الأحد، 25 أكتوبر 2009

عدم جواز الطعن بالنقض في الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية

عدم جواز الطعن بالنقض على حكم صادر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية

أولاً- الوقائع والموضوع:

تمتلك جهة وقف/ فاطمة هانم إسماعيل الخيري – فيما تمتلك – قطعة أرض زراعية مساحتها 8س 19طف (تسعة عشر قيراطاً وثمانية أسهم) مُقسمة على قطعتين: الأولى- مساحتها 10ط (عشرة قراريط) كائنة بحوض أم زينة نمره/9 صـ 10 بزمام منية سندوب، مركز المنصورة، بالدقهلية. والقطعة الثانية- مساحتها 8س 9ط (تسعة قراريط وثمانية أسهم) كائنة بحوض الجزيرة نمره/ 5 بزمام منية سندوب، مركز المنصورة، بالدقهلية.

وبموجب عقد إيجار أطيان زراعية مُحرر بتاريخ 19/9/1973 أستأجر المواطن/ ........................... مجموع تلك الأطيان سالفة الذكر نظير إيجار سنوي قدره 463ر26جم (ستة وعشرون جنيهاً وأربعمائة وثلاثة وستون مليماً). [ومدون على هامش هذا العقد أنه تم التنازل عن صورة العقد السابق إيداعه بالجمعية عن نفس المساحة حيث حرر عقد آخر].

قام مستأجر الأرض الزراعية المذكورة بزراعتها وسداد القيمة الايجارية عنها خلال الفترة من عام 1973 وحتى 1998، حيث أنه في غضون عام 1998 سمح المستأجر الأصلي لمن يُدعى/ .............................. بوضع يده على مساحة قدرها 1ط (قيراط واحد) تقريباً من إجمالي مساحة القطعة الأولى المؤجرة للمستأجر الأصلي (والبالغ قدرها 10ط عشر قراريط بحوض أم زينة نمره/9 صـ 10 المتقدم ذكرها)، وقد حدث ذلك بدون علم أو موافقة هيئة الأوقاف المصرية المؤجرة.

ومن ثم قام المدعو/ ..................................... (واضع اليد) بتبوير مساحة القيراط (تقريباً) التي يضع يده عليها، وقام ببناء منزل بالطوب الأحمر والمونة الأسمنتية والسقف خشب (على مساحة 80ر116م2 - مائة وستة عشر متراً مربعاً وثمانون سنتيمتر تقريباً)، وحدث ذلك بدون علم أو موافقة هيئة الأوقاف المصرية المؤجرة.

وعليه فقد تم تحرير محضر مخالفة مباني رقم 43416 لسنة 1998 بمعرفة الجهة الإدارية المختصة، ومن ثم أقيمت الدعوى الجنائية ضد المدعو/ .......................... (واضع اليد) بتهمة تبوير الأرض الزراعية والبناء عليها، وهي الجنحة رقم 1725 لسنة 1998 جنح أمن دولة طوارئ، ولكن قُضِىَ فيها لصالحه بالبراءة (بجلسة 8/4/1998) استناداً إلى تقرير الخبير المودع بملف تلك الجنحة والذي أثبت أن تلك الأرض (محل الاتهام) يتعذر زراعتها لعدم إمكانية الري والصرف وأنها أرض بور محاطة بأراضي بور من جميع الجهات ولا يوجد لها مصدر ري. وقد أصبح هذا الحكم نهائياً.

وبعد ذلك، قامت هيئة الأوقاف المصرية (منطقة أوقاف الدقهلية) برفع دعوى مدنية أمام المحكمة الجزئية المُختصة، وهي الدعوى رقم 458 لسنة 2000 مدني جزئي مركز المنصورة – وقيدت بتاريخ 2/5/2000، ضد كل من المستأجر الأصلي للأطيان الزراعية المواطن/ .................. ، وواضع اليد (على جزء من تلك الأطيان) المدعو/ ....................... ، بطلب الحكم للهيئة بفسخ عقد الإيجار المُحرر في 19/9/1973 المحرر بين الهيئة والمستأجر الأصلي، مع طرد المدعى عليهما من تلك الأطيان المؤجرة، وتسليم الأرض كلها بما عليها من مباني باعتبارها مُستحقة الإزالة، مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومُقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المُعجل بلا كفالة. وأسست الهيئة هذه الدعوى المدنية على سند من القانون رقم 96 لسنة 1992 المتعلق بإيجار الأراضي الزراعية وكذلك القانون رقم 178 لسنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعي والمعدل بالقانون رقم 67 لسنة 1975، وأيضاً لمُخالفة المستأجر الأصلي لبنود عقد الإيجار.

وتداولت تلك الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 31/3/2004 قضت محكمة مركز المنصورة الجزئية بـ: "عدم قبول الدعوى، وألزمت المُدعي بصفته بالمصاريف". وقد أسست محكمة مركز المنصورة الجزئية قضائها هذا على أساس عدم قيام هيئة الأوقاف (المدعية) بإعذار المتعاقد معها قبل طلب فسخ العقد طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 157 من القانون المدني وأحكام محكمة النقض في هذا الشأن، حيث خلت أوراق الدعوى مما يفيد إنذار المدعي بصفته للمدعى عليه الأول (المستأجر الأصلي) بأي إعذار ومن ثم تكون الدعوى قد تخلف عنها شرط الإعذار الأمر الذي قضت معه المحكمة بعدم قبول الدعوى على نحو ما ورد بمنطوق الحكم.

وإذ لم ترتض هيئة الأوقاف المصرية بهذا الحكم لذا فقد قامت بالطعن عليه بطريق الاستئناف أمام المحكمة المُختصة (المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية)، وذلك بالاستئناف رقم 642 لسنة 2004 مدني مُستأنف كلي المنصورة، وقيد هذا الاستئناف في تاريخ 8/5/2004 وتداول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضره، وبجلسة 30/5/2005 قضت المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية في هذا الاستئناف بـ: "سقوط الحق في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد، وألزمت المُستأنف بصفته بالمصروفات". وأسست المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية قضائها هذا على سند من قانون الإصلاح الزراعي (الذي أسست الهيئة دعواها عليه) والذي نص في المادة 39 مكرر "أ" منه على أنه يجوز استئناف الأحكام الصادرة من المحكمة الجزئية المختصة طبقاً لأحكام المادة السابقة أياً كانت قيمة الدعوى وذلك خلال 30 (ثلاثين) يوماً من تاريخ صدور الحكم أمام المحكمة الابتدائية المختصة، ولما كان الحكم المستأنف قد صدر بتاريخ 31/3/2004 وقيدت صحيفة الاستئناف بتاريخ 8/5/2004 أي بعد مرور أكثر من الثلاثين يوماً المنصوص عليها بالمادة سالفة الذكر الأمر الذي يكون معه المستأنف بصفته (هيئة الأوقاف) قد أقام استئنافه بعد الميعاد وقضت المحكمة بسقوط حقه فيه على نحو ما ورد بمنطوق ذلك الحكم.

هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فقد تقدم المدعو/ ....................... (واضع اليد على قيراط تقريباً من المساحة المؤجرة للمستأجر الأصلي المتقدم ذكره) بطلب إلى رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية يلتمس فيه التصالح مع الهيئة والتعاقد معها ويبدي استعداده لسداد مُقابل انتفاعه بتلك المساحة كما أبدى رغبته في شراء تلك المساحة من الهيئة واستبدالها.

ومن ثم أحيل هذا الطلب المذكور إلى إدارة الفتوى والرأي بالإدارة العامة للشئون القانونية بديوان عام الهيئة، وأفرد لها ملف الفتوى رقم 439 حصر عام 1057 لسنة 2001 اختصاص الأستاذ/ ........................ ، وقد انتهت الفتوى المذكورة إلى: "أولاً- إرجاء البت في الطلب المقدم من المواطن/ محمد أسعد السيد محمد بخصوص استبدال المساحة البالغ قدرها 175م2 بحوض أم زينة بوقف فاطمة هانم إسماعيل بمنية سندوب التابعة لمنطقة الدقهلية لحين الفصل في النزاع القضائي المتداول. ثانياً- متابعة منطقة الدقهلية للدعوى المرفوعة من قبل الهيئة ضد المواطن المذكور وإبلاغ الإدارة العامة للشئون القانونية بما يتم بشأنها حتى يمكن اتخاذ اللازم". وقد تم اعتماد الرأي الوارد في تلك الفتوى وتم إبلاغ منطقة أوقاف الدقهلية بها.

كما تم فتح ملف فتوى ثانية لذات الموضوع، وهي الفتوى رقم 708 حصر عام 1166 لسنة 2003 اختصاص الأستاذ/ .................. ، وغير واضح من الأوراق سبب فتح ملف ثاني لذات الموضوع ولا ما انتهى إليه الرأي في هذه الفتوى الثانية.

وبناء على كل ما تقدم، فقد قامت الشئون القانونية بمنطقة أوقاف الدقهلية بمُخاطبة الإدارة العامة للشئون القانونية للاستطلاع رأيها في شأن التصالح مع المدعى عليه الثاني (واضع اليد) واستبدال تلك المساحة له وتحصيل رسوم الدعوى عن الدرجتين أو الطعن على الحكم الاستئنافي بطريق النقض. ومن ثم أحيلت الأوراق إلى إدارة القضايا للنظر والتصرف وإبداء الرأي في الطعن أو التصالح والإفادة بما يتم.

ثانياً- البحث القانوني:

تنص المادة 248 من قانون المُرافعات على أنه: "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف في الأحوال الآتية: ...".

كما تنص المادة 249 من قانون المُرافعات على أنه: "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي – أياً كانت المحكمة التي أصدرته – فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي".

فكقاعدة عامة، لا تقبل الطعن بطريق النقض إلا الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف. فلا يُطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى ولو صدرت انتهائية، أو في الأحكام الصادرة من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية، إلا في أحوال استثنائية. وتقبل جميع أحكام محاكم الاستئناف الطعن بالنقض، سواء صدرت في استئناف أحكام محاكم الدرجة الأولى، أو صدرت بعد نظر محكمة الاستئناف لطعن بالتماس إعادة النظر. وسواء كان الحكم فاصلاً في موضوع الدعوى أو صادراً قبل الفصل في الموضوع ولو في دعوى وقتية. وسواء كان الحكم مُنهياً للخصومة أو غير منه لها مع ملاحظة القاعدة العامة في للطعن من عدم قابلية الحكم الغير المنهي للخصومة للطعن إلا بعد صدور الحكم المُنهي لها باستثناء بعض الحالات. وأخيراً فإن حكم محكمة الاستئناف يقبل الطعن بالنقض أياً كانت قيمة القضية التي صدر فيها. (المصدر: "الوسيط في قانون القضاء المدني" – للدكتور/ فتحي والي – الطبعة الثانية 1981 القاهرة – بند 268 – صـ 842 و 843).

ويُلاحظ بالنسبة لجواز الطعن بالنقض، حيث يجوز الطعن بالنقض في غير أحكام محاكم الاستئناف، فإن الأمر يقتصر على أحوال مُحددة واردة على سبيل الحصر، وهذه هي في القانون المصري:

1- الحكم الانتهائي: أياً كانت المحكمة التي أصدرته، سواء كانت محكمة جزئية أو محكمة ابتدائية، الذي فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، طبقاً لنص المادة 249 مرافعات.

2- الأحكام الانتهائية التي يُجيز القانون للنائب العام الطعن فيها لمصلحة القانون في الحالات التي تنص عليها المادة 250 مُرافعات.

فلا يجوز الطعن في غير هذه الأحوال. (المصدر: "الوسيط في قانون القضاء المدني" – د. فتحي والي – المرجع السابق – نفس الموضع).

ومن المُستقر عليه قانوناً (تشريعاً وفقهً وقضاءً) أن الطعن بالنقض هو من طرق الطعن غير العادية فلا يجوز إلا في الحالات التي حددتها المادة 248 مرافعات على سبيل الحصر، وكأصل عام لا يجوز إلا في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف إلا أن المُشرع استثنى من ذلك الأحكام الانتهائية المشار إليها في المادة 249 مرافعات. (المصدر: "التعليق على قانون المُرافعات" – للمستشار/ عز الدين الدناصوري – الجزء الثاني – الطبعة الثامنة 1996 القاهرة – شرح المادة 248 مرافعات – صـ 350).

هذا ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "مُؤدى المادتين 248 و 249 من قانون المُرافعات أن يقتصر الطعن بطريق النقض على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف وعلى الأحكام الانتهائية أياً كانت المحكمة التي أصدرتها إذا صدرت على خلاف حكم سابق أما الأحكام التي تصدر من المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة الدرجة الأولى فلا يجوز الطعن فيها بطريق النقض وإنما يكون الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف بتأييدها أو بإلغائها أو بتعديلها وعلى المحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها". (الطعن رقم 15 لسنة 43 قضائية – جلسة 20/4/1977. والطعن رقم 405 لسنة 45 قضائية – جلسة 5/2/1980. والطعن رقم 269 لسنة 49 قضائية جلسة 9/1/1984. والطعن رقم 957 لسنة 50 قضائية – جلسة 31/5/1984. المصدر: "التعليق على قانون المرافعات" – للدناصوري – المرجع السابق – القاعدة رقم 7 – صـ 357 و 358).

حيث تواترت أحكام محكمة النقض على أن: "مُقتضى المادتين 248 و 249 من قانون المُرافعات أن يقتصر الطعن بطريق النقض على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف وفي الأحكام الانتهائية – أياً كانت المحكمة التي أصدرتها – إذا صدرت على خلاف حكم سابق، أما الأحكام التي تصدر من المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة الدرجة الأولى فإنها لا يجوز الطعن فيها بطريق النقض، وإنما يكون الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف سواء بتأييدها أو بإلغائها أو تعديلها". (الطعن رقم 193 لسنة 50 قضائية – جلسة 21/5/1984 . ونقض جلسة 11/1/1977 السنة 28 العدد الأول صـ 194. المصدر: "التعليق على قانون المرافعات" – للدناصوري – المرجع السابق – القاعدة رقم 146 – صـ 378 و 379).

كما قضت محكمة النقض بأن: "مؤدى نص المادتين 248 و 249 من قانون المُرافعات أن الطعن بطريق النقض قاصر على أحكام محكمة الاستئناف والمحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية إذا فصلت الأخيرة في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق صدوره بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي". (الطعن رقم 445 لسنة 48 قضائية – جلسة 11/12/1983. المصدر: "التعليق على قانون المرافعات" – للدناصوري – المرجع السابق – القاعدة رقم 187 – صـ 386).

لما كان ما تقدم، وكانت الحالة الاستثنائية المُحددة والواردة على سبيل الحصر في قانون المرافعات غير متوافرة في حالة دعوانا الماثلة، ومن ثم فلا يجوز الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية في الدعوى رقم 642 لسنة 2005 مدني مُستأنف كلي المنصورة المذكور عاليه.

ولما كان طلب التصالح قد أفرد له ملفان فتوى بإدارة الفتوى والرأي بالإدارة العامة للشئون القانونية بديوان عام الهيئة، على النحو سالف الذكر، لذا فمن الأصوب إحالة الأوراق إلى إدارة الفتوى بديوان عام الهيئة للعمل على ضم ملفي الفتوتين المذكورتين وإرفاق هذه الأوراق وتلك المذكرة بهما ومن ثم إصدار التوصية والرأي المناسب قانوناً.

ثالثاً- الرأي:

· لكل ما تقدم نرى – لدى الموافقة:

1- عدم جواز الطعن بطريق النقض على الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية في الاستئناف رقم 642 لسنة 2005 مدني مُستأنف كلي المنصورة المذكور عاليه.

2- إحالة الأوراق إلى إدارة الفتوى والرأي بالإدارة العامة للشئون القانونية بديوان عام الهيئة لإرفاقها بملفي الفتويين رقمي 439 حصر عام 1057 لسنة 2001 اختصاص الأستاذ/ ................. ، والفتوى رقم 708 حصر عام 1166 لسنة 2003 اختصاص الأستاذ/ ................... ، بعد ضم الفتوتين معاً للارتباط ولتصدر فيهما فتوى واحدة.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق