الأحد، 25 أكتوبر 2009

الرد على مطالبة نقابة التطبيقيين بالدمغة

الضريبة والرسم:

المبالغ المطالب بها هي في حقيقتها "جباية" أو بمثابة "ضريبة" وليس "رسم" حيث أن الرسوم تكون مُقابل خدمات تؤديها الجهة الإدارية للمواطنين بناء على طلبهم أما الضرائب فهي مبالغ تقتضي منهم دون رضائهم ودون أن يقابلها أية خدمة مباشرة تؤديها الجهة الإدارية لهم نظير تلك المبالغ.

حيث أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن: "الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً وبصفة نهائية من المُكلفين بها، لا يملكون التنصل من أدائها باعتبار أن حصيلتها تعينها على النهوض بخدماتها ومهامها التي يُفيد مواطنوها منها بوجه عام، فلا تكون الضريبة التي يتحملون بها إلا إسهاماً منطقياً من جانبهم في تمويل أعبائها، ولا تقابلها بالتالي خدمة بذاتها أدتها مُباشرة لأحدهم، وذلك على نقيض رسومها التي لا تقتضيها من أيهم إلا بمُناسبة عمل أو أعمال مُحددة بذاتها أتتها بعد طلبها منها، فلا يكون حصولها على مُقابل يناسبها – وإن لم يكن بقدر تكلفتها – إلا جزاءاً عادلاً عنها، ومن ثم تكون هذه الأعمال مناط فرضها، وبما يوازيها". (الطعن رقم 58 لسنة 17 قضائية "دستورية عليا" – جلسة 15/11/1997).

كما أنه من المُقرر كذلك في قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه: "ليس ثمة مصلحة مشروعة ترتجى من وراء إقرار تنظيم تشريعي يتوخى مُجرد تنمية موارد الدولة من خلال فرض ضريبة تفتقر إلى قوالبها الشكلية أو لا تتوافر – في أركانها ودوافعها – الأسس الموضوعية التي ينبغي أن تقوم عليها، ذلك أن جباية الأموال في ذاتها، لا تعتبر هدفاً يحميه الدستور بل يتعين أن تتم وفق قواعده وبالتطبيق لأحكامه". (الطعن رقم 9 لسنة 17 قضائية "دستورية عليا" – جلسة 7/9/1996).

وعليه، فالرسوم التي تفرضها الدولة لا تحصل إلا جزاءاً عادلاً عن الأعمال مناط فرضها والتي تؤديها الجهة الإدارية للمواطنين بناء على طلبهم، فتلك الأعمال مناط استحقاق الرسوم، وإذا لم يتوافر مناط استحقاقها فلا تستحق، وإلا غدا تحصيلها بالتالي مُجرد جباية لا ضابط لها ولا يستقيم بُنيانها وفق الأسس الموضوعية التي لا تقوم [لا الضريبة ولا الرسوم] دستورياً في غيابها.

لما كان ما تقدم، وكانت المادة 119 من الدستور تنص على أن: "إنشاء الضرائب العامة وتعديلها وإلغاؤها لا يكون إلا بقانون... ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون".

كما تنص المادة 120 من الدستور على أن: "ينظم القانون القواعد الأساسية لجباية الأموال العامة وإجراءات صرفها".

عدم دستورية الضريبة المنصوص عليها بقانون نقابة التطبيقيين:

لما كان ما تقدم، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت: "بعدم دستورية البند "ب" من المادة 52 من القانون رقم 67 لسنة 1974 معدلاً بالقانون رقم 40 لسنة 1979 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية فيما نص عليه من لصق دمغة النقابة على أوامر وعقود توريد السلع والأدوات والأجهزة والمعدات التي تلزم للأعمال الفنية التنفيذية، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة". (الطعن رقم 128 لسنة 22 قضائية "دستورية" – بجلسة 6/6/2004. المصدر: مجلة "الدستورية" – العدد السادس – السنة الثانية – أكتوبر 2004 – صـ 62 وما بعدها). وقد جاء في حيثيات هذا الحكم ما يلي:

وحيث أن المادة 52 من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية معدلاً بالقانون رقم 40 لسنة 1979 تنص على أن: "يكون لصق دمغة النقابة إلزامياً على الأوراق والدفاتر والرسومات الآتية:

1- أصول عقود الأعمال الفنية التنفيذية التي يباشرها أو يشرف عليها عضو النقابة، وكذلك عقود الأعمال الفنية التنفيذية التي يقوم بها عضو النقابة لحسابه الخاص وأوامر التوريد الخاصة بها، وكذلك صورها التي تعتبر مستنداً ويعتبر العقد أصلاً إذا حمل توقيع الطرفين مهما تعددت الصور.

2- أوامر التوريد بالأمر المباشر وأوامر التكليف بالأعمال الفنية التطبيقية وعقود التوريد عن السلع والأدوات والأجهزة والمعدات التي تلزم للأعمال الفنية التنفيذية، وكذلك عقود الأعمال الفنية التنفيذية الأخرى على اختلاف أنواعها كالآلات والأدوات والأجهزة والمعدات وذلك كله طبقاً لما يحدده النظام الداخلي للنقابة وتعتبر الفواتير الخاصة بهذه التوريدات كعقود إذا لم تحرر لها عقود.

3- تقارير الخبراء الفنيين من أعضاء النقابة، وتكون قيمة الدمغة المستحقة طبقاً للفقرات السابقة كما يلي:

- 100 مليم عن العقود التنفيذية وأوامر التوريد والتقارير الفنية التي لا تزيد قيمتها على 100 جنيه.

- 500 مليم عن العقود التنفيذية وأوامر التوريد والتقارير الفنية التي لا تزيد قيمتها على 500 جنيه.

- جنيه واحد عن العقود التنفيذية وأوامر التوريد والتقارير الفنية التي لا تزيد قيمتها على 1000 جنيه.

- وتزاد خمسمائة مليم عن كل ألف جنيه تزيد على الألف جنيه الأولى.

ويتحمل قيمة الدمغة الطرف المسند إليه تنفيذ الأعمال أو التوريد أو مقدم الشكوى أو طالب تقدير الأتعاب أو رافع الدعوى، حسب الأحوال ...".

وحيث أن من المقرر – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً من المكلفين بأدائها، يدفعونها بصفة نهائية دون أن يعود عليهم نفع خاص من وراء التحمل بها، وهي تفرض مرتبطة بمقدرتهم التكليفية، ولا شأن لها بما قد يعود عليهم من فائدة بمناسبتها، أما الرسم فإنه يُستحق مقابل نشاط خاص أتاه الشخص العام عوضاً عن تكلفته وإن لم يكن بمقدارها. متى كان ذلك، وكانت الدمغة المفروضة بالنص الطعين على أوامر وعقود توريد السلع والأدوات والأجهزة والمعدات التي تلزم للأعمال الفنية التنفيذية لا تقابلها خدمة فعلية تكون النقابة أو أحد أعضائها قد بذلها لمن يتحملون بها، فإنها لا تعد من الناحية القانونية رسماً، على الرغم من أن المشرع قد أسبغ عليها هذا الوصف بنص المادة 54 من ذات القانون، وإنما تنحل ضريبة، وهي بعد ضريبة عامة إذ لا يقتصر نطاق تطبيقها على رقعة إقليمية معينة، وإنما تسري كلما توافر مناطها في أية جهة داخل حدود الدولة الإقليمية.

وحيث أن الضريبة العامة يحكمها أمران أساسيان لا ينفصلان عنها، بل تتحدد دستوريتها على ضوئهما معاً.

أولهما: أن الأموال التي تجبيها الدولة من ضرائبها وثيقة الصلة بوظائفها سواء التقليدية منها أو المستحدثة، وقيامها على هذه الوظائف يقتضيها أن توفر بنفسها – ومن خلال الضريبة وغيرها من الموارد – المصادر اللازمة لتمويل خططها وبرامجها. والرقابة التي تفرضها السلطة التشريعية – بوسائلها – على هذه الموارد ضبطاً لمصارفها، هي الضمان لإنفاذ سياستها المالية، وأن اختصاص السلطة التشريعية في مجال ضبطها لمالية الدولة يقتضي أن تقوم هذه السلطة بربط الموارد في جملتها بمصارفها تفصيلاً وإحكام الرقابة عليها، لا أن تناقض فحواها بعمل من جانبها.

ثانيهما: أن الضريبة العامة هي أصلاً وابتداء مورد مالي يتضافر مع غيره من الموارد التي تستخدمها الدولة لمواجهة نفقاتها الكلية بما يحقق النفع العام لمواطنيها، أي أن تحقيق النفع العام أو ما يعبر عنه أحياناً بأكبر منفعة جماعية يعد قيداً على إنفاق الدولة لإيراداتها، وشرطاً لاقتضائها ضرائبها ورسومها.

وحيث إن ما تقدم لا يعني أن الدولة لا تستطيع تحويل بعض مواردها إلى الجهة التي تراها عوناً لها على النهوض بمسئولياتها بل يجوز ذلك بشرطين:

الأول: أن تكون الأغراض التي تقوم عليها هذه الجهة وفقاً لقانون إنشائها وثيقة الاتصال بمصالح المواطنين في مجموعهم، أو تؤثر على قطاع عريض من بينهم.

الثاني: أن يكون هذا الدعم المالي مطلوباً لتحقيق أهداف تلك الجهة، وعلى أن يتم ذلك من خلال رصد ما يكفيها بقانون الموازنة العامة وفقاً للقواعد التي نص عليها الدستور، لا عن طريق الضريبة التي تفرضها السلطة التشريعية لصالح تلك الجهة ابتداء.

وحيث أن الأصل في الضريبة – وباعتبار أن حصيلتها تعد إيراداً عاماً - أن يؤول مبلغها إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد التي تم تدبيرها، وكان النص المطعون فيه قد فرض الضريبة المتنازع عليها لصالح نقابة بذاتها واختصها بحصيلتها التي تؤول إليها مباشرة فلا تدخل خزانة الدولة، أو تقع ضمن مواردها بحيث تستخدمها في مجابهة نفقاتها العامة، فإنها تكون في حقيقتها معونة مالية رصدتها الدولة لتلك النقابة عن طريق الضوابط التي فرضها الدستور في شأن الإنفاق العام، ومن ثم تفقد الضريبة المطعون عليها مقوماتها وتنحل عدماً، وهو ما يقتضي الحكم بعدم دستوريتها لمخالفتها أحكام المواد 61 و 115 و 116 و 119 و 120 من الدستور.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت أحكام المواد 53 و 54 و 82/7 و 105 من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية قد تناولت بالتنظيم بعض جوانب الضريبة المقضي بعدم دستوريتها، حيث حظرت المادة 53 على الجهات المشار إليها بها قبول الأوراق والمستندات المنصوص عليها بالمادة 52 إلا إذا كان ملصقاً عليها الدمغة المقررة، كما قضت المادة 54 بسقوط الحق في طلب رد رسم الدمغة المحصل بغير وجه حق بمضي سنة من يوم أدائه، واعتبرت المادة 82/7 حصيلة طوابع الدمغة على الأوراق والعقود المنصوص عليها في المادة 52 ضمن موارد صندوق الإعانات والمعاشات للنقابة المذكورة، وفرض نص المادة 105 من ذات القانون عقوبة الغرامة التي لا تجاوز خمسة جنيهات على كل من وقع أو قبل أو أستعمل عقداً أو رسماً أو صورة أو محرراً مما ورد في المادة 52 من هذا القانون لم يؤد عنه رسم الدمغة المقرر، وكان الحكم بعدم دستورية ضريبة الدمغة في مجال تطبيقها بالنسبة للبند "ب" من المادة 52 المشار إليها يعني بطلانها وزوال الآثار التي رتبتها، وكان ما يتصل من أحكام المواد 53 و 82/7 و 105 من القانون رقم 67 لسنة 1974 بذلك البند، مؤداه ارتباطهما معاً ارتباطاً لا يقبل التجزئة فإن تلك الأحكام – وبقدر هذا الاتصال – تسقط تبعاً للحكم ببطلان الضريبة المطعون عليها". (الطعن رقم 128 لسنة 22 قضائية "دستورية" – بجلسة 6/6/2004. المصدر: مجلة "الدستورية" – العدد السادس – السنة الثانية – أكتوبر 2004 – صـ 62 وما بعدها)

أثر الحكم بعدم دستورية نص في القانون (في خصوص الضرائب):

تنص المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا، على أن: "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير مُلزمة لجميع السلطات وللكافة. ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يُحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مُباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المُدعي من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص".

ومن المُقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه: "تنص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسن 1979 على أن أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية... مُلزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة. وتُنشر الأحكام... في الجريدة الرسمية ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص من قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشره. ومفاد هذا النص أن الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية – وهي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري – تكون لها حجية مُطلقة ولا يقتصر أثرها على الخصوم في تلك الدعاوى التي صدرت فيها، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وكذلك جميع سلطات الدولة، كما أن مؤدى عدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته من اليوم التالي لنشر الحكم – وعلى ما جاء بالمُذكرة الإيضاحية للقانون لا يقتصر على المستقبل فحسب، وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم". (الطعن رقم 48 لسنة 3 قضائية – جلسة 11/6/1983 مجموعة المكتب الفني – سنة 2 – صـ 148 – فقرة 1).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض المدني أن: "النص في المادة 178 من الدستور على أنه "تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية، والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية، وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار"، والنص في المادة 31 من القانون رقم 66 لسنة 1970 الخاص بإصدار قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة الدستورية العليا على أنه "تنشر في الجريدة الرسمية قرارات تفسير النصوص القانونية وكذلك منطوق الأحكام الصادرة من المحكمة العليا بالفصل في دستورية القوانين وتكون هذه الأحكام ملزمة لجميع جهات القضاء"، يدل على أن نشر تلك الأحكام قصد به علم الكافة، وأن هذا العلم يفترض بمجرد حصول هذا النشر، وأنه يترتب على هذه الأحكام عدم نفاذ النصوص التشريعية المحكوم بعدم دستوريتها من تاريخ نشر هذه الأحكام في الجريدة الرسمية وتكون ملزمة لجميع جهات القضاء منذ هذا التاريخ". (الطعن رقم 128 لسنة 47 قضائية – جلسة 18/3/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 861. والطعنان رقمي 507 و 1354 لسنة 47 قضائية – جلسة 27/3/1980 مجموعة المكتب الفني – السنة 31 – صـ 937. المصدر: "قضاء النقض في المواد المدنية" – للمستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الأول – المُجلد الثاني – القاعدة رقم 4971 – صـ 1870).

كما قضت محكمة النقض المدني بأنه: "إذا كان الثابت من الطلب الذي قدمته المطعون ضدها لفتح باب المُرافعة في الدعوى بعد حجزها للحكم أنه أشار إلى قرار المحكمة الدستورية العليا الصادر في طلب التفسير رقم 4 لسنة 8 قضائية "دستورية عليا"، وكانت المادة 31 من القانون رقم 66 لسنة 1970 تنص على أنه "تنشر في الجريدة الرسمية قرارات تفسير النصوص القانونية وكذلك منطوق الأحكام الصادرة من المحكمة العليا ..."، فإن مُقتضى ذلك افتراض علم الكافة به، ولا يكون من أوجه الدفاع التي يمتنع على المحكمة قبولها دون إطلاع الخصم عليها طبقاً للمادة 168 مرافعات". (الطعن رقم 302 لسنة 48 قضائية – جلسة 13/2/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 454. المصدر: "قضاء النقض في المواد المدنية" – للمُستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الأول – المُجلد الثاني – القاعدة رقم 4972 – صـ 1871).

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق