الأحد، 25 أكتوبر 2009

إثبات عقد الإيجار الأماكن بالكتابة

إثبات عقد الإيجار بالكتابة

أولاً- الموضوع:

تمتلك جهة وقف/ فريدة حسن فرج – فيما تمتلك – العقار رقم 3 بشارع سعد ابن أبي وقاص – بمصر القديمة – بالقاهرة.

وبموجب إقرار وضع يد مُؤرخ في أول أغسطس من عام 1993 يستأجر السيد/ ............................ ما هو الشقة رقم 2 بالعقار سالف الذكر، نظير أجرة شهرية قدرها 15ر5جم (خمسة جنيهات وخمسة عشر مليماً).

وفي تاريخ 16/8/2005 تقدم السيد/ ................... مستأجر الشقة المذكورة بطلب إلى السيد الأستاذ/ مدير عام منطقة أوقاف القاهرة يلتمس فيه الموافقة على تحرير عقد إيجار له عن الشقة المؤجرة له بموجب إقرار وضع اليد، وذلك بعد أن قام بسداد الإيجار المتأخر على تلك الشقة حتى شهر أغسطس 2005 بالإيصال رقم 12716 بتاريخ 16/8/2005.

قام السيد معاون الأملاك (بقسم ثالث) بمنطقة أوقاف القاهرة بعمل المعاينة والتحريات عن تلك الشقة وأفاد بأنه: "بالمعاينة على الطبيعة تبين أن الشقة المذكورة تقع بالدور الأرضي علي يسار مدخل العقار، ولها بابين، وبالسؤال عن المستأجر أفاد أحد سكان العقار بأن المستأجر خارج البلاد وأن الشقة مغلقة منذ فترة طويلة".

كما أفادت إدارة الأملاك – قسم ثالث بمنطقة أوقاف القاهرة في كتابها المؤرخ في 26/10/2005 والوارد إلي الشئون القانونية بمنطقة أوقاف القاهرة برقم 2124 في تاريخ 7/11/2005 بأنه: "لا يوجد إيجار متأخر بدفتر الحركة على تلك الشقة، وأن الإيجار مُسدد حتى آخر شهر ديسمبر 2005". وقد أرفقت بكتابها هذا المستندات التالية:

- صورة ضوئية من إقرار وضع يد مؤرخ في أول أغسطس 1993 عن الشقة المذكورة عالية موقع من السيد/ ........................

- صورة ضوئية من الطلب المُقدم من السيد/ ..................... والذي يلتمس فيه الموافقة على تحرير عقد إيجار له عن تلك الشقة المؤجرة له بموجب إقرار وضع يد منذ عام 1993.

وقد طلبت منطقة أوقاف القاهرة الإفادة بالرأي بشأن الطلب المُقدم.

ومن ثم فقد أحيلت إلينا الأوراق للبحث القانوني.

ثانياً- البحث القانوني:

التزام المؤجر بتحرير عقد الإيجار كتابة:

تنص المادة 16/1 من القانون رقم 52 لسنة 1969 على أنه: "اعتباراً من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون تبرم عقود الإيجار كتابةً ...".

فابتداءً من 18/8/1969 (تاريخ العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1969) يلتزم المُؤجر بتحرير عقد الإيجار كتابةً. سواء كان تاريخ إنشاء العين المُؤجرة سابق أو لاحق لتاريخ العمل بأحكام هذا القانون المذكور. أما عقود الإيجار السابقة على هذا التاريخ فأمرها متروك للقواعد العامة.

وقد أوردت المادة 24/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ذات الحكم. وهو التزام المُؤجر بتحرير عقد الإيجار كتابةً، فنصت على أنه: "اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون تبرم عقود الإيجار كتابةً... ويجوز للمُستأجر إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات...".

وقد أبقى القانون رقم 136 لسنة 1981 على هذا الحكم، فلم يلغيه ولم يعدله.

وجدير بالذكر أن إيجاب تحرير عقد الإيجار كتابةً يرد على كل تعاقد بالإيجار يتم ليس فقط ابتداءً من تاريخ العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 في 9/9/1977 بل ابتداءً من تاريخ العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1969 في 18/8/1969 إذ أن هذا القانون أيضاً قد أوجب تحرير عقود الإيجار بالكتابة ابتداء من تاريخ نفاذه.

ويبين من مناقشات مجلس الشعب أن المشرع مع إبقائه على مبدأ رضائية عقد الإيجار قد قصد فيما يتعلق بإثبات هذا العقد حماية الجانب الضعيف فيه وهو المُستأجر، فاشترط في إثبات العقد من جانب المُؤجر أن يكون بالكتابة، بحيث لا يجوز له إثباته بالبينة إلا إذا وجد أحد مسوغات الإثبات بالبينة حيث يجب الإثبات بالكتابة [راجع المواد 61 وما بعدها من قانون الإثبات]. أما المُستأجر فقد أجاز له القانون إثبات التعاقد بكافة طرق الإثبات. (المصدر: "شرح قانون إيجار الأماكن" – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الثاني – الطبعة التاسعة 1992 القاهرة – بند 253/أ – ص 625 : 633).

ويلاحظ أن المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لا تقضي بحرمان المُؤجر من الإثبات بالبينة إلا إذا كان هو المتمسك بالعقد أو بشرط من شروطه، فيكون عليه إثباته بالكتابة ويمتنع عليه إثباته بالبينة (ما لم يوجد لديه أحد المسوغات التي تجيز الإثبات بالبينة استثناءً فيما يجب إثباته بالكتابة أصلاًأما إذا كان المتمسك بالعقد أو بشرط من شروطه هو المستأجر، فإن المادة المذكورة تجيز له إثبات ذلك بكافة الطرق بما فيها البينة. (المصدر: سليمان مرقس – المرجع السابق بند 253/أ – ص 630 : 631).

والالتزام بتحرير عقد الإيجار كتابةً مُتعلق بالنظام العام، ويترتب عليه أن تقضي المحكمة بعدم قبول دعوى المُؤجر أو رفضها إذا استبان لها عدم وجود عقد إيجار مكتوب، وذلك من تلقاء نفسها ولو لم يدفع الخصم بعدم وجود عقد مكتوب. (المصدر: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الأول – الطبعة الرابعة عشر 2001 القاهرة – ص 897).

هذا، ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض أن: "مُؤدى المادة 16 من القانون رقم 52 لسنة 1969 (المُقابلة لنص المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977) أن المُشرع مع إبقائه على مبدأ رضائية عقد الإيجار قصد من حيث إثبات العقد حماية الجانب الضعيف وهــو المُستأجر، فاشترط في إثبات العقد من جانب المُؤجر أن يكون بالكتابة بحيث لا يجوز إثباته بالبينة إلا إذا وُجِدَ أحد مسوغات الإثبات بالبينة فيما يجب إثباته بالكتابة، أما المُستأجر فقد أجاز القانون له إثبات التعاقد وجميع شروطه بكافة طرق الإثبات". (الطعن رقم 869 لسنة 47 قضائية – جلسة 13/6/1981. المصدر: عزمي البكري – المرجع السابق – ص 895 ، 896).

ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك أن: "مفاد نص المادتين 16 و 44 من القانون رقم 52 لسنة 1969 (المُقابلة لنص المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977) يدل على أن المشرع اعتبر الالتزام بإفراغ التعاقد على الإيجار في عقد مكتوب من مسائل النظام العام، وأجاز للمستأجر في حالة مخالفة المؤجر لهذا الالتزام أو في حالة الاحتيال لستر العقد أو شرط من شروطه في صورة مخالفة، إثبات حقيقة التعاقد بجميع طرق الإثبات". (الطعن رقم 767 لسنة 47 قضائية – جلسة 14/2/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 487 – فقرة 1. المصدر: CD موسوعة أحكام المحاكم العليا).

هجرة المستأجر أو عدم انتفاعه بالعين المؤجرة:

من المُسلم به قانوناً أن انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة هو: حق له وليس واجب عليه، بمعنى أن للمستأجر حرية الانتفاع بالعين المؤجرة أو عدم الانتفاع بها، وذلك شريطة ألا يصاحب عدم الانتفاع بتلك العين ما ينبئ عن نية تخلي المستأجر عنها أو تركها نهائياً، وشريطة ألا يترتب على غلق العين وعدم الانتفاع بها ضرر بالعين المؤجرة أو بالمبنى الكائنة فيه، وشريطة أن يقوم المستأجر بتنفيذ التزاماته تجاه المؤجر ومن أهمها الوفاء بالأجرة المستحقة في مواعيدها.

فمن المُقرر في قضاء محكمة النقض أن: "المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن تعبير المُستأجر عن إرادته في التخلي عن إجارة العين كما قد يكون صريحاً يصح أن يكون ضمنياً بأن يتخذ موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في انصراف نيته إلى إحداث هذا الأثر القانوني، وأنه وإن كان من واجب المُؤجر تمكين المُستأجر من الانتفاع بالعين، إلا أنه لا تثريب على المُستأجر إن هو لم ينتفع بها فعلاً، ما دام قائماً بتنفيذ التزاماته تجاه المُؤجر". (الطعن رقم 1331 لسنة 49 قضائية – جلسة 15/1/1986. المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 608 – صـ 874 و 875).

وأنه حتى لو كان المستأجر قد هاجر إلى الخارج وترك البلاد نهائياً فهذا لا يحول دون حقه في استئجار الأعيان داخل القطر ولا يمنعه من المطالبة بتحرير عقد إيجار له عن العين التي يستأجر ويدفع أجرتها منذ عام 1993.

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "هجرة المصري إلي الخارج - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تفيد حتماً تركه العين المؤجرة له، ويؤيد ذلك ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 111 لسنة 1983بإصدار قانون الهجرة ورعاية المصريين في الخارج". (الطعن رقم 215 لسنة 54 قضائية – جلسة 31/1/1985)

حيث أنه لا تلازم بين الترك الذي عناه المشرع في قوانين إيجار الأماكن وبين إقامة المستأجر بالخارج، ولا يوهن ذلك من بقاء عقد الإيجار إذ أن القانون لا يحرمه في هذه الحالة من الاحتفاظ بمسكنه في موطنه الأصلي وهو ما يؤكده حكم المادة الأولى من قانون الهجـرة ورعاية المصريين بالخارج رقم رقم 111 لسنة 1983من أن للمصريين حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة للخارج وأنه لا يترتب على هجرتهم الدائمة أو الموقوتة الإخلال بحقوقهم الدستورية أو القانونية التي ينتفعون بها بوصفهم مصريين طالما ظلوا محتفظين بجنسيتهم المصرية. فلا ينتهي عقد الإيجار بهجرة المستأجر المصري ومغادرته الديار المصرية نهائياً. (نقض مدني في 25/5/1977 - مجموعة أحكام النقض السنة 28 صـ 1278 – رقم 220).

التطبيق:

وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية سالفة الذكر على وقائع الفتوى الماثلة يتضح جلياً أن مستأجر الشقة موضوع البحث الماثل يستطيع إثبات العلاقة التعاقدية مع هيئة الأوقاف المصرية بكافة طرق الإثبات (بما فيها البينة وقرائن الأحوال) لا سيما وأن معه إيصالات سداد أجرة تلك العين منذ عام 1993 وحتى نهاية عام 2005، بينما هيئة الأوقاف المصرية المؤجرة والملزمة قانوناً بإفراغ التعاقد على الإيجار في عقد مكتوب (وهذا الالتزام متعلق بالنظام العام لا يجوز الاتفاق على ما يخالفه) لا يجوز لها التمسك بالعلاقة الايجارية أو مقاضاة المستأجر بشأنها إلا إذا كان معها عقد إيجار مكتوب، ومن ثم يكون تحرير عقد إيجار مع المستأجر يصب في مصلحة الهيئة أكثر من مصلحة المستأجر. وأن المستأجر لو لجأ إلى القضاء للحكم له بإثبات العلاقة الايجارية وإلزام الهيئة بتحرير عقد إيجار له فإنه (وعند التطبيق السليم للقانون) سيقضى له بطلباته تلك، بينما الهيئة إذا أرادت مقاضاة المستأجر لأي سبب سواء بطلب الإخلاء لعدم سداد الأجرة أو فسخ العقد للتنازل أو التأجير من الباطن فلن تقبل دعوى الهيئة إلا إذا قدمت عقد الإيجار سند الدعوى ولا يجوز لها باعتبارها المؤجرة إثبات العلاقة الايجارية بأي طريق آخر سوى تقديم عقد الإيجار المكتوب على نحو ما سلف بيانه.

أما عن المعلومات التي أفاد بها أحد سكان العقار من أن المستأجر خارج البلاد وأن الشقة مغلقة منذ مدة طويلة فلا أثر قانوني لها على التزام الهيئة المؤجرة بتحرير عقد إيجار مكتوب للمستأجر، لا سيما وأن هجرة المستأجر أو عدم انتفاعه بالعين المؤجرة لا يجيز إخلاء العين طالما لم يكشف المستأجر عن نيته على التخلي عن العين أو تركها ولم يثبت أن عدم الانتفاع بالعين يضر بسلامة المبنى كما أن المستأجر يفي بالتزاماته تجاه الهيئة المؤجرة لا سيما وأنه مسدد أجرة تلك العين حتى نهاية عام 2005. فضلاً عن أن اللجوء للقضاء للمطالبة بإخلاء المستأجر وفسخ عقد الإيجار معه لأي سبب كان يستلزم قانوناً تقديم عقد الإيجار سند الدعوى من جانب هيئة الأوقاف المؤجرة التي لا يجوز لها قانوناً إثبات العلاقة الايجارية بأي طرق خلاف عقد الإيجار المكتوب.

مع ملاحظة أنه في حالة اعتماد تلك المذكرة والموافقة على الرأي الذي انتهت إليه الفتوى فإنه سيتم تحرير عقد الإيجار في أواخر عام 2005 أو أوائل عام 2006 ولمنع أي لبس في شأن القانون الذي سيخضع له هذا العقد (هل هو القانون المدني أم قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية) فنرى وجوب أن يدون على وجه عقد الإيجار الذي سيحرر مع المستأجر (مُقدم الطلب) أنه تم تحرير هذا العقد تنفيذاً لفتوى الشئون القانونية بمنطقة أوقاف القاهرة رقم 563 لسنة 2005 المعتمدة من السيد الأستاذ/ رئيس مجلس الإدارة في تاريخ ... (يدون تاريخ الاعتماد)، بناءاً على إقرار وضع اليد المُؤرخ في أول أغسطس من عام 1993. وذلك ليكن معلوماً أن تاريخ نشأة العلاقة التعاقدية هي أصلاً في عام 1993 وبالتالي يخضع عقد الإيجار الذي سيحرر إلى قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية وليس إلى القانون المدني على الرغم من أن تاريخ تحريره سيكون في 2005 أو 2006.

ثالثاً- الرأي:

لكل ما تقدم، نرى: الموافقة على الطلب المُقدم من السيد/ .................. بتحرير عقد إيجار له بوصفه المُستأجر الأصلي للشقة رقم 2 بالعقار رقم 3 بشارع سعد ابن أبي وقاص – بمصر القديمة – بالقاهرة، التابع لجهة وقف/ فريدة حسن فرج، مع مراعاة ما يلي:

- أن يدون على وجه عقد الإيجار المكتوب الذي سيحرر مع المستأجر أنه تم تحرير هذا العقد تنفيذاً لفتوى الشئون القانونية بمنطقة أوقاف القاهرة رقم 563 لسنة 2005 المعتمدة من السيد الأستاذ/ رئيس مجلس الإدارة في تاريخ ... (يدون تاريخ الاعتماد)، بناءاً على إقرار وضع اليد المُؤرخ في أول أغسطس من عام 1993

- أن يذكر في عقد الإيجار الذي سيتم تحريره الغرض من الإيجار، حيث أنه غير مدون في إقرار وضع اليد المؤرخ 1/8/1993.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق