الأحد، 26 فبراير 2017

حماية أجر العامل من الاقتطاع أو الاستقطاع، والقواعد المنظمة له – الاقتطاع أو الاستقطاع وفاء لدين العامل لرب العمل وحده – الاقتطاع أو الاستقطاع نتيجة توقيع جزاءات تأديبية على العامل – الاقتطاع أو الاستقطاع وفاءً لديون على العامل سواء لصاحب العمل أو للغير – أمثلة تطبيقية.




حماية أجر العامل من الاقتطاع، والقواعد المنظمة له – الاقتطاع وفاء لدين العامل لرب العمل وحده – الاقتطاع نتيجة توقيع جزاءات تأديبية على العامل – الاقتطاع وفاءً لديون على العامل سواء لصاحب العمل أو للغير – أمثلة تطبيقية.


القواعد القانونية الحاكمة في حماية أجر العامل من الاقتطاع:
لقد حرص المشرع على حماية أجر العامل نظراً لطابعه الحيوي، باعتباره مصدر رزقه (هو وعائلته)، تتمثل في حماية الأجر ضد اقتطاع صاحب العمل، وضد اقتطاع دائني العامل.

أ‌)      حماية الأجر ضد اقتطاع صاحب العمل:
1)              الاقتطاع وفاء لقرض أو دين:
لم يترك المشرع يد صاحب العمل مطلقة في اقتطاع ما يشاء من أجر العامل، لاستيفاء دين قرض يكون قد أقرضه للعامل أو أي مديونية أخرى، بل وضع ضوابط وحدود لذلك، حتى يبقى للعامل الجزء الأكبر من الأجر، كونه مصدر رزقه الوحيد. حيث نص في المادة (59/أ) من قانون العمل على أنه: "لا يجوز استقطاع أكثر من (10%) من أجر العامل وفاء لديون أو قروض مستحقة لصاحب العمل، ولا يتقاضى الأخير عنها أية فائدة".
ومن ثم، فلا يجوز اقتطاع أكثر من (10%) من أجر العامل وفاء لديون أو قروض مستحقة لصاحب العمل، ولا يتقاضى صاحب العمل عنها أي فائدة.
وقد قصد المشرع بهذا النص التيسير على العمال في الاقتراض من صاحب العمل لمواجهة ضرورات طارئة دون أن يؤدي الوفاء بالقرض إلى إرهاقهم بالاقتطاع من أجورهم بنسبة كبيرة تتسبب في الاضطراب في معيشة العامل، وفي سبيل ذلك عمد المشرع إلى التوفيق بين مصلحة العامل في قبض أجره بالكامل وبين حق صاحب العمل في إجراء المقاصة بين الأجر والقرض.

2)              الاقتطاع مقابل الجزاءات التأديبية:
تنص المادة (38) من قانون العمل على أنه: "لا يجوز تنفيذ الخصم من أجر العامل لمدة تجاوز خمسة أيام شهرياً، فإذا تجاوزت العقوبة ذلك، يخصم القدر الزائد من أجر الشهر المقبل أو الأشهر التالية".
وتطبيقاً لذلك، قضت محكمة التمييز بأن: "الحظر الذي يشمله النص هو ألا يزيد الاقتطاع بالخصم من راتب العامل – كعقوبة تأديبية – عما يوازي أجر خمسة أيام من راتبه في الشهر الواحد، ولا يمتد هذا الحظر إلى سلطة صاحب العمل في توقيع عقوبة الخصم من راتب العامل بما يجاوز أجر الخمسة أيام المنوه عنها، على أن يتم تنفيذ تلك العقوبة بمراعاة ألا يزيد ما يخصم منه في كل شهر عن أجر خمسة أيام". (الطعن بالتمييز رقم 45 لسنة 2000 عمالي – جلسة 14/5/2001م).  
وتنص المادة (39) من ذات القانون على أنه: "يجوز وقف العامل لمصلحة التحقيق الذي يجريه صاحب العمل – أو من ينوب عنه – لمدة لا تجاوز عشرة أيام، فإذا انتهى التحقيق معه إلى عدم مسئوليته، صرف له أجره عن مدة الوقف".
وتنص المادة (40) من القانون المذكور على أنه: "على صاحب العمل أن يضع حصيلة الخصم من أجور عماله في صندوق يُخصص للصرف منه على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تعود على العمال بالفائدة، وتقيد الجزاءات بالخصم التي توقع على العامل في سجل خاص يبين فيه اسم العامل ومقدار الخصم وسبب توقيعه. وفي حالة تصفية المنشأة توزع حصيلة الخصم الموجودة في الصندوق على العمال الموجودين وقت التصفية بنسبة مدة خدمة كل منهم. ويصدر الوزير قراراً بالضوابط المنظمة للصندوق المشار إليه، وطريقة التوزيع".
ومن ثم، فلا يجوز تنفيذ الخصم من أجر العامل لمدة تجاوز خمسة أيام شهرياً، فإذا تجاوزت العقوبة ذلك، يخصم القدر الزائد من أجر الشهر المقبل أو الأشهر التالية، وتودع حصيلة الخصم تودع في صندوق يخصص للصرف منه على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تعود على العمال بالفائدة.  

ب‌)       حماية الأجر من دائني العامل:
1)           الاقتطاع وفاء لقرض أو دين:
تنص المادة (216/ز) من قانون المرافعات على أنه: "لا يجوز الحجز على الأجور والمرتبات إلا بمقدار النصف، وعند التزاحم يخصص نصفه لدين النفقة المقررة، النصف الآخر لما عداه من الديون"، ومن ثم فإن نصف أجر العامل فقط هو الذي يجوز الحجز عليه.
وعلى ضوء قانون العمل، تنص المادة (59/ب) على أنه: "لا يجوز الحجز على الأجر المستحق للعامل أو النزول عنه أو الخصم منه إلا في حدود (25%) من الأجر، وذلك لدين النفقة أو لدين المأكل أو الملبس أو الديون الأخرى، بما في ذلك دين صاحب العمل، وعند التزاحم يقدم دين النفقة على الديون الأخرى".
ومن ثم، يتضح إن المشرع في قانون العمل (59/ب) لم يأخذ بالأصل العام المقرر في قانون المرافعات – فيما يتعلق بالقدر الجائز الحجز عليه من الأجور والمرتبات – بل وضع شروط لحجز الدائن على أجر العامل لاستيفاء حقه، هي:
- عدم جواز الحجز على أجر العامل، أو النزول عنه، أو الخصم منه، إلا في حدود (25%) منه، أياً كان مقداره أو ضآلته.
- أن يكون الحجز وفاءً لديون النفقة أو دين المأكل والملبس، أو الديون الأخرى بما في ذلك دين صاحب العمل.
- إذا زادت تلك الديون على الربع (25%) استوفى دين النفقة أولاً.

ج) تطبيقات عملية:
1-   على ماذا تطبق الـ (10%) الواردة في الفقرة "أ" من المادة 59 من قانون العمل، وعلى ماذا تطبق الـ (25%) الواردة في الفقرة "ب" من تلك المادة ؟
·  الفقرة الأولى من المادة 59 من قانون العمل، تفترض إنه ليس هناك دائنين للعامل، سوى رب العمل فقط، فنظمت اقتطاع صاحب العمل من راتب وأجر العامل وفاءً لدينه وسداداً لقرضه، بألا يجاوز الاقتطاع نسبة الـ (10%) من أجر العامل شهرياً.
·  الفقرة الثانية من ذات المادة، تفترض تعدد الديون على العامل من رب العمل ومن دائنين آخرين، فنظمت الاقتطاع من أجر العامل، بما لا يجاوز نسبة الربع (25%) وفاءاً وسداداً لجميع تلك الديون، على أن يقدم دين النفقة الملزم بها العامل قضاءً (ويدخل فيها دين المأكل والملبس)، ثم باقي الديون الأخرى (بما فيها دين صاحب العمل).

2-    ما هي البنود وأنواع القروض التي تشملها الفقرة "أ" من المادة 59 من قانون العمل، التي لا يجوز الاستقطاع – وفاءً لها – بأكثر من 10% من أجر العامل؟
الفقرة "أ" من المادة 59 من قانون العمل، تنظم عملية استقطاع صاحب العمل النسبة المذكورة (10%) من أجر العامل، وفاءً لدين صاحب العمل (حين يقوم العامل بأخذ قرض أو سلفة من صاحب العمل)، فيجوز لصاحب العمل هنا أن يستوفي دينه من العامل بإجراء المقاصة بين دينه على العامل وبين أجر العامل المستحق له، بما لا يجاوز 10% من أجر العامل، مع مراعاة عدم استحقاق رب العمل لأية فوائد على السلف أو القروض التي يمنحها لعماله.

3-    ما الفرق بين "الديون الأخرى" الواردة في الفقرة "ب" من المادة 59 من قانون العمل، و "القروض" المذكورة في الفقرة "أ" من تلك المادة ؟
القروض المذكورة في الفقرة "أ" من المادة 59 من قانون العمل، هي القروض والسلف التي يحصل عليها العامل من رب العامل (صاحب العمل/المؤسسة/الشركة) فقط لا غير.
بينما "الديون الأخرى" الواردة في الفقرة "ب" من تلك المادة 59 من قانون العمل فهي تشمل – إلى جانب الديون المستحقة لصاحب العمل – كافة الديون التي تشغل ذمة العامل لدائنين آخرين (عدا دين النفقة، ويدخل فيه دين المأكل والملبس) مثل: ديون أجرة المسكن، أو قروض من البنوك أو شركات التمويل الأخرى، أو دين شراء مركبة أو أجهزة أو معدات بالتقسيط وتخلف العامل عن سداد أقساطها ...وما شابه ذلك.

4-   ما المقصود بـ "دين صاحب العمل" الواردة في الفقرة "ب" من المادة 59 من قانون العمل؟
يقصد بـ: "دين صاحب العمل" هو ما يكون العامل قد اقترضه من صاحب العمل لمواجهة ضرورات طارئة لديه.

5-   هل تندرج الاقتطاعات التي تقوم بها الشركة مقابل مخالفات المرور أو التغيب عن العمل أو الإجازات غير مدفوعة الراتب أو التأخير عن الدوام أو مصاريف تحويل الإقامة أو الخصومات الناشئة عن إنذارات تلقاها العامل نتيجة إهماله في العمل، تحت نص المادة 59 بفقرتيها "أ" و "ب"؟
·  موافقة الشركة على منح العامل "إجازة غير مدفوعة الأجر" لها قواعد خاصة ينظمها قانون العمل، لا علاقة بها بالمادة 59 بفقرتيها.
·  ومصاريف تحويل الإقامة ينظمها عقد العمل، فإذا كانت ملقاه على عاتق العامل، وقامت الشركة بسدادها بالنيابة عنه، فإنها في هذه الحالة تدخل في مفهوم الديون المستحقة لصاحب العمل ويجوز له اقتطاعها من أجر العامل بما لا يجاوز 10% شهرياً، طبقاً لنص الفقرة "أ" إذا كانت ديون صاحب العمل هي الديون الوحيدة على العامل، أما إذا كان لدى العامل ديون أخرى للغير، وقام الدائنون بحجز ما للمدين لدى الغير تحت يد شركتكم، فإن دين الشركة يدخل في نطاق الديون الأخرى طبقاً لنص الفقرة "ب" التي لا يجوز استقطاع نسبة تجاوز ربع الراتب 25% شهرياً.
·  أما عن باقي الاستفسارات فهي تعد جزاءات تأديبية تقوم الشركة بتوقيعها على العامل، كأن يكون قد أتلف جهاز أو معدة مملوكة للشركة، أو ارتكب مخالفة مرورية التزمت الشركة بسدادها، أو تغيب عن العمل، أو تأخر عن الدوام، انصرف منه بدون إذن، أو أهمل في العمل فقامت الشركة بالتحقيق معه ومجازاته ومعاقبته تأديبياً بالخصم من راتبه، فتلك العقوبات التأديبية بالخصم تنظمها المادة 38 من قانون العمل وليس المادة 59 (على ما سلف بيانه).

6-  هل نسبة الـ 10% المذكورة في الفقرة "أ"، داخلة في نسبة الـ 25% المذكورة في الفقرة "ب"، من المادة 59 من قانون العمل، عند التطبيق في حالة وجود أكثر من قرض أو دين أو اقتطاع؟
في حالة وجود أكثر من دين على العامل، من صاحب العمل، ومن آخرين قاموا بحجز ما للمدين لدى الغير تحت يد شركتكم، فإن نسبة الاقتطاع من أجر العامل لا تجاوز ربع الراتب أي 25% من الأجر الشهري فقط. حسبما تنص الفقرة "ب" من المادة 59.
وهذه الفرضية – في حالة تعدد الديون – لا تنظمها الفقرة "أ" من المادة 59، حيث يقتصر تنظيم الفقرة "أ" على تنظيم دين صاحب العمل وحده دون غيره، ففي حالة انفراد صاحب العمل بإقراض العامل، فإنه يجوز له استقطاع نسبة لا تجاوز 10% من الأجر الشهري للعامل.

7-  النسبة التي تعتمدها مجموعة الساير في الاقتطاع هي 25% مهما كانت أنواع البنود المقتطعة. فهل تكون مجموعة الساير في هذه الحالة مخالفة للمادة 59 من قانون العمل، لا سيما الفقرة "أ"؟
اقتطاع نسبة 25% من أجر العامل، طبقاً لنص الفقرة "ب" من المادة 59 من قانون العمل، لا يكون إلا في حالة تعدد الديون، ما بين دين صاحب العمل وديون أخرى لدائنين آخرين قاموا بحجز ما للمدين لدى الغير تحت يد شركتكم. ففي حال التزامكم بهذه النسبة فإنكم تكونوا قد طبقتم القانون تطبيقاً صحيحاً.
أما في حالة انفراد صاحب العمل بإقراض العامل، وعدم توقيع الغير لأية حجوز للعامل المدين تحت يدكم، فإنه لا يجوز استقطاع نسبة تجاوز 10% من أجر العامل شهرياً، ففي حال قيامكم باستقطاع نسب أعلى من ذلك، فإنكم تكون قد خالفتم صريح نص الفقرة "أ" من المادة 59 من قانون العمل.  

8-   هل لديكم أية توصيات نتبعها عند تطبيقنا لهذه المادة، لكي نتجنب أية مشاكل قانونية؟
هدياً بما تقدم، وبالبناء على ما سبق إيضاحه تفصيلاً، فإننا ننوه إلى ضرورة التقيد بمقتضى نصوص المادة 59 من قانون العمل بفقرتيها، ففي حالة انفراد رب العمل بإقراض العامل (وعدم وجود أية حجوزات على أجر العامل تحت يد شركتكم) فإنه لا يجوز استقطاع نسبة تزيد على 10% من أجر العامل، وفاءً لدين صاحب العمل، وعدم تقاضي أية فوائد على ذلك القرض (الفقرة "أ" من المادة 59 من قانون العمل).
أما في حال تعدد الديون على العامل، من رب العامل، ومن دائنين آخرين قاموا بتوقيع حجز ما للمدين لدى الغير تحت يد شركتكم، فإن دينكم ودين الدائنين الآخرين – بعد ديون النفقة المقضي بها وديون المأكل والملبس – يجيز استقطاعكم نسبة لا تجاوز 25% من أجر العامل.
وفي حالة توقيع عقوبات بالخصم على العامل – بعد التحقيق معه – فإنه لا يجوز أن يزيد الخصم عن أجر خمسة أيام في الشهر، فإذا كانت عقوبة الخصم أكثر من ذلك، فإنه يتم استيفائها من الشهر القادم أو الأشهر المقبلة، ولكنها لا تزيد في الشهر الواحد عن خمسة أيام فقط لا غير.

============================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق