الأربعاء، 9 مارس 2022

المصلحة في الدعوى – مناط توافرها

 

المصلحة في الدعوى – مناط توافرها


توافر شرط المصلحة في جانب الشركة المدعية:

حيث تنص المادة (2) من قانون المرافعات على أنه: "لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون، ومع ذلك تكفى المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه".

وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون تعليقاً على هذه المادة، ما نصه: "أما المادة الثانية من المشروع فتعالج المصلحة كشرط لقبول الدعوى بحسبان أن المصلحة كما يقال هى مناط الدعوى. وليست المصلحة شرطاً لازماً لقبول الطلبات فقط، بل هى لازمة أيضاً لقبول الدفوع "شكلية كانت، أو موضوعية، أو بعدم القبول". والنص بصيغته تلك يواجه الخصائص التي جرى القول على وجوب توافرها لتبرير قبول الدعوى من كونها مصلحة شخصية، وقانونية، وقائمة. ثم عقبت المادة فنصت على أن المصلحة المحتملة تكفى حيث يراد تحقيق إحدى فكرتين: (أولاهما) الاحتياط لدفع ضرر محدق، (والثانية ) الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه. وهذا وذاك لإتاحة الفرصة لقبول أنواع من الدعاوى كان الرأي مختلفاً في شأن قبولها، إلى أن اتجه القضاء والفقه إلى إجازتها. ومن أمثلة ما يندرج تحت الفكرة الاولى: قبول دعوى المطالبة بحق لم يحل أجل الوفاء به في العقود المستمرة إذا قصر المدين في الوفاء بما يحل من التزاماته على ألا يجرى تنفيذ هذا الحكم بالنسبة للالتزام الذى لم يحل إلا بعد حلوله فعلاً. ومن أمثلته أيضاً دعوى وقف الاعمال الجديدة. وكذلك دعوى قطع النزاع التي يقصد بها الزام من يحاول بمزاعمه الإضرار بمركز غيره المالي أو بسمعته الحضور أمام القضاء ليقيم الدليل على صحة زعمه، حتى إذا عجز عن الإثبات حكم بأن ما يدعيه لا أساس له، وحرم من رفع الدعوى فيما بعد، والنص –بصيغته سالفة الذكر– يجيز قبول هذه الدعوى إذا كانت المزاعم محددة وصدرت بأفعال علنية ضارة بحقوق المزعوم ضده بما يحفزه على المطالبة بدفع هذا الضرر المحدق، ومن هنا تكون مثل هذه الدعوى غير مقبولة إذا كانت المزاعم مجرد أقوال فارغة ليس لها ثمة أثر ضار يعتد به. ومن أمثلة ما يندرج تحت الفكرة الثانية –وهى الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه– الدعوى التي يرفعها صاحب حق لم يحل أجله طالباً فيها سماع شهادة شاهد يخشى وفاته مثلاً حتى يمكن الاستناد إليها عند المطالبة بحقه بعد حلول أجله، ودعوى إثبات الحالة، ودعوى التزوير الاصلية، ودعوى تحقيق الخطوط الأصلية...".

هذا ومن المقرر في قضاء التمييز أن: "المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة المنصوص عليها في المادة الثانية من قانون المرافعات يقصد به الفائدة العملية التي تعود على رافع الدعوى من الحكم له بطلباته".

[[ الطعن بالتمييز رقم 505 لسنة 2002 مدني/1 – جلسة 29/12/2003م ]]

ومن المستقر عليه في قضاء التمييز أنه: "وفقاً للمادة الثانية من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن المصلحة التي يعتد بها كشرط لقبول الدعوى أو الطلب أو الدفع هي (المصلحة القانونية) التي تستند إلى حق أو مركز قانوني، فيكون الغرض من الدعوى أو الطلب أو الدفع حماية هذا الحق بتقريره عند النزاع فيه أو دفع العدوان عليه أو تعويض ما لحق به من ضرر من جراء ذلك، فهي لا تهدف إلى حماية الحق أو اقتضائه فحسب وإنما يكفي أن تكون هناك مصلحة محتملة إذ كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه، وأنه ولئن كان تقدير مدى توافر المصلحة بهذا المعنى في الدعوى من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع دون معقب إلا أن ذلك مشروط بأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة".

[[ الطعنين رقمي 586، 589 لسنة 2004 أحوال شخصية – جلسة 19/6/2005م ]]

وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الثابت بالأوراق أن المدعى عليه استأجر من المدعية سيارة من نوع/ سانغ يونغ ريكسون – الشكل/ جيب – موديل/ 2011 – اللون/ فضي – لوحة رقم 80894/10 – لمدة (48) ثمانية وأربعون شهراً (تعادل أربع سنوات: تبدأ من  تاريخ استلامه للسيارة المؤجرة – في تاريخ 28/12/2016م : وتنتهي في 27/12/2020م) – نظير أجرة إجمالية قدرها ـ/4,614 د.ك (أربعة آلاف وستمائة وأربعة عشر دينار كويتي)، يدفع منها المستأجر (المدعى عليه) مبلغ ـ/150 د.ك (مائة وخمسون دينار كويتي) عند التوقيع على عقد الإيجار، وباقي المبلغ وقدره ـ/4,464 د.ك (أربعة آلاف وأربعمائة وأربعة وستون دينار كويتي) يتم سدادها على أقساط شهرية متساوية قيمة القسط الواحد ـ/93 د.ك (ثلاثة و تسعون دينار كويتي) شهرياً (لمدة 48 شهر تنتهي في 27/12/2020م).

إلا أن المستأجر رغم استلامه للسيارة المؤجرة وانتفاعه بها، قد امتنع دون وجه حق عن الوفاء بأجرتها المستحقة للشركة المؤجرة (المدعية)، وحتى بعد انتهاء مدة العقد الاتفاقية (48 شهر في 27/12/2020م) لم يرد المستأجر (المدعى عليه) السيارة المؤجرة وظل ينتفع بها دون أن يسدد أجرتها المستحقة عليه وما استجد منها بعد نهاية عقد الإيجار وحتى تاريخه.

لما كان ذلك، وكان البند الحادي عشر من عقد الإيجار سند الدعوى قد نص على أنه:

"إذا أخل الطرف الثاني (المستأجر) بأي التزام يلقيه هذا العقد على عاتقه –وعلى وجه الخصوص– التزامه بدفع أقساط السيارة في موعد استحقاقها ... والتزامه برد السيارة المؤجرة فوراً عند نهاية عقد الإيجار ...  فإن ذلك يرتب للطرف الأول الحق – دون تنبيه أو إنذار – اتخاذ بعض أو كل الإجراءات التالية: ... أحقية الطرف الأول في اتخاذ الإجراءات القانونية المدنية والجزائية ضد الطرف الثاني ... وأحقية الطرف الأول في مطالبة الطرف الثاني بالأجرة المتأخرة ... أو أية أجور أو مبالغ أخرى مستحقة له ...".

وإذ يزعم المدعى عليه بأن المدعية قد تحصلت منه على إقرار مديونية (في تاريخ معاصر لعقد الإيجار) بقيمة كامل مدة العقد الاتفاقية (بمبلغ وقدره ـ/4,464 د.ك أربعة آلاف وأربعمائة وأربعة وستون دينار كويتي)، وتأسيساً على ذلك زعم بانتفاء مصلحتها في إقامة الدعوى الماثلة (التي وصفها زوراً وبهتاناً بأنها تحاول استئداء حقها منه مرتين) ؟؟!!

وهذا الزعم –وفقاً لما سبق عرضه، وطبقاً لما هو ثابت بالمستندات، وبعقد الإيجار سند الدعوى– دفع ظاهر البطلان، ومردود عليه بما يلي: 

·      على فرض صحة إقرار الدين وتقديم أصله (المجحود صورته الضوئية)، فإن قيمة ذلك الإقرار قاصرة على مدة العقد الاتفاقية التي تنتهي في 27/12/2020م، ولا تشمل  أجرة سيارة التداعي – بواقع ـ/93 د.ك (ثلاثة وتسعون دينار كويتي) اعتباراً من تاريخ 28/12/2020م وحتى تاريخنا الحالي (في 24/2/2022م) وما يستجد منها حتى تاريخ (إيداع تقرير الخبرة) وما يستجد بعد إيداع تقرير الخبرة وحتى تاريخ السداد الفعلي (بواقع ـ/93 د.ك ثلاثة وتسعون دينار كويتي شهرياً). وتلك الفترة التالية لانتهاء عقد الإيجار وما يستجد منها غير واردة ولا متضمنة في إقرار الدين المزعوم.

·      ومن ناحية ثانية، فإنه حتى في الفترة السابقة على انتهاء عقد الإيجار، لم ينتظم المستأجر (المدعى عليها) في سداد أجرتها للشركة المؤجرة (المدعية)، لا قبل فتح ملف التنفيذ المزعوم ولا بعده، بمعنى إنه ممتنع عن السداد تماماً، فكيف يدعي إن الشركة المدعية تحاول استئداء دينها مرتين، وهو لم يدفع دينه ولا مرة واحدة ؟؟!!

·      فضلاً عن أن إجراءات التنفيذ الجبري ضد المدين بموجب حكم قضائي واجب النفاذ، تكون أقوى وأشمل من إجراءات التنفيذ الجبري بموجب إقرار الدين، بما يردع المدين ويجبره على الوفاء بالتزامه الذي تقاعس عنه وأخل به لعدة سنوات طويلة.

ومن ثم، يكون للشركة المدعية مصلحة شخصية وقانونية ومباشرة وقائمة في إقامة الدعوى الماثلة، بما يتعين معه –والحال كذلك– رفض الدفع المبدى من المدعى عليه بانتفاء مصلحة المدعية في إقامة الدعوى الماثلة.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق