الخميس، 5 نوفمبر 2009

طعن على قرار إداري صادر من مصلحة الجمارك

طعن على قرار إداري من مصلحة الجمارك

السيد الأستاذ المُستشار/ نائب رئيس مجلس الدولة

ورئيس محكمة "القضاء الإداري" – بالإسماعيلية

تحية طيبة واحتراماً وبعد...

مُقدمه لسيادتكم/ شركة "........" للإلكترونيات، ويُمثلها قانوناً صاحبها ومُديرها السيد/ .........، والكائن مقرها بالعقار رقم 174 بشارع التحرير – بباب اللوق – القاهرة. ومحله المُختار مكتب وكيله الأستاذ/ خالد فرج علي مطر المُحامي (بموجب التوكيل رقم 898 هـ لسنة 2003 توثيق الموسكي) والكائن مكتبه برقم 1 شارع محمد الشويخ – من شارع التل – وراق العرب – تابع قسم الوراق – الجيزة.

ضــــــد

السيد/ وزير المالية بصفته (الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك).

السيد/ رئيس قطاع جمارك السويس بصفته.

ويعلن سيادتهما بهيئة قضايا الدولة (فرع الإسماعيلية) – الإسماعيلية – مُحافظة الإسماعيلية.

طعناً بالإلغاء على القرار الإداري الصادر من مصلحة جمارك السويس والمُتضمن مُطالبة الشركة الطاعنة بسداد مبلغ وقدره 114142جم (فقط مائة وأربعة عشر ألفاً ومائة وأثنين وأربعون جنيهاً) بزعم أنها فروق رسوم جمركية عن البيان الجمركي رقم 6430 لسنة 2003 السخنة، بادعاء أن هذا المبلغ المُطالب به يُمثل فروق رسوم جمركية. ( مع طلب وقف تنفيذه ).

الموضوع

حصلت الشركة الطاعنة بصفتها على مُوافقة استيرادية من الجهة الإدارية المُختصة بالمُوافقة على استيراد رسالة أجهزة ريسيفر (ماركة تُرمان – منشأ كوري) وكذلك أجهزة استقبال وإرسال وتخفيض شوشرة (منشأ أسباني)، وبالفعل وصلت الرسالة إلى جمرك السويس (إدارة السخنة) وتحرر عنها البيان الجمركي رقم 6430 في تاريخ 21/8/2003 وأرفق بالبيان الجمركي كافة المُستندات من الموافقة على الاستيراد والفاتورة المبدئية والنهائية وسائر الأوراق التي طلبها جمرك السويس الذي أخضعها للبند الجمركي رقم ............. ومن ثم تمت كل الإجراءات الجمركية من مراجعة المُستندات ومُعاينة البضاعة فعلياً على الطبيعة داخل الدائرة الجمركية وبعد كل ذلك قام جمرك السويس بتقدير الضرائب والرسوم الجمركية المُستحقة على تلك البضاعة المُستوردة، وعقب ذلك قام المُدعي بصفته بسداد جميع تلك الضرائب والرسوم المُستحقة بالقسيمة رقم 39/1050676 في تاريخ 10/9/2003، وبناء عليه تم الإفراج عن البضاعة في ذات التاريخ.

وبتاريخ 15/1/2004 ورد إلى المُدعي كتاب مصلحة جمارك السويس رقم 190 المُؤرخ في 14/1/2004 يُطالبه فيه بسداد مبلغ وقدره 114142جم (فقط مائة وأربعة عشر ألفاً ومائة وأثنين وأربعون جنيهاً) بزعم أنها فروق رسوم جمركية عن البيان الجمركي رقم 6430 لسنة 2003 السخنة بادعاء أن هذا المبلغ المُطالب به يُمثل فروق رسوم جمركية.

علماً بأن تلك المبالغ المُطالب بها ليست ناتجة عن أخطاء مادية حسابية: عند حساب الضريبة أو حجم البضاعة أو عددها أو وزنها. ولا ناتجة كذلك عن أخطاء قانونية: في تطبيق ضريبة جمركية لا تخص نوع البضاعة المفروض عليها الضريبة. وإنما تلك المبالغ المُطالب بها ناتجة إعادة تقدير قيمة الضريبة ذاتها مرة أخرى، وهذا ثابت بجلاء وبيقين من مُذكرة السيد الأستاذ/ مُدير عام المُراجعات بقطاع السويس والبحر الأحمر والذي جاء فيها بالحرف الواحد: "... أما بالنسبة لأجهزة الأمبلفير (مضخات وموجات صوتية) ماركة (ALCOD) منشأ أسباني، تم قبول أسعارها بدون تعديل إلا أن هذه الأسعار مُتدنية جداً بالمُقارنة بالأسعار الواردة بمنشور الأسعار رقم 66 بتاريخ 24/8/2003 لنفس الشركة المُنتجة ونفس المنشأ... أما بالنسبة لطراز (MU 830) فهو غير وارد بالمنشور، فيُقبل 40 يورو. وعلى ذلك يُطالب صاحب الشأن بالفروق المالية ..."؟‍‍‍!!! وهذا وحده كاف وقاطع في أن ما قامت به مصلحة الجمارك لا يُعد تدارك منها لخطأ أو سهو وقعت فيه بعدم اقتضاء رسم واجب لها قبل الإفراج عن البضاعة وإنما هو بيقين إعادة لتقدير الضريبة والرسم الجمركي بعد أن تم الإفراج عن البضاعة بالفعل، لذا فإن الأحكام القانونية التي تنطبق على حالة دعوانا الماثلة ليست أحكام تدارك مصلحة الجمارك لخطأ أو سهو وقعت فيه بعدم اقتضاء رسم واجب لها قبل الإفراج عن البضاعة وإنما الأحكام التي يجب تطبيقها هي أحكام إعادة مصلحة الجمارك لتقدير الضريبة والرسوم الجمركي المفروض على البضاعة بعد أن تم الإفراج عنها بالفعل. وهذه نقطة جوهرية ومفصلية في حالة دعوانا الماثلة لكون مصلحة الجمارك يحق لها قانوناً تدارك خطأ أو سهو وقعت فيه بعدم اقتضاء رسم واجب لها قبل الإفراج عن البضاعة ولكن لا يحق لها قانوناً (مُطلقاً) إعادة تقدير الضريبة والرسم الجمركي بعد الإفراج عن البضاعة بالفعل، وكل ذلك مُستقر بأحكام المحاكم العليا كمحكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا وكذلك فتاوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، على نحو ما سيلي بيانه لاحقاً.

ولما كان هذا المسلك من قبل جمرك السويس بإعادة تقدير الرسوم هو غير قانوني بالمرة، لكون صاحبة البضاعة "الشركة الطاعنة" قد تقدمت بالفاتورة الأصلية الخاصة بالبضاعة المُستوردة مُصدق عليها من هيئة رسمية تقبلها مصلحة الجمارك "المطعون ضدها" الغير مُقيدة أصلاً بما ورد في تلك الفاتورة أو المُستندات المُرتبطة بها، حيث أن مصلحة الجمارك لها مُطلق سلطة التقدير والتأكد من الثمن الحقيقي للبضاعة في تاريخ تسجيل البيان الجمركي وفقاً للقواعد المُقررة في هذا الشأن: كالاسترشاد مثلاً بما لديها من قوائم أسعار صادرة من مصادر الإنتاج ذاتها أو عن طريق المُلحقين التجاريين في بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج، أو الاسترشاد بقوائم أسعار لبضاعة مُماثلة من ذات بلد المنشأ أو من بلد آخر تتماثل فيه البضاعة من ناحية المواصفات الفنية أو بضاعة مُماثلة تم الإفراج عنها في ذات ظروف البضاعة محل التقدير في تاريخ مُعاصر، وكذلك مُعاينتها فعلياً على الطبيعة ولو لأكثر من مرة كلما دعت الحاجة لذلك، كل ذلك طالما ظلت البضاعة تحت رقابة المصلحة في نطاق الدائرة الجمركية ولم تخرج منها، وفي مثل هذه الحالات يكون التقدير مُتفقاً مع صحيح القانون (ما دامت الغاية منه هي الوصول إلى التقدير الحقيقي لثمن البضاعة) وهو ما تم إعماله في الحالة الماثلة بما قامت به مصلحة الجمارك بدءً من وصول البضاعة وانتهاءً بقرار الإفراج عنها بعد تحصيل كامل الضريبة والرسوم الجمركية التي قدرتها مصلحة الضرائب بمعرفتها هي وبعد استعمال سلطتها التقديرية الواسعة كاملة في هذا الشأن، وعلى هذا الأساس تم الإفراج بالفعل عن بضاعة "الشركة الطاعنة". ومن ثم فما كان يجوز لمصلحة الجمارك قانوناً (بعد كل ذلك) أن تطالب صاحبة البضاعة "الشركة الطاعنة" بسداد فرق رسوم جمركية عن البيان الجمركي المُشار إليه بزعم أن المبلغ المُطالب به "فرق بند" نتيجة خطأ في تقدير البند (وهذا يؤكد مرة أخرى إن ما قامت به مصلحة الجمارك هو إعادة تقدير وليس ناتج عن خطأ مادي حسابي أو خطأ قانوني على نحو ما سلف ذكره)، خاصة وأن هذا الخطأ (المقول به) ليس ناتج عن غش ولا حتى مُجرد خطأ أو إهمال صاحبة البضاعة "الشركة الطاعنة" التي اتخذت جميع الإجراءات القانونية السليمة في استيراد البضاعة والإفراج عنها. وعليه، تكون تلك المُطالبة الأخيرة من مصلحة الجمارك بما تزعم أنه "فرق بند" نتيجة خطأ في تقدير البند، بعد الإفراج بالفعل عن البضاعة، تكون تلك المُطالبة قد جاءت على خلاف حقيقة الواقع وعلى غير سند من صحيح القانون، مما يحق معه للشركة الطاعنة – والحال كذلك – الاعتصام بعدالة القضاء لإنصافها في هذا النزاع والقضاء بإلغاء قرار مصلحة الجمارك المُشار إليه والذي جاء على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون.

الأسانيد القانونية:

ومن حيث إنه باستعراض أحكام قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 يبين أن:-

المادة 5 من قانون الجمارك تنص على أنه: "تخضع البضائع التي تدخل أراضي الجمهورية لضرائب الواردات المُقررة في التعريفة الجمركية، علاوة على الضرائب الأخرى المُقررة... ولا يجوز الإفراج عن أية بضاعة قبل إتمام الإجراءات الجمركية وأداء الضريبة والرسوم المُستحقة".

في حين تنص المادة 22 من ذات القانون على أن: "تكون القيمة الواجب الإقرار بها في حالة البضائع الواردة هي الثمن الذي تساويه في تاريخ تسجيل البيان الجمركي المُقدم عنها في مكتب الجمرك ...".

كما تنص المادة 23 على أنه: "على صاحب البضاعة أن يُقدم الفاتورة الأصلية بها مُصدقاً عليها، ولمصلحة الجمارك الحق في المُطالبة بالمُستندات والعقود والمُكاتبات وغيرها المُتعلقة بالصفقة دون أن تتقيد بما ورد فيها أو بالفواتير نفسها".

وتنص المادة 43 على أنه: "يجب أن يُقدم للجمرك بيان تفصيلي (شهادة إجراءات) عن أية بضاعة قبل البدء في إتمام الإجراءات ويجب أن يتضمن هذا البيان جميع المعلومات والإيضاحات والعناصر التي تُمكن من تطبيق الأنظمة الجمركية واستيفاء الضرائب".

وتنص المادة 50 على أنه: "يتولى الجمرك بعد تسجيل البيان مُعاينة البضاعة للتحقق من نوعها وقيمتها ومنشأها ومن مُطابقتها للبيان والمُستندات المُتعلقة به".

وأخيراً، تنص المادة 53 على أنه: "للجمرك في جميع الأحوال إعادة مُعاينة البضاعة ما دامت تحت رقابته"(1).

وحيث أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن: "قضاء هذه المحكمة قد تواتر على أن مصلحة الجمارك وهي تتولى تقدير قيمة البضاعة المُستوردة تتمتع بسلطة تقدير واسعة، فلا تتقيد لزاماً بالفواتير والمُستندات التي يُقدمها صاحب البضاعة، ويكون للمصلحة مُعاينة البضاعة للتحقق من نوعها وقيمتها ومدى مُطابقتها للبيان الجمركي، والأصل أن تتم المُعاينة في نطاق الدائرة الجمركية، كما يجوز إعادة المُعاينة ما دامت البضاعة تحت رقابة المصلحة، ومن ثم فإن المصلحة بعد أن تمارس هذه السلطة التقديرية الواسعة في مُعاينة البضاعة ومُطابقتها للبيان الجمركي والمُستندات المُتعلقة به والتحقق من نوعها وقيمتها ومنشأها إلى غير ذلك مما يُمكنها من تقدير ثمن البضاعة وتحديد التعريفة الجمركية الخاضعة لها، وتسوية الضريبة والرسوم الجمركية على أساس ذلك، وتحصيل الضريبة والإفراج عن البضاعة، فإنها بذلك تكون قد استنفدت اختصاصها، فلا يجوز لها بعد ذلك أن تعاود النظر في تقدير قيمة البضاعة مرة أخرى، طالما كان بوسعها أن تتحقق بكافة الوسائل من قيمة البضاعة ونوعها، وألا تفرج عنها قبل التثبت من ذلك وفرض الضريبة عليها على أساس صحيح. والقول بغير ذلك من شأنه أن يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المعاملات التجارية ويدفع المصلحة إلى التراخي في أداء اختصاصها، مع بقاء تدخلها بمُعاودة النظر، سيفاً مُسلطاً على صاحب البضاعة المُفرج عنها، وكل ذلك مما يتنافى مع الإدارة الرشيدة، ومع التوقع الطبيعي المشروع الذي يحق للمُتعامل مع الإدارة أن يفترض قيامه وأن ينعم بالطمأنينة على أساسه. ولما كان ذلك، وكان الطاعن قد حصل في 25/11/1990 على موافقة استيرادية برقم 3408 من لجنة البنوك الجمركية لاستيراد رسالة أجهزة وأدوات كهربائية، ووردت الرسالة بتاريخ 14/7/1991 إلى جمرك السويس، وتحرر عنها البيان الجمركي رقم 1267 ق.ج جمرك السويس، وتمت جميع الإجراءات الجمركية، وقام الطاعن بسداد الرسوم الجمركية وأفرج عن الرسالة في 16/7/1991 ومن ثم فما كان يجوز قانوناً لمصلحة الجمارك أن تطالبه بعد ذلك في 2/1/1992 بسداد فرق رسوم جمركية عن البيان الجمركي المُشار إليه بزعم أن المبلغ به "فرق بند" نتيجة خطأ في تقدير البند، خاصة وأن هذا الخطأ ليس نتيجة غش أو خطأ من المستورد الذي اتخذ جميع الإجراءات القانونية السليمة في استيراد السلعة والإفراج عنها، كما أنه وأياً ما كان وجه الأمر فيما تدعيه المصلحة في المُنازعة الماثلة فإن مسلكها بمُعاودة النظر في تقدير الضرائب والرسوم الجمركية ثانية في الحالة الماثلة لا يصادف محلاً بعد إذ تم الإفراج عن البضاعة فعلاً وسداد الضرائب والرسوم التي قدرتها، ومن ثم يغدو قرار المصلحة الطعين الصادر في هذا الشأن مُخالفاً للقانون حرياً بالإلغاء". (الطعن رقم 731 لسنة 41 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 7/4/2001. المصدر: مُجلد "مجلة المُحاماة" – العدد الثاني 2002 – المُستحدث من المبادئ التي أقرتها دوائر المحكمة الإدارية العليا للعام القضائي 200/2001 – تحت عنوان: "جمارك – تحديد صحة الثمن" – صـ 508 : 509).

كما أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا في خصوص الـ : "جمارك. حساب الضريبة الجمركية. الخطأ في حسابها: إذا وقعت مصلحة الجمارك في خطأ مادي في حساب الضريبة أو حجم البضاعة أو عددها أو وزنها، أو خطأ قانوني في تطبيق ضريبة جمركية لا تخص نوع البضاعة المفروضة عليها يجوز لها تدارك الخطأ بمطالبة المستورد بما هو مستحق لها زيادة على ما دفعه. ويجوز أيضاً للمستورد المطالبة باسترداد ما دفعه بغير حق، كل ذلك ما لم يكن الحق في المطالبة قد سقط بالتقادم. في التقدير: لا يجوز إعادة النظر فيه بعد أن استنفذ الجمرك سلطاته التقديرية سواء كان ذلك لمصلحة المستورد أو لمصلحة الجمارك". (الطعن رقم 743 لسنة 34 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 7/1/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 410 – فقرة 2. المصدر: CD "برنامج أحكام المحاكم العليا" – لشركة: المجموعة الدولية للمحاماة والاستشارات القانونية – تحت عنوان: ضرائب، الضريبة الجمركية).

وعلى ذلك أستقر قضاءنا الوطني في جميع درجاته، حيث تواترت أحكام محكمة استئناف عالي القاهرة على أنه: "ومن حيث أنه عن موضوع الاستئناف، فإنه لما كان من المُقرر في ضوء نصوص القانون رقم 66 لسنة 1963 بشأن الجمارك على أن يتولى الجمرك بعد تسجيل البيان التفصيلي عن شهادة الإجراءات للبضائع المستوردة مُعاينة تلك البضائع والتحقق من نوعها وقيمتها ومنشأها ومُطابقتها للبيان والمُستندات المُتعلقة به وللجمرك في جميع الأحوال إعادة مُعاينة البضاعة ما دامت تحت رقابته، ومن ثم فإذا قامت المصلحة بإعمال سلطتها التقديرية في مُعاينة البضاعة ومُطابقتها للبيان الجمركي والتحقق من نوعها وقيمتها ومنشأها ومدى مُطابقتها للبيانات الواردة بالإفراج الجمركي والمُستندات المُتعلقة بها بما يُمكنها من تقدير ثمنها وتحديد البند الجمركي الخاضعة له وقيمة الضرائب والرسوم المُستحقة عليها وتحصيلها والإفراج عنها فتكون بذلك قد استنفذت سلطتها مما لا يجوز لها أن تعيد النظر في تقدير قيمة البضاعة مرة أخرى لأي سبب آخر إلا أن يكون خطأ مادياً أو غش من المُستورد. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الجمارك قامت بفحص الرسالة محل المُطالبة وقدرت قيمة الجمارك والضرائب والرسوم المُستحقة عنها بما لها من سلطة في ذلك وقامت المُستأنف ضدها (صاحبة البضاعة) بسدادها وتم الإفراج عن البضاعة من الجمرك ومن ثم فلا يجوز للمصلحة أن تعاود تقدير الرسوم والجمارك والضرائب المُستحقة على الرسالة بعد الإفراج عنها بحجة وجود خطأ في إجراءات الربط بتطبيق البند الجمركي على نحو غير سليم فهذا الخطأ راجع إلى تابعيها دون أن يكون هناك غش من المُستأنف ضدها (صاحبة البضاعة) أو وقوع خطأ مادي يستوجب إعادة احتساب الضريبة وعليه يكون الاستئناف (المُقام من مصلحة الجمارك) قد جاء على غير سند من الواقع والقانون مُتعيناً القضاء برفضه وتأييد الحكم المُستأنف لما سلف من أسباب ولما تضمنه الحكم المُستأنف من أسباب أخرى لا تتعارض مع أسباب هذا الحكم". (الحكم الصادر في الاستئناف رقم 12659 لسنة 118 قضائية "استئناف عالي القاهرة" – بجلسة يوم الأربعاء الموافق 19/6/2002 من الدائرة 66 مدني).

وهذه المبادئ القانونية سالفة الذكر درجت عليها جميع الأجهزة القضائية في الدولة، فهذه هي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة قد أصدرت فتواها رقم 32/2/2632 والذي جاء فيها: "وحاصل الوقائع أن الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية استوردت من الخارج بتاريخ 18/3/1992 ثمان حاويات تضم أجزاء سنترالات مُفككة مشمول البيان الجمركي رقم 322 م.ح حيث تم أداء الضرائب والرسوم المُستحقة عليها بالقسيمة رقم 318071 بتاريخ 2/3/1992، بيد أنه بمُراجعة مشمول هذه الشهادة بالإدارة العامة للمُراجعات تبين لها أن الرسالة عبارة عن كابلات وأجزاء معدنية عبارة عن بروفيل (منشآت) بالإضافة إلى مسامير وصواميل وورد وأغطية، ومن ثم فلا تخضع للبند الجمركي 85/13 وإنما يطبق في شأنها بنود أخرى يُستحق بموجبها فروق الضرائب والرسوم الجمركية محل النزاع الماثل، وبمُطالبة هيئة الاتصالات بأدائها قعدت عن الوفاء، ولذلك طلبت مصلحة الجمارك عرض النزاع على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع. وعرض النزاع على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلسة 20/11/1996 فتبين لها باستعراض نصوص قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 أن المُشرع قد وضع أصلاً عاماً في قانون الجمارك مُقتضاه خضوع جميع الواردات للضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب الإضافية المًُقررة على الواردات بحيث لا يُعفى منها إلا بنص خاص، مع استحقاق الضرائب والرسوم لدى مرور البضاعة، وخول المُشرع مصلحة الجمارك وهي بسبيل تقدير قيمة البضاعة المُستوردة سلطة تقديرية واسعة بغية الوصول إلى الثمن الحقيقي الذي تساويه في سوق مُنافسة في تاريخ تسجيل البيان الجمركي المُقدم عنها. والمصلحة وهي تباشر هذه المُهمة غير مُقيدة بما ورد من بيان بالفواتير التي يُقدمها صاحب البضاعة أو بغيرها من مستندات أو عقود ولو قدمت بناء على طلبها، وإنما لها أن تعاين البضاعة وتتحقق من نوعها وتدقق في قيمتها وتتأكد من منشأها ومدى مُطابقة ذلك لما ورد من بيانات بشهادة الإفراج الجمركي والمُستندات المُتعلقة بها. وأوجب القانون أن تتم مُعاينة البضائع الواردة داخل الدائرة الجمركية وأجاز إعادة المُعاينة ما دامت البضاعة تحت رقابة مصلحة الجمارك. ومن ثم فإذا قامت المصلحة بإعمال سلطتها التقديرية في مُعاينة البضاعة ومُطابقتها للبيان الجمركي والتحقق من نوعها وقيمتها ومنشأها إلى غير ذلك مما يُمكنها من تقدير ثمنها وتحديد البند الجمركي الخاضعة له وقيمة الضرائب والرسوم الجمركية المُستحقة عليها وتحصيلها والإفراج عن البضاعة فإنها تكون قد استنفذت سلطتها بما لا يجوز لها من بعد مُعاودة النظر في تقدير قيمتها مرة أخرى بسند من أن المُستورد لم يذكر القيمة الحقيقية للبضاعة أو نوعها أو غير ذلك من بيانات شهادة الإفراج الجمركي طالما كان بمُكنة المصلحة بما لها من سلطة تقديرية خولها لها القانون أن تتحقق من صحة البيانات ومُطابقتها للبضاعة الواردة. ومن حيث أن الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية استوردت مشمول البيان الجمركي رقم 322 م.ح وقامت مصلحة الجمارك بمُعاينته وإخضاعه للبند الجمركي 85/12 بفئة 50% وإعمال التنزيل المُقرر للهيئة وخفض الفئة الجمركية المُقررة للبند المُشار إليه لفئة 5% وتم ذلك بعد مُعاينة مشمول البيان وأداء الضرائب والرسوم الجمركية المُقررة والإفراج عن الواردات، فمن ثم لا يجوز لمصلحة الجمارك مُعاودة النظر في تقدير الضرائب والرسوم الجمركية بسند من أن الواردات عبارة عن أجزاء سنترالات مُفككة ودوائر كهربائية وأجزاء معدنية وليست بسنترالات كاملة مفككة ومشتملاتها إذ كان للمصلحة ألا تفرج عن هذه الواردات إلا بعد استيثاقها من ذلك، فإن فعلت فليس لها أن تعاود النظر من بعد في تقدير الضرائب والرسوم الجمركية المُقررة. الأمر الذي تغدو معه المُطالبة الماثلة عارية من صحيح سندها مُتعينة الرفض. لذلك انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى رفض مُطالبة مصلحة الجمارك بإلزام الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية بأداء مبلغ 422444 جنيها (أربعمائة وأثنين وعشرين ألفاً وأربعمائة وأربعة وأربعين جنيهاً) كفروق ضرائب ورسوم جمركية على مشمول البيان الجمركي رقم 322 م.ح". (فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة رقم 32/2/2632 الصادرة في تاريخ 20/11/1996).

كما أن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة قد استقرت وتواترت فتاويها على أن: "الجمرك بعد أن مارس سلطته التقديرية الواسعة في مُعاينة البضاعة المُستوردة وتحديد التعريفة الجمركية الخاضعة لها ثم تسوية الضريبة الجمركية على أساس ذلك وتحصيل الضريبة والإفراج عن البضاعة وخروجها من الدائرة الجمركية فإنه يكون بذلك قد أستنفذ سلطاته فلا يجوز له بعد ذلك أن يُعاود النظر في تقدير قيمة الضرائب والرسوم الجمركية مرة أخرى، والحاصل أن تقدير الرسوم الجمركية المُستحقة بواسطة مصلحة الجمارك في صدد استعمال رخصتها المُخولة لها قانوناً هو قرار إداري نهائي أعملت به جهة الإدارة سلطتها التقديرية التي خولها إياها القانون وأنشأت مركزاً قانونياً ذاتياً يتعلق به حق ذي الشأن وبصورة تستنفذ المصلحة ولايتها في إصداره فلا يجوز المساس به من جهتها ولا يجوز مُعاودة النظر فيه إلا إذا كان ثمة غش أو تدليس من جانب صاحب الشأن من شأنه أن يُفسد إرادتها وإلا أعتبر ذلك سحباً لقرار إداري نهائي في غير الأحوال المُقررة قانوناً". (فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة رقم 32/2/2738 الصادرة في 27/8/1997).

وفضلاً عما تقدم، فإن المادة 119 من دستور 1971 الدائم للجمهورية تنص على أن: " إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغائها لا يكون إلا بقانون، ولا يُعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المُبينة في القانون. ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون".

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "لما كانت المادة الثامنة من اللائحة الجمركية تقضي بألا يُفرج عن أية بضاعة قبل سداد الرسوم المُقررة عليها، فقد دلت على أن أساس استحقاق الرسم الجمركي هو: الإفراج عن البضاعة من الدائرة الجمركية بعد مرورها بها إلى داخل البلاد للاستهلاك المحلي. ذلك أن البضائع تعتبر – بالمعنى الجمركي – خارج حدود الدولة طالما لم تسحب من مكان إيداعها للتصرف فيها داخل البلاد، إذ قد يُعاد تصديرها للخارج قبل إدخالها البلاد فلا تستحق عنها رسوم جمركية، وإنما تعتبر البضاعة أنها قد دخلت حدود الدولة وتستحق بالتالي عنها الرسوم الجمركية، عند الإفراج عنها لتخصيصها للاستهلاك الداخلي". ( الطعن رقم 15 لسنة 26 قضائية – جلسة 31/5/1962 مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – صـ 749. والطعن رقم 1827 لسنة 50 قضائية – جلسة 7/5/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 1193. والطعن رقم 894 لسنة 54 قضائية – جلسة 26/1/1987. مُشار إليهم في: "الموسوعة التجارية الحديثة" – للمُستشار/ عبد المنعم دسوقي – المُجلد الثالث – القاعدة رقم 67 – صـ 99 : 100).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "الأصل في البضائع الموجودة فيما وراء الدائرة الجمركية أنها خالصة الرسوم، وعلى من يدعي العكس عبء الإثبات. حيث تنص المادة الثالثة من اللائحة الجمركية على أنه يجوز فيما وراء حدود دائرة المُراقبة الجمركية نقل البضائع بحرية، ومن مُقتضى هذا النص أن يكون الأصل في البضائع الموجودة فيما وراء حدود هذه الدائرة أنها تعتبر خالصة الرسوم الجمركية وأن يكون مُدعي خلاف هذا الأصل هو المُكلف قانوناً بإثباته". (الطعن رقم 58 لسنة 19 قضائية – جلسة 22/2/1951 مجموعة المكتب الفني – السنة 2 – صـ 366. مُشار إليه في: "موسوعة الجمارك والتهريب الجمركي" – للمُستشارين/ فايز السيد اللمساوي وأشرف فايز اللمساوي – طبعة 2004 القاهرة – صـ 327).

علماً بأنه بعد تقدير الضريبة والرسوم الجمركية وسدادها من قبل الملتزم بها ومن ثم الإفراج عن البضاعة، بعد ذلك لا يوجد نص في القانون يجيز لمصلحة الجمارك إعادة تقدير الضريبة والرسوم الجمركية من جديد ومُطالبة صاحب البضاعة بها بعد الإفراج عن البضاعة بالفعل. وأن هذا المسلك من جانب مصلحة الجمارك مُخالف للقانون بل وللدستور ذاته.

لما كان ذلك، وكانت المبالغ التي تطالب بها مصلحة الجمارك "المطعون ضدها" ليست ناتجة عن خطأ مادي في حساب الضريبة أو حجم البضاعة أو عددها أو وزنها ولا ناتجة عن خطأ قانوني في تطبيق ضريبة جمركية لا تخص نوع البضاعة المفروض عليها وإنما هو ناتج عن إعادة النظر في التقدير ذاته وهذا لا يجوز قانوناً بعد استيفاء جميع الإجراءات الجمركية وسداد الضرائب والرسوم المُستحقة ومن ثم الإفراج عن البضاعة بالفعل، وعليه تكون هذه المُطالبة من المصلحة "المطعون ضدها" قد جاءت على غير سند من صحيح القانون مما يحق معه للشركة الطاعنة – والحال كذلك – اللجوء للقضاء العادل بغية الحكم له بإلغاء قرار مصلحة الجمارك المطعون فيه (سالف الذكر).

لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الشركة الطاعنة "صاحب البضاعة المُستوردة" قد قامت بسداد كامل الضريبة والرسوم الجمركية التي قدرتها مصلحة الضرائب بمعرفتها وبعد استعمالها لسلطتها التقديرية الواسعة كاملةً في هذا التقدير، ومن ثم تم الإفراج بالفعل عن البضاعة. وعليه فلا يجوز لمصلحة الجمارك قانوناً (بعد كل ذلك – ووفقاً لما سلف بيانه) أن تطالب "الشركة الطاعنة" صاحب البضاعة بسداد فرق رسوم جمركية عن البيان الجمركي المُشار إليه بزعم أن المبلغ المُطالب به "فرق بند" نتيجة خطأ في تقدير البند، خاصة وأن هذا الخطأ (على فرض وجوده – وهو غير موجود أصلاً) ليس ناتج عن غش ولا حتى مُجرد خطأ أو إهمال صاحبة البضاعة "الشركة الطاعنة" التي اتخذت جميع الإجراءات القانونية السليمة في استيراد البضاعة والإفراج عنها. وعليه، تكون تلك المُطالبة الأخيرة (موضوع الطعن الماثل) من جانب مصلحة الجمارك التي تزعم أنه يوجد "فرق بند" نتيجة خطأ في تقدير البند بعدما أفرجت بالفعل عن البضاعة، تكون تلك المُطالبة قد جاءت على خلاف حقيقة الواقع وعلى غير سند من صحيح القانون، مما يحق معه للشركة الطاعنة – والحال كذلك – الاعتصام بعدالة القضاء لإنصافها في هذا النزاع والقضاء لها بإلغاء قرار مصلحة الجمارك محل الطعن الماثل لكونه قد صدر على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون.

لما كان ما تقدم، وكان قرار جمرك السويس المطعون فيه والقاضي بإعادة تقدير الضرائب والرسوم الجمركية، هو قرار إداري يتضمن تعديلاً وسحباً وإلغاءاً لقرار تقدير الرسوم الصادر في تاريخ 21/8/2003 (رغم تحصنه بفوات المواعيد القانونية) وكان هذا القرار المطعون فيه يترتب عليه تحميل الطاعن بصفته برسوم أكثر من تلك التي سددها، فإن الشركة الطاعنة تطعن عليه وتنعى عليه بمُخالفة القانون والبطلان والانعدام.

لما كان ذلك، وكان القرار الإداري هو: إفصاح الإدارة عن إرادتها المُلزِمة بما لها من سلطة بمُقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث أثر قانوني مُعين متى كان مُمكناً وجائزاً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة.

وكان البين من ذلك: أن ثمة خمسة أركان يجب توافرها لقيام القرار الإداري، وهي: الاختصاص – والشكل – والمحل – والسبب – والغاية.

وكان المقصود بمحل القرار الإداري هو: الأثر القانوني الذي يترتب عليه حالاً ومُباشرة، وهو ما يُميز القرار الإداري عن العمل المادي الذي يكون محله – دائماً – نتيجة واقعية. ويشتمل الأثر القانوني الذي يترتب على القرار الإداري على: تقرير حق لفرد مُعين بذاته أو أفراد مُعينين بذواتهم أو فرض التزام ضد فرد مُعين بذاته أو ضد أفراد مُعينين بذواتهم، ومثال ذلك: التصريح لشخص بحمل السلاح – أو بإدارة سينما – أو بالبناء في ملكه – أو القرار بتحديد مقدار الضريبة على الممول.

فالقرارات الإدارية تنقسم من حيث "المدى أو العمومية" إلى: قرارات "تنظيمية" وقرارات "فردية". والقرارات التنظيمية هي اللوائح الإدارية التي تتضمن قواعد عامة مُلزِمة تطبق على عدد غير مُحدود من الأفراد. أما القرارات الفردية فهي التي تخاطب فرداً أو أفرادا ً مُعينين بذواتهم، مثل: تعيين شخص في وظيفة عامة – الترخيص لشخص بالبناء في ملكه – مجازاة موظف ...الخ.

وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على التفرقة بين القرارات الإدارية التنظيمية (التي تولد مراكز قانونية عامة) وبين القرارات الإدارية الفردية (التي تنشئ مركزاً قانونياً فردياً) من حيث أنه يجوز للإدارة سحب القرارات التنظيمية العامة سواء بالإلغاء أو التعديل في أي وقت حسبما تقتضيه المصلحة العامة. أما القرارات الإدارية الفردية فلا يجوز سحبها ولو كانت مشوبة بعيب إلا خلال الستين يوماً من تاريخ صدورها، بحيث إذا انقضى هذا الميعاد اكتسب القرار حصانة نهائية تعصمه من أي إلغاء أو تعديل، وعندئذ يصبح لصاحب الشأن حق مُكتسب فيما تضمنه القرار وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يُعد أمراً مُخالفاً للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله. (الطعن رقم 979 لسنة 7 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 29/2/1964 مجموعة العشر سنوات – صـ 1158. والطعن رقم 672 لسنة 2 قضائية "قضاء إداري" – جلسة 4/5/1949 مجموعة المكتب الفني السنة 3 – صـ 715. المصدر: "مبادئ وأحكام القانون الإداري" – للدكتور/ زكي محمد النجار – طبعة 1994 القاهرة – صـ 482 ، 483 ، 488 ، 495 ، 496 ، وهامش 13 صـ 514).

فمن المُسلم به قانوناً فقهاً وقضاءً أنه: ينتهي ميعاد الطعن بالإلغاء ضد القرار الإداري، بانقضاء الستين يوماً التالية لإعلان القرار أو نشره، ما لم يتحقق سبب لوقف سريان الميعاد أو انقطاعه، ويترتب على فوات ميعاد الطعن في القرار الإداري عدة آثار، منها:

يكتسب القرار الإداري حصانة تعصمه من الطعن بالإلغاء، فلا يجوز أن يُثار الطعن في هذا القرار أمام القضاء الإداري، كما ليس لأية هيئة إدارية كانت أو قضائية أن تنقضه، فلا يحق للإدارة – مثلاً – سحب هذا القرار بحجة عدم مشروعيته، ويتعين على القاضي الإداري الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً إذا تم رفعها بعد فوات الميعاد.. وقد استهدف المُشرع من ذلك مصلحة عليا تتمثل في استقرار القرارات الإدارية وعدم تركها مُستهدفة للطعن بدعوى الإلغاء وقتاً طويلاً مما يُشيع الفوضى والاضطراب في المجال الإداري، وهو الأمر الذي يحرص المُشرع على تجنبه توخياً وحمايةً للمصلحة العامة. (الطعن رقم 1081 لسنة 7 قضائية "قضاء إداري" – جلسة 24/11/1959 مجموعة المكتب الفني السنة 10 صـ 41). وبالرغم من أن الإبقاء على قرار إداري غير مشروع فيه مساس واضح بمبدأ المشروعية ويُعد استثناء حقيقي على مُقتضاه، إلا أنه يجد مُبرره الشرعي لذلك وهو أن مرور مُدة الطعن بالإلغاء يُفيد رضا المُدعي وسكوته عن اختيار طريق الطعن أمام القضاء، رغم علمه التام بالقرار ومركزه منه وإمكانية الطعن فيه، أو على الأقل تحمله لتبعة هذا السكوت سواء كان عن جهل لا يُعذر فيه أو عن إهمال. ومن هنا اعتبر القضاء الإداري أن ميعاد الطعن بالإلغاء من النظام العام لتعلقه باستقرار القرارات الإدارية وما لذلك من اتصال وثيق بالنظام العام. (الطعن رقم 10 لسنة 6 قضائية "قضاء إداري" – 7/1/1953 مجموعة المكتب الفني السنة 7 صـ 289).

تصبح الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبها القرارات الإدارية النهائية التي فات ميعاد الطعن فيها، حقوقاً مُكتسبة لذوي الشأن فلا يجوز المساس بها.

يجوز الدفع بعدم قبول الدعوى لفوات ميعاد الطعن بالنسبة للقرار المطعون فيه أمام القضاء في أية مرحلة من مراحل الدعوى، باعتباره من النظام العام، كما يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى إذا رفعت بعد فوات الميعاد بغير حاجة إلى الدفع من قِبل الخصوم.

والخلاصة: إن فوات ميعاد الطعن في القرار الإداري – على فرض عدم مشروعيته لعيب في الاختصاص أو الشكل أو المحل أو السبب أو الغاية – يحصن القرار الإداري رغم عيبه (المُفترض)، ويضحى بمثابة القرار الصحيح الذي لا يجوز سحبه أو إبطاله بحجة عدم مشروعيته، وذلك لاعتبارات تتعلق بضرورة استقرار الحقوق والمراكز الشخصية التي تنشأ للأفراد من تلك القرارات، حيث أن مرور مدة الطعن بالإلغاء عليها من شأنه توليد ثقة مشروعة لدى الأفراد فيما ترتب على هذه القرارات من مراكز وحقوق فيجب حمايتها. (المصدر: "الدعاوى الإدارية – دعاوى الإلغاء" – للدكتور/ سامي جمال الدين – طبعة 1991 الإسكندرية – صـ 153 ، 154 ، 202).

ويؤيد هذا النظر، ما تواترت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا من أن: "صدور قرار بالترقية وإن كان قد أنبني على تسوية خاطئة إلا أنه يُشكل قراراً إدارياً أنشأ مركزاً قانونياًَ ذاتياً شأنه شأن القرارات الإدارية الفردية التي لا يجوز سحبها إلا في المواعيد القانونية المُقررة للطعن القضائي، ويتحصن بفوات هذه المواعيد ويقع سحب القرار بعد مُضي المُدة القانونية باطلاً". (الطعن رقم 1520 لسنة 7 قضائية"إدارية عليا" – جلسة 2/1/1966 مجموعة المكتب الفني السنة 11 صـ 263. والطعن رقم 295 لسنة 16 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 5/1/1975 مجموعة المكتب الفني السنة 20 صـ 100. مُشار إليهما في: "مبادئ وأحكام القانون الإداري" – للدكتور/ زكي محمد النجار – طبعة 1994 القاهرة – صـ 510 وهامش 27 صـ 516).

ويؤيد هذا النظر مرة أخرى ويؤكده تماماً ما ذهبت إليه الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة من أن: "الجمرك بعد أن مارس سلطته التقديرية الواسعة في مُعاينة البضاعة المُستوردة وتحديد التعريفة الجمركية الخاضعة لها ثم تسوية الضريبة الجمركية على أساس ذلك وتحصيل الضريبة والإفراج عن البضاعة وخروجها من الدائرة الجمركية فإنه يكون بذلك قد أستنفذ سلطاته فلا يجوز له بعد ذلك أن يُعاود النظر في تقدير قيمة الضرائب والرسوم الجمركية مرة أخرى، والحاصل أن تقدير الرسوم الجمركية المُستحقة بواسطة مصلحة الجمارك في صدد استعمال رخصتها المُخولة لها قانوناً هو قرار إداري نهائي أعملت به جهة الإدارة سلطتها التقديرية التي خولها إياها القانون وأنشأت مركزاً قانونياً ذاتياً يتعلق به حق ذي الشأن وبصورة تستنفذ المصلحة ولايتها في إصداره فلا يجوز المساس به من جهتها ولا يجوز مُعاودة النظر فيه إلا إذا كان ثمة غش أو تدليس من جانب صاحب الشأن من شأنه أن يُفسد إرادتها وإلا أعتبر ذلك سحباً لقرار إداري نهائي في غير الأحوال المُقررة قانوناً". (فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة رقم 32/2/2738 الصادرة في 27/8/1997).

وتطبيقاً لما تقدم، فلما كانت التقدير الأول للضريبة المفروضة على البضاعة المستوردة قد صدر من قِبل الجهة الإدارة المُختصة بذلك (والتي لها في هذا الشأن سلطة تقديرية واسعة المدى) وهذا التقدير يُعد وفق التكييف القانوني الصحيح قرار إداري، وقد صدر وفق صحيح القانون، ولم يتم إلغاؤها أو سحبها أو تعديلها من جانب جهة الإدارة خلال الستين يوماً التالية لصدوره، وبالتالي تكون هذه القرار بالتقدير الأول قد تحصنت ضد الإلغاء وضد السحب وضد التعديل سواء إدارياً أو قضائياً ومن ثم ينتج هذا القرار الإداري بالتقدير الأول كافة آثاره القانونية.. وإذ خالف القرار المطعون فيه (قرار إعادة التقدير) هذا النظر وصدر بتقدير آخر مُخالف للتقدير الأولى الذي صار نهائياً بفوات مواعيد سحبه أو إلغاؤه أو تعديله فإن هذا القرار الثاني المطعون عليه (قرار إعادة التقدير) يكون قد صدر باطلاً ومنعدم لمُخالفة محله للقانون للأسباب السالف ذكرها وللأسباب التالية:

أنه المُسلم به قانوناً فقهاً وقضاءً أن: "تعديل الحالة القانونية القائمة يُعد إنشاء لحالة قانونية جديدة، وهذا ما أوضحته محكمة القضاء الإداري بقولها: "إن القرار الصادر من مجلس الوزراء بشأن المواسم والأعياد الرسمية هو قرار له كل مقومات القرار الإداري. فهو في الواقع قد أنشأ حالة قانونية بالنسبة للكافة، وهذه الحالة وإن كانت قائمة من قبل بالنسبة لغالبية الأعياد والمواسم الواردة بالقرار المذكور، غير أنه يُعتبر مع ذلك مُنشئاً لحالة قانونية جديدة". (الطعن رقم 3716 لسنة 8 قضائية "قضاء إداري" – جلسة 14/10/1958 مجموعة المكتب الفني السنة 13 صـ 141. مُشار إليه في: "الدعاوى الإدارية – دعاوى الإلغاء" – للدكتور/ سامي جمال الدين – طبعة 1991 الإسكندرية – صـ 65 وهامش 44).

ومفاد ذلك أن تعديل الحالة القانونية القائمة هو بمثابة إنشاء لحالة قانونية جديدة، وإذا كانت الحالة القانونية القائمة مُستندة إلى قرار إداري فإن تعديل هذه الحالة يفترض ضمناً – وبطريق اللزوم – إلغاء القرار الإداري سند الحالة القانونية القائمة أو سحبه أو تعديله. فإذا كان القرار الإداري سند الحالة القانونية القائمة قد تحصن – على الوجه السالف ذكره – فإن تعديله وإنشاء حالة قانونية جديدة عن طريق إصدار قرار إداري آخر يتضمن هذا التعديل، فإن هذا القرار الإداري الأخير يكون معيباً بعيب مُخالفة القانون ويكون قد صدر باطلاًَ ومُنعدماً. وهذا هو عين ما حدث بالنسبة لوقائع الدعوى الماثلة: فبعد أن صدر قرار إداري سليم من جميع وجوهه قاضي بتقدير مبلغ الضرائب والرسوم الجمركية المُستحقة على البضاعة المستوردة وقامت صاحبة البضاعة (الشركة الطاعنة) فعلاً بسداد تلك الضريبة وهذه الرسوم وقامت مصلحة الجمارك من جانبها بالإفراج عن تلك البضاعة بعد سداد كافة ما عليها من ضرائب ورسوم، وفوات ستون يوماً على تاريخ إصدار قرار تقدير مبالغ الضريبة والرسوم المذكور دون سحبه أو إلغاؤه أو تعديله في تلك المُدة (بل تم تنفيذه على أكمل وجه في تلك المُدة) فمن ثم يكون هذا القرار الأول بتقدير مبلغ الضريبة قد تحصن، وتكون الجهة الإدارية المُختصة قد استنفذت سلطتها واختصاصها به على النحو السالف ذكره، وبناء عليه فإن قيام الجهة الإدارية بإصدار قرار إداري آخر قاضي بإعادة تقدير مبلغ الضريبة الجمركية سالفة الذكر بما ينطوي ضمناً على إلغاء وسحب وتعديل القرار الإداري الأول الصادر بتقدير مبلغ تلك الضريبة من قبل والمُتحصن بفوات مواعيد إلغاؤه أو سحبه أو تعديله وبعد أن استنفذت الجهة الإدارية اختصاصها به وولايتها عليه، فيكون هذا القرار الإداري الثاني (المطعون فيه، والقاضي بإعادة التقدير – والحال كذلك) قد صدر معيباً – في محله – بعيب جوهري هو مُخالفة القانون (فضلاً عن صدوره عن جهة غير مُختصة قانوناً لكون الجهة الإدارية قد استنفذت سلطتها واختصاصها وولايتها بتحصن وتنفيذ قرار التقدير الأول)، وبالتالي يُعد قرار الجهة الإدارية بإعادة التقدير المطعون فيه قراراً باطلاً بطلان مُطلقاً ومُنعدماً تماماً من الوجهة القانونية ولا يشكل سوى واقعة أو عقبة مادية يجوز تخطيها وتجاهلها والالتفات عنها تماماً..

هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، فإن صاحبة البضاعة (الطاعنة) قد اكتسبت حقاً فيما تضمنه القرار الإداري الأول بتقدير مُعين لمبلغ الضريبة الجمركية والتي قامت بالوفاء به على أكمل وجه – على النحو السالف ذكره- وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يُعد أمراً مُخالفاً للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله.

لما كان ذلك، وكانت القاعدة العامة – التي جرى عليها قضاء المحكمة الإدارية العليا – أنه أياً كانت الصورة التي تتم بها مُخالفة القانون، فإن "البُطلان" هو النتيجة الحتمية التي تلحق بالقرار الإداري المشوب بعدم المشروعية لعيب المحل (وكذلك الاختصاص)، فعندما يُعرض على المحكمة القرار الإداري المطعون فيه بعيب مُخالفة القانون، فإنها تفحص هذا العيب وما إذا كان قائماً فتقضي بإلغاء القرار، أو غير قائم فتقضي برفض الدعوى، وذلك كله في ضوء أحكام القانون ووقائع الدعوى. (الطعن رقم 1568 لسنة 8 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 10/12/1966 مجموعة المكتب الفني السنة 12 – صـ 344. مُشار إليه في: "الدعاوى الإدارية – دعاوى الإلغاء" – للدكتور/ سامي جمال الدين – طبعة 1991 الإسكندرية – صـ 304 ، 305 وهامش 14).

وعليه، فإن هذا القرار المطعون فيه يكون قد صدر معدوماً وباطلاً بطلاناً مُطلقاً لمُخالفته الجسيمة للقانون، وهي مُخالفة تجرده من صفته كتصرف قانوني وتنزل به إلى حد غصب السلطة وتنحدر به إلى مُجرد الفعل المادي المُنعدم الأثر قانوناً فلا تلحقه أية حصانة ويجوز الطعن عليه في أي وقت من الأوقات دون التقيد بمواعيد مُحددة. وعلى أية حال فإن مواعيد الطعن عليه ما زالت مفتوحة من تاريخ إخطار الطاعن به في تاريخ 15/1/2004.

ومن ناحية ثالثة، فإن منشور التعليمات رقم 6 لسنة 1994 بشأن قواعد وإجراءات المُراجعات والمُناقضات الصادر من مكتب رئيس مصلحة الجمارك بوزارة المالية إلى جميع أجهزة الجمارك بالجمهورية قد نص في البند (خامساً) منه على أنه: "يُراعى الالتزام التام بأن توجه المُطالبات لأصحاب الشأن بالفروق المُستحقة نتيجة المُراجعات وذلك في موعد أقصاه عشرة أيام من تاريخ الإفراج". لما كان ذلك، وكان تاريخ الإفراج عن البضاعة كما هو ثابت من الأوراق في 10/9/2004 فإنه حتى لو أخذنا والتزمنا بما أخذت وألزمت به مصلحة الجمارك نفسها فإن آخر موعد لتوجيه المُطالبات لأصحاب الشأن يكون في تاريخ 20/9/2003 إلا أن مُطالبة مصلحة الجمارك للطاعن بصفته لم تحرر إلا في تاريخ 14/1/2004 ولم تصل إلى علمه إلا في تاريخ 15/1/2004 بالمُخالفة لمنشور تعليمات مصلحة الجمارك نفسها.

الاختصاص الولائي بنظر الطعن الماثل:

لما كان من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه: "ومن حيث أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا من أنه أياً ما كان التكييف القانوني للمُنازعات بشأن الرسوم أي سواء اعتبرت مُنازعة ضريبية أو مُنازعة إدارية في قرار إداري فإن الاختصاص بنظرها ينعقد لمحاكم مجلس الدولة دون المحاكم العادية، ذلك أن المُشرع لم يعهد للقضاء العادي بنظر الطعون المُتعلقة بالرسوم المذكورة، وعلى ذلك فإن المُنازعة بحسبانها مُنازعة إدارية تكون من اختصاص القاضي الطبيعي للمُنازعات الإدارية أي القضاء الإداري. ومن حيث أن المادة 10 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن: "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية: أولاً- ... خامساً- الطلبات التي يُقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية، سادساً- الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في مُنازعات الضرائب والرسوم وفقاً للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المُنازعات أمام مجلس الدولة ...". ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة على استقرار بأن نص الفقرة "سادساً" من المادة 10 من قانون مجلس الدولة المُشار إليه الذي يُقرر أن ولاية محاكم مجلس الدولة بنظر الطعون في مُنازعات الضرائب والرسوم رهين بصدور القانون الذي يُنظم كيفية نظر هذه المُنازعات، غير مانع من اختصاص تلك المحاكم بنظرها سواء بالفصل في مُنازعات الضرائب والرسوم التي لم ينظم لها المُشرع طريقاً قضائياً للطعن أو بالفصل في القرارات الإدارية المُتعلقة بهذه المُنازعات، وأنه أياً كان التكييف القانوني لتلك المُنازعات أي سواء اعتبرت مُنازعة ضريبية أو منازعة في قرار إداري يتعلق بها فإن الاختصاص بنظرها، على ما عليه الحال في النزاع الماثل، ينعقد لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري من دون المحاكم العادية، ذلك أن المُشرع لم يعهد للقضاء العادي بنظر المُنازعة المُتعلقة بالرسوم الجمركية، كما أن هذه المُنازعة بحسبانها منازعة إدارية تكون من اختصاص القاضي الطبيعي للمُنازعة الإدارية أي القضاء الإداري، وبذلك يضحى القول بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى غير قائم على سند سليم من القانون. ولما كان ذلك وكانت المُنازعة الماثلة تدور حول الرسوم الجمركية المُستحقة على البيان الجمركي رقم 1267 جمرك السويس وما إذا كان يحق للجهة الإدارية إعادة تقديرها وإلزام المُستورد بالفرق إن وجد من عدمه. ومن ثم فإن محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري تكون هي المُختصة بنظرها وفقاً لنص الفقرة "سادساً" من المادة 10 من قانون مجلس الدولة المُشار إليه. ومن حيث أن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذه الوجهة من النظر فإنه يكون قد صدر مُجافياً صحيح القانون جديراً بالإلغاء مع القضاء باختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى". (الطعن رقم 731 لسنة 41 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 7/1/2001).

لما كان ما تقدم، وكانت المُنازعة الماثلة تدور حول الضريبة والرسوم الجمركية المُستحقة على البيان الجمركي رقم 6430 جمرك السويس (السخنة) وما إذا كان يحق للجهة الإدارية إعادة تقديرها وإلزام المُستورد (الشركة الطاعنة) بالفرق إن وجد من عدمه. ومن ثم فإن محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري تكون هي المُختصة بنظرها وفقاً لنص الفقرة "سادساً" من المادة 10 من قانون مجلس الدولة المُشار إليه آنفاً.

سابقة العرض على لجان التوفيق في بعض المُنازعات:

ومن حيث أن المادة 11 من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإصدار لجان التوفيق التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً تنص على أنه: "لا تُقبل الدعوى التي تُرفع إبتداءً إلى المحاكم بشأن المُنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية، أو المِيعاد المُقرر لعرضها دون قبول"..

مما أضطر الشركة الطاعنة إلى تقديم الطلب رقم ....................... لسنة 2004 إلى اللجنة رقم .............. للتوفيق الكائن مقرها في مصلحة الجمارك بالقاهرة وذلك في تاريخ ..................................... ولكن اللجنة المذكورة أصدرت توصيتها في ذات الجلسة (في تاريخ ............................. ) برفض طلب التوفيق.

طلب وقف التنفيذ:

نصت المادة 49 من القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 (المُعدل) بشأن مجلس الدولة والتي تقضي بأنه: "لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك في صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها"..

وعلى ذلك فإنه يُشترط لوقف تنفيذ القرار المطعون عليه توافر الشرطين الآتيين:-

أن يطلب الطاعن وقف تنفيذ القرار صراحة في صحيفة الطعن، فلا يُقبل طلب وقف التنفيذ الذي يُبدى بصحيفة مُستقلة فيجب أن تتضمن صحيفة الدعوى طلبين: طلب مُستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مُؤقتاً حتى يُفصل في موضوع الطعن، وطلب موضوعي هو إلغاء القرار المطعون فيه.

أن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، وهو ما عبرت عنه المحكمة الإدارية العليا بـ "ركن الاستعجال"، ومحكمة القضاء الإداري هي التي تقدر ما إذا كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها من عدمه.

ويجب لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه أن يكون ادعاء الطالب قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية يُرجح معها إلغاء القرار المطعون عليه..

وفي هذا الشأن قضت المحكمة الإدارية العليا بأن: "قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مُشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها، مردهما إلى الرقابة القانونية التي يُسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية توجب على القضاء الإداري ألا يوقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له – على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه – أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين: الأول- قيام الاستعجال بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، والثاني- يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية، وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة القضاء الإداري وتخضع لرقابة المحكمة العليا". (الطعن رقم 2 لسنة 20 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 25/1/1975. والطعن رقم 1235 لسنة 18 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 15/2/1975. المصدر: "شرح قانون المباني الجديد" – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – طبعة 1997 القاهرة – بند 182 – صـ 432 ، 433).

لما كان ما تقدم، وكان تنفيذ القرار المطعون فيه بإعادة تقدير الضريبة الجمركية وسداد مبلغ الضريبة الجمركية هذا بعد إعادة تقديره على وجه مُخالف للقانون، والبالغ قيمته أكثر من مائة ألف جنيه سيترتب عليه حتماً نتائج يتعذر تداركها، لا سيما وأن الطاعن هو تاجر مُحترف يعتمد في قدر كبير من تجارته على توافر السيولة المالية لديه. كما أن القرار الإداري المطعون فيه من المُرجح – على الأقل من ظاهر الأوراق – القضاء بإلغائه لكونه صدر معيباً بعيب مُخالفة القانون (في محله وفي الاختصاص بإصداره)، مما يحق معه للطاعن طلب وقف تنفيذه لحين الفصل نهائياً في الطعن بالإلغاء الماثل.

لكل هذه الأسباب، وللأسباب الأخرى التي ستُبديها الشركة الطاعنة أثناء نظر الطعن بالجلسات في مُذكراتها المكتوبة ومُرافعاتها الشفوية، وللأسباب الأصوب والأرشد التي تراها عدالة المحكمة

" بناءً عليه "

لكل ما تقدم، ولما قد ترى الشركة الطاعنة إضافته من أسباب أخرى، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس الشركة الطاعنة من عدالة المحكمة الحكم لها في الطعن الماثل بما يلي:-

أولاً- في الشق المُستعجل: بتحديد أقرب جلسة لنظر الشق المُستعجل، والقضاء فيه بوقف تنفيذ القرار الإداري الصادر من المطعون ضدها (مصلحة الجمارك) والمُتضمن مُطالبتها للشركة الطاعنة بسداد مبلغ وقدره 114142جم (فقط مائة وأربعة عشر ألفاً ومائة وأثنين وأربعون جنيهاً) بزعم أنها فروق رسوم جمركية عن البيان الجمركي رقم 6430 لسنة 2003 السخنة، بادعاء أن هذا المبلغ المُطالب به يُمثل فروق رسوم جمركية؛ وذلك لحين الفصل نهائياً في دعوى الإلغاء الموضوعية الماثلة.

ثانياً- وفي الموضوع:

بقبول هذا الطعن شكلاً.

وفي موضوع الطعن: بإلغاء القرار الإداري الصادر من المطعون ضدها (مصلحة الجمارك) والمُتضمن مُطالبتها للشركة الطاعنة بسداد مبلغ وقدره 114142جم (فقط مائة وأربعة عشر ألفاً ومائة وأثنين وأربعون جنيهاً) بزعم أنها فروق رسوم جمركية عن البيان الجمركي رقم 6430 لسنة 2003 السخنة، بادعاء أن هذا المبلغ المُطالب به يُمثل فروق رسوم جمركية؛ واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار أياً كانت. إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها (مصلحة الجمارك) بالمصروفات ومُقابل أتعاب المُحاماة.

مع حفظ كافة حقوق الطاعن الأخرى أياً كانت،،،



(1) بينت محكمة النقض المقصود بـ: "الإقليم الجمركي – ونطاق الرقابة الجمركية" بقولها: "البين من نصوص المواد الثلاث الأولى من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963، أنه يُقصد بالإقليم الجمركي الحدود السياسية الفاصلة بين جمهورية مصر العربية والدول المُتاخمة وكذلك شواطئ البحار المُحيطة بالجمهورية وضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التي تمر بها هذه القناة، ويمتد نطاق الرقابة الجمركية البحرية من الخط الجمركي إلى ثمانية عشر ميلاً بحرياً في البحار المُحيطة به، أما النطاق البري فيُحدد بقرار من وزير المالية وفقاً لمُقتضيات الرقابة، ويجوز أن تتخذ داخل النطاق تدابير خاصة لمُراقبة بعض البضائع التي تحدد بقرار منه". (الطعن رقم 2534 لسنة 59 قضائية – جلسة 6/2/1990. مُشار إليه في: "الموسوعة التجارية الحديثة" – للمُستشار/ عبد المُنعم دسوقي – المُجلد الثالث – القاعدة رقم 156 – صـ 176).

أما منطقة الرقابة فهي دائرة مُغلقة، وأكد إغلاقها القانون رقم 354 لسنة 1956 بشأن حظر دخول الدوائر الجمركية بالمطارات والموانئ، الذي حظر دخولها بغير إذن من وزير الحربية أو من يُنيبه أو بمُقتضى جواز سفر مستوف. (الطعن رقم 1958 لسنة 30 قضائية – جلسة 6/2/1961 مجموعة المكتب الفني – السنة 12 – صـ 181. مُشار إليه في: "موسوعة الجمارك والتهريب الجمركي" – للمُستشارين/ فايز السيد اللمساوي وأشرف فايز اللمساوي – طبعة 2004 القاهرة – صـ 75).

هناك تعليقان (2):

  1. جزاك الله خيرا هل تسمح بالاستعانة ببعض ما جاء بعريضة دعواكم في دعوي مشابهه سوف ارفعها و جزاك الله خير الجزاء

    ردحذف
  2. جزانا الله وإياكم .. عزيزي، هذه المدونة القانونية بأكملها مجانية ومتاحة للجميع طوال الوقت، ليستعينوا بها كيفما ومتى شاءوا .. فيمكنك بكل تأكيد الإستعانة ببعض ما جاء أو بكل ما جاء في عريضة الدعوى التي تريدها .. وبدون استئذان مني .. مع أطيب تمنياتي لكم بالتوفيق والسداد .. أخوكم/ أشرف رشوان المحامي بالنقض

    ردحذف