الأحد، 15 أغسطس 2021

السنهوري باشا عليه رحمة الله - وخطابه أمام اللجنة التشريعية

  

نبذة موجزة عن السنهوري باشا:

عبد الرزاق السنهوري أحد أعلام القانون في الوطن العربي، ولد في ١١ أغسطس ١٨٩٥ بالإسكندرية.

كان متفوقاً من صغره عند حصوله على الشهادة الثانوية عام ١٩١٣ كان ترتيبه الثاني علي طلاب القطر المصري، وفي مرحلة مبكرة من عمره قرأ درر التراث العربي وكان يتردد على المكتبات العامة للاطلاع.

عند حصوله على الليسانس (باللغة الإنجليزية) كان ترتيبه الأول علي جميع الطلاب رغم كونه موظفاً بوزارة المالية وقتها إلى جانب دراسته، عين بعد حصوله على الليسانس في سلك القضاء بمدينة المنصورة ونقلته سلطات الاستعمار الإنجليزي الي مدينة أسيوط عقاباً له على مشاركته في ثورة ١٩١٩.

بعدها بعام انتقل الي تدريس القانون في مدرسة القضاء الشرعي وهي واحدة من أهم مؤسسات التعليم العالي المصري التي أسهمت في تجديد الفكر الإسلامي المصري منذ إنشائها وزامل فيها كوكبة من اعلام التجديد والاجتهاد تتلمذ عليه عدد من أشهر علماء مصر على رأسهم الشيخ محمد أبو زهرة.

سافر الي فرنسا عام ١٩٢١ في بعثة علمية لدراسة القانون بجامعة ليون وهناك وضع رسالته الإصلاحية التي عرفت بمواد البرنامج الذي يتضمن رؤيته في الإصلاح.

أنجز خلال وجوده في فرنسا رسالته الدكتوراه (القيود التعاقدية على حرية العمل في القضاء الإنجليزي).

ونال عنها جائزة أحسن رسالة دكتوراه وأثناء وجوده في فرنسا الغيت الخلافة الإسلامية فأنجز رسالة أخري للدكتوراه عن (فقه الخلافة وتطورها لتصبح هيئة أمم شرقية) رغم عدم تكليفه بها وتحذير أساتذته من صعوبتها والمناخ الأوروبي السياسي والفكري المعادي لفكرتها.

بعد عودته الي مصر عام ١٩٢٦ عين مدرساً للقانون المدني بجامعة القاهرة.

ولأسباب سياسية فصلته الحكومة المصرية عام ١٩٣٤ من الجامعة، وسافر الي العراق عام ١٩٣٥ بدعوة من حكومتها وأنشأ هناك كلية القانون (الحقوق) وأصدر مجلة القضاء ووضع مشروع القانون المدني للدولة وعدداً من المؤلفات القانونية لطلاب العراق.

عاد من بغداد إلى القاهرة عام ١٩٣٧ وعُيِنَ عميداً لكلية الحقوق ورأس وفداً مصرياً في المؤتمر الدولي "للقانون المقارن" بـ لاهاي.

أسندت اليه وزارة العدل المصرية مشروع القانون المدني الجديد للبلاد فاستطاع إنجاز المشروع ورفض الحصول على مكافأة عنه.

أجبر علي ترك التدريس بالجامعة عام ١٩٣٧ فاتجه ال القضاء وأصبح وكيلاً لوزارة العدل، فمستشاراً فوكيلاً لوزارة المعارف العمومية، وأبعد عنها لأسباب سياسية عام ١٩٤٢ فاضطر حينها للعمل بالمحاماة.

وهو ثاني رئيس لمجلس الدولة المصري.

توفي عام ١٩٧١ ولم يترك من الأبناء الا بنتاً واحدة.

حتى الآن لا يوجد حصر كامل ونهائي لأعماله، لأن ذلك يقتضي تتبع كتاباته في كل بلد رحل إليها، وهذا ما لم يحدث، ذلك أنه قد ساهم في وضع دساتير والقانون المدني لكثرة من الدول العربية.

كان من كلماته: "لا تضح تضحية حمقاء، ضح حيث تكون التضحية منتجة متناسبة مع نتيجتها"

رحم الله الغائب الحاضر صاحب الذكرى الخالدة. عبد الرزاق باشا السنهوري.

 

 

 

 

خطاب السنهوري باشا أمام اللجنة التشريعية بمجلس النواب (قبل مناقشة مشروع القانون المدني الجديد "الحالي"):

"إن النصوص التشريعية الواردة في هذا المشروع لها من الكيان الذاتي ما يجعلها مستقلة كل الاستقلال عن المصادر التي أخذت منها، ولم يكن الغرض من الرجوع الي التقنيات الحديثة أن يتصل المشروع بهذه التقنيات المختلفة اتصال تبعية في التفسير والتطبيق والتطور، فإن هذا، حتي ولو كان ممكناً، لا يكون مرغوباً فيه، فمن المقطوع به أن كل نص تشريعي ينبغي أن يعيش في البيئة التي يطبق فيها، ويحيا حياة قومية توثق صلته بما يحيط به من ملابسات، وما يخضع له من مقتضيات، فينفصل انفصالاً تاماً عن المصدر التاريخي الذي أخذ منه، أياً كان هذا المصدر، وقد حان الوقت الذي يكون فيه لمصر قضاء ذاتي وفقه مستقل، ولكلٍ من القضاء والفقه، بل علي كل منهما، عند تطبيق النص أو تفسيره، أن يعتبر هذا النص قائماً بذاته، منفصلاً عن مصدره، فيطبقه أو يفسره، تبعاً لما تقتضيه المصلحة ولما يتسع له التفسير من حلول تفي بحاجات البلد، وتساير مقتضيات العدالة، وبذلك تتطور هذه النصوص في صميم الحياة القومية، وتثبت ذاتيتها، ويتأكد استقلالها، ويتحقق ما قصد إليه واضعو المشروع من أن يكون لمصر قانون قومي، يستند الي قضاء وفقه لهما من الطابع الذاتي ما يجعل اثرهما ملحوظاً في التطور العالمي للقانون.

تطور النصوص في صميم الحياة القومية هذه مهمة القضاء، والفقه في مصر منذ اليوم، ولا عذر لهما إذا هما تخليا عن هذه التبعية الخطيرة وتركا الاجتهاد الي التقليد".

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق