ، وأن تكون ملكية أموال أو مجرد انتفاع بهذه الأموال . 2 – وتعتبر الحصص عند الشك متساوية في القيمة وإنها واردة على ملكية المال لا على مجرد الانتفاع به . ( وأحكام التقنين العراقي تتفق مع أحكام التقنين المصري : أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 96 وما بعدها ) – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 849 : يجوز أن يكون حصص الشركاء في رأس المال نقوداً أو أموالاً منقولة أو ثابتة أو حقوقاً معنوية ، كما يجوز أن تكون صناعة أحد الشركاء أو صناعاتهم جميعاً – م 851 : يجوز أن تختلف الأشياء التي يقدمها الشركاء قيمة ونوعاً . وإذا وقع الشك حسبوا متساوين فيما قدموه – م 856 : كل شريك مديون لسائر الشركاء بجميع ما وعد بتقديمه للشركة . وعند قيام الشك يعد الشركاء ملزمين بتقديم حصص متساوية . ( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) ، فيما عدا أن التقنين اللبناني يجعل الشريك مديناً بحصته لسائر الشركاء ، لا مديناً للشركة ، إذ يبدو أنه لا يجعل للشركة شخصية معنية ) .

( [448] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان لا يوجد بين الشريكين اتفاق على حصة كل منهما في الشركة ، فإن كلا منهما يكون بحق النصف فيها ( نقض مدني 27 ابريل سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 125 ص 338 ) .

( [449] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 313 .

( [450] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 312 – ص 313 .

( [451] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 693 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " إذا كانت الحصة التي تعهد بتقديمها أحد الشركاء مبلغاً من النقود ، ولم يقدم هذا الشريك هذا المبلغ ، لزمته فوائده من وقت استحقائه بحكم القانون ، وذلك دون إخلال بما قد يستحق من تعويض تكميلي عند الاقتضاء " . وفي لجنة المراجعة عدل النص بما جعله مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ليزيد الحكم دقة وايضاحاً ، وأصبح رقم النص 538 في المشروع النهائي ، ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 510 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 317 – ص 319 ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 426 / 518 – 519 وكانت تجري على الوجه الآتي : " الشريك المتأخر عن أداء حصته في رأس المال ملزم بالتضمينات بمجرد مطالبته بالتأدية مطالبة رسمية . وإذا نشأ من هذا التأخير ضرر للشركة وجب عليه تعويضه بغير مقاصة بالأرباح التي استجلبها للشركة " . والأحكام متفقة مع أحكام التقنين الجديد فيما عدا : ( 1 ) تسري الفوائد في التقنين السابق من يوم الإعذار ، وفي التقنين الجديد من وقت استحقاق الحصة دون حاجة الىمطالبة قضائية أو إعذار . ( 2 ) في التقنين السابق لا مقاصة بين التعويض التكميلي الواجب على الشريك وارباح الشركة التي تسبب فيها الشريك . ولا يوجد في هذه المسألة حكم مقابل في التقنين الجديد ، فتسري القواعد العامة ، وهذه تقضى باستبعاد المقاصة القانونية لأن التعويض التكميلي غير خال من النزاع ( قارن الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 ص 518 ) وتسري أحكام التقنين السابق على الشركات المدنية التي أسست قبل يوم 15 أكتوبر سنة 1949 .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 478 ( مطابق ) – وفي التقنين المدني الليبي م 501 ( مطابق ) – وفي التقنين المدني العراقي م 630 ( موافق ) – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 857 : على كل شريك أن يسلم ما يجب عليه تقديمه في المواعد المضروب . وإذا لم يكن ثمة موعد معين فعلى أثر إبرام العقد . وتراعى في ذلك المهل التي تستلزمها ماهية الشيء أو المسافة . وإذا كان أحد الشركاء متأخراً عن تقديم حصته في رأس المال ، كان لسائر الشركاء أن يطلبوا إخراجه من الشركة أو إجباره على القيام بما التزمه ، مع الاحتفاظ بما لهم من حق المطالبة ببدل العطل والضرر في الحالتين . ( ولم ينص التقنين اللبناني على سريان الفوائد من وقت استحقاق الحصة إذا كانت مبلغاً من النقود ) .

( [452] ) ولا يوجد ما يمنع من أن تكون حصة الشريك ليست هي ملكية المبلغ من النقود ، بل حق الانتفاع بهذا المبلغ . فإذا خسرت الشركة ساهم الشريك في خسائرها في حدود حق الانتفاع بالمبلغ ، ولكنه يسترد المبلغ كاملا لأن ملكيته لم تنتقل إلى الشركة ، بل يبقى الشريك دائناً به للشركة ( بودرى وفال 23 فقرة 279 ص 176 – ص 177 – بلانيول وريبير وليبارنيير 11 فقرة 1008 ص 280 وفقرة 1046 ص 323 – بيدان 12 فقرة 442 ص 466 هامش رقم 2 – فورينيه في الشركات المدنية فقرة 43 ) .

( [453] ) وقد قدمنا أن التقنين المدني السابق ( م 426 / 518 ) كان يقضي بأن تسري الفوائد من وقت إعذار الشركة للشريك ، وأن حكمه هذا يسري على الشركات المدنية التي تأسست قبل 15 أكتوبر سنة 1949 .

( [454] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 318 .

هذا وقد تكون حصة الشريك أشياء مثلية لا نقوداً ، كمائة أردب من القمح أو خمسين قنطاراً من القطن ، فيصبح الشريك ملتزماً نحو الشركة بهذا المقدار . وتسري في شأن هذا الالتزام القواعد العامة من ناحية وجوب تعيين الشيء بنوعه ومقداره وجودته ، ومن ناحية انتقال الملكية إلى الشركة بالإقرار الذي يقع عادة عند التسليم ، وبوجه عام تسري المادة 205 مدني وهي النص الجوهري في هذا الصدد ( بودري وفال 23 فقرة 165 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1010 ص 281 ) .

( [455] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في القرة الأولى من المادة 694 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 539 / 1 في المشروع النهائي ، ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 511 / 1 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 319 – ص 321 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق ما يأتي : م 424 / 516 : إذا كانت حصة الشريك في رأس المال حق ملكية في عين معينة أو حق انتفاع فيها ، انتقل الحق في ذلك بمجرد عقد الشركة لجميع الشركاء وكان عليهم تلفه . م 425 / 517 الشريك ضامن لحصته في رأس المال كضمان البائع للمبيع . ( وأحكام التقنين المدني السابق تتفق مع أحكام التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن تبعة هلاك الحصة قبل التسليم كانت على الشركة في التقنين المدني السابق ، وهي في التقنين المدني الجديد على الشريك وفقاً للقواعد العامة . وتسري أحكام التقنين المدني السابق على الشركات المدنية التي أسست قبل يوم 15 أكتوبر سنة 1949 ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 479 / 1 ( مطابق ) – وفي التقنين المدني الليبي م 502 / 1 ( مطابق ) – وفي التقنين المدني العراقي م 631 / 1 ( موافق ) – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني ما يأتي : : م 859 ؛ إذا كانت الحصة المقدمة عيناً معينة ، كان الشريك الذي قدمها ملزماً بالضمان المترتب على البائع فيما يختص بالعيوب الخفية وانتزاع الملكية بالاستحقاق . . ( وهذا النص موافق حكمه لحكم التقنين المصري ) ، م 861 : إذا هلكت حصة شريك أو تعيبت بسبب قوة قاهرة بعد العقد وقبل إجراء التسليم فعلا أو حكما ، تطبق القواعد الآتية : أولاً – إذا كان ما يقدمه الشريك نقوداً أو غيرها من المثليات أو كان حق الانتفاع بشيء معين ، فإن خطر الهلاك أو التعيب يتحمله الشريك المالك . ثانياً – أما إذا كان شيئاً معيناً أدخلت ملكيته في الشركة ، فجميع الشركاء يتحملون الخطر ( وتبعة الهلاك فيالشيء المعين بالذات قبل التسليم على الشريك في التقنين المصري ) . م 862 : لا يلزم أحد الشركاء بتجديد حصته في رأس المال إذا هلكت ، فيما خلا الحالة المذكورة في المادة 911 ( الحصة حق انتفاع أو عمل ) . كما أنه لا يلزم بان يزيدها أكثر مما حدد في العقد ( لا مقابل لهذا النص في التقنين المصري ، ولكن الحكم يتفق مع القواعد العامة ) .

( [456] ) وإذا كانت حصة الشريك حق المنفعة في الأشياء مثلية ، فإن ملكية الأشياء المثلية تنتقل إلى الشركة ، ولا يكون للشريك إلا الحق الشخصي في استرداد مثل هذه الأشياء عند التصفية ( استئناف مختلط 28 نوفمبر سنة 1935 م 48 ص 43 ) .

( [457] ) ويدخل في المنقول العين بالذات المتجر .

( [458] ) وتكون ثمار الحصة ملكاً للشركة من وقت تمام عقد الشركة أو من الوقت المتفق عليه ، شأن الشركة في ذلك شأن البيع ( جيوار 6 فقرة 183 – بون Pont فقرة 263 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 380 ص 39 – هوبان وبوسفيين 1 فقرة 93 – قارن لوران 26 فقرة 250 – بودرى وفال 23 فقرة 177 – بلانيول وريبير وليبارنيير 11 فقرة 1010 ص 283 ) .

( [459] ) أنظر في العجز في المقدار في القانون الفرنسي بودري وفال 23 فقرة 186 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 380 ص 40 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1012

( [460] ) أنظر فقرة 229 .

( [461] ) وإذا استحقت حصة أحد الشركاء أو ظهر فيها عيب خفي ، فليس لسائر الشركاء فسخ الشركة إلا إذا تبين إنها ما كانوا ليبرموا عقد الشركة بغير هذه الحصة ( جيوار 6 فقرة 180 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1012 – الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 445 ) .

( [462] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " تنظم هذه المادة كيفية دخول الحصة العينية في رأس مآل الشركة ، فإذا كانت الحصة ملكية مآل أو حق عيني آخر عليه ، فإن الشريك يتخلى نهائياً عن حقوقه على الشيء الذي يصبح ملكاً للشركة ، كما لو كان الأمر يتعلق ببيع من الشريك إلى الشركة . على أن تنازل الشريك في هذه الحالة ليس بمثابة بيع تماماً ، وإنما هو يشبه البيع من حيث كيفية انتقال الملكية ، ووسائل العلانية ، فتنطبق أحكام انتقال الملكية في البيع منقولا أو عقاراً ، ويلزم استيفاء إجراءات الشهر المقررة للحقوق العينية العقارية ، وبعض الحقوق المنقولة كإعلان المدين المحال في حوالة الحقوق الشخصية ، وكذلك إتباع الإجراءات المقررة في التنازل عن شهادة الاختراع والمحل التجاري ، كما تنطبق أيضاً فيما يتعلق بتبعة الهلاك الأحكام التي ذكرناها في البيع . وأخيراً يضمن الشريك حصته في رأس المال كضمان البائع للمبيع ، فتطبق أحكام ضمان الاستحقاق والعيوب الخفية والعجز في المقدار " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 320 ) .

( [463] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 696 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 541 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 513 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 325 – ص 326 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ومن ثم كانت القواعد العامة هي التي تطبق ، فلا يضمن الشريك يسار المحال عليه إلا بشرط خاص . وتسري أحكام التقنين السابق على الشركات المدنية التي أسست قبل يوم 15 أكتوبر سنة 1949 .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 481 ( مطابق ) - التقنين المدني الليبي م 504 ( مطابق ) – وفي التقنين المدني العراقي م 633 ( موافق ) – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 858 : إذا كانت حصة أحد الشركاء في رأس المال ديناً في ذمة شخص آخر ، فلا تبرأ ذمة هذا الشريك إلا في اليوم الذي تقبض فيه الشركة المبلغ الذي قدم في ذلك الدين بدلا منه ، ويكون الشريك ضامناً للعطل والضرر إذا لم يدفع المبلغ في موعد الاستحقاق ( وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين المصري ) .

( [464] ) وقد يكون الحق الشخصي سنداً اسمياً أو سنداً تحت الإذن أو سنداً لحامله ، فتتبع الإجراءات المقررة في هذا الصدد في نقل السند إلى الشركة . كذلك قد يكون الحق الشخص حق إيجار ، فيتنازل الشريك للشركة عن هذا الحق وفقاً للقواعد المقررة في تنازل المستأجر عن حقه في الإيجار . وقد يكون الحق الشخصي وعدا بالبيع أو وعداً بفتح اعتماد في أحد المصارف ، فتتبع القواعد الخاصة بذلك ( بودرى وفال 23 فقرة 23 فقرة 160 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1008 – فورنييه في الشركات المدنية فقرة 40 ) .

( [465] ) أنظر في كل ما تقدم المواد 308 / 1 و 309 و 310 مدني .

( [466] ) وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد المادة 513 مدني ما يأتي : " هذه المادة مقتبسة من المادتين 997 من التقنين المراكشي و 858 من التقنين اللبناني . وهي تقرر حكما مخالفاً لأحكام الضمان في حوالة الحقوق العادية ، إذ المبدأ العام هو أن المحيل لا يسال إلا عن وجود الحق المحال ، ولا يضمن يسار المحال عليه في الحال أو في الاستقبال إلا إذا اشترط ذلك صراحة . لكننا نستحسن الخروج على هذا المبدأ في حالة الشريك لأنه ، وقد تعهد بتقديم حصته ديوناً له في ذمة الغير ، يعتبر ضامناً ليسار المدين في الحال بل وفي الاستقبال ، ونتفادى بذلك ما قد يقع عملا من غش إذا وفي الشريك حصته النقدية عن طريق ديون له قبل الغير يستحيل استيفاؤها . كما أن هذا النص يقضي على النزاع القائم في الفقه بصدد هذا الموضوع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 325 ) .

( [467] ) استئناف مختلط أول مايو سنة 1946 م 58 ص 144 .

( [468] ) ولكن هناك إجماع على أن النفوذ السياسي أو نفوذ الوظيفة العامة لا يجوز أن يكون حصة في رسال مآل الشركة ( جيوار 6 فقرة 64 – فقرة 65 – لوران 26 فقرة 143 – بودري وفال 23 فقرة 159 – هوبان وبوسفييه 1 ص 125 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 280 هامش رقم 1 ) .

( [469] ) أنظر في هذا المعنى بودري وفال 23 فقرة 159 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة – تاليروبيك في القانون التجاري 1 فقرة 21 .

( [470] ) أنظر لوران 26 فقرة 143 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 377 ص 5 .

( [471] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في الفقرة الثانية من المادة 692 من المشروع التمهيدي على وجهن يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد – وفي لجنة المراجعة جعل مادة مستقلة تحت رقم 537 في المشروع النهائي ، وأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 509 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 315 – ص 316 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم يتفق مع القواعد العامة .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 477 ( مطابق ) – وفي التقنين المدني الليبي م 500 ( مطابق ) – وفي التقنين المدني العراقي لا يوجد مقابل النص ، ولكن يمكن الأخذ بحكمه لاتفاقه مع القواعد العامة . وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 850 : يجوز أيضاً أن يكون ما يقدمه أحد الشركاء الثقة التجارية التي يتمتع بها ( وهذا الحكم يختلف عن حكم التقنين المصري ) .

( [472] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 313 – ص 314 .

( [473] ) ورد هذا النص في الفقرة الثانية من المادة 694 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 539 / 2 من المشروع النهائي – ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 511 / 2 مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 320 – ص 321 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكنه تطبيق للقواعد العامة .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 479 / 2 ( مطابق ) – وفي التقنين المدني الليبي م 502 / 2 ( مطابق ) – وفي التقنين المدني العراقي م 631 / 2 ( مطابق ) – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 859 : . . . وإذا كان ما قدمه مقصوراً على حق الانتفاع ، كان الشريك ملزماً بالضمان المترتب على المؤجر ، ولزمته أن يضمن أيضاً محتوى ذلك الشيء على الشروط نفسها ( والحكم متفق مع حكم التقنين المصري ) .

( [474] ) وقد تكون الحصة مجرد تمكين الشركة من استئجار مقر لها ، وهذا التزام بعمل . وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا التزم أحد الشركاء في شركة بالتخلي عن قطعة أرض لإقامة مكان الشركة عليها ، وكانت تدخل ضمن مساحة كبيرة اعتاد استئجارها من مصلح الأملاك ، على أن يكون له ثلث الشركة ، كان لهذا التخلي من جانبه من القيمة في نظر الشركاء ، سواء من جهة صلاحية القطعة لأغراض الشركة أو من جهة تمكين الشركاء من استئجارها منفصلة عن مجموع المساحة المؤجرة له ، ما يكفي لأن يجعل مساهمة هذا الشريك في الشركة مساهمة جدية بالقيمة التي قررها لها الشركاء ، وهي ثلث الشركة . ولا محل إذن لمراجعة الشركة وتكوينها ، ومن ثم فمساهمة الشريك في رأس مال الشركة على الوجه المذكور هي مساهمة كافية لانعقاد الشركة انعقاداً صحيحاً ( استئناف مصر 2 مايو سنة 1940 المجموعة الرسمية 43 رقم 83 ) .

( [475] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : فإذا كانت الحصة واردة على مجرد الانتفاع بالمال ، فإن ملكيتها للشريك وتكون الشركة بمثابة مستأجرة لها ، وعليها التزام بردها في نهاية المدة . وتنازل الشريك عن الانتفاع ، وإن كان لا يعتبر ايجاراً ، إلا أنه يشبه الإيجار من حيث إجراءات العلانية وأحكام الضمان وتبعة الهلاك . وعلى ذلك إذا كان الانتفاع واردا على عقار ، وكانت مدته تزيد على الحد المقرر قانوناً ، وجب التسجيل طبقاً للقواعد المقررة في الإيجار . كذلك يتحمل الشريك تبعة الهلاك لأنه مازال مالكاً للحصة ، ويلزم أيضاً بالضمان قبل الشركة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 320 – ص 321 ) .

( [476] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 695 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 540 في المشروع النهائي ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ قدم اقتراح بحذف عبارة " وأن يقدم حساباً عما يكون قد كسبه . . . " إلى آخر الفقرة الأولى من المادة 512 ، لأن فعل الشريك في هذه الحالة يكون مخالفاً لالتزامه وموجباً لمساءلته بالتعويض ، فلا يكون ثمة محل لإيراد النص . ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح ، لأنه مبنى على فهم غير صحيح للنص ، فالمقصود ليس حالة الشريك الذي يقدم نصيبه عملا ثم يعمل لحسابه لا لحساب الشركة ، بل المقصود حالة الشريك الذي يعمل لحساب الشركة فيقدم لها حساباً عن عمله . ووافقت اللجنة على النص دون تعديل ، ووافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 512 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 322 – ص 324 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 420 / 512 : يجوز أن تكون الحصة في رأس المال . . عبارة عن عمل لواحد من الشركاء أو أكثر ( والحكم متفق مع حكم التقنين المدني الجديد ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 480 ( مطابق ) – وفي التقنين المدني الليبي م 503 ( مطابق ) – وفي التقنين المدني العراقي م 632 ( موافق : أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 102 ) – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 860 : إن الشريك الذي التزم تقديم صنعته يلزمه أن يقوم بالأعمال التي وعد بها ، وأن يقدم حساباً عن جميع الأرباح التي جناها من تاريخ إبرام العقد بواسطة تلك الصنعة التي هي موضوع الشركة . على أنه لا يلزم بان يدخل في الشركة شهادات الاختراع التي حصل عليها ، ما لم يكن ثمة اتفاق مخالف ( والحكم متفق مع حكم التقنين المصري ) .

( [477] ) وقد يكون العمل هو الحصول على ترخيص أو على " تصاريح " للاستيراد أو نحو ذلك . وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان يبين مما اورده الحكم من شرائط الاتفاق المحرر أن المحكمة كيفت العقد التكييف القانونين الصحيح إذ اعتبرته عقد شركة ، وتحدثت عما قامت به المطعون عليها من جهد للحصول على تصاريح الاستيراد وأن هذا الجهد كان محل تقدير الطاعن نفسه حتى لقد قبل أن يكون للمطعون عليها لقاءه النصف في أرباح الشركة ، كما كتب لمدير الشركة مشيدا بهذا الجهد وبأنه لولاه لاستحال على الطاعن الحصول على التصاريح ، وكانت المحكمة قد اعتبرت هذا العمل الذي قامت به الشركة حصة قانونية بالإضافة إلى ما تتمتع به من سمعة تجارية ، فإن القول بعد هذا بان العقد بلا سبب غير صحيح في القانون ( نقض مدني 16 أكتوبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 5 ص 21 ) .

( [478] ) وإذا عجز الشريك عن العمل لمرض أو لأي سبب آخر ، اعتبرت حصته قد هلكت فتحل الشركة ، ما لم يتفق الشركاء على غير ذلك ( بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1011 مكررة ) .

( [479] ) أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 322 – ص 323 .

( [480] ) أنظر ما يلي فقرة 191 .

( [481] ) أنظر آنفاً فقرة 160 .

( [482] ) تاريخ النصوص :

م 514 : ورد هذا النص في المادة 697 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة أصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأصبح رقمه 542 في المشروع النهائي – ووافق عليه مجلس النواب – وفي لجنة مجلس الشيوخ اقترحت الاستعاضة بعبارة " يكون نصيبه بمقدار أقل الحصص " في الفقرة الثالثة من المادة عن عبارة " وجب أن يقدر نصيبه في الربح والخسارة تبعاً لما تفيده الشركة من هذا العمل " ، لأن في ذلك تقريراً لأحكام التقنين السابق وحسما الأسباب المنازعات . ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح ، لأن فيه جحانا بحق الشريك الذي تكون حصته مقصورة على عمله ، وقد يكون هذا العمل أهم ما في الشركة ، وليس يكفي لتبرير الرجوع إلى الحكم المعيب المقرر في التقنين السابق الاستناد إلى تيسير حسم المنازعات لأن هدف التشريع الأول ينبغي أن يكون عدالة الحكم أما هذا التيسير فيأتي في الدرجة الثانية . وأقرت اللجنة النص دون تعديل ، ثم اقره مجلس الشيوخ تحت رقم 514 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 327 وص 329 – ص 331 ) .

م 515 : ورد هذا النص في المادة 698 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " إذا اتفق على أن أحد الشركاء لا يساهم في أرباح الشركة أو لا يساهم في خسائرها ، جاز إبطال عقد الشركة بناء على طلب الشريك الذي حرم من المساهمة في الأرباح أو بناء على طلب أي من الشركاء الذين يقع عليهم وحدهم عبء الخسائر . ومع ذلك يجوز الاتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم غير عمله من المساهمة في الخسائر ، على إلا يكون له أجر عما يقدمه من عمل " . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 543 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ عدل نص الفقرة الأولى من المادة تعديلا يجعل الجزاء البطلان المطلق لا عدم القابلية للإبطال فحسب ، إذ أن الشرط القاضي بعدم مساهمة الشريك في الأرباح أو في الخسارة يخالف النظام العام وينفي نية الشركة عند الشريك الذي يقبل هذا الشرط ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم 515 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 332 – ص 335 ) .

( [483] ) التقنين المدني السابق م 430 / 523 – 524 : تعين في سند عقد الشركة حصة كل شريك في الأرباح ، فإذا لم يذكر ذلك في العقد ، كانت حصة كل واحد منهم في الأرباح بالنسبة لحصته في رأس المال .

م 431 / 525 : حصة الشريك الذي وضع عمله بصفة رأس مال مساوية لأقل حصة من حصص الشركاء الذين وضعوا حصصهم في رأس المال عيناً .

م 432 / 526 : الشريك الذي وضع عمله بصفة رأس مال إذا وضع زيادة عليه رأس مال عيناً يستحق في مقابلة ما وضعه من رأس المال العيني حصة من الربح نسبية .

م 527 مختلط : ومع ذلك إذا انفسخت الشركة قبل انتهاء مدتها لا يستحق الشريك صاحب العمل في قسمة رأس مال الشركة إلا حصة بنسبة ما مضى عن المدة .

م 433 / 528 : والحصة في الخسارة مساوية للحصة المشترطة في الربح ، إلا إذا وجد شرط بخلاف ذلك .

م 434 / 529 – 530 : لا يجوز أن يشترط في الشركة أن واحداً من الشركاء أو أكثر لا يكون له نصيب في الربح أو يسترجع رأس ماله سالماً من كل خسارة . ولكن يجوز أن يشترط أن من دخل في الشركة بعمله لا يشترك في الخسارة بشرط إلا تترتب له أجرة عن عمله .

( وأحكام التقنين السابق تتفق مع أحكام التقنين الجديد ، فيما عدا أن حصة الشريك إذا كانت عملا كانت تقدر في التقنين السابق بقيمة أقل الحصص العينية ، أما في التقنين الجديد فتقدر تبعاً لما تفيده الشركة من العمل . وتسري أحكام التقنين السابق في الشركات المدنية التي أسست قبل يوم 15 أكتوبر سنة 1949 ) .

( [484] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 482 – 483 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 505 – 506 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 634 ( موافق ) .

م 635 ( موافق ، فيما عدا أن الجزاء في التقنين العراقي هو فسخ عقد الشركة بناء على طلب الشريك الذي حرم من المساهمة في الأرباح أو بناء على طلب أي من الشركاء الذين يقع عليهم وحدهم عبء الخسائر ) . أنظر في القانون العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 104 وما بعدها .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 894 : إذا لم يعين في عقد الشركة نصيب كل شريك من الأرباح والخسائر ، فيكون نصيب كل منهم مناسباً لما وضعه في رأس مال الشركة . وإذا لم يعين في العقد إلا النصيب من الأرباح ، فإن هذا التعيين يطلق على الخسائر ، والعكس بالعكس . أما الشريك الذي لم سوى صناعته ، فتعين حصته على نسبة ما يكون لهذا الصناعة من الأهمية بالنظر إلى الشركة . والشريك الذي قدم علاوة على صناعته نقوداً أو غيرها من المقومات يحق له أن يتناول حصة مناسبة لما قدمه من هذين الوجهين .

م 895 : إذا قضى العقد بمنح أحد الشركاء مجموع الأرباح ، كانت الشركة باطلة . وكل نص يعفى أحد الشركاء من الاشتراك في دفع الخسائر يؤدى إلى بطلان الشركة .

م 896 : تجري أرباح الشركة وخسائرها بناء على الموازنة التي يجب تنظيمها مع قائمة الجرد في آخر عام أو في آخر كل سنة للشركة .

( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [485] ) وينص التقنين اللبناني على وجوب تكوين مال احتياطي للشركة قبل تقسيم الأرباح على الشركاء ، فيقطع قبل كل قسمة جزء من عشرين من الأرباح الصافية في آخر السنة لتكوين هذا المال الاحتياطي حتى يبلغ خمس رأس المال . وإذا نقص رأس المال وجب أن يستكمل قدر الخسارة بما يجني من الأرباح فيما بعد . وتنقطع الشركة عن توزيع كل ربح على الشركاء إلى أن يعود رأس المال إلى أصله تماماً ، ما لم يقرر الشركاء إنزال رأس مال الشركة إلى المبلغ الموجود حقيقة ( م 897 لبنانين ) . وبعد هذا الاقتطاع تصفى حصة كل شريك من الأرباح ويحق له عندئذ أن يأخذها ، فإذا تخلف عن أخدها أبقيت كوديعة له دون أن تزاد بها حصته في رأس المال الشركة ، ما لم يوافق بقية الشركاء موافقة صريحة على إضافتها إلى صحته ، وذلك كله ما لم يكن نص مخالف ( م 898 لبناني ) . وتنص المادة 513 من التقنين المدني الليبي على أ ،ه " يحق كل شريك أن يتسلم نصيبه من الأرباح بعد التصديق على بيان الحسابات ، ما لم يتفق على خلاف ذلك " .

( [486] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 328 – وانظر بودري وفال 23 فقرة 289 – فقرة 290 – فورنييه في الشركات المدنية فقرة 96 .

( [487] ) استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1917 م 29 ص 205 – 25 مارس سنة 1920 م 32 ص 27 – ويجوز أيضاً أن يشترط الشريك ، في علاقته بسائر الشركاء ، إلا يساهم في الخسارة إلا بقدر حصته في رأس المال ، ولكنه يبقى مسئولا نحو دائني الشركة في ماله الخاص ويرجع على شركائه ( بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1046 ) . ويجوز للشريك بعد حل الشركة وأثناء تصفيتها أن يتفق مع باقي الشركاء على أن يأخذ جزءا من حصته ثم لا يكون مسئولا عن الخسائر ( استئناف مختلط 6 يونية سنة 1916 م 28 ص 413 ) .

( [488] ) أنظر آنفاً فقرة 161 – وانظر بودري وفال 23 فقرة 269 – فقرة 270 .

( [489] ) استئناف مصر 2 مايو سنة 1945 المجموعة الرسمية 42 رقم 83 – استئناف مختلط 18 نوفمبر سنة 1925 م 38 ص 60 .

( [490] ) أنظر آنفاً فقرة 160 .

( [491] ) ولو نص في عقد الشركة أن شريكاً لا يساهم لا في الربح ولا في الخسارة ، فالشركة أيضاً باطلة ، لأن نية الشركة تكون منتفية عند هذا الشريك ( بودرى وفال 23 فقرة 266 ) ، وذلك ما لم يعتبر هذا الشريك مقرضاً للشركة لا شريكاً .

( [492] ) وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي . " يطابق هذا النص الحكم الحكم الوارد بالمادة 434 / 529 – 530 من التقنين الحالي والسابق ) ، وهو يقرر بطلان شركة الاسد . والحكم الوارد به نتيجة معقولة لطبيعة عقد الشركة : تعاون الشركاء لتحقيق عمل مشترك ونية المساهمة في هذا العمل عن طريق قبول بعض الأخطار . فلا يجوز إذن الاتفاق على أن يستولى واحدا أو أكثر من الشركاء على كل الأرباح ، أو إلا يتحمل نصيباً من الخسارة . ولا يلزم لتطبيق النص أن يكون الإعفاء منصباً على تحمل كل الخسارة أو الاستئثار بلك الربح كاملا ، بكل يكفى أن يكون نصيب الشريك في الخسارة أو في الربح تافهاً لدرجة يتبين معها أنه صوري . ويترتب على مخالفة هذا الحكم بطلان العقد كله ، لأن الشروط الأساسية في الشركة وحدة لا تتجزأ ، وقد يكون الشريك لم يقبل التعاقد إلا بناء على الشرط الباطل " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 333 ) .

( [493] ) استئناف مختلط 10 فبراير سنة 1943 م 55 ص 52 .

( [494] ) استئناف مصر 8 ابريل سنة 1943 المجموعة الرسمية 43 ص 244 – الزقازيق 14 مايو سنة 1931 المحاماة 12 رقم 386 ص 785 – مصر الكلية 13 فبراير سنة 1950 المحاماة 30 رقم 465 ص 1043 – استئناف مختلط 14 ديسمبر سنة 1899 م 12 ص 42 .

ولكن يجوز أن يتعاقد الشريك مع أجنبي على تأمينه ضد الخسارة ، فإذا خسر ردت شركة التأمين له خسارته . أما إذا تعاقد الشريك مع شريك آخر على هذا التأمين ، فيرد الشريك الآخر إلى الشريك الأول الخسارة ، فإن هذا لا يجوز ( انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ societe civile فقرة 116 ) .

( [495] ) بودرى وفال 23 فقرة 280 .

( [496] ) وقد قضت محكمة النقض بان الفقرة الثانية من المادة 434 مدني ( سابق ويقابلها م 515 / 2 مدني جديد ) تشمل بعموم نصها من دخل الشركة بعمله فقط ومن يدخل بعمله مع حصة مالية . فلا تكون الشركة باطلة إذا اشترط من ساهم فيها بحصة مالية وعمل فني إعفاء حصته المالية من أية خسارة ، لأنه في هذه الحالة يكون قد تحمل في الخسارة ضياع عمله الفني بلا مقابل ، وهذا يكفي لتصحيح الشركة كنص تلك الفقرة . ولكن يشترط إلا يكون العمل الفني تافهاً ، والعمل الذي يصح اعتباره حصة رأس مال شركة ما هو العمل الفني كالخبرة التجارية في مشترى النصف المتجر فيه وبيعه ( نقض مدني 22 يونية سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 135 ص 244 ) . وقضت أيضاً با ،ه متى كان الحكم إذ قضى بصحة عقد الشركة قد قرر أن المادة 530 من القانون المدني المختلط ( الملغى ) فشمل بعموم نصها من دخل الشركة بعمله فقط ومن دخل بعمله مع حصة مالية ، وأن الشركة لا تكون باطلة إذا اشترط من أسهم فيها بحصة مالية فوق عمله إعفاء حصته المالية من أية خسارة لأنه هذه الحالة يكون قد تحمل في الخسارة ضياع وقته وجهده بلا مقابل ، فإن ما قرره هذا الحكم هو صحيح في القانون ( نقض مدني 16 أكتوبر سنة 1952 مجموعة عمر 4 رقم 5 ص 21 – أنظر أيضاً استئناف مصر 14 ديسمبر سنة 1932 المحاماة 13 رقم 430 ص 877 ) .

( [497] ) أما الشريك الذي ساهم بالعمل فإنه يسترد في الأصل قيمة عمله ( بودري وفال 23 فقرة 263 ) ، فإذا أعفى من المساهمة في الخسارة صح ذلك ، بشرط إلا يسترد قيمة عمله وألا يأخذ أجراً عليه . أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 333 ) .

( [498] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 333 .

( [499] ) أنظر آنفاً فقرة 187 في الهامش – وانظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 334 – ص 335 – بودرى وفال 23 فقرة 288 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1043 – فقرة 1044 – وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا أبطلت المحكمة شركة لبطلان ما اشترط في عقدها من أن صاحب الحصة الكبرى في رأس المال لا يتحمل شيئاً في الخسارة ، فتسوية حسابه هذه الخسارة تكون على قاعدة تقسيمها بين الشريكين بنسبة ما اتفقا عليه بشان أرباحها ( نقض مدني 22 يونيه سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 135 ص 244 ) .

( [500] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في هذا الصدد ما يأتي : " وتتعرض هذه المادة لكيفية توزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء ، وقد اقتبسها المشروع من التقنين اللبناني ( م 994 ) والتقنين التونسي ( م 1300 ) والتقنين المراكشي ( م 1033 ) ، ومع مراعاة الصعوبات العملية التي واجهها القضاء . والنص مجرد تفسير لإرادة المتعاقدين ، ولذلك لا يعمل به إلا في حالة سكوت العقد عن ذكر شيء في هذا الشأن . . . المبدأ العام هو توزيع الأرباح والخسائر بنسبة قيمة الحصص ، وذلك يستلزم تقديرها إذا لم تكن مقومة في العقد ولم تكن من النقود . ويتم ذلك بمعرفة الشركاء أنفسهم أو الخبراء . . عند الشك يفترض تساوي الانصبة ، ويمكن تصور هذه الحالة إذا كانت كل الانصبة عبارة عن عمل يقدمه الشركاء . فإذا لم يكن تقدير الحصص ، أو قام شك في هذا التقدير ، تقسم الأرباح والخسائر بالتساوي بين الشركاء والقضاء يقضي بهذا الحل ، رغم أن التقنين الحالي ( السابق ) لم ينص عليه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 328 – ص 329 ) .

وإذا عين في عقد الشركة نصيب بعض الشركاء في الربح والخسارة وسكت العقد عن نصيب الآخرين ، فيبدو أن النصيب الذي عين في العقد يعمل به ، وما بقى من ربح أو خسارة يقسم على باقي الشركاء الذين لم تعين أنصبتهم بنسبة حصة كل واحد منهم في رأس المال .

( [501] ) فإذا أدى الشريك العمل مدة قيام الشركة قدر عمله طول هذه المدة ، وإذا انقضت الشركة قبل انتهاء مدتها أو انقطع الشريك عن العمل مدة من الزمن ، قدر عمله من المدة التي أدى العمل فيها فعلا ( بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1047 ص 324 – بودري وفال 23 فقرة 264 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 381 ص 43 ) .

( [502] ) فإذا لم يكن في الشركة غير شريكين أحدهما بحصة مالية والآخر بالعمل ، فإن المبدأ المتقدم الذكر يقضي بأن يكون نصيب كل شريط في الربح مساوياً النصيب الآخر . ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه قد جرت العادة إذا اشترك شخصان وقدم أحدهما رأس المال وتعهد الثاني بإدارة الأعمال ، كان للأول ثلثا الأرباح وللثاني الثلث ( 27 فبراير سنة 1923 المحاماة 3 رقم 339 ص 404 ) .

( [503] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 330 – ص 331 – أنظر آنفاً فقرة 187 في الهامش – وتسري أحكام التقنين المدني السابق على الشركات المدنية التي أسست قبل يوم 15 أكتوبر سنة 1949 .

( [504] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وأخيراً ، الشريك الذي يساهم بعمله تقدر حصته تبعاً لأهمية هذا العمل ، ويعطي نصيباً من الأرباح والخسائر يعادله . فإذا كان قد ساهم بماله وعمله في الوقت نفسه ، كان له نصيب يعادل ما قدم من مال ومن عمل . هذا هو الحال الذي أورده المشروع . . . وهو على هذا النحو يتفادى ما وجه من نقد إلى نصوص التقنينات الفرنسية والايطالية والهولندية والمصرية ، التي تقضي بأن نصيب الشريك الذي يساهم بعمله يكون مساوياً لنصيب أقل الشركاء حصة . كذلك يقطع هذا الحكم ما ثار في الفقه من نزاع في حالة تقديم الشريك ، علاوة على عمله ، ماله أيضاً ، فبعض الفقهاء يرى وجوب تقدير كل من العمل والمال ، وبعضهم يكتفي بتقدير المال أما العمل فيعتبر مساوياً لأقل الحصص . أما المشروع فإنه يقطع في هذا النزاع ، وبقرر وجوب تقدير كل من المال والعمل " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 329 ) – وانظر أيضاً بودرى وفال 23 فقرة 259 مكررة – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1047 – وقارن أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 381 ص 43 .

( [505] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 690 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 – تعتبر الشركة بمجرد تكوينها شخصاً قانونياً ، غير أن هذه الشخصية وما يطرأ على عقد الشركة من تعديلات لا يحتج به على الغير إلا بعد استيفاء إجراءات من النشر يكون من شأنها إحاطة الجمهور علما بعقد الشركة وما أدخل عليه من تعديل ، سواء أكان النشر عن طريق القيد في السجل التجاري ، أما كان باستيفاء أي إجراء آخر يقرره القانون . ومع ذلك إذا لم تقم الشركة بإجراءات النشر المقررة ، جاز للغير أن يعتبر لها الشخصية القانونية ، وأن يتمسك قبلها بعقد الشركة وما لحقه من تعديل ، 2 – يترتب أيضاً على عدم استيفاء إجراءات النشر المقررة عدم قبول ما ترفعه الشركة من دعاوى " . وفي لجنة المراجعة عدل النص بحيث أصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 534 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 506 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 304 – ص 307 ) .

( [506] ) ولكن القضاء المصري ، في عهد التقنين السابق ، قضى بعد تردد بان الشركات المدنية تعتبر اشخاصاً معنوية : استئناف مختلط 3 ديسمبر سنة 1891 م 4 ص 30 – 21 ديسمبر سنة 1892 م 5 ص 85 – 8 فبراير سنة 1899 م 11 ص 122 – 24 فبراير سنة 1909 م 21 ص 215 – 13 فبراير سنة 1913 م 25 ص 178 – 18 مايو سنة 1922 م 34 ص 410 – 10 فبراير سنة 1925 م 37 ص 214 – جنح المنصورة الجزئية 10 فبراير سنة 1916 الشرائع 3 رقم 123 ص 384 – قارن استئناف مختلط 30 مايو سنة 1903 م 15 ص 324 ( بالنسبة إلى شركة مؤلفي الموسيقى وناشريها ، وقد تكون جمعية لا شركة ) ، واستئناف مختلط 10 ديسمبر سنة 1908 م 21 ص 59 ، و استئناف مختلط 26 مايو سنة 1910 م 22 ص 329 .

واستند القضاء المصري في إقرار الشخصية المعنوية للشركة إلى المواد 429 / 522 و 411 / 542 و 461 / 560 من التقنين المدني السابق ، وتنص المادة الأخيرة على ما يأتي : " الدائنون للشركة مقدمون عند توزيع الثمن ودفعه على مداني أشخاص الشركاء " ، وهذا دليل على أن للشركة شخصية معنوية يتقدم بمقتضاها دائنو الشركة على الدائنين الشخصيين للشركاء . أنظر في كل ذلك الاستذا محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 435 – الأستاذ محمد كامل ملش في الشركات فقرة 57 ص 71 – ص 72 .

( [507] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 474 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي لا مقابل . فالتقنين المدني الليبي غير صريح في إعطاء الشركة المدنية الشخصية المعنوية .

التقنين المدني العراقي م 627 ( تطابق المشروع التمهيدي لنص المادة 690 من التقنين المدني المصري ، والأحكام متفقة ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لا مقابل . ويبدو أن التقنين اللبناني لا يعطي الشركة المدنية الشخصية المعنوية ، فقد ورد في الفقرة الثالثة من المادة 853 من هذا التقنين ما يأتي : " ويكون رأس مال الشركة مشتركا بين الشركاء ، لكل منهم حصة شائعة فيه على نسبة ما قدمه من رأس المال " ، وورد في المادة 856 : " كل شريك مديون لسائر الشركاء بجميع ما وعد بتقديمه للشركة " .

( [508] ) بون 1 فقرة 126 – أوبرى ورو الطبعة الخامسة 6 فقرة 377 ص 10 – ص 11 – ديمولوب ) فقرة 415 – لوران 26 فقرة 189 – ليون كان ورينو 2 فقرة 105 وفقرة 140 – جيوار فقرة 24 وما بعدها – بودري وفال 23 فقرة 11 .

( [509] ) نقض فرنسي 23 فبراير سنة 1891 داللوز 1891 – 1 – 337 – 2 مارس سنة 1892 داللوز 1893 – 1 – 169 – 2 يناير سنة 1894 داللوز 1894 – 1 – 483 – 22 فبراير سنة 1898 داللوز 1899 – 1 – 593 .

( [510] ) بوجه خاص المواد 1845 و 1848 و 1850 و 1852 و 1855 و 1859 و 1867 .

( [511] ) بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 11 فقرة 1017 – فقرة 1017 مكررة – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 377 ص 19 وما بعدها – بيدان 12 فقرة 433 – فورينييه فقرة 10 .

( [512] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 305 – وقد ورد في المادة 52 من التقنين المدني الجديد ما يأتي : " الأشخاص الاعتبارية هي : . . . ( 4 ) الشركات التجارية والمدنية . . " وهذا النص يؤكد نص المادة 506 مدني السالف الذكر . وكذلك قرر التقنين المدين الجديد الشخصية المعنوية للجمعيات والمؤسسات ( أنظر م 52 ( 5 ) مدني ) .

( [513] ) والشريك لا يملك في الشيوع مال الشركة ما دامت الشركة قائمة ، فإذا انحلت كان مالكاً في الشيوع ويستند أثر القسمة إلى وقت انحلال الشركة . أما لو كانت الشركة ليست لها شخصية معنوية ، فإن الشريك يعتبر مالكاً في الشيوع لمال الشركة من وقت تكوينها ، فإذا انحلت وقسم المال استند أثر القسمة إلى وقت تكوين الشركة لا إلى وقت انحلالها ( بودري وفال 23 فقرة 14 ) . ولا يقف التقادم لمصلحة الشركة حتى لو كان بين الشركاء قاصر لا ولى له ، لأن التقادم يسري ضد الشركة وهي شخص معنوي لا ضد الشريك القاصر ( الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 432 ) .

( [514] ) كانت حصة الشريك تعتبر مالا معنوياً ، ولكن القضاء الفرنسي انتهى إلى اعتبارها حق دائنية ( droit de creance ) للشريك على الشركة ( بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1019 ) .

( [515] ) استئناف مختلط 20 ابريل سنة 1910 م 22 ص 278 . ولكن يجوز لدائني الشريك الحجز على نصيبه في الأرباح تحت يد الشركة ، وإذا كانت حصة أحد الشركاء عقاراً مثقلا برهن ، بقى العقار مثقلا بالرهن حتى بعد انتقال ملكيته إلى الشركة ، وإذا أفلس أحد الشركاء أو أعسر انحلفت الشركة فجاز لدائني هذا الشريك التنفيذ على حصته بعد انحلال الشركة . ويجوز لدائن الشريك أن يطعن في عقد الشركة بالدعوى البوليصة إذا توافرت شروطها ، وكان الشريك قد أدخل حصته في الشركة إضراراً بدائنيه . أنظر في كل ذلك بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1018 .

( [516] ) وهذا لا يمنع من أن لدائني الشركة حق الرجوع على الشركاء في أموالهم الخاصة إذا لم يكف مال الشركة لوفاء حقوقهم : أنظر م 523 مدني وسيأتي بيانها .

( [517] ) استئناف مختلط 2 يونيه سنة 1942 م 54 ص 221 .

( [518] ) بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1020 – كولان وكابيتان 2 فقرة 1175 – استئناف مختلط 13 مارس سنة 1895 م 7 ص 185 . وقد قضت محكمة النقض بأن المقاصة القانونية لا تجوز فيما لمدين شركة قبل أحد الشركاء المساهمين ( نقض مدني 22 أكتوبر سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 379 ص 1167 ) . والضريبة المستحقة على الأرباح التي تخص كل شريك لا تلزم الشركة ، والشريك وحده هو المسئول عنها ( نقض مدني 22 أكتوبر سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 379 ص 1167 ) . والضريبة المستحقة على الأرباح التي تخص كل شريك لا تلزم الشركة ، والشريك وحده هو المسئول عنها ( نقض مدني 15 مايو سنة 1958 مجموعة أحكام النقض ) رقم 53 ص 461 ) . ولا تقع المقاصة بين دين في ذمة شريك لشريك آخر وحق للشريك المدين في ذمة الشركة ) استئناف مختلط 12 فبراير سنة 1936 م 48 ص 123 ) . ولكن يجوز لمدين الشركة أن يطلب الحكم ببطلانها إذا كانت مصلحته في هذا الطلب ، ويكون هذا في حالة المقاصة بين دينه ودين له على أحد الشركاء ، ولا تقع المقاصة الحتمية إلا إذا زالت شخصية الشركة بالبطلان وبذلك تزول العقبة وتقع المقاصة ( أسيوط الكلية أول مارس سنة 1942 المجموعة الرسمية 43 رقم 116 ) .

( [519] ) ولا تتقيد في ذلك إلا بمبدأ التخصص ( Principe de la specialite ) المقرر بالنسبة إلى كل شخص معنوي ( جوسران 2 فقرة 1326 ) .

( [520] ) لاييه : جورنال دي باليه 1881 – 1233 .

( [521] ) تالير وبرسيرو فقةر 302 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1022 .

( [522] ) أنظر في عدم المسئولية الجنائية محكمة جنح الإسكندرية المختلطة 8 نوفمبر سنة 1943 م 56 ص 10 .

( [523] ) وهذا لا يمنع من أن يقاضي الشركاء بعضهم بعضاً ، ومن أن أغلبية الشركاء تقيد الأقلية في قرارتها . وليس للشخصية المعنوية دخل في ذلك ، بل هذا يرجع إلى عقد تأسيس الشركة ذاته ( أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 377 ص 21 ) .

( [524] ) نقض مدني 5 مارس سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 93 ص 600 – 20 يونيه سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 66 ص 593 – وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان موضحاً بعريضة الاستئناف المرفوع من شركة اسم هذه الشركة ومركز ارداتها ، فإن ذلك كاف لصحة عريضة الاستئناف ، لا مخالفة فيه لنص المادة 10 / 2 مرافعات ، ويكون الحكم قد أخطأ في القانون إذ قضى ببطلان صحيفة الاستئناف استناداً الىانه ينقصها اسم من يمثل الشركة المستأنفة ( نقض مدني 23 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 36 ص 356 ) . وكذلك قضت محكمة النقض بأنه إذا تبين من مطالعة أوراق الطعن أن الطعان كان ماثلا في الدعويين الابتدائية والاستئنافية باعتباره ممثلا للشركة وأنه أصدر توكيل الطعن الىمحاميه وأشار في تقرير طعنه إلى موضوع النزاع مما يكشف عن قصده الطعن في الحكم المطعون فيه والصادر عليه بصفته المذكورة ويجعل هذا البيان كافياً لتحقق الغرض الذي قصده الشارع ، فإنه لا يكون ثمة محل للدفع بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه من غير ذى صفة باعتبار أن الطعن مرفوع من الطاعن بصفته مديراً للشركة لا بصفته ممثلا لها ( نقض مدني 19 يونيه سنة 1958 مجموعة أحكام النقض ) رقم 72 ص 579 ) . أنظر أيضاً استئناف مختلط 19 فبراير سنة 1940 م 52 ص 156 .

فإذا انحلت الشركة بطل تمثيلها ، ووجب استئناف إجراءات التقاضي ضد المصفى ( استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1940 م 52 ص 165 ) .

( [525] ) نقض مدني 12 مارس سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 100 ص 60 .

( [526] ) استئناف مصر 25 مايو سنة 1939 المجموعة الرسمية 41 رقم 19 .

( [527] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في هذا الصدد ما يأتي : " على أنه لما كان قيام الشركة يهم الغير العلم به كما يهمه أيضاً العلم بما قد يطرأ على عقد الشركة من تعديلات تمس مصالحه ، كتعديل مدة الشركة أو اسمها التجاري أو مركزها أو هيئة الإدارة فيها ، وجب استيفاء إجراءات النشر وفقاً للاشكال والمواعد التي يحددها قانون السجل التجاري أو نص قانون آخر ، ويكون من شأنها إحاطة الجمهور علما بعقد الشركة وما أدخل عليه من تعديل . أما عن جزاء عدم القيام بهذه الإجراءات ، فلم يقرر المشروع بطلانا من نوع خاص في هذه الحالة ، وإنما قرر وفقاً للقواعد العامة عدم إمكان الاحتجاج على الغير بعقد الشركة وما يدخل عليه من تعديلات . على أنه لما كان المقصود هو حماية الغير ، وجب أن يترك له وحده تقدير ما إذا كانت مصلحته أن يحتج بعدم استيفاء إجراءات النشر لأن له فائدة في ذلك ، أما يتمسك بالشخصية القانونية للشركة ويحتج قبلها بالعقد وما لحقه من تعديل : م 12 من قانون الشركات البلجيكي . وأخيراً ، لاجبار الشركاء على استيفاء إجراءات النشر ، اقتبس المشروع في الفقرة الثانية ( وقد إلغيت هذه الفقرة في لجنة المراجعة اكتفاء بالقواعد العامة : أنظر آنفاً فقرة 194 في الهامش ) وسيلة قررها قانون الشركات البلجيك ( م 11 ) وجاءت بأحسن النتائج من الناحية العملية ، تلك هي عدم قبول ما ترفعه الشركة من دعاوى إلا إذا أثبتت أن إجراءات النشر قد تمت ، ويكفي لذلك أن يذكر في إعلان الدعوى رقم قيدها في السجل التجاري . ولكل شخص رفعت ضده الدعوى أن يدفع بعدم قبولها لأن ارجءاات النشر لم تتم ، ويترتب على ذلك إيقاف الدعوى وعدم جواز السير فيها من جديد إلا بعد أن تثبت الشركة قيامها بإجراءات النشر . تلك هي الوسائل التي قررها المشروع لضمان نشر الشركات ، وهي تعد ضمانات لها أهمية أساسية من الناحية الاقتصادية والمالية ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 306 ) .

( [528] ) أنظر آنفاً فقرة 194 في الهامش .

( [529] ) أنظر آنفاً فقرة 177 .

( [530] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " أما عن طريقة تعيين المدير ، فهو إما أن يعين بنص خاص في عقد الشركة ، وإما أن يتم تعيينه باتفاق لاحق للعقد . والشرط اللازم في الحالتين هو رضاء جميع الشركاء . لأن التعيين بالنسبة للمدير المعين بالعقد هو جزء من الاتفاق ، ويجب رضاء جميع الشركاء به ، وكذلك بالنسبة للمدير المعين باتفاق لاحق لا بد من إجماع الشركاء عليه ، لأن الاتفاق الجديد يتضمن خروجاً على العقد الأول " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 337 – ص 338 ) .

( [531] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 699 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع نص التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة حور النص تحويرا لفظياً فصار مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأصبح رقمه 544 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 516 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 337 ، وص 339 – ص 430 ) .

( [532] ) التقنين المدني السابق م 435 / 531 : يجوز للشركاء أن يعينوا مديراً للشركة ، واحداً أو أكثر .

م 436 / 532 : والمديرون الذين ليسوا شركاء يجوز دائماً عزلهم .

م 437 / 533 – 534 : والمديرون الشركاء يجوز عزلهم إذا لم يعينوا للإدارة في عقد الشركة ، ومع ذلك فالمديرون الشركاء المعينون للإدارة في العقد يجوز عزلهم أيضاً الأسباب قوية أو إذا كانت الشركة شركة مساهمة .

( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المدني الجديد ) .

( [533] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 484 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 510 : 1 – لا يجوز دون سبب معقول عزل الشريك المنتدب للإدارة في عقد الشركة . 2 – أما إذا كان انتداب الشريك للإدارة بموجب إجراء لاحق ، فلاانتداب خاضع للفسخ حسب أحكام الوكالة . 3 – ويجوز لكل شريك أن يطلب إلى القضاء العزل ، إذا تبين سبب معقول .

( وهذه الأحكام متفقة مع أحكام التقنين المدني المصري . ولم ينص التقنين الليبي على جواز عزل الأجنبي المنتدب للإدارة كالوكيل العادي ، ولكن هذا حكم يتفق مع القواعد العامة ) .

التقنين المدني العراقي م 636 ( موافق – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 111 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 883 : يجوز أن يعهد في الإدارة إلى مدير أو عدة مديرين وأن يعينوا من غير أعضاء الشركة . غير أنه لا يجوز تعيينهم إلا بالغالبية التي يوجبها عقد الشركة لقراراتها .

م 884 : يجوز للشريك الذي عهد إليه في إدارة الشركة بمقتضى العقد أن يقوم ، على الرغم من معارضة بقية الشركاء ، بجميع الأعمال الإدارية حتى أعمال التصرف الداخلة في موضوع الشركة ، وفاقاً لما نص عليه في المادة 887 ، بشرط إلا يكون ثمة غش وأن تراعى القيود الموضحة في العقد الذي منح السلطة بمقتضاه .

م 885 : إن المدير الذي يعين من غير الشركاء تكون له الحقوق المعطاة للوكيل بمقتضى المادة 777 ، أما يكن هناك نص مخالف .

م 891 – لا يجوز عزل المديرين المعينين بمقتضى عقد الشركة إلا الأسباب مشروعة وبقرار يتخذ باتفاق جميع الشركاء . غير أنه يجوز أن يمنح عقد الشركة هذا الحق للغالبية أو ينص على أن المديرين المعينين بمقتضى العقد يمكن عزلهم كما يعزل الوكيل . ويعد من الأسباب المشروعة سوء الإدارة ، وقيام خلاف شديد بين المديرين ، وارتكاب واحد أو جملة منهم مخالفة هامة لموجبات وظيفتهم ، واستحالة قيامهم بها . لا يجوز من جهة أخرى للمديرين المعينين بمقتضى عقد الشركة أن يعدلوا عن وظائفهم لغير مانع مقبول شرعاً ، وإلا كانوا ملزمين ببدل العطل والضرر للشركاء . أما إذا كان عزل المديرين منوطاً بمشيئة الشركاء ، فيمكنهم أن يعدلوا عن وظائفهم على الشروط الموضوعة للوكيل .

م 892 : إن المديرين الشركاء إذا لم يعينوا بمقتضى عقد الشركة ، كانوا قابلين للعزل كالوكلاء ، غير أنه لا يمكن تقرير عزلهم إلا بالغالبية اللازمة للتعيين . ويحق لهم من جهة أخرى أن يعدلوا عن القيام بوظائفهم على الشروط الموضوعة للوكلاء . وتطبق أحكام هذه المادة على المديرين غير الشركاء .

م 893 : إذا لم يقرر شيء فيما يختص بإدارة أعمال الشركة . عدت شركة محدودة . ( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها متفقة مع أحكام التقنين المصري ) .

( [534] ) وينص تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( م 894 / 3 ) على ما يأتي : " ويعد من الأسباب المشروعة سوء الإدارة ، وقيام خلاف شديد بين المديرين ، وارتكاب واحد أو جملة منهم مخالفة هامة لموجبات وظيفتهم ، واستحالة قيامهم بها " ( أنظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش ) . وإذا كان الشريك منتدباً للإداة في عقد تأسيس الشركة ، فلم يجز عزله إلا لمسوغ ، كذلك لا يجوز له هو أيضاً أن يتنحى عن الإدارة إلا لمسوغ . أما من يجوز عزله كالوكيل من المديرين – الأجنبي والشريك المعين باتفاق لاحق – فيجوز لهم التنحي عن الإدارة كالوكيل ( أنظر في هذا المعنى المادتين 891 – 892 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني آنفاً في نفس الفقرة في الهامش – بودري وفال 23 فقرة 298 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1023 ص 300 ) .

( [535] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " أما الشريك الذي يعين مديراً بالعقد ، فلا يجوز عزله إلا لسبب مشروع يبرر فسخ الاتفاق على التعيين ، كالإخلال بالالتزامات أو أعمال الخيانة أو عدم المقدرة على العمل ، لأن الاتفاق على تعيين المدير هو جزء من عقد الشركة يأخذ حكمه من حيث الالتزام . فإن كان المدير المعين من غير الشركاء حاز عزله دائماً ، لأن علاقة هذا المدير بالشركاء لم تخرج عن كونها وكالة يجوز الرجوع فيها طبقاً للقواعد العامة ، ولذلك تقرر الفقرة الثالثة جواز عزل المديرين من غير الشركاء دائماً ، وهو نفس الحكم الوارد بالمادة 436 / 532 من التقنين الحالي ( السابق ) . وعلى هذا النحو يضع المشروع حداً للنزاع القائم في الفقه والقضاء . أما المدير العادي المعين باتفاق لاحق ، فهو وكيل عادي يجوز عزله بمحض الإرادة طبقاً للقواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 338 ) .

( [536] ) بودري وفال 23 فقرة 297 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 382 ص 50 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1023 ص 300 – ريبير في القانون التجاري فقرة 736 – قارن بون فقرة 508 – فورنييه فقرة 64 ص 77 – جيوار فقرة 534 – ليون كان ورينو وأميو 2 فقرة 508 مكررة – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 486 .

( [537] ) أنظر في هذا المعنى أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 383 هوامش 1 – 5 ص 50 – جيوار فقرة 135 – تاليروبرسيرو فقرة 400 – كولان وكابيتان 2 فقرة 1186 – هوبان وبوسفييه 1 فقرة 173 – بون فقرة 511 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ societe civile فقرة 203 .

( [538] ) لوران 26 فقرة 306 .

( [539] ) ديرانتون فقرة 434 – تروبلونج فقرة 680 – بودرى وفال 23 فقرة 296 – وانظر في الخلاف بين الفقهاء في هذه المسألة بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1024 - الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 485 .

على أنه إذا كان هناك مبرر للعزل ، جاز لأحد الشركاء أن يطلب من القضاء عزل المدير ، والقضاء يفصل فيما إذا كان المبرر كافياً للحكم بالعزل – هذا و المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي تذهب إلى أنه لا يجوز عزل المدير حيث يكون قابلا للعزل إلا بإجماع الشركاء أو على الأقل بموافقة الذين قاموا بالتعيين ، فتقول في هذاالصدد : " ويحدد عقد الشركة عادة من له الحق في عزل المدير ، فإذا سكت العقد وجب بالنسبة للمدير الشريك المعين بالعقد أن يقرر القاضي ، بناء على طلب واحد أو أكثر من الشركاء ، وجود سبب شرعي يبرر عزله . أما الميدر من غير الشركاء المعين بالعقد وكذلك المدير العادي ، فيجوز عزلهما بمجرد إرادة الشركاء دون حاجة لتدخل القضاء . إنما يلزم إجماع الشركاء ، أو على الأقل موافقة الذين قاموا بالتعيين . على أنه إذا كان هناك مبرر شرعي للعزل ، جاز لأحد الشركاء وحده أن يرفع دعوى قضائية بطلب العزل " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 338 ) .

( [540] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ولا يترتب على عزل المدير انحلال الشركة ، وإلا التزم الشركاء بالاحتفاظ بمدير خائن أو غير كفء تفادياً لانحلال شركة ناجحة . ثم إن الأمر لا يتعدى مجرد إنهاء الوكالة المعطاة للميدر ، فيكون للشركاء إذن أما إدارة الشركة جماعة طبقاً للقواعد العامة أو تعيين مدير جديد " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 338 ) .

( [541] ) فالقرار الصادر باتفاق عدد كبير من أعضاء طائفة رؤساء البوغاز بمنح أحد زملائهم الذي استقال معاشاً كاملا ، مخالفين في ذلك قانون الطائفة ، لا ينفذ على الأعضاء الذين لم يشتركوا في اصداره ( استئناف وطني أول ابريل سنة 1920 المجموعة الرسمية 22 رقم 66 ص 110 ) .

( [542] ) بودري وفال 23 فقرة 301 – فورنييه فقرة 67 ص 78 .

( [543] ) ومتى وقع المدير بهذه الصفة على سند دين التزمت به الشركة ( نقض مدني يوليه سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 183 ص 1357 ) . وإذا وقع الشريك المدير باسمه على تعهد من التعهدات دون بيان عنوان الشركة ، فإن ذلك لا يترتب عليه بمجرده إعفاء الشركة من الالتزام ، وإنما تقوم قرينة على أن الشريك المدير يتعامل في هذه الحالة لحسابه الخاص ، وهي قرينة تقبل إثبات العكس بطرق الإثبات كافة بما فيها القرائن نفسها ( الحكم السابق ) . وإذا لم يجاوز المدير حدود سلطته ولكنه أساء استعمالها لمصلحته الشخصية وكان الغير الذي تعامل معه حسن النية ، فإن عمل المدير يلزم الشركة ( استئناف مختلط 2 ابريل سنة 1930 م 42 ص 400 – 22 يناير سنة 1936 م 48 ص 88 ) . ولا يلزم العمل الشركة إذا كان الغير سيء النية ( استئناف مختلط 26 يناير سنة 1938 م 50 ص 108 ) .

( [544] ) ولكن إعطاء الهدايا المألوفة ومنح المكافأت للموظفين والعمال مما يقربه العرف جائز ( بودري وفال 23 فقرة 303 ) .

( [545] ) جيوار فقرة 124 مكررة – بودرى وفال 23 فقرة 304 – فورينيه فقرة 67 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1025 .

( [546] ) بودرى وفال 23 فقرة 305 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1025 – وقد كان التقنين المدني السابق ( م 439 / 536 ) ينص على أنه " ليس للمديرين ولو باتحاد ارائهم ولا الشركاء بأكثرية الآراء أياً كانت تلك الأكثرية . . أن يطلبوا مبالغ غير حصص رأس المال المتفق عليها في العقد ، ما لم يكن ذلك لدفع ديون علىالشركة أو لأداء المصاريف اللازمة لحفظ أموالها " . وهذا النص يتفق مع القواعد العامة ، فيعمل به في عهد التقنين المدني الجديد . ومن ثم لا يجوز لمدير الشركة أن يطلب من الشركاء ما يزيد على حصصهم إلا باتفاقهم جميعاً ، أو في إحدى الحالتين الاستثنايتين الآتيتين : ( 1 ) سداد ديون الشركة ، وذلك إذا لم يكف مال الشركة لوفاء هذه الديون وسنرى أن كل شريك ملزم في هذه الحالة في ماله الخاص بنسبة حصته من الخسارة . ( 2 ) لأداء المصروفات الضرورية لحفظ أموال الشركة ( أنظر الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 498 ) .

( [547] ) بودرى وفال 23 فقرة 307 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1026 – هوبان وبوسفييه 1 فقرة 175 ص 217 وفقرة 258 ص 305 ) .

وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " أما فيما يتعلق بسلطات المدير ، إذا كان العقد لم يحددها تحديداً كافياً ، أو لم تحدد في الاتفاق اللاحق الذي تم به التعيين ، فإنه يجب منطقياً أن نعتبر الشركاء قد منحوا المدير السلطات اللازمة للوصول الىالغرض المقصود وتحقيق غاية الشركة . ولذلك يقرر النص أن يجوز للشريك ، بالرغم من معارضة سائر الشركاء ، أن يقوم بأعمال الإدارة . وبناء على ذلك يكون للمدير حتما كل سلطات الإدارة التي يتطلبها نشاط الشركة . ولكن ، كما تقرر المادة 439 / 536 من التقنين الحالي ( السابق ) ، ليس للمديرين أن يفعلوا شيئاً مخالفاص للغرض المقصود من الشركة . على أنه كمبدأ عام لا يستطيع المدير بدون رضاء الشركاء وعدم وجود شرط خاص في العقد ، أن يعقد صلحاً أو تحكيماً ، أو يتنازل عن ضمان أو رهن للشركة ، أو يبرئ مديناً من الدين ، أو يقبل رفع الرهن قبل الفواء بالدين المضمون ، أو يقترض باسم الشركة ، أو يرهن عقاراتها ، أو يبيع فيما عدا حالات البيع الداخلة في غرض الشركة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 338 – ص 339 ) .

( [548] ) تاريخ النصوص :

م 517 : ورد هذا الصن في المادة 700 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما ساتقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة حور تحويراً لفظياً طفيفاً فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 545 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 517 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 341 و ص 343 ص 344 ) .

م 518 : ورد هذا النص في المادة 701 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة حور تحويراً لفظياً طفيفاً فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 546 في المشروع النهائي ، ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 518 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 344 – ص 345 ) .

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق : م 439 / 536 : ليس للمديرين ولو باتحاد ارائهم ، ولا للشركاء باكثرية الآراء أياً كانت تلك الأكثرية ، أن يفعلوا شيئاً مخالفاً للغرض المقصود من الشركة ، ولا إني طلبوا مبالغ غير حصص رأس المال المتفق عليها في العقد ، ما لم يكن ذلك لدفع ديون على الشركة أو لأداء المصاريف اللازمة لحفظ أموالها . ومع ذلك لا يجوز ، ولو في الحالة الأخيرة ، طلب مبالغ من الشركاء في شركة التوصية أو من أصحاب السهام في شركة المساهمة . ( والحكم الوارد في النص يتفق مع حكم التقنين المدني الجديد ، إذ لا يجوز عمل شيء مخالف للغرض المقصود من الشركة إلا بإجماع آراء الشركاء لأن هذا العمل يعدل من عقد تأسيس الشركة ذاته . ولم يرد في النص كيف يدير المديرون المتعددون الشركة ، ولكن ما ورد في نص التقنين المدني الجديد يتفق مع القواعد العامة ) .

وتقابل النصوص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 485 – 486 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 509 : 1 – إذا تعدد الشركاء المنتدبون للإدارة ، فلا تتم أعمال الشركة إلا بموافقة جميع أولئك الشركاء 2 – وإذا اشترط أن تكون إدارة أعمال معينة خاضعة لموافقة الأكثرية ، تكون هذه الأغلبية خاضعة للفقرة الأخيرة من المادة السابقة ( أغلبية الحصص في الأرباح ) . 3 – وفي الحالات المنصوص عليها في هذه المادة لا يجوز للشركاء المنتدبين للإدارة أن يأتوا أي عمل على انفراد إلا لضرورة الاستعجال اتقاء حدوث ضرر للشركة .

م 511 : 1 – تنظم أحكام الوكالة حقوق القائمين بالإدارة وواجباتهم . 2 – المنتدبون مسئولون بالتضامن قبل الشركة للوفاء بالواجبات التي يفرضها عليهم القانون وعقد الشركة . 3 - ومع ذلك لا تشمل هذه المسئولية من يثبت خلوه من الخطأ .

م 508 / 3 : وتفضل في الاعتراض اكثرية الشركاء ، وتتكون على أساس نسبة حصصهم في الأرباح .

( وتختلف أحكام التقنين الليبي عن أحكام التقنين المصري فيما يأتي : ( 1 ) الأصل في التقنين الليبي أن قرار الشركة بإجماع المديرين . ( 2 ) يوجد في التقنين الليبي نص صريح على تضامن المديرين إذا ثبت خطأهم . ( 3 ) الأغلبية في التقنين الليبي هي أغلبية الحصص في الأرباح لا الأغلبية العددية ) .

التقنين المدني العراقي م 637 – 638 ( موافق – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 116 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 886 : إذا كان للشركة عدة مديرين فلا يجوز لواحد منهم ، ما لم يكن ثمة نص مخالف ، أن يعمل بدون معاونة الآخرين إلا في الأحوال التي تستوجب الاستعجال واليت يكون التأجيل فيها مدعاة لضرر هام على الشركة . وإذا قام خلاف وجب إتباع رأي الغالبية ، وإذا اقنسمت الأصوات قسمين متساويين فالغلبة للمعارضين . أما إذا كان الخلاف مقصوراً على الطريفة التي يجب اتباعها فيرجع في هذا الشأن إلى ما يقرره جميع الشركاء . وإذا كانت فروع الإدارة موزعة بين المديرين ، فلكل واحد منهم أن يقوم بالأعمال الداخلة في إدارة فرعه ولا يحق له على الإطلاق أن يتجاوزها .

م 887 : لا يجوز للمديرين وإن أجمعوا رأياً ، ولا للشركاء وإن قررت غالبيتهم ، أن يقوموا بغير الأعمال التي تدخل في موضوع الشركة بحسب ماهيتها والعرف التجاري . ويجب إجماع الشركاء : أولاً – للتفرغ بالاموال عن الملك المشترك أو عن أحد أجزائه . ثانياً – لتعديل عقد الشركة أو للحيد من مقتضاه – ثالثاً – للقيام بأعمال خارجة عن موضوع الشركة . وكل نص يجيز مقدماً للمديرين أو للغالبية اتخاذ قرارات من هذا النوع بدون استشارة الآخرين يكون لغواً . وفي هذه الحالة يحق ، حتى للشركاء الذين ليسو مديرين ، أن يشتركوا في المناقشات . وإذا قام خلاف ، وجب إتباع رأي المعارضين .

م 882 : إذا نص في عقد الشركة على أن قراراتها تتخذ بالغالبية ، وجب أن يفهم من هذا النص ، عند قيام الشك ، أن المراد غالبية العدد . وإذا اقنسمت الأصوات قسمين متساويين فالغلبة للفريق المعارض . وإذا اختلف الفريقان في شأن القرار الذي يراد اتخاذه فيرفع الأمر إلى المحكمة لتقرر ما يتفق مع مصلحة الشركة العامة .

( ويرى من ذلك أن الأصل في التقنين اللبنانين في حالة تعدد المديرين أن تتخذ القرارات بأغلبية آرائهم ) .

( [549] ) وقد قضت محكمة النقض بأن تفسير محكمة الموضوع لنص في عقد الشركة على أن " يكون أحد الشركاء هو عهدة النقدية " بأنه لا يفيد أنه هو وحده ينفرد بجميع أعمال الإدارة دون باقي الشركاء ، بل هو تخصيص أحد أعمال الإدارة واسناده إليه دون الأعمال الأخرى ، هو تفسير يستقيم معه التادى إلى ما انتهى إليه ( نقض مدني 29 مارس سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 86 ص 471 ) .

( [550] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 342 .

( [551] ) فإن كان العمل من أعمال التصرف آلت لا تدخل في اغراض الشركة ، أو كان يتضمن تعديلا في نظمها ، وجب إجماع كل الشركاء طبقاً للقواعد العامة ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 342 ) .

( [552] ) امااذا انقسم الشركاء إلى قسمين متساويين ، لم تكن هناك أغلبية لرفض الاعتراض ، فيبقى الاعتراض قائماً ولا يجوز إتمام العمل المعترض عليه .

( [553] ) أنظر في كل ذلك المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 342 .

( [554] ) نقض مدني 13 مايو سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 130 ص 863 .

( [555] ) وقد قضت محكمة النقض بان الشرط الوارد في عقد الشركة المكتوب بعدم انفراد مديرها بالعمل لا يجوز تعديله إلا بالكتابة ، ولا يعول على ادعاء هذا المدير بأنه قد انفرد بالعمل بإذن شفوى من أحد شركائه المتضامنين ( نقض مدني 5 ابريل سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 66 ص 496 ) .

( [556] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " على أنه يحسن – كما فعل تقنين طنجة ( م 871 ) والمشروع الفرنسي الإيطالي ( م 550 ) – الخروج على هذا الحكم الذي يتطلب الاجماع أو موافقة الأغلبية ، بشرط أن توجد ضرورة عاجلة ، وفي الوقت نفسه حاجة ملحة ، إلى تفادي خسارة جسيمة تهدد الشركة ولا يمكن علاجها . فإذا اجتمع هذان الشرطان ، جاز لمدير واحد استثناء أن يعمل بدون حاجة لرضاء بقية المديرين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 342 – ص 343 ) .

( [557] ) وقد يكون هناك أكثر من رايين في مسألة واحدة ، فيرى بعض أن القرار يجب أن يكون بالأغلبية المطلقة ، ويرى بعض آخر أن الأغلبية النسبية تكفي ، ويرى فريق ثالث الالتجاء إلى القضاء لتغليب رأي على رأي ، ويرى فريق رابع وجوب انضمام الجانب الأقل إلى أحد الجانبين الأكثر عدداً ( أنظر جيوار فقرة 146 – ويفرجيبه فقرة 289 – بودرى وفال 23 فقرة 320 - الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 503 ) . ويبدو لنا أن الأغلبية المطلوبة في حالة الانقسام إلى أكثر من رأيين هي الأغلبية المطلقة وبعدد الرؤوس .

( [558] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " لا تتعرض التقنينات اللاتينية أو التقنينات المقتبسة منها لتحديد ما هو المقصود بالاغلبية ، هل يجب عند حسابها مراعاة المصالح المختلفة أو مقدار الحصص اوعدد الشركاء ؟ وقد استمد المشروع هذا النص من المادة 553 من المشروع الفنرسي الإيطالي ، وهو يقرر المبدأ العام المعمول به في مداولات الشركة : إذا وجب صدور قرار بالاغلبية تبعاً للمصالح المختلفة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 344 ) .

( [559] )          تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 702 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 547 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 519 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 346 - ص 347 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 440 / 537 : للشركاء الذين ليسو مديرين للشركة الحق في طلب معرفة إدارة أشغال الشركة .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 487 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 512 : 1 – للشركاء غير المنتدبين للإدارة حق الحصول من المديرين على معلومات عن سير أعمال الشركة ، ولهم حق الإطلاع على مستنداتها الخاصة بالإدارة وعلىالبيان الحسابي إذا أنجزت الأعمال التي تشكلت الشركة على أساسها . وكل اتفاق على غير ذلك باطل . 2 – وإذا زادت مدة القيام بأعمال الشركة علىس نة ، فللشركاء الحق في الحصول على بيان عن الإدارة في نهاية كل سنة إذا لم ينص العقد على أجر آخر . ( وأحكام التقنين الليبي تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 639 ( مطابق ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 888 : لا يجوز للشركاء غير المديرين أن يشتركوا في شيء من أعمال الإدارة ، ولا أن يعترضوا على الأعمال التي يقوم بها المديرون المعينون بمقتضى العقد ، إلا إذا كانت تتجاوز حدود الأعمال التي هي موضوع الشركة أو كانت تخالف العقد أو القانون مخالفة صريحة .

م 889 : يحق للشركاء غير المديرين أن يطلبوا في كل آن حساباً عن إدارة أعمال الشركة وعن حالة الملك المشترك ، وأن يطلعوا على دفاتر الشركة وأوراقها وأن يبحثوا فيها . وكل نقص مخالف يعد لغواً . وهذا الحق شخصي لا يجوز إني قوم به وكيل أو ممثل آخر ، إلا عند وجود فاقدي الأهلية فهؤلاء يصح أن ينوب عنهم وكلاؤهم الشرعيون ، اوعند وجود مانع مقبول مثبت بحسب الأصول .

م 890 : من لا يكون إلا شريك محاصة لا يحق له أن يطلع علىدفاتر الشركة واوراقها إلا لسبب هام وبإذن القاضي . ( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها متفقة مع أحكام التقنين المصري ) .

( [560] )          جيوار فقرة 139 وفقرة 265 – بودرى وفال 23 فقرة 312 – فقرة 313 .

( [561] )          أنظر م 888 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني آنفاً في نفس الفقرة في الهامش .

( [562] )          استئناف مختلط 27 ديسمبر سنة 1939 م 52 ص 80 .

( [563] )          أنظر م 889 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني آنفاً في نفس الفقرة في الهامش .

( [564] )          وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " يقرر هذا النص الحكم الوارد بالمادة 440 / 537 من التقنين الحالي ( السابق ) مكملا بنص المادة 554 فقرة أولى من التقنين البولوني والمادة 552 من المشروع الفرنسي الإيطالي . وهي تنص علىحرمان الشركاء غير المديرين من التدخل في الإدارة ، وإلا لما كانت هناك أية فائدة من تعيين مدير للشركة . على أن لهلاءؤ الشركاء حق الإطلاع على دفاتر الشركة ومستنداتها ، وهو حق أساسي لهم ، ولذلك يقرر النص عدم جواز الاتفاق على خلاف ذلك . والنص الوارد في المشروع : " أن يطلعوا بانفسهم على دفاتر الشركة ومستنداتها " أفضل من نص المادة 440 / 537 مصري ( قديم ) : " الحق في طلب معرفة إدارة اشغال الشركة " ، لأن للشركاء بمقتضى القواعد العامة الحق في أن يطلبوا من المديرين تأدية حساب عن وكالتهم ، والذي يهمنا تحديده هو أن نقرر لكل الشركاء حق الإطلاع بانفسهم على دفاتر الشركة ومستنداتها لأهمية ذلك من حيث مراقبة استغلال أموال الشركة وحالتها المالية " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 346 ) .

( [565] )          تاريخ النص : ورد ذها النص في المادة 703 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، ولكن كان المشروع التمهيدي يتضمن فقرة ثانية هذا نصها : " ومع ذلك لا يجوز لأي من الشركاء أن يدخل أي تغيير فيما للشركة من أشياء دون موافقة سائر الشركاء ، حتى لو ذهب إلى أن هذا التغيير في صالح الشركة " . وفي لجنة المراجعة حذفت هذه الفقرة " لأنها تفصيلية " ، وأصبح رقم المادة 548 في المشروع النهائي . ووافق علىالنص مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 520 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 348 و ص 350 ) .

( [566] )          التقنين المدني السابق م 438 / 535 : إذا لم يعين للشركة مديرون ، اعتبر كل واحدج من الشركاء مأذوناً من شريكه بالادراة ، وله إدارة العمل وحده ، وإنما يعمل في حالة اختلاف الشركاء بما يتفق عليه أكثرهم . ( وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين المدني الجديد ) .

( [567] )          التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 488 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 508 : 1 لكل شريك الحق في الانفراد بإدارة الشركة إلا إذا اشترط خلاف ذلك . 2 – وإذا حقت إدارة الشركة على انفراد لأكثر من شريك ، فلكل شريك قائم بالإدارة الحق في الاعتراض على ما يعتزم الشريك الآخر القيام به من عمل قبل إنجازه . 3 – وتفصل في الاعتراض اكثرية الشركاء ، وتتكون علىاساس نسبة في الأرباح .

م 507 : لا يجوز للشريك أن يستعمل شيئاً من أموال الشركة في اغراض خارجة عن اهدافها دون موافقة الأعضاء الآخرين .

( وأحكام التقنين الليبي متفقة مع أحكام التقنين المصري ، إلا أن الأكثرية في التقنين الليبي تحسب على أساس نسبة الحصص في الأرباح ، وفي التقنين المصري تحسب على أساس عدد الرؤوس ) .

التقنين المدني العراقي م 640 ( مطابق للمشروع التمهيدي للمادة 520 من التقنين المدني المصري ، وتتفق مع حكم التقنين المدصري – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 120 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 876 : حق إدارة اشغال الشركة هو لجميع الشركاء معاً ، ف لايحق لأحد منهم أن يستعمله منفرداً إذا لم يرخص له بقية الشركاء .

م 877 : إن الحق في إدارة الشركة يشمل حق تمثيلها تجاه الغير إذا لم ينص علىالعكس .

م 878 : عندما يتفق الشراء على إعطاء كل منهم وكالة بإدارة شؤون الشركة ، ويوضحون أن كل شريك يمكنه أن يعمل من غير أن يشاور الآخرين ، تسمى شركتهم عندئذ شركة تفويض أو توكيل عام .

م 879 : في شركة التفويض العامي جوز لكل شريك إني قوم منفرداً بجميع أعمال الإدارة التي تدخل في موضوع الشركة حتى أعمال التفرغ . ويجوز له على الخصوص : أولاً – أن يعقد لحساب الشركة شركة خاصة مع الغير يكون المراد منها عملا أو جملة أعمال إدارية . ثانياً – أن يقدم مالا لشخص ثالث للقيام بمشروع لحساب الشركة – ثالثاً – أن يعين عمالا ومندوبين . رابعاً - أن يوكل ويعزل الوكلاء . خامساً – أن يقبض مالا وأن يفسخ المقاولات وأن يبيع نقداً أو ديناً أو إلى أجل أو على التسليم – الأشياء الداخلة في موضوع الشركة ، وأن يعتبر بالديون ويربط الشركة بموجبات على قدر ما تقتضيه حاجات الإدارة ، ويعقد الرهن أو غيره من وجوه التأمين على القدر نفسه ، وأن يقبل مثل هذا الرهن أو التأمين ، وأن يصدر أو يظهر سندات " للأمر " أو سفاتج ، وأن يقبل رد المبيع من أجل عيب موجب للرد حينما يكون الشريك الذي عقده غائباً وأن يمثل الشركة في الدعاوى سواء كانت مدعية أو مدعى عليه ، وأن يعقد الصلح بشرط أن يكون مفيداً – ذلك كله ما لم يكن هناك خداع أو قيود خاصة موضحة في عقد الشركة .

م 880 : أن الشريك في شركة التفويض العام لا يجوز له بدون ترخيص خاص مبين في عقد الشركة أو في عقد لاحق : أولاً – أن يتفرغ بلا بدل ، وتستثنى الهدايا والمكافآت الممتازة . ثانياً – أن يكفل الغير . ثالثاً – أن يقرض بلا بدل – رابعاً – أن يجرى التحكيم . خامساً – أن يتنازل عن المؤسس أو المحل التجاري أو عن شهادة الاختراع التي عقدت عليها الشركة . سادسا – أن يعدل عن ضمانات ، ما لم يكن العدول مقابل بدل .

م 881 : إذا كان عقد الشركة يوضح أن جميع الشركاء يحق لهم تولى الإدارة ولكن لا يجوز لأحدهم أن يعمل منفرداً عن الآخرين ، فالشركة توصف حينئذ بالمحدودة أو بذات الوكالة المحدودة . وإذا لم يكن نص أو عرف خاص ، فكل شريك في الشركة المحدودة يجوز له أن يقوم بالأعمال الإدارية بشرط الحصول على موافقة شركائه ، ما لم يكن هناك أمر يستوجب التعديل ويفضي إغفاله إلى الأضرار بالشركة .

م 893 : إذا لم يقرر شيء فيما يختص بإدارة أعمال الشركة ، عدت شركة محدودة ، وكانت علاقات الشركاء من هذا الوجه خاضعة لأحكام المادة 881 .

( والأصل في التقنين اللبناني أن يشترك جميع الشركاء في الإدارة فتتخذ القرارات بالاجماع ، إلا اذانص على اتخاذ القرارات بالاغلبية ، أو اتفق الشركاء على إعطاء كل منهم وكالة بإدارة شؤون الشركة في شركة التفويض العام . أما الأصل في التقنين المصري فهو أن ينفرد كل شريك بالإدارة ، على أنه يكون لكل شريك آخر حق الاعتراض ولأغلبية الشركاء الحق في رفض الاعتراض ) .

( [568] )          وقد قضت محكمة النقض بان تفسير محكمة الموضوع لنص عقد الشركة على أن " الشركاء جميعاً متضامنون في العمل " بأنه من شأنه أن يجعل كل واحد من الشركاء مأذوناً من شركائه بالإدارة وله إدارة العمل وحده وفقاً لنص المادة 438 من القانون المدني ( القديم ) ، فيصبح كل منهم مسئولا عن حسن سير الشركة ، ويحظر على أحد منهم أن يباشر عملا ينجم عنه أضرار بمصالحها عملا ينص المادة 439 من القانون المدني ( القديم ) هو تفسير سائغ ( نقض مدني 29 مارس سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 86 ص 471 ) .

( [569] )          استئناف وطني 7 ديسمبر سنة 1905 الاستقلال 5 ص 86 – استئناف مصر 22 يونيه سنة 1941 المحاماة 12 رقم 223 / 2 ص 446 – محكمة مصر الكلية 16 ابريل سنة 1904 الاستقلال 3 ص 11 .

( [570] )          أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 349 – ص 350 – قارن بودرى وفال 23 فقرة 326 – فقرة 333 .

( [571] )          ولا يجوز الرجوع على الشريك الذي اعترض بتعويض بعد رفض أغلبية الشركاء المعارضة ، إلا إذا كانت المعارضة عن غش أو عن تقصير ( جيوارا فقرة 147 – بودري وفال 23 فقرة 323 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 382 ص 52 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 305 هامش رقم 4 ) ، إذ على الشريك أن يبذل العناية الواجبة في تدبير مصالح الشركة ( م 521 / 2 مدني ) .

( [572] )          وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " على أنه يجوز لكل شريك أن يعترض على العمل قبل اتمامه ، ولأغلبية الشركاء حق رفض هذه المعارضة . . واخيراً يترتب على المعارضة . . أن التصرف الذي يتم رغم المعارضة وبدون موافقة الأغلبية ، يكون باطلا بالنسبة للشركة ، وأيضاً بالنسبة للغير سيء النية الذي يعلم بالمعارضة القائمة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 349 ) . أنظر أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 382 ص 51 – ص 53 . بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1028 – فورنييه فقرة 69 .

وانظر في أن نظام الشركة ينص في العادة بالتفصيل على طريق إدارتها ، ويتبع في ذلك قواعد عملية تتفق مع حالة الشركة بحسب ما إذا كانت قليلة الشركاء أو كثير تهم فورنييه فقرة 70 – فقرة 72 .

( [573] )          تاريخ النص : ورد ذها النص في المادة 703 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن عبارة " إلا إذا كان منتدباً للإدارة باجر فلا يجوز أن ينزل في ذلك عن عناية الرجل المعتاد " ، الواردة في آخر الفقرة الثانية لم تكن موجودة في المشروع التمهيدي . وفي لجنة المراجعة أضيفت هذه العبارة ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 549 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 521 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 351 – ص 353 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 428 / 521 ، وكانت تجرى على الوجه الآتي : " على كل واحد من الشركاء أن يلاحظ منافع الشركة ، ويعني بتدبير مصالحها كمصالح نفسه " . ( وحكم التقنين السابق متفق مع حكم التقنين الجديد ، فيما عدا أن التقنين الجديد تشدد في العناية المطلوبة من المدير إذا كان بأجر ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 489 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 514 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 641 ( مطابق ) – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 124 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 865 : لا يجوز للشريك ، بدون موافقة شركائه أن يقوم لحسابه أو لحساب الغير بأعمال شبيهة بأعمال الشركة إذا كانت هذه المنافسة تضر بمصالح الشركة . وعند المخالفة يحق للشركاء الاختيار بين أن يطالبوه ببدل العطل والضرر ، أو أن يتخذوا لحسابهم الأعمال التي ارتبط بها ويطلبوا قبض الأرباح التي جناها ، هذا كله مع الاحتفاظ بحق العمل على إخراجه من الشركة ، وإذا مضت ثلاثة أشهر ولم يختاروا أحد الأوجه المذكورة ، فقدوا حق الاختيار ولم يبق لهم سوى حق الحصول على بدل العطل والضرر عند الاقتضاء .

م 866 : لا يطبق حكم المادة السابقة إذا كان للشريك قبل اندماجه في الشركة مصلحة في مشاريع مضارعة لها ، أو كان يقوم بأعمال مشابهة لاعمالها على علم من شركائه ، ولم يشترط عليه تركها ، ولا يجوز للشريك المومأ إليه أن يلجا للمحاكم لإجبار شركائه على موافقته .

م 867 : كل شريك يلزمه أن يظهر من العناية والاجتهاد في القيام بواجباته للشركة ما يظهره في إتمام أموره الخاصة . وكل تقصير من هذا القبيل يعد خطأ يسأل عنه لدى بقية الشركاء ، كما يسأل عن عدم القيام بالوجبات الناشئة عن عقد الشركة وعن سوء استعماله السلطة الممنوحة له . ولا يكون مسئولا عن القوة القاهرة إذا لم تنجم عن خطأ منه . ( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصري ، إلا أن التقنين المصري يتشدد في مسئولية الشريك إذا كان مديراً بأجر ) .

( [574] )          أنظر آنفاً فقرة 684 في الهامش . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد الفقرة الأولى من المادة 521 مدني : " تطابق الفقرة الأولى المادة 536 من التقنين السويسري والمادة 562 من التقنين البولوني والمادة 540 من المشروع الفرنسي الإيطالي ، وهي تقرر التزاماً على الشريك بعدم إلحاق ضرر بالشركة ، وهو التزام ناتج عن طبيعة عقد الشركة ، لأن مساهمة الشركاء في العمل المشترك تقتضي من الشريك الامتناع عن كل عمل يضر بالشركة بطريق مباشر أو غير مباشر ، سواء أكان ذلك لحسابه أم لحساب الغير . كما لا يجوز للشركاء الاعتراض على أية عملية مفيدة للشركة ، لأن مصلحتهم تتاثر بذلك ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 352 ) .

( [575] )          أنظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش .

( [576] )          أنظر م 866 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني آنفاً في نفس الفقرة في الهامش . وانظر بودري وفال 23 فقرة 205 .

( [577] )          كان قصر فلم يعقد صفقة مفيدة للشركة ، أو ترك مالا للشركة يتلف دون أن يصلحه ، أو أهمل في رقابة مستخدمي الشركة فارتكبوا إعمالاً تضر بها ( بودري وفال 23 فقرة 197 ) . ويعتبر الشركي مسئولا إذا هو ضحى مصلحة الشركة من أجل مصلحته الشخصية ، كما إذا امتنع عن عقد صفقة نافعة للشركة بحجة أن هذه الصفقة تعود عليه شخصياً بالضرر ( بودري وفال 23 فقرة 199 ص 133 – ص 134 ) ، أو عقد صفقة لنفسه كان يجب أن يعقدها لحساب الشركة ( بودري وفال 23 فقرة 202 مكررة ) .

( [578] )          وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد الفقرة الثانية من المادة 521 مدني : " أما الفقرة الثانية من المادة 521 مدني : " أما الفقرة الثانية فهي تقابل نص المادة 428 / 521 من التقنين الحالي ( السابق ) ، وهي تحدد درجة العناية التي يجب أن يبذلها كل شريك في التزاماته قبل الشركة : عليه أن يبذل من العناية ما يبذله في مصالحه الخاصة ، فإذا أخل بالتزامه هذا وترتب على ذلك ضرر للشركة ، كان لها أن تطالبه بالتعويض . على أنه ما دام أساس المسئولية هو الخطأ ، فالشريك لا يتحمل مسئولية ما في حالة القوة القاهرة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 352 ) .

( [579] )          تاريخ النص : ورد ذها النص في المادة 703 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 550 / 1 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 522 / 1 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 354 – ص 356 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 427 / 520 : الشريك ملزم حتما بفوائد المبالغ المطلوبة للشركة منه خاصة . . . ( وهذا الحكم متفق مع حكم التقنين المدني الجديد ، وإن كان لم يعرض للتعويض التكميلي ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 490 / 1 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 515 / 1 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 642 / 1 ( مطابق – أنظر الأستاذ حسن الذنون ص 126 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 868 : كل شريك يلزمه ، على الشروط التي يلزم بها الوكيل ، أن يقدم حساباً عن : أولاً : كل المبالغ والمقدمات التي يأخذها من رأس مال الشركة لأجل الأعمال المشتركة . ثانياً – كل ما استلمه على الحساب المشترك أو من طريق الأعمال التي تكون موضوع الشركة . ثالثاً – وبالاجمال عن كل عمل يقوم به لحساب الشركة . وكل نص على إعفاء أحد الشركاء من واجب تقديم الحساب يكون لغواص .

م 870 : كل شريك يستعمل دون ترخيص من بقية الشركاء الأموال أو الأشياء المشتركة ، في مصلحته أو في مصلحة شخص ثالث ، يلزمه أن يعيد المبالغ التي أخذها وأن يضم إلى مال الشركة الأرباح التي جناها ، ويحتفظ مع ذلك بحث الشركاء في بدل العطل والضرر وفي إقامه دعوى جزائية عليه عند الاقتضاء . ( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها متفقة مع أحكام التقنين المصري ، مع ملاحظة أن المادة 789 / 2 لبناني تقضي على الوكيل أداء فائدة الأموال التي تأخر في دفعها للموكل ) .

( [580] )          وقد قضت محكمة النقض بأن الشريك الذي يدير شؤون الشركة شأنه هو شأن الوكيل ، عليه إني قدم حساباً مؤيداً بالمستندات عما تناولته الوكالة ، وقيام كل شريك بإدارة بعض شؤون الشركة لا يحول دون حق كل منهما في مطالبة الآخر بتقديم حساب عما اداره ( نقض مدني 7 يونيه سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 150 ص 963 ) . وقضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن من واجبات الشريك أن يبين حالة الشركة التي هو مديرها وما تنتجه من ربح أو خسارة ويثبت ذلك ، فإن لم يفعل فهو مدين بجميع رأس المال ، ويجب الحكم عليه به جميعه ولا وجه لتجزئته ( 31 ديسمبر سنة 1905 الحقوق 21 ص 76 ) .

( [581] )          بودري وفال 23 فقرة 191 – جيوارا فقرة 199 – ويترتب على ذلك أنه إذا كان الشريك لم يؤد حصته إلى الشركة وجبت عليه تأديتها ، ولا يستطيع أن يمتنع عن ذلك بحجة أن شريكاً آخر معسراً لم يؤد حصته من رأس المال ( استئناف مختلط 13 فبراير سنة 1913 م 25 ص 179 ) .

( [582] )          أنظر آنفاً فقرة 655 .

( [583] )          أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 355 .

( [584] )          بودري وفال 23 فقرة 190 .

( [585] )          لوران 26 فقرة 258 – جيوارا فقرة 201 – بودري وفال 23 فقرة 192 .

( [586] )          لوران 26 فلقرة 156 – جيوارا فقرة 1299 – بودري وفال 23 فقرة 192 .

( [587] )          تاريخ النص : ورد ذها النص في المادة 703 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة أضيفت العبارة الأخيرة " من يوم دفعها " ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 550 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . فمجلس الشيوخ تحت رقم 552 / 2 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 354 – ص 356 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 427 / 520 : الشريك ملزم . . وله فوائد المبالغ المطلوبة له منها ، والحق في استيلاء ما صرفه في مصلحة الشركة بالوجه اللائقبدون غش ولا تفريط .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 490 / 2 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 515 / 2 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 642 / 2 ( مطابق – وانظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 127 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 873 : لكل شريك حق الادعاء على بقية الشركاء فيما يعادل حصصهم في الشركة : أولاً – من أجل المبالغ التي صرفها لحفظ الأشياء المشتركة ، والنفقات التي قام بها لمصلحة الجميع عن روية وبدون إسراف . ثانياً – من أجل الموجبات التي ارتبط بها لمصلحة الجميع عن روية وبدون إسراف .

م 874 : لا يحق للشريك القائم بالإدارة أن يتناول أجراً من أجل إدارته إلا إذا نص صريحاً على ذلك . ويطبق هذا الحكم على بقية الشركاء فيما يختص بالعمل الذي يعملونه للمصلحة المشتركة أو بالخدمات الخاصة التي يقومون بها للشركة والتي لا تدخل في موجباتهم كشركاء .

( وأحكام التقنين اللبنانين تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين المصري ) .

( [588] )          أنظر م 874 لبناني آنفاً في نفس الفقرة في الهامش .

( [589] )          استئناف مختلط 26 فبراير سنة 1896 م 8 ص 133 .

( [590] )          بودري وفال 23 فقرة 215 وفقرة 217 – وانظر أيضاً المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 355 .

( [591] )          قارن بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 3071 ، ويذهبون إلى أن حق الشريك هو حق ملكية معنوية ( propriete incorporelle ) .

( [592] )          استئناف وطني 24 ابريل سنة 1902 الحقوق 17 ص 90 .

( [593] )          ولكن هل يجوز للشريك أن يتنازل عن حقه لشريك آخر دون موافقة سائر الشركاء ؟ أجابت محكمة مصر بأن المادة 441 مدني ( قديم ) لا تمنع أحد الشركاء من أن يتنازل لشريك آخر عن حقوقه التي كسبها من الشركة ، كما لا تمنع أحد الشركاء من أن يقبل من زميله خروجه من الشركة مع تحمل الأول كل مسئوليات الثاني وكسبه لحقوقه ( 28 مارس سنة 1905 الحقوق 20 ص 146 ) .

( [594] )          وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان نص العقد صريحاً في أنه ليس لأي شريك حق التنازل أو بيع حصته لا شريك آخر إلا بموافقة جميع الشركاء كتابة ، فإنه يكون صحيحاً ما قرره الحكم من أنه لا يسوغ لأحد الشركاء أن يقبل ما طلبه شريك آخر من تعديل حصته في رأس المال ما دام أن هذا الطلب لم يوافق عليه باقي الشركاء كتابة ( نقض مدني 13 ديسمبر سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 139 ص 975 ) . وانظر استئناف مختلط 28 مارس سنة 1918 م 30 ص 325 – 17 فبراير سنة 1913 م 25 ص 179 .

( [595] )          بون فقرة 661 – جيوارا فقرة 25 5 – بودري وفال 23 فقرة 242 – فقرة 244 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1940 ص 327 .

( [596] )          جيوار في البيع 2 فقرة 794 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 381 ص 46 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1049 – وقارن بودرى وفال 23 فقرة 232 .

( [597] )          استئناف وطني 15 يونيه سنة 1905 الاستقلال 4 ص 528 .

( [598] )          بودرى وفال 23 فقرة 237 ص 141 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1049 .

( [599] )          أنظر م 525 مدني ، وسيأتي بيان ذلك فيما يلي .

( [600] )          الرديف هو من يركب خلف الراكب ، أي أن الراكب يردفه خللافه . ولفظ croupier ( أي الرديف ) بالفرنسية يشير الىعادة قديمة عندما كان السفر على ظهور الخيل ، فيردف الفارس راكباً خلفه . ويستعمل اللفظ كثيراً في العاب الورق ونحوها ، فيشرك اللاعب رديفاً معه في الربح وفي الخسارة ( جيوار فقرة 263 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 328 هامش رقم 3 ) .

( [601] )          وقد نصت المادة 441 / 538 من التقنين المدني السابق على هذا الحكم إذ كانت تقول : " لا يجوز لأحد من الشركاء أن يسقط حقه في الشركة كله أو بعضه ، إلا إذا وجد شرط يقضي بذلك . وإنما يجوز له فقط أن يشكر في ارباحه غيره ، ويبقى هذا الغير خارجاً عن الشركة " . وليس في التقنين المدني الجديد نص مقابل ، ولكن الحكم يتفق مع القواعد العامة .

( [602] )          بودري وفال 23 فقرة 226 .

( [603] )          والرديف لا يكون مسئولا عن إعسار باقي الشركاء ، ولا يلزم إلا بمقدار فائدته من حصة الشريك الذي هو رديف له ( استئناف مختلط 31 ديسمبر سنة 1896 م ) ص 79 ) .

( [604] )          أنظر في كل ذلك بون فقرة 623 – فقرة 624 – لوران فقرة 338 – جيوار فقرة 262 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 381 ص 45 – بودري وفال 23 فقرة 226 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1050 - الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 473 .

( [605] )          استئناف وطني 24 ابريل سنة 1902 الحقوق 17 ص 90 – 28 مارس سنة 1905 الحقوق 20 ص 146 – 15 يونيه سنة 1905 الاستقلال 4 ص 528 .

( [606] )          استئناف مختلط 23 مارس سنة 1932 م 44 ص 244 .

( [607] )          تاريخ النصوص :

م 523 : ورد هذا النص في المادتين 706 و 707 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وفي لجنة المراجعة ادمجت المادتان في مادة واحدة ، وأصبح رقمها 551 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت عبارة " يقضي بغير ذلك " ، واستعيض عنها بعبارة " يعفى الشريك من المسئولية عن ديون الشركة " ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم 523 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 357 – ص 359 ) .

م 524 : ورد هذا النص في المادة 708 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة حور بعض تحويرات طفيفة فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 552 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 524 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 360 – ص 362 ) .

( [608] )          التقنين المدني السابق م 429 / 522 : ما يستحقه أحد الشركاء على الشركة واجب أداؤه له من جميع الشركاء ، فإن أعسر أحدهم وزع ما يخصه على باقي الشركاء .

م 443 / 540 : وإذا كان الشريك مأذوناً بالمعاملة مع الغير باسم الشركاء أو باسم الشركة ، كان كل واحد من الشركاء ملزماً لهذا الغير بحصة مساوية لحصة الآخر ، لا على وجه التضامن لبعضهم إلا إذ وجد شرط بخلاف ذلك .

م 444 / 541 : ولهذا الغير في كل الأحوال مطالبة كل من الشركاء بقدر حصته في الربح الحاصل من العمل . ( وأحكام التقنين السابق في مجموعها متفقة مع أحكام التقنين الجديد ، إلا أن فكرة الشخصية المعنوية للشركة لا تظهر ظهوراً واضحاً في نصوص التقنين القديم ) .

( [609] )           التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 491 – 492 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 516 ( مطابقة للفقرة الأولى من المادة 523 مصري ) .

م 517 : 1 – يجوز لدائني الشركة أن يتمسكوا بحقوقهم على أموالهم . ويكون الشركاء الذين تعاملوا باسم الشركة وعلىحسابها مسئولين بالتضامن شخصياً عن التزامات الشركة ، ويكون مسئولا أيضاً الشركاء الآخرون ما لم يوجد اتفاق يقضي بخلاف ذلك . 2 – ويجب أن يعني باعلام الغير بذلك الاتفاق بالطرق المفيدة ، وإلا فقد قوة الاحتجاج به على من لم يعلمه .

م 518 : عندما يطلب من الشريك الوفاء بديون الشركة ، يحق له أن يتمسك بتجريد أموال الشركة أولاً ، ولو كانت الشركة تحت التصفية ، مبيناً مقوماتها التي يستطيع الدائن استيفاء حقه منها بلا صعوبة .

م 519 : من دخل شريكاً في شركة تم تأسيسها يكون مسئولاً مع الشركاء الآخرين عن التزامات الشركة السابقة لاكتسابه صفة الشريك .

( ويختلف التقنين الليبي عن التقنين المصري : ( 1 ) في أن التقنين الليبي لم يذكر رجوع دائن الشركة على الأرباح التي حصل عليها الشريك من الشركة ، ولكن هذا الرجوع ليس إلا تطبيقاً لمبدأ الإثراء بلا سبب . ( 2 ) وفي أن التقنين الليبي جعل الشركاء مسئولين في مالهم الخاص إذا كانوا هم الذين تعاملوا مع الدائن وجعلهم متضامنين ، أما الشريك الذي لم يتعامل مع الدائن فيكون أيضاً مسئولا ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك ) .

التقنين المدني العراقي م 643 – 644 ( موافق – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 128 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 907 : لدائني الشركة أن يقموا الدعاوى على الشركة الممثلة في أشخاص مديريها وعلى الشركاء أنفسهم . على أن تنفيذ الحكم الذي يصدر في مصلحتهم يجب أن يتنازل أولاً مملوكات الشركة . وتكون لهم الأولية في هذه الأموال على دائني الشركة الخصوصيين .

م 908 : إذا لم تكف أموال الشركة ، امكنهم أن يرجعوا على الشركاء لاستيفاء ما بقى لهم من الدين على الشروط التي يقتضيها نوع الشركة . ويجوز حينئذ لكل من الشركاء أن يدلى ، تجاه الشركة ، بأوجه الدفاع المختصة به من وبالشركة أيضاً ، وتدخل المقاصة في ذلك .

م 906 : من يدخل في شركة مؤسسة يرتبط على القدر الذي يستلزمه نوعها بالموجبات التي عقدت قبل دخوله فيها وإن يكن اسم الشركة أو عنوانها قد تغير . وكل اتفاق مخالف يكون لغوا بالنظر إلى الغير .

أنظر أيضاً المواد 901 – 905 من تقنين الموجبات في العقود اللبناني .

( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [610] ) أنظر م 518 ليبي آنفاً فقرة 217 في الهامش .

( [611] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 357 – ص 358 .

( [612] ) وهذا هو الحكم حتى لو كان أحد هؤلاء الشركاء دخل الشركة بعد تأسيسها وكان حق الدائن على الشركة قد ثبت قبل دخول هذا الشريك ( أنظر م 519 ليبي آنفاً فقرة 217 في الهامش ) .

( [613] ) مصر 18 يناير سنة 1902 الحقوق 17 ص 37 .

( [614] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 358 .

( [615] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 358 .

( [616] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 358 .

( [617] ) تاريخ النص : ورد ذها النص في المادة 709 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 553 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 525 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 362 – ص 363 ) .

( [618] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 493 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 420 : 1 – يجوز لدائن الشريك الشخصي أن يتمسك بحقه في الأرباح المستحقة للمدين ما دامت الشركة قائمة ، وأن يتخذ الإجراءات التحفظية على الحصة التي تؤول لمدينه من التصفية . 2 – وإذا لم تكن أموال المدين الأخرى كافية لاتسفاء حقوقه ، فيجوز للدائن الشخصي أن يطالبه كذلك في أي وقت بتصفية حصة مدينه . ويجب أن تصفى الحصة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الطلب ما لم يتقرر حل الشركة .

م 521 : لا تجري المقاصة بين ما تطلبه الشركة من ديون على شخص أجنبي عن الشركة وما يطلبه هو من ديون على الشريك .

( والتقنين الليبي يختلف عن التقنين المصري في أن الدائن الشخصي للشريك يستطيع في التقنين الليبي إذا لم يجد وفاء لحقه في الأموال الخاصة لمدينه أن يطلب تصفية حصة هذا الشريك ) .

( والتقنين الليبي يختلف عن التقنين المصري في أن الدائن الشخصي للشريك يستطيع في التقنين الليبي إذا لم يجد وفاء لحقه في الأموال الخاصة لمدينه أن يطلب تصفية حصة هذا الشريك ) .

التقنين المدني العراقي م 645 ( مطابق ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 909 : لا يجوز لدائني أحد الشركاء الشخصين أن يستعملوا حقوقهم مدة قيام الشركة إلا في قسم هذا الشريك من الأرباح المحققة بحسب الموازنة ، لا في حصته في رأس المال . وبعد انتهاء الشركة أو حلها يحق لهم أن يستعملوا تلك الحقوق في حصته من ممتلكات الشركة بعد إسقاط الديون . بيد أنه يجوز لهم أن يلقوا حجزاً احتياطياً على هذه الحصة قبل كل تصفية .

( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [619] ) أنظر هذا المعنى م 521 من التقنين الليبي آنفاً فقرة 221 في الهامش .

( [620] ) وهذه الأحكام قد نصت عليها المادة 525 مدني سالفة الذكر . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا ما يأتي : " إذا قامت الشركة باستيفاء الوضع القانوني الصحيح ، كانت لها شخصية معنوية مستقلة عن الشركاء ، وذمة منفصلة عن ذممهم ، وأموال الشركة تعتبر ضماناً عاما لدائنيها وحدهم ، كما أن ذمة الشريك هي الضمان العام لدائنيه الشخصيين . وحقوق الشريك قبل الشركة ، إن كانت تدخل في ذمته ، إلا إنها مندمجة في الشركة . ويترتب على ذلك أنه لا يجوز لدائني الشريك أثناء قيام الشركة أن يزاحموا دائنيها ، فإذا ما انحلت الشركة وتمت التصفية جاز لدائني الشريك التنفيذ على حصته . وعلى أنه يجوز لدائني الشريك أثناء قيام الشركة : ( 1 ) أن ينفذوا بديونهم على حصته من الأرباح . ( 2 ) أن يتخذوا الإجراءات التحفظية ، سواء فيما يتعلق بنصيبه في الأرباح أو حصته في الشركة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 363 ) .

( [621] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 710 ( أو ب ) والمادة 771 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي م 710 ( أو ب ) " تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : ( ا ) بانقضاء الميعاد المحدد للشركة ( ب ) بانتهاء العمل الذي قامت الشركة من أجله – م 711 : " 1 – إذا مد أجل الشركة بعد انقضاء المدة المحددة لها ، كانت هناك شركة جديدة أما إذا حصل المد قبل انقضاء المدة المحددة كان ذلك استمراراً للشركة الأولى . 2 – إذا انقضت المدة المحددة للشركة ، أو انتهى العمل الذي قامت الشركة من أجله ، ثم استمر الشركاء يقومون بأعمال من نوع الأعمال التي تالفت لها الشركة ، كان هناك امتداد ضمني للشركة ، من سنة إلى سنة ، بالشروط الأولى ذاتها . 3 – يجوز لدائني أحد الشركاء أن يعترض على امتداد الشركة ويترتب على اعتراضه وقف أثر الامتداد في حقه " . وفي لجنة المراجعة عدلت هذه النصوص حتى أصبحت مطابقة لما استقرت عليه المادة 526 من التقنين المدني الجديد ، وذلك تحت رقم 554 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب فمجلس الشيوخ تحت رقم 526 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 365 – ص 366 – وص 370 – 371 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 445 / 542 أولاً وثانيا : تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية :

أولاً – بانقضاء الميعاد المحدد للشركة .

ثانياً – بانتهاء العمل الذي انعقدت الشركة لأجله . ( وأحكام التقنين السابق تتفق مع أحكام التقنين الجديد ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 494 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 522 ( ا و ب ) : تنحل الشركة للأسباب التالية :

( أ ) بانقضاء الميعاد المعين لها .

( ب ) ببلوغها غرضها المشترك أو استحالة تحقيقه .

م 523 : 1 – تمتد الشركة ضمناً ولأجل غير معين إذا استمر الشركاء في القيام بأعمال الشركة بعد انقضاء المدة التي عينت لها . 2 – ويجوز لدائن أحد الشركاء أن يعترض على هذا الامتداد ، ويترتب على اعتراضه وقف أثره في حقه . ( ويختلف التقنين الليبي عن التقنين المصري في أن التجديد الضمني في التقنين الليبي يجعل مدة الشركة غير معينة ، أما في التقنين المصري فيجعلها سنة فسنة ) .

التقنين المدني العراقي م 646 ( ا و ب ) و م 647 ( موافق – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 132 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 910 ( أولاً وثانيا ) : تنتهي الشركة : أولاً : بحلول الأجل المعين لها أو بتحقق شرط الإلغاء . ثانياً – إتمام الموضوع الذي عقدت لأجله أو باستحالة إتمامه .

م 912 : إن الشركة المنحلة حتما بانقضاء المدة المعينة لها أو بإتمام الغرض الذي عقدت لأجله ، بعد أجلها ممداً تمديداً ضمنياً إذا داوم الشركاء على الأعمال التي كانت موضوع الشركة بعد حلول الأجل المتفق عليه أو إتمام العمل المعقودة لأجله ، ويكون هذا التجديد الضمني سنة فسنة .

م 913 : يحق لدائني أحد الشركاء الخصوصيين أن يعترضوا على تمديد أجل الشركة . على أنه لا يكون لهم هذا الحق إلا إذا كان مبلغ دينهم معيناً بموجب حكم اكتسب صفة القضية المحكمة . وهذا الاعتراض يوقف حكم تمديد الشركة بالنظر إلى المعترضين ، ويجوز لسائر الشركاء أن يقرروا إخراج الشريك الذي من أجله وقع الاعتراض . وقد عينت المادة 918 مفاعيل هذا الإخراج . ( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها متفقة مع أحكام التقنين المصري ، إلا أن التقنين اللبناني يشترط لاعتراض دائن الشريك على تجديد الشركة تجديداً ضمنياً أن يكون بيده حكم قد كسب قوة الأمر المقضي ، ولا يشترط التقنين المصري ذلك ) .

( [622] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه وفقاً للمادة 445 من القانون المدني القديم تنتهي الشركة بانقضاء الميعاد المحدد لها بقوة القانون ، فإذا أراد الشركاء استمرار الشركة وجب أن يكون الاتفاق على ذلك قبل انتهاء الميعاد المعين في العقد ، أما إذا كانت المدة قد انتهت دون تحديد فلا سبيل إلى الاستمرار في عمل الشركة القديمة إلا بتأسيس شركة جديدة ، ولا يغير من ذلك أن يكون قد نص في عقد الشركة الجديدة على أن الغرض منها هو الاستمرار في الشركة السابقة ( نقض مدني 16 مايو سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 155 ص 1163 ) .

( [623] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 367 .

( [624] ) وقد تحدد مدة للشركة في عقد تأسيسها ، وينص في هذا العقد أنه إذا انقضت هذه المدة دون أن يخطر في وقت معين أحد الشركاء الآخرين بانتهاء الشركة امتدت الشركة إلى مدة أخرى مساوية للمدة الأولى . ففي هذه الحالة تمتد الشركة مدداً متوالية إلى أن يخطر أحد الشركاء الآخرين في الميعاد ابنتهاء الشركة ( استئناف مختلط 11 مارس سنة 1931 م 43 ص 289 ) . فإذا لم يكن هناك ميعاد محدد للإخطار ، جاز لكل شريك أن يخطر الباقي بانتهاء الشركة في أي وقت قبل انقضاء المدة ( استئناف مختلط 24 مارس سنة 1937 م 49 ص 163 ) .

( [625] ) بودري وفال 23 فقرة 375 - الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 517 – وقد يكون للشركة عمل معين وتتحدد لها مدة معينة على وجه تقريبي باعتبار أن هذا العمل لا يستغرق عادة مدة أطول ، فتبقى الشركة في هذه الحالة إلى أن ينتهي العمل ولو جاوز ذلك المدة المعينة ، لأن الاتفاق يجب تفسيره وفقاً لنية المتعاقدين . كذلك يكون للشركاء الاتفاق على تقصير الأجل ، فيتفقون على حل الشركة قبل انتهاء أجلها . وتنحل الشركة قبل حلول أجلها كذلك إذا اجتمعت كل الحصص في يد شخص واحد ( استئناف مختلط 18 مايو سنة 1949 م 61 ص 125 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 384 ص 63 – فورينيين فقرة 129 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1052 ص 331 – وتنص المادة 522 ( هـ ) من التقنين المدني الليبي على أنه : " تنحل الشركة للأسباب التالية . . . ( هـ ) إذ زال تعدد الشركاء ولم يكون من جديد خلال ستة أشهر " . أنظر ف يكل ذلك المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 367 .

( [626] ) ولكن تسرى القواعد العامة في الإثبات ( بودري وفال 23 فقرة 373 ) .

( [627] ) أنظر م 526 / 2 مدني ، ويلاحظ أن هذا النص يقول : " امتد العقد " ، والمقصود أنه يتجدد .

( [628] ) أنظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش – وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " هذا النص خاص بالشركات المحددة المدة . وقد اهتم المشروع ، تفادياً للنزاع القائم في الفقه والقضاء ، بتحديد الحالات التي يمتد فيها عقد الشركة ، وتلك التي ينتهي فيها وتقوم بدلها شركة جديدة . . . فتستمر الشركة الأولى قائمة إذا كان الامتداد قد حصل قبل انقضاء الأجل المتفق عليه . فإن كان قد اتفق على الامتداد ( اقرأ التجديد ) بعد انقضاء المدة المحددة ، فإن الشركة التي تقوم بعد ذلك هي شركة جديدة متميزة عن الأولى ، لأن انقضاء الشركة يقع بحكم القانون بمجرد حلول أجلها . كذلك في حالة امتداد ( اقرأ التجديد ) الضمني عن طريق الاستمرار في العمليات بعد انتهاء المدة ، تقوم شركة جديدة بنفس الشروط ، كما هو الحال بالنسبة للإيجار المجدد . . ولكن النص يحدد مدة الشركة الجديدة بسنة واحدة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 369 – ص 370 ) .

( [629] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص ما يأتي : " والفقرة الثالثة مقتبسة من المادة 893 من تقنين طنجة والمادة 913 من التقنين اللبناني . وإذا كان دائن الشريك لا يستطيع قبل حصول القسمة ( اقرأ التصفية ) أن ينفذ بحقه على نصيب الشريك ، فلا أقل من أن نسمح له بان يمنع الشريك من أن يؤخر استعماله لحقه في التنفيذ على أموال المدين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 370 ) .

( [630] ) تاريخ النص : ورد ذها النص في المادة 710 ( ج ) والمادة 712 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي :

م 710 ( ج ) : " تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : . . . ( ج ) بهلاك جميع مال الشركة أو هلاك جزء كبير منه بحيث لا تبقى هناك فائدة في بقاء الشركة " . م 712 : " 1 – إذا كان أحد الشركاء قد تعهد أن يقدم إلى الشركة شيئاً معيناً بالذات ، وهلك هذا الشيء قبل تقديمه إلى الشركة ، أصبحت الشركة منحلة في حق جميع الشركاء . 2 - وتنحل الشركة أيضاً في جميع الأحوال بهلاك الشيء المعين إذا كان ما قدمه الشريك هومجرد الانتفاع بذلك الشيء مع احتفاظه بالملكية لنفسه " . وفي لجنة المراجعة عدل النص فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 555 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 527 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 372 – ص 374 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 445 / 542 ثالثاً : تنتهي الشركة بأحد الأمور الاتيةك ( ثالثاً ) بهلاك جميع مال الشركة أو هلاك معظمه بحيث لا تمكن إدارة عمل نافع بالباقي . ( وأحكام التقنين السابق تتفق مع أحكام التقنين الجديد ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 495 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 522 ( ج ) : تنحل الشرة للأسباب الآتية : ( ج ) بهلاك مالها كالياً أو بقدر جسيم بحيث لا تبقى فائدة في استمرارها .

م 527 . . . 2 – وكذلك يجوز فصل الشريك إذا قدم حصته عملا في الشركة أو على أساس الانتفاع بشيء ما إذا أصبح غير صالح للقيام بعمله أو هلك الشيء الذي قدمه لسبب خارج عن المديرين . 3 – كما يجوز فصل الشريك الذي التزم بتقديم ملكية شيء إذا هلك ذلك الشيء قبل اكتساب ملكيته من قبل الشركة . ( ويختلف التقنين الليبي عن التقنين المصري في أن التقنين الأول يقضي بأنه إذا هلكت حصة الشريك قبل تسليمها أو هلك الشيء المنتفع به ولو بعد تسليمه ، فإن الشريك وحده هو الذي يفصل ولا تنحل الشركة ) .

التقنين المدني العراقي 646 ( ج ) : تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : ( ج ) بهلاك جميع مال الشركة أو بهلاك جزء كبير منه بحيث لا تبقى هناك فائدة من بقاء الشركة . ( وأحكام التقنين العراقي تتتفق مع أحكام التقنين المصري – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 136 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 910 ( ثالثاً ) : تنتهي الشركة . . ( ثالثاً ) بهلاك المال المشترك أو بهلاك قسم وافر منه لا يتسنى بعده القيام باستثمار مفيد .

م 911 : إذا قدم أحد الشركاء للشركة حق الانتفاع بشيء معين ، فهلاك هذا الشيء قبل تسليمه أو بعده يقضى بحل الشركة بين الشركاء . ويجرى حكم هذه القاعدة عندما يستحيل على الشريك الذي وعد بتقديم صنعته أن يقوم بالعمل . ( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [631] ) حتى لو لم يكن هناك خطأ أو تقصير أو سوء إدارة من أحد ( استئناف مختلط 2 يناير سنة 1935 م 47 ص 82 ) .

( [632] ) إذ قد تعوض عن الهلاك كما لو كانت مؤمنة على المال فتقبض مبلغ التأمين ، أو اكن هناك مسئول عن هلاك المال فترجع عليه الشركة بالتعويض .

( [633] ) استئناف مختلط 29 ابريل سنة 1935 م 37 ص 379 .

( [634] ) بودري وفال 23 فقرة 379 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1053 ص 332 .

( [635] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 367 .

( [636] ) أما إذا كان ما قدمه الشريك هو تمكين الشركة من الانتفاع بالشيء المعين بالذات ، ( وهو التزام شخصي بالقيام بعمل ) ، فإن الشركة تنحل إذا هلك هذا الشيء ، سواء كان الهلاك قبل تسليمه للشركة أو بعد التسليم . ذلك أن الشريك في الحالتين يتحمل تبعة الهلاك ، فلا يعود ، بعد الهلاك ولو بعد التسليم ، مساهماً بحصة في رأس المال ، فتنحل الشركة . وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن نصاً خاصاً في هذا المعنى هو الفقرة الثانية من المادة 712 من هذا المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " وتنحل الشركة أيضاً في جميع الأحوال بهلاك الشيء المعين ، إذا كان ما قدمه الشريك هو مجرد الانتفاع بذلك الشيء ، مع احتفاظه بالملكية لنفسه " ( أنظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش ) . وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص : " والفقرة الثانية خاصة بحصة الشريك التي تكون مجرد الانتفاع بمال ما ، مع احتفاظه بالملكية . في هذه الحالة يكون على الشريك التزام مستمر هو أن يمكن الشركة من الانتفاع بالشيء المدة المتفق عليها ، فإذا هلك الشيء أصبح مستحيلا عليه الوفاء بالتزامه هذا ، وتنعدم حصته في الشركة . وعلى ذلك تنحل الشركة في كل الحالات ، سواء أكان الهلاك بعد تقديم الشيء للشركة أم قبل ذلك ، ما دام الهلاك قد حصل بقوة قاهرة ، كما هو الحال بالنسبة لانتهاء الإيجار لهلاك العين المؤجرة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 374 ) .

كذلك تنحل الشركة إذا كانت حصة أحد الشركاء عملا وعجز الشريك ، قبل قيام الشركة أو بعد قيامها ، من أن يقوم بهذا العمل ( أنظر م 527 / 2 ليبي و م 919 لبناني آنفاً نفس الفقرة في الهامش ) .

أما إذا كانت حصة الشريك حقاً عينياً هو حق المنفعة في الشيء ، فهلاك الشيء قبل التسليم يكون على الشريك وتنحل الشركة ، وهلاكه بعد التسليم يكون على الشركة ولا تنحل ( بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1054 ) .

( [637] ) استئناف مختلط 17 يناير سنة 1917 م 29 ص 156 – وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 373 – أنظر آنفاً فقرة 656 .

( [638] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 710 ( د ) والمادة 713 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : م 710 ( د ) :

 " تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : . . . . ( د ) بموت أحد الشركاء أو بالحجر عليه أو بانهاء إعساره أو إفلاسه أو بتصفية أمواله تصفية قضائية " – م 713 : " يجوز الاتفاق على أنه إذا مات أحد الشركاء أو أشهر إفلاسه أو إعساره أو صفيت أمواله تصفية قضائية أو انسحب من الشركة ، فإن الشركة تستمر بين الباقي من الشركاء ، وفي هذه الحالة لا يكون لهذا الشريك أو ورثته إلا نصيبه في أموال الشركة ، وبقدر نصيبه حسب قيمته وقت وقوع الحادث الذي أدى إلى خروجه من الشركة ، ويدفع إليه نقداً . ولا يكون له نصيب فيما يستجد بعد ذلك من حقوق إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة من علميات سابقة على ذلك الحادث " . وفي لجنة المراجعة عدل النص فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 556 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . ووافقت عليه لجنة مجلس الشيوخ ، وقد جاء في ملحق لتقريرها ما يأتي : " اقترح أن تضاف إلى الفقرة الثانية من المادة 528 عبارة : ما لم تر الجهة المختصة بالنظر في شؤون القصر غير ذلك ، توخياً لحماية حقوق ناقص الأهلية . ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح ، لأن جواز الاتفاق على استمرار الشركة مع ورثة الشريك مسألة مبدئية يجب أن يفصل فيها لذاتها أولاً . وما من شك في أن الاتفاق على استمرار الشركة مع ورثة الشريك مسألة مبدئية يجب أن يفصل فيها لذاتها أولاً . وما من شك في أن الاتفاق على استمرار الشركة مع البالغين من ورثة الشريك جائز ولا اعتراض عليه ، فالوارث يؤول إليه من مورثه حقه في الشركة لا في الأعيان والاموال المملوكة للشركة ، مادامت فكرة التشخيص المعنوي للشركات قد تقررت . وهذا الوضع لا ينبغي أن يتغير بسبب قصر ورثة الشريك ، وفي الإجراءات المقررة في قانون المحاكم الحسبية والأحكام الأخرى الواردة في باب الشركات ما يكفل حمايتهم . على أنه يلاحظ أن هذا الحكم لا يسري إلا باتفاق خاص . والشريك لا يرتضى ذلك إلا إذا كان لديه من الاعتبارات ما يجعله مطمئناً إلى مستقبل وارثه . أما ترك الأمر لتقدير الجهة المختصة بالنظر في شؤون القصر ، فلا يتمشى مع استقرار التعامل " . ثم وافق مجلس الشيوخ على النص تحت رقم 528 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 376 و ص 378 – ص 381 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 445 / 542 ( رابعاً ) : تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : . . . ( رابعاً ) بموت أحد الشركاء أو بالحجر عليه أو بإفلاسه إذا لم يشترط في عقد الشركة شيء في شأن ذلك ، مع عدم الإخلال بالأصول الخصوصية المتعلقة بالشركات التجارية التي لا تنفسخ بموت أحد الشركاء الغير المتضامن أو إفلاسه أو الحجر عليه . ( وأحكام التقنين السابق تتفق مع أحكام التقنين الجديد ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 496 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 525 : في حالة وفاة شريك يجب على الشركاء الآخرين أن يصفوا حصة الورثة ، ما لم يفضلوا حل الشركة أو الاستمرار فيها مع الورثة أنفسهم إذا وافقوا عليه ، ما لم يوجد نص في عقد الشركة يقضي بخلاف ذلك .

م 528 : 1 – يفصل بقوة القانون كل شريك أشهر إفلاسه . 2 – وكذلك يفصل بقولة القانون كل شريك تحصل دائن من دائنيه الخصوصيين على تصفية حصته بمقتضى المادة 520 . وانظر أيضاً المادة 529 وسيأتي ذكرها ( أنظر ما يلي فقرة 711 في الهامش ) .

( ويختلف التقنين الليبي في أن الإفلاس أو الإعسار لا تنحل به الشركة ، ولكن يفصل الشريك المفلس أو المعسر وتبقى الشركة قائمة بين سائر الشركاء . وجعل التقنين الليبي الحجر على أحد الشركاء سببا في فصله : أنظر م 527 / 1 ليبي ) .

التقنين المدني العراقي م 646 ( د ) : تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : . . . ( د ) بموت أحد الشركاء أو بالحرج عليه أو باشهار إفلاسه . م 648 ( موافقة للفقرتين 2 , 3 من المادة 528 مصري ) . ( وأحكام التقنين العراقي تتفق مع أحكام التقنين المصري : أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 137 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 910 ( رابعاً وخامساً ) : تنتهي الشركة : . . . ( رابعاً ) بوفاة أحد الشركاء أو بإعلان غيبته أو بالحجر عليه لعلة عقلية ، ما لم يكن هناك اتفاق على استمرا الشركة مع ورثته أو من يقوم مقامه أو على استمرارها بين الأحياء من الشركاء . ( خامساً ) بإعلان إفلاسه أحد الشركاء أو تصفيته القضائية .

م 916 : إذا نص على أن الشركة تداوم بعد وفاة أحد الشركاء على أعمالها مع ورثته ، فلا يكون لهذا النص مفعول إذا كان الوارث فاقد الأهلية . على أنه يحق للقاضي ذى الصلاحية إني أذن للقاصرين أو لفاقدي الأهلية في مواصلة الشركة إذا كان لهم في ذلك مصلحة ذات شأن ، وأن يأمر في هذه الحالة بجميع التدابير التي تقتضيها الظروف لصيانة حقوقهم .

م 918 : في الحالة المنصوص عليها في المادة 914 وفي جميع الأحوال التي تنحل فيها الشركة بسبب وفاة أحد الشركاء أو غيبته أو الحجر عليه أو إعلان عدم ملاءته أو بسبب قصر أحد الورثة ، يجوز لسائر الشركاء أن يداوموا على الشركة فيما بينهم باستصدار حكم من المحكمة يقضي بإخراج الشريك الذي كان السبب في حل الشركة . وفي هذه الحالة يحق للشريك المخرج أو لورثة المتوفى أو غيرهم من الممثلين القانونيين للمتوفى أو المحجور عليه أو الغائب أو المعسر ، أن يستوفوا نصيب هذا الشريك من مال الشركة ومن الأرباح بعد أن تجرى تصفيتها في اليوم الذي تقرر فيه الإخراج . ولا يشتركون في الأرباح والخسائر التي تحصل بعد هذا التاريخ إلا بقدر ما تكون ، أي الأرباح والخسائر ، نتيجة ضرورية مباشرة للأعمال التي سبقت إخراج الشريك الذي يخلفونه أو غيبته أو وفاته أو إعساره . ولا يحق لهم المطالبة بأداء نصيبهم إلا في التاريخ المعين للتوزيع بمقتضى عقد الشركة .

م 920 : إن ورثة الشريك المتوفى ملزمون بالموجبات التي تترتب على ورثة الوكيل .

( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها متفقة مع أحكام التقنين المصري ، إلا أن التقنين اللبناني يتطلب إذناً من الجهة المختصة لجواز استمرار ورثة الشريك القصر في الشركة ، وينص على أن الحجر يكون لعلة عقلية ، وينص على الغيبة ، ويستلزم استصدار حكم من المحكمة لإخراج الشريك الذي كان السبب في حل الشركة حتى يتمكن باقي الشركاء من استبقاء الشركة فيما بينهم . ويلزم ورثة الشريك المتوفى بما يلزم به ورثة الوكيل ) .

( [639] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه وإن كان المقرر قانوناً أن شركة الأشخاص تنقضي بوفاة أحد الشركاء ، فإن المقرر لعما وعملا أنه عقب الوفاة يجب تعيين مصف للشركة ، فإن لم يعين كان باقي الشركاء هم المصفون لها . ويحدث هذا خصوصاً إذا كانت الشركة مكونة من شخصين ، فوفاة أحدهما تجعل الثاني مصفياً لها . فإن استمر الثاني في أعمال الشركة ولم يصفها فهو مسئول عن عمله هذا ، ولورثة الشريك الحق في التصديق على تصرفه أو في عدم اجازته . فإذا لم تتم التصفية تعتبر الشركة قائمة بين الشركاء أو بين ورثتهم من قبيل التجاوز للمصلحة ، وإلا ضاعت حقوق الشركاء ( 21 نوفمبر سنة 1940 المجموعة الرسمية 43 رقم 60 ) .

( [640] ) استئناف مصر 12 نوفمبر سنة 1942 المجموعة الرسمية 43 رقم 164 .

( [641] ) بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1058 ص 34 – ص 341 .

( [642] ) وقد يبقى الشركاء في الشركة بعد موت أحدهم ، فيكون هذا منهم اتفاقاً ضمنياً على بقاء الشركة ، فتكون الشركة قد انحلت بالموت تم حصل اتفاق ضمني على استمرارها بين الشركاء ( قارن محكمة الإسكندرية الوطنية 19 ديسمبر سنة 1930 الجريدة القضائية رقم 152 ص 13 ) .

( [643] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 368 – ص 369 .

( [644] ) استئناف مختلط 14 مارس سنة 1923 م 35 ص 293 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ SOCIETE CIVILE فقرة 149 – وينقسم النصيب على الورثة إلا إذا نص عقد الشركة إني كون غير قابل للانقسام بالنسبة إلى الشركة : بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 3081 .

( [645] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 368 وص 377 .

( [646] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه لا يصح القول باستمرار الشركة بعد وفاة احدالشركاء إلا باتفاق صريح ، أو إذا كانت طبيعة عمل الشركة والغرض من إنشائها يتحتم معه استمرارها رغم موت أحد الشركاء حتى يتم العمل الذي أنشئت من أجله . واذن فإذا قال الحكم باستمرار الشركة بناء على أن الاتفاق على استمرارها مستفاد من الفكرة في إنشاء المحل التجراي الذي هومحلها والغرض الذي توخاه الشريكان ونوع التجارة وما بين الشريكين من صلة الأخوة والثقة المتبادلة إلخ إلخ ، فكل ما قاله من ذلك لا يصح أن يترتب عليه وجوب استمرار الشركة ، وخصوصاً إذا كان من بين ورثة الشريك المتوفى قصر لا أهلية لهم ( نقض مدني 27 ابريل سنة 1944 مجموعة عمر رقم 125 ص 338 ) .

( [647] ) أنظر ملحق تقرير مجلس الشيوخ في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 380 – ص 381 – وانظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش – بودري وفال 23 فقرة 394 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1058 – وإذا استمر أحد الورثة دون الباقي ، كان استمراره هذا ساريا ً عليه وحده لا على سائر الورثة إلا إذا قبل هؤلاء ( استئناف وطني 13 ابريل سنة 1899 الحقوق 14 ص 538 ) . و قد ينص على أن الشركة تبقى مع أحد الورثة أو بعضهم دون الباقي ، فيصح ذلك ويكون هذا اشتراطاً لمصلحة هؤلاء الورثة إذا اقروه نفد ، ولا يجبرون عليه وإلا كان ذلك تعاملا في تركة مستقبلة ( بلانيول ويبير وبولانجيه 2 فقرة 3098 ) .

( [648] ) وقد ينص في عقد الشركة أنه عند موت أحد الشركاء يكون باقي الشركاء بالخيار ، إما في حل الشركة ، وإما في بقائها فيما بينهم وحدهم ، وإما في بقائها مع ورثة الشريك الذي مات ( بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1060 ) .

( [649] )          أنظر في تقدير النصيب بحسب آخر جرد بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1057 ( 2 ) – فقرة 1057 ( 5 ) .

( [650] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 377 – ص 378 .

( [651] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " والحجر أيضاً يترتب عليه بحكم القانون انحلال الشركة ، ويستوى في ذلك أن يكون الحجر قانونياً بناء على عقوبة جنائية أو قضائياً لعته أو جنون أو سفه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 368 ) .

وانظر أيضاً بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1061 .

( [652] ) وكالإفلاس التصفية القضائية ( بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1062 – بودري وفال 23 فقرة 424 ) . وإذا أفلس أحد الشريكين فانحلت الشركة بإفلاسه قبل ميعادها ، جاز للشريك الآخر الرجوع عليه بتعويض لأنه تسبب في حل الشركة قبل الميعاد ( استئناف مختلط 27 ديسمبر سنة 1899 م 12 ص 53 ) .

( [653] ) ويجوز في فرنسا الاتفاق على بقاء الشركة بين كل الشركاء بالرغم من الحجر على أحدهم ، ويمثل المحجور عليه القيم ( بودري وفال 23 فقرة 418 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1061 ) .

( [654] ) بودري وفال 23 فقرة 407 – فقرة 408 .

( [655] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 710 ( هـ - و – ز ) من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : . . ( هـ ) بانسحاب أحد الشركاء إذا كانت مدة الشركة غير محددة ، على أن يعلن الشريك إدارته في الانسحاب وأن يتم هذا الإعلان قبل الانسحاب بثلاثة أشهر ، وعلى إلا يكون الشريك قد انسحب عن غش أو في وقت غير لائق . ( و ) بإجماع الشركاء على حلها . ( . ) بحكم قضائي يصدر بحل الشركة " . وفي لجنة المراجعة عدل النص فأصبح متفقاً مع مااستقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع بقى يتضمن وجوب أن يتم إعلان إرادة الشريك في الانسحاب قبل الانسحاب بثلاثة أشهر ، وصار النص رقمه 557 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النوا بز وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت مدة الثلاثة الأشهر واكتفى بان الشريك الذي يريد أن ينسحب قبل الانسحاب بثلاثة أشهر ، وصار النص رقمه 557 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت مدة الثلاثة الأشهر واكتفى بأن الشريك الذي يريد أن ينسحب من شركة غير معينة المدة يعلن انسحابه إلى سائر الشركاء قبل حصوله دون تقيد بزمن ، على إلا يكون الانسحاب واقعاً عن غش أو في وقت غير لائق ، لأن قيد المدة قد يكون مرهقاً لا يتفق مع قواعد العدالة ، وصار النص بذلك مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 529 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 382 – ص 384 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 445 / 541 ( خامساً وسادساً ) : تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : ( خامساً ) بإرادة أحد الشركاء . ( سادساً ) بانفصال أحد الشركاء من الشركة إذا كانت مدة الشركة ليست معينة ، بشرط إلا يكون هذا الانفصال مبنياً على غش ولا في غير الوقت اللائق له . ( وأحكام التقنين السابق تتفق مع أحكام التقنين الجديد ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 497 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 522 ( د ) : تنحل الشركة للأسباب الآتية : . . . ( د ) بإجماع الشركة على حلها .

م 526 : 1 - يجوز لكل شريك أن ينسحب من الشركة إذا كانت مدتها غير محددة بزمن أو موقوفة على حياة أحد الشركاء . 2 – ويجوز له أيضاً أن ينسحب من الشركة في الأحوال التي ينص عليها عقد الشركة أو إذا ظهر سبب مبرر لذلك . وفي الحالتين المنصوص عليهما في الفقرة الأولى من هذه المادة يجب على الشريك أن يعلن ارادته إلى الشركاء الآخرين قبل ثلاثة أشهر على الأقل من انسحابه . ( وأحكام التقنين الليبي في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصري ، فيما عدا أن التقنين الليبي يجعل ميعاد إعلان الانسحاب ثلاث أشهر ) .

التقنين المدني العراقي م 646 ( هـ - و ) : تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : . . . ( هـ ) بانسحاب أحد الشركاء من الشركة إذا كانت مدة الشركة غير محددة ، على أن يعلن الشريك إدارته في الانسحاب لسائر الشركاء قبل حصوله بثلاثة أشهر ، وعلى إلا يكون انسحابه عن غش أو في وقت غير مناسب . ( و ) بإجماع الشركاء على حلها . ( وأحكام التقنين العراقي تتفق مع أحكام التقنين المصري فيما عدا أن التقنين العراقي استبقى مدة إعلان الانسحاب ثلاثة أشهر – أنظر الأستاذ حسن الذنون ص 145 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 910 ( سادساً وسابعاً ) : تنتهي الشركة . . . ( سادساً ) باتفاق الشركاء ، ( سابعاً ) بعدول شريك أو أكثر ، إذا كانت مدة الشركة غير معينة بمقتضى العقد أو بحسب ماهية العمل الذي جعل موضوعاً للشركة .

م 915 – إذا لم يكن مدة الشركة معينة بمقتضى العقد أو بحسب ماهية العمل ، كان لكل من الشركاء أن يعدل عن الشركة بابلاغه هذا العدول إلى سائر الشركاء ، بشرط أن يكون صادراً من نية حسنة وألا يقع في وقت غير مناسب . لا يعتبر العدول صادراً عن نية حسنة إذا كان الشريك الذي عدل يقصد الاستئثار بالمنفعة التي كان الشركاء عازمين على اجتنائها بالاشتراك ، ويكون العدول واقعاً في وقت غير مناسب إذا حصل بعد الشروع في الأعمال فأصبح من مصلحة الشركة أن يؤجل انحلالها ، وفي جميع الأحوال لا يكون للعدول مفعول إلا منذ انتهاء سنة الشركة ، ويجب أن يصرح به قبل هذا التاريخ بثلاثة أشهر على الأقل ، ما لم يمكن ثمة أسباب هامة . وانظر أيضاً م 919 فيما يلي فقرة 238 في الهامش .

( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصري ، إلا أن التقنين اللبناني يحدد مدة إعلان الانسحاب ثلاثة أشهر أو يجعل الانسحاب لا يتم إلا بعد انتهاء سنة الشركة التي تم فيها الإعلان ، وذلك ما لم يكن ثمة أسباب هامة ) .

( [656] ) لوران فقرة 396 – جيوار فقرة 332 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 384 ص 64 . الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 533 – عكس ذلك بودري وفال 23 فقرة 438 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1063 ص 345 .

( [657] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 368 – وانظر أيضاً لوران فقرة 359 – جيوار فقرة 324 وما بعدها – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 384 ( 13 و 14 ) – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1063 – فورنييه فقرة 127 – وانظر عكس ذلك بودري وفال 23 فقرة 440 – فقرة 441 .

( [658] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 368 – ص 369 – وانظر عكس ذلك بودري وفال 23 فقرة 446 .

( [659] )  استئناف مختلط 3 ديسمبر سنة 1890 م 3 ص 43 – بني سويف أول يونيه سنة 1925 المحاماة 6 رقم 445 / 3 ص 731 – فإذا لم تتوافر هذه الشروط لا يكون لانسحاب الشريك من أثر ، ويبقى بالرغم من انسحابه شريكا ( جوسران 2 فقرة 1339 ) .

( [660] ) جيوار فقرة 331 – بودري وفال 23 فقرة 453 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1064 .

( [661] ) ولما كان إعلان الانسحاب تعبيراً عن الإرادة ، فهوتصرف قانونين يشترط لاثباته الكتابة أو ما يقوم مقامها فيما يزيد على عشرة جنيهات ( جيوار فقرة 33 – لوران 26 فقرة فقرة 399 – وقارن بودري وفال 23 فقرة 452 – فقرة 353 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1064 ) .

( [662] ) أنظر أيضاً م 526 ليبي و م 915 لبناني آنفاً نفس الفقرة في الهامش .

( [663] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 383 – ص 384 – وانظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش .

( [664] ) جيوار فقرة 328 – بودري وفال 23 فقرة 449 – وفي هذا المعنى تقول المادة 915 / 2 لبناني : " لا يعتبر العدول صادراً عن نية حسنة إذا كان الشريك الذي عدل يقصد الاستئثار بالمنفعة التي كان الشركاء عازمين على اجتنائها بالاشتراك " ( أنظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش ) . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ولم يحدد المشروع حسن النية بل ترك تقديره للظروف ، ومن المقرر في هذا الصدد أن الشريك لا يعتبر حسن النية إذا كان لم ينسحب من الشركة إلا لكي يتمكن من الانفراد بربحها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 369 ) .

( [665] ) وتقول المادة 915 / 3 لبناني في هذا المعنى : " ويكون العدول واقعاً في وقت غير مناسب إذا حصل بعد الشروع في الأعمال ، فأصبح من مصلحة الشركة أن يؤجل انحلالها " ( أنظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش ) . وتقو المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " . . . . ألا يحصل الانسحاب في وقت غير لائق إذا حدث مثلا إبان أزمة ، أو أثناء الفترة الأولى لاستقرار الشركة وقبل حصولها على أرباح قريبة منتظرة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 369 ) . وانظر بودري وفال 23 فقرة 450 . ومن يدعى من الشركاء أن انسحاب الشريك كان في وقت غير لائق أو أن انسحابه لم يكن بحسن نية يحمل عبء الإثبات ( بودري وفال 23 فقرة 451 مكررة ) .

( [666] ) أنظر آنفاً فقرة 231 .

( [667] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 369 – وانظر أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 384 ص 65 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1063 ص 345 .

( [668] ) أنظر آنفاً فقرة 228 .

( [669] ) واجماع الشركاء على حل الشركة هو تفاسخ من الشركة للشركة ، ويثبت وفقاً لقواعد الإثبات . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت القرائن التي استفادت منها محكمة الموضوع أن شركة فسخت عقب صدورها قد ورددت بين الطرفين وسلم بها كل منهما ، فلا تكون المحكمة قد خالفت قواعد الإثبات باعتمادها على القرائن في إثبات التفاسخ الضمني بين الشركاء ، خصوصا إذا كان الخصم لم يمانع خصمه في إثبات العدول عن التشارك أو فسخ الشركة بالقرائن ، فإن هذا وحده يسقط حقه في الطعن على الحكم بتلك المخالفة ( نقض مدني ) يناير سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 313 ص 1040 ) .

( [670] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 714 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 558 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 530 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 385 – ص 386 ) .

( [671] ) التقنين المدني السابق م 446 / 543 : يجوز للمحاكم أن تفسخ الشركة بطلب أحد الشركاء لعدم وفاء شريك آخر بما تعهد به ، أو لوقوع منازعة قوية بين الشركاء تمنع جريان اشغال الشركة ، أو لأي سبب قوي آخر غير ذلك .

( وأحكام التقنين المدني السابق تتفق مع أحكام التقنين المدني الجديد ) .

( [672] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 498 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 524 : يجوز أن تنطق بحلى الشركة السلطة القضائية بناء على طلب أحد الشركاء ، وذلك إذا أخل الشركاء الآخرون بواجباتهم أو الأسباب جسيمة أخرى لا يد للشركاء فيها . ويقع باطلا كل شرط يقضي بخلاف ذلك .

( وأحكام التقنين الليبي تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 649 : يجوز للمحكمة أن تحل الشركة بناء على طلب الشركاء لعدم وفاء شريك بما تعهد به ، أو لأي سبب آخر تقدر المحكمة أن له من الخطورة ما يسوغ حل الشركة . ويكون باطلا كل اتفاق يقضي بغير ذلك . ( وأحكام التقنين العراقي تتفق مع أحكام التقنين المدني – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 150 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 914 : يحق لكل من الشركاء أن يطلب حل الشركة حتى قبل الأجل المعين ، إذا كان هناك أسباب مشروعة كقيام اختلافات هامة بين الشركاء ، أو عدم إتمام أحدهم أو عدة منهم للموجبات الناشئة عن العقد ، أو استحالة قيامهم بها . ولا يجوز للشركاء أن يعدلوا مقدما عن حقهم في طلب حل الشركة في الأحوال المنصوص عليها في هذه المادة ( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [673] ) ويستوى أن تكون الشركة محددة المدة أو تكون مدتها غير محددة ، ولا يغني في الحالة الأخيرة حق الشريك في الانسحاب عن حقه في طلب الفسخ القضائي ( بودري وفال 23 فقرة 458 ) . وإذا اشترط في عقد شركة أن من يطلب فسخ العقد بلا سبب يكون ملزماً بدفع مبلغ بصفة تعويض ، فهذا التعويض لا يكون واجباً على الذي فسخ العقد بسبب مخالفات أو خيانة صدرت من شريك آخر إضراراً بالشركة ( استئناف وطني 15 نوفمبر سنة 1904 الاستقلال 14 ص 40 ) .

( [674] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان يبين من نصوص عقد الشركة أن الشركة قد تكونت فعلا منذ حرر عقدها وأصبح لها كيان قانونين وقامت فور توقيع الشركاء على العقد المنشيء لها ، كما باشرت نشاطها من اليوم المحدد في العقد ، فإن الشرط الوارد بالعقد والذي يقضي بأنه في حالة تخلف أحد الشركاء عن دفع حصته في رأس المال في الموعد المحدد تسقط حقوقه والتزامات 8 – هذا الشرط لا يعدو أن يكون شرطاً فاسخاً يترتب على تحققه لمصلحة باقي الشركاء انفصال الشريك المتخلف من الشركة قضاء أو رضاء ، ولا يعتبر قيام الشركة معلناً على شرط واقف وهو قيام الشركاء بالدفع . وعلى ذلك فإن تحقق الشرط الفاسخ لا يؤدى إلى انفساخ العقد ما دام أن من شرع لمصلحته هذا الشرط لم يطلب الفسخ ( نقض مدني 13 ديسمبر سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 139 ص 975 ) .

( [675] ) بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1065 ص 349 .

( [676] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 385 – ص 386 – بودري وفال 23 فقرة 468 وفقرة 472 – فورنييه فقرة 128 ص 146 .

( [677] ) بودري وفال 23 فقرة 464 – فورنييه فقرة 128 .

( [678] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 385 – واضطراب الحالة المالية للشركة ، وانعدام الأرباح ، وانعدام النقد اللازم لتسيير أعمال الشركة ، كل ذلك يصح أن يكون سبباً للحق القضائي ( بودري وفال 23 فقرة 462 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1065 ص 348 – فورنييه فقرة 128 ) .

( [679] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 385 – بودري وفال 23 فقرة 469 وفقرة 472 ) .

( [680] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعنى : " وإذا حكم القاضي بالفسخ ، فإنه خلافاً للقواعد العامة لا يكون له أثر رجعي . والشركة إنما تنحل بالنسبة للمستقبل ، أما قيامها وأعمالها في الماضي فإنها لا تتأثر بالحل " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 386 – وانظر أيضاً بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1065 ص 350 ) .

( [681] ) بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1065 ص 350 – قارن بردري وفال 23 فقرة 467 .

( [682] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 384 ص 67 – بودري وفال 23 فقرة 470 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1065 ص 349 . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وحق الشريك في طلب الحل القضائي لوجود مبرر شرعي يدعو إليه يعتبر من الحقوق المتعلقة بالنظام العام ، ولذلك لا يجوز التنازل عنه قبل وقوع سببه ، ويكون باطلا كل اتفاق يحرم الشريك من هذا الحق . كما يلاحظ أيضاً أن هذا الحق شخصي محض ، فلا يستطيع دائنو الشريك ، ولا دائنو الشركة ، طلب الحل بناء على هذا النص " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 386 ) . فادائنو الشركة لا يستطيعون أيضاً طلب حلها قضائياًن ولكن لهم أن ينفذوا بحقوقهم على أموالها ، وأن يشهروا إفلاسها أو إعسارها ( الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 537 ص 605 – أنظر عكس ذلك فورنييه فقرة 128 ص 146 ) .

( [683] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 715 من المشروع التمهيدي مقصوراً على القرة الأولى منه . وفي لجنة المراجعة أضيفت الفقرة الثانية . وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 599 في المشروع النهائي ، ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 531 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 387 – ص 389 ) .

( [684] ) ولذلك يكون التقنين المدني الجديد قد استحدث هذه الأحكام ، ولا تسري على الشركات المدنية التي تكون قد تأسست قبل يوم 156 أكتوبر سنة 1949 فهذه تسري عليها أحكام التقنين المدني السابق .

( [685] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 499 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 527 : 1 – يجوز أن يفصل الشريك لأسباب جسيمة تتعلق بإخلاله بالالتزامات التي يفرضها القانون أو عقد الشركة أو لفقدان الشريك أهليته القانونية أو حرمانه من مزاولة مهنته أو أي مأمورية أو لصدور حكم بعقوبة يترتب عليها حرمانه ولو مؤقتاً من الوظائف العامة . . . 4 – وتقرر فصل الشريك أغلبية الشركاء ، ولا يحسب في هذه الأغلبية الشريك المراد فصله . ويسري الفصل بعد انقضاء ثلاثين يوماً من تاريخ تبليغه إلى الشريك المفصول . 5 – ويكون للشريك المفصول أن يرفع اعتراضاً على الفصل إلى المحكمة الابتدائية . ويجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ الفصل .

م 529 : 1 – إذا انتهت العلاقة المشتركة إزاء شريك واحد فقط ، لا يحق له أو لورثته إلا مبلغ من النقود يعادل قيمة حصته . وتجرى تصفية الحصة على أساس حالة الشركة المالية يوم انتهاء العلاقةز 2 – وإذا وجدت أعمال لازالت قائمة ، يدخل الشريك أو ورثته في الأرباح أو الخسائر المترتبة على الأعمال ذاتها . ويجب أن يتم دفع الحصة المستحقة للشريك خلال ستة أشهر اعتباراً من اليوم الذي انتهت فيه العلاقة المشتركة . ويظل الشريك أو ورثته مسئولين قبل الغير عن التزامات الشركة إلى اليوم الذي تعد فيه العلاقة منتهية . ويجب أن يبلغ هذا إلى علم الغير بالوسائل الملائمة ، وإلا فقد قوة الاحتجاج به على الغير الذي جهله دون خطأ منه . ( والتقنين الليبي يجعل الفصل بأغلبية الشركاء وللشريك المفصول حق الاعتراض أمام القضاء )

التقنين المدني العراقي م 650 : يجوز للشركاء أن يطلبوا من المحكمة أن تقضي بفصل شريك يكون وجوده في الشركة قد آثار اعتراضاً على مد أجلها ، أو قد تكون تصرفاته مما يكن اعتباره سبباً مسوغاً لحل الشركة ، علىان تبقى الشركة قائمة فيما بين الباقين . ( أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 151 – ولم يتكلم التقنين العراقي في طلب الشريك إخراجه من الشركة ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 914 : يحق لكل من الشركاء أن يطلب حل الشركة حتى قبل الأجل المعين ، إذا كان هناك أسباب مشروعة كقيام اختلافات هامة بين الشركاء أو عدم إتمام أحدهم أو عدة منهم للموجبات الناشئة عن العقود أو استحالة قيامهم بها . ولا يجوز للشركا أن يعدلوا مقدماً عن حقهم في طلب حل الشركة في الأحوال المنصوص عليها في هذه المادة .

م 918 : في الحالة المنصوص عليها في المادة 914 وفي جميع الأحوال التي تنحل فيها الشركة بسبب وفاة أحد الشركاء أو غيبته أو الحجر عليه أو إعلان عدم ملاءمة أو بسبب قصر أحد الورثة ، يجوز لسائر الشركاء أن يداموا على الشركة فيما بينهم باستصدار حكم من المحكمة يقضي بإخراج الشريك الذي كان السبب في حل الشركة ، وفي هذه الحالة يحق للشريك المخرج أو لورثة المتوفى أو غيرهم من الممثلين القانونين للمتوفى أو المحجور عليه أن الغائب أو المعسر ، أن يستوفوا نصيب هذا الشريك من مال الشركة ومن الأرباح بعد أن تجرى تصفيتها في اليوم الذي تقرر فيه الإخراج ، ولا يشتركون في الأرباح والخسائر التي تحصل بعد هذا التاريخ إلا بقدر ما تكون ، أي الأرباح والخسائر ، نتيجة ضرورية مباشرة للأعمال التي سبقت إخراج الشريك الذي يخلقونه أو غيبته أو وفاته أو إعساره . ولا يحق لهم المطالبة بأداء نصيبهم إلا في التاريخ المعين للتوزيع بمقتضى عقد الشركة .

م 919 : إذا كانت الشركة مؤلفة بين اثنين ، جاز للشريك الذي لم يتسبب بانحلالها في الأحوال المنصوص عليها في المادتين 914 و 915 أن يحصل على إذن من القاضي في إبقاء الشريك الآخر والمداومة على استثمار الشركة أخذا لنفسه مالها وما عليها . ( أنظر م 915 آنفاً فقرة 4705 الهامش ) . و ( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [686] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد الفقرة الأولى من المادة 531 مدني : " اقتبس المشروع هذا النص من المادة 561 / 2 من المشروع الفرنسي الإيطالي ، وهو نص جديد لا نظير له في التقنين الحالي ( السابق ) . وقد صدر المشروع به أن يقضي على النزاع القائم في الفقه والقضاء فيما يتعلق بصحة اشتراط الحق للشركاء في استبعاد شريك بالاجماع أو بموافقة الأغلبية . . وقد يكون في السماح للشركاء بفصل واحد منهم لسبب جدى ( أنظر م 727 من التقنين الألماني ر م 573 من التقنين البولوني ) مدعاة لخلق جو من عدم الثقة والتشكك فيما بينهم . مع أنه من ناحية أخرى لا يصح أن يقصر حق الشركاء في هذه الحالة على إمكان طلب الحل من القضاء إذ يترتب على ذلك تحمل الشركاء للنتائج المترتبة على تقصير واحد منهم خصوصاً إذا كانت الشركة ناجحة موفقة . لذلك رأينا من المناسب أن نقرر للشركاء الحق في طلب فصل الشريك إذا وجدت أسباب مبررة لذلك . والقاضي هو الذي يقرر وجاهة تلك الأسباب " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 388 ) .

( [687] ) أنظر آنفاً فقرة 231 .

( [688] ) أنظر آنفاً فقرة 239 في الهامش – و مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 388 .

( [689] ) أنظر آنفاً فقرة 232 .

( [690] ) أنظر آنفاً فقرة 231 .

( [691] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 716 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 760 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، لمجلس الشيوخ تحت رقم 532 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 390 – ص 392 ) .

ويقابل في التقنين المدني السابق م 448 / 545 : تقسم بين الشركاء أموال الشركة على حسب المبين في عقدها . ( وحكم التقنين السابق يتفق مع حكم التقنين الجديد ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 500 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 530 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 651 ( مطابق ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 922 : تجري القسمة بين الشركاء في شركات العقد أو الملك ، إذا كانوا راشدين ومالكين حق التصرف في حقوقهم ، وفاقاً للطريقة المعينة في عقد إنشاء الشركة أو الطريق التي يتفقون عليها ، إلا إذا قرروا بالاجماع إجراء التصفية قبل كل قسمة . ( ويبدو من هذا النص أن الشركاء يستطيعون أن يقرروا بالاجماع إجراء التصفية وطريقة هذه التصفية ) .

( [692] ) وإذا طلب أحد الشركاء فسخ الشركة وتصفيتها ، فإن تقدير الرسوم على الدعوى يكون على مجموع أموال الشركة لا على حصة طالب التصفية فقط ، لأن التصفية ما هي إلا قسمة أموال بين الشركاء وقيمة هذه الأموال هي التي تكون موضوع المنازعة بين الخصوم في دعوى التصفية ( نقض مدني 27 يونية سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 71 ص 634 ) .

( [693] ) ولا محل لتصفية الشركة إذا كان عقد تاسيسها ينص على انتقال أموالها إلى الشريك الذي يبقى حياً بين الشركاء ، ويصبح هذا الشريك هو الممثل لصالح الشركة فيما لها وما عليها ، أو إذا قدمت أموالها جملة واحدة حصة في شركة أخرى جديدة أو موجودة من قبل ( استئناف مختلط 28 مايو سنة 1938 م 50 ص 329 – انسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ societe civile فقرة 230 ) .

( [694] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وقد تعرض التقنين المصري ( السابق ) في الفصل الخاص بالقسمة لتصفية الشركات وقسمتها ، فذكر كيفية تعيين المصفى وسلطاته ( م 449 – 450 / 546 – 547 ) . ولكن نصوصه جاءت عامة تنطبق على كل أنواع القسمة ، سواء كانت خاصة بشركات أو بغيرها . أما المشروع فقد تكلم على قواعد القسمة على العموم في باب الملكية الشائعة . . ولذلك رأى من المناسب أن يتبع الطريق الذي سلكه المشروع الفرنسي الإيطالي والتقنين البولوني ، فينظم تصفية الشركة وقسمتها تنظيماً موجزاً عاماً ، ثم يحيل في قسمتها على قواعد القسمة في الملكية الشائعة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 391 ) .

( [695] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 717 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 561 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 533 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 392 – ص 394 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 501 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 531 : عندما تحل الشركة يحتفظ الشركاء المديرون بمناصبهم في الإدارة في حدود العمليات المستعجلة إلى أن تتخذ الإجراءات اللازمة للتصفية . ( ولم يصرح التقنين الليبي بالشخصية المعنوية للشركة أنظر آنفاً فقرة 194 في الهامش ، ولم يتكلم هنا عن بقاء هذه الشخصية بالقدر اللازم للتصفية – وقرر بقاء المديرين في حدود الأعمال المستعجلة إلى أن يتولى المصفى أعمال التصفية ، وهذا الحكم الأخير لا يخالف القواعد العامة ) .

التقنين المدني العراقي م 652 ( مطابق – وانظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 153 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 921 : لا يجوز للمديرين بعد انحلال الشركة إني شرعوا في عمل جديد غير الأعمال اللازمة لاتمام الأشغال التي بدئ بها . وإذا فعلوا كانوا مسئولين شخصياً بوجه التضامن عن الأعمال التي شرعوا فيها . ويجري حكم هذا المنع من تاريخ انقضاء مدة الشركة أو من تاريخ إتمام الغرض الذي من أجله عقدت أو تاريخ وقوع الحادث الذي أدى إلى انحلال الشركة بمقتضى القانون . ( ولما كان التقنين اللبناني لا يقر للشركة المدنية بالشخصية المعنوية – أنظر آنفاً فقرة 194 في الهامش – فإنه لم يتكلم عن بقاء هذه الشخصية بالقدر اللازم للتصفية . أما انتهاء سلطة المديرين بانقضاء الشركة فمتفق مع الحكم الوارد في التقنين المصري ) .

( [696] ) استئناف مختلط 24 يناير سنة 1935 م 47 ص 133 – وذلك في حدود سلطته المدة المحددة للتصفية ، فإذا اتفق الشركاء على تعيين مصف لشركتهم التجارية وكان تعيينه لمدة معينة ، فليس لها الأخير أن يرفع دعوى بصفته نائباً عن الشركة بعد انقضاء هذه المدة ( استئناف وطني 26 مايو سنة 1913 المجموعة الرسمية 14 رقم 119 ص 231 ) . والمصفى هو الذي يتولى طلب تسلم أعيان الشركة ، دون الشخص الذي طلب الحكم بتعيين مصف ( محكمة مصر الوطنية 23 ابريل سنة 1904 الاستقلال 3 ص 112 ) .

( [697] ) جوسران 2 فقرة 1340 .

( [698] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 385 ص 70 – ص 71 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1069 – فورنييه فقرة 130 .

( [699] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 392 – ص 393 – وقد قضت محكمة النقض بأن الشركة متى انتهت وفاة أحد الشريكين زال شخصها المعنوي ، ووجب الامتناع عن إجراء أي عمل جديد من أعمالها ، ولا يبقى بين الشركاء من علاقة إلا كونهم ملاكاً على الشيوع لموجوداتها ، ولا يبقى للشركة مال منفصل عن الأموال الشخصية للشركاء . على أنه لما كان الأخذ بها القول على إطلاقه يضر به الشركاء ودائنو الشركة على السواء ، إذ يضطر كل شريك إلى مطالبة كل مدين للشركة بنصيبه في الدين ، ويضطر كل دائن الىمطالبة كل شريك بنصيبه في الدين إلى غير ذلك ، لهذا وجب بطبيعة الحال ، لتجنب هذه المضار ، اعتبار الشركة قائمة محتفظة بشخصيتها حكماً لا حقيقة ، لكي تمكن تصفيتها ( نقض مدني 27 ابريل سنة 1944 مجموعة عمر رقم 4 125 ص 338 ) . وقضت أيضاً بان من المقرر مراعاة لمصلحة الشركاء ولدائني الشركة ومدينيها أن انتهاء الشركة لا يمنع من اعتبارها قائمة محتفظة بشخصيتها المعنوية لحاجات التصفية حتى تنتهي التصفية ، وإذن فإن كل موجودات الشركة بما فيها الدفاتر تعتبر أثناء التصفية مملوكة لها لا ملكاً شائعاً بين الشركاء ، فلا يصح لأحدهم أن يوقع الحجز الاستحقاقي على شيء من ذلك ( نقض مدني 13 ديسمبر سنة 1945 مجموعة عمر 5 رقم ) ص 15 ) – وانظر أيضاً استئناف مصر 26 أكتوبر سنة 1944 المجموعة الرسمية 45 رقم 126 ) . وقضت محكمة النقض الجنائية بأن تعتبر الشركة مالكة للحصص والاموال والمنقولات ، وليس لأي من الشركاء أثناء قيامها أو حال تصفيتها إلا الحق في الإستيلاء على الربح . ومن المقرر مراعاة لمصلحة الشركاء ولدائني الشركة ومدينيها أن انتهاء عقد الشركة لا يمنع من اعتبارها قائمة محتفظة بشخصيتها المعنوية لحاجات التصفية حتى تنقضي التصفية ، وبذا تكون كل موجوداتها في غضون هذه الفترة مملوكة للشركة لا ملكاً شائعاً بين الشركاء ، فلا يصح لأحدهم أن يتصرف في شيء منها ، مما لا يسبيل معه إلى القول بوجود نوع من القسمة يجعل تصرف شريك في المال مرتبطاً بنتائجها ( نقض جنائي 4 يونية سنة 1956 المحاماة 37 رقم 504 ص 1250 ) . وانظر أيضاً : نقض مدني 27 ابريل سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 125 ص 338 – 18 مايو سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 382 – 11 ديسمبر سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 244 ص 504 – 30 أكتوبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 12 ص 63 – استئناف مختلط 3 ديسمبر سنة 1891 م 4 ص 30 – 3 ابريل سنة 1895 م 7 ص 205 – 25 مايو سنة 1898 م 10 ص 291 – 13 فبراير سنة 1913 م 25 ص 179 – 2 نوفمبر سنة 1933 م 46 ص 11 – 24 يناير سنة 1935 م 47 ص 133 – 2 فبراير سنة 1938 م 50 ص 120 – أول مايو سنة 1 946 م 58 ص 144 – استئناف وطني 25 يونيه سنة 1924 المجموعة الرسمية 27 رقم 4 ص 5 .

( [700] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 718 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 562 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 534 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 395 – ص 397 ) .

( [701] ) التقنين المدني السابق م 449 / 546 : إذا لم يصرح في العقد عن كيفية القسمة ، يكون اجراؤها في الشركات المدنية بمعرفة جميع الشركاء ، وفي الشركات التجارية بمعرفة من يعين لتصفية الشركة بأغلب آراء الشركاء سواء كان واحداً أو أكثر أو بمعرفة من تعينه المحكمة عند عدم اتفاق أغلبية الشركاء على التعيين ( والتقنين المدني السابق يجعل تصفية الشركات المدنية بواسطة جميع الشركاء . والعبرة بتاريخ انقضاء الشركة ، فالشركات التي انقضت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 تسري عليها أحكام التقنين المدني السابق ، أما التي انقضت بعد ذلك فتسري عليها أحكام التقنين المدني الجديد ) .

( [702] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 502 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 532 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 653 ( مطابق – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 154 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 923 : يحق لجميع الشركاء ، حتى الذين ليس لهم يد في الإدارة ، أن يشتركوا في التصفية . وتجري النصفية بواسطة جميع الشركاء أو بوساطة مصف يعينونه بالاجماع إذا لم يكن قد سبق تعيينه بمقتضى عقد الشركة . إذا لم يتفق ذوو الشأن على اختيار المصفى ، أو إذا كان ثمة أسباب مشروعة تحول دون تسليم التصفية للأشخاص المعينين في عقد الشركة ، تجري التصفية بواسطة القضاء بناء على أول طلب يقدمه أحد الشركاء .

م 924 : يعد المديرون – ريثما يتم تعيين المصفى – أمناء على أموال الشركة ، ويجب عليهم إجراء المسائل المستعجلة .

م 926 : إذا وجد عدة مصفين ، فلا يحق لهم العمل منفردين إلا إذا اجيز لهم ذلك بوجه صريح .

م 940 – إذا خلا مركز أحد المصفين أو مراكز عدة منهم بسبب الوفاة أو الإفلاس أو الحجر أو العدول أو العزل ، عين الخلف على الطريقة الموضوعة لتعيينهم .

( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصري ، إلا أن التقنين اللبناني يجعل التصفية ، إذا لم يجمع الشركاء على المصفى أو حال سبب مشروع دون اعتماد المصفى المعين في عقد الشركة ، في يد القضاء . ويوجب في حالة تعدد المصفى أن يعمل الكل ، فلا يجوز لأحد الانفراد إلا إذا اجيز ذلك صراحة ) .

( [703] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 395 – ص 396 .

( [704] ) أنظر آنفاً فقرة 209 وما بعدها .

( [705] ) أنظر آنفاً فقرة 243 في الهامش .

( [706] ) أنظر م 517 مدني آنفاً فقرة 207 . وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي وهي تقول : " وفي حالة تعيين أكثر من مصف واحد ، يكون تحديد سلطاتهم في حالة عدم النص ، بالقياس على ما ذكرناه في تحديد سلطة المديرين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 396 ) .

( [707] ) ولكن إذا نص عقد تأسيس الشركة على أن يكون المصفى أحد الشركاء ، وكان الخلاف مستحكما بين الشركاء بحيث يتعذر التعاون بينهم ، جاز للقضاء تعيين مصف أجنبي ( استئناف مختلط 2 يناير سنة 1935 م 47 ص 133 ) .

( [708] ) واشترط قانون البورصة أن يكون السمسار رجلا لا يسري على المصفى الذي لا يمنع القانون من أن يكون امرأة ( نقض مدني 17 فبراير سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 92 ص 701 ) .

( [709] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 396 – استئناف مختلط 30 ابريل سنة 1941 م 53 ص 163 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1070 . وينبني على أن المصفى وكيل الشركاء أن يده كيد الشريك هي يد أمين لا تجيز له التمليك بمضى المدة ، ولا يجوز له أن يتمسك بتغيير صفة يده إلا إذا جابه الشركاء مجابهة جلية تدل دلالة حازمة على أنه مزمح إنكار حق الشركاء ( استئناف مصر 12 نوفمبر سنة 1942 المجموعة الرسمية 43 رقم 164 ) . وتقول محكمة مصر الكلية إن حكم المصفى في مباشرة عمله كحكم الشريك وإن اختلف عنه في بعض النواحي القانونية ، منها أن الشريك يمثل الدائن والمدين ويعتبر وكيلاً عنهما ، بخلاف المصفى فإنه يعتبر وكيلاً عن الشركة دون الشركاء ودون دائني الشركة ( 13 مايو سنة 1954 المحاماة 36 رقم 20 ص 111 ) .

( [710] ) ويبدو أن هذا الحق يكون أيضاً لدائن الشركة باعتباره دائناً شخصياً للشريك في الحدود التي يجوز فيها لدائن الشركة أن يرجع على الشريك في ماله الخاص .

( [711] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 396 .

( [712] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ولم ير المشروع حاجة النص على كيفية عزل المصفى كما فعل المشروع الفرنسي الإيطالي ( م 563 / 3 ) ، لأنه يكفى في ذلك تطبيق القواعد العامة ، ومؤداها أن الحق في عزل المصفى يرجع إلى السلطة التي تملك تعيينه ، مع جواز الالتجاء دائماً إلى القضاء لطلب عزله بناء على وجود مبرر شرعي ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 397 ) .

( [713] ) م 533 مدني وانظر آنفاً فقرة 244 .

( [714] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 396 – ص 397 .

( [715] ) وبدخول الشركة في دور التصفية تنتهي سلطة المديرين وتزول عنهم صفتهم في تمثيل الشركة ، ويصبح المصفى هو صاحب الصفة في تمثيل الشركة في جميع الأعمال التي تستلزمها التصفية . وقد قضت محكمة النقض بأنه يترتب على حل الشركة ودخولها في دور التصفية إنهاء سلطة المديرين ، وذلك كنص المادة 533 من القانون المدني ، فتزول عنهم صفتهم في تمثيل الشركة ، ويصبح المصفى الذي يعين للقيام بالتصفية صاحب الصفة الوحيد في تمثيل الشركة في جميع الأعمال التي تستلزمها هذه التصفية وكذلك في جميع الدعاوى التي ترفعها من الشركة أو عليها ، فإذا كان الطعن قد رفع من عضو مجلس الإدارة المنتدب بصفته ممثلا للشركة وذلك بعد حلها وتعيين المصفى ، فإنه يكون غير مقول لرفعه من غير ذى صفة . ولا يغير من ذلك أن يكون الطعن قد رفع بإذن المصفى طالما أنه لم يرفع باسمه بصفته ممثلا للشركة ( نقض مدني 24 نوفمبر سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 رقم 93 ص 591 ) .

( [716] ) تاريخ النصوص :

م 535 : ورد هذا النص في المادة 719 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، إلا أن المشروع التمهيدي كان يشتمل في آخر الفقرة الثانية على العبارة الآتية : " ولكن البيع لا يجوز له إلا بالقدر اللازم لوفاء ديون الشركة " . وأقرت لجنة المراجعة النص تحت رقم 563 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت عبارة " ولكن البيع لا يجوز إلخ " الواردة في آخر الفقرة الثانية " لأن الشركة في هذه الحالة تكون في حالة نصفية ، فمن الطبيعي أن يبيع المصفى كل موجودات الشركة عقاراً أو منقولا لتحديد الصافي الواجب قسمته بين الشركاء وتحديد نصيب كل منهم " . وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم 535 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 398 – ص 401 ) .

م 536 : ورد هذا النص في المادة 720 / 1 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 564 / 1 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 536 / 1 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 402 و ص 404 – ص 405 ) .

( [717] ) التقنين المدني السابق م 450 / 547 : وللمأمور بالتصفية الحق في أن يبيع مال الشركة ، سواء كان بالمزاد العام أو بالتراضي إذا كانت مأموريته ليست مقيدة في سند تعيينه . ( وأحكام التقنين السابق تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين الجديد ) .

( [718] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 503 و م 504 / 1 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 533 و م 534 / 1 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 654 ( موافق – فيما عدا أن بيع مال الشركة مقيد بوفاء الديون في التقنين العراقي ) .

م 655 / 1 ( موافق ) . أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 157 وما بعدها .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 927 : على المصفى القضائي وغير القضائي عند مباشرة العمل أن ينظم بالاشتراك مع مديري الشركة قائمة الجرد وموازنة الحسابات مالها وما عليها . وعليه أن يستلم ويحفظ دفاتر الشركة وأوراقها ومقوماتها التي يسلمها إليه المديرون ، وأن يأخذ علما بجميع الأعمال المتعلقة بالتصفية على دفتر يومي وبحسب ترتيب تواريخها وفقاً لقواعد المحاسبة المستعملة في التجارة ، وأن يحتفظ بجميع الإسناد المثبتة وغيرها من الأوراق المختصة بالتصفية .

م 928 : إن المصفى يمثل الشركة الموضوعة تحت التصفية ويدير شؤونها . وتشمل وكالته جميع الأعمال الضرورية لتصفية مالها وإيفاء ما عليها ، وتشمل خصوصاً صلاحية استيفاء الديون وإتمام القضايا التي لا تزال معلقة ، واتخاذ جميع الوسائل الاحتياطية التي تقتضيها المصلحة المشتركة ، ونشر الإعلانات اللازمة لدعوة الدائنين إلى إبراز اسنادهم ، وإيفاء الديون المحررة والمستحقة على الشركة ، والبيع القضائي لأموال الشركة غير المنقولة التي لا تتسنى قسمتها بسهولة ، وبيع البضائع الموجودة في المستودع وبيع الأدوات – كل ذلك مع مراعاة القيود الموضحة في الصك الذي أقامه مصفياً ومراعاة القرارات التي يتخذها الشركاء بالإجماع في أثناء التصفية .

م 929 : إذا لم يحضر أحد الدائنين المعروفين ، حق للمصفى إيداع المبلغ المستحق له إذا كان الإيداع متحتما . أما الديون المستحقة أو المتنازع عليها فيجب عليه أن يحتفظ لها بمبلغ من النقود كاف لإيفائها وأن يضعه في محل أمين .

م 930 : إذا لم تكن أموال الشركة كافية لإيفاء الديون المستحقة ، وجب على المصفى أن يطلب من الشركاء المبالغ اللازمة إذا كان هؤلاء ملزمين بتقديمها بمقتضى نوع الشركة أو إذا كانوا لا يزالون مديونين بجميع حصتهم في رأس المال أو بقسم منها . وتوزع حصص الشركاء المعسرين على سائر الشركاء بنسبة ما يجب عليهم التزامه من الخسائر .

م 931 : للمصفى أن يقترض ويرتبط بموجبات أخرى حتى عن طريق التحويل التجاري ، وأن يظهر الإسناد التجارية ويمنح المهل ويفوض ويقبل التفويض ويرهن أموال الشركة ، كل ذلك على قدر ما تقتضيه مصلحة التصفية ، ما لم يصرح بالعكس في صك توكيله .

م 932 : لا يجوز للمصفى عقد الصلح ولا التحكيم ولا التخلى عن التأمينات إلا مقابل بدل أو تأمينات أخرى معاده لها . كذلك لا يجوز له أن يبيع جزافاً المحل التجاري الذي فوضت إليه تصفيته ، ولا أن يجري تفرغاً بلا عوض ، ولا أن يشرع في أعمال جديدة ما لم يرخص له في ذلك صراحة . وإنما يحق له أن يقوم بأعمال جديدة على قدر ما تقتضيه الضرورة لتصفية الأشغال المعلقة . فإن خالف هذه الأحكام ، كان مسئولا شخصياً عن الأعمال التي شرع فيها . وإذا كان هناك عدة مصفين ، كانوا متضامنين في التبعة .

م 933 : يجوز للمصفى أن يستنيب غيره في إجراء أمر أو عدة أمور معينة ، ويكون مسئولا عن الأشخاص الذين يستنبيهم وفقاً للقواعد المختصة بالوكالة .

م 934 : لا يجوز للمصفى ، وإن كان قضائياً أن يخالف القرارات التي اتخذها ذو الشأن بالاجماع فيما يختص بإدارة شؤون المال المشترك .

م 935 : يجب على المصفى ، عند كل طلب ، أن يقدم للشركاء أو لأصحاب الحقوق الشائعة المعلومات الوافية عن حالة التصفية ، وأن يضع تحت تصرفهم الدفاتر والأوراق المختصة بأعمال التصفية .

م 936 : إن المصفى ملزم بالواجبات التي تترتب على الوكيل المأجور فيما يختص بتقديم حساباته وإعادة المال الذي قبضه عن طريق وكالته . وعليه أن ينظم عند نهاية التصفية قائمة الجرد وموازنة الموجودات والديون ، ويلخص فيها جميع الأعمال التي أجراها والحالة النهائية التي نتجت عنها .

م 937 : لا تعد وكالة المصفى دون مقابل ، وإذا لم تعين اجرته ، فللقاضي أن يحدد مقدارها ، ويبقى لأصحاب الشأن حق الاعتراض على القيمة المقررة .

م 938 : ليس للمصفى الذي دفع من ماله ديوناً مشتركة إلا حق إقامة الدعاوى المختصة بالدائنين الذين اوفى دينهم . وليس له حق الرجوع على الشركاء أو على أصحاب الحقوق الشائعة إلا بنسبة حصصهم .

م 939 : بعد نهاية التصفية وتسلم الحسابات يوزع المصفى دفاتر الشركة المنحلة وأوراقها ومستنداتها قلم المحكمة أو محلا آخر أمينا تعينه المحكمة ، ما لم تعين غالبية الشركاء شخصاً لاستلامها . ويجب أن تبقى محفوظة في المحل المذكور مدة خمس عشرة سنة من تاريخ الإيداع . ويحق لذوى الشأن ولورثتهم أو خلفائهم في الحقوق أو المصفين أن يراجعوا المستندات ويدققوا فيها . ( وهذه الأحكام التفصيلية تتفق في مجموعها مع المبادئ العامة للتقنين المصري ) .

( [719] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 399 .

( [720] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 399 – وبديهي أنه إذا تضمن عقد تأسيس الشركة أو القرار الصادر بتعيين المصفى من أغلبية الشركاء أو من القضاء بياناً لسلطة المصفى في إجراء هذه الأعمال ، لم يجز للمصفى إني خرج عن الحدود المرسومة له . فإذا لم يكن هناك نص على تحديد سلطته ، اتبعت القواعد التي سنتولى بسطها .

( [721] ) وقد ينص عقد تأسيس الشركة ، وبخاصة إذا لم يكن في الشركة غير شريكين اثنين ، أنه إذا انحلت الشركة كان لأحدهما الحق أن يوفى الشريك الآخر مبلغاً معيناً أو قيمة نصيب مقدرة حسب دفاتر الشركة ، ويستأثر هو بمال الشريك ( أنظر م 919 لبناني آنفاً فقرة 711 في الهامش – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 384 ص 62 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1071 مكررة ) . وقد قضت محكمة النقض بأنه وإن كان الأصل في تصفية الشركات عند انقضائها هو قسمة أموالها بحسب سعر بيعها أو توزيع هذه الأموال عيناً على الشركاء كل بنسبة حصته في صافي أموالها إن أمكن ، إلا أنه من الجائز للشركاء أن يتفقوا مقدماً فيما بينهم على أنه عند انقضاء مدة الشركة تنحل من تلقاء نفسها وتصبح أصولها وخصومها والتوقيع عنها من حق أحد الشريكين على أن يتحمل بجميع ديونها ويعطي الشريك الآخر ما يخصه في موجوداتها بحسب ما تسفر عنه الميزانية التي تعمل بمعرفة الطرفين . ولفظ الميزانية إذا ذكر مطلقاً من كل قيد ينصرف بداهة إلى ميزانية الأصول والخصوم الجاري العمل بها في الشركات أثناء قيامها والتي تقدر فيها الموجودات بحسب قيمتها الدفترية ، لا بحسب سعرها المتداول في السوق ( نقض مدني 24 يونيه سنة 1954 مجموعة أحكام لانقض 5 رقم 154 ص 991 ) .

( [722] ) أنظر آنفاً فقرة 723 في الهامش – ولا توضع الأختام على أموال الشركة ، إذ أن ذلك يعطل أعمال التصفية . ولكن يجوز لدائني الشركة إني حصلوا على أمر من القضاء بوضع الأختام كإجراء تحفظي محافظة على حقوقهم ( الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 545 ) . كذلك يجوز وضع الشركة وهي في حالة التصفية تحت الحراسة كإجراء تحفظي مؤقت . وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان يبين مما جاء في الحكم أن المحكمة قد أقامت قضاءها بالحراسة على أموال الشركة استناداً إلى ما تجمع لديها من أسباب معقولة تحسست معها الخطر العاجل من بقاء المال تحت يد حائزه ، وكان ما يدعيه الطاعن من أن الشركة قد حلت وأصبحت لا وجود لها مردوداً بان شخصية الشركة تبقى قائمة بالقدر اللازم للتصفية وحتى تنتهي هذه التصفية ، ولما كانت مأمورية الحارس هي تسلم وجرد أموال الشركة بحضور طرفي الخصوم للمحافظة على حقوق الطرفين المتنازعين بإثبات ما تكشفت عنه أوراق الشركة وما هو ثابت في السجلات العامة من حقوق أو ديون أو ما يصل إلى علم الحارس من أي طريق كان لمعرفة الحقوق المالية التي تصلح عنصراً للتصفية وليس من شأنه الأضرار بأي من الطرفين إذ أنه لا يقتضي البحث في سند حق كل منهما ، فإن الحكم لا يكون مخالفاً للقانون ( نقض مدني 30 أكتوبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 12 ص 63 ) .

( [723] )  أنظر عكس ذلك فورنييه فقرة 133 ص 157 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ societe civile فقرة 246 .

( [724] ) وتقول المادة 932 من التقنين اللبنانين في هذا الصدد : " لا يجوز للمصفى عقد الصلح ولا التحكيم ولا التخلى عن التأمينات إلا مقابل بدل أو تأمينات أخرى معادلة لها . كذلك لا يجوز له أن يبيع جزافاً المحل التجاري الذي فوضت إليه تصفيته ، ولا أن يجرى تفرغاً بلا عوض . . . " ( أنظر آنفاً فقرة 723 في الهامش ) .

( [725] ) وهذا ما لم ير من المصلحة أن يوفى الديون المؤجلة فوراً إذا كان الأجل لمصلحة الشركة فينزل عن الأجل . وإذا تخلف بعض دائني الشركة عن التقدم لاستيفاء حقوقهم ، وقسمت أموال الشركة بعد التصفية على الشركاء كان لدائني الشركة حق تتبع أعيان الشركة بيد الشركاء ، فيتقدمون فيها على الدائنين الشخصيين للشركاء ، وإلا فإن دائني الشركة يرجعون على الشركاء في أموالهم الخاصة ويزاحمهم فيها دائنو الشركاء الشخصيون ( فورنييه فقرة 137 ) .

( [726] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 403 – وانظر المادة 929 من التقنين اللبناني آنفاً فقرة 723 في الهامش .

( [727] ) استئناف مختلط 30 ابريل سنة 1941 م 53 ص 163 – وانظر م 930 من التقنين اللبناني آنفاً فقرة 723 في الهامش . وانظر عكس ذلك الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 549 .

( [728] ) وقد تقتصر تصفية الشركة على المنقول وترجأ تصفية العقار المتنازع فيه . وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان الحكم إذ قصر تصفية الشركة على المنقول وأرجأ تصفية العقار حتى يفصل نهائياً في النزاع الجدى الذي قام على ملكيته بين الشركة وبين الشركاء الموصين ، فإن هذا الحكم لا يكون قد خالف القانون ( نقض مدني 19 مايو سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 155 ص 1163 ) .

( [729] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 399 .

( [730] ) أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 400 – ص 401 – و أنظر آنفاً فقرة 723 في الهامش .

( [731] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن لكل مصف الحق في بيع أعيان الشركة ، سواء كان بالمزاع العمومي أو بالممارسة متى كانت ورقة التعيين لا تمنع ذلك ، وما دام حصول القسمة المادية غير ممكن ، فالبيع لازم لأجل إتمام التصفية ( استئناف وطني 3 أكتوبر سنة 1899 الحقوق 14 ص 375 ) .

( [732] ) وتقول المادة 928 من التقنين اللبناني في هذا الصدد : " إن المصفى يمثل الشركة الموضوعة تحت التصفية ، ويدير شؤونها . وتشمل وكالته جميع الأعمال الضرورية لتصفية مالها وإيفاء ما عليها ، وتشمل خصوصاً . . البيع القضائي لأموال الشركة غير المنقولة التي لا تتسنى قسمتها بسهولة ، وبيع البضائع الموجودة في المستودع وبيع الأدوات . كل ذلك مع مراعاة القيود الموضحة في الصك الذي أقامه مصفياً ، ومراعاة القرارات التي يتخذها الشركاء بالإجماع في أثناء التصفية " ( أنظر آنفاً فقرة 723 في الهامش ) .

( [733] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 400 – وانظر آنفاً فقرة 723 في الهامش – هذا ويجوز للمصفى أن يعهد إلى الغير ببعض أعمال التصفية ، وأن يستأنس برأي الخبراء في الأعمال التي يقوم بها ، ولكنه يبقى هو المسئول وحده أمام الشركاء . ولكن لأي جوز له أن يعهد للغير بأني قوم بجميع أعمال التصفية ( استئناف مختلط 20 مارس سنة 1917 م 29 ص 300 ) ، لأن شخصية المصفى ملحوظة وقت تعيينه ، فيجب أن يقوم هو بنفسه بأعمال التصفية إلا ما يحتاج فيه إلى معاونة الغير أو إلى رأي خبير . وتقول المادة 933 من التقنين اللبناني في هذا الصدد : " يحق للمصفى أن يستنيب غيره في إجراء أمر أو عدة أمور معينة ، ويكون مسئولا عن الأشخاص الذين يستنيبهم ، وفاقاً للقواعد المختصة بالوكالة " ( أنظر آنفاً فقرة 723 في الهامش ) .

( [734] ) ويبدو أن مسئوليته تكون كمسئولية الوكيل ، فتزيد هذه المسئولية إذا كان بأجر ( أنظر في مسئولية المصفى فرونييه فقرة 139 ) .

( [735] ) فورنييه فقرة 132 ص 154 .

( [736] ) أنظر في كل هذه النصوص آنفاً فقرة 723 في الهامش .

( [737] ) قارن فورنييه فقرة 131 ص 152 .

( [738] ) ومع ذلك فقد قضت محكمة مصر الكلية بأن المصفى يعتبر وكيلاً عن الشركة بأجر ، وبأنه إذا حكمت المحكمة بحل شركة وبتعيين مصف وقدرت له أمانة يدفعها المدعى ، ثم أحجم طرفا الدعوى عن دفع الأمانة ، فإن ذلك لا يحول دون أن تسير المحكمة في تنفيذ حكمها بإجراء التصفية وبتكليف المصفى مباشرة عمله في الحدود التي رسمها له الحكم على أن يتقاضى أجره من مال الشركة بالقدر المعين في الحكم أو بما يزيد عنه حسب قيامه بعمله وتقدير المحكمة له مستقبلا . ولا تقاس حالة المصفى على المادة 227 مرافعات من أنه إذا لم تودع أمانة الخبير من الخصم المكلف بإيداعها ولا من غيره من الخصوصم ، فلا يلزم الخبير بأداء مأموريته ، للخلاف الكبير بين عمل الخبير العادي والمصفى ( مصر الكلية 13 مايو سنة 1954 المحاماة 36 رقم 30 ص 111 ) .

( [739] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 720 / 2 و 3 و 4 على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدين الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 564 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 536 / 2 و 3 و 4 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 402 – ص 405 ) .

( [740] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 504 / 2 و 3 و 4 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 534 / 2 و 3 و 4 ( مطابق ) .

م 535 : 1 – يحق للشركاء الذين ساهموا بتقديم أشياء لمجرد الانتفاع بها استردادها بالحالة التي هي عليها . 2 – أما إذا هلكت هذه الأشياء أو تضررت لسبب يرجع إلى القائمين بالإدارة ، فيحق للشركاء أن يطالبوا بالتعويض عن الضرر على حساب أموال الشركة ، دون المساس بالحق في ملاحقة المديرين . ( وهكذا الحكم يتفق مع القواعد العامة ) .

التقنين المدني العراقي م 655 / 2 ( موافق – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 160 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لا مقابل ، ولكن نصوص التقنين المصري تتفق مع القواعد العامة فيمكن تطبيقها في لبنان .

( [741] ) أنظر آنفاً فقرة 731 .

( [742] ) فورنييه فقرة 142 .

( [743] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد الفقرة الثانية من المادة 536 مدني : " والفقرة الثانية تبين كيفية قسمة رأس المال بين الشركاء . فإذا كانت الحصة التي قدمها الشريك هي مال معين ، فله ما يعادل قيمتها المبينة بالعقد ، أو قيمتها وقت تسليمها إن لم تكن مبينة بالعقد : م 588 من التقنين البولوني . وإذا كان الشريك قد اقتصر على تقديم عمله أو كانت حصته هي حق المنفعة بمال أو مجرد الانتفاع به ، فإنه لا يتصور استرداده لقيمة الحصة في هذه الحالة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 403 ) .

( [744] ) أنظر آنفاً فقرة 189 وما بعدها .

( [745] ) أنظر آنفاً فقرة 192 وما بعدها .

( [746] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 404 .

( [747] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 404 .

( [748] ) ولكن يسترد الشريك الذي حصته منفعة العين المنتفع بها ، ويستردها بالحالة التي هلي عليها . وإذا هلكت أو تعيبت بخطأ المديرين ، رجع الشريك بالتعويض على الشركة ، دون إخلالاً بمسئولية المديرين . أما إذا هلكت بسبب أجنبي ، فالهلاك على الشريك . أنظر في هذا المعنى م 535 ليبي آنفاً فقرة 259 في الهامش ، وانظر أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 385 ص 68 – جوسران 2 فقرة 1337 .

وإذا كانت حصة الشريك هي الانتفاع بترخيص ( Permis ) أو بالتزام ( concession ) ، كان لهذا الشريك استرداد الترخيص أو الالتزام عند تصفية الشركة ( استئناف مختلط 24 مارس سنة 1937 م 49 ص 163 ) .

( [749] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 721 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 565 في المشروع النهائي ، ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 537 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 406 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 505 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 536 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 656 ( مطابق ) . وانظر في شركة الوجوه وشركة المضاربة وشركة الأعمال في التقنين المدني العراقي المواد 658 إلى 683 من هذا التقنين .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : يورد أحكام قسمة الأموال الشائعة تفصيلا في المواد 941 إلى 949 – ذلك أن هذا التقنين قد جميع بين شركة الملك ( أي المال الشائع ) وشركة العقد ، فصح أن يورد أحكام قسمة المال الشائع في كتاب الشركات بهذا المعنى الواسع .

( [750] )          مراجع : جيوار في عقد القرض – أوبرى ورو وإسمان الطبعة السادسة جزء 6 – بودري وفال الطبعة الثالثة جزء 23 – بلانيول وريبير وسافاتييه الطبعة الثانية جزء 1 1 - دي باج ودكرز ( Dekkers ) جزء 5 – بلانيول وريبير وبولانجيه الطبعة الثالثة جزء 2 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير الطبعة العاشرة جزء 2 – جوسران الطبعة الثانية جزء 2 انسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ prêt الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة جزء 2 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي في العقود المسماة سنة 1953 .

( [751] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 722 عن المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 566 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 538 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 409 – ص 240 ) .

( [752] ) التقنين المدني السابق م 465 / 566 : والعارية بالاستهلاك هي أن المعير ينقل إلى المستعير ملكية شيء يلتزم المستعير بتعويضه بشيء آخر من عين نوعه ومقداره وصفته بعد الميعاد المتفق عليه .

( والتقنين المدني السابق كان يعتبر القرض عقداً عينياً لا يتم إلا بالتسليم ، أما التقنين المدين الجديد فيعتبره عقداً رضائياً يتم بمجرد توافق الإيجاب والقبول . والعبرة بتاريخ تكوين العقد ، فإن كان ذلك قبل 15 أكتوبر سنة 1949 فلا يتم القرض إلا بالتسليم ، وإلا تم بمجرد توافق الإيجاب والقبول . على أن العقد الذي لم يتم التسليم فيه قبل 15 أكتوبر سنة 1949 يمكن اعتباره وعداً بقرض يجبر الواعد على تنفيذه بتسليم الشيء فيتم القرض ) .

( [753] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 506 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 537 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 684 : القرض هو أن يدفع شخص لآخر عينا معلومة من الأعيان المثلية التي تستهلك بالانتفاع بها ليرد مثلها . ( والظاهر أن عقد القرض في التقنين العراقي عقد عيني : أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 210 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 754 : قرض الاستهلاك عقد بمقتضاه يسلم أحد الفريقين الفريق الآخر نقوداً أو غيرها من المثليات ، بشرط أن يرد إليه المقترض في الأجل المتفق عليه مقداراً يماثلها نوعاً وصفة .

م 755 : ينعقد أيضاً قرض الاستهلاك إذا كان لدائن في ذمة شخص آخر على سبيل الوديعة أو غيرها مبلغ من النقود أو المثليات ، فأجاز لمديونه أن يبقى لديه تلك النقود أو الأشياء على الأقراض . ( والظاهر أن التقنين اللبناني يجعل القرض عقداً عينيا لا يتم إلا بالتسليم ، ويعتد بالتسليم الحكيم فيما إذا كان الشيء المقترض عند المقترض قبل القرض على سبيل الوديعة أو غيرها ويستبقيه المقترض بعقد القرض ) .

( [754] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 410 .

( [755] ) أنظر الوسيط للمؤلف 1 فقرة 49 .

( [756] ) بوبتييه في الالتزام فقرة 6 – وانظر أيضاً جيوار فقةر 8 – فقرة ) .

( [757] ) بودري وفال 23 فقرة 596 وفقرة 701 .

( [758] ) أنظر في تفصيل ذلك نظرية العقد للمؤلف فقرة 122 – فقرة 123 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي في العقود المسماة ص 177 هامش 1 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1136 – وانظر في عهد التقنين المدني السابق حيث أن القرض عقداً عينياً وكان يمكن أن يسبقه وعد ملزم بالقرض : استئناف مختلط 8 مارس سنة 1891 م 6 ص 187 – وقارن استئناف مختلط 21 مارس سنة 1906 م 18 ص 159 .

( [759] ) أنظر في الاعتراض على رأينا هذا وفي الرد على الاعتراض الوسيط للمؤلف جزء أول ص 159 ص هامش رقم 1 .

( [760] ) ومحكمة الموضوع هي التي تستخلص نية المتعاقدين هل انصرفت إلى القرض لا إلى البيع ، وتستخلصها من ظروف القضية . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت المحكمة حين قالت إن العقد المتنازع عليه عقد قرض لا بيع خلافاً لظاهره ، قد أقامت ذلك على نية طرفيه كانت منصرفة إلى القرض لا إلى البيع ، مستخلصة هذه النية من ورقة العقد التي عاصرت تحرير العقد ومن التحقيق الذي أجرى في الدعوى والقرائن الأخرى التي أوردتها استخلاصاً لم يرد عليه طعن الطاعن في حكمها ، فيتعين رفض هذا الطعن ( نقض مدني 3 ابريل سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 180 ص 390 ) .

( [761] ) أنظر أيضاً بالنسبة إلى رهن الحيازة م 1108 مدني .

( [762] ) وهذا ما كان بوتييه يسميه Mohatra ، ويغلب أن يكون من بيع العينة في الفقه الإسلامي .

( [763] ) أنظر آنفاً فقرة 159 .

( [764] ) أنظر آنفاً فقرة 171 .

( [765] ) أنظر حكم محكمة استئناف مصر في 8 ابريل سنة 1943 المجموعة الرسمية 43 رقم 244 آنفاً فقرة 160 في الهامش .

( [766] ) بودري وفال 23 فقرة 693 – وانظر في الفروق بين الشركة والقرض بودري وفال 23 فقرة 695 بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1139 .

( [767] ) أنظر آنفاً فقرة 160 في الهامش – وانظر في القرض في فرنسا بلانيول وريبير وسافتييه 11 فقرة 1141 مكررة ثالثاً .

( [768] ) استئناف مختلط 22 مايو سنة 1920 م 32 ص 323 .

( [769] ) استئناف مختلط 8 ديسمبر سنة 1927 م 40 ص 73 .

( [770] ) أنظر في هذه المسألة بودري وفال 23 فقرة 1902 – فقرة 1097 .

( [771] ) أنظر بودري وفال 23 فقرة 601 – وإذا اعار شخص آخر أسهماً ينتفع بفوائدها على أن يرد الأسهم بالذات ، فالعقد عارية لا قرض ( استئناف مختلط 20 مايو سنة 1948 م 60 ص 124 ) – وأهم الفروق بين القرض والعارية – وهما الآن عقدان رضائيان ملزمان للجانبين في التقنين المدني الجديد – أن القرض عقد ناقل للملكية والعارية لا تنقل إلا حيازة عرضية ( ويستتبع ذلك نتائج هامة في تبعة الهلاك وفي حقوق المقرض أو المعير عند إعسار المقترض أو المستعير ) ، وأن القرض قد يكون تبرعاً أو معاوضة إذا كان بفائدة أما العارية فلا تكون إلا تبرعاً ، وأن للمعير على عكس المقرض أن يسترد العين المعارة قبل الوقت المحدد في العقد إذا عرضت له حاجة ماسة ( بودري وفال 23 فقرة 602 - الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 225 ) .

( [772] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 407 .

( [773] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 407 .

( [774] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 407 .

( [775] ) أنظر في كل ذلك المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 407 – 408 .

( [776] ) أنظر آنفاً فقرة 266 .

( [777] ) أنظر آنفاً فقرة 272 .

( [778] ) أنظر في كل ذلك بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1135 .

( [779] ) ولا يجوز إثبات عكس ما بالكتابة إلا بالكتابة . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت سندات الدين مذكوراً فيها أن قيمتها دفعت نقداً ، ثم اتضح من الرسائل الصادرة من مدعية الدين إلى مدينها في مناسبات وظروف مختلفة قبل تواريخ السندات وبعدها إنها كانت تستجدي المدين وتشكر له احسانه عليها وتبرعه لها ، فهذه الرسائل يجوز اعتبارها دليلا كتابياً كافياً من نفي وجود قرض حقيقي ( نقض مدني 3 نوفمبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 67 ص 138 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا لم يذكر في الورقة الرسمية أن مبلغ القرض دفع أمام الموثق ، جاز إثبات ما يخالف المكتوب دون حاجة إلى الطعن بالتزوير في الورقة الرسمية ( 20 نوفمبر سنة 1913 م 26 ص 31 ) .

( [780] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 396 ص 111 – بودري وفال 23 فقرة 874 . وفقرة 879 – بلانيول وريبير وسافاتييه فقرة 1138 .

( [781] ) بودري وفال 23 فقرة 876 وما بعدها – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1138 .

( [782] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1142 ص 464 – ص 465 .

( [783] ) وقد نصت المادة 756 لبناني على أنه " يجب أن يكون المقرض حاصلا على الأهلية اللازمة للتفرغ عن الأشياء التي يريد إقراضها " .

( [784] ) فإذا كان القرض باطلا أو أبطل ، جاز لناقض الأهلية أن يسترد ما أقرضه قبل الميعاد المحدد في القرض مع الفوائد المشترطة حتى يوم الرد ، أو مع الفوائد بالسعر القانوني من يوم المطالبة القضائية إذا كان القرض بغير فائدة ( بلانيول وريبير وسافتييه 11 فقرة 1139 مكررة رابعاً ) .

( [785] ) وقد نصت المادة 658 عراقي على أنه " لا يملك الولى اقترض مال من هو في ولايته " .

( [786] ) فإذا ابطل القرض ، لم يلتزم ناقص الأهلية إلا برد " ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد " . ( م 142 / 2 مدني ) ، ولاي لتزم بدفع فوائد ولو كانت مشترطة ( بلانيول وريبير وسافتييه 11 فقرة 1139 مكررة رابعاً ) . وقد نصت المادة 693 عراقي على أنه " إذا استقرض محجور عليه شيئاً فاستهلكه ، فعليه الضمان بقدر ما كسب ، فإن تلف الشيء بنفسه فلا ضمان عليه . وإن كانت عينه باقية ، فللمقرض استردادها " .

( [787] ) أنظر في كل ذلك الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 295 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 90 .

( [788] ) فلا يمكن إذن أن يقع القرض إلا على منقولات مادية ، لا على العقارات لأنها في الغالب أموال قيمية ، ولا على المنقولات المعنوية – فيما عدا السندات لحاملها – لأنها دائماً أموال قيمية .

( [789] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 394 ص 141 وهامش رقم 2 – وقد نصت المادة 757 من التقنين اللبنانين على أنه " يجوز أن يعقد قرض الاستهلاك على جميع الأشياء المنقولة من المثليات ، سواء أكانت تستهلك بالاستعمال الأول أم لا " . ثم نصت المادة 758 من نفس التقنين على أنه " إذا استلم المقترض إسناد دخل أو أوراقاً مالية أخرى أو بضائع بدلا من النقود المتفق عليها ، فإن قيمة القرض تحسب بناء على سعر الإسناد أو ثمن البضائع في الزمان والمكان اللذين جرى فيهما التسليم ، ويكون باطلا كل نص مخالف " .

( [790] ) أنظر آنفاً فقرة 273 .

( [791] ) ويخلص من ذلك أن الشيء المقترض يجب أن يكون مثلياً ، وأن يكون في الوقت ذاته قابلا للاستهلاك بالنسبة إلى غرض المتعاقدين ( بلانيول ويبير وبولانجيه 2 فقرة 2899 – جوسران 2 فقرة 1384 ) .

( [792] ) أنظر عكس ذلك وفي أن اقراض ملك الغير يقاس على بيع ملك الغير فيكون قابلا للإبطال : بودري وفال 23 فقرة 726 وما بعدها - الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 296 مكررة – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 95 .

( [793] ) كولان وكابيتان ودي لامور انديير 2 فقرة 1219 .

( [794] ) أنظر في هذا المعنى انسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ Pret فقرة 226 - الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 95 ص 194 – وانظر عكس ذلك بودري وفال 23 فقرة 730 – جيوار فقرة 76 - الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 296 مكررة .

( [795] ) وإذا ذكر المتعاقدان أن القرض يكون دون فوائد مدة حياة المقترض أو إلى نهاية القرض ، فإن ذلك لا يكفي لاستخلاص اتفاق ضمني على أن الفوائد تسري عند وفاة المقترض أو عند نهاية القرض ( بلانيول وريبير وسافايتيه 11 فقرة 1150 ص 480 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 396 ص 146 ) .

( [796] ) أنظر الوسيط للمؤلف 2 فقرة 506 وما بعداه .

( [797] ) أنظر في إثبات اشتراط الفائدة بالقارئن : استئناف مختلط 13 فبراير سنة 1 1907 م ص 117 .

( [798] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1152 – ولا يجوز أن تزيد الفوائد وما يضاف إليها من عمولة ومصروفات إدارة على الحد الأقصى للسعر الإتفاقي : استئناف مختلط 28 ديسمبر سنة 1898 م 11 ص 81 – 27 ابريل سنة 1899 م 11 ص 191 . ويجب التمييز في كل قسط بين الجزاء الخاص براس المال والجزء الخاص بالفوائد وإعطاء كل حكمة : استئناف مختلط 26 يونيه سنة 1912 م 24 ص 420 – 13 يونيه سنة 1916 م 28 ص 423 – 13 يونيه سنة 1916 م 28 ص 425 .

( [799] ) أنظر الوسيط للمؤلف الجزء الثاني فقرة 513 – فقرة 523 .

( [800] ) وتنص المادة 767 لبناني على أنه " إذا اشترط الفريقان أداء فائدة ولم يعينا معدلها ، وجب على المقترض أن يدفع الفائدة القانونية . وفي المواد المدنية يجب أن يعين خطأ معدل الفائدة المتفق عليها حينما يكون زائداً عن الفائدة القانونية ، وإذا لم يعين خطأ فلا تجب الفائدة إلا على المعدل القانونين " . وتنص المادة 768 لبناني على أنه " يجوز أن تؤخذ فائدة عن فوائد رأس المال إما بإقامة دعوى وإما بمقتضى عقد خاص منشأ بعد الاستحقاق . وفي كلا الحالين يشترط أن تكون الفوائد المستحقة عائدة إلى مدة لا تقل عن ستة أشهر ، وذلك مع الاحتفاظ بالقواعد والعادات المختصة بالتجارة " .

( [801] ) أنظر في هذا المعنى بلانيول ويبيير وسافايتيه 11 فقرة 1156 – وقارن الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 112 .

( [802] ) الوسيط للمؤلف الجزء الأول فقرة 242 وما بعدها .

( [803] ) الوسيط للمؤلف الجزء الأول فقرة 277 وما بعدها .

( [804] ) الوسيط للمؤلف الجزء الأول فقرة 282 وما بعدها .

( [805] ) الوسيط للمؤلف الجزء الأول فقرة 284 ص 46 .

( [806] ) نقض فرنسي 4 يوليه سنة 1892 داللوز 92 – 1 – 500 – 19 نوفمبر سنة 1932 داللوز 1933 – 1 – 26 – 28 يناير سنة 1935 جازيت دي باليه 1935 – 1 – 522 .

( [807] ) نقض مدني فرنسي أول ابريل سنة 1895 سيريه 96 – 1 - 289 .

( [808] ) نقض فرنسي 17 ابريل سنة 1923 داللوز 1923 – 1 – 172 – وانظر في القضاء الفرنسي بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1140 .

( [809] ) نقض مدني 3 نوفمبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 67 ص 138 .

( [810] ) استئناف مختلط 22 نوفمبر سنة 1877 المجموعة الرسمية للقضاء المختلط 3 ص 18 .

( [811] ) الوسيط للمؤلف الجزء الأول فقرة 291 ص 476 – ص 477 .

( [812] ) استئناف مختلط 25 فبراير سنة 1897 م ) ص 194 – 15 مايو سنة 1929 م م 41 ص 394 .

( [813] ) استئناف مختلط 24 يونيه سنة 1931 جازيت 22 رقم 279 ص 249 .

( [814] ) الوسيط للمؤلف الجزء الأول فقرة 289 .

( [815] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 411 – ص 414 – وانظر ما يلي فقرة 769 في الهامش .

( [816] ) ولا يتقدم على أي دائن إلا إذا وجد سبب قانونين للتقدم ، ولا يستطيع المقترض أن يسترد المبلغ الذي اقرضه إذ أن ملكيته قد انتقلت للمدين ( استئناف مختلط 22 يناير سنة 1924 م 36 ص 170 ) .

( [817] ) أنظر آنفاً فقرة 266 .

( [818] ) أنظر في حالة ما إذا كان المقرض لا يملك كمية الغلال إلى ماس بق أن قدمناه في اقراض ملك الغير آنفاً فقرة 286 .

( [819] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 723 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يتضمن في الققرة الأولى العبارة الآتية : " يجب على المقرض أن ينقل إلى المقترض حق ملكية الشيء الذي أقرضه " .فحذفت هذه العبارة في لجنة المراجعة اكتفاء بما جاء في المادة 538 مدني . وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 567 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 539 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 411 – ص 412 ) .

( [820] ) التقنين المدني السابق م 473 / 576 : في عارية الاستهلاك يكون ضمان العين المستعارة على المستعير بمجرد انتقال الملكية إليه . ( وكان القرض عقداً عينياً في التقنين المدني السابق ، ومن ثم كان لا يتم القرض إلا إذا تسلم المقترض الشيء ، فإذا هلك تحمل المقترض تبعة الهلاك . أما في التقنين الجديد فالقرض يتم قبل التسليم ومن ثم جاز أن يهلك الشيء على المقرض قبل التسليم ) .

( [821] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 407 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 538 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 686 : 1 - يملك المستقرض العين المقترضة بالقبض ، ويثبت في ذمته مثلها . 2 – فإذا هلكت العين بعد العقد وقبل القبض ، فلا ضمان على المستقرض .

( والتقنين العراقي يجعل القرض عقداً عينياً كما قدمنا ، فلا يتم إلا بالتسليم ويصبح المقترض مالكاً للشيء المقترض بتسلمه وتكون تبعة الهلاك عليه . أما قبل التسليم فلا التزام على المقرض لأن العقد لم يتم ، وإذا هلك الشيء هلك على المقرض – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 223 – فقرة 224 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 759 : الأشياء المقرضة تصبح ملكاً للمقرض ، وتكون مخاطرها عليه .

( والتقنين اللبناني كالتقنين العراقي يجعل القرض عقداً عينياً . وما قلناه في التقنين العراقي يسري هنا ) .

( [822] ) بودري وفال 23 فقرة 741 .

( [823] ) وإذا كان المقترض شركة أصدرت سندات ، فلها أن تشترط على من يكتتب في السندات ويتأخر في دفع ما اكتتب به أن تبيع السندات التي اكتتب فيها في البورصة ، ويكون المكتتب ملزماً بالخسارة إذا بيعت السندات بثمن أقل ( بودري وفال 23 فقرة 743 ) .

( [824] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وإذا ظهر إعسار المقترض قبل تسليمه الشيء ، جاز للمقرض إني فسخ العقد وأن يمتنع عن التسليم " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 415 ) . وقد كان المشروع التمهيدي في المادة 732 منه يجري على الوجه الآتي : " يجوز للمقرض إلا يسلم ما اقرضه أو أن يسترده قبل الأجل إذا أعسر المقترض بعد القرض ، أو كان معسراً قبل ذلك ولكن المقترض لم يعلم بالإعسار إلا بعد تمام العقد " فحذف هذا النص اكتفاء بالقواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 424 – ص 425 في الهامش ) .

( [825] ) بلانيول وريبير وسافايتيه 11 فقرة 1144 – هذا وقد كان المشروع التمهيدي في المادة 730 منه يجري على الوجه الآتي : " يسقط حق المقترض في المطالبة بتسليم الشيء الذي اقترضه ، وحق المقرض في إلزام المقترض بتسلم ذلك الشيء ، بمقضى ستة أشهر من اليوم المعين للتسليم . وقد كان المقصود بهذا النص أن يسقط القرض الذي لم ينفذ في خلال ستة أشهر من اليوم المعين للتسليم ، لأن انصراف المتعاقدين عن تنفيذ القرض طول هذه المدة يؤخذ دليلا على عدولهما عنه ، فإذا عادا إليه كان هذا عقداً جديداً ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 425 ) . ولكن هذا النص حذف في لجنة المراجعة لغرابة حكمه ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 421 – ص 422 في الهامش ) .

( [826] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 415 .

( [827] ) أنظر آنفاً فقرة 267 .

( [828] ) أنظر آنفاً فقرة 267 – وانظر انسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ Pret فقرة 179 – وقارن بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2902 – وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ثم هو يلتزم التزاماً سلبياً بألا يطالب برد المثل إلا عند انتهاء القرض . ويحسن إيراد هذا الالتزام السلبي ، فهو الذي يبين كيف يكون الفسخ في العقد القرض . فإن المقرض إذا أعسر المقترض أو أخل بالتزامه ، يفسخ العقد فيتحلل من هذا الالتزام السلبي ، ويستطيع إذن أن يطلب رد المثل قبل انتهاء القرض " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 415 ) – قارن الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 100 ( وما قاله في هذا الصدد يصدق فيما إذا أعسر المقترض ، فإن الأجل يسقط ولا نكون هنا في حاجة إلى تصور التزام سلبي في جانب المقترض . أما إذا لم يدفع المقترض الفوائد المشترطة في آجالها ، فجزاء هذا الإخلال هو أن يطلب المقرض فسخ القرض حتى يتحلل من هذا الالتزام السلبي ، والقول بسقوط الأجل هنا لا يستقيم ) .

( [829] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 724 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 568 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 540 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 413 – ص 414 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم يتفق مع القواعد العامة .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 508 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 539 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 688 ( موافق – وانظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 225 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 760 : المقرض مسئول عن العيوب الخفية في الأشياء المقرضة وعن نزع ملكيتها بدعوى الاستحقاق ، وذلك وفاقاً للقواعد الموضوعة في بابل البيع . ( ولم يميز التقنين اللبناني بين القرض بأجر والقرض بغير أجر ، بل جعل أحكام البيع تسري في الحالتين ) .

( [830] ) أنظر آنفاً فقرة 293 – وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 415 – 416 .

( [831] ) أي بمقابل قد يكون نقوداً وقد يكون مقداراً زائداً من نفس الشيء المقترض .

( [832] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 725 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن الفقرة الأولى من المشروع كانت تجري علىالوجه الآتي : " إذا ظهر في الشيء عيب خفي ، فلا يلتزم المقترض أن يرد إلا قيمة الشيء معيباً " . وفي لجنة المراجعة عدلت هذه الفقرة ، فصار النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأصبح رقمه 569 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 541 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 415 – ص 417 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم يتفق مع القواعد العامة .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 509 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 540 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي 687 ( موافق – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 226 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 760 : المقرض مسئول عن العيوب الخفية في الأشياء المقرضة . . وذلك وفاقاً للقواعد الموضوعة في باب البيع . ( ولم يميز التقنين اللبناني بين القرض بأجر والقرض بغير أجر ، بل جعل أحكام البيع تسري في الحالتين ) .

( [833] ) أنظر آنفاً فقرة 300 .

( [834] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 416 .

( [835] ) وتنص المادة 765 لبناني على ما يأتي : " إن نفقات الاستلام والرد على المقرض " .

( [836] ) أنظر أيضاً بالنسبة إلى مصروفات الرهن م 1031 / 2 مدني .

( [837] ) وقد يلتزم المفترض بشرط خاص إلا يستعمل القرض إلا في غرض معين ، كأن يسدد به ديوناً معينة أو أن يستغل مبلغ القرض على نحو معين فيشترى أرضا أو داراً أو أسهماً أو غير ذلك . وتسرى القواعد العامة في هذه الحالة ، فيجوز للمقرض أن يطلب فسخ القرض إذا أخل المقترض بالتزامه ولم يستعمل القرض في الغرض المعين المتفق عليه ( أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 395 ص 145 وفقرة 396 ص 148 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1144 ص 465 – ص 466 و ص 465 هامش رقم 5 وفقرة 1147 ) . وإذا فسخ القرض ، فإن المقرض لا يسترد عين ما أقرض إذا كان قائماً ، إن ملكيته قد انتقلت بالقرض إلى المقرض ، وإنما يصبح دائناً بمبلغ القرض أو بمثله للمقترض ، فيزاحمه دائنو المقترض حتى في الشيء المقترض ذاته لو كان قائماً ( بودري وفال 23 فقرة 710 ) .

( [838] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 727 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة حور تحويراً لفظياً فصار مطابقاً ، وأصبح رقمه 570 في المشروع النهائي ، ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 542 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 418 – ص 42 ) .

( [839] ) التقنين المدني السابق م 477 / 581 : عارية الاستهلاك تكون بلا مقابل إذا لم يوجد شرط بخلاف ذلك . ( وحكم التقنين السابق يتفق مع حكم التقنين الجديد ) .

( [840] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 510 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 541 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي 692 : 1 – لا تجب الفائدة في القرض إلا إذا شرطت في العقد . 2 - وإذا دفع المستقرض فائدة تزيد على السعر الجائز قانوناً ، كان له أن يسترد الزيادة سواء دفع عن علم أو عن غلط .

( وأحكام التقنين العراقي تتفق مع أحكام التقنين المصري – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 233 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 766 : لا تجب الفائدة في قرض الاستهلاك إلا إذا نص عليها . وإذا دفع المقترض من تلقاء نفسه فوائد غير منصوص عليها أو زائدة عن الفوائد المشترطة ، فلا يحق له استردادها ولا حسمها من رأس المال .

( ولا يجيز التقنين اللبناني استرداد ما دفع من الفوائد غير المستحقة ، خلافا للتقنين المصري ) .

( [841] ) أنظر آنفاً فقرة 289 .

( [842] ) استئناف مختلط 14 ديسمبر سنة 1916 م 29 ص 114 – وقارب استئناف مختلط 18 ديسمبر سنة 1941 م 54 ص 28 ( قرض مضمون برهن ولم يدفع المبلغ وقت العقد ) .

( [843] ) وهذا ما لم يكن عدم تسلم مبلغ القرض راجعاً إلى خطأ المدين ( استئناف مختلط 6 ابريل سنة 1911 م 23 ص 251 – 7 نوفمبر سنة 1912 م 25 ص 11 ) : أو كان راجعاً لتأخره في التسلم ما دام الدائن مستعداً للتسليم في أي وقت ( استئناف مختلط 20 ديسمبر سنة 1921 م 34 ص 63 – 28 فبراير سنة 1935 م 47 ص 177 ) .

( [844] ) أنظر في كل ذلك بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1163 .

( [845] ) فيجب إعذار المدين قبل طلب الفسخ ( استئناف مختلط 20 نوفمبر سنة 1902 م 15 ص 10 ) ، إلا إذا اشترط عدم ضرورة الإعذار ( استئناف مختلط 6 ابريل سنة 1911 م 23 ص 251 – ) ابريل سنة 1931 م 43 ص 343 ) . أنظر إنها في جواز فسخ القرض لعدم دفع الأقساط في المواعيد ، ولو تساهل المدين في بعض الأقساط المتأخرة ثم عاد إلى المطالبة بالفسخ : استئناف مختلط 23 يونيه سنة 1910 م 22 ص 381 – 6 ابريل سنة 1911 م 23 ص 251 – 26 يونيه سنة 1912 م 24 ص 420 – 18 نوفمبر سنة 1912 م 25 ص 26 – وانظر في جواز النزول ولو ضمنا عن الشرط القاضي بالفسخ : استئناف مختلط 22 نوفمبر سنة 1932 م 45 ص 34 .

( [846] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1147 ص 477 .

( [847] ) أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 419 – ص 420 .

( [848] ) الوسيط للمؤلف الجزء الثاني فقرة 514 .

( [849] ) أنظر في هذا المعنى في عهد التقنين المدني السابق : نقض مدني ) مايو سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 58 ص 192 – استئناف مختلط 13 ابريل سنة 1905 م 17 ص 207 – 29 ابريل سنة 1926 م 38 ص 378 – أنظر عكس ذلك : استئناف وطني 16 فبراير سنة 1915 المجموعة الرسمية 16 ص 111 – استئناف مختلط 18 ابريل سنة 1894 م 6 ص 235 – 14 مارس سنة 1917 م 29 ص 288 – 5 مارس سنة 1954 م 36 ص 251 .

( [850] ) أنظر في هذه المسألة ما سبق أن قدمناه في الوسيط الجزء الثاني ص 910 هامش رقم 1 – ويجب لاحالة القضية على التحقيق لإثبات الفوائد الربوية أن تقوم قرائن جدية في احتمال وجود هذه الفوائد الربوية : استئناف مختلط 29 مارس سنة 1 900 م 12 ص 184 – 17 فبراير سنة 1903 م 15 ص 148 – 29 يناير سنة 1908 م 20 ص 71 – 15 فبراير سنة 1911 م 23 ص 174 – 15 فبراير سنة 1911 م 23 ص 185 – 16 ديسمبر سنة 1912 م 25 ص 88 – 27 أكتوبر سنة 1915 م 28 ص 3 – 23 فبراير سنة 1916 م 28 ص 167 – ) مارس سنة 1916 م 28 ص 192 – 28 فبراير سنة 1917 م 29 ص 256 – 15 نوفمبر سنة 1917 م 30 ص 40 – 31 مارس سنة 1924 م 36 ص 285 – 7 ابريل سنة 1937 م 49 ص 180 .

( [851] ) تاريخ النصوص :

م 543 : ورد هذا النص في المادة 729 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " ينتهي القرض بانقضاء الميعاد المتفق عليه . أما إذا لم يحدد العقد أجلاً للقرض ، اتبع في شأنه حكم المادة 395 ( أي المادة 272 مدني وهي خاصة بالزام المدين بالوفاء عند المقدرة أو الميسرة ) " . وأقرت لجنة المراجعة النص تحت رقم 571 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ تناقض الأعضاء فيما إذا كان القرض لم يحدد له أجل ايكون الرد حالا أو تكون نية المتعاقدين قد انصرفت إلى أن يكون الدفع عند الميسرة ، وانتهت اللجنة إلى حذف عبارة " فإذا لم يحدد العقد أجلاً للقرض إلخ " اكتفاء بالقواعد العامة . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته تحت رقم 543 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 421 – ص 423 ) .

م 544 : ورد هذا النص في المادة 731 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " إذا اتفق على سعر للفوائد يزيد على السعر القانونين ، كان للمدين ، إذا انقضت ستة أشهر على القرض ، أن يعلن رغبته في رد ما اقترضه ، على ألا يتم الرد إلا بعد مضى ستة أشهر من هذا الإعلان – وحق المقترض في الرد لا يجوز الاتفاق على إسقاطه أو على الحد منه " . وأقرت لجنة المراجعة النص مع تحويرات لفظية تحت رقم 572 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ عدل النص تعديلا جعله مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار أكثر تمشياً مع حاجات المتعاملين ، وقد كان قبل تعديله يشترط في القرض إني كون بسعر يزيد على السعر المقرر للفوائد القانونية ولا يجيز الرد إلا بعد مضى ستة أشهر من تاريخ الإعلان ولم يكن ينظم تنظيما مفصلا علاقة الدائن بالمدين . ثم وافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته تحت رقم 544 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 424 وص 426 – ص 427 ) .

( [852] ) ولكن النص الأول ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة . أما النص الثاني فنص استحدثه التقنين المدني الجديد ، ولما كان حكمه يعتبر من النظام العام ، فإنه يسري على القروض التي عقدت قبل يوم 15 أكتوبر سنة 1949 .

( [853] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 511 – 512 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 542 – 543 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 689 : 1 – يجب على المستقرض رد مثل الأعيان المقترضه قدراً ووصفاً في الزمان والمكان المتفق عليهما . 2 – فإذا لم يتفق على الزمان ، كان للمقترض أن يسترده في أي وقت . 3 – وإذا لم يتفق علىالمكان ، كان الرد واجباً في مكان العقد .

م 690 – إذا وقع القرض على شيء من المكيلات أو الموزونات أو المسكوكات أو الورق النقدي ، فرخصت اسعارها اوغلت ، فعلى المستقرض رد مثلها ولا عبرة برخصها وغلائها .

م 691 : إذا لم يكن في وسع المستقرض رد مثل الأعيان المقترضة بأن استهلكها فانقطعت عن أيدي الناس ، فللمقرض أن ينتظر إلى أن يوجد مثلها أو أن يطالب بقيمتها يوم القبض .

( وأحكام التقنين العراقي في مجموعها متفقة مع أحكام التقنين المصري ، إلا أن التقنين العراقي يجعل رد القرض حالا إذا لم يكن هناك اتفاق على أجل للرد ، أما التقنين المصري فقد ترك هذه المسألة للقواعد العامة – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 227 – فقرة 232 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 671 : على المقترض إني رجع ما يضارع الشيء المقرض نوعاً وصفة .

م 762 : لا يجوز إجبار المقترض على رد ما يجب عليه قبل حلول الأجل المعين بمقتضى العقد أو العرف . وإنما يجوز له أن يرده قبل الأجل ، ما لم يكن هذا الرد مضراً بمصلحة المقرض .

م 763 : وإذا لم يعين أجل ، كان المقترض ملزماً بالرد عند أي طلب يأتيه من المقرض .

وإذا اتفق الفريقان على أن المقترض لا يوفي إلا عند تمكنه من الإيفاء أو حين تتسنى له الوسائل ، فللمقترض عندئذ أن يطلب من القاضي تعيين موعد للإيفاء .

م 764 : يجب على المقترض بأن يرد الشيء المقرض في المكان الذي عقد فيه القرض . إذا لم يكن هناك اتفاق مخالف .

م 765 : إن نفقات الاستلام والرد على المقترض .

( ويختلف التقنين اللبناني عن التقنين المصري فيما يأتي : " 1 – لا يجوز في التقنين اللبناني الرد قبل الأجل إذا كان الرد مضراً بمصلحة المقرض . 2 – عند عدم الاتفاق على أجل للرد ، يكون الرد في التقنين اللبناني عند أول طلب من المقرض . ( 3 – الرد في التقنين اللبناني يكون في المكان الذي عقد فيه القرض ما لم يكن هناك اتفاق مخالف ) .

( [854] ) أما إذا رد المقترض بموجب شرط مقداراً أكبر كان الزائد أجراً للقرض ، أو رد مقداراً أقل كان الباقي هبة . وإذا رد شيئاً من نوع آخر كان العقد مقايضة ، فإذا كان الشيء الآخر نقوداً كان العقد بيعاً ( بودري وفال 23 فقرة 749 . الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 304 – فقرة 305 ) .

( [855] ) أنظر م 690 عراقي آنفاً فقرة 312 في الهامش – وإذا تأخر المقترض في الرد ، وأعذره المقرض ، فإن هذا يسترد الشيء المقترض مع تعويض هو قيمة ما لحقه من خسارة وما فاته من كسب بسبب تأخر المقترض في الرد ، وذلك وفقاً للقواعد العامة ( الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 312 ) .

( [856] ) قارن م 691 عراقي آنفاً فقرة 312 في الهامش .

( [857] ) أنظر م 134 مدني وقد نصت على هذا الحكم صراحة . وإذا تأخر المقترض في الرد ، فلا تستحق فوائد عن التأخر في رد النقود إلا وفقاً للقواعد العامة المقررة في الفوائد ، فإذا كانت الفوائد مشترطة بسعر معين إلى يوم الرد ، بقيت هذه الفوائد سارية حتى يرد المقترض القرض . وإذا لم تكن هناك فوائد مشترطة ، أو انتهى سريان الفوائد المشترطة ، لم يكن للمقرض حق في الفوائد إلا بالسعر القانوني ومن يوم المطالبة القضائية بهذه الفوائد .

( [858] ) أنظر الوسيط للمؤلف الجزء الأول فقرة 224 – فقرة 226 – وانظر في شروط الفت في التعامل في فرنسا ترمى إلى تأمين المقرض من انخفاض سعر العملة ، كالدفع بعملة أجنبية أو بسعر سلعة معينة أو بحسب الأرقام القياسية للأسعار في مجموعها ، وقيمة هذه الشروط من الناحية القانونية : بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1145 مكررة ثانياً – فقرة 1145 مكررة ثالثاً .

( [859] ) قارن م 476 / 580 مدني سابق ، وهي تقضي بأن يكون الرد في المحل الذي حصلت فيه العارية . والعبرة بتاريخ القرض ، فإن أبرم قبل 15 أكتوبر سنة 1 949 سرت أحكام التقنين السابق ، وإلا فأحكام التقنين الجديد .

( [860] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 418 – ص 419 في الهامش .

( [861] ) محكمة جنح مصر المختلطة 8 مارس سنة 1943 م 56 ص 8 .

( [862] ) أنظر الوسيط للمؤلف الجزء الثالث فقرة 70 – وإذا اشترط المقرض عدم الإعذار صح الشرط ( استئناف مختلط 6 ابريل سنة 1944 م 56 ص 102 ) .

( [863] ) أنظر م 273 مدني – وانظر في كل ذلك الوسيط للمؤلف جزء 3 فقرة 71 – فقرة 74 .

وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد ينص في المادة 732 منه على أنه " يجوز للمقرض إلا يسلم ما أقرضه أو أن يسترده قبل الأجل ، إذا أعسر المقترض بعد القرض ، أو كان معسراً قبل ذلك ولكن المقرض لم يعلم بالإعسار إلا بعد تمام العقد " . فحذف هذا النص في لجنة لمراجعة اكتفاء بالقواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 424 – ص 425 في الهامش ) . ويلاحظ أنه في حالة ما إذا كان المقترض معسراً قبل القرض ولم يكن المقرض عالماً بهذا الإعسار ، اعتبر المقرض وقعاً في غلط جوهري ، وجاز له إبطال القرض واسترداد الشيء المقترض قبل الأجل .

( [864] ) أنظر في حلول الأجل بالنزول عنه ممن له مصلحة فيه الوسيط للمؤلف 3 فقرة 76 – وانظر م 762 لبناني آنفاً فقرة 312 في الهامش – ويجوز أن يجبر المقرض على استيفاء القرض قبل الأجل المشترط لمصلحته ، وذلك إذا كان القرض مضموناً بعقار مرهون رهناً رسمياً ، وباع المقترض حق العقار المرهون ، فظهر المشتري العقار وأجبر المقرض على استيفاء حقه على هذا النحو . وفي هذه الحالة يستطيع المقرض أن يرجع على المقترض بتعويض عما أصابه من الضرر بسبب تعجيل الوفاء قبل الميعاد ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1146 مكررة ص 475 ) .

( [865] ) وقد كان المشروع التمهيدي لنص المادة 544 مدني يشترط أن تكون الفوائد أزيد من السعر القانوني ، ولكن هذا القيد حذف في لجنة مجلس الشيوخ ( أنظر آنفاً فقرة 785 في الهامش ) .

( [866] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 425 – وانظر في هذه المسألة الوسيط للمؤلف جزء 3 فقرة 76 ص 127 – وانظر تشريعاً استثنائيا في فرنسا يقضي بجواز تعجيل دفع الدين قبل الأجل ولو كان ينتج فوائد دون حاجة إلى رضاء الدائن : الوسيط للمؤلف جزء 3 ص 127 هامش رقم 1 .

وقد كان القضاء المختلط في عهد التقنين المدني السابق يقضي بجواز الرد المعجل في مقابل تعويض ، إذا اتفق الطرفان على ذلك ، في غير مجاوزة للحد الأقصى للسعر الإتفاقي : استئناف مختلط 16 نوفمبر سنة 1892 م 5 ص 10 – 11 نوفمبر سنة 1896 م ) ص 33 – ) ديسمبر سنة 1896 م ص 47 – 25 مارس سنة 1897 م ) ص 250 – ) مارس سنة 1899 م 11 ص 149 – 9 ديسمبر سنة 1903 م 16 ص 45 – 18 مايو سنة 1905 م 17 ص 290 – 7 يونية سنة 1905 م 17 ص 333 – 20 نوفمبر سنة 1908 م 20 ص 8 – 16 يونيه سنة 1909 م 21 ص 387 – 10 يونيه سنة 1910 م 22 ص 374 – 17 مايو سنة 1911 م 23 ص 324 – 11 يونيه سنة 1913 م 25 ص 442 – 16 مايو سنة 1916 م 28 ص 333 – 16 مارس سنة 1920 م 32 ص 196 – 3 مايو سنة 1921 م 33 ص 488 . 19 ابريل سنة 923 م 35 ص 380 – 29 ابريل سنة 926 م 38 ص 378 – 15 فبراير سنة 1927 م 39 ص 243 – 28 فبراير سنة 1935 م 47 ص 177 – 29 ابريل سنة 1938 م 38 ص 378 – 27 ابريل سنة 1944 م 56 ص 130 – 11 مارس سنة 1948 م 60 ص 84 – 14 ابريل سنة 1949 م 61 ص 95 ( اشترطت الشركة المقترضة جواز رد السندات قبل الميعاد ، وجعلت مدة 53 سنة هي الحد الأقصى للرد ، فيجوز لها الرد قبل ذلك دون دفع تعويض ) .

( [867] ) أنظر أيضاً في هذا المعنى م 689 / 2 عراقي وم 763 لبناني آنفاً فقرة 312 في الهامش .

( [868] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 422 – ص 423 – وانظر آنفاً فقرة 785 في الهامش . وانظر أيضاً م 726 / 3 من المشروع التمهيدي ، وقد حذفت هي أيضاً اكتفاء بالقواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 418 – ص 419 في الهامش ) .

( [869] ) ولكن يجوز للقاضي أن يمنح المقترض نظرة الميسرة ، وفقاً للقواعد العامة .

( [870] ) قارب الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 106 – وقد كانت المادة 475 / 579 مدني سابق تنص على ما يأتي : " على المستعير أن يؤدي في الوقت المتفق عليه ما استعاره . وإذا لم يعين لأداء المستعار ميعاد ، اوصار الاتفاق على أن المستير يؤديه عند إمكانه ، فيعين القاضي الوقت الذي يقتضي حصول الأداء فيه " .

( [871] ) أنظر في هذه المسألة الوسيط للمؤلف الجزء الثالث فقةر 54 – وانظر في الشرط القاضي بأن المقترض يرد القرض عندما يشاء ، فلا يحل أجل الرد إلا إذا شاء المقترض الرد حال حياته ، وإلا لم يحل الرد إلا بموت المدين : الوسيط للمؤلف الجزء الثالث ص 87 هامش رقم 2 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1146 مكرره – وقارن بودري وفال 23 فقرة 768 – وانظر في أحوال أخرى بودري وفال 23 فقرة 679 – فقرة 770 .

( [872] ) وكان الدخل الدائم في القانون الفرنسي القديم يعتبر عقاراً ، إذ يشبه دخل العقار في دوامه . أما في القوانين الحديثة ، فالدخل الدائم نقود أو أشياء مثلية أخرى ، فهو دائماً منقول . ويبقى مخنقولا حتى لو كان مضموناً برهن رسمي ( بودري وفال 23 فقرة 955 ) .

( [873] ) ومن ثم غلب على الدخل الدائم أن يكون عقداً من عقود القانون العام ( جوسران 2 فقرة 1358 ) .

( [874] ) أنظر في كل ذلك بودري وفال 23 فقرة 947 – فقرة 950 .

( [875] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 723 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 573 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 545 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 429 – ص 430 ) .

( [876] ) التقنين المدني السابق : م 479 / 583 : يحوز أن يشترط في عقد الاقتراض بالفائدة أن المقرض ليس له طلب رأس المال أبداً ، وأن للمقترض رده في أي وقت أراد . وفي هذه الحالة يسمى العقد المذكور عقد ترتيب إيراد ، وتسمى الفائدة باسم مرتب ، ومع ذلك يجوز للمقرض أن يستحصل على حكم برد رأس ماله إذا لم يوف المقترض بما التزم به أو إذا امتنع عن أداء التأمينات المشترطة أو أعدمها أو وضع في حالة الإفلاس .

م 481 / 589 : تتبع القواعد المقررة سابقاً في حالة تقرير مرتبات مؤبدة أو مقيدة بمدة الحياة في مقابلة بيع أو عقد آخر أو مجرد تبرع .

( وأحكام التقنين السابق في مجموعها متفقة مع أحكام التقنين الجديد ) .

( [877] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 513 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 544 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 694 ( موافق – الأستاذ حسن الذنون ص 235 ) .

( [878] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " و لا يجوز أن يكون هذا الدخل أعلى من السعر الإتفاقي للفائدة ، لأن الدخل إنما هو فائدة لراس المال الذي تم إقراضه . . . ويؤدى الدخل للمستحق ولخلفائه من بعده على الدوام . ولذلك كانت الحكومات والمصارف هي اصلح الهيئات لترتيب المدخل الدائم ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 429 ) .

( [879] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 205 – ثم إنه في الطريقة الأولى لا يجوز أن يزيد الدخل على الحد الأقصى للفوائد الاتفاقية بالنسبة إلى الثمن المقدر في العقد . وأما في الطريقة الثانية فلا يوجد ثمن مقرر في العقد ، والثمن هو الدخل ذاته ، فلا قيد عليه من حيث الحد الأقصى للفوائد الاتفاقية ، إلا إذا قصد بذلك ستر الربا الفاحش ( الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 354 ) .

( [880] ) بودري وفال 23 فقرة 960 .

( [881] ) بودري وفال 23 فقرة 963 .

( [882] ) بودري وفال 23 فقرة 969 .

( [883] ) انسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ ren constituee فقرة 34 - الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 362 – ويبدأ سريان التقادم من وقت وجود الالتزام بالدخل الدائم ، لأنه من ذلك الوقت يكون نافذاً ، حعتى قبل حلول أي قسط من أقساط . فإذا انقضى منذ وجود الالتزام بالدخل الدائم خمس عشرة سنة ، سقط الإلتزام . والمفروض في هذه الحالة أن أي قسط من أقساط الدخل لم يدفع ، لأنه لو دفع قسط منها فقد انقطع التقادم ، وبدأ تقادم جديد يسري منذ الانقطاع دون حاجة لانتظار حلول قسط تال . فإذا لم يدفع أي قسط ، فمدة التقادم تسري كما قدمنا منذ وجود الالتزام دون حاجة لانتظار حلول أول قسط منه ، فقد لا يحل إلا بعد سنة ، فيتقادم الالتزام بالدخل بعد خمس عشرة سنة من وجوده ، أي بعد أربع عشرة سنة من حلول أول قسط ( أنظر في هذه المسألة الوسيط 3 فقرة 617 ص 1064 ) .

( [884] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 734 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وحور في لجنة المراجعة تحويراً لفظياً فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين الجديد ، وحور في لجنة المراجعة تحويراً لفظياً فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين الجديد ، وصار رقمه 574 في المشروع النهائي ، ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 546 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 431 – 432 ) .

( [885] ) والعبرة بتاريخ تمام التصرف القانونين الذي رتب الدخل ، فإن كان هذا التاريخ قبل 15 أكتوبر سنة 1949 فأحكام التقنين السابق هي التي تسري ، وإلا فأحكام التقنين الجديد .

( [886] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 514 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 545 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 695 : 1 – للمدين في الدخل الدائم حق إيفاء العوض الذي تأسس عليه الدخل ، وذلك بعد مضى خمس عشرة سنة على العقد . 2 – ويجوز الاتفاق على ألا يحصل الإيفاء ما دام مستحق الدخل حياً أو لمدة تزيد على خمس عشرة سنة أو تقل عنها . 3 - ولا يستعمل حق الإيفاء إلا بعد إعلان الرغبة في ذلك وانقضاء سنة على هذا الإعلان .

( ويختلف التقنين العراقي عن التقنين المصري في أن الدخل الدائم في التقنين العراقي لا يكون في الأصل قابلا للاستبدال إلا بعد انقضاء خمس عشرة سنة ، إلا إذا اتفق على مدة أقل أو أكثر أو طول حياة الدائن – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 236 ) .

( [887] ) وحق المدين في الاستبدال لا يزول بالتقادم لأنه رخصة والرخص لا تزول بالتقادم ، فلو بقى المدين بالدخل لا يستعمل حق الاستبدال مدة أطول من خمس عشرة سنة لم يزل حقه ، وجاز له طلب الاستبدال بعد خمس عشرة سنة أو بعد أية مدة أطول من ذلك ( بودري وفال 23 فقرة 978 ) .

( [888] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 435 - الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 120 – وإذا اشترط الدائن على المدين أنه يجوز للدائن أن يطلب الاستبدال بعد انقضاء مدة معينة ، لم يكن هذا دخلا دائماً ، بل قرضاً عادياً جعل وقت الرد فيه لا يحل إلا بعد انقضاء مدة معينة " بودري وفال 23 فقرة 988 ) .

( [889] ) بودري وفال 23 فقرة 980 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2932 ص 892 - الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 120 .

( [890] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 435 .

( [891] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 435 .

( [892] ) أنظر م 546 / 3 مدني .

( [893] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 735 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن العبارة حرف ( ج ) في المشروع التمهيدي كانت على الوجه الآتي : " إذا أفلس المدين أو أعسر أو صفيت أمواله تصفية قضائية " ، فحذفت عبارة " أو صفيت أمواله تصفية قضائية " في لجنة المراجعة ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين الجديد ، وصار رقمه 575 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 547 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 433 – ص 434 ) .

( [894] ) التقنين المدني السابق م 479 فقرة 2 / 585 : ومع ذلك يجوز للمقرض أن يستحصل على حكم برد رأس ماله إذا لم يوف المقترض بما التزم به ، أو إذا امتنع عن أداء التأمينات المشترطة أو أعدمها أو وقع في حالة الإفلاس .

( وأحكام التقنين السابق في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين الجديد ، إلا أن التقنين السابق لا يشترط تأخر المدين في الدفع سنتين متواليتين ، بل كان تأخره في الدفع ولو أقل من ذلك يكون محل تقدير القاضي وفقاً للقواعد المقررة في الفسخ – والعبرة بتاريخ تمام الدخل ، فإذا كان هذا التاريخ قبل 15 أكتوبر سنة 1949 فأحكام التقنين السابق هي التي تسري ، وإلا فأحكام التقنين الجديد ) .

( [895] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 515 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 546 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 696 ( موافق – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 237 ) .

( [896] ) قارن الأستاذ الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 121 ص 235 ( ويذهب إلى أن هذا ليس بفسخ بل هو سقوط للأجل ) . على أن الفسخ هنا هنا لا يكون للقاضي في الحكم به سلطة تقديرية ، بل يجب أن يحكم بالفسخ ( أنظر بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2933 – وقارن جوسران 2 فقرة 1357 ) .

( [897] ) أنظر آنفاً فقرة 327 . وليس هذا الحكم من النظام العام ، فيجوز الاتفاق على أن التأخر سنة عن دفع الأقساط يكفي للفسخ ، كما يجوز الاتفاق على أن الفسخ لا يكون إلا إذا تأخر المدين عن الدفع ثلاث سنين أو أكثر ( بودري وفال 23 فقرة 990 )

( [898] ) ومن ثم لا يحتاج الدائن إلى طلب حكم بالفسخ ، ولا يجوز منح المدين نظرة الميسرة إذا ما طلب الدائن من القاضي تقرير أن الأجل قد سقط .

( [899] ) أنظر م 273 / 2 و 3 مدني – والوسيط للمؤلف جزء 3 فقرة 73 – فقرة 74 .

( [900] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وعلى ذلك يجب التفريق بين ما إذا كان انعدام التأمينات أو نقصها يرجع إلى فعل المدين ، فيكون الدائن بالخيار بين الفسخ أو إرجاع التأمينات إلى ما كانت عليه ، وما إذا كان ذلك يرجع لسبب لا دخل لإرادة المدين فيه ، فيكون الخيار له لا للدائن . ويجب أن تفهم التأمينات أيضاً على أنها تشمل كل تأمين خاص ، ولو أعطى بعقد لاحق أو بمقتضى القانون أو بحكم من القضاء " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 436 ) .

( [901] ) أنظر م 273 / 1 مدني – والوسيط للمؤلف جزء 3 فقرة 72 .

( [902] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 736 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة ، وأصبح رقمه 576 في المشروع التمهيدي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 548 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 434 – ص 436 ) .

( [903] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 516 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 547 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 697 ( موافق – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 238 ) .

( [904] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وإذا حق الرد ، سواء لأن المدين اختاره أو لأنه اجبر عليه ، فإن كان رأس المال مبلغاً من النقود ، كان هذا المبلغ هو الواجب الرد ، ويجوز الاتفاق على أن يرد مبلغ أقل . أما الاتفاق على مبلغ أكبر ففيه شبهة الربا الفاحش " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 436 ) .

وتنتفي هذه الشبهة لو أنه اشترط رد مبلغ أكبر ، دون أن تكون الزيادة لو أضيفت إلى ما قبضه الدائن من أقساط الدخل تجاوز الحد الأقصى لسعر الفائدة الاتفاقية ( أنظر في هذا المعنى الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 122 ) .

( [905] ) أنظر آنفاً فقرة 322 .

( [906] )          مراجع : أوبرى ورو وإسمان الطبعة السادسة جزء 6 – بودري وفال الطبعة الثالثة جزء 23 – بلانيول وريبير وسافاتييه الطبعة الثانية جزء 11 – بلانيول وريبير وبولانجيه الطبعة الثالثة جزء 2 – كولان وكابيتان ودي لامور اندبير طبعة عاشرة جزء 2 – جوسران طبعة ثانية جزء 2 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction جيرو – ( Glraud ) في الصلح رسالة من ليون سنة 1901 – فرويمسكو ( Froimesco ) في الغلط في الصلح رسالة من باريس سنة 1923 – بواييه ( Boyer ) في الصلح رسالة من تولوز سنة 1947 – ميرال ( Merle ) في النظرية العامة في التصرف الكاشف رسالة من تولوز سنة 1949 .

الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة جزء أول – الأستاذ محمد علي عرفة سنة 1949 - الأستاذ محمود جمال الدين زكي في العقود المسماة سنة 1953 – الأستاذ أكثم أمين الخولي في العقود المدنية سنة 1957 .

( [907] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 737 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " الصلح عقد يحسم به الطرفان نزاعاً قائماً ، أو يتوقيان نزاعاً محتملا ، وذلك بأن ينزل كل منهما عن ادعاء له يتصل برابطة قانونية قائمة بينهما " وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 577 في المشروع النهائي . . ووافق عليه مجلس النوا بز وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت العبارة الأخيرة من النص ، واستعيض عنها بعبارة يفهم منها أن الصلح يتم بأن ينزل كل من الطرفين على وجه التقابل عن جزء من ادعاء له ، والتعديل يجعل المعنى أدق ، دون أن يغير من جوهر التعريف وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم 549 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 439 – ص 441 ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق م 532 / 653 : الصلح عقد به يترك كل من المتعاقدين جزءاً من حقوقه على وجه التقابل لقطع النزاع الحاصل أو لمنع وقوعه .

( وتعريف التقنين السابق يتفق مع تعريف التقنين الجديد ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 517 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 548 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 698 : الصلح عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة بالتراض ي .

( ولا ينص التعريف على وجوب التضحية من الجانبين ، ولكنه في مجموعة يتفق مع تعريف التقنين المصري – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 240 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1035 : الصلح عقد يحسم به الفريقان النزاع القائم بينهما أو يمنعان حصوله بالتساهل المتبادل .

( وتعريف التقنين اللبناني يتفق مع تعريف التقنين المصري ) .

( [908] ) قارب استئناف مختلط 28 يناير سنة 1891 م 3 ص 165 – وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 440 .

( [909] ) استئناف مختلط 17 يناير سنة 1906 م 18 ص 73 . وكانت المادة 750 من المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد تنص على أن " يكون الصلح قابلا للبطلان إذا حسم نزاعاً سبق أن صدر بشأنه حكم نهائي ، وكان الطرفان أو أحدهما يجهل صدور هذا الحكم " . فهنا انعدم النزاع لحسمه بالحكم النهائي ، فلا يقوم الصلح بعد ذلك .

( [910] ) استئناف وطني 18 يناير سنة 1894 الحقوق ) ص 69 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1564 .

( [911] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1564 ص 1014 – الأستاذ اكثم الخولي فقةر 8 – وقارن الأستاذ محمد على عرفة ص 389 – ص 390 و الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 13 هامش رقم 5 .

( [912] ) والفرق بين النزاع القائم والنزاع المحتمل أن الأول يتضمن أمرين : تعارض المصالح والمطالبة القضائية . أما النزاع المحتمل فيتضمن تعارض المصالح ومجرد إمكان المطالبة القضائية التي توافرت شروطها ولكنها لم تقع فعلا ( بوابيه في الصلح ص 40 – الأستاذ اكثرم الخولي ص 9 هامش رقم 1 ) . فإذا لم يوجد نزاع قائم أو محتمل ، لم يكن العقد صلحاً . ومن ثم لا يعتبر الشرط الجزئي صلحاً ، لأنه شرط اتفق عليه الطرفان لا حسما لنزاع قائم أو لنزاع محتمل توافرت فيه شروط الدعوى دون أن ترفع ، بل هو اتفاق على تعيين مقدار التعويض مقدماً قبل أن تتوافر شروط الدعوى وقبل أن يمكن رفعها ( الأستاذ أكثم الخولي فقرة 5 ص 10 ) .

( [913] ) وقد يكون متأكداً من حقه ، بل ولا يشك في نتيجة التقاضي وأنه سيحصل على حكم لصالحه ، ومع ذلك يقدم على الصلح ، لأنه يريد توقى طول إجراءات التقاضي ، أو يريد أن يتفادى طرح الخصومة أمام القضاء وما قد يستتبع ذلك من علانية وتشهير . ففي هذه الحالة يكفي احتمال قيام النزاع ، دون حاجة إلى قيام الشك حتى في نتيجة التقاضي . وسنرى أنه يكفي في عنصر التضحية من الجانبين أن أحد الجانبين ينزل عن جزء من ادعائه في نظير أن ينزل الآخر عن التقاضي ( أنظر ماي لي فقرة 346 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 7 ) .

( [914] ) بودري وفال 24 فقرة 1202 .

( [915] ) بودري وفال 24 فقرة 1202 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1564 .

( [916] ) استئناف مصر 30 ابريل سنة 1930 المحاماة 11 رقم 86 - الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة ) .

( [917] ) نقض فرنسي 10 مايو سنة 1903 داللوز 1903 – 1 – 485 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1565 - الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة ) – وقضت محكمة إيتاي البارود بأنه إذا ظهر أن النص في العقد المعنون بالصلح بالتزام كل من المتداعيين بأتعاب محامين كان بعيداً عن أصل الالتزام المراد إنهاؤه صلحاً مع بقاء هذا الالتزام مقراً به برمته ، وجب الفصل في الدعوى على ألا صلح فيه ( 6 ابريل سنة 1931 المحاماة 12 رقم 389 ص 790 ) .

( [918] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1565 .

( [919] ) بودري وفال 24 فقرة 1210 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1565 – وهذا غير أن يتقدم الطرفان بالصلح إلى المحكمة التصدق عليه ، وسيأتي بيان ذلك فيما يلي .

( [920] ) أنظر في طبيعة هذا النزول المتبادل ، وفي أنه نزول لا حوالة حق متنازع فيه : بواييه في الصلح ص 309 – الأستاذ اكثم الخولي فقرة 7 - وانظر في أن موضوع النزول هو حق الدعوى لا الحق ذاته ولا مجرد الادعاء الأستاذ أكثم الخولي فقرة 8 .

( [921] ) استئناف وطني 15 يونيه سنة 1899 الحقوق 14 ص 297 – 17 يوليه سنة 1918 الحقوق 33 ص 258 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1563 .

( [922] ) فإذا اقر المدعى عليه بمبلغ الدين كله ، ولكنه اتفق مع المدعى على أن يدفع جزءاً بعد أجل ، فإمهال الدائن لمدينه في دفع جزء من الدين إلى أجل يعد تركا منه لشيء من حقوقه ، ويكون هذا صلحا؟ً ، وتكون المحكمة مخطئة في رفض التصديق عليه بدعوى أن المدين اقر بالدين كله ، وكان ينبغي أن تصدق عليه حتى يتمكن الخصوص من استرجاع نصف ما دفعوه من الرسوم ( مذكرة اللجنة القضائية رقم 32 في 14 مايو سنة 1912 - الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة ص 499 هامش رقم 1 ) . أنظر أيضاً : نقض مدني 22 أكتوبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 8 ص 85 – أما إذا حصل الدائن على إقرار كامل بحقه دون أن ينزل عن شيء منه أو يبذل أية تضحية ، فهذا إقرار من المدين وليس صلحاً ( استئناف مختلط 17 يناير سنة 1918 م 30 ص 162 ) .

( [923] ) ويؤثر بذلك صلحاً يخسر فيه على قضية يكسبها ( Une mauvaise transaction vant mieux qu'un bon process ) ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1566 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 12 ) .

وكما يتحقق الصلح لو أن كلا من الطرفين نزل عن جزء من ادعائه ، كذلك يتحقق لو أن أحد الطرفين نزل عن كل ادعائه في مقابل مال آخر خارج عن موضوع النزاع ، كما إذا تنازع شخصان على ملكية دار ثم اصطلحا على أن يأخذ أحدهما الدار في نيظر أن يعطي للأخر أرضا أو مبلغاً من النقود لم يكن داخلا في النزاع . ويسمى المال الذي أعطى في نظير الصلح بدل الصلح . وإذا كان الصلح كاشفاً بالنسبة إلى الدار الداخلة في النزاع ، فإنه يكون ناقلا بالنسبة إلى بدل الصلح ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1575 - الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 10 ص 16 – ص 17 ) . . على أنه حتى في هذه الصورة يمكن القول بأن كلا من الطرفين نزل عن جزء من ادعائه ، فمن خلصت له ملكية الدار نزل عن جزء من ادعائه فيها واشترى هذا الجزء الذي نزل عنه بما دفعه إلى الآخر فخلصت له الدار كاملة ، ومن أخذ النقود نزل عن جزء من ادعائه وباع الجزء الآخر الذي لم ينزل عنه بالنقود التي أخذها ( الأستاذ أكثم الخولي ص 16 هامش رقم 2 ) .

( [924] ) ويكون هناك صلح لا تحكيم إذا نزل كل من الطرفين عن جزء من ادعائه ، وتركا تقدير مدى ما يدفعه كل منهما للأخر إلى خبير بعد أن يحددا في الصلح الأسس التي يبني عليها الخبير تقديره ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1567 ص 1016 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 420 ص 248 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 25 ) .

( [925] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1567 ص 1017 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 29 .

( [926] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 418 ص 243 – جوسران 2 فقرة 1458 .

وقد نصت المادة 539 / 661 من التقنين المدني السابق على أنه " إذا كان العقد المعنون باسم الصلح يتضمن في نفس الأمر هبة أو بيعاً أو غيرهما ، أياً كانت الألفاظ المستعملة فيه ، فالأصول السالف ذكرها لا تجري إلا إذا كانت موافقة لنوع العقد المعنون بعنوان الصلح " . وكان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يتضمن نصاً مقابلا هو المادة 740 من هذا المشروع ، وكان يجري على الوجه الآتي : " إذا كان ما يسميه المتعاقدان صلحاً إنما ينطوي ، رغم هذه التسمية ، على هبة أو بيع أو أية علاقة قانونية أخرى ، فإن أحكام العقد الذي يستره الصلح هي التي تسري على الاتفاق من حيث صحته ومن حيث الآثار التي تترتب عليه " . وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في خصوص هذا النص : " إذا لم يكن هناك نزول عن ادعاءات متقابلة ، بل نزل أحد الطرفين عن ادعائه ولم ينزل الطرف الآخر عن شيء ، كما إذا اعترف حائز العقار بملكيته لمدعيها وأعطاه مبلغاً من النقود نظير التنازل عن الدعوى ، فلا يكون هذا صلحاً بل بيعاً . فإن تنازل المدعى عن دعواه دون مقابل ، كان هذا هبة . وتطبق أحكام البيع والهبة " . ولكن هذا النص حذف في لجنة المراجعة ، اكتفاء بتطبيق قواعد الصورية ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 444 – ص 445 في الهامش ) .

ونصت المادة 707 من التقنين المدني العراقي على أنه " إذا كان المدعى به عيناً معينة ، وأقر المدعى عليه بها للمدعى وصالحه عليها بمال معلوم ، صح الصلح وكان حكمه حكم البيع " . ونصت المادة 708 من نفس التقنين على أنه " إذا ادعى شخص على آخر عيناً في يده معلومة كانت أو مجهولة ، وادعى عليه الآخر بعين كذلك في يده ، واصطلحا على أن يكون ما في يد كل منهما في مقابلة ما في يد الآخر ، صح الصلح وكان في معنى المقايضة فتجري عليه أحكامها ولا تتوقف صحته على صحة العلم بالعوضين " . ونصت المادة 709 على أنه " إذا صالح المدعى خصمه على بعض المدعى فيه ، كان هذا أخذا لبعض حقه وإسقاطاً لباقيه " . ونصت المادة 701 على أنه " في جميع الأحوال إذا انطوى الصلح على هبة أو بيع أو أي عقد آخر ، فإن أحكام هذا العقد هي التي تسري على الاتفاق من حيث صحته ومن حيث الآثار التي ترتب عليه " .

ونصت المادة 1052 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على أنه " إذا كان العقد الذي سمى مصالحة ينطوي في الحقيقة على هبة أو بيع أو غير ذلك من العقود خلافاً لما يؤخذ من عبارته ، فإن صحته ومفاعيله تقدر وفاقاً للأحكام التي تخضع لها العقد الذي تنطوي عليه المصالحة "

( [927] ) استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1912 م 25 ص 5 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1567 ص 1016 – ص 1017 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 30 – فقرة 31 . من ثم لا يجوز الطعن في القسمة التي تستر صلحاً بالغبن كما يجوز ذلك في القسمة ( انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 167 – فقرة 169 ) .

( [928] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1568 .

( [929] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1659 – وإذا ظهر أن الصلح يستر عقداً آخر ، فأحكام هذا العقد الآخر هي الواجبة التطبيق ( استئناف مختلط 21 ديسمبر سنة 1937 م 50 ص 57 ) .

( [930] ) بون فقرة 462 – جيوار فقرة 82 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 22 .

( [931] ) بودري وفال 24 فقرة 1215 .

( [932] ) أنظر في كل ما تقدم بودري وفال 24 فقرة 1206 .

( [933] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 437 – قارن الأستاذ أكثم الخولي فقرة 2 ص 5 : ويعترض بأن الصلح قد يتضمن تنازلا عن حق شخصي فلا يكون إذن وارداً على الملكية . ويدفع هذا الاعتراض أن التنازل عن حق شخصي هو تنازل عن كيان الحق ذاته أو عن ملكيته ، كما أن حوالة الحق هي نقل الملكية الحق من دائن قديم إلى دائن جديد .

( [934] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 437 .

( [935] ) أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 438 .

( [936] ) وأغفل أيضاً نصاً ثالثاً هو المادة 539 / 661 ، وهي المتعلقة بستر الصلح لعقد آخر ، هبة أو بيع أو غير ذلك ، اكتفاء بتطبيق القواعد العامة ( أنظر آنفاً فقرة 347 في الهامش ) .

( [937] ) وإذا اعترض شخص الصلح على المضرور فلم يقبله هذا ، لم يكن هذا الشخص مقيداً بعرضه ، وجاز له أن يناقش مبدأ المسئولية ذاته ( استئناف مختلط 21 مايو سنة 1908 م 20 ص 241 ) . وإذا رفض شخص الصلح المعروض عليه من آخر ، سقط الإيجاب ، ولم يجز التمسك به بعد ذلك ( استئناف مختلط 23 مارس سنة 1938 م 50 ص 184 ) . وإذا اظهر الدائن استعداداً للنزول عن جزء من حقه ولم يستجب المدين لهذا العرض ، جاز للدائن بعد رفض المدين أن يطالب بحقه كله ، ولا يحتج عليه بما سبق أن عرضه ورفضه المدين ( استئناف مختلط 23 مارس سنة 1938 م 50 ص 184 ) . وسكوت أحد الطرفين في مجلس العقد لا يعتبر قبولا ، لأن الحقوق لا تسقط بالاستنتاج والاحتمال ( محكمة مصر الوطنية 2 مارس سنة 1920 المحاماة 5 رقم 375 / 3 ص 438 ) .

والإيجاب بالصلح وحدة لا تتجزأ ، فلا يجوز قبوله جزئياً ( استئناف مختلط 9 يونيه سنة 1913 م 25 ص 427 – 25 ابريل سنة 1944 م 56 ص 112 ) . والقبول يجوز أن يكون ضمنياً ، فقبول سند اذني وتظهيره إلى مصر فيتولى تحصيل قيمته يتضمن قبول الصلح الذي هو سبب السند الاذني ( استئناف مختلط 12 مارس سنة 1930 م 42 ص 352 ) . ولا يعتبر قبولا ضمنياً للصلح أن يقبل الشخص جزءاً من حقه المستحق الأداء ، ولو ادعى المدين أنه دفع هذا الجزء على سبيل الصلح ، ما دام الدائن لم يظهر أي قبلو لهذا الصلح المدعى به ( استئناف مختلط 23 مارس سنة 1938 م 50 ص 184 ) . والإيجاب الصادر من الدائن بالصلح لا يقيده ما دام المدين لم يقبله ( استئناف مختلط 4 مايو سنة 1899 م 11 ص 205 – 8 يونيه سنة 1932 م 44 ص 364 – 31 ديسمبر سنة 1932 م 44 ص 96 ) . وإذا فشل مشروع صلح اعده شخص توسط بين الطرفين ، فلا يحتج على الطرفين بهذا المشروع ( استئناف مختلط 2 مايو سنة 1917 م 29 ص 393 – مستعجل القاهرة 22 ديسمبر سنة 1945 المحاماة 26 رقم 50 ص 687 ) .

( [938] ) انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 47 .

( [939] ) نقض مدني 18 نوفمبر سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 78 ص 219 – وقد قضت أيضاً محكمة النقض بأنه لا يشترط في الصلح أن يكون ما ينزل عنه أحد الطرفين مكافئاً لما ينزل عنه الطرف الآخر . وإذن فمتى كان التوكيل الصادر إلى وكيل المطعون عليهما يبيح له إجراء الصلح والنزول عن الدعوى ، وكان الصلح الذي عقده مع الطاعنين في حدود هذه الوكالة واستوفى شرائطه القانونية ، بأن تضمن نزول كل من الطرفين عن جزء من ادعاءاته على وجه التقابل حسما للنزاع القائم بينهما ، وكان الحكم المطعون فيه إذا لم يعتد بهذا الصلح ، وإذ قرر أن الوكيل لم يراع فيه حدود وكالته ، أقام قضاءه على أن الصلح الذي عقده فيه غبن على موكليه ، فإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون . ذلك لأن الغبن على فرض ثبوته لا يؤدي إلى اعتبار الوكيل مجاوزاً حدود وكالته ، وإنما محل بحث هذا الغبن وتحديد مدى آثاره يكون في صدد علاقة الوكيل بموكله لا في علاقة الموكل بمن تعاقد مع الوكيل في حدود الوكالة ( نقض مدني 22 أكتوبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 ص 85 ) . وإذا وكل شخص وكيلين عنه في الصلح على أن يعملا معاً ، فانفرد أحدهما بإبرام الصلح ، كان الصلح باطلا ( استئناف مختلط 12 يناير سنة 1905 م 17 ص 76 ) .

( [940] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1571 – وتنص المادة 703 من التقنين المدني العراقي على أن " الوكالة بالخصومة لا تستلزم الوكالة بالصلح ، فإن صالح الدعوى الموكل بالخصومة فيها بلا إذن موكله فلا يصح صلحه " . ولا يجوز لوكيل بالعمولة أن يصالح على حقوق موكله دون إذن خاص ( استئناف مختلط 4 مايو سنة 1899 م 11 ص 205 ) .

( [941] ) نقض مدني 28 مايو سنة 1938 مجموعة عمر 1 رقم 371 ص 1137 استئناف مصر 19 يناير سنة 1933 المحماة 13 رقم 623 ص 122 3 – محكمة مصر الوطنية 19 يناير سنة 1927 المجموعة الرسمية 29 رقم 7 م 2 ص 12 .

( [942] ) استئناف مصر 26 نوفمبر سنة 1935 المحاماة 16 رقم 215 ص 495 – 30 ابريل سنة 1930 المحاماة 11 رقم 86 ص 145 . وقد ذهبت محكمة الاستئناف المختلطة إلى أن للقاضي أن يرفض التصديق إذا وجد في الصلح ما يخالف النظام العام أو الآداب العامة أو ما يضر بمصالح الغير كائدان دخل في التوزيع ولم يكن طرفاً في الصلح ( 15 يونيه سنة 1 937 م 49 ص 265 – وقارن الأستاذ أكثم الخولي ص 41 – ص 42 ) .

( [943] ) وقد قضت محكمة النقض بأن القاضي وهو يصدق على الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة ، لأن مهمته إنما تكون مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من الاتفاق ، وإذن فهذا الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً ليست له حجية الشيء المحكوم فيه ، وإن كان يعطي شكل الأحكام عند إثباته ( نقض مدني 9 مايو سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 58 ص 192 – 19 ابريل سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 115 ص 721 ) .

( [944] ) لكن إذا قبل الخصم الحكم الابتدائي صلحاً وتنازل بهذا الصلح عن الحق في استئنافه ، ثم استأنفه ، وقدم المستأنف عليه إلى محكمة الاستئناف عقد الصلح محتجاً به على خصمه في قبوله الحكم الابتدائي وتنازله عن الحق في استئنافه ، وطلب مؤاخذته به ، فلا شك أن من حق هذا الخصم ( المستأنف ) أن يطعن في هذا العقد ويدفع حجيته عنه ، ومن واجب المحكمة أن تتعرض له وتفصل في النزاع القائم بشأنه بين الطرفين ، فإن هذا العقد حكمه حكم كل دليل يقدم إلى المحكمة فتقول كلمتها فيه أخذاً به أو اطراحا له ، ولا يجب عليها وقف الاستئناف حتى يفصل في الدعوى المقامة بصحة عقد الصلح ونفاذه ( نقض مدني 5 يونيه سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 211 ص 450 ) .

( [945] ) استئناف مختلط 18 مايو سنة 1 944 م 56 ص 151 .

( [946] ) استئناف مصر 26 نوفمبر سنة 1935 المحاماة 16 رقم 215 ص 495 – عكس ذلك استئناف مختلط 24 مايو سنة 1938 م 50 ص 317 . ويكون الصلح المصدق عليه قابلا للفسخ كسائر العقود ، ويكون تفسيره طبقاً للقواعد المتبعة في تفسير العقود لا في تفسير الأحكام ( نقض مدني 20 يناير سنة 1949 المجموعة الرسمية 50 رقم 76 – استئناف وطني 6 يناير سنة 1920 المجموعة الرسمية 21 رقم 57 ص 91 ) .

( [947] ) أنظر في الخلاف الذي كان قائماً في عهد التقنين المدني السابق في جواز الحصول على حق اختصاص الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 22 هامش رقم 4 – وانظر في كل ما تقدم الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 1 فقرة 265 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 376 – ص 378 - الأستاذ أكثم الخولي ص 41 – ص 42 .

( [948] ) وهناك رأي يذهب إلى أنه لا محل لأن يجاري القاضي الخصوم في هذا السبيل الصوري ، فإذا علم بتمام الصلح بين الطرفين وجب عليه أن يصدق على هذا الصلح بمقتضى سلطته الولائية ، لا أن يصدر حكماً متفقاً عليه ( أنظر من هذا الرأي : استئناف مختلط 4 فبراير سنة 1903 م 15 ص 131 - الأستاذ أكثم الخولي ص 43 هامش 3 – وانظر من الرأي العكسي : استئناف مختلط 14 نوفمبر سنة 1934 م 47 ص 23 – 15 يونيه سنة 1937 م 49 ص 265 ) .

( [949] ) استئناف مختلط 24 مايو سنة 1938 م 50 ص 317 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1583 - الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 13 .

( [950] ) وهناك رأي يذهب إلى وجوب الجمع بين العنصرين الشكلي والموضوعي والاعتداد بكل منهما في نطاقه ، فلا يجوز الطعن في الحكم الإتفاقي إلا بطرق الطعن في الأحكام وفي المواعيد المقررة لها ، ولكن الطعن في الموضوع يخضع لأحكام الصلح ولأسباب بطلانه ولا يجوز تعديل هذا الحكم جزئياً لأنه من حيث الموضوع صلح تسري عليه قاعدة عدم التجزئة ( الأستاذ أكثم الخولي ص 43 – ص 44 ) .

( [951] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 741 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 - لا يثبت الصلح إلا بالكتابة ، 2 – وإذا تضمن الصلح إنشاء حق عيني على عقار أو نقل هذا الحق أو تعديله أو انهاءه ، وجب تطبيق الأحكام المتعلقة بالتسجيل " . وأقرت لجنة المراجعة النص بعد حذف الفقرة الثانية ، تحت رقم 580 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ لوحظ أن اشتراط الكتابة في إثبات الصلح يوهم بوجوب صدور الكتابة من الطرفين مع أن الصلح قد يثبت في محضر رسمي أمام القاضي ، فأضيفت إلى النص عبارة " أو بمحضر رسمي " لأن الصلح يقع أحياناً في المحاكم ويثبت في محاضرها . وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم 552 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 447 – ص 448 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن القضاء المختلط كان قد استقر على اشتراط الكتابة لإثبات الصلح . والعبرة بتاريخ تمام عقد الصلح ، فإن كان هذا التاريخ سابقاً على 15 أكتوبر سنة 1949 فالكتابة لا تشترط طبقاً لأحكام التقنين المدني الوطني السابق ، وإلا فالكتابة واجبة طبقاً لأحكام التقنين المدني الجديد .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 520 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 551 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 711 ( مطابق وانظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 251 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1041 : عندما تتضمن المصالحة إنشاء حقوق على أموال عقارية أو غيرها من الأموال المقابلة للرهن العقاري ، أو التفرغ عن هذه الحقوق أو إجراء تعديل فيها ، يجب أن تعقد خطأ . ولا يكون لها مفعول إلا إذا سجلت في السجل العقاري . ( والكتابة في التقنين اللبناني مقصورة على الأحوال المشار إليها في النص ) .

( [952] ) استئناف مختلط 16 نوفمبر سنة 1922 م 35 ص 32 – 28 ابريل سنة 1938 م 50 ص 262 – قارن استئناف وطني 15 يونيه سنة 1899 الحقوق 14 ص 297 – وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 447 – وانظر الأستاذ محمد علي عرفة ص 378 – ص 379 - الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 19 - الأستاذ أكثم الخولي فقرة 24 .

( [953] ) توجب المادة 2044 / 2 من التقنين المدني الفرنسي الكتابة لإثبات الصلح .

( [954] ) نقض فرنسي 28 نوفمبر سنة 1864 داللوز 65 – 1 – 105 – 19 أكتوبر سنة 1885 داللوز 86 – 1 – 416 – 2 أغسطس سنة 1927 جازيت دي باليه 1927 – 2 – 883 - 13 يونيه سنة 1936 داللوز 1936 – 393 – 9 يونيه سنة 1947 J . C . P . 1947 – 2 – 3931 – أنظر في هذه المسألة بودري وفال 24 فقرة 1222 – بيدان 12 فقرة 357 – جوسران 2 فقرة 1453 ويميلون إلى تأييد محكمة النقض الفرنسية – وانظر بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1585 – إسمان في أوبرى ورو 6 فقرة 420 ص 247 وهامش رقم 8 – كولان وكابيتان ودي لامور اندبير 2 فقرة 1380 ص 883 ويميلون إلى العكس من ذلك وتأييد الفقه .

( [955] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 447 .

( [956] ) بودري وفال 24 فقرة 1224 – وإذا كان الصلح صورياً يخفي تحته عقداً آخر ، فقواعد إثبات الصورية هي التي تسري ، وبخاصة القواعد الخاصة بورقة الضد ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1585 ) . وإذا نفذ المدعى عليه الصلح تنفيذاً جزئياً ، لم يقبل منه في إثبات الصلح ضده أن يتمسك بانعدام ورقة مكتوبة ( الأستاذ محمد على عرفة ص 379 ) .

( [957] ) أنظر ما جاء في لجنة مجلس الشيوخ من أنه إذا حصل الصلح أمام القاضي وأثبت في المحضر ، فالقاضي يدعو الخصوم إلى التوقيع على هذا المحضر ، فيعتبر الصلح هنا ثابتاً بالكتابة ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 448 ) .

( [958] ) وإلى هذا تشير العبارة الأخيرة من المادة 552 مدني السالفة الذكر ، إذ تقول . " أو بمحضر رسمي " . وقد كانت هذه العبارة غير واردة في المشروع ، فأضيفت في لجنة مجلس الشيوخ " لأن الصلح يقع أحياناً في المحاكم ويثبت في محاضرها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 448 ) . والذي يقع عادة هو أن يتقدم الخصوم بالصلح الذي تم بينهم موقعاً عليه منهم ، فتدونه المحكمة في محضر وتصدر حكما بالتصديق على محضر الصلح .

( [959] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 738 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 578 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 550 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 442 – ص 443 ) .

( [960] ) التقنين المدني المختلط السابق م 655 : أهلية الصلح في حق من الحقوق هي أهلية التصرف في الحق . ( وحكم التقنين السابق يتفق مع حكم التقنين الجديد ) .

( [961] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 518 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 549 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 699 ( مطابق وانظر أيضاً المواد من 700 إلى 702 ، وهي أحكام خاصة بالتقنين المدني العراقي وقد استمدت من الفقه الإسلامي - أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 247 – فقرة 249 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1036 : يجب على من يعقد الصلح أن يكون أهلاً للتفرغ ، مقابل عوض ، عن الأموال التي تشملها المصالحة .

( وحكم التقنين اللبناني يتفق مع حكم التقنين المصري ) .

( [962] ) والنص مقصور على التعهد أو المخالصة التي تصدر ممن كان قاصراً لمصلحة وصيه السابق وتكون خاصة بأمور الوصاية ، ويمكن القول بأن كل تعهد أو مخالصة تصدر ممن كان قاصراً لمصلحة وصية السابق في خلال السنة يفترض فيها إنها متعلقة بأمور الوصاية إلى أن يقيم الوصي السابق في خلال السنة يفترض فيها إنها متعلقة بأمور الوصاية إلى أن يقيم الوصي السابق الدليل على العكس . ولا يسري النص على صلح ابرم بين من كان قاصراً ورثة الوصي السابق ، أو صلح ابرم بين الوصي السابق وورثة من كان قاصراً ، إذ المقصود حماية من كان قاصراً لا حماية ورثته ، من استغلال الوصي بالذات ، لا من استغلال ورثة الوصي ( الأستاذ محمد علي عرفة ص 385 ) .

( [963] ) أنظر في هذا المعنى الأستاذ أكثم الخولي فقرة 15 ص 30 – وقارن الأستاذ محمد علي عرفة ص 384 .

( [964] ) نقض مدني 24 ابريل سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 142 ص 962 .

( [965] ) فولاية الوصى هنا أوسع من ولاية الجد .

( [966] ) فإذا كان الصلح في حقيقته ابراء للمحجور من جزء من الدين ، كان نافعاً له نفعاً محضاً وجاز للقيم أن يبرمه دون إذن المحكمة . وقد قضت محكمة النقض بأن الاتفاق الذي حصل بمقتضاه القيم على تنازل من جانب الدائن وحده للمحجور عليه المدين من بعض ما عليه من الدين قبل الحجر هو اتفاق فيه نفع محض للمحجور عليه ، إذ هو لم يلتزم فيه بشيء جديد ، بلى نقضت به التزاماته السابقة إلى حد كبير ، فهو والحالة هذه لا يقتضي الحصول في شأنه على إذن من المجلس الحسبي ( نقض مدني 29 مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 226 ص 599 ) .

( [967] ) أنظر في هذا المعنى الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 1 ص 269 - الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 15 ص 25 – 26 - الأستاذ أكثم الخولي فقرة 15 .

( [968] ) أنظر في هذا المعنى الأستاذ أكثم الخولي فقرة 15 ص 29 – وانظر عكس ذلك الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 15 ص 25 .

( [969] ) أنظر في كل ذلك الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 1 فقرة 269 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 379 – ص 387 - الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 15 ص 24 – ص 26 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 15 – فقرة 16 .

أما المحكوم عليه بعقوبة جنائية ( م 25 عقوبات ) والتاجر المفلس ( م 216 تجاري ) والمدين بعد تسجيل صحيفة دعوى الإعسار ( م 257 مدني ) ، والمدين بعد تسجيل تنبيه نزع الملكية بالنسبة إلى العقارات المبينة في التنبيه ( م 616 مرافعات ) ، فهؤلاء كما لا يجوز لهم التصرف ، كذلك لا يجوز لهم الصلح . ولكن ذلك لا يرجع إلى نقص في الأهلية ، بل إلى اعتبارات خاصة بكل منهم .

( [970] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 460 .

( [971] ) استئناف مختلط 31 ديسمبر سنة 1929 م 42 ص 134 .

( [972] ) استئناف مختلط 7 يونيه سنة 1893 م 5 ص 299 – 6 ديسمبر سنة 1893 م 6 ص 57 – 28 ابريل سنة 1938 م 50 ص 261 .

( [973] ) استئناف مختلط 28 مايو سنة 1901 م 13 ص 332 .

( [974] ) وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بإبطال صلح اكره عليه ربان سفينة برفع دعوى عليه لا أساس لها ، وترتب عليها توقيع الحجز على سفينته ومنعها من مغادرة الميناء في اليوم السابق مباشرة على اليوم المحدد لرحيلها ( نقض فرنسي 19 فبراير سنة 1879 داللوز 79 – 1 – 445 – وانظر الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 15 ص 27 ) .

( [975] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 460 – أما مجرد الغبن دون أن يكون مشوباً باستغلال ، فلا يكون سبباً في إبطال الصلح ( استئناف مختلط مختلط 23 ابريل سنة 1914 م 26 ص 345 ) .

( [976] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 747 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 – يجوز الطعن في الصلح بسبب الإكراه أو التدليس . 2 – ولا يجوز الطعن فيه بسبب الغبن أو بسبب غلط في القانون ، ولكنه يكون قابلا للبطلان إذا شابه غلط مادي وقع في شخص المتعاقد الآخر أو في صفته أو في الشيء الذي كان محلا للنزاع " . وفي لجنة المراجعة عدل النص ، فأصبح مقصوراً على ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، لأن بقية الأحكام التي حذفت مستفادة من القواعد العامة ، وصار النص رقمه 584 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 556 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 458 وص 461 – ص 463 ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق م 533 / 657 : لا يجوز الطعن في الصلح إلا بسبب تدليس أو غلط محسوس واقع في الشخص أو في الشيء أو بسبب تزوير السندات التي على موجبها صار الصلح وتبين بعده تزويرها .

( وكان القضاء في عهد التقنين السابق يفسر هذا النص بأنه يستبعد الغلط في القانون كسبب لإبطال العقد ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 524 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 554 : لا يجوز الطعن في الصلح بسبب غلط القانون . 2 – ويكون باطلا الصلح الذي تم على أساس وثائق تبين فيما بعد إنها مزورة ، وكذلك الصلح الذي انصب على خصومة تم الفصل فيها بحكم واجب التنفيذ وجهل ذلك أحد المتعاقدين . ( وأحكام التقنين الليبي تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

التقنين المدني العراقي لا مقابل – فيبدو أنه يجوز الطعن في الصلح لغلط في القانون كما يجوز الطعن فيه لغلط في الواقع . ولكن الأستاذ حسن الذنون ( فقرة 268 ) يذهب إلى أن الأصل في التقنين العراقي أنه لا يجوز الطعن في العقد لغلط في القانون ، ويدخل الصلح في هذه القاعدة العامة .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1048 : لا يجوز الطعن في المصالحة بسبب غلط قانونين أو بسبب الغبن . ( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [977] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه لا يجوز للمتصالح أن يطعن في الصلح بغلط في القانون وقع فيه شأن مقاصة ، ولو كان هذا الغلط هو الدافع له على الصلح ( استئناف مختلط 13 مايو سنة 1930 م 42 ص 495 ) .

( [978] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 461 .

( [979] ) بون 2 فقرة 681 – لوران 28 فقرة 405 – جيورا فقرة 134 – بودري وفال 24 فقرة 1257 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 3231 .

( [980] ) بيدان فقرة 365 – ميرل فقرة 146 – جوسران 2 فقرة 1456 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1600 .

( [981] ) وفي الأعمال التحضيرية للتقنين المدني الفرنسي قيل إن الغلط في القانون لا يجعل العقد قابلا للإبطال في الصلح وفي غيره من العقود ( فينيه 15 ص 108 ) ، وهذا خطأ ظاهر فإن الغلط في القانون يجعل في الأصل العقد قابلا للإبطال كالغلط في الواقع . وهناك تعليلات أخرى في الفقه التقليدي . منها أن لا يجوز إبطال الصلح لغلط في القانون بموجب حكم في الوقت الذي أريد فيه بالصلح أن يقوم مقام الحكم ( لا رومبيير م 1110 فقرة 26 ) . ومنها أنه أريد بالصلح حسم النزاع ، فلو أجزنا إبطاله لغلط في القانون وهو أمر خفي ، لا نفتح الباب واسعاً للنزاع وهو ما أريد بالصلح أن يحسمه ، ولكن يرد على هذه التعليلات بأنها لو كانت كافية ، لوجب أن يغلق الباب دون الطعن في الصلح بأي غلط ، في القانون أو في الواقع ، وبأي وجه من وجوه البطلان الأخرى ( بودري وفال 24 فقرة 1257 ) .

( [982] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 422 ص 264 هامش 1 - 3 – بواييه في الصلح ص 71 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 161 - الأستاذ أكثم الخولي فقرة 11 ص 23 .

( [983] ) نقض فرنسي 19 ديسمبر سنة 1865 داللوز 1866 – 1 – 182 .

( [984] ) نقض فرنسي 25 أكتوبر سنة 1892 داللوز 1893 – 1 – 17 .

( [985] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1600 - الأستاذ أكثم الخولي فقرة 12 – ويذهب بعض الفقهاء ، في سبيل الامعان من التضييق في هذا الاستثناء ، إلى أن الغلط في القانون إذا كان لا ينصب على ذات النزاع كما تصوره الطرفان ، فلا محل لحرمان من وقع فيه من التمسك به لإبطال الصلح . فإذا تنازع الواهب مع الموهوب له في جواز رجوع الواهب في هبته ، وحسما النزاع بالصلح ، ثم تبين أن الهبة باطلة لأنها هبة مكشوفة لم يحكم سترها بعقد آخر ، فالغلط في القانون هنا يكون سبباً في إبطال الصلح لأن هذا الصلح لم يحسم نزاعاً في هذه المسألة ( بواييه في الصلح ص 72 – ص 73 - الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 15 ص 30 – ص 31 - الأستاذ أكثم الخولي فقرة 12 ص 25 ) .

( [986] ) أنظر 535 / 657 من التقنين المدني السابق في نفس الفقرة في الهامش – استئناف مختلط 24 يونيه سنة 1943 م 55 ص 200 .

( [987] ) أما إذا انفرد بالغلط أحد المتصالحين وبنى قبوله للصلح على هذا الغلط ، مقدراً مزايا الصلح على أساس حسابه الخاطئ ، كان هذا غلطاً في الواقع إذا اثبته من يدعيه جاز له أن يطلب إبطال الصلح ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1605 ) .

( [988] ) ويشترط أن يكون الغلط المطلوب تصحيحه ظاهراً في الأرقام الثابتة في الكشوف المعتمدة بالصلح ، أو أن تكون هذه الأرقام قد نقلت خطأ من ورقة أخرى معترف بها ، أو غير مطابقة لارقام أخرى ثابتة قانوناً . ومن ثم فطلب إعادة عمل حساب جديد عن المقاولات موضوع النزاع لا يجوز لأن عمل المقاس والحساب النهائي عن كل مقاولة من هذه المقاولات بعد اتمامها هو عمل متفق عليه في أصل عقودها . فإذا ما نفذ الاتفاق بعمل المقاس والحساب فعلا ، ووقع عليه بالاعتماد ، فقد انقضت مسئولية كل عقد عنه ، وأصبح هو ونتيجته ملزماً للطرفين ( نقض مدني 7 نوفمبر سنة 1935 ملحق مجلة القانون والاقتصاد 6 رقم 5 ص 26 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 421 – ص 422 ) .

( [989] ) بودري وفال 24 فقرة 1254 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 422 ص 267 وهامش رقم 10 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1605 .

( [990] ) استئناف مختلط 7 مايو سنة 1936 م 48 ص 267 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 254 – بودري وفال 24 فقرة 1287 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1601 .

( [991] ) نقض فرنسي 23 فبراير سنة 1891 داللوز 1892 – 1 – 150 – 8 يناير سنة 1900 داللوز 1904 – 1 – 606 – 28 مايو سنة 1906 داللوز 1909 – 1 – 124 – 19 ديسمبر سنة 1932 جازيت دي باليه 1933 – 1 – 406 .

( [992] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1601 – وانظر عكس ذلك انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 183 - الأستاذ أكثم الخولي فقرة 14 – وقارن الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 52 الهامش رقم 4 – ويلاحظ أن قانون أصابات العمل حدد فئات للتعويض تعتبر من النظام العام ، فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفها . هذا وإذا أفضت الإصابة إلى موت المصاب ، فإن تنازله عن المطالبة بأي تعويض إضافي لا يسري بداهة على حق زوجته وأولاده وأقاربه في التعويض عما أصابهم من الضرر بسبب موته ، فإن هذا حقهم الشخصي ولا يمكن أن يتناوله تنازل المضرور ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1601 )

( [993] ) لكن لو كان اعتقاده بصحة السند راجعاً إلى غلط في القانون ، فلا يعتد بهذا الغلط ولا يجوز له طلب إبطال الصلح ( بودري وفال 24 فقرة 1248 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1602 – جوسران 2 فقرة 1456 . قارن كولان وكابتان 2 فقرة 1383 .

( [994] ) أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 458 – ص 559 في الهامش – بودري وفال 24 فقرة 1247 – فقرة 1248 مكررة . بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1602 .

( [995] ) استئناف وطني 12 يونيه سنة 1 918 المجموعة الرسمية 20 ص 63 – أسيوط 31 ديسمبر سنة 1931 المحاماة 11 ص 968 . استئناف مختلط 23 ابريل سنة 1914 م 26 ص 345 – 16 نوفمبر سنة 1 932 م 45 ص 26 .

( [996] ) وجاء في المادة 718 عراقي : " يكون الصلح موقوفاً : ( 6 ) إذا بنى على أوراقه ثبت بعد ذلك إنها مزورة . . . " .

( [997] ) وإذا تصالح شخصان على وصية وكان النزاع الذي حسماه بالصلح هو إبطال الوصية لأنها ابتزت من الموصى عن طريق الاستغلال ، فالصلح يكون مع ذلك قابلا للإبطال إذا تبين بعد الصلح أن الوصية ذاتها مزورة ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1603 ) . ولكن إذا تصالح شخصان على ورقة ادعى أحدهما تزويرها ، وكان الصلح واقعاً على هذا التزوير ذاته ، فلا يجوز بعد ذلك الطعن في الصلح بدعوى ظهور أدلة جديدة على التزوير ( استئناف مختلط 16 نوفمبر سنة 1932 م 45 ص 26 ) .

( [998] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 460 – ص 461 في الهامش – بودري وفال 24 فقرة 1249 – فقرة 1250 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1603 .

( [999] ) استئناف وطني 12 يونيه سنة 1 918 المجموعة الرسمية 20 ص 63 ( وهو الحكم السابق لاشارة إليه ) – استئناف مختلط 16 نوفمبر سنة 1932 م 45 ص 26 .

( [1000] ) وجاء في المادة 718 عراقي : " يكون الصلح موقوفا . . ( ب ) إذا حسم نزاعاً سبق أن صدر بشأنه حكم نهائي ، وكان الطرفان أو أحدهما يجهل صدور هذا الحكم " .

( [1001] ) ويعتبر الحكم نهائي حتى لو كان قابلا للطعن فيه بطريق غير اعتيادي كالنقض والتماس إعادة النظر ( بودري وفال 24 فقرة 1251 ص 669 ) .

( [1002] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 461 في الهامش .

( [1003] ) أنظر في هذا المعنى بودري وفال 24 فقرة 1251 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1601 – وانظر آنفاً فقرة 344 في الهامش .

( [1004] ) استئناف مختلط 17 يناير سنة 1906 م 18 ص 73 – 10 يناير 1935 م 47 ص 101 .

( [1005] ) وجاء في المادة 719 عراقي : " 1 – إذا تناول الصلح جميع المنازعات القائمة بين الطرفين بوجه عام ، ثم ظهرت بعد ذلك مستندات كتابية لم تكن معروفة وقت الصلح تثبت أن أحد الطرفين كان غير محق فيما يديه ، فلا يكون العقد موقوفاً إلا إذا كانت هذه المستندات قد أخفيت بفعل أحد المتعاقدين . 2 – أما إذا لم يتناول الصلح إلا نزاعاً معيناً ، وظهرت بعد ذلك مستندات كتابية تثبت أن أحد المتعاقدين لم يكن له حق فيما يدعيه ، فإن الصلح يكون موقوفاً . 3 – وإذا مر على ظهور السندات المنوه بها في الفقرتين المتقدمتين ثلاثة أشهر ولم يعترض ذو الشأن من المتعاقدين على الصلح الواقع ، كان الصلح نافذاً " ( أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 270 ) .

وجاء في المادة 1047 لبناني : " يمكن الطعن في عقد المصالحة : أولاً – لوقوع الإكراه أو الخداع . ثانياً – لحدوث غلط مادي يقع على شخص الفريق الآخر أو على صفته أو على الشيء الذي كان موضوعاً للنزاع . ثالثاً – لفقدان السبب عندما تكون المصالحة واقعة : ذ – على صسند مزور . 2 – أو على سبب غير موجود . 3 – أو على قضية انتهت بصلح صحيح أو بحكم غير قابل للاستئناف ولا لإعادة المحاكمة ، وكان أحد الفريقين أو كلاهما غير عالم بوجوده – ولا يجوز طلب الأبطال من أجل الأسباب المتقدم بيانها إلا للفريق الذي كان حسن النية " . وجاء في المادة 1049 لبناني : " عندما تعقد المصالحة بوجه عام على جميع الأمور التي كانت قائمة بين المتعاقدين ، لا يكون اكتشاف الإسناد التي كانوا يجهلونها وقت العقد ثم وقفوا عليها بعده ، سبباً لإبطال العقد ما لم يكن هناك خداع من الفريق الآخر . ولا تطبق هذه القاعدة على المصالحة التي عقدها وكيل فاقد الأهلية وكان الدفاع إليها فقدان سند وجد فيما بعد " .

( [1006] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 462 في الهامش – بودري وفال 24 فقرة 1252 – فقرة 1253 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1604 .

( [1007] ) استئناف مصر 16 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 ص 183 – أسيوط الكلية 4 مارس سنة 1926 المحاماة 7 ص 226 – استئناف مختلط 16 نوفمبر سنة 1932 م 45 ص 26 .

( [1008] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 752 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 484 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 557 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 463 – ص 465 .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 525 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 556 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي 720 ( مطابق – وانظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 271 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1050 : الصلح غير قابل للتجزئة ، فبطلان جزء منه أو إبطاله يؤدي إلى بطلان العقد أو إبطاله كله . على أن هذه القاعدة لا محل لها : أولاً – عند ما يستفاد من عبارة العقد وماهية الاتفاق أن المتعاقدين يعتبرون بنود العقد بمثابة أقسام مستقلة ومنفصلة بعضها عن بعض . ثانياً – عندما يكون البطلان ناتجاً عن عدم أهلية أحد المتعاقدين ، ففي هذه الحالة الأخيرة لا يستفيد من البطلان إلا فاقد الأهلية الذي وضع البطلان لمصلحته ، ما لم يكن هناك نص صريح مخالف . ( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [1009] ) ويجوز طلب بطلان الصلح بدعوى مستقلة . كما يجوز أن يكون ذلك بطريق الدفع ، بان يجدد من يتمسك ببطلان الصلح النزاع ويرفع به دعوى ، فيرد الطرف الآخر على هذه الدعوى متمسكاً بالصلح ، فيدفع الطرف الأول ببطلان هذا الصلح . ويجوز أيضاً أن يتصالح شخصان في الدعوى القائمة بينهما ، فيتدخل شخص ثالث في الدعوى متمسكاً ببطلان هذا الصلح لاضراره بحقوقه ( أنظر بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1598 – الأستاذ محمد عرفة ص 425 ) .

( [1010] ) وهذا بخلاف الحكم فإنه يتجزأ ، فيجوز مثلا عند استئنافه أن تؤيد محكمة الاستئناف جزءاً منه وتلغى جزءاً آخر . وتقول المادة 1051 لبناني : " إن البطلان أو الحل يرجعان المتعاقدين إلى الحالة القانونية نفسها التي كانوا عليها وقت العقد ، ويجعلان لكل من المتعاقدين سبيلا إلى استرداد ما أعطاه لتنفيذ المصالحة مع استثناء الحقوق التي اكتسبها شخص ثالث حسن النية بوجه قانوني ومقابل عوض . وإذا أصبح استعمال الحق المتنازل عنه غير ممكن ، فتسترد قيمة هذا الحق " .

( [1011] ) استئناف مختلط 23 ابريل سنة 1914 م 26 ص 345 – 17 يناير سنة 1928 م 40 ص 142 – بودري وفال 24 فقرة 1280 – فقرة 1281 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1597 – الأستاذ محمد عرفة ص 422 – ص 425 - الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 18 - الأستاذ أكثم الخولي فقرة 23 .

( [1012] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 465 .

( [1013] ) ولكن ناقص الأهلية وحده هو الذي يجوز له أن يتمسك بالبطلان ، فإذا لم يتمسك به بقى الصلح قائماً بالنسبة إلى الجميع . أما إذا تمسك به فابطل بالنسبة إليه ، فإنه يبطل أيضاً بالنسبة إلى الباقي ( بودري وفال 24 فقرة 1282 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 423 ) ويكون هذا استثناء من قاعدة قصر حجية الأحكام على من كان طرفاً فيها ، لأن هذه هي النتيجة الطبيعية لعدم التجزئة ( أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 205 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1051 هامش رقم 1 – هكس ذلك بودري وفال 24 فقرة 1282 ) . ويجوز إني كون الصلح علىمنازعات متعددة وبعقود مستقلة وحدة متماسكة فيحكم ببطلانها جميعاً إذا ابطل أحدها ( أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 206 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1597 ص 1051 – الأستاذ محمد عرفة ص 425 ) .

( [1014] ) وقد قضت محكمة النقض بتجزئة الصلح المعقود بين جانب متعدد الأطراف فيهم قصر وبين شخص آخر في دعوى تزوير عقد موضوعه ملكية قطعة أرض مملوكة للجانب الأول على الشيوع ، ولم يجز المجلس الحسبي الصلح بالنسبة إلى القصر . فأبقت محكمة النقض لاصلح قائماً بالنسبة إلى غير القصر " لأن الصلح صحيح بالنسبة إليهم من جهة ، ومن جهة أخرى فإن التجزئة في الحقوق المالية أمر جائز ولا يحول حائل دون حصوله ، إذ من الجائز في عقد واحد مطعون فيه بالتزوير إني تصالح بعض ذوى الشأن فيه ويظل الباقون متمسكين بمطعنهم عليه ، ثم يقضى ببطلانه . ومثل هذا القضاء غير مؤثر في الصلح الذي تم ، والقول بغير ذلك يتعارض مع القاعدة التي تقصر حجية الأحكام على من كان طرفاً فيها ( نقض مدني 20 مايو سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 164 ) . والظاهر من ظروف القضية أنه اتضح من نية الطرف الأول أنه يجزئ الصلح ، فإذا ابطل بالنسبة إلى القصر بقى قائماً بالنسبة إلى غير القصر ( أنظر عكس ذلك الأستاذ محمد عرفة ص 423 – ص 424 وهو ينتقد حكم محكمة النقض ويذهب إلى عدم جواز تجزئة الصلح في هذه القضية ، وانظر أيضاً الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 38 هامش رقم 2 ) .

وقضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا كان الصلح شاملا لجملة منازعات ، وكان باطلا بالنسبة إلى إحداها ( قسمة مع قاصر ) ، فهذا لا يؤثر في صحته بالنسبة إلى باقي المنازعات ما دام لم ينص في الصلح على تعليق نفاذه القسمة ( 16 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 136 ص 183 ) .

وانظر أيضاً : نقض مدني 18 مايو سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 138 ص 382 ( صلح فيه بلغ وقصر ، وصدق المجلس الحسبي ولم تطعن وزارة العدل بالاستئناف ، ولكنها اعترضت وسلم المتصالح الآخر بعدم سريان الصلح على القصر ، فيتجزأ الصلح : يبطل في حق القصر ويبقى قائماً في حق البلغ ) .

( [1015] ) أنظر في عدم تجزئة الصلح في عهد التقنين المدني السابق : استئناف مختلط 6 ديسمبر سنة 1893 م 6 ص 457 – 17 يناير سنة 1928 م 40 ص 142 – 12 مارس سنة 1930 م 42 ص 352 – 8 مايو سنة 1940 م 52 ص 249 – وقارن استئناف مختلط 25 ابريل سنة 1944 م 56 ص 112 – الإسكندرية الوطنية 14 يناير سنة 1939 المحاماة 21 ص 726 ( اصطلح شخصان على ان أحدهما ينزل عن جزء من الدين ويقسط الباقي على خمس سنوات في نظير أن الآخر لا يبيع غلاله ببورصة الإسكندرية إلا بوساطة الأول ، فقضت المحكمة ببطلان التزام الآخر لمخالفته لحرية التجارة ، ومع ذلك أبقت الصلح في بقايه ، مع أن عدم التجزئة هنا ظاهر : أنظر الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 38 هامش رقم 2 ) .

( [1016] ) أنظر آنفاً فقرة 346 في الهامش .

( [1017] ) ويصح الصلح على الحقوق المستقبلة إلا في التركات المستقبلة ، وعلى الحقوق المعلقة على شرط وعلى الحقوق الاحتمالية ( لوران 28 فقرة 353 – جيوار فقرة 62 – بودري وفال 24 فقرة 1277 – الأستاذ محمد عرفه ص 390 ) . ويجب أن يكون محل الصلح مكناً ، فإذا تصالح شركاء على أن يقتسموا الأعيان الشائعة بينهم دون أن يذكروا الكيفية التي تتم بها القسمة ، كان الصلح باطلا ( استئناف وطني 12 يناير سنة 1914 الحقوق 31 ص 148 ) .

( [1018] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 739 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 579 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 551 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 444 وص 446 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 533 / 654 : لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالنسب أو بالنظام العام ، ولكن يجوز عمل الصلح في الحقوق المالية التي تنشأ عن مسائل النسب أو عن الجنح المخلة بالنظام العام " . ( وأحكام التقنين السابق تتفق مع أحكام التقنين الجديد ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 519 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 550 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 704 : 1 – يشترط أن يكون المصالح عنه مما يجوز أخذ البدل في مقابلته ، ويشترط أن يكون معلوماً إن كان مما يحتاج إلى القبض والتسليم . 2 - ولا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالنظام العام أو الآداب ، ولكن يجوز الصلح على المصالح المالية التي تترتب على الحالة الشخصية أو التي تنشأ عن ارتكاب إحدى الجرائم .

م 705 : يشترط أن يكون بدل الصلح مالا مملوكاً للمصالح ، وأن يكون معلوماً إن كان مما يحتاج إلى القبض والتسليم .

م 706 : يصح الصلح عن الحقوق التي اقربها المدعى عليه أو التي انكرها أو التي لم يبد فيها إقرار ولا إنكاراً .

( وأحكام التقنين العراقي في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصري – أنظر الأستاذ حسن الذنون ص 254 – ص 259 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1037 : لا تجوز المصالحة على الأمور المختصة بالأحوال الشخصية أو النظام العام ولا على الحقوق الشخصية التي لا تعد مالا بين الناس . وإنما تجوز على مصلحة مالية ناشئة عن أمر يتعلق بالأحوال الشخصية أو عن إحدى الجرائم .

م 1038 : يجوز للفريقين أن يتصالحا على حقوق أو أشياء ، وإن كانت قيمتها غير معلومة لديهما .

م 1039 : لا تجوز المصالحة على حق الطعام ، ولكنها تجوز على كيفية أداء الطعام أو كيفية إيفاء الأقساط المستحقة .

م 1040 : تجوز المصالحة على الحقوق الإرثية المكتسبة مقابل بدل يكون أقل من الحصة الشرعية المقررة في القانون ، بشرط أن يكون ذوو العلاقة علامين بمقدار التركة .

( وأحكام التقنين اللبناني تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين المصري ) .

( [1019] ) استئناف مختلط 8 مايو سنة 1940 م 52 ص 249 .

( [1020] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 420 ص 251 – ص 252 – ويجوز له أيضاً أن يقسط النفقة المستحقة .

( [1021] ) فإذا اتفق من يدعى النسب مع الورثة على أن ينزل عن دعوى ثبوت النسب وعن حقه في الميراث في مقابل مبلغ معين ، كان هذا الصلح باطلا في مجموعه ، لأن الصلح على النزول عن دعوى ثبوت النسب باطل ، والصلح على الميراث مرتبط به ، فيبطل الصلح كله لعدم التجزئية . ويكون الحكم كذلك حتى لو حدد مبلغ مستقل لكل من دعوى ثبوت النسب وحق الميراث ، لأن إدماج المسألتين في عقد واحد يكشف عن نية المتعاقدين في ربطهما إحداهما بالأخرى ( لوران 28 فقرة 357 – جيوار فقرة 71 وفقرة 76 – بودري وفال 24 فقرة 1273 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 394 ) . فإذا تصالح الشخص على حقه في الميراث وحده دون أن يربط ذلك بمسالة النسب ، كان الصلح صحيحاً ، ولا يمنع ذلك أن يعود من تصالح معه إلى إنكار نسبه وإلى مطالبته باثباته إذا جدت ظروف تستدعى ذلك ( الأستاذ محمد علي عرفة ص 934 ) . أما إذا تبين أن الصلح كان قائماً في أساسه على نزول الشخص عن دعوى النسب ، وأنه اقتسم التركة مع الآخر على هذا الأساس ، كان الصلح باطلا ولو لم يذكر ذلك في العقد ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1576 ) .

( [1022] ) إلا في بعض المخالفات ، وقد نصت المادة 19 من تقنين الإجراءات الجنائية على أنه " يجوز الصلح في مواد المخالفات إذا لم ينص القانون فيها على عقوبة الحبس بطريق الوجوب أو على الحكم بشيء آخر غير الغرامة اوالحبس . ويجب على محرر المحضر أن يعرض الصلح على المتهم ويثبت ذلك في المحضر . وإذا لم يكن المتهم قد سئل في المحضر ، وجب أن يعرض عليه الصلح بإخطار رسمي " .

( [1023] ) وكما أن النيابة العامة لا تضار بالصلح ، فهي كذلك لا تستفيد منه ، فلا نستخلص من تصالح المتهم مع المجني عليه أن هذا إقرار منه بالجريمة ، فقد يكون اندفع إلى ذلك خوف التشهير أو حسما للنزاع ، ويترك تقدير ذلك لقاضي الموضوع ( الأستاذ محمد عرفة ص 392 ) .

( [1024] ) استئناف مختلط 9 مارس سنة 1927 م 39 ص 325 – بودرى وفال 24 فقرة 1262 .

( [1025] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1577 .

( [1026] ) بودري وفال 24 فقرة 1262 .

( [1027] ) استئناف مختلط 9 مارس سنة 1927 م 49 ص 324 .

( [1028] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1577 .

( [1029] ) ويعترض بعض الفقهاء على عدم جواز الصلح على الضرائب ، ويميزون بين التزام الممول بدفع الضريبة وهذا لا يجوز الصلح عليه ، وبين المبالغ المستحق عليها دفعها كضرائب وهذا كسائر الديون يجوز الصلح عليها ( بودري وفال 24 فقرة 1265 – وقارب بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1578 ) .

( [1030] ) استئناف مختلط 24 يونيه سنة 1943 يونيه سنة 1943 م 55 ص 200 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 390 هامش رقم 4 .

( [1031] ) استئناف وطني 30 يناير سنة 1923 المحاماة 2 رقم 83 ص 264 – استئناف مختلط 16 مايو سنة 1889 م 1 ص 187 – 25 نوفمبر سنة 1896 م ص 37 .

( [1032] ) وإذا آجر ناظر الوقف العين الموقوفة بغبن فاحش ، فالإيجار باطل ، والصلح على هذا الإيجار الباطل باطل مثله ( استئناف مختلط 17 يناير سنة 1 928 م 40 ص 142 ) . ولا يجوز لناظر الوقف الصلح على حجة الوقف ذاتها ( استئناف مختلط 8 نوفمبر سنة 1932 م 45 ص 12 ) .

( [1033] ) الأستاذ محمد عرفة ص 395 – ص 397 – وقارن الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 17 .

( [1034] ) أنظر في هذا المعنى كابيتان في السبب ص 53 هامش رقم 1 وفقرة 105 – بودري وفال 24 فقرة 1259 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 301 .

( [1035] ) بوابيه في الصلح ص 120 - الأستاذ أكثم الخولي فقرة 1 – وقد جمع بعض الفقهاء بين الرأيين ، فجعل للصلح سبباً مزدوجاً ، هو قيام النزاع والتزام المتصالح بالنزول عن جزء من ادعائه – وذهب آخرون إلى أن السبب في الصلح مركب من عناصر ثلاثة : التزام المتصالح بالنزول عن جزء من ادعائه ، وإرادة الطرفين المشتركة في وضع حد للنزاع ، والباعث الذي دفع كلا منهما إلى الصلح ( فرديمسكو في الغلط في الصلح ص 17 – ص 19 – وانظر عرضاً لهذه النظريات المختلفة في بوابيه في الصلح ص 115 – ص 116 ) .

( [1036] ) أنظر آنفاً فقرة 368 .

( [1037] ) استئناف مختلط 21 ديسمبر سنة 1896 م 11 ص 76 - الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 17 ص 35 ص 36 - الأستاذ أكثم الخولي فقرة 22 .

( [1038] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 742 من المشروع التمهيدي على وجه موافق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 581 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 553 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 449 – ص 451 ) .

( [1039] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 521 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 552 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 712 : إذا تم الصلح ، فلا يجوز لأحد من المتصالحين الرجوع فيه . ويملك المدعى بالصلح بدله وتسقط دعواه .

م 713 : إذا كان بدل الصلح مما يتعين بالتعيين ، فاستحق أو هلك كله أو بعضه قبل تلسيمه للمدعى أو استحق كله أو بعضه بعد تسليمه للمدعى ، فإن كان الصلح عن إقرار يرجع المدعى على المدعى عليه بالمدعى به كلا أو بعضاً ، وأن كان الصلح عن إنكار أو سكوت يرجع المدعى إلى دعواه بذلك المقدار .

م 714 : إذا وقع الصلح عن إقرار على مال معين عن دعوى عين معينة ، واستحق المصالح عنه كله أو بعضه بالبينة ، يسترد من بدل الصلح الذي قبضه المدعى مقدار ما أخذ بالاستحقاق من المدعى عليه .

م 715 : 1 – إذا وقع الصلح عن إنكار على مال معين عندعوى عين معينة ، واستحق المصالح عنه كله أو بعضه بالبينة ، يرجعالمدعتى عليه بمقابله من العوض على المدعى ، ويرجع المدعى بالخصومة فيه والدعوى على المستحق . 2 – وإذا ادعى شخص حقاً في عين معينة لم يبينه فصولح عن ذلك ، ثم استحق بعض العين ، فلا يستحق المدعى عليه شيئاً من العوض . وإن استحقت العين كلها بالبينة ، استرد العوض كله .

( وهذه الأحكام مستمدة من الفقه الإسلامي ، أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 261 – فقرة 265 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1042 : من شأن الصلح أن يسقط على وجه بات الحقوق والمطالب التي جرت عليها المصالحة ، وأن يؤمن لكل من الفريقين ملكية الأشياء التي سلمها إليه الفريق الآخر أو الحقوق التي اعترف له بها . إن المصالحة على دين مقابل دفع قسم من القيمة المستحقة تسقط القسم الباقي من الدين وتبرئ ذمة المديون .

( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [1040] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 450 – ص 451 .

( [1041] ) وليس لأي من المتصالحين أن يعدل عن الصلح ، إلا إذا اتفق مع المتصالح الآخر علىذ لك ( استئناف وطني 22 يونيه سنة 1 915 الشرائع 2 رقم 339 ص 310 ) .

( [1042] ) ومن ثم فالصلح يقطع التقادم المكسب ، فإذا وضع أحد المتصالحين يده على أرض ثم نزل عنها صلحاً لخصمه فقد قطع التقادم . وكذلك يقطع الصلح التقادم المسقط ، فإذا مضى على الدين عشر سنين مثلا وسلم به المدين للدائن صلحاً فقد قطع التقادم . أنظر استئناف مختلط 28 مايو سنة 1900 م 12 ص 277 - 31 يناير سنة 1901 م 13 ص 132 .

ويقطع الصلح مدة انقضاء الخصومة ( استئناف مختلط 24 يناير سنة 1918 م 30 ص 173 – 16 نوفمبر سنة 1922 م 35 ص 32 – 20 مايو سنة 1924 م 36 ص 378 ) .

( [1043] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 746 من المشروع التمهيدي على وجه موافق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة أدخل بعض تحويرات لفظية طفيفة فأصبح النص مطابقاً ، وصار رقمه 583 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 555 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 455 – ص 457 ) .

( [1044] ) التقنين المدني السابق م 534 / 656 : الترك الحاصل بالصلح يلزم تأويله بالدقة بحسب ألفاظه ، ومهما كانت هذه الألفاظ لا يؤول الترك إلا على الحقوق المنحصرة في موضوع المادة الواقع فيها الصلح .

( وأحكام التقنين السابق تتفق مع أحكام التقنين الجديد ) .

( [1045] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 523 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 554 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي لا مقابل ، ولكن الحكم تطبيق للقواعد العامة . وانظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 272 .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1044 : يجب تفسير عقد المصالحة بمعناه الضيق ، ولا يجوز أن أياً كان نصه ، أن يطبق إلا على المنازعات والحقوق التي جرى عليها الصلح .

( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [1046] ) نقض مدني 16 يناير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 92 ص 299 – 20 يناير سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 374 ص 705 .

( [1047] ) أنظر آنفاً فقرة 367 .

( [1048] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الصلح عقد ينحسم به النزاع بين طرفيه في موضوع معين على أساس نزول كل منهما عن بعض ما يدعيه قبل الآخر ، ولهذا يجب إلا يتوسع في تأويله وأن يقصر تفسيره على موضوع النزاع ( نقض مدني 16 يناير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 92 ص 299 وهو الحكم الذي سبقت الإشارة إليه ) .

( [1049] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 456 .

( [1050] ) نقض جنائي 13 مارس سنة 1 944 المحاماة 26 رقم 212 ص 565 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 407 .

( [1051] ) أنظر آنفاً فقرة 365 – والصلح الحاصل بين الحكومة وأحد المقاولين ، بقصد تسوية الحساب بينهما نهائياً ، لا يتضمن تنازل الحكومة عن الضمان الشعري للمنشئات التي أقامها هذا الأخير ( استئناف مختلط 23 فبراير سنة 1911 م 23 ص 192 ) . أنظر أيضاً : استئناف مختلط 16 مايو سنة 1889 م 1 ص 187 – 28 فبراير سنة 1918 م 30 ص 259 – 12 يناير سنة 1910 م 22 ص 79 ( لم يعرض الصلح لمصروفات الدعوى ، فأخرجت المصروفات من الصلح وجعلت على عاتق المدين ) .

( [1052] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 456 – استئناف مختلط 11 ديسمبر سنة 1907 م 20 ص 30 .

( [1053] ) والصلح الحاصل بين دائني الشركة لا يشمل الديون التي على أحد الشركاء بصفته الشخصية ، فلا يقبل من هذا الشريك أن يحتج بالصلح الحاصل علىديون الشركة ( مصر الكلية 7 يناير سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 40 ص 81 – والحكم خاص بصلح الدائنين مع شركة مفلسة ) . وإذا نزل أحد المتصالحين عن كل ماله من حقوق وادعاءات قبل الآخر ، لا يمتد الصلح إلا إلى الحقوق التي واجهاها وقت التعاقد وجعلا منها موضوعاً له ( استئناف مختلط 16 مايو سنة 1889 م 1 ص 187 – 28 فبراير سنة 1918 م – 30 ص 359 ) . فالصلح الذي نص فيه على أن المتصالحين قد سويا نهائياً جميع ما بينهما من حساب يجب إني قتصر على ما قصدا حسمه من نزاع ، ولا يمكن أن يمتدالى العلاقات الأخرى التي كانت بينهما وظلت خارجة عن موضوع العقد ( استئناف مختلط 11 ديسمبر سنة 1907 م 20 ص 30 ) . ولا يؤثر الصلح الحاصل بين الموظل والحكومة علىالمعاش الذي يعطي بعد موت الموظف إلى ورثته ، لأن هذا المعاش خاص بهم ولا يستمدونه من المورث ( استئناف مختلط 28 فبراير سنة 1901 م 13 ص 174 ) . وإذا تصالح شخصان في دعوى وضع اليد على أن تكون اليد لأحدهما ، ورفع الخارج دعوى الملكية ، فلا يحتج عليه بالصلح في وضع اليد ، لا ختلاف محل الدعويين ( استئناف مختلط 10 مايو سنة 1902 م 14 ص 285 ) . واستعمال المتعاقدين عبارة البراءة العامة ، بعد أن حصرا موضوع التخالص وحددوه فيما هو مبين بالصلح ، إنما يفيد عموم البراءة في نوع الحقوق التي كانت محل اعتبارهما عند التعاقد ، ولا يجوز أن تتعدى الاى غيرها ( استئناف مصر 4 مايو سنة 1899 القضاء 6 ص 307 – الأستاذ محمد كامل مرسي ص 616 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 406 ) .

ومع ذلك فقد ذهبت بعض الأحكام إلى أن الصلح لا يحسم المنازعة القائمة وقت إبرامه فقط ، بل يكون " حاسما أيضاً لكل نزاع يثار في المستقبل متى كان هذا النزاع ناشئاً في الدعوى نفسها التي حصل فيها الصلح " ( طنطا الجزئية 15 فبراير سنة 1903 المجموعة الرسمية 5 رقم 102 ص 197 - قارن استئناف مختلط 28 فبراير سنة 1918 م 30 ص 259 ) وذلك " تحقيقاً لما قصده المتعاقدان " ( قنا الكلية 30 يونيه سنة 1 931 المحاماة 12 رقم 505 ص 1007 ) . فإذا تنازلت وارثة في عقد الصلح عن " باقي حقوقها الايلة لها بالميراث الشرعي عن والدها " ، لم يجزلها المطالبة بريع الأطيان التي استولت عليها مقابل هذا التنازل ، لأن هذا الريع " هو من باقي حقوقها الايلة لها بالميراث الشرعي عن والدها التي تنازلت عنها بمحضر الصلح " ، فضلا عن أن الريح تابع للنزاع في الملكية الذي حسمه الصلح ، والفرع يتبع الأصل ( طنطا الجزئية وقنا الكلية في الحكمين المشار إليهما – وانظر الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 25 ص 53 ) .

( [1054] ) استئناف مختلط 7 يونية سنة 1893 م 5 ص 308 .

( [1055] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1589 – وقارن استئناف مختلط 12 يناير سنة 1910 م 22 ص 79 ( حيث لم يعرض الصلح لمصروفات الدعوى ، فجعلت على عاتق المدين – وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم أنظر آنفاً فقرة 382 في الهامش ) .

( [1056] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1589 – ولكن إذا تدخل خصم ثالث اضر الصلح بحقوقه في الدعوى ، وطعن في الصلح بالبطلان ، فالظاهر أنه لا يجوز رفض تدخله إلا على أساس أن الصلح صحيح وانه قد قضى الدعوى ، فيجب إذن على المحكمة بادئ ذى بدء أن تقبل تدخله وتنظر في صحة الصلح ، فإن حكمت بصحته انقضت الدعوى ( استئناف مختلط 28 فبراير سنة 1901 م 13 ص 174 – 15 يونيه سنة 1937 م 49 ص 265 ) . وإذا تم الصلح بين الخصمين بعد صدور حكم من محكمة أول درجة ، واستؤنف الحكم ، فمحكمة الاستئناف تنظر في صحة الصلح إذا طعن فيه ، فإن قضت بصحته حكمت بعدم قبول الاستئناف ( انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 103 ) . على أن محكمة الاستئناف المختلطة قد قضت بأن الطعن في الصلح لا يكون في الأصل أمام محكمة الاستئناف التي تنظر الاستئناف المرفوع عن القضية التي وقع فيها الصلح ، بل يجب أن ترفع به دعوى مستقلة ( 7 يونيه سنة 1893 م 5 ص 308 ) ، وتكلف محكمة الاستئناف الطرف الذي يطعن في الصلح إذا كان ظاهر الصحة يرفع دعوى مستقلة ، وتوقف نظر الاستئناف حتى ثبت للمحكمة المختصة بنظر صحة الصلح في هذا الأمر ، أما إذا كان الصلح غير ظاهر الصحة لانعدام الصفة أو لعدم الحصول على الإذن الواجب من المحكمة فإن محكمة الاستئناف تقضي ببطلانه وتمضي في نظر الاستئناف ( استئناف مختلط 28 فبراير سنة 1895 م 7 ص 165 – 10 نوفمبر سنة 1935 م 47 ص 101 ) . ولكن محكمة النقض قضت بان النازعة في شأن عقد الصلح ليست إلا فرعاً من المنازعة في الحق المصطلح عليه المطروح أمام المحكمة ، والقاعدة أن قضي الأصل هو قاضي الفرع ، فإذا قدم الطاعن إلى المحكمة عقد الصلح المحرر بينه وبين الخصوم محتجاً به عليهم طالباً مؤاخذتهم به ، ترتب على ذلك قانوناً حق الخصوم في الطعن عليه ودفع حجيته عنهم ، وحق المحكمة بل واجبها في التعرض له والفصل في النزاع القائم بشأنه بين الطرفين ، وحكم هذا العقد حكم كل دليل يقدم إليها فتقول كلمتها فيها أخذا به أو إطراحاً له ( نقض مدني 5 يونيه سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 211 ص 450 ) .

( [1057] ) بودري وفال 24 فقرة 1292 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1589 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 104 .

( [1058] ) استئناف مختلط 11 فبراير سنة 1897 م 9 ص 154 - 29 ابريل سنة 1897 م ص 299 .

( [1059] ) استئناف مختلط 17 مارس سنة 1921 م 33 ص 220 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 262 – جوسران 2 فقرة 1453 . فالدائن في الدعوى البوليصية يطعن في الصلح الذي عقده مدينه ، لا على أنه عقد كاشف لحق المتصالح مع مدينه فلا يكون الصلح في هذه الحالة مفقراً للمدين ، بل على أنه عقد تواطأ فيه المدين والمتصالح معه على الأضرار بحقوقه فنقل المدين حقاً له للمتصالح الآخر تحت ستار الصلح . ومن ثم يكون للدائن في الواقع من الأمر طعنان على صلح المدين ، الطعن الأول أن هذا الصلح يستر عقداً ناقلا للحق ، والطعن الثاني أن هذا العقد الناقل للحق الذي يستتر بالصلح عقده المدين متواطئاً فيه مع المتصالح معه للإضرار بحقوق الدائن ( أنظر الأستاذ أكثم الخولي فقرة 42 – وقارن بواييه في الصلح ص 345 – ص 346 ) .

( [1060] ) أنظر في كل ذلك أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 256 – ص 257 – بودري وفال 24 فقرة 1291 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1586 – كولان وكابيتان 2 فقرة 1382 – وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا قضى بالتزام الخصوم بما جاء في عقد الصلح الذي ابرم بينهم ، فإن حجيته مقصورة على أن الصلح صدر منهم وهم أهل لاصداره ، أما ما عدا ذلك مما يدخل في بيان التزامات المتصالحين وحقوقهم ، فإن حجية الحكم لا تتناوله ( نقض مدني 5 يونيه سنة 1947 المجموعة الرسمية 48 رقم 297 / 4 ) .

( [1061] ) أنظر في كل ذلك أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 258 – ص 259 – بودري وفال 24 فقرة 1294 – فقرة 1296 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1593 .

( [1062] ) أنظر في هذا المعنى بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1590 وفقرة 1593 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 426 .

( [1063] ) استئناف مختلط مصر 6 ابريل سنة 1920 المجموعة الرسمية 22 رقم 51 – الإسكندرية الوطنية 14 يناير سنة 1939 المجموعة الرسمية 41 رقم 175 – استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1889 م 1 ص 46 – 27 يونيه سنة 1923 م 35 ص 534 – 8 مايو سنة 1940 م 52 ص 249 .

( [1064] ) بون 2 فقرة 461 – جيوار فقرة 8 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 257 – بودري وفال 24 فقرة 24 فقرة 1279 – ميرل فقرة 147 – كولان وكابيتان 2 فقرة 18730 ص 883 – جوسران 2 فقرة 1453 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 146 - الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 280 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 21 ص 42 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 44 – ويتردد لوران ، فيقول بجواز فسخ الصلح ( لوران 28 فقرة 328 ) ، ثم يقول بعدم الجواز ( لوران 28 فقرة 429 ) . ولكنه ليسم بجواز تضمن الصلح شرطاً صريحاً بالفسخ إذا لم يقم أحد المتعقادين بتنفيذ التزاماته ( لوران 28 فقرة 430 ) .

( [1065] ) ذلك أن الصلح ينشيء التزاماته في جانب كل من المتصالحين هو ترك الجزء من ادعائه الذي نزل عنه بالصلح ، فيلتزم إذن بعدم تجديد النزاع في هذا الجزء . فإذا أخل أحد المتصالحين بهذا الالتزام ، جاز للمتصالح الآخر إني طلب فسخ الصلح ليلغى النزول عن الجزء من ادعائه الذي نزل عنه بالصلح . ويقول الأستاذ أكثم الخولي ( فقرة 46 ص 67 ) : " أما وقد استبعدنا فكرة الإقرار عن الصلح وحللناه إلى تنازل عن حق الدعوى ، فإن فسخ الصلح لعدم التنفيذ يبدو أمراً طبيعياً يقتضيه تطبيق القواعد العامة ، إذ من الطبيعي أن نفترض أن تنازل كل متصالح عن دعواه نهائياً خاضع لتنفيذ المتصالح الآخر لما يلزمه به الصلح " .

( [1066] ) وقد قضى بأنه إذا تضمن الصلح ابراء جزئياً من الدين ، على أن يفي المدين بانتظام في مواعيد الاستحقاق التي يحددها الصلح وإلا حل الدين بكامله ، فإن عدم الوفاء في مواعيد الاستحقاق إذا تبعه إعذار المدين يترتب عليه حلول الدين بكامله ( استئناف مختلط 30 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 94 – 3 يونيه سنة 1936 م 48 ص 297 ) . لكن إذا قبل الدائن الوفاء بعد حلول ميعاد استحقاق السقط بل وقبل تأجيل بعض الأقساط التالية ، اعتبر متنازلا عن فسخ الصلح ( نقض مدني 19 نوفمبر سنة 1942 المحاماة 24 رقم 15 ص 33 ) .

( [1067] ) وورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد " يرد الفسخ على الصلح كما يرد على أي عقد آخر ملزم للجانبين ، فإذا لم يقم أحد المتصالحين بما أوجبه الصلح في ذمته من التزامات ، جاز للمتعاقد الآخر أن يطلب الفسخ أو التنفيذ إذا كان ممكناً ، مع التعويض في الحالتين إذا كان له محل . فإذا فسخ الصلح اعتبر كأن لم يكن ، وعاد النزاع القديم كما كان " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 464 في الهامش ) .

( [1068] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 464 في الهامش – وقد نصت المادة 721 عراقي على أنه " إذا لم يقم أحد المتعاقدين بما التزم به في الصلح ، جاز للطرف الآخر أن يطالب بتنفيذ العقد إذا كان هذا ممكناً ، وإلا كان له أن يطلب فسخ العقد ، دون إخلال بحقه في التعويض في الحالتين " . ونصت المادة 717 عراقي على أنه " ذ - إذا كان الصلح في حكم المعارضة ، فللطرفين التقايل منه ، فيرجع المدعى به للمدعى وبدل الصلح للمدعى عليه . 2 – أما إذا تضمن إسقاط بعض الحقوق ، فلا يصح التقايل منه . ونصت المادة 1046 لبناني على أنه " إذا امتنع أحد الفريقين عن القيام بالعهود التق قطعها في عقد المصالحة ، حق للفريق الآخر المطالبة بتنفيذ العقد إذا كان ممكناً ، وإلا حق له أن يطلب الفسخ ، مع مراعاة حقه في طلب بدل العطل والضرر في الحالتين " .

وغنى عن البيان أنه يجوز للمتصالحين أن يتقابلا الصلح ، ولكن لا يجوز لأحدهما أن ينفرد بذلك . ويجوز أن يستخلص التقايل ضمناً من استمرار الدعوى بين المتنازعين دون أن يدفع أيهما بالصلح الذي كان قد تم بينهما . وقد يكون التقايل جزئياً ، فيتقايلان في جزء مما تصالحا عليه ويستبقيان الجزء الآخر ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1595 ) .

( [1069] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 744 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 582 في المشروع النهائي ، ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 554 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 452 و ص 454 – ص 455 ) .

( [1070] ) التقنين المدني السابق م 537 / 659 : التأمينات التي كانت على الحق الذي وقع فيه الصلح تبقى على حالها للفواء بالصلح ، ولكن يجوز لمن عليه تلك التأمينات أو لمن يتضرر من بقائها أن يحتج على الدائن بأوجه الدفع التي كانت موجودة في حق الدين قبل وقوع الصلح " .

( والنص يورد نتيجة منطقية من نتائج الأثر الكاشف ) .

( [1071] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 522 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 553 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 716 : 1 – الصلح عن إنكار أو سكوت هو في حق المدعى معاوضة ، وفي حق المدعى عليه خلاص من اليمين وقطع للمنازعة . 2 – فتجري الشفعة في العقار المصالح عليه ، ولا تجري في العقار المصالح عنه ( وهذا النص مأخوذ من أحكام الفقه الإسلامي ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1043 : يجب على كل من المتعاقدين أن يضمن للأخر الأشياء التي يعطيه إياها على سبيل المصالحة . وإذا استلم أحد الفريقين بحكم المصالحة الشيء المتنازع عليه ، ثم نزع هذا الشيء منه بدعوى الاستحقاق أو وجد فيه عيباً موجباً للرد ، كان ثمة وجه لفسخ عقد المصالحة كله أو بعضه أو لخفض البدل وفاقاً للشروط الموضوعة للبيع . وإذا كانت المصالحة واقعة على منح حق الانتفاع بشيء لمدة من الزمن ، كان الضمان الواجب على كل من الفريقين للآخر نفس الضمان الواجب في إجارة الأشياء . ( وهذا النص بوجب الضمان في الصلح ، خلافاً للقواعد العامة التي تقرر أن الصلح في الأصل لا يوجب الضمان في حدود الأثر الكاشف ) .

( [1072] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 453 – ص 454 – وإذا نزلت وارثة عن جميع حقوقها في تركة ابيها مقابل اثنى عشر قيراطاً ، فإنه تعتبر مالكة لها من يوم وفاة ابيها ، فبيع أحد الورثة لهذه القراريط قابل للإبطال باعتباره بيعاً لملك الغير ( الاقصر 14 ديسمبر سنة 1903 المجموعة الرسمية 5 رقم 104 ص 202 ) .

( [1073] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 454 – بون 2 فقرة 630 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2 فقرة 3227 – وانظر عرض النظرية التقليدية في بيدان 12 فقرة 343 . وتقرب النظرية التقليدية بين الصلح والحكم ، إذا الصلح يؤدي إلى نتيجة قضائية بوسيلة اتفاقية ، فيكون للصلح كما للحكم أثر كاشف ( مبرر فقرة 105 ) .

ولما كان التقنين المدني الفرنسي لم يتضمن نصاً صريحاً في الأثر الكاشف للصلح ، كما تضمن هذا النص في الأثر الكاشف للقسمة ( بودري وفال 24 فقرة 1302 ) ، فقد ذهب بعض الفقهاء ( أكارياس Accarias في الصلح في القانون الروماني وفي القانون الفرنسي رسالة من باريس سنة 1863 – شيفالييه في الأثر الكاشف للعقود رسالة من رن سنة 1932 ) إلى أن الصلح ناقل الحقوق ، على أساس تحليل الصلح بأن كل متصالح فيه ينقل جزءاً من الحق المتنازع فيه إلى صاحبه ، فينقضي هذا الجزء بالنسبة إلى المتنازل باتحاد الذمة عند المتنازل له ( أنظر في انتقاد هذا التحليل بيدان 12 فقرة 347 – بواييه في الصلح ص 313 ) . هذا التحليل بيدان 12 فقرة 347 – بواييه في الصلح ص 313 ) . هذا إلى أن غرض كل متصالح من الصلح هو الحصول على ما عساه يكون للمتصالح الآخر من حقوق على الشيء المتنازع فيه لا مجرد تخلي المتصالح الآخر عن المنازعة في هذا الحق ، ومن ثم جاز فسخ الصلح لعدم التنفيذ ، وجاز الطعن فيه بالدعوى البولصية ، وهذه كلها حلول لا تتفق إلا مع أن الصلح ناقل للحق لا كاشف عنه . ولكن هذه النظرية لم تسد ، وظل الأثر الكاشف للصلح هو القول السائد ( أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 هامش رقم 17 – بوابيه في الصلح ص 272 – ص 323 – ميرال فقرة 105 – فقرة 131 ) .

( [1074] ) بودري وفال 24 فقرة 1302 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1590 .

( [1075] ) بوابيه في الصلح ص 333 – ص 334 – ص 354 – ص 355 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 17 133 .

( [1076] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1590 – بيدان 12 فقرة 362 – ميرل فقرة 141 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 40 – وانظر عكس ذلك الأستاذ محمد علي عرفة ص 397 .

( [1077] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1590 ص 1044 – بودري وفال 24 فقرة 1306 .

( [1078] ) قارن م 1043 لبناني ( آنفاً فقرة 390 في الهامش ) . ويلاحظ أنه حتى لو كان الصلح ناقلا للحق ، فإن الضمان لا يجب لأن الأصل في الحق المتنازع فيه عدم وجوب الضمان ( بواييه في الصلح ص 300 وص 343 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 37 ) . وغنى عن البيان أن المتصالح يضمن في جميع الأحوال فعله الشخصي ( بودري وفال 24 فقرة 1306 ) . وانظر في أن مشروع التقنين المدني الفرنسي كان يشتمل على نص يقضي بعدم الضمان ثم حذف لمخالفته للعدالة ولكن ذلك لا يغير من الحكم الواجب وهو عدم الضمان : أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 هامش رقم 18 .

( [1079] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1590 . ولا يغير الصلح من طبيعة الحق ولا يؤثر في صفاته فإذا كان قابلا للتحويل يبقى كذلك بعد الصلح ( استئناف مصر 2 ابريل سنة 1930 المحاماة 10 رقم 355 ) . وإذا كان قابلا للتنفيذ لثبوته في ورقة رسمية أو لصدور حكم به ، بقى كذلك بعقد الصلح ويستطيع صاحبه أن ينفذ به إذا ما فسخ العقد لعدم قيام العاقد الآخر بتنفيذ الالتزامات المفروضة عليه بمقتضاه ( استئناف مختلط 30 ديسمبر سنة 1937 م 50 ص 79 . الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 33 ص 47 ) – وإذا كان مؤجلا أو معلقاً على شرط ، بقى كذلك إلا إذا ظهر أن المتصالحين قد عدلا من هذا الوصف ( انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 140 ) . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت المحكمة قد أسست قضاءها بصحة التنفيذ بفوائد تأخير الأقساط المستحقة من ثمن البيع على أن محضر الصلح المطلوب التنفيذ به صريح في احتفاظ البائع بجميع حقوقه المقررة بعقد البيع ، وعلى أن عقد البيع هذا ينص على سريان الفوائد عن التأخير ، فذلك منها سديد ، إذ أن عقد البيع يكون في هذه الحالة متمماً لعقد الصلح ، ومن ثم فإن الفوائد المنصوص عليها فيه تكون كأنها منصوص عليها في عقد الصلح ( نقض مدني 4 مايو سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 129 ص 352 .

( [1080] ) على أن التجديد قد يقع بالصلح إذا انصرفت إلى ذلك نية المتصالحين ( استئناف مختلط 31 يناير سنة 1 901 م 13 ص 132 – وانظر في انعدام التجديد استئناف مصر 2 ابريل سنة 1930 املحاماة 10 رقم 355 ص 717 – وانظر الأستاذ أكثم الخولي فقرة 36 ) .

( [1081] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 454 – وقبل قانون التسجيل لم يكن تسجيل الصلح واجباً حتى للاحتجاج به على الغير ( استئناف مختلط 13 يناير سنة 1908 م 20 - ص 58 – 26 مايو سنة 1908 م 20 ص 247 ) .

( [1082] ) إلا أنه إذا كان المشتري هو الذي سجل أولاً ، جاز للمتصالح الأول أن يتمسك ضد المششتري بملكيته للعقار الذي كان ينازعه فيها المتصالح الآخر ، فقد يكون هو المالك الحقيقي للعقار ويكون المشتري قد اشترى العقار من غير مالك وهو المتصالح الآخر ( الأستاذ أكثم الخولي فقرة 41 ) .

( [1083] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 261 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1590 ص 1044 – ولا يجوز استرداد الدين المتنازع فيه إذا وقع عليه صلح ، كما يجوز ذلك في الحوالة ( انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 141 ) .

( [1084] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 454 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 260 – بودري وفال 24 فقرة 1305 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1590 ص 1044 .

( [1085] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الصلح لا تجوز فيه الشفعة ولا الاسترداد ، ذلك بان الصلح الواقع في ملكية مقابل دفع مبلغ معين من النقود ليس ناقلا للملكية بل هو مقرر لها ، والمبلغ المدفوع صلحاً لا يمثل فيه العقار ، وإنما يمثل ما قد يكون للطرفين من حظ في كسب أو خسارة دعوى الملكية . ثم أنه بطبيعته يقتضى ترك كل طرف شيئاً من حقه ، ولا يجوز أن ينتفع الأجنبي بفائدة مقررة لمنفعة المتصالح ، كما أنه يستلزم من قبل طرفيه واجبات شخصية لا يمكن أن يحل فيها أجنبي عن العقد مثل طالب الشفعة أو الاسترداد ، هذا فضلا عن أن نصوص القانون في الشفعة والاسترداد صريحة في أن كلا الحقين لا يرد إلا على حالة البيع ( نقض مدني 27 نوفمبر سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 234 ص 489 ) . وانظر أيضاً : استئناف وطني 25 ابريل سنة 1901 المجموعة الرسمية رقم 26 – استئناف مختلط 22 ديسمبر سنة 1910 م 23 ص 89 .

( [1086] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 454 .

( [1087] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1591 .

( [1088] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 262 – بودري وفال 24 فقرة 1309     - بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1591 – وقد كانت المادة 741 / 2 من المشروع التمهيدي تنص على ما يأتي : " وإذا تضمن الصلح إنشاء حق عيني على عقار ، أو نقل هذا الحق أو تعديله أو إنهاءه ، وجب تطبيق الأحكام المتعلقة بالتسجيل " . وقد حذفت هذه الفقرة في لجنة المراجعة ، اكتفاء بتطبيق القواعد العامة في التسجيل ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 447 – ص 448 وانظر آنفاً فقرة 356 في الهامش ) .

( [1089] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1591 ص 1045 .

( [1090] ) أنظر آنفاً فقرة 383 .

( [1091] ) ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 538 / 660 ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " لا يجوز الاحتجاج بالصلح على من له شركة في القضية التي وقع فيها الصلح ، ولا يجوز أن يحتج هو به أيضاً " . وهذا الحكم ، على غموض النص ، متفق مع حكم المادة 745 من المشروع التمهيدي ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 453 ) .

( [1092] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 452 – ص 453 في الهامش .

( [1093] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 453 في الهامش .

( [1094] ) بودري وفال 24 فقرة 1298 .

( [1095] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1594 – ولا يحتج بالصلح المبرم مع المجني عليه في حادثة على زوجته ، إذا تقدمت بعد وفاته بسبب تلك الحادثة مطالبة بتعويض الضرر الذي لحقها بوفاة عائلها ( نقض جنائي 28 مايو سنة 1934 المحاماة 15 رقم 37 ) – وانظر أيضاً . نقض مدني 21 ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 174 ص 494 – 20 مايو سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 315 ص 629 – 19 ابريل سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 115 ص 721 – استئناف مختلط 27 يناير سنة 1921 م 33 ص 155 .

( [1096] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1594 .

( [1097] ) انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 120 .

( [1098] ) بودري وفال 24 فقرة 1299 .

( [1099] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1594 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 125 – وقد يصالح الشخص عن نفسه وعن غيره مشترطاً لمصلحة هذا الغير أو متعهداً عنه ، وعند ذلك تسري قواعد الاشتراط لمصلحة الغير أو التعهد عن الغير ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1594 ) .

( [1100] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 449 – ص 450 في الهامش . وهذا النص يقابل المادة 1045 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ويجري على الوجه الآتي : " من صالح على حق كان له أو تلقاء بناء على سبب معين ، ثم اكتسب هذا الحق نفسه من شخص آخر أو بناء على سبب آخر ، لا يكون مقيداً بأحكام عقد المصالحة السابقة فيما يتعلق بالحق الذي اكتسبه مجدداً " وانظر أيضاً م 2050 من التقنين المدني الفرنسي .

( [1101] ) أنظر آنفاً فقرة 396 .

( [1102] ) وقد ورد مثلان في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي نوضحهما فيما يلي : ( أ ) تصالح على أرض ادعى أنه ورثها ، ثم اشتراها بعد ذلك ، فالصلح لا يجاوز النزاع القديم إلى السبب الجديد ، ويحتج المتصالح بالبيع الصادر له رغما من الصلح على الميراث . ( ب ) تصالح على أرض اشتراها من أحمد وبعد ذلك اشترى الأرض من على ، فالصلح لا يجاوز النزاع القديم إلى السبب الجديد ، ويحتج المتصالح بالبيع الصادر له من على ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 450 في الهامش ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق