الأحد، 25 أكتوبر 2009

مذكرة للتفتيش الفني بوزارة العدل

حيث ورد إلينا كتاب إدارة التفتيش الفني على الإدارات القانونية بوزارة العدل بمناسبة ما تجريه من تحقيقات في الشكوى رقم 46/2008-2009 أمام عناية السيد الأستاذ المستشار/ ................. المفتش الفني بالإدارة.

وحيث طلب منا تقديم مذكرة بأقوالنا ودفاعنا فيما هو منسوب إلينا من إهمال الإشراف والمتابعة على أعمال الأستاذ/ ................ المحامي بإدارة القضايا، مما ترتب عليه تقاعس الأخير عن حضور جلسات الخبير في الدعوى رقم 19662 لسنة 2003 مدني كلي جنوب القاهرة، ومن ثم قيام الخبير بإيداع تقريره المتضمن تقاعس الهيئة عن تقديم المستندات وإعادة الأوراق للمحكمة لعدم كفاية المستندات.

ويهمنا في هذا الصدد شرح وإيضاح الوقائع والحقائق التالية:

بموجب قانون إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة رقم 43 لسنة 1982 تم إنشاء لجنة قضائية بمنطقة أوقاف القاهرة، وقد حدد ذلك القانون اختصاصات تلك اللجنة القضائية على سبيل الحصر.

وقد أجاز قانون إنهاء الأحكار سالف الذكر لكل من هيئة الأوقاف والمستحكر أو المنتفع الظاهر الطعن على القرار الصادر من اللجنة القضائية للأحكار أمام المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار المحكر، على أن يكون قرار المحكمة الابتدائية في ذلك الطعن نهائياً لا يقبل الطعن عليه بأي من طرق الطعن العادية أو غير العادية.

وحيث صدر قرار اللجنة القضائية للأحكار – بجلسة 17/3/2003 – والذي قررت فيه تقدير ثمن المتر من أرض العقار رقم 9 عطفة الروم، بحارة الروم، قسم الدرب الأحمر، بالقاهرة، بمبلغ 3000 جنيه وثمن المتر من المباني بمبلغ 150 جنيه، مع إلزام هيئة الأوقاف بتعويض المستحكرين بنسبة 25% من ثمن الأرض، وكذا اتخاذ اللازم حيال ملحق المسجد المقام على الأرض موضوع الحكر.

وإذ لم ترتض هيئة الأوقاف المصرية بهذا القرار فقد طعنت عليه أمام المحكمة الابتدائية المختصة بالدعوى رقم 19662 لسنة 2003 مدني كلي جنوب القاهرة، استناداً إلى تجاوز اللجنة القضائية للأحكار لنطاق اختصاصها المحدد حصراً في قانون إنهاء الأحكار سالف الذكر، مع ملاحظة أن تلك المسألة مسألة قانونية بحتة.

كما لم يرتض ورثة كل من/ ..................... (الصادر ضدهم قرار اللجنة القضائية للأحكار) بقرار تلك اللجنة، فقد طعنا عليه أمام المحكمة الابتدائية المختصة بالدعوى رقم 20491 لسنة 2003 مدني كلي جنوب القاهرة، استناداً إلى خطأ القرار بعدم قضائه باتخاذ إجراءات استبدال العقار المحكر لصالح المستحكرين، وبإعادة تقدير ثمن المتر من الأرض حيث أن السعر الذي قدرته اللجنة يقل كثيراً عن القيمة الحقيقية لتلك الأرض.

وإذ تم ضم الدعويين سالفتي الذكر لبعضهما، للارتباط حيث أنهما طعنان على حكم واحد، وليصدر فيهما حكماً واحداً.

وإذ قضت المحكمة بإحالة الدعوى لمكتب الخبراء المختص لمباشرة المأمورية التي أناطها بها الحكم التمهيدي، وهي أساساً تقدير سعر المتر من أرض التداعي، لبحث اعتراضات المستحكرين في طعنهم سالف الذكر والذي يطلبون فيه إعادة تقدير ثمن المتر من أرض التداعي.

وإذ طلب الخبير من المستحكرين موافاته بحالات مثل قريبة من أرض التداعي حتى يستطيع تقدير ثمن المتر من أرض التداعي على أساس واقعي سليم.

وإذ تقاعس المستحكرين عن موافاة الخبير بما طلبه، ومن ثم فقد أعاد الخبير الدعوى للمحكمة دون مباشرة المأمورية لعدم كفاية المستندات المودعة بها.

وإذ أخذت المحكمة بمذكرة الخبير، دون بحث موضوع الطعنين، وقضت برفضهما معاً لعدم تقديم كل طاعن المستندات المؤيدة لطعنه.

وننوه هنا إلى نقاط هامة وفاصلة في موضوع الشكوى عاليه، وهي:

أن طعن هيئة الأوقاف رقم 19662 لسنة 2003 مدني كلي جنوب القاهرة كان أساسه مسألة قانونية بحتة، تختص المحكمة بالفصل فيها، ولا مجال مطلقاً لإيداع الفصل فيها للخبراء، لكونها مسألة قانونية محضة وليست مسألة فنية يصعب على المحكمة تقصي حقيقتها بنفسها. فمن المُقرر في قضاء النقض أنه: "يجوز للقاضي أن يستعين بالخبراء في المسائل التي يستلزم الفصل فيها استيعاب النقاط الفنية التي لا تشملها معارفه، والوقائع المادية التي يشق عليه الوصول إليها، دون المسائل القانونية التي يفترض فيه العلم بها". (نقض مدني جلسة 24/3/1976 المكتب الفني - السنة 27 – صـ 752). كما تواتر قضاء النقض على أنه: "لقاضي الموضوع أن يستعين بالخبراء في المسائل التي يستلزم الفصل فيها استيعاب النقاط الفنية التي لا تشملها معارفه والوقائع المادية التي يشق عليه الوصول إليها دون المسائل القانونية التي يفترض فيه العلم بها". (نقض مدني في الطعن رقم 243 لسنة 51 قضائية - جلسة 28/2/1985. وفي الطعن رقم 2418 لسنة 52 قضائية - جلسة 6/5/1986).

أن طعن المستحكرين رقم 20491 لسنة 2003 مدني كلي جنوب القاهرة كان أساسه عنصرين: أحدهما قانوني وهو خطأ اللجنة القضائية للأحكار فيما لم تقض به من اتخاذ إجراءات استبدال عقار التداعي إليهم. والآخر فني واقعي وهو: إعادة تقدير سعر المتر من أرض التداعي بزعم أن السعر الذي قدرته اللجنة القضائية للأحكار يقل كثيراً عن سعر المثل.

ومن ثم، فإن عبء الإثبات في طعن المستحكرين المتقدم ذكره، والمحال للخبراء، بشأن إعادة تقدير سعر المتر من أرض التداعي ليتناسب مع سعر المثل، مما يقتضي تقديم حالات مثل من حيث الموقع الجغرافي والنطاق الزمني، هذا العبء يثقل كاهل المستحكرين الطاعنين. وهيئة الأوقاف ليست ملزمة قانوناً بأن تثبت لهم دعواهم وهي المدعى عليها؟!! حيث تنص المادة الأولى من قانون الإثبات على أنه: "على الدائن إثبات الالتزام". ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "المدعى هو المُكلف قانوناً بإثبات دعواه وتقديم الأدلة إلى تؤيد ما يدعيه فيها"، وأن: "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر"، وأنه: "المُقرر في قضاء هذه المحكمة التزام المُدعي بإقامة الدليل على ما يدعيه سواء أكان هو المُدعي أصلاً في الدعوى أو المُدعى عليه فيها". (الطعون أرقام: 229 لسنة 38 قضائية - جلسة 19/6/1973 السنة 24 صـ 940. والطعن رقم 98 لسنة 53 - جلسة 7/12/1986. والطعن رقم 1784 لسنة 51 قضائية - جلسة 15/4/1986. والطعن رقم 291 لسنة 31 قضائية - جلسة 25/5/1966 ع1 صـ 1236. والطعن رقم 407 لسنة 51 قضائية - جلسة 12/6/1984. والطعن رقم 5469 لسنة 52 قضائية - جلسة 17/6/1986).

أن هيئة الأوقاف المصرية، ولجنة مراجعة قرارات اللجنة القضائية للأحكار، قد ارتضت بالسعر الذي قدرته اللجنة القضائية للأحكار لأرض التداعي، ولم تر ثمة مطعن عليه. وعليه فإن رفض المحكمة لتعديل سعر المتر من أرض التداعي يكون في صالح هيئة الأوقاف وليس في صالح المستحكرين.

أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 19662 لسنة 2003 مدني كلي جنوب القاهرة بجلسة 29/6/2008، قد أخطأ فيما قضى به من رفض هذا الطعن المقام من هيئة الأوقاف، وذلك لأنه استند إلى مذكرة الخبير الذي أعاد ملف الدعوى للمحكمة لعدم كفاية الأوراق لمباشرة المأمورية بإعادة تقدير سعر المتر من أرض التداعي بناء على اعتراض المستحكرين ولعدم تقديم حالات مثل تمكن الخبير من إعادة بحث تلك المسألة. فهو إن أصاب في رفض طعن المستحكرين لهذا السبب، إلا أنه يكون قد أخطأ في رفض طعن هيئة الأوقاف لهذا السبب، إذ أن طعن الهيئة منصب على مسألة قانونية بحتة وليس مسألة فنية ولا علاقة له بإعادة تقدير ثمن المتر من أرض التداعي.

ولئن كان ما تقدم، إلا أن أحكام المحكمة الابتدائية الصادرة في الطعون المقامة أمامها على قرارات اللجنة القضائية للأحكار، هي أحكام نهاية لا يجوز الطعن عليها بأي من طرق الطعن العادية أو غير العادية. حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "مفاد نصوص المواد 5 ، 6 ، 12 من القانون رقم 43 لسنه 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة أن المشروع قد خول اللجنة القضائية المُشكلة وفقا للمادة الخامسة اختصاصا قضائيا في المسائل المبينة بها ومن تقدير ثمن الأرض والفصل في كافة المنازعات التي تنشأ عن تطبيق هذا القانون، ولم يستثن من الخضوع لأحكامه سوى الأحكار التي صدرت قرارات بإنهائها وتمت إجراءاتها نهائياً وقام المحتكر بسداد الثمن أو مُعجلة وذلك قبل العمل بأحكام هذا القانون، كما تختص المحكمة الابتدائية بنظر الطعون التي تقدم إليها من ذوى الشأن ورئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية في قرارات اللجنة القضائية، فولايتها إذ مقصورة على النظر فيما إذا كان قرار اللجنة سالف الذكر قد صدر موافقا لأحكام ذلك القانون أو بالمخالفة له وحكمها في هذا الشأن يكون نهائيا غير قابل للطعن فيه بالاستئناف". (نقض مدني في الطعن رقم 1374 لسنة 59 قضائية – جلسة 10/6/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 633).

وأخيراً، فإن إخطارات الخبراء عندما ترد إلى إدارة القضايا، مباشرة وفي وقت كاف قبل موعد جلسة الخبير، فإن مدير إدارة القضايا أو من يحل محله، يؤشر عليها بالتسليم للعضو القانوني المختص، وفي موعد الجلسة يحرر العضو القانون خط سير للذهاب إلى الخبراء، أو الذهاب إليها مباشرة بعد حضوره جلسات المحكمة إذا كان عنده جلسة بالمحكمة في ذلك اليوم، أو يقوم بعمل تعارض ليحضر أحد تلك الجلستين ويحضر زميل آخر الجلسة الأخرى، وهي توقع من مدير إدارة القضايا، ويقف دوره عند هذا الحد، ولكنه لا يذهب ليتابع كل محام في إدارة القضايا، وعددهم يربو على الـ 60 محامي ومحامية، ليعرف ما إذا كانوا يحضرون جلسات الخبراء من عدمه، فهذا ما لا يمكنه طلبه منه. حيث أنه من المبادئ المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن الإشراف لا يعني أن يقوم المشرف بكل عمل أو متابعة كل عمل مرءوسيه في كل خطوة من خطواتهم وإلا كان معنى ذلك أنه سيقوم بعمل الإدارة التي يشرف عليها كلها وهو ما لا يتصور. حيث أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن: "تحديد مسئولية صاحب الوظيفة الإشرافية ليس معناه تحميله بكل المخالفات التي تقع في أعمال التنفيذ التي تتم بمعرفة المرءوسين خاصة ما قد يقع منهم من تراخ في التنفيذ أو التنفيذ بما لا يتفق والتعليمات - أساس ذلك: أن ليس مطلوباً من الرئيس أن يحل محل كل مرءوس في أداء واجباته لتعارض ذلك مع طبيعة العمل الإداري ولاستحالة الحلول الكامل - يسأل الرئيس الإداري عن سوء ممارسة مسئولياته الرئاسية خاصة الإشراف والمتابعة والتنسيق بين أعمال مرءوسيه في حدود القوانين واللوائح والتعليمات بما يكفل حسن سير المرفق الذي يخدمه". (الطعن رقم 2815 لسنة 33 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 12/11/1988 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 104 – فقرة 1).

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق