الخميس، 5 نوفمبر 2009

القبول الضمني أو الرضاء الضمني كتعبير عن الإرادة

صحيفة استئناف للرد على القول بالرضاء الضمني
"وأعلنته بصحيفة الاستئناف الآتية"

بموجب هذه الصحيفة يستأنف الطالب بصفته الحكم الصادر في الدعوى رقم 853 لسنة 2009 إيجارات كلي جنوب القاهرة، الصادر من الدائرة "26" إيجارات كلي بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية، بجلسة يوم الأربعاء الموافق 30/9/2009، والقاضي في منطوقه: "بإثبات العلاقة الايجارية بين المدعي والمدعى عليهما عن الشقة رقم 3 بالدور الثاني من العقار رقم 16 بشارع سامي البارودي (حسن الأكبر سابقاً) بقسم عابدين بالقاهرة ملك هيئة الأوقاف المصرية، وألزمت المدعى عليهما المصاريف وخمسة وسبعون جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة".

ولما كان هذا الحكم، قد جاء مجحفاً بحقوق الطالب بصفته، لذا فهو يطعن عليه بطريق الاستئناف، بموجب هذه الصحيفة.

"الموضوع"

تخلص وقائع الدعوى المستأنف حكمها في أن المعلن إليه الأول عقد الخصومة فيها بموجب صحيفة، أودعت قلم كتاب المحكمة، طلب في ختامها الحكم لها: "بإثبات العلاقة الايجارية بينه وبين هيئة الأوقاف المصرية، وذلك عن الشقة رقم 3 بالدور الثاني بالعقار رقم 16 بشارع سامي البارودي (حسن الأكبر سابقاً) بقسم عابدين بالقاهرة، ملك هيئة الأوقاف المصرية، مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".

على سند من القول بأن المعلن إليه (المدعي في الدعوى المستأنف حكمها) يقيم في عين التداعي منذ ما يقرب من خمسين عاماً، منذ قيام والده المرحوم/ إبراهيم محمود بكر بالإقامة فيها من تاريخ 12/2/1958 خلفاً للمستأجر الأصلي لها بعقده المؤرخ 1/6/1936 المدعو/ نيقولا انطون تيودور والذي تركها لوالد الطالب بعد بيعه للمنقولات الموجودة بها إليه عن طريق زوجته السيدة/ السين صارو منذ عام 1958. مما حدا بالمعلن إليه الأول إلى إقامة دعواه المستأنف حكمها بغية القضاء له بطلباته سالفة الذكر.

وتداولت الدعوى المستأنف حكمها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة يوم الأربعاء الموافق 30/9/2009 قضت محكمة أول درجة بحكمها سالف الذكر.

ولما كان هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى الطالب بصفته، لكونه قد جاء مجحفاً بحقوقه، فضلاً عما شابه من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله ومخالفته للثابت بالأوراق ومعيباً بالقصور في التسبيب، لذا فالطالب بصفته يطعن على ذلك الحكم لتلك الأسباب وللأسباب التالية:

"أسباب الاستئناف"

الأثر الناقل للاستئناف:

في مستهل دفاعنا، نتمسك بجميع أوجه الدفوع والدفاع والطلبات المبداه منا أمام محكمة أول درجة ونعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أسباب هذا الاستئناف الماثل.

حيث تنص المادة 232 مرافعات على الأثر الناقل للاستئناف بقولها أن: "الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط".

وعليه، يترتب على رفع الاستئناف طرح النزاع المرفوع بشأنه الاستئناف إلى محكمة الدرجة الثانية لتفصل فيه من جديد، ويكون لمحكمة الدرجة الثانية كل ما كان لمحكمة الدرجة الأولى من سلطة في هذا الصدد، فهي تبحث وقائع الدعوى وتقوم باتخاذ ما تراه من إجراءات الإثبات وتعيد تقدير الوقائع من واقع ما قدم إليها من مستندات وما قدم لمحكمة أول درجة منها، ومن واقع دفاع الخصوم، ثم هي أخيراً تطبق القاعدة القانونية التي تراها صحيحة على وقائع الدعوى، فالاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بما سبق أن أبداه المستأنف أمام أول درجة من دفوع وأوجه دفاع وتعتبر هذه وتلك مطروحة أمام المحكمة الاستئنافية للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف؛ ويعتبر كل ما كان مطروحاً على محكمة أول درجة مطروحاً على محكمة الدرجة الثانية.

وفى هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه: "على محكمة الاستئناف أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم إليها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قُـدِمَ من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى ومن ثم يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تفصل في كافة الأوجه التي يكون المستأنف قد تمسك بها أمام محكمة أول درجة سواء في ذلك الأوجه التي أغفلت هذه المحكمة الفصل فيها أو تلك التي قضت فيها لغير مصلحته". (نقض 26/1/1967 المكتب الفني السنة 18 صـ 256. ونقض 2/3/1971 المكتب الفني السنة 22 صـ 239).

كما تنص المادة 233 من قانون المرافعات على أنه: "يجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قُـدِمَ من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى".

ومن المقرر في قضاء النقض أن: "وظيفة محكمة الاستئناف. عدم اقتصارها على مراقبة سلامة التطبيق القانوني. التزامها بمواجهة النزاع بكل ما أشتمل عليه من أدلة ودفوع ودفاع بقضاء يواجه عناصره الواقعية والقانونية. حجب محكمة الاستئناف نفسها عن تمحيص وتقدير أدلة الدعوى اكتفاء بتقدير محكمة أول درجة لها رغم أن الطاعن قد تعرض لها في طعنه. مخالفة للثابت بالأوراق وقصور". (نقض مدني في لطعن رقم 1836 لسنة 57 قضائية - جلسة 18/7/1989).

لما كان ما تقدم، فالطالب بصفته يتمسك بجميع الأدلة والدفوع والدفاع والطلبات المبداه منه أمام محكمة أول درجة ويعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أسباب هذا الطعن الماثل، بالإضافة إلى الدفوع وأوجه الدفاع الجديدة التالية:

1- مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه:

ندفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لمدير عام منطقة أوقاف القاهرة:

حيث تنص المادة الأولى من القرار الجمهوري بقانون رقم 80 لسنة 1971 بشأن إنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن: "تنشأ هيئة عامة تسمى "هيئة الأوقاف المصرية" تكون لها الشخصية الاعتبارية".

كما تنص المادة التاسعة من القرار الجمهوري بقانون رقم 1141 لسنة 1972 بشأن تنظيم العمل بهيئة الأوقاف المصرية على أن: "يختص رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بتمثيل هيئة الأوقاف المصرية أمام القضاء وفى صلاتها بالغير".

ومفاد ذلك أن الممثل القانوني الوحيد لهيئة الأوقاف المصرية أمام القضاء وفي صلاتها بالغير هو السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته دون سواه، وليس للسيد/ مدير عام منطقة أوقاف القاهرة أية صفة في تمثيل الهيئة أمام القضاء، حيث أن منطقة أوقاف القاهرة ما هي إلا إدارة من إدارات الهيكل التنظيمي لهيئة الأوقاف المصرية التي يمثلها كلها أمام القضاء وفي صلاتها بالغير رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته فقط. وعليه يكون الدفع المبدى من هيئة الأوقاف المصرية بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لمدير عام منطقة أوقاف القاهرة قد جاء مصادفاً لحقيقة الواقع وصحيح القانون متعيناً قبوله والقضاء به طبقاً للقانون.

وحيث أنه من المقرر في قضاء النقض أن: "المادة 115/1 مرافعات تنص على أن الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى، والمقصود بهذا الدفع هو الدفع بعدم القبول الموضوعي فلا ينطبق حكم هذه المادة على الدفع [الشكلي] الذي يتخذ اسم عدم القبول [أي الدفع بعدم القبول الإجرائي] لأن العبرة هي بحقيقة الدفع ومرماه وليس التسمية التي تطلق عليه". (نقض مدني في الطعن رقم 1863 لسنة 50 قضائية - جلسة 15/5/1984)

وحيث أن الدفع بعدم القبول الموضوعي يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى لكفالة حق الدفاع وتمكيناً للخصوم من إثارة كل ما يتعلق بوجود الحق في الدعوى في أية حالة كانت عليها الخصومة، ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. وهذا الدفع يتعلق بالنظام العام وعلى القاضي أثارته من تلقاء نفسه مادامت أوراق القضية تدل عليه. (المرجع: للدكتور فتحي والى "الوسيط في شرح قانون القضاء المدني" - الطبعة الثالثة 1981 القاهرة - بند 282 - صـ 559 وما بعدها).

2- مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه:

جحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المعلن إليه (المستأنف ضده):

قدم المعلن إليه (المستأنف ضده) صوراً ضوئية لمستنداته بحوافظ مستنداته المقدمة لمحكمة أول درجة، وإذ يتمسك الطالب بصفته بجحد كافة تلك الصور الضوئية المُقدمة من المعلن إليه في الدعوى المستأنف حكمها.

ولما كان من المقرر في قضاء النقض أنه: "لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع". (نقض مدني في الطعن رقم 407 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/12/1982. والطعنان رقما 598 و 55 لسنة 50 قضائية - جلسة 28/2/1984. والطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية - جلسة 24/1/1978 السنة 29 صـ 279).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض كذلك أن: "القانون لم يشترط طريقاً مُعيناً يتعين على من يُنكر التوقيع على المُحرر العرفي إتباعه إذ يكفي إبداء الدفع بالإنكار صراحةً حتى تسقط عن المُحرر حجيته في الإثبات إعمالاً لنص المادة 14/1 من قانون الإثبات". (نقض مدني في الطعن رقم 1314 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/5/1980).

وأخيراً، فقد تواترت أحكام محكمة النقض على أن: "استناد الخصم إلى الصورة الشمسية للمستند. التفات الحكم عن الورقة. لا قصور".

وهدياً بما تقدم، ولما كان المعلن إليه (المستأنف ضده) قد جاءت مُستندات دعواه المستأنف حكمها خالية من أصولها وكان الطالب بصفته قد جحد تلك الصور الضوئية المُقدمة منها، الأمر الذي يُفقدها حُجيتها في الإثبات، بما كان يتعين معه الالتفات عن تلك المُستندات المجحود صورها الضوئية.

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وعول على الصور الضوئية المجحودة من الطالب بصفته، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأت في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه.

3- مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله:

الدفع بسقوط حق المدعي في الدعوى بالتقادم الطويل:

لما كان هناك تمييز بين الحق الموضوعي وبين الحق في الدعوى. وكلاهما يسقط بالتقادم وهو يسري من وقت نشوء الحق في الدعوى، فالتقادم لا يسري إلا من وقت استحقاق الدين وعدم المُطالبة به (فيكون التقادم جزاء إهمال الدائن في عدم المُطالبة بالدين خلال مدة التقادم). فإذا اكتملت مُدة التقادم، وتمسك المدين بالتقادم، فإنه بمُجرد حدوث ذلك يسقط الدين وتوابعه. والأصل أنه يجب على المدين التمسك بالدفع بالتقادم، حيث أن المحكمة لا تقضي به من تلقاء نفسها. كما أن العمل قد جرى في مثل هذه الأحوال على أن تصدر الأحكام، عند تمسك الدائن المُدعى عليه بالتقادم، بـ: "سقوط حق المُدعي في الدعوى بالتقادم".

لما كان ما تقدم، وكانت الالتزامات تتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة، ولما كان الالتزام هو المُقابل للحق، فهما وجهان لعملة واحدة أو اسمان لمُسمى واحد، فالرابطة القانونية إذا نظرنا إليها من جانب المدين فهي "التزام" عليه، وإذا نظرنا إليها من جانب الدائن فهي "حق" له. فالالتزام والحق شئ واحد. والنص على أن الالتزامات تتقادم بـ 15 سنة، يعني أيضاً أن الحقوق تتقادم بـ 15 سنة، وسواء في ذلك جميع الحقوق (إلا ما استثني بنص خاص) بما في ذلك الحق في رفع الدعوى (وهو يختلف عن الحق الموضوعي المُطالب به). (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – لعبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثالث: "نظرية الالتزام بوجه عام – الأوصاف والحوالة والانقضاء" – طبعة 1958 القاهرة – بند 596 وما بعدها – صـ 1006 وما بعدها).

وحيث تنص المادة 385 من القانون المدني على أنه: "يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة ...".

كما تنص الفقرة الأولى من المادة 386 مدني على أن: "يترتب على التقادم انقضاء الالتزام".

كما تنص الفقرة الثانية من المادة 387 مدني على أن: "يجوز التمسك بالتقادم في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف". فإن فات المُدعى عليه الدفع بالتقادم أمام محكمة أول درجة، سواء لأنه كان يجهله أو كان يعلمه ولكنه لم يتمكن من إبدائه قبل إقفال باب المرافعة لسهو أو لتعذر الحصول على الأدلة المثبتة لوقوع التقادم أو لغير ذلك من الأسباب، فإنه يستطيع أن يدفع بالتقادم لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية، وفي أي حالة تكون عليها الدعوى. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثالث: "نظرية الالتزام بوجه عام – الأوصاف والحوالة والانقضاء" – طبعة 1958 القاهرة – بند 652 – صـ 1139).

وتضع الفقرة الأولى من المادة 381 من القانون المدني القاعدة العامة في تحديد مبدأ سريان التقادم، حيث نصت على أنه: "لا يبدأ سريان التقادم من فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مُستحق الأداء". فالقاعدة إذن أن يبدأ سريان التقادم من وقت استحقاق الدين.

وإذا سقط الدين بالتقادم، سقط بأثر رجعي، واستند سقوطه إلى الوقت الذي بدأ فيه سريان التقادم، لا إلى الوقت الذي اكتملت فيه مدة التقادم. ولما كان الدين ينقضي بأثر رجعي من وقت مبدأ سريان التقادم، فإنه يعتبر غير موجود خلال مدة سريان التقادم. (المرجع السابق – بند 668 – صـ 1158).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذ كانت المادة 385 من القانون المدني فيما تنص عليه فقرتها الثانية من تقادم الدين بخمس عشرة سنة إذا صدر به حكم حائز لقوة الأمر المقضي تستبدل التقادم الطويل بالتقادم القصير متى عززه حكم يُثبته ويكون له من قوة الأمر المقضي فيه ما يحصنه، وكان الحكم بالتعويض المؤقت - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وأن لم يُحدد الضرر في مداه يعرُض للمسئولية التقصيرية بما يُثبتها ولدين التعويض بما يُرسيه غير مُعين المقدار مما يرتبط بالمنطوق أوثق ارتباط فتمتد إليه قوة الأمر المقضي، ومتى توافرت لأصل الدين هذه القوة فهي بظاهر النص حسبه في استبدال التقادم الطويل بتقادمه القصير ولو لم يكن قابلاً بعد للتنفيذ الجبري، ولا يسوغ أن يُقصر الدين الذي أرساه الحكم على ما جرى به المنطوق رمزاً له ودلاله عليه، بل يمتد إلى كل ما يتسع له محله من عناصر تقديره ولو بدعوى لاحقه لا يرفعها المضرور بدين غير الدين بل يرفعها بذات الدين يستكمله بتعيين مقداره، فهي بهذه المثابة فرع من أصل تخضع له وتتقادم بما يتقادم به ومدته خمس عشرة سنة". (نقض مدني في الطعون أرقام 120 لسنة 43 قضائية - جلسة 9/12/1982. ونقض مدني في الطعن رقم 1552 لسنة 49 قضائية - جلسة 30/3/1983. ونقض مدني في الطعن رقم 1519 لسنة 49 قضائية - جلسة 5/5/1983).

وهدياً بما تقدم، وكان الثابت بالأوراق، وبإقرار المستأنف ضده في صحيفة دعواها أن حقه قد نشأ منذ ترك المستأجر الأصلي عين التداعي لوالده في غضون عام 1958 إلا أن المدعي لم يرفع دعواه الماثلة إلا في غضون عام 2009 أي أزيد من خمسين عاماً (أي نصف قرن، وهي أكثر من ثلاثة أضعاف مدة التقادم البالغة 15 سنة)، فيحق لهيئة الأوقاف المصرية – والحال كذلك – الدفع بسقوط الحق في الدعوى الماثلة بالتقادم، ويكون هذا الدفع قد جاء على سند صحيح من القانون جديراً بالقبول والقضاء به، وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية (المستأنفة) على سبيل الجزم واليقين.

4- مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله:

عدم جواز الاستناد إلى الأدلة المقدمة في دعوى سابقة لم تضم أوراقها إلى الدعوى الماثلة، فضلاً عنه قد قضي فيها بانعدام الخصومة وبالتالي فلا يجوز التعويل عليها:

ولئن كان من المُقرر في قضاء النقض أنه لا تثريب على محكمة الموضوع في أن تستند في قضائها إلى أوراق دعوى أخرى كانت مرددة بين ذات الخصوم، ولو أختلف موضوعها عن النزاع المطروح عليها، طالما أن تلك الدعوى مضمومة لملف النزاع. وتحت بصر الخصوم فيها كعنصر من عناصر الإثبات يتناضلون في دلالته. (نقض مدني في الطعن رقم 122 لسنة 37 قضائية جلسة 7/3/1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 صـ 305 فقرة 1).

أما إذا كانت أوراق الدعوى الأخرى لم تضم إلى الدعوى المستأنف حكمها، كما أن الطاعن بصفته لم يتمكن من الحضور بأياً من جلساتها ولم يطلع عليها وبالتالي لم يحدث أي نضال بشأن دلالتها أو قوتها في الإثبات، ومن ثم فلا يجوز التعويل عليها عند الفصل في موضوع النزاع.

كما أن السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع في استنباط القرائن أو الاستناد إلى ما قضى به فى دعوى أخرى إنما يجوز فقط إذا كان ذلك لمجرد تدعيم الأدلة التي سردتها. (نقض مدني في الطعن رقم 1561 لسنة 57 قضائية – جلسة 3/1/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – صـ 102 – فقرة 2). أي لا يصلح أن يكون بذاته هو الدليل الوحيد في الدعوى.

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه. حيث أنه يكون والحال كذلك قد جاء خلواً من أسباب قانونية جائز الأخذ بها أو التعويل عليها، أي جاء بدون أسباب مما يتعين معه والحال كذلك القضاء بإلغائه.

5- مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله:

عدم وجود إرادة ضمنية بالتنازل عن الحق في طلب الإخلاء:

أما بخصوص اعتبار سكوت المؤجر عن طلب الإخلاء عند قيام المستأجر بالتأجير من الباطن مع علمه بذلك، واعتباره بمثابة رضاء ضمني منه بهذا التأجير، فإنه من المقرر قانوناً أنه: لا محل لاعتبار السكوت معبراً عن الإيجاب، فإنه لا يتصور أن يكون مجرد السكوت إيجاباً. ولكن هل يجوز أن يكون قبولاً؟

يمكن القول بوجه عام أن السكوت في ذاته مجرداً عن أي ظرف ملابس له، لا يكون تعبيراً عن الإرادة ولو قبولاً، لأن الإرادة عمل إيجابي والسكوت شئ سلبي، ويقول فقهاء الشريعة الإسلامية: "لا يُنسب لساكت قول".

وليس السكوت إرادة ضمنية فإن الإرادة الضمنية تستخلص من ظروف إيجابية تدل عليها. أما السكوت فهو العدم، وأولى بالعدم أن تكون دلالته الرفض لا القبول. وهذا هو المبدأ العام، يقول به الفقه والقضاء في مصر وفي غيرها من البلاد. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني " - للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري - الجزء الأول " نظرية الالتزام بوجه عام، مصادر الالتزام " - المجلد الأول " العقد " - الطبعة الثالثة 1981 القاهرة - بند 112 - صـ 281 ، 282 وهوامشهما).

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني في هذا الصدد ما يأتي: "ينبغي التفرقة بين التعبير الضمني عن الإرادة وبين مجرد السكوت. فالتعبير الضمني وضع إيجابي، أما السكوت فهو مجرد وضع سلبي. وقد يكون التعبير الضمني بحسب الأحوال إيجاباً أو قبولاً، أما السكوت فمن الممتنع على وجه الإطلاق أن يتضمن إيجاباً، وإنما يجوز في بعض الفروض الاستثنائية أن يعتبر قبولاً". (مجموعة الأعمال التحضيرية 2 صـ 57. المصدر: وسيط السنهوري - المرجع السابق - نفس الموضع).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض ما يلي:

1 - "أنه وإن كان يجوز للمؤجر أن ينزل عن حقه في طلب إخلاء المستأجر بسبب استعماله للمكان المؤجر بطريقة تخالف شروط العقد المعقولة، وكان لا يلزم أن يكون هذا التنازل صريحاً بل يجوز أن يكون ضمنياً، وذلك باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على قصد التنازل حسبما تقضي به المادة 90 من القانون المدني. إلا أن إلا أن مجرد علم المؤجر بحصول المخالفة وعدم اعتراضه عليها لا يعتبر بذاته تنازلاً ضمنياً عن الحق في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي وبين التعبير الإيجابي عن الإرادة. ولما كان ذلك، وكان عبء إثبات التنازل صريحاً كان أو ضمنياً يقع على عاتق مدعيه، وكان الطاعن لم يقدم ما يثبت أنه أقام الدليل لدى محكمة الموضوع على أن المطعون عليه الأول قد اتخذ موقفاً إيجابياً يقطع في الدلالة على قصد التنازل عن حقه في طلب الإخلاء. وكان مجرد السكوت عن استعمال الحق في طلب الإخلاء فترة من الزمن رغم العلم بقيام المخالفة لا يعتبر تنازلاً عن الحق، فإن النعي يكون على غير أساس". (نقض مدني في الطعن رقم 100 لسنة 45 قضائية - جلسة 28/4/1979. المصدر: وسيط السنهوري - المرجع السابق - نفس الموضع - في الهامش).

2 - " وحيث أن الطاعنة تنعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون - وشرحاً لذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن سكوت الشركة المطعون ضدها الأولى مدة طويلة وعدم اعتراضها على الرغم من علمها بتأجيرها من الباطن جزءاً من الشقة المؤجرة لها للمطعون ضده الثاني يسقط حق الشركة في طلب الإخلاء لهذا السبب - فأهدر الحكم المطعون فيه هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.. وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إسقاط الحق بوصفه تعبيراً عن إرادة صاحبه في التخلي عن منفعة مقررة يحميها القانون لا يكون إلا صراحة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود منه وأن سكوت المؤجر عن واقعة التأجير من الباطن لا يعتبر بذاته دليلاً على علمه به وقبولاً منه يتضمن النزول عن الحق في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي والتعبير الإيجابي عن الإرادة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بما أورده من أنه ليس صحيحاً ما جاء بأسباب الحكم المستأنف من أن مضي وقت طويل على حصول التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار يعد تنازلاً ضمنياً من الشركة عن الحظر الوارد في عقد الإيجار، ذلك أن المقرر أنه طالما ثبت وقوع المخالفة فلا عبرة بمضي الوقت طالما لم يصدر من المؤجر تصرف يدل دلالة قاطعة على موافقته على تصرف المستأجر، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي على غير أساس". (نقض مدني في الطعن رقم 2401 لسنة 54 قضائية - جلسة 5/4/1990 - مجموعة المكتب الفني - السنة 41 - القاعدة رقم 155 - ص 948 : 954).

3 - "إسقاط الحق بوصفه تعبيراً عن إرادة صاحبه في التخلي عن منفعة مقررة يحميها القانون لا يكون إلا صراحة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود منه. مجرد علم المؤجر بواقعة التأجير من الباطن لا يعتبر بذاته قبولاً لها يتضمن النزول عن الحق في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي والتعبير الإيجابي عن الإرادة". (نقض مدني في الطعن رقم 1411 لسنة 52 قضائية - جلسة 21/5/1989. وراجع طعون أخرى عديدة في هذا الشأن : بمجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين إيجار الأماكن في 65 عاماً - للمستشار/ محمد خيري أبو الليل - الجزء الأول - طبعة 1997 القاهرة - القاعدة رقم 650 وما بعدها - صـ 904 وما بعدها).

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأسس قضائه سالف الذكر على سند من الزعم بعلم هيئة الأوقاف المصرية بواقعة التنازل منذ مدة طويلة مع سكوت الهيئة عن طلب الإخلاء الأمر الذي تعتبره المحكمة (محكمة أول درجة) رضاءاً ضمنياً منها عن واقعة التنازل عن الإيجار وتنازلاً منها عن حقها في طلب الفسخ والإخلاء وهو ما يثبت به للمدعي العلاقة الايجارية مع الهيئة المدعى عليها؟!!! فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه حيث أنه من المُقرر قانوناً أن مجرد علم المؤجر بواقعة التنازل لا يعتبر بذاته قبولاً له يتضمن النزول عن حقه في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي وبين التعبير الإيجابي عن الإرادة. ومن ثم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً برفض الدعوى.

6- مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله:

عدم نفاذ التنازل عن العين المؤجرة في حق المالك المؤجر:

من المسلم به قانوناً أنه طالما أن المستأجر الأصلي لم ينذر الهيئة المالكة المؤجرة رسمياً بالتنازل عن العين المؤجرة للغير، ولم يثبت أن الهيئة قد قبلت هذا التنازل بشكل قطعي، فإن قيام المستأجر الأصلي بالتنازل عن العين المؤجرة للمدعي في الدعوى المستأنف حكمها، فهذا التنازل يكون غير نافذ في حق هيئة الأوقاف المصرية المالكة المؤجرة والتي لم تعلن به رسمياً ولم تقبله بشكل قاطع.

لما كان ذلك، وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: "الخلف الخاص هو من تلقى من سلفه شيئاً سواء كان هذا الشيء حقاً عينياً أو حقاً شخصياً أو يتلقى حقاً عينياً على هذا الشيء. أما من يترتب له ابتداء حق شخصي في ذمة شخص آخر فلا يكون خلفاً خاصاً له بل يكون دائناً. فالمُستأجر ليس بخلف للمُؤجر بل هو دائن له، إنما خلف المُستأجر الأصلي هو المُتنازل إليه عن الإيجار، ولما كان التنازل عن الإيجار يتضمن حوالة حق بالنسبة إلى حقوق المُستأجر وحوالة دين بالنسبة لالتزاماته، فإنه لذلك يجب خضوعه من حيث صحته ونفاذه للقواعد العامة التي تحكم هذين التصرفين فلا ينفذ التنازل عن الإيجار كحوالة حق في حق المُؤجر إلا من وقت إعلانه بالتنازل أو قبوله له – المادة 305 من القانون المدني – ولا ينفذ كحوالة دين في حق الدائن إلا إذا أقرها – المادة 316/1 من القانون المدني". (نقض مدني في الطعن رقم 5 لسنة 44 قضائية – جلسة 2/1/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 61. المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 598 – صـ 868 و 869).

كما تواتر قضاء النقض على أن: "التنازل عن الإيجار هو حوالة حق بالنسبة إلى حقوق المُستأجر وحوالة دين بالنسبة لالتزاماته، فيتعين إتباع الإجراءات التي تخضع لها الحوالة في القانون المدني في نطاق الحدود التي لا تتعارض مع التنظيم التشريعي لعقد الإيجار، فلا يصير النزول نافذاً في حق المُؤجر وفق المادة 305 من القانون المدني إلا من وقت إعلانه به أو من وقت قبوله له". (نقض مدني في الطعن رقم 598 لسنة 44 قضائية – جلسة 21/6/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 1510. المصدر: خيري أبو الليل – المرجع السابق – القاعدة رقم 602 – صـ 871).

ومن ثم فمادام المستأجر الأصلي لم ينذر الهيئة المالكة المؤجرة رسمياً بهذا التنازل، ولم يثبت أن الهيئة قد قبلت هذا التنازل بشكل قطعي، فإن تنازل المستأجر الأصلي عن العين المؤجرة للمدعي في الدعوى الماثلة، لا ينفذ في حق هيئة الأوقاف المصرية المالكة المؤجرة، ومن ثم تكون الدعوى المستأنف حكمها قد جاءت على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون خليقة بالرفض، وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

ولما كان هذا الاستئناف قد أقيم في الميعاد القانوني ومستوفياً لكافة أوضاعه القانونية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.

لكل ما تقدم، ولما سيبديه الطالب بصفته من أسباب أخرى وأوجه دفاع ودفوع، مع حفظ حقه في إبداء كافة الدفوع الشكلية منها والموضوعية، عند نظر الاستئناف الماثل بالجلسات، في مرافعاته الشفوية ومذكراته المكتوبة.

ولما تراه عدالة محكمة الاستئناف الموقرة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية (رئاسة الطالب بصفته) القضاء لها في الاستئناف الماثل بما يلي:

"بنــاء عليــه"

أنا المحضر سالف الذكر قد أنتقل في التاريخ أعلاه إلى حيث مقر وتواجد المُعلن إليه وأعلنته وسلمته صورة من صحيفة هذا الاستئناف وكلفته بالحضور أمام محكمة استئناف القاهرة، الكائن مقرها بدار القضاء العالي بوسط مدينة القاهرة – بميدان الإسعاف – شارع 26 يوليو، وذلك أمام الدائرة ( ............ ) إيجارات، التي ستعقد جلساتها علناً بسرايا المحكمة في تمام الساعة التاسعة وما بعدها من صباح يوم ……………………… الموافـــق …....../…......./2009 لسماعه الحكم ضده بما يلي:

"أولاً- بقبول هذا الاستئناف شكلاً.

ثانياً- وفي الموضوع: بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مُجدداً..

أ. بصفة أصلية:

1- بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لمدير عام منطقة أوقاف القاهرة.

2- بسقوط حق المدعي في الدعوى بالتقادم الطويل.

ب. وبصفة احتياطية: برفض الدعوى.

وفي جميع الأحوال: مع إلزام المعلن إليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي".

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً كانــت،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق